الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41112" data-attributes="member: 329"><p>أ - بيع الجنين وهو في بطن أمّه :</p><p>69 - وهو بيع الحمل ، كما عبّرت بعض المراجع الفقهيّة . </p><p>والجنين هو : الولد ما دام في بطن أمّه ، ويجمع على أَجِنّةً ، كدليل وأدلّة . ومثل الجنين أيضاً : الملقوح والملقوحة ، وجمعهما ملاقيح ، وهي : ما في الأرحام والبطون من الأجنّة ، بتفسير الحنفيّة والجمهور ، خلافاً للمالكيّة في تفسير الملاقيح بما في ظهور الفحول . وورد النّهي في الحديث عن بيع الجنين ما دام مجتنّاً حتّى يولد ، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتّى تضع » . وتقدّم الإجماع - كما صرّح ابن المنذر - على بطلان هذا البيع ( ر : ف 5 ) للنّهي عنه في الحديث وللغرر ، فعسى أن لا يولد ، ولأنّ فيه جهالةً في صفته وحياته ، ولأنّه غير مقدور على تسليمه . وذكره هنا للغرر فقط ، لكنّه من النّوع الأوّل منه ، وهو الغرر المتعلّق بالمعقود عليه نفسه ، من حيث أصل وجوده ، ولهذا كان النّهي عنه مستوجباً للبطلان عند الجميع ، حتّى في اصطلاح الحنفيّة ، الّذين يفرّقون بين البطلان - وبين الفساد .</p><p>ب - بيع الثّمر قبل أن يبدو صلاحه :</p><p>70 - ويسمّى أيضاً المخاضرة ، كما ورد في بعض النّصوص . وورد النّهي عن ذلك في أحاديث كثيرة منها : حديث ابن عمر رضي الله عنهما « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمار حتّى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع » وفي لفظ آخر : « نهى عن بيع النّخل حتّى تزهو ، وعن بيع السّنبل حتّى يبيضّ ويأمن العاهة » . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « لا تبتاعوا الثّمار حتّى يبدو صلاحها » . وجاء مفسّراً في حديث أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، وعن بيع النّخل حتّى يزهو ، قيل : ما يزهو ؟ قال : يَحْمارّ أو يَصْفارّ » . وفي بعض الرّوايات عن أنس « حتّى تُزهي ، فقيل له : وما تزهي ؟ قال : تحمرّ » . كما جاء بدوّ الصّلاح مفسّراً في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها » . « وكان إذا سئل عن صلاحها ، قال : حتّى تذهب عاهتها » . وفي حديث أنس رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن بيع العنب حتّى يسودّ ، وعن بيع الحبّ حتّى يشتدّ » . </p><p>وورد في الصّحيح التّعبير بلفظ ثالث ، وهو : التّشقيح ، وهذا في حديث جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تباع الثّمرة حتّى تشقح فقيل : ما تشقح ؟ . قال : تَحْمارّ وتصفارّ ، ويؤكل منها » . </p><p>معنى بدوّ الصّلاح :</p><p>71 - فسّر الفقهاء بدوّ الصّلاح بمعان شتّى :</p><p> فالحنفيّة قالوا في تفسيره : أن تؤمن العاهة والفساد ، وإن كان بعضهم - كالكرلانيّ - فسّره بأن تصلح الثّمرة لتناول بني آدم ، وعلف الدّوابّ . والمالكيّة فسّروه تفسيراً مختلفاً نسبيّاً : فهو في التّمر : أن يحمرّ ويصفرّ ويزهو ، وفي العنب : أن يسودّ وتبدو الحلاوة فيه ، وفي غيرهما من الثّمار : حصول الحلاوة ، وفي الخسّ والعصفر : أن ينتفع بهما ، وفي سائر البقول : أن تطيب للأكل ، وفي الزّرع والحبّ : أن ييبس ويشتدّ . </p><p>وأرجع الشّافعيّة بدوّ الصّلاح في الثّمر وغيره كالزّرع ، إلى ظهور مبادئ النّضج والحلاوة ، فيما لا يتلوّن منه ، أمّا فيما يتلوّن فبأن يأخذ في الحمرة أو السّواد أو الصّفرة . وذكروا ثماني علامات يعرف بها بدوّ الصّلاح . </p><p>أحدها : اللّون ، في كلّ ثمر مأكول ملوّن ، إذا أخذ في حمرة ، أو سواد أو صفرة ، كالبلح والعنّاب والمشمش والإجّاص . </p><p>ثانيها : الطّعم ، كحلاوة القصب وحموضة الرّمّان . </p><p>ثالثها : النّضج واللّين ، كالتّين والبطّيخ . </p><p>رابعها : بالقوّة والاشتداد ، كالقمح والشّعير . </p><p>خامسها : بالطّول والامتلاء ، كالعلف والبقول . </p><p>سادسها : الكبر كالقثّاء ، بحيث يؤكل . </p><p>سابعها : انشقاق أكمامه ، كالقطن والجوز . </p><p>ثامنها : الانفتاح ، كالورد . وما لا أكمام له كالياسمين ، فظهوره ، ويمكن دخوله في الأخير . ووضع له القليوبيّ هذا الضّابط ، وهو : بلوغ الشّيء إلى صفة أي حالة يطلب فيها غالباً . ووضع الحنابلة هذا الضّابط : ما كان من الثّمرة يتغيّر لونه عند صلاحه ، كثمرة النّخل والعنب الأسود والإجّاص ، فبدوّ صلاحه بتغيّر لونه ، وإن كان العنب أبيض فصلاحه بتموّهه ، وهو : أن يبدو فيه الماء الحلو ويلين ويصفرّ لونه . وإن كان ممّا لا يتلوّن كالتّفّاح ونحوه ، فبأن يحلو ويطيب . وإن كان بطّيخاً أو نحوه ، فبأن يبدو فيه النّضج . وإن كان ممّا لا يتغيّر لونه ، ويؤكل طيّباً صغاراً وكباراً ، كالقثّاء والخيار ، فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادةً . وحكمة النّهي عن بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه : هي خوف تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها . وثبت في حديث أنس رضي الله عنه « أرأيت إذا منع اللّه الثّمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ » .</p><p>حكم بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه :</p><p>72 - جمهور الفقهاء - بوجه عامّ - على أنّ بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه ، غير جائز ولا صحيح . قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث . ومع ذلك فقد فصّلوا فيه القول ، تبعاً لتقييد العقد بشرط وإطلاقه ، ولا يخلو بيع الثّمرة من هذه الأحوال : </p><p>الأولى : أن يبيعها قبل الظّهور والبروز ، أي قبل انفراك الزّهر عنها وانعقادها ثمرةً ، فهذا البيع لا يصحّ اتّفاقاً . </p><p>الثّانية : أن يبيعها بعد الظّهور ، قبل بدوّ الصّلاح ، بشرط التّرك والتّبقية على الشّجر حتّى تنضج ، فلا يصحّ هذا البيع إجماعاً ، لأنّه شرط لا يقتضيه العقد ، وهو شغل ملك الغير . أو هو صفقة في صفقة أو هو إعارة أو إجارة في بيع . وعلّله ابن قدامة بالنّهي عنه في الحديث المذكور ، والنّهي يقتضي الفساد . قالوا : ومثل بيع الثّمرة قبل بدوّ الصّلاح بشرط التّرك ، بيع الزّرع قبل أن يشتدّ . </p><p>الثّالثة : أن يبيعها بعد الظّهور ، قبل بدوّ الصّلاح بشرط القطع في الحال ، فهذا البيع صحيح بالإجماع ، ولا خلاف في جوازه ، وعلّله الحنابلة بأنّ المنع من البيع قبل بدوّ الصّلاح ، إنّما كان خوفاً من تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، بدليل حديث أنس المارّ ، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيه : « أرأيت إذا مَنَعَ اللّه الثّمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ » وهذا مأمون فيما يقطع ، فصحّ بيعه كما لو بدا صلاحه . </p><p>قالوا : والإجماع على صحّة البيع في هذه الحال ، مخصّص لعموم المنع في مفهوم الحديث السّابق . وفارق ما بعد بدوّ الصّلاح ، لأمن العاهة فيه غالباً ، بخلاف ما قبل بدوّ الصّلاح ، وبهذا الفارق يشعر الحديث الوارد في وضع الجوائح ، وهو : « لو بعت من أخيك تمراً ، فأصابته جائحة ( أي آفة أهلكت الثّمرة ) فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئاً ، بم تأخذ مال أخيك بغير حقّ » .</p><p>73 - غير أنّ الفقهاء قيّدوا هذا الحكم ، وهو جواز بيع الثّمرة قبل بدوّ صلاحها بشرط القطع في الحال ، بقيود بعضها متّفق عليه ، وبعضها انفرد به فريق من الفقهاء ، نشير إليها فيما يلي : </p><p>الشّرط الأوّل : أن يكون الثّمر منتفعاً به :</p><p>أ - فالحنفيّة - في الأصحّ من مذهبهم - وكذا المالكيّة على إطلاق الانتفاع به ، وصرّح الحنفيّة بشمول الانتفاع لما هو في الحال أو في الزّمان الثّاني ، وهو المآل ، أو في ثاني الحال - كما يعبّرون . فمثل القصيل ( وهو الفصفصة الّتي يعلف بها الحيوان ) والحصرم ممّا يجوز بيعه ، لانتفاع الحيوان وانتفاع الإنسان به .</p><p>ب - والشّافعيّة والحنابلة ، قيّدوا الجواز بالانتفاع به في الحال ، وزاد الشّافعيّة تقييد المنفعة بأن تكون مقصودة لغرض صحيح ، وإن لم يكن بالوجه الّذي يراد بالانتفاع به منه كما في الحصرم ، بخلاف الكمّثرى ، لأنّ قطعه في الحال إضاعة مال - كما علّله المالكيّة - وبخلاف ثمرة الجوز ، وزرع التّرمس ، فإنّه لا يصحّ بيعه بالشّرط المذكور نفسه ، لعدم النّفع بالمبيع - كما علّله الحنابلة . </p><p>الشّرط الثّاني : أن يحتاج إليه المتبايعان أو أحدهما . </p><p>الشّرط الثّالث : أن لا يكثر ذلك بين النّاس ، ولا يتمالؤوا عليه . </p><p>وهذان الشّرطان نصّ عليهما المالكيّة ، فإن تخلّف واحد ، منع البيع ، كما يمنع بشرط التّبقية المارّ أو الإطلاق ، كما يأتي . </p><p>الشّرط الرّابع : نصّ عليه الحنابلة ، وهو أن لا يكون ما بيع قبل بدوّ صلاحه مشاعاً ، بأن يشتري نصف الثّمرة قبل بدوّ صلاحها مشاعاً بشرط القطع ، وذلك لأنّه لا يمكنه قطع ما يملكه ، إلاّ بقطع ما لا يملكه ، وليس له ذلك .</p><p>74 - وقد أجاز الفقهاء أيضاً ، إضافةً إلى هذه الصّورة الجائزة ، وهي بيع ما لم يبد صلاحه بشرط القطع في الحال ، هذه الصّور : </p><p>- 1 - أن يبيع الثّمرة الّتي لم يبد صلاحها مع الشّجر ، أو الزّرع الأخضر مع الأرض ، ولا يختلف فيها الفقهاء ، لأنّ الثّمر فيها والزّرع تابعان للشّجر والأرض ، اللّذين لا تعرض لهما عاهة ، كما يقول الشّافعيّة . </p><p>- 2 - أن يبيع الثّمرة لمالك الأصل وهو الشّجر ، أو يبيع الزّرع لمالك الأرض ، لأنّه إذا بيع مع أصل دخل تبعاً في البيع ، فلم يضع احتمال الغرر فيه ، كما احتملت الجهالة في بيع اللّبن في الضّرع مع الشّاة . نصّ على هذه الصّورة الحنابلة ، كما نصّ على الأولى الجميع ، وزاد المالكيّة الصّورة التّالية :</p><p>- 3 - أن يبيع الأصل ، وهو الشّجر أو الأرض ، ثمّ بعد ذلك بفترة ما ، قربت أو بعدت ، وقبل خروجهما من يد المشتري ، يلحق الثّمر أو الزّرع بالأصل المبيع قبله . </p><p>75 - الرّابعة من أحوال بيع الثّمرة : أن يبيعها بعد بدوّ الصّلاح - على الخلاف في تفسيره : بظهور النّضج والحلاوة والتّموّه ونحوها عند الجمهور . وبأمن العاهة والفساد عند الحنفيّة ولا خلاف في جواز البيع في هذه الحال كما هو نصّ ابن الهمام ، ومفهوم الحديث أيضاً عند من يقول بالمفهوم . </p><p>وسيأتي بعض التّفصيل المذهبيّ فيما إذا تناهى عظم الثّمرة أو لم يتناه . </p><p>غير أنّ المالكيّة قيّدوا الجواز في هذه الحال - زيادةً على بدوّ الصّلاح بتفسيره عندهم - بأن لا يستتر بأكمامه ، كالبلح والتّين والعنب ، والفجل والكرّات والجزر والبصل . فهذا النّوع يجوز بيعه جزافاً ، ووزناً بالأولى . </p><p>أمّا ما استتر بأكمامه - أي بغلافه - كالقمح في سنبله ، فإنّه لا يجوز بيعه وحده جزافاً ، ويجوز كيلاً . وإن بيع بقشره أي تبنه ، جاز جزافاً وكذا كيلاً بالأولى . </p><p>أمّا ما استتر بورقه كالفول ، فلا يجوز بيعه جزافاً ، لا منفرداً ولا مع ورقه ، ويجوز كيلاً . </p><p>76 - الخامسة : أن يبيع الثّمرة قبل بدوّ الصّلاح مطلقاً ، فلا يشترط قطعاً ولا تبقيةً ، وهذه الصّورة محلّ خلاف بين الفقهاء : </p><p>- أ - فعند الشّافعيّة والحنابلة ، والقول المعتمد عند المالكيّة - وإن صرّح ابن جزيّ بأنّ فيه قولين - أنّ بيعها كذلك باطل : لإطلاق النّهي في الحديث المذكور عن بيع الثّمرة قبل بدوّ صلاحها ، ولأنّ العاهة تسرع إليه حينئذ ، لضعفه ، فيفوت بتلفه الثّمن ،من غير مقابل. - ب - وفصّل الحنفيّة في هذه المسألة ، فقرّروا أنّه : </p><p>إن كان الثّمر بحال لا ينتفع به في الأكل ولا في علف الدّوابّ ، ففيه خلاف بين المشايخ : قيل : لا يجوز ، ونسبه قاضي خان لعامّة مشايخ الحنفيّة للنّهي ، ولأنّ البيع يختصّ بمال متقوّم ، والثّمر قبل بدوّ الصّلاح ليس كذلك . </p><p>والصّحيح : أنّه يجوز ، لأنّه مال منتفع به في ثاني الحال ( أي المآل ) إن لم يكن منتفعاً به في الحال . وإن كان بحيث ينتفع به ، ولو علفاً للدّوابّ ، فالبيع جائز باتّفاق أهل المذهب ، إذا باع بشرط القطع ، أو مطلقاً . وقد نصّ المالكيّة أيضاً على جواز البيع قبل بدوّ الصّلاح في المسائل الثّلاث السّابقة . وذكر بعض الفقهاء ، كالحنفيّة والحنابلة ، هذه الصّورة أيضاً . 77 - السّادسة : إذا اشترى الثّمرة ، وقد بدا صلاحها ونضجها ، ولم يتناه عظمها ، وشرط التّرك والتّبقية إلى أن يتناهى عظمها : </p><p>- أ - فمذهب الجمهور - كما ينصّ ابن قدامة - جواز البيع في هذه الصّورة ، بل جوازه بإطلاق . - لأنّ الحديث نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، فمفهومه إباحة بيعها بعد بدوّ صلاحها ، والمنهيّ عنه قبل بدوّ الصّلاح عندهم البيع بشرط التّبقية ، فيجب أن يكون ذلك جائزاً بعد بدوّ الصّلاح ، وإلاّ لم يكن لبدوّ الصّلاح غاية ، ولا فائدة في ذكره . </p><p>- « ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، وتأمن العاهة » وتعليله بأمن العاهة يدلّ على التّبقية ، لأنّ ما يقطع في الحال لا يخاف العاهة عليه ، وإذا بدا الصّلاح فقد أمنت العاهة ، فيجب أن يجوز بيعه مبقًى ، لزوال علّة المنع . </p><p>ولأنّ النّقل والتّحويل يجب في المبيع بحكم العرف ، فإذا شرطه جاز ، كما لو شرط نقل الطّعام من ملك البائع . </p><p>- ب - والحنفيّة قرّروا مفصّلين في هذه المسألة : إذا شرط التّرك ، ولم يتناه العظم والنّضج ، فقد شرط فيه الجزء المعدوم ، وهو الّذي يزيد بمعنًى من الأرض والشّجر ، وهذه الزّيادة تحدث بعد البيع من ملك البائع ، فكأنّه ضمّ المعدوم إلى الموجود ، واشتراهما ، فيفسد العقد . وإذا شرط التّرك ، وقد تناهى عظمها ، فكذلك الحكم عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وهو أنّه يفسد العقد أيضاً ، وهو القياس ، لأنّه شرط لا يقتضيه العقد ، وهو شغل ملك غيره ، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة ، ومثله يفسد العقد ، وهذا لأنّه يحصل في المبيع زيادة جودة وطراوة ، وللمشتري فيه نفع . </p><p>وأمّا محمّد بن الحسن فقد استحسن في هذه الصّورة ، وقال كما قال الأئمّة الثّلاثة : لا يفسد العقد ، لتعارف النّاس ذلك ، بخلاف ما إذا لم يتناه عظمها ، لأنّه شرط في الجزء المعدوم . ومع أنّ البابرتيّ والكرلانيّ ، من شرّاح الهداية ، لم يسلّما بالتّعامل في اشتراط التّرك ، بل قرّرا أنّ المعتاد هو التّرك بلا شرط ، والإذن في تركه بلا شرط في العقد ، لا شرط التّرك . ففي نقل الكرلانيّ عن الأسرار أنّ الفتوى على قول محمّد ، وهو الّذي اختاره الطّحاويّ ، لعموم البلوى . </p><p>78 - وإذا اشترى الثّمرة مطلقاً ، فلم يشترط التّرك ولا القطع ، ولم يتناه عظمها ، ثمّ تركها : فإن كان التّرك بإذن مجرّد من البائع ، طاب له الفضل والأكل . وإن كان التّرك بإذن في ضمن الإجارة ، بأن استأجر الأشجار إلى وقت الإدراك ، طاب له الفضل أيضاً ، لأنّ الإجارة باطلة ، لعدم التّعارف بين النّاس على استئجار الأشجار ، ولعدم حاجة المشتري إلى استئجار الأشجار ، لأنّه يمكنه شراء الثّمار مع أصولها ، والأصل في القياس بطلان الإجارة ، وأجيزت شرعاً للحاجة فيما فيه تعامل ، ولا تعامل في إجارة الأشجار المجرّدة ، فبقي الإذن . أمّا لو تركها بغير إذنه ، فإنّه يتصدّق بما زاد في ذاته ، لحصوله بجهة محظوره ، وهي حصولها بقوّة الأرض المغصوبة ، فيقوّم ذلك قبل الإدراك وبعده ، ويتصدّق بفضل ما بينهما . أمّا إذا اشترى الثّمرة بعدما تناهى عظمها ، وتركها ، فإنّه لا يلزمه أن يتصدّق بشيء ، لأنّ هذا تغيّر حالة ، لا تحقّق زيادة .</p><p>هل يشترط لصحّة بيع الثّمر بدوّ صلاح كلّه ؟</p><p>79 - يمكن القول بوجه عامّ ، أنّه يكفي لصحّة البيع بدوّ صلاح بعضه – وإن قلّ – لبيع كلّه ، بشرط اتّحاد العقد والجنس والبستان ، والحمل عند بعض الفقهاء - كالشّافعيّة - أو الجنس عند آخرين - كالمالكيّة - وإن شرط بعضهم خلافاً لآخرين صلاح كلّه ، فلا يجوز عنده إلاّ بيع ما بدا صلاحه . وفي المسألة تفصيل نذكره فيما يلي : </p><p>أوّلاً : إن كانت شجرة واحدة ، وبدا الصّلاح في بعض ثمرها ، جاز بيع جميعها بذلك ، قال ابن قدامة : ولا أعلم فيه اختلافاً .</p><p>ثانياً : وإن بدا الصّلاح في شجرة واحدة ، فهل يجوز بيع سائر ما في البستان من ذلك النّوع ؟ فيه قولان : الأوّل : مذهب الجمهور ، ومنهم مالك والشّافعيّ ومحمّد بن الحسن ، وهو الأظهر من مذهب الحنابلة : أنّه يجوز بيع جميع الثّمر من ذلك النّوع ، ووجهه : </p><p>- أنّه بدا الصّلاح من نوعه من البستان الّذي هو فيه ، فجاز بيع جميعه ، كالشّجرة الواحدة . - وأنّ اعتبار بدوّ الصّلاح في جميعه يشقّ ، ويؤدّي إلى الاشتراك واختلاف الأيدي ، فوجب أن يتبع الّذي لم يبد صلاحه ما بدا صلاحه . والمالكيّة شرطوا في هذه الصّورة ، أن لا تكون النّخلة باكورةً ، وهي الّتي تسبق بالزّمن الطّويل ، بحيث لا يحصل معه تتابع الطّيّب ، فإن كانت باكورةً لم يجز بيع ثمار البستان بطيّبها ، ويجوز بيعها وحدها . </p><p>الآخر : هو رواية عن الإمام أحمد - وهو المتبادر من كلام الحنفيّة ، والمعتمد عند الشّافعيّة - أنّه لا يجوز إلاّ بيع ما بدا صلاحه . </p><p>لأنّ ما لم يبد صلاحه داخل في عموم النّهي ، ولأنّه لم يبد صلاحه ، فلم يجز بيعه من غير شرط القطع ، فأشبه الجنس الآخر ، وأشبه الجنس الّذي في البستان الآخر - كما سيأتي -</p><p>80 - ثالثاً : إن بدا الصّلاح في شجرة واحدة ، أو أشجار من نوع ما ، فهل يجوز بيع ما في البستان من نوع آخر من ذلك الجنس ؟ في هذه الصّورة أوجه : </p><p>الوجه الأوّل : لبعض أصحاب الشّافعيّ ، هو قول القاضي من الحنابلة ، أنّه لا يتبعه ، قرّر ابن قدامة أنّه الأولى ، وذلك : </p><p>- لأنّ النّوعين قد يتباعد إدراكهما ، فلم يتبع أحدهما الآخر في بدوّ الصّلاح ، كالجنسين . </p><p>- ولأنّ المعنى هنا هو تقارب إدراك أحدهما من الآخر ، ودفع الضّرر الحاصل بالاشتراك ، واختلاف الأيدي ، ولا يحصل ذلك في النّوعين ، فصارا في هذا كالجنسين . </p><p>الوجه الثّاني : لمحمّد بن الحسن ، وهو أنّ ما كان متقارب الإدراك ، فبدوّ صلاح بعضه يجوز به بيع جميعه ، وإن كان يتأخّر إدراك بعضه تأخّراً كثيراً ، فالبيع جائز فيما أدرك ، ولا يجوز في الباقي . </p><p>الوجه الثّالث : لبعض أصحاب الشّافعيّ ، ولأبي الخطّاب من الحنابلة ، وهو أنّه يجوز بيع ما في البستان من ذلك الجنس ، قاسوه على إكمال النّصاب في الزّكاة ، فإنّ الجنس الواحد يضمّ بعضه إلى بعض في التّكميل ، فيتبعه في جواز البيع ، ويصبح كالنّوع الواحد .</p><p>81 - رابعاً : إن بدا صلاح الثّمر في أحد بستانين ( متقاربين ) من دون الآخر ، وقد باعهما في عقد واحد ، والثّمرة من نوع واحد ، ففيه وجهان : </p><p>أحدهما : مذهب مالك ، وقول للشّافعيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد : أنّ بدوّ الصّلاح في شجرة من القراح ( المزرعة ) صلاح له ولما قاربه وجاوره ، فيتبعه ، وذلك : لأنّهما يتقاربان في الصّلاح ، فأشبها القراح الواحد . ولأنّ المقصود الأمن من العاهة ، وقد وجد . ولاجتماعهما في صفقة واحدة . والمالكيّة فسّروا القرب هنا والجوار ، بتلاحق الطّيّب بالطّيّب عادةً ، أو بقول أهل المعرفة . </p><p>وابن كنانة منهم عمّم الحكم في البساتين ، وإن كان ممّا لا يتلاحق طيّبة بطيّبة . </p><p>وابن القصّار عمّم الحكم في غير المتجاورات من البساتين ، فشمل البلد . </p><p>ولهم قولان في اشتراط تلاصق البساتين ، لكنّهم استظهروا أنّه لا يشترط أن تكون البساتين المجاورة ملكاً لصاحب البستان الّذي فيه الشّجرة الباكورة الّتي بدا صلاحها . لكنّهم قصروا هذا الحكم على الثّمار ، ومثلها المقثأة ، أمّا الزّروع فلا بدّ فيها من يبس جميع الحبّ . </p><p>الآخر : أن لا يتبع أحد البستانين الآخر ، وهذا هو الأصحّ والمعتمد عند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة ، ولو كانا متقاربين ، وذلك : </p><p>- لأنّ من شأن اختلاف البقاع اختلاف وقت التّأبير - كما يقول الشّافعيّة - فلا بدّ من شرط القطع في البستان الآخر . </p><p>- أنّ إلحاق ما لم يبد صلاحه بالّذي بدا صلاحه ، هو لدفع ضرر الاشتراك ، واختلاف الأيدي ، وهذا الضّرر منتف في البستان الآخر ، فوجب امتناع التّبعيّة ، كما هو الشّأن في البستانين المتباعدين . </p><p>82 - خامساً : إن بدا الصّلاح في جنس من الثّمر ، لم يكف في حلّ بيع ما لم يبد صلاحه من جنس آخر ، فبدوّ صلاح البلح لا يكفي في حلّ بيع نحو العنب ، وإذا كان في البستان عنب ورمّان ، فبدا صلاح العنب ، لا يجوز بيع الرّمّان حتّى يبدو صلاحه - نصّ على هذا المالكيّة ، وهو متّفق عليه ، فلو باع كذلك وجب شرط القطع في ثمر الآخر .</p><p>83 - ألحق الفقهاء المقاثي بالثّمر ، في الاكتفاء ببدوّ بعضها ، لجواز بيع كلّها ، وذلك بأن تكبر وتطيب للأكل ، وصرّح المالكيّة بأنّ هذا الحكم مختصّ بهما ، فأمّا الزّرع فلا يكفي في حلّ بيعه يبس بعضه ، بل لا بدّ من يبس جميع حبّه ، وذلك : </p><p>- لأنّ حاجة النّاس لأكل الثّمار رطبةً للتّفكّه بها أكثر . </p><p>- ولأنّ الثّمر إذا بدا صلاح بعضه ، يتبعه الباقي سريعاً غالباً ، ومثله نحو القثّاء ، بخلاف الزّرع ، وليست الحبوب كذلك ، لأنّها للقوت لا للتّفكّه . </p><p>وبقي الشّافعيّة والحنابلة على الأصل ، وهو الاكتفاء في الحبّ ببدوّ صلاح بعضه وإن قلّ ، بل صرّح ابن حجر بالاكتفاء باشتداد بعض الحبّ ، ولو سنبلةً واحدةً ، ووجهه : أنّ اللّه تعالى امتنّ علينا بطيب الثّمار على التّدريج ، إطالةً لزمن التّفكّه ، فلو شرط طيب جميعه ، لأدّى إلى أن لا يباع شيء ، لأنّ السّابق قد يتلف ، أو تباع الحبّة ، بعد الحبّة ، وفي كلّ حرج شديد . </p><p>84 - ولم يواجه الحنفيّة هذه المسألة ، وهي اشتراط بدوّ صلاح كلّ الثّمر لصحّة بيعه ، ولا التّفصيلات الّتي تندرج فيها ، لأنّ مذهبهم في أصلها ، وهو بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه ( وكذا الحبّ ونحوه ) أنّه إن كان بحيث ينتفع به ، ولو علفاً للدّوابّ ، فالبيع جائز باتّفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع أو مطلقاً ، ويجب قطعه على المشتري في الحال . </p><p>وكلّ الّذي تقدّم من خلاف الأئمّة الثّلاثة في اشتراط صلاح كلّ الثّمر ، وصلاح كلّ الحبّ ، إنّما هو فيما ينتفع به عند الحنفيّة ، وكلّه جائز البيع عندهم . </p><p>وإنّما اختلف الحنفيّة فيما لا ينتفع به ، أكلاً ولا علفاً ، قبل بدوّ الصّلاح : فذهب السّرخسيّ ( وشيخ الإسلام خواهر زاده ) إلى عدم الجواز في هذه الجزئيّة ، للنّهي وعدم التّقوّم ، والصّحيح في المذهب - والأصحّ عند المرغينانيّ - جواز بيعه أيضاً ، لأنّه ينتفع به مآلاً ، وإن لم ينتفع به حالاً ، باعتباره مالاً . لهذا لم يبحث الحنفيّة شرطيّة بدوّ صلاح كلّ الثّمر ولا بعضه ( وكذا الحبّ ) وعبارة متونهم في هذا صريحة ، ونصّها : </p><p>ومن باع ثمرةً لم يبد صلاحها ، أو قد بدا ، جاز البيع ، وعلى المشتري قطعها في الحال ، وإن شرط تركها على النّخل فسد البيع ، وقيل : لا إذا تناهت ، وبه يفتى .</p><p>بيع المتلاحق من الثّمر ونحوه :</p><p>85 - ويتّصل ببيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه - على الخلاف الّذي فيه - مسألة ما إذا باع ثمرةً قد بدا صلاحها ، وكانت ممّا تطعم بطناً بعد بطن . ويغلب تلاحق ثمرها ، ويختلط ما يحدث منها بالموجود ، كالتّين والقثّاء والبطّيخ ، وكذا في الزّرع كالبرسيم ( وهو الفصفصة ) وكذا في الورد ونحوه ، وتعرف بمسألة الثّمر المتلاحق ، وفيها بعض الخلاف . </p><p>- أ - فمذهب جمهور الفقهاء ، من الشّافعيّة والحنابلة ، وظاهر الرّواية عند الحنفيّة ، وهو الأصحّ عندهم قياساً : أنّه لا يصحّ بيعه ، وذلك : لعدم القدرة على التّسليم لتعذّر التّمييز ، فأشبه هلاكه قبل التّسليم ، كما يقول المرغينانيّ والكمال من الحنفيّة ، واقتصر على صدر التّعليل القاضي زكريّا الأنصاريّ من الشّافعيّة ، وعلّله السّرخسيّ بأنّه جمع في العقد بين الموجود والمعدوم ، والمعدوم لا يقبل البيع ، وحصّة الموجود غير معلومة . </p><p>وعلّله الحنابلة بأنّه ثمرة لم تخلق ، فلم يجز بيعها ، كما لو باعها قبل ظهور شيء منها ، والحاجة تندفع ببيع أصوله . وما لم يخلق من ثمرة النّخل ، لا يجوز بيعه تبعاً لما خلق ، وإن كان ما لم يبد صلاحه يجوز بيعه تبعاً لما بدا صلاحه ، لأنّ ما لم يبد صلاحه يجوز إفراده بالبيع في بعض الأحوال كما تقدّم ، وأمّا ما لم يخلق فلا . </p><p>86 - ب - ومذهب مالك جوازه ، وهو أيضاً ما أفتى به بعض الحنفيّة كالحلوانيّ وأبي بكر محمّد بن الفضل البخاريّ وآخرين استحساناً ، وذلك بجعل الموجود أصلاً في العقد ، وما يحدث بعده تبعاً له ، من غير تقييد بكون الموجود وقت العقد أكثر . ورجّحه ابن عابدين ووجّهه . ووجه الاستحسان هو تعامل النّاس ، فإنّهم تعاملوا ببيع ثمار الكرم بهذه الصّفّة ، ولهم في ذلك عادة ، وفي نزع النّاس من عادتهم حرج . </p><p>وقد روي عن الإمام محمّد - رحمه الله - أنّه أجاز بيع الورد على الأشجار ، ومعلوم أنّ الورد لا يتفتّح جملةً ، بل يتلاحق بعضه إثر بعض . وبدا من هذا أنّ جواز بيع المتلاحقات هو من قبيل استحسان الضّرورة ، عند من أفتى به من الحنفيّة . </p><p>والّذين ذهبوا مذهب الجمهور في عدم جواز هذا البيع تمسّكوا بالنّصوص ، ونفوا الضّرورة هنا : - لجواز أن يبيع البائع الأصول . </p><p>- أو يشتري المشتري الموجود ببعض الثّمن ، ويؤخّر العقد في الباقي إلى وقت وجوده . </p><p>- أو يشتري الموجود بجميع الثّمن ، ويبيح البائع للمشتري الانتفاع بما يحدث منه . </p><p>ولهذا قرّروا أنّه لا ضرورة إلى تجويز العقد في المعدوم مصادماً للنص ، وهو : النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان .وفي هذا يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى : لا يخفى تحقق الضرورة في زماننا ، ولا سيما في مثل دمشق الشام ، كثيرة الأشجار والثمار ، فإنه لغلبة الجهل على الناس ، لايمكن إلزامهم بالتخلص بأحد الطرق المذكورة ، وإن أمكن ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الناس لا يمكن بالنسبة إلى عامتهم ، وفي نزعهم عن عادتم حرج - كما علمت - ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان ، إذ لا تباع إلا كذلك .</p><p>والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في السلم للضرورة ، مع أنه بيع المعدوم ، فحيث تحققت الضرورة هنا أيضاً ، أمكن إلحاقه بالسلم بطريق الدلالة ، فلم يكن مصادماً للنص ، فلذا جعلوه من الاستحسان ، لأن القياس عدم الجواز . وظاهر كلام الفتح الميل </p><p>إلى الجواز ، ولذا أورد له الرواية عن محمد ، بل إن الحلواني رواه عن أصحابنا ، وما ضاق الأمر إلا اتسع ، ولا يخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية .</p><p>87 - المالكية ، القائلون بالجواز ، قسموا هذه المتلاحقات ، وهي ذات البطون ، إلى قسمين : - ما تتميز بطونه . - وما لا تتميز بطونه . </p><p>والذي لا تتميز بطونه قسمان : ماله آخر ، وما لا آخر له .</p><p>وفيما يلي أحكامها : </p><p>أولاً :ما تتميز بطونه ، وهو المنفصل غير المتتابع . وذلك في الشجر الذي يطعم في السنة بطنين متميزين . فهذا لا يجوز أن يباع البطن الثّاني بعد وجوده وقبل صلاحه ببدوّ صلاح البطن الأوّل ، وإن كان لا ينقطع الأوّل حتّى يبدو طيب الثّاني . وهذا هو المشهور عندهم . وحكى ابن رشد قولاً بالجواز ، بناءً على أنّ البطن الثّاني يتبع الأوّل في الصّلاح ، لكن ابن جزيّ جعل عدم الجواز في هذه الصّورة اتّفاقاً .</p><p>ثانياً : ما يخلف ويطعم بطناً بعد بطن ، ولا تتميّز بطونه ، وله آخر . ( أي نهاية ينتهي إليها ) كالورد والتّين ، وكالمقاثئ من الخيار والقثّاء والبطّيخ والجمّيز والباذنجان وما أشبه ذلك ، فهذا يجوز بيع سائر البطون ببدوّ صلاح الأوّل . قال ابن جزيّ : خلافاً لهم ، أي للأئمّة الثّلاثة . فمن اشترى شيئاً من المذكورات ، يقضي له بالبطون كلّها ، ولو لم يشترطها في العقد . ولا يجوز في هذا التّوقيت بشهر ونحوه ، لاختلاف حملها بالقلّة والكثرة .</p><p>ثالثاً : ما يخلف ويطعم بطناً بعد بطن ، ولا تتميّز بطونه وهي متتابعة ، لكن لا آخر ولا نهاية له ، أي أنّ إخلافه مستمرّ ، فكلّما قطع منه شيء خلفه غيره ، وليس له آخر ينتهي إليه ، وهو مستمرّ طول العام ، كالموز - في بعض الأقطار - فهذا النّوع لا يجوز بيعه إلاّ بضرب من الأجل ، وهو غاية ما يمكن ، ولو كثر الأجل - على المشهور - خلافاً لابن نافع الّذي حصر الجواز بسنة واحدة ، ولمن نفى الزّيادة على سنتين . </p><p>ومثل ضرب الأجل في الجواز ، استثناء بطون معلومة .</p><p>ج - بيع السّنين :</p><p>88 - روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السّنين » . والمراد به أن يبيع ما سوف تثمره نخلة البائع سنتين أو ثلاثاً أو أكثر ، وذلك لما فيه من الغرر ، فهو أولى بالمنع من منع بيع الثّمار قبل أن يبدو صلاحها .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41112, member: 329"] أ - بيع الجنين وهو في بطن أمّه : 69 - وهو بيع الحمل ، كما عبّرت بعض المراجع الفقهيّة . والجنين هو : الولد ما دام في بطن أمّه ، ويجمع على أَجِنّةً ، كدليل وأدلّة . ومثل الجنين أيضاً : الملقوح والملقوحة ، وجمعهما ملاقيح ، وهي : ما في الأرحام والبطون من الأجنّة ، بتفسير الحنفيّة والجمهور ، خلافاً للمالكيّة في تفسير الملاقيح بما في ظهور الفحول . وورد النّهي في الحديث عن بيع الجنين ما دام مجتنّاً حتّى يولد ، عن أبي سعيد رضي الله عنه ، قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتّى تضع » . وتقدّم الإجماع - كما صرّح ابن المنذر - على بطلان هذا البيع ( ر : ف 5 ) للنّهي عنه في الحديث وللغرر ، فعسى أن لا يولد ، ولأنّ فيه جهالةً في صفته وحياته ، ولأنّه غير مقدور على تسليمه . وذكره هنا للغرر فقط ، لكنّه من النّوع الأوّل منه ، وهو الغرر المتعلّق بالمعقود عليه نفسه ، من حيث أصل وجوده ، ولهذا كان النّهي عنه مستوجباً للبطلان عند الجميع ، حتّى في اصطلاح الحنفيّة ، الّذين يفرّقون بين البطلان - وبين الفساد . ب - بيع الثّمر قبل أن يبدو صلاحه : 70 - ويسمّى أيضاً المخاضرة ، كما ورد في بعض النّصوص . وورد النّهي عن ذلك في أحاديث كثيرة منها : حديث ابن عمر رضي الله عنهما « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمار حتّى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع » وفي لفظ آخر : « نهى عن بيع النّخل حتّى تزهو ، وعن بيع السّنبل حتّى يبيضّ ويأمن العاهة » . وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « لا تبتاعوا الثّمار حتّى يبدو صلاحها » . وجاء مفسّراً في حديث أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، وعن بيع النّخل حتّى يزهو ، قيل : ما يزهو ؟ قال : يَحْمارّ أو يَصْفارّ » . وفي بعض الرّوايات عن أنس « حتّى تُزهي ، فقيل له : وما تزهي ؟ قال : تحمرّ » . كما جاء بدوّ الصّلاح مفسّراً في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها » . « وكان إذا سئل عن صلاحها ، قال : حتّى تذهب عاهتها » . وفي حديث أنس رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن بيع العنب حتّى يسودّ ، وعن بيع الحبّ حتّى يشتدّ » . وورد في الصّحيح التّعبير بلفظ ثالث ، وهو : التّشقيح ، وهذا في حديث جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تباع الثّمرة حتّى تشقح فقيل : ما تشقح ؟ . قال : تَحْمارّ وتصفارّ ، ويؤكل منها » . معنى بدوّ الصّلاح : 71 - فسّر الفقهاء بدوّ الصّلاح بمعان شتّى : فالحنفيّة قالوا في تفسيره : أن تؤمن العاهة والفساد ، وإن كان بعضهم - كالكرلانيّ - فسّره بأن تصلح الثّمرة لتناول بني آدم ، وعلف الدّوابّ . والمالكيّة فسّروه تفسيراً مختلفاً نسبيّاً : فهو في التّمر : أن يحمرّ ويصفرّ ويزهو ، وفي العنب : أن يسودّ وتبدو الحلاوة فيه ، وفي غيرهما من الثّمار : حصول الحلاوة ، وفي الخسّ والعصفر : أن ينتفع بهما ، وفي سائر البقول : أن تطيب للأكل ، وفي الزّرع والحبّ : أن ييبس ويشتدّ . وأرجع الشّافعيّة بدوّ الصّلاح في الثّمر وغيره كالزّرع ، إلى ظهور مبادئ النّضج والحلاوة ، فيما لا يتلوّن منه ، أمّا فيما يتلوّن فبأن يأخذ في الحمرة أو السّواد أو الصّفرة . وذكروا ثماني علامات يعرف بها بدوّ الصّلاح . أحدها : اللّون ، في كلّ ثمر مأكول ملوّن ، إذا أخذ في حمرة ، أو سواد أو صفرة ، كالبلح والعنّاب والمشمش والإجّاص . ثانيها : الطّعم ، كحلاوة القصب وحموضة الرّمّان . ثالثها : النّضج واللّين ، كالتّين والبطّيخ . رابعها : بالقوّة والاشتداد ، كالقمح والشّعير . خامسها : بالطّول والامتلاء ، كالعلف والبقول . سادسها : الكبر كالقثّاء ، بحيث يؤكل . سابعها : انشقاق أكمامه ، كالقطن والجوز . ثامنها : الانفتاح ، كالورد . وما لا أكمام له كالياسمين ، فظهوره ، ويمكن دخوله في الأخير . ووضع له القليوبيّ هذا الضّابط ، وهو : بلوغ الشّيء إلى صفة أي حالة يطلب فيها غالباً . ووضع الحنابلة هذا الضّابط : ما كان من الثّمرة يتغيّر لونه عند صلاحه ، كثمرة النّخل والعنب الأسود والإجّاص ، فبدوّ صلاحه بتغيّر لونه ، وإن كان العنب أبيض فصلاحه بتموّهه ، وهو : أن يبدو فيه الماء الحلو ويلين ويصفرّ لونه . وإن كان ممّا لا يتلوّن كالتّفّاح ونحوه ، فبأن يحلو ويطيب . وإن كان بطّيخاً أو نحوه ، فبأن يبدو فيه النّضج . وإن كان ممّا لا يتغيّر لونه ، ويؤكل طيّباً صغاراً وكباراً ، كالقثّاء والخيار ، فصلاحه بلوغه أن يؤكل عادةً . وحكمة النّهي عن بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه : هي خوف تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها . وثبت في حديث أنس رضي الله عنه « أرأيت إذا منع اللّه الثّمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ » . حكم بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه : 72 - جمهور الفقهاء - بوجه عامّ - على أنّ بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه ، غير جائز ولا صحيح . قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على القول بجملة هذا الحديث . ومع ذلك فقد فصّلوا فيه القول ، تبعاً لتقييد العقد بشرط وإطلاقه ، ولا يخلو بيع الثّمرة من هذه الأحوال : الأولى : أن يبيعها قبل الظّهور والبروز ، أي قبل انفراك الزّهر عنها وانعقادها ثمرةً ، فهذا البيع لا يصحّ اتّفاقاً . الثّانية : أن يبيعها بعد الظّهور ، قبل بدوّ الصّلاح ، بشرط التّرك والتّبقية على الشّجر حتّى تنضج ، فلا يصحّ هذا البيع إجماعاً ، لأنّه شرط لا يقتضيه العقد ، وهو شغل ملك الغير . أو هو صفقة في صفقة أو هو إعارة أو إجارة في بيع . وعلّله ابن قدامة بالنّهي عنه في الحديث المذكور ، والنّهي يقتضي الفساد . قالوا : ومثل بيع الثّمرة قبل بدوّ الصّلاح بشرط التّرك ، بيع الزّرع قبل أن يشتدّ . الثّالثة : أن يبيعها بعد الظّهور ، قبل بدوّ الصّلاح بشرط القطع في الحال ، فهذا البيع صحيح بالإجماع ، ولا خلاف في جوازه ، وعلّله الحنابلة بأنّ المنع من البيع قبل بدوّ الصّلاح ، إنّما كان خوفاً من تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، بدليل حديث أنس المارّ ، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيه : « أرأيت إذا مَنَعَ اللّه الثّمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ » وهذا مأمون فيما يقطع ، فصحّ بيعه كما لو بدا صلاحه . قالوا : والإجماع على صحّة البيع في هذه الحال ، مخصّص لعموم المنع في مفهوم الحديث السّابق . وفارق ما بعد بدوّ الصّلاح ، لأمن العاهة فيه غالباً ، بخلاف ما قبل بدوّ الصّلاح ، وبهذا الفارق يشعر الحديث الوارد في وضع الجوائح ، وهو : « لو بعت من أخيك تمراً ، فأصابته جائحة ( أي آفة أهلكت الثّمرة ) فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئاً ، بم تأخذ مال أخيك بغير حقّ » . 73 - غير أنّ الفقهاء قيّدوا هذا الحكم ، وهو جواز بيع الثّمرة قبل بدوّ صلاحها بشرط القطع في الحال ، بقيود بعضها متّفق عليه ، وبعضها انفرد به فريق من الفقهاء ، نشير إليها فيما يلي : الشّرط الأوّل : أن يكون الثّمر منتفعاً به : أ - فالحنفيّة - في الأصحّ من مذهبهم - وكذا المالكيّة على إطلاق الانتفاع به ، وصرّح الحنفيّة بشمول الانتفاع لما هو في الحال أو في الزّمان الثّاني ، وهو المآل ، أو في ثاني الحال - كما يعبّرون . فمثل القصيل ( وهو الفصفصة الّتي يعلف بها الحيوان ) والحصرم ممّا يجوز بيعه ، لانتفاع الحيوان وانتفاع الإنسان به . ب - والشّافعيّة والحنابلة ، قيّدوا الجواز بالانتفاع به في الحال ، وزاد الشّافعيّة تقييد المنفعة بأن تكون مقصودة لغرض صحيح ، وإن لم يكن بالوجه الّذي يراد بالانتفاع به منه كما في الحصرم ، بخلاف الكمّثرى ، لأنّ قطعه في الحال إضاعة مال - كما علّله المالكيّة - وبخلاف ثمرة الجوز ، وزرع التّرمس ، فإنّه لا يصحّ بيعه بالشّرط المذكور نفسه ، لعدم النّفع بالمبيع - كما علّله الحنابلة . الشّرط الثّاني : أن يحتاج إليه المتبايعان أو أحدهما . الشّرط الثّالث : أن لا يكثر ذلك بين النّاس ، ولا يتمالؤوا عليه . وهذان الشّرطان نصّ عليهما المالكيّة ، فإن تخلّف واحد ، منع البيع ، كما يمنع بشرط التّبقية المارّ أو الإطلاق ، كما يأتي . الشّرط الرّابع : نصّ عليه الحنابلة ، وهو أن لا يكون ما بيع قبل بدوّ صلاحه مشاعاً ، بأن يشتري نصف الثّمرة قبل بدوّ صلاحها مشاعاً بشرط القطع ، وذلك لأنّه لا يمكنه قطع ما يملكه ، إلاّ بقطع ما لا يملكه ، وليس له ذلك . 74 - وقد أجاز الفقهاء أيضاً ، إضافةً إلى هذه الصّورة الجائزة ، وهي بيع ما لم يبد صلاحه بشرط القطع في الحال ، هذه الصّور : - 1 - أن يبيع الثّمرة الّتي لم يبد صلاحها مع الشّجر ، أو الزّرع الأخضر مع الأرض ، ولا يختلف فيها الفقهاء ، لأنّ الثّمر فيها والزّرع تابعان للشّجر والأرض ، اللّذين لا تعرض لهما عاهة ، كما يقول الشّافعيّة . - 2 - أن يبيع الثّمرة لمالك الأصل وهو الشّجر ، أو يبيع الزّرع لمالك الأرض ، لأنّه إذا بيع مع أصل دخل تبعاً في البيع ، فلم يضع احتمال الغرر فيه ، كما احتملت الجهالة في بيع اللّبن في الضّرع مع الشّاة . نصّ على هذه الصّورة الحنابلة ، كما نصّ على الأولى الجميع ، وزاد المالكيّة الصّورة التّالية : - 3 - أن يبيع الأصل ، وهو الشّجر أو الأرض ، ثمّ بعد ذلك بفترة ما ، قربت أو بعدت ، وقبل خروجهما من يد المشتري ، يلحق الثّمر أو الزّرع بالأصل المبيع قبله . 75 - الرّابعة من أحوال بيع الثّمرة : أن يبيعها بعد بدوّ الصّلاح - على الخلاف في تفسيره : بظهور النّضج والحلاوة والتّموّه ونحوها عند الجمهور . وبأمن العاهة والفساد عند الحنفيّة ولا خلاف في جواز البيع في هذه الحال كما هو نصّ ابن الهمام ، ومفهوم الحديث أيضاً عند من يقول بالمفهوم . وسيأتي بعض التّفصيل المذهبيّ فيما إذا تناهى عظم الثّمرة أو لم يتناه . غير أنّ المالكيّة قيّدوا الجواز في هذه الحال - زيادةً على بدوّ الصّلاح بتفسيره عندهم - بأن لا يستتر بأكمامه ، كالبلح والتّين والعنب ، والفجل والكرّات والجزر والبصل . فهذا النّوع يجوز بيعه جزافاً ، ووزناً بالأولى . أمّا ما استتر بأكمامه - أي بغلافه - كالقمح في سنبله ، فإنّه لا يجوز بيعه وحده جزافاً ، ويجوز كيلاً . وإن بيع بقشره أي تبنه ، جاز جزافاً وكذا كيلاً بالأولى . أمّا ما استتر بورقه كالفول ، فلا يجوز بيعه جزافاً ، لا منفرداً ولا مع ورقه ، ويجوز كيلاً . 76 - الخامسة : أن يبيع الثّمرة قبل بدوّ الصّلاح مطلقاً ، فلا يشترط قطعاً ولا تبقيةً ، وهذه الصّورة محلّ خلاف بين الفقهاء : - أ - فعند الشّافعيّة والحنابلة ، والقول المعتمد عند المالكيّة - وإن صرّح ابن جزيّ بأنّ فيه قولين - أنّ بيعها كذلك باطل : لإطلاق النّهي في الحديث المذكور عن بيع الثّمرة قبل بدوّ صلاحها ، ولأنّ العاهة تسرع إليه حينئذ ، لضعفه ، فيفوت بتلفه الثّمن ،من غير مقابل. - ب - وفصّل الحنفيّة في هذه المسألة ، فقرّروا أنّه : إن كان الثّمر بحال لا ينتفع به في الأكل ولا في علف الدّوابّ ، ففيه خلاف بين المشايخ : قيل : لا يجوز ، ونسبه قاضي خان لعامّة مشايخ الحنفيّة للنّهي ، ولأنّ البيع يختصّ بمال متقوّم ، والثّمر قبل بدوّ الصّلاح ليس كذلك . والصّحيح : أنّه يجوز ، لأنّه مال منتفع به في ثاني الحال ( أي المآل ) إن لم يكن منتفعاً به في الحال . وإن كان بحيث ينتفع به ، ولو علفاً للدّوابّ ، فالبيع جائز باتّفاق أهل المذهب ، إذا باع بشرط القطع ، أو مطلقاً . وقد نصّ المالكيّة أيضاً على جواز البيع قبل بدوّ الصّلاح في المسائل الثّلاث السّابقة . وذكر بعض الفقهاء ، كالحنفيّة والحنابلة ، هذه الصّورة أيضاً . 77 - السّادسة : إذا اشترى الثّمرة ، وقد بدا صلاحها ونضجها ، ولم يتناه عظمها ، وشرط التّرك والتّبقية إلى أن يتناهى عظمها : - أ - فمذهب الجمهور - كما ينصّ ابن قدامة - جواز البيع في هذه الصّورة ، بل جوازه بإطلاق . - لأنّ الحديث نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، فمفهومه إباحة بيعها بعد بدوّ صلاحها ، والمنهيّ عنه قبل بدوّ الصّلاح عندهم البيع بشرط التّبقية ، فيجب أن يكون ذلك جائزاً بعد بدوّ الصّلاح ، وإلاّ لم يكن لبدوّ الصّلاح غاية ، ولا فائدة في ذكره . - « ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثّمرة حتّى يبدو صلاحها ، وتأمن العاهة » وتعليله بأمن العاهة يدلّ على التّبقية ، لأنّ ما يقطع في الحال لا يخاف العاهة عليه ، وإذا بدا الصّلاح فقد أمنت العاهة ، فيجب أن يجوز بيعه مبقًى ، لزوال علّة المنع . ولأنّ النّقل والتّحويل يجب في المبيع بحكم العرف ، فإذا شرطه جاز ، كما لو شرط نقل الطّعام من ملك البائع . - ب - والحنفيّة قرّروا مفصّلين في هذه المسألة : إذا شرط التّرك ، ولم يتناه العظم والنّضج ، فقد شرط فيه الجزء المعدوم ، وهو الّذي يزيد بمعنًى من الأرض والشّجر ، وهذه الزّيادة تحدث بعد البيع من ملك البائع ، فكأنّه ضمّ المعدوم إلى الموجود ، واشتراهما ، فيفسد العقد . وإذا شرط التّرك ، وقد تناهى عظمها ، فكذلك الحكم عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وهو أنّه يفسد العقد أيضاً ، وهو القياس ، لأنّه شرط لا يقتضيه العقد ، وهو شغل ملك غيره ، ولأحد المتعاقدين فيه منفعة ، ومثله يفسد العقد ، وهذا لأنّه يحصل في المبيع زيادة جودة وطراوة ، وللمشتري فيه نفع . وأمّا محمّد بن الحسن فقد استحسن في هذه الصّورة ، وقال كما قال الأئمّة الثّلاثة : لا يفسد العقد ، لتعارف النّاس ذلك ، بخلاف ما إذا لم يتناه عظمها ، لأنّه شرط في الجزء المعدوم . ومع أنّ البابرتيّ والكرلانيّ ، من شرّاح الهداية ، لم يسلّما بالتّعامل في اشتراط التّرك ، بل قرّرا أنّ المعتاد هو التّرك بلا شرط ، والإذن في تركه بلا شرط في العقد ، لا شرط التّرك . ففي نقل الكرلانيّ عن الأسرار أنّ الفتوى على قول محمّد ، وهو الّذي اختاره الطّحاويّ ، لعموم البلوى . 78 - وإذا اشترى الثّمرة مطلقاً ، فلم يشترط التّرك ولا القطع ، ولم يتناه عظمها ، ثمّ تركها : فإن كان التّرك بإذن مجرّد من البائع ، طاب له الفضل والأكل . وإن كان التّرك بإذن في ضمن الإجارة ، بأن استأجر الأشجار إلى وقت الإدراك ، طاب له الفضل أيضاً ، لأنّ الإجارة باطلة ، لعدم التّعارف بين النّاس على استئجار الأشجار ، ولعدم حاجة المشتري إلى استئجار الأشجار ، لأنّه يمكنه شراء الثّمار مع أصولها ، والأصل في القياس بطلان الإجارة ، وأجيزت شرعاً للحاجة فيما فيه تعامل ، ولا تعامل في إجارة الأشجار المجرّدة ، فبقي الإذن . أمّا لو تركها بغير إذنه ، فإنّه يتصدّق بما زاد في ذاته ، لحصوله بجهة محظوره ، وهي حصولها بقوّة الأرض المغصوبة ، فيقوّم ذلك قبل الإدراك وبعده ، ويتصدّق بفضل ما بينهما . أمّا إذا اشترى الثّمرة بعدما تناهى عظمها ، وتركها ، فإنّه لا يلزمه أن يتصدّق بشيء ، لأنّ هذا تغيّر حالة ، لا تحقّق زيادة . هل يشترط لصحّة بيع الثّمر بدوّ صلاح كلّه ؟ 79 - يمكن القول بوجه عامّ ، أنّه يكفي لصحّة البيع بدوّ صلاح بعضه – وإن قلّ – لبيع كلّه ، بشرط اتّحاد العقد والجنس والبستان ، والحمل عند بعض الفقهاء - كالشّافعيّة - أو الجنس عند آخرين - كالمالكيّة - وإن شرط بعضهم خلافاً لآخرين صلاح كلّه ، فلا يجوز عنده إلاّ بيع ما بدا صلاحه . وفي المسألة تفصيل نذكره فيما يلي : أوّلاً : إن كانت شجرة واحدة ، وبدا الصّلاح في بعض ثمرها ، جاز بيع جميعها بذلك ، قال ابن قدامة : ولا أعلم فيه اختلافاً . ثانياً : وإن بدا الصّلاح في شجرة واحدة ، فهل يجوز بيع سائر ما في البستان من ذلك النّوع ؟ فيه قولان : الأوّل : مذهب الجمهور ، ومنهم مالك والشّافعيّ ومحمّد بن الحسن ، وهو الأظهر من مذهب الحنابلة : أنّه يجوز بيع جميع الثّمر من ذلك النّوع ، ووجهه : - أنّه بدا الصّلاح من نوعه من البستان الّذي هو فيه ، فجاز بيع جميعه ، كالشّجرة الواحدة . - وأنّ اعتبار بدوّ الصّلاح في جميعه يشقّ ، ويؤدّي إلى الاشتراك واختلاف الأيدي ، فوجب أن يتبع الّذي لم يبد صلاحه ما بدا صلاحه . والمالكيّة شرطوا في هذه الصّورة ، أن لا تكون النّخلة باكورةً ، وهي الّتي تسبق بالزّمن الطّويل ، بحيث لا يحصل معه تتابع الطّيّب ، فإن كانت باكورةً لم يجز بيع ثمار البستان بطيّبها ، ويجوز بيعها وحدها . الآخر : هو رواية عن الإمام أحمد - وهو المتبادر من كلام الحنفيّة ، والمعتمد عند الشّافعيّة - أنّه لا يجوز إلاّ بيع ما بدا صلاحه . لأنّ ما لم يبد صلاحه داخل في عموم النّهي ، ولأنّه لم يبد صلاحه ، فلم يجز بيعه من غير شرط القطع ، فأشبه الجنس الآخر ، وأشبه الجنس الّذي في البستان الآخر - كما سيأتي - 80 - ثالثاً : إن بدا الصّلاح في شجرة واحدة ، أو أشجار من نوع ما ، فهل يجوز بيع ما في البستان من نوع آخر من ذلك الجنس ؟ في هذه الصّورة أوجه : الوجه الأوّل : لبعض أصحاب الشّافعيّ ، هو قول القاضي من الحنابلة ، أنّه لا يتبعه ، قرّر ابن قدامة أنّه الأولى ، وذلك : - لأنّ النّوعين قد يتباعد إدراكهما ، فلم يتبع أحدهما الآخر في بدوّ الصّلاح ، كالجنسين . - ولأنّ المعنى هنا هو تقارب إدراك أحدهما من الآخر ، ودفع الضّرر الحاصل بالاشتراك ، واختلاف الأيدي ، ولا يحصل ذلك في النّوعين ، فصارا في هذا كالجنسين . الوجه الثّاني : لمحمّد بن الحسن ، وهو أنّ ما كان متقارب الإدراك ، فبدوّ صلاح بعضه يجوز به بيع جميعه ، وإن كان يتأخّر إدراك بعضه تأخّراً كثيراً ، فالبيع جائز فيما أدرك ، ولا يجوز في الباقي . الوجه الثّالث : لبعض أصحاب الشّافعيّ ، ولأبي الخطّاب من الحنابلة ، وهو أنّه يجوز بيع ما في البستان من ذلك الجنس ، قاسوه على إكمال النّصاب في الزّكاة ، فإنّ الجنس الواحد يضمّ بعضه إلى بعض في التّكميل ، فيتبعه في جواز البيع ، ويصبح كالنّوع الواحد . 81 - رابعاً : إن بدا صلاح الثّمر في أحد بستانين ( متقاربين ) من دون الآخر ، وقد باعهما في عقد واحد ، والثّمرة من نوع واحد ، ففيه وجهان : أحدهما : مذهب مالك ، وقول للشّافعيّة ، وهو رواية عن الإمام أحمد : أنّ بدوّ الصّلاح في شجرة من القراح ( المزرعة ) صلاح له ولما قاربه وجاوره ، فيتبعه ، وذلك : لأنّهما يتقاربان في الصّلاح ، فأشبها القراح الواحد . ولأنّ المقصود الأمن من العاهة ، وقد وجد . ولاجتماعهما في صفقة واحدة . والمالكيّة فسّروا القرب هنا والجوار ، بتلاحق الطّيّب بالطّيّب عادةً ، أو بقول أهل المعرفة . وابن كنانة منهم عمّم الحكم في البساتين ، وإن كان ممّا لا يتلاحق طيّبة بطيّبة . وابن القصّار عمّم الحكم في غير المتجاورات من البساتين ، فشمل البلد . ولهم قولان في اشتراط تلاصق البساتين ، لكنّهم استظهروا أنّه لا يشترط أن تكون البساتين المجاورة ملكاً لصاحب البستان الّذي فيه الشّجرة الباكورة الّتي بدا صلاحها . لكنّهم قصروا هذا الحكم على الثّمار ، ومثلها المقثأة ، أمّا الزّروع فلا بدّ فيها من يبس جميع الحبّ . الآخر : أن لا يتبع أحد البستانين الآخر ، وهذا هو الأصحّ والمعتمد عند الشّافعيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة ، ولو كانا متقاربين ، وذلك : - لأنّ من شأن اختلاف البقاع اختلاف وقت التّأبير - كما يقول الشّافعيّة - فلا بدّ من شرط القطع في البستان الآخر . - أنّ إلحاق ما لم يبد صلاحه بالّذي بدا صلاحه ، هو لدفع ضرر الاشتراك ، واختلاف الأيدي ، وهذا الضّرر منتف في البستان الآخر ، فوجب امتناع التّبعيّة ، كما هو الشّأن في البستانين المتباعدين . 82 - خامساً : إن بدا الصّلاح في جنس من الثّمر ، لم يكف في حلّ بيع ما لم يبد صلاحه من جنس آخر ، فبدوّ صلاح البلح لا يكفي في حلّ بيع نحو العنب ، وإذا كان في البستان عنب ورمّان ، فبدا صلاح العنب ، لا يجوز بيع الرّمّان حتّى يبدو صلاحه - نصّ على هذا المالكيّة ، وهو متّفق عليه ، فلو باع كذلك وجب شرط القطع في ثمر الآخر . 83 - ألحق الفقهاء المقاثي بالثّمر ، في الاكتفاء ببدوّ بعضها ، لجواز بيع كلّها ، وذلك بأن تكبر وتطيب للأكل ، وصرّح المالكيّة بأنّ هذا الحكم مختصّ بهما ، فأمّا الزّرع فلا يكفي في حلّ بيعه يبس بعضه ، بل لا بدّ من يبس جميع حبّه ، وذلك : - لأنّ حاجة النّاس لأكل الثّمار رطبةً للتّفكّه بها أكثر . - ولأنّ الثّمر إذا بدا صلاح بعضه ، يتبعه الباقي سريعاً غالباً ، ومثله نحو القثّاء ، بخلاف الزّرع ، وليست الحبوب كذلك ، لأنّها للقوت لا للتّفكّه . وبقي الشّافعيّة والحنابلة على الأصل ، وهو الاكتفاء في الحبّ ببدوّ صلاح بعضه وإن قلّ ، بل صرّح ابن حجر بالاكتفاء باشتداد بعض الحبّ ، ولو سنبلةً واحدةً ، ووجهه : أنّ اللّه تعالى امتنّ علينا بطيب الثّمار على التّدريج ، إطالةً لزمن التّفكّه ، فلو شرط طيب جميعه ، لأدّى إلى أن لا يباع شيء ، لأنّ السّابق قد يتلف ، أو تباع الحبّة ، بعد الحبّة ، وفي كلّ حرج شديد . 84 - ولم يواجه الحنفيّة هذه المسألة ، وهي اشتراط بدوّ صلاح كلّ الثّمر لصحّة بيعه ، ولا التّفصيلات الّتي تندرج فيها ، لأنّ مذهبهم في أصلها ، وهو بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه ( وكذا الحبّ ونحوه ) أنّه إن كان بحيث ينتفع به ، ولو علفاً للدّوابّ ، فالبيع جائز باتّفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع أو مطلقاً ، ويجب قطعه على المشتري في الحال . وكلّ الّذي تقدّم من خلاف الأئمّة الثّلاثة في اشتراط صلاح كلّ الثّمر ، وصلاح كلّ الحبّ ، إنّما هو فيما ينتفع به عند الحنفيّة ، وكلّه جائز البيع عندهم . وإنّما اختلف الحنفيّة فيما لا ينتفع به ، أكلاً ولا علفاً ، قبل بدوّ الصّلاح : فذهب السّرخسيّ ( وشيخ الإسلام خواهر زاده ) إلى عدم الجواز في هذه الجزئيّة ، للنّهي وعدم التّقوّم ، والصّحيح في المذهب - والأصحّ عند المرغينانيّ - جواز بيعه أيضاً ، لأنّه ينتفع به مآلاً ، وإن لم ينتفع به حالاً ، باعتباره مالاً . لهذا لم يبحث الحنفيّة شرطيّة بدوّ صلاح كلّ الثّمر ولا بعضه ( وكذا الحبّ ) وعبارة متونهم في هذا صريحة ، ونصّها : ومن باع ثمرةً لم يبد صلاحها ، أو قد بدا ، جاز البيع ، وعلى المشتري قطعها في الحال ، وإن شرط تركها على النّخل فسد البيع ، وقيل : لا إذا تناهت ، وبه يفتى . بيع المتلاحق من الثّمر ونحوه : 85 - ويتّصل ببيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه - على الخلاف الّذي فيه - مسألة ما إذا باع ثمرةً قد بدا صلاحها ، وكانت ممّا تطعم بطناً بعد بطن . ويغلب تلاحق ثمرها ، ويختلط ما يحدث منها بالموجود ، كالتّين والقثّاء والبطّيخ ، وكذا في الزّرع كالبرسيم ( وهو الفصفصة ) وكذا في الورد ونحوه ، وتعرف بمسألة الثّمر المتلاحق ، وفيها بعض الخلاف . - أ - فمذهب جمهور الفقهاء ، من الشّافعيّة والحنابلة ، وظاهر الرّواية عند الحنفيّة ، وهو الأصحّ عندهم قياساً : أنّه لا يصحّ بيعه ، وذلك : لعدم القدرة على التّسليم لتعذّر التّمييز ، فأشبه هلاكه قبل التّسليم ، كما يقول المرغينانيّ والكمال من الحنفيّة ، واقتصر على صدر التّعليل القاضي زكريّا الأنصاريّ من الشّافعيّة ، وعلّله السّرخسيّ بأنّه جمع في العقد بين الموجود والمعدوم ، والمعدوم لا يقبل البيع ، وحصّة الموجود غير معلومة . وعلّله الحنابلة بأنّه ثمرة لم تخلق ، فلم يجز بيعها ، كما لو باعها قبل ظهور شيء منها ، والحاجة تندفع ببيع أصوله . وما لم يخلق من ثمرة النّخل ، لا يجوز بيعه تبعاً لما خلق ، وإن كان ما لم يبد صلاحه يجوز بيعه تبعاً لما بدا صلاحه ، لأنّ ما لم يبد صلاحه يجوز إفراده بالبيع في بعض الأحوال كما تقدّم ، وأمّا ما لم يخلق فلا . 86 - ب - ومذهب مالك جوازه ، وهو أيضاً ما أفتى به بعض الحنفيّة كالحلوانيّ وأبي بكر محمّد بن الفضل البخاريّ وآخرين استحساناً ، وذلك بجعل الموجود أصلاً في العقد ، وما يحدث بعده تبعاً له ، من غير تقييد بكون الموجود وقت العقد أكثر . ورجّحه ابن عابدين ووجّهه . ووجه الاستحسان هو تعامل النّاس ، فإنّهم تعاملوا ببيع ثمار الكرم بهذه الصّفّة ، ولهم في ذلك عادة ، وفي نزع النّاس من عادتهم حرج . وقد روي عن الإمام محمّد - رحمه الله - أنّه أجاز بيع الورد على الأشجار ، ومعلوم أنّ الورد لا يتفتّح جملةً ، بل يتلاحق بعضه إثر بعض . وبدا من هذا أنّ جواز بيع المتلاحقات هو من قبيل استحسان الضّرورة ، عند من أفتى به من الحنفيّة . والّذين ذهبوا مذهب الجمهور في عدم جواز هذا البيع تمسّكوا بالنّصوص ، ونفوا الضّرورة هنا : - لجواز أن يبيع البائع الأصول . - أو يشتري المشتري الموجود ببعض الثّمن ، ويؤخّر العقد في الباقي إلى وقت وجوده . - أو يشتري الموجود بجميع الثّمن ، ويبيح البائع للمشتري الانتفاع بما يحدث منه . ولهذا قرّروا أنّه لا ضرورة إلى تجويز العقد في المعدوم مصادماً للنص ، وهو : النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان .وفي هذا يقول ابن عابدين رحمه الله تعالى : لا يخفى تحقق الضرورة في زماننا ، ولا سيما في مثل دمشق الشام ، كثيرة الأشجار والثمار ، فإنه لغلبة الجهل على الناس ، لايمكن إلزامهم بالتخلص بأحد الطرق المذكورة ، وإن أمكن ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الناس لا يمكن بالنسبة إلى عامتهم ، وفي نزعهم عن عادتم حرج - كما علمت - ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان ، إذ لا تباع إلا كذلك . والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في السلم للضرورة ، مع أنه بيع المعدوم ، فحيث تحققت الضرورة هنا أيضاً ، أمكن إلحاقه بالسلم بطريق الدلالة ، فلم يكن مصادماً للنص ، فلذا جعلوه من الاستحسان ، لأن القياس عدم الجواز . وظاهر كلام الفتح الميل إلى الجواز ، ولذا أورد له الرواية عن محمد ، بل إن الحلواني رواه عن أصحابنا ، وما ضاق الأمر إلا اتسع ، ولا يخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية . 87 - المالكية ، القائلون بالجواز ، قسموا هذه المتلاحقات ، وهي ذات البطون ، إلى قسمين : - ما تتميز بطونه . - وما لا تتميز بطونه . والذي لا تتميز بطونه قسمان : ماله آخر ، وما لا آخر له . وفيما يلي أحكامها : أولاً :ما تتميز بطونه ، وهو المنفصل غير المتتابع . وذلك في الشجر الذي يطعم في السنة بطنين متميزين . فهذا لا يجوز أن يباع البطن الثّاني بعد وجوده وقبل صلاحه ببدوّ صلاح البطن الأوّل ، وإن كان لا ينقطع الأوّل حتّى يبدو طيب الثّاني . وهذا هو المشهور عندهم . وحكى ابن رشد قولاً بالجواز ، بناءً على أنّ البطن الثّاني يتبع الأوّل في الصّلاح ، لكن ابن جزيّ جعل عدم الجواز في هذه الصّورة اتّفاقاً . ثانياً : ما يخلف ويطعم بطناً بعد بطن ، ولا تتميّز بطونه ، وله آخر . ( أي نهاية ينتهي إليها ) كالورد والتّين ، وكالمقاثئ من الخيار والقثّاء والبطّيخ والجمّيز والباذنجان وما أشبه ذلك ، فهذا يجوز بيع سائر البطون ببدوّ صلاح الأوّل . قال ابن جزيّ : خلافاً لهم ، أي للأئمّة الثّلاثة . فمن اشترى شيئاً من المذكورات ، يقضي له بالبطون كلّها ، ولو لم يشترطها في العقد . ولا يجوز في هذا التّوقيت بشهر ونحوه ، لاختلاف حملها بالقلّة والكثرة . ثالثاً : ما يخلف ويطعم بطناً بعد بطن ، ولا تتميّز بطونه وهي متتابعة ، لكن لا آخر ولا نهاية له ، أي أنّ إخلافه مستمرّ ، فكلّما قطع منه شيء خلفه غيره ، وليس له آخر ينتهي إليه ، وهو مستمرّ طول العام ، كالموز - في بعض الأقطار - فهذا النّوع لا يجوز بيعه إلاّ بضرب من الأجل ، وهو غاية ما يمكن ، ولو كثر الأجل - على المشهور - خلافاً لابن نافع الّذي حصر الجواز بسنة واحدة ، ولمن نفى الزّيادة على سنتين . ومثل ضرب الأجل في الجواز ، استثناء بطون معلومة . ج - بيع السّنين : 88 - روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السّنين » . والمراد به أن يبيع ما سوف تثمره نخلة البائع سنتين أو ثلاثاً أو أكثر ، وذلك لما فيه من الغرر ، فهو أولى بالمنع من منع بيع الثّمار قبل أن يبدو صلاحها . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية