الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41245" data-attributes="member: 329"><p>عقوبة متناول المخدّرات :</p><p>15 - اتّفق الفقهاء على أنّ متناول المخدّرات للتّداوي ولو زال عقله لا عقوبة عليه ، من حدّ أو تعزير . أمّا إذا تناول القدر المزيل للعقل بدون عذر فإنّه لا حدّ عليه أيضاً عند جماهير العلماء - إلاّ ما ذهب إليه ابن تيميّة في إيجاب الحدّ على من سكر من الحشيشة ، مفرّقاً بينها وبين سائر المخدّرات . بأنّ الحشيشة تشتهى وتطلب بخلاف البنج ، فالحكم عنده منوط باشتهاء النّفس . واتّفق الفقهاء أيضاً على تعزير متناول المخدّرات بدون عذر ، لكن ذهب الشّافعيّة إلى أنّ الأفيون وغيره إذا أذيب واشتدّ وقذف بالزّبد ، فإنّه يلحق بالخمر في النّجاسة والحدّ ، كالخبز إذا أذيب وصار كذلك ، بل أولى . وقيّد الشّافعيّة عقوبة متناول المخدّرات بما إذا لم يصل إلى حالة تلجئه إلى ذلك كما سبق ، فإن وصل إلى تلك الحالة لا يعزّر ، بل يجب عليه الإقلاع عنه إمّا باستعمال ضدّه أو تقليله تدريجيّاً .</p><p></p><p>تخذيل *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّخذيل لغةً : حمل الرّجل على خذلان صاحبه ، وتثبيطه عن نصرته ، يقال : خذلته تخذيلاً : حملته على الفشل وترك القتال . </p><p>واصطلاحاً : صدّ النّاس عن الغزو وتزهيدهم في الخروج إليه . </p><p> الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :</p><p>2 - يحرم تخذيل المجاهدين عن الجهاد بأيّ وسيلة حصل من قول أو فعل . قال اللّه تعالى في ذمّ المخذّلين : { قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ المُعَوِّقين منكم والقائلينَ لإِخوانِهم هَلُمَّ إلينا ولا يَأْتُونَ البَأْسَ إلاّ قَلِيلاً } . وقال أيضاً في شأن المنافقين : { فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ اللّهِ وكَرِهُوا أنْ يُجَاهِدُوا بأموالِهم وأَنفسِهم في سبيلِ اللّهِ وقالوا لا تَنْفِروا في الحَرِّ قلْ نارُ جهنَّمَ أشدُّ حَرَّاً لو كانوا يَفْقَهُون } .</p><p>استصحاب المخذّل والمرجف :</p><p>3 - لا يستصحب الأمير معه مخذّلاً ، وهو الّذي يثبّط النّاس عن الغزو ويزهّدهم في الخروج إلى القتال والجهاد ، مثل أن يقول : الحرّ أو البرد شديد ، والمشقّة شديدة ، ولا تؤمن هزيمة هذا الجيش وأشباه هذا . ولا مرجفاً وهو الّذي يقول : قد هلكت سريّة المسلمين ، وما لهم مدد ولا طاقة لهم بالكفّار ، والكفّار لهم قوّة ومدد وصبر ، ولا يثبت لهم أحد ونحو هذا ، ولا من يعين على المسلمين بالتّجسّس للكفّار وإطلاعهم على عورات المسلمين ومكاتبتهم بأخبارهم ودلالتهم على عوراتهم أو إيواء جواسيسهم ، ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بالفساد ، لقوله تعالى : { ولو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعدُّوا له عُدَّةً ولكن كَرِهَ اللّهُ انْبِعَاثَهم فَثَبَّطَهم وقيل اقعُدُوا مع القَاعِدين لو خَرَجُوا فيكم ما زَادُوكم إلاّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكم يَبْغُونَكم الفِتْنَةَ } ولأنّ هؤلاء مضرّة على المسلمين فيلزمه منعهم ، وإن خرج معه أحد هؤلاء لم يسهم له ولم يرضخ وإن أظهر عون المسلمين ، لأنّه يحتمل أن يكون أظهره نفاقاً وقد ظهر دليله ، فيكون مجرّد ضرر فلا يستحقّ ممّا غنموا شيئاً . </p><p>وإن كان الأمير أحد هؤلاء لم يستحبّ الخروج معه ، لأنّه إذا منع خروج المخذّل ومن في حكمه تبعاً فمتبوعاً أولى ، ولأنّه لا تؤمن المضرّة على من صحبه .</p><p></p><p>تخريب *</p><p>انظر : جهاد .</p><p></p><p>تخريج المناط *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّخريج والاستخراج بمعنًى واحد كالاستنباط والمناط : موضع التّعليق . </p><p>ومناط الحكم عند الأصوليّين : علّته . </p><p>وتخريج المناط هو : النّظر والاجتهاد في إثبات علّة الحكم ، إذا دلّ النّصّ أو الإجماع على الحكم دون علّته ، وذلك أن يستخرج المجتهد العلّة برأيه . كالاجتهاد في إثبات كون الشّدّة المطربة علّةً لتحريم شرب الخمر ، وكون القتل العمد العدوان علّةً لوجوب القصاص في المحدّد ، وكون الطّعم علّة ربا الفضل في البرّ ونحوه حتّى يقاس عليه كلّ ما سواه في علّته </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>المناسبة :</p><p>2 - وهي : تعيين العلّة بإبداء وجود العلاقة بين الوصف والحكم ، بحيث يدركه العقل السّليم مع السّلامة من القوادح . ويسمّى استخراج المناسبة : تخريج المناط . </p><p>وبذلك يكون تخريج المناط أعمّ من المناسبة ، إذ قد يكون باستخراج المناسبة أو بغيرها .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>3 - عدّ بعض الأصوليّين تخريج المناط مسلكاً من مسالك العلّة ، إذ هو اجتهاد في استخراجها ، لكنّه يعتبر في الرّتبة دون تحقيق المناط وتنقيحه . </p><p>ولذلك اختلف الأصوليّون في الأخذ به ، فأنكره أهل الظّاهر والشّيعة وطائفة من المعتزلة البغداديّين ، وقال الغزاليّ عنه : العلّة المستنبطة عندنا لا يجوز التّحكّم بها ، بل قد تعلم بالإيماء وإشارة النّصّ فتلحق بالمنصوص ، وقد تعلم بالسّبر .. إلخ ثمّ قال : وكلّ ذلك قريب من القسمين الأوّلين ( تحقيق المناط وتنقيحه ) والقسم الأوّل ( تحقيق المناط ) متّفق عليه ، والثّاني ( تنقيح المناط ) مسلّم من الأكثرين . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ .</p><p></p><p>تخصّر *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - للتّخصّر في اللّغة معان ، منها : أنّه وضع اليد على الخصر ، ومثله الاختصار . والخصر من الإنسان : وسطه وهو المستدقّ فوق الوركين ، والجمع خصور ، مثل فلس وفلوس . والخصران والخاصرتان : معروفان . </p><p>والاختصار والتّخصّر : أن يضع الرّجل يده على خصره في الصّلاة أو غيرها من الاتّكاء على المخصرة ، وهي : ما يتوكّأ عليه من عصاً ونحوها . وفي رواية عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « أنّه نهى أن يصلّي الرّجل مختصراً ومتخصّراً » . </p><p>قيل : هو من المخصرة ، وقيل : معناه أن يصلّي الرّجل وهو واضع يده على خاصرته ، وجاء في الحديث : « الاختصار في الصّلاة راحة أهل النّار » أي أنّه فعل اليهود في صلاتهم . وهم أهل النّار قال ابن منظور : ليس الرّاحة المنسوبة لأهل النّار هي راحتهم في النّار ، إذ لا راحة لهم فيها ، وإنّما هي راحتهم في صلاتهم في الدّنيا . يعني أنّه إذا وضع يده على خصره كأنّه استراح بذلك ، وسمّاهم أهل النّار لمصيرهم إليها ، لا لأنّ ذلك راحتهم في النّار . وهو : أي التّخصّر في الاصطلاح لا يخرج عن ذلك .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ التّخصّر في الصّلاة مكروه ، أي تنزيهاً . </p><p>وذهب الحنفيّة إلى أنّه مكروه تحريماً ، لمنافاته هيئة الصّلاة المأثورة ، والتّشبّه بالجبابرة ، وقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك . روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى أن يصلّي الرّجل مختصراً » وعنه رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الخصر في الصّلاة » والمراد وضع اليد على الخاصرة . وفي رواية : « نهى أن يصلّي الرّجل متخصّراً » - بتشديد الصّاد - وهو أن يضع يده على خاصرته - وهو يصلّي - ما لم تكن به حاجة تدعو إلى وضعها . فإن كان به عذر كمن وضع يده على خاصرته لوجع في جنبه أو تعب في قيام اللّيل ، فتخصّر ، جاز له ذلك في حدود ما تقتضي به الحاجة ، ويقدّر ذلك بقدرها . </p><p>وفيه ورد حديث : « المتخصّرون يوم القيامة على وجوههم النّور » . وقال ثعلب : أي المصلّون باللّيل ، فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم . وتابعه صاحب القاموس ففسّر الحديث بغير ذلك . وروى أبو داود والنّسائيّ من طريق سعيد بن زياد قال : « صلّيت إلى جنب ابن عمر فوضعت يديّ على خاصرتيّ . فلمّا صلّى قال : هذا . الصّلب في الصّلاة ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينهى عنه » .</p><p>وأمّا التّخصّر خارج الصّلاة فقد جاء في تنوير الأبصار وشرحه : أنّه مكروه تنزيهاً . </p><p>لأنّه فعل المتكبّرين ( ر : الصّلاة : مكروهات الصّلاة ) .</p><p>وأمّا الاختصار بمعنى الاتّكاء في الصّلاة على المخصرة أو غيرها فقد سبق تفصيل حكمه في مصطلح ( استناد ) .</p><p>الاتّكاء على المخصرة ونحوها في خطبة الجمعة :</p><p>3 - توكّؤ الخطيب على المخصرة في حال خطبة الجمعة مندوب عند المالكيّة ، وهو أيضاً من سنن الخطبة عند الشّافعيّة والحنابلة . ويجعلها بيمينه عند المالكيّة ، ويستحبّ عند الشّافعيّة أن يجعلها في يده اليسرى كعادة من يريد الضّرب بالسّيف والرّمي بالقوس ، ويشغل يده اليمنى بحرف المنبر . </p><p>وجاء في كشّاف القناع من كتب الحنابلة : أن يجعلها بإحدى يديه ، إلاّ أنّ صاحب الفروع ذكر أنّه يتوجّه باليسرى ويعتمد بالأخرى على حرف المنبر ، فإن لم يجد شيئاً يعتمد عليه ، فقد ذكر الشّافعيّة أنّه يجعل اليمنى على اليسرى أو يرسلهما ولا يعبث بهما . </p><p>وذهب الحنفيّة - كما جاء في الفتاوى الهنديّة - إلى كراهة اتّكاء الخطيب على قوس أو عصاً في أثناء الخطبة من يوم الجمعة ، وإنّما يتقلّد الخطيب السّيف في كلّ بلدة فتحت به . ومثل العصا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : القوس والسّيف ، والعصا أولى من القوس والسّيف عند المالكيّة ، والمراد بالقوس كما جاء في الدّسوقيّ قوس النّشاب ، وهي القوس العربيّة لطولها واستقامتها ، لا العجميّة لقصرها وعدم استقامتها . </p><p>واستدلّ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة على ما ذهبوا إليه من اتّكاء الخطيب على المخصرة في حال الخطبة من يوم الجمعة بما رواه أبو داود عن الحكم بن حزن : قال : « وفدت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة ، فقام متوكّئاً على سيف أو قوس أو عصا مختصراً » . قال مالك : وذلك ممّا يستحبّ للأئمّة أصحاب المنابر أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصا ، يتوكّئون عليها في قيامهم ، وهو الّذي رأينا وسمعنا .</p><p></p><p>تخصيص *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - تخصيص الإنسان بالشّيء : تفضيله به على غيره . </p><p>وفي اصطلاح جمهور الأصوليّين يطلق على : قصر العامّ على بعض ما يتناوله بدليل يدلّ على ذلك ، سواء أكان هذا الدّليل مستقلاً أم غير مستقلّ ، مقارناً أم غير مقارن . </p><p>وعند الحنفيّة : قصر العامّ على بعض أفراده بدليل مستقلّ مقارن ، فخرج الاستثناء والصّفة ونحوهما ، لأنّ القصر حصل فيما ذكر بدليل غير مستقلّ . وخرج النّسخ ، لأنّه قصر بدليل غير مقارن .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - النّسخ :</p><p>2 - النّسخ هو : الرّفع والإزالة . </p><p>وفي اصطلاح الأصوليّين : رفع الشّارع الحكم المتقدّم بحكم متأخّر بدليل يدلّ على ذلك . فالفرق بين النّسخ وبين التّخصيص : أنّ التّخصيص ليس فيه رفع للحكم ، وأمّا النّسخ فهو رفع الحكم بعد ثبوته . والتّخصيص قصر بدليل مقارن عند الحنفيّة ، والنّسخ فيه تراخ .</p><p>ب - التّقييد :</p><p>3 - التّقييد : تقليل شيوع اللّفظ المطلق باقترانه بلفظ آخر يدلّ على تقييده بشرط أو صفة أو حال أو نحو ذلك . ومثاله لفظ " رجل " إذا اقترن بلفظ " مؤمن " مثلاً ، وقيل : رجل مؤمن ، فإنّ لفظ " رجل " مطلق وهو شائع ومنتشر في كلّ ما يصدق عليه معناه ، وهو أي ذكر بالغ من نوع الإنسان ، مؤمناً كان أو غير مؤمن ، ولمّا اقترن به لفظ " مؤمن " قلّل من شيوعه وانتشاره ، وجعله مقصوراً على من كان مؤمناً دون غيره . </p><p>فالتّقييد إنّما يكون للألفاظ المطلقة ، ليقلّل من شيوعها وانتشارها فيما يصدق عليه معناها ، ويجعلها مقصورةً على ما يوجد فيه القيد دون ما عداه . </p><p>أمّا التّخصيص : فإنّه يكون في الألفاظ العامّة ، ليقلّل من شمولها ويقصرها على بعض ما يصدق عليه معناها دون بعضها الآخر .</p><p>ج - الاستثناء :</p><p>4 - الاستثناء : إخراج من متعدّد بإلاّ أو إحدى أخواتها . أو هو المنع من دخول بعض ما يتناوله صدر الكلام في حكمه بإلاّ أو إحدى أخواتها . </p><p>والاستثناء نوع من المخصّصات للعامّ عند جمهور الأصوليّين ، وليس مخصّصاً للعامّ عند الحنفيّة ، وإنّما هو قاصر للعامّ على بعض أفراده .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>5 - التّخصيص جائز عقلاً وواقع استقراءً ، ويجوز التّخصيص إلى واحد ، إذا لم يكن لفظ العامّ جمعاً ، وإلى أقلّ الجمع إذا كان جمعاً . </p><p>ويجوز التّخصيص بالعقل عند الحنفيّة كما يجوز باللّفظ .</p><p>واختلف الأصوليّون في أنّ العامّ بعد التّخصيص يبقى عامّاً في الباقي بطريق الحقيقة أم يصير مجازاً ؟ والأشبه أنّه حقيقة في البعض الباقي ، وهذا رأي الحنابلة وكثير من الحنفيّة والشّافعيّة ، وقيّده بعضهم بأن كان الباقي غير منحصر ، وبعضهم بقيود أخرى . </p><p>قال البزدويّ : من شرط في العامّ الاجتماع دون الاستغراق قال : إنّه يبقى حقيقةً في العموم بعد التّخصيص ، ومن قال : شرطه الاستيعاب والاستغراق قال : يصير مجازاً بعد التّخصيص ، وإن خصّ منه فرد واحد .</p><p>وهل يبقى العامّ حجّةً بعد التّخصيص أم لا ؟ قال أكثر الأصوليّين ، وهو الصّحيح في مذهب الحنفيّة : إنّ العامّ يبقى حجّةً بعد التّخصيص ، معلوماً كان المخصوص أو مجهولاً . وبعضهم قيّد حجّيّته بما إذا كان المخصوص معلوماً لا مجهولاً . وقال الكرخيّ : لا يبقى حجّةً أصلاً ، وهو قول أبي ثور من الشّافعيّة . وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ .</p><p></p><p>تخطّي الرّقاب*</p><p>التّعريف :</p><p>1 - يقال في اللّغة : تخطّى النّاس واختطاهم أي : جاوزهم . ويقال : تخطّيت رقاب النّاس إذا تجاوزتهم . قال ابن المنير : التّفرقة بين اثنين المنهيّ عنها بقوله صلى الله عليه وسلم : « فلم يفرِّق بين اثنين » تتناول القعود بينهما وإخراج أحدهما والقعود مكانه . </p><p>وقد يطلق على مجرّد التّخطّي . وفي التّخطّي زيادة رفع رجليه على رءوسهما أو أكتافهما ، وربّما تعلّق بثيابهما شيء ممّا في رجليه . ولا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا . </p><p>حكمه الإجماليّ :</p><p>2 - لتخطّي الرّقاب أحكام تختلف باختلاف حالاته . </p><p>ففي الجمعة إمّا أن يكون المتخطّي هو الإمام أو غيره . </p><p>فإن كان المتخطّي هو الإمام ، ولم يكن له طريق إلاّ أن يتخطّى رقاب النّاس ليصل إلى مكانه ، جاز له ذلك بغير كراهة ، لأنّه موضع حاجة . </p><p>وإن كان غير الإمام : فعند الحنفيّة : إمّا أن يكون دخوله المسجد قبل أن يشرع الإمام في الخطبة أو بعد الشّروع فيها . </p><p>فإن كان قبله : فإنّه لا بأس بالتّخطّي إن كان لا يجد إلاّ فرجةً أمامه ، فيتخطّى إليها للضّرورة ، ما لم يؤذ بذلك أحداً ، لأنّه يندب للمسلم أن يتقدّم ويدنو من المحراب إذا لم يكن أثناء الخطبة ، ليتّسع المكان لمن يجيء بعده ، وينال فضل القرب من الإمام . </p><p>فإذا لم يفعل الأوّل ذلك فقد ضيّع المكان من غير عذر ، فكان للّذي جاء بعده أن يأخذ ذلك المكان وإن كان دخوله المسجد والإمام يخطب : فإنّ عليه أن يستقرّ في أوّل مكان يجده ، لأنّ مشيه في المسجد وتقدّمه في حالة الخطبة منهيّ عنه ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « فلم يفرّق بين اثنين » وقوله : « ولم يتخطّ رَقَبَةَ مسلم ، ولم يؤذ أحداً » وقوله « للّذي جاء يتخطّى رقاب النّاس : اجلس : فقد آذيت وآنيت » . </p><p>وعند المالكيّة يجوز لداخل المسجد أن يتخطّى الصّفوف لفرجة قبل جلوس الخطيب على المنبر ، ولا يجوز التّخطّي بعده ولو لفرجة . </p><p>وقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة على أنّه إن لم يكن للدّاخل موضع وبين يديه فرجة لا يصل إليها إلاّ بتخطّي رجل أو رجلين لم يكره له ذلك ، لأنّه يسير . وإن كان بين يديه خلق كثير ، فإن رجا إذا قاموا إلى الصّلاة أن يتقدّموا جلس حتّى يقوموا ، وإن لم يرج أن يتقدّموا جاز أن يتخطّى ليصل إلى الفرجة ، لأنّه موضع حاجة ، وهذه إحدى الرّوايتين عن أحمد ، وفي رواية أخرى أنّ للدّاخل إذا رأى فرجةً لا يصل إليها إلاّ بالتّخطّي جاز له ذلك .</p><p>3 - وإذا جلس في مكان ، ثمّ بدت له حاجة أو احتاج الوضوء فله الخروج ولو بالتّخطّي . « قال عقبة : صلّيت وراء النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلّم ، ثمّ قام مسرعاً فتخطّى رقاب النّاس إلى بعض حجر نسائه ، فقال : ذكرت شيئاً من تِبْرٍ عندنا ، فكرهت أن يحبسني ، فأمرت بقسمته » فإذا قام من مجلسه ثمّ رجع إليه فهو أحقّ به ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من قام من مجلسه ثمّ رجع إليه فهو أحقّ به » وحكمه في التّخطّي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرجةً على نحو ما مرّ .</p><p>4 - ويجوز التّخطّي بعد الخطبة وقبل الصّلاة ، ولو لغير فرجة ، كمشي بين الصّفوف ولو حال الخطبة . قال به المالكيّة . والتّخطّي للسّؤال كرهه الحنفيّة ، فلا يمرّ السّائل بين يدي المصلّي ، ولا يتخطّى رقاب النّاس ، ولا يسأل النّاس إلحافاً إلاّ إذا كان لأمر لا بدّ منه .</p><p>ويجوز تخطّي رقاب الّذين يجلسون على أبواب المساجد حيث لا حرمة لهم ، على ما هو المشهور عند الحنابلة .</p><p>5 - ويكره التّخطّي في غير الصّلاة من مجامع النّاس بلا أذًى ، فإن كان فيه أذًى حرم .</p><p>6 - ويحرم إقامة شخص ، ولو في غير المسجد ، ليجلس مكانه ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقيم الرّجل الرّجل من مجلسه ، ثمّ يجلس فيه ولكن يقول تفسّحوا وتوسّعوا » وقال صلى الله عليه وسلم : « من سَبَق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له » وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرّجل من مجلسه ، ثمّ يجلس مكانه . فإن قعد واحد من النّاس في موضع من المسجد ، لا يجوز لغيره أن يقيمه حتّى يقعد مكانه ، لما روى مسلم عن أبي الزّبير عن جابر رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ثمّ ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه ، ولكن يقول : افسحوا » قال تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تَفَسَّحُوا في المجالسِ فافْسَحُوا يَفْسَحِ اللّهُ لكم } فإن قام رجل وأجلسه مكانه باختياره جاز له أن يجلس . </p><p>وأمّا صاحب الموضع فإنّه إن كان الموضع الّذي ينتقل إليه مثل الأوّل في سماع كلام الإمام لم يكره له ذلك ، وإن كان الموضع الّذي انتقل إليه دون الّذي كان فيه في القرب من الإمام كره له ذلك ، لأنّه آثر غيره في القربة ، وفيه تفويت حظّه .</p><p>7 - وإذا أمر إنسان إنساناً أن يبكّر إلى الجامع فيأخذ له مكاناً يقعد فيه لا يكره ، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع ، لما روي أنّ ابن سيرين كان يرسل غلامه إلى مجلس له في يوم الجمعة ، فيجلس له فيه ، فإذا جاء قام له منه .</p><p></p><p>تخفيف *</p><p>انظر : تيسير .</p><p></p><p>تخلّل *</p><p>انظر : تخليل .</p><p></p><p>تخلّي *</p><p>انظر : قضاء الحاجة .</p><p></p><p>تخليل *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّخليل لغةً يأتي بمعان ، منها : تفريق شعر اللّحية وأصابع اليدين والرّجلين ، يقال : خلّل الرّجل لحيته : إذا أوصل الماء إلى خلالها ، وهو البشرة الّتي بين الشّعر . </p><p>وأصله من إدخال الشّيء في خلال الشّيء ، وهو وسطه . ويقال : خلّل الشّخص أسنانه تخليلاً : إذا أخرج ما يبقى من المأكول بينها . وخلّلت النّبيذ تخليلاً : جعلته خلاً . </p><p>ويستعمل الفقهاء كلمة التّخليل بهذه المعاني اللّغويّة . </p><p>أحكام التّخليل بأنواعه :</p><p>أوّلاً : التّخليل في الطّهارة :</p><p>أ - تخليل الأصابع في الوضوء والغسل :</p><p>2 - إيصال الماء بين أصابع اليدين والرّجلين بالتّخليل أو غيره من متمّمات الغسل ، فهو فرض في الوضوء والغسل عند جميع الفقهاء ، لقوله تعالى : { فاغْسِلُوا وجوهَكم وأَيدِيَكم إلى المَرَافِقِ وامْسَحُوا برءوسِكم وأرجلَكم إلى الكعبينِ } . </p><p>أمّا التّخليل بعد دخول الماء خلال الأصابع ، فعند جمهور الفقهاء " الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة " أنّ تخليل الأصابع في الوضوء سنّة ، « لقوله صلى الله عليه وسلم لِلَقِيط بن صبرة : أسبغ الوضوء ، وخلّل بين الأصابع » ، وقد صرّح الحنفيّة بأنّه سنّة مؤكّدة ، والحنابلة يرون أنّ التّخليل في أصابع الرّجلين آكد ، وعلّلوا استحباب التّخليل بأنّه أبلغ في إزالة الدّرن والوسخ من بين الأصابع . </p><p>وذهب المالكيّة في المشهور عندهم إلى وجوب التّخليل في أصابع اليدين واستحبابه في أصابع الرّجلين ، وقالوا : إنّما وجب تخليل أصابع اليدين دون أصابع الرّجلين لعدم شدّة التصاقها ، فأشبهت الأعضاء المستقلّة ، بخلاف أصابع الرّجلين لشدّة التصاقها ، فأشبه ما بينها الباطن . وفي القول الآخر عندهم : يجب التّخليل في الرّجلين كاليدين . </p><p>ومراد المالكيّة بوجوب التّخليل إيصال الماء للبشرة بالدّلك .</p><p>3 - وكذلك يسنّ تخليل أصابع اليدين والرّجلين في الغسل عند الحنفيّة ، وهو المفهوم من كلام الشّافعيّة والحنابلة ، حيث ذكروا في بيان الغسل الكامل المشتمل على الواجبات والسّنن أن يتوضّأ كاملاً قبل أن يحثو على رأسه ثلاثاً ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « ثمّ يتوضّأ كما يتوضّأ للصّلاة » وقد سبق أنّ تخليل الأصابع سنّة عندهم في الوضوء ،فكذلك في الغسل. وذهب المالكيّة في المعتمد عندهم إلى وجوب تخليل أصابع الرّجلين كأصابع اليدين في الغسل ،لأنّه يتأكّد فيه المبالغة على خلاف ما قالوا في الوضوء من استحباب تخليل أصابع الرّجلين. </p><p>ب - تخليل الأصابع في التّيمّم :</p><p>4 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ مسح الوجه واليدين فرض في التّيمّم ، لقوله تعالى : { فَامْسَحُوا بِوجُوهِكُم وأَيْدِيْكُم منه } .</p><p>كذلك يجب تعميم واستيعاب محلّ الفرض بغير خلاف بين المذاهب الأربعة ، ولهذا صرّحوا بوجوب نزع الخاتم والسّوار إذا كانا ضيّقين يخشى عدم وصول الغبار إلى ما تحتهما ، حتّى إنّ المالكيّة قالوا بوجوب نزع الخاتم ، ولو كان واسعاً ، وإلاّ كان حائلاً . وعلى ذلك يجب تخليل أصابع اليدين في التّيمّم إن لم يدخل بينها غبار ، أو لم تمسح باتّفاق الفقهاء .</p><p>أمّا تخليل أصابع اليدين بعد مسحهما ، فقد صرّح الشّافعيّة والحنابلة باستحبابه احتياطاً ، وهو عند الشّافعيّة إن فرّق أصابعه في الضّربتين ، فإن لم يفرّقها فيهما ، أو فرّقها في الأولى دون الثّانية وجب التّخليل . ويفهم من كلام الحنفيّة ما يوافق ما صرّح به الشّافعيّة والحنابلة ، حيث قيّد الحنفيّة وجوب التّخليل بعدم وصول الغبار إلى الأصابع . </p><p>وذهب المالكيّة في الرّاجح عندهم إلى أنّه يلزم تعميم يديه لكوعيه مع تخليل أصابعه مطلقاً .</p><p>كيفيّة تخليل الأصابع :</p><p>5 - صرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّ تخليل أصابع اليدين يكون بالتّشبيك بينهما . </p><p>وقال المالكيّة والحنابلة : يدخل أصابع إحداهما بين أصابع الأخرى ، سواء أدخل من الظّاهر أو الباطن ، ولا يكرهون التّشبيك في الوضوء . </p><p>وقال بعض المالكيّة بكراهة التّشبيك ، مستدلّين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا توضّأ أحدكم في بيته ، ثمّ أتى المسجد ، كان في صلاة حتّى يرجع ، فلا يفعل هكذا ، وشبّك بين أصابعه » . </p><p>أمّا تخليل أصابع الرّجل ، فيستحبّ فيه أن يبدأ بخنصر الرّجل اليمنى ، ويختم بخنصر الرّجل اليسرى ليحصل التّيامن ، وهو محلّ اتّفاق بين الفقهاء ، لحديث المستورد بن شدّاد قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم توضّأ فخلّل أصابع رجليه بخنصره » ولما ورد « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبّ التّيامن في وضوئه » إلاّ أنّ الحنفيّة والحنابلة قالوا : التّخليل يكون بخنصر يده اليسرى ، لأنّها معدّة لإزالة الوسخ والدّرن من باطن رجليه ، لأنّه أبلغ . وقال الشّافعيّة : يكون بخنصر يده اليمنى أو اليسرى . وعند المالكيّة يكون بسبّابتيه .</p><p>ج - تخليل الشّعر : </p><p>- 1 - تخليل اللّحية :</p><p>6 - اللّحية الخفيفة - وهي الّتي تظهر البشرة تحتها ولا تسترها عن المخاطب - يجب غسل ظاهرها وإيصال الماء إلى ما تحتها في الوضوء والغسل ، ولا يكفي مجرّد تخليلها بغير خلاف ، وذلك لفرضيّة غسل الوجه بعموم الآية في قوله تعالى : { فَاغْسِلُوا وجُوهَكم</p><p> ... الآية } . أمّا اللّحية الكثيفة - وهي الّتي لا تظهر البشرة تحتها - فيجب غسل ظاهرها ، ولو كانت مسترسلةً عند المالكيّة ، وهو المشهور عند الشّافعيّة ، وظاهر مذهب الحنابلة . وعند الحنفيّة - وهو قول آخر للشّافعيّة ، ورواية عند الحنابلة - أنّه لا يجب غسل ما استرسل من اللّحية ، لأنّه خارج عن دائرة الوجه ، فأشبه ما نزل من شعر الرّأس . </p><p>ولأنّ اللّه تعالى أمر بغسل الوجه ، وهو ما تحصل به المواجهة ، وفي اللّحية الكثيفة تحصل المواجهة بالشّعر الظّاهر . </p><p>أمّا باطنها فلا يجب غسله اتّفاقاً بين فقهاء المذاهب ، لما روى البخاريّ « أنّه صلى الله عليه وسلم توضّأ فغسل وجهه ، أخذ غرفةً من ماء فمضمض بها واستنشق ، ثمّ أخذ غرفةً من ماء فجعل بها هكذا : أضافها إلى يده الأخرى ، فغسل بها وجهه » وكانت لحيته الكريمة كثيفةً ، وبالغرفة الواحدة لا يصل الماء إلى باطنها غالباً ، ويعسر إيصال الماء إليه .</p><p>7- ويسنّ تخليل اللّحية الكثيفة عند الحنفيّة ، والشّافعيّة والحنابلة ، لما روي عن أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضّأ أخذ كفّاً من ماءٍ تحتَ حنكِه فخلَّلَ به لحيتَه ، وقال : هكذا أمرني ربِّي » . </p><p>وعند المالكيّة في تخليل شعر اللّحية الكثيفة ثلاثة أقوال : الوجوب ، والكراهة والاستحباب ، أظهرها الكراهة لما في ذلك من التّعمّق .</p><p>8- أمّا في الغسل فلا يكفي مجرّد التّخليل ، بل يجب إيصال الماء إلى أصول شعر اللّحية ولو كثيفةً اتّفاقاً بين المذاهب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « تحت كلّ شعرة جنابة ، فاغسلوا الشّعر وأنقوا البشرة » . </p><p>ولكي يتأكّد من وصول الماء إلى أصول الشّعر ويتجنّب الإسراف قالوا : يدخل المغتسل أصابعه العشر يروي بها أصول الشّعر ، ثمّ يفيض الماء ليكون أبعد عن الإسراف في الماء . ومن عبّر بوجوب تخليل اللّحية كالمالكيّة ، أراد بذلك أيضاً إيصال الماء إلى أصول الشّعر .</p><p>- 2 - تخليل شعر الرّأس :</p><p>9 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجب إرواء أصول شعر الرّأس في الغسل ، سواء كان الشّعر خفيفاً أو كثيفاً ، لما روت « أسماء رضي الله عنها أنّها سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن غسل الجنابة فقال : تأخذ إحداكنّ ماءَها وسدرتَها فتطهِّر فتحسن الطّهور ، ثمّ تصبّ على رأسها فتدلكه ، حتّى تبلغ شؤون رأسها ، ثمّ تفيض عليها الماء » ، وعن عليّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به من النّار كذا وكذا » ، قال عليّ : فمن ثَمَّ عاديت شعري " وعلى ذلك فلا يجزي مجرّد تخليل الشّعر في الغسل عند الفقهاء . </p><p>وقد صرّح فقهاء المالكيّة بوجوب تخليل شعر الرّأس ولو كثيفاً ، للتّأكّد من وصول الماء إلى أصوله ، حيث قالوا : ويجب تخليل شعر ولو كثيفاً وضغث مضفوره - أي جمعه وتحريكه - ليعمّه بالماء ، وهو المعتمد عند الشّافعيّة . </p><p>ولا يختلف حكم الشّعر بالنّسبة للمحرم وغير المحرم عند جمهور الفقهاء ، لكنّ المحرم يخلّل برفق لئلاّ يتساقط الشّعر . وقال الحنفيّة : يكره التّخليل للمحرم .</p><p>ثانياً : تخليل الأسنان :</p><p>10 - تنظيف الأسنان بالسّواك سنّة من سنن الفطرة ، وينظر تفصيله في مصطلح : ( استياك ) .</p><p>11 - أمّا تخليلها بعد الأكل بالخلال لإخراج ما بينها من الطّعام ، فقد ذكره الفقهاء في آداب الأكل . قال البهوتيّ الحنبليّ : يستحبّ أن يخلّل أسنانه إن علق بها شيء من الطّعام ، قال في المستوعب : روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : ترك الخلال يوهن الأسنان . وروي : « تخلّلوا من الطّعام ، فإنّه ليس شيء أشدّ على الملكين أن يريا بين أسنان صاحبهما طعاماً وهو يصلّي » . قال الأطبّاء : وهو نافع أيضاً للّثة ومن تغيّر النّكهة . </p><p>ولا يخلّل أسنانه في أثناء الطّعام ، بل إذا فرغ . ومثله ما ذكر في كتب سائر المذاهب .</p><p>ما تخلّل به الأسنان :</p><p>12 - يسنّ التّخليل قبل السّواك وبعده ، ومن أثر الطّعام ، وكون الخلال من عود ، ويكره بالحديد ونحوه ، وبعود يضرّه كرمّان وآس ، ولا يخلّل بما يجهله لئلاّ يكون ممّا يضرّه ، وكذا ما يجرحه كما صرّح به الفقهاء .</p><p>ولا يجوز تخليل الأسنان أو الشّعر بآلة من الذّهب أو الفضّة ، وهذا باتّفاق المذاهب الأربعة ، وتفصيله في مصطلح : ( آنية ) .</p><p>واختلفت عبارات الفقهاء في جواز بلع ما يخرج من خلال الأسنان : فقال الشّافعيّة والحنابلة ، يلقي ما أخرجه الخلال ، ويكره أن يبتلعه ، وإن قلعه بلسانه لم يكره ابتلاعه كسائر ما بفمه . وقال المالكيّة : يجوز بلع ما بين الأسنان إلاّ لخلطه بدم ، فليس مجرّد التّغيّر يصيّره نجساً خلافاً لما قيل .</p><p>ثالثاً : تخليل الخمر :</p><p>13 - اتّفق الفقهاء على أنّ الخمر إذا تخلّلت بغير علاج ، بأن تغيّرت من المرارة إلى الحموضة وزالت أوصافها ، فإنّ ذلك الخلّ حلال طاهر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « نِعْمَ الأُدْمُ أو الإِدَامُ الخَلُّ » ، ولأنّ علّة النّجاسة والتّحريم الإسكار ، وقد زالت ، والحكم يدور مع علّته وجوداً وعدماً . </p><p>وكذلك إذا تخلّلت بنقلها من شمس إلى ظلّ وعكسه عند جمهور الفقهاء: الحنفيّة والمالكيّة وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ، وبه قال الحنابلة إذا كان النّقل لغير قصد التّخليل .</p><p>14 - واختلفوا في جواز تخليل الخمر بإلقاء شيء فيها ، كالخلّ والبصل والملح ونحوه . فقال الشّافعيّة والحنابلة ، وهو رواية ابن القاسم عن مالك : إنّه لا يحلّ تخليل الخمر بالعلاج ، ولا تطهر بذلك ، لحديث مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : « سُئِلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الخمرِ تُتَّخذُ خلاً ، قال : لا » . </p><p>« ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بإهراقها ». ولأنّ الخمر نجسة أمر اللّه تعالى باجتنابها ، وما يلقى في الخمر يتنجّس بأوّل الملاقاة ، وما يكون نجساً لا يفيد الطّهارة . </p><p>وصرّح الحنفيّة - وهو الرّاجح عند المالكيّة بجواز تخليل الخمر ، فتصير بعد التّخليل طاهرةً حلالاً عندهم ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ » فيتناول جميع أنواعها ، ولأنّ بالتّخليل إزالة الوصف المفسد وإثبات الصّلاح ، والإصلاح مباح كما في دبغ الجلد ، فإنّ الدّباغ يطهّره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أَيُّمَا إِهَاب دُبِغَ فقد طَهُرَ » . </p><p>وتفصيله في مصطلح : ( خمر ) .</p><p></p><p>تخلية *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّخلية لغةً : مصدر خلّى ، ومن معانيها في اللّغة : التّرك والإعراض . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء : تمكين الشّخص من التّصرّف في الشّيء دون مانع . ففي البيع مثلاً إذا أذن البائع للمشتري في قبض المبيع مع عدم وجود المانع حصلت التّخلية ، ويعتبر المشتري قابضاً للمبيع مطلقاً . </p><p>وتستعمل التّخلية أحياناً بمعنى الإفراج ، كما يقولون : يحبس القاتل ولا يخلّى بكفيل .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41245, member: 329"] عقوبة متناول المخدّرات : 15 - اتّفق الفقهاء على أنّ متناول المخدّرات للتّداوي ولو زال عقله لا عقوبة عليه ، من حدّ أو تعزير . أمّا إذا تناول القدر المزيل للعقل بدون عذر فإنّه لا حدّ عليه أيضاً عند جماهير العلماء - إلاّ ما ذهب إليه ابن تيميّة في إيجاب الحدّ على من سكر من الحشيشة ، مفرّقاً بينها وبين سائر المخدّرات . بأنّ الحشيشة تشتهى وتطلب بخلاف البنج ، فالحكم عنده منوط باشتهاء النّفس . واتّفق الفقهاء أيضاً على تعزير متناول المخدّرات بدون عذر ، لكن ذهب الشّافعيّة إلى أنّ الأفيون وغيره إذا أذيب واشتدّ وقذف بالزّبد ، فإنّه يلحق بالخمر في النّجاسة والحدّ ، كالخبز إذا أذيب وصار كذلك ، بل أولى . وقيّد الشّافعيّة عقوبة متناول المخدّرات بما إذا لم يصل إلى حالة تلجئه إلى ذلك كما سبق ، فإن وصل إلى تلك الحالة لا يعزّر ، بل يجب عليه الإقلاع عنه إمّا باستعمال ضدّه أو تقليله تدريجيّاً . تخذيل * التّعريف : 1 - التّخذيل لغةً : حمل الرّجل على خذلان صاحبه ، وتثبيطه عن نصرته ، يقال : خذلته تخذيلاً : حملته على الفشل وترك القتال . واصطلاحاً : صدّ النّاس عن الغزو وتزهيدهم في الخروج إليه . الحكم الإجماليّ ومواطن البحث : 2 - يحرم تخذيل المجاهدين عن الجهاد بأيّ وسيلة حصل من قول أو فعل . قال اللّه تعالى في ذمّ المخذّلين : { قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ المُعَوِّقين منكم والقائلينَ لإِخوانِهم هَلُمَّ إلينا ولا يَأْتُونَ البَأْسَ إلاّ قَلِيلاً } . وقال أيضاً في شأن المنافقين : { فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ اللّهِ وكَرِهُوا أنْ يُجَاهِدُوا بأموالِهم وأَنفسِهم في سبيلِ اللّهِ وقالوا لا تَنْفِروا في الحَرِّ قلْ نارُ جهنَّمَ أشدُّ حَرَّاً لو كانوا يَفْقَهُون } . استصحاب المخذّل والمرجف : 3 - لا يستصحب الأمير معه مخذّلاً ، وهو الّذي يثبّط النّاس عن الغزو ويزهّدهم في الخروج إلى القتال والجهاد ، مثل أن يقول : الحرّ أو البرد شديد ، والمشقّة شديدة ، ولا تؤمن هزيمة هذا الجيش وأشباه هذا . ولا مرجفاً وهو الّذي يقول : قد هلكت سريّة المسلمين ، وما لهم مدد ولا طاقة لهم بالكفّار ، والكفّار لهم قوّة ومدد وصبر ، ولا يثبت لهم أحد ونحو هذا ، ولا من يعين على المسلمين بالتّجسّس للكفّار وإطلاعهم على عورات المسلمين ومكاتبتهم بأخبارهم ودلالتهم على عوراتهم أو إيواء جواسيسهم ، ولا من يوقع العداوة بين المسلمين ويسعى بالفساد ، لقوله تعالى : { ولو أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعدُّوا له عُدَّةً ولكن كَرِهَ اللّهُ انْبِعَاثَهم فَثَبَّطَهم وقيل اقعُدُوا مع القَاعِدين لو خَرَجُوا فيكم ما زَادُوكم إلاّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكم يَبْغُونَكم الفِتْنَةَ } ولأنّ هؤلاء مضرّة على المسلمين فيلزمه منعهم ، وإن خرج معه أحد هؤلاء لم يسهم له ولم يرضخ وإن أظهر عون المسلمين ، لأنّه يحتمل أن يكون أظهره نفاقاً وقد ظهر دليله ، فيكون مجرّد ضرر فلا يستحقّ ممّا غنموا شيئاً . وإن كان الأمير أحد هؤلاء لم يستحبّ الخروج معه ، لأنّه إذا منع خروج المخذّل ومن في حكمه تبعاً فمتبوعاً أولى ، ولأنّه لا تؤمن المضرّة على من صحبه . تخريب * انظر : جهاد . تخريج المناط * التّعريف : 1 - التّخريج والاستخراج بمعنًى واحد كالاستنباط والمناط : موضع التّعليق . ومناط الحكم عند الأصوليّين : علّته . وتخريج المناط هو : النّظر والاجتهاد في إثبات علّة الحكم ، إذا دلّ النّصّ أو الإجماع على الحكم دون علّته ، وذلك أن يستخرج المجتهد العلّة برأيه . كالاجتهاد في إثبات كون الشّدّة المطربة علّةً لتحريم شرب الخمر ، وكون القتل العمد العدوان علّةً لوجوب القصاص في المحدّد ، وكون الطّعم علّة ربا الفضل في البرّ ونحوه حتّى يقاس عليه كلّ ما سواه في علّته الألفاظ ذات الصّلة : المناسبة : 2 - وهي : تعيين العلّة بإبداء وجود العلاقة بين الوصف والحكم ، بحيث يدركه العقل السّليم مع السّلامة من القوادح . ويسمّى استخراج المناسبة : تخريج المناط . وبذلك يكون تخريج المناط أعمّ من المناسبة ، إذ قد يكون باستخراج المناسبة أو بغيرها . الحكم الإجماليّ : 3 - عدّ بعض الأصوليّين تخريج المناط مسلكاً من مسالك العلّة ، إذ هو اجتهاد في استخراجها ، لكنّه يعتبر في الرّتبة دون تحقيق المناط وتنقيحه . ولذلك اختلف الأصوليّون في الأخذ به ، فأنكره أهل الظّاهر والشّيعة وطائفة من المعتزلة البغداديّين ، وقال الغزاليّ عنه : العلّة المستنبطة عندنا لا يجوز التّحكّم بها ، بل قد تعلم بالإيماء وإشارة النّصّ فتلحق بالمنصوص ، وقد تعلم بالسّبر .. إلخ ثمّ قال : وكلّ ذلك قريب من القسمين الأوّلين ( تحقيق المناط وتنقيحه ) والقسم الأوّل ( تحقيق المناط ) متّفق عليه ، والثّاني ( تنقيح المناط ) مسلّم من الأكثرين . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ . تخصّر * التّعريف : 1 - للتّخصّر في اللّغة معان ، منها : أنّه وضع اليد على الخصر ، ومثله الاختصار . والخصر من الإنسان : وسطه وهو المستدقّ فوق الوركين ، والجمع خصور ، مثل فلس وفلوس . والخصران والخاصرتان : معروفان . والاختصار والتّخصّر : أن يضع الرّجل يده على خصره في الصّلاة أو غيرها من الاتّكاء على المخصرة ، وهي : ما يتوكّأ عليه من عصاً ونحوها . وفي رواية عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم « أنّه نهى أن يصلّي الرّجل مختصراً ومتخصّراً » . قيل : هو من المخصرة ، وقيل : معناه أن يصلّي الرّجل وهو واضع يده على خاصرته ، وجاء في الحديث : « الاختصار في الصّلاة راحة أهل النّار » أي أنّه فعل اليهود في صلاتهم . وهم أهل النّار قال ابن منظور : ليس الرّاحة المنسوبة لأهل النّار هي راحتهم في النّار ، إذ لا راحة لهم فيها ، وإنّما هي راحتهم في صلاتهم في الدّنيا . يعني أنّه إذا وضع يده على خصره كأنّه استراح بذلك ، وسمّاهم أهل النّار لمصيرهم إليها ، لا لأنّ ذلك راحتهم في النّار . وهو : أي التّخصّر في الاصطلاح لا يخرج عن ذلك . الحكم الإجماليّ : 2 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ التّخصّر في الصّلاة مكروه ، أي تنزيهاً . وذهب الحنفيّة إلى أنّه مكروه تحريماً ، لمنافاته هيئة الصّلاة المأثورة ، والتّشبّه بالجبابرة ، وقد نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك . روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى أن يصلّي الرّجل مختصراً » وعنه رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الخصر في الصّلاة » والمراد وضع اليد على الخاصرة . وفي رواية : « نهى أن يصلّي الرّجل متخصّراً » - بتشديد الصّاد - وهو أن يضع يده على خاصرته - وهو يصلّي - ما لم تكن به حاجة تدعو إلى وضعها . فإن كان به عذر كمن وضع يده على خاصرته لوجع في جنبه أو تعب في قيام اللّيل ، فتخصّر ، جاز له ذلك في حدود ما تقتضي به الحاجة ، ويقدّر ذلك بقدرها . وفيه ورد حديث : « المتخصّرون يوم القيامة على وجوههم النّور » . وقال ثعلب : أي المصلّون باللّيل ، فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم . وتابعه صاحب القاموس ففسّر الحديث بغير ذلك . وروى أبو داود والنّسائيّ من طريق سعيد بن زياد قال : « صلّيت إلى جنب ابن عمر فوضعت يديّ على خاصرتيّ . فلمّا صلّى قال : هذا . الصّلب في الصّلاة ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ينهى عنه » . وأمّا التّخصّر خارج الصّلاة فقد جاء في تنوير الأبصار وشرحه : أنّه مكروه تنزيهاً . لأنّه فعل المتكبّرين ( ر : الصّلاة : مكروهات الصّلاة ) . وأمّا الاختصار بمعنى الاتّكاء في الصّلاة على المخصرة أو غيرها فقد سبق تفصيل حكمه في مصطلح ( استناد ) . الاتّكاء على المخصرة ونحوها في خطبة الجمعة : 3 - توكّؤ الخطيب على المخصرة في حال خطبة الجمعة مندوب عند المالكيّة ، وهو أيضاً من سنن الخطبة عند الشّافعيّة والحنابلة . ويجعلها بيمينه عند المالكيّة ، ويستحبّ عند الشّافعيّة أن يجعلها في يده اليسرى كعادة من يريد الضّرب بالسّيف والرّمي بالقوس ، ويشغل يده اليمنى بحرف المنبر . وجاء في كشّاف القناع من كتب الحنابلة : أن يجعلها بإحدى يديه ، إلاّ أنّ صاحب الفروع ذكر أنّه يتوجّه باليسرى ويعتمد بالأخرى على حرف المنبر ، فإن لم يجد شيئاً يعتمد عليه ، فقد ذكر الشّافعيّة أنّه يجعل اليمنى على اليسرى أو يرسلهما ولا يعبث بهما . وذهب الحنفيّة - كما جاء في الفتاوى الهنديّة - إلى كراهة اتّكاء الخطيب على قوس أو عصاً في أثناء الخطبة من يوم الجمعة ، وإنّما يتقلّد الخطيب السّيف في كلّ بلدة فتحت به . ومثل العصا عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : القوس والسّيف ، والعصا أولى من القوس والسّيف عند المالكيّة ، والمراد بالقوس كما جاء في الدّسوقيّ قوس النّشاب ، وهي القوس العربيّة لطولها واستقامتها ، لا العجميّة لقصرها وعدم استقامتها . واستدلّ المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة على ما ذهبوا إليه من اتّكاء الخطيب على المخصرة في حال الخطبة من يوم الجمعة بما رواه أبو داود عن الحكم بن حزن : قال : « وفدت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة ، فقام متوكّئاً على سيف أو قوس أو عصا مختصراً » . قال مالك : وذلك ممّا يستحبّ للأئمّة أصحاب المنابر أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصا ، يتوكّئون عليها في قيامهم ، وهو الّذي رأينا وسمعنا . تخصيص * التّعريف : 1 - تخصيص الإنسان بالشّيء : تفضيله به على غيره . وفي اصطلاح جمهور الأصوليّين يطلق على : قصر العامّ على بعض ما يتناوله بدليل يدلّ على ذلك ، سواء أكان هذا الدّليل مستقلاً أم غير مستقلّ ، مقارناً أم غير مقارن . وعند الحنفيّة : قصر العامّ على بعض أفراده بدليل مستقلّ مقارن ، فخرج الاستثناء والصّفة ونحوهما ، لأنّ القصر حصل فيما ذكر بدليل غير مستقلّ . وخرج النّسخ ، لأنّه قصر بدليل غير مقارن . الألفاظ ذات الصّلة : أ - النّسخ : 2 - النّسخ هو : الرّفع والإزالة . وفي اصطلاح الأصوليّين : رفع الشّارع الحكم المتقدّم بحكم متأخّر بدليل يدلّ على ذلك . فالفرق بين النّسخ وبين التّخصيص : أنّ التّخصيص ليس فيه رفع للحكم ، وأمّا النّسخ فهو رفع الحكم بعد ثبوته . والتّخصيص قصر بدليل مقارن عند الحنفيّة ، والنّسخ فيه تراخ . ب - التّقييد : 3 - التّقييد : تقليل شيوع اللّفظ المطلق باقترانه بلفظ آخر يدلّ على تقييده بشرط أو صفة أو حال أو نحو ذلك . ومثاله لفظ " رجل " إذا اقترن بلفظ " مؤمن " مثلاً ، وقيل : رجل مؤمن ، فإنّ لفظ " رجل " مطلق وهو شائع ومنتشر في كلّ ما يصدق عليه معناه ، وهو أي ذكر بالغ من نوع الإنسان ، مؤمناً كان أو غير مؤمن ، ولمّا اقترن به لفظ " مؤمن " قلّل من شيوعه وانتشاره ، وجعله مقصوراً على من كان مؤمناً دون غيره . فالتّقييد إنّما يكون للألفاظ المطلقة ، ليقلّل من شيوعها وانتشارها فيما يصدق عليه معناها ، ويجعلها مقصورةً على ما يوجد فيه القيد دون ما عداه . أمّا التّخصيص : فإنّه يكون في الألفاظ العامّة ، ليقلّل من شمولها ويقصرها على بعض ما يصدق عليه معناها دون بعضها الآخر . ج - الاستثناء : 4 - الاستثناء : إخراج من متعدّد بإلاّ أو إحدى أخواتها . أو هو المنع من دخول بعض ما يتناوله صدر الكلام في حكمه بإلاّ أو إحدى أخواتها . والاستثناء نوع من المخصّصات للعامّ عند جمهور الأصوليّين ، وليس مخصّصاً للعامّ عند الحنفيّة ، وإنّما هو قاصر للعامّ على بعض أفراده . الحكم الإجماليّ : 5 - التّخصيص جائز عقلاً وواقع استقراءً ، ويجوز التّخصيص إلى واحد ، إذا لم يكن لفظ العامّ جمعاً ، وإلى أقلّ الجمع إذا كان جمعاً . ويجوز التّخصيص بالعقل عند الحنفيّة كما يجوز باللّفظ . واختلف الأصوليّون في أنّ العامّ بعد التّخصيص يبقى عامّاً في الباقي بطريق الحقيقة أم يصير مجازاً ؟ والأشبه أنّه حقيقة في البعض الباقي ، وهذا رأي الحنابلة وكثير من الحنفيّة والشّافعيّة ، وقيّده بعضهم بأن كان الباقي غير منحصر ، وبعضهم بقيود أخرى . قال البزدويّ : من شرط في العامّ الاجتماع دون الاستغراق قال : إنّه يبقى حقيقةً في العموم بعد التّخصيص ، ومن قال : شرطه الاستيعاب والاستغراق قال : يصير مجازاً بعد التّخصيص ، وإن خصّ منه فرد واحد . وهل يبقى العامّ حجّةً بعد التّخصيص أم لا ؟ قال أكثر الأصوليّين ، وهو الصّحيح في مذهب الحنفيّة : إنّ العامّ يبقى حجّةً بعد التّخصيص ، معلوماً كان المخصوص أو مجهولاً . وبعضهم قيّد حجّيّته بما إذا كان المخصوص معلوماً لا مجهولاً . وقال الكرخيّ : لا يبقى حجّةً أصلاً ، وهو قول أبي ثور من الشّافعيّة . وتفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ . تخطّي الرّقاب* التّعريف : 1 - يقال في اللّغة : تخطّى النّاس واختطاهم أي : جاوزهم . ويقال : تخطّيت رقاب النّاس إذا تجاوزتهم . قال ابن المنير : التّفرقة بين اثنين المنهيّ عنها بقوله صلى الله عليه وسلم : « فلم يفرِّق بين اثنين » تتناول القعود بينهما وإخراج أحدهما والقعود مكانه . وقد يطلق على مجرّد التّخطّي . وفي التّخطّي زيادة رفع رجليه على رءوسهما أو أكتافهما ، وربّما تعلّق بثيابهما شيء ممّا في رجليه . ولا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا . حكمه الإجماليّ : 2 - لتخطّي الرّقاب أحكام تختلف باختلاف حالاته . ففي الجمعة إمّا أن يكون المتخطّي هو الإمام أو غيره . فإن كان المتخطّي هو الإمام ، ولم يكن له طريق إلاّ أن يتخطّى رقاب النّاس ليصل إلى مكانه ، جاز له ذلك بغير كراهة ، لأنّه موضع حاجة . وإن كان غير الإمام : فعند الحنفيّة : إمّا أن يكون دخوله المسجد قبل أن يشرع الإمام في الخطبة أو بعد الشّروع فيها . فإن كان قبله : فإنّه لا بأس بالتّخطّي إن كان لا يجد إلاّ فرجةً أمامه ، فيتخطّى إليها للضّرورة ، ما لم يؤذ بذلك أحداً ، لأنّه يندب للمسلم أن يتقدّم ويدنو من المحراب إذا لم يكن أثناء الخطبة ، ليتّسع المكان لمن يجيء بعده ، وينال فضل القرب من الإمام . فإذا لم يفعل الأوّل ذلك فقد ضيّع المكان من غير عذر ، فكان للّذي جاء بعده أن يأخذ ذلك المكان وإن كان دخوله المسجد والإمام يخطب : فإنّ عليه أن يستقرّ في أوّل مكان يجده ، لأنّ مشيه في المسجد وتقدّمه في حالة الخطبة منهيّ عنه ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « فلم يفرّق بين اثنين » وقوله : « ولم يتخطّ رَقَبَةَ مسلم ، ولم يؤذ أحداً » وقوله « للّذي جاء يتخطّى رقاب النّاس : اجلس : فقد آذيت وآنيت » . وعند المالكيّة يجوز لداخل المسجد أن يتخطّى الصّفوف لفرجة قبل جلوس الخطيب على المنبر ، ولا يجوز التّخطّي بعده ولو لفرجة . وقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة على أنّه إن لم يكن للدّاخل موضع وبين يديه فرجة لا يصل إليها إلاّ بتخطّي رجل أو رجلين لم يكره له ذلك ، لأنّه يسير . وإن كان بين يديه خلق كثير ، فإن رجا إذا قاموا إلى الصّلاة أن يتقدّموا جلس حتّى يقوموا ، وإن لم يرج أن يتقدّموا جاز أن يتخطّى ليصل إلى الفرجة ، لأنّه موضع حاجة ، وهذه إحدى الرّوايتين عن أحمد ، وفي رواية أخرى أنّ للدّاخل إذا رأى فرجةً لا يصل إليها إلاّ بالتّخطّي جاز له ذلك . 3 - وإذا جلس في مكان ، ثمّ بدت له حاجة أو احتاج الوضوء فله الخروج ولو بالتّخطّي . « قال عقبة : صلّيت وراء النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر فسلّم ، ثمّ قام مسرعاً فتخطّى رقاب النّاس إلى بعض حجر نسائه ، فقال : ذكرت شيئاً من تِبْرٍ عندنا ، فكرهت أن يحبسني ، فأمرت بقسمته » فإذا قام من مجلسه ثمّ رجع إليه فهو أحقّ به ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من قام من مجلسه ثمّ رجع إليه فهو أحقّ به » وحكمه في التّخطّي إلى موضعه حكم من رأى بين يديه فرجةً على نحو ما مرّ . 4 - ويجوز التّخطّي بعد الخطبة وقبل الصّلاة ، ولو لغير فرجة ، كمشي بين الصّفوف ولو حال الخطبة . قال به المالكيّة . والتّخطّي للسّؤال كرهه الحنفيّة ، فلا يمرّ السّائل بين يدي المصلّي ، ولا يتخطّى رقاب النّاس ، ولا يسأل النّاس إلحافاً إلاّ إذا كان لأمر لا بدّ منه . ويجوز تخطّي رقاب الّذين يجلسون على أبواب المساجد حيث لا حرمة لهم ، على ما هو المشهور عند الحنابلة . 5 - ويكره التّخطّي في غير الصّلاة من مجامع النّاس بلا أذًى ، فإن كان فيه أذًى حرم . 6 - ويحرم إقامة شخص ، ولو في غير المسجد ، ليجلس مكانه ، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقيم الرّجل الرّجل من مجلسه ، ثمّ يجلس فيه ولكن يقول تفسّحوا وتوسّعوا » وقال صلى الله عليه وسلم : « من سَبَق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له » وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرّجل من مجلسه ، ثمّ يجلس مكانه . فإن قعد واحد من النّاس في موضع من المسجد ، لا يجوز لغيره أن يقيمه حتّى يقعد مكانه ، لما روى مسلم عن أبي الزّبير عن جابر رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ثمّ ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه ، ولكن يقول : افسحوا » قال تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تَفَسَّحُوا في المجالسِ فافْسَحُوا يَفْسَحِ اللّهُ لكم } فإن قام رجل وأجلسه مكانه باختياره جاز له أن يجلس . وأمّا صاحب الموضع فإنّه إن كان الموضع الّذي ينتقل إليه مثل الأوّل في سماع كلام الإمام لم يكره له ذلك ، وإن كان الموضع الّذي انتقل إليه دون الّذي كان فيه في القرب من الإمام كره له ذلك ، لأنّه آثر غيره في القربة ، وفيه تفويت حظّه . 7 - وإذا أمر إنسان إنساناً أن يبكّر إلى الجامع فيأخذ له مكاناً يقعد فيه لا يكره ، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع ، لما روي أنّ ابن سيرين كان يرسل غلامه إلى مجلس له في يوم الجمعة ، فيجلس له فيه ، فإذا جاء قام له منه . تخفيف * انظر : تيسير . تخلّل * انظر : تخليل . تخلّي * انظر : قضاء الحاجة . تخليل * التّعريف : 1 - التّخليل لغةً يأتي بمعان ، منها : تفريق شعر اللّحية وأصابع اليدين والرّجلين ، يقال : خلّل الرّجل لحيته : إذا أوصل الماء إلى خلالها ، وهو البشرة الّتي بين الشّعر . وأصله من إدخال الشّيء في خلال الشّيء ، وهو وسطه . ويقال : خلّل الشّخص أسنانه تخليلاً : إذا أخرج ما يبقى من المأكول بينها . وخلّلت النّبيذ تخليلاً : جعلته خلاً . ويستعمل الفقهاء كلمة التّخليل بهذه المعاني اللّغويّة . أحكام التّخليل بأنواعه : أوّلاً : التّخليل في الطّهارة : أ - تخليل الأصابع في الوضوء والغسل : 2 - إيصال الماء بين أصابع اليدين والرّجلين بالتّخليل أو غيره من متمّمات الغسل ، فهو فرض في الوضوء والغسل عند جميع الفقهاء ، لقوله تعالى : { فاغْسِلُوا وجوهَكم وأَيدِيَكم إلى المَرَافِقِ وامْسَحُوا برءوسِكم وأرجلَكم إلى الكعبينِ } . أمّا التّخليل بعد دخول الماء خلال الأصابع ، فعند جمهور الفقهاء " الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة " أنّ تخليل الأصابع في الوضوء سنّة ، « لقوله صلى الله عليه وسلم لِلَقِيط بن صبرة : أسبغ الوضوء ، وخلّل بين الأصابع » ، وقد صرّح الحنفيّة بأنّه سنّة مؤكّدة ، والحنابلة يرون أنّ التّخليل في أصابع الرّجلين آكد ، وعلّلوا استحباب التّخليل بأنّه أبلغ في إزالة الدّرن والوسخ من بين الأصابع . وذهب المالكيّة في المشهور عندهم إلى وجوب التّخليل في أصابع اليدين واستحبابه في أصابع الرّجلين ، وقالوا : إنّما وجب تخليل أصابع اليدين دون أصابع الرّجلين لعدم شدّة التصاقها ، فأشبهت الأعضاء المستقلّة ، بخلاف أصابع الرّجلين لشدّة التصاقها ، فأشبه ما بينها الباطن . وفي القول الآخر عندهم : يجب التّخليل في الرّجلين كاليدين . ومراد المالكيّة بوجوب التّخليل إيصال الماء للبشرة بالدّلك . 3 - وكذلك يسنّ تخليل أصابع اليدين والرّجلين في الغسل عند الحنفيّة ، وهو المفهوم من كلام الشّافعيّة والحنابلة ، حيث ذكروا في بيان الغسل الكامل المشتمل على الواجبات والسّنن أن يتوضّأ كاملاً قبل أن يحثو على رأسه ثلاثاً ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « ثمّ يتوضّأ كما يتوضّأ للصّلاة » وقد سبق أنّ تخليل الأصابع سنّة عندهم في الوضوء ،فكذلك في الغسل. وذهب المالكيّة في المعتمد عندهم إلى وجوب تخليل أصابع الرّجلين كأصابع اليدين في الغسل ،لأنّه يتأكّد فيه المبالغة على خلاف ما قالوا في الوضوء من استحباب تخليل أصابع الرّجلين. ب - تخليل الأصابع في التّيمّم : 4 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في أنّ مسح الوجه واليدين فرض في التّيمّم ، لقوله تعالى : { فَامْسَحُوا بِوجُوهِكُم وأَيْدِيْكُم منه } . كذلك يجب تعميم واستيعاب محلّ الفرض بغير خلاف بين المذاهب الأربعة ، ولهذا صرّحوا بوجوب نزع الخاتم والسّوار إذا كانا ضيّقين يخشى عدم وصول الغبار إلى ما تحتهما ، حتّى إنّ المالكيّة قالوا بوجوب نزع الخاتم ، ولو كان واسعاً ، وإلاّ كان حائلاً . وعلى ذلك يجب تخليل أصابع اليدين في التّيمّم إن لم يدخل بينها غبار ، أو لم تمسح باتّفاق الفقهاء . أمّا تخليل أصابع اليدين بعد مسحهما ، فقد صرّح الشّافعيّة والحنابلة باستحبابه احتياطاً ، وهو عند الشّافعيّة إن فرّق أصابعه في الضّربتين ، فإن لم يفرّقها فيهما ، أو فرّقها في الأولى دون الثّانية وجب التّخليل . ويفهم من كلام الحنفيّة ما يوافق ما صرّح به الشّافعيّة والحنابلة ، حيث قيّد الحنفيّة وجوب التّخليل بعدم وصول الغبار إلى الأصابع . وذهب المالكيّة في الرّاجح عندهم إلى أنّه يلزم تعميم يديه لكوعيه مع تخليل أصابعه مطلقاً . كيفيّة تخليل الأصابع : 5 - صرّح الحنفيّة والشّافعيّة بأنّ تخليل أصابع اليدين يكون بالتّشبيك بينهما . وقال المالكيّة والحنابلة : يدخل أصابع إحداهما بين أصابع الأخرى ، سواء أدخل من الظّاهر أو الباطن ، ولا يكرهون التّشبيك في الوضوء . وقال بعض المالكيّة بكراهة التّشبيك ، مستدلّين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا توضّأ أحدكم في بيته ، ثمّ أتى المسجد ، كان في صلاة حتّى يرجع ، فلا يفعل هكذا ، وشبّك بين أصابعه » . أمّا تخليل أصابع الرّجل ، فيستحبّ فيه أن يبدأ بخنصر الرّجل اليمنى ، ويختم بخنصر الرّجل اليسرى ليحصل التّيامن ، وهو محلّ اتّفاق بين الفقهاء ، لحديث المستورد بن شدّاد قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم توضّأ فخلّل أصابع رجليه بخنصره » ولما ورد « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يحبّ التّيامن في وضوئه » إلاّ أنّ الحنفيّة والحنابلة قالوا : التّخليل يكون بخنصر يده اليسرى ، لأنّها معدّة لإزالة الوسخ والدّرن من باطن رجليه ، لأنّه أبلغ . وقال الشّافعيّة : يكون بخنصر يده اليمنى أو اليسرى . وعند المالكيّة يكون بسبّابتيه . ج - تخليل الشّعر : - 1 - تخليل اللّحية : 6 - اللّحية الخفيفة - وهي الّتي تظهر البشرة تحتها ولا تسترها عن المخاطب - يجب غسل ظاهرها وإيصال الماء إلى ما تحتها في الوضوء والغسل ، ولا يكفي مجرّد تخليلها بغير خلاف ، وذلك لفرضيّة غسل الوجه بعموم الآية في قوله تعالى : { فَاغْسِلُوا وجُوهَكم ... الآية } . أمّا اللّحية الكثيفة - وهي الّتي لا تظهر البشرة تحتها - فيجب غسل ظاهرها ، ولو كانت مسترسلةً عند المالكيّة ، وهو المشهور عند الشّافعيّة ، وظاهر مذهب الحنابلة . وعند الحنفيّة - وهو قول آخر للشّافعيّة ، ورواية عند الحنابلة - أنّه لا يجب غسل ما استرسل من اللّحية ، لأنّه خارج عن دائرة الوجه ، فأشبه ما نزل من شعر الرّأس . ولأنّ اللّه تعالى أمر بغسل الوجه ، وهو ما تحصل به المواجهة ، وفي اللّحية الكثيفة تحصل المواجهة بالشّعر الظّاهر . أمّا باطنها فلا يجب غسله اتّفاقاً بين فقهاء المذاهب ، لما روى البخاريّ « أنّه صلى الله عليه وسلم توضّأ فغسل وجهه ، أخذ غرفةً من ماء فمضمض بها واستنشق ، ثمّ أخذ غرفةً من ماء فجعل بها هكذا : أضافها إلى يده الأخرى ، فغسل بها وجهه » وكانت لحيته الكريمة كثيفةً ، وبالغرفة الواحدة لا يصل الماء إلى باطنها غالباً ، ويعسر إيصال الماء إليه . 7- ويسنّ تخليل اللّحية الكثيفة عند الحنفيّة ، والشّافعيّة والحنابلة ، لما روي عن أنس رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضّأ أخذ كفّاً من ماءٍ تحتَ حنكِه فخلَّلَ به لحيتَه ، وقال : هكذا أمرني ربِّي » . وعند المالكيّة في تخليل شعر اللّحية الكثيفة ثلاثة أقوال : الوجوب ، والكراهة والاستحباب ، أظهرها الكراهة لما في ذلك من التّعمّق . 8- أمّا في الغسل فلا يكفي مجرّد التّخليل ، بل يجب إيصال الماء إلى أصول شعر اللّحية ولو كثيفةً اتّفاقاً بين المذاهب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « تحت كلّ شعرة جنابة ، فاغسلوا الشّعر وأنقوا البشرة » . ولكي يتأكّد من وصول الماء إلى أصول الشّعر ويتجنّب الإسراف قالوا : يدخل المغتسل أصابعه العشر يروي بها أصول الشّعر ، ثمّ يفيض الماء ليكون أبعد عن الإسراف في الماء . ومن عبّر بوجوب تخليل اللّحية كالمالكيّة ، أراد بذلك أيضاً إيصال الماء إلى أصول الشّعر . - 2 - تخليل شعر الرّأس : 9 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجب إرواء أصول شعر الرّأس في الغسل ، سواء كان الشّعر خفيفاً أو كثيفاً ، لما روت « أسماء رضي الله عنها أنّها سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن غسل الجنابة فقال : تأخذ إحداكنّ ماءَها وسدرتَها فتطهِّر فتحسن الطّهور ، ثمّ تصبّ على رأسها فتدلكه ، حتّى تبلغ شؤون رأسها ، ثمّ تفيض عليها الماء » ، وعن عليّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به من النّار كذا وكذا » ، قال عليّ : فمن ثَمَّ عاديت شعري " وعلى ذلك فلا يجزي مجرّد تخليل الشّعر في الغسل عند الفقهاء . وقد صرّح فقهاء المالكيّة بوجوب تخليل شعر الرّأس ولو كثيفاً ، للتّأكّد من وصول الماء إلى أصوله ، حيث قالوا : ويجب تخليل شعر ولو كثيفاً وضغث مضفوره - أي جمعه وتحريكه - ليعمّه بالماء ، وهو المعتمد عند الشّافعيّة . ولا يختلف حكم الشّعر بالنّسبة للمحرم وغير المحرم عند جمهور الفقهاء ، لكنّ المحرم يخلّل برفق لئلاّ يتساقط الشّعر . وقال الحنفيّة : يكره التّخليل للمحرم . ثانياً : تخليل الأسنان : 10 - تنظيف الأسنان بالسّواك سنّة من سنن الفطرة ، وينظر تفصيله في مصطلح : ( استياك ) . 11 - أمّا تخليلها بعد الأكل بالخلال لإخراج ما بينها من الطّعام ، فقد ذكره الفقهاء في آداب الأكل . قال البهوتيّ الحنبليّ : يستحبّ أن يخلّل أسنانه إن علق بها شيء من الطّعام ، قال في المستوعب : روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : ترك الخلال يوهن الأسنان . وروي : « تخلّلوا من الطّعام ، فإنّه ليس شيء أشدّ على الملكين أن يريا بين أسنان صاحبهما طعاماً وهو يصلّي » . قال الأطبّاء : وهو نافع أيضاً للّثة ومن تغيّر النّكهة . ولا يخلّل أسنانه في أثناء الطّعام ، بل إذا فرغ . ومثله ما ذكر في كتب سائر المذاهب . ما تخلّل به الأسنان : 12 - يسنّ التّخليل قبل السّواك وبعده ، ومن أثر الطّعام ، وكون الخلال من عود ، ويكره بالحديد ونحوه ، وبعود يضرّه كرمّان وآس ، ولا يخلّل بما يجهله لئلاّ يكون ممّا يضرّه ، وكذا ما يجرحه كما صرّح به الفقهاء . ولا يجوز تخليل الأسنان أو الشّعر بآلة من الذّهب أو الفضّة ، وهذا باتّفاق المذاهب الأربعة ، وتفصيله في مصطلح : ( آنية ) . واختلفت عبارات الفقهاء في جواز بلع ما يخرج من خلال الأسنان : فقال الشّافعيّة والحنابلة ، يلقي ما أخرجه الخلال ، ويكره أن يبتلعه ، وإن قلعه بلسانه لم يكره ابتلاعه كسائر ما بفمه . وقال المالكيّة : يجوز بلع ما بين الأسنان إلاّ لخلطه بدم ، فليس مجرّد التّغيّر يصيّره نجساً خلافاً لما قيل . ثالثاً : تخليل الخمر : 13 - اتّفق الفقهاء على أنّ الخمر إذا تخلّلت بغير علاج ، بأن تغيّرت من المرارة إلى الحموضة وزالت أوصافها ، فإنّ ذلك الخلّ حلال طاهر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « نِعْمَ الأُدْمُ أو الإِدَامُ الخَلُّ » ، ولأنّ علّة النّجاسة والتّحريم الإسكار ، وقد زالت ، والحكم يدور مع علّته وجوداً وعدماً . وكذلك إذا تخلّلت بنقلها من شمس إلى ظلّ وعكسه عند جمهور الفقهاء: الحنفيّة والمالكيّة وهو الأصحّ عند الشّافعيّة ، وبه قال الحنابلة إذا كان النّقل لغير قصد التّخليل . 14 - واختلفوا في جواز تخليل الخمر بإلقاء شيء فيها ، كالخلّ والبصل والملح ونحوه . فقال الشّافعيّة والحنابلة ، وهو رواية ابن القاسم عن مالك : إنّه لا يحلّ تخليل الخمر بالعلاج ، ولا تطهر بذلك ، لحديث مسلم عن أنس رضي الله عنه قال : « سُئِلَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الخمرِ تُتَّخذُ خلاً ، قال : لا » . « ولأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بإهراقها ». ولأنّ الخمر نجسة أمر اللّه تعالى باجتنابها ، وما يلقى في الخمر يتنجّس بأوّل الملاقاة ، وما يكون نجساً لا يفيد الطّهارة . وصرّح الحنفيّة - وهو الرّاجح عند المالكيّة بجواز تخليل الخمر ، فتصير بعد التّخليل طاهرةً حلالاً عندهم ، لقوله عليه الصلاة والسلام : « نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ » فيتناول جميع أنواعها ، ولأنّ بالتّخليل إزالة الوصف المفسد وإثبات الصّلاح ، والإصلاح مباح كما في دبغ الجلد ، فإنّ الدّباغ يطهّره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « أَيُّمَا إِهَاب دُبِغَ فقد طَهُرَ » . وتفصيله في مصطلح : ( خمر ) . تخلية * التّعريف : 1 - التّخلية لغةً : مصدر خلّى ، ومن معانيها في اللّغة : التّرك والإعراض . وفي اصطلاح الفقهاء : تمكين الشّخص من التّصرّف في الشّيء دون مانع . ففي البيع مثلاً إذا أذن البائع للمشتري في قبض المبيع مع عدم وجود المانع حصلت التّخلية ، ويعتبر المشتري قابضاً للمبيع مطلقاً . وتستعمل التّخلية أحياناً بمعنى الإفراج ، كما يقولون : يحبس القاتل ولا يخلّى بكفيل . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية