الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41255" data-attributes="member: 329"><p>تعلّق دين اللّه سبحانه بالتّركة :</p><p>26 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ دين اللّه سبحانه وتعالى يجب أداؤه من التّركة ، سواء أوصى به أم لا ، على خلاف سبق في تقديمه على دين الآدميّ . </p><p>وذهب الحنفيّة إلى أنّ دين اللّه تعالى لا يجب أداؤه من التّركة إلاّ إذا أوصى به الميّت ، فإن أوصى به فيخرج من ثلث التّركة . قال الفناريّ في توجيه ذلك : إنّ أداء دين اللّه عبادة ، ومعنى العبادة لا يتحقّق إلاّ بنيّة وفعل ممّن يجب عليه حقيقةً أو حكماً ، كما في الإيصاء لتحقّق أدائها مختاراً ، فيظهر اختياره الطّاعة من اختياره المعصية الّذي هو المقصود من التّكليف ، وفعل الوارث من غير أمر المبتلى بالأمر والنّهي لا يحقّق اختياره ، فإذا مات من غير فعل ولا أمر به فقد تحقّق عصيانه ، لخروجه من دار التّكليف ولم يمتثل ، وذلك تقرير عليه موجب العصيان ، فليس فعل الوارث الفعل المأمور به ، فلا يسقط به الواجب ، كما لو تبرّع به في حال حياته ، بخلاف حقوق العباد ، فإنّ الواجب فيها وصولها إلى مستحقّيها لا غير ، ولهذا لو ظفر به الغريم يأخذه ، ويبرأ من عليه بذلك . </p><p>ثمّ الإيصاء بحقوق اللّه تعالى تبرّع ، لأنّ الواجب في ذمّة من عليه الحقّ فعل لا مال ، والأفعال تسقط بالموت ، ولا يتعلّق استيفاؤها بالتّركة ، لأنّ التّركة مال يصلح لاستيفاء المال منها لا لاستيفاء الفعل . ألا يرى أنّه إذا مات وعليه القصاص لا يستوفى من تركته ، فصارت الحقوق المذكورة كالسّاقط في حقّ الدّنيا ، لأنّها لو لم يوص بها لم يجب على الورثة أداؤها ، فكان الإيصاء بأدائها تبرّعاً ، فيعتبر كسائر التّبرّعات من الثّلث بخلاف ديون العباد ، فإنّها لا تسقط بالموت ، لأنّ المقصود ثمّة المال لا الفعل ، لحاجة العباد إلى الأموال . وفيه بحث وهو أنّ الإيصاء بأداء حقوق اللّه تعالى واجب كما صرّح به في الهداية ، والإيصاء بسائر التّبرّعات ليس بلازم ، فلا وجه لقياس الإيصاء بأداء حقوق اللّه على الإيصاء بسائر التّبرّعات ، فتأمّل . </p><p>هذا وقد اختلف الجمهور في بعض التّفصيلات : فذهب المالكيّة إلى أنّه بعد وفاء دين العبد يبدأ بوفاء حقّ اللّه تعالى ، فيقدّم هدي التّمتّع إن مات الحاجّ بعد رمي جمرة العقبة ، أوصى به أم لا ، ثمّ زكاة فطر فرّط فيها ، وكفّارات فرّط فيها أيضاً ، ككفّارة يمين وصوم وظهار وقتل إذا أشهد في صحّته أنّها بذمّته ، كلّ ذلك يخرج من رأس المال ، أوصى بإخراجها أم لم يوص ، لأنّ المقرّر في مذهب المالكيّة : أنّ حقوق اللّه متى أشهد في صحّته بها خرجت من رأس المال ، فإن أوصى بها ولم يشهد فتخرج من الثّلث . </p><p>ومثل ما تقدّم : زكاة النّقدين الّتي حلّت وأوصى بها ، وزكاة ماشية وجبت ولا ساعي لأخذها ولم توجد السّنّ الّتي تجب فيها ، فإن وجدت فهو كالدّين المتعلّق بعين ، فيجب إخراجه قبل الكفن والتّجهيز . </p><p>وذهب الشّافعيّة إلى : أنّه بعد تجهيز الميّت وتكفينه تقضى ديونه المتعلّقة بذمّته من رأس المال ، سواء أكانت للّه تعالى أم لآدميّ ، أوصى بها أم لم يوص ، لأنّها حقّ واجب عليه . هذا وإنّ محلّ تأخير الدّين عن مؤن التّجهيز إذا لم يتعلّق بعين التّركة حقّ ، فإن تعلّق بعين التّركة حقّ قدّم على التّجهيز ، وذلك كالزّكاة الواجبة فيما قبل موته ، ولو من غير الجنس ، فيقدّم على مؤن التّجهيز ، بل على كلّ حقّ تعلّق بها فكانت كالمرهون بها . </p><p>وذهب الحنابلة إلى : أنّه بعد التّجهيز والتّكفين يوفّى حقّ مرتهن بقدر الرّهن ، ثمّ إن فضل للمرتهن شيء من دينه شارك الغرماء . ثمّ بعد ما سبق من تسديد الدّيون المتعلّقة بأعيان التّركة ، تسدّد الدّيون غير المتعلّقة بالأعيان ، وهي الّتي تثبت في الذّمّة ، ويتعلّق حقّ الغرماء بالتّركة كلّها ، سواء استغرقها الدّين أم لم يستغرقها ، وسواء أكان الدّين للّه تعالى كالزّكاة والكفّارات والحجّ الواجب ، أم كان لآدميّ كالقرض والثّمن والأجرة . </p><p>فإن زادت الدّيون عن التّركة ، ولم تف بدين اللّه تعالى ودين الآدميّ ، يتحاصّون بنسبة ديونهم كمال المفلس . </p><p>والتّفصيل في الزّكاة والكفّارات والحجّ وينظر مصطلح : ( حجّ ، ودين ، وإرث ) .</p><p>دين الآدميّ :</p><p>27 - دين الآدميّ هو الدّين الّذي له مطالب من جهة العباد ، فإنّ إخراج هذا الدّين من التّركة والوفاء به واجب شرعاً على الورثة قبل توزيع التّركة بينهم ، لقوله تعالى . { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَيْنٍ } وعلى ذلك الإجماع ، وذلك حتّى تبرأ ذمّته من حقوق النّاس ، أو حتّى تبرد جلدته كما جاء في الحديث الشّريف . </p><p>وللفقهاء تفصيل في نوع تعلّق دين الآدميّ بين كونه متعلّقاً بعين التّركة أو بذمّة المتوفّى ، وفي دين الصّحّة والمرض ، وفي ضيق التّركة عن تسديد الدّين وغير ذلك ممّا سيأتي . </p><p>نوع التّعلّق :</p><p>الدّين الّذي له مطالب من جهة العباد إمّا أن يتعلّق بعين التّركة أو لا .</p><p>أ - الدّين المتعلّق بعين التّركة :</p><p>28 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة في الرّواية المشهورة عندهم ، والمالكيّة والشّافعيّة- إلى أنّه يبدأ من الدّيون بما تعلّق بعين التّركة ، كالدّين الموثق برهن ، ومن ثمّ يجب تقديم هذه الدّيون على تجهيز الميّت وتكفينه ، لأنّ المورّث في حال حياته لا يملك التّصرّف في الأعيان الّتي تعلّق بها حقّ الغير ، فأولى ألاّ يكون له فيها حقّ بعد وفاته . </p><p>فإن فضل شيء من التّركة بعد سداد هذا الدّين جهّز منه الميّت ، وإن لم يفضل شيء بعد سداد الدّين ، كان تجهيز الميّت على من كانت تجب عليه نفقته في حياته . </p><p>وذهب الحنابلة ، والحنفيّة في غير المشهور إلى أنّه إذا مات الإنسان بدئ بتكفينه وتجهيزه مقدّماً على غيره ، كما تقدّم نفقة المفلس على ديون غرمائه ، ثمّ بعد التّجهيز والتّكفين تقضى ديونه ممّا بقي من ماله .</p><p>ب - الدّيون المطلقة :</p><p>29 - اتّفق الفقهاء على أنّ الدّيون المطلقة ، وهي الّتي لا تتعلّق بعين من أعيان التّركة تؤخّر عن تجهيز الميّت وتكفينه ، فإن فضل شيء بعد التّجهيز والتّكفين دفع للدّائن واحداً كان أو أكثر بقدر حصصهم . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( دين وإرث )</p><p>ج - دين الصّحّة ودين المرض :</p><p>30 - دين الصّحّة : هو ما كان ثابتاً بالبيّنة مطلقاً ، أي في حال الصّحّة أو المرض على السّواء . </p><p>وما كان ثابتاً بالإقرار في حال الصّحّة وكذا الدّين الثّابت بنكول المتوفّى في زمان صحّته . </p><p>ودين المرض : هو ما كان ثابتاً بإقراره في مرضه ، أو ما هو في حكم المرض ، كإقرار من خرج للمبارزة ، أو خرج للقتل قصاصاً ، أو ليرجم . </p><p>ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وابن أبي ليلى إلى : أنّ دين الصّحّة ودين المرض سواء في الأداء ، ولهذا إن لم يكن في التّركة وفاء بهما يكون لكلّ دائن حصّة منهما ، بنسبة مقدار دينه ، بلا تمييز بين ما كان منها من ديون الصّحّة أو ديون المرض ، فهي في مرتبة واحدة ، لأنّه إن عرّف سببها للنّاس فهي ديون الصّحّة - ووافقهم على ذلك الحنفيّة - وإن لم يعرّف سببها فيكفي الإقرار في إثباتها ، لأنّ الإقرار حجّة ، إلاّ إذا قام دليل أو قرينة على كذبه . والإنسان وهو مريض يكون أبعد عن هواه ، وأقرب إلى اللّه ، وإلى ما يؤمر به من الصّدق في حال الصّحّة ، لأنّ المرض مظنّة التّوبة . يصدق فيه الكاذب ، ويبرّ فيه الفاجر ، وتنتفي تهمة الكذب عن إقراره ، فيكون الثّابت بالإقرار كالثّابت بالبيّنة . </p><p>وذهب الحنفيّة إلى تقديم دين الصّحّة على دين المرض الّذي ثبت بطريق الإقرار ، ولم يعلم النّاس به ، لأنّ الإقرار في مرض الموت مظنّة التّبرّع أو المحاباة ، فيكون في حكم الوصايا الّتي تنفذ من الثّلث ، والوصايا مؤخّرة عن الدّيون .</p><p>تزاحم الدّيون :</p><p>31 - إذا كانت التّركة متّسعةً للدّيون كلّها على اختلاف أنواعها ، فلا إشكال في ذلك حينئذ ، إذ يمكن الوفاء بها جميعاً من التّركة . </p><p>أمّا إذا ضاقت التّركة ولم تتّسع لجميع الدّيون ، فقد اختلف الفقهاء في تقديم بعضها على بعض . وقد تقدّم بيان أقوال الفقهاء في تقديم الدّيون المتعلّقة بعين التّركة على غيرها ، وتقديم دين الصّحّة على دين المرض أو عدم تقديمه . </p><p>وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( دين ، ورهن ، وقسمة ) .</p><p>ثالثاً : الوصيّة :</p><p>32 - يأتي في المرتبة الثّالثة تنفيذ الوصيّة . وقد اتّفق الفقهاء على أنّ تنفيذ ما يوصي به الميّت يجيء بعد الدّين وقبل أخذ الورثة أنصباءهم من التّركة ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَيْنٍ } ولا يكون تنفيذ ما يوصى به من أصل المال ، لأنّ ما تقدّم من التّكفين وقضاء الدّين قد صار مصروفاً في ضروراته الّتي لا بدّ منها ، والباقي هو ماله الّذي كان له أن يتصرّف في ثلثه . وأيضاً ربّما استغرق ثلث الأصل جميع الباقي ، فيؤدّي إلى حرمان الورثة بسبب الوصيّة ، وهذا سواء أكانت الوصيّة مطلقةً أم معيّنةً . </p><p>وتقديم الوصيّة على الدّين في الآية الكريمة لا يفيد التّقديم فعلاً كما تبيّن من قبل ( ف 23 ) وإنّما يفيد العناية بأمر وصيّة الميّت ، وإن كانت تبرّعاً منه ، كي لا تشحّ نفوس الورثة بإخراجها من التّركة قبل توزيعها بينهم . </p><p>ومن هنا تقدّم ذكرها على الدّين تنبيهاً على أنّها مثله في وجوب الأداء أو المسارعة إليه ، ولذلك جيء بينهما بأو الّتي هي هنا للتّسوية . </p><p>وتقديم الوصيّة على حقوق الورثة ليس على إطلاقه ، لأنّ تنفيذ الوصيّة مقيّد بحدود الثّلث ، فإن كان الموصى به شيئاً معيّناً أخذه ، وإن كان بثلث أو ربع مثلاً كان الموصى له شريكاً للورثة في التّركة بنسبة نصيبه الموصى له به ، لا مقدّماً عليهم . فإذا نقص المال لحقه النّقص ، وهذا بخلاف التّجهيز والدّين ، فإنّهما متقدّمان حقّاً على الوصيّة وحقوق الورثة . </p><p>ولمّا كانت الوصيّة بنسبة شائعة على سبيل المشاركة مع حقوق الورثة - فلو هلك شيء من التّركة قبل القسمة فإنّه يهلك على الموصى له والورثة جميعاً ، ولا يعطى الموصى له كلّ الثّلث من الباقي ، بل الهالك يهلك على الحقّين ، والباقي يبقى على الحقّين ، بخلاف الدّين - فإنّه إذا هلك بعض التّركة يستوفى كلّ الدّين من الباقي . </p><p>ثمّ إنّ طريقة حساب الوصيّة : أن يحسب قدر الوصيّة من جملة التّركة لتظهر سهام الورثة ، كما تحسب سهام أصحاب الفرائض أوّلاً ليظهر الفاضل للعصبة . </p><p>وللفقهاء تفصيل ينظر في ( وصيّة ، وإرث ) .</p><p>رابعاً : قسمة التّركة بين الورثة :</p><p>33 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة تقسم بين الوارثين بعد أداء الحقوق المتعلّقة بها انظر مصطلح : ( إرث ) . إلاّ أنّ الفقهاء اختلفوا فيما إذا قسّمت التّركة بين الورثة قبل أداء الحقوق المتعلّقة بها ، هل تنقض هذه القسمة أم تلزم ؟ </p><p>فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ التّركة المستغرقة بالدّين تبقى على ملك المورّث ، أو هي في حكم ملكه ، لأنّ الدّين يشغلها جميعاً . أمّا غير المستغرقة فإنّها تنتقل إلى ملك الوارث من حين وفاة المورّث أو ينتقل الجزء الفارغ من الدّين . </p><p>ومن ثمّ لا يجوز للورثة اقتسام التّركة ما دامت مشغولةً بالدّين ، وذلك لأنّ ملكهم لا يظهر إلاّ بعد قضاء الدّين ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَينٍ } فإذا قسموها نقضت قسمتهم حفظاً لحقّ الدّائنين ، لأنّهم قسموا ما لا يملكون . قال الكاسانيّ : الّذي يوجب نقض القسمة بعد وجودها أنواع : منها ظهور دين على الميّت ، إذا طلب الغرماء ديونهم ولا مال للميّت سواه ولا قضاه الورثة من مال أنفسهم . </p><p>وإذا لم يكن الدّين محيطاً بالتّركة فملك الميّت وحقّ الغرماء ثابت في قدر الدّين من التّركة على الشّيوع ، فيمنع جواز القسمة . </p><p>وذهب بعض الحنفيّة إلى : جواز القسمة استحساناً ، إذا كان الدّين غير مستغرق للتّركة ، لأنّه قلّما تخلو تركة من دين يسير . ولا تنقض القسمة أيضاً إذا أبرأ الدّائن الميّت من الدّين ، أو ضمن الدّين بعض الورثة برضى الدّائن نفسه ، أو كان في التّركة من غير المقسوم ما يكفي لأداء الدّين . وقد جاء في مجلّة الأحكام العدليّة ما نصّه : إذا ظهر دين على الميّت بعد تقسيم التّركة تفسخ القسمة ، إلاّ إذا أدّى الورثة الدّين ، أو أبرأهم الدّائنون منه ، أو ترك الميّت مالاً سوى المقسوم يفي بالدّين ، فعند ذلك لا تفسخ القسمة . </p><p>وذهب الشّافعيّة إلى : أنّ ملك الورثة للتّركة يبدأ من حين موت المورّث ، سواء أحاط الدّين بالتّركة أم لا . وقسمة التّركة ما هي إلاّ تمييز وإفراز لحقوق كلّ من الورثة ، ومن ثمّ فلا وجه لنقض القسمة عندهم . وإن قيل : إنّها بيع ففي نقضها وجهان . </p><p>وعند الحنابلة : لا تبطل القسمة بظهور دين على الميّت ، لأنّ تعلّق الدّين بالتّركة لا يمنع صحّة التّصرّف فيها ،لأنّه تعلّق بها بغير رضا الورثة . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( قسمة ). </p><p>نقض قسمة التّركة :</p><p>34 - المقصود بنقض القسمة : إبطالها بعد تمامها ، وتنقض قسمة التّركة في الحالات التّالية : - أ - الإقالة أو التّراضي على فسخ القسمة .</p><p>ب - ظهور دين على الميّت وقد تقدّم .</p><p>ج - ظهور وارث أو موصًى له في قسمة التّراضي ، لأنّ الوارث والموصى له شريكان للورثة في التّركة .</p><p>د - ظهور غبن فاحش لحق ببعض الورثة ، وهو الّذي لا يدخل تحت تقويم المقوّمين ، كأن قوّم المال بألف ، وهو يساوي خمسمائة . </p><p>وتنقض هنا قسمة القاضي ، لأنّ تصرّف القاضي مقيّد بالعدل ولم يوجد . </p><p>وتنقض أيضاً قسمة التّراضي ، لأنّ شرط جوازها المعادلة ولم توجد ، فجاز نقضها .</p><p>هـ - وقوع غلط في المال المقسوم . وفي جميع هذه الصّورة تفصيل وخلاف ينظر في مصطلح : ( قسمة ) .</p><p>التّصرّف في التّركة :</p><p>35 - تقدّم خلاف الفقهاء في نفاذ أو عدم نفاذ قسمة التّركة إذا كانت مستغرقةً بالدّين كلّاً أو بعضاً . وإذا تصرّف الورثة في التّركة المدينة بالبيع أو الهبة أو بغير ذلك من التّصرّفات الّتي من شأنها أن تنقل الملكيّة أو ترتّب عليها حقوقاً عينيّةً كالرّهن ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على الوجه التّالي : ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، والحنابلة في إحدى الرّوايتين - وهم الّذين قالوا بمنع ملكيّة الوارث إلاّ بعد سداد الدّين - إلى : أنّه لا يجوز أيّ تصرّف من الورثة في التّركة إلاّ في الأحوال التّالية :</p><p>أ - أن تبرأ ذمّة الميّت من الدّين قبل تصرّف الورثة ، إمّا بالأداء أو الكفالة .</p><p>ب - أن يرضى الدّائنون بقيام الورثة ببيع التّركة لسداد ديونهم ، لأنّ منع تصرّف الورثة بالتّركة كان ضماناً لحقّ الدّائنين المتعلّق بالتّركة . </p><p>ج - أن يأذن القاضي بالتّصرّف ، وذلك لأنّ القاضي بما له من الولاية العامّة يملك الإذن للورثة بالبيع لجميع التّركة أو بعضها . </p><p>وأمّا الشّافعيّة والحنفيّة في الرّواية الأخرى - وهم الّذين ذهبوا إلى أنّ ملك الوارث يبدأ من وقت وفاة المورّث ، سواء كانت التّركة مدينةً أم لا - فإنّهم ذهبوا إلى أنّ تصرّف الوارث بالبيع أو الهبة مع استغراق التّركة بالدّين لا ينفذ مراعاةً لحقّ الميّت ، أذن الدّائن أم لا ، إلاّ إذا كان التّصرّف لقضاء الدّين فإنّه ينفذ . </p><p>وفي المسألة تفصيل يرجع فيه إلى الهبة ، وإلى بيع منهيّ عنه ، ومصطلح : ( دين ) .</p><p>تصفية التّركة :</p><p>36 - تقدّم الكلام حول تصرّف الوارثين البالغين في التّركة قسمةً أو بيعاً ، أمّا إذا كان الورثة أو بعضهم قصّراً : فإنّ التّصرّف فيها يكون راجعاً للوصيّ إن كان ، أو للقاضي إن لم يكن وصيّ ، وذلك لضمان الحقوق المتعلّقة بالتّركة من جهة ، ولحفظ أموال الورثة الضّعفاء كيلا يظلموا من غيرهم . ولتفصيل هذه الأحكام ينظر ( الوصيّة ) ومصطلح : ( إيصاء ) .</p><p>التّركة الّتي لا وارث لها :</p><p>37 - اختلف الفقهاء في التّركة الّتي لا وارث لها ، أو لها وارث لا يرثها جميعها ، فمن قال من الفقهاء بالرّدّ قال : لا تئول التّركة إلى بيت المال ما دام لها وارث . ومن لا يرى الرّدّ من الفقهاء قال : إنّ بيت المال يرث جميع التّركة ، أو ما بقي بعد أصحاب الفروض . وإذا آلت التّركة إلى بيت المال كانت على سبيل الفيء لا الإرث عند الحنفيّة والحنابلة . وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ حقّ بيت المال هنا هو على سبيل الميراث ، أي على سبيل العصوبة . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( إرث ، وبيت المال ) .</p><p></p><p>ترميم *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - للتّرميم في اللّغة معان . منها : الإصلاح . </p><p>يقال : رمَّمت الحائط وغيره ترميماً : أصلحته . ورمَّمت الشّيء أرُمّه وأرِمّه رمّاً ومَرَمّةً : إذا أصلحته . ويقال : قد رَمّ شأنُه . واسترمّ الحائط : أي حان له أن يُرَمّ ، وذلك إذا بعد عهده بالتّطيين ونحوه . والرِّم : إصلاح الشّيء الّذي فسد بعضه من نحو حبل يبلى فيرمّه ، أو دار ترمّ مرمّةً . ولا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا . والتّرميم قد يكون بقصد التّقوية ، إذا كان الشّيء معرّضاً للتّلف ، وقد يكون بقصد التّحسين .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>أوّلاً : ترميم الوقف :</p><p>2 - إذا احتاجت عين الوقف إلى ترميم ، فإنّه يبدأ به من غلّته قبل الصّرف إلى المستحقّين ، لأنّ قصد الواقف صرف الغلّة مؤبّداً ، ولا تبقى دائمةً إلاّ بعمارته ، وما بقي بعد العمارة يصرف للمستحقّين ، هذا ما عليه الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة . </p><p>وفي هذا يقول الحنفيّة : لو شرط الواقف تقديم العمارة ، ثمّ الفاضل للفقراء أو للمستحقّين ، لزم النّاظر إمساك قدر ما تحتاجه العمارة كلّ سنة ، وإن لم يحتجه وقت الإمساك ، لجواز أن يحدث في الوقف بعد التّوزيع حدث يحتاج إلى ترميم ولا يجد غلّةً يرمّم بها ، بخلاف ما إذا لم يشترطه . والفرق بين الشّرط وعدمه : أنّه مع السّكوت تقدّم العمارة عند الحاجة إليها ، ولا يدّخر لها عند عدم الحاجة إليها ، ومع الاشتراط تقدّم عند الحاجة ، ويدّخر لها عند عدمها ، ثمّ يفرّق الباقي ، لأنّ الواقف إنّما جعل الفاضل عنها للفقراء . </p><p>ولو كان الموقوف داراً ، فعمارتها على من له السّكنى ، أي على من يستحقّها من ماله لا من الغلّة ، إذ الغرم بالغنم . ومفاده : أنّه لو كان بعض المستحقّين للسّكنى غير ساكن فيها يلزمه التّعمير مع السّاكنين ، لأنّ تركه لحقّه لا يسقط حقّ الوقف ، فيعمّر معهم ، وإلاّ تؤجّر حصّته . ولو أبى من له السّكنى ، أو عجز لفقره ، آجرها الحاكم منه أو من غيره ، وعمّرها بأجرتها كعمارة الوقف ، ثمّ يردّها بعد التّعمير إلى من له السّكنى رعايةً للحقّين .</p><p>3 - فإذا امتنع عن العمارة من ماله يؤجّرها المتولّي ويعمّرها من غلّتها ، لأنّها موقوفة للغلّة . ولو كان هو المتولّي وامتنع من عمارتها ينصب غيره ليعمّرها ، أو يعمّرها الحاكم . ولو احتاج الخان الموقوف إلى المرمّة آجر بيتاً أو بيتين منه وأنفق عليه ، أو يؤذن للنّاس بالنّزول فيه سنةً ، ويؤجّر سنةً أخرى ، ويرمّ من أجرته . </p><p>ويقول المالكيّة : إنّ إصلاح الوقف من غلّته . فإن شرط على المستحقّ إصلاحه يلغى الشّرط ، والوقف صحيح ، ويصلح من غلّته . </p><p>فإن أصلح من شرط عليه الإصلاح رجع بما أنفق لا بقيمته منقوضاً . </p><p>فلو شرط الواقف أن يبدأ من غلّته بمنافع أهله ، ويترك إصلاح ما تهدّم منه ، أو يترك الإنفاق عليه إذا كان حيواناً بطل شرطه ، وتجب البداءة بمرمّته والنّفقة عليه من غلّته لبقاء عينه . ولمّا كانت رقبة الوقف عند المالكيّة للواقف والغلّة للموقوف عليه ، يترتّب على هذا أنّه إذا خرب الوقف فللواقف إن كان حيّاً - ولوارثه إن مات - منع من يريد إصلاحه إذا خرب أو احتاج للإصلاح ، لأنّه ليس لأحد أن يتصرّف في ملك غيره إلاّ بإذنه ، ولأنّ إصلاح الغير مظنّة لتغيير معالمه ، وهذا إذا أصلحه الواقف أو ورثته ، وإلاّ فليس لهم المنع ، بل الأولى لهم تمكين من أراد بناءه إذا خرب ، لأنّه من التّعاون على الخير . </p><p>وهذا في غير المساجد ، وأمّا هي فقد ارتفع ملكه عنها قطعاً . </p><p>ويقول الشّافعيّة : لو خربت الدّار الموقوفة ، ولم يعمّرها الموقوف عليه ، فإن كان للوقف مال كانت عمارته في مال الوقف ، وإن لم يكن له مال أوجر وعمّر من أجرته . فإذا تعطّلت منافع الوقف وكان حيواناً كخيل الجهاد ، فالنّفقة من بيت المال . </p><p>أمّا عمارة الدّار الموقوفة فلا تجب على أحد كالملك المطلق بخلاف الحيوان فإنّ نفقته تجب لصيانة روحه . وريع الأعيان الموقوفة على المسجد إذا انهدم وتوقّع عوده حفظ له ، وإلاّ فإن أمكن صرفه إلى مسجد آخر صرف إليه ، وإلاّ فمنقطع الآخر فيصرف لأقرب النّاس إلى الواقف ، فإن لم يكونوا صرف إلى الفقراء والمساكين أو مصالح المسلمين .</p><p>4- أمّا غير المنهدم فما فضل من غلّة الموقوف على مصالحه يشترى بها عقار ويوقف عليه ، بخلاف الموقوف على عمارته يجب ادّخاره لأجلها ، وإلاّ لم يعد منه شيء لأجلها ، لأنّه يعرّض للضّياع أو لظالم يأخذ .</p><p>5- وأمّا الحنابلة فيرجع عندهم إلى شرط الواقف في الإنفاق على الوقف وفي سائر أحواله ، لأنّه ثبت بوقفه ، فوجب أن يتبع فيه شرطه . </p><p>فإن عيّن الواقف الإنفاق عليه من غلّته أو من غيرها عمل به رجوعاً إلى شرطه ، وإن لم يعيّنه - وكان الموقوف ذا روح كالخيل - فإنّه ينفق عليه من غلّته ، لأنّ الوقف يقتضي تحبيس الأصل وتسبيل منفعته ، ولا يحصل ذلك إلاّ بالإنفاق عليه فكان ذلك من ضرورته .</p><p>فإن لم يكن للموقوف غلّة لضعف به ونحوه فنفقته على الموقوف عليه المعيّن ، لأنّ الوقف عندهم يخرج من ملك الواقف إلى ملك الموقوف عليه إن كان آدميّاً معيّناً ، مع منعه من التّصرّف فيه . فإن تعذّر الإنفاق من الموقوف عليه لعجزه أو غيبته ونحوهما بيع الوقف ، وصرف ثمنه في عين أخرى تكون وقفاً لمحلّ الضّرورة . </p><p>ولو احتاج خان مسبّل إلى مرمّة ، أو احتاجت دار موقوفة لسكنى الحاجّ أو الغزاة أو أبناء السّبيل ونحوهم إلى مرمّة ، يؤجّر منه بقدر ما يحتاج إليه في مرمّته .</p><p>6- وإن كان الوقف على غير معيّن كالمساكين ونحوهم كالفقهاء فنفقته في بيت المال ، لانتفاء المالك المعيّن فيه . </p><p>فإن تعذّر الإنفاق عليه من بيت المال بيع وصرف ثمنه في عين أخرى تكون وقفاً . </p><p>وإن كان الوقف ممّا لا روح فيه كالعقار ونحوه من سلاح ومتاع وكتب ، لم تجب عمارته على أحد إلاّ بشرط الواقف . </p><p>فإن شرط عمارته عمل بشرطه ، سواء شرط البداءة بالعمارة أو تأخيرها ،فيعمل بما شرط . لكن إن شرط تقديم الجهة عمل به ما لم يؤدّ إلى التّعطيل ، فإذا أدّى إليه قدّمت العمارة حفظاً لأصل الوقف . فإن لم يذكر البداءة بالعمارة أو تأخيرها ، فتقدّم على أرباب الوظائف ، ما لم يفض ذلك إلى تعطيل مصالحه ، فيجمع بينهما حسب الإمكان . </p><p>ويصحّ بيع بعضه لإصلاح باقيه ، لأنّه إذا جاز بيع الكلّ عند الحاجة فبيع البعض مع بقاء البعض أولى ، إن اتّحد الواقف . وتفصيل ذلك يرجع إليه في مصطلح : ( وقف ) .</p><p>ثانياً : التّرميم في الإجارة :</p><p>7 - إذا احتاجت الدّار المستأجرة للتّرميم . فإنّ عمارتها وإصلاح ما تلف منها وكلّ ما يخلّ بالسّكنى على المؤجّر عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>ويقول الحنفيّة : إن أبى صاحبها أن يفعل كان للمستأجر أن يخرج منها ، إلاّ أن يكون المستأجر استأجرها وهي كذلك وقد رآها لرضاه بالعيب ، وأنّه لا يجبر المؤجّر على إصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج إن أبى إصلاح ذلك ، لأنّه لا يجبر على إصلاح ملكه ، فإن فعله المستأجر فهو متبرّع ، وله أن يخرج إن أبى المؤجّر . </p><p>وعلى المستأجر إصلاح ما تلف من العين بسبب استعماله . </p><p>ويقول الشّافعيّة : إن بادر المؤجّر إلى إصلاح ما تلف فلا خيار للمكتري ، وإلاّ فله الخيار لتضرّره بنقص المنفعة . </p><p>والحنابلة كالشّافعيّة في هذا ، إلاّ أنّهم قالوا : لو شرط المؤجّر على المكتري النّفقة الواجبة لعمارة المأجور لم يصحّ ، لأنّه يؤدّي إلى جهالة الإجارة ، فلو عمّر المستأجر بهذا الشّرط أو عمّر بإذن المؤجّر رجع عليه . </p><p>وإن أنفق المستأجر من غير إذنه لم يرجع بشيء ، لأنّه متبرّع ، لكن له أخذ أعيان آلاته . </p><p>وأجاز المالكيّة شرط المرمّة للدّار وتطيينها إن احتاجت على المكتري ، بشرط أن يكون من كراء وجب على المكتري ، إمّا في مقابلة سكنى مضت ، أو باشتراط تعجيل الكراء ، أو يجري العرف بتعجيله ، لا إن لم يجب فلا يجوز . أو وقع العقد على أنّ ما تحتاج إليه الدّار من المرمّة والتّطيين من عند المكتري ، فلا يجوز للجهالة .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41255, member: 329"] تعلّق دين اللّه سبحانه بالتّركة : 26 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ دين اللّه سبحانه وتعالى يجب أداؤه من التّركة ، سواء أوصى به أم لا ، على خلاف سبق في تقديمه على دين الآدميّ . وذهب الحنفيّة إلى أنّ دين اللّه تعالى لا يجب أداؤه من التّركة إلاّ إذا أوصى به الميّت ، فإن أوصى به فيخرج من ثلث التّركة . قال الفناريّ في توجيه ذلك : إنّ أداء دين اللّه عبادة ، ومعنى العبادة لا يتحقّق إلاّ بنيّة وفعل ممّن يجب عليه حقيقةً أو حكماً ، كما في الإيصاء لتحقّق أدائها مختاراً ، فيظهر اختياره الطّاعة من اختياره المعصية الّذي هو المقصود من التّكليف ، وفعل الوارث من غير أمر المبتلى بالأمر والنّهي لا يحقّق اختياره ، فإذا مات من غير فعل ولا أمر به فقد تحقّق عصيانه ، لخروجه من دار التّكليف ولم يمتثل ، وذلك تقرير عليه موجب العصيان ، فليس فعل الوارث الفعل المأمور به ، فلا يسقط به الواجب ، كما لو تبرّع به في حال حياته ، بخلاف حقوق العباد ، فإنّ الواجب فيها وصولها إلى مستحقّيها لا غير ، ولهذا لو ظفر به الغريم يأخذه ، ويبرأ من عليه بذلك . ثمّ الإيصاء بحقوق اللّه تعالى تبرّع ، لأنّ الواجب في ذمّة من عليه الحقّ فعل لا مال ، والأفعال تسقط بالموت ، ولا يتعلّق استيفاؤها بالتّركة ، لأنّ التّركة مال يصلح لاستيفاء المال منها لا لاستيفاء الفعل . ألا يرى أنّه إذا مات وعليه القصاص لا يستوفى من تركته ، فصارت الحقوق المذكورة كالسّاقط في حقّ الدّنيا ، لأنّها لو لم يوص بها لم يجب على الورثة أداؤها ، فكان الإيصاء بأدائها تبرّعاً ، فيعتبر كسائر التّبرّعات من الثّلث بخلاف ديون العباد ، فإنّها لا تسقط بالموت ، لأنّ المقصود ثمّة المال لا الفعل ، لحاجة العباد إلى الأموال . وفيه بحث وهو أنّ الإيصاء بأداء حقوق اللّه تعالى واجب كما صرّح به في الهداية ، والإيصاء بسائر التّبرّعات ليس بلازم ، فلا وجه لقياس الإيصاء بأداء حقوق اللّه على الإيصاء بسائر التّبرّعات ، فتأمّل . هذا وقد اختلف الجمهور في بعض التّفصيلات : فذهب المالكيّة إلى أنّه بعد وفاء دين العبد يبدأ بوفاء حقّ اللّه تعالى ، فيقدّم هدي التّمتّع إن مات الحاجّ بعد رمي جمرة العقبة ، أوصى به أم لا ، ثمّ زكاة فطر فرّط فيها ، وكفّارات فرّط فيها أيضاً ، ككفّارة يمين وصوم وظهار وقتل إذا أشهد في صحّته أنّها بذمّته ، كلّ ذلك يخرج من رأس المال ، أوصى بإخراجها أم لم يوص ، لأنّ المقرّر في مذهب المالكيّة : أنّ حقوق اللّه متى أشهد في صحّته بها خرجت من رأس المال ، فإن أوصى بها ولم يشهد فتخرج من الثّلث . ومثل ما تقدّم : زكاة النّقدين الّتي حلّت وأوصى بها ، وزكاة ماشية وجبت ولا ساعي لأخذها ولم توجد السّنّ الّتي تجب فيها ، فإن وجدت فهو كالدّين المتعلّق بعين ، فيجب إخراجه قبل الكفن والتّجهيز . وذهب الشّافعيّة إلى : أنّه بعد تجهيز الميّت وتكفينه تقضى ديونه المتعلّقة بذمّته من رأس المال ، سواء أكانت للّه تعالى أم لآدميّ ، أوصى بها أم لم يوص ، لأنّها حقّ واجب عليه . هذا وإنّ محلّ تأخير الدّين عن مؤن التّجهيز إذا لم يتعلّق بعين التّركة حقّ ، فإن تعلّق بعين التّركة حقّ قدّم على التّجهيز ، وذلك كالزّكاة الواجبة فيما قبل موته ، ولو من غير الجنس ، فيقدّم على مؤن التّجهيز ، بل على كلّ حقّ تعلّق بها فكانت كالمرهون بها . وذهب الحنابلة إلى : أنّه بعد التّجهيز والتّكفين يوفّى حقّ مرتهن بقدر الرّهن ، ثمّ إن فضل للمرتهن شيء من دينه شارك الغرماء . ثمّ بعد ما سبق من تسديد الدّيون المتعلّقة بأعيان التّركة ، تسدّد الدّيون غير المتعلّقة بالأعيان ، وهي الّتي تثبت في الذّمّة ، ويتعلّق حقّ الغرماء بالتّركة كلّها ، سواء استغرقها الدّين أم لم يستغرقها ، وسواء أكان الدّين للّه تعالى كالزّكاة والكفّارات والحجّ الواجب ، أم كان لآدميّ كالقرض والثّمن والأجرة . فإن زادت الدّيون عن التّركة ، ولم تف بدين اللّه تعالى ودين الآدميّ ، يتحاصّون بنسبة ديونهم كمال المفلس . والتّفصيل في الزّكاة والكفّارات والحجّ وينظر مصطلح : ( حجّ ، ودين ، وإرث ) . دين الآدميّ : 27 - دين الآدميّ هو الدّين الّذي له مطالب من جهة العباد ، فإنّ إخراج هذا الدّين من التّركة والوفاء به واجب شرعاً على الورثة قبل توزيع التّركة بينهم ، لقوله تعالى . { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَيْنٍ } وعلى ذلك الإجماع ، وذلك حتّى تبرأ ذمّته من حقوق النّاس ، أو حتّى تبرد جلدته كما جاء في الحديث الشّريف . وللفقهاء تفصيل في نوع تعلّق دين الآدميّ بين كونه متعلّقاً بعين التّركة أو بذمّة المتوفّى ، وفي دين الصّحّة والمرض ، وفي ضيق التّركة عن تسديد الدّين وغير ذلك ممّا سيأتي . نوع التّعلّق : الدّين الّذي له مطالب من جهة العباد إمّا أن يتعلّق بعين التّركة أو لا . أ - الدّين المتعلّق بعين التّركة : 28 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة في الرّواية المشهورة عندهم ، والمالكيّة والشّافعيّة- إلى أنّه يبدأ من الدّيون بما تعلّق بعين التّركة ، كالدّين الموثق برهن ، ومن ثمّ يجب تقديم هذه الدّيون على تجهيز الميّت وتكفينه ، لأنّ المورّث في حال حياته لا يملك التّصرّف في الأعيان الّتي تعلّق بها حقّ الغير ، فأولى ألاّ يكون له فيها حقّ بعد وفاته . فإن فضل شيء من التّركة بعد سداد هذا الدّين جهّز منه الميّت ، وإن لم يفضل شيء بعد سداد الدّين ، كان تجهيز الميّت على من كانت تجب عليه نفقته في حياته . وذهب الحنابلة ، والحنفيّة في غير المشهور إلى أنّه إذا مات الإنسان بدئ بتكفينه وتجهيزه مقدّماً على غيره ، كما تقدّم نفقة المفلس على ديون غرمائه ، ثمّ بعد التّجهيز والتّكفين تقضى ديونه ممّا بقي من ماله . ب - الدّيون المطلقة : 29 - اتّفق الفقهاء على أنّ الدّيون المطلقة ، وهي الّتي لا تتعلّق بعين من أعيان التّركة تؤخّر عن تجهيز الميّت وتكفينه ، فإن فضل شيء بعد التّجهيز والتّكفين دفع للدّائن واحداً كان أو أكثر بقدر حصصهم . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( دين وإرث ) ج - دين الصّحّة ودين المرض : 30 - دين الصّحّة : هو ما كان ثابتاً بالبيّنة مطلقاً ، أي في حال الصّحّة أو المرض على السّواء . وما كان ثابتاً بالإقرار في حال الصّحّة وكذا الدّين الثّابت بنكول المتوفّى في زمان صحّته . ودين المرض : هو ما كان ثابتاً بإقراره في مرضه ، أو ما هو في حكم المرض ، كإقرار من خرج للمبارزة ، أو خرج للقتل قصاصاً ، أو ليرجم . ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وابن أبي ليلى إلى : أنّ دين الصّحّة ودين المرض سواء في الأداء ، ولهذا إن لم يكن في التّركة وفاء بهما يكون لكلّ دائن حصّة منهما ، بنسبة مقدار دينه ، بلا تمييز بين ما كان منها من ديون الصّحّة أو ديون المرض ، فهي في مرتبة واحدة ، لأنّه إن عرّف سببها للنّاس فهي ديون الصّحّة - ووافقهم على ذلك الحنفيّة - وإن لم يعرّف سببها فيكفي الإقرار في إثباتها ، لأنّ الإقرار حجّة ، إلاّ إذا قام دليل أو قرينة على كذبه . والإنسان وهو مريض يكون أبعد عن هواه ، وأقرب إلى اللّه ، وإلى ما يؤمر به من الصّدق في حال الصّحّة ، لأنّ المرض مظنّة التّوبة . يصدق فيه الكاذب ، ويبرّ فيه الفاجر ، وتنتفي تهمة الكذب عن إقراره ، فيكون الثّابت بالإقرار كالثّابت بالبيّنة . وذهب الحنفيّة إلى تقديم دين الصّحّة على دين المرض الّذي ثبت بطريق الإقرار ، ولم يعلم النّاس به ، لأنّ الإقرار في مرض الموت مظنّة التّبرّع أو المحاباة ، فيكون في حكم الوصايا الّتي تنفذ من الثّلث ، والوصايا مؤخّرة عن الدّيون . تزاحم الدّيون : 31 - إذا كانت التّركة متّسعةً للدّيون كلّها على اختلاف أنواعها ، فلا إشكال في ذلك حينئذ ، إذ يمكن الوفاء بها جميعاً من التّركة . أمّا إذا ضاقت التّركة ولم تتّسع لجميع الدّيون ، فقد اختلف الفقهاء في تقديم بعضها على بعض . وقد تقدّم بيان أقوال الفقهاء في تقديم الدّيون المتعلّقة بعين التّركة على غيرها ، وتقديم دين الصّحّة على دين المرض أو عدم تقديمه . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( دين ، ورهن ، وقسمة ) . ثالثاً : الوصيّة : 32 - يأتي في المرتبة الثّالثة تنفيذ الوصيّة . وقد اتّفق الفقهاء على أنّ تنفيذ ما يوصي به الميّت يجيء بعد الدّين وقبل أخذ الورثة أنصباءهم من التّركة ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَيْنٍ } ولا يكون تنفيذ ما يوصى به من أصل المال ، لأنّ ما تقدّم من التّكفين وقضاء الدّين قد صار مصروفاً في ضروراته الّتي لا بدّ منها ، والباقي هو ماله الّذي كان له أن يتصرّف في ثلثه . وأيضاً ربّما استغرق ثلث الأصل جميع الباقي ، فيؤدّي إلى حرمان الورثة بسبب الوصيّة ، وهذا سواء أكانت الوصيّة مطلقةً أم معيّنةً . وتقديم الوصيّة على الدّين في الآية الكريمة لا يفيد التّقديم فعلاً كما تبيّن من قبل ( ف 23 ) وإنّما يفيد العناية بأمر وصيّة الميّت ، وإن كانت تبرّعاً منه ، كي لا تشحّ نفوس الورثة بإخراجها من التّركة قبل توزيعها بينهم . ومن هنا تقدّم ذكرها على الدّين تنبيهاً على أنّها مثله في وجوب الأداء أو المسارعة إليه ، ولذلك جيء بينهما بأو الّتي هي هنا للتّسوية . وتقديم الوصيّة على حقوق الورثة ليس على إطلاقه ، لأنّ تنفيذ الوصيّة مقيّد بحدود الثّلث ، فإن كان الموصى به شيئاً معيّناً أخذه ، وإن كان بثلث أو ربع مثلاً كان الموصى له شريكاً للورثة في التّركة بنسبة نصيبه الموصى له به ، لا مقدّماً عليهم . فإذا نقص المال لحقه النّقص ، وهذا بخلاف التّجهيز والدّين ، فإنّهما متقدّمان حقّاً على الوصيّة وحقوق الورثة . ولمّا كانت الوصيّة بنسبة شائعة على سبيل المشاركة مع حقوق الورثة - فلو هلك شيء من التّركة قبل القسمة فإنّه يهلك على الموصى له والورثة جميعاً ، ولا يعطى الموصى له كلّ الثّلث من الباقي ، بل الهالك يهلك على الحقّين ، والباقي يبقى على الحقّين ، بخلاف الدّين - فإنّه إذا هلك بعض التّركة يستوفى كلّ الدّين من الباقي . ثمّ إنّ طريقة حساب الوصيّة : أن يحسب قدر الوصيّة من جملة التّركة لتظهر سهام الورثة ، كما تحسب سهام أصحاب الفرائض أوّلاً ليظهر الفاضل للعصبة . وللفقهاء تفصيل ينظر في ( وصيّة ، وإرث ) . رابعاً : قسمة التّركة بين الورثة : 33 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ التّركة تقسم بين الوارثين بعد أداء الحقوق المتعلّقة بها انظر مصطلح : ( إرث ) . إلاّ أنّ الفقهاء اختلفوا فيما إذا قسّمت التّركة بين الورثة قبل أداء الحقوق المتعلّقة بها ، هل تنقض هذه القسمة أم تلزم ؟ فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ التّركة المستغرقة بالدّين تبقى على ملك المورّث ، أو هي في حكم ملكه ، لأنّ الدّين يشغلها جميعاً . أمّا غير المستغرقة فإنّها تنتقل إلى ملك الوارث من حين وفاة المورّث أو ينتقل الجزء الفارغ من الدّين . ومن ثمّ لا يجوز للورثة اقتسام التّركة ما دامت مشغولةً بالدّين ، وذلك لأنّ ملكهم لا يظهر إلاّ بعد قضاء الدّين ، لقوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بها أو دَينٍ } فإذا قسموها نقضت قسمتهم حفظاً لحقّ الدّائنين ، لأنّهم قسموا ما لا يملكون . قال الكاسانيّ : الّذي يوجب نقض القسمة بعد وجودها أنواع : منها ظهور دين على الميّت ، إذا طلب الغرماء ديونهم ولا مال للميّت سواه ولا قضاه الورثة من مال أنفسهم . وإذا لم يكن الدّين محيطاً بالتّركة فملك الميّت وحقّ الغرماء ثابت في قدر الدّين من التّركة على الشّيوع ، فيمنع جواز القسمة . وذهب بعض الحنفيّة إلى : جواز القسمة استحساناً ، إذا كان الدّين غير مستغرق للتّركة ، لأنّه قلّما تخلو تركة من دين يسير . ولا تنقض القسمة أيضاً إذا أبرأ الدّائن الميّت من الدّين ، أو ضمن الدّين بعض الورثة برضى الدّائن نفسه ، أو كان في التّركة من غير المقسوم ما يكفي لأداء الدّين . وقد جاء في مجلّة الأحكام العدليّة ما نصّه : إذا ظهر دين على الميّت بعد تقسيم التّركة تفسخ القسمة ، إلاّ إذا أدّى الورثة الدّين ، أو أبرأهم الدّائنون منه ، أو ترك الميّت مالاً سوى المقسوم يفي بالدّين ، فعند ذلك لا تفسخ القسمة . وذهب الشّافعيّة إلى : أنّ ملك الورثة للتّركة يبدأ من حين موت المورّث ، سواء أحاط الدّين بالتّركة أم لا . وقسمة التّركة ما هي إلاّ تمييز وإفراز لحقوق كلّ من الورثة ، ومن ثمّ فلا وجه لنقض القسمة عندهم . وإن قيل : إنّها بيع ففي نقضها وجهان . وعند الحنابلة : لا تبطل القسمة بظهور دين على الميّت ، لأنّ تعلّق الدّين بالتّركة لا يمنع صحّة التّصرّف فيها ،لأنّه تعلّق بها بغير رضا الورثة . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( قسمة ). نقض قسمة التّركة : 34 - المقصود بنقض القسمة : إبطالها بعد تمامها ، وتنقض قسمة التّركة في الحالات التّالية : - أ - الإقالة أو التّراضي على فسخ القسمة . ب - ظهور دين على الميّت وقد تقدّم . ج - ظهور وارث أو موصًى له في قسمة التّراضي ، لأنّ الوارث والموصى له شريكان للورثة في التّركة . د - ظهور غبن فاحش لحق ببعض الورثة ، وهو الّذي لا يدخل تحت تقويم المقوّمين ، كأن قوّم المال بألف ، وهو يساوي خمسمائة . وتنقض هنا قسمة القاضي ، لأنّ تصرّف القاضي مقيّد بالعدل ولم يوجد . وتنقض أيضاً قسمة التّراضي ، لأنّ شرط جوازها المعادلة ولم توجد ، فجاز نقضها . هـ - وقوع غلط في المال المقسوم . وفي جميع هذه الصّورة تفصيل وخلاف ينظر في مصطلح : ( قسمة ) . التّصرّف في التّركة : 35 - تقدّم خلاف الفقهاء في نفاذ أو عدم نفاذ قسمة التّركة إذا كانت مستغرقةً بالدّين كلّاً أو بعضاً . وإذا تصرّف الورثة في التّركة المدينة بالبيع أو الهبة أو بغير ذلك من التّصرّفات الّتي من شأنها أن تنقل الملكيّة أو ترتّب عليها حقوقاً عينيّةً كالرّهن ، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على الوجه التّالي : ذهب الحنفيّة والمالكيّة ، والحنابلة في إحدى الرّوايتين - وهم الّذين قالوا بمنع ملكيّة الوارث إلاّ بعد سداد الدّين - إلى : أنّه لا يجوز أيّ تصرّف من الورثة في التّركة إلاّ في الأحوال التّالية : أ - أن تبرأ ذمّة الميّت من الدّين قبل تصرّف الورثة ، إمّا بالأداء أو الكفالة . ب - أن يرضى الدّائنون بقيام الورثة ببيع التّركة لسداد ديونهم ، لأنّ منع تصرّف الورثة بالتّركة كان ضماناً لحقّ الدّائنين المتعلّق بالتّركة . ج - أن يأذن القاضي بالتّصرّف ، وذلك لأنّ القاضي بما له من الولاية العامّة يملك الإذن للورثة بالبيع لجميع التّركة أو بعضها . وأمّا الشّافعيّة والحنفيّة في الرّواية الأخرى - وهم الّذين ذهبوا إلى أنّ ملك الوارث يبدأ من وقت وفاة المورّث ، سواء كانت التّركة مدينةً أم لا - فإنّهم ذهبوا إلى أنّ تصرّف الوارث بالبيع أو الهبة مع استغراق التّركة بالدّين لا ينفذ مراعاةً لحقّ الميّت ، أذن الدّائن أم لا ، إلاّ إذا كان التّصرّف لقضاء الدّين فإنّه ينفذ . وفي المسألة تفصيل يرجع فيه إلى الهبة ، وإلى بيع منهيّ عنه ، ومصطلح : ( دين ) . تصفية التّركة : 36 - تقدّم الكلام حول تصرّف الوارثين البالغين في التّركة قسمةً أو بيعاً ، أمّا إذا كان الورثة أو بعضهم قصّراً : فإنّ التّصرّف فيها يكون راجعاً للوصيّ إن كان ، أو للقاضي إن لم يكن وصيّ ، وذلك لضمان الحقوق المتعلّقة بالتّركة من جهة ، ولحفظ أموال الورثة الضّعفاء كيلا يظلموا من غيرهم . ولتفصيل هذه الأحكام ينظر ( الوصيّة ) ومصطلح : ( إيصاء ) . التّركة الّتي لا وارث لها : 37 - اختلف الفقهاء في التّركة الّتي لا وارث لها ، أو لها وارث لا يرثها جميعها ، فمن قال من الفقهاء بالرّدّ قال : لا تئول التّركة إلى بيت المال ما دام لها وارث . ومن لا يرى الرّدّ من الفقهاء قال : إنّ بيت المال يرث جميع التّركة ، أو ما بقي بعد أصحاب الفروض . وإذا آلت التّركة إلى بيت المال كانت على سبيل الفيء لا الإرث عند الحنفيّة والحنابلة . وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ حقّ بيت المال هنا هو على سبيل الميراث ، أي على سبيل العصوبة . وللتّفصيل ينظر مصطلح : ( إرث ، وبيت المال ) . ترميم * التّعريف : 1 - للتّرميم في اللّغة معان . منها : الإصلاح . يقال : رمَّمت الحائط وغيره ترميماً : أصلحته . ورمَّمت الشّيء أرُمّه وأرِمّه رمّاً ومَرَمّةً : إذا أصلحته . ويقال : قد رَمّ شأنُه . واسترمّ الحائط : أي حان له أن يُرَمّ ، وذلك إذا بعد عهده بالتّطيين ونحوه . والرِّم : إصلاح الشّيء الّذي فسد بعضه من نحو حبل يبلى فيرمّه ، أو دار ترمّ مرمّةً . ولا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا . والتّرميم قد يكون بقصد التّقوية ، إذا كان الشّيء معرّضاً للتّلف ، وقد يكون بقصد التّحسين . الحكم الإجماليّ : أوّلاً : ترميم الوقف : 2 - إذا احتاجت عين الوقف إلى ترميم ، فإنّه يبدأ به من غلّته قبل الصّرف إلى المستحقّين ، لأنّ قصد الواقف صرف الغلّة مؤبّداً ، ولا تبقى دائمةً إلاّ بعمارته ، وما بقي بعد العمارة يصرف للمستحقّين ، هذا ما عليه الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة . وفي هذا يقول الحنفيّة : لو شرط الواقف تقديم العمارة ، ثمّ الفاضل للفقراء أو للمستحقّين ، لزم النّاظر إمساك قدر ما تحتاجه العمارة كلّ سنة ، وإن لم يحتجه وقت الإمساك ، لجواز أن يحدث في الوقف بعد التّوزيع حدث يحتاج إلى ترميم ولا يجد غلّةً يرمّم بها ، بخلاف ما إذا لم يشترطه . والفرق بين الشّرط وعدمه : أنّه مع السّكوت تقدّم العمارة عند الحاجة إليها ، ولا يدّخر لها عند عدم الحاجة إليها ، ومع الاشتراط تقدّم عند الحاجة ، ويدّخر لها عند عدمها ، ثمّ يفرّق الباقي ، لأنّ الواقف إنّما جعل الفاضل عنها للفقراء . ولو كان الموقوف داراً ، فعمارتها على من له السّكنى ، أي على من يستحقّها من ماله لا من الغلّة ، إذ الغرم بالغنم . ومفاده : أنّه لو كان بعض المستحقّين للسّكنى غير ساكن فيها يلزمه التّعمير مع السّاكنين ، لأنّ تركه لحقّه لا يسقط حقّ الوقف ، فيعمّر معهم ، وإلاّ تؤجّر حصّته . ولو أبى من له السّكنى ، أو عجز لفقره ، آجرها الحاكم منه أو من غيره ، وعمّرها بأجرتها كعمارة الوقف ، ثمّ يردّها بعد التّعمير إلى من له السّكنى رعايةً للحقّين . 3 - فإذا امتنع عن العمارة من ماله يؤجّرها المتولّي ويعمّرها من غلّتها ، لأنّها موقوفة للغلّة . ولو كان هو المتولّي وامتنع من عمارتها ينصب غيره ليعمّرها ، أو يعمّرها الحاكم . ولو احتاج الخان الموقوف إلى المرمّة آجر بيتاً أو بيتين منه وأنفق عليه ، أو يؤذن للنّاس بالنّزول فيه سنةً ، ويؤجّر سنةً أخرى ، ويرمّ من أجرته . ويقول المالكيّة : إنّ إصلاح الوقف من غلّته . فإن شرط على المستحقّ إصلاحه يلغى الشّرط ، والوقف صحيح ، ويصلح من غلّته . فإن أصلح من شرط عليه الإصلاح رجع بما أنفق لا بقيمته منقوضاً . فلو شرط الواقف أن يبدأ من غلّته بمنافع أهله ، ويترك إصلاح ما تهدّم منه ، أو يترك الإنفاق عليه إذا كان حيواناً بطل شرطه ، وتجب البداءة بمرمّته والنّفقة عليه من غلّته لبقاء عينه . ولمّا كانت رقبة الوقف عند المالكيّة للواقف والغلّة للموقوف عليه ، يترتّب على هذا أنّه إذا خرب الوقف فللواقف إن كان حيّاً - ولوارثه إن مات - منع من يريد إصلاحه إذا خرب أو احتاج للإصلاح ، لأنّه ليس لأحد أن يتصرّف في ملك غيره إلاّ بإذنه ، ولأنّ إصلاح الغير مظنّة لتغيير معالمه ، وهذا إذا أصلحه الواقف أو ورثته ، وإلاّ فليس لهم المنع ، بل الأولى لهم تمكين من أراد بناءه إذا خرب ، لأنّه من التّعاون على الخير . وهذا في غير المساجد ، وأمّا هي فقد ارتفع ملكه عنها قطعاً . ويقول الشّافعيّة : لو خربت الدّار الموقوفة ، ولم يعمّرها الموقوف عليه ، فإن كان للوقف مال كانت عمارته في مال الوقف ، وإن لم يكن له مال أوجر وعمّر من أجرته . فإذا تعطّلت منافع الوقف وكان حيواناً كخيل الجهاد ، فالنّفقة من بيت المال . أمّا عمارة الدّار الموقوفة فلا تجب على أحد كالملك المطلق بخلاف الحيوان فإنّ نفقته تجب لصيانة روحه . وريع الأعيان الموقوفة على المسجد إذا انهدم وتوقّع عوده حفظ له ، وإلاّ فإن أمكن صرفه إلى مسجد آخر صرف إليه ، وإلاّ فمنقطع الآخر فيصرف لأقرب النّاس إلى الواقف ، فإن لم يكونوا صرف إلى الفقراء والمساكين أو مصالح المسلمين . 4- أمّا غير المنهدم فما فضل من غلّة الموقوف على مصالحه يشترى بها عقار ويوقف عليه ، بخلاف الموقوف على عمارته يجب ادّخاره لأجلها ، وإلاّ لم يعد منه شيء لأجلها ، لأنّه يعرّض للضّياع أو لظالم يأخذ . 5- وأمّا الحنابلة فيرجع عندهم إلى شرط الواقف في الإنفاق على الوقف وفي سائر أحواله ، لأنّه ثبت بوقفه ، فوجب أن يتبع فيه شرطه . فإن عيّن الواقف الإنفاق عليه من غلّته أو من غيرها عمل به رجوعاً إلى شرطه ، وإن لم يعيّنه - وكان الموقوف ذا روح كالخيل - فإنّه ينفق عليه من غلّته ، لأنّ الوقف يقتضي تحبيس الأصل وتسبيل منفعته ، ولا يحصل ذلك إلاّ بالإنفاق عليه فكان ذلك من ضرورته . فإن لم يكن للموقوف غلّة لضعف به ونحوه فنفقته على الموقوف عليه المعيّن ، لأنّ الوقف عندهم يخرج من ملك الواقف إلى ملك الموقوف عليه إن كان آدميّاً معيّناً ، مع منعه من التّصرّف فيه . فإن تعذّر الإنفاق من الموقوف عليه لعجزه أو غيبته ونحوهما بيع الوقف ، وصرف ثمنه في عين أخرى تكون وقفاً لمحلّ الضّرورة . ولو احتاج خان مسبّل إلى مرمّة ، أو احتاجت دار موقوفة لسكنى الحاجّ أو الغزاة أو أبناء السّبيل ونحوهم إلى مرمّة ، يؤجّر منه بقدر ما يحتاج إليه في مرمّته . 6- وإن كان الوقف على غير معيّن كالمساكين ونحوهم كالفقهاء فنفقته في بيت المال ، لانتفاء المالك المعيّن فيه . فإن تعذّر الإنفاق عليه من بيت المال بيع وصرف ثمنه في عين أخرى تكون وقفاً . وإن كان الوقف ممّا لا روح فيه كالعقار ونحوه من سلاح ومتاع وكتب ، لم تجب عمارته على أحد إلاّ بشرط الواقف . فإن شرط عمارته عمل بشرطه ، سواء شرط البداءة بالعمارة أو تأخيرها ،فيعمل بما شرط . لكن إن شرط تقديم الجهة عمل به ما لم يؤدّ إلى التّعطيل ، فإذا أدّى إليه قدّمت العمارة حفظاً لأصل الوقف . فإن لم يذكر البداءة بالعمارة أو تأخيرها ، فتقدّم على أرباب الوظائف ، ما لم يفض ذلك إلى تعطيل مصالحه ، فيجمع بينهما حسب الإمكان . ويصحّ بيع بعضه لإصلاح باقيه ، لأنّه إذا جاز بيع الكلّ عند الحاجة فبيع البعض مع بقاء البعض أولى ، إن اتّحد الواقف . وتفصيل ذلك يرجع إليه في مصطلح : ( وقف ) . ثانياً : التّرميم في الإجارة : 7 - إذا احتاجت الدّار المستأجرة للتّرميم . فإنّ عمارتها وإصلاح ما تلف منها وكلّ ما يخلّ بالسّكنى على المؤجّر عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . ويقول الحنفيّة : إن أبى صاحبها أن يفعل كان للمستأجر أن يخرج منها ، إلاّ أن يكون المستأجر استأجرها وهي كذلك وقد رآها لرضاه بالعيب ، وأنّه لا يجبر المؤجّر على إصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج إن أبى إصلاح ذلك ، لأنّه لا يجبر على إصلاح ملكه ، فإن فعله المستأجر فهو متبرّع ، وله أن يخرج إن أبى المؤجّر . وعلى المستأجر إصلاح ما تلف من العين بسبب استعماله . ويقول الشّافعيّة : إن بادر المؤجّر إلى إصلاح ما تلف فلا خيار للمكتري ، وإلاّ فله الخيار لتضرّره بنقص المنفعة . والحنابلة كالشّافعيّة في هذا ، إلاّ أنّهم قالوا : لو شرط المؤجّر على المكتري النّفقة الواجبة لعمارة المأجور لم يصحّ ، لأنّه يؤدّي إلى جهالة الإجارة ، فلو عمّر المستأجر بهذا الشّرط أو عمّر بإذن المؤجّر رجع عليه . وإن أنفق المستأجر من غير إذنه لم يرجع بشيء ، لأنّه متبرّع ، لكن له أخذ أعيان آلاته . وأجاز المالكيّة شرط المرمّة للدّار وتطيينها إن احتاجت على المكتري ، بشرط أن يكون من كراء وجب على المكتري ، إمّا في مقابلة سكنى مضت ، أو باشتراط تعجيل الكراء ، أو يجري العرف بتعجيله ، لا إن لم يجب فلا يجوز . أو وقع العقد على أنّ ما تحتاج إليه الدّار من المرمّة والتّطيين من عند المكتري ، فلا يجوز للجهالة . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية