الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41099" data-attributes="member: 329"><p>أقسام بيت المال ومصارف كلّ قسمٍ :</p><p>7 - الأموال الّتي تدخل بيت المال متنوّعة المصارف ، وكثير من أصنافها لا يجوز صرفه في الوجوه الّتي تصرف فيها الأصناف الأخرى . ومن أجل ذلك احتيج إلى فصل أموال بيت المال بحسب مصارفها ، لأجل سهولة التّصرّف فيها ، وقد نصّ أبو يوسف على فصل الزّكاة عن الخراج في بيت المال ، فقال : مال الصّدقة والعشور لا ينبغي أن يجمع إلى مال الخراج ، لأنّ الخراج فيء لجميع المسلمين ، والصّدقات لمن سمّى اللّه في كتابه . وقد نصّ الحنفيّة على أنّه يجب على الإمام توزيع موجودات بيت المال على أربعة بيوتٍ ، ولا تأبى قواعد المذاهب الأخرى التّقسيم من حيث الجملة . وقد قال الحنفيّة : للإمام أن يستقرض من أحد البيوت الأربعة ليصرفه في مصارف البيوت الأخرى ، ويجب ردّه إلى البيت المستقرض منه ، ما لم يكن ما صرفه إليه يجوز صرفه من هذا البيت الآخر . والبيوت الأربعة هي : البيت الأوّل : بيت الزّكاة :</p><p>8 - من حقوقه : زكاة السّوائم ، وعشور الأراضي الزّكويّة ، والعشور الّتي تؤخذ من التّجّار المسلمين إذا مرّوا على العاشر ، وزكاة الأموال الباطنة إن أخذها الإمام . ومصرف هذا النّوع المصارف الثّمانية الّتي نصّ عليها القرآن العظيم . وفي ذلك تفصيل وخلاف يرجع إليه في مصطلح ( زكاة ) . وقد نقل الماورديّ الخلاف بين الفقهاء في صفة اليد على هذه الأموال ، فنقل أنّ قول أبي حنيفة : إنّها من حقوق بيت المال ، أي أملاكه الّتي يرجع التّصرّف فيها إلى رأي الإمام واجتهاده ، كمال الفيء . ولذا يجوز صرفه في المصالح العامّة كالفيء ، وإن رأى الشّافعيّ أنّ بيت المال مجرّد حرزٍ للزّكاة يحرّزها لأصحابها ، فإن وجدوا وجب الدّفع إليهم ، وإن لم يوجدوا أحرزها لبيت المال ، وجوباً على مذهبه القديم ، وجوازاً على مذهبه الجديد ، بناءً على وجوب دفع الزّكاة إلى الإمام ، أو جواز ذلك . ونقل أبو يعلى الحنبليّ أنّ قول أحمد كقول الشّافعيّ في ذلك وخرّج وجهاً في زكاة الأموال الظّاهرة كقول أبي حنيفة .</p><p></p><p>البيت الثّاني : بيت الأخماس :</p><p>9 - والمراد بالأخماس :</p><p>أ - خمس الغنائم المنقولة ، وقيل : وخمس العقارات الّتي غنمت أيضاً .</p><p>ب - خمس ما يوجد من كنوز الجاهليّة وقيل هو زكاة .</p><p>ج - خمس أموال الفيء على قول الشّافعيّ ، وإحدى روايتين عن أحمد . وعلى الرّواية الأخرى ومذهب الحنفيّة والمالكيّة : لا يخمّس الفيء . ومصرف هذا النّوع خمسة أسهمٍ : سهم للّه ورسوله ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السّبيل ، على ما قال اللّه تعالى : { واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل } وكان السّهم الأوّل يأخذه النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حياته ، وبعده يصرف في مصالح المسلمين على رأي الإمام ، فينقل لبيت مال الفيء الآتي ذكره . وسائر الأسهم الأربعة تحرّز لأصحابها في بيت المال ، حتّى تقسّم عليهم ، وليس للإمام أن يصرفها في المصالح .</p><p></p><p>البيت الثّالث : بيت الضّوائع :</p><p>10 - وهي الأموال الضّائعة ونحوها من لقطةٍ لا يعرف صاحبها ، أو مسروقٍ لا يعلم صاحبه ونحوهما على ما تقدّم ، فتحفظ في هذا البيت محرّزةً لأصحابها ، فإن حصل اليأس من معرفتهم صرف في وجهه . ومصرف أموال هذا البيت - على ما نقله ابن عابدين عن الزّيلعيّ ، وقال : إنّه المشهور عند الحنفيّة - هو اللّقيط الفقير ، والفقراء الّذين لا أولياء لهم ، فيعطون منه نفقتهم وأدويتهم وتكاليف أكفانهم ودية جناياتهم . وقال الماورديّ : عند أبي حنيفة يصرف لهؤلاء صدقةً عمّن المال له ، أو من خلّف المال . ولم نعثر لغير الحنفيّة على تخصيص هذا النّوع من الأموال بمصرفٍ خاصٍّ ، فالظّاهر أنّها عندهم تصرف في المصالح العامّة كالفيء ، وهو ما صرّح به أبو يعلى والماورديّ في مال من مات بلا وارثٍ ، وبناءً على ذلك تكون البيوت عندهم ثلاثةً لا أربعةً .</p><p></p><p>البيت الرّابع : وهو بيت مال الفيء :</p><p>11 - أهمّ موارد هذا البيت ما يلي :</p><p>أ - أنواع الفيء الّتي تقدّم ذكرها .</p><p>ب - سهم اللّه ورسوله من الأخماس .</p><p>ج - الأراضي الّتي غنمها المسلمون على القول بأنّها لا تقسّم ، وأنّها ليست من الوقف المصطلح عليه .</p><p>د - خراج الأرض الّتي غنمها المسلمون ، سواء اعتبرت وقفاً أم غير وقفٍ .</p><p>هـ - خمس الكنوز الّتي لم يعلم صاحبها ، أو تطاول عليها الزّمن .</p><p>و - خمس الخارج من الأرض من معدنٍ أو نفطٍ أو نحو ذلك . وقيل : ما يؤخذ من ذلك هو زكاة مقدارها ربع العشر ، ويصرف في مصارف الزّكاة .</p><p>ز - مال من مات بلا وارثٍ من المسلمين ، ومن ذلك ديته . ح - الضّرائب الموظّفة على الرّعيّة ، الّتي لم توظّف لغرضٍ معيّنٍ . ط - الهدايا إلى القضاة والعمّال والإمام . ى - أموال البيت السّابق على قول غير الحنفيّة .</p><p></p><p>مصارف بيت مال الفيء :</p><p>12 - مصرف أموال هذا البيت المصالح العامّة للمسلمين ، فيكون تحت يد الإمام ، ويصرف منه بحسب نظره واجتهاده في المصلحة العامّة . والفقهاء إذا أطلقوا القول بأنّ نفقة كذا هي في بيت المال ، يقصدون هذا البيت الرّابع ، لأنّه وحده المخصّص للمصالح العامّة ، بخلاف ما عداه ، فالحقّ فيه لجهاتٍ محدّدةٍ ، يصرف لها لا لغيرها . وفيما يلي بيان بعض المصالح الّتي تصرف فيها أموال هذا البيت ممّا ورد في كلام الفقهاء ، لا على سبيل الحصر والاستقصاء ، فإنّ أبواب المصالح لا تنحصر ، وهي تختلف من عصرٍ إلى عصرٍ ، ومن بلدٍ إلى بلدٍ .</p><p>13 - ومن أهمّ المصالح الّتي تصرف فيها أموال هذا البيت ما يلي :</p><p>أ - العطاء ، وهو نصيب من بيت مال المسلمين يعطى لكلّ مسلمٍ ، سواء أكان من أهل القتال أم لم يكن . وهذا أحد قولين للحنابلة قدّمه صاحب المغني ، وهو كذلك أحد قولين للشّافعيّة هو خلاف الأظهر عندهم . قال الإمام أحمد : في الفيء حقّ لكلّ المسلمين ، وهو بين الغنيّ والفقير . ومن الحجّة لهذا القول قول اللّه تعالى : { ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ... } الآية . ثمّ قال : { للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون } ثمّ قال : { والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ... } ثمّ قال : { والّذين جاءوا من بعدهم ... } فاستوعب كلّ المسلمين . ولهذا قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بعد أن قرأ الآيات من سورة الحشر : هذه - يعني الآية الأخيرة - استوعبت المسلمين عامّةً ، ولإن عشت ليأتينّ الرّاعي بسرو حمير نصيبه منها ، لم يعرق فيه جبينه . والقول الثّاني للحنابلة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة : أنّ أهل الفيء هم أهل الجهاد المرابطون في الثّغور ، وجند المسلمين ، ومن يقوم بمصالحهم - أي بالإضافة إلى أبواب المصالح الآتي بيانها . وأمّا الأعراب ونحوهم ممّن لا يعدّ نفسه للقتال في سبيل اللّه فلا حقّ لهم فيه ، ما لم يجاهدوا فعلاً . ومن الحجّة لهذا القول ما في صحيح مسلمٍ وغيره من حديث بريدة { أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميراً على جيشٍ أو سريّةٍ أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه ... } إلى أن قال : { ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم ، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا أن يتحوّلوا منها ، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين } . وقيل عند الشّافعيّة : إنّ الفيء كلّه يجب قسمه بين من له رزق في بيت المال في عامه ، ولا يبقى منه شيء ولا يوفّر شيء للمصالح ما عدا خمس الخمس ( أي الّذي للّه ورسوله ) والتّحقيق عندهم : إعطاء من لهم رزق في بيت المال كفايتهم ، وصرف ما يتبقّى من مال الفيء للمصالح .</p><p>ب - الأسلحة والمعدّات والتّحصينات وتكاليف الجهاد والدّفاع عن أوطان المسلمين .</p><p>ج - رواتب الموظّفين الّذين يحتاج إليهم المسلمون في أمورهم العامّة ، من القضاة والمحتسبين ، ومن ينفّذون الحدود ، والمفتين والأئمّة والمؤذّنين والمدرّسين ، ونحوهم من كلّ من فرّغ نفسه لمصلحة المسلمين ، فيستحقّ الكفاية من بيت المال له ولمن يعوله . ويختلف ذلك باختلاف الأعصار والبلدان لاختلاف الأحوال والأسعار . وليست هذه الرّواتب أجرةً للموظّفين من كلّ وجهٍ ، بل هي كالأجرة ، لأنّ القضاء ونحوه من الطّاعات لا يجوز أخذ الأجرة عليه أصلاً . ثمّ إن سمّي للموظّف مقدار معلوم استحقّه ، وإلاّ استحقّ ما يجري لأمثاله إن كان ممّن لا يعمل إلاّ بمرتّبٍ . وأرزاق هؤلاء ، وأرزاق الجند إن لم توجد في بيت المال ، تبقى ديناً عليه ، ووجب إنظاره ، كالدّيون مع الإعسار . بخلاف سائر المصالح فلا يجب القيام بها إلاّ مع القدرة ، وتسقط بعدمها . والرّاجح عند الحنفيّة : أنّ من مات من أهل العطاء ، كالقاضي والمفتي والمدرّس ونحوهم قبل انتهاء العام ، يعطى حصّته من العام ، أمّا من مات في آخره أو بعد تمامه فإنّه يجب الإعطاء إلى وارثه .</p><p>د - القيام بشئون فقراء المسلمين من العجزة واللّقطاء والمساجين الفقراء ، الّذين ليس لهم ما ينفق عليهم منه ، ولا أقارب تلزمهم نفقتهم ، فيتحمّل بيت المال نفقاتهم وكسوتهم وما يصلحهم من دواءٍ وأجرة علاجٍ وتجهيز ميّتٍ ، وكذا دية جناية من لم يكن له عاقلة من المسلمين ، أو كان له عاقلة فعجزوا عن الكلّ أو البعض ، فإنّ بيت المال يتحمّل باقي الدّية ، ولا تعقل عن كافرٍ . ونبّه بعض الشّافعيّة إلى أنّ إقرار الجاني لا يقبل على بيت المال ، كما لا يقبل على العاقلة .</p><p>هـ - الإنفاق على أهل الذّمّة من بيت المال : ليس لكافرٍ ذمّيٍّ أو غيره حقّ في بيت مال المسلمين . لكنّ الذّمّيّ إن احتاج لضعفه يعطى ما يسدّ جوعته . وفي كتاب الخراج لأبي يوسف أنّ ممّا أعطاه خالد بن الوليد رضي الله عنه في عهده لأهل الحيرة : أيّما شيخٍ ضعف عن العمل ، أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنيّاً فافتقر ، وصار أهل دينه يتصدّقون عليه طرحت جزيته ، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام . ونقل مثل ذلك أبو عبيدٍ في كتاب الأموال .</p><p>و - ومن مصارف بيت مال الفيء أيضاً : فكاك أسرى المسلمين من أيدي الكفّار ، ونقل أبو يوسف في كتاب الخراج قول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : كلّ أسيرٍ كان في أيدي المشركين من المسلمين ففكاكه من بيت مال المسلمين . وهناك وجه للشّافعيّة بأنّ فكاكه في ماله هو ( ر : أسرى ) . وشبيه بهذا ما قاله بعض الشّافعيّة أنّ مالك الدّوابّ - غير المأكولة - لو امتنع من علفها ، ولم يمكن إجباره لفقره مثلاً ينفق عليها من بيت المال مجّاناً ، وكذلك الدّابّة الموقوفة إن لم يمكن أخذ النّفقة من كسبها .</p><p>ز - المصالح العامّة لبلدان المسلمين ، من إنشاء المساجد والطّرق والجسور والقناطر والأنهار والمدارس ونحو ذلك ، وإصلاح ما تلف منها . ح - ضمان ما يتلف بأخطاء أعضاء الإدارة الحكوميّة : من ذلك أخطاء وليّ الأمر والقاضي ونحوهم من سائر من يقوم بالأعمال العامّة ، إذا أخطئوا في عملهم الّذي كلّفوا به ، فتلف بذلك نفس أو عضو أو مال ، كدية من مات بالتّجاوز في التّعزير ، فحيث وجب ضمان ذلك يضمن بيت المال . فإن كان العمل المكلّف به لشأنٍ خاصٍّ للإمام أو غيره من المسئولين فالضّمان على عاقلته ، أو في ماله الخاصّ بحسب الأحوال . وذلك لأنّ أخطاءهم قد تكثر ، فلو حملوها هم أو عاقلتهم لأجحف بهم . هذا عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الأصحّ عند الحنابلة ، والقول غير الأظهر للشّافعيّة . أمّا الأظهر للشّافعيّة ، ومقابل الأصحّ عند الحنابلة فهو أنّ الضّمان على عاقلته . أمّا ضمان العمد فيتحمّله فاعله اتّفاقاً . ط - تحمّل الحقوق الّتي أقرّها الشّرع لأصحابها ، واقتضت قواعد الشّرع أن لا يحملها أحد معيّن : ومن أمثلة ذلك ما لو قتل شخص في زحام طوافٍ أو مسجدٍ عامٍّ أو الطّريق الأعظم ، ولم يعرف قاتله ، فتكون ديته في بيت المال لقول عليٍّ رضي الله عنه : لا يبطل في الإسلام دم ، وقد { تحمّل النّبيّ صلى الله عليه وسلم دية عبد اللّه بن سهلٍ الأنصاريّ حين قتل في خيبر ، لمّا لم يعرف قاتله ، وأبى الأنصار أن يحلفوا القسامة ، ولم يقبلوا أيمان اليهود ، فوداه النّبيّ صلى الله عليه وسلم من عنده كراهية أن يبطل دمه } . ومن ذلك أيضاً أجرة تعريف اللّقطة ، فللقاضي أن يرتّب أجرة تعريفها من بيت المال ، على أن تكون قرضاً على صاحبها .</p><p></p><p>أولويّات الصّرف من بيت المال :</p><p>14 - يرى المالكيّة والشّافعيّة أنّه يندب البدء بالصّرف لآل النّبيّ صلى الله عليه وسلم الّذين تحرم عليهم الصّدقة ، اقتداءً بفعل عمر رضي الله عنه ، إذ قدّم آل بيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ديوان العطاء . ثمّ بعد ذلك يجب البدء بمصالح أهل البلد الّذين جمع منهم المال ، كبناء مساجدهم وعمارة ثغورهم وأرزاق قضاتهم ومؤذّنيهم وقضاء ديونهم وديات جناياتهم ، ويعطون كفاية سنتهم . وإن كان غير فقراء البلد الّتي جبي فيها المال أكثر احتياجاً منهم ، فإنّ الإمام يصرف القليل لأهل البلد الّتي جبي فيها المال ، ثمّ ينقل الأكثر لغيرهم . ويرى الحنابلة أنّه إذا اجتمع على بيت المال حقّان ، ضاق عنهما واتّسع لأحدهما ، صرف فيما يصير منهما ديناً على بيت المال لو لم يؤدّ في وقته ، كأرزاق الجند وأثمان المعدّات والسّلاح ونحوهما ، دون ما يجب على وجه الإرفاق والمصلحة ، كالطّرق ونحوها .</p><p></p><p>الفائض في بيت المال :</p><p>15 - لعلماء المسلمين فيما يفيض في بيت المال ، بعد أداء الحقوق الّتي عليه ، ثلاثة اتّجاهاتٍ : الأوّل - وهو مذهب الشّافعيّة : أنّه يجب تفريق الفائض وتوزيعه على من يعمّ به صلاح المسلمين ، ولا يدّخر ، لأنّ ما ينوب المسلمين يتعيّن فرضه عليهم إذا حدث . وفي المنهاج وشرحه من كتب الشّافعيّة : يوزّع الفائض على الرّجال البالغين ممّن لهم رزق في بيت المال ، لا على غيرهم ولا ذراريّهم . قال القليوبيّ : والغرض أن لا يبقى في بيت المال شيء . والثّاني - وهو مذهب الحنفيّة : أنّها تدّخر في بيت المال لما ينوب المسلمين من حادثٍ . والثّالث - التّفويض لرأي الإمام ، قال القليوبيّ من الشّافعيّة : قال المحقّقون : للإمام الادّخار . ونقل صاحب جواهر الإكليل عن المدوّنة : يبدأ في الفيء بفقراء المسلمين ، فما بقي يقسّم بين النّاس بالسّويّة ، إلاّ أن يرى الإمام حبسه لنوائب المسلمين . إذا عجز بيت المال عن أداء الحقوق :</p><p>16 - بيّن الماورديّ وأبو يعلى حالة عجز بيت المال عن أداء الحقوق فقالا ما حاصله : إنّ المستحقّ على بيت المال ضربان : الأوّل : ما كان بيت المال له مجرّد حرزٍ ، كالأخماس والزّكاة ، فاستحقاقه معتبر بالوجود ، فإن كان المال موجوداً فيه كان مصرفه مستحقّاً ، وعدمه مسقط لاستحقاقه . الثّاني : ما كان بيت المال له مستحقّاً ، وهو مال الفيء ونحوه ، ومصارفه نوعان : أوّلهما : ما كان مصرفه مستحقّاً على وجه البدل ، كرواتب الجنود ، وأثمان ما اشتري من السّلاح والمعدّات ، فاستحقاقه غير معتبرٍ بالوجود ، بل هو من الحقوق اللّازمة لبيت المال مع الوجود والعدم . فإن كان موجوداً يعجّل دفعه ، كالدّين على الموسر ، وإن كان معدوماً وجب فيه ، ولزم إنظاره ، كالدّين على المعسر . ثانيهما : أن يكون مصرفه مستحقّاً على وجه المصلحة والإرفاق دون البدل ، فاستحقاقه معتبر بالوجود دون العدم . فإن كان موجوداً وجب فيه ، إن كان معدوماً سقط وجوبه عن بيت المال . ثمّ يكون - إن عمّ ضرره - من فروض الكفاية على المسلمين ، حتّى يقوم به من فيه كفاية كالجهاد ، وإن كان ممّا لا يعمّ ضرره كوعورة طريقٍ قريبٍ يجد النّاس غيره طريقاً بعيداً ، أو انقطاع شربٍ يجد النّاس غيره شرباً . فإذا سقط وجوبه عن بيت المال بالعدم سقط وجوبه عن الكافّة ، لوجود البدل . ويلاحظ أنّه قد يكون العجز في بيت المال الفرعيّ ، أي في أحد الأقاليم التّابعة للإمام . فإذا قلّد الخليفة أميراً على إقليمٍ ، فإذا نقص مال الخراج عن أرزاق جيشه ، فإنّه يطالب الخليفة بتمامها من بيت المال . أمّا إن نقص مال الصّدقات عن كفاية مصارفها في عمله فلا يكون له مطالبة الخليفة بتمامها ، وذلك لأنّ أرزاق الجيش مقدّرة بالكفاية ، وحقوق أهل الصّدقات معتبرة بالوجود .</p><p></p><p>تصرّفات الإمام في الدّيون على بيت المال :</p><p>17 - إذا ثبتت الدّيون على بيت المال ، ولم يكن فيه وفاء لها ، فللإمام أن يستقرض من أحد بيوت المال للبيت الآخر ، نصّ على ذلك الحنفيّة . وقالوا : وإذا حصل للخزانة الّتي استقرض لها مال يردّ إلى المستقرض منه ، إلاّ أن يكون المصروف من الصّدقات أو خمس الغنائم على أهل الخراج ، وهم فقراء ، فإنّه لا يردّ من ذلك شيئاً ، لاستحقاقهم الصّدقات بالفقر . وكذا غيره إذا صرف إلى المستحقّ . وللإمام أيضاً أن يستعير أو يقترض لبيت المال من الرّعيّة . { وقد استعار النّبيّ صلى الله عليه وسلم دروعاً للجهاد من صفوان بن أميّة } { واستسلف عليه الصلاة والسلام بعيراً وردّ مثله من إبل الصّدقة } ، وذلك اقتراض على خزانة الصّدقات من بيت المال .</p><p></p><p>تنمية أموال بيت المال والتّصرّف فيها :</p><p>18 - بالإضافة إلى ما تقدّم من صلاحيات الإنفاق في بيت المال ، فإنّ للإمام التّصرّف في أموال بيت المال . والقاعدة في ذلك أنّ منزلة الإمام من أموال بيت المال منزلة الوليّ من مال اليتيم ، كما قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : إنّي أنزلت نفسي من هذا المال منزلة وليّ اليتيم . فله فيه من التّصرّف ما لوليّ اليتيم في مال اليتيم . وليست هذه القاعدة على إطلاقها ، فلا يلزم التّشبيه من كلّ وجهٍ ، بدليل أنّ للإمام التّمليك من بيت المال والإقطاع منه . ومن الأمثلة الّتي تعرّض لها بعض الفقهاء ما يلي :</p><p>أ - البيع : يجوز للإمام بيع شيءٍ من أموال بيت المال ، إذا رأى المصلحة في ذلك . أمّا شراؤه لنفسه شيئاً منها فقد جاء في الدّرّ المختار : لا يصحّ بيع الإمام ولا شراؤه من وكيل بيت المال لشيءٍ من أموال بيت المال ، لأنّه كوكيل اليتيم ، فلا يجوز ذلك منه إلاّ لضرورةٍ . زاد في البحر : أو رغب في العقار بضعف قيمته ، على قول المتأخّرين المفتى به .</p><p>ب - الإجارة : أرض بيت المال تجري عليها أحكام الوقوف المؤبّدة . فتؤجّر كما يؤجّر الوقف . ج - المساقاة : تصحّ المساقاة من الإمام على بساتين بيت المال ، كما تصحّ من جائز التّصرّف لصبيٍّ تحت ولايته .</p><p>د - الإعارة : اختلف قول الشّافعيّة في إعارة الإمام لشيءٍ من أموال بيت المال ، فأفتى الإسنويّ بجوازه ، بناءً على أنّه إذا جاز له التّمليك من بيت المال فالإعارة أولى . وقال الرّمليّ : لا يجوز للإمام مطلقاً إعارة أموال بيت المال ، كالوليّ في مال مولّيه . وقال القليوبيّ : ثمّ إن أخذ أحد شيئاً من بيت المال عاريّةً فهلك في يده فلا ضمان عليه ، إن كان له في بيت المال حقّ ، وتسميته عاريّةً مجاز .</p><p>هـ - الإقراض : ذكر ابن الأثير أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أقرض هنداً بنت عتبة أربعة آلافٍ تتّجر فيها وتضمنها . وممّا يجري مجرى الإقراض الإنفاق بقصد الرّجوع ، ومن ذلك الإنفاق على البهيمة الضّائعة ونحوها ، حفظاً لها من التّلف . ثمّ يرجع بيت المال بالنّفقة على صاحب البهيمة ، وإن لم يعرف بيعت ، وأخذ من ثمنها حقّ بيت المال .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41099, member: 329"] أقسام بيت المال ومصارف كلّ قسمٍ : 7 - الأموال الّتي تدخل بيت المال متنوّعة المصارف ، وكثير من أصنافها لا يجوز صرفه في الوجوه الّتي تصرف فيها الأصناف الأخرى . ومن أجل ذلك احتيج إلى فصل أموال بيت المال بحسب مصارفها ، لأجل سهولة التّصرّف فيها ، وقد نصّ أبو يوسف على فصل الزّكاة عن الخراج في بيت المال ، فقال : مال الصّدقة والعشور لا ينبغي أن يجمع إلى مال الخراج ، لأنّ الخراج فيء لجميع المسلمين ، والصّدقات لمن سمّى اللّه في كتابه . وقد نصّ الحنفيّة على أنّه يجب على الإمام توزيع موجودات بيت المال على أربعة بيوتٍ ، ولا تأبى قواعد المذاهب الأخرى التّقسيم من حيث الجملة . وقد قال الحنفيّة : للإمام أن يستقرض من أحد البيوت الأربعة ليصرفه في مصارف البيوت الأخرى ، ويجب ردّه إلى البيت المستقرض منه ، ما لم يكن ما صرفه إليه يجوز صرفه من هذا البيت الآخر . والبيوت الأربعة هي : البيت الأوّل : بيت الزّكاة : 8 - من حقوقه : زكاة السّوائم ، وعشور الأراضي الزّكويّة ، والعشور الّتي تؤخذ من التّجّار المسلمين إذا مرّوا على العاشر ، وزكاة الأموال الباطنة إن أخذها الإمام . ومصرف هذا النّوع المصارف الثّمانية الّتي نصّ عليها القرآن العظيم . وفي ذلك تفصيل وخلاف يرجع إليه في مصطلح ( زكاة ) . وقد نقل الماورديّ الخلاف بين الفقهاء في صفة اليد على هذه الأموال ، فنقل أنّ قول أبي حنيفة : إنّها من حقوق بيت المال ، أي أملاكه الّتي يرجع التّصرّف فيها إلى رأي الإمام واجتهاده ، كمال الفيء . ولذا يجوز صرفه في المصالح العامّة كالفيء ، وإن رأى الشّافعيّ أنّ بيت المال مجرّد حرزٍ للزّكاة يحرّزها لأصحابها ، فإن وجدوا وجب الدّفع إليهم ، وإن لم يوجدوا أحرزها لبيت المال ، وجوباً على مذهبه القديم ، وجوازاً على مذهبه الجديد ، بناءً على وجوب دفع الزّكاة إلى الإمام ، أو جواز ذلك . ونقل أبو يعلى الحنبليّ أنّ قول أحمد كقول الشّافعيّ في ذلك وخرّج وجهاً في زكاة الأموال الظّاهرة كقول أبي حنيفة . البيت الثّاني : بيت الأخماس : 9 - والمراد بالأخماس : أ - خمس الغنائم المنقولة ، وقيل : وخمس العقارات الّتي غنمت أيضاً . ب - خمس ما يوجد من كنوز الجاهليّة وقيل هو زكاة . ج - خمس أموال الفيء على قول الشّافعيّ ، وإحدى روايتين عن أحمد . وعلى الرّواية الأخرى ومذهب الحنفيّة والمالكيّة : لا يخمّس الفيء . ومصرف هذا النّوع خمسة أسهمٍ : سهم للّه ورسوله ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السّبيل ، على ما قال اللّه تعالى : { واعلموا أنّما غنمتم من شيءٍ فأنّ للّه خمسه وللرّسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل } وكان السّهم الأوّل يأخذه النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حياته ، وبعده يصرف في مصالح المسلمين على رأي الإمام ، فينقل لبيت مال الفيء الآتي ذكره . وسائر الأسهم الأربعة تحرّز لأصحابها في بيت المال ، حتّى تقسّم عليهم ، وليس للإمام أن يصرفها في المصالح . البيت الثّالث : بيت الضّوائع : 10 - وهي الأموال الضّائعة ونحوها من لقطةٍ لا يعرف صاحبها ، أو مسروقٍ لا يعلم صاحبه ونحوهما على ما تقدّم ، فتحفظ في هذا البيت محرّزةً لأصحابها ، فإن حصل اليأس من معرفتهم صرف في وجهه . ومصرف أموال هذا البيت - على ما نقله ابن عابدين عن الزّيلعيّ ، وقال : إنّه المشهور عند الحنفيّة - هو اللّقيط الفقير ، والفقراء الّذين لا أولياء لهم ، فيعطون منه نفقتهم وأدويتهم وتكاليف أكفانهم ودية جناياتهم . وقال الماورديّ : عند أبي حنيفة يصرف لهؤلاء صدقةً عمّن المال له ، أو من خلّف المال . ولم نعثر لغير الحنفيّة على تخصيص هذا النّوع من الأموال بمصرفٍ خاصٍّ ، فالظّاهر أنّها عندهم تصرف في المصالح العامّة كالفيء ، وهو ما صرّح به أبو يعلى والماورديّ في مال من مات بلا وارثٍ ، وبناءً على ذلك تكون البيوت عندهم ثلاثةً لا أربعةً . البيت الرّابع : وهو بيت مال الفيء : 11 - أهمّ موارد هذا البيت ما يلي : أ - أنواع الفيء الّتي تقدّم ذكرها . ب - سهم اللّه ورسوله من الأخماس . ج - الأراضي الّتي غنمها المسلمون على القول بأنّها لا تقسّم ، وأنّها ليست من الوقف المصطلح عليه . د - خراج الأرض الّتي غنمها المسلمون ، سواء اعتبرت وقفاً أم غير وقفٍ . هـ - خمس الكنوز الّتي لم يعلم صاحبها ، أو تطاول عليها الزّمن . و - خمس الخارج من الأرض من معدنٍ أو نفطٍ أو نحو ذلك . وقيل : ما يؤخذ من ذلك هو زكاة مقدارها ربع العشر ، ويصرف في مصارف الزّكاة . ز - مال من مات بلا وارثٍ من المسلمين ، ومن ذلك ديته . ح - الضّرائب الموظّفة على الرّعيّة ، الّتي لم توظّف لغرضٍ معيّنٍ . ط - الهدايا إلى القضاة والعمّال والإمام . ى - أموال البيت السّابق على قول غير الحنفيّة . مصارف بيت مال الفيء : 12 - مصرف أموال هذا البيت المصالح العامّة للمسلمين ، فيكون تحت يد الإمام ، ويصرف منه بحسب نظره واجتهاده في المصلحة العامّة . والفقهاء إذا أطلقوا القول بأنّ نفقة كذا هي في بيت المال ، يقصدون هذا البيت الرّابع ، لأنّه وحده المخصّص للمصالح العامّة ، بخلاف ما عداه ، فالحقّ فيه لجهاتٍ محدّدةٍ ، يصرف لها لا لغيرها . وفيما يلي بيان بعض المصالح الّتي تصرف فيها أموال هذا البيت ممّا ورد في كلام الفقهاء ، لا على سبيل الحصر والاستقصاء ، فإنّ أبواب المصالح لا تنحصر ، وهي تختلف من عصرٍ إلى عصرٍ ، ومن بلدٍ إلى بلدٍ . 13 - ومن أهمّ المصالح الّتي تصرف فيها أموال هذا البيت ما يلي : أ - العطاء ، وهو نصيب من بيت مال المسلمين يعطى لكلّ مسلمٍ ، سواء أكان من أهل القتال أم لم يكن . وهذا أحد قولين للحنابلة قدّمه صاحب المغني ، وهو كذلك أحد قولين للشّافعيّة هو خلاف الأظهر عندهم . قال الإمام أحمد : في الفيء حقّ لكلّ المسلمين ، وهو بين الغنيّ والفقير . ومن الحجّة لهذا القول قول اللّه تعالى : { ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه وللرّسول ... } الآية . ثمّ قال : { للفقراء المهاجرين الّذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصّادقون } ثمّ قال : { والّذين تبوّءوا الدّار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم ... } ثمّ قال : { والّذين جاءوا من بعدهم ... } فاستوعب كلّ المسلمين . ولهذا قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه بعد أن قرأ الآيات من سورة الحشر : هذه - يعني الآية الأخيرة - استوعبت المسلمين عامّةً ، ولإن عشت ليأتينّ الرّاعي بسرو حمير نصيبه منها ، لم يعرق فيه جبينه . والقول الثّاني للحنابلة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة : أنّ أهل الفيء هم أهل الجهاد المرابطون في الثّغور ، وجند المسلمين ، ومن يقوم بمصالحهم - أي بالإضافة إلى أبواب المصالح الآتي بيانها . وأمّا الأعراب ونحوهم ممّن لا يعدّ نفسه للقتال في سبيل اللّه فلا حقّ لهم فيه ، ما لم يجاهدوا فعلاً . ومن الحجّة لهذا القول ما في صحيح مسلمٍ وغيره من حديث بريدة { أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أمّر أميراً على جيشٍ أو سريّةٍ أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه ... } إلى أن قال : { ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم ، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين . فإن أبوا أن يتحوّلوا منها ، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلاّ أن يجاهدوا مع المسلمين } . وقيل عند الشّافعيّة : إنّ الفيء كلّه يجب قسمه بين من له رزق في بيت المال في عامه ، ولا يبقى منه شيء ولا يوفّر شيء للمصالح ما عدا خمس الخمس ( أي الّذي للّه ورسوله ) والتّحقيق عندهم : إعطاء من لهم رزق في بيت المال كفايتهم ، وصرف ما يتبقّى من مال الفيء للمصالح . ب - الأسلحة والمعدّات والتّحصينات وتكاليف الجهاد والدّفاع عن أوطان المسلمين . ج - رواتب الموظّفين الّذين يحتاج إليهم المسلمون في أمورهم العامّة ، من القضاة والمحتسبين ، ومن ينفّذون الحدود ، والمفتين والأئمّة والمؤذّنين والمدرّسين ، ونحوهم من كلّ من فرّغ نفسه لمصلحة المسلمين ، فيستحقّ الكفاية من بيت المال له ولمن يعوله . ويختلف ذلك باختلاف الأعصار والبلدان لاختلاف الأحوال والأسعار . وليست هذه الرّواتب أجرةً للموظّفين من كلّ وجهٍ ، بل هي كالأجرة ، لأنّ القضاء ونحوه من الطّاعات لا يجوز أخذ الأجرة عليه أصلاً . ثمّ إن سمّي للموظّف مقدار معلوم استحقّه ، وإلاّ استحقّ ما يجري لأمثاله إن كان ممّن لا يعمل إلاّ بمرتّبٍ . وأرزاق هؤلاء ، وأرزاق الجند إن لم توجد في بيت المال ، تبقى ديناً عليه ، ووجب إنظاره ، كالدّيون مع الإعسار . بخلاف سائر المصالح فلا يجب القيام بها إلاّ مع القدرة ، وتسقط بعدمها . والرّاجح عند الحنفيّة : أنّ من مات من أهل العطاء ، كالقاضي والمفتي والمدرّس ونحوهم قبل انتهاء العام ، يعطى حصّته من العام ، أمّا من مات في آخره أو بعد تمامه فإنّه يجب الإعطاء إلى وارثه . د - القيام بشئون فقراء المسلمين من العجزة واللّقطاء والمساجين الفقراء ، الّذين ليس لهم ما ينفق عليهم منه ، ولا أقارب تلزمهم نفقتهم ، فيتحمّل بيت المال نفقاتهم وكسوتهم وما يصلحهم من دواءٍ وأجرة علاجٍ وتجهيز ميّتٍ ، وكذا دية جناية من لم يكن له عاقلة من المسلمين ، أو كان له عاقلة فعجزوا عن الكلّ أو البعض ، فإنّ بيت المال يتحمّل باقي الدّية ، ولا تعقل عن كافرٍ . ونبّه بعض الشّافعيّة إلى أنّ إقرار الجاني لا يقبل على بيت المال ، كما لا يقبل على العاقلة . هـ - الإنفاق على أهل الذّمّة من بيت المال : ليس لكافرٍ ذمّيٍّ أو غيره حقّ في بيت مال المسلمين . لكنّ الذّمّيّ إن احتاج لضعفه يعطى ما يسدّ جوعته . وفي كتاب الخراج لأبي يوسف أنّ ممّا أعطاه خالد بن الوليد رضي الله عنه في عهده لأهل الحيرة : أيّما شيخٍ ضعف عن العمل ، أو أصابته آفة من الآفات ، أو كان غنيّاً فافتقر ، وصار أهل دينه يتصدّقون عليه طرحت جزيته ، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام . ونقل مثل ذلك أبو عبيدٍ في كتاب الأموال . و - ومن مصارف بيت مال الفيء أيضاً : فكاك أسرى المسلمين من أيدي الكفّار ، ونقل أبو يوسف في كتاب الخراج قول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : كلّ أسيرٍ كان في أيدي المشركين من المسلمين ففكاكه من بيت مال المسلمين . وهناك وجه للشّافعيّة بأنّ فكاكه في ماله هو ( ر : أسرى ) . وشبيه بهذا ما قاله بعض الشّافعيّة أنّ مالك الدّوابّ - غير المأكولة - لو امتنع من علفها ، ولم يمكن إجباره لفقره مثلاً ينفق عليها من بيت المال مجّاناً ، وكذلك الدّابّة الموقوفة إن لم يمكن أخذ النّفقة من كسبها . ز - المصالح العامّة لبلدان المسلمين ، من إنشاء المساجد والطّرق والجسور والقناطر والأنهار والمدارس ونحو ذلك ، وإصلاح ما تلف منها . ح - ضمان ما يتلف بأخطاء أعضاء الإدارة الحكوميّة : من ذلك أخطاء وليّ الأمر والقاضي ونحوهم من سائر من يقوم بالأعمال العامّة ، إذا أخطئوا في عملهم الّذي كلّفوا به ، فتلف بذلك نفس أو عضو أو مال ، كدية من مات بالتّجاوز في التّعزير ، فحيث وجب ضمان ذلك يضمن بيت المال . فإن كان العمل المكلّف به لشأنٍ خاصٍّ للإمام أو غيره من المسئولين فالضّمان على عاقلته ، أو في ماله الخاصّ بحسب الأحوال . وذلك لأنّ أخطاءهم قد تكثر ، فلو حملوها هم أو عاقلتهم لأجحف بهم . هذا عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو الأصحّ عند الحنابلة ، والقول غير الأظهر للشّافعيّة . أمّا الأظهر للشّافعيّة ، ومقابل الأصحّ عند الحنابلة فهو أنّ الضّمان على عاقلته . أمّا ضمان العمد فيتحمّله فاعله اتّفاقاً . ط - تحمّل الحقوق الّتي أقرّها الشّرع لأصحابها ، واقتضت قواعد الشّرع أن لا يحملها أحد معيّن : ومن أمثلة ذلك ما لو قتل شخص في زحام طوافٍ أو مسجدٍ عامٍّ أو الطّريق الأعظم ، ولم يعرف قاتله ، فتكون ديته في بيت المال لقول عليٍّ رضي الله عنه : لا يبطل في الإسلام دم ، وقد { تحمّل النّبيّ صلى الله عليه وسلم دية عبد اللّه بن سهلٍ الأنصاريّ حين قتل في خيبر ، لمّا لم يعرف قاتله ، وأبى الأنصار أن يحلفوا القسامة ، ولم يقبلوا أيمان اليهود ، فوداه النّبيّ صلى الله عليه وسلم من عنده كراهية أن يبطل دمه } . ومن ذلك أيضاً أجرة تعريف اللّقطة ، فللقاضي أن يرتّب أجرة تعريفها من بيت المال ، على أن تكون قرضاً على صاحبها . أولويّات الصّرف من بيت المال : 14 - يرى المالكيّة والشّافعيّة أنّه يندب البدء بالصّرف لآل النّبيّ صلى الله عليه وسلم الّذين تحرم عليهم الصّدقة ، اقتداءً بفعل عمر رضي الله عنه ، إذ قدّم آل بيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ديوان العطاء . ثمّ بعد ذلك يجب البدء بمصالح أهل البلد الّذين جمع منهم المال ، كبناء مساجدهم وعمارة ثغورهم وأرزاق قضاتهم ومؤذّنيهم وقضاء ديونهم وديات جناياتهم ، ويعطون كفاية سنتهم . وإن كان غير فقراء البلد الّتي جبي فيها المال أكثر احتياجاً منهم ، فإنّ الإمام يصرف القليل لأهل البلد الّتي جبي فيها المال ، ثمّ ينقل الأكثر لغيرهم . ويرى الحنابلة أنّه إذا اجتمع على بيت المال حقّان ، ضاق عنهما واتّسع لأحدهما ، صرف فيما يصير منهما ديناً على بيت المال لو لم يؤدّ في وقته ، كأرزاق الجند وأثمان المعدّات والسّلاح ونحوهما ، دون ما يجب على وجه الإرفاق والمصلحة ، كالطّرق ونحوها . الفائض في بيت المال : 15 - لعلماء المسلمين فيما يفيض في بيت المال ، بعد أداء الحقوق الّتي عليه ، ثلاثة اتّجاهاتٍ : الأوّل - وهو مذهب الشّافعيّة : أنّه يجب تفريق الفائض وتوزيعه على من يعمّ به صلاح المسلمين ، ولا يدّخر ، لأنّ ما ينوب المسلمين يتعيّن فرضه عليهم إذا حدث . وفي المنهاج وشرحه من كتب الشّافعيّة : يوزّع الفائض على الرّجال البالغين ممّن لهم رزق في بيت المال ، لا على غيرهم ولا ذراريّهم . قال القليوبيّ : والغرض أن لا يبقى في بيت المال شيء . والثّاني - وهو مذهب الحنفيّة : أنّها تدّخر في بيت المال لما ينوب المسلمين من حادثٍ . والثّالث - التّفويض لرأي الإمام ، قال القليوبيّ من الشّافعيّة : قال المحقّقون : للإمام الادّخار . ونقل صاحب جواهر الإكليل عن المدوّنة : يبدأ في الفيء بفقراء المسلمين ، فما بقي يقسّم بين النّاس بالسّويّة ، إلاّ أن يرى الإمام حبسه لنوائب المسلمين . إذا عجز بيت المال عن أداء الحقوق : 16 - بيّن الماورديّ وأبو يعلى حالة عجز بيت المال عن أداء الحقوق فقالا ما حاصله : إنّ المستحقّ على بيت المال ضربان : الأوّل : ما كان بيت المال له مجرّد حرزٍ ، كالأخماس والزّكاة ، فاستحقاقه معتبر بالوجود ، فإن كان المال موجوداً فيه كان مصرفه مستحقّاً ، وعدمه مسقط لاستحقاقه . الثّاني : ما كان بيت المال له مستحقّاً ، وهو مال الفيء ونحوه ، ومصارفه نوعان : أوّلهما : ما كان مصرفه مستحقّاً على وجه البدل ، كرواتب الجنود ، وأثمان ما اشتري من السّلاح والمعدّات ، فاستحقاقه غير معتبرٍ بالوجود ، بل هو من الحقوق اللّازمة لبيت المال مع الوجود والعدم . فإن كان موجوداً يعجّل دفعه ، كالدّين على الموسر ، وإن كان معدوماً وجب فيه ، ولزم إنظاره ، كالدّين على المعسر . ثانيهما : أن يكون مصرفه مستحقّاً على وجه المصلحة والإرفاق دون البدل ، فاستحقاقه معتبر بالوجود دون العدم . فإن كان موجوداً وجب فيه ، إن كان معدوماً سقط وجوبه عن بيت المال . ثمّ يكون - إن عمّ ضرره - من فروض الكفاية على المسلمين ، حتّى يقوم به من فيه كفاية كالجهاد ، وإن كان ممّا لا يعمّ ضرره كوعورة طريقٍ قريبٍ يجد النّاس غيره طريقاً بعيداً ، أو انقطاع شربٍ يجد النّاس غيره شرباً . فإذا سقط وجوبه عن بيت المال بالعدم سقط وجوبه عن الكافّة ، لوجود البدل . ويلاحظ أنّه قد يكون العجز في بيت المال الفرعيّ ، أي في أحد الأقاليم التّابعة للإمام . فإذا قلّد الخليفة أميراً على إقليمٍ ، فإذا نقص مال الخراج عن أرزاق جيشه ، فإنّه يطالب الخليفة بتمامها من بيت المال . أمّا إن نقص مال الصّدقات عن كفاية مصارفها في عمله فلا يكون له مطالبة الخليفة بتمامها ، وذلك لأنّ أرزاق الجيش مقدّرة بالكفاية ، وحقوق أهل الصّدقات معتبرة بالوجود . تصرّفات الإمام في الدّيون على بيت المال : 17 - إذا ثبتت الدّيون على بيت المال ، ولم يكن فيه وفاء لها ، فللإمام أن يستقرض من أحد بيوت المال للبيت الآخر ، نصّ على ذلك الحنفيّة . وقالوا : وإذا حصل للخزانة الّتي استقرض لها مال يردّ إلى المستقرض منه ، إلاّ أن يكون المصروف من الصّدقات أو خمس الغنائم على أهل الخراج ، وهم فقراء ، فإنّه لا يردّ من ذلك شيئاً ، لاستحقاقهم الصّدقات بالفقر . وكذا غيره إذا صرف إلى المستحقّ . وللإمام أيضاً أن يستعير أو يقترض لبيت المال من الرّعيّة . { وقد استعار النّبيّ صلى الله عليه وسلم دروعاً للجهاد من صفوان بن أميّة } { واستسلف عليه الصلاة والسلام بعيراً وردّ مثله من إبل الصّدقة } ، وذلك اقتراض على خزانة الصّدقات من بيت المال . تنمية أموال بيت المال والتّصرّف فيها : 18 - بالإضافة إلى ما تقدّم من صلاحيات الإنفاق في بيت المال ، فإنّ للإمام التّصرّف في أموال بيت المال . والقاعدة في ذلك أنّ منزلة الإمام من أموال بيت المال منزلة الوليّ من مال اليتيم ، كما قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه : إنّي أنزلت نفسي من هذا المال منزلة وليّ اليتيم . فله فيه من التّصرّف ما لوليّ اليتيم في مال اليتيم . وليست هذه القاعدة على إطلاقها ، فلا يلزم التّشبيه من كلّ وجهٍ ، بدليل أنّ للإمام التّمليك من بيت المال والإقطاع منه . ومن الأمثلة الّتي تعرّض لها بعض الفقهاء ما يلي : أ - البيع : يجوز للإمام بيع شيءٍ من أموال بيت المال ، إذا رأى المصلحة في ذلك . أمّا شراؤه لنفسه شيئاً منها فقد جاء في الدّرّ المختار : لا يصحّ بيع الإمام ولا شراؤه من وكيل بيت المال لشيءٍ من أموال بيت المال ، لأنّه كوكيل اليتيم ، فلا يجوز ذلك منه إلاّ لضرورةٍ . زاد في البحر : أو رغب في العقار بضعف قيمته ، على قول المتأخّرين المفتى به . ب - الإجارة : أرض بيت المال تجري عليها أحكام الوقوف المؤبّدة . فتؤجّر كما يؤجّر الوقف . ج - المساقاة : تصحّ المساقاة من الإمام على بساتين بيت المال ، كما تصحّ من جائز التّصرّف لصبيٍّ تحت ولايته . د - الإعارة : اختلف قول الشّافعيّة في إعارة الإمام لشيءٍ من أموال بيت المال ، فأفتى الإسنويّ بجوازه ، بناءً على أنّه إذا جاز له التّمليك من بيت المال فالإعارة أولى . وقال الرّمليّ : لا يجوز للإمام مطلقاً إعارة أموال بيت المال ، كالوليّ في مال مولّيه . وقال القليوبيّ : ثمّ إن أخذ أحد شيئاً من بيت المال عاريّةً فهلك في يده فلا ضمان عليه ، إن كان له في بيت المال حقّ ، وتسميته عاريّةً مجاز . هـ - الإقراض : ذكر ابن الأثير أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أقرض هنداً بنت عتبة أربعة آلافٍ تتّجر فيها وتضمنها . وممّا يجري مجرى الإقراض الإنفاق بقصد الرّجوع ، ومن ذلك الإنفاق على البهيمة الضّائعة ونحوها ، حفظاً لها من التّلف . ثمّ يرجع بيت المال بالنّفقة على صاحب البهيمة ، وإن لم يعرف بيعت ، وأخذ من ثمنها حقّ بيت المال . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية