الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41110" data-attributes="member: 329"><p>بيع الكلب :</p><p>13 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة ، وهو المشهور عند المالكيّة إلى عدم صحّة بيع الكلب ، أيّ كلب كان ولو كان معلّماً ، للحديث الصّحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه ، « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدّم وثمن الكلب ، وكسب البغيّ ، ولعن الواشمة والمستوشمة ، وآكل الرّبا وموكله ، ولعن المصوّرين » . ولحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه ، قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ، ومهر البغيّ ، وحلوان الكاهن » . وفرّق بعض المالكيّة بين الكلب المأذون باتّخاذه وبين غيره ، فأجازوا بيع الأوّل ، واختلفوا في الثّاني . </p><p>وأمّا الحنفيّة ، فذهبوا إلى صحّة بيع الكلب أيّ كلب كان حتّى العقور . والتّفصيل في مصطلح ( كلب ) . أمّا الهرّ فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز بيعه ، لأنّه حيوان منتفع به ، وحملوا حديث جابر رضي الله عنه « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسّنّور » على غير المملوك ، أو على ما لا نفع فيه من الهررة ، وتفصيله في مصطلح : ( هرّ ) .</p><p>بيع سباع البهائم وجوارح الطّير والهوامّ :</p><p>14 - اتّفقت المذاهب على عدم جواز بيع سباع البهائم والطّير ، إذا كانت ممّا لا ينتفع به بحال . فإن كانت ممّا ينتفع به جاز بيعه إلاّ الخنزير ، فإنّه نجس العين ، فلا يجوز الانتفاع به ، فكذلك لا يجوز بيعه . لكنّهم ذهبوا مذاهب في تفسير النّفع الّذي يجيز بيع السّباع :</p><p>15 - فالحنفيّة - في ظاهر الرّواية من مذهبهم - والمالكيّة في الرّاجح من المذهب ، ذهبوا إلى إطلاق النّفع ، ولو بالجلد ، وبدون تفرقة بين المعلّم وغيره . </p><p>ومن نصوص الحنفيّة في هذا : صحّ بيع الكلب ولو عقوراً ، والفهد والفيل والقرد ، والسّباع بسائر أنواعها ، حتّى الهرّة ، وكذا الطّيور أي الجوارح منها ) علّمت أو لا ، سوى الخنزير ، وهو المختار ، للانتفاع بها وبجلدها . </p><p>وعلّل الزّيلعيّ أيضاً جواز بيعها بجواز الانتفاع بها شرعاً ، وبقبولها التّعليم عادةً ، ثمّ طرح هذا الضّابط قائلاً فيه : وكلّ منتفع به شرعاً ، في الحال أو في المآل ، وله قيمة .. جاز بيعه ، وإلاّ فلا . وقال الحصكفيّ : جواز البيع يدور مع حلّ الانتفاع . وقال البابرتيّ : وإذا ثبت أنّ مناط الحكم الانتفاع ، ثبت في الفهد والنّمر والذّئب . بخلاف الهوامّ المؤذية ، كالحيّات والعقارب والزّنابير ، لأنّها لا ينتفع بها . وكذا غير المؤذية من هوامّ الأرض : كالخنافس والفأرة والنّمل والوزغ والقنافذ والضّبّ ، أو من البحر ، كالضّفدع والسّرطان .</p><p>16 - أمّا مذهب المالكيّة فهو أنّ بيع الهرّ والسّبع للجلد جائز ، وأمّا للّحم فقط ، أو له وللجلد فمكروه . وهذا مبنيّ على حكم لحم السّباع عندهم . </p><p>وأمّا سباع الطّير ذوات المخالب ، فلحمها مباح عندهم ، كالباز والعقاب والرّخم ، وكرهوا الوطواط . وأمّا سباع البهائم ، فلهم فيها ثلاثة أقوال : الكراهة . والمنع . والتّفرقة بين العادي - الّذي يعدو على الآدميّ - كالأسد والفهد والنّمر والذّئب ، فيحرم . وبين غير العادي ، كالدّبّ والثّعلب والضّبع والهرّ مطلقاً ، فيكره . لكنّ الّذي في مختصر خليل كراهتها ، حتّى الفيل عنده - وفي عهدته ، كما قالوا . </p><p>17 - أمّا الشّافعيّة : فقد فسّروا النّفع بنحو الصّيد والحراسة ، ولو مآلاً ، بأن يرجى تعلّم الحيوان . أمّا ما لا نفع فيه فلا يصحّ بيعه ، الفواسق الخمس ، وكذا ما لا يرجى تعلّمه للصّيد ، لكبره مثلاً . فالفهد ينتفع به للصّيد ، والفيل للقتال ، والقرد للحراسة ، والهرّة الأهليّة لدفع نحو فأر ، والعندليب للأنس بصوته ، والطّاووس للأنس بلونه . </p><p>وكتب الشّيخ عميرة على قول النّوويّ في منهاجه : فلا يصحّ بيع الحشرات وكلّ سبع لا ينفع . مبيّناً خصال انتفاء النّفع ، بقوله : مثل : أن لا يؤكل ، ولا يصال ولا يقاتل عليه ، ولا يتعلّم ، ولا يصلح للحمل . </p><p>كما قرّر أنّ انتفاء النّفع قد يكون حسّاً ، وقد يكون شرعاً ، وأنّ انتفاء النّفع ينفي الماليّة ، فأخذ المال في مقابلته قريب - كما نقله عن الرّافعيّ - من أكل المال بالباطل .</p><p>18 - أمّا الحنابلة فقد ذهبوا - كما في رواية عن أبي يوسف من الحنفيّة اعتمدها السّرخسيّ إلى أنّه لا يصحّ بيع ما لا يصلح للاصطياد ، ولا يقبل التّعليم بحال : </p><p>- أ - ومثّل الحنابلة لما لا يصلح للاصطياد بالأسد والذّئب والنّمر والدّبّ ، وبالرّخم والحدأة والغراب الأبقع والنّسر والعقعق وغراب البين ، وبيضها ، لأنّه لا نفع فيه ، فأخذ ثمنه أكل للمال بالباطل ، ولأنّه ليس فيها نفع مباح كالحشرات ، فأشبهت الخنزير . </p><p>فأمّا ما يصلح للاصطياد ، كالفهد وكالصّقر والباز ، بأن كانت معلّمةً أو قابلةً للتّعليم ، فإنّ فيها نفعاً مباحاً ، فيصحّ بيعها ، وبيع أولادها وفراخها ، وبيضها لاستفراخه ، فينتفع به مآلاً . ومع ذلك نصّوا على جواز بيع القرد ، للحفظ لا للّعب ، لأنّ الحفظ - كما قالوا - من المنافع المباحة </p><p>- ب - ومثّل الحنفيّة للمرويّ عن أبي يوسف ، بالآتي : مع التّفصيل تطبيقاً عليه : </p><p>- الأسد ، إن كان يقبل التّعليم ويصطاد به ، يجوز بيعه وإلاّ فلا . </p><p>- الفهد والبازي يقبلان التّعليم ، فيجوز بيعهما على كلّ حال . </p><p>- النّمر - كما يقول الكمال - لا يقبل التّعليم لشراسته ، فلا يجوز بيعه بحال ، وكذا الكلب العقور على التّخصيص عند أبي يوسف . </p><p>- القرد ، فيه روايتان عن أبي حنيفة : </p><p>الأولى : جواز بيعه لإمكان الانتفاع بجلده ، وهي رواية الحسن عنه ، وصحّحها الزّيلعيّ . والأخرى : لا يجوز بيعه ، لأنّه للتّلهّي ، وهو محظور ، فكان بيع الحرام للحرام ، وأنّه لا يجوز . وصحّح هذا الكاسانيّ ، وبنى عليه ابن عابدين أنّه لولا قصد التّلهّي لجاز بيعه . لكنّ قصد التّلهّي يقتضي الكراهة ، لا عدم الصّحّة ، كما قال الحصكفيّ .</p><p>بيع آلات اللّهو والمعازف :</p><p>19 - ذهب جمهور الفقهاء ، ومنهم الصّاحبان من الحنفيّة ، والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إلى تحريم بيع آلات اللّهو المحرّمة ، والمعازف إلاّ ما جاز استعماله منها ، وصرّحوا بعدم صحّة بيعها . </p><p>والتّقييد بالمحرّمة ، لإخراج بيع الشّطرنج ، الّذي يقول الشّافعيّة بحلّه ، وطبل الغزاة ونحوه ، فمن المحرّمات : الطّنبور ، والمزمار ، والشّبّابة ( وهي النّاية ) والعود ، والصّنج والرّباب . فالصّاحبان من الحنفيّة يريان أنّ هذه الآلات أعدّت للمعصية ، فبطل تقوّمها ، ولا ينعقد بيعها ، كالخمر . والمالكيّة قرّروا أنّ من شروط المعقود عليه : أن يكون ممّا ينتفع به انتفاعاً شرعيّاً ، وإن قلّ كالتّراب ، وإن كانت المنفعة لا تجوز فهي كآلات اللّهو . </p><p>والشّافعيّة قرّروا أنّ آلة اللّهو المحرّمة لا يقصد منها غير المعصية ، ولا نفع بها شرعاً . والحنابلة قرّروا أنّ كسر هذه الآلات لا يستوجب الضّمان ، وأنّها كالميتات . </p><p>وتحريم بيع المعازف مبنيّ على قول الجمهور بتحريم المعازف وآلات اللّهو . </p><p>وذهب بعض الفقهاء إلى إباحتها إذا لم يلابسها محرّم ، فيكون بيعها عند هؤلاء مباحاً . والتّفصيل في مصطلح ( معازف ) . </p><p>ومذهب أبي حنيفة - خلافاً لصاحبيه - أنّه يصحّ بيع آلات اللّهو كلّها ، وهو أيضاً قول ضعيف عند الشّافعيّة ، مقيّد بأن يمكن اعتبار مكسّرها مالاً ، ففيها نفع متوقّع عندئذ . </p><p>وفي الوقت الّذي يرى الصّاحبان أنّ آلات اللّهو معدّة للمعصية ، موضوعة للفسق والفساد - كما هو تعبير الكاسانيّ - فلا تكون أموالاً فيبطل تقوّمها ، كالخمر . يرى أبو حنيفة أنّها أموال لصلاحيتها لما يحلّ من وجوه الانتفاع ، بأن تجعل ظروفاً لأشياء ، ونحو ذلك من المصالح ، وإن صلحت لما لا يحلّ فصارت كالأمة المغنّية ، وهذا لأنّ الفساد بفعل فاعل مختار ، فلا يوجب سقوط التّقوّم . وجواز البيع مرتّب على الماليّة والتّقوّم .</p><p>بيع الأصنام ونحوها :</p><p>20 - الخلاف المارّ بين الجمهور وبين أبي حنيفة وبعض الشّافعيّة في بيع آلات اللّهو ، جار هنا في بيع الأصنام . ودليل الجمهور على التّحريم انتقاء المنفعة المباحة شرعاً ، ونصّ حديث جابر مرفوعاً « إنّ اللّه حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » . </p><p>ودليل أبي حنيفة والقلّة من الشّافعيّة على الجواز : الانتفاع بها بعد الكسر ، فنفعها متوقّع ، فوجدت الماليّة والتّقوّم في المال ، وجواز البيع مرتّب عليهما . </p><p>وقد صرّح الرّافعيّ من الشّافعيّة بأنّ الوجهين يجريان في الأصنام والصّور ، وكذا الشّوكانيّ وفيما يلي بعض ما يلحق بالأصنام مع بعض أحكامها : </p><p>نصّ الشّافعيّة على أنّه لا يصحّ بيع الصّور والصّلبان ، وللحنفيّة قولان في الصّور للصّغار صحّةً وضماناً . ونصّوا على صحّة بيع النّقد الّذي عليه صور ، وعلّلوه بأنّها غير مقصودة منه بوجه ما . وتردّدوا في الصّليب المتّخذ من الذّهب والفضّة ، هل يلحق بالأصنام ، أو بالنّقد الّذي عليه صور ؟ </p><p>- أ - فرجّحوا إلحاقه بالصّنم إذا أريد به ما هو من شعارهم المخصوص بتعظيمهم . </p><p>- ب - ورجّحوا إلحاقه بالنّقد الّذي عليه صور إن أريد به ابتذاله بالاستعمال .</p><p>الشّرط الرّابع : أن يلي البيعَ المالكُ أو من يقوم مقامه . </p><p>21 - نصّ الفقهاء على أنّ من شروط انعقاد البيع : أن يكون المبيع مملوكاً للبائع أو موكّله أو مولّيه ، وهذا إذا كان العاقد يبيع بالأصالة أو النّيابة . </p><p>أمّا إذا كان فضوليّاً بأن يصرّح أنّه يبيع ملك غيره دون إذن ، فلا يكون شرط انعقاد عند من أجاز بيع الفضوليّ ، وتفصيله في مصطلح : ( بيع الفضوليّ ) . </p><p>ودليل هذا الشّرط ما روي « عن حكيم بن حزام رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول اللّه : يأتيني الرّجل يسألني البيع ، ليس عندي ما أبيعه ، ثمّ أبتاعه من السّوق ، فقال : لا تبع ما ليس عندك » . قالوا : المراد ما ليس في ملكك وقدرتك . </p><p>وقال البغويّ : النّهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان الّتي لا يملكها . وما روي أيضاً في الحديث : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ورخّص في السّلَم » . ولأنّ البيع تمليك ، فلا ينعقد فيما ليس بمملوك . </p><p>وبناءً عليه : لا ينعقد بيع الكلأ في منابته ، ولو كان في أرض مملوكة ، لأنّه مباح بالنّصّ ، وكذلك الماء في منابعه ما لم يحرز ، وذلك لحديث : « المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنّار » وكذا الطّير في الهواء ، والسّمك في الماء ، كلّ ذلك لا ينعقد بيعه ، لانعدام سبب الملك فيه ، وهو الإحراز . </p><p>فإذا جُمِعَ الكلأ ، وصيد الطّير والسّمك ، وحمل الماء من الينابيع والأنهار العامّة ملك ، وجاز بيعه . وفي هذا يروى أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن بيع الماء إلاّ ما حمل منه » . ونذكر هنا فروعاً فقهيّةً تطبيقيّةً لهذا الشّرط :</p><p>أ - بيع الفضوليّ :</p><p>22 - وهو من ليس بوكيل ولا وليّ عن المالك ، وكذا سائر عقوده : </p><p>- فمذهب الحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : أنّه باطل ، وإن أجازه المالك بعد ذلك . للحديث المذكور سابقاً « لا تبع ما ليس عندك » ولأنّه تمليك ما لا يملك ، وبيع ما لا يقدر على تسليمه ، فأشبه بيع الطّير في الهواء . </p><p>- ومذهب الحنفيّة والمالكيّة ، والشّافعيّ في القديم ، وروي عن أحمد أيضاً : أنّ هذا العقد صحيح موقوف على إجارة المالك ، فإن أجازه نفذ ولزم البيع ، وإن لم يجزه وردّه بطل . وذلك لإطلاقات النّصوص في حلّ البيع ، من غير تفصيل بين الأصيل والوكيل ، ابتداءً أو بقاءً وانتهاءً . ولحديث « عروة بن الجعد البارقيّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاةً ، فاشترى به شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، ثمّ عاد بالدّينار والشّاة ، فدعا له بالبركة في بيعه » ، وفي رواية أنّه قال له : « بارك اللّه في صفقة يمينك » . وتفصيل الكلام عن بيع الفضوليّ ينظر في مصطلحه .</p><p>وبناءً على هذا الشّرط صرّح الفقهاء ببطلان بيع ما يلي : </p><p>- 1 - بيع الوقف : وقد صرّحوا ببطلانه ، حتّى الحنفيّة ، وقالوا : إنّه باطل لا فاسد ، فلا يملك بالقبض ( ر مصطلح : وقف ) </p><p>- 2 - بيع أراضي بيت المال : فقد قرّر بعض الفقهاء أنّها تجري على رقبتها أحكام الوقوف المؤبّدة ( ر مصطلح : أرض ) وأراضي الجزي ( ر مصطلح : جزية ) . </p><p>- 3 - بيع المساجد ، ورباع مكّة ، والحرم ، وبقاع المناسك على خلاف وتفصيل في بعض ذلك . ر مصطلحات : ( مسجد ، حرم ، مكّة ) . </p><p>- 4 - المعادن الجارية والجامدة ، في الأراضي المملوكة والمحيّاة . وخلاف الفقهاء معروف في جواز بيعها . ر مصطلح : ( أرض ، معدن ، إحياء ) .</p><p>ب - ضربة الغائص :</p><p>23 - الغائص : من يغوص لاستخراج اللّآلئ من البحر ، يقول : أغوص غوصةً ، فما أخرجته من اللّآلئ فهو لك بكذا . </p><p>ومثله القانص ، وهو الصّائد ، يقول : بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشّبكة مرّةً ، بكذا . </p><p>وقد جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتّى تضع ، وعن بيع ما في ضروعها إلاّ بكيل ، وعن شراء العبد وهو آبق ، وعن شراء المغانم حتّى تقسم ، وعن شراء الصّدقات حتّى تقبض ، وعن ضربة الغائص » . ولا يختلف الفقهاء في فساد هذا البيع ، لأنّه بيع معدوم ، وبيع ما لم يملك ، وبيع مجهول ، وبيع غرر . وصرّح الحنفيّة ببطلانه . ونصّ ابن الهمام على أنّه بيع باطل ، لعدم ملك البائع المبيع قبل العقد ، فكان غرراً ، ولجهالة ما يخرج . </p><p>وكذلك الحصكفيّ من الحنفيّة ، وعلّل البطلان بأنّه بيع ما ليس في ملكه .</p><p>ج - بيع الصّدقة والهبة قبل القبض :</p><p>24 - جمهور الفقهاء يشترطون القبض في التّبرّعات ، كالصّدقة ونحوها ، فما لم تقبض لا تلزم ولا تفيد الملك ، فلا يجوز بيعها قبل قبضها ، كما نصّ عليه حديث « النّهي عن شراء الصّدقات حتّى تقبض » وذلك لعدم الملك . وهذا خلافاً للمشهور في مذهب مالك وآخرين ، والمرويّ عن أحمد في غير المكيلات والموزونات ، من اللّزوم قبل القبض ، وإنّما القبض شرط تمام - كما يقول المالكيّة - لا شرط صحّة ، والانعقاد واللّزوم بالقول . ولذلك يجوز بيعها قبل قبضها لثبوت الملك فيها ، خلافاً لما ملك بالمعاوضة ولم يقبض فلا يجوز بيعه ، كما سيأتي عند الكلام عن بيع ما لم يقبض .</p><p>د - بيع الغنيمة قبل القسم :</p><p>25 - ممّا يتّصل ببيع ما لم يملك ، مسألة بيع المجاهد نصيبه من الغنيمة ، قبل أن يقسمه له الإمام . وقد ورد النّصّ بها في خصوصها في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام .. وعن شراء المغانم حتّى تقسم » الحديث . </p><p>وفي حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتّى تقسم » . ويرى الفقهاء إباحة أخذ الأطعمة ونحوها من الأقوات من الغنائم قبل قسمتها للحاجة بوجه عامّ ، ولم يبيحوا تملّكها ، ولا تموّلها - كما عبّر الحصكفيّ من الحنفيّة - فدلّ هذا على منع البيع ، ولذلك بحثوا حكم بيعها عند الكلام عن الانتفاع بها . 26 - فنصّ الحنفيّة على أنّه لا يجوز بيع شيء من المذكورات قبل القسمة أصلاً ، ولو كان لحاجة ، وذلك لعدم الملك ، لأنّ الغنائم لا تملك قبل القسمة ، وإنّما أبيح الانتفاع للحاجة ، والمباح لا يملك بالبيع ، وهذا نصّ المرغينانيّ في بدايته : ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب . </p><p>فلو باع شيئاً من المذكورات المباحة له ، كان بيعه فضوليّاً عندهم ، فإن أجازه الإمام ردّ ثمنه إلى المغانم ، فإن كانت المغانم قد قسمت تصدّق بالثّمن إن كان غير فقير ، لأنّه لقلّته لا يمكن قسمته ، فتعذّر إيصاله إلى مستحقّه ، فيتصدّق به كاللّقطة . وإن كان فقيراً أكله . </p><p>27 - والمالكيّة قالوا : يجوز - مع - الكراهة - مبادلة الطّعام بمثله أو غيره ، ولو بتفاضل أو تأخير في الطّعام الرّبويّ المتّحد الجنس . </p><p>28 - والشّافعيّة خالفوا في ذلك ، وقرّروا أنّه ليس له الطّعام إلى حاجة أخرى ، بدلاً عن طعامه ، وأنّه لا يجوز له إلاّ أكلة فقط ، لأنّه على سبيل الإباحة لا التّمليك . </p><p>وهذا كالنّصّ على عدم جواز البيع . </p><p>هذا ما قاله الشّافعيّة في بحث الغنائم ، لكن في بحث حكم بيع المبيع قبل قبضه ، قرّروا خلافه . ولما قرّر النّوويّ في منهاجه أنّ الشّخص له بيع ما له في يد غيره أمانةً ، كوديعة ومشترك وقراض ، ومرهون بعد انفكاكه ، علّق القليوبيّ على قولة : " كوديعة " بما نصّه : ومثلة غلّة وقف وغنيمة ، فلأحد المستحقّين أو الغانمين ، بيع حصّته قبل إفرازها . قاله شيخنا . بخلاف حصّته من بيت المال ، فلا يصحّ بيعها قبل إفرازها ورؤيتها ، واكتفى بعض مشايخنا بالإفراز فقط ، ولو مع غيره . </p><p>فكلام القليوبيّ هنا ، نقلاً عن شيخه ، يخالف ما تقدّم ، من أنّ له الأخذ على سبيل الإباحة لا التّمليك . فيبدو أنّ هذا بناءً على أحد أقوال ثلاثة عند الشّافعيّة في ملك الغنيمة قبل القسمة : أوّلها : أنّها لا تملك إلاّ بالقسمة ، لكن لا بمجرّدها ، بل إن قبل ما أحرز له أو رضي به ، لأنّ المعتبر هو اختيار التّملّك ، ولا بدّ من اللّفظ بأن يقول : اخترت ملك نصيبي . </p><p>وهذا هو القول المعتمد عندهم . </p><p>الثّاني : وقيل يملكون قبل القسمة بالاستيلاء ملكاً ضعيفاً يسقط بالإعراض ، ووجّه هذا الشّيخ عميرة البرلّسيّ : بأنّ ملك الكفّار قد زال ، وبعيد بقاؤه بلا مالك . </p><p>الثّالث : إن سلمت الغنيمة إلى القسمة ، بانَ ( أي ظهر ملكهم ) بالاستيلاء ، وإلاّ بأن تلفت أو أعرضوا فلا ملك لهم . </p><p>فيبدو أنّ صحّة البيع عند شيخ القليوبيّ قبل القسمة ، بناءً على غير المعتمد عندهم . </p><p>29 - أمّا الحنابلة فقد نصّ الخرقيّ منهم على أنّ من تعلف فضلاً عمّا يحتاج إليه ، ردّه على المسلمين ، فإن باعه ردّ ثمنه في المقسم . </p><p>وعلّلوا وجوب ردّ من فضل معه طعام كثير من الغنائم وأدخله البلد ، إلى مقسّم تلك الغزوة بأنّه : أخذ ما لا يحتاج إليه ، فيلزمه ردّه ، لأنّ الأصل تحريمه ، لكونه مشتركاً بين الغانمين ، كسائر المال ، وإنّما أبيح منه ما دعت الحاجة إليه ، فما زاد يبقى على أصل التّحريم ، ولهذا لم يبح بيعه . </p><p>ورووا في ذلك هذا الأثر ، وهو :" أنّ صاحب جيش الشّام كتب إلى عمر رضي الله عنه : إنّا أصبنا أرضاً كثيرة الطّعام والعلف ، وكرهت أن أتقدّم في شيء . فكتب إليه : دع النّاس يعلفون ويأكلون ، فمن باع منهم شيئاً بذهب أو فضّة ، ففيه خمس للّه وسهام المسلمين" وفصّل القاضي من أئمّتهم تفصيلاً دقيقاً ، في هذه المسألة ، وقد ارتضوه ، فقال : لا يخلو إمّا أن يبيعه من غاز أو غيره . </p><p>- فإن باعه لغيره ، فالبيع باطل ، لأنّه يبيع مال الغنيمة بغير ولاية ولا نيابة ، فيجب ردّ المبيع ، ونقض البيع . فإن تعذّر ردّه ، ردّ قيمته أو ثمنه ، إن كان أكثر من قيمته إلى المغنم . قال ابن قدامة : وعلى هذا الوجه حمل كلام الخرقيّ </p><p>- وإن باعه لغاز لم يحلّ ، إلاّ أن يبدّله بطعام أو علف ، ممّا له الانتفاع به أو بغيره على النّحو التّالي : </p><p>- فإن باعه بمثله ، فليس هذا بيعاً في الحقيقة ، إنّما سلّم إليه مباحاً وأخذ مثله مباحاً ، ولكلّ واحد منهما الانتفاع بما أخذ ، وصار أحقّ به ، لثبوت يده عليه . فعلى هذا لو باع صاعاً بصاعين ، وافترقا قبل القبض جاز ، لأنّه ليس ببيع . وإن باعه نسيئةً ، أو أقرضه إيّاه فأخذه ، فهو أحقّ به ، ولا يلزمه إيفاؤه ، فإن وفّاه أو ردّه إليه ، عادت اليد إليه . </p><p>- وإن باعه بغير الطّعام والعلف ، فالبيع أيضاً غير صحيح ، ويصير المشتري أحقّ به ، لثبوت يده عليه ، ولا ثمن عليه . وإن أخذ منه وجب ردّه إليه . </p><p>30 - ومن هذا يتّضح أنّ الاتّجاه العامّ في الفقه - بغضّ النّظر عمّا روي من قول للشّافعيّة ، وعن حال مبادلة الطّعام بالمثل وغيره عند المالكيّة والحنابلة - هو عدم جواز بيع المغانم قبل القسمة ، كما هو نصّ الحديث الشّريف ، الّذي نهى عن شراء المغانم حتّى تقسم . </p><p>وفي هذا يقول الشّوكانيّ : مقتضى النّهي عدم صحّة بيعها قبل القسمة ، لأنّه لا ملك - على ما هو الأظهر من قول الشّافعيّ وغيره - لأحد من الغانمين قبلها ، فيكون ذلك من أكل أموال النّاس بالباطل . </p><p>31 - هذا حكم بيع الغزاة الغانمين أنصبتهم وما يأخذونه من الغنائم ، قبل القسمة .</p><p>أمّا حكم بيع الإمام الغنائم قبل القسمة ، فقد عرض له الحنفيّة فذكر الطّحاويّ أنّه يصحّ . لأنّه مجتهد فيه ، يعني أنّه لا بدّ أن يكون الإمام رأى المصلحة في ذلك ، وأقلّها تخفيف إكراه الحمل على النّاس ، أو عن البهائم ونحوه ، وتخفيف مؤنته عنهم ، فيقع عن اجتهاد في المصلحة ، فلا يقع جزافاً ، فينعقد بلا كراهة مطلقاً . </p><p>كما عرض له المالكيّة أيضاً ، ولهم فيه قولان : </p><p>الأوّل : وجوب بيع الإمام الأربعة الأخماس من الغنائم ، ليقسمها بين المجاهدين ، لأنّ قسمة الأثمان أقرب إلى المساواة ، لما يدخل التّقويم من الخطأ . </p><p>الآخر : عدم الوجوب ، بل الإمام مخيّر ، فإن شاء باع وقسم الثّمن ، وإن شاء قسم الأعيان بحسب ما يراه من المصلحة .</p><p>الشّرط الخامس : أن يكون المبيع مقدور التّسليم . </p><p>32 - نصّ الفقهاء على أنّ من شروط المبيع كونه مقدور التّسليم بعد اشتراط كونه مملوكاً . فقد يملك الإنسان مالاً ، ولا يقدر على تسليمه كالجمل الّذي شرد من صاحبه ، فلا يصحّ بيعه في هذه الحال ، لأنّ ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم ، والمعدوم لا يصحّ بيعه - كما تقدّم - فكذا ما أشبهه . </p><p>وممّا يمثّل بيع غير مقدور التّسليم : السّمك إذا وقع في البحر بعد امتلاكه ، والطّير المملوك إذا طار في الهواء ، والصّيد إذا انفلت بعد صيده ، ومنه بيع العبد الآبق والشّيء المغصوب . والآبق : من ترك سيّده من غير خوف ولا كدّ عمل . ولهذا قيل : إن كان هروبه من خوف أو تعب ، يقال له : هارب . </p><p>33 - والفقهاء متّفقون على فساد هذا العقد وإن تردّد الحنفيّة في الفساد والبطلان مع ما يترتّب على ذلك : من أنّ ارتفاع المفسد يردّ العقد صحيحاً ، لقيام العقد مع الفساد ، بخلاف ارتفاع المبطل ، لأنّ العقد معدوم معه وإن رجّح الكمال منهم الفساد ، لانعدام القدرة فيه على التّسليم . وعلّلوا فساد هذا العقد : - بالنّهي عنه في حديث أبي سعيد المتقدّم « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام ... وعن شراء العبد وهو آبق » . </p><p>- ولأنّه لا يقدر على تسليمه ، وهو شرط جوازه . </p><p>34 - ومع ذلك ، لو حصل بيع العبد وهو آبق ، ففيه هذه الصّور التّفصيليّة المذهبيّة : الأولى : أن يبيعه المالك ممّن هو في يده . وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، ، بل قطعاً كما يعبّر الشّافعيّة وهو مقتضى نصّ ابن قدامة وغيره من أنّه : إن حصل في يد إنسان جاز بيعه ، لإمكان تسليمه ، لكنّ المصرّح به في المذهب الحنبليّ أنّه لا يجوز بيعه ولو لقادر على تحصيله . غير أنّ الحنفيّة فصّلوا في صيرورة الّذي هو في يده قابضاً بعد البيع :</p><p>أ - فإن كان قبض الآبق حين وجده لنفسه ، لا ليردّه على سيّده ، ولم يشهد على قبضه لسيّده ، فإنّه يصير قابضاً ، لأنّ قبضه هذا قبض غصب ، وهو قبض ضمان ،كقبض المبيع. </p><p>ب - وإن أشهد على قبضه عندما وجده لا يصير قابضاً ، لأنّ قبضه هو قبض أمانة ، حتّى لو هلك قبل أن يصل إلى سيّده لا يضمنه ، فلا ينوب عن قبض الضّمان ، وهو قبض المبيع ، لأنّه أقوى ، ولأنّه مضمون بالثّمن ، ولهذا لو هلك قبل أن يرجع إلى مالكه ، انفسخ البيع ورجع بالثّمن . </p><p>الثّانية : أن يبيعه المالك ممّن هو في يد غيره . وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، بشرط القدرة على الانتزاع والتّحصيل - لكن بسهولة كما هو نصّ المالكيّة - وهو الصّحيح من مذهب الشّافعيّة ، والقول الثّاني المصوّب عند الحنابلة ، ومقتضى نصّ ابن قدامة وغيره . لكنّ الحنفيّة نصّوا على فساد هذه الصّورة ، وهذا هو الوجه الآخر عند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة . وعلّله الشّافعيّة بعجز البائع عن التّسليم . </p><p>الثّالثة : أن يبيعه المالك ممّن يقدر على ردّه ، وليس هو في يد أحد . </p><p>وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، وفي القول الثّاني عند الحنابلة . </p><p>لكنّ القليوبيّ من الشّافعيّة ، قيّدها بأن يكون المشري قادراً على ردّه بلا مشقّة لا تحتمل عادةً ، وبلا مؤنة لها وقع . والمذهب عند الحنابلة عدم جوازها . </p><p>الرّابعة : أن يبيعه ممّن لا يقدر على تحصيله . والإجماع على عدم جوازها ، وهي محمل الحديث .</p><p>35 - ويتّصل ببيع الآبق ، بيع المغصوب :</p><p>أ - فإن باعه من غاصبه ، جاز بالاتّفاق ، وعبّر الشّافعيّة بالجواز هنا لأنّ المبيع مسلّم بالفعل إلى المشتري ، ( وقبضه بعد البيع ، كقبضه قبله ، في المضمونيّة ) .. وقيّده - مع ذلك - المالكيّة بشرط أن يعلم أنّ الغاصب عزم على ردّه لربّه .</p><p>ب - وإن باعه من قادر على انتزاعه أو ردّه صحّ عند الجمهور ، وهو القول الصّحيح عند الشّافعيّة . لكنّهم قيّدوه بتيسّر وصوله إلى المشتري بلا مؤنة ولا مشقّة ملحوظة عليه ، فإن احتاج الرّدّ إلى مؤنة انتفى المنع . كما قيّده المالكيّة بكون الغاصب مقرّاً مقدوراً عليه ، وإلاّ لا . لأنّ المشهور عندهم منع شراء ما فيه خصومة . </p><p>والمقرّر أنّه لا يجوز بيع المغصوب عندهم إلاّ من غاصب ، كالحنابلة . </p><p>وفي قول للشّافعيّة : أنّه لا يصحّ ، لعجز البائع بنفسه عن التّسليم . وهو رواية عن الإمام أحمد . وصرّح الحنفيّة بأنّ بيع المغصوب من غير الغاصب ينعقد موقوفاً على التّسليم ، فلو سلّم نفذ ، وإلاّ لا . وفرّقوا بين بيع الآبق - فإنّه فاسد بل غير منعقد - وبين بيع المغصوب - فإنّه صحيح - بأنّ المالك في بيع المغصوب قادر على التّسليم بقدرة الحاكم ، إلاّ أنّه موقوف لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب صورةً ، فإذا سلّم زال المانع فينفذ . </p><p>وهذا بخلاف الآبق ، لأنّه - كما قال الكاسانيّ - : معجوز التّسليم على الإطلاق إذ لا تصل إليه يد أحد ، لما أنّه لا يعرف مكانه ، فكان العجز متقرّراً ، والقدرة محتملةً موهومةً ، فلا ينعقد مع الاحتمال ، فأشبه بيع الآبق بيع الطّير الّذي لم يوجد وبيع السّمك الّذي لم يوجد ، وذلك باطل ، كذا هذا .</p><p>الأسباب الّتي تتعلّق بلازم العقد :</p><p>وهي : الرّبا ، وما هو ذريعة إليه ، والغرر . </p><p>وفيما يلي أسباب النّهي المتعلّقة بالرّبا .</p><p>36 - الرّبا في اللّغة : الزّيادة . وفي الاصطلاح الفقهيّ : عرّفه الحنفيّة بأنّه : فضل - ولو حكماً - خال عن عوض بمعيار شرعيّ ، مشروط لأحد المتعاقدين ، في المعاوضة . </p><p>وقَيْدُ الحكميّة ، لإدخال ربا النّسيئة وأكثر البيوع الفاسدة ، لأنّ الرّبا نوعان : ربا الفضل ، وربا النّسيئة . </p><p>والرّبا محرّم بالكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة . </p><p>قال ابن قدامة : أجمعت الأمّة على أنّ الرّبا محرّم بنوعيه : الفضل والنّسيئة ، ويجري ربا الفضل وربا النّسيئة في بعض مسائل الصّرف وتفصيله في ( الصّرف ) . </p><p>والرّبا من الكبائر ، ولم يحلّ في شريعة قطّ لقوله تعالى { يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذَرُوا ما بَقِيَ من الرّبا إن كنتم مؤمنين ، فإنْ لم تَفْعَلوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ منَ اللّه ورسولِه ، وإنْ تُبْتُم فلكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون } وفي الحديث « لعن اللّه آكلَ الرّبا وموكِلَه وكاتِبَه وشاهديه ». وقال : « هم سواء » وليس القصد هنا ذكر أحكام الرّبا وشروطه ومسائله ، بل ينظر تفصيل ذلك تحت عنوان ( رباً ) .</p><p>والقصد هنا التّعرّف على أحكام بعض البيوع الرّبويّة ، وهي الّتي ورد النّهي عنها في السّنّة ، ومن هذه البيوع ما يلي :</p><p>أ - بيع العينة :</p><p>37 - هو : بيع العين بثمن زائد نسيئةً ليبيعها المستقرض بثمن حاضر أقلّ ليقضي دينه ، كما عرّفه الحنفيّة وهناك تعريفات وصور أخرى اختلف الفقهاء فيها وفي حكمها . </p><p>وينظر تفصيله في مصطلح : ( بيع العينة ) .</p><p>ب - بيع المزابنة :</p><p>38 - المزابنة : بيع التمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصاً ( أي ظناً وتقديراً ) وذلك بأن يقدر الرطب الذي على النخيل بمقدار مائة صاع مثلاً بطريق الظن والحرز، فيبيعه بقدره من التمر . </p><p>واتفق الفقهاء على فساد هذا النوع من البيع . وتفصيله في مصطلح ( بيع المزابنة ) .</p><p>ت - بيع المحاقلة :</p><p>39 - المحاقلة : بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصاً . </p><p>واتّفق الفقهاء على عدم جواز المحاقلة ، لحديث جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة » . وللتّفصيل ( ر : بيع المحاقلة ) .</p><p>ث - بيع العرايا :</p><p>40 - هو : بيع الرّطب على النّخل بتمر في الأرض ، أو العنب في الشّجر بزبيب . </p><p>واختلف الفقهاء في جواز العرايا . وينظر تفصيله في مصطلح ( بيع العرايا ) .</p><p>ج - بيع العربون :</p><p>41 - بيع العربون هو : أن يشتري السّلعة ويدفع إلى البائع درهماً أو أكثر على أنّه إن أخذ السّلعة احتسب به من الثّمن ، وإن لم يأخذها فهو للبائع . </p><p>وقد اختلف الفقهاء في جوازه ، فذهب الجمهور إلى أنّه لا يصحّ ، وذهب الحنابلة إلى جوازه على تفصيل ينظر في ( بيع العربون ) .</p><p>ح - النّهي عن بيع الطّعام حتّى يجري فيه الصّاعان :</p><p>42 - ورد فيه حديث جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطّعام ، حتّى يجري فيه الصّاعان : صاع البائع ، وصاع المشتري » .</p><p>وفي معناه ورد أيضاً حديث عثمان رضي الله عنه . « قال : كنت أبتاع التّمر من بطن من اليهود يقال لهم : بنو قينقاع ، وأبيعه بربح ، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا عثمان إذا اشتريت فاكْتَل ، وإذا بعت فَكِلْ » . </p><p>كما ورد أيضاً حديث يحيى بن أبي كثير « أنّ عثمان بن عفّان ، وحكيم بن حزام رضي الله عنهما . كانا يبتاعان التّمر ، ويجعلانه في غرائر ، ثمّ يبيعانه بذلك الكيل ، فنهاهما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يبيعاه حتّى يكيلا لمن ابتاعه منهما » . </p><p>وهذه الأحاديث تدلّ على أنّ من اشترى شيئاً مكايلةً ، وقبضه ثمّ باعه إلى غيره ، لم يجز تسليمه بالكيل الأوّل ، حتّى يكيله على من اشتراه ثانياً ، وإليه ذهب الجمهور ، كما حكاه ابن حجر في فتح الباري . </p><p>ونصّ ابن الهمام على أنّ هذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشّافعيّ وأحمد رضي الله عنهم . وقد اشترط الفقهاء القبض قبل بيع المبيع في الجملة . فهذا من تمام القبض - كما يعبّر الحنفيّة - أو هو شرط في ( صحّة ) قبض المنقول مع نقله . كما يقول الشّافعيّة . </p><p>لكن قام الإجماع على عدم اعتبار الكيل فيما بيع جزافاً . </p><p>واستثناء الجزاف من الشّرط كان أخذاً من معنى النّصّ ، أو من دليل آخر .</p><p>43 - ونذكر هنا بعض الأمثلة التّطبيقيّة الفقهيّة عند الشّافعيّة والحنابلة ، لتقاربهما فيها . المثال الأوّل :</p><p>لو كان لبكر طعام مقدّر على زيد ، كعشرة آصع ، ولعمرو على بكر مثله ، فليطلب بكر من زيد أن يكيله له ، حتّى يدخل في ملكه ، ثمّ يكيل بكر لعمرو ، ليكون القبض والإقباض صحيحين ، لأنّ الإقباض هنا متعدّد ، ومن شرط صحّته الكيل ، فلزم تعدّده ، لأنّ الكيلين ، قد يقع بينهما تفاوت . فلو قال بكر لعمرو : اقبض يا عمرو من زيد عنّي مالي عليه لنفسك ، ففعل عمرو ، فالقبض بالنّسبة إلى زيد صحيح عند الشّافعيّة ، وفي إحدى روايتين عند الحنابلة ، وتبرأ ذمّته لوجود الإذن ، وهو إذن الدّائن ، وهو بكر في القبض منه له بطريق الاستلزام ، فأشبه قبضه قبض وكيله . </p><p>لكنّ هذا القبض فاسد بالنّسبة إلى عمرو ، لكونه قابضاً من نفسه لنفسه ، لأنّ قبضه مشروط بتقدّم قبض بكر ولم يوجد ، ولا يمكن حصولهما ، لما فيه من اتّحاد القابض والمقبض ، وما قبضه عمرو مضمون عليه ، لأنّه قبضه لنفسه ، فحينئذ يكيله المقبوض له ، وهو بكر ، للقابض ، وهو عمرو ، ويصحّ قبضه له . والرّواية الأخرى عند الحنابلة هي : أنّ هذا القبض غير صحيح ، لأنّه لم يجعله نائباً له في القبض ، فلم يقع له ، بخلاف الوكيل . </p><p>وعلى هذه الرّواية يكون المقبوض باقياً على ملك المسلّم إليه ، وهو زيد ، لعدم القبض الصّحيح . بخلافه على الرّواية السّابقة ، فإنّه يكون المقبوض ملكاً لبكر . ويبدو أنّ هذه الرّواية الأخيرة هي الرّاجحة ، فعليها متن الإقناع . ولو قال : اقبضه لي ، ثمّ اقبضه لنفسك ، صحّ القبض لكلّ منهما ، لأنّه استنابه في قبضه له ، وإذا قبضه لموكّله جاز أن يقبضه لنفسه ، كما لو كان له وديعة عند من له عليه دين ، وأذنه في قبضها عن دينه . </p><p>هذا ، وإن يكن المثال المذكور ، وهو المثال الأوّل ، في السّلم ، لكنّ التّقييد به ، لأنّه الّذي في كلام الأصحاب من الشّافعيّة ، ومثل السّلم - كما قالوا - دين القرض والإتلاف . </p><p>المثال الثّاني :</p><p>44 - لو قال بكر لعمرو : احضر اكتيالي من زيد لأقبضه لك ، ففعل ، لم يصحّ قبضه لعمرو ، لعدم كيله ، ويكون بكر قابضاً لنفسه لاكتياله إيّاه .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41110, member: 329"] بيع الكلب : 13 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة ، وهو المشهور عند المالكيّة إلى عدم صحّة بيع الكلب ، أيّ كلب كان ولو كان معلّماً ، للحديث الصّحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه ، « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدّم وثمن الكلب ، وكسب البغيّ ، ولعن الواشمة والمستوشمة ، وآكل الرّبا وموكله ، ولعن المصوّرين » . ولحديث أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه ، قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ، ومهر البغيّ ، وحلوان الكاهن » . وفرّق بعض المالكيّة بين الكلب المأذون باتّخاذه وبين غيره ، فأجازوا بيع الأوّل ، واختلفوا في الثّاني . وأمّا الحنفيّة ، فذهبوا إلى صحّة بيع الكلب أيّ كلب كان حتّى العقور . والتّفصيل في مصطلح ( كلب ) . أمّا الهرّ فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز بيعه ، لأنّه حيوان منتفع به ، وحملوا حديث جابر رضي الله عنه « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسّنّور » على غير المملوك ، أو على ما لا نفع فيه من الهررة ، وتفصيله في مصطلح : ( هرّ ) . بيع سباع البهائم وجوارح الطّير والهوامّ : 14 - اتّفقت المذاهب على عدم جواز بيع سباع البهائم والطّير ، إذا كانت ممّا لا ينتفع به بحال . فإن كانت ممّا ينتفع به جاز بيعه إلاّ الخنزير ، فإنّه نجس العين ، فلا يجوز الانتفاع به ، فكذلك لا يجوز بيعه . لكنّهم ذهبوا مذاهب في تفسير النّفع الّذي يجيز بيع السّباع : 15 - فالحنفيّة - في ظاهر الرّواية من مذهبهم - والمالكيّة في الرّاجح من المذهب ، ذهبوا إلى إطلاق النّفع ، ولو بالجلد ، وبدون تفرقة بين المعلّم وغيره . ومن نصوص الحنفيّة في هذا : صحّ بيع الكلب ولو عقوراً ، والفهد والفيل والقرد ، والسّباع بسائر أنواعها ، حتّى الهرّة ، وكذا الطّيور أي الجوارح منها ) علّمت أو لا ، سوى الخنزير ، وهو المختار ، للانتفاع بها وبجلدها . وعلّل الزّيلعيّ أيضاً جواز بيعها بجواز الانتفاع بها شرعاً ، وبقبولها التّعليم عادةً ، ثمّ طرح هذا الضّابط قائلاً فيه : وكلّ منتفع به شرعاً ، في الحال أو في المآل ، وله قيمة .. جاز بيعه ، وإلاّ فلا . وقال الحصكفيّ : جواز البيع يدور مع حلّ الانتفاع . وقال البابرتيّ : وإذا ثبت أنّ مناط الحكم الانتفاع ، ثبت في الفهد والنّمر والذّئب . بخلاف الهوامّ المؤذية ، كالحيّات والعقارب والزّنابير ، لأنّها لا ينتفع بها . وكذا غير المؤذية من هوامّ الأرض : كالخنافس والفأرة والنّمل والوزغ والقنافذ والضّبّ ، أو من البحر ، كالضّفدع والسّرطان . 16 - أمّا مذهب المالكيّة فهو أنّ بيع الهرّ والسّبع للجلد جائز ، وأمّا للّحم فقط ، أو له وللجلد فمكروه . وهذا مبنيّ على حكم لحم السّباع عندهم . وأمّا سباع الطّير ذوات المخالب ، فلحمها مباح عندهم ، كالباز والعقاب والرّخم ، وكرهوا الوطواط . وأمّا سباع البهائم ، فلهم فيها ثلاثة أقوال : الكراهة . والمنع . والتّفرقة بين العادي - الّذي يعدو على الآدميّ - كالأسد والفهد والنّمر والذّئب ، فيحرم . وبين غير العادي ، كالدّبّ والثّعلب والضّبع والهرّ مطلقاً ، فيكره . لكنّ الّذي في مختصر خليل كراهتها ، حتّى الفيل عنده - وفي عهدته ، كما قالوا . 17 - أمّا الشّافعيّة : فقد فسّروا النّفع بنحو الصّيد والحراسة ، ولو مآلاً ، بأن يرجى تعلّم الحيوان . أمّا ما لا نفع فيه فلا يصحّ بيعه ، الفواسق الخمس ، وكذا ما لا يرجى تعلّمه للصّيد ، لكبره مثلاً . فالفهد ينتفع به للصّيد ، والفيل للقتال ، والقرد للحراسة ، والهرّة الأهليّة لدفع نحو فأر ، والعندليب للأنس بصوته ، والطّاووس للأنس بلونه . وكتب الشّيخ عميرة على قول النّوويّ في منهاجه : فلا يصحّ بيع الحشرات وكلّ سبع لا ينفع . مبيّناً خصال انتفاء النّفع ، بقوله : مثل : أن لا يؤكل ، ولا يصال ولا يقاتل عليه ، ولا يتعلّم ، ولا يصلح للحمل . كما قرّر أنّ انتفاء النّفع قد يكون حسّاً ، وقد يكون شرعاً ، وأنّ انتفاء النّفع ينفي الماليّة ، فأخذ المال في مقابلته قريب - كما نقله عن الرّافعيّ - من أكل المال بالباطل . 18 - أمّا الحنابلة فقد ذهبوا - كما في رواية عن أبي يوسف من الحنفيّة اعتمدها السّرخسيّ إلى أنّه لا يصحّ بيع ما لا يصلح للاصطياد ، ولا يقبل التّعليم بحال : - أ - ومثّل الحنابلة لما لا يصلح للاصطياد بالأسد والذّئب والنّمر والدّبّ ، وبالرّخم والحدأة والغراب الأبقع والنّسر والعقعق وغراب البين ، وبيضها ، لأنّه لا نفع فيه ، فأخذ ثمنه أكل للمال بالباطل ، ولأنّه ليس فيها نفع مباح كالحشرات ، فأشبهت الخنزير . فأمّا ما يصلح للاصطياد ، كالفهد وكالصّقر والباز ، بأن كانت معلّمةً أو قابلةً للتّعليم ، فإنّ فيها نفعاً مباحاً ، فيصحّ بيعها ، وبيع أولادها وفراخها ، وبيضها لاستفراخه ، فينتفع به مآلاً . ومع ذلك نصّوا على جواز بيع القرد ، للحفظ لا للّعب ، لأنّ الحفظ - كما قالوا - من المنافع المباحة - ب - ومثّل الحنفيّة للمرويّ عن أبي يوسف ، بالآتي : مع التّفصيل تطبيقاً عليه : - الأسد ، إن كان يقبل التّعليم ويصطاد به ، يجوز بيعه وإلاّ فلا . - الفهد والبازي يقبلان التّعليم ، فيجوز بيعهما على كلّ حال . - النّمر - كما يقول الكمال - لا يقبل التّعليم لشراسته ، فلا يجوز بيعه بحال ، وكذا الكلب العقور على التّخصيص عند أبي يوسف . - القرد ، فيه روايتان عن أبي حنيفة : الأولى : جواز بيعه لإمكان الانتفاع بجلده ، وهي رواية الحسن عنه ، وصحّحها الزّيلعيّ . والأخرى : لا يجوز بيعه ، لأنّه للتّلهّي ، وهو محظور ، فكان بيع الحرام للحرام ، وأنّه لا يجوز . وصحّح هذا الكاسانيّ ، وبنى عليه ابن عابدين أنّه لولا قصد التّلهّي لجاز بيعه . لكنّ قصد التّلهّي يقتضي الكراهة ، لا عدم الصّحّة ، كما قال الحصكفيّ . بيع آلات اللّهو والمعازف : 19 - ذهب جمهور الفقهاء ، ومنهم الصّاحبان من الحنفيّة ، والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إلى تحريم بيع آلات اللّهو المحرّمة ، والمعازف إلاّ ما جاز استعماله منها ، وصرّحوا بعدم صحّة بيعها . والتّقييد بالمحرّمة ، لإخراج بيع الشّطرنج ، الّذي يقول الشّافعيّة بحلّه ، وطبل الغزاة ونحوه ، فمن المحرّمات : الطّنبور ، والمزمار ، والشّبّابة ( وهي النّاية ) والعود ، والصّنج والرّباب . فالصّاحبان من الحنفيّة يريان أنّ هذه الآلات أعدّت للمعصية ، فبطل تقوّمها ، ولا ينعقد بيعها ، كالخمر . والمالكيّة قرّروا أنّ من شروط المعقود عليه : أن يكون ممّا ينتفع به انتفاعاً شرعيّاً ، وإن قلّ كالتّراب ، وإن كانت المنفعة لا تجوز فهي كآلات اللّهو . والشّافعيّة قرّروا أنّ آلة اللّهو المحرّمة لا يقصد منها غير المعصية ، ولا نفع بها شرعاً . والحنابلة قرّروا أنّ كسر هذه الآلات لا يستوجب الضّمان ، وأنّها كالميتات . وتحريم بيع المعازف مبنيّ على قول الجمهور بتحريم المعازف وآلات اللّهو . وذهب بعض الفقهاء إلى إباحتها إذا لم يلابسها محرّم ، فيكون بيعها عند هؤلاء مباحاً . والتّفصيل في مصطلح ( معازف ) . ومذهب أبي حنيفة - خلافاً لصاحبيه - أنّه يصحّ بيع آلات اللّهو كلّها ، وهو أيضاً قول ضعيف عند الشّافعيّة ، مقيّد بأن يمكن اعتبار مكسّرها مالاً ، ففيها نفع متوقّع عندئذ . وفي الوقت الّذي يرى الصّاحبان أنّ آلات اللّهو معدّة للمعصية ، موضوعة للفسق والفساد - كما هو تعبير الكاسانيّ - فلا تكون أموالاً فيبطل تقوّمها ، كالخمر . يرى أبو حنيفة أنّها أموال لصلاحيتها لما يحلّ من وجوه الانتفاع ، بأن تجعل ظروفاً لأشياء ، ونحو ذلك من المصالح ، وإن صلحت لما لا يحلّ فصارت كالأمة المغنّية ، وهذا لأنّ الفساد بفعل فاعل مختار ، فلا يوجب سقوط التّقوّم . وجواز البيع مرتّب على الماليّة والتّقوّم . بيع الأصنام ونحوها : 20 - الخلاف المارّ بين الجمهور وبين أبي حنيفة وبعض الشّافعيّة في بيع آلات اللّهو ، جار هنا في بيع الأصنام . ودليل الجمهور على التّحريم انتقاء المنفعة المباحة شرعاً ، ونصّ حديث جابر مرفوعاً « إنّ اللّه حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » . ودليل أبي حنيفة والقلّة من الشّافعيّة على الجواز : الانتفاع بها بعد الكسر ، فنفعها متوقّع ، فوجدت الماليّة والتّقوّم في المال ، وجواز البيع مرتّب عليهما . وقد صرّح الرّافعيّ من الشّافعيّة بأنّ الوجهين يجريان في الأصنام والصّور ، وكذا الشّوكانيّ وفيما يلي بعض ما يلحق بالأصنام مع بعض أحكامها : نصّ الشّافعيّة على أنّه لا يصحّ بيع الصّور والصّلبان ، وللحنفيّة قولان في الصّور للصّغار صحّةً وضماناً . ونصّوا على صحّة بيع النّقد الّذي عليه صور ، وعلّلوه بأنّها غير مقصودة منه بوجه ما . وتردّدوا في الصّليب المتّخذ من الذّهب والفضّة ، هل يلحق بالأصنام ، أو بالنّقد الّذي عليه صور ؟ - أ - فرجّحوا إلحاقه بالصّنم إذا أريد به ما هو من شعارهم المخصوص بتعظيمهم . - ب - ورجّحوا إلحاقه بالنّقد الّذي عليه صور إن أريد به ابتذاله بالاستعمال . الشّرط الرّابع : أن يلي البيعَ المالكُ أو من يقوم مقامه . 21 - نصّ الفقهاء على أنّ من شروط انعقاد البيع : أن يكون المبيع مملوكاً للبائع أو موكّله أو مولّيه ، وهذا إذا كان العاقد يبيع بالأصالة أو النّيابة . أمّا إذا كان فضوليّاً بأن يصرّح أنّه يبيع ملك غيره دون إذن ، فلا يكون شرط انعقاد عند من أجاز بيع الفضوليّ ، وتفصيله في مصطلح : ( بيع الفضوليّ ) . ودليل هذا الشّرط ما روي « عن حكيم بن حزام رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول اللّه : يأتيني الرّجل يسألني البيع ، ليس عندي ما أبيعه ، ثمّ أبتاعه من السّوق ، فقال : لا تبع ما ليس عندك » . قالوا : المراد ما ليس في ملكك وقدرتك . وقال البغويّ : النّهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان الّتي لا يملكها . وما روي أيضاً في الحديث : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ورخّص في السّلَم » . ولأنّ البيع تمليك ، فلا ينعقد فيما ليس بمملوك . وبناءً عليه : لا ينعقد بيع الكلأ في منابته ، ولو كان في أرض مملوكة ، لأنّه مباح بالنّصّ ، وكذلك الماء في منابعه ما لم يحرز ، وذلك لحديث : « المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنّار » وكذا الطّير في الهواء ، والسّمك في الماء ، كلّ ذلك لا ينعقد بيعه ، لانعدام سبب الملك فيه ، وهو الإحراز . فإذا جُمِعَ الكلأ ، وصيد الطّير والسّمك ، وحمل الماء من الينابيع والأنهار العامّة ملك ، وجاز بيعه . وفي هذا يروى أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن بيع الماء إلاّ ما حمل منه » . ونذكر هنا فروعاً فقهيّةً تطبيقيّةً لهذا الشّرط : أ - بيع الفضوليّ : 22 - وهو من ليس بوكيل ولا وليّ عن المالك ، وكذا سائر عقوده : - فمذهب الحنابلة ، والشّافعيّ في الجديد : أنّه باطل ، وإن أجازه المالك بعد ذلك . للحديث المذكور سابقاً « لا تبع ما ليس عندك » ولأنّه تمليك ما لا يملك ، وبيع ما لا يقدر على تسليمه ، فأشبه بيع الطّير في الهواء . - ومذهب الحنفيّة والمالكيّة ، والشّافعيّ في القديم ، وروي عن أحمد أيضاً : أنّ هذا العقد صحيح موقوف على إجارة المالك ، فإن أجازه نفذ ولزم البيع ، وإن لم يجزه وردّه بطل . وذلك لإطلاقات النّصوص في حلّ البيع ، من غير تفصيل بين الأصيل والوكيل ، ابتداءً أو بقاءً وانتهاءً . ولحديث « عروة بن الجعد البارقيّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاةً ، فاشترى به شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، ثمّ عاد بالدّينار والشّاة ، فدعا له بالبركة في بيعه » ، وفي رواية أنّه قال له : « بارك اللّه في صفقة يمينك » . وتفصيل الكلام عن بيع الفضوليّ ينظر في مصطلحه . وبناءً على هذا الشّرط صرّح الفقهاء ببطلان بيع ما يلي : - 1 - بيع الوقف : وقد صرّحوا ببطلانه ، حتّى الحنفيّة ، وقالوا : إنّه باطل لا فاسد ، فلا يملك بالقبض ( ر مصطلح : وقف ) - 2 - بيع أراضي بيت المال : فقد قرّر بعض الفقهاء أنّها تجري على رقبتها أحكام الوقوف المؤبّدة ( ر مصطلح : أرض ) وأراضي الجزي ( ر مصطلح : جزية ) . - 3 - بيع المساجد ، ورباع مكّة ، والحرم ، وبقاع المناسك على خلاف وتفصيل في بعض ذلك . ر مصطلحات : ( مسجد ، حرم ، مكّة ) . - 4 - المعادن الجارية والجامدة ، في الأراضي المملوكة والمحيّاة . وخلاف الفقهاء معروف في جواز بيعها . ر مصطلح : ( أرض ، معدن ، إحياء ) . ب - ضربة الغائص : 23 - الغائص : من يغوص لاستخراج اللّآلئ من البحر ، يقول : أغوص غوصةً ، فما أخرجته من اللّآلئ فهو لك بكذا . ومثله القانص ، وهو الصّائد ، يقول : بعتك ما يخرج من إلقاء هذه الشّبكة مرّةً ، بكذا . وقد جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتّى تضع ، وعن بيع ما في ضروعها إلاّ بكيل ، وعن شراء العبد وهو آبق ، وعن شراء المغانم حتّى تقسم ، وعن شراء الصّدقات حتّى تقبض ، وعن ضربة الغائص » . ولا يختلف الفقهاء في فساد هذا البيع ، لأنّه بيع معدوم ، وبيع ما لم يملك ، وبيع مجهول ، وبيع غرر . وصرّح الحنفيّة ببطلانه . ونصّ ابن الهمام على أنّه بيع باطل ، لعدم ملك البائع المبيع قبل العقد ، فكان غرراً ، ولجهالة ما يخرج . وكذلك الحصكفيّ من الحنفيّة ، وعلّل البطلان بأنّه بيع ما ليس في ملكه . ج - بيع الصّدقة والهبة قبل القبض : 24 - جمهور الفقهاء يشترطون القبض في التّبرّعات ، كالصّدقة ونحوها ، فما لم تقبض لا تلزم ولا تفيد الملك ، فلا يجوز بيعها قبل قبضها ، كما نصّ عليه حديث « النّهي عن شراء الصّدقات حتّى تقبض » وذلك لعدم الملك . وهذا خلافاً للمشهور في مذهب مالك وآخرين ، والمرويّ عن أحمد في غير المكيلات والموزونات ، من اللّزوم قبل القبض ، وإنّما القبض شرط تمام - كما يقول المالكيّة - لا شرط صحّة ، والانعقاد واللّزوم بالقول . ولذلك يجوز بيعها قبل قبضها لثبوت الملك فيها ، خلافاً لما ملك بالمعاوضة ولم يقبض فلا يجوز بيعه ، كما سيأتي عند الكلام عن بيع ما لم يقبض . د - بيع الغنيمة قبل القسم : 25 - ممّا يتّصل ببيع ما لم يملك ، مسألة بيع المجاهد نصيبه من الغنيمة ، قبل أن يقسمه له الإمام . وقد ورد النّصّ بها في خصوصها في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام .. وعن شراء المغانم حتّى تقسم » الحديث . وفي حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتّى تقسم » . ويرى الفقهاء إباحة أخذ الأطعمة ونحوها من الأقوات من الغنائم قبل قسمتها للحاجة بوجه عامّ ، ولم يبيحوا تملّكها ، ولا تموّلها - كما عبّر الحصكفيّ من الحنفيّة - فدلّ هذا على منع البيع ، ولذلك بحثوا حكم بيعها عند الكلام عن الانتفاع بها . 26 - فنصّ الحنفيّة على أنّه لا يجوز بيع شيء من المذكورات قبل القسمة أصلاً ، ولو كان لحاجة ، وذلك لعدم الملك ، لأنّ الغنائم لا تملك قبل القسمة ، وإنّما أبيح الانتفاع للحاجة ، والمباح لا يملك بالبيع ، وهذا نصّ المرغينانيّ في بدايته : ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب . فلو باع شيئاً من المذكورات المباحة له ، كان بيعه فضوليّاً عندهم ، فإن أجازه الإمام ردّ ثمنه إلى المغانم ، فإن كانت المغانم قد قسمت تصدّق بالثّمن إن كان غير فقير ، لأنّه لقلّته لا يمكن قسمته ، فتعذّر إيصاله إلى مستحقّه ، فيتصدّق به كاللّقطة . وإن كان فقيراً أكله . 27 - والمالكيّة قالوا : يجوز - مع - الكراهة - مبادلة الطّعام بمثله أو غيره ، ولو بتفاضل أو تأخير في الطّعام الرّبويّ المتّحد الجنس . 28 - والشّافعيّة خالفوا في ذلك ، وقرّروا أنّه ليس له الطّعام إلى حاجة أخرى ، بدلاً عن طعامه ، وأنّه لا يجوز له إلاّ أكلة فقط ، لأنّه على سبيل الإباحة لا التّمليك . وهذا كالنّصّ على عدم جواز البيع . هذا ما قاله الشّافعيّة في بحث الغنائم ، لكن في بحث حكم بيع المبيع قبل قبضه ، قرّروا خلافه . ولما قرّر النّوويّ في منهاجه أنّ الشّخص له بيع ما له في يد غيره أمانةً ، كوديعة ومشترك وقراض ، ومرهون بعد انفكاكه ، علّق القليوبيّ على قولة : " كوديعة " بما نصّه : ومثلة غلّة وقف وغنيمة ، فلأحد المستحقّين أو الغانمين ، بيع حصّته قبل إفرازها . قاله شيخنا . بخلاف حصّته من بيت المال ، فلا يصحّ بيعها قبل إفرازها ورؤيتها ، واكتفى بعض مشايخنا بالإفراز فقط ، ولو مع غيره . فكلام القليوبيّ هنا ، نقلاً عن شيخه ، يخالف ما تقدّم ، من أنّ له الأخذ على سبيل الإباحة لا التّمليك . فيبدو أنّ هذا بناءً على أحد أقوال ثلاثة عند الشّافعيّة في ملك الغنيمة قبل القسمة : أوّلها : أنّها لا تملك إلاّ بالقسمة ، لكن لا بمجرّدها ، بل إن قبل ما أحرز له أو رضي به ، لأنّ المعتبر هو اختيار التّملّك ، ولا بدّ من اللّفظ بأن يقول : اخترت ملك نصيبي . وهذا هو القول المعتمد عندهم . الثّاني : وقيل يملكون قبل القسمة بالاستيلاء ملكاً ضعيفاً يسقط بالإعراض ، ووجّه هذا الشّيخ عميرة البرلّسيّ : بأنّ ملك الكفّار قد زال ، وبعيد بقاؤه بلا مالك . الثّالث : إن سلمت الغنيمة إلى القسمة ، بانَ ( أي ظهر ملكهم ) بالاستيلاء ، وإلاّ بأن تلفت أو أعرضوا فلا ملك لهم . فيبدو أنّ صحّة البيع عند شيخ القليوبيّ قبل القسمة ، بناءً على غير المعتمد عندهم . 29 - أمّا الحنابلة فقد نصّ الخرقيّ منهم على أنّ من تعلف فضلاً عمّا يحتاج إليه ، ردّه على المسلمين ، فإن باعه ردّ ثمنه في المقسم . وعلّلوا وجوب ردّ من فضل معه طعام كثير من الغنائم وأدخله البلد ، إلى مقسّم تلك الغزوة بأنّه : أخذ ما لا يحتاج إليه ، فيلزمه ردّه ، لأنّ الأصل تحريمه ، لكونه مشتركاً بين الغانمين ، كسائر المال ، وإنّما أبيح منه ما دعت الحاجة إليه ، فما زاد يبقى على أصل التّحريم ، ولهذا لم يبح بيعه . ورووا في ذلك هذا الأثر ، وهو :" أنّ صاحب جيش الشّام كتب إلى عمر رضي الله عنه : إنّا أصبنا أرضاً كثيرة الطّعام والعلف ، وكرهت أن أتقدّم في شيء . فكتب إليه : دع النّاس يعلفون ويأكلون ، فمن باع منهم شيئاً بذهب أو فضّة ، ففيه خمس للّه وسهام المسلمين" وفصّل القاضي من أئمّتهم تفصيلاً دقيقاً ، في هذه المسألة ، وقد ارتضوه ، فقال : لا يخلو إمّا أن يبيعه من غاز أو غيره . - فإن باعه لغيره ، فالبيع باطل ، لأنّه يبيع مال الغنيمة بغير ولاية ولا نيابة ، فيجب ردّ المبيع ، ونقض البيع . فإن تعذّر ردّه ، ردّ قيمته أو ثمنه ، إن كان أكثر من قيمته إلى المغنم . قال ابن قدامة : وعلى هذا الوجه حمل كلام الخرقيّ - وإن باعه لغاز لم يحلّ ، إلاّ أن يبدّله بطعام أو علف ، ممّا له الانتفاع به أو بغيره على النّحو التّالي : - فإن باعه بمثله ، فليس هذا بيعاً في الحقيقة ، إنّما سلّم إليه مباحاً وأخذ مثله مباحاً ، ولكلّ واحد منهما الانتفاع بما أخذ ، وصار أحقّ به ، لثبوت يده عليه . فعلى هذا لو باع صاعاً بصاعين ، وافترقا قبل القبض جاز ، لأنّه ليس ببيع . وإن باعه نسيئةً ، أو أقرضه إيّاه فأخذه ، فهو أحقّ به ، ولا يلزمه إيفاؤه ، فإن وفّاه أو ردّه إليه ، عادت اليد إليه . - وإن باعه بغير الطّعام والعلف ، فالبيع أيضاً غير صحيح ، ويصير المشتري أحقّ به ، لثبوت يده عليه ، ولا ثمن عليه . وإن أخذ منه وجب ردّه إليه . 30 - ومن هذا يتّضح أنّ الاتّجاه العامّ في الفقه - بغضّ النّظر عمّا روي من قول للشّافعيّة ، وعن حال مبادلة الطّعام بالمثل وغيره عند المالكيّة والحنابلة - هو عدم جواز بيع المغانم قبل القسمة ، كما هو نصّ الحديث الشّريف ، الّذي نهى عن شراء المغانم حتّى تقسم . وفي هذا يقول الشّوكانيّ : مقتضى النّهي عدم صحّة بيعها قبل القسمة ، لأنّه لا ملك - على ما هو الأظهر من قول الشّافعيّ وغيره - لأحد من الغانمين قبلها ، فيكون ذلك من أكل أموال النّاس بالباطل . 31 - هذا حكم بيع الغزاة الغانمين أنصبتهم وما يأخذونه من الغنائم ، قبل القسمة . أمّا حكم بيع الإمام الغنائم قبل القسمة ، فقد عرض له الحنفيّة فذكر الطّحاويّ أنّه يصحّ . لأنّه مجتهد فيه ، يعني أنّه لا بدّ أن يكون الإمام رأى المصلحة في ذلك ، وأقلّها تخفيف إكراه الحمل على النّاس ، أو عن البهائم ونحوه ، وتخفيف مؤنته عنهم ، فيقع عن اجتهاد في المصلحة ، فلا يقع جزافاً ، فينعقد بلا كراهة مطلقاً . كما عرض له المالكيّة أيضاً ، ولهم فيه قولان : الأوّل : وجوب بيع الإمام الأربعة الأخماس من الغنائم ، ليقسمها بين المجاهدين ، لأنّ قسمة الأثمان أقرب إلى المساواة ، لما يدخل التّقويم من الخطأ . الآخر : عدم الوجوب ، بل الإمام مخيّر ، فإن شاء باع وقسم الثّمن ، وإن شاء قسم الأعيان بحسب ما يراه من المصلحة . الشّرط الخامس : أن يكون المبيع مقدور التّسليم . 32 - نصّ الفقهاء على أنّ من شروط المبيع كونه مقدور التّسليم بعد اشتراط كونه مملوكاً . فقد يملك الإنسان مالاً ، ولا يقدر على تسليمه كالجمل الّذي شرد من صاحبه ، فلا يصحّ بيعه في هذه الحال ، لأنّ ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم ، والمعدوم لا يصحّ بيعه - كما تقدّم - فكذا ما أشبهه . وممّا يمثّل بيع غير مقدور التّسليم : السّمك إذا وقع في البحر بعد امتلاكه ، والطّير المملوك إذا طار في الهواء ، والصّيد إذا انفلت بعد صيده ، ومنه بيع العبد الآبق والشّيء المغصوب . والآبق : من ترك سيّده من غير خوف ولا كدّ عمل . ولهذا قيل : إن كان هروبه من خوف أو تعب ، يقال له : هارب . 33 - والفقهاء متّفقون على فساد هذا العقد وإن تردّد الحنفيّة في الفساد والبطلان مع ما يترتّب على ذلك : من أنّ ارتفاع المفسد يردّ العقد صحيحاً ، لقيام العقد مع الفساد ، بخلاف ارتفاع المبطل ، لأنّ العقد معدوم معه وإن رجّح الكمال منهم الفساد ، لانعدام القدرة فيه على التّسليم . وعلّلوا فساد هذا العقد : - بالنّهي عنه في حديث أبي سعيد المتقدّم « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام ... وعن شراء العبد وهو آبق » . - ولأنّه لا يقدر على تسليمه ، وهو شرط جوازه . 34 - ومع ذلك ، لو حصل بيع العبد وهو آبق ، ففيه هذه الصّور التّفصيليّة المذهبيّة : الأولى : أن يبيعه المالك ممّن هو في يده . وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، ، بل قطعاً كما يعبّر الشّافعيّة وهو مقتضى نصّ ابن قدامة وغيره من أنّه : إن حصل في يد إنسان جاز بيعه ، لإمكان تسليمه ، لكنّ المصرّح به في المذهب الحنبليّ أنّه لا يجوز بيعه ولو لقادر على تحصيله . غير أنّ الحنفيّة فصّلوا في صيرورة الّذي هو في يده قابضاً بعد البيع : أ - فإن كان قبض الآبق حين وجده لنفسه ، لا ليردّه على سيّده ، ولم يشهد على قبضه لسيّده ، فإنّه يصير قابضاً ، لأنّ قبضه هذا قبض غصب ، وهو قبض ضمان ،كقبض المبيع. ب - وإن أشهد على قبضه عندما وجده لا يصير قابضاً ، لأنّ قبضه هو قبض أمانة ، حتّى لو هلك قبل أن يصل إلى سيّده لا يضمنه ، فلا ينوب عن قبض الضّمان ، وهو قبض المبيع ، لأنّه أقوى ، ولأنّه مضمون بالثّمن ، ولهذا لو هلك قبل أن يرجع إلى مالكه ، انفسخ البيع ورجع بالثّمن . الثّانية : أن يبيعه المالك ممّن هو في يد غيره . وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، بشرط القدرة على الانتزاع والتّحصيل - لكن بسهولة كما هو نصّ المالكيّة - وهو الصّحيح من مذهب الشّافعيّة ، والقول الثّاني المصوّب عند الحنابلة ، ومقتضى نصّ ابن قدامة وغيره . لكنّ الحنفيّة نصّوا على فساد هذه الصّورة ، وهذا هو الوجه الآخر عند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة . وعلّله الشّافعيّة بعجز البائع عن التّسليم . الثّالثة : أن يبيعه المالك ممّن يقدر على ردّه ، وليس هو في يد أحد . وهذه الصّورة جائزة عند الجمهور ، وفي القول الثّاني عند الحنابلة . لكنّ القليوبيّ من الشّافعيّة ، قيّدها بأن يكون المشري قادراً على ردّه بلا مشقّة لا تحتمل عادةً ، وبلا مؤنة لها وقع . والمذهب عند الحنابلة عدم جوازها . الرّابعة : أن يبيعه ممّن لا يقدر على تحصيله . والإجماع على عدم جوازها ، وهي محمل الحديث . 35 - ويتّصل ببيع الآبق ، بيع المغصوب : أ - فإن باعه من غاصبه ، جاز بالاتّفاق ، وعبّر الشّافعيّة بالجواز هنا لأنّ المبيع مسلّم بالفعل إلى المشتري ، ( وقبضه بعد البيع ، كقبضه قبله ، في المضمونيّة ) .. وقيّده - مع ذلك - المالكيّة بشرط أن يعلم أنّ الغاصب عزم على ردّه لربّه . ب - وإن باعه من قادر على انتزاعه أو ردّه صحّ عند الجمهور ، وهو القول الصّحيح عند الشّافعيّة . لكنّهم قيّدوه بتيسّر وصوله إلى المشتري بلا مؤنة ولا مشقّة ملحوظة عليه ، فإن احتاج الرّدّ إلى مؤنة انتفى المنع . كما قيّده المالكيّة بكون الغاصب مقرّاً مقدوراً عليه ، وإلاّ لا . لأنّ المشهور عندهم منع شراء ما فيه خصومة . والمقرّر أنّه لا يجوز بيع المغصوب عندهم إلاّ من غاصب ، كالحنابلة . وفي قول للشّافعيّة : أنّه لا يصحّ ، لعجز البائع بنفسه عن التّسليم . وهو رواية عن الإمام أحمد . وصرّح الحنفيّة بأنّ بيع المغصوب من غير الغاصب ينعقد موقوفاً على التّسليم ، فلو سلّم نفذ ، وإلاّ لا . وفرّقوا بين بيع الآبق - فإنّه فاسد بل غير منعقد - وبين بيع المغصوب - فإنّه صحيح - بأنّ المالك في بيع المغصوب قادر على التّسليم بقدرة الحاكم ، إلاّ أنّه موقوف لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب صورةً ، فإذا سلّم زال المانع فينفذ . وهذا بخلاف الآبق ، لأنّه - كما قال الكاسانيّ - : معجوز التّسليم على الإطلاق إذ لا تصل إليه يد أحد ، لما أنّه لا يعرف مكانه ، فكان العجز متقرّراً ، والقدرة محتملةً موهومةً ، فلا ينعقد مع الاحتمال ، فأشبه بيع الآبق بيع الطّير الّذي لم يوجد وبيع السّمك الّذي لم يوجد ، وذلك باطل ، كذا هذا . الأسباب الّتي تتعلّق بلازم العقد : وهي : الرّبا ، وما هو ذريعة إليه ، والغرر . وفيما يلي أسباب النّهي المتعلّقة بالرّبا . 36 - الرّبا في اللّغة : الزّيادة . وفي الاصطلاح الفقهيّ : عرّفه الحنفيّة بأنّه : فضل - ولو حكماً - خال عن عوض بمعيار شرعيّ ، مشروط لأحد المتعاقدين ، في المعاوضة . وقَيْدُ الحكميّة ، لإدخال ربا النّسيئة وأكثر البيوع الفاسدة ، لأنّ الرّبا نوعان : ربا الفضل ، وربا النّسيئة . والرّبا محرّم بالكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة . قال ابن قدامة : أجمعت الأمّة على أنّ الرّبا محرّم بنوعيه : الفضل والنّسيئة ، ويجري ربا الفضل وربا النّسيئة في بعض مسائل الصّرف وتفصيله في ( الصّرف ) . والرّبا من الكبائر ، ولم يحلّ في شريعة قطّ لقوله تعالى { يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذَرُوا ما بَقِيَ من الرّبا إن كنتم مؤمنين ، فإنْ لم تَفْعَلوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ منَ اللّه ورسولِه ، وإنْ تُبْتُم فلكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون } وفي الحديث « لعن اللّه آكلَ الرّبا وموكِلَه وكاتِبَه وشاهديه ». وقال : « هم سواء » وليس القصد هنا ذكر أحكام الرّبا وشروطه ومسائله ، بل ينظر تفصيل ذلك تحت عنوان ( رباً ) . والقصد هنا التّعرّف على أحكام بعض البيوع الرّبويّة ، وهي الّتي ورد النّهي عنها في السّنّة ، ومن هذه البيوع ما يلي : أ - بيع العينة : 37 - هو : بيع العين بثمن زائد نسيئةً ليبيعها المستقرض بثمن حاضر أقلّ ليقضي دينه ، كما عرّفه الحنفيّة وهناك تعريفات وصور أخرى اختلف الفقهاء فيها وفي حكمها . وينظر تفصيله في مصطلح : ( بيع العينة ) . ب - بيع المزابنة : 38 - المزابنة : بيع التمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصاً ( أي ظناً وتقديراً ) وذلك بأن يقدر الرطب الذي على النخيل بمقدار مائة صاع مثلاً بطريق الظن والحرز، فيبيعه بقدره من التمر . واتفق الفقهاء على فساد هذا النوع من البيع . وتفصيله في مصطلح ( بيع المزابنة ) . ت - بيع المحاقلة : 39 - المحاقلة : بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصاً . واتّفق الفقهاء على عدم جواز المحاقلة ، لحديث جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة » . وللتّفصيل ( ر : بيع المحاقلة ) . ث - بيع العرايا : 40 - هو : بيع الرّطب على النّخل بتمر في الأرض ، أو العنب في الشّجر بزبيب . واختلف الفقهاء في جواز العرايا . وينظر تفصيله في مصطلح ( بيع العرايا ) . ج - بيع العربون : 41 - بيع العربون هو : أن يشتري السّلعة ويدفع إلى البائع درهماً أو أكثر على أنّه إن أخذ السّلعة احتسب به من الثّمن ، وإن لم يأخذها فهو للبائع . وقد اختلف الفقهاء في جوازه ، فذهب الجمهور إلى أنّه لا يصحّ ، وذهب الحنابلة إلى جوازه على تفصيل ينظر في ( بيع العربون ) . ح - النّهي عن بيع الطّعام حتّى يجري فيه الصّاعان : 42 - ورد فيه حديث جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطّعام ، حتّى يجري فيه الصّاعان : صاع البائع ، وصاع المشتري » . وفي معناه ورد أيضاً حديث عثمان رضي الله عنه . « قال : كنت أبتاع التّمر من بطن من اليهود يقال لهم : بنو قينقاع ، وأبيعه بربح ، فبلغ ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : يا عثمان إذا اشتريت فاكْتَل ، وإذا بعت فَكِلْ » . كما ورد أيضاً حديث يحيى بن أبي كثير « أنّ عثمان بن عفّان ، وحكيم بن حزام رضي الله عنهما . كانا يبتاعان التّمر ، ويجعلانه في غرائر ، ثمّ يبيعانه بذلك الكيل ، فنهاهما رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يبيعاه حتّى يكيلا لمن ابتاعه منهما » . وهذه الأحاديث تدلّ على أنّ من اشترى شيئاً مكايلةً ، وقبضه ثمّ باعه إلى غيره ، لم يجز تسليمه بالكيل الأوّل ، حتّى يكيله على من اشتراه ثانياً ، وإليه ذهب الجمهور ، كما حكاه ابن حجر في فتح الباري . ونصّ ابن الهمام على أنّ هذا مذهب أبي حنيفة ومالك والشّافعيّ وأحمد رضي الله عنهم . وقد اشترط الفقهاء القبض قبل بيع المبيع في الجملة . فهذا من تمام القبض - كما يعبّر الحنفيّة - أو هو شرط في ( صحّة ) قبض المنقول مع نقله . كما يقول الشّافعيّة . لكن قام الإجماع على عدم اعتبار الكيل فيما بيع جزافاً . واستثناء الجزاف من الشّرط كان أخذاً من معنى النّصّ ، أو من دليل آخر . 43 - ونذكر هنا بعض الأمثلة التّطبيقيّة الفقهيّة عند الشّافعيّة والحنابلة ، لتقاربهما فيها . المثال الأوّل : لو كان لبكر طعام مقدّر على زيد ، كعشرة آصع ، ولعمرو على بكر مثله ، فليطلب بكر من زيد أن يكيله له ، حتّى يدخل في ملكه ، ثمّ يكيل بكر لعمرو ، ليكون القبض والإقباض صحيحين ، لأنّ الإقباض هنا متعدّد ، ومن شرط صحّته الكيل ، فلزم تعدّده ، لأنّ الكيلين ، قد يقع بينهما تفاوت . فلو قال بكر لعمرو : اقبض يا عمرو من زيد عنّي مالي عليه لنفسك ، ففعل عمرو ، فالقبض بالنّسبة إلى زيد صحيح عند الشّافعيّة ، وفي إحدى روايتين عند الحنابلة ، وتبرأ ذمّته لوجود الإذن ، وهو إذن الدّائن ، وهو بكر في القبض منه له بطريق الاستلزام ، فأشبه قبضه قبض وكيله . لكنّ هذا القبض فاسد بالنّسبة إلى عمرو ، لكونه قابضاً من نفسه لنفسه ، لأنّ قبضه مشروط بتقدّم قبض بكر ولم يوجد ، ولا يمكن حصولهما ، لما فيه من اتّحاد القابض والمقبض ، وما قبضه عمرو مضمون عليه ، لأنّه قبضه لنفسه ، فحينئذ يكيله المقبوض له ، وهو بكر ، للقابض ، وهو عمرو ، ويصحّ قبضه له . والرّواية الأخرى عند الحنابلة هي : أنّ هذا القبض غير صحيح ، لأنّه لم يجعله نائباً له في القبض ، فلم يقع له ، بخلاف الوكيل . وعلى هذه الرّواية يكون المقبوض باقياً على ملك المسلّم إليه ، وهو زيد ، لعدم القبض الصّحيح . بخلافه على الرّواية السّابقة ، فإنّه يكون المقبوض ملكاً لبكر . ويبدو أنّ هذه الرّواية الأخيرة هي الرّاجحة ، فعليها متن الإقناع . ولو قال : اقبضه لي ، ثمّ اقبضه لنفسك ، صحّ القبض لكلّ منهما ، لأنّه استنابه في قبضه له ، وإذا قبضه لموكّله جاز أن يقبضه لنفسه ، كما لو كان له وديعة عند من له عليه دين ، وأذنه في قبضها عن دينه . هذا ، وإن يكن المثال المذكور ، وهو المثال الأوّل ، في السّلم ، لكنّ التّقييد به ، لأنّه الّذي في كلام الأصحاب من الشّافعيّة ، ومثل السّلم - كما قالوا - دين القرض والإتلاف . المثال الثّاني : 44 - لو قال بكر لعمرو : احضر اكتيالي من زيد لأقبضه لك ، ففعل ، لم يصحّ قبضه لعمرو ، لعدم كيله ، ويكون بكر قابضاً لنفسه لاكتياله إيّاه . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية