الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41091" data-attributes="member: 329"><p>بطلان الشّيء يستلزم بطلان ما في ضمنه وما بني عليه :</p><p>16 - من القواعد الفقهيّة الّتي ذكرها ابن نجيمٍ في الأشباه : إذا بطل الشّيء بطل ما في ضمنه ، ثمّ قال : وهو معنى قولهم : إذا بطل المتضمّن ( بالكسر ) بطل المتضمّن ( بالفتح ) وأورد لذلك عدّة أمثلةٍ منها :</p><p>أ - لو قال : بعتك دمي بألفٍ ، فقتله وجب القصاص ، ولا يعتبر ما في ضمنه من الإذن بقتله .</p><p>ب - التّعاطي ضمن عقدٍ فاسدٍ أو باطلٍ لا ينعقد به البيع .</p><p>ج - لو أبرأه أو أقرّ له ضمن عقدٍ فاسدٍ فسد الإبراء .</p><p>د - لو جدّد النّكاح لمنكوحته بمهرٍ لم يلزمه ، لأنّ النّكاح الثّاني لم يصحّ ، فلم يلزم ما في ضمنه من المهر . إلاّ أنّ أغلب كتب الحنفيّة تجري القاعدة على الفساد لا على البطلان ، لأنّ الباطل معدوم شرعاً أصلاً ووصفاً ، والمعدوم لا يتضمّن شيئاً ، أمّا الفاسد فهو فائت الوصف دون الأصل ، فلم يكن معدوماً بأصله فصحّ أن يكون متضمّناً ، فإن فسد المتضمّن فسد المتضمّن .</p><p>17 - هذا والمذاهب الأخرى - وهي الّتي لا تفرّق بين البطلان والفساد - تسير على هذا النّهج ، واستثنوا من ذلك صوراً . ففي كتب الشّافعيّة : الفاسد من العقود المتضمّنة للإذن ، إذا صدرت من المأذون ، صحّت ، كما في الوكالة المعلّقة إذا أفسدناها فتصرّف الوكيل ، صحّ لوجود الإذن ، والوكيل بالبيع مع شرط عوضٍ فاسدٍ للوكيل ، فالإذن صحيح والعوض فاسد . وفي القواعد لابن رجبٍ الحنبليّ : العقود الجائزة كالشّركة والمضاربة والوكالة لا يمنع فسادها نفوذ المتصرّف فيها بالإذن . ثمّ يفرّق بين الإذن في البيع - وهو عقد تمليكٍ - وبين الإذن في العقود الجائزة ، فيقول : البيع وضع لنقل الملك لا للإذن وصحّة التّصرّف فيه تستفاد من الملك لا من الإذن ، بخلاف الوكالة فإنّها موضوعة للإذن . ويقول ابن قدامة : إذا تصرّف العامل في المضاربة الفاسدة نفذ تصرّفه ، لأنّه أذن له فيه ، فإذا بطل العقد بقي الإذن ، فملك به التّصرّف . وقواعد المالكيّة لا تأبى ذلك . هذه هي قاعدة التّضمّن . لكن هناك قاعدة أخرى شبيهة بها ، وهي : إذا سقط الأصل سقط الفرع ، ومنها : التّابع يسقط بسقوط المتبوع ، وقد مثّل الفقهاء لذلك بقولهم : لو أبرأ الدّائن المدين من الدّين ، فكما أنّه يبرأ المدين يبرأ منه الكفيل أيضاً ، لأنّ المدين في الدّين أصل ، والكفيل فرع .</p><p></p><p>تصحيح العقد الباطل :</p><p>18 - تصحيح العقد الباطل يمكن تصويره بصورتين : الأولى : إذا ارتفع ما يبطل العقد فهل ينقلب صحيحاً الثّانية : أن تؤدّي صيغة العقد الباطل إلى معنى عقدٍ آخر صحيحٍ .</p><p>19 - أمّا الصّورة الأولى : فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لا يصير العقد الباطل صحيحاً عندهم إذا ارتفع ما يبطله . وعلى ذلك : لا يجوز بيع الدّقيق في الحنطة ، والزّيت في الزّيتون ، واللّبن في الضّرع ، والبذر في البطّيخ ، والنّوى في التّمر ، لأنّه لا يعلّم وجوده فهو كالمعدوم ، حتّى لو سلّم اللّبن أو الدّقيق أو العصير لا ينقلب صحيحاً ، لأنّ المعقود عليه كالمعدوم حالة العقد ، ولا يتصوّر انعقاد العقد بدونه ، فلم ينعقد أصلاً ، فلا يحتمل التّصحيح . أمّا الجمهور ( وهم لا يفرّقون في الجملة بين الفاسد والباطل ) فالحكم عند الشّافعيّة والحنابلة كالحنفيّة ، لا ينقلب العقد الباطل صحيحاً برفع المفسد . ففي كتب الشّافعيّة : لو حذف العاقدان المفسد للعقد ، ولو في مجلس الخيار ، لم ينقلب العقد صحيحاً ، إذ لا عبرة بالفاسد . وفي منتهى الإرادات : الفاسد لا ينقلب صحيحاً . أمّا المالكيّة : فإنّهم يوافقون الجمهور في هذا الحكم ، إلاّ في البيع بشرطٍ لا يؤدّي إلى الإخلال بشيءٍ من شروط الصّحّة ، فإنّ العقد ينقلب صحيحاً إذا أسقط الشّرط ، وذلك كبيع الثّنيا ، وهو أن يبتاع السّلعة على أنّ البائع متى ردّ الثّمن فالسّلعة له ، وكالبيع بشرط السّلف ، فإنّ البيع عندهم يكون فاسداً ، لكنّه ينقلب صحيحاً إن حذف الشّرط .</p><p></p><p>أمّا الصّورة الثّانية : وهي تحوّل العقد الباطل إلى عقدٍ آخر صحيحٍ ، فيكاد الفقهاء يتّفقون على أنّه متى أمكن تحويل العقد الباطل إلى عقدٍ آخر صحيحٍ - لتوفّر أسباب الصّحّة فيه - صحّ ذلك ، سواء أكانت الصّحّة عن طريق المعنى عند بعض الفقهاء ، أم عن طريق اللّفظ عند البعض الآخر ، نظراً لاختلافهم في قاعدة : هل العبرة بصيغ العقود أو معانيها . 21 - ومن أمثلة ذلك ما يأتي : المضاربة ، وهي : أن يدفع شخص إلى آخر ماله ليتّجر فيه ، ويكون الرّبح بينهما بحسب ما يتّفقان ، ويسمّى القائم بالتّجارة مضارباً ، فلو شرط في عقد المضاربة الرّبح كلّه للمضارب لم يكن مضاربةً ، ولكن يكون قرضاً ، تصحيحاً للعقد ، لأنّه لو بقي مضاربةً لكان باطلاً ، لأنّ المضارب لا يملك رأس مال المضاربة حتّى يكون الرّبح كلّه له ، فجعل قرضاً ، نظراً للمعنى ، ليصحّ العقد . وكذلك لو شرط الرّبح كلّه لربّ المال ، اعتبر العقد في هذه الحالة إبضاعاً ، تصحيحاً للعقد ، وفي هذه الحالة يكون المضارب وكيلاً متبرّعاً لصاحب المال . نصّ على ذلك فقهاء الحنفيّة . وبه قال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وصحّحوا الوكالة إذا عقدت بلفظ الحوالة ، والحوالة إذا عقدت بلفظ الوكالة ، لاشتراكهما في المعنى ، حيث قالوا : إن أحال من ليس عليه دين رجلاً على رجلٍ آخر مدينٍ له ، لم يكن هذا التّصرّف حوالةً ، بل وكالةً تترتّب عليه أحكامها ، وإن أحال من عليه دين صاحب الدّين على رجلٍ ليس له عليه دين ، لم يجعل هذا التّصرّف حوالةً ، بل اقتراضاً ، وإن كان الّذي أحاله لا دين له عليه اعتبر وكالةً في الاقتراض . وفي الفقه الشّافعيّ : إذا وهب شخص لآخر شيئاً بشرط الثّواب ، اعتبر هذا التّصرّف بيعاً بالثّمن لا هبةً ، في أصحّ الأقوال .</p><p></p><p>الباطل لا يصير صحيحاً بتقادم الزّمان أو بحكم الحاكم :</p><p>22 - التّصرّفات الباطلة لا تنقلب صحيحةً بتقادم الزّمان ، ولو حكم حاكم بنفاذ التّصرّفات الباطلة ، فإنّ ثبوت الحقّ وعودته يعتبر قائماً في نفس الأمر ، ولا يحلّ لأحدٍ الانتفاع بحقّ غيره نتيجة تصرّفٍ باطلٍ ما دام يعلم بذلك . فإنّ حكم الحاكم لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً . هذا هو الأصل ، والقضاة إنّما يقضون بحسب ما يظهر لهم من أدلّةٍ وحججٍ يبنون عليها أحكامهم ، وقد تكون غير صحيحةٍ في نفس الأمر . ولذلك يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما روت أمّ سلمة عنه : { إنّما أنا بشر ، وإنّكم تختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعضٍ ، فأقضي له بما أسمع ، وأظنّه صادقاً ، فمن قضيت له بشيءٍ من حقّ أخيه فلا يأخذ منه شيئاً ، فإنّما أقطع له قطعةً من النّار } . 23 - ومضيّ فترةٍ من الزّمن على أيّ تصرّفٍ ، مع عدم تقدّم أحدٍ إلى القضاء بدعوى بطلان هذا التّصرّف ، ربّما يعني صحّة هذا التّصرّف أو رضى صاحب الحقّ به . ومن هنا نشأ عدم سماع الدّعوى بعد مضيّ مدّةٍ معيّنةٍ ، يختلف الفقهاء في تحديدها بحسب الأحوال ، وبحسب الشّيء المدّعى به ، وبحسب القرابة وعدمها ، ومدّة الحيازة ، لكنّ مضيّ المدّة الّتي تمنع سماع الدّعوى لا أثر له في صحّة التّصرّف ، إن كان باطلاً . يقول ابن نجيمٍ : الحقّ لا يسقط بتقادم الزّمان ، قذفاً أو قصاصاً أو لعاناً أو حقّاً للعبد . ويقول : ينفذ قضاء القاضي في المسائل المجتهد فيها ، إلاّ في مسائل منها : لو قضى ببطلان الحقّ بمضيّ المدّة ، أو بصحّة نكاح المتعة ، أو بسقوط المهر بالتّقادم . وفي التّكملة لابن عابدين : من القضاء الباطل : القضاء بسقوط الحقّ بمضيّ سنين . ثمّ يقول . عدم سماع الدّعوى بعد مضيّ ثلاثين سنةً ، أو بعد الاطّلاع على التّصرّف ، ليس مبنيّاً على بطلان الحقّ في ذلك ، وإنّما هو مجرّد منعٍ للقضاء عن سماع الدّعوى ، مع بقاء الحقّ لصاحبه ، حتّى لو أقرّ به الخصم يلزمه . وفي منتهى الإرادات : تقبل الشّهادة بحدٍّ قديمٍ على الصّحيح ، لأنّها شهادة بحقٍّ ، فجازت مع تقادم الزّمان . والمالكيّة - وإن كانوا يشترطون لعدم سماع الدّعوى حيازة الشّيء المدّعى به مدّةً تختلف بحسبه من عقارٍ وغيره - إلاّ أنّ ذلك مقيّد بكون المدّعي حاضراً مدّة حيازة الغير ، ويراه يقوم بالهدم والبناء والتّصرّف وهو ساكت . أمّا إذا كان ينازعه فإنّ الحيازة لا تفيد شيئاً مهما طالت المدّة ، وفي فتح العليّ لمالكٍ : رجل استولى على أرضٍ بعد موت أهلها بغير حقٍّ ، مع وجود ورثتهم ، وبناها ونازعه الورثة ، ولم يقدروا على منعه لكونه من رؤساء بلدتهم ، فهل لا تعتبر حيازته ولو طالت مدّتها ؟ أجيب : نعم . لا تعتبر حيازته ولو طالت مدّتها ... سمع يحيى من ابن القاسم : من عرف بغصب أموال النّاس لا ينتفع بحيازته مال غيره في وجهه ، فلا يصدّق فيما يدّعيه من شراءٍ أو عطيّةٍ ، وإن طال بيده أعواماً إن أقرّ بأصل الملك لمدّعيه ، أو قامت له به بيّنة . قال ابن رشدٍ : هذا صحيح لا خلاف فيه ، لأنّ الحيازة لا توجب الملك ، وإنّما هي دليل عليه توجب تصديق غير الغاصب فيما ادّعاه من تصير إليه ، لأنّ الظّاهر أنّه لا يجوز أخذ مال أحدٍ ، وهو حاضر لا يطلبه ولا يدّعيه ، إلاّ وقد صار إلى حائزةٍ إذا حازه عشرة أعوامٍ ونحوها . وتنظر تفصيلات ذلك في ( دعوى . تقادم . حيازة ) . وبالنّسبة للعبادات : فمن المقرّر أنّ من بطلت عبادته ، فإنّ ذمّته تظلّ مشغولةً بها حتّى يقضيها .</p><p></p><p>آثار البطلان : تختلف آثار البطلان بالنّسبة للتّصرّفات ، وبيان ذلك فيما يلي : أوّلاً - بالنّسبة للعبادات :</p><p>24 - بطلان العبادات يترتّب عليه عدّة آثارٍ منها :</p><p>أ - استمرار انشغال الذّمّة بالعبادة إلى أن - تؤدّى إن كانت العبادة ليس لها وقت محدّد كالزّكاة ، وعبّر بعض الفقهاء فيها بالإعادة - أو تقضى ، إن كانت العبادة لا يتّسع وقتها لمثلها كرمضان . - أو تعاد ، إن كان وقتها يتّسع لغيرها معها كالصّلاة . فإن خرج الوقت كانت قضاءً أو يؤتى بالبدل ، كالظّهر لمن بطلت جمعته .</p><p>ب - العقوبة الدّنيويّة في بعض العبادات كالكفّارة على من تعمّد الإفطار في رمضان . ج - وجوب الانقطاع عن المضيّ في الصّلاة إذا بطلت لا في الصّيام والحجّ ، إذ يجب الإمساك في الصّوم في رمضان ، والمضيّ في الحجّ الفاسد ، مع القضاء فيهما .</p><p>د - حقّ استرداد الزّكاة إذا أعطيت لغير مستحقٍّ . وفي كلّ ما سبق تفصيل ينظر في أبوابه .</p><p></p><p>ثانياً : أثر البطلان في المعاملات :</p><p>25 - العقد الباطل في اصطلاح الحنفيّة لا وجود له إلاّ من حيث الصّورة ، فليس له وجود شرعيّ ، ومن ثمّ فهو عدم ، والعدم لا ينتج أثراً . وهو منقوض من أساسه ، ولا يحتاج لحكم حاكمٍ لنقضه . ولا تلحقه الإجازة ، لأنّه غير منعقدٍ أصلاً فهو معدوم ، والإجازة لا تلحق المعدوم ، لأنّه متلاشٍ . ولا يملك بالعقد الباطل ما يملك بغيره ، وإذا حدث فيه تسليم يجب الرّدّ . ففي البيع الباطل لا ينتقل الملك بالقبض ولذا يجب الرّدّ . يقول ابن رشدٍ من المالكيّة : اتّفق العلماء على أنّ البيوع الفاسدة - وهي الباطلة عند الحنفيّة - إذا وقعت ولم تفت ، حكمها الرّدّ ، أي أن يردّ البائع الثّمن ، ويردّ المشتري المثمّن . ولا يملك المصالح ما صالح به في الصّلح الباطل ، ويرجع الدّافع بما دفع . ولا يملك الموهوب له الهبة في الهبة الباطلة . ولا يملك المرتهن حبس المرهون في الرّهن الباطل . ولا يملك المكاتب حرّيّته في الكتابة الباطلة . وفي الإجارة الباطلة الّتي ليست محلّاً للإجارة ، لا تملك الأجرة ويجب ردّها ، لأنّ أخذها حرام ، وتعتبر من أكل الأموال بالباطل . ولا يملك الاستمتاع بالبضع والانتفاع به في النّكاح الباطل . وهكذا الحكم في كلّ العقود الباطلة على وجه الإجمال ، مع تفصيلاتٍ تنظر في مواضعها . لكنّ وجود العقد الباطل كصورةٍ قد ينتج أثراً ، وذلك إذا حدث فيه تسليم وامتنع الرّدّ للفوات ، فهل يكون فيه الضّمان أو لا يكون . وبيان ذلك فيما يلي : الضّمان :</p><p>26 - رغم أنّ جمهور الفقهاء لا يفرّقون في قواعدهم العامّة بين الباطل والفاسد إلاّ أنّه بالنّسبة لبعض الأحكام نجد التّفريق بينهما . والضّمان ممّا يفترقان فيه وبيان ذلك فيما يلي : في قاعدةٍ عند الشّافعيّة والحنابلة أنّ كلّ عقدٍ اقتضى صحيحه الضّمان بعد التّسليم كالبيع ففاسده كذلك يقتضي الضّمان ، وإن اقتضى صحيحه عدم الضّمان كالقراض ففاسده كذلك لا يقتضي الضّمان . لكنّ عدم اقتضاء الضّمان مقيّد بما إذا كان القبض صحيحاً ، بأن كان الإذن في قبضه صادراً من أهله ، ويكون وضع اليد عليه في هذه الحالة صحيحاً ، وحينئذٍ فلا ضمان مع فساد القبض . أمّا إذا لم يوجد إذن أصلاً ، أو صدر ولم يكن صحيحاً ، لكونه من غير أهله ، أو في ظلّ الإكراه ، فإنّ القبض يكون باطلاً ، وحينئذٍ يجب الضّمان مطلقاً ، سواء أكان صحيحه لا ضمان فيه ، أم كان فيه الضّمان . جاء في نهاية المحتاج : فاسد كلّ عقدٍ صدر من رشيدٍ كصحيحه ، في الضّمان وعدمه ، لأنّ العقد إن اقتضى صحيحه الضّمان بعد التّسليم كالبيع والإعارة ففاسده أولى . وإن اقتضى صحيحه عدم الضّمان كالرّهن ، والهبة من غير ثوابٍ ، والعين المستأجرة ، ففاسده كذلك لا يقتضي الضّمان . ومثل ذلك في حاشية الجمل وغيرها من كتب الشّافعيّة . 27 - واعتبار عدم الضّمان مع البطلان في عقود التّصرّفات والأمانات لوجود الإذن الصّادر من أهله ، والضّمان إن كان الإذن من غير أهله ، هو أيضاً مذهب الحنفيّة والمالكيّة في الجملة على ما يستفاد من أقوالهم ، مع الاختلاف فيمن يعتبر أهلاً للإذن ، ومن لا يعتبر كالسّفيه ، ومع الاختلاف أيضاً في العقود المضمونة في صحيحها ، أو غير المضمونة كالرّهن والعاريّة . ويعتبر أبو حنيفة المبيع في البيع الباطل إذا قبضه المشتري أمانةً ، ولا ضمان عليه لو هلك ، لأنّ العقد إذا بطل بقي مجرّد القبض بإذن المالك ، وهو لا يوجب الضّمان إلاّ بالتّعدّي ، والقائلون بالضّمان يعلّلون ذلك بأنّه لا يكون أدنى من المقبوض على سوم الشّراء . ويفرّق المالكيّة في العقد الفاسد بين ما قبض على جهة التّملّك فيكون مضموناً ، وما قبض على جهة الأمانة فلا ضمان فيه . جاء في الفواكه الدّواني : كلّ مبيعٍ فاسدٍ قبضه المبتاع قبضاً مستمرّاً بعد بتّ البيع فضمانه من المبتاع من يوم قبضه ، لأنّه قبضه على جهة التّملّك ، لا على جهة الأمانة . ومثل ذلك في الشّركة : لو اشترك من لا يعتبر إذنه ، كصبيٍّ غير مأذونٍ أو سفيهٍ ، فلا ضمان .</p><p></p><p>أثر البطلان في النّكاح :</p><p>28 - من القواعد العامّة عند الجمهور أنّه لا فرق بين الباطل والفاسد ، ويتابعهم الحنفيّة في ذلك في باب النّكاح على ما عرف من القواعد العامّة عندهم . إلاّ أنّ الفقهاء يعبّرون عن النّكاح غير الصّحيح بالباطل أحياناً ، وبالفاسد أحياناً أخرى . ويريدون بهما ما قابل الصّحيح . لكنّهم يقصدون بالفاسد ما كان مختلفاً في فساده بين المذاهب ، كالنّكاح بدون شهودٍ ، حيث يجيز المالكيّة العقد بدونه ، وإن كانوا يشترطون الإشهاد قبل الدّخول ، ويجيزه أيضاً أبو ثورٍ وجماعة . وكنكاح المحرم بالحجّ ، والنّكاح بدون وليٍّ ، حيث يجيزهما الحنفيّة . وكنكاح الشّغار يصحّحه الحنفيّة ويلغون الشّرط ، ويوجبون مهر المثل لكلٍّ من المرأتين . ويقصدون بالباطل : ما كان مجمعاً على فساده بين المذاهب ، كنكاح الخامسة ، أو المتزوّجة من الغير ، أو المطلّقة ثلاثاً ، أو نكاح المحارم . والنّكاح الباطل أو الفاسد واجب الفسخ عند الجميع بالنّسبة للمتّفق على فساده ، وعند القائلين بالفساد بالنّسبة للمختلف فيه ، إلاّ إذا حكم حاكم بصحّته ، فلا ينقض حكمه . والتّفريق في المتّفق على فساده ليس طلاقاً بالإجماع ، وإنّما هو فسخ أو متاركة ، وأمّا المختلف فيه ، ففي اعتبار التّفريق طلاقاً أم لا اختلاف الفقهاء . ر : ( طلاق - فرقة - فسخ ) . ولا حكم للنّكاح الباطل أو الفاسد قبل الدّخول في الجملة على ما سيعرف ، لأنّه ليس بنكاحٍ حقيقةً ، لانعدام ملك منافع البضع بالعقد الباطل أو الفاسد . أمّا بعد الدّخول فيتعلّق بالفاسد بعض الأحكام ، لاعتباره منعقداً ضرورةً في حقّ المنافع المستوفاة . وفيما يلي بيان أهمّ الأحكام الّتي تتعلّق به : المهر :</p><p>29 - لا يستحقّ المهر في النّكاح الفاسد مطلقاً - سواء اتّفق على فساده أم لا - إذا حصل التّفريق قبل الدّخول باتّفاقٍ في الجملة ، أو قبل الخلوة فيما اختلف فيه ، وذلك عند الحنابلة . هذا مع استثناء بعض المسائل الّتي يثبت فيها نصف المهر قبل الدّخول ، ومن ذلك ما يقوله المالكيّة من أنّ سبب الفساد إذا لم يؤثّر خللاً في المهر ، كنكاح المحرم بالحجّ ، ففيه نصف الصّداق بالطّلاق ، وجميعه بالموت . وكذلك النّكاح الفاسد عند المالكيّة لوقوع صداقه أقلّ من الصّداق الشّرعيّ ، وامتنع الزّوج من إتمامه ( وهو ما يسمّى بنكاح الدّرهمين ، لأنّهما أقلّ من الصّداق الشّرعيّ ) ففيه نصف الدّرهمين بفسخه قبل الدّخول . ومن ذلك ما إذا ادّعى الزّوج قبل الدّخول رضاعاً محرّماً بلا بيّنةٍ ، وكذّبته الزّوجة ، فإنّه يفسخ ، وعليه نصف الصّداق كما يقول المالكيّة والحنابلة . ويتّفق الفقهاء على وجوب المهر في النّكاح الفاسد مطلقاً بالدّخول ( أي بالوطء ) لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : { أيّما امرأةٍ أنكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها مهر مثلها } جعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم لها مهر المثل فيما له حكم النّكاح الفاسد ، وعلّقه بالدّخول ، فدلّ أنّ وجوبه متعلّق به . وعند الحنابلة يجب المهر كذلك في النّكاح المختلف فيه بالخلوة . قال في منتهى الإرادات : نصّاً لما في حديث عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم : { فلها المهر بما استحلّ من فرجها } . إلاّ أنّ ابن قدامة ذكر في المغني أنّ الخلوة في النّكاح الفاسد لا يجب بها شيء من المهر ، وإنّما يوجبه الوطء ولم يوجد ، ثمّ قال : وقد روي عن أحمد ما يدلّ على أنّ الخلوة فيه كالصّحيح ، فيتقرّر به المهر كالصّحيح ، والأوّل أولى . ويرى المالكيّة أنّ المتلذّذ بها من غير وطءٍ تعوّض وجوباً بالاجتهاد ، سواء أكان النّكاح مختلفاً فيه أم متّفقاً على فساده . واختلف الفقهاء في الواجب من المهر ، هل هو المسمّى أو مهر المثل ؟ . فعند الحنفيّة - غير زفر - لها الأقلّ من مهر مثلها ومن المسمّى . وعند المالكيّة لها المسمّى ، وإن لم يكن مسمًّى - كنكاح الشّغار - فلها مهر المثل ، وعند الشّافعيّة وزفر من الحنفيّة لها مهر المثل ، وعند الحنابلة لها المسمّى في الفاسد ومهر المثل في الباطل . وفي الموضوع تفصيلات كثيرة تنظر في ( مهر ، صداق ، نكاح ) .</p><p>ب - العدّة والنّسب :</p><p>30 - اتّفق الفقهاء على وجوب العدّة وثبوت النّسب بالوطء في النّكاح المختلف فيه بين المذاهب ، كالنّكاح بدون شهودٍ ، أو بدون وليٍّ ، وكنكاح المحرم بالحجّ ، ونكاح الشّغار . ويزيد الحنابلة ثبوتهما بالخلوة ، لأنّه ينفذ بحكم الحاكم أشبه الصّحيح . ويتّفقون كذلك على وجوب العدّة وثبوت النّسب في النّكاح المجمع على فساده بالوطء كنكاح المعتدّة ، وزوجة الغير والمحارم إذا كانت هناك شبهة تسقط الحدّ ، بأن كان لا يعلم بالحرمة ، ولأنّ الأصل عند الفقهاء : أنّ كلّ نكاحٍ يدرأ فيه الحدّ فالولد لاحق بالواطئ . أمّا إذا لم تكن هناك شبهة تسقط الحدّ ، بأن كان عالماً بالحرمة ، فلا يلحق به الولد عند الجمهور ، وكذلك عند بعض مشايخ الحنفيّة ، لأنّه حيث وجب الحدّ فلا يثبت النّسب . وعند أبي حنيفة وبعض مشايخ الحنفيّة يثبت النّسب لأنّ العقد شبهة . وروي عن أبي يوسف ومحمّدٍ أنّ الشّبهة تنتفي إذا كان النّكاح مجمعاً على تحريمه والمنكوحة محرّمة على التّأبيد ، كالأمّ والأخت ، وعلى ذلك فلا يثبت النّسب عندهما في المحرّمة على التّأبيد ، فقد ذكر الخير الرّمليّ في باب المهر عن العينيّ ومجمع الفتاوى أنّه يثبت النّسب عند أبي حنيفة خلافاً لهما ، إلاّ أنّه روي عن محمّدٍ أنّه قال سقوط الحدّ عنه لشبهةٍ حكميّةٍ فيثبت النّسب . هذا بالنّسبة للنّسب في النّكاح المجمع على تحريمه مع العلم بالحرمة . وأمّا بالنّسبة للعدّة ، فعند المالكيّة والحنابلة والقائلين من الحنفيّة بثبوت النّسب فإنّ العدّة تجب وتسمّى استبراءً ، ولا يجب عند الشّافعيّة وبعض الحنفيّة القائلين بعدم ثبوت النّسب . هذا مع اختلافهم في العدّة وهل تعتبر وقت التّفريق أو من آخر الوطآت . وهل تتداخل العدد أو لا تتداخل ، بل تستأنف . وهل يعتبر النّسب من وقت الدّخول أو من وقت العقد . وهل تثبت بالنّكاح الباطل حرمة المصاهرة أو لا تثبت . وهل يثبت به الإرث أو لا يثبت ؟ ففي كلّ ذلك تفصيلات كثيرة تنظر في مواضعها .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41091, member: 329"] بطلان الشّيء يستلزم بطلان ما في ضمنه وما بني عليه : 16 - من القواعد الفقهيّة الّتي ذكرها ابن نجيمٍ في الأشباه : إذا بطل الشّيء بطل ما في ضمنه ، ثمّ قال : وهو معنى قولهم : إذا بطل المتضمّن ( بالكسر ) بطل المتضمّن ( بالفتح ) وأورد لذلك عدّة أمثلةٍ منها : أ - لو قال : بعتك دمي بألفٍ ، فقتله وجب القصاص ، ولا يعتبر ما في ضمنه من الإذن بقتله . ب - التّعاطي ضمن عقدٍ فاسدٍ أو باطلٍ لا ينعقد به البيع . ج - لو أبرأه أو أقرّ له ضمن عقدٍ فاسدٍ فسد الإبراء . د - لو جدّد النّكاح لمنكوحته بمهرٍ لم يلزمه ، لأنّ النّكاح الثّاني لم يصحّ ، فلم يلزم ما في ضمنه من المهر . إلاّ أنّ أغلب كتب الحنفيّة تجري القاعدة على الفساد لا على البطلان ، لأنّ الباطل معدوم شرعاً أصلاً ووصفاً ، والمعدوم لا يتضمّن شيئاً ، أمّا الفاسد فهو فائت الوصف دون الأصل ، فلم يكن معدوماً بأصله فصحّ أن يكون متضمّناً ، فإن فسد المتضمّن فسد المتضمّن . 17 - هذا والمذاهب الأخرى - وهي الّتي لا تفرّق بين البطلان والفساد - تسير على هذا النّهج ، واستثنوا من ذلك صوراً . ففي كتب الشّافعيّة : الفاسد من العقود المتضمّنة للإذن ، إذا صدرت من المأذون ، صحّت ، كما في الوكالة المعلّقة إذا أفسدناها فتصرّف الوكيل ، صحّ لوجود الإذن ، والوكيل بالبيع مع شرط عوضٍ فاسدٍ للوكيل ، فالإذن صحيح والعوض فاسد . وفي القواعد لابن رجبٍ الحنبليّ : العقود الجائزة كالشّركة والمضاربة والوكالة لا يمنع فسادها نفوذ المتصرّف فيها بالإذن . ثمّ يفرّق بين الإذن في البيع - وهو عقد تمليكٍ - وبين الإذن في العقود الجائزة ، فيقول : البيع وضع لنقل الملك لا للإذن وصحّة التّصرّف فيه تستفاد من الملك لا من الإذن ، بخلاف الوكالة فإنّها موضوعة للإذن . ويقول ابن قدامة : إذا تصرّف العامل في المضاربة الفاسدة نفذ تصرّفه ، لأنّه أذن له فيه ، فإذا بطل العقد بقي الإذن ، فملك به التّصرّف . وقواعد المالكيّة لا تأبى ذلك . هذه هي قاعدة التّضمّن . لكن هناك قاعدة أخرى شبيهة بها ، وهي : إذا سقط الأصل سقط الفرع ، ومنها : التّابع يسقط بسقوط المتبوع ، وقد مثّل الفقهاء لذلك بقولهم : لو أبرأ الدّائن المدين من الدّين ، فكما أنّه يبرأ المدين يبرأ منه الكفيل أيضاً ، لأنّ المدين في الدّين أصل ، والكفيل فرع . تصحيح العقد الباطل : 18 - تصحيح العقد الباطل يمكن تصويره بصورتين : الأولى : إذا ارتفع ما يبطل العقد فهل ينقلب صحيحاً الثّانية : أن تؤدّي صيغة العقد الباطل إلى معنى عقدٍ آخر صحيحٍ . 19 - أمّا الصّورة الأولى : فإنّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لا يصير العقد الباطل صحيحاً عندهم إذا ارتفع ما يبطله . وعلى ذلك : لا يجوز بيع الدّقيق في الحنطة ، والزّيت في الزّيتون ، واللّبن في الضّرع ، والبذر في البطّيخ ، والنّوى في التّمر ، لأنّه لا يعلّم وجوده فهو كالمعدوم ، حتّى لو سلّم اللّبن أو الدّقيق أو العصير لا ينقلب صحيحاً ، لأنّ المعقود عليه كالمعدوم حالة العقد ، ولا يتصوّر انعقاد العقد بدونه ، فلم ينعقد أصلاً ، فلا يحتمل التّصحيح . أمّا الجمهور ( وهم لا يفرّقون في الجملة بين الفاسد والباطل ) فالحكم عند الشّافعيّة والحنابلة كالحنفيّة ، لا ينقلب العقد الباطل صحيحاً برفع المفسد . ففي كتب الشّافعيّة : لو حذف العاقدان المفسد للعقد ، ولو في مجلس الخيار ، لم ينقلب العقد صحيحاً ، إذ لا عبرة بالفاسد . وفي منتهى الإرادات : الفاسد لا ينقلب صحيحاً . أمّا المالكيّة : فإنّهم يوافقون الجمهور في هذا الحكم ، إلاّ في البيع بشرطٍ لا يؤدّي إلى الإخلال بشيءٍ من شروط الصّحّة ، فإنّ العقد ينقلب صحيحاً إذا أسقط الشّرط ، وذلك كبيع الثّنيا ، وهو أن يبتاع السّلعة على أنّ البائع متى ردّ الثّمن فالسّلعة له ، وكالبيع بشرط السّلف ، فإنّ البيع عندهم يكون فاسداً ، لكنّه ينقلب صحيحاً إن حذف الشّرط . أمّا الصّورة الثّانية : وهي تحوّل العقد الباطل إلى عقدٍ آخر صحيحٍ ، فيكاد الفقهاء يتّفقون على أنّه متى أمكن تحويل العقد الباطل إلى عقدٍ آخر صحيحٍ - لتوفّر أسباب الصّحّة فيه - صحّ ذلك ، سواء أكانت الصّحّة عن طريق المعنى عند بعض الفقهاء ، أم عن طريق اللّفظ عند البعض الآخر ، نظراً لاختلافهم في قاعدة : هل العبرة بصيغ العقود أو معانيها . 21 - ومن أمثلة ذلك ما يأتي : المضاربة ، وهي : أن يدفع شخص إلى آخر ماله ليتّجر فيه ، ويكون الرّبح بينهما بحسب ما يتّفقان ، ويسمّى القائم بالتّجارة مضارباً ، فلو شرط في عقد المضاربة الرّبح كلّه للمضارب لم يكن مضاربةً ، ولكن يكون قرضاً ، تصحيحاً للعقد ، لأنّه لو بقي مضاربةً لكان باطلاً ، لأنّ المضارب لا يملك رأس مال المضاربة حتّى يكون الرّبح كلّه له ، فجعل قرضاً ، نظراً للمعنى ، ليصحّ العقد . وكذلك لو شرط الرّبح كلّه لربّ المال ، اعتبر العقد في هذه الحالة إبضاعاً ، تصحيحاً للعقد ، وفي هذه الحالة يكون المضارب وكيلاً متبرّعاً لصاحب المال . نصّ على ذلك فقهاء الحنفيّة . وبه قال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وصحّحوا الوكالة إذا عقدت بلفظ الحوالة ، والحوالة إذا عقدت بلفظ الوكالة ، لاشتراكهما في المعنى ، حيث قالوا : إن أحال من ليس عليه دين رجلاً على رجلٍ آخر مدينٍ له ، لم يكن هذا التّصرّف حوالةً ، بل وكالةً تترتّب عليه أحكامها ، وإن أحال من عليه دين صاحب الدّين على رجلٍ ليس له عليه دين ، لم يجعل هذا التّصرّف حوالةً ، بل اقتراضاً ، وإن كان الّذي أحاله لا دين له عليه اعتبر وكالةً في الاقتراض . وفي الفقه الشّافعيّ : إذا وهب شخص لآخر شيئاً بشرط الثّواب ، اعتبر هذا التّصرّف بيعاً بالثّمن لا هبةً ، في أصحّ الأقوال . الباطل لا يصير صحيحاً بتقادم الزّمان أو بحكم الحاكم : 22 - التّصرّفات الباطلة لا تنقلب صحيحةً بتقادم الزّمان ، ولو حكم حاكم بنفاذ التّصرّفات الباطلة ، فإنّ ثبوت الحقّ وعودته يعتبر قائماً في نفس الأمر ، ولا يحلّ لأحدٍ الانتفاع بحقّ غيره نتيجة تصرّفٍ باطلٍ ما دام يعلم بذلك . فإنّ حكم الحاكم لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً . هذا هو الأصل ، والقضاة إنّما يقضون بحسب ما يظهر لهم من أدلّةٍ وحججٍ يبنون عليها أحكامهم ، وقد تكون غير صحيحةٍ في نفس الأمر . ولذلك يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما روت أمّ سلمة عنه : { إنّما أنا بشر ، وإنّكم تختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعضٍ ، فأقضي له بما أسمع ، وأظنّه صادقاً ، فمن قضيت له بشيءٍ من حقّ أخيه فلا يأخذ منه شيئاً ، فإنّما أقطع له قطعةً من النّار } . 23 - ومضيّ فترةٍ من الزّمن على أيّ تصرّفٍ ، مع عدم تقدّم أحدٍ إلى القضاء بدعوى بطلان هذا التّصرّف ، ربّما يعني صحّة هذا التّصرّف أو رضى صاحب الحقّ به . ومن هنا نشأ عدم سماع الدّعوى بعد مضيّ مدّةٍ معيّنةٍ ، يختلف الفقهاء في تحديدها بحسب الأحوال ، وبحسب الشّيء المدّعى به ، وبحسب القرابة وعدمها ، ومدّة الحيازة ، لكنّ مضيّ المدّة الّتي تمنع سماع الدّعوى لا أثر له في صحّة التّصرّف ، إن كان باطلاً . يقول ابن نجيمٍ : الحقّ لا يسقط بتقادم الزّمان ، قذفاً أو قصاصاً أو لعاناً أو حقّاً للعبد . ويقول : ينفذ قضاء القاضي في المسائل المجتهد فيها ، إلاّ في مسائل منها : لو قضى ببطلان الحقّ بمضيّ المدّة ، أو بصحّة نكاح المتعة ، أو بسقوط المهر بالتّقادم . وفي التّكملة لابن عابدين : من القضاء الباطل : القضاء بسقوط الحقّ بمضيّ سنين . ثمّ يقول . عدم سماع الدّعوى بعد مضيّ ثلاثين سنةً ، أو بعد الاطّلاع على التّصرّف ، ليس مبنيّاً على بطلان الحقّ في ذلك ، وإنّما هو مجرّد منعٍ للقضاء عن سماع الدّعوى ، مع بقاء الحقّ لصاحبه ، حتّى لو أقرّ به الخصم يلزمه . وفي منتهى الإرادات : تقبل الشّهادة بحدٍّ قديمٍ على الصّحيح ، لأنّها شهادة بحقٍّ ، فجازت مع تقادم الزّمان . والمالكيّة - وإن كانوا يشترطون لعدم سماع الدّعوى حيازة الشّيء المدّعى به مدّةً تختلف بحسبه من عقارٍ وغيره - إلاّ أنّ ذلك مقيّد بكون المدّعي حاضراً مدّة حيازة الغير ، ويراه يقوم بالهدم والبناء والتّصرّف وهو ساكت . أمّا إذا كان ينازعه فإنّ الحيازة لا تفيد شيئاً مهما طالت المدّة ، وفي فتح العليّ لمالكٍ : رجل استولى على أرضٍ بعد موت أهلها بغير حقٍّ ، مع وجود ورثتهم ، وبناها ونازعه الورثة ، ولم يقدروا على منعه لكونه من رؤساء بلدتهم ، فهل لا تعتبر حيازته ولو طالت مدّتها ؟ أجيب : نعم . لا تعتبر حيازته ولو طالت مدّتها ... سمع يحيى من ابن القاسم : من عرف بغصب أموال النّاس لا ينتفع بحيازته مال غيره في وجهه ، فلا يصدّق فيما يدّعيه من شراءٍ أو عطيّةٍ ، وإن طال بيده أعواماً إن أقرّ بأصل الملك لمدّعيه ، أو قامت له به بيّنة . قال ابن رشدٍ : هذا صحيح لا خلاف فيه ، لأنّ الحيازة لا توجب الملك ، وإنّما هي دليل عليه توجب تصديق غير الغاصب فيما ادّعاه من تصير إليه ، لأنّ الظّاهر أنّه لا يجوز أخذ مال أحدٍ ، وهو حاضر لا يطلبه ولا يدّعيه ، إلاّ وقد صار إلى حائزةٍ إذا حازه عشرة أعوامٍ ونحوها . وتنظر تفصيلات ذلك في ( دعوى . تقادم . حيازة ) . وبالنّسبة للعبادات : فمن المقرّر أنّ من بطلت عبادته ، فإنّ ذمّته تظلّ مشغولةً بها حتّى يقضيها . آثار البطلان : تختلف آثار البطلان بالنّسبة للتّصرّفات ، وبيان ذلك فيما يلي : أوّلاً - بالنّسبة للعبادات : 24 - بطلان العبادات يترتّب عليه عدّة آثارٍ منها : أ - استمرار انشغال الذّمّة بالعبادة إلى أن - تؤدّى إن كانت العبادة ليس لها وقت محدّد كالزّكاة ، وعبّر بعض الفقهاء فيها بالإعادة - أو تقضى ، إن كانت العبادة لا يتّسع وقتها لمثلها كرمضان . - أو تعاد ، إن كان وقتها يتّسع لغيرها معها كالصّلاة . فإن خرج الوقت كانت قضاءً أو يؤتى بالبدل ، كالظّهر لمن بطلت جمعته . ب - العقوبة الدّنيويّة في بعض العبادات كالكفّارة على من تعمّد الإفطار في رمضان . ج - وجوب الانقطاع عن المضيّ في الصّلاة إذا بطلت لا في الصّيام والحجّ ، إذ يجب الإمساك في الصّوم في رمضان ، والمضيّ في الحجّ الفاسد ، مع القضاء فيهما . د - حقّ استرداد الزّكاة إذا أعطيت لغير مستحقٍّ . وفي كلّ ما سبق تفصيل ينظر في أبوابه . ثانياً : أثر البطلان في المعاملات : 25 - العقد الباطل في اصطلاح الحنفيّة لا وجود له إلاّ من حيث الصّورة ، فليس له وجود شرعيّ ، ومن ثمّ فهو عدم ، والعدم لا ينتج أثراً . وهو منقوض من أساسه ، ولا يحتاج لحكم حاكمٍ لنقضه . ولا تلحقه الإجازة ، لأنّه غير منعقدٍ أصلاً فهو معدوم ، والإجازة لا تلحق المعدوم ، لأنّه متلاشٍ . ولا يملك بالعقد الباطل ما يملك بغيره ، وإذا حدث فيه تسليم يجب الرّدّ . ففي البيع الباطل لا ينتقل الملك بالقبض ولذا يجب الرّدّ . يقول ابن رشدٍ من المالكيّة : اتّفق العلماء على أنّ البيوع الفاسدة - وهي الباطلة عند الحنفيّة - إذا وقعت ولم تفت ، حكمها الرّدّ ، أي أن يردّ البائع الثّمن ، ويردّ المشتري المثمّن . ولا يملك المصالح ما صالح به في الصّلح الباطل ، ويرجع الدّافع بما دفع . ولا يملك الموهوب له الهبة في الهبة الباطلة . ولا يملك المرتهن حبس المرهون في الرّهن الباطل . ولا يملك المكاتب حرّيّته في الكتابة الباطلة . وفي الإجارة الباطلة الّتي ليست محلّاً للإجارة ، لا تملك الأجرة ويجب ردّها ، لأنّ أخذها حرام ، وتعتبر من أكل الأموال بالباطل . ولا يملك الاستمتاع بالبضع والانتفاع به في النّكاح الباطل . وهكذا الحكم في كلّ العقود الباطلة على وجه الإجمال ، مع تفصيلاتٍ تنظر في مواضعها . لكنّ وجود العقد الباطل كصورةٍ قد ينتج أثراً ، وذلك إذا حدث فيه تسليم وامتنع الرّدّ للفوات ، فهل يكون فيه الضّمان أو لا يكون . وبيان ذلك فيما يلي : الضّمان : 26 - رغم أنّ جمهور الفقهاء لا يفرّقون في قواعدهم العامّة بين الباطل والفاسد إلاّ أنّه بالنّسبة لبعض الأحكام نجد التّفريق بينهما . والضّمان ممّا يفترقان فيه وبيان ذلك فيما يلي : في قاعدةٍ عند الشّافعيّة والحنابلة أنّ كلّ عقدٍ اقتضى صحيحه الضّمان بعد التّسليم كالبيع ففاسده كذلك يقتضي الضّمان ، وإن اقتضى صحيحه عدم الضّمان كالقراض ففاسده كذلك لا يقتضي الضّمان . لكنّ عدم اقتضاء الضّمان مقيّد بما إذا كان القبض صحيحاً ، بأن كان الإذن في قبضه صادراً من أهله ، ويكون وضع اليد عليه في هذه الحالة صحيحاً ، وحينئذٍ فلا ضمان مع فساد القبض . أمّا إذا لم يوجد إذن أصلاً ، أو صدر ولم يكن صحيحاً ، لكونه من غير أهله ، أو في ظلّ الإكراه ، فإنّ القبض يكون باطلاً ، وحينئذٍ يجب الضّمان مطلقاً ، سواء أكان صحيحه لا ضمان فيه ، أم كان فيه الضّمان . جاء في نهاية المحتاج : فاسد كلّ عقدٍ صدر من رشيدٍ كصحيحه ، في الضّمان وعدمه ، لأنّ العقد إن اقتضى صحيحه الضّمان بعد التّسليم كالبيع والإعارة ففاسده أولى . وإن اقتضى صحيحه عدم الضّمان كالرّهن ، والهبة من غير ثوابٍ ، والعين المستأجرة ، ففاسده كذلك لا يقتضي الضّمان . ومثل ذلك في حاشية الجمل وغيرها من كتب الشّافعيّة . 27 - واعتبار عدم الضّمان مع البطلان في عقود التّصرّفات والأمانات لوجود الإذن الصّادر من أهله ، والضّمان إن كان الإذن من غير أهله ، هو أيضاً مذهب الحنفيّة والمالكيّة في الجملة على ما يستفاد من أقوالهم ، مع الاختلاف فيمن يعتبر أهلاً للإذن ، ومن لا يعتبر كالسّفيه ، ومع الاختلاف أيضاً في العقود المضمونة في صحيحها ، أو غير المضمونة كالرّهن والعاريّة . ويعتبر أبو حنيفة المبيع في البيع الباطل إذا قبضه المشتري أمانةً ، ولا ضمان عليه لو هلك ، لأنّ العقد إذا بطل بقي مجرّد القبض بإذن المالك ، وهو لا يوجب الضّمان إلاّ بالتّعدّي ، والقائلون بالضّمان يعلّلون ذلك بأنّه لا يكون أدنى من المقبوض على سوم الشّراء . ويفرّق المالكيّة في العقد الفاسد بين ما قبض على جهة التّملّك فيكون مضموناً ، وما قبض على جهة الأمانة فلا ضمان فيه . جاء في الفواكه الدّواني : كلّ مبيعٍ فاسدٍ قبضه المبتاع قبضاً مستمرّاً بعد بتّ البيع فضمانه من المبتاع من يوم قبضه ، لأنّه قبضه على جهة التّملّك ، لا على جهة الأمانة . ومثل ذلك في الشّركة : لو اشترك من لا يعتبر إذنه ، كصبيٍّ غير مأذونٍ أو سفيهٍ ، فلا ضمان . أثر البطلان في النّكاح : 28 - من القواعد العامّة عند الجمهور أنّه لا فرق بين الباطل والفاسد ، ويتابعهم الحنفيّة في ذلك في باب النّكاح على ما عرف من القواعد العامّة عندهم . إلاّ أنّ الفقهاء يعبّرون عن النّكاح غير الصّحيح بالباطل أحياناً ، وبالفاسد أحياناً أخرى . ويريدون بهما ما قابل الصّحيح . لكنّهم يقصدون بالفاسد ما كان مختلفاً في فساده بين المذاهب ، كالنّكاح بدون شهودٍ ، حيث يجيز المالكيّة العقد بدونه ، وإن كانوا يشترطون الإشهاد قبل الدّخول ، ويجيزه أيضاً أبو ثورٍ وجماعة . وكنكاح المحرم بالحجّ ، والنّكاح بدون وليٍّ ، حيث يجيزهما الحنفيّة . وكنكاح الشّغار يصحّحه الحنفيّة ويلغون الشّرط ، ويوجبون مهر المثل لكلٍّ من المرأتين . ويقصدون بالباطل : ما كان مجمعاً على فساده بين المذاهب ، كنكاح الخامسة ، أو المتزوّجة من الغير ، أو المطلّقة ثلاثاً ، أو نكاح المحارم . والنّكاح الباطل أو الفاسد واجب الفسخ عند الجميع بالنّسبة للمتّفق على فساده ، وعند القائلين بالفساد بالنّسبة للمختلف فيه ، إلاّ إذا حكم حاكم بصحّته ، فلا ينقض حكمه . والتّفريق في المتّفق على فساده ليس طلاقاً بالإجماع ، وإنّما هو فسخ أو متاركة ، وأمّا المختلف فيه ، ففي اعتبار التّفريق طلاقاً أم لا اختلاف الفقهاء . ر : ( طلاق - فرقة - فسخ ) . ولا حكم للنّكاح الباطل أو الفاسد قبل الدّخول في الجملة على ما سيعرف ، لأنّه ليس بنكاحٍ حقيقةً ، لانعدام ملك منافع البضع بالعقد الباطل أو الفاسد . أمّا بعد الدّخول فيتعلّق بالفاسد بعض الأحكام ، لاعتباره منعقداً ضرورةً في حقّ المنافع المستوفاة . وفيما يلي بيان أهمّ الأحكام الّتي تتعلّق به : المهر : 29 - لا يستحقّ المهر في النّكاح الفاسد مطلقاً - سواء اتّفق على فساده أم لا - إذا حصل التّفريق قبل الدّخول باتّفاقٍ في الجملة ، أو قبل الخلوة فيما اختلف فيه ، وذلك عند الحنابلة . هذا مع استثناء بعض المسائل الّتي يثبت فيها نصف المهر قبل الدّخول ، ومن ذلك ما يقوله المالكيّة من أنّ سبب الفساد إذا لم يؤثّر خللاً في المهر ، كنكاح المحرم بالحجّ ، ففيه نصف الصّداق بالطّلاق ، وجميعه بالموت . وكذلك النّكاح الفاسد عند المالكيّة لوقوع صداقه أقلّ من الصّداق الشّرعيّ ، وامتنع الزّوج من إتمامه ( وهو ما يسمّى بنكاح الدّرهمين ، لأنّهما أقلّ من الصّداق الشّرعيّ ) ففيه نصف الدّرهمين بفسخه قبل الدّخول . ومن ذلك ما إذا ادّعى الزّوج قبل الدّخول رضاعاً محرّماً بلا بيّنةٍ ، وكذّبته الزّوجة ، فإنّه يفسخ ، وعليه نصف الصّداق كما يقول المالكيّة والحنابلة . ويتّفق الفقهاء على وجوب المهر في النّكاح الفاسد مطلقاً بالدّخول ( أي بالوطء ) لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : { أيّما امرأةٍ أنكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها مهر مثلها } جعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم لها مهر المثل فيما له حكم النّكاح الفاسد ، وعلّقه بالدّخول ، فدلّ أنّ وجوبه متعلّق به . وعند الحنابلة يجب المهر كذلك في النّكاح المختلف فيه بالخلوة . قال في منتهى الإرادات : نصّاً لما في حديث عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم : { فلها المهر بما استحلّ من فرجها } . إلاّ أنّ ابن قدامة ذكر في المغني أنّ الخلوة في النّكاح الفاسد لا يجب بها شيء من المهر ، وإنّما يوجبه الوطء ولم يوجد ، ثمّ قال : وقد روي عن أحمد ما يدلّ على أنّ الخلوة فيه كالصّحيح ، فيتقرّر به المهر كالصّحيح ، والأوّل أولى . ويرى المالكيّة أنّ المتلذّذ بها من غير وطءٍ تعوّض وجوباً بالاجتهاد ، سواء أكان النّكاح مختلفاً فيه أم متّفقاً على فساده . واختلف الفقهاء في الواجب من المهر ، هل هو المسمّى أو مهر المثل ؟ . فعند الحنفيّة - غير زفر - لها الأقلّ من مهر مثلها ومن المسمّى . وعند المالكيّة لها المسمّى ، وإن لم يكن مسمًّى - كنكاح الشّغار - فلها مهر المثل ، وعند الشّافعيّة وزفر من الحنفيّة لها مهر المثل ، وعند الحنابلة لها المسمّى في الفاسد ومهر المثل في الباطل . وفي الموضوع تفصيلات كثيرة تنظر في ( مهر ، صداق ، نكاح ) . ب - العدّة والنّسب : 30 - اتّفق الفقهاء على وجوب العدّة وثبوت النّسب بالوطء في النّكاح المختلف فيه بين المذاهب ، كالنّكاح بدون شهودٍ ، أو بدون وليٍّ ، وكنكاح المحرم بالحجّ ، ونكاح الشّغار . ويزيد الحنابلة ثبوتهما بالخلوة ، لأنّه ينفذ بحكم الحاكم أشبه الصّحيح . ويتّفقون كذلك على وجوب العدّة وثبوت النّسب في النّكاح المجمع على فساده بالوطء كنكاح المعتدّة ، وزوجة الغير والمحارم إذا كانت هناك شبهة تسقط الحدّ ، بأن كان لا يعلم بالحرمة ، ولأنّ الأصل عند الفقهاء : أنّ كلّ نكاحٍ يدرأ فيه الحدّ فالولد لاحق بالواطئ . أمّا إذا لم تكن هناك شبهة تسقط الحدّ ، بأن كان عالماً بالحرمة ، فلا يلحق به الولد عند الجمهور ، وكذلك عند بعض مشايخ الحنفيّة ، لأنّه حيث وجب الحدّ فلا يثبت النّسب . وعند أبي حنيفة وبعض مشايخ الحنفيّة يثبت النّسب لأنّ العقد شبهة . وروي عن أبي يوسف ومحمّدٍ أنّ الشّبهة تنتفي إذا كان النّكاح مجمعاً على تحريمه والمنكوحة محرّمة على التّأبيد ، كالأمّ والأخت ، وعلى ذلك فلا يثبت النّسب عندهما في المحرّمة على التّأبيد ، فقد ذكر الخير الرّمليّ في باب المهر عن العينيّ ومجمع الفتاوى أنّه يثبت النّسب عند أبي حنيفة خلافاً لهما ، إلاّ أنّه روي عن محمّدٍ أنّه قال سقوط الحدّ عنه لشبهةٍ حكميّةٍ فيثبت النّسب . هذا بالنّسبة للنّسب في النّكاح المجمع على تحريمه مع العلم بالحرمة . وأمّا بالنّسبة للعدّة ، فعند المالكيّة والحنابلة والقائلين من الحنفيّة بثبوت النّسب فإنّ العدّة تجب وتسمّى استبراءً ، ولا يجب عند الشّافعيّة وبعض الحنفيّة القائلين بعدم ثبوت النّسب . هذا مع اختلافهم في العدّة وهل تعتبر وقت التّفريق أو من آخر الوطآت . وهل تتداخل العدد أو لا تتداخل ، بل تستأنف . وهل يعتبر النّسب من وقت الدّخول أو من وقت العقد . وهل تثبت بالنّكاح الباطل حرمة المصاهرة أو لا تثبت . وهل يثبت به الإرث أو لا يثبت ؟ ففي كلّ ذلك تفصيلات كثيرة تنظر في مواضعها . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية