الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41247" data-attributes="member: 329"><p>ثامناً : تخيير ملتقط اللّقطة بعد التّعريف بها :</p><p>30 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الملتقط مخيّر بين أن يتملّك ما التقطه وينتفع به ، أو يتصدّق به ، أو يحفظه أمانةً إلى أن يظهر صاحب اللّقطة فيدفعها إليه ، وهذا بعد التّعريف بها . وذهب الحنابلة والشّافعيّة في قول إلى أنّ الملتقط يملك ما التقطه حتماً - كالميراث - بمجرّد تمام التّعريف بها ، على التّفصيل المذكور في مصطلح : ( لقطة ) . </p><p>وفي الأصحّ عند الشّافعيّة ، وهو قول أبي الخطّاب من الحنابلة : أنّه لا يملك اللّقطة حتّى يختار التّملّك بلفظ صريح أو كناية مع النّيّة ، وفي وجه آخر عند الشّافعيّة : أنّه يملك بمجرّد النّيّة بعد التّعريف . ودليل التّملّك والانتفاع بمجرّد التّعريف ما جاء في روايات الحديث عن زيد بن خالد الجهنيّ رضي الله عنه قال : « جاء أعرابيّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عمّا يلتقطه فقال : عرّفها سنةً ، ثمّ اعرف عفاصها ووكاءها ، فإن جاء أحد يخبرك بها ، وإلاّ فاستنفقها » وفي أخرى : « وإلاّ فهي كسبيل مالك » وفي لفظ : « ثمّ كلها » وفي لفظ :</p><p>« فانتفع بها » وفي لفظ : « فشأنك بها » </p><p>31 - أمّا دليل أنّه لا يتملّك حتّى يختار فما ورد في حديث زيد بن خالد الجهنيّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « فإن جاء صاحبها وإلاّ فشأنك بها » فجعله إلى اختياره ، ولأنّه تملّك ببدل فاعتبر فيه اختيار التّملّك كالملك بالبيع . وإنّما جاز للملتقط اختيار التّصدّق ، لأنّ فيه إيصالاً للحقّ إلى المستحقّ ، وهو واجب بقدر الإمكان ، فإمّا أن يكون بإيصال العين لصاحبها ، وإمّا أن يكون بإيصال العوض عند تعذّره ، وهو الثّواب على اعتبار إجازة صاحب اللّقطة التّصدّق بها . ولهذا كان له الخيار عند ظهوره بين إمضاء الصّدقة أو الرّجوع بالضّمان على الملتقط . وفي المسألة تفصيلات أخرى تنظر في ( لقطة ) .</p><p>تاسعاً : التّخيير في كفّارة اليمين :</p><p>32 - اتّفق الفقهاء على التّخيير في كفّارة اليمين بين أربع خصال : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة ، فإن لم يجد ما يكفّر به من هذه الثّلاثة - بأن عجز عن الإطعام والكسوة والعتق - صام ثلاثة أيّام . </p><p>فهي كفّارة على التّخيير في الثّلاثة الأولى ، وعلى التّرتيب بينها وبين الخصلة الرّابعة . والأصل في التّخيير في كفّارة اليمين قوله تعالى : { لا يُؤَاخِذُكُم اللّهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُم ولكنْ يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدْتُم الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُه إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُم أو كِسْوَتُهم أو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ . فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ ذلك كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُم إذا حَلَفْتُم واحْفَظُوا أَيْمَانِكُم كذلك يُبَيِّنُ اللّهُ لكم آياتِه لعلَّكُم تَشْكُرُون } . </p><p>والمقصود بالتّخيير في كفّارة اليمين أنّ للمكفّر أن يأتي بأيّ خصلة شاء ، وأن ينتقل عنها إلى غيرها بحسب ما يراه ويميل إليه وما يراه الأسهل في حقّه ، فإنّ اللّه سبحانه وتعالى ما خيّره إلاّ لطفاً به . وهذا ما يفترق به التّخيير في كفّارة اليمين عن التّخيير في حدّ المحارب والتّصرّف بالأسرى حيث قيّدا بالمصلحة .</p><p>عاشراً : التّخيير بين القصاص والدّية والعفو :</p><p>33 - أجمع الفقهاء على أنّ وليّ الدّم مخيّر في الجناية على النّفس بين ثلاث خصال : فإمّا أن يقتصّ من القاتل ، أو يعفو عنه إلى الدّية أو بعضها ، أو أن يصالحه على مال مقابل العفو ، أو يعفو عنه مطلقاً . </p><p>ودليل ذلك قوله تعالى : { يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القِصَاصُ في القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بالعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ له منْ أَخِيه شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إليه بِإِحْسَانٍ ذلك تَخْفِيْفٌ منْ رَبِّكُم وَرَحْمَة } الآية ، وقوله تعالى : { وكَتَبْنَا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ } إلى قوله { والجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ به فهو كَفَّارَةٌ له } الآية : أي كفّارة للعافي بصدقته على الجاني . وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النَّظَرَين : إمّا أن يودي ، وإمّا أن يقاد » </p><p>وعن أنس - رضي الله عنه - قال : « ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلاّ أمر فيه بالعفو » . وفي الحديث أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : </p><p>« إنّكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الرّجل من هذيل ، وإنّي عاقله ، فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين : إمّا أن يقتلوا ، أو يأخذوا العقل » .</p><p>واختلف الفقهاء في توقّف تخيير وليّ الدّم في أخذ الدّية على رضا الجاني . </p><p>فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لا يجوز أن يعفو وليّ الدّم إلى الدّية إلاّ برضا الجاني ، وأنّه ليس لوليّ الدّم جبر الجاني على دفع الدّية إذا سلّم نفسه للقصاص . وذهب الشّافعيّة في الأظهر ، والحنابلة في المعتمد إلى أنّ موجب القتل العمد هو القود ، وأنّ الدّية بدل عنه عند سقوطه . فإذا عفا عن القصاص واختار الدّية وجبت دون توقّف على رضا الجاني . وهو قول أشهب من المالكيّة . وفي قول آخر للشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنابلة أنّ موجب القتل العمد هو القصاص أو الدّية أحدهما لا بعينه ، ويتخيّر وليّ الدّم في تعيين أحدهما . </p><p>34 - أمّا دليل الحنفيّة والمالكيّة فيما ذهبوا إليه فهو ما ورد من نصوص توجب القصاص ، كقوله تعالى : { يا أيُّها الّذينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القِصَاصُ في القَتْلى } ممّا يعيّن القصاص. فهو إخبار عن كون القصاص هو الواجب ، وهذا يبطل القول بأنّ الدّية واجبة كذلك . ولمّا كان القتل لا يقابل بالجمع بين القصاص والدّية ، كان القصاص هو عين حقّ الوليّ ، والدّية بدل حقّه ، وليس لصاحب الحقّ أن يعدل من عين الحقّ إلى بدله من غير رضا من عليه الحقّ ، ولهذا لا يجوز اختيار الدّية من غير رضا القاتل . </p><p>وأمّا دليل الشّافعيّة والحنابلة فهو ما تقدّم من أدلّة جواز العفو إلى الدّية ، وقوله تعالى : </p><p>{ فَمَنْ عُفِيَ له منْ أخِيه شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إليه بِإِحْسَانٍ } فأوجب سبحانه على القاتل أداء الدّية إلى الوليّ مطلقاً عن شرط الرّضا ، دفعاً للهلاك عن نفسه . </p><p>ولمّا كان المقصود من تشريع القصاص والدّية هو الزّجر ، فكان ينبغي الجمع بينهما ، كما في شرب خمر الذّمّيّ ، إلاّ أنّه تعذّر الجمع ، لأنّ الدّية بدل النّفس ، وفي القصاص معنى البدليّة كما في قوله تعالى : { أنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ } والباء تفيد البدليّة ، فيؤدّي إلى الجمع بين البدلين ، وهو غير جائز ، فخيّر وليّ الدّم بينهما .</p><p></p><p>تداخل *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّداخل في اللّغة : تشابه الأمور والتباسها ودخول بعضها في بعض . </p><p>وفي الاصطلاح : دخول شيء في شيء آخر بلا زيادة حجم ومقدار . وتداخل العددين أن يعدّ أقلّهما الأكثر ، أي يفنيه ، مثل ثلاثة وتسعة .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الاندراج :</p><p>2 - الاندراج مصدر اندرج ، ومن معانيه في اللّغة : الانقراض . ويستعمله الفقهاء بمعنى دخول أمر في أمر آخر أعمّ منه ، كالحدث الأصغر مع الجنابة في الطّهارة . </p><p>ب - التّباين :</p><p>3 - معنى التّباين في اللّغة : التّهاجر والتّباعد . وفي الاصطلاح : عبارة عمّا إذا نسب أحد الشّيئين إلى الآخر لم يصدق أحدهما على شيء ممّا صدق عليه الآخر ، فإن لم يتصادقا على شيء أصلاً فبينهما التّباين الكلّيّ ، وإن صدقا في الجملة فبينهما التّباين الجزئيّ . كالحيوان والأبيض وبينهما العموم من وجه . والفرق بينه وبين التّداخل واضح ، إذ التّداخل إنّما يكون في الأمور المتشابهة والمتقاربة ، أمّا التّباين فيكون في الأمور المتفاوتة كلّيّاً أو جزئيّاً .</p><p>ج - التّماثل :</p><p>4 - التّماثل : مصدر تماثل ، ومادّة مثل في اللّغة تأتي بمعنى الشّبه ، وبمعنى نفس الشّيء وذاته. والفقهاء يستعملون التّماثل بمعنى التّساوي ، كما في تماثل العددين في مسائل الإرث. </p><p>د - التّوافق :</p><p>5 - معنى التّوافق في اللّغة : الاتّفاق والتّظاهر . </p><p>وتوافق العددين : ألاّ يعدّ أقلّهما الأكثر ، ولكن يعدّهما عدد ثالث ، كالثّمانية مع العشرين ، يعدّهما أربعة ، فهما متوافقان بالرّبع ، لأنّ العدد العادّ مخرج لجزء الوفق . </p><p>محلّ التّداخل :</p><p>6 - ذكر الحنفيّة أنّ التّداخل : إمّا أن يكون في الأسباب : وإمّا أن يكون في الأحكام . والأليق بالعبادات الأوّل ، وبالعقوبات الثّاني ، وذلك ما جاء في العناية : أنّ التّداخل في العبادات إذا كان في الحكم دون السّبب كانت الأسباب باقيةً على تعدّدها ، فيلزم وجود السّبب الموجب للعبادة بدون العبادة ، وفي ذلك ترك الاحتياط فيما يجب فيه الاحتياط ، فقلنا بتداخل الأسباب فيها ليكون جميعها بمنزلة سبب واحد ترتّب عليه حكمه إذا وجد دليل الجمع وهو اتّحاد المجلس ، وأمّا العقوبات فليس ممّا يحتاط فيها ، بل في درئها احتياط فيجعل التّداخل في الحكم ، ليكون عدم الحكم مع وجود الموجب مضافاً إلى عفو اللّه وكرمه ، فإنّه هو الموصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم . </p><p>وفائدة ذلك تظهر فيما لو تلا آية سجدة في مكان فسجدها ، ثمّ تلاها فيه مرّات فإنّه يكفيه تلك الواقعة أوّلاً ، إذ لو لم يكن التّداخل في السّبب لكانت التّلاوة الّتي بعد السّجدة سبباً ، وحكمه قد تقدّم ، وذلك لا يجوز . وأمّا في العقوبات : فإنّه لو زنى ، ثمّ زنى ثانيةً قبل أن يحدّ الأولى ، فإنّ عليه حدّاً واحداً ، بخلاف ما لو زنى فحدّ ، ثمّ زنى فإنّه يحدّ ثانياً . </p><p>وذكر صاحب الفروق من المالكيّة أنّ التّداخل محلّه الأسباب لا الأحكام ، ولم يفرّق في ذلك بين الطّهارات والعبادات ، كالصّلاة والصّيام والكفّارات والحدود والأموال . </p><p>بل ذكر أنّ الحدود المتماثلة إن اختلفت أسبابها كالقذف وشرب الخمر ، أو تماثلت كالزّنى مراراً والسّرقة مراراً والشّرب مراراً قبل إقامة الحدّ عليه ، فإنّها من أولى الأسباب بالتّداخل ، لأنّ تكرّرها مهلك . ويظهر ممّا ذكره الحنابلة في الطّهارات وكفّارة الصّيام ، فيما لو تكرّر منه الجماع في يوم واحد قبل التّكفير ، وفي الحدود إن كانت من جنس واحد أو أجناس أنّ التّداخل عندهم أيضاً إنّما يكون في الأسباب دون الأحكام . </p><p>هذا ويظهر ممّا ذكره الزّركشيّ في المنثور أنّ التّداخل إنّما يكون في الأحكام دون الأسباب ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والعقوبات والإتلافات .</p><p>آثار التّداخل الفقهيّة ومواطنه :</p><p>7 - ذكر القرافيّ في الفروق أنّ التّداخل وقع في الشّريعة في ستّة أبواب ، وهي الطّهارات والصّلوات والصّيام والكفّارات والحدود والأموال . </p><p>وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّه يدخل في ضروب ، وهي : العبادات والعقوبات والإتلافات . وذكر السّيوطيّ وابن نجيم أنّه إذا اجتمع أمران من جنس واحد ، ولم يختلف مقصودهما ، دخل أحدهما في الآخر غالباً ، كالحدث مع الجنابة . هذا والتّداخل يذكره الفقهاء في الطّهارة والصّلاة والصّوم والحجّ ، والفدية والكفّارة والعدد ، والجناية على النّفس والأطراف والدّيات ، والحدود والجزية ، وفي حساب المواريث . وبيان ذلك فيما يلي : </p><p>أوّلاً - الطّهارات :</p><p>8 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ من سنن الغسل : الوضوء قبله ، لأنّه صفة غسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما ونصّ حديث عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ، ثمّ يتوضّأ وضوءه للصّلاة ، ثمّ يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشّعر ، حتّى إذا رأى أن قد استبرأ ، حفن على رأسه ثلاث حثيات ، ثمّ أفاض على سائر جسده ، ثمّ غسل رجليه » . </p><p>هذا عن تحصيل السّنّة . أمّا الأجزاء فيرى الحنفيّة والمالكيّة أنّ الطّهارات كالوضوء والغسل إذا تكرّرت أسبابهما المختلفة كالحيض والجنابة ، أو المتماثلة كالجنابتين ، والملامستين ، فإنّ تلك الأسباب تتداخل ، فيكفي في الجنابتين ، أو في الحيض والجنابة ، أو في الجنابة والملامسة غسل واحد ، لا يحتاج بعده إلى وضوء ،لاندراج سببه في السّبب الموجب للغسل. وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الفعلين في العبادات ، إن كانا في واجب ولم يختلفا في القصد ، تداخلا ، كغسل الحيض مع الجنابة ، فإذا أجنبت ثمّ حاضت ، كفى لهما غسل واحد . </p><p>هذا وقد ذكر الشّافعيّة والحنابلة في تداخل الوضوء والغسل إذا وجبا عليه - كما لو أحدث ثمّ أجنب أو عكسه - أربعة أوجه ، انفرد الشّافعيّة بأوّلها ، واتّفقوا مع الحنابلة في الباقي . أحدهما ، وهو المذهب عند الشّافعيّة ، وقد انفردوا فيه عن الحنابلة ، لكنّ ابن تيميّة اختاره : أنّه يكفيه الغسل ، نوى الوضوء معه أو لم ينوه ، غسل الأعضاء مرتّبةً أم لا ، لأنّهما طهارتان ، فتداخلتا . </p><p>والثّاني ، وذهب إليه أيضاً الحنابلة في إحدى الرّوايات عن أحمد ، وهو من مفردات المذهب عندهم : أنّه يجب عليه الوضوء والغسل ، لأنّهما حقّان مختلفان يجبان بسببين مختلفين ، فلم يدخل أحدهما في الآخر كحدّ الزّنى والسّرقة ، فإن نوى الوضوء دون الغسل أو عكسه ، فليس له غير ما نوى . </p><p>الثّالث ، واختاره أيضاً أبو بكر من الحنابلة ، وقطع به في المبهج : أنّه يأتي بخصائص الوضوء ، بأن يتوضّأ مرتّباً ، ثمّ يغسل سائر البدن ، لأنّهما متّفقان في الغسل ومختلفان في التّرتيب ، فما اتّفقا فيه تداخلا ، وما اختلفا فيه لم يتداخلا . </p><p>الرّابع ، وهو ما حكاه أبو حاتم القزوينيّ من الشّافعيّة ، وهو المذهب مطلقاً عند الحنابلة ، وعليه جماهير أصحابهم ، وقطع به كثير منهم : أنّهما يتداخلان في الأفعال دون النّيّة ، لأنّهما عبادتان متجانستان صغرى وكبرى ، فدخلت الصّغرى في الكبرى في الأفعال دون النّيّة ، كالحجّ والعمرة . هذا ، وجاء في الإنصاف عن الدّينوريّ في وجه حكاه : أنّه إن أحدث ثمّ أجنب فلا تداخل ، وجاء فيه أيضاً أنّ من أحدث ثمّ أجنب ، أو أجنب ثمّ أحدث يكفيه الغسل على الأصحّ ، وهو مماثل لما حكاه الشّافعيّة في الوجه الأوّل .</p><p>ثانياً : التّداخل في الصّلاة وله أمثلة :</p><p>أ - تداخل تحيّة المسجد وصلاة الفرض :</p><p>9 - ذكر ابن نجيم في الأشباه ، والقرافيّ في الفروق : أنّ تحيّة المسجد تدخل في صلاة الفرض مع تعدّد سببهما ، فإنّ سبب التّحيّة هو دخول المسجد ، وسبب الظّهر مثلاً هو الزّوال ، فيقوم سبب الزّوال مقام سبب الدّخول ، فيكتفي به . </p><p>وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ التّداخل في العبادات إن كان في مسنون ، وكان ذلك المسنون من جنس المفعول ، دخل تحته ، كتحيّة المسجد مع صلاة الفرض . </p><p>وذهب الحنابلة إلى أنّ تحيّة المسجد تدخل في الفرض والسّنّة الرّاتبة .</p><p>ب - تداخل سجود السّهو :</p><p>10 - جاء صريحاً في حاشية ابن عابدين - من كتب الحنفيّة - فيمن تكرّر سهوه بحيث أدّى ذلك إلى ترك جميع واجبات الصّلاة ، فإنّه لا يلزمه إلاّ سجدتان . </p><p>وقريب من ذلك ما جاء في المدوّنة من كتب المالكيّة فيمن نسي تكبيرةً أو تكبيرتين ، أو نسي " سمع اللّه لمن حمده " مرّةً أو مرّتين ، أو نسي التّشهّد أو التّشهّدين . </p><p>وجاء في المنثور والأشباه من كتب الشّافعيّة أنّ جبرانات الصّلاة تتداخل لاتّحاد الجنس ، فسجود السّهو وإن تعدّد سجدتان ، لأنّ القصد بسجود السّهو إرغام أنف الشّيطان ، وقد حصل بالسّجدتين آخر الصّلاة ، بخلاف جبرانات الإحرام فلا تتداخل ، لأنّ القصد جبر النّسك وهو لا يحصل إلاّ بالتّعدّد . وقال صاحب المغني : إذا سها سهوين أو أكثر من جنس كفاه سجدتان للجميع ، لا نعلم أحداً خالف فيه . وإن كان السّهو من جنسين ، فكذلك ، حكاه ابن المنذر قولاً لأحمد ، وهو قول أكثر أهل العلم ، منهم : النّخعيّ والثّوريّ ومالك واللّيث والشّافعيّ وأصحاب الرّأي . وذكر أبو بكر من الحنابلة فيه وجهين : أحدهما : ما ذكرنا . والثّاني : يسجد سجودين ، قال الأوزاعيّ وابن أبي حازم وعبد العزيز بن أبي سلمة : إذا كان عليه سجودان ، أحدهما قبل السّلام ، والآخر بعده سجدهما في محلّيهما ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لكلّ سهو سجدتان » . وهذان سهوان ، فلكلّ واحد منهما سجدتان ،ولأنّ كلّ سهو يقتضي سجوداً ، وإنّما تداخلا في الجنس الواحد لاتّفاقهما ، وهذان مختلفان. </p><p>ج - التّداخل في سجود التّلاوة :</p><p>11 - ذكر الحنفيّة أنّ سجدة التّلاوة مبناها على التّداخل دفعاً للحرج . </p><p>والتّداخل فيها تداخل في السّبب دون الحكم ، لأنّها عبادة ، فتنوب الواحدة عمّا قبلها وعمّا بعدها ، ولا يتكرّر وجوبها إلاّ باختلاف المجلس أو اختلاف التّلاوة ( أي الآية ) أو السّماع ، فمن تلا آيةً واحدةً في مجلس واحد مراراً تكفيه سجدة واحدة وأداء السّجدة بعد القراءة الأولى أولى . والأصل في ذلك ما روي « أنّ جبريل عليه السلام كان ينزل بالوحي فيقرأ آية السّجدة على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسمع ويتلقّن ، ثمّ يقرأ على أصحابه ، وكان لا يسجد إلاّ مرّةً واحدةً » . </p><p>وإن تلاها في غير الصّلاة فسجد ، ثمّ دخل في الصّلاة فتلاها فيها ، سجد أخرى . ولو لم يسجد أوّلاً كفته واحدة ، لأنّ الصّلاتيّة أقوى من غيرها ، فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس . ولو لم يسجد في الصّلاة سقطتا في الأصحّ . </p><p>وأمّا المالكيّة فقاعدة المذهب عندهم تكرير سجدة التّلاوة ، إن كرّر حزباً فيه سجدةً ، ولا تكفيه السّجدة الأولى ، لوجود المقتضي للسّجود ، باستثناء المعلّم والمتعلّم فقط عند الإمام مالك وابن القاسم ، واختاره المازريّ ، خلافاً لأصبغ وابن عبد الحكم القائلين بعدم السّجود عليهما ولا في أوّل مرّة . </p><p>ومحلّ الخلاف كما في حاشية الدّسوقيّ إذا حصل التّكرير لحزب فيه سجدة ، وأمّا قارئ القرآن بتمامه فإنّه يسجد جميع سجداته في غير الصّلاة وفي الصّلاة ، حتّى لو قرأه كلّه في ركعة واحدة ، سواء أكان معلّماً أم متعلّماً اتّفاقاً . وجاء في الرّوضة وغيرها من كتب الشّافعيّة : أنّه إذا قرأ آيات السّجدات في مكان واحد ، سجد لكلّ واحدة ، ومثل ذلك قراءته الآية الواحدة في مجلسين . فلو كرّر الآية الواحدة في المجلس الواحد نظر ، إن لم يسجد للمرّة الأولى كفاه سجود واحد ، وإن سجد للأولى فثلاثة أوجه : أصحّها يسجد مرّةً أخرى لتجدّد السّبب ، والثّاني تكفيه الأولى ، والثّالث إن طال الفصل سجد أخرى ، وإلاّ فتكفيه الأولى . ولو كرّر الآية الواحدة في الصّلاة ، فإن كان في ركعة فكالمجلس الواحد ، وإن كان في ركعتين فكالمجلسين . ولو قرأ مرّةً في الصّلاة ، ومرّةً خارجها في المجلس الواحد وسجد للأولى ، فلم ير النّوويّ فيه نصّاً للأصحاب ، وإطلاقهم يقتضي طرد الخلاف فيه . </p><p>وتذكر كتب الحنابلة أيضاً أنّ سجود التّلاوة يتكرّر بتكرّر التّلاوة ، حتّى في طواف مع قصر فصل . وذكر صاحب الإنصاف وجهين في إعادة سجود من قرأ بعد سجوده ، وكذا يتوجّه في تحيّة المسجد إن تكرّر دخوله . </p><p>وقال ابن تميم : وإن قرأ سجدةً فسجد ، ثمّ قرأها في الحال مرّةً أخرى ، لا لأجل السّجود ، فهل يعيد السّجود ؟ على وجهين . وقال القاضي في تخريجه : إن سجد في غير الصّلاة ثمّ صلّى فقرأها فيها أعاد السّجود ، وإن سجد في صلاة ثمّ قرأها في غير صلاة لم يسجد . وقال : إذا قرأ سجدةً في ركعة فسجد ، ثمّ قرأها في الثّانية ، فقيل يعيد السّجود ، وقيل لا .</p><p>ثالثاً : تداخل صوم رمضان وصوم الاعتكاف :</p><p>12 - من المقرّر عند المالكيّة والحنفيّة ، وفي رواية عن أحمد اشتراط الصّوم لصحّة الاعتكاف مطلقاً ، وبناءً على ذلك ذكر القرافيّ أنّ صوم الاعتكاف يدخل في صوم رمضان ، وذلك لأنّ الاعتكاف سبب لتوجّه الأمر بالصّوم ، ورؤية هلال رمضان هي سبب توجّه الأمر بصوم رمضان ، فيدخل السّبب الّذي هو الاعتكاف في السّبب الآخر وهو رؤية الهلال فيكتفي به ويتداخل الاعتكاف ورؤية الهلال .</p><p>رابعاً : تداخل الطّواف والسّعي للقارن :</p><p>13 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والإمام أحمد فيما اشتهر عنه إلى أنّ من قرن بين الحجّ والعمرة في إحرام واحد ، فإنّه يطوف لهما طوافاً واحداً ، ويسعى لهما سعياً واحداً ، وهو قول ابن عمر وجابر بن عبد اللّه رضي الله عنهم ، وبه قال عطاء بن أبي رباح والحسن ومجاهد وطاوس وإسحاق وأبو ثور ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع فأهللنا بعمرة ... » . الحديث . وفيه : </p><p>« وأمّا الّذين جمعوا بين الحجّ والعمرة فإنّما طافوا طوافاً واحداً » . ولأنّ الحجّ والعمرة عبادتان من جنس واحد ، فإذا اجتمعتا دخلت أفعال الصّغرى في الكبرى كالطّهارتين . </p><p>وأيضاً فإنّ الجامع بينهما ناسك يكفيه حلق واحد ورمي واحد ، فكفاه طواف واحد وسعي واحد كالفرد . وذهب الحنفيّة والإمام أحمد في رواية أخرى لم تشتهر إلى أنّ عليه طوافين وسعيين ، وقد روي هذا القول عن عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما ، وبه قال الشّعبيّ وابن أبي ليلى مستدلّين بقوله تعالى : { وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للّه } وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال بلا فرق بين القارن وغيره . </p><p>وبما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من جمع بين الحجّ والعمرة فعليه طوافان » ولأنّهما نسكان ، فكان لهما طوافان ، كما لو كانا منفردين . وأثر هذا الخلاف يظهر في القارن إذا قتل صيداً فإنّه يلزمه جزاء واحد عند القائلين بالتّداخل .</p><p>خامساً : تداخل الفدية :</p><p>14 - ذكر الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الفدية تتداخل . وقد صرّح الحنفيّة بأنّ من قلّم أظافر يديه ورجليه في مجلس واحد ، وهو محرم ، فإنّ عليه دماً واحداً ، لأنّها من المحظورات ، لما فيه من قضاء التّفث ، وهي من نوع واحد ، فلا يزاد على دم واحد . </p><p>وإن كان قلّمها في مجالس ، فكذلك عند محمّد ، لأنّ مبناها على التّداخل ككفّارة الفطر . وعند أبي حنيفة وأبي يوسف يجب لكلّ يد دم ، ولكلّ رجل دم إذا تعدّد المجلس ، لأنّ الغالب في الفدية معنى العبادة فيتقيّد التّداخل باتّحاد المجلس كما في آية السّجدة ، ولأنّ هذه الأعضاء متباينة حقيقةً ، وإنّما جعلت الجناية - وهي تقليم الأظافر في مجلس واحد - جنايةً واحدةً في المعنى لاتّحاد المقصود وهو الرّفق . </p><p>وصرّح الشّافعيّة بمثل ذلك فيمن فعل شيئاً من مقدّمات الجماع ، وجامع بعده ، فقد ذكروا أنّ فدية المقدّمة تدخل في البدنة الواجبة جزاءً عن الجماع . </p><p>وقريب من ذلك ما ذكره الحنابلة فيمن حلق شعر رأسه وبدنه ، بأنّ عليه فديةً واحدةً في أصحّ الرّوايتين عن أحمد ، وهو الصّحيح من المذهب أيضاً ، لأنّ شعر الرّأس والبدن واحد ، وفي رواية أخرى عنه : إنّ لكلّ منهما حكماً منفرداً . وكذا لو لبس أو تطيّب في ثوبه وبدنه ففيه الرّوايتان والمنصوص عن أحمد أنّ عليه فديةً واحدةً . </p><p>وأمّا المالكيّة فإنّهم وإن لم يصرّحوا بتداخل الفدية ، إلاّ أنّهم أوردوا أربع صور تتّحد فيها الفدية وهي أن يظنّ الفاعل الإباحة :</p><p>أ - بأن يعتقد أنّه خرج من إحرامه فيفعل أموراً كلّ منها يوجب الفدية .</p><p>ب - أو يتعدّد موجبها من لبس وتطيّب وقلم أظفار وقتل دوابّ بفور .</p><p>ج - أو يتراخى ما بين الفعلين ، لكنّه عند الفعل الأوّل أو إرادته نوى تكرار الفعل الموجب لها .</p><p>د - أو يتراخى ما بين الفعلين ، إلاّ أنّه لم ينو التّكرار عند الفعل الأوّل منهما ، لكنّه قدّم ما نفعه أعمّ ، كتقديمه لبس الثّوب على لبس السّراويل . </p><p>وتفصيله في محظورات الحجّ من كتب الفقه .</p><p>سادساً : تداخل الكفّارات :</p><p>أ - تداخلها في إفساد صوم رمضان بالجماع :</p><p>15 - لا خلاف بين الفقهاء في وجوب كفّارة واحدة على من تكرّر منه الجماع في يوم واحد من أيّام رمضان ، لأنّ الفعل الثّاني لم يصادف صوماً ، وإنّما الخلاف بينهم فيمن تكرّر منه ذلك الفعل في يومين ، أو في رمضانين ، ولم يكفّر للأوّل ، فذهب محمّد من الحنفيّة ، والحنابلة في وجه ، والزّهريّ والأوزاعيّ إلى أنّه تكفيه كفّارة واحدة ، لأنّها جزاء عن جناية تكرّر سببها قبل استيفائها ، فتتداخل كالحدّ . وذهب الحنفيّة في ظاهر الرّواية الّذي اختاره بعضهم للفتوى وهو الصّحيح ، والمالكيّة والشّافعيّة ، وهو أيضاً المذهب عند الحنابلة : إلى أنّ الكفّارة الواحدة لا تجزئه ، بل عليه كفّارتان ، لأنّ كلّ يوم عبادة منفردة ، فإذا وجبت الكفّارة بإفساده لم تتداخل كالعمرتين والحجّتين ، والتّفصيل في مصطلح : ( كفّارة ) .</p><p>ب - تداخل الكفّارات في الأيمان :</p><p>16 - لا خلاف في أنّ من حلف يميناً فحنث فيها وأدّى ما وجب عليه من الكفّارة ، أنّه لو حلف يميناً أخرى وحنث فيها تجب عليه كفّارة أخرى ، ولا تغني الكفّارة الأولى عن كفّارة الحنث في هذه اليمين الثّانية ، وإنّما الخلاف فيمن حلف أيماناً وحنث فيها . ثمّ أراد التّكفير ، هل تتداخل الكفّارات فتجزئه كفّارة واحدة ؟ أو لا تتداخل فيجب عليه لكلّ يمين كفّارة ؟ تتداخل الكفّارات على أحد القولين عند الحنفيّة ، وأحد الأقوال عند الحنابلة ، ولا تتداخل عند المالكيّة ولا الشّافعيّة ، وتفصيل ذلك في الكفّارات .</p><p>سابعاً : تداخل العدّتين :</p><p>17 - معنى التّداخل في العدد : أن تبتدئ المرأة عدّةً جديدةً وتندرج بقيّة العدّة الأولى في العدّة الثّانية ، والعدّتان إمّا أن تكونا من جنس واحد لرجل واحد أو رجلين ، وإمّا أن تكونا من جنسين كذلك أي لرجل واحد أو رجلين ، وعلى هذا فإنّ المرأة إذا لزمها عدّتان من جنس واحد ، وكانتا لرجل واحد ، فإنّهما تتداخلان عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لاتّحادهما في الجنس والقصد . مثال ذلك : ما لو طلّق زوجته ثلاثاً ، ثمّ تزوّجها في العدّة ووطئها ، وقال : ظننت أنّها تحلّ لي . أو طلّقها بألفاظ الكناية ، فوطئها في العدّة ، فإنّ العدّتين تتداخلان ، فتعتدّ ثلاثة أقراء ابتداءً من الوطء الواقع في العدّة ، ويندرج ما بقي من العدّة الأولى في العدّة الثّانية . أمّا إذا كانتا لرجلين فإنّهما تتداخلان عند الحنفيّة ، لأنّ المقصود التّعرّف على فراغ الرّحم ، وقد حصل بالواحدة فتتداخلان . </p><p>ومثاله : المتوفّى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة ، فهاتان عدّتان من رجلين ومن جنسين . ومثال العدّتين من جنس واحد ومن رجلين : المطلّقة إذا تزوّجت في عدّتها فوطئها الثّاني ، وفرّق بينهما ، تتداخلان وتعتدّ من بدء التّفريق ، ويندرج ما بقي من العدّة الأولى في العدّة الثّانية . وأمّا عند الشّافعيّة والحنابلة فلا تتداخلان ، لأنّهما حقّان مقصودان لآدميّين ، فلم يتداخلا كالدّينين ، ولأنّ العدّة احتباس يستحقّه الرّجال على النّساء ، فلم يجز أن تكون المرأة المعتدّة في احتباس رجلين كاحتباس الزّوجة . </p><p>وأمّا إذا اختلفت العدّتان في الجنس ، وكانتا لرجلين ، فإنّهما تتداخلان أيضاً عند الحنفيّة ، لأنّ كلاً منهما أجل ، والآجال تتداخل . </p><p>ولا تداخل بينهما عند الشّافعيّة والحنابلة ، لأنّ كلاً منهما حقّ مقصود للآدميّ ، فعليها أن تعتدّ للأوّل لسبقه ، ثمّ تعتدّ للثّاني ، ولا تتقدّم عدّة الثّاني على عدّة الأوّل إلاّ بالحمل . </p><p>وإن كانتا من جنسين لشخص واحد تداخلتا أيضاً عند الحنفيّة ، وفي أصحّ الوجهين عند الشّافعيّة ، وفي أحد الوجهين عند الحنابلة ، لأنّهما لرجل واحد . ولا تداخل بينهما على مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة ، وعلى الوجه الثّاني عند الحنابلة لاختلافهما في الجنس . </p><p>وأمّا المالكيّة فقد لخصّ ابن جزيّ مذهبهم في تداخل العدد بقوله : فروع في تداخل العدّتين : الفرع الأوّل : من طلقت طلاقاً رجعيّاً ، ثمّ مات زوجها في العدّة انتقلت إلى عدّة الوفاة ، لأنّ الموت يهدم عدّة الرّجعيّ بخلاف البائن . </p><p>الفرع الثّاني : إن طلّقها رجعيّاً ثمّ ارتجعها في العدّة ، ثمّ طلّقها ، استأنفت العدّة من الطّلاق الثّاني ، سواء كان قد وطئها أم لا ، لأنّ الرّجعة تهدم العدّة ، ولو طلّقها ثانيةً في العدّة من غير رجعة بَنَتْ اتّفاقاً ، ولو طلّقها طلقةً ثانيةً ثمّ راجعها في العدّة أو بعدها ، ثمّ طلّقها قبل المسيس بَنَتْ على عدّتها الأولى ، ولو طلّقها بعد الدّخول استأنفت من الطّلاق الثّاني . </p><p>الفرع الثّالث : إذا تزوّجت في عدّتها من الطّلاق ، فدخل بها الثّاني ، ثمّ فرّق بينهما ، اعتدّت بقيّة عدّتها من الأوّل ، ثمّ اعتدّت من الثّاني ، وقيل : تعتدّ من الثّاني وتجزيها عنهما ، وإن كانت حاملاً فالوضع يجزي عن العدّتين اتّفاقاً . والتّفصيل في مصطلح : ( عدّة ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41247, member: 329"] ثامناً : تخيير ملتقط اللّقطة بعد التّعريف بها : 30 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ الملتقط مخيّر بين أن يتملّك ما التقطه وينتفع به ، أو يتصدّق به ، أو يحفظه أمانةً إلى أن يظهر صاحب اللّقطة فيدفعها إليه ، وهذا بعد التّعريف بها . وذهب الحنابلة والشّافعيّة في قول إلى أنّ الملتقط يملك ما التقطه حتماً - كالميراث - بمجرّد تمام التّعريف بها ، على التّفصيل المذكور في مصطلح : ( لقطة ) . وفي الأصحّ عند الشّافعيّة ، وهو قول أبي الخطّاب من الحنابلة : أنّه لا يملك اللّقطة حتّى يختار التّملّك بلفظ صريح أو كناية مع النّيّة ، وفي وجه آخر عند الشّافعيّة : أنّه يملك بمجرّد النّيّة بعد التّعريف . ودليل التّملّك والانتفاع بمجرّد التّعريف ما جاء في روايات الحديث عن زيد بن خالد الجهنيّ رضي الله عنه قال : « جاء أعرابيّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله عمّا يلتقطه فقال : عرّفها سنةً ، ثمّ اعرف عفاصها ووكاءها ، فإن جاء أحد يخبرك بها ، وإلاّ فاستنفقها » وفي أخرى : « وإلاّ فهي كسبيل مالك » وفي لفظ : « ثمّ كلها » وفي لفظ : « فانتفع بها » وفي لفظ : « فشأنك بها » 31 - أمّا دليل أنّه لا يتملّك حتّى يختار فما ورد في حديث زيد بن خالد الجهنيّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « فإن جاء صاحبها وإلاّ فشأنك بها » فجعله إلى اختياره ، ولأنّه تملّك ببدل فاعتبر فيه اختيار التّملّك كالملك بالبيع . وإنّما جاز للملتقط اختيار التّصدّق ، لأنّ فيه إيصالاً للحقّ إلى المستحقّ ، وهو واجب بقدر الإمكان ، فإمّا أن يكون بإيصال العين لصاحبها ، وإمّا أن يكون بإيصال العوض عند تعذّره ، وهو الثّواب على اعتبار إجازة صاحب اللّقطة التّصدّق بها . ولهذا كان له الخيار عند ظهوره بين إمضاء الصّدقة أو الرّجوع بالضّمان على الملتقط . وفي المسألة تفصيلات أخرى تنظر في ( لقطة ) . تاسعاً : التّخيير في كفّارة اليمين : 32 - اتّفق الفقهاء على التّخيير في كفّارة اليمين بين أربع خصال : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة ، فإن لم يجد ما يكفّر به من هذه الثّلاثة - بأن عجز عن الإطعام والكسوة والعتق - صام ثلاثة أيّام . فهي كفّارة على التّخيير في الثّلاثة الأولى ، وعلى التّرتيب بينها وبين الخصلة الرّابعة . والأصل في التّخيير في كفّارة اليمين قوله تعالى : { لا يُؤَاخِذُكُم اللّهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُم ولكنْ يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدْتُم الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُه إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِين مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُم أو كِسْوَتُهم أو تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ . فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ ذلك كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُم إذا حَلَفْتُم واحْفَظُوا أَيْمَانِكُم كذلك يُبَيِّنُ اللّهُ لكم آياتِه لعلَّكُم تَشْكُرُون } . والمقصود بالتّخيير في كفّارة اليمين أنّ للمكفّر أن يأتي بأيّ خصلة شاء ، وأن ينتقل عنها إلى غيرها بحسب ما يراه ويميل إليه وما يراه الأسهل في حقّه ، فإنّ اللّه سبحانه وتعالى ما خيّره إلاّ لطفاً به . وهذا ما يفترق به التّخيير في كفّارة اليمين عن التّخيير في حدّ المحارب والتّصرّف بالأسرى حيث قيّدا بالمصلحة . عاشراً : التّخيير بين القصاص والدّية والعفو : 33 - أجمع الفقهاء على أنّ وليّ الدّم مخيّر في الجناية على النّفس بين ثلاث خصال : فإمّا أن يقتصّ من القاتل ، أو يعفو عنه إلى الدّية أو بعضها ، أو أن يصالحه على مال مقابل العفو ، أو يعفو عنه مطلقاً . ودليل ذلك قوله تعالى : { يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القِصَاصُ في القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ والعَبْدُ بالعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ له منْ أَخِيه شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إليه بِإِحْسَانٍ ذلك تَخْفِيْفٌ منْ رَبِّكُم وَرَحْمَة } الآية ، وقوله تعالى : { وكَتَبْنَا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ } إلى قوله { والجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ به فهو كَفَّارَةٌ له } الآية : أي كفّارة للعافي بصدقته على الجاني . وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النَّظَرَين : إمّا أن يودي ، وإمّا أن يقاد » وعن أنس - رضي الله عنه - قال : « ما رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلاّ أمر فيه بالعفو » . وفي الحديث أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إنّكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا الرّجل من هذيل ، وإنّي عاقله ، فمن قتل له قتيل بعد اليوم فأهله بين خيرتين : إمّا أن يقتلوا ، أو يأخذوا العقل » . واختلف الفقهاء في توقّف تخيير وليّ الدّم في أخذ الدّية على رضا الجاني . فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لا يجوز أن يعفو وليّ الدّم إلى الدّية إلاّ برضا الجاني ، وأنّه ليس لوليّ الدّم جبر الجاني على دفع الدّية إذا سلّم نفسه للقصاص . وذهب الشّافعيّة في الأظهر ، والحنابلة في المعتمد إلى أنّ موجب القتل العمد هو القود ، وأنّ الدّية بدل عنه عند سقوطه . فإذا عفا عن القصاص واختار الدّية وجبت دون توقّف على رضا الجاني . وهو قول أشهب من المالكيّة . وفي قول آخر للشّافعيّة ، وهو رواية عند الحنابلة أنّ موجب القتل العمد هو القصاص أو الدّية أحدهما لا بعينه ، ويتخيّر وليّ الدّم في تعيين أحدهما . 34 - أمّا دليل الحنفيّة والمالكيّة فيما ذهبوا إليه فهو ما ورد من نصوص توجب القصاص ، كقوله تعالى : { يا أيُّها الّذينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القِصَاصُ في القَتْلى } ممّا يعيّن القصاص. فهو إخبار عن كون القصاص هو الواجب ، وهذا يبطل القول بأنّ الدّية واجبة كذلك . ولمّا كان القتل لا يقابل بالجمع بين القصاص والدّية ، كان القصاص هو عين حقّ الوليّ ، والدّية بدل حقّه ، وليس لصاحب الحقّ أن يعدل من عين الحقّ إلى بدله من غير رضا من عليه الحقّ ، ولهذا لا يجوز اختيار الدّية من غير رضا القاتل . وأمّا دليل الشّافعيّة والحنابلة فهو ما تقدّم من أدلّة جواز العفو إلى الدّية ، وقوله تعالى : { فَمَنْ عُفِيَ له منْ أخِيه شَيءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وأَدَاءٌ إليه بِإِحْسَانٍ } فأوجب سبحانه على القاتل أداء الدّية إلى الوليّ مطلقاً عن شرط الرّضا ، دفعاً للهلاك عن نفسه . ولمّا كان المقصود من تشريع القصاص والدّية هو الزّجر ، فكان ينبغي الجمع بينهما ، كما في شرب خمر الذّمّيّ ، إلاّ أنّه تعذّر الجمع ، لأنّ الدّية بدل النّفس ، وفي القصاص معنى البدليّة كما في قوله تعالى : { أنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ } والباء تفيد البدليّة ، فيؤدّي إلى الجمع بين البدلين ، وهو غير جائز ، فخيّر وليّ الدّم بينهما . تداخل * التّعريف : 1 - التّداخل في اللّغة : تشابه الأمور والتباسها ودخول بعضها في بعض . وفي الاصطلاح : دخول شيء في شيء آخر بلا زيادة حجم ومقدار . وتداخل العددين أن يعدّ أقلّهما الأكثر ، أي يفنيه ، مثل ثلاثة وتسعة . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الاندراج : 2 - الاندراج مصدر اندرج ، ومن معانيه في اللّغة : الانقراض . ويستعمله الفقهاء بمعنى دخول أمر في أمر آخر أعمّ منه ، كالحدث الأصغر مع الجنابة في الطّهارة . ب - التّباين : 3 - معنى التّباين في اللّغة : التّهاجر والتّباعد . وفي الاصطلاح : عبارة عمّا إذا نسب أحد الشّيئين إلى الآخر لم يصدق أحدهما على شيء ممّا صدق عليه الآخر ، فإن لم يتصادقا على شيء أصلاً فبينهما التّباين الكلّيّ ، وإن صدقا في الجملة فبينهما التّباين الجزئيّ . كالحيوان والأبيض وبينهما العموم من وجه . والفرق بينه وبين التّداخل واضح ، إذ التّداخل إنّما يكون في الأمور المتشابهة والمتقاربة ، أمّا التّباين فيكون في الأمور المتفاوتة كلّيّاً أو جزئيّاً . ج - التّماثل : 4 - التّماثل : مصدر تماثل ، ومادّة مثل في اللّغة تأتي بمعنى الشّبه ، وبمعنى نفس الشّيء وذاته. والفقهاء يستعملون التّماثل بمعنى التّساوي ، كما في تماثل العددين في مسائل الإرث. د - التّوافق : 5 - معنى التّوافق في اللّغة : الاتّفاق والتّظاهر . وتوافق العددين : ألاّ يعدّ أقلّهما الأكثر ، ولكن يعدّهما عدد ثالث ، كالثّمانية مع العشرين ، يعدّهما أربعة ، فهما متوافقان بالرّبع ، لأنّ العدد العادّ مخرج لجزء الوفق . محلّ التّداخل : 6 - ذكر الحنفيّة أنّ التّداخل : إمّا أن يكون في الأسباب : وإمّا أن يكون في الأحكام . والأليق بالعبادات الأوّل ، وبالعقوبات الثّاني ، وذلك ما جاء في العناية : أنّ التّداخل في العبادات إذا كان في الحكم دون السّبب كانت الأسباب باقيةً على تعدّدها ، فيلزم وجود السّبب الموجب للعبادة بدون العبادة ، وفي ذلك ترك الاحتياط فيما يجب فيه الاحتياط ، فقلنا بتداخل الأسباب فيها ليكون جميعها بمنزلة سبب واحد ترتّب عليه حكمه إذا وجد دليل الجمع وهو اتّحاد المجلس ، وأمّا العقوبات فليس ممّا يحتاط فيها ، بل في درئها احتياط فيجعل التّداخل في الحكم ، ليكون عدم الحكم مع وجود الموجب مضافاً إلى عفو اللّه وكرمه ، فإنّه هو الموصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم . وفائدة ذلك تظهر فيما لو تلا آية سجدة في مكان فسجدها ، ثمّ تلاها فيه مرّات فإنّه يكفيه تلك الواقعة أوّلاً ، إذ لو لم يكن التّداخل في السّبب لكانت التّلاوة الّتي بعد السّجدة سبباً ، وحكمه قد تقدّم ، وذلك لا يجوز . وأمّا في العقوبات : فإنّه لو زنى ، ثمّ زنى ثانيةً قبل أن يحدّ الأولى ، فإنّ عليه حدّاً واحداً ، بخلاف ما لو زنى فحدّ ، ثمّ زنى فإنّه يحدّ ثانياً . وذكر صاحب الفروق من المالكيّة أنّ التّداخل محلّه الأسباب لا الأحكام ، ولم يفرّق في ذلك بين الطّهارات والعبادات ، كالصّلاة والصّيام والكفّارات والحدود والأموال . بل ذكر أنّ الحدود المتماثلة إن اختلفت أسبابها كالقذف وشرب الخمر ، أو تماثلت كالزّنى مراراً والسّرقة مراراً والشّرب مراراً قبل إقامة الحدّ عليه ، فإنّها من أولى الأسباب بالتّداخل ، لأنّ تكرّرها مهلك . ويظهر ممّا ذكره الحنابلة في الطّهارات وكفّارة الصّيام ، فيما لو تكرّر منه الجماع في يوم واحد قبل التّكفير ، وفي الحدود إن كانت من جنس واحد أو أجناس أنّ التّداخل عندهم أيضاً إنّما يكون في الأسباب دون الأحكام . هذا ويظهر ممّا ذكره الزّركشيّ في المنثور أنّ التّداخل إنّما يكون في الأحكام دون الأسباب ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والعقوبات والإتلافات . آثار التّداخل الفقهيّة ومواطنه : 7 - ذكر القرافيّ في الفروق أنّ التّداخل وقع في الشّريعة في ستّة أبواب ، وهي الطّهارات والصّلوات والصّيام والكفّارات والحدود والأموال . وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّه يدخل في ضروب ، وهي : العبادات والعقوبات والإتلافات . وذكر السّيوطيّ وابن نجيم أنّه إذا اجتمع أمران من جنس واحد ، ولم يختلف مقصودهما ، دخل أحدهما في الآخر غالباً ، كالحدث مع الجنابة . هذا والتّداخل يذكره الفقهاء في الطّهارة والصّلاة والصّوم والحجّ ، والفدية والكفّارة والعدد ، والجناية على النّفس والأطراف والدّيات ، والحدود والجزية ، وفي حساب المواريث . وبيان ذلك فيما يلي : أوّلاً - الطّهارات : 8 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ من سنن الغسل : الوضوء قبله ، لأنّه صفة غسل النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما ونصّ حديث عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ، ثمّ يتوضّأ وضوءه للصّلاة ، ثمّ يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشّعر ، حتّى إذا رأى أن قد استبرأ ، حفن على رأسه ثلاث حثيات ، ثمّ أفاض على سائر جسده ، ثمّ غسل رجليه » . هذا عن تحصيل السّنّة . أمّا الأجزاء فيرى الحنفيّة والمالكيّة أنّ الطّهارات كالوضوء والغسل إذا تكرّرت أسبابهما المختلفة كالحيض والجنابة ، أو المتماثلة كالجنابتين ، والملامستين ، فإنّ تلك الأسباب تتداخل ، فيكفي في الجنابتين ، أو في الحيض والجنابة ، أو في الجنابة والملامسة غسل واحد ، لا يحتاج بعده إلى وضوء ،لاندراج سببه في السّبب الموجب للغسل. وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الفعلين في العبادات ، إن كانا في واجب ولم يختلفا في القصد ، تداخلا ، كغسل الحيض مع الجنابة ، فإذا أجنبت ثمّ حاضت ، كفى لهما غسل واحد . هذا وقد ذكر الشّافعيّة والحنابلة في تداخل الوضوء والغسل إذا وجبا عليه - كما لو أحدث ثمّ أجنب أو عكسه - أربعة أوجه ، انفرد الشّافعيّة بأوّلها ، واتّفقوا مع الحنابلة في الباقي . أحدهما ، وهو المذهب عند الشّافعيّة ، وقد انفردوا فيه عن الحنابلة ، لكنّ ابن تيميّة اختاره : أنّه يكفيه الغسل ، نوى الوضوء معه أو لم ينوه ، غسل الأعضاء مرتّبةً أم لا ، لأنّهما طهارتان ، فتداخلتا . والثّاني ، وذهب إليه أيضاً الحنابلة في إحدى الرّوايات عن أحمد ، وهو من مفردات المذهب عندهم : أنّه يجب عليه الوضوء والغسل ، لأنّهما حقّان مختلفان يجبان بسببين مختلفين ، فلم يدخل أحدهما في الآخر كحدّ الزّنى والسّرقة ، فإن نوى الوضوء دون الغسل أو عكسه ، فليس له غير ما نوى . الثّالث ، واختاره أيضاً أبو بكر من الحنابلة ، وقطع به في المبهج : أنّه يأتي بخصائص الوضوء ، بأن يتوضّأ مرتّباً ، ثمّ يغسل سائر البدن ، لأنّهما متّفقان في الغسل ومختلفان في التّرتيب ، فما اتّفقا فيه تداخلا ، وما اختلفا فيه لم يتداخلا . الرّابع ، وهو ما حكاه أبو حاتم القزوينيّ من الشّافعيّة ، وهو المذهب مطلقاً عند الحنابلة ، وعليه جماهير أصحابهم ، وقطع به كثير منهم : أنّهما يتداخلان في الأفعال دون النّيّة ، لأنّهما عبادتان متجانستان صغرى وكبرى ، فدخلت الصّغرى في الكبرى في الأفعال دون النّيّة ، كالحجّ والعمرة . هذا ، وجاء في الإنصاف عن الدّينوريّ في وجه حكاه : أنّه إن أحدث ثمّ أجنب فلا تداخل ، وجاء فيه أيضاً أنّ من أحدث ثمّ أجنب ، أو أجنب ثمّ أحدث يكفيه الغسل على الأصحّ ، وهو مماثل لما حكاه الشّافعيّة في الوجه الأوّل . ثانياً : التّداخل في الصّلاة وله أمثلة : أ - تداخل تحيّة المسجد وصلاة الفرض : 9 - ذكر ابن نجيم في الأشباه ، والقرافيّ في الفروق : أنّ تحيّة المسجد تدخل في صلاة الفرض مع تعدّد سببهما ، فإنّ سبب التّحيّة هو دخول المسجد ، وسبب الظّهر مثلاً هو الزّوال ، فيقوم سبب الزّوال مقام سبب الدّخول ، فيكتفي به . وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ التّداخل في العبادات إن كان في مسنون ، وكان ذلك المسنون من جنس المفعول ، دخل تحته ، كتحيّة المسجد مع صلاة الفرض . وذهب الحنابلة إلى أنّ تحيّة المسجد تدخل في الفرض والسّنّة الرّاتبة . ب - تداخل سجود السّهو : 10 - جاء صريحاً في حاشية ابن عابدين - من كتب الحنفيّة - فيمن تكرّر سهوه بحيث أدّى ذلك إلى ترك جميع واجبات الصّلاة ، فإنّه لا يلزمه إلاّ سجدتان . وقريب من ذلك ما جاء في المدوّنة من كتب المالكيّة فيمن نسي تكبيرةً أو تكبيرتين ، أو نسي " سمع اللّه لمن حمده " مرّةً أو مرّتين ، أو نسي التّشهّد أو التّشهّدين . وجاء في المنثور والأشباه من كتب الشّافعيّة أنّ جبرانات الصّلاة تتداخل لاتّحاد الجنس ، فسجود السّهو وإن تعدّد سجدتان ، لأنّ القصد بسجود السّهو إرغام أنف الشّيطان ، وقد حصل بالسّجدتين آخر الصّلاة ، بخلاف جبرانات الإحرام فلا تتداخل ، لأنّ القصد جبر النّسك وهو لا يحصل إلاّ بالتّعدّد . وقال صاحب المغني : إذا سها سهوين أو أكثر من جنس كفاه سجدتان للجميع ، لا نعلم أحداً خالف فيه . وإن كان السّهو من جنسين ، فكذلك ، حكاه ابن المنذر قولاً لأحمد ، وهو قول أكثر أهل العلم ، منهم : النّخعيّ والثّوريّ ومالك واللّيث والشّافعيّ وأصحاب الرّأي . وذكر أبو بكر من الحنابلة فيه وجهين : أحدهما : ما ذكرنا . والثّاني : يسجد سجودين ، قال الأوزاعيّ وابن أبي حازم وعبد العزيز بن أبي سلمة : إذا كان عليه سجودان ، أحدهما قبل السّلام ، والآخر بعده سجدهما في محلّيهما ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لكلّ سهو سجدتان » . وهذان سهوان ، فلكلّ واحد منهما سجدتان ،ولأنّ كلّ سهو يقتضي سجوداً ، وإنّما تداخلا في الجنس الواحد لاتّفاقهما ، وهذان مختلفان. ج - التّداخل في سجود التّلاوة : 11 - ذكر الحنفيّة أنّ سجدة التّلاوة مبناها على التّداخل دفعاً للحرج . والتّداخل فيها تداخل في السّبب دون الحكم ، لأنّها عبادة ، فتنوب الواحدة عمّا قبلها وعمّا بعدها ، ولا يتكرّر وجوبها إلاّ باختلاف المجلس أو اختلاف التّلاوة ( أي الآية ) أو السّماع ، فمن تلا آيةً واحدةً في مجلس واحد مراراً تكفيه سجدة واحدة وأداء السّجدة بعد القراءة الأولى أولى . والأصل في ذلك ما روي « أنّ جبريل عليه السلام كان ينزل بالوحي فيقرأ آية السّجدة على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسمع ويتلقّن ، ثمّ يقرأ على أصحابه ، وكان لا يسجد إلاّ مرّةً واحدةً » . وإن تلاها في غير الصّلاة فسجد ، ثمّ دخل في الصّلاة فتلاها فيها ، سجد أخرى . ولو لم يسجد أوّلاً كفته واحدة ، لأنّ الصّلاتيّة أقوى من غيرها ، فتستتبع غيرها وإن اختلف المجلس . ولو لم يسجد في الصّلاة سقطتا في الأصحّ . وأمّا المالكيّة فقاعدة المذهب عندهم تكرير سجدة التّلاوة ، إن كرّر حزباً فيه سجدةً ، ولا تكفيه السّجدة الأولى ، لوجود المقتضي للسّجود ، باستثناء المعلّم والمتعلّم فقط عند الإمام مالك وابن القاسم ، واختاره المازريّ ، خلافاً لأصبغ وابن عبد الحكم القائلين بعدم السّجود عليهما ولا في أوّل مرّة . ومحلّ الخلاف كما في حاشية الدّسوقيّ إذا حصل التّكرير لحزب فيه سجدة ، وأمّا قارئ القرآن بتمامه فإنّه يسجد جميع سجداته في غير الصّلاة وفي الصّلاة ، حتّى لو قرأه كلّه في ركعة واحدة ، سواء أكان معلّماً أم متعلّماً اتّفاقاً . وجاء في الرّوضة وغيرها من كتب الشّافعيّة : أنّه إذا قرأ آيات السّجدات في مكان واحد ، سجد لكلّ واحدة ، ومثل ذلك قراءته الآية الواحدة في مجلسين . فلو كرّر الآية الواحدة في المجلس الواحد نظر ، إن لم يسجد للمرّة الأولى كفاه سجود واحد ، وإن سجد للأولى فثلاثة أوجه : أصحّها يسجد مرّةً أخرى لتجدّد السّبب ، والثّاني تكفيه الأولى ، والثّالث إن طال الفصل سجد أخرى ، وإلاّ فتكفيه الأولى . ولو كرّر الآية الواحدة في الصّلاة ، فإن كان في ركعة فكالمجلس الواحد ، وإن كان في ركعتين فكالمجلسين . ولو قرأ مرّةً في الصّلاة ، ومرّةً خارجها في المجلس الواحد وسجد للأولى ، فلم ير النّوويّ فيه نصّاً للأصحاب ، وإطلاقهم يقتضي طرد الخلاف فيه . وتذكر كتب الحنابلة أيضاً أنّ سجود التّلاوة يتكرّر بتكرّر التّلاوة ، حتّى في طواف مع قصر فصل . وذكر صاحب الإنصاف وجهين في إعادة سجود من قرأ بعد سجوده ، وكذا يتوجّه في تحيّة المسجد إن تكرّر دخوله . وقال ابن تميم : وإن قرأ سجدةً فسجد ، ثمّ قرأها في الحال مرّةً أخرى ، لا لأجل السّجود ، فهل يعيد السّجود ؟ على وجهين . وقال القاضي في تخريجه : إن سجد في غير الصّلاة ثمّ صلّى فقرأها فيها أعاد السّجود ، وإن سجد في صلاة ثمّ قرأها في غير صلاة لم يسجد . وقال : إذا قرأ سجدةً في ركعة فسجد ، ثمّ قرأها في الثّانية ، فقيل يعيد السّجود ، وقيل لا . ثالثاً : تداخل صوم رمضان وصوم الاعتكاف : 12 - من المقرّر عند المالكيّة والحنفيّة ، وفي رواية عن أحمد اشتراط الصّوم لصحّة الاعتكاف مطلقاً ، وبناءً على ذلك ذكر القرافيّ أنّ صوم الاعتكاف يدخل في صوم رمضان ، وذلك لأنّ الاعتكاف سبب لتوجّه الأمر بالصّوم ، ورؤية هلال رمضان هي سبب توجّه الأمر بصوم رمضان ، فيدخل السّبب الّذي هو الاعتكاف في السّبب الآخر وهو رؤية الهلال فيكتفي به ويتداخل الاعتكاف ورؤية الهلال . رابعاً : تداخل الطّواف والسّعي للقارن : 13 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والإمام أحمد فيما اشتهر عنه إلى أنّ من قرن بين الحجّ والعمرة في إحرام واحد ، فإنّه يطوف لهما طوافاً واحداً ، ويسعى لهما سعياً واحداً ، وهو قول ابن عمر وجابر بن عبد اللّه رضي الله عنهم ، وبه قال عطاء بن أبي رباح والحسن ومجاهد وطاوس وإسحاق وأبو ثور ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : « خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع فأهللنا بعمرة ... » . الحديث . وفيه : « وأمّا الّذين جمعوا بين الحجّ والعمرة فإنّما طافوا طوافاً واحداً » . ولأنّ الحجّ والعمرة عبادتان من جنس واحد ، فإذا اجتمعتا دخلت أفعال الصّغرى في الكبرى كالطّهارتين . وأيضاً فإنّ الجامع بينهما ناسك يكفيه حلق واحد ورمي واحد ، فكفاه طواف واحد وسعي واحد كالفرد . وذهب الحنفيّة والإمام أحمد في رواية أخرى لم تشتهر إلى أنّ عليه طوافين وسعيين ، وقد روي هذا القول عن عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما ، وبه قال الشّعبيّ وابن أبي ليلى مستدلّين بقوله تعالى : { وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للّه } وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال بلا فرق بين القارن وغيره . وبما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من جمع بين الحجّ والعمرة فعليه طوافان » ولأنّهما نسكان ، فكان لهما طوافان ، كما لو كانا منفردين . وأثر هذا الخلاف يظهر في القارن إذا قتل صيداً فإنّه يلزمه جزاء واحد عند القائلين بالتّداخل . خامساً : تداخل الفدية : 14 - ذكر الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الفدية تتداخل . وقد صرّح الحنفيّة بأنّ من قلّم أظافر يديه ورجليه في مجلس واحد ، وهو محرم ، فإنّ عليه دماً واحداً ، لأنّها من المحظورات ، لما فيه من قضاء التّفث ، وهي من نوع واحد ، فلا يزاد على دم واحد . وإن كان قلّمها في مجالس ، فكذلك عند محمّد ، لأنّ مبناها على التّداخل ككفّارة الفطر . وعند أبي حنيفة وأبي يوسف يجب لكلّ يد دم ، ولكلّ رجل دم إذا تعدّد المجلس ، لأنّ الغالب في الفدية معنى العبادة فيتقيّد التّداخل باتّحاد المجلس كما في آية السّجدة ، ولأنّ هذه الأعضاء متباينة حقيقةً ، وإنّما جعلت الجناية - وهي تقليم الأظافر في مجلس واحد - جنايةً واحدةً في المعنى لاتّحاد المقصود وهو الرّفق . وصرّح الشّافعيّة بمثل ذلك فيمن فعل شيئاً من مقدّمات الجماع ، وجامع بعده ، فقد ذكروا أنّ فدية المقدّمة تدخل في البدنة الواجبة جزاءً عن الجماع . وقريب من ذلك ما ذكره الحنابلة فيمن حلق شعر رأسه وبدنه ، بأنّ عليه فديةً واحدةً في أصحّ الرّوايتين عن أحمد ، وهو الصّحيح من المذهب أيضاً ، لأنّ شعر الرّأس والبدن واحد ، وفي رواية أخرى عنه : إنّ لكلّ منهما حكماً منفرداً . وكذا لو لبس أو تطيّب في ثوبه وبدنه ففيه الرّوايتان والمنصوص عن أحمد أنّ عليه فديةً واحدةً . وأمّا المالكيّة فإنّهم وإن لم يصرّحوا بتداخل الفدية ، إلاّ أنّهم أوردوا أربع صور تتّحد فيها الفدية وهي أن يظنّ الفاعل الإباحة : أ - بأن يعتقد أنّه خرج من إحرامه فيفعل أموراً كلّ منها يوجب الفدية . ب - أو يتعدّد موجبها من لبس وتطيّب وقلم أظفار وقتل دوابّ بفور . ج - أو يتراخى ما بين الفعلين ، لكنّه عند الفعل الأوّل أو إرادته نوى تكرار الفعل الموجب لها . د - أو يتراخى ما بين الفعلين ، إلاّ أنّه لم ينو التّكرار عند الفعل الأوّل منهما ، لكنّه قدّم ما نفعه أعمّ ، كتقديمه لبس الثّوب على لبس السّراويل . وتفصيله في محظورات الحجّ من كتب الفقه . سادساً : تداخل الكفّارات : أ - تداخلها في إفساد صوم رمضان بالجماع : 15 - لا خلاف بين الفقهاء في وجوب كفّارة واحدة على من تكرّر منه الجماع في يوم واحد من أيّام رمضان ، لأنّ الفعل الثّاني لم يصادف صوماً ، وإنّما الخلاف بينهم فيمن تكرّر منه ذلك الفعل في يومين ، أو في رمضانين ، ولم يكفّر للأوّل ، فذهب محمّد من الحنفيّة ، والحنابلة في وجه ، والزّهريّ والأوزاعيّ إلى أنّه تكفيه كفّارة واحدة ، لأنّها جزاء عن جناية تكرّر سببها قبل استيفائها ، فتتداخل كالحدّ . وذهب الحنفيّة في ظاهر الرّواية الّذي اختاره بعضهم للفتوى وهو الصّحيح ، والمالكيّة والشّافعيّة ، وهو أيضاً المذهب عند الحنابلة : إلى أنّ الكفّارة الواحدة لا تجزئه ، بل عليه كفّارتان ، لأنّ كلّ يوم عبادة منفردة ، فإذا وجبت الكفّارة بإفساده لم تتداخل كالعمرتين والحجّتين ، والتّفصيل في مصطلح : ( كفّارة ) . ب - تداخل الكفّارات في الأيمان : 16 - لا خلاف في أنّ من حلف يميناً فحنث فيها وأدّى ما وجب عليه من الكفّارة ، أنّه لو حلف يميناً أخرى وحنث فيها تجب عليه كفّارة أخرى ، ولا تغني الكفّارة الأولى عن كفّارة الحنث في هذه اليمين الثّانية ، وإنّما الخلاف فيمن حلف أيماناً وحنث فيها . ثمّ أراد التّكفير ، هل تتداخل الكفّارات فتجزئه كفّارة واحدة ؟ أو لا تتداخل فيجب عليه لكلّ يمين كفّارة ؟ تتداخل الكفّارات على أحد القولين عند الحنفيّة ، وأحد الأقوال عند الحنابلة ، ولا تتداخل عند المالكيّة ولا الشّافعيّة ، وتفصيل ذلك في الكفّارات . سابعاً : تداخل العدّتين : 17 - معنى التّداخل في العدد : أن تبتدئ المرأة عدّةً جديدةً وتندرج بقيّة العدّة الأولى في العدّة الثّانية ، والعدّتان إمّا أن تكونا من جنس واحد لرجل واحد أو رجلين ، وإمّا أن تكونا من جنسين كذلك أي لرجل واحد أو رجلين ، وعلى هذا فإنّ المرأة إذا لزمها عدّتان من جنس واحد ، وكانتا لرجل واحد ، فإنّهما تتداخلان عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة لاتّحادهما في الجنس والقصد . مثال ذلك : ما لو طلّق زوجته ثلاثاً ، ثمّ تزوّجها في العدّة ووطئها ، وقال : ظننت أنّها تحلّ لي . أو طلّقها بألفاظ الكناية ، فوطئها في العدّة ، فإنّ العدّتين تتداخلان ، فتعتدّ ثلاثة أقراء ابتداءً من الوطء الواقع في العدّة ، ويندرج ما بقي من العدّة الأولى في العدّة الثّانية . أمّا إذا كانتا لرجلين فإنّهما تتداخلان عند الحنفيّة ، لأنّ المقصود التّعرّف على فراغ الرّحم ، وقد حصل بالواحدة فتتداخلان . ومثاله : المتوفّى عنها زوجها إذا وطئت بشبهة ، فهاتان عدّتان من رجلين ومن جنسين . ومثال العدّتين من جنس واحد ومن رجلين : المطلّقة إذا تزوّجت في عدّتها فوطئها الثّاني ، وفرّق بينهما ، تتداخلان وتعتدّ من بدء التّفريق ، ويندرج ما بقي من العدّة الأولى في العدّة الثّانية . وأمّا عند الشّافعيّة والحنابلة فلا تتداخلان ، لأنّهما حقّان مقصودان لآدميّين ، فلم يتداخلا كالدّينين ، ولأنّ العدّة احتباس يستحقّه الرّجال على النّساء ، فلم يجز أن تكون المرأة المعتدّة في احتباس رجلين كاحتباس الزّوجة . وأمّا إذا اختلفت العدّتان في الجنس ، وكانتا لرجلين ، فإنّهما تتداخلان أيضاً عند الحنفيّة ، لأنّ كلاً منهما أجل ، والآجال تتداخل . ولا تداخل بينهما عند الشّافعيّة والحنابلة ، لأنّ كلاً منهما حقّ مقصود للآدميّ ، فعليها أن تعتدّ للأوّل لسبقه ، ثمّ تعتدّ للثّاني ، ولا تتقدّم عدّة الثّاني على عدّة الأوّل إلاّ بالحمل . وإن كانتا من جنسين لشخص واحد تداخلتا أيضاً عند الحنفيّة ، وفي أصحّ الوجهين عند الشّافعيّة ، وفي أحد الوجهين عند الحنابلة ، لأنّهما لرجل واحد . ولا تداخل بينهما على مقابل الأصحّ عند الشّافعيّة ، وعلى الوجه الثّاني عند الحنابلة لاختلافهما في الجنس . وأمّا المالكيّة فقد لخصّ ابن جزيّ مذهبهم في تداخل العدد بقوله : فروع في تداخل العدّتين : الفرع الأوّل : من طلقت طلاقاً رجعيّاً ، ثمّ مات زوجها في العدّة انتقلت إلى عدّة الوفاة ، لأنّ الموت يهدم عدّة الرّجعيّ بخلاف البائن . الفرع الثّاني : إن طلّقها رجعيّاً ثمّ ارتجعها في العدّة ، ثمّ طلّقها ، استأنفت العدّة من الطّلاق الثّاني ، سواء كان قد وطئها أم لا ، لأنّ الرّجعة تهدم العدّة ، ولو طلّقها ثانيةً في العدّة من غير رجعة بَنَتْ اتّفاقاً ، ولو طلّقها طلقةً ثانيةً ثمّ راجعها في العدّة أو بعدها ، ثمّ طلّقها قبل المسيس بَنَتْ على عدّتها الأولى ، ولو طلّقها بعد الدّخول استأنفت من الطّلاق الثّاني . الفرع الثّالث : إذا تزوّجت في عدّتها من الطّلاق ، فدخل بها الثّاني ، ثمّ فرّق بينهما ، اعتدّت بقيّة عدّتها من الأوّل ، ثمّ اعتدّت من الثّاني ، وقيل : تعتدّ من الثّاني وتجزيها عنهما ، وإن كانت حاملاً فالوضع يجزي عن العدّتين اتّفاقاً . والتّفصيل في مصطلح : ( عدّة ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية