الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41234" data-attributes="member: 329"><p>تحريض المجاهدين على القتال :</p><p>6 - يسنّ للإمام والأمير إذا جهّز جيشاً أو سريّةً للخروج إلى الجهاد أن يحرّضهم على القتال وعلى الصّبر والثّبات . لقوله تعالى : { فقاتلْ في سبيلِ اللّه لا تُكَلَّفُ إلاّ نفسَك وحرِّض المؤمنين } وقوله تعالى : { يا أيّها النّبيّ حرِّض المؤمنينَ على القتالِ } </p><p>وتفصيله في باب الجهاد .</p><p>التّحريض على المسابقة :</p><p>7 - يسنّ تحريض الرّجال على المسابقة والمناضلة وركوب الخيل . ويجوز للإمام أن يدفع العوض من بيت المال ، ومن ماله الخاصّ ، كما يجوز للأفراد أيضاً أن يدفعوه ، لأنّه بذل في طاعة ، ويثاب عليه . لأنّ ذلك من الإعداد الّذي أمر اللّه به في قوله عزّ من قائل : { وأَعِدُّوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ ومن رِباطِ الخيلِ } </p><p>ولخبر : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج يوماً على قوم يتناضلون فقال : ارموا بني إسماعيل فإنّ أباكم كان رامياً » ولخبر : « ألا إنّ القوّة الرّمي ، ألا إنّ القوّة الرّمي » ، ولخبر : { إنّ اللّه يدخل الجنّة بالسّهم الواحد ثلاثةً : صانعه يحتسب في صنعه الخير ، والرّامي به ، ومنبّله » إلخ . والتّفصيل في ( السّباق ) .</p><p>تحريض الحيوان :</p><p>8 - إذا حرّض حيواناً فجنى على إنسان فعليه الضّمان لتسبّبه ، هذا رأي المالكيّة والحنابلة . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إذا كان في موضع واسع كالصّحراء فقتله فلا ضمان ، لأنّه لم يلجئه إلى قتله ، والّذي وجد منه ليس بمهلك . أمّا إذا كان في موضع ضيّق ، أو كان الحيوان ضارياً شديد العدو لا يتأتّى الهرب منه في الصّحراء ، وجب عليه الضّمان إذا قتل في الحال . وعند الأحناف : لا يضمن . والتّفصيل في ( الجنايات ) .</p><p>تحريض المحرم كلباً على صيد :</p><p>9 - إذا حرّض محرم كلباً على صيد ضمن ، كحلال في الحرم بجامع التّسبّب فيهما . والتّفصيل في ( الإحرام ) .</p><p></p><p>تحريف *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّحريف لغةً : مصدر حرّف الشّيء : إذا جعله على جانب ، أو أخذ من جانبه شيئاً ، وتحريف الكلام عن مواضعه تغييره والعدول به عن جهته ، ومنه قوله تعالى في اليهود : </p><p>{ يُحرِّفونَ الكَلِمَ عن مَوَاضِعه } أي يغيّرونه . </p><p>والتّحريف في الاصطلاح : التّغيير في الكلمة بتبديل في حركاتها ، كالفلك والفلك ، والخلق والخلق . أو تبديل حرف بحرف ، سواء اشتبها في الخطّ أم لا ، أو كلمة بكلمة نحو ( سرى بالقوم ) ( وسرى في القوم ) أو بالزّيادة في الكلام أو النّقص منه ، أو حمله على غير المراد منه . وخصّه بعضهم في علم أصول الحديث بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخطّ والنّقط ، وتخالفها في الحركات ، كتبديل الخلق بالخلق ، والقدم بالقدم ، وهذا اصطلاح ابن حجر على ظاهر ما في نخبة الفكر وشرحها ، جعله مقابلاً للتّصحيف .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّصحيف :</p><p>2 - التّصحيف هو تغيير اللّفظ حتّى يتغيّر المعنى المراد ، وأصله الخطأ ، يقال : صحّفه فتصحّف ، أي غيّره فتغيّر حتّى التبس . </p><p>والتّصحيف في الاصطلاح اختلف فيه على قولين : قيل : هو كلّ تغيير في الكلمة سواء بسبب اختلاف النّقط أو الشّكل أو بتبديل حرف بحرف أو كلمة بكلمة ، وهذا الّذي جرى عليه اصطلاح أغلب المحدّثين قبل ابن حجر ، منهم الخطيب في الكفاية ، والحاكم في معرفة علوم الحديث ، والنّوويّ في التّقريب ، وابن الصّلاح وغيرهم . وهو بهذا المعنى قريب من التّحريف ، إلاّ أنّ التّحريف أشمل ، إذ يدخل فيه تغيير المعنى مع بقاء اللّفظ على حاله . فيكون التّصحيف هو التّحريف في نقط الكلمة أو شكلها أو حروفها . وما سوى ذلك فهو التّحريف في المعنى . </p><p>أمّا ابن حجر ومن تابعه فقد ذهبوا إلى أنّ التّصحيف خاصّ بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخطّ وتخالفها في النّقط ، وهو اصطلاح العسكريّ في كتابه ( شرح التّصحيف والتّحريف ) وذلك كتبديل الغدر بالعذر ، والخطب بالحطب . </p><p>وإنّما سمّي هذا النّوع من التّحريف تصحيفاً لأنّ الآخذ عن الصّحيفة قد لا يمكنه التّفريق بين الكلمة المرادة والكلمة الّتي تلتبس بها لمشابهتها في الصّورة ، بخلاف الآخذ من أفواه أهل العلم . وكان هذا الالتباس كثيراً قبل اختراع النّقط في القرن الثّاني الهجريّ ، وقلّ بعده ، إلاّ أنّه لم ينعدم حتّى عند من يلتزم به ، لأنّ النّقط قد تسقط ، وقد تنتقل عن مكانها ، فيحصل الالتباس .</p><p>ب - التّزوير :</p><p>3 - الزّور لغةً : الكذب ، والتّزوير : تزيين الكذب . </p><p>واصطلاحاً : كلّ قول أو عمل يراد به تزيين الباطل حتّى يظنّ أنّه حقّ ، سواء أكان ذلك في القول كشهادة الزّور ، أم الفعل كمحاكاة الخطوط أو النّقود بقصد إثبات الباطل . فالفرق بينه وبين التّحريف أنّ التّزوير يحدث به تغيير مقصود ، أمّا التّحريف فقد يتغيّر به الواقع وقد لا يتغيّر ، وقد يكون التّحريف مقصوداً أو غير مقصود ، ففيهما عموم وخصوص . </p><p>أنواع التّحريف والتّصحيف :</p><p>4 - التّحريف إمّا لفظيّ وإمّا معنويّ : فاللّفظيّ يكون في السّند ، كما صحّف الطّبريّ اسم عتبة بن النّدّر فقال فيه : ابن البذر . ويكون في المتن كما صحّف ابن لهيعة حديث « احتجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد » فقال فيه « احتجم في المسجد » . </p><p>وينقسم اللّفظيّ قسمين : أوّلهما : ما يحسّ بالبصر ، كما سبق . </p><p>وثانيهما : ما يحسّ بالسّمع ، نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال " واصل الأحدب " فذكر الدّارقطنيّ أنّه من تصحيف السّمع ، لا من تصحيف البصر ، كأنّه ذهب - واللّه أعلم - إلى أنّ ذلك لا يشتبه من حيث الكتابة وإنّما أخطأ فيه السّمع ممّن رواه كذلك . </p><p>وأمّا التّحريف المعنويّ : فهو ما يقع في المعنى بحمل اللّفظ على غير المراد منه بتأويل فاسد ، قصداً أو بدون قصد . ومن أمثلته : ما رواه محمّد بن المثنّى العنزيّ ، حدّث بحديث « إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى إلى عَنَزة » . فقال : نحن قوم لنا شرف ، صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلينا . وإنّما العنزة هنا : حربة نصبت بين يديه فصلّى إليها ، وليس المراد قبيلة عنزة . قال ابن الصّلاح : وأظرف من هذا أنّ أعرابيّاً زعم أنّه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى نصبت بين يديه شاة . أي صحّفها إلى عنزة بإسكان النّون .</p><p>حكم التّحريف والتّصحيف :</p><p>التّحريف إمّا أن يقصد به كتاب اللّه تعالى ، أو الأحاديث النّبويّة ، أو غيرهما من الكلام :</p><p>أ - التّحريف لكلام اللّه تعالى :</p><p>5 - ضمن اللّه تعالى أن يحفظ كتابه من التّبديل والتّحريف في ألفاظه ومبانيه حتّى يبقى إلى يوم القيامة كما أنزل ، قال تعالى : { إنّا نحن نَزّلْنا الذِكْر وإنّا له لحافظون } فعزل الشّياطين عن استماعه ، ورجمهم عند البعثة بالشّهب ، وجعل القرآن { في صُحُفٍ مكرَّمة مرفوعةٍ مطهَّرة بأَيْدي سَفَرةٍ كرامٍ بَرَرَةٍ } ولم يجعل اللّه تعالى لأحد من خلقه أن يبدّل كلامه أو يغيّر فيه ، قال اللّه تعالى : { وإذا تُتْلى عليهم آياتُنا بَيِّنات قال الّذين لا يَرْجون لِقاءَنا ائْتِ بقُرْآنٍ غيرِ هذا أو بَدِّلْه قل ما يكون لي أَنْ أُبَدِّلَه من تِلْقَاء نفسي إنْ أَتَّبِعُ إلاّ ما يُوحى إليَّ } </p><p>ودعت الشّريعة المسلمين إلى حفظ القرآن وتلاوته وضبطه ، فقامت الأمّة الإسلاميّة بذلك خير قيام ، بحيث أمن أن يتبدّل منه شيء ، ولو بدّل أحد حرفاً واحداً منه لوجد العشرات بل المئات من المسلمين كباراً وصغاراً ممّن يبيّنون ذلك التّحريف ، وينفون ذلك التّبديل . </p><p>وقد قصّ اللّه تعالى في كتابه ما فعله أهل الكتاب ، من تحريف لما لديهم من الكتب السّماويّة بالزّيادة أو الحذف أو التّغيير ، فقال : { وإنَّ منهم لَفَريقاً يَلْوُون ألسنَتَهم بالكتابِ لِتَحْسَبوه من الكتابِ وَمَا هو منَ الكتابِ ويقولون هوَ مِنْ عندِ اللّهِ وما هو من عندِ اللّهِ } وقال : { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤمنوا لكم وقد كان فريقٌ منهم يسمعونَ كلامَ اللّهِ ثمّ يُحَرِّفونه من بعد ما عَقَلوه وهم يعلمون } وقال : { فَبِما نَقْضِهم ميثاقَهم لَعَنَّاهم وجعلنا قلوبَهم قاسيةً يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضِعه } وقال : { ومن الّذين هادُوا سَمَّاعون لِلْكَذب سَمَّاعون لِقَوْم آخرين لمْ يَأْتوك يحرِّفون الكَلِمَ مِنْ بعد مواضعه } .</p><p>ولأجل الأمن من أيّ تحريف أو تغيير في كلام اللّه تعالى التزم جمهور علماء الأمّة رسم خطّ المصحف العثمانيّ دون تغيير فيه ، مهما تغيّر اصطلاح الكتابة في العصور اللّاحقة . </p><p>قال الزّركشيّ : ولم يكن ذلك منهم كيف اتّفق ، بل على أمر عندهم قد تحقّق . </p><p>وقال أبو البقاء في كتاب اللّباب : ذهب جماعة من أهل اللّغة إلى كتابة الكلمة على لفظها ، إلاّ في خطّ المصحف ، فإنّهم اتّبعوا في ذلك ما وجدوه في المصحف الإمام . </p><p>وقال أشهب : سئل مالك رحمه الله : هل تكتب المصحف على ما أخذه النّاس من الهجاء ؟ فقال : لا ، إلاّ على الكتبة الأولى . رواه الدّانيّ ، ثمّ قال : ولا مخالف له من علماء الأمّة ، وقال الإمام أحمد : تحرم مخالفة خطّ مصحف عثمان " أي رسمه " في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك ، وقال أبو عبيد : اتّباع حروف المصحف عندنا كالسّنّة القائمة الّتي لا يجوز لأحد أن يتعدّاها إلاّ أنّ للإمام الشّوكانيّ في ذلك رأياً مخالفاً بيّنه في تفسيره عند قوله تعالى : { الّذين يَأْكلون الرِّبَوا } من سورة البقرة : قال : وقد كتبوه في المصحف بالواو ، وهذا مجرّد اصطلاح لا يلزم المشي عليه ، فإنّ هذه النّقوش الكتابيّة أمور اصطلاحيّة لا يشاحّ في مثلها ، إلاّ فيما كان يدلّ به على الحرف الّذي كان في أصل الكلمة ونحوه . قال : وعلى كلّ حال فرسم الكلمة وحمل نقشها الكتابيّ على ما يقتضيه اللّفظ بها هو الأولى أمّا التّغيير في القراءة بما يخرج عن رسم المصحف فلا يجوز أيضاً بوجه من الوجوه ، ولا يجوز التّغيير عمّا صحّت به الرّواية من الوجوه ولو احتملها رسم المصحف الإمام . </p><p>ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتّلقّي من أفواه القرّاء العالمين بالقراءة ، ولا ينبغي الاكتفاء بتعلّمها بمجرّد النّظر في المصحف . </p><p>أمّا تغيير المعنى بتفسير القرآن على غير الوجه المراد به ، فهو نوع شديد من التّحريف . وقد علم أنّ الواجب تفسير القرآن إمّا بالقرآن ، وإمّا بالسّنّة الصّحيحة ، وإمّا بمقتضى لسان العرب للعالمين به . وأمّا تفسيره بمجرّد الرّأي فلا يجوز ذلك شرعاً ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ » </p><p>وإذا كان التّحريف لموافقة الهوى وتأييده كان فاعله أشدّ ضلالاً وإضلالاً ، فإنّ الإيمان بكتاب اللّه يقتضي أن يتّخذ الكتاب متبوعاً ، يأتمر المؤمنون بأمره ويقفون عند نهيه ، لا أن يجعل تابعاً للأهواء كما اتّخذته بعض الفرق الضّالّة . </p><p>هذا فيما قد يصنعه المفسّر من التّغيير والتّحريف للمعنى عن عمد ، وأمّا التّفسير المغيّر ، خطأ ، فإنّه ينبغي أن يحذر منه فلا يتصدّى للتّفسير إلاّ عالم بالقرآن عالم بالسّنن والعربيّة ، قد تعلّم أصول التّفسير ، وعرف ناسخ القرآن من منسوخه ، وعرف العموم والخصوص ونحو ذلك ممّا لا بدّ منه للمفسّر .</p><p>ب - التّحريف والتّصحيف للأحاديث النّبويّة : </p><p>حكم التّصحيف :</p><p>6 - يقول المحدّثون : إنّه لا يجوز على الصّحيح تعمّد تغيير صورة الحديث متناً أو إسناداً ، إلاّ لعالم بمدلولات الألفاظ ، عالم بما يحيل المعنى ، فله أن يغيّر على أن يتجنّب تحويل المعنى . والتّصحيف المقصود نوع من الرّواية بالمعنى . </p><p>أمّا ما يقع من التّصحيف والتّحريف على سبيل الخطأ ، فإنّ من وقع في روايته أشياء من ذلك فاحشة ، فيقال فيه : إنّه سيّئ الضّبط ، ويترك حديثه فلا يؤخذ به ، نقل أبو أحمد العسكريّ عن عبد اللّه بن الزّبير الحميديّ أنّ الغفلة الّتي يردّ بها حديث الرّجل الرّضا الّذي لا يعرف الكذب هي أن يكون في كتابه غلط ، فيقال له في ذلك ، فيحدّث بما قالوه ويغيّر في كتابه بقولهم ، لا يعرف فرق ما بين ذلك ، أو يصحّف تصحيفاً فاحشاً يقلب المعنى لا يعقل ذلك . ونقل عن يحيى بن معين أنّه قال : من حدّثك وهو لا يفرّق بين الخطأ والصّواب فليس بأهل أن يؤخذ عنه . على أنّ ما يقع من ذلك على سبيل النّدرة أو القلّة - ولا يكون فاحشاً - فلا يقدح في الرّاوي ، قال الإمام أحمد : ومن يعرى عن الخطأ والتّصحيف ؟ </p><p>أمّا الحديث الّذي يقع فيه التّصحيف ، فما كان منه في المتن فهو قريب من الوضع ، وما كان في السّند فإنّه يصيّره ضعيفاً بذلك السّند .</p><p>إصلاح التّصحيف :</p><p>7 - في مقدّمة ابن الصّلاح ، والباعث الحثيث : إذا لحن الشّيخ فالصّواب أن يرويه عنه السّامع على الصّواب ، وهو محكيّ عن الأوزاعيّ وابن المبارك والجمهور . </p><p>وحكي عن ابن سيرين أنّه يرويه كما سمعه ملحوناً . قال ابن الصّلاح : وهذا غلوّ في مذهب اتّباع اللّفظ . وقال القاضي عياض : الّذي استمرّ عليه العمل أن ينقلوا الرّواية كما وصلت إليهم ولا يغيّروا في كتبهم ، كما وقع في الصّحيحين والموطّأ ، لكنّ أهل المعرفة ينبّهون على ذلك في الحواشي . ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها . </p><p>والأولى سدّ باب التّغيير والإصلاح ، لئلاّ يجسر على ذلك من لا يحسنه . </p><p>وعن عبد اللّه بن الإمام أحمد أنّ أباه كان يصلح الخطأ الفاحش ، ويسكت عن الخفيّ السّهل . وقال ابن كثير : ومن النّاس من إذا سمع الحديث ملحوناً عن الشّيخ ترك روايته ، لأنّه إن اتّبعه فالنّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن في كلامه ، وإن رواه عنه على الصّواب فلم يسمعه منه كذلك .</p><p>التّصحيف والتّحريف لغير القرآن والحديث :</p><p>8 - التّصحيف والتّحريف المتعمّد في الوثائق والسّجلّات ونحو ذلك نوع من التّزوير ، وحكمه التّحريم إن أسقط به حقّاً لغيره ، أو أثبت لنفسه أو غيره من الحقّ ما ليس له ، أو ألحق بأحد من النّاس ضرراً بغير حقّ . ومن فعله يستحقّ التّعزير . ( ر : تزوير ) .</p><p>توقّي التّحريف والتّصحيف :</p><p>9 - بيّن أهل الحديث الطّرق الّتي يتوقّى بها التّحريف والتّصحيف ، ومن ذلك : </p><p>أوّلاً : أخذ العلم من أفواه العارفين به المتقنين له ، فإنّ التّصحيف كثيراً ما ينشأ عن تشابه الحروف في الصّورة ، فتقرأ الكلمة على أكثر من وجه ، فإن أخذها الرّاوي عن فم الشّيخ أخذها على الوجه الصّحيح .</p><p>ثانياً : كتابة العلم المرويّ وضبط المكتوب لئلاّ يختلط بغيره . وذلك لأنّ الاعتماد على الذّاكرة وحدها لا يكفي ، وقد قال بعض السّلف : قيّدوا العلم بالكتاب .</p><p>ثالثاً : استكمال نقط الإعجام في الكتاب ، لتفرّق بين الحروف المتشابهة كالباء والتّاء والثّاء والنّون والياء ، وكالفاء والقاف . واستعمال الضّبط بالشّكل حيث يخشى التّحريف ، وربّما احتيج إلى الضّبط بالكلمات ، كقولهم " البرّ : بكسر الباء الموحّدة والرّاء المهملة » .</p><p>رابعاً : إتقان علوم اللّغة ، فإنّها كثيراً ما تكشف التّحريف والتّصحيف . </p><p>وقد أفرد العلماء لبيان ضبط ما يقبل أن يدخل التّحريف والتّصحيف في كتب العلم من الحديث وأسماء رجال الأسانيد وغيرها كتباً خاصّةً ، إذا قرأها طالب العلم أمن الغلط والتّحريف . وأفردوا كتباً أخرى لبيان ما وقع فعلاً من الأوهام في كتب الحديث وغيره وحذّروا في تآليفهم في علم أصول الحديث من التّصحيف ، وذكروا أمثلةً ممّا وقع منه كثيرةً يحصل بها التّنبّه للمزالق في هذا الباب . كما حذّروا من أن يروي الشّيخ حديثه بقراءة اللّحّان والمصحّف . وبيّنوا الطّرق الّتي استقرّت عندهم باستقراء ما ورد عن أئمّة الشّأن لكيفيّة ضبط الرّواية والسّماع والنّقل من الكتب ، وكتابة التّسميع ، والمقابلة بالأصول ، وضوابط الرّواية بالمعنى وغير ذلك ممّا يتحقّق به ضبط الرّواية لئلاّ يتحرّف الحديث عن وضعه الّذي كان عليه ، سواء في اللّفظ أو في المعنى . </p><p>وممّن تكلّم في ضبط الكلام المكتوب لئلاّ يدخله التّحريف المتكلّمون في أصول الفتيا ، فقالوا : لا ينبغي إذا ضاق موضع الفتيا في رقعة الجواب أن يكتب الجواب في رقعة أخرى خوفاً من الحيلة عليه ، ولهذا ينبغي أن يكون كلامه متّصلاً حتّى آخر سطر في الرّقعة ، فلا يدع فرجةً خوفاً من أن يثبت السّائل فيها غرضاً له ضارّاً . وقالوا : إن رأى المفتي في ورقة السّؤال بياضاً في أثناء بعض الأسطر أو في آخرها خطّ عليه وشغله ، لأنّه ربّما قصد المفتي أحد بسوء ، فكتب في ذلك البياض بعد فتياه ما يفسدها . وينبغي أن يكتب الجواب بخطّ واضح وسط ، ويقارب سطوره وأقلامه وخطّه لئلاّ يزوّر أحد عليه . </p><p>وهذا كما لا يخفى ينطبق على كتابة الوثائق والشّهادات وسائر ما تثبت به الحقوق .</p><p></p><p>تحريق *</p><p>انظر : إحراق .</p><p></p><p>تحريم *</p><p>التّعريف : </p><p>1- التّحريم في اللّغة : خلاف التّحليل وضدّه . والحرام : نقيض الحلال . يقال : حرم عليه الشّيء حرمةً وحراماً . والحرام : ما حرّم اللّه . والمحرّم : الحرام . </p><p>والمحارم : ما حرّم اللّه . وأحرم بالحجّ أو العمرة أو بهما : إذا دخل في الإحرام بالإهلال ، فيحرم عليه به ما كان حلالاً من قبل كالصّيد والنّساء ، فيتجنّب الأشياء الّتي منعه الشّرع منها كالطّيب والنّكاح والصّيد وغير ذلك . </p><p>والأصل فيه المنع ، فكأنّ المحرم ممتنع من هذه الأشياء ، ومنه حديث الصّلاة : « تحريمها التّكبير » فكأنّ المصلّي بالتّكبير والدّخول في الصّلاة صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصّلاة وأفعالها ، فقيل للتّكبير : تحريم لمنعه المصلّي من ذلك . </p><p>والإحرام أيضاً بمعنى التّحريم . يقال : أحرمه وحرّمه بمعنًى . وهو في اصطلاح الأصوليّين : خطاب اللّه المقتضي الكفّ عن الفعل اقتضاءً جازماً ، بأن لم يجوّز فعله . </p><p>هذا في اصطلاح المتكلّمين من أهل الأصول ، أمّا أصوليّون الحنفيّة فيعرّفونه : بأنّه طلب الكفّ عن الفعل بدليل قطعيّ . كما في قوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إنَّما الخمرُ والميْسِرُ والأنصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عملِ الشّيطانِ فاجْتنبوه لعلَّكم تفلحون } . فقد ثبت التّحريم والأمر بالكفّ بالنّصّ القرآنيّ القاطع . وكتحريم الرّبا في قوله تعالى : { وحرَّمَ الرِّبا } . وأورد البركيّ في تعريفاته الفقهيّة تعريف التّحريم فقال : هو جعل الشّيء محرّماً . </p><p>وإنّما خصّت التّكبيرة الأولى في الصّلاة بالتّحريمة ، لأنّها تحرّم الأمور المباحة قبل الشّروع في الصّلاة دون سائر التّكبيرات . </p><p>هذا وللتّحريم إطلاق آخر حين يصدر من غير الشّارع ، كتحريم الزّوج زوجته على نفسه ، أو تحريم بعض المباحات بيمين أو بغيرها ، ومعناه هنا : المنع .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>الكراهة :</p><p>2 - الكراهة ، والكراهية : خطاب الشّارع المقتضي الكفّ عن الفعل اقتضاءً غير جازم . كالنّهي في حديث الصّحيحين « إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتّى يصلّي ركعتين » وفي حديث ابن ماجه وغيره « لا تصلّوا في أَعْطان الإِبل فإنّها خُلِقَتْ من الشّياطين » . </p><p>والتّحريم وكراهة التّحريم : يتشاركان في استحقاق العقاب بترك الكفّ ، ويفترقان في أنّ التّحريم : ما تيقّن الكفّ عنه بدليل قطعيّ . والمكروه ما ترجّح الكفّ عنه بدليل ظنّيّ . </p><p>وفي مراقي الفلاح : المكروه : ما كان النّهي فيه بظنّيّ . وهو قسمان : مكروه تنزيهاً وهو ما كان إلى الحلّ أقرب ، ومكروه تحريماً وهو ما كان إلى الحرام أقرب . فالفعل إن تضمّن ترك واجب فمكروه تحريماً ، وإن تضمّن ترك سنّة فمكروه تنزيهاً ، لكن تتفاوت كراهته في الشّدّة والقرب من التّحريم بحسب تأكّد السّنّة .</p><p>الحكم الإجماليّ :</p><p>تحريم الشّارع يرجع في تفصيله إلى المصطلح الأصوليّ .</p><p>أمّا تحريم المكلّف ما هو حلال فيتعلّق به ما يلي من الأحكام : </p><p>أوّلاً - تحريم الزّوجة :</p><p>3 - من قال لزوجته : أنت عليّ حرام يسأل عن نيّته . فإن قال : أردت الكذب ، فهو كما قال ، لأنّه نوى حقيقة كلامه . وقيل : لا يصدّق في القضاء ، لأنّه يمين ظاهراً ، لأنّ تحريم الحلال يمين بالنّصّ ، وهو قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها النّبيّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحلَّ اللّهُ لك } إلى قوله : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } فلا يصدّق في القضاء في نيّته خلاف الظّاهر وهذا هو الصّواب على ما عليه العمل والفتوى . وإن قال : أردت الطّلاق ، فهي تطليقة بائنة ، إلاّ أن ينوي الثّلاث . وإن قال : أردت الظّهار فهو ظهار ، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمّد : ليس بظهار ، لانعدام التّشبيه بالمحرّمة وهو الرّكن فيه . ولهما أنّه أطلق الحرمة ، وفي الظّهار نوع حرمة ، والمطلق يحتمل المقيّد . </p><p>وإن قال : أردت التّحريم أو لم أرد به شيئاً ، فهو يمين يصير به مولياً . وصرف بعض الحنفيّة لفظة التّحريم إلى الطّلاق من غير نيّة بحكم العرف ، لأنّ العادة جرت فيما بين النّاس في زماننا أنّهم يريدون بهذا اللّفظ الطّلاق . قال بذلك أبو اللّيث . </p><p>وإن قال لها : أنا عليك حرام وينوي الطّلاق : فهي طالق . </p><p>وإن قال لها : أنت عليّ حرام كظهر أمّي ونوى به طلاقاً أو إيلاءً : لم يكن إلاّ ظهاراً عند أبي حنيفة ، وقالا : هو على ما نوى لأنّ التّحريم يحتمل كلّ ذلك ، غير أنّ عند محمّد إذا نوى الطّلاق لا يكون ظهاراً ، وعند أبي يوسف يكونان جميعاً ، ولأبي حنيفة أنّه صريح في الظّهار فلا يحتمل غيره . </p><p>أمّا إذا كان بلفظ الظّهار صريحاً كأن قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فلا ينصرف لغير الظّهار ، وبه حرمت عليه ، فلا يحلّ له وطؤها ولا مسّها ولا تقبيلها ، حتّى يكفّر عن ظهاره لقوله تعالى : { والّذين يُظَاهِرونَ من نسائِهم ثمَّ يَعُودونَ لِمَا قالوا فتحريرُ رقَبَةٍ من قبلِ أنْ يَتَماسّا } إلى قوله : { فمنْ لم يجدْ فصيامُ شهرين متتابعين من قبل أنْ يتماسّا فمنْ لم يستطع فإطعامُ ستِّينَ مسكيناً } . فإن وطئها قبل أن يكفّر استغفر اللّه تعالى ولا شيء عليه غير الكفّارة الأولى ، ولا يعود حتّى يكفّر ، لقوله عليه الصلاة والسلام للّذي واقع في ظهاره قبل الكفّارة : « فاعتزلها حتّى تكفّر عنك » ولو كان شيء آخر واجباً لنبّه عليه . </p><p>ولو قال : أنت عليّ حرام كأمّي يحتمل الطّلاق والظّهار . فإن قال : أردت الظّهار أو الطّلاق فهو على ما نوى ، لأنّه يحتمل الوجهين : الظّهار لمكان التّشبيه ، والطّلاق لمكان التّحريم . وإن لم تكن له نيّة : فعلى قول أبي يوسف إيلاء ، وعلى قول محمّد ظهار . هذا وتحريم الزّوجة بأربعة طرق : الطّلاق ، والإيلاء ، واللّعان ، والظّهار . وهذا ما قال به الحنفيّة .</p><p>4 - وعند المالكيّة : لو قال لزوجته : أنت عليّ حرام فهو البتات ( البينونة الكبرى ) . </p><p>ولو قال لها : أنت عليّ ككلّ شيء حرّمه الكتاب ، فإنّه حرّم الميتة والدّم ولحم الخنزير ، فهو بمنزلة ما لو قال لها : أنت كالميتة والدّم ، فيلزمه البتات ، وهو مذهب ابن القاسم وابن نافع . وفي المدوّنة : قال ربيعة : من قال : أنت مثل كلّ شيء حرّمه الكتاب ، فهو مظاهر ، وهو قول ابن الماجشون .</p><p>5- وقال الشّافعيّة : إذا قال لزوجته : أنت عليّ حرام أو حرمتك ، ونوى طلاقاً أو ظهاراً حصل المنويّ ، وهم كالحنفيّة ، والحنابلة في المشهور عن أحمد فيما إذا نوى الطّلاق يكون طلاقاً إلاّ أنّه يكون رجعيّاً . فإن نوى عدداً فإنّه يقع ما نواه وهم كرأي أبي حنيفة إذا نوى الظّهار يكون ظهاراً عندهم ، كما هو ظهار عنده . </p><p>فإن نواهما : أي الطّلاق والظّهار معاً تخيّر وثبت ما اختاره منهما . وقيل : الواقع طلاق لأنّه أقوى بإزالته الملك ، وقيل : ظهار ، لأنّ الأصل بقاء النّكاح ، ولا يثبتان جميعاً لأنّ الطّلاق يزيل النّكاح ، والظّهار يستدعي بقاءه . </p><p>وإن نوى تحريم عينها أو فرجها أو وطئها لم تحرم عليه ، وعليه كفّارة يمين . </p><p>إن أطلق قوله : أنت عليّ حرام ولم ينو شيئاً فقولان : </p><p>أظهرهما : وجوب الكفّارة . وقوله : أنت عليّ حرام صريح في لزوم الكفّارة . </p><p>والثّاني : لا شيء عليه ، وهذا اللّفظ كناية في لزوم الكفّارة . </p><p>وإن قال لها : أنت عليّ حرام . أنت عليّ حرام ونوى التّحريم . فإن قال ذلك في مجلس أو قاله في مجالس ونوى التّأكيد فعليه كفّارة واحدة . وإن قاله في مجالس ونوى الاستئناف تعدّدت الكفّارة على الأصحّ ، وقيل : عليه كفّارة فقط . وإن أطلق فقولان . ولو قال : أنت عليّ حرام كالميتة والدّم والخمر والخنزير ، وقال : أردت الطّلاق أو الظّهار صدّق ، وإن نوى التّحريم لزمته الكفّارة ، وإن أطلق فظاهر النّصّ أنّه كالحرام فيكون على الخلاف .</p><p>6- وعند الحنابلة : إذا قال لزوجته : أنت عليّ حرام وأطلق ، فهو ظهار ، لأنّه تحريم للزّوجة بغير طلاق ، فوجب به كفّارة الظّهار ، كما لو قال : أنت عليّ حرام كظهر أمّي . </p><p>وإن نوى غير الظّهار ، فعن أحمد في رواية جماعة : أنّه ظهار ، نوى الطّلاق أو لم ينوه . وقيل : إذا نوى بقوله : أنت عليّ حرام اليمين كان يميناً ، وعليه كفّارة يمين . فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : إذا حرّم الرّجل عليه امرأته فهي يمين يكفّرها . وقال : { لقد كان لكمْ في رسولِ اللّهِ أسوةٌ حسنةٌ } ولأنّ اللّه تعالى قال : { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحلَّ اللّهُ لك تبتغي مَرضاةَ أزواجكَ واللّهُ غفورٌ رحيمٌ قد فَرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } فجعل الحرام يميناً . وإن قال : أعني بأنت عليّ حرام الطّلاق فهو طلاق ، وهو المشهور عن أحمد . وإن نوى به ثلاثاً فهي ثلاث ، لأنّه أتى في تفسيره للتّحريم بالألف واللّام الّتي للاستغراق ، فيدخل فيه الطّلاق كلّه . وإن قال : أعني به طلاقاً فهو واحدة ، لأنّه ذكره منكّراً فيكون طلاقاً واحداً . وإن قال : أنت عليّ كظهر أمّي ونوى به الطّلاق لم يكن طلاقاً ، لأنّه صريح في الظّهار ، ولا ينصرف إلى غيره ، فلم يصحّ كنايةً في الطّلاق ، كما لا يكون الطّلاق كناية الظّهار . </p><p>وإن قال : أنت عليّ كالميتة والدّم ، ونوى به الطّلاق كان طلاقاً ، ويقع به من عدد الطّلاق ما نواه ، وإن لم ينو شيئاً وقعت واحدة . </p><p>وإن نوى الظّهار : وهو أن يقصد تحريمها عليه مع بقاء نكاحها ، احتمل أن يكون ظهاراً ، واحتمل أن لا يكون ظهاراً . وإن نوى اليمين : وهو أن يريد بذلك ترك وطئها لا تحريمها ولا طلاقها فهو يمين . وإن لم ينو شيئاً لم يكن طلاقاً ، لأنّه ليس بصريح في الطّلاق ولا نواه به . وهل يكون ظهاراً أو يميناً ؟ على وجهين . أحدهما يكون ظهاراً ، والثّاني يكون يميناً .</p><p>7- وإن نوى بقوله : أنت عليّ حرام الظّهار فهو ظهار على ما قاله به جمهور الفقهاء ( أبو حنيفة وأبو يوسف والشّافعيّ وأحمد ) وإن نوى به الطّلاق فهو طلاق ، وإن أطلق ففيه روايتان : إحداهما هو ظهار ، والأخرى يمين . </p><p>وإن قال : أنت عليّ حرام ، ونوى الطّلاق والظّهار معاً كان ظهاراً ولم يكن طلاقاً ، لأنّ اللّفظ الواحد لا يكون ظهاراً وطلاقاً ، والظّهار أولى بهذا اللّفظ ، فينصرف إليه ، وعند بعض أصحاب الشّافعيّ يتخيّر ، فيقال له : اختر أيّهما شئت كما سبق القول . </p><p>ولا خلاف بين عامّة الفقهاء في أنّه يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل التّكفير عن ظهاره ، على نحو ما سبق بيانه . </p><p>ثانياً : تحريم الحلال :</p><p>8 - الأصل في الأشياء الإباحة حتّى يقوم الدّليل على تحريمها ، وبه قال الشّافعيّة وبعض الحنفيّة ومنهم الكرخيّ ويعضّد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « ما أحلّ اللّه فهو حلال ، وما حرّم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من اللّه عافيته ، فإنّ اللّه لم يكن لينسى شيئاً » وروى الطّبرانيّ من حديث أبي ثعلبة : « إنّ اللّه فرض فرائض فلا تضيّعوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها » وفي لفظ « وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلّفوها رحمةً لكم فاقبلوها » وروى التّرمذيّ وابن ماجه من حديث سلمان رضي الله عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسّمن والغذاء فقال : الحلال ما أحلّ اللّه في كتابه ، والحرام ما حرّم اللّه في كتابه ، وما سكت عنه فهو ممّا عفا عنه » . </p><p>وقد نزل في تحريم الحلال قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } إلى قوله سبحانه { قد فَرَضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أَيمانِكم } ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنه فيشرب عندها عسلاً . قال : فتواطأت أنا وحفصة أنّ أيّتنا ما دخل عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فلْتقل : إنّي أجد منك ريحَ مغافير . أكلتَ مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك . فقال : بلْ شربتُ عَسَلاً عند زينبَ بنت جحش ، ولن أعود له فنزل قوله تعالى : { لِمَ تحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } إلى قوله : { إن تتوبا } لعائشة وحفصة » . </p><p>وفي قول : إنّ الّتي حرّمها هي مارية القبطيّة ، فقد روى الهيثم بن كليب عن عمر رضي الله عنه قال : « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لحفصة رضي الله عنها : لا تخبري أحداً وإنّ أمّ إبراهيم يعني مارية عليّ حرام ، فقالت : أتحرّم ما أحلّ اللّه لك ؟ قال : فواللّه لا أقربها ، قال : فلم يقربها حتّى أخبرت عائشة . قال : فأنزل اللّه تعالى : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } » . وقد روى ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : « حرّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمّ إبراهيم فقال : أنت عليّ حرام ، واللّه لا آتينك فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } » . فهذه روايات وردت في سبب نزول هذه الآية . والتّحريم الوارد فيها يمين تلزم به كفّارة يمين ، لقول اللّه تبارك وتعالى : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } وليس تحريماً لما أحلّ اللّه ، لأنّ ما لم يحرّمه اللّه ليس لأحد أن يحرّمه ، ولا أن يصير بتحريمه حراماً ، ولم يثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال لما أحلّه اللّه : هو عليّ حرام . وإنّما امتنع من مارية ليمين تقدّمت منه ، وهو قوله « واللّه لا أقربها » فقيل له : { لِمَ تُحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } أي لم تمتنع منه بسبب اليمين ، يعني أقدمْ عليه وكفِّرْ . قال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : إذا حرّم الرّجل عليه امرأته فإنّما هي يمين يكفّرها .</p><p>وتفصيل ذلك كلّه يرجع إليه في مصطلح ( أيمان ) وفي أبواب الطّلاق والظّهار والإيلاء .</p><p></p><p>تحريمة *</p><p>انظر : تكبيرة الإحرام .</p><p></p><p>تحسين *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّحسين لغةً : التّزيين ، ومثله التّجميل . قال الجوهريّ : حسّنت الشّيء تحسيناً : زيّنته . وقال الرّاغب الأصفهانيّ : الحسن أكثر ما يقال في تعارف العامّة في المستحسن بالبصر ، وأكثر ما جاء في القرآن الكريم في المستحسن من جهة البصيرة . </p><p>فأهل اللّغة لم يفرّقوا بين " زيّنت الشّيء " و " حسّنته " ، وجعلوا الجميع معنًى واحداً . والتّحسين في الاصطلاح لا يخرج عن معناه اللّغويّ .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41234, member: 329"] تحريض المجاهدين على القتال : 6 - يسنّ للإمام والأمير إذا جهّز جيشاً أو سريّةً للخروج إلى الجهاد أن يحرّضهم على القتال وعلى الصّبر والثّبات . لقوله تعالى : { فقاتلْ في سبيلِ اللّه لا تُكَلَّفُ إلاّ نفسَك وحرِّض المؤمنين } وقوله تعالى : { يا أيّها النّبيّ حرِّض المؤمنينَ على القتالِ } وتفصيله في باب الجهاد . التّحريض على المسابقة : 7 - يسنّ تحريض الرّجال على المسابقة والمناضلة وركوب الخيل . ويجوز للإمام أن يدفع العوض من بيت المال ، ومن ماله الخاصّ ، كما يجوز للأفراد أيضاً أن يدفعوه ، لأنّه بذل في طاعة ، ويثاب عليه . لأنّ ذلك من الإعداد الّذي أمر اللّه به في قوله عزّ من قائل : { وأَعِدُّوا لهم ما استطعتم من قُوَّةٍ ومن رِباطِ الخيلِ } ولخبر : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج يوماً على قوم يتناضلون فقال : ارموا بني إسماعيل فإنّ أباكم كان رامياً » ولخبر : « ألا إنّ القوّة الرّمي ، ألا إنّ القوّة الرّمي » ، ولخبر : { إنّ اللّه يدخل الجنّة بالسّهم الواحد ثلاثةً : صانعه يحتسب في صنعه الخير ، والرّامي به ، ومنبّله » إلخ . والتّفصيل في ( السّباق ) . تحريض الحيوان : 8 - إذا حرّض حيواناً فجنى على إنسان فعليه الضّمان لتسبّبه ، هذا رأي المالكيّة والحنابلة . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إذا كان في موضع واسع كالصّحراء فقتله فلا ضمان ، لأنّه لم يلجئه إلى قتله ، والّذي وجد منه ليس بمهلك . أمّا إذا كان في موضع ضيّق ، أو كان الحيوان ضارياً شديد العدو لا يتأتّى الهرب منه في الصّحراء ، وجب عليه الضّمان إذا قتل في الحال . وعند الأحناف : لا يضمن . والتّفصيل في ( الجنايات ) . تحريض المحرم كلباً على صيد : 9 - إذا حرّض محرم كلباً على صيد ضمن ، كحلال في الحرم بجامع التّسبّب فيهما . والتّفصيل في ( الإحرام ) . تحريف * التّعريف : 1 - التّحريف لغةً : مصدر حرّف الشّيء : إذا جعله على جانب ، أو أخذ من جانبه شيئاً ، وتحريف الكلام عن مواضعه تغييره والعدول به عن جهته ، ومنه قوله تعالى في اليهود : { يُحرِّفونَ الكَلِمَ عن مَوَاضِعه } أي يغيّرونه . والتّحريف في الاصطلاح : التّغيير في الكلمة بتبديل في حركاتها ، كالفلك والفلك ، والخلق والخلق . أو تبديل حرف بحرف ، سواء اشتبها في الخطّ أم لا ، أو كلمة بكلمة نحو ( سرى بالقوم ) ( وسرى في القوم ) أو بالزّيادة في الكلام أو النّقص منه ، أو حمله على غير المراد منه . وخصّه بعضهم في علم أصول الحديث بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخطّ والنّقط ، وتخالفها في الحركات ، كتبديل الخلق بالخلق ، والقدم بالقدم ، وهذا اصطلاح ابن حجر على ظاهر ما في نخبة الفكر وشرحها ، جعله مقابلاً للتّصحيف . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّصحيف : 2 - التّصحيف هو تغيير اللّفظ حتّى يتغيّر المعنى المراد ، وأصله الخطأ ، يقال : صحّفه فتصحّف ، أي غيّره فتغيّر حتّى التبس . والتّصحيف في الاصطلاح اختلف فيه على قولين : قيل : هو كلّ تغيير في الكلمة سواء بسبب اختلاف النّقط أو الشّكل أو بتبديل حرف بحرف أو كلمة بكلمة ، وهذا الّذي جرى عليه اصطلاح أغلب المحدّثين قبل ابن حجر ، منهم الخطيب في الكفاية ، والحاكم في معرفة علوم الحديث ، والنّوويّ في التّقريب ، وابن الصّلاح وغيرهم . وهو بهذا المعنى قريب من التّحريف ، إلاّ أنّ التّحريف أشمل ، إذ يدخل فيه تغيير المعنى مع بقاء اللّفظ على حاله . فيكون التّصحيف هو التّحريف في نقط الكلمة أو شكلها أو حروفها . وما سوى ذلك فهو التّحريف في المعنى . أمّا ابن حجر ومن تابعه فقد ذهبوا إلى أنّ التّصحيف خاصّ بتبديل الكلمة بكلمة أخرى تشابهها في الخطّ وتخالفها في النّقط ، وهو اصطلاح العسكريّ في كتابه ( شرح التّصحيف والتّحريف ) وذلك كتبديل الغدر بالعذر ، والخطب بالحطب . وإنّما سمّي هذا النّوع من التّحريف تصحيفاً لأنّ الآخذ عن الصّحيفة قد لا يمكنه التّفريق بين الكلمة المرادة والكلمة الّتي تلتبس بها لمشابهتها في الصّورة ، بخلاف الآخذ من أفواه أهل العلم . وكان هذا الالتباس كثيراً قبل اختراع النّقط في القرن الثّاني الهجريّ ، وقلّ بعده ، إلاّ أنّه لم ينعدم حتّى عند من يلتزم به ، لأنّ النّقط قد تسقط ، وقد تنتقل عن مكانها ، فيحصل الالتباس . ب - التّزوير : 3 - الزّور لغةً : الكذب ، والتّزوير : تزيين الكذب . واصطلاحاً : كلّ قول أو عمل يراد به تزيين الباطل حتّى يظنّ أنّه حقّ ، سواء أكان ذلك في القول كشهادة الزّور ، أم الفعل كمحاكاة الخطوط أو النّقود بقصد إثبات الباطل . فالفرق بينه وبين التّحريف أنّ التّزوير يحدث به تغيير مقصود ، أمّا التّحريف فقد يتغيّر به الواقع وقد لا يتغيّر ، وقد يكون التّحريف مقصوداً أو غير مقصود ، ففيهما عموم وخصوص . أنواع التّحريف والتّصحيف : 4 - التّحريف إمّا لفظيّ وإمّا معنويّ : فاللّفظيّ يكون في السّند ، كما صحّف الطّبريّ اسم عتبة بن النّدّر فقال فيه : ابن البذر . ويكون في المتن كما صحّف ابن لهيعة حديث « احتجر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد » فقال فيه « احتجم في المسجد » . وينقسم اللّفظيّ قسمين : أوّلهما : ما يحسّ بالبصر ، كما سبق . وثانيهما : ما يحسّ بالسّمع ، نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال " واصل الأحدب " فذكر الدّارقطنيّ أنّه من تصحيف السّمع ، لا من تصحيف البصر ، كأنّه ذهب - واللّه أعلم - إلى أنّ ذلك لا يشتبه من حيث الكتابة وإنّما أخطأ فيه السّمع ممّن رواه كذلك . وأمّا التّحريف المعنويّ : فهو ما يقع في المعنى بحمل اللّفظ على غير المراد منه بتأويل فاسد ، قصداً أو بدون قصد . ومن أمثلته : ما رواه محمّد بن المثنّى العنزيّ ، حدّث بحديث « إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى إلى عَنَزة » . فقال : نحن قوم لنا شرف ، صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلينا . وإنّما العنزة هنا : حربة نصبت بين يديه فصلّى إليها ، وليس المراد قبيلة عنزة . قال ابن الصّلاح : وأظرف من هذا أنّ أعرابيّاً زعم أنّه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى نصبت بين يديه شاة . أي صحّفها إلى عنزة بإسكان النّون . حكم التّحريف والتّصحيف : التّحريف إمّا أن يقصد به كتاب اللّه تعالى ، أو الأحاديث النّبويّة ، أو غيرهما من الكلام : أ - التّحريف لكلام اللّه تعالى : 5 - ضمن اللّه تعالى أن يحفظ كتابه من التّبديل والتّحريف في ألفاظه ومبانيه حتّى يبقى إلى يوم القيامة كما أنزل ، قال تعالى : { إنّا نحن نَزّلْنا الذِكْر وإنّا له لحافظون } فعزل الشّياطين عن استماعه ، ورجمهم عند البعثة بالشّهب ، وجعل القرآن { في صُحُفٍ مكرَّمة مرفوعةٍ مطهَّرة بأَيْدي سَفَرةٍ كرامٍ بَرَرَةٍ } ولم يجعل اللّه تعالى لأحد من خلقه أن يبدّل كلامه أو يغيّر فيه ، قال اللّه تعالى : { وإذا تُتْلى عليهم آياتُنا بَيِّنات قال الّذين لا يَرْجون لِقاءَنا ائْتِ بقُرْآنٍ غيرِ هذا أو بَدِّلْه قل ما يكون لي أَنْ أُبَدِّلَه من تِلْقَاء نفسي إنْ أَتَّبِعُ إلاّ ما يُوحى إليَّ } ودعت الشّريعة المسلمين إلى حفظ القرآن وتلاوته وضبطه ، فقامت الأمّة الإسلاميّة بذلك خير قيام ، بحيث أمن أن يتبدّل منه شيء ، ولو بدّل أحد حرفاً واحداً منه لوجد العشرات بل المئات من المسلمين كباراً وصغاراً ممّن يبيّنون ذلك التّحريف ، وينفون ذلك التّبديل . وقد قصّ اللّه تعالى في كتابه ما فعله أهل الكتاب ، من تحريف لما لديهم من الكتب السّماويّة بالزّيادة أو الحذف أو التّغيير ، فقال : { وإنَّ منهم لَفَريقاً يَلْوُون ألسنَتَهم بالكتابِ لِتَحْسَبوه من الكتابِ وَمَا هو منَ الكتابِ ويقولون هوَ مِنْ عندِ اللّهِ وما هو من عندِ اللّهِ } وقال : { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤمنوا لكم وقد كان فريقٌ منهم يسمعونَ كلامَ اللّهِ ثمّ يُحَرِّفونه من بعد ما عَقَلوه وهم يعلمون } وقال : { فَبِما نَقْضِهم ميثاقَهم لَعَنَّاهم وجعلنا قلوبَهم قاسيةً يُحَرِّفُون الكَلِمَ عن مواضِعه } وقال : { ومن الّذين هادُوا سَمَّاعون لِلْكَذب سَمَّاعون لِقَوْم آخرين لمْ يَأْتوك يحرِّفون الكَلِمَ مِنْ بعد مواضعه } . ولأجل الأمن من أيّ تحريف أو تغيير في كلام اللّه تعالى التزم جمهور علماء الأمّة رسم خطّ المصحف العثمانيّ دون تغيير فيه ، مهما تغيّر اصطلاح الكتابة في العصور اللّاحقة . قال الزّركشيّ : ولم يكن ذلك منهم كيف اتّفق ، بل على أمر عندهم قد تحقّق . وقال أبو البقاء في كتاب اللّباب : ذهب جماعة من أهل اللّغة إلى كتابة الكلمة على لفظها ، إلاّ في خطّ المصحف ، فإنّهم اتّبعوا في ذلك ما وجدوه في المصحف الإمام . وقال أشهب : سئل مالك رحمه الله : هل تكتب المصحف على ما أخذه النّاس من الهجاء ؟ فقال : لا ، إلاّ على الكتبة الأولى . رواه الدّانيّ ، ثمّ قال : ولا مخالف له من علماء الأمّة ، وقال الإمام أحمد : تحرم مخالفة خطّ مصحف عثمان " أي رسمه " في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك ، وقال أبو عبيد : اتّباع حروف المصحف عندنا كالسّنّة القائمة الّتي لا يجوز لأحد أن يتعدّاها إلاّ أنّ للإمام الشّوكانيّ في ذلك رأياً مخالفاً بيّنه في تفسيره عند قوله تعالى : { الّذين يَأْكلون الرِّبَوا } من سورة البقرة : قال : وقد كتبوه في المصحف بالواو ، وهذا مجرّد اصطلاح لا يلزم المشي عليه ، فإنّ هذه النّقوش الكتابيّة أمور اصطلاحيّة لا يشاحّ في مثلها ، إلاّ فيما كان يدلّ به على الحرف الّذي كان في أصل الكلمة ونحوه . قال : وعلى كلّ حال فرسم الكلمة وحمل نقشها الكتابيّ على ما يقتضيه اللّفظ بها هو الأولى أمّا التّغيير في القراءة بما يخرج عن رسم المصحف فلا يجوز أيضاً بوجه من الوجوه ، ولا يجوز التّغيير عمّا صحّت به الرّواية من الوجوه ولو احتملها رسم المصحف الإمام . ويحصل الأمن من تحريف ألفاظ القرآن بالتّلقّي من أفواه القرّاء العالمين بالقراءة ، ولا ينبغي الاكتفاء بتعلّمها بمجرّد النّظر في المصحف . أمّا تغيير المعنى بتفسير القرآن على غير الوجه المراد به ، فهو نوع شديد من التّحريف . وقد علم أنّ الواجب تفسير القرآن إمّا بالقرآن ، وإمّا بالسّنّة الصّحيحة ، وإمّا بمقتضى لسان العرب للعالمين به . وأمّا تفسيره بمجرّد الرّأي فلا يجوز ذلك شرعاً ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ » وإذا كان التّحريف لموافقة الهوى وتأييده كان فاعله أشدّ ضلالاً وإضلالاً ، فإنّ الإيمان بكتاب اللّه يقتضي أن يتّخذ الكتاب متبوعاً ، يأتمر المؤمنون بأمره ويقفون عند نهيه ، لا أن يجعل تابعاً للأهواء كما اتّخذته بعض الفرق الضّالّة . هذا فيما قد يصنعه المفسّر من التّغيير والتّحريف للمعنى عن عمد ، وأمّا التّفسير المغيّر ، خطأ ، فإنّه ينبغي أن يحذر منه فلا يتصدّى للتّفسير إلاّ عالم بالقرآن عالم بالسّنن والعربيّة ، قد تعلّم أصول التّفسير ، وعرف ناسخ القرآن من منسوخه ، وعرف العموم والخصوص ونحو ذلك ممّا لا بدّ منه للمفسّر . ب - التّحريف والتّصحيف للأحاديث النّبويّة : حكم التّصحيف : 6 - يقول المحدّثون : إنّه لا يجوز على الصّحيح تعمّد تغيير صورة الحديث متناً أو إسناداً ، إلاّ لعالم بمدلولات الألفاظ ، عالم بما يحيل المعنى ، فله أن يغيّر على أن يتجنّب تحويل المعنى . والتّصحيف المقصود نوع من الرّواية بالمعنى . أمّا ما يقع من التّصحيف والتّحريف على سبيل الخطأ ، فإنّ من وقع في روايته أشياء من ذلك فاحشة ، فيقال فيه : إنّه سيّئ الضّبط ، ويترك حديثه فلا يؤخذ به ، نقل أبو أحمد العسكريّ عن عبد اللّه بن الزّبير الحميديّ أنّ الغفلة الّتي يردّ بها حديث الرّجل الرّضا الّذي لا يعرف الكذب هي أن يكون في كتابه غلط ، فيقال له في ذلك ، فيحدّث بما قالوه ويغيّر في كتابه بقولهم ، لا يعرف فرق ما بين ذلك ، أو يصحّف تصحيفاً فاحشاً يقلب المعنى لا يعقل ذلك . ونقل عن يحيى بن معين أنّه قال : من حدّثك وهو لا يفرّق بين الخطأ والصّواب فليس بأهل أن يؤخذ عنه . على أنّ ما يقع من ذلك على سبيل النّدرة أو القلّة - ولا يكون فاحشاً - فلا يقدح في الرّاوي ، قال الإمام أحمد : ومن يعرى عن الخطأ والتّصحيف ؟ أمّا الحديث الّذي يقع فيه التّصحيف ، فما كان منه في المتن فهو قريب من الوضع ، وما كان في السّند فإنّه يصيّره ضعيفاً بذلك السّند . إصلاح التّصحيف : 7 - في مقدّمة ابن الصّلاح ، والباعث الحثيث : إذا لحن الشّيخ فالصّواب أن يرويه عنه السّامع على الصّواب ، وهو محكيّ عن الأوزاعيّ وابن المبارك والجمهور . وحكي عن ابن سيرين أنّه يرويه كما سمعه ملحوناً . قال ابن الصّلاح : وهذا غلوّ في مذهب اتّباع اللّفظ . وقال القاضي عياض : الّذي استمرّ عليه العمل أن ينقلوا الرّواية كما وصلت إليهم ولا يغيّروا في كتبهم ، كما وقع في الصّحيحين والموطّأ ، لكنّ أهل المعرفة ينبّهون على ذلك في الحواشي . ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها . والأولى سدّ باب التّغيير والإصلاح ، لئلاّ يجسر على ذلك من لا يحسنه . وعن عبد اللّه بن الإمام أحمد أنّ أباه كان يصلح الخطأ الفاحش ، ويسكت عن الخفيّ السّهل . وقال ابن كثير : ومن النّاس من إذا سمع الحديث ملحوناً عن الشّيخ ترك روايته ، لأنّه إن اتّبعه فالنّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن في كلامه ، وإن رواه عنه على الصّواب فلم يسمعه منه كذلك . التّصحيف والتّحريف لغير القرآن والحديث : 8 - التّصحيف والتّحريف المتعمّد في الوثائق والسّجلّات ونحو ذلك نوع من التّزوير ، وحكمه التّحريم إن أسقط به حقّاً لغيره ، أو أثبت لنفسه أو غيره من الحقّ ما ليس له ، أو ألحق بأحد من النّاس ضرراً بغير حقّ . ومن فعله يستحقّ التّعزير . ( ر : تزوير ) . توقّي التّحريف والتّصحيف : 9 - بيّن أهل الحديث الطّرق الّتي يتوقّى بها التّحريف والتّصحيف ، ومن ذلك : أوّلاً : أخذ العلم من أفواه العارفين به المتقنين له ، فإنّ التّصحيف كثيراً ما ينشأ عن تشابه الحروف في الصّورة ، فتقرأ الكلمة على أكثر من وجه ، فإن أخذها الرّاوي عن فم الشّيخ أخذها على الوجه الصّحيح . ثانياً : كتابة العلم المرويّ وضبط المكتوب لئلاّ يختلط بغيره . وذلك لأنّ الاعتماد على الذّاكرة وحدها لا يكفي ، وقد قال بعض السّلف : قيّدوا العلم بالكتاب . ثالثاً : استكمال نقط الإعجام في الكتاب ، لتفرّق بين الحروف المتشابهة كالباء والتّاء والثّاء والنّون والياء ، وكالفاء والقاف . واستعمال الضّبط بالشّكل حيث يخشى التّحريف ، وربّما احتيج إلى الضّبط بالكلمات ، كقولهم " البرّ : بكسر الباء الموحّدة والرّاء المهملة » . رابعاً : إتقان علوم اللّغة ، فإنّها كثيراً ما تكشف التّحريف والتّصحيف . وقد أفرد العلماء لبيان ضبط ما يقبل أن يدخل التّحريف والتّصحيف في كتب العلم من الحديث وأسماء رجال الأسانيد وغيرها كتباً خاصّةً ، إذا قرأها طالب العلم أمن الغلط والتّحريف . وأفردوا كتباً أخرى لبيان ما وقع فعلاً من الأوهام في كتب الحديث وغيره وحذّروا في تآليفهم في علم أصول الحديث من التّصحيف ، وذكروا أمثلةً ممّا وقع منه كثيرةً يحصل بها التّنبّه للمزالق في هذا الباب . كما حذّروا من أن يروي الشّيخ حديثه بقراءة اللّحّان والمصحّف . وبيّنوا الطّرق الّتي استقرّت عندهم باستقراء ما ورد عن أئمّة الشّأن لكيفيّة ضبط الرّواية والسّماع والنّقل من الكتب ، وكتابة التّسميع ، والمقابلة بالأصول ، وضوابط الرّواية بالمعنى وغير ذلك ممّا يتحقّق به ضبط الرّواية لئلاّ يتحرّف الحديث عن وضعه الّذي كان عليه ، سواء في اللّفظ أو في المعنى . وممّن تكلّم في ضبط الكلام المكتوب لئلاّ يدخله التّحريف المتكلّمون في أصول الفتيا ، فقالوا : لا ينبغي إذا ضاق موضع الفتيا في رقعة الجواب أن يكتب الجواب في رقعة أخرى خوفاً من الحيلة عليه ، ولهذا ينبغي أن يكون كلامه متّصلاً حتّى آخر سطر في الرّقعة ، فلا يدع فرجةً خوفاً من أن يثبت السّائل فيها غرضاً له ضارّاً . وقالوا : إن رأى المفتي في ورقة السّؤال بياضاً في أثناء بعض الأسطر أو في آخرها خطّ عليه وشغله ، لأنّه ربّما قصد المفتي أحد بسوء ، فكتب في ذلك البياض بعد فتياه ما يفسدها . وينبغي أن يكتب الجواب بخطّ واضح وسط ، ويقارب سطوره وأقلامه وخطّه لئلاّ يزوّر أحد عليه . وهذا كما لا يخفى ينطبق على كتابة الوثائق والشّهادات وسائر ما تثبت به الحقوق . تحريق * انظر : إحراق . تحريم * التّعريف : 1- التّحريم في اللّغة : خلاف التّحليل وضدّه . والحرام : نقيض الحلال . يقال : حرم عليه الشّيء حرمةً وحراماً . والحرام : ما حرّم اللّه . والمحرّم : الحرام . والمحارم : ما حرّم اللّه . وأحرم بالحجّ أو العمرة أو بهما : إذا دخل في الإحرام بالإهلال ، فيحرم عليه به ما كان حلالاً من قبل كالصّيد والنّساء ، فيتجنّب الأشياء الّتي منعه الشّرع منها كالطّيب والنّكاح والصّيد وغير ذلك . والأصل فيه المنع ، فكأنّ المحرم ممتنع من هذه الأشياء ، ومنه حديث الصّلاة : « تحريمها التّكبير » فكأنّ المصلّي بالتّكبير والدّخول في الصّلاة صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصّلاة وأفعالها ، فقيل للتّكبير : تحريم لمنعه المصلّي من ذلك . والإحرام أيضاً بمعنى التّحريم . يقال : أحرمه وحرّمه بمعنًى . وهو في اصطلاح الأصوليّين : خطاب اللّه المقتضي الكفّ عن الفعل اقتضاءً جازماً ، بأن لم يجوّز فعله . هذا في اصطلاح المتكلّمين من أهل الأصول ، أمّا أصوليّون الحنفيّة فيعرّفونه : بأنّه طلب الكفّ عن الفعل بدليل قطعيّ . كما في قوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إنَّما الخمرُ والميْسِرُ والأنصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عملِ الشّيطانِ فاجْتنبوه لعلَّكم تفلحون } . فقد ثبت التّحريم والأمر بالكفّ بالنّصّ القرآنيّ القاطع . وكتحريم الرّبا في قوله تعالى : { وحرَّمَ الرِّبا } . وأورد البركيّ في تعريفاته الفقهيّة تعريف التّحريم فقال : هو جعل الشّيء محرّماً . وإنّما خصّت التّكبيرة الأولى في الصّلاة بالتّحريمة ، لأنّها تحرّم الأمور المباحة قبل الشّروع في الصّلاة دون سائر التّكبيرات . هذا وللتّحريم إطلاق آخر حين يصدر من غير الشّارع ، كتحريم الزّوج زوجته على نفسه ، أو تحريم بعض المباحات بيمين أو بغيرها ، ومعناه هنا : المنع . الألفاظ ذات الصّلة : الكراهة : 2 - الكراهة ، والكراهية : خطاب الشّارع المقتضي الكفّ عن الفعل اقتضاءً غير جازم . كالنّهي في حديث الصّحيحين « إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتّى يصلّي ركعتين » وفي حديث ابن ماجه وغيره « لا تصلّوا في أَعْطان الإِبل فإنّها خُلِقَتْ من الشّياطين » . والتّحريم وكراهة التّحريم : يتشاركان في استحقاق العقاب بترك الكفّ ، ويفترقان في أنّ التّحريم : ما تيقّن الكفّ عنه بدليل قطعيّ . والمكروه ما ترجّح الكفّ عنه بدليل ظنّيّ . وفي مراقي الفلاح : المكروه : ما كان النّهي فيه بظنّيّ . وهو قسمان : مكروه تنزيهاً وهو ما كان إلى الحلّ أقرب ، ومكروه تحريماً وهو ما كان إلى الحرام أقرب . فالفعل إن تضمّن ترك واجب فمكروه تحريماً ، وإن تضمّن ترك سنّة فمكروه تنزيهاً ، لكن تتفاوت كراهته في الشّدّة والقرب من التّحريم بحسب تأكّد السّنّة . الحكم الإجماليّ : تحريم الشّارع يرجع في تفصيله إلى المصطلح الأصوليّ . أمّا تحريم المكلّف ما هو حلال فيتعلّق به ما يلي من الأحكام : أوّلاً - تحريم الزّوجة : 3 - من قال لزوجته : أنت عليّ حرام يسأل عن نيّته . فإن قال : أردت الكذب ، فهو كما قال ، لأنّه نوى حقيقة كلامه . وقيل : لا يصدّق في القضاء ، لأنّه يمين ظاهراً ، لأنّ تحريم الحلال يمين بالنّصّ ، وهو قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها النّبيّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحلَّ اللّهُ لك } إلى قوله : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } فلا يصدّق في القضاء في نيّته خلاف الظّاهر وهذا هو الصّواب على ما عليه العمل والفتوى . وإن قال : أردت الطّلاق ، فهي تطليقة بائنة ، إلاّ أن ينوي الثّلاث . وإن قال : أردت الظّهار فهو ظهار ، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمّد : ليس بظهار ، لانعدام التّشبيه بالمحرّمة وهو الرّكن فيه . ولهما أنّه أطلق الحرمة ، وفي الظّهار نوع حرمة ، والمطلق يحتمل المقيّد . وإن قال : أردت التّحريم أو لم أرد به شيئاً ، فهو يمين يصير به مولياً . وصرف بعض الحنفيّة لفظة التّحريم إلى الطّلاق من غير نيّة بحكم العرف ، لأنّ العادة جرت فيما بين النّاس في زماننا أنّهم يريدون بهذا اللّفظ الطّلاق . قال بذلك أبو اللّيث . وإن قال لها : أنا عليك حرام وينوي الطّلاق : فهي طالق . وإن قال لها : أنت عليّ حرام كظهر أمّي ونوى به طلاقاً أو إيلاءً : لم يكن إلاّ ظهاراً عند أبي حنيفة ، وقالا : هو على ما نوى لأنّ التّحريم يحتمل كلّ ذلك ، غير أنّ عند محمّد إذا نوى الطّلاق لا يكون ظهاراً ، وعند أبي يوسف يكونان جميعاً ، ولأبي حنيفة أنّه صريح في الظّهار فلا يحتمل غيره . أمّا إذا كان بلفظ الظّهار صريحاً كأن قال لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فلا ينصرف لغير الظّهار ، وبه حرمت عليه ، فلا يحلّ له وطؤها ولا مسّها ولا تقبيلها ، حتّى يكفّر عن ظهاره لقوله تعالى : { والّذين يُظَاهِرونَ من نسائِهم ثمَّ يَعُودونَ لِمَا قالوا فتحريرُ رقَبَةٍ من قبلِ أنْ يَتَماسّا } إلى قوله : { فمنْ لم يجدْ فصيامُ شهرين متتابعين من قبل أنْ يتماسّا فمنْ لم يستطع فإطعامُ ستِّينَ مسكيناً } . فإن وطئها قبل أن يكفّر استغفر اللّه تعالى ولا شيء عليه غير الكفّارة الأولى ، ولا يعود حتّى يكفّر ، لقوله عليه الصلاة والسلام للّذي واقع في ظهاره قبل الكفّارة : « فاعتزلها حتّى تكفّر عنك » ولو كان شيء آخر واجباً لنبّه عليه . ولو قال : أنت عليّ حرام كأمّي يحتمل الطّلاق والظّهار . فإن قال : أردت الظّهار أو الطّلاق فهو على ما نوى ، لأنّه يحتمل الوجهين : الظّهار لمكان التّشبيه ، والطّلاق لمكان التّحريم . وإن لم تكن له نيّة : فعلى قول أبي يوسف إيلاء ، وعلى قول محمّد ظهار . هذا وتحريم الزّوجة بأربعة طرق : الطّلاق ، والإيلاء ، واللّعان ، والظّهار . وهذا ما قال به الحنفيّة . 4 - وعند المالكيّة : لو قال لزوجته : أنت عليّ حرام فهو البتات ( البينونة الكبرى ) . ولو قال لها : أنت عليّ ككلّ شيء حرّمه الكتاب ، فإنّه حرّم الميتة والدّم ولحم الخنزير ، فهو بمنزلة ما لو قال لها : أنت كالميتة والدّم ، فيلزمه البتات ، وهو مذهب ابن القاسم وابن نافع . وفي المدوّنة : قال ربيعة : من قال : أنت مثل كلّ شيء حرّمه الكتاب ، فهو مظاهر ، وهو قول ابن الماجشون . 5- وقال الشّافعيّة : إذا قال لزوجته : أنت عليّ حرام أو حرمتك ، ونوى طلاقاً أو ظهاراً حصل المنويّ ، وهم كالحنفيّة ، والحنابلة في المشهور عن أحمد فيما إذا نوى الطّلاق يكون طلاقاً إلاّ أنّه يكون رجعيّاً . فإن نوى عدداً فإنّه يقع ما نواه وهم كرأي أبي حنيفة إذا نوى الظّهار يكون ظهاراً عندهم ، كما هو ظهار عنده . فإن نواهما : أي الطّلاق والظّهار معاً تخيّر وثبت ما اختاره منهما . وقيل : الواقع طلاق لأنّه أقوى بإزالته الملك ، وقيل : ظهار ، لأنّ الأصل بقاء النّكاح ، ولا يثبتان جميعاً لأنّ الطّلاق يزيل النّكاح ، والظّهار يستدعي بقاءه . وإن نوى تحريم عينها أو فرجها أو وطئها لم تحرم عليه ، وعليه كفّارة يمين . إن أطلق قوله : أنت عليّ حرام ولم ينو شيئاً فقولان : أظهرهما : وجوب الكفّارة . وقوله : أنت عليّ حرام صريح في لزوم الكفّارة . والثّاني : لا شيء عليه ، وهذا اللّفظ كناية في لزوم الكفّارة . وإن قال لها : أنت عليّ حرام . أنت عليّ حرام ونوى التّحريم . فإن قال ذلك في مجلس أو قاله في مجالس ونوى التّأكيد فعليه كفّارة واحدة . وإن قاله في مجالس ونوى الاستئناف تعدّدت الكفّارة على الأصحّ ، وقيل : عليه كفّارة فقط . وإن أطلق فقولان . ولو قال : أنت عليّ حرام كالميتة والدّم والخمر والخنزير ، وقال : أردت الطّلاق أو الظّهار صدّق ، وإن نوى التّحريم لزمته الكفّارة ، وإن أطلق فظاهر النّصّ أنّه كالحرام فيكون على الخلاف . 6- وعند الحنابلة : إذا قال لزوجته : أنت عليّ حرام وأطلق ، فهو ظهار ، لأنّه تحريم للزّوجة بغير طلاق ، فوجب به كفّارة الظّهار ، كما لو قال : أنت عليّ حرام كظهر أمّي . وإن نوى غير الظّهار ، فعن أحمد في رواية جماعة : أنّه ظهار ، نوى الطّلاق أو لم ينوه . وقيل : إذا نوى بقوله : أنت عليّ حرام اليمين كان يميناً ، وعليه كفّارة يمين . فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : إذا حرّم الرّجل عليه امرأته فهي يمين يكفّرها . وقال : { لقد كان لكمْ في رسولِ اللّهِ أسوةٌ حسنةٌ } ولأنّ اللّه تعالى قال : { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحلَّ اللّهُ لك تبتغي مَرضاةَ أزواجكَ واللّهُ غفورٌ رحيمٌ قد فَرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } فجعل الحرام يميناً . وإن قال : أعني بأنت عليّ حرام الطّلاق فهو طلاق ، وهو المشهور عن أحمد . وإن نوى به ثلاثاً فهي ثلاث ، لأنّه أتى في تفسيره للتّحريم بالألف واللّام الّتي للاستغراق ، فيدخل فيه الطّلاق كلّه . وإن قال : أعني به طلاقاً فهو واحدة ، لأنّه ذكره منكّراً فيكون طلاقاً واحداً . وإن قال : أنت عليّ كظهر أمّي ونوى به الطّلاق لم يكن طلاقاً ، لأنّه صريح في الظّهار ، ولا ينصرف إلى غيره ، فلم يصحّ كنايةً في الطّلاق ، كما لا يكون الطّلاق كناية الظّهار . وإن قال : أنت عليّ كالميتة والدّم ، ونوى به الطّلاق كان طلاقاً ، ويقع به من عدد الطّلاق ما نواه ، وإن لم ينو شيئاً وقعت واحدة . وإن نوى الظّهار : وهو أن يقصد تحريمها عليه مع بقاء نكاحها ، احتمل أن يكون ظهاراً ، واحتمل أن لا يكون ظهاراً . وإن نوى اليمين : وهو أن يريد بذلك ترك وطئها لا تحريمها ولا طلاقها فهو يمين . وإن لم ينو شيئاً لم يكن طلاقاً ، لأنّه ليس بصريح في الطّلاق ولا نواه به . وهل يكون ظهاراً أو يميناً ؟ على وجهين . أحدهما يكون ظهاراً ، والثّاني يكون يميناً . 7- وإن نوى بقوله : أنت عليّ حرام الظّهار فهو ظهار على ما قاله به جمهور الفقهاء ( أبو حنيفة وأبو يوسف والشّافعيّ وأحمد ) وإن نوى به الطّلاق فهو طلاق ، وإن أطلق ففيه روايتان : إحداهما هو ظهار ، والأخرى يمين . وإن قال : أنت عليّ حرام ، ونوى الطّلاق والظّهار معاً كان ظهاراً ولم يكن طلاقاً ، لأنّ اللّفظ الواحد لا يكون ظهاراً وطلاقاً ، والظّهار أولى بهذا اللّفظ ، فينصرف إليه ، وعند بعض أصحاب الشّافعيّ يتخيّر ، فيقال له : اختر أيّهما شئت كما سبق القول . ولا خلاف بين عامّة الفقهاء في أنّه يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل التّكفير عن ظهاره ، على نحو ما سبق بيانه . ثانياً : تحريم الحلال : 8 - الأصل في الأشياء الإباحة حتّى يقوم الدّليل على تحريمها ، وبه قال الشّافعيّة وبعض الحنفيّة ومنهم الكرخيّ ويعضّد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : « ما أحلّ اللّه فهو حلال ، وما حرّم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من اللّه عافيته ، فإنّ اللّه لم يكن لينسى شيئاً » وروى الطّبرانيّ من حديث أبي ثعلبة : « إنّ اللّه فرض فرائض فلا تضيّعوها ، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها ، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها » وفي لفظ « وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلّفوها رحمةً لكم فاقبلوها » وروى التّرمذيّ وابن ماجه من حديث سلمان رضي الله عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسّمن والغذاء فقال : الحلال ما أحلّ اللّه في كتابه ، والحرام ما حرّم اللّه في كتابه ، وما سكت عنه فهو ممّا عفا عنه » . وقد نزل في تحريم الحلال قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } إلى قوله سبحانه { قد فَرَضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أَيمانِكم } ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنه فيشرب عندها عسلاً . قال : فتواطأت أنا وحفصة أنّ أيّتنا ما دخل عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فلْتقل : إنّي أجد منك ريحَ مغافير . أكلتَ مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك . فقال : بلْ شربتُ عَسَلاً عند زينبَ بنت جحش ، ولن أعود له فنزل قوله تعالى : { لِمَ تحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } إلى قوله : { إن تتوبا } لعائشة وحفصة » . وفي قول : إنّ الّتي حرّمها هي مارية القبطيّة ، فقد روى الهيثم بن كليب عن عمر رضي الله عنه قال : « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لحفصة رضي الله عنها : لا تخبري أحداً وإنّ أمّ إبراهيم يعني مارية عليّ حرام ، فقالت : أتحرّم ما أحلّ اللّه لك ؟ قال : فواللّه لا أقربها ، قال : فلم يقربها حتّى أخبرت عائشة . قال : فأنزل اللّه تعالى : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } » . وقد روى ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : « حرّم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمّ إبراهيم فقال : أنت عليّ حرام ، واللّه لا آتينك فأنزل اللّه عزّ وجلّ في ذلك { يا أيّها النّبيُّ لِمَ تُحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } » . فهذه روايات وردت في سبب نزول هذه الآية . والتّحريم الوارد فيها يمين تلزم به كفّارة يمين ، لقول اللّه تبارك وتعالى : { قد فرضَ اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانِكم } وليس تحريماً لما أحلّ اللّه ، لأنّ ما لم يحرّمه اللّه ليس لأحد أن يحرّمه ، ولا أن يصير بتحريمه حراماً ، ولم يثبت عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال لما أحلّه اللّه : هو عليّ حرام . وإنّما امتنع من مارية ليمين تقدّمت منه ، وهو قوله « واللّه لا أقربها » فقيل له : { لِمَ تُحرّمُ ما أحلَّ اللّهُ لكَ } أي لم تمتنع منه بسبب اليمين ، يعني أقدمْ عليه وكفِّرْ . قال سعيد بن جبير عن ابن عبّاس : إذا حرّم الرّجل عليه امرأته فإنّما هي يمين يكفّرها . وتفصيل ذلك كلّه يرجع إليه في مصطلح ( أيمان ) وفي أبواب الطّلاق والظّهار والإيلاء . تحريمة * انظر : تكبيرة الإحرام . تحسين * التّعريف : 1 - التّحسين لغةً : التّزيين ، ومثله التّجميل . قال الجوهريّ : حسّنت الشّيء تحسيناً : زيّنته . وقال الرّاغب الأصفهانيّ : الحسن أكثر ما يقال في تعارف العامّة في المستحسن بالبصر ، وأكثر ما جاء في القرآن الكريم في المستحسن من جهة البصيرة . فأهل اللّغة لم يفرّقوا بين " زيّنت الشّيء " و " حسّنته " ، وجعلوا الجميع معنًى واحداً . والتّحسين في الاصطلاح لا يخرج عن معناه اللّغويّ . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية