الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41253" data-attributes="member: 329"><p>ترخيص *</p><p>انظر : رخصة .</p><p></p><p>تردّي *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - للتّردّي في اللّغة معان ، منها : السّقوط من علوّ إلى سفل يقال : تردّى في مهواة : إذا سقط فيها ، ورديته ترديةً : أسقطته .</p><p>وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى فقد عرّفه المالكيّة بأنّه : السّقوط من عال إلى سافل . ومنه المتردّية : وهي الّتي وقعت في بئر أو من جبل . </p><p>وفي النّظم المستعذب : هي الّتي تتردّى من الجبل فتسقط . </p><p>وفي مطالب أولي النّهى : هي الواقعة من علوّ كجبل وحائط ، وساقطة في نحو بئر . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - يقول اللّه تبارك وتعالى : { حُرِّمَتْ عليكُم المَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ ومَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللّهِ بِه والمُنْخَنِقَةُ والمَوقُوذَةُ والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحةُ وما أَكَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَكَّيْتُم وما ذُبِحَ على النُّصُبِ وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بالأزْلامِ ذلكم فِسْقٌ ... } فقد حرّم سبحانه في هذه الآية أنواعاً منها : المتردّية إلاّ إذا ذكّيت ذكاةً شرعيّةً ، اختياريّةً كانت بالذّبح أو النّحر في محلّه . أو اضطراريّةً بالجرح بالطّعن وإنهار الدّم في أيّ موضع تيسّر من البدن . ولا ينتقل إلى الثّانية إلاّ عند العجز عن الأولى . ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ الذّكاة : إمّا اختياريّة في المقدور عليه ، وتكون بالذّبح فيما يذبح ، كالبقر والغنم ، أو النّحر فيما ينحر كالإبل ، ولا تحلّ بغير الذّكاة في محلّها . وإمّا اضطراريّة في غير المقدور عليه ، كالحيوان المتوحّش الشّارد والمتردّي في بئر مثلاً ، وتعذّرت ذكاته في محلّها ، وهي - أي الاضطراريّة - تكون بالعقر ، وهو الجرح في أيّ موضع كان من البدن . واستثنى الحنفيّة الشّاة إذا ندّت في المصر ، فقالوا بعدم جواز عقرها ، حيث يمكن القدرة عليها وإمساكها .</p><p>3 - فما تردّى من النّعم في بئر مثلاً ، ووقع العجز عن تذكيته الذّكاة الاختياريّة ، فذكاته العقر والجرح في أيّ موضع من جسمه تيسّر للعاقر فعله ، كالنّادّ غير المقدور عليه . وبذلك يحلّ أكله إلاّ أن تكون رأسه في الماء ، فلا يحلّ أكله ، لأنّ الماء يعين على قتله ، ويحتمل أن يكون قتله بالماء - في قول أكثر الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وفي قول لابن حبيب من المالكيّة ) - لما روى رافع بن خديج رضي الله عنه قال : « كنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فندّ بعير ، وكان في القوم خيل يسيرة ، فطلبوه فأعياهم ، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه اللّه ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّ لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا » ، وفي لفظ « فما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا » . ومن حديث أبي العشراء الدّارميّ عن أبيه أنّه « قال : يا رسول اللّه . أما تكون الذّكاة إلاّ في الحلق واللّبّة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لو طعنت في فخذها لأجزأك » قال أبو داود : هذا لا يصحّ إلاّ في المتردّية والمتوحّش . وقال المجد : هذا فيما لا يقدر عليه . </p><p>والمشهور عند المالكيّة - سوى ابن حبيب - أنّ المتردّية لا يحلّها العقر ، وإنّما تحلّها الذّكاة بالذّبح إن كانت ممّا يذبح ، أو النّحر إن كانت ممّا ينحر .</p><p>4 - وقال الحنفيّة : لو رمى صيداً فوقع في ماء فيحرم ، لاحتمال قتله بالماء ، أو وقع على سطح أو جبل فتردّى منه إلى الأرض حرم ، لأنّ الاحتراز عن مثل هذا ممكن .</p><p>5- وفي المغني ومطالب أولي النّهى للحنابلة : لو رمى حيواناً فوقع في ماء يقتله مثله ، أو تردّى تردّياً يقتله مثله لم يؤكل ، لأنّه يحتمل أنّ الماء أعان على خروج روحه . أمّا لو وقع الحيوان في الماء على وجه لا يقتله ، مثل أن يكون رأسه خارجاً من الماء ، أو يكون من طير الماء الّذي لا يقتله الماء ، أو كان التّردّي لا يقتل مثل ذلك الحيوان فلا خلاف في إباحته ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « ... فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكله » </p><p>ولأنّ الوقوع في الماء والتّردّي إنّما حرم خشية أن يكون قاتلاً أو معيناً على القتل . </p><p>فإن رمى طائراً في الهواء أو على شجرة أو جبل فوقع إلى الأرض فمات حلّ ، لأنّ الاحتراز منه غير ممكن .</p><p>6- ولو تردّى بعيران - مثلاً - أحدهما فوق الآخر في نحو بئر . </p><p>فإن مات الأسفل بثقل الأعلى مثلاً لم يحلّ ، بخلاف ما لو طعن الأعلى بنحو سهم أو رمح ، فوصل إلى الأسفل وأثّر فيه يقيناً ، فهما حلال وإن لم يعلم بالأسفل .</p><p></p><p>ترسّل *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - للتّرسّل في اللّغة معان ، منها : التّمهّل والتّأنّي . يقال : ترسّل في قراءته بمعنى : تمهّل واتّأد فيها . وترسّل الرّجل في كلامه ومشيه : إذا لم يعجل . وفي حديث عمر رضي الله عنه « إذا أذّنت فترسّل » : أي تأنّ ولا تعجل . ولا يخرج معناه اصطلاحاً عن هذا ، فقالوا : إنّه في الأذان : التّمهّل والتّأنّي وترك العجلة ، ويكون بسكتة بين كلّ جملتين من جمل الأذان تسع الإجابة ، وذلك من غير تمطيط ولا مدّ مفرط .</p><p>2 - والحدر يقابل التّرسّل ، وله في اللّغة معان منها : الإسراع في القراءة . يقال : حدر الرّجل الأذان والإقامة والقراءة وحدر فيها كلّها حدراً من باب قتل : إذا أسرع . </p><p>وفي حديث الأذان : « إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحدر » أي أسرع ولا يخرج معناه في الاصطلاح عن ذلك . </p><p>والحدر سنّة في الإقامة ، مكروه في الأذان . لما روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال رضي الله عنه : يا بلال إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحدر » . </p><p>الحكم الإجماليّ للتّرسّل :</p><p>3 - للتّرسّل أحكام تعتريه . فهو في الأذان مسنون . </p><p>وصفته : أن يتمهّل المؤذّن فيه بسكتة بين كلّ جملتين منه تسع إجابة السّامع له ، وذلك من غير تمطيط ولا مدّ مفرط ولا تطريب ، لما روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال : يا بلال إذا أذّنت فترسّل » ، وما روي عن أبي الزّبير مؤذّن بيت المقدس أنّ عمر رضي الله عنه قال : « إذا أذّنت فترسّل » وما روي أنّ رجلاً قال لابن عمر : إنّي لأحبّك في اللّه . قال : "وأنا أبغضك في اللّه .إنّك تغنّي في أذانك ". </p><p>هذا ما عليه الفقهاء . والتّرسّل في الإقامة مكروه ، وذلك أنّه يسنّ لمن يقيم الصّلاة أن يسرع فيها ولا يترسّل ، للأحاديث السّابقة . </p><p>هذا ، والأذان قد شرع للإعلام بدخول الوقت وتنبيه الغائبين إليه ودعوتهم إلى الحضور للصّلاة . أمّا الإقامة فقد شرعت لإعلام الحاضرين بالتّأهّب للصّلاة والقيام لها ، ولذا كان التّرسّل في الأذان أبلغ في الإعلام ، أمّا الإقامة فلا حاجة فيها إلى التّرسّل . </p><p>ولذا ثُنّي الأذان وأفردت الإقامة ، لما روي عن أنس رضي الله عنه قال : « أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة » . زاد حمّاد في حديثه " إلاّ الإقامة " ، واستحبّ أن يكون الأذان في مكان عال بخلاف الإقامة ، وأن يكون الصّوت في الأذان أرفع منه في الإقامة ، وأن يكون الأذان مرتّلاً والإقامة مسرعةً ، وسنّ تكرار قد قامت الصّلاة مرّتين في الإقامة ، لأنّها المقصودة من الإقامة بالذّات . ( ر : أذان ، إقامة ) .</p><p></p><p>ترسيم *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّرسيم لغةً مصدر رسم . جاء في المعجم الوسيط : رسم الثّوب : خطّطه خطوطاً خفيَّةً . والاسم : الرّسم . وللرّسم معان منها الأثر يقال : رَسَمَتِ النّاقة : إذا أثّرت في الأرض من شدّة الوطء . ورسم الغيث الدّيار يرسمها رسماً : إذا عفاها وأبقى أثرها لاصقاً بالأرض . ويطلق مجازاً على الأمر بالشّيء يقال : رسم له كذا إذا أمره به فارتسم : أي امتثل به . والتّرسيم في اصطلاح الفقهاء - كما يفهم من كتب الفقه - هو : التّضييق على الشّخص ، وتحديد حركته ، بحيث لا يستطيع أن يذهب من مكان إلى آخر . </p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>الشّهادة على إقرار ذي التّرسيم :</p><p>2 - جاء في حاشية القليوبيّ على شرح المنهاج : لا تجوز الشّهادة على إقرار نحو محبوس وذي ترسيم ، لوجود أمارة الإكراه . كما لا يصحّ من المحبوس وذي التّرسيم إقراره بحقّ أو ما يوجب العقوبة . قال في شرح مطالب أولي النّهى : تقبل من مقرّ ونحوه دعوى إكراه على إقرار بقرينة دالّة على إكراه ، كتهديد قادر على ما هدّد به من ضرب أو حبس ، وترسيم عليه أو سجنه أو أخذ ماله ونحوه ، لدلالة الحال عليه .</p><p></p><p>ترشيد *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّرشيد لغةً : مأخوذ من الرّشد ، وهو الصّلاح وإصابة الصّواب . </p><p>ورشّده القاضي ترشيداً : جعله رشيداً . والتّرشيد في اصطلاح الفقهاء هو : رفع الحجر عن الصّغير بعد اختباره . وعند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : يكون الرّشد بالصّلاح في المال . </p><p>وهو عند الشّافعيّة : الصّلاح في الدّين والمال . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>2 - يجوز لوليّ الصّبيّ العاقل أن يدفع إليه شيئاً من أمواله ، ويأذن له بالتّجارة للاختبار ، لقوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى حتَّى إذا بَلَغُوا النِّكَاحَ فإَنْ آنَسْتُم منهُم رُشْدَاً فَادْفَعُوا إليهِمْ أَمْوَالَهم } أذن اللّه سبحانه وتعالى في ابتلاء اليتامى ، والابتلاء : الاختبار ، وذلك بالتّجارة ، فكان الإذن بالابتلاء إذناً بالتّجارة ، وإذا اختبره : فإن آنس منه رشداً وقد بلغ دفع الباقي إليه للآية المذكورة ، وإن لم يأنس منه رشداً منعه منه إلى أن يبلغ ، فإن بلغ رشيداً دفع إليه ، وإن بلغ سفيهاً مفسداً مبذّراً فإنّه يمنع عنه ماله . عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّد ولو صار شيخاً ، حتّى يؤنس رشده بالاختبار . </p><p>لكنّ الحنابلة قالوا : إنّ الاختبار يكون بتفويض التّصرّفات الّتي يتصرّف فيها أمثاله ، فأولاد التّجّار غير أولاد الدّهاقين والكبراء ، وكذا أبناء المزارعين ، وأصحاب الحرف ، وكلّ واحد ممّا ذكر يختبر فيما هو أهل له ، والأنثى يفوّض إليها ما يفوّض إلى ربّة البيت ، فإن وجدت ضابطةً لما في يدها مستوفيةً من وكيلها فهي رشيدة . </p><p>ووقت الاختبار عندهم قبل البلوغ في إحدى الرّوايتين ، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشّافعيّ ، لأنّ اللّه تعالى قال : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } فظاهر الآية أنّ ابتلاءهم قبل البلوغ لوجهين : أحدهما : أنّه سمّاهم يتامى ، وإنّما يكونون يتامى قبل البلوغ . </p><p>والثّاني : أنّه مدّ اختبارهم إلى البلوغ بلفظ : حتّى ، فدلّ على أنّ الاختبار قبله . </p><p>والرّواية الأخرى عن أحمد ، وهو الوجه الآخر لأصحاب الشّافعيّ : أنّ الاختبار بعد البلوغ . والاختبار واجب عند الحنابلة والشّافعيّة . </p><p>وقال الشّافعيّة : يختبر الوليّ وجوباً رشد الصّبيّ في الدّين والمال للآية السّابقة ، أمّا في الدّين : فبمشاهدة حاله في العبادات ، والمعاملات ، وتجنّب المحظورات ، وتوقّي الشّبهات ، ومخالطة أهل الخير ، وأمّا في المال : فكما قال الأئمّة الثّلاثة . </p><p>وقال الحنفيّة : إن بلغ سفيهاً مفسداً مبذّراً يمنع عنه ماله إلى خمس وعشرين سنةً ما لم يؤنس رشده قبلها ، فإذا بلغ السّنّ المذكورة يسلّم إليه ماله وجوباً وإن لم يكن رشيداً ، لأنّه بلغ سنّاً يتصوّر أن يصير جدّاً ، ولأنّ المنع للتّأديب فإذا بلغ هذه السّنّ انقطع رجاء التّأديب ، وهذا عند أبي حنيفة .</p><p>من يتولّى التّرشيد :</p><p>3 - ذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى : أنّ ترشيد الصّبيّ إذا بلغ وأونس منه الرّشد ، أو المجنون إذا عقل يصحّ أن يكون من الوليّ ، ولا يحتاج إلى حكم حاكم ، ويصحّ أن يكون من الحاكم أيضاً عند الاختلاف . </p><p>والأنثى عندهم في ذلك كالذّكر ، فيدفع إليها مالها إذا بلغت وأونس رشدها ، سواء تزوّجت أم لم تتزوّج . وهناك رواية عن الإمام أحمد أنّ الحجر لا يزول عن الأنثى حتّى تتزوّج وتلد ، أو تمضي عليها سنة في بيت الزّوج . وأمّا المالكيّة فقد فرّقوا بين ترشيد الصّبيّ وترشيد الصّبيّة ، وفكّ الحجر عنهما ، وكذلك بين التّرشيد للأنثى إذا كانت معلومة الرّشد وبين غيرها ، وفرّقوا أيضاً بين التّرشيد في الأب والوصيّ والمقدّم . </p><p>أمّا الصّبيّ فإن كان في ولاية الأب ينفكّ الحجر عنه بمجرّد البلوغ مع حفظه لماله ، ولا يحتاج إلى أن يفكّ الأب الحجر عنه ، وإن كان في وصاية الوصيّ أو المقدّم فلا بدّ من الفكّ منهما ، ولا يحتاج إلى إذن القاضي . </p><p>وفي الأنثى يكون الحجر عليها لحين بلوغها مع حفظ المال ، ودخول الزّوج بها وشهادة عدلين على حسن تصرّفها . فإن كانت في ولاية الأب ، فإنّ الحجر ينفكّ عنها بذلك ، ولا يحتاج لفكّ من الأب ، ويجوز للأب ترشيدها قبل الدّخول إذا بلغت ، وإن كانت في وصاية الوصيّ أو المقدّم ، فلا بدّ من الفكّ منهما بعد الدّخول . </p><p>ثمّ إن كانت الأنثى معلومة الرّشد فإنّه يجوز ترشيدها مطلقاً : أي قبل الدّخول وبعده لكلّ من الأب والوصيّ والمقدّم . وأمّا مجهولة الرّشد فإنّه يجوز للأب ترشيدها قبل الدّخول وبعده ، وللوصيّ ترشيدها بعد الدّخول لا قبله ، ولا يجوز للمقدّم ترشيدها لا قبل الدّخول ولا بعده .</p><p>ما يكون به التّرشيد :</p><p>4 - ليس للتّرشيد لفظ معيّن عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، فكما يكون صراحةً يكون دلالةً أيضاً . وأمّا المالكيّة فقد نصّوا على أنّ ترشيد الصّبيّ يكون بقول الوليّ للعدول : اشهدوا أنّي فككت الحجر عن فلان محجوري ، وأطلقت له التّصرّف ، وملّكت له أمره . وترشيد الأنثى يكون بقوله لها : رشّدتك ، أو أطلقت يدك ، أو رفعت الحجر عنك ، أو نحو ذلك .</p><p>ضمان المال إذا أخطأ الوليّ في التّرشيد :</p><p>5 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ وصيّ الصّغير إذا دفع إليه ماله قبل ثبوت رشده ، فضاع المال في يده أو أتلفه الصّغير ، يصير الوصيّ ضامناً . وأمّا إذا بلغ ولم يعلم رشده وسفهه ، فأعطى الوصيّ له ماله ، وثبت كونه مفسداً وغير رشيد ، فيلزم الوصيّ الضّمان على ما في الولوالجيّة والشّلبيّ ، وفي قول آخر : لا يلزم الوصيّ ضمان على ما أفاده صاحب تنقيح الفتاوى الحامديّة . ويرى المالكيّة والحنابلة أنّ الوليّ لا يضمن شيئاً ممّا أتلفه بعد ترشيده ، لأنّ الوليّ فعله باجتهاده . وأمّا الشّافعيّة فلم ينصّوا على مسألة الضّمان .</p><p></p><p>ترضّي *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّرضّي : طلب الرّضا . والرّضا : خلاف السّخط . والتّرضّي عن فلان قول : رضي اللّه عنه . ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة التّرضّي عن هذا المعنى .</p><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّرحّم :</p><p>2 - التّرحّم : من الرّحمة ، ولها في اللّغة معان متعدّدة منها : الرّقة ، والخير ، والنّعمة ، والنّبوّة . ومنه الآية الكريمة : { واللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِه مَنْ يَشَاءُ } أي بنبوّته . </p><p>والتّرحّم قول : رحمه اللّه ، وترحّمت عليه : أي قلت له : رحمة اللّه عليك ، ورحّم عليه قال : رحمة اللّه عليه ، وتراحم القوم : رحم بعضهم بعضاً . </p><p>فالتّرضّي دعاء بالرّضا ، والتّرحّم دعاء بالرّحمة . </p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>3 - يختلف حكم التّرضّي باختلاف المترضّى عنه على النّحو التّالي :</p><p>أ - التّرضّي عمّن اختلف في نبوّته :</p><p>4 - يستحبّ التّرضّي عمّن اختلف في نبوّته : كذي القرنين ،ولقمان ، وذي الكفل وغيرهم . وذكر ابن عابدين نقلاً عن النّوويّ : أنّ الدّعاء بالصّلاة عليهم لا بأس به ، ولكنّ الأرجح أن يقال : رضي اللّه عنهم ، لأنّ مرتبتهم غير مرتبة الأنبياء ، ولم يثبت كونهم أنبياء .</p><p>ب - التّرضّي عن الصّحابة :</p><p>5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّه يستحبّ التّرضّي عن الصّحابة رضي الله عنهم ، لأنّهم كانوا يبالغون في طلب الرّضا من اللّه سبحانه وتعالى ، ويجتهدون في فعل ما يرضيه ، ويرضون بما يلحقهم من الابتلاء من عنده أشدّ الرّضا ، فهؤلاء أحقّ بالرّضا . </p><p>وإن كان صحابيّاً ابن صحابيّ كابن عمر وابن عبّاس قال : رضي الله عنهما ،لتشمله وأباه . وإذا كان هو وأبوه وجدّه من الصّحابة قال : رضي اللّه عنهم كعبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق بن أبي قحافة رضي الله عنهم .</p><p>ج - التّرضّي عن غير الصّحابة :</p><p>6 - قال صاحب عمدة الأبرار : يجوز التّرضّي عن السّلف من المشايخ والعلماء وذلك لقوله تعالى : { إنَّ الّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً رَضِيَ اللّهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ } . </p><p>ففي الآية الكريمة ذكر عامّة المؤمنين بهذا ، من الصّحابة وغيرهم . </p><p>وكما ذكر في كثير من الكتب مثل : التّقويم ، والبزدويّ ، والسّرخسيّ ، والهداية وغيرها بعد ذكر الأساتذة أو بعد ذكر نفسه " رضي اللّه "</p><p>فلو لم يجز الدّعاء بهذا اللّفظ ما ذكروه في كتبهم ، وهكذا جرت العادة بين أهل العلم بالابتداء بهذا الدّعاء ، حيث يقولون : رضي اللّه عنك وعن والديك إلى آخره . ولم ينكر أحد منهم ، بل استحسنوا الدّعاء بهذا اللّفظ ، وكانوا يعلّمون ذلك لتلامذتهم ، فعليه عمل الأمّة .</p><p>د - المحافظة على كتابة التّرضّي :</p><p>7 - ينبغي أن يحافظ على كتابة التّرضّي عن الصّحابة والتّابعين من العلماء وسائر الأخيار ، ولا يسأم من تكراره ، ومن أغفله حرم حظّاً عظيماً ، وإذا جاءت الرّواية بالتّرضّي كانت العناية به أشدّ .</p><p>هـ - ما يجب على سامع التّرضّي :</p><p>8 - ينبغي لسامع التّرضّي عن الصّحابة ولو حال الخطبة أن يترضّى عنهم ، كما ينبغي لسامع الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، لأنّه أفضل من الإنصات . </p><p>وفي ذلك خلاف وتفصيل ينظر في ( خطبة ) .</p><p></p><p>ترك *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التَّرْك لغةً : وَدْعُك الشّيء ، ويقال : تركت الشّيء : إذا خلّيته ، وتركت المنزل : إذا رحلت عنه ، وتركت الرّجل : إذا فارقته . ثمّ استعير للإسقاط في المعاني ، فقيل : ترك حقّه : إذا أسقطه ، وترك ركعةً من الصّلاة : إذا لم يأت بها ، فإنّه إسقاط لما ثبت شرعاً . </p><p>والتّرك في اصطلاح أكثر الأصوليّين والفقهاء : كفّ النّفس عن الإيقاع ، فهو فعل نفسيّ ، وقيل : إنّه ليس بفعل .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الإهمال :</p><p>2 - الإهمال : التّرك عن عمد أو نسيان ، ويقال : أهمله إهمالاً إذا خلّى بينه وبين نفسه ، ويأتي عند الفقهاء بمعنى التّرك .</p><p>ب - التّخلية :</p><p>3 - التّخلية : التّرك ويستعمله الفقهاء في : تمكين الشّخص من التّصرّف في الشّيء دون حائل . فالتّرك أعمّ من التّخلية .</p><p>ج - الإسقاط والإبراء :</p><p>4 - الإسقاط : إزالة الملك أو الحقّ لا إلى مالك أو مستحقّ . </p><p>والإبراء : إسقاط الشّخص حقّاً له في ذمّة آخر أو قبله . وكلاهما يستعمل في موطن التّرك إلاّ أنّ التّرك أعمّ في استعمالاته .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>أوّلاً - التّرك عند الأصوليّين :</p><p>أ - التّرك والحكم الشّرعيّ :</p><p>5 - اقتضاء التّرك في خطاب اللّه تعالى المتعلّق بفعل المكلّف هو أحد أقسام الحكم الشّرعيّ. واقتضاء التّرك لشيء إن كان جازماً فهو للتّحريم ، وإن كان غير جازم فهو للكراهة ، وإن كان مساوياً لاقتضاء الفعل في الخطاب فهو للإباحة . وانظر الملحق الأصوليّ .</p><p>ب - التّرك فعل يتعلّق به التّكليف :</p><p>6 - يتعلّق التّكليف بالتّرك بناءً على أنّه فعل ، إذ المكلّف به في النّهي المقتضي للتّرك هو الكفّ ، أي كفّ النّفس عن الفعل إذا أقبلت عليه ، وذلك فعل ، ومن ثمّ كانت القاعدة الأصوليّة ( لا تكليف إلاّ بفعل ) وذلك متحقّق في الأمر ، وفي النّهي على اعتبار أنّ مقتضاه وهو التّرك فعل ، وهذا ما ذهب إليه أكثر الأصوليّين . </p><p>واستدلّوا على ذلك بأنّ التّرك من مقتضى النّهي ، والنّهي تكليف ، والتّكليف إنّما يرد بما كان مقدوراً للمكلّف ، والعدم الأصليّ يمتنع أن يكون مقدوراً ، لأنّ القدرة لا بدّ لها من أثر وجوديّ ، والعدم نفي محض ، فيمتنع إسناده إليها . ولأنّ العدم الأصليّ - أي المستمرّ - حاصل ، والحاصل لا يمكن تحصيله ثانياً ، وإذا ثبت أنّ مقتضى النّهي ليس هو العدم ثبت أنّه أمر وجوديّ . كذلك قالوا : إنّ ممتثل التّكليف مطيع والطّاعة حسنة ، والحسنة مستلزمة للثّواب ، ولا يثاب إلاّ على شيء ( وألاّ يفعل ) عدم محض وليس بشيء ، وإذا لم يصدر منه شيء فكيف يثاب على لا شيء ؟ . </p><p>وقال قوم ، منهم أبو هاشم : إنّ التّرك غير فعل ، وهو انتفاء المنهيّ عنه ، وذلك مقدور للمكلّف بأن لا يشاء فعله الّذي يوجد بمشيئته . وانظر : الملحق الأصوليّ . </p><p>هذا ، والخروج عن العهدة لا يشترط له قصد التّرك امتثالاً ، بل يكفي مجرّد التّرك . إنّما يشترط قصد التّرك امتثالاً لحصول الثّواب . لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّما الأعمال بالنّيّات » . وفي تقريرات الشّربينيّ على جمع الجوامع : في التّكليف بالنّهي ثلاثة أمور : الأوّل : المكلّف به ، وهو مطلق التّرك ، ولا يتوقّف على قصد الامتثال ، بل مداره على إقبال النّفس على الفعل ، ثمّ كفّها عنه . </p><p>الثّاني : المكلّف به المثاب عليه ، وهو التّرك بقصد الامتثال . </p><p>الثّالث : عدم المنهيّ عنه ، وهو المقصود ، لكنّه ليس مكلّفاً به ، لعدم قدرة المكلّف عليه . وانظر الملحق الأصوليّ .</p><p>ج - التّرك وسيلة لبيان الأحكام :</p><p>7 - قد يكون التّرك وسيلةً لبيان الحكم الشّرعيّ ، يقول القرافيّ : البيان إمّا بالقول أو بالفعل كالكتابة والإشارة ، أو بالدّليل العقليّ ، أو بالتّرك . والتّرك يبيّن به حكم المحرّم والمكروه والمندوب . وينظر تفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ .</p><p>ثانياً - التّرك عند الفقهاء :</p><p>أ - ترك المحرّمات :</p><p>8 - المحرّمات الّتي نهى الشّرع عنها ، سواء أكانت من عمل الجوارح كالزّنى والسّرقة والقتل والكذب والغيبة والنّميمة ، أم كانت من عمل القلب كالحقد والحسد . </p><p>هذه المحرّمات يجب تركها امتثالاً للنّهي الوارد من الشّرع ، كما في قوله تعالى : { ولا تَقْرَبُوا الزِّنَى } ، وقوله تعالى : { ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الّتي حَرَّمَ اللّهُ إلاّ بِالحَقِّ } وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « اجتنبوا السّبع الموبقات ، قيل : وما هنّ يا رسول اللّه ؟ قال : الشّرك باللّه ، والسّحر ، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ ، وأكل مال اليتيم ، والتّولّي يوم الزّحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وأكل الرّبا ، وشهادة الزّور » . </p><p>يقول الفقهاء : يجب على المكلّف كفّ الجوارح عن الحرام ، وكفّ القلب عن الفواحش ، وهو معنى قوله تعالى : { وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وبَاطِنَه } وفعل المحرّمات معصية يترتّب عليها العقوبة المقرّرة لكلّ معصية ، سواء أكانت حدّاً كما في الزّنا والسّرقة ، أم كانت قصاصاً كما في الجنايات ، أم كانت تعزيراً كما في المعاصي الّتي لا حدّ فيها . </p><p>ومن المقرّر أنّ بعض المحرّمات تباح عند الاضطرار ، وقد تجب ، كأكل الميتة في المخمصة إحياءً للنّفس ، وكشرب الخمر لإزالة الغصّة ، وذلك بالشّروط المنصوص عليها في الحالتين . وهكذا وينظر كلّ ما سبق في أبوابه .</p><p>ب - ترك الحقوق : </p><p>الحقّ إمّا أن يكون للّه سبحانه وتعالى ، وإمّا أن يكون للعباد .</p><p>9- أمّا حقّ اللّه سبحانه وتعالى كالعبادات مثلاً ، فتركها حرام بالإجماع ، ويعصي تاركها ، ويكون آثماً ، ويترتّب عليها الكفر إن كان تركها جحداً لها مع كونها فرضاً معلوماً من الدّين بالضّرورة ، أو الإثم والعقوبة إن كان تركها كسلاً . </p><p>يقول الزّركشيّ : إذا امتنع المكلّف من الواجب ، فإن لم تدخل النّيابة نظر : فإن كان حقّاً للّه تعالى نظر : إن كانت صلاةً طولب بها فإن لم يفعل قتل ، وإن كان صوماً حبس ومنع الطّعام والشّراب ... وإن دخلته النّيابة قام القاضي مقامه ، كما في عضل الوليّ المجبر في النّكاح ، على تفصيل في ذلك وفيما تدخله النّيابة . وهذا بالنّسبة للمجمع عليه . أمّا المختلف فيه ، فإن كان تاركه معتقداً جواز ذلك فلا شيء فيه ، وإن كان معتقداً تحريمه فهو آثم . </p><p>وكذلك يأثم المسلم المكلّف بترك السّنن المؤكّدة الّتي تعتبر من شعائر الإسلام عند الحنفيّة ، وفي وجه عند الشّافعيّة ، كالجماعة والأذان وصلاة العيدين إذ في تركها تهاون بالشّرع ، ولذلك لو اتّفق أهل بلدة على تركها وجب قتالهم ، بخلاف سائر المندوبات ، لأنّها تفعل فرادى . هذا ويباح ترك الواجب للضّرورة ، إذ المعهود في الشّريعة دفع الضّرر بترك الواجب إذا تعيّن طريقاً لدفع الضّرر . </p><p>ومن ثمّ كانت المسامحة في ترك الواجب أوسع من المسامحة في فعل المحرّم ، واعتناء الشّرع بالمنهيّات فوق اعتنائه بالمأمورات ، ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم » .</p><p>10 - والحدود الّتي تكون حقّاً للّه تعالى ، كحدّ الزّنى والسّرقة يجب إقامتها متى بلغت الإمام . قال الفقهاء : الحدّ لا يقبل الإسقاط بعد ثبوت سببه عند الحاكم . </p><p>وعليه بني عدم جواز الشّفاعة فيه ، فإنّها طلب ترك الواجب ، ولذا « أنكر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد رضي الله عنهما حين شفع في المخزوميّة الّتي سرقت فقال : أتشفع في حدّ من حدود اللّه ؟ ... » ولأنّ الحدّ بعد بلوغ الإمام يصير حقّاً للّه تعالى ، فلا يجوز للإمام تركه ولا يجوز لأحد الشّفاعة في إسقاطه .</p><p>11 - أمّا بالنّسبة للتّعزير فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى : أنّه إن كان الحقّ للّه تعالى وجب إقامته كالحدود ، إن رأى الإمام أنّه لا ينزجر إلاّ به ،أو أنّ المصلحة في إقامته . وقال الشّافعيّ : هو غير واجب على الإمام ، إن شاء أقامه وإن شاء تركه . </p><p>وينظر تفصيل ذلك في ( حدّ - تعزير ) .</p><p>12 - وأمّا حقّ العبد ، فإن كان حقّاً له فتركه جائز ، إذ الأصل أنّ كلّ جائز التّصرّف لا يمنع من ترك حقّه ، ما لم يكن هناك مانع من ذلك كتعلّق حقّ الغير به ، بل قد يكون التّرك مندوباً إذا كان قربةً ، كإبراء المعسر والعفو عن القصاص . هذا إذا كان الحقّ قبل الغير ، أمّا إذا كان قبل نفسه فقد يكون التّرك حراماً كما إذا ترك الأكل والشّرب حتّى هلك ، وكما إذا ألقي في ماء يمكنه الخلاص منه عادةً ، فمكث فيه مختاراً حتّى هلك . وقيل في التّمتّع بأنواع الطّيّبات : إنّ التّرك من البدع المذمومة . قال تعالى : { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُم } وقيل : إنّ التّرك أفضل لقوله تعالى : { أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُم في حَيَاتِكُم الدّنيا } . </p><p>13 - وإن كان الحقّ للغير ، وترتّب في ذمّة شخص ، وأصبح ملتزماً به حفظاً أو أداءً ، فإنّ ترك الحفظ أو الأداء يعتبر معصيةً تستوجب التّعزير حتّى يؤدّي الحقّ لأهله ، مع الضّمان فيما ضاع أو تلف . </p><p>وإن كان الحقّ يتعلّق بنفع الغير ، لكن لم يلتزم به شخص ، وكان في ترك القيام بما يحقّق النّفع ضياع المال أو تلفه ، كمن ترك التقاط لقطة تضيع لو تركها ، أو ترك قبول وديعة تضيع لو لم يقبلها ، فتلف المال أو ضاع ، فإنّه يأثم بالتّرك عند جمهور الفقهاء لحرمة مال الغير ، خلافاً للحنابلة إذ الأخذ ليس بواجب عندهم ، بل هو مستحبّ ، وهو قول عند الشّافعيّة . لكنّ الفقهاء يختلفون في ترتّب الضّمان بناءً على اختلافهم ، هل يعدّ التّرك فعلاً يكلّف الإنسان بموجبه ، إذ لا تكليف إلاّ بفعل ، أم لا يعتبر فعلاً ؟ . فعند الشّافعيّة والحنابلة وجمهور الحنفيّة ، وفي قول عند المالكيّة : لا ضمان بالتّرك عند الضّياع أو التّلف ، إذ التّرك في نظرهم ليس سبباً ولا تضييعاً ، بل هو امتناع من حفظ غير ملزم ، ولأنّ المال إنّما يضمن باليد أو الإتلاف ، ولم يوجد شيء من ذلك ، وهذا بخلاف ما إذا التقط أو قبل الوديعة وترك الحفظ حتّى ضاع المال أو تلف ، فإنّه يضمن حينئذ لتركه ما التزم به . </p><p>والمشهور عند المالكيّة ، وهو قول عند الحنفيّة : ترتّب الضّمان على التّرك في مثل ذلك . بناءً على أنّ التّرك فعل في المشهور من المذهب ، بل إنّ المالكيّة يضمّنون الصّبيّ في ترك ما يجوز له فعله ، فلو مرّ صبيّ مميّز على صيد مجروح لم ينفذ مقتله ، وأمكنته ذكاته ، فترك تذكيته حتّى مات فعليه قيمته مجروحاً لصاحبه ، لأنّ الضّمان من خطاب الوضع ، ولأنّ الشّارع جعل التّرك سبباً في الضّمان ، فيتناول البالغ وغيره .</p><p>14 - هذا بالنّسبة للمال ، أمّا بالنّسبة لترك إنقاذ نفس من الهلاك ، فالمتتبّع لأقوال الفقهاء يرى أنّ ذلك يكون في حالتين : </p><p>إحداهما : أن يقوم شخص بعمل ضار نحو شخص آخر يمكن أن يؤدّي إلى هلاكه غالباً ، ثمّ يترك ما يمكن به إنقاذ هذا الشّخص فيهلك . </p><p>ومثال ذلك : أن يحبس غيره في مكان ، ويمنعه الطّعام أو الشّراب ، فيموت جوعاً وعطشاً لزمن يموت فيه غالباً ، وكان قد تعذّر عليه الطّلب . فعند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : يكون فيه القود لظهور قصد الإهلاك بذلك . وعند الصّاحبين - أبي يوسف ومحمّد - يكون في ذلك الدّية على عاقلته . لأنّ حبسه هو الّذي تسبّب في هلاكه ، وعند أبي حنيفة : لا ضمان عليه ، لأنّ الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالحبس ، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش . فإن لم يمنعه الطّعام أو الشّراب ، بأن كان معه فلم يتناول خوفاً أو حزناً ، أو كان يمكنه الطّلب فلم يفعل ، فمات ، فلا قصاص ولا دية ، لأنّه قتل نفسه . </p><p>الحال الثّانية : من أمكنه إنقاذ إنسان من الهلاك ، فلم يفعل حتّى مات . </p><p>ومثال ذلك : من رأى إنساناً اشتدّ جوعه . وعجز عن الطّلب ، فامتنع من رآه من إعطائه فضل طعامه حتّى مات ، أو رأى إنساناً في مهلكة فلم ينجه منها ، مع قدرته على ذلك - فعند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - عدا أبي الخطّاب لا ضمان على الممتنع ، لأنّه لم يهلكه ولم يحدث فيه فعلاً مهلكاً ، لكنّه يأثم . </p><p>وهذا الحكم عند الحنابلة إذا كان المضطرّ لم يطلب الطّعام ، أمّا إذا طلبه فمنعه ربّ الطّعام حتّى مات ، فإنّه يضمن في هذه الحالة ، لأنّ منعه منه كان سبباً في هلاكه ، فضمنه بفعله الّذي تعدّى به . وعند المالكيّة وأبي الخطّاب يضمن ، لأنّه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه . هذا ويلاحظ أنّه يجوز للمضطرّ قتال من منع منه فضل طعامه ، فإن قتل ربّ الطّعام فدمه هدر ، وإن قتل المضطرّ ففيه القصاص ، لقضاء عمر رضي الله عنه بذلك .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41253, member: 329"] ترخيص * انظر : رخصة . تردّي * التّعريف : 1 - للتّردّي في اللّغة معان ، منها : السّقوط من علوّ إلى سفل يقال : تردّى في مهواة : إذا سقط فيها ، ورديته ترديةً : أسقطته . وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى فقد عرّفه المالكيّة بأنّه : السّقوط من عال إلى سافل . ومنه المتردّية : وهي الّتي وقعت في بئر أو من جبل . وفي النّظم المستعذب : هي الّتي تتردّى من الجبل فتسقط . وفي مطالب أولي النّهى : هي الواقعة من علوّ كجبل وحائط ، وساقطة في نحو بئر . الحكم الإجماليّ : 2 - يقول اللّه تبارك وتعالى : { حُرِّمَتْ عليكُم المَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ ومَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللّهِ بِه والمُنْخَنِقَةُ والمَوقُوذَةُ والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطِيحةُ وما أَكَلَ السَّبُعُ إلاّ ما ذَكَّيْتُم وما ذُبِحَ على النُّصُبِ وأنْ تَسْتَقْسِمُوا بالأزْلامِ ذلكم فِسْقٌ ... } فقد حرّم سبحانه في هذه الآية أنواعاً منها : المتردّية إلاّ إذا ذكّيت ذكاةً شرعيّةً ، اختياريّةً كانت بالذّبح أو النّحر في محلّه . أو اضطراريّةً بالجرح بالطّعن وإنهار الدّم في أيّ موضع تيسّر من البدن . ولا ينتقل إلى الثّانية إلاّ عند العجز عن الأولى . ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ الذّكاة : إمّا اختياريّة في المقدور عليه ، وتكون بالذّبح فيما يذبح ، كالبقر والغنم ، أو النّحر فيما ينحر كالإبل ، ولا تحلّ بغير الذّكاة في محلّها . وإمّا اضطراريّة في غير المقدور عليه ، كالحيوان المتوحّش الشّارد والمتردّي في بئر مثلاً ، وتعذّرت ذكاته في محلّها ، وهي - أي الاضطراريّة - تكون بالعقر ، وهو الجرح في أيّ موضع كان من البدن . واستثنى الحنفيّة الشّاة إذا ندّت في المصر ، فقالوا بعدم جواز عقرها ، حيث يمكن القدرة عليها وإمساكها . 3 - فما تردّى من النّعم في بئر مثلاً ، ووقع العجز عن تذكيته الذّكاة الاختياريّة ، فذكاته العقر والجرح في أيّ موضع من جسمه تيسّر للعاقر فعله ، كالنّادّ غير المقدور عليه . وبذلك يحلّ أكله إلاّ أن تكون رأسه في الماء ، فلا يحلّ أكله ، لأنّ الماء يعين على قتله ، ويحتمل أن يكون قتله بالماء - في قول أكثر الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وفي قول لابن حبيب من المالكيّة ) - لما روى رافع بن خديج رضي الله عنه قال : « كنّا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فندّ بعير ، وكان في القوم خيل يسيرة ، فطلبوه فأعياهم ، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه اللّه ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّ لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا » ، وفي لفظ « فما ندّ عليكم فاصنعوا به هكذا » . ومن حديث أبي العشراء الدّارميّ عن أبيه أنّه « قال : يا رسول اللّه . أما تكون الذّكاة إلاّ في الحلق واللّبّة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لو طعنت في فخذها لأجزأك » قال أبو داود : هذا لا يصحّ إلاّ في المتردّية والمتوحّش . وقال المجد : هذا فيما لا يقدر عليه . والمشهور عند المالكيّة - سوى ابن حبيب - أنّ المتردّية لا يحلّها العقر ، وإنّما تحلّها الذّكاة بالذّبح إن كانت ممّا يذبح ، أو النّحر إن كانت ممّا ينحر . 4 - وقال الحنفيّة : لو رمى صيداً فوقع في ماء فيحرم ، لاحتمال قتله بالماء ، أو وقع على سطح أو جبل فتردّى منه إلى الأرض حرم ، لأنّ الاحتراز عن مثل هذا ممكن . 5- وفي المغني ومطالب أولي النّهى للحنابلة : لو رمى حيواناً فوقع في ماء يقتله مثله ، أو تردّى تردّياً يقتله مثله لم يؤكل ، لأنّه يحتمل أنّ الماء أعان على خروج روحه . أمّا لو وقع الحيوان في الماء على وجه لا يقتله ، مثل أن يكون رأسه خارجاً من الماء ، أو يكون من طير الماء الّذي لا يقتله الماء ، أو كان التّردّي لا يقتل مثل ذلك الحيوان فلا خلاف في إباحته ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « ... فإن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكله » ولأنّ الوقوع في الماء والتّردّي إنّما حرم خشية أن يكون قاتلاً أو معيناً على القتل . فإن رمى طائراً في الهواء أو على شجرة أو جبل فوقع إلى الأرض فمات حلّ ، لأنّ الاحتراز منه غير ممكن . 6- ولو تردّى بعيران - مثلاً - أحدهما فوق الآخر في نحو بئر . فإن مات الأسفل بثقل الأعلى مثلاً لم يحلّ ، بخلاف ما لو طعن الأعلى بنحو سهم أو رمح ، فوصل إلى الأسفل وأثّر فيه يقيناً ، فهما حلال وإن لم يعلم بالأسفل . ترسّل * التّعريف : 1 - للتّرسّل في اللّغة معان ، منها : التّمهّل والتّأنّي . يقال : ترسّل في قراءته بمعنى : تمهّل واتّأد فيها . وترسّل الرّجل في كلامه ومشيه : إذا لم يعجل . وفي حديث عمر رضي الله عنه « إذا أذّنت فترسّل » : أي تأنّ ولا تعجل . ولا يخرج معناه اصطلاحاً عن هذا ، فقالوا : إنّه في الأذان : التّمهّل والتّأنّي وترك العجلة ، ويكون بسكتة بين كلّ جملتين من جمل الأذان تسع الإجابة ، وذلك من غير تمطيط ولا مدّ مفرط . 2 - والحدر يقابل التّرسّل ، وله في اللّغة معان منها : الإسراع في القراءة . يقال : حدر الرّجل الأذان والإقامة والقراءة وحدر فيها كلّها حدراً من باب قتل : إذا أسرع . وفي حديث الأذان : « إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحدر » أي أسرع ولا يخرج معناه في الاصطلاح عن ذلك . والحدر سنّة في الإقامة ، مكروه في الأذان . لما روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال رضي الله عنه : يا بلال إذا أذّنت فترسّل ، وإذا أقمت فاحدر » . الحكم الإجماليّ للتّرسّل : 3 - للتّرسّل أحكام تعتريه . فهو في الأذان مسنون . وصفته : أن يتمهّل المؤذّن فيه بسكتة بين كلّ جملتين منه تسع إجابة السّامع له ، وذلك من غير تمطيط ولا مدّ مفرط ولا تطريب ، لما روى جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال : يا بلال إذا أذّنت فترسّل » ، وما روي عن أبي الزّبير مؤذّن بيت المقدس أنّ عمر رضي الله عنه قال : « إذا أذّنت فترسّل » وما روي أنّ رجلاً قال لابن عمر : إنّي لأحبّك في اللّه . قال : "وأنا أبغضك في اللّه .إنّك تغنّي في أذانك ". هذا ما عليه الفقهاء . والتّرسّل في الإقامة مكروه ، وذلك أنّه يسنّ لمن يقيم الصّلاة أن يسرع فيها ولا يترسّل ، للأحاديث السّابقة . هذا ، والأذان قد شرع للإعلام بدخول الوقت وتنبيه الغائبين إليه ودعوتهم إلى الحضور للصّلاة . أمّا الإقامة فقد شرعت لإعلام الحاضرين بالتّأهّب للصّلاة والقيام لها ، ولذا كان التّرسّل في الأذان أبلغ في الإعلام ، أمّا الإقامة فلا حاجة فيها إلى التّرسّل . ولذا ثُنّي الأذان وأفردت الإقامة ، لما روي عن أنس رضي الله عنه قال : « أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة » . زاد حمّاد في حديثه " إلاّ الإقامة " ، واستحبّ أن يكون الأذان في مكان عال بخلاف الإقامة ، وأن يكون الصّوت في الأذان أرفع منه في الإقامة ، وأن يكون الأذان مرتّلاً والإقامة مسرعةً ، وسنّ تكرار قد قامت الصّلاة مرّتين في الإقامة ، لأنّها المقصودة من الإقامة بالذّات . ( ر : أذان ، إقامة ) . ترسيم * التّعريف : 1 - التّرسيم لغةً مصدر رسم . جاء في المعجم الوسيط : رسم الثّوب : خطّطه خطوطاً خفيَّةً . والاسم : الرّسم . وللرّسم معان منها الأثر يقال : رَسَمَتِ النّاقة : إذا أثّرت في الأرض من شدّة الوطء . ورسم الغيث الدّيار يرسمها رسماً : إذا عفاها وأبقى أثرها لاصقاً بالأرض . ويطلق مجازاً على الأمر بالشّيء يقال : رسم له كذا إذا أمره به فارتسم : أي امتثل به . والتّرسيم في اصطلاح الفقهاء - كما يفهم من كتب الفقه - هو : التّضييق على الشّخص ، وتحديد حركته ، بحيث لا يستطيع أن يذهب من مكان إلى آخر . حكمه التّكليفيّ : الشّهادة على إقرار ذي التّرسيم : 2 - جاء في حاشية القليوبيّ على شرح المنهاج : لا تجوز الشّهادة على إقرار نحو محبوس وذي ترسيم ، لوجود أمارة الإكراه . كما لا يصحّ من المحبوس وذي التّرسيم إقراره بحقّ أو ما يوجب العقوبة . قال في شرح مطالب أولي النّهى : تقبل من مقرّ ونحوه دعوى إكراه على إقرار بقرينة دالّة على إكراه ، كتهديد قادر على ما هدّد به من ضرب أو حبس ، وترسيم عليه أو سجنه أو أخذ ماله ونحوه ، لدلالة الحال عليه . ترشيد * التّعريف : 1 - التّرشيد لغةً : مأخوذ من الرّشد ، وهو الصّلاح وإصابة الصّواب . ورشّده القاضي ترشيداً : جعله رشيداً . والتّرشيد في اصطلاح الفقهاء هو : رفع الحجر عن الصّغير بعد اختباره . وعند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : يكون الرّشد بالصّلاح في المال . وهو عند الشّافعيّة : الصّلاح في الدّين والمال . الحكم التّكليفيّ : 2 - يجوز لوليّ الصّبيّ العاقل أن يدفع إليه شيئاً من أمواله ، ويأذن له بالتّجارة للاختبار ، لقوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى حتَّى إذا بَلَغُوا النِّكَاحَ فإَنْ آنَسْتُم منهُم رُشْدَاً فَادْفَعُوا إليهِمْ أَمْوَالَهم } أذن اللّه سبحانه وتعالى في ابتلاء اليتامى ، والابتلاء : الاختبار ، وذلك بالتّجارة ، فكان الإذن بالابتلاء إذناً بالتّجارة ، وإذا اختبره : فإن آنس منه رشداً وقد بلغ دفع الباقي إليه للآية المذكورة ، وإن لم يأنس منه رشداً منعه منه إلى أن يبلغ ، فإن بلغ رشيداً دفع إليه ، وإن بلغ سفيهاً مفسداً مبذّراً فإنّه يمنع عنه ماله . عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّد ولو صار شيخاً ، حتّى يؤنس رشده بالاختبار . لكنّ الحنابلة قالوا : إنّ الاختبار يكون بتفويض التّصرّفات الّتي يتصرّف فيها أمثاله ، فأولاد التّجّار غير أولاد الدّهاقين والكبراء ، وكذا أبناء المزارعين ، وأصحاب الحرف ، وكلّ واحد ممّا ذكر يختبر فيما هو أهل له ، والأنثى يفوّض إليها ما يفوّض إلى ربّة البيت ، فإن وجدت ضابطةً لما في يدها مستوفيةً من وكيلها فهي رشيدة . ووقت الاختبار عندهم قبل البلوغ في إحدى الرّوايتين ، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشّافعيّ ، لأنّ اللّه تعالى قال : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } فظاهر الآية أنّ ابتلاءهم قبل البلوغ لوجهين : أحدهما : أنّه سمّاهم يتامى ، وإنّما يكونون يتامى قبل البلوغ . والثّاني : أنّه مدّ اختبارهم إلى البلوغ بلفظ : حتّى ، فدلّ على أنّ الاختبار قبله . والرّواية الأخرى عن أحمد ، وهو الوجه الآخر لأصحاب الشّافعيّ : أنّ الاختبار بعد البلوغ . والاختبار واجب عند الحنابلة والشّافعيّة . وقال الشّافعيّة : يختبر الوليّ وجوباً رشد الصّبيّ في الدّين والمال للآية السّابقة ، أمّا في الدّين : فبمشاهدة حاله في العبادات ، والمعاملات ، وتجنّب المحظورات ، وتوقّي الشّبهات ، ومخالطة أهل الخير ، وأمّا في المال : فكما قال الأئمّة الثّلاثة . وقال الحنفيّة : إن بلغ سفيهاً مفسداً مبذّراً يمنع عنه ماله إلى خمس وعشرين سنةً ما لم يؤنس رشده قبلها ، فإذا بلغ السّنّ المذكورة يسلّم إليه ماله وجوباً وإن لم يكن رشيداً ، لأنّه بلغ سنّاً يتصوّر أن يصير جدّاً ، ولأنّ المنع للتّأديب فإذا بلغ هذه السّنّ انقطع رجاء التّأديب ، وهذا عند أبي حنيفة . من يتولّى التّرشيد : 3 - ذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى : أنّ ترشيد الصّبيّ إذا بلغ وأونس منه الرّشد ، أو المجنون إذا عقل يصحّ أن يكون من الوليّ ، ولا يحتاج إلى حكم حاكم ، ويصحّ أن يكون من الحاكم أيضاً عند الاختلاف . والأنثى عندهم في ذلك كالذّكر ، فيدفع إليها مالها إذا بلغت وأونس رشدها ، سواء تزوّجت أم لم تتزوّج . وهناك رواية عن الإمام أحمد أنّ الحجر لا يزول عن الأنثى حتّى تتزوّج وتلد ، أو تمضي عليها سنة في بيت الزّوج . وأمّا المالكيّة فقد فرّقوا بين ترشيد الصّبيّ وترشيد الصّبيّة ، وفكّ الحجر عنهما ، وكذلك بين التّرشيد للأنثى إذا كانت معلومة الرّشد وبين غيرها ، وفرّقوا أيضاً بين التّرشيد في الأب والوصيّ والمقدّم . أمّا الصّبيّ فإن كان في ولاية الأب ينفكّ الحجر عنه بمجرّد البلوغ مع حفظه لماله ، ولا يحتاج إلى أن يفكّ الأب الحجر عنه ، وإن كان في وصاية الوصيّ أو المقدّم فلا بدّ من الفكّ منهما ، ولا يحتاج إلى إذن القاضي . وفي الأنثى يكون الحجر عليها لحين بلوغها مع حفظ المال ، ودخول الزّوج بها وشهادة عدلين على حسن تصرّفها . فإن كانت في ولاية الأب ، فإنّ الحجر ينفكّ عنها بذلك ، ولا يحتاج لفكّ من الأب ، ويجوز للأب ترشيدها قبل الدّخول إذا بلغت ، وإن كانت في وصاية الوصيّ أو المقدّم ، فلا بدّ من الفكّ منهما بعد الدّخول . ثمّ إن كانت الأنثى معلومة الرّشد فإنّه يجوز ترشيدها مطلقاً : أي قبل الدّخول وبعده لكلّ من الأب والوصيّ والمقدّم . وأمّا مجهولة الرّشد فإنّه يجوز للأب ترشيدها قبل الدّخول وبعده ، وللوصيّ ترشيدها بعد الدّخول لا قبله ، ولا يجوز للمقدّم ترشيدها لا قبل الدّخول ولا بعده . ما يكون به التّرشيد : 4 - ليس للتّرشيد لفظ معيّن عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، فكما يكون صراحةً يكون دلالةً أيضاً . وأمّا المالكيّة فقد نصّوا على أنّ ترشيد الصّبيّ يكون بقول الوليّ للعدول : اشهدوا أنّي فككت الحجر عن فلان محجوري ، وأطلقت له التّصرّف ، وملّكت له أمره . وترشيد الأنثى يكون بقوله لها : رشّدتك ، أو أطلقت يدك ، أو رفعت الحجر عنك ، أو نحو ذلك . ضمان المال إذا أخطأ الوليّ في التّرشيد : 5 - ذهب الحنفيّة إلى أنّ وصيّ الصّغير إذا دفع إليه ماله قبل ثبوت رشده ، فضاع المال في يده أو أتلفه الصّغير ، يصير الوصيّ ضامناً . وأمّا إذا بلغ ولم يعلم رشده وسفهه ، فأعطى الوصيّ له ماله ، وثبت كونه مفسداً وغير رشيد ، فيلزم الوصيّ الضّمان على ما في الولوالجيّة والشّلبيّ ، وفي قول آخر : لا يلزم الوصيّ ضمان على ما أفاده صاحب تنقيح الفتاوى الحامديّة . ويرى المالكيّة والحنابلة أنّ الوليّ لا يضمن شيئاً ممّا أتلفه بعد ترشيده ، لأنّ الوليّ فعله باجتهاده . وأمّا الشّافعيّة فلم ينصّوا على مسألة الضّمان . ترضّي * التّعريف : 1 - التّرضّي : طلب الرّضا . والرّضا : خلاف السّخط . والتّرضّي عن فلان قول : رضي اللّه عنه . ولا يخرج استعمال الفقهاء لكلمة التّرضّي عن هذا المعنى . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّرحّم : 2 - التّرحّم : من الرّحمة ، ولها في اللّغة معان متعدّدة منها : الرّقة ، والخير ، والنّعمة ، والنّبوّة . ومنه الآية الكريمة : { واللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِه مَنْ يَشَاءُ } أي بنبوّته . والتّرحّم قول : رحمه اللّه ، وترحّمت عليه : أي قلت له : رحمة اللّه عليك ، ورحّم عليه قال : رحمة اللّه عليه ، وتراحم القوم : رحم بعضهم بعضاً . فالتّرضّي دعاء بالرّضا ، والتّرحّم دعاء بالرّحمة . حكمه التّكليفيّ : 3 - يختلف حكم التّرضّي باختلاف المترضّى عنه على النّحو التّالي : أ - التّرضّي عمّن اختلف في نبوّته : 4 - يستحبّ التّرضّي عمّن اختلف في نبوّته : كذي القرنين ،ولقمان ، وذي الكفل وغيرهم . وذكر ابن عابدين نقلاً عن النّوويّ : أنّ الدّعاء بالصّلاة عليهم لا بأس به ، ولكنّ الأرجح أن يقال : رضي اللّه عنهم ، لأنّ مرتبتهم غير مرتبة الأنبياء ، ولم يثبت كونهم أنبياء . ب - التّرضّي عن الصّحابة : 5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّه يستحبّ التّرضّي عن الصّحابة رضي الله عنهم ، لأنّهم كانوا يبالغون في طلب الرّضا من اللّه سبحانه وتعالى ، ويجتهدون في فعل ما يرضيه ، ويرضون بما يلحقهم من الابتلاء من عنده أشدّ الرّضا ، فهؤلاء أحقّ بالرّضا . وإن كان صحابيّاً ابن صحابيّ كابن عمر وابن عبّاس قال : رضي الله عنهما ،لتشمله وأباه . وإذا كان هو وأبوه وجدّه من الصّحابة قال : رضي اللّه عنهم كعبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق بن أبي قحافة رضي الله عنهم . ج - التّرضّي عن غير الصّحابة : 6 - قال صاحب عمدة الأبرار : يجوز التّرضّي عن السّلف من المشايخ والعلماء وذلك لقوله تعالى : { إنَّ الّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدَاً رَضِيَ اللّهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ } . ففي الآية الكريمة ذكر عامّة المؤمنين بهذا ، من الصّحابة وغيرهم . وكما ذكر في كثير من الكتب مثل : التّقويم ، والبزدويّ ، والسّرخسيّ ، والهداية وغيرها بعد ذكر الأساتذة أو بعد ذكر نفسه " رضي اللّه " فلو لم يجز الدّعاء بهذا اللّفظ ما ذكروه في كتبهم ، وهكذا جرت العادة بين أهل العلم بالابتداء بهذا الدّعاء ، حيث يقولون : رضي اللّه عنك وعن والديك إلى آخره . ولم ينكر أحد منهم ، بل استحسنوا الدّعاء بهذا اللّفظ ، وكانوا يعلّمون ذلك لتلامذتهم ، فعليه عمل الأمّة . د - المحافظة على كتابة التّرضّي : 7 - ينبغي أن يحافظ على كتابة التّرضّي عن الصّحابة والتّابعين من العلماء وسائر الأخيار ، ولا يسأم من تكراره ، ومن أغفله حرم حظّاً عظيماً ، وإذا جاءت الرّواية بالتّرضّي كانت العناية به أشدّ . هـ - ما يجب على سامع التّرضّي : 8 - ينبغي لسامع التّرضّي عن الصّحابة ولو حال الخطبة أن يترضّى عنهم ، كما ينبغي لسامع الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، لأنّه أفضل من الإنصات . وفي ذلك خلاف وتفصيل ينظر في ( خطبة ) . ترك * التّعريف : 1 - التَّرْك لغةً : وَدْعُك الشّيء ، ويقال : تركت الشّيء : إذا خلّيته ، وتركت المنزل : إذا رحلت عنه ، وتركت الرّجل : إذا فارقته . ثمّ استعير للإسقاط في المعاني ، فقيل : ترك حقّه : إذا أسقطه ، وترك ركعةً من الصّلاة : إذا لم يأت بها ، فإنّه إسقاط لما ثبت شرعاً . والتّرك في اصطلاح أكثر الأصوليّين والفقهاء : كفّ النّفس عن الإيقاع ، فهو فعل نفسيّ ، وقيل : إنّه ليس بفعل . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الإهمال : 2 - الإهمال : التّرك عن عمد أو نسيان ، ويقال : أهمله إهمالاً إذا خلّى بينه وبين نفسه ، ويأتي عند الفقهاء بمعنى التّرك . ب - التّخلية : 3 - التّخلية : التّرك ويستعمله الفقهاء في : تمكين الشّخص من التّصرّف في الشّيء دون حائل . فالتّرك أعمّ من التّخلية . ج - الإسقاط والإبراء : 4 - الإسقاط : إزالة الملك أو الحقّ لا إلى مالك أو مستحقّ . والإبراء : إسقاط الشّخص حقّاً له في ذمّة آخر أو قبله . وكلاهما يستعمل في موطن التّرك إلاّ أنّ التّرك أعمّ في استعمالاته . الحكم الإجماليّ : أوّلاً - التّرك عند الأصوليّين : أ - التّرك والحكم الشّرعيّ : 5 - اقتضاء التّرك في خطاب اللّه تعالى المتعلّق بفعل المكلّف هو أحد أقسام الحكم الشّرعيّ. واقتضاء التّرك لشيء إن كان جازماً فهو للتّحريم ، وإن كان غير جازم فهو للكراهة ، وإن كان مساوياً لاقتضاء الفعل في الخطاب فهو للإباحة . وانظر الملحق الأصوليّ . ب - التّرك فعل يتعلّق به التّكليف : 6 - يتعلّق التّكليف بالتّرك بناءً على أنّه فعل ، إذ المكلّف به في النّهي المقتضي للتّرك هو الكفّ ، أي كفّ النّفس عن الفعل إذا أقبلت عليه ، وذلك فعل ، ومن ثمّ كانت القاعدة الأصوليّة ( لا تكليف إلاّ بفعل ) وذلك متحقّق في الأمر ، وفي النّهي على اعتبار أنّ مقتضاه وهو التّرك فعل ، وهذا ما ذهب إليه أكثر الأصوليّين . واستدلّوا على ذلك بأنّ التّرك من مقتضى النّهي ، والنّهي تكليف ، والتّكليف إنّما يرد بما كان مقدوراً للمكلّف ، والعدم الأصليّ يمتنع أن يكون مقدوراً ، لأنّ القدرة لا بدّ لها من أثر وجوديّ ، والعدم نفي محض ، فيمتنع إسناده إليها . ولأنّ العدم الأصليّ - أي المستمرّ - حاصل ، والحاصل لا يمكن تحصيله ثانياً ، وإذا ثبت أنّ مقتضى النّهي ليس هو العدم ثبت أنّه أمر وجوديّ . كذلك قالوا : إنّ ممتثل التّكليف مطيع والطّاعة حسنة ، والحسنة مستلزمة للثّواب ، ولا يثاب إلاّ على شيء ( وألاّ يفعل ) عدم محض وليس بشيء ، وإذا لم يصدر منه شيء فكيف يثاب على لا شيء ؟ . وقال قوم ، منهم أبو هاشم : إنّ التّرك غير فعل ، وهو انتفاء المنهيّ عنه ، وذلك مقدور للمكلّف بأن لا يشاء فعله الّذي يوجد بمشيئته . وانظر : الملحق الأصوليّ . هذا ، والخروج عن العهدة لا يشترط له قصد التّرك امتثالاً ، بل يكفي مجرّد التّرك . إنّما يشترط قصد التّرك امتثالاً لحصول الثّواب . لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّما الأعمال بالنّيّات » . وفي تقريرات الشّربينيّ على جمع الجوامع : في التّكليف بالنّهي ثلاثة أمور : الأوّل : المكلّف به ، وهو مطلق التّرك ، ولا يتوقّف على قصد الامتثال ، بل مداره على إقبال النّفس على الفعل ، ثمّ كفّها عنه . الثّاني : المكلّف به المثاب عليه ، وهو التّرك بقصد الامتثال . الثّالث : عدم المنهيّ عنه ، وهو المقصود ، لكنّه ليس مكلّفاً به ، لعدم قدرة المكلّف عليه . وانظر الملحق الأصوليّ . ج - التّرك وسيلة لبيان الأحكام : 7 - قد يكون التّرك وسيلةً لبيان الحكم الشّرعيّ ، يقول القرافيّ : البيان إمّا بالقول أو بالفعل كالكتابة والإشارة ، أو بالدّليل العقليّ ، أو بالتّرك . والتّرك يبيّن به حكم المحرّم والمكروه والمندوب . وينظر تفصيل ذلك في الملحق الأصوليّ . ثانياً - التّرك عند الفقهاء : أ - ترك المحرّمات : 8 - المحرّمات الّتي نهى الشّرع عنها ، سواء أكانت من عمل الجوارح كالزّنى والسّرقة والقتل والكذب والغيبة والنّميمة ، أم كانت من عمل القلب كالحقد والحسد . هذه المحرّمات يجب تركها امتثالاً للنّهي الوارد من الشّرع ، كما في قوله تعالى : { ولا تَقْرَبُوا الزِّنَى } ، وقوله تعالى : { ولا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الّتي حَرَّمَ اللّهُ إلاّ بِالحَقِّ } وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « اجتنبوا السّبع الموبقات ، قيل : وما هنّ يا رسول اللّه ؟ قال : الشّرك باللّه ، والسّحر ، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ ، وأكل مال اليتيم ، والتّولّي يوم الزّحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ، وأكل الرّبا ، وشهادة الزّور » . يقول الفقهاء : يجب على المكلّف كفّ الجوارح عن الحرام ، وكفّ القلب عن الفواحش ، وهو معنى قوله تعالى : { وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وبَاطِنَه } وفعل المحرّمات معصية يترتّب عليها العقوبة المقرّرة لكلّ معصية ، سواء أكانت حدّاً كما في الزّنا والسّرقة ، أم كانت قصاصاً كما في الجنايات ، أم كانت تعزيراً كما في المعاصي الّتي لا حدّ فيها . ومن المقرّر أنّ بعض المحرّمات تباح عند الاضطرار ، وقد تجب ، كأكل الميتة في المخمصة إحياءً للنّفس ، وكشرب الخمر لإزالة الغصّة ، وذلك بالشّروط المنصوص عليها في الحالتين . وهكذا وينظر كلّ ما سبق في أبوابه . ب - ترك الحقوق : الحقّ إمّا أن يكون للّه سبحانه وتعالى ، وإمّا أن يكون للعباد . 9- أمّا حقّ اللّه سبحانه وتعالى كالعبادات مثلاً ، فتركها حرام بالإجماع ، ويعصي تاركها ، ويكون آثماً ، ويترتّب عليها الكفر إن كان تركها جحداً لها مع كونها فرضاً معلوماً من الدّين بالضّرورة ، أو الإثم والعقوبة إن كان تركها كسلاً . يقول الزّركشيّ : إذا امتنع المكلّف من الواجب ، فإن لم تدخل النّيابة نظر : فإن كان حقّاً للّه تعالى نظر : إن كانت صلاةً طولب بها فإن لم يفعل قتل ، وإن كان صوماً حبس ومنع الطّعام والشّراب ... وإن دخلته النّيابة قام القاضي مقامه ، كما في عضل الوليّ المجبر في النّكاح ، على تفصيل في ذلك وفيما تدخله النّيابة . وهذا بالنّسبة للمجمع عليه . أمّا المختلف فيه ، فإن كان تاركه معتقداً جواز ذلك فلا شيء فيه ، وإن كان معتقداً تحريمه فهو آثم . وكذلك يأثم المسلم المكلّف بترك السّنن المؤكّدة الّتي تعتبر من شعائر الإسلام عند الحنفيّة ، وفي وجه عند الشّافعيّة ، كالجماعة والأذان وصلاة العيدين إذ في تركها تهاون بالشّرع ، ولذلك لو اتّفق أهل بلدة على تركها وجب قتالهم ، بخلاف سائر المندوبات ، لأنّها تفعل فرادى . هذا ويباح ترك الواجب للضّرورة ، إذ المعهود في الشّريعة دفع الضّرر بترك الواجب إذا تعيّن طريقاً لدفع الضّرر . ومن ثمّ كانت المسامحة في ترك الواجب أوسع من المسامحة في فعل المحرّم ، واعتناء الشّرع بالمنهيّات فوق اعتنائه بالمأمورات ، ولهذا قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم » . 10 - والحدود الّتي تكون حقّاً للّه تعالى ، كحدّ الزّنى والسّرقة يجب إقامتها متى بلغت الإمام . قال الفقهاء : الحدّ لا يقبل الإسقاط بعد ثبوت سببه عند الحاكم . وعليه بني عدم جواز الشّفاعة فيه ، فإنّها طلب ترك الواجب ، ولذا « أنكر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد رضي الله عنهما حين شفع في المخزوميّة الّتي سرقت فقال : أتشفع في حدّ من حدود اللّه ؟ ... » ولأنّ الحدّ بعد بلوغ الإمام يصير حقّاً للّه تعالى ، فلا يجوز للإمام تركه ولا يجوز لأحد الشّفاعة في إسقاطه . 11 - أمّا بالنّسبة للتّعزير فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى : أنّه إن كان الحقّ للّه تعالى وجب إقامته كالحدود ، إن رأى الإمام أنّه لا ينزجر إلاّ به ،أو أنّ المصلحة في إقامته . وقال الشّافعيّ : هو غير واجب على الإمام ، إن شاء أقامه وإن شاء تركه . وينظر تفصيل ذلك في ( حدّ - تعزير ) . 12 - وأمّا حقّ العبد ، فإن كان حقّاً له فتركه جائز ، إذ الأصل أنّ كلّ جائز التّصرّف لا يمنع من ترك حقّه ، ما لم يكن هناك مانع من ذلك كتعلّق حقّ الغير به ، بل قد يكون التّرك مندوباً إذا كان قربةً ، كإبراء المعسر والعفو عن القصاص . هذا إذا كان الحقّ قبل الغير ، أمّا إذا كان قبل نفسه فقد يكون التّرك حراماً كما إذا ترك الأكل والشّرب حتّى هلك ، وكما إذا ألقي في ماء يمكنه الخلاص منه عادةً ، فمكث فيه مختاراً حتّى هلك . وقيل في التّمتّع بأنواع الطّيّبات : إنّ التّرك من البدع المذمومة . قال تعالى : { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما رَزَقْنَاكُم } وقيل : إنّ التّرك أفضل لقوله تعالى : { أَذْهَبْتُم طَيِّبَاتِكُم في حَيَاتِكُم الدّنيا } . 13 - وإن كان الحقّ للغير ، وترتّب في ذمّة شخص ، وأصبح ملتزماً به حفظاً أو أداءً ، فإنّ ترك الحفظ أو الأداء يعتبر معصيةً تستوجب التّعزير حتّى يؤدّي الحقّ لأهله ، مع الضّمان فيما ضاع أو تلف . وإن كان الحقّ يتعلّق بنفع الغير ، لكن لم يلتزم به شخص ، وكان في ترك القيام بما يحقّق النّفع ضياع المال أو تلفه ، كمن ترك التقاط لقطة تضيع لو تركها ، أو ترك قبول وديعة تضيع لو لم يقبلها ، فتلف المال أو ضاع ، فإنّه يأثم بالتّرك عند جمهور الفقهاء لحرمة مال الغير ، خلافاً للحنابلة إذ الأخذ ليس بواجب عندهم ، بل هو مستحبّ ، وهو قول عند الشّافعيّة . لكنّ الفقهاء يختلفون في ترتّب الضّمان بناءً على اختلافهم ، هل يعدّ التّرك فعلاً يكلّف الإنسان بموجبه ، إذ لا تكليف إلاّ بفعل ، أم لا يعتبر فعلاً ؟ . فعند الشّافعيّة والحنابلة وجمهور الحنفيّة ، وفي قول عند المالكيّة : لا ضمان بالتّرك عند الضّياع أو التّلف ، إذ التّرك في نظرهم ليس سبباً ولا تضييعاً ، بل هو امتناع من حفظ غير ملزم ، ولأنّ المال إنّما يضمن باليد أو الإتلاف ، ولم يوجد شيء من ذلك ، وهذا بخلاف ما إذا التقط أو قبل الوديعة وترك الحفظ حتّى ضاع المال أو تلف ، فإنّه يضمن حينئذ لتركه ما التزم به . والمشهور عند المالكيّة ، وهو قول عند الحنفيّة : ترتّب الضّمان على التّرك في مثل ذلك . بناءً على أنّ التّرك فعل في المشهور من المذهب ، بل إنّ المالكيّة يضمّنون الصّبيّ في ترك ما يجوز له فعله ، فلو مرّ صبيّ مميّز على صيد مجروح لم ينفذ مقتله ، وأمكنته ذكاته ، فترك تذكيته حتّى مات فعليه قيمته مجروحاً لصاحبه ، لأنّ الضّمان من خطاب الوضع ، ولأنّ الشّارع جعل التّرك سبباً في الضّمان ، فيتناول البالغ وغيره . 14 - هذا بالنّسبة للمال ، أمّا بالنّسبة لترك إنقاذ نفس من الهلاك ، فالمتتبّع لأقوال الفقهاء يرى أنّ ذلك يكون في حالتين : إحداهما : أن يقوم شخص بعمل ضار نحو شخص آخر يمكن أن يؤدّي إلى هلاكه غالباً ، ثمّ يترك ما يمكن به إنقاذ هذا الشّخص فيهلك . ومثال ذلك : أن يحبس غيره في مكان ، ويمنعه الطّعام أو الشّراب ، فيموت جوعاً وعطشاً لزمن يموت فيه غالباً ، وكان قد تعذّر عليه الطّلب . فعند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : يكون فيه القود لظهور قصد الإهلاك بذلك . وعند الصّاحبين - أبي يوسف ومحمّد - يكون في ذلك الدّية على عاقلته . لأنّ حبسه هو الّذي تسبّب في هلاكه ، وعند أبي حنيفة : لا ضمان عليه ، لأنّ الهلاك حصل بالجوع والعطش لا بالحبس ، ولا صنع لأحد في الجوع والعطش . فإن لم يمنعه الطّعام أو الشّراب ، بأن كان معه فلم يتناول خوفاً أو حزناً ، أو كان يمكنه الطّلب فلم يفعل ، فمات ، فلا قصاص ولا دية ، لأنّه قتل نفسه . الحال الثّانية : من أمكنه إنقاذ إنسان من الهلاك ، فلم يفعل حتّى مات . ومثال ذلك : من رأى إنساناً اشتدّ جوعه . وعجز عن الطّلب ، فامتنع من رآه من إعطائه فضل طعامه حتّى مات ، أو رأى إنساناً في مهلكة فلم ينجه منها ، مع قدرته على ذلك - فعند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة - عدا أبي الخطّاب لا ضمان على الممتنع ، لأنّه لم يهلكه ولم يحدث فيه فعلاً مهلكاً ، لكنّه يأثم . وهذا الحكم عند الحنابلة إذا كان المضطرّ لم يطلب الطّعام ، أمّا إذا طلبه فمنعه ربّ الطّعام حتّى مات ، فإنّه يضمن في هذه الحالة ، لأنّ منعه منه كان سبباً في هلاكه ، فضمنه بفعله الّذي تعدّى به . وعند المالكيّة وأبي الخطّاب يضمن ، لأنّه لم ينجه من الهلاك مع إمكانه . هذا ويلاحظ أنّه يجوز للمضطرّ قتال من منع منه فضل طعامه ، فإن قتل ربّ الطّعام فدمه هدر ، وإن قتل المضطرّ ففيه القصاص ، لقضاء عمر رضي الله عنه بذلك . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية