الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41229" data-attributes="member: 329"><p>القائلون بالكراهة وأدلّتهم :</p><p>20 - ذهب إلى القول بكراهة شرب الدّخّان من الحنفيّة : ابن عابدين ، وأبو السّعود ، واللّكنويّ . ومن المالكيّة : الشّيخ يوسف الصّفتيّ . ومن الشّافعيّة : الشّروانيّ . </p><p>ومن الحنابلة : البهوتيّ ، والرّحيبانيّ ، وأحمد بن محمّد المنقور التّميميّ . </p><p>واستدلّوا بما يأتي :</p><p>21 - أ - كراهة رائحته ، فيكره قياساً على البصل النّيء والثّوم والكرّات ونحوها . </p><p>22 - ب - عدم ثبوت أدلّة التّحريم ، فهي تورث الشّكّ ، ولا يحرم شيء بمجرّد الشّكّ ، فيقتصر على الكراهة لما أورده القائلون بالحرمة . </p><p>حكم شرب الدّخّان في المساجد ومجالس القرآن والعلم والمحافل :</p><p>23 - لا يجوز شرب الدّخّان في المساجد باتّفاق ، سواء قيل بإباحته أو كراهته أو تحريمه ، قياساً على منع أكل الثّوم والبصل في المساجد ، ومنع آكلهما من دخول المساجد حتّى تزول رائحة فمه ، وذلك لكراهة رائحة الثّوم والبصل ، فيتأذّى الملائكة والمصلّون منها ، ويلحق الدّخّان بهما لكراهة رائحته - والمساجد إنّما بنيت لعبادة اللّه ، فيجب تجنيبها المستقذرات والرّوائح الكريهة - فعن جابر رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من أكل البصل والثّوم والكرّات فلا يقربنّ مسجدنا ، فإنّ الملائكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه بنو آدم » . قال ابن عابدين : يمنع في المسجد أكل نحو ثوم وبصل ونحوه ممّا له رائحة كريهة ، للحديث الصّحيح في النّهي عن قربان آكل الثّوم والبصل المسجد قال الإمام العينيّ في شرحه على صحيح البخاريّ : قلت : علّة النّهي أذى الملائكة وأذى المسلمين . </p><p>قال ابن عابدين : ويلحق بما نصّ عليه في الحديث : كلّ ما له رائحة كريهة مأكولاً أو غيره . ونقل ابن عابدين عن الطّحطاويّ : إنّ الدّخّان ملحق بالبصل والثّوم في هذا الحكم . </p><p>وقال الشّيخ عليش المالكيّ : لا شكّ في تحريم شرب الدّخّان في المساجد والمحافل لأنّ له رائحةً كريهةً ، ونقل عن مجموع الأمير في باب الجمعة : أنّه يحرم تعاطي ما له رائحة كريهة في المسجد والمحافل . وفي الشّروانيّ على تحفة المحتاج : يمنع من دخول المسجد ذو الرّائحة الكريهة ، كآكل البصل والثّوم ، ومنه ريح الدّخّان المشهور الآن . </p><p>24 - كذلك لا يجوز لشارب الدّخّان دخول المسجد حتّى تزول الرّائحة من فمه ، قياساً على منع آكل الثّوم والبصل من دخول المسجد حتّى تزول الرّائحة . </p><p>واعتبر الفقهاء أنّ وجود الرّائحة الكريهة ، عذر في التّخلّف عن الجمعة والجماعة ، إذا لم يفعل ذلك قصداً لإسقاط الجماعة . ولا يختصّ المنع بالمساجد ، بل إنّه يشمل مجامع الصّلاة غير المساجد ، كمصلّى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات ، وكذا مجامع العلم والذّكر ومجالس قراءة القرآن ونحوها . </p><p>25 - هذا مع اختلاف الفقهاء في منع من في فمه رائحة الدّخّان من دخول المسجد ، أو مجامع العبادات ، ومجالس القرآن ، فحرّمه الحنفيّة والمالكيّة ، وكرهه الشّافعيّة والحنابلة . كذلك اختلف الفقهاء بالنّسبة للمجامع الّتي ليست للصّلاة أو الذّكر أو قراءة القرآن . وذلك كالولائم ومجالس القضاء . فأفتى بإباحته في مجالس القضاء الشّيخ محمّد مهديّ العبّاسيّ الحنفيّ شيخ الأزهر ومفتي الدّيار المصريّة . </p><p>وقال الشّيخ عليش المالكيّ : يحرم تعاطيه في المحافل . وكرهه الشّافعيّة والحنابلة . </p><p>26 - أمّا الأسواق ونحوها ، فقد قال الإمام النّوويّ : يلحق بالثّوم والبصل والكرّات كلّ ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها ، وقاس العلماء على المساجد مجامع العبادات ومجامع العلم والذّكر والولائم ونحوها . ثمّ قال : ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها . .</p><p>حكم بيع الدّخّان وزراعته :</p><p>27 - كان الاختلاف بين الفقهاء بالنّسبة للدّخّان هو في بيان حكم شربه ، هل هو حرام أو مباح أو مكروه ، وكان التّعرّض لبيان حكم بيعه أو زراعته قليلاً . </p><p>على أنّه يمكن أن يقال في الجملة : إنّ الّذين حرّموه يستتبع ذلك عندهم حرمة بيعه وزراعته ، والّذين أباحوه يباح عندهم بيعه وزراعته . يقول الشّيخ عليش من المالكيّة : الحاصل أنّ الدّخّان في شربه خلاف بالحلّ والحرمة ، فالورع عدم شربه ، وبيعه وسيلةً لشربه ، فيعطى حكمه . ونورد فيما يلي ما أمكن العثور عليه من أقوال في ذلك :</p><p>28 - من الحنفيّة نقل ابن عابدين عن الشرنبلالي : أنّه يمنع من بيع الدّخّان ، </p><p>ومن المالكيّة ، ذكر الشّيخ عليش : ما يفيد جواز زراعته وبيعه ، فقد سئل في الدّخّان الّذي يشرب في القصبة ، والّذي يستنشق به ، هل كلّ منهما متموّل ؟ فإذا أتلف شخص شيئاً من أحدهما مملوكاً لغيره يكون عليه الضّمان ، أو كيف الحال ؟ . فأجاب : نعم كلّ منهما متموّل ، لأنّه طاهر فيه منفعة شرعيّة لمن اختلّت طبيعته باستعماله وصار له كالدّواء ، فكلّ منهما كسائر العقاقير الّتي يتداوى بها من العلل ، ولا يرتاب عاقل متشرّع في أنّها متموّلة ، فكذلك هذان ، كيف والانتفاع على الوجه المذكور والتّنافس حاصلان بالمشاهدة . </p><p>فإذا أتلف شخص شيئاً من أحدهما مملوكاً لغيره كان عليه الضّمان ، وقد أفتى بعض المتأخّرين بجواز بيع مغيّب العقل بلا نشوة ، لمن يستعمل منه القدر اليسير الّذي لا يغيّب عقله ، واستظهر فتواه سيّدي إبراهيم اللّقانيّ . </p><p>كذلك سئل الشّيخ عليش : عن رجل تعدّى على بصل لآخر أو جزر أو خسّ أو دخّان أو مطلق زرع قبل بدوّ صلاحه ، فماذا يلزمه ؟ وهل يعتبر وقت الحصاد ، أو ما يقوله أهل المعرفة ؟ وإن كان بعد بدوّ الصّلاح فما الحكم ؟ فأجاب : إن تعدّى على الزّرع قبل بدوّ الصّلاح أغرم قيمته يوم التّعدّي على الرّجاء والخوف ، وإن تأخّر الحكم عليه بالغرم حتّى رجع الزّرع لحاله سقطت عنه القيمة ويؤدّب المفسد ، وإن تعدّى بعد بدوّ الصّلاح أغرم قيمته يوم التّعدّي على البتّ . ومن الشّافعيّة : جاء في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج : يصحّ بيع الدّخّان المعروف في زماننا ، لأنّه طاهر منتفع به أي عند بعض النّاس . وجاء في حاشية الشّروانيّ على تحفة المحتاج ما ملخّصه جواز بيعه . للخلاف في حرمته ولانتفاع بعض النّاس به . كما إذا كان يعلم الضّرر بتركه ، وحينئذ فيصحّ بيعه . ولم نعثر على نصّ في مذهب الحنابلة ، لكن جاء في كشّاف القناع ما يمكن أن يستفاد منه جواز بيعه قياساً . قال : السّمّ من الحشائش والنّبات ، إن كان لا ينتفع به ، أو كان يقتل قليله ، لم يجز بيعه ، وإن انتفع به وأمكن التّداوي بيسيره جاز بيعه ، لما فيه من النّفع المباح .</p><p>حكم الدّخّان من حيث الطّهارة والنّجاسة :</p><p>29 - صرّح المالكيّة والشّافعيّة بطهارة الدّخّان . قال الدّردير : من الطّاهر الجماد ، ويشمل النّبات بأنواعه ، قال الصّاويّ : ومن ذلك الدّخّان وفي نهاية المحتاج قال الشبراملسي في الحاشية : يصحّ بيع الدّخّان المعروف في زماننا ، لأنّه طاهر منتفع به . وورد مثل ذلك في حاشية الجمل وحاشية الشّروانيّ وحاشية القليوبيّ . </p><p>هذا وقد ذكر القرافيّ في الفرق الأربعين : " قاعدة المسكرات والمرقّدات والمفسدات " ( تنبيه ) تنفرد المسكرات عن المرقّدات والمفسدات بثلاثة أحكام : الحدّ ، والتّنجيس ، وتحريم اليسير . والمرقّدات والمفسدات لا حدّ فيها ولا نجاسة ، فمن صلّى بالبنج معه أو الأفيون لم تبطل صلاته إجماعاً . هذا وبعض من حرّم الدّخّان وعلّل حرمته بالإسكار فهي عنده نجسة قياساً على الخمر . ولم نعثر على نصّ في مذهب الحنفيّة ، إلاّ أنّ قواعدهم تدلّ على أنّ الدّخّان طاهر ، فقد قال ابن عابدين : الأشربة الجامدة كالبنج والأفيون لم نر أحداً قال بنجاستها ، ولا يلزم من الحرمة نجاسته ، كالسّمّ القاتل ، فإنّه حرام مع أنّه طاهر . كذلك لم نعثر على نصّ في مذهب الحنابلة ، إلاّ أنّه جاء في نيل المآرب : المسكر غير المائع طاهر .</p><p>تفطير الصّائم بشرب الدّخّان :</p><p>30 - اتّفق الفقهاء على أنّ شرب الدّخّان المعروف أثناء الصّوم يفسد الصّيام لأنّه من المفطرات ، كذلك يفسد الصّوم لو أدخل الدّخّان حلقه من غير شرب ، بل باستنشاق له عمداً ، أمّا إذا وصل إلى حلقه بدون قصد ، كأن كان يخالط من يشربه فدخل الدّخان حلقه دون قصد ، فلا يفسد به الصّوم ، إذا لا يمكن الاحتزاز من ذلك . </p><p>وعند الحنفيّة والمالكيّة : إن تعمّد ذلك فعليه القضاء والكفّارة . </p><p>وعند الشّافعيّة والحنابلة عليه القضاء فقط ، إذ الكفّارة عندهم تكون بالجماع فقط في نهار رمضان . وكذلك يفطر الصّائم بمضغ الدّخّان أو نشوقه ، لأنّه نوع من أنواع التّكييف ، ويصل طعمه للحلق ، ويتكيّف به الدّماغ مثل تكيّفه بالدّخّان الّذي يمصّ بالعود . </p><p>وهذا ما صرّح به المالكيّة ، وقواعد المذاهب الأخرى لا تأباه .</p><p>حقّ الزّوج في منع زوجته من شرب الدّخّان :</p><p>31 - يرى جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة وأحد وجهين عند الشّافعيّة والحنابلة ) أنّ للزّوج منع زوجته من كلّ ما له رائحة كريهة ، كالبصل والثّوم ، ومن ذلك شرب الدّخّان المعروف ، لأنّ رائحته تمنع كمال الاستمتاع ، خصوصاً إذا كان الزّوج لا يشربه . </p><p>والوجه الثّاني عند الشّافعيّة والحنابلة : أنّه ليس له منعها من ذلك لأنّه لا يمنع الوطء .</p><p>التّبغ في نفقة الزّوجة :</p><p>32 - يرى بعض الشّافعيّة والحنابلة أنّ الزّوجة إن اعتادت شرب الدّخّان تفكّهاً وجب على الزّوج توفيره لها ضمن حقّها في النّفقة . </p><p>ويرى الحنفيّة أنّه لا يلزمه ذلك وإن تضرّرت بتركه ، قال ابن عابدين : لأنّ ذلك إن كان من قبيل الدّواء أو من قبيل التّفكّه ، فكلّ من الدّواء والتّفكّه لا يلزمه . </p><p>ولم يصرّح المالكيّة بذلك ، إلاّ أنّ قواعدهم كالحنفيّة في أنّ الدّواء والتّفكّه لا يلزم الزّوج .</p><p>حكم التّداوي بالتّبغ :</p><p>33 - من القواعد العامّة الّتي أجمع عليها الفقهاء أنّ الأشياء المحرّمة النّجسة المنصوص عليها كالخمر لا يجوز التّداوي بها . أمّا ما لا نصّ فيه فإنّه يختلف باختلاف اجتهاد الفقهاء . فمن قال بنجاسة الدّخّان وأنّه يسكر كالخمر لا يجوز عنده التّداوي به . </p><p>لكنّه عند جمهور الفقهاء طاهر ويجوز التّداوي به ، كما يؤخذ ذلك من نصوصهم . وهذا إذا كان يمكن التّداوي به . </p><p>قال الشّيخ عليش المالكيّ : الدّخان متموّل ، لأنّه طاهر فيه منفعة شرعيّة لمن اختلّت طبيعته باستعماله وصار له كالدّواء ، فهو كسائر العقاقير الّتي يتداوى بها من العلل .</p><p>إمامة شارب الدّخّان :</p><p>34 - نقل ابن عابدين عن الشّيخ العماديّ أنّه يكره الاقتداء بالمعروف بأكل الرّبا ، أو شيء من المحرّمات ، أو يداوم الإصرار على شيء من المكروهات ، كالدّخّان المبتدع في هذا الزّمان .</p><p></p><p>تبكير *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبكير : مصدر بكّر بالتّشديد ، وأصله من الخروج بُكْرة أوّل النّهار ، ويكون أيضاً بمعنى : التّعجيل والإسراع أيّ وقت كان ، يقال : بكّر بالصّلاة أي : صلّاها لأوّل وقتها ، ويقال : بكّروا بصلاة المغرب أي : صلّوها عند سقوط القرص ، وكلّ من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه . ولم يخرج الفقهاء في استعمالهم عن هذين المعنيين .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّغليس :</p><p>2 - التّغليس في صلاة الفجر : فعلها أوّل طلوع الفجر قبل انتشار الضّوء .</p><p>ب - الإسفار :</p><p>3 - الإسفار معناه : الوضوح والظّهور ، يقال : أسفر الصّبح : انكشف وأضاء ، والإسفار بصلاة الصّبح في عرف الفقهاء هو : فعلها عند انتشار ضوء الفجر . </p><p>الحكم التّكليفيّ :</p><p>4 - التّبكير بأداء العبادات في أوّل أوقاتها مستحبّ لتحصيل الفضل والثّواب ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن أفضل الأعمال - قال : « الصّلاة في أوّل وقتها » وهذا على الجملة عند الفقهاء .</p><p>5- ويستثنى من هذا الحكم ما نصّ على تأخيره لسبب ، كالإبراد بصلاة الظّهر في وقت الحرّ ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة » . </p><p>كذلك استثنى الحنابلة والحنفيّة صلاة العشاء ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لولا أن أشقّ على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء » وهو أيضاً قول عند المالكيّة والشّافعيّة ، وزاد الحنفيّة صلاة العصر .</p><p>6- أمّا التّبكير بمعنى الخروج أوّل النّهار فهو وارد في صلاة الجمعة والعيدين . فقد استحبّ التّبكير لهما من أوّل النّهار الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من غسّل يوم الجمعة واغتسل ، وبكّر وابتكر كان له بكلّ خطوة يخطوها أجر سنة ، صيامها وقيامها » وقال الإمام مالك : لا يستحبّ التّبكير خشية الرّياء .</p><p>التّبكير لطلب الرّزق :</p><p>7 - يستحبّ التّبكير بطلب الرّزق والتّجارة فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « باكروا للغدوّ في طلب الرّزق ، فإنّ الغدوّ بركة ونجاح » . قال ابن العربيّ : يروى عن ابن عبّاس وغيره أنّ ما بعد صلاة الصّبح وقت يقسم اللّه فيه الرّزق بين العباد ، وثبت أنّه وقت ينادي فيه الملك : « اللّهمّ أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً » . وهو وقت ابتداء الحرص ونشاط النّفس وراحة البدن وصفاء الخاطر ، فيقسم لأجل ذلك كلّه وأمثاله .</p><p>التّبكير بالتّعليم :</p><p>8 - ينبغي التّبكير بتعليم الصّبيان ما فرض اللّه على العباد من قول وفعل ، لكي يأتي عليهم البلوغ وقد تمكّن ذلك في قلوبهم ، وسكنت إليه أنفسهم ، وأنست بما يعلمون به من ذلك جوارحهم . وقد قال النّوويّ : الصّحيح أنّه يجب على الآباء والأمّهات تعليم الأولاد الصّغار ما سيتعيّن عليهم بعد البلوغ من : الطّهارة ، والصّلاة ، والصّوم ، وتحريم الزّنى واللّواط والسّرقة وشرب المسكر ، والكذب ، ونحوها . </p><p>واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسَكم وأهليكم ناراً } قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة : معناه علّموهم ما ينجون به من النّار . </p><p>وتعليم الصّبيان يردّ العذاب الواقع بإرادة اللّه تعالى عن آبائهم ، أو عمّن تسبّب في تعليمهم ، أو عن معلّمهم ، أو عنهم فيما يستقبل ، أو عن المجموع ، أو يردّ العذاب عموماً .</p><p></p><p>تبليغ *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبليغ : مصدر بلّغ ، أي : أوصل ، يقال بلّغه السّلام : إذا أوصله . وبلغ الكتاب بلوغاً : وصل . </p><p>والتّبليغ في الاصطلاح أخصّ من ذلك ، إذ يراد به : الإعلام والإخبار ، لأنّه إيصال الخبر . والتّبليغ يكون شفاهاً وبالرّسالة والكتابة . </p><p>وأغلب تبليغ الرّسل كان مشافهةً . والتّبليغ بالرّسالة : أن يرسل شخص رسولاً إلى رجل ، ويقول للرّسول مثلاً : إنّي بعت عبدي هذا من فلان الغائب بكذا ، فاذهب إليه ، وقل له : إنّ فلاناً أرسلني إليك ، وقال لي : قل له : إنّي قد بعت عبدي هذا من فلان بكذا ، فإن ذهب الرّسول وبلّغ الرّسالة ، فقال المشتري في مجلسه ذلك : قبلت ، انعقد البيع ، لأنّ الرّسول سفير ومعبّر عن كلام المرسل ، ناقل كلامه إلى المرسل إليه ، فكأنّه حضر بنفسه فأوجب البيع ، وقبل الآخر في المجلس . فالرّسالة بعض وسائل التّبليغ .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الكتابة :</p><p>2 - الكتابة هي : أن يكتب الرّجل إلى رجل إنّي بعت منك فرسي - ويصفه - بمبلغ كذا ، فبلغ الكتاب المرسل إليه ، فقال في مجلسه : اشتريت ، تمّ البيع . لأنّ خطاب الغائب كتابه ، فكأنّه حضر بنفسه وخاطب بالإيجاب وقبل الآخر في المجلس ، فالكتابة أيضاً أخصّ من التّبليغ . </p><p>الحكم التّكليفيّ :</p><p>تبليغ الرّسالات :</p><p>3 - أوجب اللّه على رسله تبليغ رسالاته إلى من أرسلوا إليهم ، لئلاّ يكون لهم على اللّه حجّة ، قال تعالى : { رُسُلاً مبشِّرين ومنذِرين لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حُجّةٌ بعد الرّسُل } وقال تعالى : { يا أيّها الرّسول بلِّغْ ما أُنزل إليك من ربّك ، وإن لم تفعل فما بلّغتَ رسالته ، واللّه يَعْصِمُك من النّاس } . قال ابن عبّاس : المعنى بلّغ جميع ما أنزل إليك من ربّك ، فإن كتمت شيئاً منه فما بلّغت رسالته . وهذا تأديب للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وتأديب لحملة العلم من أمّته ألاّ يكتموا شيئاً من أمر شريعته . </p><p>وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : « من حدّثك أنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب ، واللّه تعالى يقول : { يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته } » </p><p>وعن أبي جحيفة قلت لعليّ رضي الله عنه : « هل عندكم شيء من الوحي ما ليس في القرآن ؟ فقال : لا . والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، إلاّ فهماً يعطيه اللّه رجلاً في القرآن ، وما في هذه الصّحيفة ، قلت : وما في هذه الصّحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وألاّ يقتل مسلم بكافر » .</p><p>تبليغ الدّعوة الإسلاميّة :</p><p>4 - تبليغ الدّعوة الإسلاميّة لغير المسلمين واجب على الكفاية ، فقد أرسل الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك غير المسلمين يدعوهم إلى الإسلام ، فكتب إلى المقوقس وغيره ، وجرى على ذلك أصحابه .</p><p>التّبليغ خلف الإمام :</p><p>5 - من سنن الصّلاة جهر الإمام بالتّكبير والتّسميع والسّلام بقدر الحاجة ليسمّع المأمومين ، فإن زاد على الحاجة زيادةً كبيرةً كره . </p><p>والتّكبير للإعلام بالدّخول في الصّلاة والانتقال فيها يكون من الإمام ، فإن كان صوته لا يبلغ من وراءه فينبغي التّبليغ عنه من أحد المأمومين ، والمراد من التّكبير ما يشمل تكبيرة الإحرام وغيرها . وقال ابن قدامة : يستحبّ للإمام أن يجهر بالتّكبير ، بحيث يسمع المأمومون ليكبّروا ، فإنّهم لا يجوز لهم التّكبير إلاّ بعد تكبيره ، فإن لم يمكنه إسماعهم جهر بعض المأمومين ليسمعهم ، أو ليسمع من لا يسمع الإمام . لما روى جابر رضي الله عنه قال : « صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه ، فإذا كبّر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كبّر أبو بكر ليسمعنا » وفي كلّ مذهب تفصيل : </p><p>فعند الحنفيّة والشّافعيّة : أنّ الإمام إذا كبّر للافتتاح فلا بدّ لصحّة صلاته من قصده بالتّكبير الإحرام بالصّلاة ، وإلاّ فلا صلاة له إذا قصد الإعلام فقط . فإن جمع بين الأمرين بأن قصد الإحرام والإعلام فذلك هو المطلوب منه شرعاً . وكذلك المبلّغ إذا قصد التّبليغ فقط خالياً عن قصد الإحرام فلا صلاة له ، ولا لمن يصلّي بتبليغه في هذه الحالة ، لأنّه اقتدى بمن لم يدخل في الصّلاة . فإن قصد بتكبيره الإحرام مع التّبليغ للمصلّين ، فذلك هو المقصود منه شرعاً . ووجهه : أنّ تكبيرة الإحرام شرط أو ركن ، فلا بدّ في تحقّقها من قصد الإحرام أي الدّخول في الصّلاة . </p><p>وأمّا التّسميع من الإمام ، والتّحميد من المبلّغ ، وتكبيرات الانتقالات منهما ، إذا قصد بما ذكر الإعلام فقط ، فلا فساد للصّلاة . والفرق أنّ قصد الإعلام غير مفسد ، كما لو سبّح ليعلم غيره أنّه في الصّلاة . ولمّا كان المطلوب هو التّكبير على قصد الذّكر والإعلام ، فإذاً محض قصد الإعلام فكأنّه لم يذكر ، وعدم الذّكر في غير التّحريمة غير مفسد . </p><p>وعند المالكيّة أنّه يجوز اتّخاذ شخص معيّن ليسمع النّاس ، وتصحّ صلاته ، ولو قصد بتكبيره وتحميده مجرّد إسماع المأمومين . </p><p>وعندهم أنّه يصحّ أن يكون المسمع ( المبلّغ ) صبيّاً أو امرأةً أو محدثاً ، وذلك مبنيّ على أنّ المسمع علامة على صلاة الإمام ، وذلك هو اختيار المازريّ واللّقانيّ . وفي رأي : أنّ المسمع نائب ووكيل عن الإمام ، فلا يجوز له التّسميع حتّى يستوفي شرائط الإمام . </p><p>وعند الحنابلة : أنّه يستحبّ الجهر من الإمام ليسمع المأمومين انتقالاته في الصّلاة ، كالجهر بتكبيرة الإحرام ، فإن لم يجهر الإمام بحيث يسمع الجميع استحبّ لبعض المأمومين رفع صوته ليسمعهم .</p><p>تبليغ السّلام :</p><p>6 - أجمع العلماء على أنّ الابتداء بالسّلام سنّة مرغّب فيها ، وردّه فريضة لقوله تعالى : </p><p>{ وإذا حُيِّيتم بتحيّةٍ فحَيُّوا بأحسنَ منها أو ردُّوها } </p><p>فقد أمر اللّه بالتّحيّة بأحسن منها أو بالرّدّ . والأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف ، والظّاهر أنّ الحكم كذلك في المكاتبة ، أو بالطّلب إلى رسول تبليغ السّلام ، كما ينبغي لمن تحمّل السّلام أن يبلّغه . « قالت عائشة رضي الله عنها : وعليه السّلام ورحمة اللّه حين أخبرها النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ جبريل عليه السلام يقرأ عليها السّلام » . </p><p>قال القرطبيّ : وفي حديث عائشة من الفقه أنّ الرّجل إذا أرسل إلى رجل بسلامه ، فعليه أن يردّ كما يردّ عليه إذا شافهه . « وجاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنّ أبي يقرئك السّلام . فقال وعليك السّلام ، وعلى أبيك السّلام » . </p><p>تبليغ الوالي عن الجناة المستترين :</p><p>7 - المنصوص عليه في المذاهب أنّ ما لم يظهر من المحظورات ، فليس لأحد - محتسباً كان أو غيره - أن يتجسّس عنها ، ولا أن يهتك الأستار ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر اللّه تعالى ، فإنّه من يُبْدِ لنا صفحته نقم عليه كتاب اللّه تعالى » . </p><p>وأمّا عند الظّهور ففيه تفصيل ينظر في مصطلح ( تجسّس وشهادة ) .</p><p></p><p>تبنّي *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبنّي : اتّخاذ الشّخص ولد غيره ابناً له ، وكان الرّجل في الجاهليّة يتبنّى الرّجل ، فيجعله كالابن المولود له ، ويدعوه إليه النّاس ، ويرث ميراث الأولاد . </p><p>وغلب في استعمال العرب لفظ ( ادّعاء ) على التّبنّي ، إذا جاء في مثل ( ادّعى فلان فلاناً ) ومنه ( الدّعيّ ) وهو المتبنّي ، قال اللّه تعالى : { وما جَعَلَ أَدْعِيَاءَكم أبناءَكم } . </p><p>ولا يخرج استعمال الفقهاء للفظ التّبنّي عن المعنى اللّغويّ .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الاستلحاق :</p><p>2 - ألحق القائف الولد بأبيه : أخبر أنّه ابنه لشبه بينهما يظهر له ، واستلحقت الشّيء : ادّعيته ، وفي القاموس : استلحق فلاناً : ادّعاه ، والاستلحاق يختصّ بالأب وحده ، وهو الإقرار بالنّسب عند الحنفيّة ، ولا يقع الاستلحاق إلاّ على مجهول النّسب .</p><p>فالاستلحاق لا يكون إلاّ بالنّسبة لمجهول النّسب ، في حين أنّ التّبنّي يكون بالنّسبة لكلّ من مجهول النّسب ومعلوم النّسب ، وتفصيل ذلك في مصطلح : ( استلحاق ) .</p><p>ب - البنوّة :</p><p>3 - الابن : الذّكر من الأولاد ، والاسم : البنوّة . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء : يطلق الابن على الابن الصّلبيّ من نسب حقيقيّ ، فتكون البنوّة من نسب أصليّ ، ويطلق الابن على ابن الابن وإن نزل مجازاً . </p><p>فالفرق بين البنوّة والتّبنّي : أنّ البنوّة ترجع إلى النّسب الأصليّ ، أمّا التّبنّي فهو ادّعاء الرّجل أو المرأة من ليس ولداً لهما . وتفصيل ذلك في مصطلح : ( بنوّة ) . </p><p>ج - الإقرار بالنّسب :</p><p>4 - إقرار الأب أو الأمّ بالبنوّة دون ذكر السّبب مع عدم إلحاق الضّرر أو العار بالولد ، هو الإقرار بالنّسب المباشر . فالإقرار تصحيح للنّسب بعد أن كان مجهولاً . </p><p>أمّا التّبنّي فيكون لمجهول النّسب ومعلومه ، والتّبنّي قد أبطله الإسلام ، أمّا الإقرار بالنّسب فقائم ولا يصحّ الرّجوع فيه ، ولا يجوز نفيه بعد صدوره . انظر مصطلح : ( إقرار ) .</p><p>د - اللّقيط :</p><p>5 - ادّعاء اللّقيط شكل من أشكال الإقرار بالنّسب ، واللّقيط هو الصّغير الّذي وجد في مكان يصعب فيه التّعرّف على أبويه . أمّا التّبنّي فيكون لمجهول النّسب كما يكون لمعلوم النّسب ، وادّعاء اللّقيط في الحقيقة ردّ إلى نسب حقيقيّ في الظّاهر ، ولا يحمل التّبنّي هذا المعنى . </p><p>الحكم التّكليفيّ :</p><p>6 - حرّم الإسلام التّبنّي ، وأبطل كلّ آثاره ، وذلك بقوله تعالى : { وما جعل أدعياءَكم أبناءَكم ذلكم قولُكم بأفواهِكم واللّهُ يقولُ الحقَّ وهو يهدي السّبيلَ } ، وقوله تعالى : { ادْعوهم لآبائِهم } . </p><p>وقد كان التّبنّي معروفاً عند العرب في الجاهليّة وبعد الإسلام ، فكان الرّجل في الجاهليّة إذا أعجبه من الرّجل جلده وظرفه ضمّه إلى نفسه ، وجعل له نصيب ابن من أولاده في الميراث ، وكان ينسب إليه فيقال : فلان بن فلان . وقد « تبنّى الرّسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة قبل أن يشرّفه اللّه بالرّسالة ، وكان يدعى زيد بن محمّد ، واستمرّ الأمر على ذلك إلى أن نزل قول اللّه تعالى : { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } إلى قوله : { وكان اللّه غفوراً رحيماً } وبذلك أبطل اللّه نظام التّبنّي » ، وأمر من تبنّى أحداً ألاّ ينسبه إلى نفسه ، وإنّما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف ، فإن جهل أبوه دعي ( مولًى ) ( وأخاً في الدّين ) وبذلك منع النّاس من تغيير الحقائق ، وصينت حقوق الورثة من الضّياع أو الانتقاص .</p><p></p><p>تَبْوِئة *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبوئة في اللّغة : مصدر بوّأ ، بمعنى أسكن ، يقال : بوّأته داراً : أي أسكنته إيّاها . والمُبَوَّأُ المنزل الملزوم ، ومنه : بوّأه اللّه منزلاً : أي ألزمه إيّاه وأسكنه ، ومنه قوله تعالى : { ولقد بَوَّأنَا بني إسرائيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ } ومنه أيضاً حديث : « من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار ... » . وهي في الاصطلاح : أن يخلّي المولى بين الأمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها . أمّا إذا كانت تذهب وتجيء وتخدم مولاها فلا يكون ذلك تبوئةً . ولمعرفة أحكامها تنظر مباحث ( النّكاح ) من كتب الفقه وانظر أيضاً مصطلح ( رقّ ) .</p><p></p><p>تبيع *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبيع في اللّغة : ولد البقر في السّنة الأولى ، ويسمّى تبيعاً لأنّه يتبع أمّه ، والأنثى تبيعة ، وجمع المذكّر أتبعة ، وجمع الأنثى تباع . </p><p>وفي الاصطلاح : لا يخرج معنى تبيع ، وتبيعة عمّا ورد في اللّغة ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة ، والمعتمد عند الشّافعيّة . وعند المالكيّة : ما أوفى سنتين ودخل في الثّالثة .</p><p>الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - أجمع الفقهاء على أنّ التّبيع يكون واجباً في نصاب البقر إذا بلغت ثلاثين ، لحديث معاذ رضي الله عنه قال : « بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن ، فأمرني أن آخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعاً ... » إلخ . </p><p>ووجوب التّبيع فيما زاد عن الثّلاثين تفصيله في مصطلح ( زكاة ) .</p><p></p><p>تبييت *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّبييت لغةً : مصدر بيّت الأمر إذا دبّره ليلاً ، وبيّت النّيّة على الأمر : إذا عزم عليه ليلاً فهي مبيّتة بالفتح . وبيّت العدوّ : أي داهمه ليلاً . وفي التّنزيل العزيز { إذْ يُبَيِّتُون ما لا يرضى من القولِ } وفي السّيرة : « هذا أمر بُيِّتَ بليل » . </p><p>والتّبييت في الاصطلاح بمعناه اللّغويّ ، والبيات اسم المصدر ، ومنه قوله تعالى : { أَفَأمِنَ أهلُ القرى أن يأتيَهم بَأسُنا بَيَاتَاً وهم نائمون } .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الإغارة :</p><p>2 - يطلق العرب البيات أو التّبييت على الإغارة على العدوّ ليلاً . </p><p>وفي التّنزيل : { قالوا تقاسَمُوا باللّه لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهلَه ثمّ لنقولَنّ لوليّه ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهلِه وإنّا لصادقون } فالفرق بين تبييت العدوّ وبين الإغارة عليه : أنّ الإغارة مطلقة ، إذ تكون ليلاً أو نهاراً ، أمّا التّبييت فهو في اللّيل .</p><p>ب - البيتوتة :</p><p>3 - البيتوتة : مصدر بات ، ومعناها الفعل باللّيل ، فهو بهذا المعنى أعمّ من البيات ، ويندر استعمالها بمعنى النّوم ليلاً . </p><p>ويستعملها الفقهاء أحياناً في آثار القسم بين الزّوجات ، وبهذا المعنى يخالف البيات . </p><p>حكم التّبييت : </p><p>أوّلاً : تبييت العدوّ :</p><p>4 - تبييت العدوّ جائز لمن يجوز قتالهم ، وهم الكفّار الّذين بلغتهم الدّعوة ورفضوها ، ولم يقبلوا دفع الجزية ، ولم يكن بيننا وبينهم عقد ذمّة ولا هدنة . </p><p>قال أحمد رحمه الله : لا بأس بالبيات ، وهل غزو الرّوم إلاّ البيات ؟ قال : ولا نعلم أحداً كره تبييت العدوّ . وعن الصّعب بن جثّامة قال : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسأل عن أهل الدّيار من المشركين : نبيّتهم فنصيب من نسائهم وذراريّهم فقال : هم منهم » فإن قيل : قد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النّساء والذّرّيّة . قلنا : هذا محمول على التّعمّد لقتلهم . والجمع بينهما ممكن بحمل النّهي على التّعمّد ، والإباحة على ما عداه . والمسألة فيها تفريعات فيما إذا كان مع الكفّار مسلم وقتل ، تنظر في : ( الجهاد والدّيات ) . فإن بيّت الإمام أو أمير الجيش قبل الدّعوة أثم ، لقوله تعالى : { فانْبِذْ إليهم على سَوَاء } . واختلف الفقهاء في ضمان من يقتل منهم بالتّبييت : فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه لا يضمن ، لأنّه لا إيمان له ، ولا أمان ، فلم يضمن . </p><p>وذهب بعض الشّافعيّة إلى أنّه يضمن بالدّية والكفّارة ، ونقل ذلك عن الشّافعيّ . </p><p>ويرى بعض الفقهاء : أنّ أهل الكتاب والمجوس لا تجب دعوتهم قبل القتال ، لأنّ الدّعوة قد بلغتهم ، ولأنّ كتبهم قد بشّرت بالرّسالة المحمّديّة . ويدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا .</p><p>5- أمّا من بلغتهم الدّعوة ، فتستحبّ الدّعوة قبل التّبييت مبالغةً في الإنذار ، وليعلموا أنّنا نقاتلهم على الدّين لا على سلب الأموال وسبي الذّراريّ ، وقد ثبت « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أمر عليّاً حين أعطاه الرّاية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم أن يدعوهم » ، وهم ممّن بلغتهم الدّعوة . ويجوز بياتهم بغير دعاء ، لأنّه صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « أنّه أغار على بني المصطلق ليلاً وهم غافلون » . « وعهد إلى أسامة أن يغير على أبنى صباحاً » . « وسئل عن المشركين يبيّتون ، فيصاب من نسائهم وذراريّهم فقال : هم منهم » . وكانوا جميعاً ممّن بلغتهم الدّعوة وإلاّ لم يبيّتوا للأدلّة السّابقة .</p><p>ثانياً : تبييت النّيّة في صوم رمضان :</p><p>6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب تبييت النّيّة في صوم رمضان ما بين غروب الشّمس إلى طلوع الفجر الثّاني . وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يستحبّ التّبييت ، لكن تجزئ النّيّة نهاراً إلى الزّوال ، وفي ذلك تفصيل ينظر في : ( الصّوم ، والنّيّة ) .</p><p>مواطن البحث :</p><p>7 - يذكر الفقهاء التّبييت في كتاب : ( السّيرة ، والجهاد ) .</p><p></p><p>تتابع *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - من معاني التّتابع في اللّغة : الموالاة . يقال تابع فلان بين الصّلاة وبين القراءة : إذا والى بينهما ، ففعل هذا على أثر هذا بلا مهلة بينهما . وتتابعت الأشياء : تبع بعضها بعضاً . وتابع بين الأمور متابعةً وتباعاً : واتر ووالى . ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن ذلك .</p><p>الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - التّتابع يكون في صوم الكفّارات ، ويكون في الاعتكاف ، ويكون في الوضوء والغسل ، ويسمّى غالباً ( الموالاة ) وتنظر أحكامه في ( الوضوء والغسل ) . </p><p>التّتابع في الصّوم في كفّارة اليمين :</p><p>3 - إذا لم يجد الحانث في يمينه ما يكفّر به عنها ، من إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة أو عجز عن ذلك ، كان عليه أن ينتقل إلى الصّوم ، فيصوم ثلاثة أيّام . والأصل في ذلك قول اللّه تبارك وتعالى : { لا يؤاخِذُكم اللّهُ باللَّغْوِ في أيمانِكم ولكنْ يؤاخِذُكم بما عَقَّدْتُم الأيمانَ فكفّارتُه إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ من أوسطِ ما تُطْعمون أهليكم أو كِسْوتهم أو تحريرُ رَقبةٍ فمن لم يَجِدْ فصيامُ ثلاثةِ أيّامٍ ذلك كفّارةُ أيمانِكم إذا حَلَفْتُم } . </p><p>واختلف الفقهاء في التّتابع ، فذهب الحنفيّة وهو الأصحّ عند الحنابلة ، وهو قول للشّافعيّة : إلى وجوب التّتابع ، للقراءة الشّاذّة لابن مسعود فصيام ثلاثة أيّام متتابعات . وذهب المالكيّة - وهو قول للشّافعيّة - إلى جواز صومها متتابعةً أو متفرّقةً . ر : ( كفّارة اليمين ) .</p><p>التّتابع في الصّوم في كفّارة الظّهار :</p><p>4 - يأتي الصّوم في المرتبة الثّانية بعد العتق في كفّارة الظّهار ، كما في قوله تعالى : { والّذينَ يُظَاهِرُون من نسائِهم ثمّ يَعُودونَ لِمَا قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أنْ يَتَماسَّا ذلكمْ تُوعظونَ به واللّهُ بما تعملونَ خبيرٌ . فمنْ لم يَجِدْ فصيامُ شهرين مُتَتَابعين من قبلِ أن يَتَمَاسَّا فمنْ لم يستطعْ فإطعامُ ستّينَ مِسْكيناً ذلك لِتُؤمنوا باللّهِ ورسولِهِ وتلك حدودُ اللّهِ وللكافرينَ عذابٌ أليمٌ } . فإن لم يجد المظاهر ما يعتق كما في الآية الأولى انتقل إلى الصّيام ، فيصوم شهرين متتابعين كما في صدر الآية الثّانية ، ليس فيهما رمضان ، ويوما العيد ، وأيّام التّشريق ، وذلك من قبل أن يتماسّا . فإن جامعها في الشّهرين ليلاً أو نهاراً عامداً أو ناسياً بعذر أو بغير عذر استقبل ، لقوله تعالى : { مِنْ قبلِ أنْ يَتَمَاسَّا } . </p><p>وبهذا أخذ الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة والحنابلة في وجوب التّتابع ، إلاّ أنّ الشّافعيّة قالوا : إذا جامعها ليلاً قبل أن يكفّر يأثم ولا يبطل التّتابع . ر : ( كفّارة الظّهار ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41229, member: 329"] القائلون بالكراهة وأدلّتهم : 20 - ذهب إلى القول بكراهة شرب الدّخّان من الحنفيّة : ابن عابدين ، وأبو السّعود ، واللّكنويّ . ومن المالكيّة : الشّيخ يوسف الصّفتيّ . ومن الشّافعيّة : الشّروانيّ . ومن الحنابلة : البهوتيّ ، والرّحيبانيّ ، وأحمد بن محمّد المنقور التّميميّ . واستدلّوا بما يأتي : 21 - أ - كراهة رائحته ، فيكره قياساً على البصل النّيء والثّوم والكرّات ونحوها . 22 - ب - عدم ثبوت أدلّة التّحريم ، فهي تورث الشّكّ ، ولا يحرم شيء بمجرّد الشّكّ ، فيقتصر على الكراهة لما أورده القائلون بالحرمة . حكم شرب الدّخّان في المساجد ومجالس القرآن والعلم والمحافل : 23 - لا يجوز شرب الدّخّان في المساجد باتّفاق ، سواء قيل بإباحته أو كراهته أو تحريمه ، قياساً على منع أكل الثّوم والبصل في المساجد ، ومنع آكلهما من دخول المساجد حتّى تزول رائحة فمه ، وذلك لكراهة رائحة الثّوم والبصل ، فيتأذّى الملائكة والمصلّون منها ، ويلحق الدّخّان بهما لكراهة رائحته - والمساجد إنّما بنيت لعبادة اللّه ، فيجب تجنيبها المستقذرات والرّوائح الكريهة - فعن جابر رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من أكل البصل والثّوم والكرّات فلا يقربنّ مسجدنا ، فإنّ الملائكة تتأذّى ممّا يتأذّى منه بنو آدم » . قال ابن عابدين : يمنع في المسجد أكل نحو ثوم وبصل ونحوه ممّا له رائحة كريهة ، للحديث الصّحيح في النّهي عن قربان آكل الثّوم والبصل المسجد قال الإمام العينيّ في شرحه على صحيح البخاريّ : قلت : علّة النّهي أذى الملائكة وأذى المسلمين . قال ابن عابدين : ويلحق بما نصّ عليه في الحديث : كلّ ما له رائحة كريهة مأكولاً أو غيره . ونقل ابن عابدين عن الطّحطاويّ : إنّ الدّخّان ملحق بالبصل والثّوم في هذا الحكم . وقال الشّيخ عليش المالكيّ : لا شكّ في تحريم شرب الدّخّان في المساجد والمحافل لأنّ له رائحةً كريهةً ، ونقل عن مجموع الأمير في باب الجمعة : أنّه يحرم تعاطي ما له رائحة كريهة في المسجد والمحافل . وفي الشّروانيّ على تحفة المحتاج : يمنع من دخول المسجد ذو الرّائحة الكريهة ، كآكل البصل والثّوم ، ومنه ريح الدّخّان المشهور الآن . 24 - كذلك لا يجوز لشارب الدّخّان دخول المسجد حتّى تزول الرّائحة من فمه ، قياساً على منع آكل الثّوم والبصل من دخول المسجد حتّى تزول الرّائحة . واعتبر الفقهاء أنّ وجود الرّائحة الكريهة ، عذر في التّخلّف عن الجمعة والجماعة ، إذا لم يفعل ذلك قصداً لإسقاط الجماعة . ولا يختصّ المنع بالمساجد ، بل إنّه يشمل مجامع الصّلاة غير المساجد ، كمصلّى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات ، وكذا مجامع العلم والذّكر ومجالس قراءة القرآن ونحوها . 25 - هذا مع اختلاف الفقهاء في منع من في فمه رائحة الدّخّان من دخول المسجد ، أو مجامع العبادات ، ومجالس القرآن ، فحرّمه الحنفيّة والمالكيّة ، وكرهه الشّافعيّة والحنابلة . كذلك اختلف الفقهاء بالنّسبة للمجامع الّتي ليست للصّلاة أو الذّكر أو قراءة القرآن . وذلك كالولائم ومجالس القضاء . فأفتى بإباحته في مجالس القضاء الشّيخ محمّد مهديّ العبّاسيّ الحنفيّ شيخ الأزهر ومفتي الدّيار المصريّة . وقال الشّيخ عليش المالكيّ : يحرم تعاطيه في المحافل . وكرهه الشّافعيّة والحنابلة . 26 - أمّا الأسواق ونحوها ، فقد قال الإمام النّوويّ : يلحق بالثّوم والبصل والكرّات كلّ ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها ، وقاس العلماء على المساجد مجامع العبادات ومجامع العلم والذّكر والولائم ونحوها . ثمّ قال : ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها . . حكم بيع الدّخّان وزراعته : 27 - كان الاختلاف بين الفقهاء بالنّسبة للدّخّان هو في بيان حكم شربه ، هل هو حرام أو مباح أو مكروه ، وكان التّعرّض لبيان حكم بيعه أو زراعته قليلاً . على أنّه يمكن أن يقال في الجملة : إنّ الّذين حرّموه يستتبع ذلك عندهم حرمة بيعه وزراعته ، والّذين أباحوه يباح عندهم بيعه وزراعته . يقول الشّيخ عليش من المالكيّة : الحاصل أنّ الدّخّان في شربه خلاف بالحلّ والحرمة ، فالورع عدم شربه ، وبيعه وسيلةً لشربه ، فيعطى حكمه . ونورد فيما يلي ما أمكن العثور عليه من أقوال في ذلك : 28 - من الحنفيّة نقل ابن عابدين عن الشرنبلالي : أنّه يمنع من بيع الدّخّان ، ومن المالكيّة ، ذكر الشّيخ عليش : ما يفيد جواز زراعته وبيعه ، فقد سئل في الدّخّان الّذي يشرب في القصبة ، والّذي يستنشق به ، هل كلّ منهما متموّل ؟ فإذا أتلف شخص شيئاً من أحدهما مملوكاً لغيره يكون عليه الضّمان ، أو كيف الحال ؟ . فأجاب : نعم كلّ منهما متموّل ، لأنّه طاهر فيه منفعة شرعيّة لمن اختلّت طبيعته باستعماله وصار له كالدّواء ، فكلّ منهما كسائر العقاقير الّتي يتداوى بها من العلل ، ولا يرتاب عاقل متشرّع في أنّها متموّلة ، فكذلك هذان ، كيف والانتفاع على الوجه المذكور والتّنافس حاصلان بالمشاهدة . فإذا أتلف شخص شيئاً من أحدهما مملوكاً لغيره كان عليه الضّمان ، وقد أفتى بعض المتأخّرين بجواز بيع مغيّب العقل بلا نشوة ، لمن يستعمل منه القدر اليسير الّذي لا يغيّب عقله ، واستظهر فتواه سيّدي إبراهيم اللّقانيّ . كذلك سئل الشّيخ عليش : عن رجل تعدّى على بصل لآخر أو جزر أو خسّ أو دخّان أو مطلق زرع قبل بدوّ صلاحه ، فماذا يلزمه ؟ وهل يعتبر وقت الحصاد ، أو ما يقوله أهل المعرفة ؟ وإن كان بعد بدوّ الصّلاح فما الحكم ؟ فأجاب : إن تعدّى على الزّرع قبل بدوّ الصّلاح أغرم قيمته يوم التّعدّي على الرّجاء والخوف ، وإن تأخّر الحكم عليه بالغرم حتّى رجع الزّرع لحاله سقطت عنه القيمة ويؤدّب المفسد ، وإن تعدّى بعد بدوّ الصّلاح أغرم قيمته يوم التّعدّي على البتّ . ومن الشّافعيّة : جاء في حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج : يصحّ بيع الدّخّان المعروف في زماننا ، لأنّه طاهر منتفع به أي عند بعض النّاس . وجاء في حاشية الشّروانيّ على تحفة المحتاج ما ملخّصه جواز بيعه . للخلاف في حرمته ولانتفاع بعض النّاس به . كما إذا كان يعلم الضّرر بتركه ، وحينئذ فيصحّ بيعه . ولم نعثر على نصّ في مذهب الحنابلة ، لكن جاء في كشّاف القناع ما يمكن أن يستفاد منه جواز بيعه قياساً . قال : السّمّ من الحشائش والنّبات ، إن كان لا ينتفع به ، أو كان يقتل قليله ، لم يجز بيعه ، وإن انتفع به وأمكن التّداوي بيسيره جاز بيعه ، لما فيه من النّفع المباح . حكم الدّخّان من حيث الطّهارة والنّجاسة : 29 - صرّح المالكيّة والشّافعيّة بطهارة الدّخّان . قال الدّردير : من الطّاهر الجماد ، ويشمل النّبات بأنواعه ، قال الصّاويّ : ومن ذلك الدّخّان وفي نهاية المحتاج قال الشبراملسي في الحاشية : يصحّ بيع الدّخّان المعروف في زماننا ، لأنّه طاهر منتفع به . وورد مثل ذلك في حاشية الجمل وحاشية الشّروانيّ وحاشية القليوبيّ . هذا وقد ذكر القرافيّ في الفرق الأربعين : " قاعدة المسكرات والمرقّدات والمفسدات " ( تنبيه ) تنفرد المسكرات عن المرقّدات والمفسدات بثلاثة أحكام : الحدّ ، والتّنجيس ، وتحريم اليسير . والمرقّدات والمفسدات لا حدّ فيها ولا نجاسة ، فمن صلّى بالبنج معه أو الأفيون لم تبطل صلاته إجماعاً . هذا وبعض من حرّم الدّخّان وعلّل حرمته بالإسكار فهي عنده نجسة قياساً على الخمر . ولم نعثر على نصّ في مذهب الحنفيّة ، إلاّ أنّ قواعدهم تدلّ على أنّ الدّخّان طاهر ، فقد قال ابن عابدين : الأشربة الجامدة كالبنج والأفيون لم نر أحداً قال بنجاستها ، ولا يلزم من الحرمة نجاسته ، كالسّمّ القاتل ، فإنّه حرام مع أنّه طاهر . كذلك لم نعثر على نصّ في مذهب الحنابلة ، إلاّ أنّه جاء في نيل المآرب : المسكر غير المائع طاهر . تفطير الصّائم بشرب الدّخّان : 30 - اتّفق الفقهاء على أنّ شرب الدّخّان المعروف أثناء الصّوم يفسد الصّيام لأنّه من المفطرات ، كذلك يفسد الصّوم لو أدخل الدّخّان حلقه من غير شرب ، بل باستنشاق له عمداً ، أمّا إذا وصل إلى حلقه بدون قصد ، كأن كان يخالط من يشربه فدخل الدّخان حلقه دون قصد ، فلا يفسد به الصّوم ، إذا لا يمكن الاحتزاز من ذلك . وعند الحنفيّة والمالكيّة : إن تعمّد ذلك فعليه القضاء والكفّارة . وعند الشّافعيّة والحنابلة عليه القضاء فقط ، إذ الكفّارة عندهم تكون بالجماع فقط في نهار رمضان . وكذلك يفطر الصّائم بمضغ الدّخّان أو نشوقه ، لأنّه نوع من أنواع التّكييف ، ويصل طعمه للحلق ، ويتكيّف به الدّماغ مثل تكيّفه بالدّخّان الّذي يمصّ بالعود . وهذا ما صرّح به المالكيّة ، وقواعد المذاهب الأخرى لا تأباه . حقّ الزّوج في منع زوجته من شرب الدّخّان : 31 - يرى جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والمالكيّة وأحد وجهين عند الشّافعيّة والحنابلة ) أنّ للزّوج منع زوجته من كلّ ما له رائحة كريهة ، كالبصل والثّوم ، ومن ذلك شرب الدّخّان المعروف ، لأنّ رائحته تمنع كمال الاستمتاع ، خصوصاً إذا كان الزّوج لا يشربه . والوجه الثّاني عند الشّافعيّة والحنابلة : أنّه ليس له منعها من ذلك لأنّه لا يمنع الوطء . التّبغ في نفقة الزّوجة : 32 - يرى بعض الشّافعيّة والحنابلة أنّ الزّوجة إن اعتادت شرب الدّخّان تفكّهاً وجب على الزّوج توفيره لها ضمن حقّها في النّفقة . ويرى الحنفيّة أنّه لا يلزمه ذلك وإن تضرّرت بتركه ، قال ابن عابدين : لأنّ ذلك إن كان من قبيل الدّواء أو من قبيل التّفكّه ، فكلّ من الدّواء والتّفكّه لا يلزمه . ولم يصرّح المالكيّة بذلك ، إلاّ أنّ قواعدهم كالحنفيّة في أنّ الدّواء والتّفكّه لا يلزم الزّوج . حكم التّداوي بالتّبغ : 33 - من القواعد العامّة الّتي أجمع عليها الفقهاء أنّ الأشياء المحرّمة النّجسة المنصوص عليها كالخمر لا يجوز التّداوي بها . أمّا ما لا نصّ فيه فإنّه يختلف باختلاف اجتهاد الفقهاء . فمن قال بنجاسة الدّخّان وأنّه يسكر كالخمر لا يجوز عنده التّداوي به . لكنّه عند جمهور الفقهاء طاهر ويجوز التّداوي به ، كما يؤخذ ذلك من نصوصهم . وهذا إذا كان يمكن التّداوي به . قال الشّيخ عليش المالكيّ : الدّخان متموّل ، لأنّه طاهر فيه منفعة شرعيّة لمن اختلّت طبيعته باستعماله وصار له كالدّواء ، فهو كسائر العقاقير الّتي يتداوى بها من العلل . إمامة شارب الدّخّان : 34 - نقل ابن عابدين عن الشّيخ العماديّ أنّه يكره الاقتداء بالمعروف بأكل الرّبا ، أو شيء من المحرّمات ، أو يداوم الإصرار على شيء من المكروهات ، كالدّخّان المبتدع في هذا الزّمان . تبكير * التّعريف : 1 - التّبكير : مصدر بكّر بالتّشديد ، وأصله من الخروج بُكْرة أوّل النّهار ، ويكون أيضاً بمعنى : التّعجيل والإسراع أيّ وقت كان ، يقال : بكّر بالصّلاة أي : صلّاها لأوّل وقتها ، ويقال : بكّروا بصلاة المغرب أي : صلّوها عند سقوط القرص ، وكلّ من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه . ولم يخرج الفقهاء في استعمالهم عن هذين المعنيين . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّغليس : 2 - التّغليس في صلاة الفجر : فعلها أوّل طلوع الفجر قبل انتشار الضّوء . ب - الإسفار : 3 - الإسفار معناه : الوضوح والظّهور ، يقال : أسفر الصّبح : انكشف وأضاء ، والإسفار بصلاة الصّبح في عرف الفقهاء هو : فعلها عند انتشار ضوء الفجر . الحكم التّكليفيّ : 4 - التّبكير بأداء العبادات في أوّل أوقاتها مستحبّ لتحصيل الفضل والثّواب ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم - حين سئل عن أفضل الأعمال - قال : « الصّلاة في أوّل وقتها » وهذا على الجملة عند الفقهاء . 5- ويستثنى من هذا الحكم ما نصّ على تأخيره لسبب ، كالإبراد بصلاة الظّهر في وقت الحرّ ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة » . كذلك استثنى الحنابلة والحنفيّة صلاة العشاء ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لولا أن أشقّ على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء » وهو أيضاً قول عند المالكيّة والشّافعيّة ، وزاد الحنفيّة صلاة العصر . 6- أمّا التّبكير بمعنى الخروج أوّل النّهار فهو وارد في صلاة الجمعة والعيدين . فقد استحبّ التّبكير لهما من أوّل النّهار الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من غسّل يوم الجمعة واغتسل ، وبكّر وابتكر كان له بكلّ خطوة يخطوها أجر سنة ، صيامها وقيامها » وقال الإمام مالك : لا يستحبّ التّبكير خشية الرّياء . التّبكير لطلب الرّزق : 7 - يستحبّ التّبكير بطلب الرّزق والتّجارة فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « باكروا للغدوّ في طلب الرّزق ، فإنّ الغدوّ بركة ونجاح » . قال ابن العربيّ : يروى عن ابن عبّاس وغيره أنّ ما بعد صلاة الصّبح وقت يقسم اللّه فيه الرّزق بين العباد ، وثبت أنّه وقت ينادي فيه الملك : « اللّهمّ أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً » . وهو وقت ابتداء الحرص ونشاط النّفس وراحة البدن وصفاء الخاطر ، فيقسم لأجل ذلك كلّه وأمثاله . التّبكير بالتّعليم : 8 - ينبغي التّبكير بتعليم الصّبيان ما فرض اللّه على العباد من قول وفعل ، لكي يأتي عليهم البلوغ وقد تمكّن ذلك في قلوبهم ، وسكنت إليه أنفسهم ، وأنست بما يعلمون به من ذلك جوارحهم . وقد قال النّوويّ : الصّحيح أنّه يجب على الآباء والأمّهات تعليم الأولاد الصّغار ما سيتعيّن عليهم بعد البلوغ من : الطّهارة ، والصّلاة ، والصّوم ، وتحريم الزّنى واللّواط والسّرقة وشرب المسكر ، والكذب ، ونحوها . واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسَكم وأهليكم ناراً } قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وقتادة : معناه علّموهم ما ينجون به من النّار . وتعليم الصّبيان يردّ العذاب الواقع بإرادة اللّه تعالى عن آبائهم ، أو عمّن تسبّب في تعليمهم ، أو عن معلّمهم ، أو عنهم فيما يستقبل ، أو عن المجموع ، أو يردّ العذاب عموماً . تبليغ * التّعريف : 1 - التّبليغ : مصدر بلّغ ، أي : أوصل ، يقال بلّغه السّلام : إذا أوصله . وبلغ الكتاب بلوغاً : وصل . والتّبليغ في الاصطلاح أخصّ من ذلك ، إذ يراد به : الإعلام والإخبار ، لأنّه إيصال الخبر . والتّبليغ يكون شفاهاً وبالرّسالة والكتابة . وأغلب تبليغ الرّسل كان مشافهةً . والتّبليغ بالرّسالة : أن يرسل شخص رسولاً إلى رجل ، ويقول للرّسول مثلاً : إنّي بعت عبدي هذا من فلان الغائب بكذا ، فاذهب إليه ، وقل له : إنّ فلاناً أرسلني إليك ، وقال لي : قل له : إنّي قد بعت عبدي هذا من فلان بكذا ، فإن ذهب الرّسول وبلّغ الرّسالة ، فقال المشتري في مجلسه ذلك : قبلت ، انعقد البيع ، لأنّ الرّسول سفير ومعبّر عن كلام المرسل ، ناقل كلامه إلى المرسل إليه ، فكأنّه حضر بنفسه فأوجب البيع ، وقبل الآخر في المجلس . فالرّسالة بعض وسائل التّبليغ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الكتابة : 2 - الكتابة هي : أن يكتب الرّجل إلى رجل إنّي بعت منك فرسي - ويصفه - بمبلغ كذا ، فبلغ الكتاب المرسل إليه ، فقال في مجلسه : اشتريت ، تمّ البيع . لأنّ خطاب الغائب كتابه ، فكأنّه حضر بنفسه وخاطب بالإيجاب وقبل الآخر في المجلس ، فالكتابة أيضاً أخصّ من التّبليغ . الحكم التّكليفيّ : تبليغ الرّسالات : 3 - أوجب اللّه على رسله تبليغ رسالاته إلى من أرسلوا إليهم ، لئلاّ يكون لهم على اللّه حجّة ، قال تعالى : { رُسُلاً مبشِّرين ومنذِرين لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حُجّةٌ بعد الرّسُل } وقال تعالى : { يا أيّها الرّسول بلِّغْ ما أُنزل إليك من ربّك ، وإن لم تفعل فما بلّغتَ رسالته ، واللّه يَعْصِمُك من النّاس } . قال ابن عبّاس : المعنى بلّغ جميع ما أنزل إليك من ربّك ، فإن كتمت شيئاً منه فما بلّغت رسالته . وهذا تأديب للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وتأديب لحملة العلم من أمّته ألاّ يكتموا شيئاً من أمر شريعته . وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : « من حدّثك أنّ محمّداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب ، واللّه تعالى يقول : { يا أيّها الرّسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته } » وعن أبي جحيفة قلت لعليّ رضي الله عنه : « هل عندكم شيء من الوحي ما ليس في القرآن ؟ فقال : لا . والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، إلاّ فهماً يعطيه اللّه رجلاً في القرآن ، وما في هذه الصّحيفة ، قلت : وما في هذه الصّحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وألاّ يقتل مسلم بكافر » . تبليغ الدّعوة الإسلاميّة : 4 - تبليغ الدّعوة الإسلاميّة لغير المسلمين واجب على الكفاية ، فقد أرسل الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك غير المسلمين يدعوهم إلى الإسلام ، فكتب إلى المقوقس وغيره ، وجرى على ذلك أصحابه . التّبليغ خلف الإمام : 5 - من سنن الصّلاة جهر الإمام بالتّكبير والتّسميع والسّلام بقدر الحاجة ليسمّع المأمومين ، فإن زاد على الحاجة زيادةً كبيرةً كره . والتّكبير للإعلام بالدّخول في الصّلاة والانتقال فيها يكون من الإمام ، فإن كان صوته لا يبلغ من وراءه فينبغي التّبليغ عنه من أحد المأمومين ، والمراد من التّكبير ما يشمل تكبيرة الإحرام وغيرها . وقال ابن قدامة : يستحبّ للإمام أن يجهر بالتّكبير ، بحيث يسمع المأمومون ليكبّروا ، فإنّهم لا يجوز لهم التّكبير إلاّ بعد تكبيره ، فإن لم يمكنه إسماعهم جهر بعض المأمومين ليسمعهم ، أو ليسمع من لا يسمع الإمام . لما روى جابر رضي الله عنه قال : « صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه ، فإذا كبّر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كبّر أبو بكر ليسمعنا » وفي كلّ مذهب تفصيل : فعند الحنفيّة والشّافعيّة : أنّ الإمام إذا كبّر للافتتاح فلا بدّ لصحّة صلاته من قصده بالتّكبير الإحرام بالصّلاة ، وإلاّ فلا صلاة له إذا قصد الإعلام فقط . فإن جمع بين الأمرين بأن قصد الإحرام والإعلام فذلك هو المطلوب منه شرعاً . وكذلك المبلّغ إذا قصد التّبليغ فقط خالياً عن قصد الإحرام فلا صلاة له ، ولا لمن يصلّي بتبليغه في هذه الحالة ، لأنّه اقتدى بمن لم يدخل في الصّلاة . فإن قصد بتكبيره الإحرام مع التّبليغ للمصلّين ، فذلك هو المقصود منه شرعاً . ووجهه : أنّ تكبيرة الإحرام شرط أو ركن ، فلا بدّ في تحقّقها من قصد الإحرام أي الدّخول في الصّلاة . وأمّا التّسميع من الإمام ، والتّحميد من المبلّغ ، وتكبيرات الانتقالات منهما ، إذا قصد بما ذكر الإعلام فقط ، فلا فساد للصّلاة . والفرق أنّ قصد الإعلام غير مفسد ، كما لو سبّح ليعلم غيره أنّه في الصّلاة . ولمّا كان المطلوب هو التّكبير على قصد الذّكر والإعلام ، فإذاً محض قصد الإعلام فكأنّه لم يذكر ، وعدم الذّكر في غير التّحريمة غير مفسد . وعند المالكيّة أنّه يجوز اتّخاذ شخص معيّن ليسمع النّاس ، وتصحّ صلاته ، ولو قصد بتكبيره وتحميده مجرّد إسماع المأمومين . وعندهم أنّه يصحّ أن يكون المسمع ( المبلّغ ) صبيّاً أو امرأةً أو محدثاً ، وذلك مبنيّ على أنّ المسمع علامة على صلاة الإمام ، وذلك هو اختيار المازريّ واللّقانيّ . وفي رأي : أنّ المسمع نائب ووكيل عن الإمام ، فلا يجوز له التّسميع حتّى يستوفي شرائط الإمام . وعند الحنابلة : أنّه يستحبّ الجهر من الإمام ليسمع المأمومين انتقالاته في الصّلاة ، كالجهر بتكبيرة الإحرام ، فإن لم يجهر الإمام بحيث يسمع الجميع استحبّ لبعض المأمومين رفع صوته ليسمعهم . تبليغ السّلام : 6 - أجمع العلماء على أنّ الابتداء بالسّلام سنّة مرغّب فيها ، وردّه فريضة لقوله تعالى : { وإذا حُيِّيتم بتحيّةٍ فحَيُّوا بأحسنَ منها أو ردُّوها } فقد أمر اللّه بالتّحيّة بأحسن منها أو بالرّدّ . والأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف ، والظّاهر أنّ الحكم كذلك في المكاتبة ، أو بالطّلب إلى رسول تبليغ السّلام ، كما ينبغي لمن تحمّل السّلام أن يبلّغه . « قالت عائشة رضي الله عنها : وعليه السّلام ورحمة اللّه حين أخبرها النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ جبريل عليه السلام يقرأ عليها السّلام » . قال القرطبيّ : وفي حديث عائشة من الفقه أنّ الرّجل إذا أرسل إلى رجل بسلامه ، فعليه أن يردّ كما يردّ عليه إذا شافهه . « وجاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : إنّ أبي يقرئك السّلام . فقال وعليك السّلام ، وعلى أبيك السّلام » . تبليغ الوالي عن الجناة المستترين : 7 - المنصوص عليه في المذاهب أنّ ما لم يظهر من المحظورات ، فليس لأحد - محتسباً كان أو غيره - أن يتجسّس عنها ، ولا أن يهتك الأستار ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر اللّه تعالى ، فإنّه من يُبْدِ لنا صفحته نقم عليه كتاب اللّه تعالى » . وأمّا عند الظّهور ففيه تفصيل ينظر في مصطلح ( تجسّس وشهادة ) . تبنّي * التّعريف : 1 - التّبنّي : اتّخاذ الشّخص ولد غيره ابناً له ، وكان الرّجل في الجاهليّة يتبنّى الرّجل ، فيجعله كالابن المولود له ، ويدعوه إليه النّاس ، ويرث ميراث الأولاد . وغلب في استعمال العرب لفظ ( ادّعاء ) على التّبنّي ، إذا جاء في مثل ( ادّعى فلان فلاناً ) ومنه ( الدّعيّ ) وهو المتبنّي ، قال اللّه تعالى : { وما جَعَلَ أَدْعِيَاءَكم أبناءَكم } . ولا يخرج استعمال الفقهاء للفظ التّبنّي عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الاستلحاق : 2 - ألحق القائف الولد بأبيه : أخبر أنّه ابنه لشبه بينهما يظهر له ، واستلحقت الشّيء : ادّعيته ، وفي القاموس : استلحق فلاناً : ادّعاه ، والاستلحاق يختصّ بالأب وحده ، وهو الإقرار بالنّسب عند الحنفيّة ، ولا يقع الاستلحاق إلاّ على مجهول النّسب . فالاستلحاق لا يكون إلاّ بالنّسبة لمجهول النّسب ، في حين أنّ التّبنّي يكون بالنّسبة لكلّ من مجهول النّسب ومعلوم النّسب ، وتفصيل ذلك في مصطلح : ( استلحاق ) . ب - البنوّة : 3 - الابن : الذّكر من الأولاد ، والاسم : البنوّة . وفي اصطلاح الفقهاء : يطلق الابن على الابن الصّلبيّ من نسب حقيقيّ ، فتكون البنوّة من نسب أصليّ ، ويطلق الابن على ابن الابن وإن نزل مجازاً . فالفرق بين البنوّة والتّبنّي : أنّ البنوّة ترجع إلى النّسب الأصليّ ، أمّا التّبنّي فهو ادّعاء الرّجل أو المرأة من ليس ولداً لهما . وتفصيل ذلك في مصطلح : ( بنوّة ) . ج - الإقرار بالنّسب : 4 - إقرار الأب أو الأمّ بالبنوّة دون ذكر السّبب مع عدم إلحاق الضّرر أو العار بالولد ، هو الإقرار بالنّسب المباشر . فالإقرار تصحيح للنّسب بعد أن كان مجهولاً . أمّا التّبنّي فيكون لمجهول النّسب ومعلومه ، والتّبنّي قد أبطله الإسلام ، أمّا الإقرار بالنّسب فقائم ولا يصحّ الرّجوع فيه ، ولا يجوز نفيه بعد صدوره . انظر مصطلح : ( إقرار ) . د - اللّقيط : 5 - ادّعاء اللّقيط شكل من أشكال الإقرار بالنّسب ، واللّقيط هو الصّغير الّذي وجد في مكان يصعب فيه التّعرّف على أبويه . أمّا التّبنّي فيكون لمجهول النّسب كما يكون لمعلوم النّسب ، وادّعاء اللّقيط في الحقيقة ردّ إلى نسب حقيقيّ في الظّاهر ، ولا يحمل التّبنّي هذا المعنى . الحكم التّكليفيّ : 6 - حرّم الإسلام التّبنّي ، وأبطل كلّ آثاره ، وذلك بقوله تعالى : { وما جعل أدعياءَكم أبناءَكم ذلكم قولُكم بأفواهِكم واللّهُ يقولُ الحقَّ وهو يهدي السّبيلَ } ، وقوله تعالى : { ادْعوهم لآبائِهم } . وقد كان التّبنّي معروفاً عند العرب في الجاهليّة وبعد الإسلام ، فكان الرّجل في الجاهليّة إذا أعجبه من الرّجل جلده وظرفه ضمّه إلى نفسه ، وجعل له نصيب ابن من أولاده في الميراث ، وكان ينسب إليه فيقال : فلان بن فلان . وقد « تبنّى الرّسول صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة قبل أن يشرّفه اللّه بالرّسالة ، وكان يدعى زيد بن محمّد ، واستمرّ الأمر على ذلك إلى أن نزل قول اللّه تعالى : { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } إلى قوله : { وكان اللّه غفوراً رحيماً } وبذلك أبطل اللّه نظام التّبنّي » ، وأمر من تبنّى أحداً ألاّ ينسبه إلى نفسه ، وإنّما ينسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف ، فإن جهل أبوه دعي ( مولًى ) ( وأخاً في الدّين ) وبذلك منع النّاس من تغيير الحقائق ، وصينت حقوق الورثة من الضّياع أو الانتقاص . تَبْوِئة * التّعريف : 1 - التّبوئة في اللّغة : مصدر بوّأ ، بمعنى أسكن ، يقال : بوّأته داراً : أي أسكنته إيّاها . والمُبَوَّأُ المنزل الملزوم ، ومنه : بوّأه اللّه منزلاً : أي ألزمه إيّاه وأسكنه ، ومنه قوله تعالى : { ولقد بَوَّأنَا بني إسرائيلَ مُبَوَّأ صِدْقٍ } ومنه أيضاً حديث : « من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار ... » . وهي في الاصطلاح : أن يخلّي المولى بين الأمة وبين زوجها ويدفعها إليه ولا يستخدمها . أمّا إذا كانت تذهب وتجيء وتخدم مولاها فلا يكون ذلك تبوئةً . ولمعرفة أحكامها تنظر مباحث ( النّكاح ) من كتب الفقه وانظر أيضاً مصطلح ( رقّ ) . تبيع * التّعريف : 1 - التّبيع في اللّغة : ولد البقر في السّنة الأولى ، ويسمّى تبيعاً لأنّه يتبع أمّه ، والأنثى تبيعة ، وجمع المذكّر أتبعة ، وجمع الأنثى تباع . وفي الاصطلاح : لا يخرج معنى تبيع ، وتبيعة عمّا ورد في اللّغة ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة ، والمعتمد عند الشّافعيّة . وعند المالكيّة : ما أوفى سنتين ودخل في الثّالثة . الحكم الإجماليّ : 2 - أجمع الفقهاء على أنّ التّبيع يكون واجباً في نصاب البقر إذا بلغت ثلاثين ، لحديث معاذ رضي الله عنه قال : « بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن ، فأمرني أن آخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعاً ... » إلخ . ووجوب التّبيع فيما زاد عن الثّلاثين تفصيله في مصطلح ( زكاة ) . تبييت * التّعريف : 1 - التّبييت لغةً : مصدر بيّت الأمر إذا دبّره ليلاً ، وبيّت النّيّة على الأمر : إذا عزم عليه ليلاً فهي مبيّتة بالفتح . وبيّت العدوّ : أي داهمه ليلاً . وفي التّنزيل العزيز { إذْ يُبَيِّتُون ما لا يرضى من القولِ } وفي السّيرة : « هذا أمر بُيِّتَ بليل » . والتّبييت في الاصطلاح بمعناه اللّغويّ ، والبيات اسم المصدر ، ومنه قوله تعالى : { أَفَأمِنَ أهلُ القرى أن يأتيَهم بَأسُنا بَيَاتَاً وهم نائمون } . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الإغارة : 2 - يطلق العرب البيات أو التّبييت على الإغارة على العدوّ ليلاً . وفي التّنزيل : { قالوا تقاسَمُوا باللّه لَنُبَيِّتَنَّهُ وأهلَه ثمّ لنقولَنّ لوليّه ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أهلِه وإنّا لصادقون } فالفرق بين تبييت العدوّ وبين الإغارة عليه : أنّ الإغارة مطلقة ، إذ تكون ليلاً أو نهاراً ، أمّا التّبييت فهو في اللّيل . ب - البيتوتة : 3 - البيتوتة : مصدر بات ، ومعناها الفعل باللّيل ، فهو بهذا المعنى أعمّ من البيات ، ويندر استعمالها بمعنى النّوم ليلاً . ويستعملها الفقهاء أحياناً في آثار القسم بين الزّوجات ، وبهذا المعنى يخالف البيات . حكم التّبييت : أوّلاً : تبييت العدوّ : 4 - تبييت العدوّ جائز لمن يجوز قتالهم ، وهم الكفّار الّذين بلغتهم الدّعوة ورفضوها ، ولم يقبلوا دفع الجزية ، ولم يكن بيننا وبينهم عقد ذمّة ولا هدنة . قال أحمد رحمه الله : لا بأس بالبيات ، وهل غزو الرّوم إلاّ البيات ؟ قال : ولا نعلم أحداً كره تبييت العدوّ . وعن الصّعب بن جثّامة قال : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يسأل عن أهل الدّيار من المشركين : نبيّتهم فنصيب من نسائهم وذراريّهم فقال : هم منهم » فإن قيل : قد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن قتل النّساء والذّرّيّة . قلنا : هذا محمول على التّعمّد لقتلهم . والجمع بينهما ممكن بحمل النّهي على التّعمّد ، والإباحة على ما عداه . والمسألة فيها تفريعات فيما إذا كان مع الكفّار مسلم وقتل ، تنظر في : ( الجهاد والدّيات ) . فإن بيّت الإمام أو أمير الجيش قبل الدّعوة أثم ، لقوله تعالى : { فانْبِذْ إليهم على سَوَاء } . واختلف الفقهاء في ضمان من يقتل منهم بالتّبييت : فذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّه لا يضمن ، لأنّه لا إيمان له ، ولا أمان ، فلم يضمن . وذهب بعض الشّافعيّة إلى أنّه يضمن بالدّية والكفّارة ، ونقل ذلك عن الشّافعيّ . ويرى بعض الفقهاء : أنّ أهل الكتاب والمجوس لا تجب دعوتهم قبل القتال ، لأنّ الدّعوة قد بلغتهم ، ولأنّ كتبهم قد بشّرت بالرّسالة المحمّديّة . ويدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا . 5- أمّا من بلغتهم الدّعوة ، فتستحبّ الدّعوة قبل التّبييت مبالغةً في الإنذار ، وليعلموا أنّنا نقاتلهم على الدّين لا على سلب الأموال وسبي الذّراريّ ، وقد ثبت « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : أمر عليّاً حين أعطاه الرّاية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم أن يدعوهم » ، وهم ممّن بلغتهم الدّعوة . ويجوز بياتهم بغير دعاء ، لأنّه صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « أنّه أغار على بني المصطلق ليلاً وهم غافلون » . « وعهد إلى أسامة أن يغير على أبنى صباحاً » . « وسئل عن المشركين يبيّتون ، فيصاب من نسائهم وذراريّهم فقال : هم منهم » . وكانوا جميعاً ممّن بلغتهم الدّعوة وإلاّ لم يبيّتوا للأدلّة السّابقة . ثانياً : تبييت النّيّة في صوم رمضان : 6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب تبييت النّيّة في صوم رمضان ما بين غروب الشّمس إلى طلوع الفجر الثّاني . وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يستحبّ التّبييت ، لكن تجزئ النّيّة نهاراً إلى الزّوال ، وفي ذلك تفصيل ينظر في : ( الصّوم ، والنّيّة ) . مواطن البحث : 7 - يذكر الفقهاء التّبييت في كتاب : ( السّيرة ، والجهاد ) . تتابع * التّعريف : 1 - من معاني التّتابع في اللّغة : الموالاة . يقال تابع فلان بين الصّلاة وبين القراءة : إذا والى بينهما ، ففعل هذا على أثر هذا بلا مهلة بينهما . وتتابعت الأشياء : تبع بعضها بعضاً . وتابع بين الأمور متابعةً وتباعاً : واتر ووالى . ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن ذلك . الحكم الإجماليّ : 2 - التّتابع يكون في صوم الكفّارات ، ويكون في الاعتكاف ، ويكون في الوضوء والغسل ، ويسمّى غالباً ( الموالاة ) وتنظر أحكامه في ( الوضوء والغسل ) . التّتابع في الصّوم في كفّارة اليمين : 3 - إذا لم يجد الحانث في يمينه ما يكفّر به عنها ، من إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو تحرير رقبة أو عجز عن ذلك ، كان عليه أن ينتقل إلى الصّوم ، فيصوم ثلاثة أيّام . والأصل في ذلك قول اللّه تبارك وتعالى : { لا يؤاخِذُكم اللّهُ باللَّغْوِ في أيمانِكم ولكنْ يؤاخِذُكم بما عَقَّدْتُم الأيمانَ فكفّارتُه إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ من أوسطِ ما تُطْعمون أهليكم أو كِسْوتهم أو تحريرُ رَقبةٍ فمن لم يَجِدْ فصيامُ ثلاثةِ أيّامٍ ذلك كفّارةُ أيمانِكم إذا حَلَفْتُم } . واختلف الفقهاء في التّتابع ، فذهب الحنفيّة وهو الأصحّ عند الحنابلة ، وهو قول للشّافعيّة : إلى وجوب التّتابع ، للقراءة الشّاذّة لابن مسعود فصيام ثلاثة أيّام متتابعات . وذهب المالكيّة - وهو قول للشّافعيّة - إلى جواز صومها متتابعةً أو متفرّقةً . ر : ( كفّارة اليمين ) . التّتابع في الصّوم في كفّارة الظّهار : 4 - يأتي الصّوم في المرتبة الثّانية بعد العتق في كفّارة الظّهار ، كما في قوله تعالى : { والّذينَ يُظَاهِرُون من نسائِهم ثمّ يَعُودونَ لِمَا قالوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أنْ يَتَماسَّا ذلكمْ تُوعظونَ به واللّهُ بما تعملونَ خبيرٌ . فمنْ لم يَجِدْ فصيامُ شهرين مُتَتَابعين من قبلِ أن يَتَمَاسَّا فمنْ لم يستطعْ فإطعامُ ستّينَ مِسْكيناً ذلك لِتُؤمنوا باللّهِ ورسولِهِ وتلك حدودُ اللّهِ وللكافرينَ عذابٌ أليمٌ } . فإن لم يجد المظاهر ما يعتق كما في الآية الأولى انتقل إلى الصّيام ، فيصوم شهرين متتابعين كما في صدر الآية الثّانية ، ليس فيهما رمضان ، ويوما العيد ، وأيّام التّشريق ، وذلك من قبل أن يتماسّا . فإن جامعها في الشّهرين ليلاً أو نهاراً عامداً أو ناسياً بعذر أو بغير عذر استقبل ، لقوله تعالى : { مِنْ قبلِ أنْ يَتَمَاسَّا } . وبهذا أخذ الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة والحنابلة في وجوب التّتابع ، إلاّ أنّ الشّافعيّة قالوا : إذا جامعها ليلاً قبل أن يكفّر يأثم ولا يبطل التّتابع . ر : ( كفّارة الظّهار ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية