الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41117" data-attributes="member: 329"><p>رابعاً : مذهب الحنابلة :</p><p>28 - قسم الحنابلة الشّروط في البيع إلى قسمين : </p><p>الأوّل : صحيح لازم ، ليس لمن اشترط عليه فكّه . الآخر : فاسد يحرم اشتراطه . </p><p>- 1 - فالأوّل : وهو الشّرط الصّحيح اللّازم ، ثلاثة أنواع : </p><p>أحدها : ما هو مقتضى العقد بحكم الشّرع ، كالتّقابض ، وحلول الثّمن ، وتصرّف كلّ واحد منهما فيما يصير إليه ، وخيار المجلس ، والرّدّ بعيب قديم . فهذا الشّرط وجوده كعدمه ، لا يفيد حكماً ، ولا يؤثّر في العقد ، لأنّه بيان وتأكيد لمقتضى العقد . </p><p>الثّاني : شرط من مصلحة العقد ، أي تتعلّق به مصلحة تعود على المشترط من المتعاقدين : الخيار ، والشّهادة ، أو اشتراط صفة في الثّمن ، كتأجيله كلّه أو بعضه ، أو رهن معيّن به ، أو كفيل معيّن به ، أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع ، كالصّناعة والكتابة ، أو اشتراط كون الدّابّة ذات لبن ، أو غزيرة اللّبن ، أو الفهد صيوداً ، أو الطّير مصوّتاً ، أو يبيض ، أو يجيء من مسافة معلومة ، أو كون خراج الأرض كذا .. فيصحّ الشّرط في كلّ ما ذكر ، ويلزم الوفاء به ، وذلك لحديث : « المسلمون عند شروطهم إلاّ شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً » ، ولأنّ الرّغبات تختلف باختلاف ذلك ، فلو لم يصحّ اشتراط ذلك لفاتت الحكمة الّتي لأجلها شرع البيع . فهذا الشّرط إن وفّى به لزم ، وإلاّ فللمشترط له الفسخ لفواته ، أو أرش فقد الصّفة ، فإن تعذّر الرّدّ تعيّن أرش فقد الصّفة ، كالمعيب إذا تلف عند المشتري . الثّالث : شرط ليس من مقتضى العقد ، ولا من مصلحته ، ولا ينافي مقتضاه ، لكن فيه نفعاً معلوماً للبائع أو للمشتري .</p><p>أ - كما لو شرط البائع سكنى الدّار المبيعة شهراً ، أو أن تحمله الدّابّة ( أو السّيّارة ) إلى موضع معلوم ، فإنّه يصحّ لحديث « جابر رضي الله عنه ، حين باع جمله من النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذ قال فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي » وحديث : جابر أيضاً ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن المحاقلة والمزابنة ، والثّنيا إلاّ أن تعلم » والمراد بالثّنيا الاستثناء . وقياساً على ما لو باعه داراً مؤجّرةً . </p><p>ومثل ما تقدّم أيضاً : اشتراط البائع أن يحبس المبيع حتّى يستوفي ثمنه ، وكذا اشتراطه المنفعة لغيره مدّةً معلومةً ، فلو تلفت العين المشترط استثناء نفعها ، قبل استيفاء البائع النّفع : فإن كان التّلف بفعل المشتري وتفريطه ، لزمه أجرة مثله ، لتفويته المنفعة المستحقّة على مستحقّها . وإن تلفت بغير ذلك ، لم يلزمه العوض .</p><p>ب - وكما لو شرط المشتري على البائع حمل الحطب ، أو تكسيره ، أو خياطة ثوب ، أو تفصيله ، أو حصاد زرع ، أو جزّ رطبه ، فيصحّ إن كان النّفع معلوماً ، ويلزم البائع فعله . ولو شرط عليه أن يحمل متاعه إلى منزله ، والبائع لا يعرفه ، فلهم فيه وجهان . </p><p>ثمّ إن تعذّر العمل المشروط بتلف المبيع ، أو استحقّ النّفع بالإجارة الخاصّة ، أو تعذّر بموت البائع ، رجع المشتري بعوض ذلك النّفع ، كما لو انفسخت الإجارة بعد قبض عوضها ، رجع المستأجر بعوض المنفعة . وإن تعذّر العمل على البائع بمرض ، أقيم مقامه من يعمل ، والأجرة على البائع ، كما في الإجارة . </p><p>29 - استثنى الحنابلة من جواز اشتراط النّفع المعلوم ، ما لو جمع في الاستثناء بين شرطين ، وكانا صحيحين : كحمل الحطب وتكسيره ، أو خياطة الثّوب وتفصيله ، فإنّ البيع لا يصحّ ، لحديث : عبد اللّه بن عمر رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يحلّ سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك » . أمّا إن كان الشّرطان المجموعان من مقتضى العقد ، كاشتراط حلول الثّمن مع تصرّف كلّ منهما فيما يصير إليه ، فإنّه يصحّ بلا خلاف . أو يكونا من مصلحة البيع ، كاشتراط رهن وكفيل معيّنين بالثّمن ، فإنّه يصحّ ، كما لو كانا من مقتضاه . </p><p>- 2 - والآخر : وهو الشّرط الفاسد المحرّم ، تحته أيضاً ثلاثة أنواع : </p><p>النّوع الأوّل :</p><p>30 - أن يشترط أحدهما على صاحبه عقداً آخر : كعقد سلم ، أو قرض ، أو بيع ، أو إجارة ، أو شركة ، فهذا شرط فاسد ، يفسد به البيع ، سواء اشترطه البائع أم المشتري . وهذا مشهور المذهب ، وإن كان بطلان الشّرط وحده احتمالاً عندهم ، وهو رواية عن الإمام أحمد . ودليل المشهور :</p><p>أ - أنّه بيعتان في بيعة ، « وأنّ النّبيّ نهى عن بيعتين في بيعة » . والنّهي يقتضي الفساد .</p><p>ب - وقول ابن مسعود رضي الله عنه : صفقتان في صفقة رباً .</p><p>ج - ولأنّه شرط عقداً في آخر ، فلم يصحّ ، كنكاح الشّغار . وكذلك كلّ ما كان في معنى ذلك ، مثل أن يقول : بعتك داري بكذا على أن تزوّجني ابنتك ، أو على أن تنفق على دابّتي ، أو على حصّتي من ذلك ، قرضاً أو مجّاناً . </p><p>النّوع الثّاني :</p><p>31 - أن يشترط في العقد ما ينافي مقتضاه . مثل : أن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع ، ولا يهبه ، ولا يعتقه ، أو يشترط عليه أن يبيعه ، أو يقفه ، أو أنّه متى نفق ( هلك ) المبيع فبها ، وإلاّ ردّه ، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثّمن ، وإن أعتقه فالولاء له ، فهذه وما أشبهها شروط فاسدة . وفي فساد البيع بها روايتان في المذهب . والمنصوص عن أحمد أنّ البيع صحيح ، ولا يبطله الشّرط ، بل يبطل الشّرط فقط ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبطل الشّرط في حديث بريرة المعروف ، ولم يبطل العقد . </p><p>32 - وقد استثنى الحنابلة من هذا الشّرط الباطل العتق ، فيصحّ أن يشترطه البائع على المشتري ، لحديث بريرة المذكور ، ويجبر المشتري على العتق إن أباه ، لأنّه حقّ للّه تعالى كالنّذر ، فإن امتنع المشتري من عتقه أعتقه الحاكم عليه ، لأنّه عتق مستحقّ عليه ، لكونه قربةً التزمها ، كالنّذر . </p><p>33 - وبناءً على الحكم بصحّة البيع فيما تقدّم ، وبفساد الشّرط فقط بناءً على مذهبهم - فإنّه يجوز للّذي فات غرضه بفساد الشّرط ، من البائع والمشتري ، سواء أعلم بفساد الشّرط أم لم يعلم - ما يلي :</p><p>أ - فسخ البيع ، لأنّه لم يسلم له ما دخل عليه من الشّرط .</p><p>ب - للبائع الرّجوع بما نقصه الشّرط من الثّمن بإلغاء الشّرط ، لأنّه إنّما باع بنقص ، لما يحصل له من الغرض الّذي اشترطه ، فإذا لم يحصل له غرضه رجع بالنّقص .</p><p>ج - وللمشتري الرّجوع بزيادة الثّمن بإلغاء الشّرط ، لأنّه إنّما اشترى بزيادة الثّمن ، لما يحصل له من الغرض الّذي اشترطه ، فإذا لم يحصل له غرضه رجع بالزّيادة الّتي سمح بها ، كما لو وجده معيباً . فللبائع الخيار بين الفسخ وبين أخذ أرش النّقص . </p><p>وللمشتري الخيار بين الفسخ وبين أخذ ما زاده على الثّمن . </p><p>ومع ذلك فقد ذكر الحنابلة أيضاً احتمال ثبوت الخيار ، بدون الرّجوع بشيء ، وذلك : قياساً على من شرط رهناً أو ضميناً ، فامتنع الرّاهن والضّمين . ولأنّه ما ينقصه الشّرط من الثّمن مجهول ، فيصير الثّمن مجهولاً . ولأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يحكم لأرباب بريرة بشيء » ، مع فساد الشّرط ، وصحّة البيع . </p><p>النّوع الثّالث :</p><p>34 - أن يشترط البائع أو المشتري شرطاً يعلّق عليه البيع والشّراء ، كقول البائع : بعتك إن جئتني بكذا ، أو بعتك إن رضي فلان ، وكقول المشتري : اشتريت إن جاء زيد ، فلا يصحّ البيع ، وذلك لأنّ مقتضى البيع نقل الملك حال التّبايع ، والشّرط هنا يمنعه . ولأنّه علّق البيع على شرط مستقبل ، فلم يصحّ ، كما إذا قال : بعتك إذا جاء آخر الشّهر . واستثنوا من ذلك قول البائع : بعتك إن شاء اللّه ، وقول المشتري : قبلت إن شاء اللّه ، وبيع العربون ، فإنّه يصحّ ، لأنّ نافع بن الحارث اشترى لعمر دار السّجن من صفوان ، فإن رضي عمر ، وإلاّ له كذا وكذا . ( ر : مصطلح عربون )</p><p>بيعتان في بيعة :</p><p>35 - ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة » . وورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه . قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة » . والمراد بهذه المسألة : جمع بيعتين في عقد واحد . وتسمية ذلك العقد بيعتين باعتبار تعدّد الثّمن . وأشار الكمال بن الهمام من الحنفيّة إلى توهّم من يتكلّم في الحديث : أنّ الحديثين بمعنًى واحد ، وليس كذلك ، بل حديث البيعتين أخصّ من حديث الصّفقتين ، لأنّ الأوّل خصوص صفقة من الصّفقات ، وهي البيع ، وأمّا حديث الصّفقتين فهو أعمّ لشموله البيع وغيره ، كالإجارة . واختلفت الصّور الّتي ألقاها الفقهاء لتصوّر المنهيّ عنه . على تفصيل ينظر في مصطلح : ( بيعتان في بيعة ) .</p><p></p><p>بيع الوضيعة *</p><p>انظر : وضيعة .</p><p></p><p>بيع الوفاء *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - البيع هو : مبادلة مال بمال . </p><p>والوفاء لغةً : ضدّ الغدر ، يقال : وفّى بعهده وأوفى بمعنًى واحد ، والوفاء : الخلق الشّريف العالي الرّفيع ، وأوفى الرّجل حقّه ووفّاه إيّاه بمعنى : أكمله له وأعطاه وافياً . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء ، بيع الوفاء هو : البيع بشرط أنّ البائع متى ردّ الثّمن يردّ المشتري المبيع إليه ، وإنّما سمّي ( بيع الوفاء ) لأنّ المشتري يلزمه الوفاء بالشّرط . </p><p>هذا ، ويسمّيه المالكيّة " بيع الثّنيا " والشّافعيّة " بيع العهدة " والحنابلة " بيع الأمانة " ويسمّى أيضاً " بيع الطّاعة " " وبيع الجائز " وسمّي في بعض كتب الحنفيّة " بيع المعاملة "</p><p>حكم بيع الوفاء :</p><p>2 - اختلف الفقهاء في الحكم الشّرعيّ لبيع الوفاء . </p><p>فذهب المالكيّة والحنابلة والمتقدّمون من الحنفيّة والشّافعيّة إلى : أنّ بيع الوفاء فاسد ، لأنّ اشتراط البائع أخذ المبيع إذا ردّ الثّمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه ، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدّوام . وفي هذا الشّرط منفعة للبائع ، ولم يرد دليل معيّن يدلّ على جوازه ، فيكون شرطاً فاسداً يفسد البيع باشتراطه فيه . </p><p>ولأنّ البيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء ، وإنّما يقصد من ورائه الوصول إلى الرّبا المحرّم ، وهو إعطاء المال إلى أجل ، ومنفعة المبيع هي الرّبح ، والرّبا باطل في جميع حالاته . </p><p>وذهب بعض المتأخّرين من الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ بيع الوفاء جائز مفيد لبعض أحكامه ، وهو انتفاع المشتري بالمبيع - دون بعضها - وهو البيع من آخر . </p><p>وحجّتهم في ذلك : أنّ البيع بهذا الشّرط تعارفه النّاس وتعاملوا به لحاجتهم إليه ، فراراً من الرّبا ، فيكون صحيحاً لا يفسد البيع باشتراطه فيه ، وإن كان مخالفاً للقواعد ، لأنّ القواعد تترك بالتّعامل ، كما في الاستصناع .</p><p>3 - وذهب أبو شجاع وعليّ السّغديّ والقاضي أبو الحسن الماتريديّ من الحنفيّة إلى : أنّ بيع الوفاء رهن وليس ببيع ، فيثبت له جميع أحكام الرّهن فلا يملكه المشتري ولا ينتفع به ، ولو استأجره لم تلزمه أجرته ، كالرّاهن إذا استأجر المرهون من المرتهن ، ويسقط الدّين بهلاكه ولا يضمن ما زاد عليه ، وإذا مات الرّاهن كان المرتهن أحقّ به من سائر الغرماء . وحجّتهم في ذلك : أنّ العبرة في العقود للمعاني ، لا للألفاظ والمباني . ولهذا كانت الهبة بشرط العوض بيعاً ، وكانت الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالةً ، وأمثال ذلك كثير في الفقه . وهذا البيع لمّا شرط فيه أخذ المبيع عند ردّ الثّمن كان رهناً ، لأنّه هو الّذي يؤخذ عند أداء الدّين .</p><p>4 - قال ابن عابدين : في بيع الوفاء قولان : الأوّل : أنّه بيع صحيح مفيد لبعض أحكامه من حلّ الانتفاع به ، إلاّ أنّه لا يملك المشتري بيعه ، قال الزّيلعيّ في الإكراه : وعليه الفتوى . الثّاني : القول الجامع لبعض المحقّقين : أنّه فاسد في حقّ بعض الأحكام حتّى ملك كلّ منهما الفسخ ، صحيح في حقّ بعض الأحكام كحلّ الإنزال ومنافع المبيع ، ورهن في حقّ البعض حتّى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدّين بهلاكه . فهو مركّب من العقود الثّلاثة ، كالزّرافة فيها صفة البعير والبقرة والنّمر ، جوّز لحاجة النّاس إليه بشرط سلامة البدلين لصاحبهما ، قال في البحر : وينبغي أن لا يعدل في الإفتاء عن القول الجامع . وفي النّهر : والعمل في ديارنا على ما رجّحه الزّيلعيّ .</p><p>5- وقال صاحب بغية المسترشدين من متأخّري الشّافعيّة : بيع العهدة صحيح جائز وتثبت به الحجّة شرعاً وعرفاً على قول القائلين به ، ولم أر من صرّح بكراهته ، وقد جرى عليه العمل في غالب جهات المسلمين من زمن قديم وحكمت بمقتضاه الحكّام ، وأقرّه من يقول به من علماء الإسلام ، مع أنّه ليس من مذهب الشّافعيّ ، وإنّما اختاره من اختاره ولفّقه من مذاهب ، للضّرورة الماسّة إليه ، ومع ذلك فالاختلاف في صحّته من أصله وفي التّفريع عليه ، لا يخفى على من له إلمام بالفقه .</p><p>شرط بيع الوفاء عند من يجيزه :</p><p>6 - لتطبيق أحكام بيع الوفاء شرطان عند من يجيزه لا بدّ من توافرهما وهما :</p><p>أ - أن ينصّ في العقد على أنّه متى ردّ البائع الثّمن ردّ المشتري المبيع .</p><p>ب - سلامة البدلين ، فإن تلف المبيع وفاءً وكانت قيمته مساويةً للدّين ( أي الثّمن ) سقط من الدّين في مقابلته ، وإن كانت زائدةً على مقدار الدّين ، وهلك المبيع في يد المشتري ، سقط من قيمته قدر ما يقابل الدّين ، وهو في هذا كالرّهن عند الحنفيّة .</p><p>الآثار المترتّبة على بيع الوفاء :</p><p>هناك آثار تترتّب على بيع الوفاء عند من يجيزه من متأخّري الحنفيّة وغيرهم مجملها فيما يلي :</p><p> أوّلاً - عدم نقله للملكيّة :</p><p>7 - أنّ بيع الوفاء لا يسوّغ للمشتري التّصرّف النّاقل للملك كالبيع والهبة عند من يجيزه ، ويترتّب على ذلك عدّة مسائل :</p><p>أ - عدم نفاذ بيع المبيع وفاءً من غير البائع ، وذلك لأنّه كالرّهن ، والرّهن لا يجوز بيعه .</p><p>ب - لا يحقّ للمشتري في بيع الوفاء الشّفعة ، وتبقى الشّفعة للبائع ، ففي الفتاوى الهنديّة نقلاً عن فتاوى أبي الفضل : أنّه سئل عن كرم بيد رجل وامرأة ، باعت المرأة نصيبها من الرّجل ، واشترطت أنّها متى جاءت بالثّمن ردّ عليها نصيبها ، ثمّ باع الرّجل نصيبه ، هل للمرأة فيه شفعة ؟ قال ( أبو الفضل ) : إن كان البيع بيع معاملة ففيه الشّفعة للمرأة ، سواء كان نصيبها من الكرم في يدها أو في يد الرّجل . </p><p>وبيع الوفاء وبيع المعاملة واحد ، كذا في التّتارخانيّة .</p><p>ج - الخراج في الأرض المبيعة بيع وفاء على البائع .</p><p>د - لو هلك المبيع في يد المشتري فلا شيء لواحد منهما على الآخر .</p><p>هـ - منافع المبيع بيع وفاء للبائع كالإجارة وثمرة الأشجار ونحوها ، فلو باع داره من آخر بثمن معلوم بيع وفاء ، وتقابضا ، ثمّ استأجرها من المشتري مع شرائط صحّة الإجارة وقبضها ومضت المدّة ، هل يلزمه الأجر ؟ قال : لا ، فتبيّن أنّ الملك لم ينتقل للمشتري ، إذ لو انتقل لوجبت الأجرة ، وكذلك ثمر الشّجر للبائع دون المشتري ، فإنّ المشتري لو أخذ من ثمر الأشجار شيئاً ، فإن أخذه بإذن البائع برئت ذمّته ، وإن أخذه بغير إذنه ورضاه ضمنها .</p><p>و - انتقال المبيع وفاءً بالإرث إلى ورثة البائع ، فلو باع رجل بستانه من آخر بيع وفاء ، وتقابضا ، ثمّ باعه المشتري من آخر بيعاً باتّاً وسلّم وغاب ، فللبائع أو ورثته أن يخاصموا المشتري الثّاني ، ويستردّوا منه البستان . وكذا إذا مات البائع والمشتريان ، ولكلّ ورثة ، فلورثة المالك أن يستخلصوه من أيدي ورثة المشتري الثّاني ، ولورثة المشتري الثّاني أن يرجعوا بما أدّى من الثّمن إلى بائعه في تركته الّتي في أيدي ورثته ، ولورثة المشتري الأوّل أن يستردّوه ، ويحبسوه بدين مورثهم إلى أن يقضوا الدّين .</p><p>ثانياً : حقّ البائع في استرداد المبيع :</p><p>8 - يحقّ للبائع أن يستردّ مبيعه إذا دفع الثّمن للمشتري في حالتي التّوقيت وعدمه .</p><p>ثالثاً : أثر موت أحد المتعاقدين في بيع الوفاء :</p><p>9 - سبق قريباً أنّه إذا مات المشتري أو البائع بيع وفاء فإنّ ورثته يقومون مقامه في أحكام الوفاء ، نظراً لجانب الرّهن .</p><p>رابعاً : اختلاف المتعاقدين في بيع الوفاء :</p><p>10 - من أهمّ الأحكام الّتي تتعلّق باختلاف المتعاقدين في بيع الوفاء ما يلي :</p><p>أ - إذا اختلف المتعاقدان في أصل بيع الوفاء ، كأن قال أحدهما : كان البيع باتّاً أو وفاءً ، فالقول لمدّعي الجدّ والبتات إلاّ بقرينة الوفاء ، وهناك قول آخر عند الحنفيّة أنّ القول لمدّعي الوفاء استحساناً .</p><p>ب - إذا أقام كلّ من المشتري والبائع البيّنة تقدّم بيّنة الوفاء ، لأنّها خلاف الظّاهر .</p><p>ج - إذا لم يكن لأحدهما بيّنة فالقول قول مدّعي البتات . </p><p>قال ابن عابدين : فتحصّل أنّ الاستحسان في الاختلاف في البيّنة ترجيح بيّنة الوفاء ، وفي الاختلاف في القول ترجيح قول مدّعي البتات . ومن القرائن الدّالّة على الوفاء نقصان الثّمن كثيراً ، وهو ما لا يتغابن فيه النّاس عادةً إلاّ أن يدّعي صاحبه تغيّر السّعر .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41117, member: 329"] رابعاً : مذهب الحنابلة : 28 - قسم الحنابلة الشّروط في البيع إلى قسمين : الأوّل : صحيح لازم ، ليس لمن اشترط عليه فكّه . الآخر : فاسد يحرم اشتراطه . - 1 - فالأوّل : وهو الشّرط الصّحيح اللّازم ، ثلاثة أنواع : أحدها : ما هو مقتضى العقد بحكم الشّرع ، كالتّقابض ، وحلول الثّمن ، وتصرّف كلّ واحد منهما فيما يصير إليه ، وخيار المجلس ، والرّدّ بعيب قديم . فهذا الشّرط وجوده كعدمه ، لا يفيد حكماً ، ولا يؤثّر في العقد ، لأنّه بيان وتأكيد لمقتضى العقد . الثّاني : شرط من مصلحة العقد ، أي تتعلّق به مصلحة تعود على المشترط من المتعاقدين : الخيار ، والشّهادة ، أو اشتراط صفة في الثّمن ، كتأجيله كلّه أو بعضه ، أو رهن معيّن به ، أو كفيل معيّن به ، أو اشتراط صفة مقصودة في المبيع ، كالصّناعة والكتابة ، أو اشتراط كون الدّابّة ذات لبن ، أو غزيرة اللّبن ، أو الفهد صيوداً ، أو الطّير مصوّتاً ، أو يبيض ، أو يجيء من مسافة معلومة ، أو كون خراج الأرض كذا .. فيصحّ الشّرط في كلّ ما ذكر ، ويلزم الوفاء به ، وذلك لحديث : « المسلمون عند شروطهم إلاّ شرطاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً » ، ولأنّ الرّغبات تختلف باختلاف ذلك ، فلو لم يصحّ اشتراط ذلك لفاتت الحكمة الّتي لأجلها شرع البيع . فهذا الشّرط إن وفّى به لزم ، وإلاّ فللمشترط له الفسخ لفواته ، أو أرش فقد الصّفة ، فإن تعذّر الرّدّ تعيّن أرش فقد الصّفة ، كالمعيب إذا تلف عند المشتري . الثّالث : شرط ليس من مقتضى العقد ، ولا من مصلحته ، ولا ينافي مقتضاه ، لكن فيه نفعاً معلوماً للبائع أو للمشتري . أ - كما لو شرط البائع سكنى الدّار المبيعة شهراً ، أو أن تحمله الدّابّة ( أو السّيّارة ) إلى موضع معلوم ، فإنّه يصحّ لحديث « جابر رضي الله عنه ، حين باع جمله من النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذ قال فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي » وحديث : جابر أيضاً ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن المحاقلة والمزابنة ، والثّنيا إلاّ أن تعلم » والمراد بالثّنيا الاستثناء . وقياساً على ما لو باعه داراً مؤجّرةً . ومثل ما تقدّم أيضاً : اشتراط البائع أن يحبس المبيع حتّى يستوفي ثمنه ، وكذا اشتراطه المنفعة لغيره مدّةً معلومةً ، فلو تلفت العين المشترط استثناء نفعها ، قبل استيفاء البائع النّفع : فإن كان التّلف بفعل المشتري وتفريطه ، لزمه أجرة مثله ، لتفويته المنفعة المستحقّة على مستحقّها . وإن تلفت بغير ذلك ، لم يلزمه العوض . ب - وكما لو شرط المشتري على البائع حمل الحطب ، أو تكسيره ، أو خياطة ثوب ، أو تفصيله ، أو حصاد زرع ، أو جزّ رطبه ، فيصحّ إن كان النّفع معلوماً ، ويلزم البائع فعله . ولو شرط عليه أن يحمل متاعه إلى منزله ، والبائع لا يعرفه ، فلهم فيه وجهان . ثمّ إن تعذّر العمل المشروط بتلف المبيع ، أو استحقّ النّفع بالإجارة الخاصّة ، أو تعذّر بموت البائع ، رجع المشتري بعوض ذلك النّفع ، كما لو انفسخت الإجارة بعد قبض عوضها ، رجع المستأجر بعوض المنفعة . وإن تعذّر العمل على البائع بمرض ، أقيم مقامه من يعمل ، والأجرة على البائع ، كما في الإجارة . 29 - استثنى الحنابلة من جواز اشتراط النّفع المعلوم ، ما لو جمع في الاستثناء بين شرطين ، وكانا صحيحين : كحمل الحطب وتكسيره ، أو خياطة الثّوب وتفصيله ، فإنّ البيع لا يصحّ ، لحديث : عبد اللّه بن عمر رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يحلّ سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك » . أمّا إن كان الشّرطان المجموعان من مقتضى العقد ، كاشتراط حلول الثّمن مع تصرّف كلّ منهما فيما يصير إليه ، فإنّه يصحّ بلا خلاف . أو يكونا من مصلحة البيع ، كاشتراط رهن وكفيل معيّنين بالثّمن ، فإنّه يصحّ ، كما لو كانا من مقتضاه . - 2 - والآخر : وهو الشّرط الفاسد المحرّم ، تحته أيضاً ثلاثة أنواع : النّوع الأوّل : 30 - أن يشترط أحدهما على صاحبه عقداً آخر : كعقد سلم ، أو قرض ، أو بيع ، أو إجارة ، أو شركة ، فهذا شرط فاسد ، يفسد به البيع ، سواء اشترطه البائع أم المشتري . وهذا مشهور المذهب ، وإن كان بطلان الشّرط وحده احتمالاً عندهم ، وهو رواية عن الإمام أحمد . ودليل المشهور : أ - أنّه بيعتان في بيعة ، « وأنّ النّبيّ نهى عن بيعتين في بيعة » . والنّهي يقتضي الفساد . ب - وقول ابن مسعود رضي الله عنه : صفقتان في صفقة رباً . ج - ولأنّه شرط عقداً في آخر ، فلم يصحّ ، كنكاح الشّغار . وكذلك كلّ ما كان في معنى ذلك ، مثل أن يقول : بعتك داري بكذا على أن تزوّجني ابنتك ، أو على أن تنفق على دابّتي ، أو على حصّتي من ذلك ، قرضاً أو مجّاناً . النّوع الثّاني : 31 - أن يشترط في العقد ما ينافي مقتضاه . مثل : أن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع المبيع ، ولا يهبه ، ولا يعتقه ، أو يشترط عليه أن يبيعه ، أو يقفه ، أو أنّه متى نفق ( هلك ) المبيع فبها ، وإلاّ ردّه ، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثّمن ، وإن أعتقه فالولاء له ، فهذه وما أشبهها شروط فاسدة . وفي فساد البيع بها روايتان في المذهب . والمنصوص عن أحمد أنّ البيع صحيح ، ولا يبطله الشّرط ، بل يبطل الشّرط فقط ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبطل الشّرط في حديث بريرة المعروف ، ولم يبطل العقد . 32 - وقد استثنى الحنابلة من هذا الشّرط الباطل العتق ، فيصحّ أن يشترطه البائع على المشتري ، لحديث بريرة المذكور ، ويجبر المشتري على العتق إن أباه ، لأنّه حقّ للّه تعالى كالنّذر ، فإن امتنع المشتري من عتقه أعتقه الحاكم عليه ، لأنّه عتق مستحقّ عليه ، لكونه قربةً التزمها ، كالنّذر . 33 - وبناءً على الحكم بصحّة البيع فيما تقدّم ، وبفساد الشّرط فقط بناءً على مذهبهم - فإنّه يجوز للّذي فات غرضه بفساد الشّرط ، من البائع والمشتري ، سواء أعلم بفساد الشّرط أم لم يعلم - ما يلي : أ - فسخ البيع ، لأنّه لم يسلم له ما دخل عليه من الشّرط . ب - للبائع الرّجوع بما نقصه الشّرط من الثّمن بإلغاء الشّرط ، لأنّه إنّما باع بنقص ، لما يحصل له من الغرض الّذي اشترطه ، فإذا لم يحصل له غرضه رجع بالنّقص . ج - وللمشتري الرّجوع بزيادة الثّمن بإلغاء الشّرط ، لأنّه إنّما اشترى بزيادة الثّمن ، لما يحصل له من الغرض الّذي اشترطه ، فإذا لم يحصل له غرضه رجع بالزّيادة الّتي سمح بها ، كما لو وجده معيباً . فللبائع الخيار بين الفسخ وبين أخذ أرش النّقص . وللمشتري الخيار بين الفسخ وبين أخذ ما زاده على الثّمن . ومع ذلك فقد ذكر الحنابلة أيضاً احتمال ثبوت الخيار ، بدون الرّجوع بشيء ، وذلك : قياساً على من شرط رهناً أو ضميناً ، فامتنع الرّاهن والضّمين . ولأنّه ما ينقصه الشّرط من الثّمن مجهول ، فيصير الثّمن مجهولاً . ولأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يحكم لأرباب بريرة بشيء » ، مع فساد الشّرط ، وصحّة البيع . النّوع الثّالث : 34 - أن يشترط البائع أو المشتري شرطاً يعلّق عليه البيع والشّراء ، كقول البائع : بعتك إن جئتني بكذا ، أو بعتك إن رضي فلان ، وكقول المشتري : اشتريت إن جاء زيد ، فلا يصحّ البيع ، وذلك لأنّ مقتضى البيع نقل الملك حال التّبايع ، والشّرط هنا يمنعه . ولأنّه علّق البيع على شرط مستقبل ، فلم يصحّ ، كما إذا قال : بعتك إذا جاء آخر الشّهر . واستثنوا من ذلك قول البائع : بعتك إن شاء اللّه ، وقول المشتري : قبلت إن شاء اللّه ، وبيع العربون ، فإنّه يصحّ ، لأنّ نافع بن الحارث اشترى لعمر دار السّجن من صفوان ، فإن رضي عمر ، وإلاّ له كذا وكذا . ( ر : مصطلح عربون ) بيعتان في بيعة : 35 - ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة » . وورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه . قال : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة » . والمراد بهذه المسألة : جمع بيعتين في عقد واحد . وتسمية ذلك العقد بيعتين باعتبار تعدّد الثّمن . وأشار الكمال بن الهمام من الحنفيّة إلى توهّم من يتكلّم في الحديث : أنّ الحديثين بمعنًى واحد ، وليس كذلك ، بل حديث البيعتين أخصّ من حديث الصّفقتين ، لأنّ الأوّل خصوص صفقة من الصّفقات ، وهي البيع ، وأمّا حديث الصّفقتين فهو أعمّ لشموله البيع وغيره ، كالإجارة . واختلفت الصّور الّتي ألقاها الفقهاء لتصوّر المنهيّ عنه . على تفصيل ينظر في مصطلح : ( بيعتان في بيعة ) . بيع الوضيعة * انظر : وضيعة . بيع الوفاء * التّعريف : 1 - البيع هو : مبادلة مال بمال . والوفاء لغةً : ضدّ الغدر ، يقال : وفّى بعهده وأوفى بمعنًى واحد ، والوفاء : الخلق الشّريف العالي الرّفيع ، وأوفى الرّجل حقّه ووفّاه إيّاه بمعنى : أكمله له وأعطاه وافياً . وفي اصطلاح الفقهاء ، بيع الوفاء هو : البيع بشرط أنّ البائع متى ردّ الثّمن يردّ المشتري المبيع إليه ، وإنّما سمّي ( بيع الوفاء ) لأنّ المشتري يلزمه الوفاء بالشّرط . هذا ، ويسمّيه المالكيّة " بيع الثّنيا " والشّافعيّة " بيع العهدة " والحنابلة " بيع الأمانة " ويسمّى أيضاً " بيع الطّاعة " " وبيع الجائز " وسمّي في بعض كتب الحنفيّة " بيع المعاملة " حكم بيع الوفاء : 2 - اختلف الفقهاء في الحكم الشّرعيّ لبيع الوفاء . فذهب المالكيّة والحنابلة والمتقدّمون من الحنفيّة والشّافعيّة إلى : أنّ بيع الوفاء فاسد ، لأنّ اشتراط البائع أخذ المبيع إذا ردّ الثّمن إلى المشتري يخالف مقتضى البيع وحكمه ، وهو ملك المشتري للمبيع على سبيل الاستقرار والدّوام . وفي هذا الشّرط منفعة للبائع ، ولم يرد دليل معيّن يدلّ على جوازه ، فيكون شرطاً فاسداً يفسد البيع باشتراطه فيه . ولأنّ البيع على هذا الوجه لا يقصد منه حقيقة البيع بشرط الوفاء ، وإنّما يقصد من ورائه الوصول إلى الرّبا المحرّم ، وهو إعطاء المال إلى أجل ، ومنفعة المبيع هي الرّبح ، والرّبا باطل في جميع حالاته . وذهب بعض المتأخّرين من الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ بيع الوفاء جائز مفيد لبعض أحكامه ، وهو انتفاع المشتري بالمبيع - دون بعضها - وهو البيع من آخر . وحجّتهم في ذلك : أنّ البيع بهذا الشّرط تعارفه النّاس وتعاملوا به لحاجتهم إليه ، فراراً من الرّبا ، فيكون صحيحاً لا يفسد البيع باشتراطه فيه ، وإن كان مخالفاً للقواعد ، لأنّ القواعد تترك بالتّعامل ، كما في الاستصناع . 3 - وذهب أبو شجاع وعليّ السّغديّ والقاضي أبو الحسن الماتريديّ من الحنفيّة إلى : أنّ بيع الوفاء رهن وليس ببيع ، فيثبت له جميع أحكام الرّهن فلا يملكه المشتري ولا ينتفع به ، ولو استأجره لم تلزمه أجرته ، كالرّاهن إذا استأجر المرهون من المرتهن ، ويسقط الدّين بهلاكه ولا يضمن ما زاد عليه ، وإذا مات الرّاهن كان المرتهن أحقّ به من سائر الغرماء . وحجّتهم في ذلك : أنّ العبرة في العقود للمعاني ، لا للألفاظ والمباني . ولهذا كانت الهبة بشرط العوض بيعاً ، وكانت الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالةً ، وأمثال ذلك كثير في الفقه . وهذا البيع لمّا شرط فيه أخذ المبيع عند ردّ الثّمن كان رهناً ، لأنّه هو الّذي يؤخذ عند أداء الدّين . 4 - قال ابن عابدين : في بيع الوفاء قولان : الأوّل : أنّه بيع صحيح مفيد لبعض أحكامه من حلّ الانتفاع به ، إلاّ أنّه لا يملك المشتري بيعه ، قال الزّيلعيّ في الإكراه : وعليه الفتوى . الثّاني : القول الجامع لبعض المحقّقين : أنّه فاسد في حقّ بعض الأحكام حتّى ملك كلّ منهما الفسخ ، صحيح في حقّ بعض الأحكام كحلّ الإنزال ومنافع المبيع ، ورهن في حقّ البعض حتّى لم يملك المشتري بيعه من آخر ولا رهنه وسقط الدّين بهلاكه . فهو مركّب من العقود الثّلاثة ، كالزّرافة فيها صفة البعير والبقرة والنّمر ، جوّز لحاجة النّاس إليه بشرط سلامة البدلين لصاحبهما ، قال في البحر : وينبغي أن لا يعدل في الإفتاء عن القول الجامع . وفي النّهر : والعمل في ديارنا على ما رجّحه الزّيلعيّ . 5- وقال صاحب بغية المسترشدين من متأخّري الشّافعيّة : بيع العهدة صحيح جائز وتثبت به الحجّة شرعاً وعرفاً على قول القائلين به ، ولم أر من صرّح بكراهته ، وقد جرى عليه العمل في غالب جهات المسلمين من زمن قديم وحكمت بمقتضاه الحكّام ، وأقرّه من يقول به من علماء الإسلام ، مع أنّه ليس من مذهب الشّافعيّ ، وإنّما اختاره من اختاره ولفّقه من مذاهب ، للضّرورة الماسّة إليه ، ومع ذلك فالاختلاف في صحّته من أصله وفي التّفريع عليه ، لا يخفى على من له إلمام بالفقه . شرط بيع الوفاء عند من يجيزه : 6 - لتطبيق أحكام بيع الوفاء شرطان عند من يجيزه لا بدّ من توافرهما وهما : أ - أن ينصّ في العقد على أنّه متى ردّ البائع الثّمن ردّ المشتري المبيع . ب - سلامة البدلين ، فإن تلف المبيع وفاءً وكانت قيمته مساويةً للدّين ( أي الثّمن ) سقط من الدّين في مقابلته ، وإن كانت زائدةً على مقدار الدّين ، وهلك المبيع في يد المشتري ، سقط من قيمته قدر ما يقابل الدّين ، وهو في هذا كالرّهن عند الحنفيّة . الآثار المترتّبة على بيع الوفاء : هناك آثار تترتّب على بيع الوفاء عند من يجيزه من متأخّري الحنفيّة وغيرهم مجملها فيما يلي : أوّلاً - عدم نقله للملكيّة : 7 - أنّ بيع الوفاء لا يسوّغ للمشتري التّصرّف النّاقل للملك كالبيع والهبة عند من يجيزه ، ويترتّب على ذلك عدّة مسائل : أ - عدم نفاذ بيع المبيع وفاءً من غير البائع ، وذلك لأنّه كالرّهن ، والرّهن لا يجوز بيعه . ب - لا يحقّ للمشتري في بيع الوفاء الشّفعة ، وتبقى الشّفعة للبائع ، ففي الفتاوى الهنديّة نقلاً عن فتاوى أبي الفضل : أنّه سئل عن كرم بيد رجل وامرأة ، باعت المرأة نصيبها من الرّجل ، واشترطت أنّها متى جاءت بالثّمن ردّ عليها نصيبها ، ثمّ باع الرّجل نصيبه ، هل للمرأة فيه شفعة ؟ قال ( أبو الفضل ) : إن كان البيع بيع معاملة ففيه الشّفعة للمرأة ، سواء كان نصيبها من الكرم في يدها أو في يد الرّجل . وبيع الوفاء وبيع المعاملة واحد ، كذا في التّتارخانيّة . ج - الخراج في الأرض المبيعة بيع وفاء على البائع . د - لو هلك المبيع في يد المشتري فلا شيء لواحد منهما على الآخر . هـ - منافع المبيع بيع وفاء للبائع كالإجارة وثمرة الأشجار ونحوها ، فلو باع داره من آخر بثمن معلوم بيع وفاء ، وتقابضا ، ثمّ استأجرها من المشتري مع شرائط صحّة الإجارة وقبضها ومضت المدّة ، هل يلزمه الأجر ؟ قال : لا ، فتبيّن أنّ الملك لم ينتقل للمشتري ، إذ لو انتقل لوجبت الأجرة ، وكذلك ثمر الشّجر للبائع دون المشتري ، فإنّ المشتري لو أخذ من ثمر الأشجار شيئاً ، فإن أخذه بإذن البائع برئت ذمّته ، وإن أخذه بغير إذنه ورضاه ضمنها . و - انتقال المبيع وفاءً بالإرث إلى ورثة البائع ، فلو باع رجل بستانه من آخر بيع وفاء ، وتقابضا ، ثمّ باعه المشتري من آخر بيعاً باتّاً وسلّم وغاب ، فللبائع أو ورثته أن يخاصموا المشتري الثّاني ، ويستردّوا منه البستان . وكذا إذا مات البائع والمشتريان ، ولكلّ ورثة ، فلورثة المالك أن يستخلصوه من أيدي ورثة المشتري الثّاني ، ولورثة المشتري الثّاني أن يرجعوا بما أدّى من الثّمن إلى بائعه في تركته الّتي في أيدي ورثته ، ولورثة المشتري الأوّل أن يستردّوه ، ويحبسوه بدين مورثهم إلى أن يقضوا الدّين . ثانياً : حقّ البائع في استرداد المبيع : 8 - يحقّ للبائع أن يستردّ مبيعه إذا دفع الثّمن للمشتري في حالتي التّوقيت وعدمه . ثالثاً : أثر موت أحد المتعاقدين في بيع الوفاء : 9 - سبق قريباً أنّه إذا مات المشتري أو البائع بيع وفاء فإنّ ورثته يقومون مقامه في أحكام الوفاء ، نظراً لجانب الرّهن . رابعاً : اختلاف المتعاقدين في بيع الوفاء : 10 - من أهمّ الأحكام الّتي تتعلّق باختلاف المتعاقدين في بيع الوفاء ما يلي : أ - إذا اختلف المتعاقدان في أصل بيع الوفاء ، كأن قال أحدهما : كان البيع باتّاً أو وفاءً ، فالقول لمدّعي الجدّ والبتات إلاّ بقرينة الوفاء ، وهناك قول آخر عند الحنفيّة أنّ القول لمدّعي الوفاء استحساناً . ب - إذا أقام كلّ من المشتري والبائع البيّنة تقدّم بيّنة الوفاء ، لأنّها خلاف الظّاهر . ج - إذا لم يكن لأحدهما بيّنة فالقول قول مدّعي البتات . قال ابن عابدين : فتحصّل أنّ الاستحسان في الاختلاف في البيّنة ترجيح بيّنة الوفاء ، وفي الاختلاف في القول ترجيح قول مدّعي البتات . ومن القرائن الدّالّة على الوفاء نقصان الثّمن كثيراً ، وهو ما لا يتغابن فيه النّاس عادةً إلاّ أن يدّعي صاحبه تغيّر السّعر . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية