الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41235" data-attributes="member: 329"><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّجويد :</p><p>2 - التّجويد : مصدر جوّد الشّيء ، بمعنى جعله جيّداً . </p><p>وفي الاصطلاح : إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها ، وردّ الحرف إلى مخرجه وأصله ، وتلطيف النّطق به على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسّف ولا إفراط ولا تكلّف . فالتّحسين أعمّ من التّجويد لاختصاص التّجويد بالقراءة .</p><p>ب - التّحلية :</p><p>3 - يقال : تحلّت المرأة : إذا لبست الحليّ أو اتّخذته ، وحلّيتها بالتّشديد تحليةً : ألبستها الحليّ أو اتّخذته لها لتلبسه . وحلّيت السّويق : جعلت فيه شيئاً حلواً حتّى حلا .</p><p>ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ . والتّحسين أعمّ من التّحلية ، فقد يحسن الشّيء بغير تحليته ، كما يحسن الطّعام بتمليحه لا بتحليته . </p><p>ج - التّقبيح :</p><p>4 - التّقبيح : جعل الشّيء قبيحاً ، أو نسبته إلى القبح . وهو ضدّ التّحسين . </p><p>مصدر التّحسين والتّقبيح :</p><p>5 - التّحسين والتّقبيح يطلقان بثلاثة اعتبارات : </p><p>الأوّل : باعتبار ملاءمة الطّبع ومنافرته ، كقولنا : ريح الورد حسن ، وريح الجيفة قبيح . الثّاني : باعتباره صفة كمال أو صفة نقص ، كقولنا : العلم حسن ، والجهل قبيح . وهذان النّوعان مصدرهما : العقل من غير توقّف على الشّرع ، لا يعلم في ذلك خلاف . </p><p>والثّالث : باعتبار الثّواب والعقاب الشّرعيّين ، وهذا قد اختلف فيه : فذهب الأشاعرة إلى أنّ مصدره الشّرع ، والعقل لا يحسّن ولا يقبّح ، ولا يوجب ولا يحرّم . وقال الماتريديّة : إنّ العقل يحسّن ويقبّح ، وردّوا الحسن والقبح الشّرعيّين إلى الملاءمة والمنافرة . </p><p>وذهب المعتزلة إلى أنّ العقل يحسّن ويقبّح ، ويوجب ويحرّم ، وفي ذلك تفصيل محلّه الملحق الأصوليّ . </p><p>التّحسينيّات :</p><p>6 - بحث مقاصد الشّريعة من أبحاث أصول الفقه ، ويذكر علماء الأصول أنّ مقاصد الشّريعة لا تعدو ثلاثة أقسام : الأوّل : ضروريّة ، والثّاني : حاجيّة ، والثّالث : تحسينيّة . فالضّروريّة : هي الّتي لا بدّ منها لقيام مصالح الدّين والدّنيا ، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدّنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الآخرة يكون فوات النّعيم ، والرّجوع بالخسران المبين . </p><p>أمّا الحاجيّة : فهي ما يفتقر إليها من حيث التّوسعة ورفع الضّيق المؤدّي في الغالب إلى الحرج والمشقّة اللّاحقة بفوت المطلوب ، فإذا لم تراع دخل على المكلّفين - على الجملة - الحرج والمشقّة دون اختلال شيء من الضّروريّات الخمسة . </p><p>وأمّا التّحسينيّة : فهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، ويجمع ذلك مكارم الأخلاق ، والآداب الشّرعيّة . وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ .</p><p>حكم التّحسين في الفقه الإسلاميّ :</p><p>7 - التّحسين مطلوب في الجملة إذا خلصت فيه النّيّة وأريد به الخير ، ومكروه أو محرّم إذا لم تخلص فيه النّيّة أو كان سبباً للوقوع في الحرام ولم يرد به الخير . </p><p>ويختلف حكمه باعتبار موضوعه . وإليك بعض الأمثلة : </p><p>تحسين الهيئة :</p><p>8 - يندب تحسين الهيئة العامّة من غير مبالغة ، وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك . وممّا قال في هذا : « أصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم حتّى تكونوا كأنّكم شامة في النّاس ، فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش » . ويندب تحسين اللّحية والشّاربين ، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها » . وفي صحيح مسلم « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : جُزّوا الشّواربَ وأَرْخوا اللّحى ، خالفوا المجوسَ » .</p><p>9- وتحسين وجه المرأة يكون بتنقيته من الشّعر النّابت في غير أماكنه ، فيستحبّ لها إزالته عند الحنفيّة . وإذا أمرها الزّوج بإزالته وجب عليها ذلك عند الشّافعيّة . فقد روت امرأة بن أبي الصّقر : « أنّها كانت عند عائشة رضي الله عنها ، فسألتها امرأة فقالت : يا أمّ المؤمنين إنّ في وجهي شعرات أفأنتفهنّ ، أتزيّن بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة : أميطي عنك الأذى ، وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزّيارة ، وإن أمرك فأطيعيه ، وإن أقسم عليك فأبرّيه ، ولا تأذني في بيته لمن يكره » . </p><p>وقال المالكيّة : يجب على المرأة إزالة الشّعر الّذي في إزالته جمال لها ، كشعر اللّحية إن نبت لها . ويجب عليها إبقاء ما في بقائه جمال لها ، فيحرم عليها حلق شعر رأسها . </p><p>ومنع من ذلك الحنابلة ، ورخّصوا بإزالته بالموسى . </p><p>ومن وجوه التّحسّن للهيئة : قطع الأعضاء الزّائدة في البدن كالسّنّ الزّائدة ، والأصبع الزّائدة ، والكفّ الزّائدة ، لما فيها من التّشويه . ويقاس على ذلك سائر التّشوّهات في البدن ، ويشترط في ذلك أن تكون السّلامة هي الغالبة في إزالته . </p><p>وتحسين الأسنان : يكون بالتّداوي والاستياك والتّفليج ( ويراجع حكمه في مصطلح تفليج ) ، والسّواك مستحبّ على كلّ حال .</p><p>10 - ويتأكّد تحسين المرأة هيئتها للزّوج ، وتحسين الزّوج هيئته للزّوجة . </p><p>كما يتأكّد تحسين الهيئة للخروج إلى الجمعة والعيدين وللأذان .</p><p>تحسين اللّباس :</p><p>11 - يستحبّ تحسين اللّباس بما لا يخرج عن العرف ، ولا يخرج عن السّنّة ، لما رواه أبو الأحوص « أنّ أباه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أشعث سيّئ الهيئة ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أما لك مالٌ ؟ قال : مِنْ كلٍّ قد آتاني اللّه عزّ وجلّ ، قال : فإنّ اللّه عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمةً أحبّ أن ترى عليه » ويكون تحسين اللّباس بما يلي :</p><p>أ - أن يكون نظيفاً ، فقد « رأى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً شعثاً فقال : أما كان يجد هذا ما يسكّن به شعره ، ورأى آخر عليه ثياب وسخة فقال : أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه » .</p><p>ب - أن لا يكون واسعاً سعةً تخرج عن حدّ الاحتياج ، لما في ذلك من الإسراف ، فقد كره الإمام مالك للرّجل سعة الثّوب وطوله ، قال ابن القاسم : بلغني أنّ عمر بن الخطّاب قطع كمّ رجل إلى قدر أصابع كفّه ، ثمّ أعطاه فضل ذلك ، وقال له : خذ هذا واجعله في حاجتك .</p><p>ج - أن يكون منسّقاً مرتّباً على ما يقتضيه العرف ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أصلحوا رحالَكم وأصلحوا لباسَكم ، حتّى تكونوا كأنّكم شَامَةٌ في النّاس ، فإِنَّ اللّه لا يحبّ الفحشَ ولا التّفحّشَ » . ويتأكّد تحسين الثّوب للخروج للجمع والأعياد والجماعات . </p><p>كما يتأكّد تحسين الثّوب للعلماء خاصّةً .</p><p>تحسين الأفنية :</p><p>12 - يسنّ تحسين الأفنية والبيوت بتنظيفها وترتيبها ، عملاً بما رواه عامر بن سعد عن أبيه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه طيّب يحبّ الطّيّب ، نظيف يحبّ النّظافة ، كريم يحبّ الكرم ، جوّاد يحبّ الجود ، فنظّفوا أفنيتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود » . </p><p>تحسين الخروج إلى المسجد :</p><p>13 - يكون تحسين الخروج إلى المسجد بما يلي :</p><p>أ - إخلاص النّيّة للخروج إلى المسجد ، وعدم خلطها بنيّة أخرى كالتّمشّي ونحوه .</p><p>ب - أن يزيد على نيّة الخروج لأداء الفريضة في المسجد نيّة الاعتكاف فيه .</p><p>ج - الخروج إلى المسجد بغير ثياب المهنة ، لقوله تعالى : { يا بَني آدمَ خُذُوا زينَتَكم عند كلِّ مسجِدٍ } .</p><p>د - الدّخول إلى المسجد برجله اليمنى .</p><p>تحسين اللّقاء والسّلام وردّه :</p><p>14 - يندب تحسين لقاء المسلم ، وتحسين السّلام والرّدّ عليه ، لقوله تعالى : { وإذا حُيِّيتُم بتحيّةٍ فَحَيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها } وتحسين ردّ السّلام يكون بقول : " وعليكم السّلام ورحمة اللّه وبركاته " .</p><p>تحسين الصّوت :</p><p>15- تحسين الصّوت هو : التّرنّم والتّغنّي الّذي لا يصاحبه ترديد الصّوت بالحروف ، ولا تغيير الكلمات عن وجهها ، مع التزام قواعد التّجويد . ويندب تحسين الصّوت في القرآن ، وفي الأذان ، لأنّه يجذب النّاس إليهما ، ويحبّبهم بهما ، ويشرح صدورهم لهما . </p><p>أمّا التّطريب والتّلحين والتّغنّي - بمعنى الغناء - والقصر والزّيادة بالتّمطيط فهو محرّم . وقد اتّفق الفقهاء على استحباب أن يكون المؤذّن حسن الصّوت ، « لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اختار أبا محذورة مؤذّناً ، لحسن صوته » .</p><p>تحسين المرأة صوتها بحضرة الأجانب :</p><p>16 - على المرأة إذا تكلّمت بحضرة الرّجال الأجانب أن تتكلّم بصوت طبيعيّ ليس فيه تكلّف ولا تقطيع ولا تليين ، لقوله تعالى : { يا نساءَ النَّبيِّ لَسْتُنَّ كأحدٍ من النِّساءِ إنْ اتَّقَيْتُنَّ فلا تَخْضَعْنَ بالقولِ فَيَطْمَعَ الّذي في قلبِه مَرَضٌ وقُلْنَ قَولاً معروفاً } . </p><p>قال ابن كثير : هذه آداب أمر اللّه تعالى بها نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم ونساء الأمّة تبع لهنّ في ذلك . </p><p>قال القرطبيّ في تفسيره { فلا تَخْضَعْنَ بالقولِ } أي لا تلنّ القول ، أمرهنّ أن يكون قولهنّ جزلاً ، وكلامهنّ فصلاً ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقةً بما يظهر عليه من اللّين. </p><p>تحسين المشية :</p><p>17 - على الإنسان أن يمشي المشية المتعارفة المعتادة ، أمّا المشية المصطنعة الملفتة للأنظار فمنهيّ عنها ، ومنعها في حقّ النّساء آكد من منعها في حقّ الرّجال ، لأنّ أمر المرأة مبنيّ على السّتر قال تعالى : { ولا يَضْرِبْنَ بأرجلِهنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ منْ زِينتهنَّ } قال القرطبيّ : من فعل منهنّ ذلك فرحاً بحليّهنّ فهو مكروه ، ومن فعل منهنّ تبرّجاً وتعرّضاً للرّجال فهو حرام مذموم . وكذلك من ضرب بنعله من الرّجال ، مَنْ فعل ذلك تعجّباً حرم ، فإنّ العُجْب كبيرة ، وإن فعل ذلك تبرّجاً لم يجز . </p><p>وأحسن المشي مشي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد ورد أنّه كان إذا مشى تكفّأ ، وكان أسرع النّاس مشيةً ، وأحسنها وأسكنها وهي المرادة بقوله تعالى : { وعبادُ الرّحمنِ الّذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً } . </p><p>قال غير واحد من السّلف : يعني بسكينة ووقار من غير تكبّر ولا تماوت .</p><p>تحسين الخلق :</p><p>18 - تحسين الخلق مطلوب شرعاً . قال اللّه تعالى : { ولا تَمْشِ في الأرضِ مَرَحاً إنَّكَ لنْ تخرقَ الأرضَ ولنْ تَبْلُغَ الجبالَ طُولاً } وقال جلّ شأنه : { يا أيّها الّذينَ آمنوا لا يَسخرْ قومٌ منْ قومٍ عسى أنْ يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ منْ نساءٍ عسى أنْ يَكُنَّ خيراً منهنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفسَكم ولا تَنَابَزُوا بالألقابِ بئسَ الاسمُ الفُسوقُ بعدَ الإِيمانِ ومن لم يَتُبْ فأولئك هم الظّالمون يا أيّها الّذين آمنوا اجْتَنِبُوا كثيراً منَ الظَّنِّ إنَّ بعضَ الظَّنِّ إثمٌ ولا تَجَسَّسُوا ولا يغتبْ بعضُكم بعضاً أَيُحِبُّ أحدُكم أنْ يأكلَ لَحْمَ أخيه مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوه واتّقوا اللّهَ إنَّ اللّهَ توّابٌ رحيمٌ } إلى غير ذلك من الآيات الموجبة لحسن الخلق ، وقد وصف اللّه رسوله بقوله : { وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظيمٍ } . </p><p>ويتناسب تحسين الخلق مع عظم الحقّ ، فمن كان حقّه عليك أكبر كان تحسين الأخلاق معه أوجب ، ولذلك حرّم اللّه تعالى على الإنسان أن يتأفّف لأحد والديه ، لعظيم حقّهما على الولد ، قال تعالى : { فلا تَقُلْ لهما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهما وقلْ لهما قولاً كريماً } . قال البهوتيّ : يستحبّ لكلّ من الزّوجين تحسين الخلق لصاحبه والرّفق به واحتمال أذاه ، وفي حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « اسْتوصُوا بالنّساءِ خيراً ، فإِنَّ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلعٍ ». </p><p>تحسين الظّنّ :</p><p>أ - تحسين الظّنّ باللّه تعالى :</p><p>19 - يجب على المؤمن أن يحسن الظّنّ باللّه تعالى ، وأكثر ما يجب أن يكون إحساناً للظّنّ باللّه عند نزول المصائب وعند الموت ، قال الحطّاب : نُدبَ للمحتضَر تحسين الظّنّ باللّه تعالى ، وتحسين الظّنّ باللّه وإن كان يتأكّد عند الموت وفي المرض ، إلاّ أنّه ينبغي للمكلّف أن يكون دائماً حسن الظّنّ باللّه ، ففي صحيح مسلم : « لا يموتنّ أحدكم إلاّ وهو يحسن الظّنّ باللّه » .</p><p>ب - تحسين الظّنّ بالمسلمين :</p><p>20 - على المسلم أن يحسن الظّنّ بالمسلمين ، حتّى إذا ما أخطأ أحدهم عفا عنه وصفح والْتَمَسَ له العذر . ومع إحسانه الظّنّ بالمسلمين ما دام لهم وجه ، عليه أن يتّهم نفسه ولا يحسن الظّنّ بها ، لأنّ ذلك أبعد عن الغرور ، وأسلم للقلب عن أمراض القلوب ، قال ابن الحاجّ في المدخل : إذا خرج المرء إلى الصّلاة فليحذر أن يخطر له في نفسه أنّه خير من أحد من إخوانه من المسلمين ، فيقع في البليّة العظمى ، بل يخرج محسن الظّنّ بإخوانه المسلمين ، مسيء الظّنّ بنفسه ، فيتّهم نفسه في فعل الخير . </p><p>تحسين الخطّ :</p><p>21 - حسن الخطّ عصمة للقارئ من الخطأ في قراءته ، وكلّما كان الكلام أكثر حرمةً كان تحسين الخطّ فيه ألزم ، لأنّ الخطأ فيه أفحش ، وعلى هذا فتحسين الخطّ بكتابة القرآن الكريم ألزم شيء ، ثمّ يتلوه تحسين الخطّ بكتابة سنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمّ بالآثار المرويّة عن الصّحابة والتّابعين ، ثمّ بالأحكام الشّرعيّة وهكذا .. </p><p>والأصل في ذلك « قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : يا معاوية ألق الدّواة ، وحرّف القلم ، وانصب الباء ، وفرّق السّين ، ولا تعوّر الميم ، وحسّن اللّه ، ومدّ الرّحمن ، وجوّد الرّحيم » .</p><p>تحسين المخطوبة :</p><p>22 - لا تمنع المرأة المخطوبة من تحسين هيئتها ولبسها عند رؤية الخاطب لها من غير ستر عيب ولا تدليس ولا سرف .</p><p>تحسين المصحف :</p><p>23 - تحسين المصحف مندوب ، ويكون ذلك بتحسين خطّه ، وتعشيره ، وكتابة أسماء سوره في أوّل كلّ سورة وعدد آياتها ، وتشكيله وتنقيطه ، وعلامات وقوفه ، وتجليده . وتفصيل ذلك في الكلام عن المصحف . </p><p>تحسين الذّبح :</p><p>24 - اتّفق الفقهاء على ندب تحسين ذبح الحيوان تحسيناً يؤدّي إلى إراحة الحيوان المذبوح بقدر المستطاع ، فاستحبّوا أن يحدّ الشّفرة قبل الذّبح . وكرهوا الذّبح بآلة كالّة ، لما في الذّبح بها من تعذيب للحيوان ولحديث شدّاد بن أوس رضي الله عنه : « ثِنْتانِ حفظتُهما عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ اللّهَ كتبَ الإِحسانَ على كلّ شيء ، فإِذا قَتَلتُم فَأحسِنُوا القِتْلَةَ ، وإذا ذبحتُم فأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شفرتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه » . ويندب عدم شحذ السّكّين أمام الذّبيحة ، ولا ذبح واحدة أمام أخرى ، كما يندب عرض الماء عليها قبل ذبحها . وأن يكون الذّبح في العنق لما قصر عنقه ، وفي اللّبّة لما طال عنقه كالإبل والنّعام والإوزّ لأنّه أسهل لخروج الرّوح . </p><p>وإمرار السّكّين على الذّبيحة برفق وتحامل يسير ذهاباً إياباً . وأن لا يكون الذّبح من القفا ، وأن لا يقطع أعمق من الودجين والحلقوم ، ولا يكسر العنق ، ولا يقطع شيئاً منها قبل أن تزهق نفسها . وكذلك يندب تحسين القتل في القصاص أو الحدّ ، للحديث المتقدّم .</p><p>تحسين المبيع :</p><p>25 - يعتبر تحسين المبيع مباحاً ما لم يكن فيه ستر عيب ، أو تغرير للمشتري ، أو تحسين مؤقّت لا يلبث أن يزول ، فإذا ظهر العيب الّذي أخفي بالتّحسين ثبت للمشتري خيار العيب . وتفصيل ذلك في ( بيع ، غرر ، خيار العيب ) .</p><p>تحسين المطالبة بالدّين :</p><p>26 - يندب تحسين المطالبة بالدّين ، ويكون تحسينها : </p><p>بالسّماحة بالمطالبة : لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « رحم اللّه رجلاً سمحاً إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى » . وأن تكون المطالبة في وقت يظنّ فيه اليسر : فقد قدم سعيد بن عامر بن حذيم على عمر بن الخطّاب فلمّا أتاه علاه عمر بالدّرّة ، فقال سعيد : يا أمير المؤمنين سبق سيلُك مطرَك ، إن تعاقبْ نَصْبر ، وإنْ تعفُ نَشْكر ، وإنْ تَسْتعتب نعتب ، فقال عمر : ما على المسلم إلاّ هذا ، ما لكَ تُبْطئ بالخراج ؟ قال سعيد : أمرتنا أن لا نزيد الفلّاحين على أربعة دنانير ، فلسنا نزيدهم على ذلك ، ولكنّا نؤخّرهم إلى غلّاتهم ، فقال عمر : لا عزلتك ما حييتُ .</p><p>تحسين الميّت والكفن والقبر :</p><p>27 - يندب تحسين هيئة الميّت ، ففي تبيين الحقائق : فإذا ماتَ شدّ لحياه ، وغمّضت عيناه ، لأنّ فيه تحسينه ، إذ لو ترك على حاله لبقي فظيع المنظر ، ثمّ يغسّل . </p><p>28 - ويستحبّ تحسين كفن الميّت ، لأنّ الكفن للميّت بمثابة اللّباس للحيّ ، ولما رواه جابر رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه » . ويكون تحسين الكفن بثلاثة أمور : تحسين ذات الكفن ، وتحسين صفة الكفن ، وتحسين وضعه على الميّت .</p><p>أ - أمّا تحسين ذات الكفن : فقد صرّح المالكيّة بأنّ الميّت يكفّن بمثل ما كان يلبسه في الجمع والأعياد في حياته - وهو يلبس لها أحسن ثيابه - ويقضى بذلك عند اختلاف الورثة فيه ، إن لم يكن عليه دين .</p><p>ب - أمّا تحسين صفة الكفن : فإنّه يستحبّ البياض في الكفن لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعاً : « البسوا من ثيابكم البياض ، فإنّها من خير ثيابكم ، وكفّنوا بها موتاكم » والجديد أفضل من القديم ، على خلاف في ذلك بين الفقهاء .</p><p>ج - أمّا تحسين كيفيّة الكفن : فيتمثّل بأن تجعل أحسن اللّفائف بحيث تظهر للنّاس ، فيظهر حسن الكفن . </p><p>29 - ويندب تحسين القبر ، ويكون تحسينه بما يلي :</p><p>أ - حفره لحداً إن أمكن ، وبناء اللّحد ، وأفضل ما يبنى به اللّحد اللّبن ، ثمّ الألواح ، ثمّ القرميد ، ثمّ القصب .</p><p>ب - أن يكون عمقه بقدر قامة - وهي ما يقرب من ثلاثة أذراع - وأن يكون واسعاً بحيث لا يضيق بالميّت .</p><p>ج - فرش أرضه بالرّمل إن كانت الأرض صخريّةً أو كان هناك سبب آخر لذلك .</p><p>د - أن يعلو عن الأرض مقدار شبر ، ويكون مسطّحاً أو مسنّماً على خلاف بين الفقهاء فيما هو الأفضل .</p><p>هـ - أن يعلّم عند رأس الميّت بحجر . </p><p>وليس من المستحسن - بل هو مكروه - تجصيص القبور وتطيينها والبناء عليها . </p><p></p><p>تحسينيّات *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّحسينيّات في اللّغة : مأخوذة من مادّة الحسن ، والحسن في اللّغة بالضّمّ : الجمال . وجاء في الصّحاح أنّه ضدّ القبح . والتّحسين : التّزيين . </p><p>وأمّا التّحسينيّات في اصطلاح الأصوليّين : فهي ما لا تدعو إليها ضرورة ولا حاجة ، ولكن تقع موقع التّحسين والتّيسير ورعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات . </p><p>ومن أمثلتها : تحريم الخبائث من القاذورات والسّباع حثّاً على مكارم الأخلاق . </p><p>ومن أمثلتها أيضاً : اعتبار الوليّ في النّكاح صيانةً للمرأة عن مباشرة العقد ، لكونه مشعراً بتوقان نفسها إلى الرّجال ، فلا يليق ذلك بالمروءة ، ففوّض ذلك إلى الوليّ حملاً للخلق على أحسن المناهج .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الضّروريّات :</p><p>2 - الضّروريّات يعرف معناها في اللّغة من معنى مادّة ضرّ ، والضّرّ في اللّغة : خلاف النّفع ، وضرّه وضارّه معناهما واحد ، والاسم الضّرر . وقال الأزهريّ : كلّ ما كان سوء حال وفقراً وشدّةً في بدن فهو ضرّ بالضّمّ ، وما كان ضدّ النّفع فهو بفتحها . </p><p>وأمّا عند الأصوليّين : فهي الأمور الّتي لا بدّ منها في قيام مصالح الدّين والدّنيا ، وهي حفظ الدّين ، والعقل ، والنّسل ، والمال ، والنّفس . </p><p>وهي أقوى مراتب المصالح بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدّنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الأخرى فوت النّجاة والنّعيم والرّجوع بالخسران المبين . ومن هنا يتبيّن الفرق بين الضّروريّات والتحسينيات ، إذ التّحسينيّات هي الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، وتجنّب الأحوال المدنّسات الّتي تأنفها العقول الرّاجحة . </p><p>ب – الحاجيّات : </p><p>3 - يعرف معناها في اللّغة من معنى الحاجة ، وهي : الاحتياج . وأمّا عند الأصوليّين : فهي الّتي يحتاج إليها ، ولكنّها لا تصل إلى حدّ الضّرورة ، فإذا لم تراع دخل على المكلّفين على الجملة الحرج والمشقّة ، ولكنّه لا يبلغ مبلغ الفساد العاديّ المتوقّع في المصالح العامّة . وتأتي في المرتبة الثّانية بعد الضّروريّات ، أمّا التّحسينيّات فتأتي في المرتبة الثّالثة . </p><p>أقسام التّحسينيّات :</p><p>4 - تنقسم التّحسينيّات إلى قسمين : </p><p>الأوّل : ما كان غير معارض للقواعد الشّرعيّة ، كتحريم تناول القاذورات ، فإنّ نفرة الطّباع منها معنًى يناسب حرمة تناولها حثّاً على مكارم الأخلاق . </p><p>الثّاني : ما كان معارضاً للقواعد كالكتابة ، فإنّها غير محتاج إليها ، إذ لو منعت ما ضرّ ، لكنّها مستحسنة في العادة للتّوسّل بها إلى فكّ الرّقبة من الرّقّ ، وهي خارمة لقاعدة امتناع بيع الشّخص بعض ماله ببعض آخر ، إذ ما يحصّله المكاتب في قوّة ملك السّيّد له بأن يعجّز نفسه . </p><p>الأحكام الإجماليّة :</p><p>أ - المحافظة عليها :</p><p>5 - التّحسينيّات من الأمور الّتي قصد الشّارع المحافظة عليها ، لأنّها وإن كانت أدنى مراتب المصالح إلاّ أنّها مكمّلة للحاجيّات الّتي هي أعلى منها في المنزلة ، والحاجيّات بدورها مكمّلة للضّروريّات الّتي هي أصل لهما ، وأيضاً فإنّ ترك التّحسينيّات يؤدّي في النّهاية إلى ترك الضّروريّات ، لأنّ المتجرّئ على ترك الأخفّ بالإخلال به معرّض للتّجرّؤ على ما سواه ، ولذلك لو اقتصر المصلّي على ما هو فرض في الصّلاة لم يكن في صلاته ما يستحسن . وأيضاً فإنّ التّحسينات بالنّسبة للحاجيّات - الّتي هي آكد منها - كالنّفل بالنّسبة إلى ما هو فرض ، وكذا الحاجيّات مع الضّروريّات ، فستر العورة واستقبال القبلة بالنّسبة إلى أصل الصّلاة كالمندوب إليه ، والمندوب إليه بالجزء ينتهض أن يصير واجباً بالكلّ ، فالإخلال بالمندوب مطلقاً يشبه الإخلال بركن من أركان الواجب . </p><p>ب - تعارض التّحسينيّات مع غيرها :</p><p>6 - التّحسينيّات وإن كانت مكمّلةً للحاجيّات الّتي هي أصل لها ، إلاّ أنّه يشترط في المحافظة عليها باعتبارها مكمّلةً : ألاّ تعود على أصلها بالإبطال ، فإذا كانت المحافظة عليها تؤدّي إلى ترك ما هو أعلى منها فإنّها تترك ، ومثل ذلك الحاجيّات مع الضّروريّات ، لأنّ كلّ تكملة يفضي اعتبارها إلى إبطال أصلها لا يلتفت إليها لوجهين : </p><p>أحدهما : أنّ في إبطال الأصل إبطال التّكملة ، لأنّ التّكملة مع ما كمّلته كالصّفة مع الموصوف ، فإذا كان اعتبار الصّفة يؤدّي إلى ارتفاع الموصوف لزم من ذلك ارتفاع الصّفة أيضاً ، فاعتبار هذه التّكملة على هذا الوجه مؤدّ إلى عدم اعتبارها ، وهذا محال لا يتصوّر ، وإذا لم يتصوّر لم تعتبر التّكملة ، واعتبر الأصل من غير مزيد . </p><p>الثّاني : أنّا لو قدّرنا تقديراً أنّ المصلحة التّكميليّة تحصل مع فوات المصلحة الأصليّة ، لكان حصول الأصليّة أولى لما بينهما من التّفاوت . وبيان ذلك أنّ حفظ النّفس مهمّ كلّيّ ، وحفظ المروآت مستحسن ، فحرمت النّجاسات حفظاً للمروآت ، وإجراءً لأهل المروآت على محاسن العادات ، فإن دعت الضّرورة إلى إحياء النّفس بتناول النّجس كان تناوله أولى . </p><p>هذا وقد ذكر الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام في قواعده : أنّ المصالح إذا تعارضت حصّلت العليا منها ، واجتنبت الدّنيا منها فإنّ الأطبّاء يدفعون أعظم المرضين بالتزام بقاء أدناهما ، ويجلبون أعلى السّلامتين والصّحّتين ولا يبالون بفوات أدناهما ، فإنّ الطّبّ كالشّرع ، وضع لجلب مصالح السّلامة والعافية ، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام ، ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك ، فإن تعذّر درء الجميع أو جلب الجميع ، فإن تساوت الرّتب تخيّر ، وإن تفاوتت استعمل التّرجيح عند عرفانه والتّوقّف عند الجهل به .</p><p>ج - الاحتجاج بها :</p><p>7 - ذكر الغزاليّ في المستصفى : أنّه لا يجوز الحكم بالتحسينيات بمجرّدها إن لم تعتضد بشهادة أصل ، إلاّ أنّها قد تجري مجرى وضع الضّرورات ، فلا يبعد أن يؤدّي إليها اجتهاد مجتهد ، فحينئذ إن لم يشهد الشّرع برأي فهو كالاستحسان فإن اعتضد بأصل فذاك قياس ومثل التّحسينيّات في هذا الحاجيّات . وتفصيله في الملحق الأصوليّ .</p><p></p><p>تحصّن *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - من معاني التّحصّن في اللّغة والاصطلاح : الدّخول في الحصن والاحتماء به ، وفي القاموس : الحصن ، كلّ موضع حصين لا يتوصّل إلى ما في جوفه ، وفي المصباح : هو المكان الّذي لا يقدر عليه لارتفاعه ، والجمع حصون . وحصّن القرية تحصيناً بنى حولها ما يحصّنها من سور أو نحوه . </p><p>ويستعمل التّحصّن أيضاً بمعنى : التّعفّف عن الرّيب ، ومنه قيل للمتعفّفة ( حصان ) . </p><p>قال اللّه تعالى : { ولا تُكْرِهوا فتياتِكم على البِغَاءِ إنْ أرَدْنَ تَحَصُّناً ... } </p><p> الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :</p><p>2 - التّحصّن من الكفّار المحاربين - إن جاءوا لقتال المسلمين - جائز شرعاً ، سواء أكان المسلمون في الحصن أقلّ من نصف الكفّار أو أكثر ، وذلك ليلحقهم مدد وقوّة من بلاد المسلمين المجاورة ليشدّوا أزرهم ، فيكثر عددهم ويخشاهم عدوّهم ، ولا يلحق المسلمين بتحصّنهم إثم الفرار من الزّحف ، لأنّ الإثم منوط بمن فرّ بعد لقاء المحاربين غير متحرّف لقتال ، ولا متحيّزاً إلى فئة ، وإن لقوهم خارج الحصن فلهم التّحيّز إلى الحصن ، لأنّه بمنزلة التّحرّف للقتال أو التّحيّز إلى فئة ، وهذا بلا خلاف . </p><p>وإن كان الكفّار المحاربون في بلادهم مستقرّين غير قاصدين الحرب ، فحينئذ ينبغي للمسلمين أن يحتاطوا بإحكام الحصون والخنادق وشحنها بمكافئين لهم ، وتقليد ذلك للمؤتمنين من المسلمين والمشهورين بالشّجاعة . والتّفصيل موطنه مصطلح : ( جهاد ) .</p><p>3 - ويجوز أيضاً للمسلمين التّحصّن بالخنادق كما « فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق حينما جاء الأحزاب لقتاله حول المدينة » . وإليه يشير قوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمَنُوا اذْكُروا نعمةَ اللّهِ عليكم إذْ جاءَتْكم جنودٌ فأَرْسَلنا عليهم ريحاً وجُنُوداً لم تَرَوْها ، وكان اللّهُ بما تعملون بصيراً . إذْ جاءوكم مِنْ فوقِكم ومِنْ أسفلَ منكم وإذْ زَاغَتِ الأبصارُ وبلغتِ القلوبُ الحناجِرَ وتَظُنّونَ باللّهِ الظّنُوْنَا } وقد « شارك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق بنفسه مع أصحابه » .</p><p>4 - ومثل التّحصّن بالحصون والخنادق : التّحصّن بكلّ ما يحمي المسلمين من مفاجأة العدوّ لهم من الوسائل الّتي تتنوّع بحسب أنواع الخطر . وهذا يختلف باختلاف العصور والأمكنة .</p><p></p><p>تحصين *</p><p>انظر : إحصان ، جهاد .</p><p></p><p>تحقّق *</p><p>انظر : تثبّت .</p><p></p><p>تحقير *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - من معاني التّحقير في اللّغة : الإذلال والامتهان والتّصغير . وهو مصدر حقّر ، والمحقّرات : الصّغائر . ويقال : هذا الأمر محقرة بك : أي حقارة . </p><p>والحقير : الصّغير الذّليل . تقول : حقّر حقارةً ، وحقّره واحتقره واستحقره : إذا استصغره ورآه حقيراً . وحقّره : صيّره حقيراً ، أو نسبه إلى الحقارة . وحَقُر الشّيء حقارةً : هان قدره فلا يعبأ به ، فهو حقير . وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا .</p><p>الحكم الإجماليّ : </p><p>للتّحقير أحكام تعتريه :</p><p>2 - فتارةً يكون حراماً منهيّاً عنه : كما في تحقير المسلم للمسلم استخفافاً به وسخريةً منه وامتهاناً لكرامته . وفي هذا قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا يسخرْ قومٌ مِنْ قومٍ عسى أنْ يكونُوا خيراً منهم ، ولا نساءٌ مِنْ نساءٍ عسى أنْ يَكُنَّ خيراً منهنَّ ، ولا تَلْمِزُوا أنفسَكم ولا تَنَابَزُوا بالألقابِ بئسَ الاسمُ الفُسوقُ بعدَ الإِيمانِ ومَنْ لم يتُبْ فأولئك هم الظّالمون } ونحوها من الآيات . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا تَحَاسدوا ولا تَنَاجشوا ولا تَبَاغضوا ولا تدابروا ، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعض ، وكونوا عبادَ اللّهِ إخواناً المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقّره التّقوى هاهنا . ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلمَ . كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ دمُه ومالُه وعرضُه » . </p><p>وفيه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من كِبْر . فقال رجل : إنَّ الرّجلَ يحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً . قال : إنَّ اللّهَ جميلٌ يحبّ الجمال . الكبر بَطَر الحقِّ وغَمْطُ النّاس » وفي رواية « وغمص النّاس » ، وبطر الحقّ : هو دفعه وإبطاله ، والغمط والغمص معناهما واحد ، وهو : الاحتقار . </p><p>قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى : { بئس الاسمُ الفسوقُ بعدَ الإِيمان } قيل معناه : من لقّب أخاه أو سخر به فهو فاسق . قال ابن حجر الهيتميّ : السّخرية : الاستحقار والاستهانة والتّنبيه على العيوب والنّقائص يوم يضحك منه ، وقد يكون بالمحاكاة بالفعل أو القول أو الإشارة أو الإيماء ، أو الضّحك على كلامه إذا تخبّط فيه أو غلط ، أو على صنعته ، أو قبيح صورته . </p><p>فمن ارتكب شيئاً من التّحقير ممّا هو ممنوع كان قد ارتكب محرّماً يعزّر عليه شرعاً تأديباً له . وهذا التّعزير مفوّض إلى رأي الإمام ، وفق ما يراه في حدود المصلحة وطبقاً للشّرع ، كما هو مبيّن في مصطلح ( تعزير ) ، لأنّ المقصود منه الزّجر ، وأحوال النّاس فيه مختلفة ، فلكلّ ما يناسبه منه . وهذا إن قصد بهذه الأمور التّحقير . أمّا إن قصد التّعليم أو التّنبيه على الخطأ أو نحو ذلك - ولم يقصد تحقيراً - فلا بأس به ، فيعرف قصده من قرائن الأحوال .</p><p>3 - هذا وقد يصل التّحقير المحرّم إلى أن يكون ردّةً ، وذاك إذا حقّر شيئاً من شعائر الإسلام ، كتحقير الصّلاة والأذان والمسجد والمصحف ونحو ذلك ، قال اللّه تعالى في وصف المنافقين { ولئنْ سألتَهم لَيقولُنَّ إنّما كنَّا نخوضُ ونلعبُ قل أباللّهِ وآياتِه ورسولِه كنتم تستهزئون . لا تعتذروا قد كفرتمْ بعدَ إيمانكم } ، وقال تعالى فيهم أيضاً : { وإذا ناديتمْ إلى الصّلاةِ اتَّخذوها هُزُواً وَلَعِبَاً } . ونقل في فتح العليّ لمالك : أنّ رجلاً كان يزدري الصّلاة ، وربّما ازدرى المصلّين وشهد عليه ملأ كثير من النّاس ، منهم من زكّى ومنهم من لم يزكّ . فمن حمله على الازدراء بالمصلّين لقلّة اعتقاده فيهم فهو من سباب المسلم ، فيلزمه الأدب على قدر اجتهاد الحاكم . ومن يحمله على ازدراء العبادة فالأصوب أنّه ردّة ، لإظهاره إيّاه وشهرته به ، لا زندقة ، ويجري عليه أحكام المرتدّ .</p><p>4 - وقد يكون التّحقير واجباً : كما هو الحال فيمن فرضت عليه الجزية من أهل الكتاب . لقوله تعالى : { قاتِلوا الّذينَ لا يُؤْمنون باللّهِ ولا باليومِ الآخرِ ولا يُحرِّمون ما حَرَّمَ اللّهُ ورسولُه ولا يَدِينونَ دينَ الحقِّ من الّذين أُوتوا الكتابَ حتّى يُعْطُوا الجِزيةَ عن يَدٍ وهم صاغرون } أي ذليلون حقيرون مهانون . وقد اختلف الفقهاء فيما يحصل به الصّغار عند إعطائهم الجزية . انظر مصطلح ( أهل الذّمّة ، وجزية ) .</p><p>التّعزير بما فيه تحقير :</p><p>5 - من ضروب التّعزير : التّوبيخ ، وهو نوع من التّحقير . واستدلّ الفقهاء على مشروعيّة التّوبيخ في التّعزير بالسّنّة فقد ، « روى أبو ذرّ رضي الله عنه أنّه سابّ رجلاً فعيّره بأمّه ، فقال الرّسول صلى الله عليه وسلم يا أبا ذرّ : أَعَيَّرْتَه بأمِّه ؟ إنّك امرؤ فيك جاهليّةٌ » . </p><p>« وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته » . </p><p>وقد فسّر النّيل من العرض بأن يقال له مثلاً : يا ظالم . يا معتدي . وهذا نوع من التّعزير بالقول ، وقد جاء في تبصرة الحكّام لابن فرحون : وأمّا التّعزير بالقول فدليله ما ثبت في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال : اضربوه فقال أبو هريرة فمنّا الضّارب بيده ، ومنّا الضّارب بنعله ، والضّارب بثوبه » . وفي رواية « بكّتوه فأقبلوا عليه يقولون : ما اتّقيت اللّه ؟ ما خشيت اللّه ؟ ما استحييت من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » ؟ </p><p>وهذا التّبكيت من التّعزير بالقول . ( ر : تعزير ) .</p><p>6- قد يكون التّحقير بالفعل : كما هو الحال في تجريس شاهد الزّور ، فإنّ تجريسه هو إسماع النّاس به ، وهو تشهير ، وإذا كان تشهيراً كان تعزيراً . فقد ورد في التتارخانية في التّشهير بشاهد الزّور : قال أبو حنيفة في المشهور : يطاف به ويشهر ولا يضرب ، وفي السّراجيّة : وعليه الفتوى . وفي جامع العتّابيّ : التّشهير أن يطاف به في البلد وينادى عليه في كلّ محلّة : إنّ هذا شاهد الزّور فلا تشهدوه . وذكر الخصّاف في كتابه أنّه يشهر على قولهما بغير الضّرب ، والّذي روي عن عمر أنّه كان يسخّم وجهه فتأويله عند السّرخسيّ أنّه بطريق السّياسة إذا رأى المصلحة ، وعند الشّيخ الإمام أنّه التّفضيح والتّشهير ، فإنّه يسمّى سواداً . ونقل عن شريح رحمه الله أنّه كان يبعث بشاهد الزّور إلى سوقه إن كان سوقيّاً ، وإلى قومه إن كان غير سوقيّ بعد العصر أجمع ما كانوا ، ويقول آخذه : إنّ شريحاً يقرأ عليكم السّلام ويقول : إنّا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذّروا النّاس منه .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41235, member: 329"] الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّجويد : 2 - التّجويد : مصدر جوّد الشّيء ، بمعنى جعله جيّداً . وفي الاصطلاح : إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها ، وردّ الحرف إلى مخرجه وأصله ، وتلطيف النّطق به على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسّف ولا إفراط ولا تكلّف . فالتّحسين أعمّ من التّجويد لاختصاص التّجويد بالقراءة . ب - التّحلية : 3 - يقال : تحلّت المرأة : إذا لبست الحليّ أو اتّخذته ، وحلّيتها بالتّشديد تحليةً : ألبستها الحليّ أو اتّخذته لها لتلبسه . وحلّيت السّويق : جعلت فيه شيئاً حلواً حتّى حلا . ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ . والتّحسين أعمّ من التّحلية ، فقد يحسن الشّيء بغير تحليته ، كما يحسن الطّعام بتمليحه لا بتحليته . ج - التّقبيح : 4 - التّقبيح : جعل الشّيء قبيحاً ، أو نسبته إلى القبح . وهو ضدّ التّحسين . مصدر التّحسين والتّقبيح : 5 - التّحسين والتّقبيح يطلقان بثلاثة اعتبارات : الأوّل : باعتبار ملاءمة الطّبع ومنافرته ، كقولنا : ريح الورد حسن ، وريح الجيفة قبيح . الثّاني : باعتباره صفة كمال أو صفة نقص ، كقولنا : العلم حسن ، والجهل قبيح . وهذان النّوعان مصدرهما : العقل من غير توقّف على الشّرع ، لا يعلم في ذلك خلاف . والثّالث : باعتبار الثّواب والعقاب الشّرعيّين ، وهذا قد اختلف فيه : فذهب الأشاعرة إلى أنّ مصدره الشّرع ، والعقل لا يحسّن ولا يقبّح ، ولا يوجب ولا يحرّم . وقال الماتريديّة : إنّ العقل يحسّن ويقبّح ، وردّوا الحسن والقبح الشّرعيّين إلى الملاءمة والمنافرة . وذهب المعتزلة إلى أنّ العقل يحسّن ويقبّح ، ويوجب ويحرّم ، وفي ذلك تفصيل محلّه الملحق الأصوليّ . التّحسينيّات : 6 - بحث مقاصد الشّريعة من أبحاث أصول الفقه ، ويذكر علماء الأصول أنّ مقاصد الشّريعة لا تعدو ثلاثة أقسام : الأوّل : ضروريّة ، والثّاني : حاجيّة ، والثّالث : تحسينيّة . فالضّروريّة : هي الّتي لا بدّ منها لقيام مصالح الدّين والدّنيا ، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدّنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الآخرة يكون فوات النّعيم ، والرّجوع بالخسران المبين . أمّا الحاجيّة : فهي ما يفتقر إليها من حيث التّوسعة ورفع الضّيق المؤدّي في الغالب إلى الحرج والمشقّة اللّاحقة بفوت المطلوب ، فإذا لم تراع دخل على المكلّفين - على الجملة - الحرج والمشقّة دون اختلال شيء من الضّروريّات الخمسة . وأمّا التّحسينيّة : فهي الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، ويجمع ذلك مكارم الأخلاق ، والآداب الشّرعيّة . وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ . حكم التّحسين في الفقه الإسلاميّ : 7 - التّحسين مطلوب في الجملة إذا خلصت فيه النّيّة وأريد به الخير ، ومكروه أو محرّم إذا لم تخلص فيه النّيّة أو كان سبباً للوقوع في الحرام ولم يرد به الخير . ويختلف حكمه باعتبار موضوعه . وإليك بعض الأمثلة : تحسين الهيئة : 8 - يندب تحسين الهيئة العامّة من غير مبالغة ، وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك . وممّا قال في هذا : « أصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم حتّى تكونوا كأنّكم شامة في النّاس ، فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش » . ويندب تحسين اللّحية والشّاربين ، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها » . وفي صحيح مسلم « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : جُزّوا الشّواربَ وأَرْخوا اللّحى ، خالفوا المجوسَ » . 9- وتحسين وجه المرأة يكون بتنقيته من الشّعر النّابت في غير أماكنه ، فيستحبّ لها إزالته عند الحنفيّة . وإذا أمرها الزّوج بإزالته وجب عليها ذلك عند الشّافعيّة . فقد روت امرأة بن أبي الصّقر : « أنّها كانت عند عائشة رضي الله عنها ، فسألتها امرأة فقالت : يا أمّ المؤمنين إنّ في وجهي شعرات أفأنتفهنّ ، أتزيّن بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة : أميطي عنك الأذى ، وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزّيارة ، وإن أمرك فأطيعيه ، وإن أقسم عليك فأبرّيه ، ولا تأذني في بيته لمن يكره » . وقال المالكيّة : يجب على المرأة إزالة الشّعر الّذي في إزالته جمال لها ، كشعر اللّحية إن نبت لها . ويجب عليها إبقاء ما في بقائه جمال لها ، فيحرم عليها حلق شعر رأسها . ومنع من ذلك الحنابلة ، ورخّصوا بإزالته بالموسى . ومن وجوه التّحسّن للهيئة : قطع الأعضاء الزّائدة في البدن كالسّنّ الزّائدة ، والأصبع الزّائدة ، والكفّ الزّائدة ، لما فيها من التّشويه . ويقاس على ذلك سائر التّشوّهات في البدن ، ويشترط في ذلك أن تكون السّلامة هي الغالبة في إزالته . وتحسين الأسنان : يكون بالتّداوي والاستياك والتّفليج ( ويراجع حكمه في مصطلح تفليج ) ، والسّواك مستحبّ على كلّ حال . 10 - ويتأكّد تحسين المرأة هيئتها للزّوج ، وتحسين الزّوج هيئته للزّوجة . كما يتأكّد تحسين الهيئة للخروج إلى الجمعة والعيدين وللأذان . تحسين اللّباس : 11 - يستحبّ تحسين اللّباس بما لا يخرج عن العرف ، ولا يخرج عن السّنّة ، لما رواه أبو الأحوص « أنّ أباه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أشعث سيّئ الهيئة ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أما لك مالٌ ؟ قال : مِنْ كلٍّ قد آتاني اللّه عزّ وجلّ ، قال : فإنّ اللّه عزّ وجلّ إذا أنعم على عبد نعمةً أحبّ أن ترى عليه » ويكون تحسين اللّباس بما يلي : أ - أن يكون نظيفاً ، فقد « رأى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً شعثاً فقال : أما كان يجد هذا ما يسكّن به شعره ، ورأى آخر عليه ثياب وسخة فقال : أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه » . ب - أن لا يكون واسعاً سعةً تخرج عن حدّ الاحتياج ، لما في ذلك من الإسراف ، فقد كره الإمام مالك للرّجل سعة الثّوب وطوله ، قال ابن القاسم : بلغني أنّ عمر بن الخطّاب قطع كمّ رجل إلى قدر أصابع كفّه ، ثمّ أعطاه فضل ذلك ، وقال له : خذ هذا واجعله في حاجتك . ج - أن يكون منسّقاً مرتّباً على ما يقتضيه العرف ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أصلحوا رحالَكم وأصلحوا لباسَكم ، حتّى تكونوا كأنّكم شَامَةٌ في النّاس ، فإِنَّ اللّه لا يحبّ الفحشَ ولا التّفحّشَ » . ويتأكّد تحسين الثّوب للخروج للجمع والأعياد والجماعات . كما يتأكّد تحسين الثّوب للعلماء خاصّةً . تحسين الأفنية : 12 - يسنّ تحسين الأفنية والبيوت بتنظيفها وترتيبها ، عملاً بما رواه عامر بن سعد عن أبيه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّ اللّه طيّب يحبّ الطّيّب ، نظيف يحبّ النّظافة ، كريم يحبّ الكرم ، جوّاد يحبّ الجود ، فنظّفوا أفنيتكم ولا تَشَبَّهوا باليهود » . تحسين الخروج إلى المسجد : 13 - يكون تحسين الخروج إلى المسجد بما يلي : أ - إخلاص النّيّة للخروج إلى المسجد ، وعدم خلطها بنيّة أخرى كالتّمشّي ونحوه . ب - أن يزيد على نيّة الخروج لأداء الفريضة في المسجد نيّة الاعتكاف فيه . ج - الخروج إلى المسجد بغير ثياب المهنة ، لقوله تعالى : { يا بَني آدمَ خُذُوا زينَتَكم عند كلِّ مسجِدٍ } . د - الدّخول إلى المسجد برجله اليمنى . تحسين اللّقاء والسّلام وردّه : 14 - يندب تحسين لقاء المسلم ، وتحسين السّلام والرّدّ عليه ، لقوله تعالى : { وإذا حُيِّيتُم بتحيّةٍ فَحَيُّوا بأحسنَ منها أو رُدُّوها } وتحسين ردّ السّلام يكون بقول : " وعليكم السّلام ورحمة اللّه وبركاته " . تحسين الصّوت : 15- تحسين الصّوت هو : التّرنّم والتّغنّي الّذي لا يصاحبه ترديد الصّوت بالحروف ، ولا تغيير الكلمات عن وجهها ، مع التزام قواعد التّجويد . ويندب تحسين الصّوت في القرآن ، وفي الأذان ، لأنّه يجذب النّاس إليهما ، ويحبّبهم بهما ، ويشرح صدورهم لهما . أمّا التّطريب والتّلحين والتّغنّي - بمعنى الغناء - والقصر والزّيادة بالتّمطيط فهو محرّم . وقد اتّفق الفقهاء على استحباب أن يكون المؤذّن حسن الصّوت ، « لأنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اختار أبا محذورة مؤذّناً ، لحسن صوته » . تحسين المرأة صوتها بحضرة الأجانب : 16 - على المرأة إذا تكلّمت بحضرة الرّجال الأجانب أن تتكلّم بصوت طبيعيّ ليس فيه تكلّف ولا تقطيع ولا تليين ، لقوله تعالى : { يا نساءَ النَّبيِّ لَسْتُنَّ كأحدٍ من النِّساءِ إنْ اتَّقَيْتُنَّ فلا تَخْضَعْنَ بالقولِ فَيَطْمَعَ الّذي في قلبِه مَرَضٌ وقُلْنَ قَولاً معروفاً } . قال ابن كثير : هذه آداب أمر اللّه تعالى بها نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم ونساء الأمّة تبع لهنّ في ذلك . قال القرطبيّ في تفسيره { فلا تَخْضَعْنَ بالقولِ } أي لا تلنّ القول ، أمرهنّ أن يكون قولهنّ جزلاً ، وكلامهنّ فصلاً ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقةً بما يظهر عليه من اللّين. تحسين المشية : 17 - على الإنسان أن يمشي المشية المتعارفة المعتادة ، أمّا المشية المصطنعة الملفتة للأنظار فمنهيّ عنها ، ومنعها في حقّ النّساء آكد من منعها في حقّ الرّجال ، لأنّ أمر المرأة مبنيّ على السّتر قال تعالى : { ولا يَضْرِبْنَ بأرجلِهنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ منْ زِينتهنَّ } قال القرطبيّ : من فعل منهنّ ذلك فرحاً بحليّهنّ فهو مكروه ، ومن فعل منهنّ تبرّجاً وتعرّضاً للرّجال فهو حرام مذموم . وكذلك من ضرب بنعله من الرّجال ، مَنْ فعل ذلك تعجّباً حرم ، فإنّ العُجْب كبيرة ، وإن فعل ذلك تبرّجاً لم يجز . وأحسن المشي مشي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقد ورد أنّه كان إذا مشى تكفّأ ، وكان أسرع النّاس مشيةً ، وأحسنها وأسكنها وهي المرادة بقوله تعالى : { وعبادُ الرّحمنِ الّذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً } . قال غير واحد من السّلف : يعني بسكينة ووقار من غير تكبّر ولا تماوت . تحسين الخلق : 18 - تحسين الخلق مطلوب شرعاً . قال اللّه تعالى : { ولا تَمْشِ في الأرضِ مَرَحاً إنَّكَ لنْ تخرقَ الأرضَ ولنْ تَبْلُغَ الجبالَ طُولاً } وقال جلّ شأنه : { يا أيّها الّذينَ آمنوا لا يَسخرْ قومٌ منْ قومٍ عسى أنْ يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ منْ نساءٍ عسى أنْ يَكُنَّ خيراً منهنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفسَكم ولا تَنَابَزُوا بالألقابِ بئسَ الاسمُ الفُسوقُ بعدَ الإِيمانِ ومن لم يَتُبْ فأولئك هم الظّالمون يا أيّها الّذين آمنوا اجْتَنِبُوا كثيراً منَ الظَّنِّ إنَّ بعضَ الظَّنِّ إثمٌ ولا تَجَسَّسُوا ولا يغتبْ بعضُكم بعضاً أَيُحِبُّ أحدُكم أنْ يأكلَ لَحْمَ أخيه مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوه واتّقوا اللّهَ إنَّ اللّهَ توّابٌ رحيمٌ } إلى غير ذلك من الآيات الموجبة لحسن الخلق ، وقد وصف اللّه رسوله بقوله : { وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عظيمٍ } . ويتناسب تحسين الخلق مع عظم الحقّ ، فمن كان حقّه عليك أكبر كان تحسين الأخلاق معه أوجب ، ولذلك حرّم اللّه تعالى على الإنسان أن يتأفّف لأحد والديه ، لعظيم حقّهما على الولد ، قال تعالى : { فلا تَقُلْ لهما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهما وقلْ لهما قولاً كريماً } . قال البهوتيّ : يستحبّ لكلّ من الزّوجين تحسين الخلق لصاحبه والرّفق به واحتمال أذاه ، وفي حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « اسْتوصُوا بالنّساءِ خيراً ، فإِنَّ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلعٍ ». تحسين الظّنّ : أ - تحسين الظّنّ باللّه تعالى : 19 - يجب على المؤمن أن يحسن الظّنّ باللّه تعالى ، وأكثر ما يجب أن يكون إحساناً للظّنّ باللّه عند نزول المصائب وعند الموت ، قال الحطّاب : نُدبَ للمحتضَر تحسين الظّنّ باللّه تعالى ، وتحسين الظّنّ باللّه وإن كان يتأكّد عند الموت وفي المرض ، إلاّ أنّه ينبغي للمكلّف أن يكون دائماً حسن الظّنّ باللّه ، ففي صحيح مسلم : « لا يموتنّ أحدكم إلاّ وهو يحسن الظّنّ باللّه » . ب - تحسين الظّنّ بالمسلمين : 20 - على المسلم أن يحسن الظّنّ بالمسلمين ، حتّى إذا ما أخطأ أحدهم عفا عنه وصفح والْتَمَسَ له العذر . ومع إحسانه الظّنّ بالمسلمين ما دام لهم وجه ، عليه أن يتّهم نفسه ولا يحسن الظّنّ بها ، لأنّ ذلك أبعد عن الغرور ، وأسلم للقلب عن أمراض القلوب ، قال ابن الحاجّ في المدخل : إذا خرج المرء إلى الصّلاة فليحذر أن يخطر له في نفسه أنّه خير من أحد من إخوانه من المسلمين ، فيقع في البليّة العظمى ، بل يخرج محسن الظّنّ بإخوانه المسلمين ، مسيء الظّنّ بنفسه ، فيتّهم نفسه في فعل الخير . تحسين الخطّ : 21 - حسن الخطّ عصمة للقارئ من الخطأ في قراءته ، وكلّما كان الكلام أكثر حرمةً كان تحسين الخطّ فيه ألزم ، لأنّ الخطأ فيه أفحش ، وعلى هذا فتحسين الخطّ بكتابة القرآن الكريم ألزم شيء ، ثمّ يتلوه تحسين الخطّ بكتابة سنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثمّ بالآثار المرويّة عن الصّحابة والتّابعين ، ثمّ بالأحكام الشّرعيّة وهكذا .. والأصل في ذلك « قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : يا معاوية ألق الدّواة ، وحرّف القلم ، وانصب الباء ، وفرّق السّين ، ولا تعوّر الميم ، وحسّن اللّه ، ومدّ الرّحمن ، وجوّد الرّحيم » . تحسين المخطوبة : 22 - لا تمنع المرأة المخطوبة من تحسين هيئتها ولبسها عند رؤية الخاطب لها من غير ستر عيب ولا تدليس ولا سرف . تحسين المصحف : 23 - تحسين المصحف مندوب ، ويكون ذلك بتحسين خطّه ، وتعشيره ، وكتابة أسماء سوره في أوّل كلّ سورة وعدد آياتها ، وتشكيله وتنقيطه ، وعلامات وقوفه ، وتجليده . وتفصيل ذلك في الكلام عن المصحف . تحسين الذّبح : 24 - اتّفق الفقهاء على ندب تحسين ذبح الحيوان تحسيناً يؤدّي إلى إراحة الحيوان المذبوح بقدر المستطاع ، فاستحبّوا أن يحدّ الشّفرة قبل الذّبح . وكرهوا الذّبح بآلة كالّة ، لما في الذّبح بها من تعذيب للحيوان ولحديث شدّاد بن أوس رضي الله عنه : « ثِنْتانِ حفظتُهما عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ اللّهَ كتبَ الإِحسانَ على كلّ شيء ، فإِذا قَتَلتُم فَأحسِنُوا القِتْلَةَ ، وإذا ذبحتُم فأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شفرتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه » . ويندب عدم شحذ السّكّين أمام الذّبيحة ، ولا ذبح واحدة أمام أخرى ، كما يندب عرض الماء عليها قبل ذبحها . وأن يكون الذّبح في العنق لما قصر عنقه ، وفي اللّبّة لما طال عنقه كالإبل والنّعام والإوزّ لأنّه أسهل لخروج الرّوح . وإمرار السّكّين على الذّبيحة برفق وتحامل يسير ذهاباً إياباً . وأن لا يكون الذّبح من القفا ، وأن لا يقطع أعمق من الودجين والحلقوم ، ولا يكسر العنق ، ولا يقطع شيئاً منها قبل أن تزهق نفسها . وكذلك يندب تحسين القتل في القصاص أو الحدّ ، للحديث المتقدّم . تحسين المبيع : 25 - يعتبر تحسين المبيع مباحاً ما لم يكن فيه ستر عيب ، أو تغرير للمشتري ، أو تحسين مؤقّت لا يلبث أن يزول ، فإذا ظهر العيب الّذي أخفي بالتّحسين ثبت للمشتري خيار العيب . وتفصيل ذلك في ( بيع ، غرر ، خيار العيب ) . تحسين المطالبة بالدّين : 26 - يندب تحسين المطالبة بالدّين ، ويكون تحسينها : بالسّماحة بالمطالبة : لقول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « رحم اللّه رجلاً سمحاً إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى » . وأن تكون المطالبة في وقت يظنّ فيه اليسر : فقد قدم سعيد بن عامر بن حذيم على عمر بن الخطّاب فلمّا أتاه علاه عمر بالدّرّة ، فقال سعيد : يا أمير المؤمنين سبق سيلُك مطرَك ، إن تعاقبْ نَصْبر ، وإنْ تعفُ نَشْكر ، وإنْ تَسْتعتب نعتب ، فقال عمر : ما على المسلم إلاّ هذا ، ما لكَ تُبْطئ بالخراج ؟ قال سعيد : أمرتنا أن لا نزيد الفلّاحين على أربعة دنانير ، فلسنا نزيدهم على ذلك ، ولكنّا نؤخّرهم إلى غلّاتهم ، فقال عمر : لا عزلتك ما حييتُ . تحسين الميّت والكفن والقبر : 27 - يندب تحسين هيئة الميّت ، ففي تبيين الحقائق : فإذا ماتَ شدّ لحياه ، وغمّضت عيناه ، لأنّ فيه تحسينه ، إذ لو ترك على حاله لبقي فظيع المنظر ، ثمّ يغسّل . 28 - ويستحبّ تحسين كفن الميّت ، لأنّ الكفن للميّت بمثابة اللّباس للحيّ ، ولما رواه جابر رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه » . ويكون تحسين الكفن بثلاثة أمور : تحسين ذات الكفن ، وتحسين صفة الكفن ، وتحسين وضعه على الميّت . أ - أمّا تحسين ذات الكفن : فقد صرّح المالكيّة بأنّ الميّت يكفّن بمثل ما كان يلبسه في الجمع والأعياد في حياته - وهو يلبس لها أحسن ثيابه - ويقضى بذلك عند اختلاف الورثة فيه ، إن لم يكن عليه دين . ب - أمّا تحسين صفة الكفن : فإنّه يستحبّ البياض في الكفن لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعاً : « البسوا من ثيابكم البياض ، فإنّها من خير ثيابكم ، وكفّنوا بها موتاكم » والجديد أفضل من القديم ، على خلاف في ذلك بين الفقهاء . ج - أمّا تحسين كيفيّة الكفن : فيتمثّل بأن تجعل أحسن اللّفائف بحيث تظهر للنّاس ، فيظهر حسن الكفن . 29 - ويندب تحسين القبر ، ويكون تحسينه بما يلي : أ - حفره لحداً إن أمكن ، وبناء اللّحد ، وأفضل ما يبنى به اللّحد اللّبن ، ثمّ الألواح ، ثمّ القرميد ، ثمّ القصب . ب - أن يكون عمقه بقدر قامة - وهي ما يقرب من ثلاثة أذراع - وأن يكون واسعاً بحيث لا يضيق بالميّت . ج - فرش أرضه بالرّمل إن كانت الأرض صخريّةً أو كان هناك سبب آخر لذلك . د - أن يعلو عن الأرض مقدار شبر ، ويكون مسطّحاً أو مسنّماً على خلاف بين الفقهاء فيما هو الأفضل . هـ - أن يعلّم عند رأس الميّت بحجر . وليس من المستحسن - بل هو مكروه - تجصيص القبور وتطيينها والبناء عليها . تحسينيّات * التّعريف : 1 - التّحسينيّات في اللّغة : مأخوذة من مادّة الحسن ، والحسن في اللّغة بالضّمّ : الجمال . وجاء في الصّحاح أنّه ضدّ القبح . والتّحسين : التّزيين . وأمّا التّحسينيّات في اصطلاح الأصوليّين : فهي ما لا تدعو إليها ضرورة ولا حاجة ، ولكن تقع موقع التّحسين والتّيسير ورعاية أحسن المناهج في العادات والمعاملات . ومن أمثلتها : تحريم الخبائث من القاذورات والسّباع حثّاً على مكارم الأخلاق . ومن أمثلتها أيضاً : اعتبار الوليّ في النّكاح صيانةً للمرأة عن مباشرة العقد ، لكونه مشعراً بتوقان نفسها إلى الرّجال ، فلا يليق ذلك بالمروءة ، ففوّض ذلك إلى الوليّ حملاً للخلق على أحسن المناهج . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الضّروريّات : 2 - الضّروريّات يعرف معناها في اللّغة من معنى مادّة ضرّ ، والضّرّ في اللّغة : خلاف النّفع ، وضرّه وضارّه معناهما واحد ، والاسم الضّرر . وقال الأزهريّ : كلّ ما كان سوء حال وفقراً وشدّةً في بدن فهو ضرّ بالضّمّ ، وما كان ضدّ النّفع فهو بفتحها . وأمّا عند الأصوليّين : فهي الأمور الّتي لا بدّ منها في قيام مصالح الدّين والدّنيا ، وهي حفظ الدّين ، والعقل ، والنّسل ، والمال ، والنّفس . وهي أقوى مراتب المصالح بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدّنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الأخرى فوت النّجاة والنّعيم والرّجوع بالخسران المبين . ومن هنا يتبيّن الفرق بين الضّروريّات والتحسينيات ، إذ التّحسينيّات هي الأخذ بما يليق من محاسن العادات ، وتجنّب الأحوال المدنّسات الّتي تأنفها العقول الرّاجحة . ب – الحاجيّات : 3 - يعرف معناها في اللّغة من معنى الحاجة ، وهي : الاحتياج . وأمّا عند الأصوليّين : فهي الّتي يحتاج إليها ، ولكنّها لا تصل إلى حدّ الضّرورة ، فإذا لم تراع دخل على المكلّفين على الجملة الحرج والمشقّة ، ولكنّه لا يبلغ مبلغ الفساد العاديّ المتوقّع في المصالح العامّة . وتأتي في المرتبة الثّانية بعد الضّروريّات ، أمّا التّحسينيّات فتأتي في المرتبة الثّالثة . أقسام التّحسينيّات : 4 - تنقسم التّحسينيّات إلى قسمين : الأوّل : ما كان غير معارض للقواعد الشّرعيّة ، كتحريم تناول القاذورات ، فإنّ نفرة الطّباع منها معنًى يناسب حرمة تناولها حثّاً على مكارم الأخلاق . الثّاني : ما كان معارضاً للقواعد كالكتابة ، فإنّها غير محتاج إليها ، إذ لو منعت ما ضرّ ، لكنّها مستحسنة في العادة للتّوسّل بها إلى فكّ الرّقبة من الرّقّ ، وهي خارمة لقاعدة امتناع بيع الشّخص بعض ماله ببعض آخر ، إذ ما يحصّله المكاتب في قوّة ملك السّيّد له بأن يعجّز نفسه . الأحكام الإجماليّة : أ - المحافظة عليها : 5 - التّحسينيّات من الأمور الّتي قصد الشّارع المحافظة عليها ، لأنّها وإن كانت أدنى مراتب المصالح إلاّ أنّها مكمّلة للحاجيّات الّتي هي أعلى منها في المنزلة ، والحاجيّات بدورها مكمّلة للضّروريّات الّتي هي أصل لهما ، وأيضاً فإنّ ترك التّحسينيّات يؤدّي في النّهاية إلى ترك الضّروريّات ، لأنّ المتجرّئ على ترك الأخفّ بالإخلال به معرّض للتّجرّؤ على ما سواه ، ولذلك لو اقتصر المصلّي على ما هو فرض في الصّلاة لم يكن في صلاته ما يستحسن . وأيضاً فإنّ التّحسينات بالنّسبة للحاجيّات - الّتي هي آكد منها - كالنّفل بالنّسبة إلى ما هو فرض ، وكذا الحاجيّات مع الضّروريّات ، فستر العورة واستقبال القبلة بالنّسبة إلى أصل الصّلاة كالمندوب إليه ، والمندوب إليه بالجزء ينتهض أن يصير واجباً بالكلّ ، فالإخلال بالمندوب مطلقاً يشبه الإخلال بركن من أركان الواجب . ب - تعارض التّحسينيّات مع غيرها : 6 - التّحسينيّات وإن كانت مكمّلةً للحاجيّات الّتي هي أصل لها ، إلاّ أنّه يشترط في المحافظة عليها باعتبارها مكمّلةً : ألاّ تعود على أصلها بالإبطال ، فإذا كانت المحافظة عليها تؤدّي إلى ترك ما هو أعلى منها فإنّها تترك ، ومثل ذلك الحاجيّات مع الضّروريّات ، لأنّ كلّ تكملة يفضي اعتبارها إلى إبطال أصلها لا يلتفت إليها لوجهين : أحدهما : أنّ في إبطال الأصل إبطال التّكملة ، لأنّ التّكملة مع ما كمّلته كالصّفة مع الموصوف ، فإذا كان اعتبار الصّفة يؤدّي إلى ارتفاع الموصوف لزم من ذلك ارتفاع الصّفة أيضاً ، فاعتبار هذه التّكملة على هذا الوجه مؤدّ إلى عدم اعتبارها ، وهذا محال لا يتصوّر ، وإذا لم يتصوّر لم تعتبر التّكملة ، واعتبر الأصل من غير مزيد . الثّاني : أنّا لو قدّرنا تقديراً أنّ المصلحة التّكميليّة تحصل مع فوات المصلحة الأصليّة ، لكان حصول الأصليّة أولى لما بينهما من التّفاوت . وبيان ذلك أنّ حفظ النّفس مهمّ كلّيّ ، وحفظ المروآت مستحسن ، فحرمت النّجاسات حفظاً للمروآت ، وإجراءً لأهل المروآت على محاسن العادات ، فإن دعت الضّرورة إلى إحياء النّفس بتناول النّجس كان تناوله أولى . هذا وقد ذكر الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام في قواعده : أنّ المصالح إذا تعارضت حصّلت العليا منها ، واجتنبت الدّنيا منها فإنّ الأطبّاء يدفعون أعظم المرضين بالتزام بقاء أدناهما ، ويجلبون أعلى السّلامتين والصّحّتين ولا يبالون بفوات أدناهما ، فإنّ الطّبّ كالشّرع ، وضع لجلب مصالح السّلامة والعافية ، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام ، ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك ، فإن تعذّر درء الجميع أو جلب الجميع ، فإن تساوت الرّتب تخيّر ، وإن تفاوتت استعمل التّرجيح عند عرفانه والتّوقّف عند الجهل به . ج - الاحتجاج بها : 7 - ذكر الغزاليّ في المستصفى : أنّه لا يجوز الحكم بالتحسينيات بمجرّدها إن لم تعتضد بشهادة أصل ، إلاّ أنّها قد تجري مجرى وضع الضّرورات ، فلا يبعد أن يؤدّي إليها اجتهاد مجتهد ، فحينئذ إن لم يشهد الشّرع برأي فهو كالاستحسان فإن اعتضد بأصل فذاك قياس ومثل التّحسينيّات في هذا الحاجيّات . وتفصيله في الملحق الأصوليّ . تحصّن * التّعريف : 1 - من معاني التّحصّن في اللّغة والاصطلاح : الدّخول في الحصن والاحتماء به ، وفي القاموس : الحصن ، كلّ موضع حصين لا يتوصّل إلى ما في جوفه ، وفي المصباح : هو المكان الّذي لا يقدر عليه لارتفاعه ، والجمع حصون . وحصّن القرية تحصيناً بنى حولها ما يحصّنها من سور أو نحوه . ويستعمل التّحصّن أيضاً بمعنى : التّعفّف عن الرّيب ، ومنه قيل للمتعفّفة ( حصان ) . قال اللّه تعالى : { ولا تُكْرِهوا فتياتِكم على البِغَاءِ إنْ أرَدْنَ تَحَصُّناً ... } الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : 2 - التّحصّن من الكفّار المحاربين - إن جاءوا لقتال المسلمين - جائز شرعاً ، سواء أكان المسلمون في الحصن أقلّ من نصف الكفّار أو أكثر ، وذلك ليلحقهم مدد وقوّة من بلاد المسلمين المجاورة ليشدّوا أزرهم ، فيكثر عددهم ويخشاهم عدوّهم ، ولا يلحق المسلمين بتحصّنهم إثم الفرار من الزّحف ، لأنّ الإثم منوط بمن فرّ بعد لقاء المحاربين غير متحرّف لقتال ، ولا متحيّزاً إلى فئة ، وإن لقوهم خارج الحصن فلهم التّحيّز إلى الحصن ، لأنّه بمنزلة التّحرّف للقتال أو التّحيّز إلى فئة ، وهذا بلا خلاف . وإن كان الكفّار المحاربون في بلادهم مستقرّين غير قاصدين الحرب ، فحينئذ ينبغي للمسلمين أن يحتاطوا بإحكام الحصون والخنادق وشحنها بمكافئين لهم ، وتقليد ذلك للمؤتمنين من المسلمين والمشهورين بالشّجاعة . والتّفصيل موطنه مصطلح : ( جهاد ) . 3 - ويجوز أيضاً للمسلمين التّحصّن بالخنادق كما « فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق حينما جاء الأحزاب لقتاله حول المدينة » . وإليه يشير قوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمَنُوا اذْكُروا نعمةَ اللّهِ عليكم إذْ جاءَتْكم جنودٌ فأَرْسَلنا عليهم ريحاً وجُنُوداً لم تَرَوْها ، وكان اللّهُ بما تعملون بصيراً . إذْ جاءوكم مِنْ فوقِكم ومِنْ أسفلَ منكم وإذْ زَاغَتِ الأبصارُ وبلغتِ القلوبُ الحناجِرَ وتَظُنّونَ باللّهِ الظّنُوْنَا } وقد « شارك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق بنفسه مع أصحابه » . 4 - ومثل التّحصّن بالحصون والخنادق : التّحصّن بكلّ ما يحمي المسلمين من مفاجأة العدوّ لهم من الوسائل الّتي تتنوّع بحسب أنواع الخطر . وهذا يختلف باختلاف العصور والأمكنة . تحصين * انظر : إحصان ، جهاد . تحقّق * انظر : تثبّت . تحقير * التّعريف : 1 - من معاني التّحقير في اللّغة : الإذلال والامتهان والتّصغير . وهو مصدر حقّر ، والمحقّرات : الصّغائر . ويقال : هذا الأمر محقرة بك : أي حقارة . والحقير : الصّغير الذّليل . تقول : حقّر حقارةً ، وحقّره واحتقره واستحقره : إذا استصغره ورآه حقيراً . وحقّره : صيّره حقيراً ، أو نسبه إلى الحقارة . وحَقُر الشّيء حقارةً : هان قدره فلا يعبأ به ، فهو حقير . وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا . الحكم الإجماليّ : للتّحقير أحكام تعتريه : 2 - فتارةً يكون حراماً منهيّاً عنه : كما في تحقير المسلم للمسلم استخفافاً به وسخريةً منه وامتهاناً لكرامته . وفي هذا قول اللّه تبارك وتعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا يسخرْ قومٌ مِنْ قومٍ عسى أنْ يكونُوا خيراً منهم ، ولا نساءٌ مِنْ نساءٍ عسى أنْ يَكُنَّ خيراً منهنَّ ، ولا تَلْمِزُوا أنفسَكم ولا تَنَابَزُوا بالألقابِ بئسَ الاسمُ الفُسوقُ بعدَ الإِيمانِ ومَنْ لم يتُبْ فأولئك هم الظّالمون } ونحوها من الآيات . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا تَحَاسدوا ولا تَنَاجشوا ولا تَبَاغضوا ولا تدابروا ، ولا يَبِعْ بعضُكم على بيعِ بعض ، وكونوا عبادَ اللّهِ إخواناً المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقّره التّقوى هاهنا . ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلمَ . كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ دمُه ومالُه وعرضُه » . وفيه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقالُ ذرّةٍ من كِبْر . فقال رجل : إنَّ الرّجلَ يحبّ أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنةً . قال : إنَّ اللّهَ جميلٌ يحبّ الجمال . الكبر بَطَر الحقِّ وغَمْطُ النّاس » وفي رواية « وغمص النّاس » ، وبطر الحقّ : هو دفعه وإبطاله ، والغمط والغمص معناهما واحد ، وهو : الاحتقار . قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى : { بئس الاسمُ الفسوقُ بعدَ الإِيمان } قيل معناه : من لقّب أخاه أو سخر به فهو فاسق . قال ابن حجر الهيتميّ : السّخرية : الاستحقار والاستهانة والتّنبيه على العيوب والنّقائص يوم يضحك منه ، وقد يكون بالمحاكاة بالفعل أو القول أو الإشارة أو الإيماء ، أو الضّحك على كلامه إذا تخبّط فيه أو غلط ، أو على صنعته ، أو قبيح صورته . فمن ارتكب شيئاً من التّحقير ممّا هو ممنوع كان قد ارتكب محرّماً يعزّر عليه شرعاً تأديباً له . وهذا التّعزير مفوّض إلى رأي الإمام ، وفق ما يراه في حدود المصلحة وطبقاً للشّرع ، كما هو مبيّن في مصطلح ( تعزير ) ، لأنّ المقصود منه الزّجر ، وأحوال النّاس فيه مختلفة ، فلكلّ ما يناسبه منه . وهذا إن قصد بهذه الأمور التّحقير . أمّا إن قصد التّعليم أو التّنبيه على الخطأ أو نحو ذلك - ولم يقصد تحقيراً - فلا بأس به ، فيعرف قصده من قرائن الأحوال . 3 - هذا وقد يصل التّحقير المحرّم إلى أن يكون ردّةً ، وذاك إذا حقّر شيئاً من شعائر الإسلام ، كتحقير الصّلاة والأذان والمسجد والمصحف ونحو ذلك ، قال اللّه تعالى في وصف المنافقين { ولئنْ سألتَهم لَيقولُنَّ إنّما كنَّا نخوضُ ونلعبُ قل أباللّهِ وآياتِه ورسولِه كنتم تستهزئون . لا تعتذروا قد كفرتمْ بعدَ إيمانكم } ، وقال تعالى فيهم أيضاً : { وإذا ناديتمْ إلى الصّلاةِ اتَّخذوها هُزُواً وَلَعِبَاً } . ونقل في فتح العليّ لمالك : أنّ رجلاً كان يزدري الصّلاة ، وربّما ازدرى المصلّين وشهد عليه ملأ كثير من النّاس ، منهم من زكّى ومنهم من لم يزكّ . فمن حمله على الازدراء بالمصلّين لقلّة اعتقاده فيهم فهو من سباب المسلم ، فيلزمه الأدب على قدر اجتهاد الحاكم . ومن يحمله على ازدراء العبادة فالأصوب أنّه ردّة ، لإظهاره إيّاه وشهرته به ، لا زندقة ، ويجري عليه أحكام المرتدّ . 4 - وقد يكون التّحقير واجباً : كما هو الحال فيمن فرضت عليه الجزية من أهل الكتاب . لقوله تعالى : { قاتِلوا الّذينَ لا يُؤْمنون باللّهِ ولا باليومِ الآخرِ ولا يُحرِّمون ما حَرَّمَ اللّهُ ورسولُه ولا يَدِينونَ دينَ الحقِّ من الّذين أُوتوا الكتابَ حتّى يُعْطُوا الجِزيةَ عن يَدٍ وهم صاغرون } أي ذليلون حقيرون مهانون . وقد اختلف الفقهاء فيما يحصل به الصّغار عند إعطائهم الجزية . انظر مصطلح ( أهل الذّمّة ، وجزية ) . التّعزير بما فيه تحقير : 5 - من ضروب التّعزير : التّوبيخ ، وهو نوع من التّحقير . واستدلّ الفقهاء على مشروعيّة التّوبيخ في التّعزير بالسّنّة فقد ، « روى أبو ذرّ رضي الله عنه أنّه سابّ رجلاً فعيّره بأمّه ، فقال الرّسول صلى الله عليه وسلم يا أبا ذرّ : أَعَيَّرْتَه بأمِّه ؟ إنّك امرؤ فيك جاهليّةٌ » . « وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته » . وقد فسّر النّيل من العرض بأن يقال له مثلاً : يا ظالم . يا معتدي . وهذا نوع من التّعزير بالقول ، وقد جاء في تبصرة الحكّام لابن فرحون : وأمّا التّعزير بالقول فدليله ما ثبت في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب فقال : اضربوه فقال أبو هريرة فمنّا الضّارب بيده ، ومنّا الضّارب بنعله ، والضّارب بثوبه » . وفي رواية « بكّتوه فأقبلوا عليه يقولون : ما اتّقيت اللّه ؟ ما خشيت اللّه ؟ ما استحييت من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » ؟ وهذا التّبكيت من التّعزير بالقول . ( ر : تعزير ) . 6- قد يكون التّحقير بالفعل : كما هو الحال في تجريس شاهد الزّور ، فإنّ تجريسه هو إسماع النّاس به ، وهو تشهير ، وإذا كان تشهيراً كان تعزيراً . فقد ورد في التتارخانية في التّشهير بشاهد الزّور : قال أبو حنيفة في المشهور : يطاف به ويشهر ولا يضرب ، وفي السّراجيّة : وعليه الفتوى . وفي جامع العتّابيّ : التّشهير أن يطاف به في البلد وينادى عليه في كلّ محلّة : إنّ هذا شاهد الزّور فلا تشهدوه . وذكر الخصّاف في كتابه أنّه يشهر على قولهما بغير الضّرب ، والّذي روي عن عمر أنّه كان يسخّم وجهه فتأويله عند السّرخسيّ أنّه بطريق السّياسة إذا رأى المصلحة ، وعند الشّيخ الإمام أنّه التّفضيح والتّشهير ، فإنّه يسمّى سواداً . ونقل عن شريح رحمه الله أنّه كان يبعث بشاهد الزّور إلى سوقه إن كان سوقيّاً ، وإلى قومه إن كان غير سوقيّ بعد العصر أجمع ما كانوا ، ويقول آخذه : إنّ شريحاً يقرأ عليكم السّلام ويقول : إنّا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذّروا النّاس منه . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية