الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41254" data-attributes="member: 329"><p>عقوبة ترك الواجب :</p><p>15 - يقول ابن فرحون : التّعزير يكون على ترك الواجب ، ومن ذلك ترك قضاء الدّين وأداء الأمانات : مثل الودائع وأموال الأيتام وغلّات الوقوف وما تحت أيدي الوكلاء والمقارضين ، والامتناع من ردّ المغصوب والمظالم مع القدرة على الأداء ، ويجبر على ذلك إن أباه ولو بالحبس والضّرب . ويقول الزّركشيّ : إذا امتنع المكلّف من الواجب ، فإن كان حقّاً لآدميّ لا تدخله النّيابة حبس حتّى يفعله . </p><p>كما إذا امتنع المشتري من تسليم الثّمن ، فإنّ القاضي يخيّر بين حبسه وبين النّيابة عنه في التّسليم ، كالمقرّ بمبهم يحبس حتّى يبيّن . وإن كانت تدخله النّيابة قام القاضي مقامه .</p><p>النّيّة في التّرك :</p><p>16 - ترك المنهيّ عنه لا يحتاج إلى نيّة للخروج عن عهدة النّهي . </p><p>وأمّا لحصول الثّواب ، بأن كان التّرك كفّاً - وهو : أن تدعوه النّفس إليه قادراً على فعله ، فكفّ نفسه عنه خوفاً من ربّه - فهو مثاب ، وإلاّ فلا ثواب على تركه ، فلا يثاب العنّين على ترك الزّنا ، ولا الأعمى على ترك النّظر .</p><p> آثار التّرك :</p><p>17 - تتعدّد آثار التّرك وتختلف باختلاف متعلّقه ، وباختلاف ما إذا كان التّرك عمداً أو نسياناً أو جهلاً وهكذا . وفيما يأتي بعض آثار التّرك .</p><p>أ - يسقط الحقّ في الشّفعة بترك طلبها بلا عذر . </p><p>ويختلف الفقهاء في المدّة الّتي يسقط بها هذا الحقّ . ( ر : شفعة ) .</p><p>ب - لا تؤكل الذّبيحة إذا ترك الذّابح التّسمية عمداً عند جمهور الفقهاء ، وأمّا إن ترك نسياناً فتؤكل اتّفاقاً ، وفي المسألة خلاف ينظر ( ذبائح - أضحيّة ) . </p><p>والأجير إن ترك التّسمية عمداً ضمن قيمة الذّبيحة .</p><p>ج - ترك القيام بالدّعوى بلا عذر ، وبعد مضيّ المدّة المحدّدة يمنع سماعها ، وهذا عند متأخّري الحنفيّة بناءً على أمر سلطانيّ ، وكما لا تسمع في حياة المدّعي للتّرك لا تسمع من الورثة . وإذا ترك المورّث الدّعوى مدّةً وتركها الوارث مدّةً ، وبلغ مجموع المدّتين حدّ مرور الزّمان فلا تسمع . ( ر : دعوى ) .</p><p>د - يلزم الحنث والكفّارة في الحلف على ترك الواجب . ( ر : أيمان ) .</p><p>هـ - ترك العبادات أو بعض أجزائها يستلزم الجبران . والمتروكات منها ما يجبر بالعمل البدنيّ كسجود السّهو في الصّلاة ، والقضاء أو الإعادة لمن ترك فرضاً . </p><p>ومنها ما يجبر بالمال كجبر الصّوم بالإطعام في حقّ الشّيخ العاجز ، والدّم لترك واجب من واجبات الحجّ . وينظر تفصيل ذلك في مواضعه . هذا وقد ورد في ثنايا البحث آثار التّرك ، كترتّب الحدّ أو التّعزير في ترك واجب أو عدم ترك محرّم ، وكالضّمان في التّلف بالتّرك .</p><p></p><p>تركة *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّركة لغةً : اسم مأخوذ من ترك الشّيء يتركه تركاً . يقال : تركت الشّيء تركاً : خلّفته ، وتركة الميّت : ما يتركه من الميراث ، والجمع تركات . </p><p>وفي الاصطلاح ، اختلف الفقهاء في تعريفها . فذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة : هي كلّ ما يخلّفه الميّت من الأموال والحقوق الثّابتة مطلقاً . وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّركة : هي ما يتركه الميّت من الأموال صافياً عن تعلّق حقّ الغير بعينه . ويتبيّن من خلال التّعريفين أنّ التّركة تشمل الحقوق مطلقاً عند الجمهور ، ومنها المنافع . في حين أنّ المنافع لا تدخل في التّركة عند الحنفيّة . </p><p>فإنّ الحنفيّة يحصرون التّركة في المال أو الحقّ الّذي له صلة بالمال فقط على تفصيل يأتي . الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الإرث :</p><p>2 - الإرث لغةً : الأصل والأمر القديم توارثه الآخر عن الأوّل . والبقيّة من كلّ شيء . ويطلق الإرث ويراد به : الموروث ، ويساويه على هذا الإطلاق في المعنى : التّركة واصطلاحاً : هو حقّ قابل للتّجزّؤ يثبت لمستحقّه بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها . ما تشمله التّركة وما يورث منها :</p><p>3 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة تشمل جميع ما تركه المتوفّى من أموال وحقوق . وقد استدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : « من مات وترك مالاً فماله لموالي العصبة ، ومن ترك كَلّاً أو ضَياعاً فأنا وليّه » . </p><p>فقد جمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المال والحقّ وجعلهما تركةً لورثة الميّت ، إلاّ أنّ هذه الحقوق أنواع مختلفة ، ولكلّ منها حكمه من ناحية إرثه ، أو عدم إرثه وذلك تبعاً لطبيعته وهي :</p><p>أ - حقوق غير ماليّة : وهي حقوق شخصيّة لا تتعدّى إلى غير صاحبها بحال ما ، فهي لا تورث عنه مطلقاً ، كحقّ الأمّ في الحضانة ، وحقّ الأب في الولاية على المال ، وحقّ الوصيّ في الإشراف على مال من تحت وصايته .</p><p>ب - حقوق ماليّة ، ولكنّها تتعلّق بشخص المورّث نفسه ، وهذه لا تورث عنه أيضاً ، كرجوع الواهب في هبته ، وحقّ الانتفاع بشيء معيّن يملكه الغير ، كدار يسكنها أو أرض يزرعها ، أو سيّارة يركبها ، فهذا ونحوه لا يورث عن صاحبه . </p><p>ومن هذا النّوع الأجل في الدّين ، فالدّائن يمنح هذا الأجل للمدين لاعتبارات خاصّة يقدّرها الدّائن وحده ، وذلك من الأمور الشّخصيّة الّتي لا تورث عنه . ولذلك يحلّ الدّين بموت المدين ، ولا يرث الورثة حقّ الأجل .</p><p>ج - حقوق ماليّة أخرى تتعلّق بمشيئة المورّث وإرادته ، وهي تورث عند الجمهور . </p><p>وذهب الحنفيّة إلى أنّها لا تورث . وأهمّ هذه الحقوق حقّ الشّفعة ، وحقّ الخيارات المعروفة في عقود البيع ، كخيار الشّرط ، وخيار الرّؤية ، وخيار التّعيين . </p><p>وللتّفصيل تنظر أحكام ( الخيار ، والشّفعة ) .</p><p>د - حقوق ماليّة تتعلّق بمال المورّث ، لا بشخصه ولا بإرادته ومشيئته ، وهذه حقوق تورث عنه بلا خلاف بين الفقهاء ، وذلك كحقّ الرّهن ، وحقوق الارتفاق المعروفة ، كحقّ المرور وحقّ الشّرب وحقّ المجرى وحقّ التّعلّي .</p><p>4 - فيدخل في التّركة ما كان للإنسان حال حياته ، وخلّفه بعد مماته ، من مال أو حقوق أو اختصاص ، كالرّدّ بالعيب والقصاص والولاء وحدّ القذف . </p><p>وكذا من أوصى له بمنفعة شيء من الأشياء كدار مثلاً ، كانت المنفعة له حال حياته ولورثته بعد موته ، إلاّ إذا كانت المنفعة مؤقّتةً بمدّة حياته في الوصيّة . </p><p>وصرّح الشّافعيّة بأنّ من التّركة أيضاً ما دخل في ملكه بعد موته ، بسبب كان منه في حياته ، كصيد وقع في شبكة نصبها في حياته ، فإنّ نصبه للشّبكة للاصطياد هو سبب الملك ، وكما لو مات عن خمر فتخلّلت بعد موته . قال القرافيّ : اعلم أنّه يروى عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من مات عن حقّ فلورثته » وهذا اللّفظ ليس على عمومه ، بل من الحقوق ما ينقل إلى الوارث ، ومنها ما لا ينتقل . فمن حقّ الإنسان أن يلاعن عند سبب اللّعان ، وأن يفيء بعد الإيلاء ، وأن يعود بعد الظّهار ، وأن يختار من نسوة إذا أسلم عليهنّ وهنّ أكثر من أربع ، وأن يختار إحدى الأختين إذا أسلم عليهما ، وإذا جعل المتبايعان الخيار لأجنبيّ عن العقد فمن حقّه أن يملك إمضاء البيع عليهما أو فسخه ، ومن حقّه ما فوّض إليه من الولايات والمناصب كالقصاص والإمامة والخطابة وغيرهما ، وكالأمانة والوكالة . فجميع هذه الحقوق لا ينتقل للوارث منها شيء وإن كانت ثابتةً للمورّث . </p><p>والضّابط : أنّه ينتقل إليه كلّ ما كان متعلّقاً بالمال ، أو يدفع ضرراً عن الوارث في عرضه بتخفيف ألمه . أمّا ما كان متعلّقاً بنفس المورّث وعقله وشهواته فلا ينتقل للوارث . </p><p>والسّرّ في الفرق : أنّ الورثة يرثون المال ، فيرثون ما يتعلّق به تبعاً له ، ولا يرثون عقله ولا شهوته ولا نفسه ، فلا يرثون ما يتعلّق بذلك ، وما لا يورث لا يرثون ما يتعلّق به ، فاللّعان يرجع إلى أمر يعتقده لا يشاركه فيه غيره غالباً ، والاعتقادات ليست من باب المال ، والفيئة شهوته ، والعود إرادته ، واختيار الأختين والنّسوة إربه وميله ، وقضاؤه على المتبايعين عقله وفكرته ، ورأيه ومناصبه وولاياته وآراؤه واجتهاداته ، وأفعاله الدّينيّة فهو دينه ، ولا ينتقل شيء من ذلك للوارث ، لأنّه لم يرث مستنده وأصله ، وانتقل للوارث خيار الشّرط في البياعات ، وقاله الشّافعيّ رحمه الله تعالى . ثمّ قال القرافيّ : إنّه لم يخرج عن حقوق الأموال - فيما يورث - إلاّ صورتان فيما علمت : حدّ القذف وقصاص الأطراف والجرح والمنافع في الأعضاء . فإنّ هاتين الصّورتين تنتقلان للوارث ، وهما ليستا بمال ، لأجل شفاء غليل الوارث بما دخل على عرضه من قذف مورّثه والجناية عليه . </p><p>وأمّا قصاص النّفس فإنّه لا يورث ، فإنّه لم يثبت للمجنيّ عليه قبل موته ، وإنّما يثبت للوارث ابتداءً ، لأنّ استحقاقه فرع زهوق النّفس ، فلا يقع إلاّ للوارث بعد موت الموروث .</p><p>5- وعند الحنابلة أنّ ما كان من حقوق المورّث ، ويجب له بموته ، كالدّية والقصاص في النّفس فللورثة استيفاؤه . وما كان واجباً للمورّث في حياته إن كان قد طالب به ، أو هو في يده ثبت للورثة إرثه ، وذلك على تفصيل في المذهب .</p><p>6- وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّركة هي المال فقط ، ويدخل فيها الدّية الواجبة بالقتل الخطأ ، أو بالصّلح عن عمد ، أو بانقلاب القصاص بعفو بعض الأولياء ، فتعتبر كسائر أمواله ، حتّى تقضى منها ديونه وتخرج وصاياه ، ويرث الباقي ورثته . </p><p>ولا تدخل الحقوق في التّركة ، لأنّها ليست ثابتةً بالحديث ، وما لم يثبت لا يكون دليلاً . </p><p>ولأنّ الحقوق ليست أموالاً ، ولا يورث منها إلاّ ما كان تابعاً للمال أو في معنى المال ، مثل حقوق الارتفاق والتّعلّي وحقّ البقاء في الأرض المحتكرة للبناء والغراس ، أمّا غير ذلك من الحقوق فلا يعتبر تركةً ، كحقّ الخيار في السّلعة الّتي اشتراها المورّث وكان له فيها حقّ الخيار - كما سبق - وحقّ الانتفاع بما أوصي له به ، ومات قبل مضيّ المدّة الّتي حدّدها الموصي . قال ابن رشد : وعمدة المالكيّة والشّافعيّة ( والحنابلة أيضاً ) أنّ الأصل هو أن تورث الحقوق والأموال ، إلاّ ما قام دليل على مفارقة الحقّ في هذا المعنى للمال . وعمدة الحنفيّة أنّ الأصل هو أن يورث المال دون الحقوق ، إلاّ ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال . فموضع الخلاف : هل الأصل أن تورث الحقوق كالأموال أو لا ؟ وكلّ واحد من الفريقين يشبه من هذا ما لم يسلّم له خصمه منها بما يسلّمه منها له ، ويحتجّ على خصمه .</p><p>الحقوق المتعلّقة بالتّركة :</p><p>7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الحقوق المتعلّقة بالتّركة أربعة : </p><p>وهي تجهيز الميّت للدّفن ، وقضاء ديونه إن مات مديناً ، وتنفيذ ما يكون أوصى به قبل موته من وصايا ، ثمّ حقوق الورثة . </p><p>وصرّح المالكيّة ، وصاحب الدّرّ المختار من الحنفيّة بأنّها خمسة بالاستقراء . </p><p>قال الدّردير : وغايتها - أي الحقوق المتعلّقة بالتّركة - خمسة : حقّ تعلّق بعين ، وحقّ تعلّق بالميّت ، وحقّ تعلّق بالذّمّة ، وحقّ تعلّق بالغير ، وحقّ تعلّق بالوارث . </p><p>والحصر في هذه استقرائيّ ، فإنّ الفقهاء تتبّعوا ذلك فلم يجدوا ما يزيد على هذه الأمور الخمسة ، لا عقليّ كما قيل . وقال صاحب الدّرّ المختار : والحقوق هاهنا خمسة بالاستقراء ، لأنّ الحقّ إمّا للميّت ، أو عليه ، أو لا . </p><p>الأوّل : التّجهيز ، والثّاني : إمّا أن يتعلّق بالذّمّة وهو الدّين المطلق أو لا ، وهو المتعلّق بالعين ، والثّالث : إمّا اختياريّ وهو الوصيّة ، أو اضطراريّ وهو الميراث .</p><p>أحكام التّركة :</p><p>للتّركة أحكام خاصّة بيانها فيما يلي : </p><p>ملكيّة التّركة :</p><p>تنتقل ملكيّة التّركة جبراً إلى الورثة ، ولهذا الانتقال شروط : </p><p>الشّرط الأوّل - موت المورّث :</p><p>8 - اتّفق الفقهاء على أنّ انتقال التّركة من المورّث إلى الوارث يكون بعد وفاة المورّث حقيقةً أو حكماً أو تقديراً . </p><p>فالموت الحقيقيّ : هو انعدام الحياة إمّا بالمعاينة ، كما إذا شوهد ميّتاً ،أو بالبيّنة أو السّماع. والموت الحكميّ : هو أن يكون بحكم القاضي إمّا مع احتمال الحياة أو تيقّنها . </p><p>مثال الأوّل : الحكم بموت المفقود . </p><p>ومثال الثّاني : حكم القاضي على المرتدّ باعتباره في حكم الأموات إذا لحق بدار الحرب . وتقسّم التّركة في هاتين الحالتين من وقت صدور الحكم بالموت . </p><p>والموت التّقديريّ : هو إلحاق الشّخص بالموتى تقديراً ، كما في الجنين الّذي انفصل عن أمّه بجناية ، بأن يضرب شخص امرأةً حاملاً ، فتلقي جنيناً ميّتاً ، فتجب الغرّة ، وتقدّر بنصف عشر الدّية . وقد اختلف الفقهاء في إرث هذا الجنين : فذهب الجمهور إلى أنّه لا يرث ، لأنّه لم تتحقّق حياته ، ومن ثمّ فلم تتحقّق أهليّته للتّملّك بالإرث ، ولا يورث عنه إلاّ الدّية فقط . وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يرث ويورث ، لأنّه يقدر أنّه كان حيّاً وقت الجناية ، وأنّه مات بسببها . وللتّفصيل انظر ( إرث ، جنين ، جناية ، موت ) . </p><p>الشّرط الثّاني - حياة الوارث :</p><p>9 - تحقّق حياة الوارث بعد موت المورّث ، أو إلحاقه بالأحياء تقديراً ، فالحياة الحقيقيّة هي المستقرّة الثّابتة للإنسان المشاهدة له بعد موت المورّث . </p><p>والحياة التّقديريّة هي الثّابتة تقديراً للجنين عند موت المورّث ، فإذا انفصل حيّاً حياةً مستقرّةً لوقت يظهر منه وجوده عند الموت - ولو نطفةً - فيقدّر وجوده حيّاً حين موت المورّث بولادته حيّاً . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) . </p><p>الشّرط الثّالث - العلم بجهة الميراث :</p><p>10 - يشترط العلم بالجهة المقتضية للإرث من زوجيّة أو قرابة أو ولاء ، وذلك لأنّ الأحكام تختلف في ذلك ، ويجب أيضاً أن تعيّن جهة القرابة ، مع العلم بالدّرجة الّتي يجتمع الوارث فيها مع المورّث . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) .</p><p>أسباب انتقال التّركة :</p><p>11 - أسباب انتقال التّركة أربعة ، اتّفق الفقهاء على ثلاثة منها وهي : النّكاح والولاء والقرابة . </p><p>وزاد المالكيّة والشّافعيّة جهة الإسلام وهي : بيت المال ، على تفصيل ينظر في موضعه . وكلّ سبب من هذه الأسباب يفيد الإرث على الاستقلال . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) .</p><p>موانع انتقال التّركة بالإرث :</p><p>12 - موانع انتقال التّركة عن طريق الإرث ثلاثة : الرّقّ ، والقتل ، واختلاف الدّين . واختلفوا في ثلاثة : وهي الرّدّة ، واختلاف الدّارين ، والدّور الحكميّ . </p><p>وهناك موانع أخرى لبعض الفقهاء ، مع خلاف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح ( إرث ) .</p><p>انتقال التّركة :</p><p>13 - لا يشترط لانتقال التّركة إلى الوارث قبول الوراثة ، ولا إلى أن يتروّى قبل أن يقبلها ، بل إنّها تئول إليه جبراً بحكم الشّرع من غير قبول منه . وقد تكون التّركة خاليةً من الدّيون ، وقد تكون مدينةً . والدّين إمّا أن يكون مستغرقاً أو لا ، ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة تنتقل إلى الوارث ، إذا لم يتعلّق بها دين من حين وفاة الميّت . </p><p>واختلفوا في انتقال التّركة الّتي يتعلّق بها الدّين على ثلاثة أقوال :</p><p>أ - فذهب الشّافعيّة ، وهو أشهر الرّوايتين عند الحنابلة إلى : أنّ أموال التّركة تنتقل إلى ملك الورثة بمجرّد موت المورّث ، مع تعلّق الدّين بها ، سواء أكان الدّين مستغرقاً للتّركة أم غير مستغرق لها .</p><p>ب - وذهب المالكيّة إلى : أنّ أموال التّركة تبقى على ملك الميّت بعد موته إلى أن يسدّد الدّين ، سواء أكان الدّين مستغرقاً لها أم غير مستغرق ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أو دَينٍ } .</p><p>ج - وذهب الحنفيّة إلى أنّه يميّز بين ما إذا كانت التّركة مستغرقةً بالدّين ، أو كانت غير مستغرقة به . فإن استغرق الدّين أموال التّركة تبقى أموال التّركة على ملك الميّت ، ولا تنتقل إلى ملك الورثة . وإن كان الدّين غير مستغرق ، فالرّأي الرّاجح أنّ أموال التّركة تنتقل إلى الورثة بمجرّد موت المورّث ، مع تعلّق الدّين بهذه الأموال على تفصيل سيأتي . </p><p>قال السّرخسيّ : الدّين إذا كان محيطاً بالتّركة يمنع ملك الوارث في التّركة ، وإن لم يكن محيطاً فكذلك في قول أبي حنيفة الأوّل . </p><p>وفي قوله الآخر : لا يمنع ملك الوارث بحال ، لأنّ الوارث يخلف المورّث في المال ، والمال كان مملوكاً للميّت في حال حياته مع اشتغاله بالدّين كالمرهون ، فكذلك يكون ملكاً للوارث ، قال : وحجّتنا في ذلك قوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَينٍ } . </p><p>فقد جعل اللّه تعالى أوان الميراث ما بعد قضاء الدّين ، والحكم لا يسبق أوانه فيكون حال الدّين كحال حياة المورّث في المعنى . </p><p>ثمّ الوارث يخلفه فيما يفضل من حاجته ، فأمّا المشغول بحاجته فلا يخلفه وارثه فيه . </p><p>وإذا كان الدّين محيطاً بتركته فالمال مشغول بحاجته ، وقيام الأصل يمنع ظهور حكم الخلف . ولا نقول : يبقى مملوكاً بغير مالك ، ولكن تبقى مالكيّة المديون في ماله حكماً لبقاء حاجته . وخلافة الوارث في التّركة ناقصة في حال تعلّق الدّين بها من غير استغراق ، وهي صوريّة إذا كانت مستغرقةً بالدّين ، وذلك لا يعني أنّه لا قيمة لهذه الخلافة ، بل لها شأنها ، ويعلم ذلك من أقوال الفقهاء . قال ابن قاضي سماوة من الحنفيّة : للورثة أخذ التّركة لأنفسهم ودفع الدّين والوصيّة من مالهم . </p><p>ولو كانت التّركة مستغرقةً بدين أو غير مستغرقة ، فأدّاه الورثة لاستخلاص التّركة يجبر ربّ الدّين على قبوله ، إذ لهم الاستخلاص وإن لم يملكوها ، بخلاف الأجنبيّ . </p><p>ولو كانت التّركة مستغرقةً بالدّين فالخصم في إثبات الدّين إنّما هو وارثه ، لأنّه خلفه ، فتسمع البيّنة الّتي يتقدّم بها الدّائن عليه . </p><p>أثر الخلاف السّابق في انتقال التّركة :</p><p>14 - أ - نماء التّركة أو نتاجها إذا حصل بين الوفاة وأداء الدّين ، هل تضمّ إلى التّركة لمصلحة الدّائنين أم هي للورثة ؟ </p><p>وذلك كأجرة دار للسّكنى ، أو أرض زراعيّة استحقّت بعد وفاته ، وكدابّة ولدت أو سمنت فزادت قيمتها ، وكشجر صار له ثمر . كلّ ذلك نماء أو زيادة في التّركة ، وفيه خلاف بين الفقهاء مبنيّ على أنّ التّركة قبل وفاء الدّين المتعلّق بها هل تنتقل إلى الورثة أم لا ؟ فمن قال : تنتقل إلى الورثة قال : إنّ الزّيادة للوارث وليست للدّائن ، ومن قال بعدم انتقالها ضمّت الزّيادة إلى التّركة لوفاء الدّين ، فإن فضل شيء انتقل إلى الورثة .</p><p>ب - صيد وقع في شبكة أعدّها المورّث حال حياته ، ووقوع الصّيد كان بعد وفاته ، فعلى الخلاف السّابق . وللتّفصيل ينظر في مصطلح : ( دين ، وصيد ، وإرث ) .</p><p>وقت انتقال التّركة :</p><p>يختلف وقت وراثة الوارث لمورّثه بناءً على ما يسبق الوفاة . وهنا يفرّق بين حالات ثلاث :</p><p>أ - الحالة الأولى :</p><p>15 - من مات دون سابق مرض ظاهر ، وذلك كأن مات فجأةً بالسّكتة القلبيّة ، أو في حادث مثلاً . ففي هذه الحالة يكون وقت خلافة الوارث لمورّثه هو نفس وقت الموت ، وبلا خلاف يعتدّ به بين الفقهاء . قال الفناريّ : فعند أبي يوسف ومحمّد يخلف الوارث مورّثه في التّركة بعد موته ، وعليه مشايخ بلخ ، لأنّه ما دام حيّاً مالك لجميع أمواله ، فلو ملكها الوارث في هذه الحالة أدّى إلى أن يصير الشّيء الواحد مملوكاً لشخصين في حالة واحدة ، وهذا غير معهود في الشّرع ، لكن عند محمّد ملك الوارث يتعقّب الموت ، وعند أبي يوسف لا يتعقّب ، بل يتحقّق إذا استغنى الميّت عن ماله بتجهيزه وأداء دينه ، لأنّ كلّ جزء يجوز أن يكون محتاجاً إليه بتقدير هلاك الباقي . وعن محمّد ينتقل الملك إلى الوارث قبل موته في آخر أجزاء الحياة ، وعليه مشايخ العراق ، لأنّ الإرث يجري بين الزّوج والزّوجة ، والزّوجيّة ترتفع بالموت أو تنتهي على حسب ما اختلفوا ، فبأيّ سبب يجري الإرث بينهما . وعند البعض يجري الإرث مع موت المورّث لا قبله ولا بعده - كما ذكره شارح الفرائض العثمانيّة واختاره - لأنّ انتقال الشّيء إلى ملك الوارث مقارن لزوال ملك المورّث عن ذلك الشّيء ، فحين يتمّ يحصل الانتقال والإرث .</p><p>ب - الحالة الثّانية :</p><p>16 - هي حالة من مات بعد أن كان مريضاً مرض الموت واتّصلت الوفاة به . </p><p>وقد عرّفت مجلّة الأحكام العدليّة مرض الموت بأنّه : المرض الّذي يخاف فيه الموت في الأكثر ، الّذي يعجز المريض عن رويّة مصالحه الخارجيّة عن داره إن كان من الذّكور ، ويعجزه عن رؤية المصالح الدّاخليّة في داره إن كان من الإناث ، ويموت على ذلك الحال قبل مرور سنة ، كان صاحب فراش أو لم يكن . وإن امتدّ مرضه دائماً على حال ، ومضى عليه سنة يكون في حكم الصّحيح ، وتكون تصرّفاته كتصرّفات الصّحيح ، ما لم يشتدّ مرضه ويتغيّر حاله ، ولكن لو اشتدّ مرضه وتغيّر حاله ومات ، يعدّ حاله اعتباراً من وقت التّغيّر إلى الوفاة مرض موت . ويلحق بالمريض مرض الموت : الحامل إذا أتمّت ستّة أشهر ودخلت في السّابع ، والمحبوس للقتل ، وحاضر صفّ القتال وإن لم يصب بجرح كما صرّح بذلك المالكيّة . ونحوه تصريح الحنابلة في الحامل إذا ضربها المخاض .</p><p>17 - وذهب الجمهور إلى أنّ وقت انتقال تركة المريض مرض الموت إلى ورثته ، يكون عقب الموت بلا تراخ ، وهو قول أكثر الحنفيّة أيضاً . وقال بعض متقدّمي الحنفيّة : إنّ انتقال الملكيّة في ثلثي تركة المريض مرض الموت يكون من حين ابتداء مرض الموت ، وتفصيل ذلك ودليله ينظر في المطوّلات . قالوا : ولأجل هذا منع المريض مرض الموت من التّصرّف في ثلثي التّركة ، وترث زوجته منه لو طلّقها بائناً فيه .</p><p>الحجر على المريض مرض الموت صوناً للتّركة لحقّ الورثة :</p><p>18 - إذا شعر المريض بدنوّ أجله ربّما تنطلق يده في التّبرّعات رجاء استدراك ما فاته في حال صحّته ، وقد يؤدّي ذلك إلى تبديد ماله وحرمان الورثة ، فشرع الحجر عليه . </p><p>وقد اتّفق الفقهاء على أنّ المريض مرض الموت محجور عليه بحكم الشّرع لحقّ الورثة ، والّذي يحجر فيه على المريض هو تبرّعاته فقط فيما زاد عن ثلث تركته حيث لا دين . وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ هذا الحجر على المريض مرض الموت هو في التّبرّع ، كالهبة والصّدقة والوصيّة والوقف وبيع المحاباة فيما يزيد عن ثلث ماله ، أي أنّ حكم تبرّعاته حكم وصيّته : تنفذ من الثّلث ، وتكون موقوفةً على إجازة الورثة فيما زاد عن الثّلث ، فإن برئ من مرضه صحّ تبرّعه . وقال المالكيّة : لا ينفذ من الثّلث تبرّع المريض ، إلاّ إذا كان المال الباقي بعد التّبرّع مأموناً ، أي لا يخشى تغيّره ، وهو العقار كدار وأرض وشجر ، فإن كان غير مأمون فلا ينفذ ، وإنّما يوقف ولو بدون الثّلث حتّى يظهر حاله من موت أو حياة ، كما يمنع من الزّواج بما زاد على الثّلث . قال الدّسوقيّ : والمريض لا يحجر عليه في تداويه ومؤنته ، ولا في المعاوضة الماليّة ولو بكلّ ماله . وأمّا التّبرّعات فيحجر عليه فيها بما زاد عن الثّلث . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( مرض الموت ) .</p><p>ج - الحالة الثّالثة :</p><p>19 - وهي حالة التّركة المدينة بدين مستغرق أو غير مستغرق لها ، وقد تقدّم الكلام على هذه الحالة في " انتقال التّركة " .</p><p>زوائد التّركة :</p><p>20 - المراد بزوائد التّركة نماء أعيانها بعد وفاة المورّث . </p><p>وقد فصّل الفقهاء حكم هذه الزّوائد ، آخذين بعين الاعتبار ما إذا كانت التّركة خاليةً من الدّيون أو مدينةً بدين مستغرق أو غير مستغرق . فإذا كانت التّركة غير مدينة ، فلا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة بزوائدها للورثة ، كلّ حسب حصّته في الميراث . </p><p>أمّا إذا كانت التّركة مدينةً بدين مستغرق أو غير مستغرق ، فقد اختلف الفقهاء في زوائدها هل تبقى على ملك الميّت ، ومن ثمّ تصرف للدّائنين ؟ أم تنتقل للورثة ؟ </p><p>فذهب الحنفيّة - في الدّين المستغرق - والمالكيّة إلى : أنّ نماء أعيان التّركة بزيادتها المتولّدة ملك للميّت ، كما أنّ نفقات أعيان التّركة ، من حفظ وصيانة ومصروفات حمل ونقل وطعام حيوان تكون في التّركة . </p><p>وذهب الحنفيّة في الدّين غير المستغرق والشّافعيّة والحنابلة - في أشهر الرّوايتين - إلى أنّ زوائد التّركة الّتي تعلّق بها دين ملك للورثة ، وعليهم ما تحتاجه من نفقات .</p><p>ترتيب الحقوق المتعلّقة بالتّركة :</p><p>21 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الحقوق المتعلّقة بالتّركة ليست على مرتبة واحدة ، وأنّ بعضها مقدّم على بعض ، فيقدّم من حيث الجملة تجهيز الميّت وتكفينه ، ثمّ أداء الدّين ، ثمّ تنفيذ وصاياه ، والباقي للورثة .</p><p>أوّلاً : تجهيز الميّت وتكفينه :</p><p>22 - إذا كانت التّركة خاليةً من تعلّق دين بعينها قبل الوفاة ، فقد اتّفق الفقهاء على أنّ أوّل الحقوق مرتبةً وأقواها هو : تجهيزه للدّفن والقيام بتكفينه وبما لا بدّ له منه ، « لقوله صلى الله عليه وسلم في الّذي وَقَصَته ناقتُه : كَفِّنوه في ثوبين » ولم يسأل هل عليه دين أم لا ؟ لأنّه محتاج إلى ذلك ، وإنّما يدفع إلى الوارث ما يستغني عنه المورّث ، لأنّه إذا ترك للمفلس الحيّ ثياب تليق به فالميّت أولى أن يستر ويوارى ، لأنّ الحيّ يعالج لنفسه ، وقد « كفّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعباً رضي الله عنه في بردة له ، ولم يكن له غيرها ، وكفّن حمزة رضي الله عنه أيضاً » ولم يسأل عن دين قد يكون على أحدهما قبل التّكفين . أمّا إذا لم تكن التّركة خاليةً من تعلّق حقّ الغير بأعيانها قبل الوفاة ، كأن كان فيها شيء من الأعيان المرهونة ، أو شيء اشتراه ولم يقبضه ولم يدفع ثمنه ، كان حقّ المرتهن متعلّقاً بعين الشّيء المرهون ، وكان حقّ البائع متعلّقاً بالمبيع نفسه الّذي لا يزال تحت يده ، ففي هذه الحالة يكون الدّين متقدّماً في الدّفع على تكفين الميّت وتجهيزه عند المالكيّة والشّافعيّة ، وهي الرّواية المشهورة عند الحنفيّة . </p><p>وعند الحنابلة ، وغير المشهور عند الحنفيّة : أنّه إذا مات الإنسان بدئ بتكفينه وتجهيزه مقدّماً على غيره ، كما تقدّم نفقة المفلس على ديون غرمائه ، ثمّ تقضى ديونه بعد تجهيزه ودفنه . والتّفصيل في ( جنائز ، ودين ) .</p><p>ثانياً : أداء الدّين :</p><p>23 - يأتي في المرتبة الثّانية أداء الدّيون المتعلّقة بالتّركة بعد تجهيز الميّت - على التّفصيل السّابق - لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دينٍ } . ويقدّم الدّين على الوصيّة باتّفاق الفقهاء ، لأنّ الدّين واجب من أوّل الأمر ، لكنّ الوصيّة تبرّع ابتداءً ، والواجب يؤدّى قبل التّبرّع . « وعن الإمام عليّ رضي الله عنه أنّه قال : إنّكم تقرءون الوصيّة قبل الدّين ، وقد شهدت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدّين قبل الوصيّة » . وهذه الدّيون أو الحقوق أنواع : </p><p>منها : ما يكون للّه تعالى ، كالزّكاة والكفّارات والحجّ الواجب . </p><p>ومنها : ما يكون للعباد ، كدين الصّحّة ودين المرض . </p><p>وهذه الدّيون بشطريها ، إمّا أن تتعلّق بعين التّركة أو بجزء منها . </p><p>ومنها : ديون مطلقة متعلّقة بالذّمّة وحدها . </p><p>24 - وذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والثّوريّ والشّعبيّ والنّخعيّ وسوّار ، وهو الرّواية المرجوحة للحنابلة إلى : أنّ الدّيون الّتي على الميّت تحلّ بموته . قال ابن قدامة : لأنّه لا يخلو إمّا أن يبقى الدّين في ذمّة الميّت ، أو الورثة ، أو يتعلّق بالمال .</p><p>لا يجوز بقاؤه في ذمّة الميّت لخرابها وتعذّر مطالبته بها ، ولا ذمّة الورثة لأنّهم لم يلتزموها ، ولا رضي صاحب الدّين بذممهم ، وهي مختلفة متباينة ، ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله ، لأنّه ضرر بالميّت وصاحب الدّين ولا نفع للورثة فيه أمّا الميّت فلأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « نفس المؤمن معلّقة ما كان عليه دين » ، وأمّا صاحبه فيتأخّر حقّه ، وقد تتلف العين فيسقط حقّه ، وأمّا الورثة فإنّهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرّفون فيها ، وإن حصلت لهم منفعة فلا يسقط حظّ الميّت وصاحب الدّين لمنفعة لهم . </p><p>والمذهب عند الحنابلة ، وهو قول ابن سيرين وعبيد اللّه بن الحسن العنبريّ وأبي عبيد : أنّ الدّيون على الميّت لا تحلّ بموته ، إذا وثق الورثة أو غيرهم برهن أو كفيل مليء على أقلّ الأمرين من قيمة التّركة أو الدّين . قال ابن قدامة : لأنّ الموت ما جعل مبطلاً للحقوق ، وإنّما هو ميقات للخلافة وعلامة على الوراثة ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ترك حقّاً أو مالاً فلورثته » ، فعلى هذا يبقى الدّين في ذمّة الميّت كما كان ، ويتعلّق بعين ماله كتعلّق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحبّ الورثة أداء الدّين والتزامه للغريم ويتصرّفون في المال لم يكن لهم ذلك إلاّ أن يرضى الغريم ، أو يوثّقوا الحقّ بضمين مليء أو رهن يثق به لوفاء حقّه ، فأنّهم قد لا يكونون أملياء ولم يرض بهم الغريم ، فيؤدّي إلى فوات الحقّ ، وذكر القاضي أبو يعلى : أنّ الحقّ ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورّثهم من غير أن يشترط التزامهم له . قال ابن قدامة : ولا ينبغي أن يلزم الإنسان دين لم يلتزمه ولم يتعاط سببه ، ولو لزمهم ذلك لموت مورّثهم للزمهم وإن لم يخلّف وفاءً . </p><p>25 - وقد اختلف الفقهاء في أيّ الدّينين يؤدّى أوّلاً إذا ضاقت التّركة عنهما . </p><p>فذهب الحنفيّة إلى : أنّ ديون اللّه تعالى تسقط بالموت إلاّ إذا أوصى بها كما سيأتي . </p><p>وذهب المالكيّة إلى أنّ حقّ العبد يقدّم على حقّ اللّه تعالى ، لأنّ حقوق اللّه تعالى مبنيّة على المسامحة ، وحقوق العباد مبنيّة على المشاحّة ، أو لاستغناء اللّه وحاجة النّاس . </p><p>وذهب الشّافعيّة إلى تقديم حقوق اللّه تعالى أو ديونه على حقوق الآدميّ إذا ضاقت التّركة عنهما ، واستدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : « دين اللّه أحقّ أن يقضى » .</p><p>وقوله : « اقضوا اللّه ، فاللّه أحقّ بالوفاء » . </p><p>وأمّا الحنابلة فإنّهم يقدّمون وفاء الدّين المتعلّق بعين التّركة أو ببعضها ، كالدّين المرهون به شيء منها ، ثمّ بعدها الدّين المطلقة المتعلّقة بذمّة المتوفّى ، ولا فرق في التّقديم بين حقّ اللّه أو حقّ العبد . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ، ودين ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41254, member: 329"] عقوبة ترك الواجب : 15 - يقول ابن فرحون : التّعزير يكون على ترك الواجب ، ومن ذلك ترك قضاء الدّين وأداء الأمانات : مثل الودائع وأموال الأيتام وغلّات الوقوف وما تحت أيدي الوكلاء والمقارضين ، والامتناع من ردّ المغصوب والمظالم مع القدرة على الأداء ، ويجبر على ذلك إن أباه ولو بالحبس والضّرب . ويقول الزّركشيّ : إذا امتنع المكلّف من الواجب ، فإن كان حقّاً لآدميّ لا تدخله النّيابة حبس حتّى يفعله . كما إذا امتنع المشتري من تسليم الثّمن ، فإنّ القاضي يخيّر بين حبسه وبين النّيابة عنه في التّسليم ، كالمقرّ بمبهم يحبس حتّى يبيّن . وإن كانت تدخله النّيابة قام القاضي مقامه . النّيّة في التّرك : 16 - ترك المنهيّ عنه لا يحتاج إلى نيّة للخروج عن عهدة النّهي . وأمّا لحصول الثّواب ، بأن كان التّرك كفّاً - وهو : أن تدعوه النّفس إليه قادراً على فعله ، فكفّ نفسه عنه خوفاً من ربّه - فهو مثاب ، وإلاّ فلا ثواب على تركه ، فلا يثاب العنّين على ترك الزّنا ، ولا الأعمى على ترك النّظر . آثار التّرك : 17 - تتعدّد آثار التّرك وتختلف باختلاف متعلّقه ، وباختلاف ما إذا كان التّرك عمداً أو نسياناً أو جهلاً وهكذا . وفيما يأتي بعض آثار التّرك . أ - يسقط الحقّ في الشّفعة بترك طلبها بلا عذر . ويختلف الفقهاء في المدّة الّتي يسقط بها هذا الحقّ . ( ر : شفعة ) . ب - لا تؤكل الذّبيحة إذا ترك الذّابح التّسمية عمداً عند جمهور الفقهاء ، وأمّا إن ترك نسياناً فتؤكل اتّفاقاً ، وفي المسألة خلاف ينظر ( ذبائح - أضحيّة ) . والأجير إن ترك التّسمية عمداً ضمن قيمة الذّبيحة . ج - ترك القيام بالدّعوى بلا عذر ، وبعد مضيّ المدّة المحدّدة يمنع سماعها ، وهذا عند متأخّري الحنفيّة بناءً على أمر سلطانيّ ، وكما لا تسمع في حياة المدّعي للتّرك لا تسمع من الورثة . وإذا ترك المورّث الدّعوى مدّةً وتركها الوارث مدّةً ، وبلغ مجموع المدّتين حدّ مرور الزّمان فلا تسمع . ( ر : دعوى ) . د - يلزم الحنث والكفّارة في الحلف على ترك الواجب . ( ر : أيمان ) . هـ - ترك العبادات أو بعض أجزائها يستلزم الجبران . والمتروكات منها ما يجبر بالعمل البدنيّ كسجود السّهو في الصّلاة ، والقضاء أو الإعادة لمن ترك فرضاً . ومنها ما يجبر بالمال كجبر الصّوم بالإطعام في حقّ الشّيخ العاجز ، والدّم لترك واجب من واجبات الحجّ . وينظر تفصيل ذلك في مواضعه . هذا وقد ورد في ثنايا البحث آثار التّرك ، كترتّب الحدّ أو التّعزير في ترك واجب أو عدم ترك محرّم ، وكالضّمان في التّلف بالتّرك . تركة * التّعريف : 1 - التّركة لغةً : اسم مأخوذ من ترك الشّيء يتركه تركاً . يقال : تركت الشّيء تركاً : خلّفته ، وتركة الميّت : ما يتركه من الميراث ، والجمع تركات . وفي الاصطلاح ، اختلف الفقهاء في تعريفها . فذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة : هي كلّ ما يخلّفه الميّت من الأموال والحقوق الثّابتة مطلقاً . وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّركة : هي ما يتركه الميّت من الأموال صافياً عن تعلّق حقّ الغير بعينه . ويتبيّن من خلال التّعريفين أنّ التّركة تشمل الحقوق مطلقاً عند الجمهور ، ومنها المنافع . في حين أنّ المنافع لا تدخل في التّركة عند الحنفيّة . فإنّ الحنفيّة يحصرون التّركة في المال أو الحقّ الّذي له صلة بالمال فقط على تفصيل يأتي . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الإرث : 2 - الإرث لغةً : الأصل والأمر القديم توارثه الآخر عن الأوّل . والبقيّة من كلّ شيء . ويطلق الإرث ويراد به : الموروث ، ويساويه على هذا الإطلاق في المعنى : التّركة واصطلاحاً : هو حقّ قابل للتّجزّؤ يثبت لمستحقّه بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها . ما تشمله التّركة وما يورث منها : 3 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - إلى أنّ التّركة تشمل جميع ما تركه المتوفّى من أموال وحقوق . وقد استدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : « من مات وترك مالاً فماله لموالي العصبة ، ومن ترك كَلّاً أو ضَياعاً فأنا وليّه » . فقد جمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم بين المال والحقّ وجعلهما تركةً لورثة الميّت ، إلاّ أنّ هذه الحقوق أنواع مختلفة ، ولكلّ منها حكمه من ناحية إرثه ، أو عدم إرثه وذلك تبعاً لطبيعته وهي : أ - حقوق غير ماليّة : وهي حقوق شخصيّة لا تتعدّى إلى غير صاحبها بحال ما ، فهي لا تورث عنه مطلقاً ، كحقّ الأمّ في الحضانة ، وحقّ الأب في الولاية على المال ، وحقّ الوصيّ في الإشراف على مال من تحت وصايته . ب - حقوق ماليّة ، ولكنّها تتعلّق بشخص المورّث نفسه ، وهذه لا تورث عنه أيضاً ، كرجوع الواهب في هبته ، وحقّ الانتفاع بشيء معيّن يملكه الغير ، كدار يسكنها أو أرض يزرعها ، أو سيّارة يركبها ، فهذا ونحوه لا يورث عن صاحبه . ومن هذا النّوع الأجل في الدّين ، فالدّائن يمنح هذا الأجل للمدين لاعتبارات خاصّة يقدّرها الدّائن وحده ، وذلك من الأمور الشّخصيّة الّتي لا تورث عنه . ولذلك يحلّ الدّين بموت المدين ، ولا يرث الورثة حقّ الأجل . ج - حقوق ماليّة أخرى تتعلّق بمشيئة المورّث وإرادته ، وهي تورث عند الجمهور . وذهب الحنفيّة إلى أنّها لا تورث . وأهمّ هذه الحقوق حقّ الشّفعة ، وحقّ الخيارات المعروفة في عقود البيع ، كخيار الشّرط ، وخيار الرّؤية ، وخيار التّعيين . وللتّفصيل تنظر أحكام ( الخيار ، والشّفعة ) . د - حقوق ماليّة تتعلّق بمال المورّث ، لا بشخصه ولا بإرادته ومشيئته ، وهذه حقوق تورث عنه بلا خلاف بين الفقهاء ، وذلك كحقّ الرّهن ، وحقوق الارتفاق المعروفة ، كحقّ المرور وحقّ الشّرب وحقّ المجرى وحقّ التّعلّي . 4 - فيدخل في التّركة ما كان للإنسان حال حياته ، وخلّفه بعد مماته ، من مال أو حقوق أو اختصاص ، كالرّدّ بالعيب والقصاص والولاء وحدّ القذف . وكذا من أوصى له بمنفعة شيء من الأشياء كدار مثلاً ، كانت المنفعة له حال حياته ولورثته بعد موته ، إلاّ إذا كانت المنفعة مؤقّتةً بمدّة حياته في الوصيّة . وصرّح الشّافعيّة بأنّ من التّركة أيضاً ما دخل في ملكه بعد موته ، بسبب كان منه في حياته ، كصيد وقع في شبكة نصبها في حياته ، فإنّ نصبه للشّبكة للاصطياد هو سبب الملك ، وكما لو مات عن خمر فتخلّلت بعد موته . قال القرافيّ : اعلم أنّه يروى عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من مات عن حقّ فلورثته » وهذا اللّفظ ليس على عمومه ، بل من الحقوق ما ينقل إلى الوارث ، ومنها ما لا ينتقل . فمن حقّ الإنسان أن يلاعن عند سبب اللّعان ، وأن يفيء بعد الإيلاء ، وأن يعود بعد الظّهار ، وأن يختار من نسوة إذا أسلم عليهنّ وهنّ أكثر من أربع ، وأن يختار إحدى الأختين إذا أسلم عليهما ، وإذا جعل المتبايعان الخيار لأجنبيّ عن العقد فمن حقّه أن يملك إمضاء البيع عليهما أو فسخه ، ومن حقّه ما فوّض إليه من الولايات والمناصب كالقصاص والإمامة والخطابة وغيرهما ، وكالأمانة والوكالة . فجميع هذه الحقوق لا ينتقل للوارث منها شيء وإن كانت ثابتةً للمورّث . والضّابط : أنّه ينتقل إليه كلّ ما كان متعلّقاً بالمال ، أو يدفع ضرراً عن الوارث في عرضه بتخفيف ألمه . أمّا ما كان متعلّقاً بنفس المورّث وعقله وشهواته فلا ينتقل للوارث . والسّرّ في الفرق : أنّ الورثة يرثون المال ، فيرثون ما يتعلّق به تبعاً له ، ولا يرثون عقله ولا شهوته ولا نفسه ، فلا يرثون ما يتعلّق بذلك ، وما لا يورث لا يرثون ما يتعلّق به ، فاللّعان يرجع إلى أمر يعتقده لا يشاركه فيه غيره غالباً ، والاعتقادات ليست من باب المال ، والفيئة شهوته ، والعود إرادته ، واختيار الأختين والنّسوة إربه وميله ، وقضاؤه على المتبايعين عقله وفكرته ، ورأيه ومناصبه وولاياته وآراؤه واجتهاداته ، وأفعاله الدّينيّة فهو دينه ، ولا ينتقل شيء من ذلك للوارث ، لأنّه لم يرث مستنده وأصله ، وانتقل للوارث خيار الشّرط في البياعات ، وقاله الشّافعيّ رحمه الله تعالى . ثمّ قال القرافيّ : إنّه لم يخرج عن حقوق الأموال - فيما يورث - إلاّ صورتان فيما علمت : حدّ القذف وقصاص الأطراف والجرح والمنافع في الأعضاء . فإنّ هاتين الصّورتين تنتقلان للوارث ، وهما ليستا بمال ، لأجل شفاء غليل الوارث بما دخل على عرضه من قذف مورّثه والجناية عليه . وأمّا قصاص النّفس فإنّه لا يورث ، فإنّه لم يثبت للمجنيّ عليه قبل موته ، وإنّما يثبت للوارث ابتداءً ، لأنّ استحقاقه فرع زهوق النّفس ، فلا يقع إلاّ للوارث بعد موت الموروث . 5- وعند الحنابلة أنّ ما كان من حقوق المورّث ، ويجب له بموته ، كالدّية والقصاص في النّفس فللورثة استيفاؤه . وما كان واجباً للمورّث في حياته إن كان قد طالب به ، أو هو في يده ثبت للورثة إرثه ، وذلك على تفصيل في المذهب . 6- وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّركة هي المال فقط ، ويدخل فيها الدّية الواجبة بالقتل الخطأ ، أو بالصّلح عن عمد ، أو بانقلاب القصاص بعفو بعض الأولياء ، فتعتبر كسائر أمواله ، حتّى تقضى منها ديونه وتخرج وصاياه ، ويرث الباقي ورثته . ولا تدخل الحقوق في التّركة ، لأنّها ليست ثابتةً بالحديث ، وما لم يثبت لا يكون دليلاً . ولأنّ الحقوق ليست أموالاً ، ولا يورث منها إلاّ ما كان تابعاً للمال أو في معنى المال ، مثل حقوق الارتفاق والتّعلّي وحقّ البقاء في الأرض المحتكرة للبناء والغراس ، أمّا غير ذلك من الحقوق فلا يعتبر تركةً ، كحقّ الخيار في السّلعة الّتي اشتراها المورّث وكان له فيها حقّ الخيار - كما سبق - وحقّ الانتفاع بما أوصي له به ، ومات قبل مضيّ المدّة الّتي حدّدها الموصي . قال ابن رشد : وعمدة المالكيّة والشّافعيّة ( والحنابلة أيضاً ) أنّ الأصل هو أن تورث الحقوق والأموال ، إلاّ ما قام دليل على مفارقة الحقّ في هذا المعنى للمال . وعمدة الحنفيّة أنّ الأصل هو أن يورث المال دون الحقوق ، إلاّ ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال . فموضع الخلاف : هل الأصل أن تورث الحقوق كالأموال أو لا ؟ وكلّ واحد من الفريقين يشبه من هذا ما لم يسلّم له خصمه منها بما يسلّمه منها له ، ويحتجّ على خصمه . الحقوق المتعلّقة بالتّركة : 7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الحقوق المتعلّقة بالتّركة أربعة : وهي تجهيز الميّت للدّفن ، وقضاء ديونه إن مات مديناً ، وتنفيذ ما يكون أوصى به قبل موته من وصايا ، ثمّ حقوق الورثة . وصرّح المالكيّة ، وصاحب الدّرّ المختار من الحنفيّة بأنّها خمسة بالاستقراء . قال الدّردير : وغايتها - أي الحقوق المتعلّقة بالتّركة - خمسة : حقّ تعلّق بعين ، وحقّ تعلّق بالميّت ، وحقّ تعلّق بالذّمّة ، وحقّ تعلّق بالغير ، وحقّ تعلّق بالوارث . والحصر في هذه استقرائيّ ، فإنّ الفقهاء تتبّعوا ذلك فلم يجدوا ما يزيد على هذه الأمور الخمسة ، لا عقليّ كما قيل . وقال صاحب الدّرّ المختار : والحقوق هاهنا خمسة بالاستقراء ، لأنّ الحقّ إمّا للميّت ، أو عليه ، أو لا . الأوّل : التّجهيز ، والثّاني : إمّا أن يتعلّق بالذّمّة وهو الدّين المطلق أو لا ، وهو المتعلّق بالعين ، والثّالث : إمّا اختياريّ وهو الوصيّة ، أو اضطراريّ وهو الميراث . أحكام التّركة : للتّركة أحكام خاصّة بيانها فيما يلي : ملكيّة التّركة : تنتقل ملكيّة التّركة جبراً إلى الورثة ، ولهذا الانتقال شروط : الشّرط الأوّل - موت المورّث : 8 - اتّفق الفقهاء على أنّ انتقال التّركة من المورّث إلى الوارث يكون بعد وفاة المورّث حقيقةً أو حكماً أو تقديراً . فالموت الحقيقيّ : هو انعدام الحياة إمّا بالمعاينة ، كما إذا شوهد ميّتاً ،أو بالبيّنة أو السّماع. والموت الحكميّ : هو أن يكون بحكم القاضي إمّا مع احتمال الحياة أو تيقّنها . مثال الأوّل : الحكم بموت المفقود . ومثال الثّاني : حكم القاضي على المرتدّ باعتباره في حكم الأموات إذا لحق بدار الحرب . وتقسّم التّركة في هاتين الحالتين من وقت صدور الحكم بالموت . والموت التّقديريّ : هو إلحاق الشّخص بالموتى تقديراً ، كما في الجنين الّذي انفصل عن أمّه بجناية ، بأن يضرب شخص امرأةً حاملاً ، فتلقي جنيناً ميّتاً ، فتجب الغرّة ، وتقدّر بنصف عشر الدّية . وقد اختلف الفقهاء في إرث هذا الجنين : فذهب الجمهور إلى أنّه لا يرث ، لأنّه لم تتحقّق حياته ، ومن ثمّ فلم تتحقّق أهليّته للتّملّك بالإرث ، ولا يورث عنه إلاّ الدّية فقط . وذهب أبو حنيفة إلى أنّه يرث ويورث ، لأنّه يقدر أنّه كان حيّاً وقت الجناية ، وأنّه مات بسببها . وللتّفصيل انظر ( إرث ، جنين ، جناية ، موت ) . الشّرط الثّاني - حياة الوارث : 9 - تحقّق حياة الوارث بعد موت المورّث ، أو إلحاقه بالأحياء تقديراً ، فالحياة الحقيقيّة هي المستقرّة الثّابتة للإنسان المشاهدة له بعد موت المورّث . والحياة التّقديريّة هي الثّابتة تقديراً للجنين عند موت المورّث ، فإذا انفصل حيّاً حياةً مستقرّةً لوقت يظهر منه وجوده عند الموت - ولو نطفةً - فيقدّر وجوده حيّاً حين موت المورّث بولادته حيّاً . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) . الشّرط الثّالث - العلم بجهة الميراث : 10 - يشترط العلم بالجهة المقتضية للإرث من زوجيّة أو قرابة أو ولاء ، وذلك لأنّ الأحكام تختلف في ذلك ، ويجب أيضاً أن تعيّن جهة القرابة ، مع العلم بالدّرجة الّتي يجتمع الوارث فيها مع المورّث . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) . أسباب انتقال التّركة : 11 - أسباب انتقال التّركة أربعة ، اتّفق الفقهاء على ثلاثة منها وهي : النّكاح والولاء والقرابة . وزاد المالكيّة والشّافعيّة جهة الإسلام وهي : بيت المال ، على تفصيل ينظر في موضعه . وكلّ سبب من هذه الأسباب يفيد الإرث على الاستقلال . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ) . موانع انتقال التّركة بالإرث : 12 - موانع انتقال التّركة عن طريق الإرث ثلاثة : الرّقّ ، والقتل ، واختلاف الدّين . واختلفوا في ثلاثة : وهي الرّدّة ، واختلاف الدّارين ، والدّور الحكميّ . وهناك موانع أخرى لبعض الفقهاء ، مع خلاف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح ( إرث ) . انتقال التّركة : 13 - لا يشترط لانتقال التّركة إلى الوارث قبول الوراثة ، ولا إلى أن يتروّى قبل أن يقبلها ، بل إنّها تئول إليه جبراً بحكم الشّرع من غير قبول منه . وقد تكون التّركة خاليةً من الدّيون ، وقد تكون مدينةً . والدّين إمّا أن يكون مستغرقاً أو لا ، ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة تنتقل إلى الوارث ، إذا لم يتعلّق بها دين من حين وفاة الميّت . واختلفوا في انتقال التّركة الّتي يتعلّق بها الدّين على ثلاثة أقوال : أ - فذهب الشّافعيّة ، وهو أشهر الرّوايتين عند الحنابلة إلى : أنّ أموال التّركة تنتقل إلى ملك الورثة بمجرّد موت المورّث ، مع تعلّق الدّين بها ، سواء أكان الدّين مستغرقاً للتّركة أم غير مستغرق لها . ب - وذهب المالكيّة إلى : أنّ أموال التّركة تبقى على ملك الميّت بعد موته إلى أن يسدّد الدّين ، سواء أكان الدّين مستغرقاً لها أم غير مستغرق ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أو دَينٍ } . ج - وذهب الحنفيّة إلى أنّه يميّز بين ما إذا كانت التّركة مستغرقةً بالدّين ، أو كانت غير مستغرقة به . فإن استغرق الدّين أموال التّركة تبقى أموال التّركة على ملك الميّت ، ولا تنتقل إلى ملك الورثة . وإن كان الدّين غير مستغرق ، فالرّأي الرّاجح أنّ أموال التّركة تنتقل إلى الورثة بمجرّد موت المورّث ، مع تعلّق الدّين بهذه الأموال على تفصيل سيأتي . قال السّرخسيّ : الدّين إذا كان محيطاً بالتّركة يمنع ملك الوارث في التّركة ، وإن لم يكن محيطاً فكذلك في قول أبي حنيفة الأوّل . وفي قوله الآخر : لا يمنع ملك الوارث بحال ، لأنّ الوارث يخلف المورّث في المال ، والمال كان مملوكاً للميّت في حال حياته مع اشتغاله بالدّين كالمرهون ، فكذلك يكون ملكاً للوارث ، قال : وحجّتنا في ذلك قوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَينٍ } . فقد جعل اللّه تعالى أوان الميراث ما بعد قضاء الدّين ، والحكم لا يسبق أوانه فيكون حال الدّين كحال حياة المورّث في المعنى . ثمّ الوارث يخلفه فيما يفضل من حاجته ، فأمّا المشغول بحاجته فلا يخلفه وارثه فيه . وإذا كان الدّين محيطاً بتركته فالمال مشغول بحاجته ، وقيام الأصل يمنع ظهور حكم الخلف . ولا نقول : يبقى مملوكاً بغير مالك ، ولكن تبقى مالكيّة المديون في ماله حكماً لبقاء حاجته . وخلافة الوارث في التّركة ناقصة في حال تعلّق الدّين بها من غير استغراق ، وهي صوريّة إذا كانت مستغرقةً بالدّين ، وذلك لا يعني أنّه لا قيمة لهذه الخلافة ، بل لها شأنها ، ويعلم ذلك من أقوال الفقهاء . قال ابن قاضي سماوة من الحنفيّة : للورثة أخذ التّركة لأنفسهم ودفع الدّين والوصيّة من مالهم . ولو كانت التّركة مستغرقةً بدين أو غير مستغرقة ، فأدّاه الورثة لاستخلاص التّركة يجبر ربّ الدّين على قبوله ، إذ لهم الاستخلاص وإن لم يملكوها ، بخلاف الأجنبيّ . ولو كانت التّركة مستغرقةً بالدّين فالخصم في إثبات الدّين إنّما هو وارثه ، لأنّه خلفه ، فتسمع البيّنة الّتي يتقدّم بها الدّائن عليه . أثر الخلاف السّابق في انتقال التّركة : 14 - أ - نماء التّركة أو نتاجها إذا حصل بين الوفاة وأداء الدّين ، هل تضمّ إلى التّركة لمصلحة الدّائنين أم هي للورثة ؟ وذلك كأجرة دار للسّكنى ، أو أرض زراعيّة استحقّت بعد وفاته ، وكدابّة ولدت أو سمنت فزادت قيمتها ، وكشجر صار له ثمر . كلّ ذلك نماء أو زيادة في التّركة ، وفيه خلاف بين الفقهاء مبنيّ على أنّ التّركة قبل وفاء الدّين المتعلّق بها هل تنتقل إلى الورثة أم لا ؟ فمن قال : تنتقل إلى الورثة قال : إنّ الزّيادة للوارث وليست للدّائن ، ومن قال بعدم انتقالها ضمّت الزّيادة إلى التّركة لوفاء الدّين ، فإن فضل شيء انتقل إلى الورثة . ب - صيد وقع في شبكة أعدّها المورّث حال حياته ، ووقوع الصّيد كان بعد وفاته ، فعلى الخلاف السّابق . وللتّفصيل ينظر في مصطلح : ( دين ، وصيد ، وإرث ) . وقت انتقال التّركة : يختلف وقت وراثة الوارث لمورّثه بناءً على ما يسبق الوفاة . وهنا يفرّق بين حالات ثلاث : أ - الحالة الأولى : 15 - من مات دون سابق مرض ظاهر ، وذلك كأن مات فجأةً بالسّكتة القلبيّة ، أو في حادث مثلاً . ففي هذه الحالة يكون وقت خلافة الوارث لمورّثه هو نفس وقت الموت ، وبلا خلاف يعتدّ به بين الفقهاء . قال الفناريّ : فعند أبي يوسف ومحمّد يخلف الوارث مورّثه في التّركة بعد موته ، وعليه مشايخ بلخ ، لأنّه ما دام حيّاً مالك لجميع أمواله ، فلو ملكها الوارث في هذه الحالة أدّى إلى أن يصير الشّيء الواحد مملوكاً لشخصين في حالة واحدة ، وهذا غير معهود في الشّرع ، لكن عند محمّد ملك الوارث يتعقّب الموت ، وعند أبي يوسف لا يتعقّب ، بل يتحقّق إذا استغنى الميّت عن ماله بتجهيزه وأداء دينه ، لأنّ كلّ جزء يجوز أن يكون محتاجاً إليه بتقدير هلاك الباقي . وعن محمّد ينتقل الملك إلى الوارث قبل موته في آخر أجزاء الحياة ، وعليه مشايخ العراق ، لأنّ الإرث يجري بين الزّوج والزّوجة ، والزّوجيّة ترتفع بالموت أو تنتهي على حسب ما اختلفوا ، فبأيّ سبب يجري الإرث بينهما . وعند البعض يجري الإرث مع موت المورّث لا قبله ولا بعده - كما ذكره شارح الفرائض العثمانيّة واختاره - لأنّ انتقال الشّيء إلى ملك الوارث مقارن لزوال ملك المورّث عن ذلك الشّيء ، فحين يتمّ يحصل الانتقال والإرث . ب - الحالة الثّانية : 16 - هي حالة من مات بعد أن كان مريضاً مرض الموت واتّصلت الوفاة به . وقد عرّفت مجلّة الأحكام العدليّة مرض الموت بأنّه : المرض الّذي يخاف فيه الموت في الأكثر ، الّذي يعجز المريض عن رويّة مصالحه الخارجيّة عن داره إن كان من الذّكور ، ويعجزه عن رؤية المصالح الدّاخليّة في داره إن كان من الإناث ، ويموت على ذلك الحال قبل مرور سنة ، كان صاحب فراش أو لم يكن . وإن امتدّ مرضه دائماً على حال ، ومضى عليه سنة يكون في حكم الصّحيح ، وتكون تصرّفاته كتصرّفات الصّحيح ، ما لم يشتدّ مرضه ويتغيّر حاله ، ولكن لو اشتدّ مرضه وتغيّر حاله ومات ، يعدّ حاله اعتباراً من وقت التّغيّر إلى الوفاة مرض موت . ويلحق بالمريض مرض الموت : الحامل إذا أتمّت ستّة أشهر ودخلت في السّابع ، والمحبوس للقتل ، وحاضر صفّ القتال وإن لم يصب بجرح كما صرّح بذلك المالكيّة . ونحوه تصريح الحنابلة في الحامل إذا ضربها المخاض . 17 - وذهب الجمهور إلى أنّ وقت انتقال تركة المريض مرض الموت إلى ورثته ، يكون عقب الموت بلا تراخ ، وهو قول أكثر الحنفيّة أيضاً . وقال بعض متقدّمي الحنفيّة : إنّ انتقال الملكيّة في ثلثي تركة المريض مرض الموت يكون من حين ابتداء مرض الموت ، وتفصيل ذلك ودليله ينظر في المطوّلات . قالوا : ولأجل هذا منع المريض مرض الموت من التّصرّف في ثلثي التّركة ، وترث زوجته منه لو طلّقها بائناً فيه . الحجر على المريض مرض الموت صوناً للتّركة لحقّ الورثة : 18 - إذا شعر المريض بدنوّ أجله ربّما تنطلق يده في التّبرّعات رجاء استدراك ما فاته في حال صحّته ، وقد يؤدّي ذلك إلى تبديد ماله وحرمان الورثة ، فشرع الحجر عليه . وقد اتّفق الفقهاء على أنّ المريض مرض الموت محجور عليه بحكم الشّرع لحقّ الورثة ، والّذي يحجر فيه على المريض هو تبرّعاته فقط فيما زاد عن ثلث تركته حيث لا دين . وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ هذا الحجر على المريض مرض الموت هو في التّبرّع ، كالهبة والصّدقة والوصيّة والوقف وبيع المحاباة فيما يزيد عن ثلث ماله ، أي أنّ حكم تبرّعاته حكم وصيّته : تنفذ من الثّلث ، وتكون موقوفةً على إجازة الورثة فيما زاد عن الثّلث ، فإن برئ من مرضه صحّ تبرّعه . وقال المالكيّة : لا ينفذ من الثّلث تبرّع المريض ، إلاّ إذا كان المال الباقي بعد التّبرّع مأموناً ، أي لا يخشى تغيّره ، وهو العقار كدار وأرض وشجر ، فإن كان غير مأمون فلا ينفذ ، وإنّما يوقف ولو بدون الثّلث حتّى يظهر حاله من موت أو حياة ، كما يمنع من الزّواج بما زاد على الثّلث . قال الدّسوقيّ : والمريض لا يحجر عليه في تداويه ومؤنته ، ولا في المعاوضة الماليّة ولو بكلّ ماله . وأمّا التّبرّعات فيحجر عليه فيها بما زاد عن الثّلث . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( مرض الموت ) . ج - الحالة الثّالثة : 19 - وهي حالة التّركة المدينة بدين مستغرق أو غير مستغرق لها ، وقد تقدّم الكلام على هذه الحالة في " انتقال التّركة " . زوائد التّركة : 20 - المراد بزوائد التّركة نماء أعيانها بعد وفاة المورّث . وقد فصّل الفقهاء حكم هذه الزّوائد ، آخذين بعين الاعتبار ما إذا كانت التّركة خاليةً من الدّيون أو مدينةً بدين مستغرق أو غير مستغرق . فإذا كانت التّركة غير مدينة ، فلا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة بزوائدها للورثة ، كلّ حسب حصّته في الميراث . أمّا إذا كانت التّركة مدينةً بدين مستغرق أو غير مستغرق ، فقد اختلف الفقهاء في زوائدها هل تبقى على ملك الميّت ، ومن ثمّ تصرف للدّائنين ؟ أم تنتقل للورثة ؟ فذهب الحنفيّة - في الدّين المستغرق - والمالكيّة إلى : أنّ نماء أعيان التّركة بزيادتها المتولّدة ملك للميّت ، كما أنّ نفقات أعيان التّركة ، من حفظ وصيانة ومصروفات حمل ونقل وطعام حيوان تكون في التّركة . وذهب الحنفيّة في الدّين غير المستغرق والشّافعيّة والحنابلة - في أشهر الرّوايتين - إلى أنّ زوائد التّركة الّتي تعلّق بها دين ملك للورثة ، وعليهم ما تحتاجه من نفقات . ترتيب الحقوق المتعلّقة بالتّركة : 21 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ الحقوق المتعلّقة بالتّركة ليست على مرتبة واحدة ، وأنّ بعضها مقدّم على بعض ، فيقدّم من حيث الجملة تجهيز الميّت وتكفينه ، ثمّ أداء الدّين ، ثمّ تنفيذ وصاياه ، والباقي للورثة . أوّلاً : تجهيز الميّت وتكفينه : 22 - إذا كانت التّركة خاليةً من تعلّق دين بعينها قبل الوفاة ، فقد اتّفق الفقهاء على أنّ أوّل الحقوق مرتبةً وأقواها هو : تجهيزه للدّفن والقيام بتكفينه وبما لا بدّ له منه ، « لقوله صلى الله عليه وسلم في الّذي وَقَصَته ناقتُه : كَفِّنوه في ثوبين » ولم يسأل هل عليه دين أم لا ؟ لأنّه محتاج إلى ذلك ، وإنّما يدفع إلى الوارث ما يستغني عنه المورّث ، لأنّه إذا ترك للمفلس الحيّ ثياب تليق به فالميّت أولى أن يستر ويوارى ، لأنّ الحيّ يعالج لنفسه ، وقد « كفّن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم أحد مصعباً رضي الله عنه في بردة له ، ولم يكن له غيرها ، وكفّن حمزة رضي الله عنه أيضاً » ولم يسأل عن دين قد يكون على أحدهما قبل التّكفين . أمّا إذا لم تكن التّركة خاليةً من تعلّق حقّ الغير بأعيانها قبل الوفاة ، كأن كان فيها شيء من الأعيان المرهونة ، أو شيء اشتراه ولم يقبضه ولم يدفع ثمنه ، كان حقّ المرتهن متعلّقاً بعين الشّيء المرهون ، وكان حقّ البائع متعلّقاً بالمبيع نفسه الّذي لا يزال تحت يده ، ففي هذه الحالة يكون الدّين متقدّماً في الدّفع على تكفين الميّت وتجهيزه عند المالكيّة والشّافعيّة ، وهي الرّواية المشهورة عند الحنفيّة . وعند الحنابلة ، وغير المشهور عند الحنفيّة : أنّه إذا مات الإنسان بدئ بتكفينه وتجهيزه مقدّماً على غيره ، كما تقدّم نفقة المفلس على ديون غرمائه ، ثمّ تقضى ديونه بعد تجهيزه ودفنه . والتّفصيل في ( جنائز ، ودين ) . ثانياً : أداء الدّين : 23 - يأتي في المرتبة الثّانية أداء الدّيون المتعلّقة بالتّركة بعد تجهيز الميّت - على التّفصيل السّابق - لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دينٍ } . ويقدّم الدّين على الوصيّة باتّفاق الفقهاء ، لأنّ الدّين واجب من أوّل الأمر ، لكنّ الوصيّة تبرّع ابتداءً ، والواجب يؤدّى قبل التّبرّع . « وعن الإمام عليّ رضي الله عنه أنّه قال : إنّكم تقرءون الوصيّة قبل الدّين ، وقد شهدت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدّين قبل الوصيّة » . وهذه الدّيون أو الحقوق أنواع : منها : ما يكون للّه تعالى ، كالزّكاة والكفّارات والحجّ الواجب . ومنها : ما يكون للعباد ، كدين الصّحّة ودين المرض . وهذه الدّيون بشطريها ، إمّا أن تتعلّق بعين التّركة أو بجزء منها . ومنها : ديون مطلقة متعلّقة بالذّمّة وحدها . 24 - وذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والثّوريّ والشّعبيّ والنّخعيّ وسوّار ، وهو الرّواية المرجوحة للحنابلة إلى : أنّ الدّيون الّتي على الميّت تحلّ بموته . قال ابن قدامة : لأنّه لا يخلو إمّا أن يبقى الدّين في ذمّة الميّت ، أو الورثة ، أو يتعلّق بالمال . لا يجوز بقاؤه في ذمّة الميّت لخرابها وتعذّر مطالبته بها ، ولا ذمّة الورثة لأنّهم لم يلتزموها ، ولا رضي صاحب الدّين بذممهم ، وهي مختلفة متباينة ، ولا يجوز تعليقه على الأعيان وتأجيله ، لأنّه ضرر بالميّت وصاحب الدّين ولا نفع للورثة فيه أمّا الميّت فلأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « نفس المؤمن معلّقة ما كان عليه دين » ، وأمّا صاحبه فيتأخّر حقّه ، وقد تتلف العين فيسقط حقّه ، وأمّا الورثة فإنّهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرّفون فيها ، وإن حصلت لهم منفعة فلا يسقط حظّ الميّت وصاحب الدّين لمنفعة لهم . والمذهب عند الحنابلة ، وهو قول ابن سيرين وعبيد اللّه بن الحسن العنبريّ وأبي عبيد : أنّ الدّيون على الميّت لا تحلّ بموته ، إذا وثق الورثة أو غيرهم برهن أو كفيل مليء على أقلّ الأمرين من قيمة التّركة أو الدّين . قال ابن قدامة : لأنّ الموت ما جعل مبطلاً للحقوق ، وإنّما هو ميقات للخلافة وعلامة على الوراثة ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ترك حقّاً أو مالاً فلورثته » ، فعلى هذا يبقى الدّين في ذمّة الميّت كما كان ، ويتعلّق بعين ماله كتعلّق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحبّ الورثة أداء الدّين والتزامه للغريم ويتصرّفون في المال لم يكن لهم ذلك إلاّ أن يرضى الغريم ، أو يوثّقوا الحقّ بضمين مليء أو رهن يثق به لوفاء حقّه ، فأنّهم قد لا يكونون أملياء ولم يرض بهم الغريم ، فيؤدّي إلى فوات الحقّ ، وذكر القاضي أبو يعلى : أنّ الحقّ ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورّثهم من غير أن يشترط التزامهم له . قال ابن قدامة : ولا ينبغي أن يلزم الإنسان دين لم يلتزمه ولم يتعاط سببه ، ولو لزمهم ذلك لموت مورّثهم للزمهم وإن لم يخلّف وفاءً . 25 - وقد اختلف الفقهاء في أيّ الدّينين يؤدّى أوّلاً إذا ضاقت التّركة عنهما . فذهب الحنفيّة إلى : أنّ ديون اللّه تعالى تسقط بالموت إلاّ إذا أوصى بها كما سيأتي . وذهب المالكيّة إلى أنّ حقّ العبد يقدّم على حقّ اللّه تعالى ، لأنّ حقوق اللّه تعالى مبنيّة على المسامحة ، وحقوق العباد مبنيّة على المشاحّة ، أو لاستغناء اللّه وحاجة النّاس . وذهب الشّافعيّة إلى تقديم حقوق اللّه تعالى أو ديونه على حقوق الآدميّ إذا ضاقت التّركة عنهما ، واستدلّوا بقوله صلى الله عليه وسلم : « دين اللّه أحقّ أن يقضى » . وقوله : « اقضوا اللّه ، فاللّه أحقّ بالوفاء » . وأمّا الحنابلة فإنّهم يقدّمون وفاء الدّين المتعلّق بعين التّركة أو ببعضها ، كالدّين المرهون به شيء منها ، ثمّ بعدها الدّين المطلقة المتعلّقة بذمّة المتوفّى ، ولا فرق في التّقديم بين حقّ اللّه أو حقّ العبد . وللتّفصيل انظر مصطلح : ( إرث ، ودين ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية