الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41101" data-attributes="member: 329"><p>بسم الله الرحمن الرحيم </p><p>الجزء التاسع / الموسوعة الفقهية</p><p></p><p>بيع * </p><p>التّعريف :</p><p>1 - البيع لغةً مصدر باع ، وهو : مبادلة مال بمال ، أو بعبارة أخرى في بعض الكتب : مقابلة شيء بشيء ، أو دفع عوض وأخذ ما عوّض عنه . </p><p>والبيع من الأضداد - كالشّراء - قد يطلق أحدهما ويراد به الآخر ، ويسمّى كلّ واحد من المتعاقدين : بائعاً ، أو بيعاً . لكن إذا أطلق البائع فالمتبادر إلى الذّهن في العرف أن يراد به باذل السّلعة ، وذكر الحطّاب أنّ لغة قريش استعمال ( باع ) إذا أخرج الشّيء من ملكه ( واشترى ) إذا أدخله في ملكه ، وهو أفصح ، وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريباً للفهم . ويتعدّى الفعل ( باع ) بنفسه إلى مفعولين فيقال : بعت فلاناً السّلعة ، ويكثر الاقتصار على أحدهما ، فتقول : بعت الدّار ، وقد يزاد مع الفعل للتّوكيد حرف مثل ( من ) أو ( اللام ) فيقال : بعت من فلان ، أو لفلان . </p><p>أمّا قولهم : باع على فلان كذا ، فهو فيما بيع من ماله بدون رضاه . </p><p>أمّا في اصطلاح الفقهاء ، فللبيع تعريفان : </p><p>أحدهما : للبيع بالمعنى الأعمّ ( وهو مطلق البيع ) .</p><p>والآخر : للبيع بالمعنى الأخصّ ( وهو البيع المطلق ) . </p><p>فالحنفيّة عرّفوا البيع بالمعنى الأعمّ بمثل تعريفه لغةً بقيد ( التّراضي ) . لكن قال ابن الهمام : إنّ التّراضي لا بدّ منه لغةً أيضاً ، فإنّه لا يفهم من ( باع زيد ثوبه ) إلاّ أنّه استبدل به بالتّراضي ، وأنّ الأخذ غصباً وإعطاء شيء آخر من غير تراض لا يقول فيه أهل اللّغة باعه واختار صاحب الدّرر من الحنفيّة التّقييد ب ( الاكتساب ) بدل ( التّراضي ) احترازاً من مقابلة الهبة بالهبة ، لأنّها مبادلة مال بمال ، لكن على طريق التّبرّع لا بقصد الاكتساب . وعرّفه المالكيّة بأنّه : عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذّة ، وذلك للاحتزاز عن مثل الإجارة والنّكاح ، وليشمل هبة الثّواب والصّرف والسّلم . </p><p>وعرّفه الشّافعيّة بأنّه : مقابلة مال بمال على وجه مخصوص . </p><p>وأورد القليوبيّ تعريفاً قال إنّه أولى ، ونصّه : عقد معاوضة ماليّة تفيد ملك عين أو منفعة على التّأبيد لا على وجه القربة . ثمّ قال : وخرج بالمعاوضة نحو الهديّة ، وبالماليّة نحو النّكاح ، وبإفادة ملك العين الإجارة ، وبالتّأبيد الإجارة أيضاً ، وبغير وجه القربة القرض . والمراد بالمنفعة بيع نحو حقّ الممرّ . </p><p>وعرّفه الحنابلة بأنّه : مبادلة مال - ولو في الذّمّة - أو منفعةً مباحةً ( كممرّ الدّار مثلاً ) بمثل أحدهما على التّأبيد غير رباً وقرض ، وعرّفه بعضهم بأنّه : مبادلة المال بالمال تمليكاً وتملّكاً . </p><p>أمّا البيع بالمعنى الأخصّ ، وهو البيع المطلق ، فقد ذكره الحنفيّة والمالكيّة ، وعرّفه المالكيّة بأنّه : عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذّة ذو مكايسة ، أحد عوضيه غير ذهب ولا فضّة ، معيّن غير العين فيه . </p><p>فتخرج هبة الثّواب بقولهم : ذو مكايسة ، والمكايسة : المغالبة ، ويخرج الصّرف والمراطلة بقولهم : أحد عوضيه غير ذهب ولا فضّة ، ويخرج السّلم بقولهم : معيّن . </p><p>ثمّ لاحظ الشّافعيّة أنّ التّعريف للبيع قد يراد به البيع وحده ، باعتباره أحد شقّي العقد ، فقالوا عنه إنّه : تمليك بعوض على وجه مخصوص ، ومن ثمّ عرّفوا الشّراء بأنّه : تملّك بعوض على وجه مخصوص . كما أورد الحطّاب تعريفاً شاملاً للبيع الصّحيح والفاسد بقوله : دفع عوض في معوّض ، لما يعتقده صاحب هذا التّعريف من أنّ البيع الفاسد لا ينقل الملك وإنّما ينقل شبهة الملك ، ثمّ أشار الحطّاب إلى أنّ العرب تسمّي الشّيء صحيحاً لمجرّد الاعتقاد بصحّته ، فالملك ينتقل على حكمهم في الجاهليّة وإن لم ينتقل على حكم الإسلام ، على أنّ المقصود من الحقائق الشّرعيّة إنّما هو معرفة الصّحيح .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الهبة ، والوصيّة :</p><p>2- الهبة : تمليك بلا عوض حال الحياة . والوصيّة : تمليك بلا عوض بعد الموت . </p><p>فهما يفترقان عن البيع في أنّ البيع تمليك بعوض .</p><p>ب - الإجارة :</p><p>3 - الإجارة : عقد على منفعة معلومة بعوض معلوم . فالإجارة محدّدة بالمدّة أو بالعمل ، خلافاً للبيع . والإجارة تمليك المنفعة ، أمّا البيع فهو تمليك للذّات في الجملة .</p><p>ج - الصّلح :</p><p>4 - الصّلح : عقد يقتضي قطع النّزاع والخصومة . </p><p>وعرّفه ابن عرفة بأنّه : انتقال عن حقّ أو دعوى بعوض لرفع نزاع ، أو خوف وقوعه . وإذا كانت المصالحة على أخذ البدل فالصّلح معاوضة ، ويعتبره الفقهاء بيعاً يشترط فيه شروط البيع . </p><p>يقول الفقهاء : الصّلح على أخذ شيء غير المدّعى به بيع لذات المدّعى به بالمأخوذ إن كان ذاتاً ، فيشترط فيه شروط البيع . وإن كان المأخوذ منافع فهو إجارة . </p><p>أمّا الصّلح على أخذ بعض المدّعى به وترك باقيه فهو هبة . </p><p>فالصّلح في بعض صوره يعتبر بيعاً .</p><p>د - القسمة :</p><p>5- عرّف الحنفيّة القسمة بأنّها : جمع نصيب شائع في معيّن ، وعرّفها ابن عرفة بأنّها : تصيير مشاع من مملوك مالكين معيّناً ولو باختصاص تصرّف فيه بقرعة أو تراض . </p><p>وهي عند الشّافعيّة والحنابلة : تمييز بعض الحصص وإفرازها . </p><p>واعتبرها بعض الفقهاء بيعاً . </p><p>يقول ابن قدامة : القسمة إفراز حقّ وتمييز أحد النّصيبين من الآخر ، وليست بيعاً ، وهذا أحد قولي الشّافعيّ . وقال في الآخر : هي بيع ، وحكي عن أبي عبد اللّه بن بطّة ، لأنّه يبدل نصيبه من أحد السّهمين بنصيب صاحبه من السّهم الآخر ، وهذا حقيقة البيع . </p><p>وعلى ذلك بعض المالكيّة . قال ابن عبد البرّ : القسمة بيع من البيوع . وهو قول مالك في المدوّنة . وإن كان في القسمة ردّ - وقسمة الرّدّ هي الّتي يستعان في تعديل أنصبائها بمال أجنبيّ - فهي بيع عند الشّافعيّة والحنابلة . </p><p>جاء في المهذّب : إن كان في القسمة ردّ فهي بيع ، لأنّ صاحب الرّدّ بذلك المال في مقابلة ما حصل له من حقّ شريكه عوضاً . ويقول ابن قدامة : إن كان في القسمة ردّ عوض فهي بيع ، لأنّ صاحب الرّدّ يبذل المال عوضاً عمّا حصل له من مال شريكه ، وهذا هو البيع . وهي عند الحنفيّة يغلب فيها معنى تمييز الحقوق في قسمة المثليّ . وفي قسمة القيميّ يغلب فيها معنى البيع .</p><p>الحكم التّكليفيّ :</p><p>6 - اتّفق الفقهاء على أنّ البيع مشروع على سبيل الجواز ، دلّ على جوازه الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول . </p><p>فمن الكتاب قوله تعالى : { وأحلَّ اللّه البيعَ } وقوله عزّ وجلّ : { لا تأكلوا أموالَكم بينكم بالباطلِ إلاّ أن تكونَ تجارةً عن تَرَاضٍ منكم } .</p><p>وأمّا السّنّة فمنها : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سُئل : أيّ الكسب أطيب ؟ فقال : عمل الرّجل بيده ، وكلّ بيع مَبرور » وكذلك فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإقراره أصحابه عليه . والإجماع قد استقرّ على جواز البيع . </p><p>أمّا المعقول : فلأنّ الحكمة تقتضيه ، لتعلّق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه ، ولا سبيل إلى المبادلة إلاّ بعوض غالباً ، ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة . </p><p>هذا هو الحكم الأصليّ للبيع ، ولكن قد تعتريه أحكام أخرى ، فيكون محظوراً إذا اشتمل على ما هو ممنوع بالنّصّ ، لأمر في الصّيغة ، أو العاقدين ، أو المعقود عليه . وكما يحرم الإقدام على مثل هذا البيع فإنّه لا يقع صحيحاً ، بل يكون باطلاً أو فاسداً على الخلاف المعروف بين الجمهور والحنفيّة ، ويجب فيه التّرادّ . على تفصيل يعرف في مصطلح ( بيع منهيّ عنه ) وفي أفراد البيوع المسمّاة المنهيّ عنها ، وفي مصطلحي ( البيع الباطل ، والبيع الفاسد ) . وقد يكون الحكم الكراهة ، وهو ما فيه نهي غير جازم ولا يجب فسخه ، ومثّل له الحطّاب من المالكيّة ببيع السّباع لا لأخذ جلودها . </p><p>وقد يعرض للبيع الوجوب ، كمن اضطرّ إلى شراء طعام أو شراب لحفظ المهجة . </p><p>كما قد يعرض له النّدب ، كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعةً لا ضرر عليه في بيعها فتندب إجابته ، لأنّ إبرار المقسم فيما ليس فيه ضرر مندوب .</p><p>7- وحكمة مشروعيّة البيع ظاهرة ، فهي الرّفق بالعباد والتّعاون على حصول معاشهم .</p><p>تقسيم البيع :</p><p>8 - للبيع تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة ، أهمّها تقسيمه باعتبار - المبيع - وباعتبار - الثّمن - من حيث طريقة تحديده ، ومن حيث كيفيّة أدائه .</p><p>وباعتبار الحكم الشّرعيّ التّكليفيّ أو الوضعيّ ( الأثر ) .</p><p>أوّلاً - تقسيم البيع باعتبار المبيع :</p><p>ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إلى أربعة أنواع :</p><p>البيع المطلق :</p><p>9 - وهو مبادلة العين بالدّين وهو أشهر الأنواع ، ويتيح للإنسان المبادلة بنقوده على كلّ ما يحتاج إليه من الأعيان ، وإليه ينصرف البيع عند الإطلاق فلا يحتاج كغيره إلى تقييد .</p><p>بيع السّلم :</p><p>10 - وهو مبادلة الدّين بالعين ، أو بيع شيء مؤجّل بثمن معجّل . </p><p>وتفصيله في مصطلح ( سلم ) .</p><p>بيع الصّرف :</p><p>11 - وهو مبادلة الأثمان . وتفصيله في مصطلح ( صرف ) . ويخصّ المالكيّة الصّرف بما كان نقداً بنقد مغاير وهو بالعدّ ، فإن كان بنقد من نوعه فهو ( مراطلةً ) وهو بالوزن .</p><p>بيع المقايضة :</p><p>12 - وهو مبادلة العين بالعين . وتفصيله في ( مقايضة ) .</p><p>ثانياً - تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثّمن :</p><p>ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثّمن إلى أربعة أنواع هي :</p><p>بيع المساومة :</p><p>13 - وهو البيع الّذي لا يظهر فيه البائع رأس ماله .</p><p>بيع المزايدة :</p><p>14 - بأن يعرض البائع سلعته في السّوق ويتزايد المشترون فيها ، فتباع لمن يدفع الثّمن الأكثر .</p><p>بيوع الأمانة :</p><p>15 - وهي الّتي يحدّد فيها الثّمن بمثل رأس المال ، أو أزيد ، أو أنقص . وسمّيت بيوع الأمانة ، لأنّه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهي ثلاثة أنواع :</p><p>أ - بيع المرابحة ، وهو البيع الّذي يحدّد فيه الثّمن بزيادة على رأس المال . وتفصيله في مصطلح ( مرابحة ) .</p><p>ب - بيع التّولية ، وهو البيع الّذي يحدّد فيه رأس المال نفسه ثمناً بلا ربح ولا خسارة . انظر مصطلح ( تولية ) .</p><p>ج - بيع الوضيعة ، أو الحطيطة ، أو النّقيصة : وهو بيع يحدّد فيه الثّمن بنقص عن رأس المال ، أي بخسارة ، وتفصيله في ( وضيعة ) . </p><p>وإذا كان البيع لجزء من المبيع فيسمّى بيع ( الإشراك ) ولا يخرج عن الأنواع المتقدّمة . وينظر تفصيله في مصطلح ( إشراك - تولية ) .</p><p>ثالثاً - تقسيم البيع باعتبار كيفيّة الثّمن :</p><p>16 - ينقسم البيع بهذا الاعتبار إلى :</p><p>أ - منجز الثّمن ، وهو ما لا يشترط فيه تأجيل الثّمن ، ويسمّى بيع النّقد ، أو البيع بالثّمن الحالّ .</p><p>ب - مؤجّل الثّمن ، وهو ما يشترط فيه تأجيل الثّمن ، وسيأتي تفصيل الكلام عن هذا النّوع في مباحث الثّمن .</p><p>ج - مؤجّل المثمّن ، وهو بيع السّلم ، وقد سبقت الإشارة إليه .</p><p>د - مؤجّل العوضين ، وهو بيع الدّين بالدّين وهو ممنوع في الجملة . </p><p>وتفصيله في مصطلح ( دين ، وبيع منهيّ عنه ) . </p><p>وقد أورد ابن رشد الحفيد تقسيمات للبيع بلغت تسعةً ، تبعاً لما تمّ عليه التّبادل وكيفيّة تحديد الثّمن ووجوب الخيار ، والحلول والنّسيئة في كلّ من المبيع والثّمن ، بما لا يخرج عمّا سبق . وهناك تقسيمات أخرى فرعيّة بحسب حضور المبيع وغيبته ، وبحسب رؤيته وعدمها ، وبحسب بتّ العقد أو التّخيير فيه .</p><p>17 - أمّا التّقسيم باعتبار الحكم الشّرعيّ فأنواعه كثيرة :</p><p> فمن ذلك البيع المنعقد ، ويقابله البيع الباطل . والبيع الصّحيح ويقابله البيع الفاسد . </p><p>والبيع النّافذ ، ويقابله البيع الموقوف . والبيع اللازم ، ويقابله البيع غير اللازم ( ويسمّى الجائز أو المخيّر ) وتفصيل ما يتّصل بهذه الأنواع ينظر في مصطلحاتها . </p><p>وتنظر البيوع المنهيّ عنها في مصطلح ( بيع منهيّ عنه ) . </p><p>وهناك بيوع مسمّاة بأسماء خاصّة ورد النّهي عنها كبيع النّجش ، وبيع المنابذة ، ونحوهما . وتنظر في مصطلحاتها . </p><p>وهناك أنواع أخرى روعي في تسميتها أحوال تقترن بالعقد ، وتؤثّر في الحكم ، كبيع المكره ، أو الهازل ، وبيع التّلجئة ، وبيع الفضوليّ ، وبيع الوفاء . ولها مصطلحاتها أيضاً . </p><p>كما أنّ ( الاستصناع ) يدرج في عداد البيوع ، مع الخلاف في أنّه بيع أو إجارة ، وينظر تفصيله في مصطلحه . وهذه البيوع المسمّاة حظيت من الفقهاء . ببحث مستقلّ عن البيع المطلق ، لكنّها تأتي تاليةً له . ومن هنا جاءت تسمية ( البيوع ) لأنّها يشملها مطلق البيع ، لكنّها لا تدخل في ( البيع المطلق ) كما سبق .</p><p>أركان البيع وشروطه :</p><p>18 - للفقهاء خلاف مشهور في تحديد الأركان في البيع وغيره من العقود ، هل هي الصّيغة ( الإيجاب أو القبول ) أو مجموع الصّيغة والعاقدين ( البائع والمشتري ) والمعقود عليه أو محلّ العقد ( المبيع والثّمن ) . </p><p>فالجمهور - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - يرون أنّ هذه كلّها أركان البيع ، لأنّ الرّكن عندهم : ما توقّف عليه وجود الشّيء وتصوّره عقلاً ، سواء أكان جزءاً من حقيقته أم لم يكن ، ووجود البيع يتوقّف على العاقدين والمعقود عليه ، وإن لم يكن هؤلاء جزءاً من حقيقته . ويرى الحنفيّة أنّ الرّكن في عقد البيع وغيره : هو الصّيغة فقط . أمّا العاقدان والمحلّ فممّا يستلزمه وجود الصّيغة لا من الأركان ، لأنّ ما عدا الصّيغة ليس جزءاً من حقيقة البيع ، وإن كان يتوقّف عليه وجوده . </p><p>واستحسن بعض الفقهاء المعاصرين تسمية مجموع الصّيغة والعاقدين والمحلّ ( مقوّمات العقد ) : للاتّفاق على عدم قيام العقد بدونها .</p><p>هذا ، ولكلّ من الصّيغة والعاقدين والمحلّ شروط لا يتحقّق الوجود الشّرعيّ لأيّ منها إلاّ بتوافرها ، وتختلف تلك الشّروط من حيث أثر وجودها أو فقدانها . </p><p>فمنها شروط الانعقاد ، ويترتّب على تخلّف أحدها بطلان العقد . </p><p>ومنها شروط الصّحّة ، ويترتّب على تخلّف شيء منها بطلان العقد ، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفيّة . </p><p>ومنها شروط النّفاذ ، ويترتّب على فقد أحدها اعتبار العقد موقوفاً . </p><p>ومنها شروط اللّزوم ، ويترتّب على تخلّفها أو تخلّف بعضها عدم لزوم العقد . </p><p>وهذا التّنويع للشّروط هو ما عليه الحنفيّة . وفي بعضه خلاف لغيرهم سيأتي بيانه .</p><p>الصّيغة وشروطها :</p><p>20 - الصّيغة - كما صرّح بذلك الحطّاب - هي الإيجاب والقبول . </p><p>ويصلح لهما كلّ قول يدلّ على الرّضا ، مثل قول البائع : بعتك أو أعطيتك ، أو ملّكتك بكذا . وقول المشتري : اشتريت أو تملّكت أو ابتعت أو قبلت ، وشبه ذلك . </p><p>والإيجاب عند الجمهور : ما يصدر من البائع دالاً على الرّضا ، والقبول : ما يصدر من المشتري كذلك . </p><p>وقال الحنفيّة : إنّ الإيجاب يطلق على ما يصدر أوّلاً من كلام أحد العاقدين ، سواء أكان هو البائع أم المشتري ، والقبول ما يصدر بعده . وللتّفصيل ينظر ( إيجاب ، وقبول ) . </p><p>وقد صرّح المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بأنّ تقدّم لفظ المشتري على لفظ البائع جائز لحصول المقصود . ولا تختلف شروط الصّيغة في البيع عن الصّيغة في غيره من العقود الماليّة ممّا خلاصته كون الصّيغة بالماضي ، أو بما يفيد إنشاء العقد في الحال كما يأتي ، وتوافق الإيجاب والقبول ، فلو خالف القبول الإيجاب لم ينعقد البيع . </p><p>وصرّح الحنفيّة أنّ القبول المخالف للإيجاب يكون إيجاباً جديداً . </p><p>ويشترط للصّيغة كذلك : اتّحاد المجلس ، وهو يجمع المتفرّقات فيه ، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكسه صحّ المتقدّم منهما ، ولم يلغ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفاً . ويشترط : عدم الهزل في الإيجاب أو القبول . </p><p>ويشترط لبقاء الإيجاب صالحاً : عدم رجوع الموجب ، وعدم وفاته قبل القبول ، وعدم هلاك المعقود عليه . </p><p>ويشترط ألاّ يطرأ قبل القبول تغيير على المعقود عليه بحيث يصير مسمًّى آخر غير المتعاقد عليه ، كتحوّل العصير خلّاً . وتفصيل ذلك في مصطلحي : ( عقد ) ( وصيغة ) .</p><p>وفيما يلي بعض التّطبيقات الهامة الخاصّة بصيغة البيع . فضلاً عمّا سبقت الإشارة إليه من شروط الصّيغة في العقود عامّةً .</p><p>21 - لا خلاف فيما إذا كان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل : بعتُ ، أو اشتريت . أو المضارع المراد به الحال بقرينة لفظيّة مثل : أبيعك الآن أو قرينة حاليّة . كما إذا جرى العرف على استعمال المضارع بمعنى الحال . </p><p>ولا ينعقد البيع إذا كان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام ، مثل : أتبعيني ؟ أو المضارع المراد به الاستقبال ، مثل : سأبيعك ، أو أبيعك غداً . </p><p>أمّا الأمر مثل : بعني ، فإذا أجابه الآخر بقوله : بعتك . كان هذا اللّفظ الثّاني إيجاباً ، واحتاج إلى قبول من الأوّل ( الآمر بالبيع ) . </p><p>وهذا عند الحنفيّة ، وفي رواية عند الحنابلة ، ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة . </p><p>أمّا عند المالكيّة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة ، وإحدى الرّوايتين عند الحنابلة : ينعقد البيع بقول المشتري : بعني ، وبقول البائع : بعتك ، للدّلالة على الرّضا ، ولا يحتاج إلى قبول من الأوّل . وقال الشّافعيّة : لو قال المشتري بلفظ الماضي أو المضارع : بعتني ، أو تبيعني ، فقال البائع : بعتك ، لم ينعقد البيع حتّى يقبل بعد ذلك . </p><p>وصرّح الحنفيّة بصحّة الإيجاب بلفظ الأمر أو المضارع ، إذا كان في العبارة إيجاب أو قبول ضمنيّ ، مثل : خذ هذه السّلعة بكذا ، فقال : أخذتها ، لأنّ ( خذ ) تتضمّن بعتك فخذ ، وكذلك قول البائع بعد إيجاب المشتري : يبارك اللّه لك في السّلعة ، لأنّه يتضمّن معنى قبلت البيع . ومثل ذلك عند المالكيّة والحنابلة . </p><p>ونحو هذا للشّافعيّة في مثل : أعتق عبدك عنّي بكذا ، لأنّه تضمّن : بعنيه وأعتقه عنّي .</p><p>22 - وتدلّ عبارات الفقهاء على أنّ العبرة بالدّلالة على المقصود ، سواء أكان ذلك بوضع اللّغة أم بجريان العرف ، قال الدّسوقيّ : ينعقد البيع بما يدلّ على الرّضا عرفاً ، سواء دلّ لغةً أو لا ، من قول أو كتابة أو إشارة منهما أو من أحدهما . </p><p>وفي كشّاف القناع : الصّيغة القوليّة غير منحصرة في لفظ بعينه كبعت واشتريت ، بل هي كلّ ما أدّى معنى البيع ، لأنّ الشّارع لم يخصّه بصيغة معيّنة ، فيتناول كلّ ما أدّى معناه .</p><p>23 - ويحصل التّوافق بين الإيجاب والقبول بأن يقبل المشتري كلّ المبيع بكلّ الثّمن . فلا توافق إنّ قبل بعض العين الّتي وقع عليها الإيجاب أو قبل عيناً غيرها ، وكذلك لا توافق إن قبل ببعض الثّمن الّذي وقع به الإيجاب أو بغيره ، إلاّ إن كان القبول إلى خير ممّا في الإيجاب ، كما لو باع شخص السّلعة بألف فقبلها المشتري بألف وخمسمائة ، أو اشترى شخص سلعةً بألف فقبل البائع بيعها بثمانمائة ، وهذه موافقة ضمنيّة ولكن لا تلزم الزّيادة ، إلاّ إن قبلها الطّرف الآخر . </p><p>أمّا الحطّ من الثّمن فجائز ولو بعد البيع . وكذلك لا توافق إن باعه سلعةً بألف فقبل نصفها بخمسمائة مثلاً ، إلاّ إن رضي البائع بعد هذا ، فيصير القبول إيجاباً ، ورضا البائع بعده قبول . وصرّح بعض الشّافعيّة بأنّه لو قال البائع : بعتك هذا بألف ونصفه بخمسمائة ، فقبل نصفه جاز ، ومنه يعرف حكم ما لو وجدت قرينة برضا البائع بتجزئة المبيع بالنّسبة للثّمن .</p><p>انعقاد البيع بالمعاطاة ،أو التّعاطي :</p><p>24 - المعاطاة هي : إعطاء كلّ من العاقدين لصاحبه ما يقع التّبادل عليه دون إيجاب ولا قبول ، أو بإيجاب دون قبول ، أو عكسه ، وهي من قبيل الدّلالة الحاليّة ، ويصحّ بها البيع في القليل والكثير عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة كالمتولّي والبغويّ ، خلافاً لغيرهم . وتفصيل ذلك والخلاف فيه يذكر في مصطلح : ( تعاطي ) .</p><p>انعقاد البيع بالكتابة والمراسلة :</p><p>25 - يصحّ التّعاقد بالكتابة بين حاضرين أو باللّفظ من حاضر والكتابة من الآخر . وكذلك ينعقد البيع إذا أوجب العاقد البيع بالكتابة إلى غائب بمثل عبارة : بعتك داري بكذا ، أو أرسل بذلك رسولاً فقبل المشتري بعد اطّلاعه على الإيجاب من الكتاب أو الرّسول . </p><p>واشترط الشّافعيّة الفور في القبول ، وقالوا : يمتدّ خيار المجلس للمكتوب إليه أو المرسل إليه ما دام في مجلس قبوله ، ولا يعتبر للكاتب مجلس ، ولو بعد قبول المكتوب إليه ، بل يمتدّ خياره ما دام خيار المكتوب إليه . كما قالوا : لا يشترط إرسال الكتاب أو الرّسول فوراً عقب الإجابة . </p><p>ولم يشترط غير الشّافعيّة الفور في القبول ، بل صرّح الحنابلة بأنّه لا يضرّ التّراخي هنا بين الإيجاب والقبول ، لأنّ التّراخي مع غيبة المشتري لا يدلّ على إعراضه عن الإيجاب .</p><p>انعقاد البيع بالإشارة من الأخرس وغيره :</p><p>26 - ينعقد البيع بالإشارة من الأخرس إذا كانت معروفةً ، ولو كان قادراً على الكتابة ، وهو المعتمد عند الحنفيّة ، لأنّ كلاً من الإشارة والكتابة حجّة . </p><p>أمّا الإشارة غير المفهومة فلا عبرة بها . ولا تقبل الإشارة من النّاطق عند الجمهور . </p><p>أمّا المالكيّة فعندهم ينعقد البيع بالإشارة المفهمة ولو مع القدرة على النّطق . </p><p>وأمّا من اعتقل لسانه ، وهو : من طرأ عليه الخرس ففيه خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح : ( اعتقال اللّسان ) .</p><p>شروط البيع :</p><p>27 - اختلفت طريقة الفقهاء في حصر شروط البيع ، فقد جعلها بعضهم شروطاً لصحّة البيع من حيث هو ، في حين اهتمّ آخرون بذكر شروط المبيع ، ثمّ إلحاق الثّمن في جميع شروط المبيع أو في بعضها ، حسب إمكان تصوّرها فيه . </p><p>ولا تباين بين معظم تلك الشّروط ، لتقارب المقصود بما عبّروا به عنها . </p><p>وهناك شروط انفرد بذكرها بعض المذاهب دون بعض . </p><p>ومع أنّ الحنفيّة يفرّقون بين شروط الانعقاد وشروط الصّحّة ، فإنّهم يعتبرون شروط الانعقاد شروطاً للصّحّة ، لأنّ ما لم ينعقد فهو غير صحيح ، ولا عكس . </p><p>وفيما يلي بيان تلك الشّروط على طريقة الجمهور ، مع الإشارة إلى ما اعتبره الحنفيّة منها شرط انعقاد . </p><p>شروط المبيع :</p><p>للمبيع شروط هي :</p><p>أن يكون المبيع موجوداً حين العقد .</p><p>28 - فلا يصحّ بيع المعدوم ، وذلك باتّفاق الفقهاء . وهذا شرط انعقاد عند الحنفيّة . </p><p>ومن أمثلة بيع المعدوم بيع الثّمرة قبل أن تخلق ، وبيع المضامين ( وهي ما سيوجد من ماء الفحل ) ، وبيع الملاقيح ( وهي ما في البطون من الأجنّة ) وذلك لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة » . ولما في ذلك من الغرر والجهالة . وللحديث : « نهى عن بيع الغرر » . </p><p>ولا خلاف في استثناء بيع السّلم ، فهو صحيح مع أنّه بيع المعدوم ، وذلك للنّصوص الواردة فيه ، ومنها : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ورخّص في السّلم » . </p><p>أن يكون مالاً :</p><p>29 - وعبّر المالكيّة والشّافعيّة عن هذا الشّرط بلفظ : النّفع أو الانتفاع ، ثمّ قالوا : ما لا نفع فيه ليس بمال فلا يقابل به ، أي لا تجوز المبادلة به . وهو شرط انعقاد عند الحنفيّة . والمال ما يميل إليه الطّبع ، ويجري فيه البذل والمنع ، فما ليس بمال ليس محلاً للمبادلة بعوض ، والعبرة بالماليّة في نظر الشّرع ، فالميتة والدّم المسفوح ليس بمال . </p><p>أن يكون مملوكاً لمن يلي العقد :</p><p>30 - وذلك إذا كان يبيع بالأصالة . واعتبر الحنفيّة هذا الشّرط من شروط الانعقاد ، وقسموه إلى شقّين : </p><p>الأوّل : أن يكون المبيع مملوكاً في نفسه ، فلا ينعقد بيع الكلأ مثلاً ، لأنّه من المباحات غير المملوكة ، ولو كانت الأرض مملوكةً له . </p><p>والثّاني : أن يكون المبيع ملك البائع فيما يبيعه لنفسه ، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً ، وإن ملكه بعد ، إلاّ السّلم ، والمغصوب بعد ضمانه ، والمبيع بالوكالة ، أو النّيابة الشّرعيّة ، كالوليّ والوصيّ والقيّم . </p><p>وقد استدلّ لعدم مشروعيّة بيع ما لا يملكه الإنسان بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه : </p><p>« لا تبع ما ليس عندك » وفي بيع الفضوليّ خلاف ينظر في مصطلح : ( بيع الفضوليّ ) . أن يكون مقدور التّسليم :</p><p>31 - وهو شرط انعقاد عند الحنفيّة ، فلا يصحّ بيع الجمل الشّارد ، ولا بيع الطّير في الهواء ، ولا السّمك في الماء ، « لنهي النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر » . </p><p>أن يكون معلوماً لكلّ من العاقدين :</p><p>32 - وهذا الشّرط عند الحنفيّة شرط صحّة ، لا شرط انعقاد ، فإذا تخلّف لم يبطل العقد ، بل يصير فاسداً . ويحصل العلم بكلّ ما يميّز المبيع عن غيره ، ويمنع المنازعة ، فبيع المجهول جهالةً تفضي إلى المنازعة غير صحيح كبيع شاة من القطيع . </p><p>هذا وقد زاد المالكيّة والشّافعيّة في شروط المبيع : اشتراط طهارة عينه . </p><p>كما ذكر المالكيّة شرطين آخرين هما : أن لا يكون البيع من البيوع المنهيّ عنها ، </p><p>وأن لا يكون البيع محرّماً . وهذه الشّروط تندرج فيما سبق من شروط . </p><p>وينظر تفصيل محترزات هذه الشّروط وما يترتّب على تخلّف كلّ منها في مصطلح : ( بيع منهيّ عنه ) وانظر أيضاً البيوع الملقّبة ، كلاً في موضعه .</p><p>المبيع وأحكامه وأحواله</p><p>أوّلاً : تعيين المبيع</p><p>33 - لا بدّ لمعرفة المبيع من أن يكون معلوماً بالنّسبة للمشتري بالجنس والنّوع والمقدار ، فالجنس كالقمح مثلاً ، والنّوع كأن يكون من إنتاج بلد معروف ، والمقدار بالكيل أو الوزن أو نحوهما . وتعيين المبيع أمر زائد عن المعرفة به ، لأنّه يكون بتمييزه عن سواه بعد معرفة ذاته ومقداره ، وهذا التّمييز إمّا أن يحصل في العقد نفسه بالإشارة إليه ، وهو حاضر في المجلس ، فيتعيّن حينئذ ، وليس للبائع أن يعطي المشتري سواه من جنسه إلاّ برضاه . والإشارة أبلغ طرق التّعريف . وإمّا أن لا يعيّن المبيع في العقد ، بأن كان غائباً موصوفاً ، أو قدراً من صبرة حاضرة في المجلس ، وحينئذ لا يتعيّن إلاّ بالتّسليم . </p><p>وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة . </p><p>وفي الأظهر عند الشّافعيّة : أنّه لا يصحّ بيع الغائب . </p><p>ومن المبيع غير المتعيّن بيع حصّة على الشّيوع . سواء أكانت من عقار أو منقول ، وسواء أكان المشاع قابلاً للقسمة أو غير قابل لها ، فإنّ المبيع على الشّيوع لا يتعيّن إلاّ بالقسمة والتّسليم . وممّا يتّصل بالتّعيين للمبيع : بيع شيء واحد من عدّة أشياء ، على أن يكون للمشتري خيار التّعيين ، أي تعيين ما يشتريه منها ، ويمكنه بذلك أن يختار ما هو أنسب له منها . وهذا عند من يقول بخيار التّعيين . وفي جواز هذا البيع وشروطه وما يترتّب على هذا الخيار تفصيلات تنظر في مصطلح : ( خيار التّعيين ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41101, member: 329"] بسم الله الرحمن الرحيم الجزء التاسع / الموسوعة الفقهية بيع * التّعريف : 1 - البيع لغةً مصدر باع ، وهو : مبادلة مال بمال ، أو بعبارة أخرى في بعض الكتب : مقابلة شيء بشيء ، أو دفع عوض وأخذ ما عوّض عنه . والبيع من الأضداد - كالشّراء - قد يطلق أحدهما ويراد به الآخر ، ويسمّى كلّ واحد من المتعاقدين : بائعاً ، أو بيعاً . لكن إذا أطلق البائع فالمتبادر إلى الذّهن في العرف أن يراد به باذل السّلعة ، وذكر الحطّاب أنّ لغة قريش استعمال ( باع ) إذا أخرج الشّيء من ملكه ( واشترى ) إذا أدخله في ملكه ، وهو أفصح ، وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريباً للفهم . ويتعدّى الفعل ( باع ) بنفسه إلى مفعولين فيقال : بعت فلاناً السّلعة ، ويكثر الاقتصار على أحدهما ، فتقول : بعت الدّار ، وقد يزاد مع الفعل للتّوكيد حرف مثل ( من ) أو ( اللام ) فيقال : بعت من فلان ، أو لفلان . أمّا قولهم : باع على فلان كذا ، فهو فيما بيع من ماله بدون رضاه . أمّا في اصطلاح الفقهاء ، فللبيع تعريفان : أحدهما : للبيع بالمعنى الأعمّ ( وهو مطلق البيع ) . والآخر : للبيع بالمعنى الأخصّ ( وهو البيع المطلق ) . فالحنفيّة عرّفوا البيع بالمعنى الأعمّ بمثل تعريفه لغةً بقيد ( التّراضي ) . لكن قال ابن الهمام : إنّ التّراضي لا بدّ منه لغةً أيضاً ، فإنّه لا يفهم من ( باع زيد ثوبه ) إلاّ أنّه استبدل به بالتّراضي ، وأنّ الأخذ غصباً وإعطاء شيء آخر من غير تراض لا يقول فيه أهل اللّغة باعه واختار صاحب الدّرر من الحنفيّة التّقييد ب ( الاكتساب ) بدل ( التّراضي ) احترازاً من مقابلة الهبة بالهبة ، لأنّها مبادلة مال بمال ، لكن على طريق التّبرّع لا بقصد الاكتساب . وعرّفه المالكيّة بأنّه : عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذّة ، وذلك للاحتزاز عن مثل الإجارة والنّكاح ، وليشمل هبة الثّواب والصّرف والسّلم . وعرّفه الشّافعيّة بأنّه : مقابلة مال بمال على وجه مخصوص . وأورد القليوبيّ تعريفاً قال إنّه أولى ، ونصّه : عقد معاوضة ماليّة تفيد ملك عين أو منفعة على التّأبيد لا على وجه القربة . ثمّ قال : وخرج بالمعاوضة نحو الهديّة ، وبالماليّة نحو النّكاح ، وبإفادة ملك العين الإجارة ، وبالتّأبيد الإجارة أيضاً ، وبغير وجه القربة القرض . والمراد بالمنفعة بيع نحو حقّ الممرّ . وعرّفه الحنابلة بأنّه : مبادلة مال - ولو في الذّمّة - أو منفعةً مباحةً ( كممرّ الدّار مثلاً ) بمثل أحدهما على التّأبيد غير رباً وقرض ، وعرّفه بعضهم بأنّه : مبادلة المال بالمال تمليكاً وتملّكاً . أمّا البيع بالمعنى الأخصّ ، وهو البيع المطلق ، فقد ذكره الحنفيّة والمالكيّة ، وعرّفه المالكيّة بأنّه : عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذّة ذو مكايسة ، أحد عوضيه غير ذهب ولا فضّة ، معيّن غير العين فيه . فتخرج هبة الثّواب بقولهم : ذو مكايسة ، والمكايسة : المغالبة ، ويخرج الصّرف والمراطلة بقولهم : أحد عوضيه غير ذهب ولا فضّة ، ويخرج السّلم بقولهم : معيّن . ثمّ لاحظ الشّافعيّة أنّ التّعريف للبيع قد يراد به البيع وحده ، باعتباره أحد شقّي العقد ، فقالوا عنه إنّه : تمليك بعوض على وجه مخصوص ، ومن ثمّ عرّفوا الشّراء بأنّه : تملّك بعوض على وجه مخصوص . كما أورد الحطّاب تعريفاً شاملاً للبيع الصّحيح والفاسد بقوله : دفع عوض في معوّض ، لما يعتقده صاحب هذا التّعريف من أنّ البيع الفاسد لا ينقل الملك وإنّما ينقل شبهة الملك ، ثمّ أشار الحطّاب إلى أنّ العرب تسمّي الشّيء صحيحاً لمجرّد الاعتقاد بصحّته ، فالملك ينتقل على حكمهم في الجاهليّة وإن لم ينتقل على حكم الإسلام ، على أنّ المقصود من الحقائق الشّرعيّة إنّما هو معرفة الصّحيح . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الهبة ، والوصيّة : 2- الهبة : تمليك بلا عوض حال الحياة . والوصيّة : تمليك بلا عوض بعد الموت . فهما يفترقان عن البيع في أنّ البيع تمليك بعوض . ب - الإجارة : 3 - الإجارة : عقد على منفعة معلومة بعوض معلوم . فالإجارة محدّدة بالمدّة أو بالعمل ، خلافاً للبيع . والإجارة تمليك المنفعة ، أمّا البيع فهو تمليك للذّات في الجملة . ج - الصّلح : 4 - الصّلح : عقد يقتضي قطع النّزاع والخصومة . وعرّفه ابن عرفة بأنّه : انتقال عن حقّ أو دعوى بعوض لرفع نزاع ، أو خوف وقوعه . وإذا كانت المصالحة على أخذ البدل فالصّلح معاوضة ، ويعتبره الفقهاء بيعاً يشترط فيه شروط البيع . يقول الفقهاء : الصّلح على أخذ شيء غير المدّعى به بيع لذات المدّعى به بالمأخوذ إن كان ذاتاً ، فيشترط فيه شروط البيع . وإن كان المأخوذ منافع فهو إجارة . أمّا الصّلح على أخذ بعض المدّعى به وترك باقيه فهو هبة . فالصّلح في بعض صوره يعتبر بيعاً . د - القسمة : 5- عرّف الحنفيّة القسمة بأنّها : جمع نصيب شائع في معيّن ، وعرّفها ابن عرفة بأنّها : تصيير مشاع من مملوك مالكين معيّناً ولو باختصاص تصرّف فيه بقرعة أو تراض . وهي عند الشّافعيّة والحنابلة : تمييز بعض الحصص وإفرازها . واعتبرها بعض الفقهاء بيعاً . يقول ابن قدامة : القسمة إفراز حقّ وتمييز أحد النّصيبين من الآخر ، وليست بيعاً ، وهذا أحد قولي الشّافعيّ . وقال في الآخر : هي بيع ، وحكي عن أبي عبد اللّه بن بطّة ، لأنّه يبدل نصيبه من أحد السّهمين بنصيب صاحبه من السّهم الآخر ، وهذا حقيقة البيع . وعلى ذلك بعض المالكيّة . قال ابن عبد البرّ : القسمة بيع من البيوع . وهو قول مالك في المدوّنة . وإن كان في القسمة ردّ - وقسمة الرّدّ هي الّتي يستعان في تعديل أنصبائها بمال أجنبيّ - فهي بيع عند الشّافعيّة والحنابلة . جاء في المهذّب : إن كان في القسمة ردّ فهي بيع ، لأنّ صاحب الرّدّ بذلك المال في مقابلة ما حصل له من حقّ شريكه عوضاً . ويقول ابن قدامة : إن كان في القسمة ردّ عوض فهي بيع ، لأنّ صاحب الرّدّ يبذل المال عوضاً عمّا حصل له من مال شريكه ، وهذا هو البيع . وهي عند الحنفيّة يغلب فيها معنى تمييز الحقوق في قسمة المثليّ . وفي قسمة القيميّ يغلب فيها معنى البيع . الحكم التّكليفيّ : 6 - اتّفق الفقهاء على أنّ البيع مشروع على سبيل الجواز ، دلّ على جوازه الكتاب والسّنّة والإجماع والمعقول . فمن الكتاب قوله تعالى : { وأحلَّ اللّه البيعَ } وقوله عزّ وجلّ : { لا تأكلوا أموالَكم بينكم بالباطلِ إلاّ أن تكونَ تجارةً عن تَرَاضٍ منكم } . وأمّا السّنّة فمنها : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سُئل : أيّ الكسب أطيب ؟ فقال : عمل الرّجل بيده ، وكلّ بيع مَبرور » وكذلك فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإقراره أصحابه عليه . والإجماع قد استقرّ على جواز البيع . أمّا المعقول : فلأنّ الحكمة تقتضيه ، لتعلّق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه ، ولا سبيل إلى المبادلة إلاّ بعوض غالباً ، ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة . هذا هو الحكم الأصليّ للبيع ، ولكن قد تعتريه أحكام أخرى ، فيكون محظوراً إذا اشتمل على ما هو ممنوع بالنّصّ ، لأمر في الصّيغة ، أو العاقدين ، أو المعقود عليه . وكما يحرم الإقدام على مثل هذا البيع فإنّه لا يقع صحيحاً ، بل يكون باطلاً أو فاسداً على الخلاف المعروف بين الجمهور والحنفيّة ، ويجب فيه التّرادّ . على تفصيل يعرف في مصطلح ( بيع منهيّ عنه ) وفي أفراد البيوع المسمّاة المنهيّ عنها ، وفي مصطلحي ( البيع الباطل ، والبيع الفاسد ) . وقد يكون الحكم الكراهة ، وهو ما فيه نهي غير جازم ولا يجب فسخه ، ومثّل له الحطّاب من المالكيّة ببيع السّباع لا لأخذ جلودها . وقد يعرض للبيع الوجوب ، كمن اضطرّ إلى شراء طعام أو شراب لحفظ المهجة . كما قد يعرض له النّدب ، كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعةً لا ضرر عليه في بيعها فتندب إجابته ، لأنّ إبرار المقسم فيما ليس فيه ضرر مندوب . 7- وحكمة مشروعيّة البيع ظاهرة ، فهي الرّفق بالعباد والتّعاون على حصول معاشهم . تقسيم البيع : 8 - للبيع تقسيمات عديدة باعتبارات مختلفة ، أهمّها تقسيمه باعتبار - المبيع - وباعتبار - الثّمن - من حيث طريقة تحديده ، ومن حيث كيفيّة أدائه . وباعتبار الحكم الشّرعيّ التّكليفيّ أو الوضعيّ ( الأثر ) . أوّلاً - تقسيم البيع باعتبار المبيع : ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إلى أربعة أنواع : البيع المطلق : 9 - وهو مبادلة العين بالدّين وهو أشهر الأنواع ، ويتيح للإنسان المبادلة بنقوده على كلّ ما يحتاج إليه من الأعيان ، وإليه ينصرف البيع عند الإطلاق فلا يحتاج كغيره إلى تقييد . بيع السّلم : 10 - وهو مبادلة الدّين بالعين ، أو بيع شيء مؤجّل بثمن معجّل . وتفصيله في مصطلح ( سلم ) . بيع الصّرف : 11 - وهو مبادلة الأثمان . وتفصيله في مصطلح ( صرف ) . ويخصّ المالكيّة الصّرف بما كان نقداً بنقد مغاير وهو بالعدّ ، فإن كان بنقد من نوعه فهو ( مراطلةً ) وهو بالوزن . بيع المقايضة : 12 - وهو مبادلة العين بالعين . وتفصيله في ( مقايضة ) . ثانياً - تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثّمن : ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثّمن إلى أربعة أنواع هي : بيع المساومة : 13 - وهو البيع الّذي لا يظهر فيه البائع رأس ماله . بيع المزايدة : 14 - بأن يعرض البائع سلعته في السّوق ويتزايد المشترون فيها ، فتباع لمن يدفع الثّمن الأكثر . بيوع الأمانة : 15 - وهي الّتي يحدّد فيها الثّمن بمثل رأس المال ، أو أزيد ، أو أنقص . وسمّيت بيوع الأمانة ، لأنّه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهي ثلاثة أنواع : أ - بيع المرابحة ، وهو البيع الّذي يحدّد فيه الثّمن بزيادة على رأس المال . وتفصيله في مصطلح ( مرابحة ) . ب - بيع التّولية ، وهو البيع الّذي يحدّد فيه رأس المال نفسه ثمناً بلا ربح ولا خسارة . انظر مصطلح ( تولية ) . ج - بيع الوضيعة ، أو الحطيطة ، أو النّقيصة : وهو بيع يحدّد فيه الثّمن بنقص عن رأس المال ، أي بخسارة ، وتفصيله في ( وضيعة ) . وإذا كان البيع لجزء من المبيع فيسمّى بيع ( الإشراك ) ولا يخرج عن الأنواع المتقدّمة . وينظر تفصيله في مصطلح ( إشراك - تولية ) . ثالثاً - تقسيم البيع باعتبار كيفيّة الثّمن : 16 - ينقسم البيع بهذا الاعتبار إلى : أ - منجز الثّمن ، وهو ما لا يشترط فيه تأجيل الثّمن ، ويسمّى بيع النّقد ، أو البيع بالثّمن الحالّ . ب - مؤجّل الثّمن ، وهو ما يشترط فيه تأجيل الثّمن ، وسيأتي تفصيل الكلام عن هذا النّوع في مباحث الثّمن . ج - مؤجّل المثمّن ، وهو بيع السّلم ، وقد سبقت الإشارة إليه . د - مؤجّل العوضين ، وهو بيع الدّين بالدّين وهو ممنوع في الجملة . وتفصيله في مصطلح ( دين ، وبيع منهيّ عنه ) . وقد أورد ابن رشد الحفيد تقسيمات للبيع بلغت تسعةً ، تبعاً لما تمّ عليه التّبادل وكيفيّة تحديد الثّمن ووجوب الخيار ، والحلول والنّسيئة في كلّ من المبيع والثّمن ، بما لا يخرج عمّا سبق . وهناك تقسيمات أخرى فرعيّة بحسب حضور المبيع وغيبته ، وبحسب رؤيته وعدمها ، وبحسب بتّ العقد أو التّخيير فيه . 17 - أمّا التّقسيم باعتبار الحكم الشّرعيّ فأنواعه كثيرة : فمن ذلك البيع المنعقد ، ويقابله البيع الباطل . والبيع الصّحيح ويقابله البيع الفاسد . والبيع النّافذ ، ويقابله البيع الموقوف . والبيع اللازم ، ويقابله البيع غير اللازم ( ويسمّى الجائز أو المخيّر ) وتفصيل ما يتّصل بهذه الأنواع ينظر في مصطلحاتها . وتنظر البيوع المنهيّ عنها في مصطلح ( بيع منهيّ عنه ) . وهناك بيوع مسمّاة بأسماء خاصّة ورد النّهي عنها كبيع النّجش ، وبيع المنابذة ، ونحوهما . وتنظر في مصطلحاتها . وهناك أنواع أخرى روعي في تسميتها أحوال تقترن بالعقد ، وتؤثّر في الحكم ، كبيع المكره ، أو الهازل ، وبيع التّلجئة ، وبيع الفضوليّ ، وبيع الوفاء . ولها مصطلحاتها أيضاً . كما أنّ ( الاستصناع ) يدرج في عداد البيوع ، مع الخلاف في أنّه بيع أو إجارة ، وينظر تفصيله في مصطلحه . وهذه البيوع المسمّاة حظيت من الفقهاء . ببحث مستقلّ عن البيع المطلق ، لكنّها تأتي تاليةً له . ومن هنا جاءت تسمية ( البيوع ) لأنّها يشملها مطلق البيع ، لكنّها لا تدخل في ( البيع المطلق ) كما سبق . أركان البيع وشروطه : 18 - للفقهاء خلاف مشهور في تحديد الأركان في البيع وغيره من العقود ، هل هي الصّيغة ( الإيجاب أو القبول ) أو مجموع الصّيغة والعاقدين ( البائع والمشتري ) والمعقود عليه أو محلّ العقد ( المبيع والثّمن ) . فالجمهور - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - يرون أنّ هذه كلّها أركان البيع ، لأنّ الرّكن عندهم : ما توقّف عليه وجود الشّيء وتصوّره عقلاً ، سواء أكان جزءاً من حقيقته أم لم يكن ، ووجود البيع يتوقّف على العاقدين والمعقود عليه ، وإن لم يكن هؤلاء جزءاً من حقيقته . ويرى الحنفيّة أنّ الرّكن في عقد البيع وغيره : هو الصّيغة فقط . أمّا العاقدان والمحلّ فممّا يستلزمه وجود الصّيغة لا من الأركان ، لأنّ ما عدا الصّيغة ليس جزءاً من حقيقة البيع ، وإن كان يتوقّف عليه وجوده . واستحسن بعض الفقهاء المعاصرين تسمية مجموع الصّيغة والعاقدين والمحلّ ( مقوّمات العقد ) : للاتّفاق على عدم قيام العقد بدونها . هذا ، ولكلّ من الصّيغة والعاقدين والمحلّ شروط لا يتحقّق الوجود الشّرعيّ لأيّ منها إلاّ بتوافرها ، وتختلف تلك الشّروط من حيث أثر وجودها أو فقدانها . فمنها شروط الانعقاد ، ويترتّب على تخلّف أحدها بطلان العقد . ومنها شروط الصّحّة ، ويترتّب على تخلّف شيء منها بطلان العقد ، أو فساده على الخلاف بين الجمهور والحنفيّة . ومنها شروط النّفاذ ، ويترتّب على فقد أحدها اعتبار العقد موقوفاً . ومنها شروط اللّزوم ، ويترتّب على تخلّفها أو تخلّف بعضها عدم لزوم العقد . وهذا التّنويع للشّروط هو ما عليه الحنفيّة . وفي بعضه خلاف لغيرهم سيأتي بيانه . الصّيغة وشروطها : 20 - الصّيغة - كما صرّح بذلك الحطّاب - هي الإيجاب والقبول . ويصلح لهما كلّ قول يدلّ على الرّضا ، مثل قول البائع : بعتك أو أعطيتك ، أو ملّكتك بكذا . وقول المشتري : اشتريت أو تملّكت أو ابتعت أو قبلت ، وشبه ذلك . والإيجاب عند الجمهور : ما يصدر من البائع دالاً على الرّضا ، والقبول : ما يصدر من المشتري كذلك . وقال الحنفيّة : إنّ الإيجاب يطلق على ما يصدر أوّلاً من كلام أحد العاقدين ، سواء أكان هو البائع أم المشتري ، والقبول ما يصدر بعده . وللتّفصيل ينظر ( إيجاب ، وقبول ) . وقد صرّح المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بأنّ تقدّم لفظ المشتري على لفظ البائع جائز لحصول المقصود . ولا تختلف شروط الصّيغة في البيع عن الصّيغة في غيره من العقود الماليّة ممّا خلاصته كون الصّيغة بالماضي ، أو بما يفيد إنشاء العقد في الحال كما يأتي ، وتوافق الإيجاب والقبول ، فلو خالف القبول الإيجاب لم ينعقد البيع . وصرّح الحنفيّة أنّ القبول المخالف للإيجاب يكون إيجاباً جديداً . ويشترط للصّيغة كذلك : اتّحاد المجلس ، وهو يجمع المتفرّقات فيه ، فلو تراخى القبول عن الإيجاب أو عكسه صحّ المتقدّم منهما ، ولم يلغ ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفاً . ويشترط : عدم الهزل في الإيجاب أو القبول . ويشترط لبقاء الإيجاب صالحاً : عدم رجوع الموجب ، وعدم وفاته قبل القبول ، وعدم هلاك المعقود عليه . ويشترط ألاّ يطرأ قبل القبول تغيير على المعقود عليه بحيث يصير مسمًّى آخر غير المتعاقد عليه ، كتحوّل العصير خلّاً . وتفصيل ذلك في مصطلحي : ( عقد ) ( وصيغة ) . وفيما يلي بعض التّطبيقات الهامة الخاصّة بصيغة البيع . فضلاً عمّا سبقت الإشارة إليه من شروط الصّيغة في العقود عامّةً . 21 - لا خلاف فيما إذا كان الإيجاب والقبول بصيغة الماضي مثل : بعتُ ، أو اشتريت . أو المضارع المراد به الحال بقرينة لفظيّة مثل : أبيعك الآن أو قرينة حاليّة . كما إذا جرى العرف على استعمال المضارع بمعنى الحال . ولا ينعقد البيع إذا كان الإيجاب أو القبول بصيغة الاستفهام ، مثل : أتبعيني ؟ أو المضارع المراد به الاستقبال ، مثل : سأبيعك ، أو أبيعك غداً . أمّا الأمر مثل : بعني ، فإذا أجابه الآخر بقوله : بعتك . كان هذا اللّفظ الثّاني إيجاباً ، واحتاج إلى قبول من الأوّل ( الآمر بالبيع ) . وهذا عند الحنفيّة ، وفي رواية عند الحنابلة ، ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة . أمّا عند المالكيّة ، وهو الأظهر عند الشّافعيّة ، وإحدى الرّوايتين عند الحنابلة : ينعقد البيع بقول المشتري : بعني ، وبقول البائع : بعتك ، للدّلالة على الرّضا ، ولا يحتاج إلى قبول من الأوّل . وقال الشّافعيّة : لو قال المشتري بلفظ الماضي أو المضارع : بعتني ، أو تبيعني ، فقال البائع : بعتك ، لم ينعقد البيع حتّى يقبل بعد ذلك . وصرّح الحنفيّة بصحّة الإيجاب بلفظ الأمر أو المضارع ، إذا كان في العبارة إيجاب أو قبول ضمنيّ ، مثل : خذ هذه السّلعة بكذا ، فقال : أخذتها ، لأنّ ( خذ ) تتضمّن بعتك فخذ ، وكذلك قول البائع بعد إيجاب المشتري : يبارك اللّه لك في السّلعة ، لأنّه يتضمّن معنى قبلت البيع . ومثل ذلك عند المالكيّة والحنابلة . ونحو هذا للشّافعيّة في مثل : أعتق عبدك عنّي بكذا ، لأنّه تضمّن : بعنيه وأعتقه عنّي . 22 - وتدلّ عبارات الفقهاء على أنّ العبرة بالدّلالة على المقصود ، سواء أكان ذلك بوضع اللّغة أم بجريان العرف ، قال الدّسوقيّ : ينعقد البيع بما يدلّ على الرّضا عرفاً ، سواء دلّ لغةً أو لا ، من قول أو كتابة أو إشارة منهما أو من أحدهما . وفي كشّاف القناع : الصّيغة القوليّة غير منحصرة في لفظ بعينه كبعت واشتريت ، بل هي كلّ ما أدّى معنى البيع ، لأنّ الشّارع لم يخصّه بصيغة معيّنة ، فيتناول كلّ ما أدّى معناه . 23 - ويحصل التّوافق بين الإيجاب والقبول بأن يقبل المشتري كلّ المبيع بكلّ الثّمن . فلا توافق إنّ قبل بعض العين الّتي وقع عليها الإيجاب أو قبل عيناً غيرها ، وكذلك لا توافق إن قبل ببعض الثّمن الّذي وقع به الإيجاب أو بغيره ، إلاّ إن كان القبول إلى خير ممّا في الإيجاب ، كما لو باع شخص السّلعة بألف فقبلها المشتري بألف وخمسمائة ، أو اشترى شخص سلعةً بألف فقبل البائع بيعها بثمانمائة ، وهذه موافقة ضمنيّة ولكن لا تلزم الزّيادة ، إلاّ إن قبلها الطّرف الآخر . أمّا الحطّ من الثّمن فجائز ولو بعد البيع . وكذلك لا توافق إن باعه سلعةً بألف فقبل نصفها بخمسمائة مثلاً ، إلاّ إن رضي البائع بعد هذا ، فيصير القبول إيجاباً ، ورضا البائع بعده قبول . وصرّح بعض الشّافعيّة بأنّه لو قال البائع : بعتك هذا بألف ونصفه بخمسمائة ، فقبل نصفه جاز ، ومنه يعرف حكم ما لو وجدت قرينة برضا البائع بتجزئة المبيع بالنّسبة للثّمن . انعقاد البيع بالمعاطاة ،أو التّعاطي : 24 - المعاطاة هي : إعطاء كلّ من العاقدين لصاحبه ما يقع التّبادل عليه دون إيجاب ولا قبول ، أو بإيجاب دون قبول ، أو عكسه ، وهي من قبيل الدّلالة الحاليّة ، ويصحّ بها البيع في القليل والكثير عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة كالمتولّي والبغويّ ، خلافاً لغيرهم . وتفصيل ذلك والخلاف فيه يذكر في مصطلح : ( تعاطي ) . انعقاد البيع بالكتابة والمراسلة : 25 - يصحّ التّعاقد بالكتابة بين حاضرين أو باللّفظ من حاضر والكتابة من الآخر . وكذلك ينعقد البيع إذا أوجب العاقد البيع بالكتابة إلى غائب بمثل عبارة : بعتك داري بكذا ، أو أرسل بذلك رسولاً فقبل المشتري بعد اطّلاعه على الإيجاب من الكتاب أو الرّسول . واشترط الشّافعيّة الفور في القبول ، وقالوا : يمتدّ خيار المجلس للمكتوب إليه أو المرسل إليه ما دام في مجلس قبوله ، ولا يعتبر للكاتب مجلس ، ولو بعد قبول المكتوب إليه ، بل يمتدّ خياره ما دام خيار المكتوب إليه . كما قالوا : لا يشترط إرسال الكتاب أو الرّسول فوراً عقب الإجابة . ولم يشترط غير الشّافعيّة الفور في القبول ، بل صرّح الحنابلة بأنّه لا يضرّ التّراخي هنا بين الإيجاب والقبول ، لأنّ التّراخي مع غيبة المشتري لا يدلّ على إعراضه عن الإيجاب . انعقاد البيع بالإشارة من الأخرس وغيره : 26 - ينعقد البيع بالإشارة من الأخرس إذا كانت معروفةً ، ولو كان قادراً على الكتابة ، وهو المعتمد عند الحنفيّة ، لأنّ كلاً من الإشارة والكتابة حجّة . أمّا الإشارة غير المفهومة فلا عبرة بها . ولا تقبل الإشارة من النّاطق عند الجمهور . أمّا المالكيّة فعندهم ينعقد البيع بالإشارة المفهمة ولو مع القدرة على النّطق . وأمّا من اعتقل لسانه ، وهو : من طرأ عليه الخرس ففيه خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح : ( اعتقال اللّسان ) . شروط البيع : 27 - اختلفت طريقة الفقهاء في حصر شروط البيع ، فقد جعلها بعضهم شروطاً لصحّة البيع من حيث هو ، في حين اهتمّ آخرون بذكر شروط المبيع ، ثمّ إلحاق الثّمن في جميع شروط المبيع أو في بعضها ، حسب إمكان تصوّرها فيه . ولا تباين بين معظم تلك الشّروط ، لتقارب المقصود بما عبّروا به عنها . وهناك شروط انفرد بذكرها بعض المذاهب دون بعض . ومع أنّ الحنفيّة يفرّقون بين شروط الانعقاد وشروط الصّحّة ، فإنّهم يعتبرون شروط الانعقاد شروطاً للصّحّة ، لأنّ ما لم ينعقد فهو غير صحيح ، ولا عكس . وفيما يلي بيان تلك الشّروط على طريقة الجمهور ، مع الإشارة إلى ما اعتبره الحنفيّة منها شرط انعقاد . شروط المبيع : للمبيع شروط هي : أن يكون المبيع موجوداً حين العقد . 28 - فلا يصحّ بيع المعدوم ، وذلك باتّفاق الفقهاء . وهذا شرط انعقاد عند الحنفيّة . ومن أمثلة بيع المعدوم بيع الثّمرة قبل أن تخلق ، وبيع المضامين ( وهي ما سيوجد من ماء الفحل ) ، وبيع الملاقيح ( وهي ما في البطون من الأجنّة ) وذلك لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة » . ولما في ذلك من الغرر والجهالة . وللحديث : « نهى عن بيع الغرر » . ولا خلاف في استثناء بيع السّلم ، فهو صحيح مع أنّه بيع المعدوم ، وذلك للنّصوص الواردة فيه ، ومنها : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ورخّص في السّلم » . أن يكون مالاً : 29 - وعبّر المالكيّة والشّافعيّة عن هذا الشّرط بلفظ : النّفع أو الانتفاع ، ثمّ قالوا : ما لا نفع فيه ليس بمال فلا يقابل به ، أي لا تجوز المبادلة به . وهو شرط انعقاد عند الحنفيّة . والمال ما يميل إليه الطّبع ، ويجري فيه البذل والمنع ، فما ليس بمال ليس محلاً للمبادلة بعوض ، والعبرة بالماليّة في نظر الشّرع ، فالميتة والدّم المسفوح ليس بمال . أن يكون مملوكاً لمن يلي العقد : 30 - وذلك إذا كان يبيع بالأصالة . واعتبر الحنفيّة هذا الشّرط من شروط الانعقاد ، وقسموه إلى شقّين : الأوّل : أن يكون المبيع مملوكاً في نفسه ، فلا ينعقد بيع الكلأ مثلاً ، لأنّه من المباحات غير المملوكة ، ولو كانت الأرض مملوكةً له . والثّاني : أن يكون المبيع ملك البائع فيما يبيعه لنفسه ، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً ، وإن ملكه بعد ، إلاّ السّلم ، والمغصوب بعد ضمانه ، والمبيع بالوكالة ، أو النّيابة الشّرعيّة ، كالوليّ والوصيّ والقيّم . وقد استدلّ لعدم مشروعيّة بيع ما لا يملكه الإنسان بحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه : « لا تبع ما ليس عندك » وفي بيع الفضوليّ خلاف ينظر في مصطلح : ( بيع الفضوليّ ) . أن يكون مقدور التّسليم : 31 - وهو شرط انعقاد عند الحنفيّة ، فلا يصحّ بيع الجمل الشّارد ، ولا بيع الطّير في الهواء ، ولا السّمك في الماء ، « لنهي النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر » . أن يكون معلوماً لكلّ من العاقدين : 32 - وهذا الشّرط عند الحنفيّة شرط صحّة ، لا شرط انعقاد ، فإذا تخلّف لم يبطل العقد ، بل يصير فاسداً . ويحصل العلم بكلّ ما يميّز المبيع عن غيره ، ويمنع المنازعة ، فبيع المجهول جهالةً تفضي إلى المنازعة غير صحيح كبيع شاة من القطيع . هذا وقد زاد المالكيّة والشّافعيّة في شروط المبيع : اشتراط طهارة عينه . كما ذكر المالكيّة شرطين آخرين هما : أن لا يكون البيع من البيوع المنهيّ عنها ، وأن لا يكون البيع محرّماً . وهذه الشّروط تندرج فيما سبق من شروط . وينظر تفصيل محترزات هذه الشّروط وما يترتّب على تخلّف كلّ منها في مصطلح : ( بيع منهيّ عنه ) وانظر أيضاً البيوع الملقّبة ، كلاً في موضعه . المبيع وأحكامه وأحواله أوّلاً : تعيين المبيع 33 - لا بدّ لمعرفة المبيع من أن يكون معلوماً بالنّسبة للمشتري بالجنس والنّوع والمقدار ، فالجنس كالقمح مثلاً ، والنّوع كأن يكون من إنتاج بلد معروف ، والمقدار بالكيل أو الوزن أو نحوهما . وتعيين المبيع أمر زائد عن المعرفة به ، لأنّه يكون بتمييزه عن سواه بعد معرفة ذاته ومقداره ، وهذا التّمييز إمّا أن يحصل في العقد نفسه بالإشارة إليه ، وهو حاضر في المجلس ، فيتعيّن حينئذ ، وليس للبائع أن يعطي المشتري سواه من جنسه إلاّ برضاه . والإشارة أبلغ طرق التّعريف . وإمّا أن لا يعيّن المبيع في العقد ، بأن كان غائباً موصوفاً ، أو قدراً من صبرة حاضرة في المجلس ، وحينئذ لا يتعيّن إلاّ بالتّسليم . وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة . وفي الأظهر عند الشّافعيّة : أنّه لا يصحّ بيع الغائب . ومن المبيع غير المتعيّن بيع حصّة على الشّيوع . سواء أكانت من عقار أو منقول ، وسواء أكان المشاع قابلاً للقسمة أو غير قابل لها ، فإنّ المبيع على الشّيوع لا يتعيّن إلاّ بالقسمة والتّسليم . وممّا يتّصل بالتّعيين للمبيع : بيع شيء واحد من عدّة أشياء ، على أن يكون للمشتري خيار التّعيين ، أي تعيين ما يشتريه منها ، ويمكنه بذلك أن يختار ما هو أنسب له منها . وهذا عند من يقول بخيار التّعيين . وفي جواز هذا البيع وشروطه وما يترتّب على هذا الخيار تفصيلات تنظر في مصطلح : ( خيار التّعيين ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية