الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41259" data-attributes="member: 329"><p>تسبّب *</p><p>انظر : سبب .</p><p></p><p>تسبيح *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - من معاني التّسبيح في اللّغة : التّنزيه . تقول : سبّحت اللّه تسبيحاً : أي نزّهته تنزيهاً. ويكون بمعنى الذّكر والصّلاة . يقال : فلان يسبّح اللّه : أي يذكره بأسمائه نحو سبحان اللّه . وهو يسبّح أي يصلّي السّبحة وهي النّافلة . وسمّيت الصّلاة ذِكْراً لاشتمالها عليه ، ومنه قوله تعالى : { فَسُبحَانَ اللّهِ حينَ تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحون } أي اذكروا اللّه . ويكون بمعنى التّحميد نحو { سُبْحَانَ الّذي سَخَّرَ لنا هذا } وسبحان ربّي العظيم . أي الحمد للّه . </p><p>ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن هذه المعاني ، فقد عرّفه الجرجانيّ بأنّه : تنزيه الحقّ عن نقائص الإِمكان والحدوث . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الذِّكْر :</p><p>2 - الذّكر من معانيه في اللّغة : الصّلاة للّه والدّعاء إليه والثّناء عليه . </p><p>ففي الحديث : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمر صلّى » . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء قول سيق لثناء أو دعاء وقد يستعمل شرعاً لكلّ قول يثاب قائله ، فالذّكر شامل للدّعاء فهو أعمّ من التّسبيح .</p><p>ب - التّهليل :</p><p>3 - هو قول لا إله إلاّ اللّه : يقال : هلّل الرّجل أي من الهيللة ، من قول لا إله إلاّ اللّه .</p><p>ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن هذا . فالتّسبيح أعمّ من التّهليل ، لأنّ التّسبيح تنزيه اللّه عزّ وجلّ عن كلّ نقص . أمّا التّهليل فهو تنزيهه عن الشّريك .</p><p>ج - التّقديس :</p><p>4 - من معانيه في اللّغة تنزيه اللّه عزّ وجلّ عن كلّ ما لا يليق به . </p><p>والتّقديس : التّطهير والتّبريك . وتقدّس أي تطهّر ، وفي التّنزيل { ونحنُ نُسبِّحُ بِحَمْدك وَنُقدِّسُ لك } قال الزّجّاج : معنى نقدّس لك : أي نطهّر أنفسنا لك ، وكذلك نفعل بمن أطاعك ، والأرض المقدّسة أي المطهّرة . ومعناه الاصطلاحيّ لا يخرج عن هذا . </p><p>والتّقديس أخصّ من التّسبيح ، لأنّه تنزيه مع تبريك وتطهير . </p><p>حكمة مشروعيّة التّسبيح :</p><p>5 - حكمة التّسبيح استحضار العبد عظمة الخالق ، ليمتلئ قلبه هيبةً فيخشع ولا يغيب ، فينبغي أن يكون ذلك هو مقصود الذّاكر ، سواء أكان في الصّلاة أم في غيرها ، فيحرص على تحصيله ، ويتدبّر ما يذكر ، ويتعقّل معناه ، فالتّدبّر في الذّكر مطلوب ، كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود ، ولأنّه يوقظ القلب ، فيجمع همّه إلى الفكر ، ويصرف سمعه إليه ، ويطرد النّوم ، ويزيد النّشاط .</p><p>آداب التّسبيح :</p><p>6 - آدابه كثيرة : منها أنّه ينبغي أن يكون الذّاكر المسبّح على أكمل الصّفات ، فإن كان جالساً في موضع استقبل القبلة ، وجلس متذلّلاً متخشّعاً بسكينة ووقار مطرقاً رأسه ، ولو ذكر على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهة في حقّه . لكن إن كان بغير عذر كان تاركاً للأفضل ، والدّليل على عدم الكراهة قول اللّه تبارك وتعالى : { إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرضِ واخْتِلافِ اللّيلِ والنّهارِ لآياتٍ لأولي الألبابِ الّذينَ يَذْكُرونَ اللّهَ قِيَامَاً وَقُعُودَاً وعلى جُنُوبهم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلْقِ السَّمواتِ والأرضِ } .</p><p>وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : إنّي لأقرأ حزبي ، وأنا مضطجعة على السّرير . وصيغه كثيرة ، منها ما ينبغي أن يكون كما وردت به السّنّة ، كما هو الحال في تسبيحات الرّكوع والسّجود ودبر الصّلوات . </p><p>ومنها ما هو مستحبّ ، وهو ما كان في غير ذلك كالتّسبيحات ليلاً ونهارًا .</p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>7 - يختلف الحكم التّكليفيّ للتّسبيح بحسب موضعه وسببه على التّفصيل الآتي : </p><p>التّسبيح على طهر :</p><p>8 - أجمع العلماء على جواز الذّكر بالقلب واللّسان للمحدث والجنب والحائض والنّفساء ، وذلك في التّسبيح والتّهليل والتّحميد والتّكبير والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والدّعاء وغير ذلك . فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على كلّ أحيانه » . على أنّ ذكر اللّه على طهارة سواء أكان تسبيحاً أم غيره ، أولى وأفضل لحديث : « إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سلّم عليه أحد الصّحابة فلم يردّ عليه ، حتّى تيمّم فردّ السّلام ، ثمّ قال : كرهت أن أذكر اللّه إلاّ على طهر » . </p><p>التّوسّط في رفع الصّوت في التّسبيح :</p><p>9- التّوسّط في رفع الصّوت في التّسبيح وغيره مستحبّ عند عامّة الفقهاء ، لقوله تعالى : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بها وابْتَغ بينَ ذلك سَبِيلاً } وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يفعله . فعن أبي قتادة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج ليلةً فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلّي يخفض من صوته . قال : ومرّ بعمر رضي الله عنه وهو يصلّي رافعاً صوته قال : فلمّا اجتمعا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلّي تحفض صوتك ؟ قال : قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول اللّه . قال : فارفع قليلاً وقال لعمر : مررت بك وأنت تصلّي رافعاً صوتك ؟ فقال : يا رسول اللّه : أوقظ الوسنان وأطرد الشّيطان . قال : اخفض من صوتك شيئاً » .</p><p>وقال أبو سعيد رضي الله عنه « اعتكف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فسمعهم يجهرون بالقراءة ، فكشف السّتر وقال : ألا إنّ كلّكم مناج ربّه ، فلا يؤذينّ بعضكم بعضاً ، ولا يرفعْ بعضكم على بعض في القراءة ، أو قال في الصّلاة » . والمراد بالتّوسّط أن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن تبلغ تلك الزّيادة سماع من يليه .</p><p>ما يجوز به التّسبيح :</p><p>10 - أجاز الفقهاء التّسبيح باليد والحصى والمسابح خارج الصّلاة ، كعدّه بقلبه أو بغمزه أنامله . أمّا في الصّلاة ، فإنّه يكره لأنّه ليس من أعمالها . وعن أبي يوسف ومحمّد : أنّه لا بأس بذلك في الفرائض والنّوافل جميعاً مراعاةً لسنّة القراءة والعمل بما جاءت به السّنّة . فعن « سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على امرأة ، وبين يديها نوًى أو حصًى تسبّح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل . فقال : سبحان اللّه عدد ما خلق في السّماء ، وسبحان اللّه عدد ما خلق في الأرض ، وسبحان اللّه عدد ما بين ذلك ، وسبحان اللّه عدد ما هو خالق ، والحمد للّه مثل ذلك ، واللّه أكبر مثل ذلك ، ولا إله إلاّ اللّه مثل ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه مثل ذلك » فلم ينهها عن ذلك ، وإنّما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ، ولو كان مكروهاً لبيّن لها ذلك . وعن بسيرة الصّحابيّة المهاجرة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمرهنّ أن يراعين بالتّكبير والتّقديس والتّهليل ، وأن يعقدن بالأنامل فإنّهنّ مسئولات مستنطقات » . وعن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعقد التّسبيح » وفي رواية « بيمينه » . </p><p>ونقل الطّحطاويّ عن ابن حجر قوله : الرّوايات بالتّسبيح بالنّوى والحصى كثيرة عن الصّحابة في بعض أمّهات المؤمنين ، بل رأى ذلك صلى الله عليه وسلم وأقرّ عليه . وعقد التّسبيح بالأنامل أفضل من السّبحة ، وقيل : إن أمن الغلط فهو أولى ، وإلاّ فهي أولى .</p><p>أوقاته وما يستحبّ منها :</p><p>11 - ليس للذّكر - ومنه التّسبيح - وقت معيّن ، بل هو مشروع في كلّ الأوقات . روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على كلّ أحيانه » . وفي قوله تعالى : { الّذينَ يَذْكُرونَ اللّهَ قِيَامَاً وَقُعُودَاً وعلى جُنُوبِهمْ } ما يدلّ على استحباب الذّكر في جميع الأحوال الّتي يكون عليها الإنسان من يومه وليله . </p><p>إلاّ أنّ أحوالاً منها ورد الشّرع باستثنائها : كالخلاء عند قضاء الحاجة ، وفي حالة الجماع ، وفي حالة الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب ، وفي الأماكن المستقذرة والدّنسة ، وما أشبه ذلك ممّا يكره الذّكر معه . ولكن ورد في بعض الأخبار استحباب التّسبيح في أوقات خاصّة ، من ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : </p><p>« من سبّح اللّه في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين ، وحمد اللّه ثلاثاً وثلاثين ، وكبّر اللّه ثلاثاً وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال تمام المائة : لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير ، غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر » ويستحبّ التّسبيح في الإصباح والإمساء ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان اللّه وبحمده مائة مرّة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل ممّا جاء به ، إلاّ أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه » وفي رواية أبي داود « سبحان اللّه العظيم وبحمده » . ويستحبّ التّسبيح ونحوه عند الكسوف والخسوف ، لما روي عن عبد الرّحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد كسفت الشّمس وهو قائم في الصّلاة رافع يديه ، فجعل يسبّح ويهلّل ويكبّر ويحمد ويدعو حتّى حسر عنها . فلمّا حسر عنها قرأ سورتين وصلّى ركعتين » .</p><p>التّسبيح في افتتاح الصّلاة :</p><p>12 - هو سنّة عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>أمّا المالكيّة فإنّهم لا يرونه ، بل كرهوه في افتتاحها . </p><p>واستدلّ الجمهور بما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا قمتم إلى الصّلاة فارفعوا أيديكم ، ولا تخالف آذانكم ، ثمّ قولوا : اللّه أكبر ، سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك » .</p><p>وبما روت عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصّلاة قال : سبحانك اللّهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك » .</p><p>واستدلّ المالكيّة بما روي عن « أنس رضي الله عنه قال : صلّيت خلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، وكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين » . </p><p>ولم يذكروا التّسبيح في افتتاح الصّلاة لا من الفرائض ولا من السّنن .</p><p>التّسبيح في الرّكوع :</p><p>13 - التّسبيح في الرّكوع سنّة عند الحنفيّة في المشهور ، وقيل واجب . ومستحبّ عند الشّافعيّة ، ومندوب عند المالكيّة . وواجب عند الحنابلة بتسبيحة واحدة ، والسّنّة الثّلاث . وأقلّ المسنون عند الحنفيّة والحنابلة . والمستحبّ عند الشّافعيّة : ثلاث تسبيحات . لما رواه ابن مسعود رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا ركع أحدكم فقال : سبحان ربّي العظيم ثلاثاً ، فقد تمّ ركوعه ، وذلك أدناه » </p><p>وأمّا المالكيّة فقد نصّوا على أنّه يندب التّسبيح بأيّ لفظ كان بركوع وسجود .</p><p>ونصّ ابن جزيّ على أنّه يستحبّ في الرّكوع سبحان ربّي العظيم ثلاث مرّات . </p><p>ودليله ما ورد أنّه « لمّا نزل قول اللّه تبارك وتعالى : { فسبّحْ باسْمِ ربِّكَ العظيم } قال صلى الله عليه وسلم : اجعلوها في ركوعكم » والتّسبيح فيه لا يتحدّد بعدد ، بحيث إذا نقص عنه يفوته الثّواب ، بل إذا سبّح مرّةً يحصل له الثّواب ، وإن كان يزاد الثّواب بزيادته . </p><p>والزّيادة على هذه التّسبيحات أفضل إلى خمس أو سبع أو تسع بطريق الاستحباب عند الحنفيّة . وفي منية المصلّي : أدناه ثلاث ، وأوسطه خمس ، وأكمله سبع . </p><p>وأدنى الكمال عند الشّافعيّة في التّسبيح ثلاث ثمّ خمس ثمّ سبع ثمّ تسع ثمّ إحدى عشرة وهو الأكمل . وهذا للمنفرد ولإمام قوم محصورين رضوا بالتّطويل . </p><p>أمّا غيره فيقتصر على الثّلاث ، ولا يزيد عليها للتّخفيف على المقتدين . </p><p>ويزيد المنفرد وإمام قوم محصورين على ذلك : اللّهمّ لك ركعت ، وبك آمنت إلخ . </p><p>قال في الرّوضة : وهذا مع الثّلاث أفضل من مجرّد أكمل التّسبيح . </p><p>والزّيادة على التّسبيحة الواحدة مستحبّة عند الحنابلة ، فأعلى الكمال في حقّ الإمام يزاد إلى عشر تسبيحات ، لما روي عن « أنس رضي الله عنه أنّه قال : ما رأيت أحداً أشبه صلاةً بصلاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز - فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات » . وقال أحمد : جاء عن الحسن أنّ التّسبيح التّامّ سبع ، والوسط خمس ، وأدناه ثلاث . وأعلى التّسبيح في حقّ المنفرد العرف ، وقيل : ما لم يخف سهواً ، وقيل : بقدر قيامه ، وقيل : سبع .</p><p>التّسبيح في السّجود :</p><p>14 - يقال في السّجود ما قيل في الرّكوع ، من حيث الصّفة والعدد والاختلاف في ذلك . فالتّسبيح في السّجود سنّة عند الحنفيّة في المشهور ، وقيل واجب . ومندوب عند المالكيّة . ومستحبّ عند الشّافعيّة . وواجب عند الحنابلة في أقلّه ، وهو الواحدة ، وسنّة في الثّلاث ، كما في الرّكوع . ولا خلاف إلاّ في أنّ تسبيح السّجود أن يقول : سبحان ربّي الأعلى ، أمّا في الرّكوع فيقول : سبحان ربّي العظيم .</p><p>تسبيح المقتدي تنبيهاً للإمام :</p><p>15 - لو عرض للإمام شيء في صلاته سهواً منه كان للمأموم تنبيهه بالتّسبيح استحباباً ، إن كان رجلاً ، وبالتّصفيق إن كانت أنثى عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>لحديث : « إنّما التّصفيقُ للنّساء ، ومن نَابَه شيء في صلاته فلْيقُلْ سبحان اللّه » . </p><p>وأمّا المالكيّة فكرهوا للمرأة التّصفيق في الصّلاة مطلقاً ، وقالوا : إنّها تسبّح لعموم حديث : « من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان اللّه » ووجه الاستدلال أنّ ( من ) من ألفاظ العموم فيشمل النّساء .</p><p>تنبيه المصلّي غيره بالتّسبيح :</p><p>16 - إذا أتى المصلّي بذكر مشروع يقصد به تنبيه غيره إلى أنّه في صلاة ، كأن يستأذن عليه إنسان يريد الدّخول وهو في الصّلاة ، أو يخشى المصلّي على إنسان الوقوع في بئر أو هلكة ، أو يخشى أن يتلف شيئاً ، كان للمصلّي استحباباً أن يسبّح تنبيهاً له ، وتصفّق المرأة على الخلاف السّابق بيانه . للحديث المذكور آنفاً ، ولقوله عليه الصلاة والسلام « من نابه شيء في صلاته فليقل : سبحان اللّه ، فإنّه لا يسمعه أحد يقول سبحان اللّه إلاّ التفت » </p><p>وفي المسند عن عليّ رضي الله عنه : « كان لي من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها فإذا أتيته استأذنته إن وجدته يصلّي فسبّح دخلت ، وإن وجدته فارغاً أذن لي » . </p><p>وعند الحنيفة تبطل الصّلاة إذا محّض التّسبيح للإعلام ، أو قصد به التّعجّب أو نحو ذلك .. ومذهب الشّافعيّة أنّ التّسبيحات في الصّلاة " لا تضرّ إلاّ ما كان فيه خطاب لمخلوق غير رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . </p><p>ومذهب المالكيّة والحنابلة أنّ كلّ ذلك لا يؤثّر في صحّة الصّلاة .</p><p>التّسبيح أثناء الخطبة :</p><p>17 - قال الحنفيّة بكراهة التّسبيح لمستمع الخطبة ، لأنّه يشغله عن سماعها . </p><p>فإن كان بعيداً عن الخطيب ولا يسمعه فلا بأس به سرّاً عند بعض الحنفيّة ، والمعتمد في المذهب المنع مطلقاً للقريب والبعيد السّامع وغيره . </p><p>وعند المالكيّة يجوز الذّكر - على أنّه خلاف الأولى على المعتمد عندهم - من تسبيح وتهليل وغير ذلك ، إن كان قليلاً وبالسّرّ ، ويحرم الكثير مطلقاً ، كما يحرم القليل إذا كان جهراً . والشّافعيّة والحنابلة لم يتعرّضوا للتّسبيح بخصوصه ، لكن تعرّضوا للذّكر أثناء الخطبة ، فقالوا : الأولى لغير السّامع للخطبة أن يشتغل بالتّلاوة والذّكر . وأمّا السّامع فلا يشتغل بشيء من ذلك إلاّ بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا سمع ذكره .</p><p>التّسبيح في افتتاح صلاة العيدين وبين تكبيرات الزّوائد فيها :</p><p>18 - الثّناء عقب تكبيرة الافتتاح في صلاة العيدين سنّة عند الحنفيّة والحنابلة ، مستحبّ عند الشّافعيّة ، وهو كما في افتتاح الصّلاة على نحو ما سبق بيانه . </p><p>والتّسبيح بين التّكبيرات الزّوائد في صلاة العيدين سنّة كذلك عند الحنفيّة والحنابلة ومستحبّ عند الشّافعيّة ، ولا يقول به المالكيّة ، بل كرهوه ، أو أنّه خلاف الأولى عندهم ، فلا يفصل الإمام بين آحاده إلاّ بقدر تكبير المؤتمّ ، بلا قول من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير . </p><p>وليس فيه عند الحنفيّة ذكر مسنون بين هذه التّكبيرات ، ولا بأس بأن يقول : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر . وهو أولى من السّكوت ، كما في القهستانيّ . </p><p>وعند الشّافعيّة : يذكر اللّه بين كلّ تكبيرتين بالمأثور ، وهو عند الأكثرين منهم : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر . ويجوز عند الحنابلة أن يقول بين كلّ تكبيرتين من هذه التّكبيرات : اللّه أكبر كبيراً ، والحمد للّه كثيراً ، وسبحان اللّه بكرةً وأصيلاً ، وصلّى اللّه على محمّد النّبيّ وآله وسلّم تسليماً كثيراً ، لقول عقبة بن عامر سألت ابن مسعود رضي الله عنه ممّا يقوله بين تكبيرات العيد فقال : يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم رواه الأثرم وحرب واحتجّ به أحمد . </p><p>التّسبيح للإعلام بالصّلاة :</p><p>19 - اختلف في تسبيح المؤذّنين للإعلام بالصّلاة بين كونه بدعةً حسنةً ، أو مكروهةً على خلاف سبق في مصطلح : ( أذان ) .</p><p>صلاة التّسبيح :</p><p>20 - ورد في صلاة التّسبيح حديث اختلف في صحّته . </p><p>وللفقهاء خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح ( صلاة التّسبيح ) .</p><p>أماكن ينهى عن التّسبيح فيها :</p><p>21 - لمّا كان التّسبيح نوعاً من الذّكر ، وهو مكروه في الأماكن التّالية ، كان التّسبيح مكروهاً كذلك فيها ، لأنّ النّهي عن العامّ نهي عن الخاصّ ، وذلك تنزيهاً لاسم اللّه عن الذّكر في هذه الأماكن المستقذرة طبعاً . فيكره التّسبيح وغيره من الذّكر في الخلاء عند قضاء الحاجة ، وفي مواضع النّجاسات والقاذورات ، والمواضع الدّنسة بنجاسة أو قذارة ، وعند الجماع ، وفي الحمّام والمغتسل ، وما أشبه ذلك متى كان باللّسان . أمّا بالقلب فقط فإنّه لا يكره . وما لم تكن هناك ضرورة له كإنقاذ أعمى من الوقوع في بئر أو غيره ، أو تحذير معصوم من هلكة كغافل أو ما أشبه ذلك . والأولى التّحذير بغير التّسبيح والذّكر في مثل هذه الحالات . كما يكره الذّكر - ومنه التّسبيح - لمن يسمع صوت الخطيب في الجمعة لما تقدّم. </p><p> التّعجّب بلفظ التّسبيح :</p><p>22 - يجوز التّعجّب بلفظ التّسبيح . ففي الصّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقي أبا هريرة ، وأبو هريرة جنب ، فانسلّ ، فذهب فاغتسل ، فتفقّده النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا جاء قال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قال : يا رسول اللّه لقيتني وأنا جنب ، فكرهت أن أجالسك حتّى أغتسل . فقال : سبحان اللّه ! ، إنّ المؤمن لا ينجس » . وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه « أنّ أخت الرّبيّع أمّ حارثة جرحت إنساناً ، فاختصموا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : القصاص القصاص فقالت أمّ الرّبيّع : يا رسول اللّه أتقتصّ من فلانة ؟ واللّه لا يُقْتَصُّ منها . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : القصاص كتاب اللّه . سبحان اللّه يا أمّ الرّبيّع ! » .</p><p>التّسبيح أمام الجنازة :</p><p>23 - يكره عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لمشيّع الجنازة رفع صوته بالذّكر والتّسبيح ، لأنّه من البدع المنكرات ، ولا كراهة في ذلك لو كان في نفسه سرّاً ، بحيث يسمع نفسه ، ويستحبّ له أن يشغل نفسه بذكر اللّه والتّفكير فيما يلقاه الميّت ، وأنّ هذا عاقبة أهل الدّنيا . ويتجنّب ذكر ما لا فائدة فيه من الكلام ، فعن قيس بن عبادة رضي الله عنه أنّه قال : « كان أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصّوت عند الجنائز ، وعند القتال ، وعند الذّكر » ، ولأنّه تشبّه بأهل الكتاب فكان مكروهاً .</p><p>التّسبيح عند الرّعد :</p><p>24 - التّسبيح عند الرّعد مستحبّ عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، فيقول سامعه عند سماعه : سبحان من يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته ، اللّهمّ لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا من قبل ذلك . فقد روى مالك في الموطّأ عن عبد اللّه بن الزّبير رضي الله عنهما « أنّه كان إذا سمع الرّعد ترك الحديث وقال : سبحان الّذي يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته » ، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « كنّا مع عمر رضي الله عنه في سفر ، فأصابنا رعد وبرق وبرد ، فقال لنا كعب رضي الله عنه : من قال حين يسمع الرّعد : سبحان من يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته - ثلاثاً - عوفي من ذلك الرّعد ، فقلنا فعوفينا » .</p><p>قطع التّسبيح :</p><p>25 - الفقهاء متّفقون على أنّ المسبِّح وغيره من الذّاكرين ، أو التّالين لكتاب اللّه ، إذا سمعوا المؤذّن - وهو يؤذّن أذاناً مسنوناً - يقطعون تسبيحهم ، وذكرهم وتلاوتهم ، ويجيبون المؤذّن . وهو مندوب عند الجمهور . وهناك قول عند الحنفيّة بالوجوب . </p><p>ثواب التّسبيح :</p><p>26 - ثواب التّسبيح عظيم ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من قال سبحان اللّه وبحمده في يوم مائة مرّة حُطَّتْ خطاياه ، ولو كانت مثل زبد البحر » وفي الباب أحاديث كثيرة .</p><p></p><p>تسبيل *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - من معاني التّسبيل لغةً واصطلاحاً جعل الشّيء في سبيل اللّه . يقال : سبّل فلان ضيعته تسبيلاً : أي جعلها في سبيل اللّه ، وسبّلتُ الثّمرة : حملتها في سبيل الخير وأنواع البرّ . وفي حديث وقْفِ عمر رضي الله عنه قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدّقت بها » أي : اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقفتها عليه . وسبّلتَ الشّيء : إذا أبحته ، كأنّك جعلت إليه طريقاً مطروقةً . وسبيل اللّه عامّ يقع على كلّ عمل خالص سلك به طريق التّقرّب إلى اللّه تعالى بأداء الفرائص والنّوافل وأنواع التّطوّعات ، وقد يطلق السّبيل على حوض الماء المباح للواردين . </p><p>وفي النّظم المستعذب في شرح غريب المهذّب تسبيل الثّمرة : أن يجعل الواقف لها سبيلاً : أي طريقاً لمصرفها . وفي كشّاف القناع : تسبيل المنفعة : أي إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلّة وثمرة وغيرها للجهة المعيّنة تقرّباً إلى اللّه تعالى . </p><p>ويطلق التّسبيل أيضاً - اصطلاحاً - على الوقف ، يقال : سبّلت الدّار أي وقفتها . </p><p>فالتّسبيل من ألفاظ الوقف الصّريحة عند الشّافعيّة والحنابلة ، بأن يقول الواقف : سبّلت داري لسكنى فقراء بلدة كذا وساكنيها . </p><p>فلفظ التّسبيل صريح في الوقف ، لأنّه موضوع له ومعروف فيه ، وثبت له عرف الشّرع ، فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه : « إن شئت حبست أصلها وسبّلت ثمرتها » فصار هذا اللّفظ في الوقف كلفظ التّطليق في الطّلاق . وإضافة التّحبيس إلى الأصل والتّسبيل إلى الثّمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى ، فإنّ الثّمرة محبّسة أيضاً على ما شرط صرفها إليه . وأمّا عند الحنفيّة ، لو قال الواقف : أرضي هذه للسّبيل إن تعارفوا وقفاً مؤبّداً ، كان كذلك . وإلاّ سئل فإن قال : أردت الوقف صار وقفاً ، لأنّ لفظه يحتمل ذلك ، أو قال : أردت معنى الصّدقة فهو نذر ، فيتصدّق بها أو بثمنها . وإن لم ينو كانت ميراثاً . </p><p>وأمّا المالكيّة فالّذي يظهر من كلامهم أنّ جعل الشّيء في السّبيل يقتضي التّصدّق بعينه ما لم توجد قرينة تصرفه إلى معنى وقف العين والتّصدّق بثمرتها أو منفعتها .</p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - التّسبيل قربة مندوب إليها بالاتّفاق ، لحديث « إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاثة : إلاّ من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له » وقوله تعالى : { وافْعَلُوا الخَيرَ } وفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، روى عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّ « عمر رضي الله عنه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكان قد ملك مائة سهم من خيبر فقال : قد أصبتُ مالاً لم أُصِبْ مثله ، وقد أردت أن أتقرّب به إلى اللّه تعالى ، فقال إن شئت حبست أصلها وتصدّقت بها » ، وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلاّ وقف وتفصيله في مصطلح ( صدقة - وقف ) .</p><p></p><p>تسجيل *</p><p>انظر : توثيق .</p><p></p><p>تسرّي *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّسرّي في اللّغة : اتّخاذ السّرّيّة . يقال : تسرّى الرّجل جاريته وتسرّى بها واستسرّها : إذا اتّخذها سرّيّةً ، وهي الأمة المملوكة يتّخذها سيّدها للجماع . </p><p>وهي في الأصل منسوبة إلى السّرّ بمعنى : الجماع ، غير أنّهم ضمّوا السّين تجنّباً لحصول اللّبس ، فرقاً بينها وبين السّرّيّة وهي الحرّة الّتي يتزوّجها الرّجل سرّاً . وقيل هي من السُّرّ بمعنى الإخفاء ، لأنّ الرّجال كثيراً ما كانوا يتّخذون السّراري سرّاً ، ويخفونهنّ عن زوجاتهم الحرائر . وقيل : هي من السّرّ بالضّمّ بمعنى السّرور ، وسمّيت الجارية سرّيّةً ، لأنّها موضع سرور الرّجل ، ولأنّه يجعلها في حال تَسُرّها من دون سائر جواريه . </p><p>وفي الاصطلاح : إعداد الأمة لأن تكون موطوءةً .</p><p>2 - ويتمّ التّسرّي عند الحنفيّة بأمرين : الأوّل : أن يحصن الرّجل أمته ، والثّاني : أن يجامعها . وتحصينها : بأن يبوّئها منزلاً ويمنعها من الخروج ، فلو وطئ دون تحصين لم يثبت بذلك التّسرّي ، ولو حملت منه . والجماع بأن يجامعها فعلاً ، فلو حصّنها وأعدّها للوطء لم يثبت التّسرّي بذلك ما لم يطأ فعلاً . فإذا وطئ المحصنة ثبت التّسرّي سواء أفضى بمائه إليها أم لا ، بأن لم ينزل أصلاً ، أو أنزل وعزل . وهذا قول أبي حنيفة ومحمّد . وقال أبو يوسف ، ونقل عن الشّافعيّ : لا يتمّ التّسرّي إلاّ بأن يفضي إليها بمائه ، فلو وطئ فلم ينزل ، أو أنزل وعزل ، لم يثبت التّسرّي بذلك ، ولو حلف لا يتسرّى لم يحنث بذلك . </p><p>والمقدّم عند الحنابلة أنّ التّسرّي يثبت بوطء الأمة المملوكة غير المحرّمة على واطئها ، سواء حصّنها أم لا ، أنزل أم لا . وفي قول القاضي أبي يعلى : لا يتمّ التّسرّي إلاّ بالوطء والإنزال . ولم نجد للمالكيّة نصّاً في هذه المسألة . </p><p>وسوف يكون هذا البحث على أنّ التّسرّي هو وطء الرّجل مملوكته مطلقاً ، سواء كان مع الوطء تحصين أم لم يكن ، ليكون شاملاً لكلّ ما يتعلّق بوطء الإماء بالملك ، ولأنّ ما ذكر من الخلاف عند الحنفيّة لا يظهر أثره ، إلاّ في نحو الحنث في الحلف على التّسرّي .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - النّكاح :</p><p>3 - النّكاح : هو التّزوّج بعقد . وقد يتزوّج الرّجل أمةً لغيره ينكحه إيّاها سيّدها ، ولا يسمّى ذلك تسرّياً . ولا ينكح الحرّ الأمة إلاّ إذا خاف العنت .</p><p>ب - الحَظِيّة :</p><p>4 - الحظيّة : المرأة تنال حظوةً لدى الرّجل من بين نسائه ، سواء أكانت زوجةً أم سرّيّةً .</p><p>ج - ملك اليمين :</p><p>5 - ملك اليمين أعمّ من التّسرّي ، لأنّه قد يطأ بملك اليمين بدون تسرّ ، أمّا السّرّيّة فلا بدّ أن تكون معدّةً للوطء .</p><p>حكم التّسرّي :</p><p>6 - التّسرّي جائز بالكتاب والسّنّة والإجماع إذا تمّت شروطه كما يأتي . </p><p>أمّا الكتاب ففي مواضع منها قوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ ألاّ تُقْسِطُوا في اليَتَامَى فَانْكِحُوا ما طَابَ لكم مِن النِّسَاءِ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُم ألاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو ما مَلَكَتْ أيمَانُكمْ ذلكَ أَدْنَى أَلاّ تَعُولُوا } وقوله { حُرِّمَتْ عليكم أُمَّهَاتُكم وبَنَاتُكم ... } إلى قوله : { وَالمُحْصَنَاتُ مِن النِّساءِ إلاّ ما مَلَكَتْ أَيمانُكُم } وقوله : { والّذينَ هم لِفُروجِهم حَافِظُونَ إلاّ على أَزْوَاجِهم أو ما مَلَكَتْ أَيمَانُهم فَإِنَّهم غَيرُ مَلُومِين } قال ابن عابدين : فمن لام المتسرّي على أصل الفعل ، بمعنى : أنّك فعلت أمراً قبيحاً فهو كافر لهذه الآية ، لكن لا يكفر إن لامه على تسرّيه ، لأنّه يشقّ على زوجته أو نحو ذلك . </p><p>وأمّا السّنّة فقد { قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس لا تُوطَأُ حاملٌ حتّى تَضَعَ ، ولا غيرَ ذاتِ حَمْلٍ حتّى تحيضَ حَيْضَةً » « وأعطى حسّان بن ثابت رضي الله عنه إحدى الجواري الّتي أهداها له المقوقس ، وقال لحسّان دونَك هذه بَيِّضْ بها ولدك » . </p><p>والسّنّة الفعليّة أيضاً دالّة على جواز التّسرّي ، فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانت له سرار : قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : { يَا أَيُّها النَّبيُّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيتَ أُجُورَهُنَّ ومَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللّهُ عَلَيكَ } قال : أي وأباح لك التّسرّي ممّا أخذت من الغنائم ، وقد ملك صفيّة وجويرية رضي الله عنهما ، فأعتقهما وتزوّجهما ، وملك ريحانة بنت شمعون النّصرانيّة ومارية القبطيّة رضي الله عنهما ، وكانتا من السّراري . أي فكان يطؤهما بملك اليمين . وكذلك الصّحابة رضي الله عنهم اتّخذوا السّراري ، فكان لعمر رضي الله عنه أمّهات أولاد أوصى لكلّ واحدة منهنّ بأربعمائة درهم ، وكان لعليّ رضي الله عنه أمّهات أولاد ، وكان عليّ بن الحسين ، والقاسم بن محمّد ، وسالم بن عبد اللّه بن عمر من أمّهات الأولاد . وروي أنّ النّاس لم يكونوا يرغبون في أمّهات الأولاد حتّى ولد هؤلاء الثّلاثة ، فرغب النّاس فيهنّ . </p><p>وأجمعت الأمّة على ذلك ، واستمرّ ذلك عند المسلمين دون نكير من أحد إلى حين انتهاء الرّقّ في العصر الحديث . وقد كثر التّسرّي في العصر الأمويّ والعصر العبّاسيّ لكثرة السّبي في الفتوح ، حتّى إنّ كثيراً من نساء الخلفاء العبّاسيّين كُنّ من السّراريّ . وكثيراً منهنّ ولدن الخلفاء . هذا وليس التّسرّي خاصّاً بالأمّة الإسلاميّة ، فقد ورد « أنّ إبراهيم عليه السلام تسرّى بهاجر الّتي وهبه إيّاها ملك مصر » ، فولدت له إسماعيل عليه السلام ، وقيل : كان لسليمان عليه السلام ثلاثمائة سرّيّة ، وكان التّسرّي في الجاهليّة أيضاً .</p><p>ملك السّيّد لأمته يبيح له وطأها دون عقد :</p><p>7 - لا يحتاج وطء السّيّد لأمته إلى إنشاء عقد زواج ، ولو عقد النّكاح لنفسه على مملوكته لم يصحّ النّكاح ، ولم تكن بذلك زوجةً . قال ابن قدامة : لأنّ ملك الرّقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع ، فلا يجتمع معه عقد أضعف منه . ولو كان الحرّ متزوّجاً بأمة ، ثمّ ملك زوجته الأمة انفسخ نكاحها منه . ولا يجوز أن يتزوّج أمةً له فيها شرك .</p><p>حكمة إباحة التّسرّي :</p><p>8 - الحكمة في ذلك - بالإضافة إلى استعفاف مالك الأمة بها - أنّ في التّسرّي تحصين الإماء لكيلا يَمِلْنَ إلى الفجور ، وثبوت نسب أولادهنّ إلى السّيّد ، وكون الأولاد أحراراً . وإذا ولدت الأمة من سيّدها تكون أمّ ولد ، فتصير حرّةً عند موته كما يأتي . </p><p>حكم السّرّيّة إذا ولدت من سيّدها :</p><p>9 - إذا ولدت السّرّيّة لسيّدها استحقّت العتق بموت سيّدها بحكم الشّرع ، وتسمّى حينئذ ( أمّ ولد ) ولا يمنع ذلك من استمرار تسرّي سيّدها بها إلى أن يموت أحدهما ، ولا تباع ، ولها أحكام خاصّة ( ر : أمّ ولد ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41259, member: 329"] تسبّب * انظر : سبب . تسبيح * التّعريف : 1 - من معاني التّسبيح في اللّغة : التّنزيه . تقول : سبّحت اللّه تسبيحاً : أي نزّهته تنزيهاً. ويكون بمعنى الذّكر والصّلاة . يقال : فلان يسبّح اللّه : أي يذكره بأسمائه نحو سبحان اللّه . وهو يسبّح أي يصلّي السّبحة وهي النّافلة . وسمّيت الصّلاة ذِكْراً لاشتمالها عليه ، ومنه قوله تعالى : { فَسُبحَانَ اللّهِ حينَ تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحون } أي اذكروا اللّه . ويكون بمعنى التّحميد نحو { سُبْحَانَ الّذي سَخَّرَ لنا هذا } وسبحان ربّي العظيم . أي الحمد للّه . ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن هذه المعاني ، فقد عرّفه الجرجانيّ بأنّه : تنزيه الحقّ عن نقائص الإِمكان والحدوث . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الذِّكْر : 2 - الذّكر من معانيه في اللّغة : الصّلاة للّه والدّعاء إليه والثّناء عليه . ففي الحديث : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمر صلّى » . وفي اصطلاح الفقهاء قول سيق لثناء أو دعاء وقد يستعمل شرعاً لكلّ قول يثاب قائله ، فالذّكر شامل للدّعاء فهو أعمّ من التّسبيح . ب - التّهليل : 3 - هو قول لا إله إلاّ اللّه : يقال : هلّل الرّجل أي من الهيللة ، من قول لا إله إلاّ اللّه . ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن هذا . فالتّسبيح أعمّ من التّهليل ، لأنّ التّسبيح تنزيه اللّه عزّ وجلّ عن كلّ نقص . أمّا التّهليل فهو تنزيهه عن الشّريك . ج - التّقديس : 4 - من معانيه في اللّغة تنزيه اللّه عزّ وجلّ عن كلّ ما لا يليق به . والتّقديس : التّطهير والتّبريك . وتقدّس أي تطهّر ، وفي التّنزيل { ونحنُ نُسبِّحُ بِحَمْدك وَنُقدِّسُ لك } قال الزّجّاج : معنى نقدّس لك : أي نطهّر أنفسنا لك ، وكذلك نفعل بمن أطاعك ، والأرض المقدّسة أي المطهّرة . ومعناه الاصطلاحيّ لا يخرج عن هذا . والتّقديس أخصّ من التّسبيح ، لأنّه تنزيه مع تبريك وتطهير . حكمة مشروعيّة التّسبيح : 5 - حكمة التّسبيح استحضار العبد عظمة الخالق ، ليمتلئ قلبه هيبةً فيخشع ولا يغيب ، فينبغي أن يكون ذلك هو مقصود الذّاكر ، سواء أكان في الصّلاة أم في غيرها ، فيحرص على تحصيله ، ويتدبّر ما يذكر ، ويتعقّل معناه ، فالتّدبّر في الذّكر مطلوب ، كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود ، ولأنّه يوقظ القلب ، فيجمع همّه إلى الفكر ، ويصرف سمعه إليه ، ويطرد النّوم ، ويزيد النّشاط . آداب التّسبيح : 6 - آدابه كثيرة : منها أنّه ينبغي أن يكون الذّاكر المسبّح على أكمل الصّفات ، فإن كان جالساً في موضع استقبل القبلة ، وجلس متذلّلاً متخشّعاً بسكينة ووقار مطرقاً رأسه ، ولو ذكر على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهة في حقّه . لكن إن كان بغير عذر كان تاركاً للأفضل ، والدّليل على عدم الكراهة قول اللّه تبارك وتعالى : { إنَّ في خَلْقِ السَّمَوَاتِ والأرضِ واخْتِلافِ اللّيلِ والنّهارِ لآياتٍ لأولي الألبابِ الّذينَ يَذْكُرونَ اللّهَ قِيَامَاً وَقُعُودَاً وعلى جُنُوبهم وَيَتَفَكَّرونَ في خَلْقِ السَّمواتِ والأرضِ } . وجاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : إنّي لأقرأ حزبي ، وأنا مضطجعة على السّرير . وصيغه كثيرة ، منها ما ينبغي أن يكون كما وردت به السّنّة ، كما هو الحال في تسبيحات الرّكوع والسّجود ودبر الصّلوات . ومنها ما هو مستحبّ ، وهو ما كان في غير ذلك كالتّسبيحات ليلاً ونهارًا . حكمه التّكليفيّ : 7 - يختلف الحكم التّكليفيّ للتّسبيح بحسب موضعه وسببه على التّفصيل الآتي : التّسبيح على طهر : 8 - أجمع العلماء على جواز الذّكر بالقلب واللّسان للمحدث والجنب والحائض والنّفساء ، وذلك في التّسبيح والتّهليل والتّحميد والتّكبير والصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم والدّعاء وغير ذلك . فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على كلّ أحيانه » . على أنّ ذكر اللّه على طهارة سواء أكان تسبيحاً أم غيره ، أولى وأفضل لحديث : « إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سلّم عليه أحد الصّحابة فلم يردّ عليه ، حتّى تيمّم فردّ السّلام ، ثمّ قال : كرهت أن أذكر اللّه إلاّ على طهر » . التّوسّط في رفع الصّوت في التّسبيح : 9- التّوسّط في رفع الصّوت في التّسبيح وغيره مستحبّ عند عامّة الفقهاء ، لقوله تعالى : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بها وابْتَغ بينَ ذلك سَبِيلاً } وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يفعله . فعن أبي قتادة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خرج ليلةً فإذا هو بأبي بكر رضي الله عنه يصلّي يخفض من صوته . قال : ومرّ بعمر رضي الله عنه وهو يصلّي رافعاً صوته قال : فلمّا اجتمعا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلّي تحفض صوتك ؟ قال : قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسول اللّه . قال : فارفع قليلاً وقال لعمر : مررت بك وأنت تصلّي رافعاً صوتك ؟ فقال : يا رسول اللّه : أوقظ الوسنان وأطرد الشّيطان . قال : اخفض من صوتك شيئاً » . وقال أبو سعيد رضي الله عنه « اعتكف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فسمعهم يجهرون بالقراءة ، فكشف السّتر وقال : ألا إنّ كلّكم مناج ربّه ، فلا يؤذينّ بعضكم بعضاً ، ولا يرفعْ بعضكم على بعض في القراءة ، أو قال في الصّلاة » . والمراد بالتّوسّط أن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن تبلغ تلك الزّيادة سماع من يليه . ما يجوز به التّسبيح : 10 - أجاز الفقهاء التّسبيح باليد والحصى والمسابح خارج الصّلاة ، كعدّه بقلبه أو بغمزه أنامله . أمّا في الصّلاة ، فإنّه يكره لأنّه ليس من أعمالها . وعن أبي يوسف ومحمّد : أنّه لا بأس بذلك في الفرائض والنّوافل جميعاً مراعاةً لسنّة القراءة والعمل بما جاءت به السّنّة . فعن « سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه أنّه دخل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على امرأة ، وبين يديها نوًى أو حصًى تسبّح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل . فقال : سبحان اللّه عدد ما خلق في السّماء ، وسبحان اللّه عدد ما خلق في الأرض ، وسبحان اللّه عدد ما بين ذلك ، وسبحان اللّه عدد ما هو خالق ، والحمد للّه مثل ذلك ، واللّه أكبر مثل ذلك ، ولا إله إلاّ اللّه مثل ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه مثل ذلك » فلم ينهها عن ذلك ، وإنّما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ، ولو كان مكروهاً لبيّن لها ذلك . وعن بسيرة الصّحابيّة المهاجرة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمرهنّ أن يراعين بالتّكبير والتّقديس والتّهليل ، وأن يعقدن بالأنامل فإنّهنّ مسئولات مستنطقات » . وعن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعقد التّسبيح » وفي رواية « بيمينه » . ونقل الطّحطاويّ عن ابن حجر قوله : الرّوايات بالتّسبيح بالنّوى والحصى كثيرة عن الصّحابة في بعض أمّهات المؤمنين ، بل رأى ذلك صلى الله عليه وسلم وأقرّ عليه . وعقد التّسبيح بالأنامل أفضل من السّبحة ، وقيل : إن أمن الغلط فهو أولى ، وإلاّ فهي أولى . أوقاته وما يستحبّ منها : 11 - ليس للذّكر - ومنه التّسبيح - وقت معيّن ، بل هو مشروع في كلّ الأوقات . روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على كلّ أحيانه » . وفي قوله تعالى : { الّذينَ يَذْكُرونَ اللّهَ قِيَامَاً وَقُعُودَاً وعلى جُنُوبِهمْ } ما يدلّ على استحباب الذّكر في جميع الأحوال الّتي يكون عليها الإنسان من يومه وليله . إلاّ أنّ أحوالاً منها ورد الشّرع باستثنائها : كالخلاء عند قضاء الحاجة ، وفي حالة الجماع ، وفي حالة الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب ، وفي الأماكن المستقذرة والدّنسة ، وما أشبه ذلك ممّا يكره الذّكر معه . ولكن ورد في بعض الأخبار استحباب التّسبيح في أوقات خاصّة ، من ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من سبّح اللّه في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين ، وحمد اللّه ثلاثاً وثلاثين ، وكبّر اللّه ثلاثاً وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال تمام المائة : لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير ، غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر » ويستحبّ التّسبيح في الإصباح والإمساء ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان اللّه وبحمده مائة مرّة ، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل ممّا جاء به ، إلاّ أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه » وفي رواية أبي داود « سبحان اللّه العظيم وبحمده » . ويستحبّ التّسبيح ونحوه عند الكسوف والخسوف ، لما روي عن عبد الرّحمن بن سمرة رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد كسفت الشّمس وهو قائم في الصّلاة رافع يديه ، فجعل يسبّح ويهلّل ويكبّر ويحمد ويدعو حتّى حسر عنها . فلمّا حسر عنها قرأ سورتين وصلّى ركعتين » . التّسبيح في افتتاح الصّلاة : 12 - هو سنّة عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . أمّا المالكيّة فإنّهم لا يرونه ، بل كرهوه في افتتاحها . واستدلّ الجمهور بما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إذا قمتم إلى الصّلاة فارفعوا أيديكم ، ولا تخالف آذانكم ، ثمّ قولوا : اللّه أكبر ، سبحانك اللّهمّ وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك » . وبما روت عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصّلاة قال : سبحانك اللّهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك » . واستدلّ المالكيّة بما روي عن « أنس رضي الله عنه قال : صلّيت خلف النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ، وكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين » . ولم يذكروا التّسبيح في افتتاح الصّلاة لا من الفرائض ولا من السّنن . التّسبيح في الرّكوع : 13 - التّسبيح في الرّكوع سنّة عند الحنفيّة في المشهور ، وقيل واجب . ومستحبّ عند الشّافعيّة ، ومندوب عند المالكيّة . وواجب عند الحنابلة بتسبيحة واحدة ، والسّنّة الثّلاث . وأقلّ المسنون عند الحنفيّة والحنابلة . والمستحبّ عند الشّافعيّة : ثلاث تسبيحات . لما رواه ابن مسعود رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : إذا ركع أحدكم فقال : سبحان ربّي العظيم ثلاثاً ، فقد تمّ ركوعه ، وذلك أدناه » وأمّا المالكيّة فقد نصّوا على أنّه يندب التّسبيح بأيّ لفظ كان بركوع وسجود . ونصّ ابن جزيّ على أنّه يستحبّ في الرّكوع سبحان ربّي العظيم ثلاث مرّات . ودليله ما ورد أنّه « لمّا نزل قول اللّه تبارك وتعالى : { فسبّحْ باسْمِ ربِّكَ العظيم } قال صلى الله عليه وسلم : اجعلوها في ركوعكم » والتّسبيح فيه لا يتحدّد بعدد ، بحيث إذا نقص عنه يفوته الثّواب ، بل إذا سبّح مرّةً يحصل له الثّواب ، وإن كان يزاد الثّواب بزيادته . والزّيادة على هذه التّسبيحات أفضل إلى خمس أو سبع أو تسع بطريق الاستحباب عند الحنفيّة . وفي منية المصلّي : أدناه ثلاث ، وأوسطه خمس ، وأكمله سبع . وأدنى الكمال عند الشّافعيّة في التّسبيح ثلاث ثمّ خمس ثمّ سبع ثمّ تسع ثمّ إحدى عشرة وهو الأكمل . وهذا للمنفرد ولإمام قوم محصورين رضوا بالتّطويل . أمّا غيره فيقتصر على الثّلاث ، ولا يزيد عليها للتّخفيف على المقتدين . ويزيد المنفرد وإمام قوم محصورين على ذلك : اللّهمّ لك ركعت ، وبك آمنت إلخ . قال في الرّوضة : وهذا مع الثّلاث أفضل من مجرّد أكمل التّسبيح . والزّيادة على التّسبيحة الواحدة مستحبّة عند الحنابلة ، فأعلى الكمال في حقّ الإمام يزاد إلى عشر تسبيحات ، لما روي عن « أنس رضي الله عنه أنّه قال : ما رأيت أحداً أشبه صلاةً بصلاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز - فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات » . وقال أحمد : جاء عن الحسن أنّ التّسبيح التّامّ سبع ، والوسط خمس ، وأدناه ثلاث . وأعلى التّسبيح في حقّ المنفرد العرف ، وقيل : ما لم يخف سهواً ، وقيل : بقدر قيامه ، وقيل : سبع . التّسبيح في السّجود : 14 - يقال في السّجود ما قيل في الرّكوع ، من حيث الصّفة والعدد والاختلاف في ذلك . فالتّسبيح في السّجود سنّة عند الحنفيّة في المشهور ، وقيل واجب . ومندوب عند المالكيّة . ومستحبّ عند الشّافعيّة . وواجب عند الحنابلة في أقلّه ، وهو الواحدة ، وسنّة في الثّلاث ، كما في الرّكوع . ولا خلاف إلاّ في أنّ تسبيح السّجود أن يقول : سبحان ربّي الأعلى ، أمّا في الرّكوع فيقول : سبحان ربّي العظيم . تسبيح المقتدي تنبيهاً للإمام : 15 - لو عرض للإمام شيء في صلاته سهواً منه كان للمأموم تنبيهه بالتّسبيح استحباباً ، إن كان رجلاً ، وبالتّصفيق إن كانت أنثى عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . لحديث : « إنّما التّصفيقُ للنّساء ، ومن نَابَه شيء في صلاته فلْيقُلْ سبحان اللّه » . وأمّا المالكيّة فكرهوا للمرأة التّصفيق في الصّلاة مطلقاً ، وقالوا : إنّها تسبّح لعموم حديث : « من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان اللّه » ووجه الاستدلال أنّ ( من ) من ألفاظ العموم فيشمل النّساء . تنبيه المصلّي غيره بالتّسبيح : 16 - إذا أتى المصلّي بذكر مشروع يقصد به تنبيه غيره إلى أنّه في صلاة ، كأن يستأذن عليه إنسان يريد الدّخول وهو في الصّلاة ، أو يخشى المصلّي على إنسان الوقوع في بئر أو هلكة ، أو يخشى أن يتلف شيئاً ، كان للمصلّي استحباباً أن يسبّح تنبيهاً له ، وتصفّق المرأة على الخلاف السّابق بيانه . للحديث المذكور آنفاً ، ولقوله عليه الصلاة والسلام « من نابه شيء في صلاته فليقل : سبحان اللّه ، فإنّه لا يسمعه أحد يقول سبحان اللّه إلاّ التفت » وفي المسند عن عليّ رضي الله عنه : « كان لي من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها فإذا أتيته استأذنته إن وجدته يصلّي فسبّح دخلت ، وإن وجدته فارغاً أذن لي » . وعند الحنيفة تبطل الصّلاة إذا محّض التّسبيح للإعلام ، أو قصد به التّعجّب أو نحو ذلك .. ومذهب الشّافعيّة أنّ التّسبيحات في الصّلاة " لا تضرّ إلاّ ما كان فيه خطاب لمخلوق غير رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . ومذهب المالكيّة والحنابلة أنّ كلّ ذلك لا يؤثّر في صحّة الصّلاة . التّسبيح أثناء الخطبة : 17 - قال الحنفيّة بكراهة التّسبيح لمستمع الخطبة ، لأنّه يشغله عن سماعها . فإن كان بعيداً عن الخطيب ولا يسمعه فلا بأس به سرّاً عند بعض الحنفيّة ، والمعتمد في المذهب المنع مطلقاً للقريب والبعيد السّامع وغيره . وعند المالكيّة يجوز الذّكر - على أنّه خلاف الأولى على المعتمد عندهم - من تسبيح وتهليل وغير ذلك ، إن كان قليلاً وبالسّرّ ، ويحرم الكثير مطلقاً ، كما يحرم القليل إذا كان جهراً . والشّافعيّة والحنابلة لم يتعرّضوا للتّسبيح بخصوصه ، لكن تعرّضوا للذّكر أثناء الخطبة ، فقالوا : الأولى لغير السّامع للخطبة أن يشتغل بالتّلاوة والذّكر . وأمّا السّامع فلا يشتغل بشيء من ذلك إلاّ بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا سمع ذكره . التّسبيح في افتتاح صلاة العيدين وبين تكبيرات الزّوائد فيها : 18 - الثّناء عقب تكبيرة الافتتاح في صلاة العيدين سنّة عند الحنفيّة والحنابلة ، مستحبّ عند الشّافعيّة ، وهو كما في افتتاح الصّلاة على نحو ما سبق بيانه . والتّسبيح بين التّكبيرات الزّوائد في صلاة العيدين سنّة كذلك عند الحنفيّة والحنابلة ومستحبّ عند الشّافعيّة ، ولا يقول به المالكيّة ، بل كرهوه ، أو أنّه خلاف الأولى عندهم ، فلا يفصل الإمام بين آحاده إلاّ بقدر تكبير المؤتمّ ، بلا قول من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير . وليس فيه عند الحنفيّة ذكر مسنون بين هذه التّكبيرات ، ولا بأس بأن يقول : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أكبر . وهو أولى من السّكوت ، كما في القهستانيّ . وعند الشّافعيّة : يذكر اللّه بين كلّ تكبيرتين بالمأثور ، وهو عند الأكثرين منهم : سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلاّ اللّه ، واللّه أكبر . ويجوز عند الحنابلة أن يقول بين كلّ تكبيرتين من هذه التّكبيرات : اللّه أكبر كبيراً ، والحمد للّه كثيراً ، وسبحان اللّه بكرةً وأصيلاً ، وصلّى اللّه على محمّد النّبيّ وآله وسلّم تسليماً كثيراً ، لقول عقبة بن عامر سألت ابن مسعود رضي الله عنه ممّا يقوله بين تكبيرات العيد فقال : يحمد اللّه ويثني عليه ويصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم رواه الأثرم وحرب واحتجّ به أحمد . التّسبيح للإعلام بالصّلاة : 19 - اختلف في تسبيح المؤذّنين للإعلام بالصّلاة بين كونه بدعةً حسنةً ، أو مكروهةً على خلاف سبق في مصطلح : ( أذان ) . صلاة التّسبيح : 20 - ورد في صلاة التّسبيح حديث اختلف في صحّته . وللفقهاء خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح ( صلاة التّسبيح ) . أماكن ينهى عن التّسبيح فيها : 21 - لمّا كان التّسبيح نوعاً من الذّكر ، وهو مكروه في الأماكن التّالية ، كان التّسبيح مكروهاً كذلك فيها ، لأنّ النّهي عن العامّ نهي عن الخاصّ ، وذلك تنزيهاً لاسم اللّه عن الذّكر في هذه الأماكن المستقذرة طبعاً . فيكره التّسبيح وغيره من الذّكر في الخلاء عند قضاء الحاجة ، وفي مواضع النّجاسات والقاذورات ، والمواضع الدّنسة بنجاسة أو قذارة ، وعند الجماع ، وفي الحمّام والمغتسل ، وما أشبه ذلك متى كان باللّسان . أمّا بالقلب فقط فإنّه لا يكره . وما لم تكن هناك ضرورة له كإنقاذ أعمى من الوقوع في بئر أو غيره ، أو تحذير معصوم من هلكة كغافل أو ما أشبه ذلك . والأولى التّحذير بغير التّسبيح والذّكر في مثل هذه الحالات . كما يكره الذّكر - ومنه التّسبيح - لمن يسمع صوت الخطيب في الجمعة لما تقدّم. التّعجّب بلفظ التّسبيح : 22 - يجوز التّعجّب بلفظ التّسبيح . ففي الصّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لقي أبا هريرة ، وأبو هريرة جنب ، فانسلّ ، فذهب فاغتسل ، فتفقّده النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلمّا جاء قال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قال : يا رسول اللّه لقيتني وأنا جنب ، فكرهت أن أجالسك حتّى أغتسل . فقال : سبحان اللّه ! ، إنّ المؤمن لا ينجس » . وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه « أنّ أخت الرّبيّع أمّ حارثة جرحت إنساناً ، فاختصموا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : القصاص القصاص فقالت أمّ الرّبيّع : يا رسول اللّه أتقتصّ من فلانة ؟ واللّه لا يُقْتَصُّ منها . فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : القصاص كتاب اللّه . سبحان اللّه يا أمّ الرّبيّع ! » . التّسبيح أمام الجنازة : 23 - يكره عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لمشيّع الجنازة رفع صوته بالذّكر والتّسبيح ، لأنّه من البدع المنكرات ، ولا كراهة في ذلك لو كان في نفسه سرّاً ، بحيث يسمع نفسه ، ويستحبّ له أن يشغل نفسه بذكر اللّه والتّفكير فيما يلقاه الميّت ، وأنّ هذا عاقبة أهل الدّنيا . ويتجنّب ذكر ما لا فائدة فيه من الكلام ، فعن قيس بن عبادة رضي الله عنه أنّه قال : « كان أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصّوت عند الجنائز ، وعند القتال ، وعند الذّكر » ، ولأنّه تشبّه بأهل الكتاب فكان مكروهاً . التّسبيح عند الرّعد : 24 - التّسبيح عند الرّعد مستحبّ عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، فيقول سامعه عند سماعه : سبحان من يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته ، اللّهمّ لا تقتلنا بغضبك ، ولا تهلكنا بعذابك ، وعافنا من قبل ذلك . فقد روى مالك في الموطّأ عن عبد اللّه بن الزّبير رضي الله عنهما « أنّه كان إذا سمع الرّعد ترك الحديث وقال : سبحان الّذي يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته » ، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « كنّا مع عمر رضي الله عنه في سفر ، فأصابنا رعد وبرق وبرد ، فقال لنا كعب رضي الله عنه : من قال حين يسمع الرّعد : سبحان من يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته - ثلاثاً - عوفي من ذلك الرّعد ، فقلنا فعوفينا » . قطع التّسبيح : 25 - الفقهاء متّفقون على أنّ المسبِّح وغيره من الذّاكرين ، أو التّالين لكتاب اللّه ، إذا سمعوا المؤذّن - وهو يؤذّن أذاناً مسنوناً - يقطعون تسبيحهم ، وذكرهم وتلاوتهم ، ويجيبون المؤذّن . وهو مندوب عند الجمهور . وهناك قول عند الحنفيّة بالوجوب . ثواب التّسبيح : 26 - ثواب التّسبيح عظيم ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من قال سبحان اللّه وبحمده في يوم مائة مرّة حُطَّتْ خطاياه ، ولو كانت مثل زبد البحر » وفي الباب أحاديث كثيرة . تسبيل * التّعريف : 1 - من معاني التّسبيل لغةً واصطلاحاً جعل الشّيء في سبيل اللّه . يقال : سبّل فلان ضيعته تسبيلاً : أي جعلها في سبيل اللّه ، وسبّلتُ الثّمرة : حملتها في سبيل الخير وأنواع البرّ . وفي حديث وقْفِ عمر رضي الله عنه قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدّقت بها » أي : اجعلها وقفاً وأَبِحْ ثمرتها لمن وقفتها عليه . وسبّلتَ الشّيء : إذا أبحته ، كأنّك جعلت إليه طريقاً مطروقةً . وسبيل اللّه عامّ يقع على كلّ عمل خالص سلك به طريق التّقرّب إلى اللّه تعالى بأداء الفرائص والنّوافل وأنواع التّطوّعات ، وقد يطلق السّبيل على حوض الماء المباح للواردين . وفي النّظم المستعذب في شرح غريب المهذّب تسبيل الثّمرة : أن يجعل الواقف لها سبيلاً : أي طريقاً لمصرفها . وفي كشّاف القناع : تسبيل المنفعة : أي إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلّة وثمرة وغيرها للجهة المعيّنة تقرّباً إلى اللّه تعالى . ويطلق التّسبيل أيضاً - اصطلاحاً - على الوقف ، يقال : سبّلت الدّار أي وقفتها . فالتّسبيل من ألفاظ الوقف الصّريحة عند الشّافعيّة والحنابلة ، بأن يقول الواقف : سبّلت داري لسكنى فقراء بلدة كذا وساكنيها . فلفظ التّسبيل صريح في الوقف ، لأنّه موضوع له ومعروف فيه ، وثبت له عرف الشّرع ، فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه : « إن شئت حبست أصلها وسبّلت ثمرتها » فصار هذا اللّفظ في الوقف كلفظ التّطليق في الطّلاق . وإضافة التّحبيس إلى الأصل والتّسبيل إلى الثّمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى ، فإنّ الثّمرة محبّسة أيضاً على ما شرط صرفها إليه . وأمّا عند الحنفيّة ، لو قال الواقف : أرضي هذه للسّبيل إن تعارفوا وقفاً مؤبّداً ، كان كذلك . وإلاّ سئل فإن قال : أردت الوقف صار وقفاً ، لأنّ لفظه يحتمل ذلك ، أو قال : أردت معنى الصّدقة فهو نذر ، فيتصدّق بها أو بثمنها . وإن لم ينو كانت ميراثاً . وأمّا المالكيّة فالّذي يظهر من كلامهم أنّ جعل الشّيء في السّبيل يقتضي التّصدّق بعينه ما لم توجد قرينة تصرفه إلى معنى وقف العين والتّصدّق بثمرتها أو منفعتها . الحكم الإجماليّ : 2 - التّسبيل قربة مندوب إليها بالاتّفاق ، لحديث « إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاّ من ثلاثة : إلاّ من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له » وقوله تعالى : { وافْعَلُوا الخَيرَ } وفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، روى عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّ « عمر رضي الله عنه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكان قد ملك مائة سهم من خيبر فقال : قد أصبتُ مالاً لم أُصِبْ مثله ، وقد أردت أن أتقرّب به إلى اللّه تعالى ، فقال إن شئت حبست أصلها وتصدّقت بها » ، وقال جابر : لم يكن أحد من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلاّ وقف وتفصيله في مصطلح ( صدقة - وقف ) . تسجيل * انظر : توثيق . تسرّي * التّعريف : 1 - التّسرّي في اللّغة : اتّخاذ السّرّيّة . يقال : تسرّى الرّجل جاريته وتسرّى بها واستسرّها : إذا اتّخذها سرّيّةً ، وهي الأمة المملوكة يتّخذها سيّدها للجماع . وهي في الأصل منسوبة إلى السّرّ بمعنى : الجماع ، غير أنّهم ضمّوا السّين تجنّباً لحصول اللّبس ، فرقاً بينها وبين السّرّيّة وهي الحرّة الّتي يتزوّجها الرّجل سرّاً . وقيل هي من السُّرّ بمعنى الإخفاء ، لأنّ الرّجال كثيراً ما كانوا يتّخذون السّراري سرّاً ، ويخفونهنّ عن زوجاتهم الحرائر . وقيل : هي من السّرّ بالضّمّ بمعنى السّرور ، وسمّيت الجارية سرّيّةً ، لأنّها موضع سرور الرّجل ، ولأنّه يجعلها في حال تَسُرّها من دون سائر جواريه . وفي الاصطلاح : إعداد الأمة لأن تكون موطوءةً . 2 - ويتمّ التّسرّي عند الحنفيّة بأمرين : الأوّل : أن يحصن الرّجل أمته ، والثّاني : أن يجامعها . وتحصينها : بأن يبوّئها منزلاً ويمنعها من الخروج ، فلو وطئ دون تحصين لم يثبت بذلك التّسرّي ، ولو حملت منه . والجماع بأن يجامعها فعلاً ، فلو حصّنها وأعدّها للوطء لم يثبت التّسرّي بذلك ما لم يطأ فعلاً . فإذا وطئ المحصنة ثبت التّسرّي سواء أفضى بمائه إليها أم لا ، بأن لم ينزل أصلاً ، أو أنزل وعزل . وهذا قول أبي حنيفة ومحمّد . وقال أبو يوسف ، ونقل عن الشّافعيّ : لا يتمّ التّسرّي إلاّ بأن يفضي إليها بمائه ، فلو وطئ فلم ينزل ، أو أنزل وعزل ، لم يثبت التّسرّي بذلك ، ولو حلف لا يتسرّى لم يحنث بذلك . والمقدّم عند الحنابلة أنّ التّسرّي يثبت بوطء الأمة المملوكة غير المحرّمة على واطئها ، سواء حصّنها أم لا ، أنزل أم لا . وفي قول القاضي أبي يعلى : لا يتمّ التّسرّي إلاّ بالوطء والإنزال . ولم نجد للمالكيّة نصّاً في هذه المسألة . وسوف يكون هذا البحث على أنّ التّسرّي هو وطء الرّجل مملوكته مطلقاً ، سواء كان مع الوطء تحصين أم لم يكن ، ليكون شاملاً لكلّ ما يتعلّق بوطء الإماء بالملك ، ولأنّ ما ذكر من الخلاف عند الحنفيّة لا يظهر أثره ، إلاّ في نحو الحنث في الحلف على التّسرّي . الألفاظ ذات الصّلة : أ - النّكاح : 3 - النّكاح : هو التّزوّج بعقد . وقد يتزوّج الرّجل أمةً لغيره ينكحه إيّاها سيّدها ، ولا يسمّى ذلك تسرّياً . ولا ينكح الحرّ الأمة إلاّ إذا خاف العنت . ب - الحَظِيّة : 4 - الحظيّة : المرأة تنال حظوةً لدى الرّجل من بين نسائه ، سواء أكانت زوجةً أم سرّيّةً . ج - ملك اليمين : 5 - ملك اليمين أعمّ من التّسرّي ، لأنّه قد يطأ بملك اليمين بدون تسرّ ، أمّا السّرّيّة فلا بدّ أن تكون معدّةً للوطء . حكم التّسرّي : 6 - التّسرّي جائز بالكتاب والسّنّة والإجماع إذا تمّت شروطه كما يأتي . أمّا الكتاب ففي مواضع منها قوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ ألاّ تُقْسِطُوا في اليَتَامَى فَانْكِحُوا ما طَابَ لكم مِن النِّسَاءِ مَثْنَى وثُلاثَ ورُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُم ألاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو ما مَلَكَتْ أيمَانُكمْ ذلكَ أَدْنَى أَلاّ تَعُولُوا } وقوله { حُرِّمَتْ عليكم أُمَّهَاتُكم وبَنَاتُكم ... } إلى قوله : { وَالمُحْصَنَاتُ مِن النِّساءِ إلاّ ما مَلَكَتْ أَيمانُكُم } وقوله : { والّذينَ هم لِفُروجِهم حَافِظُونَ إلاّ على أَزْوَاجِهم أو ما مَلَكَتْ أَيمَانُهم فَإِنَّهم غَيرُ مَلُومِين } قال ابن عابدين : فمن لام المتسرّي على أصل الفعل ، بمعنى : أنّك فعلت أمراً قبيحاً فهو كافر لهذه الآية ، لكن لا يكفر إن لامه على تسرّيه ، لأنّه يشقّ على زوجته أو نحو ذلك . وأمّا السّنّة فقد { قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس لا تُوطَأُ حاملٌ حتّى تَضَعَ ، ولا غيرَ ذاتِ حَمْلٍ حتّى تحيضَ حَيْضَةً » « وأعطى حسّان بن ثابت رضي الله عنه إحدى الجواري الّتي أهداها له المقوقس ، وقال لحسّان دونَك هذه بَيِّضْ بها ولدك » . والسّنّة الفعليّة أيضاً دالّة على جواز التّسرّي ، فإنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانت له سرار : قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : { يَا أَيُّها النَّبيُّ إنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيتَ أُجُورَهُنَّ ومَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللّهُ عَلَيكَ } قال : أي وأباح لك التّسرّي ممّا أخذت من الغنائم ، وقد ملك صفيّة وجويرية رضي الله عنهما ، فأعتقهما وتزوّجهما ، وملك ريحانة بنت شمعون النّصرانيّة ومارية القبطيّة رضي الله عنهما ، وكانتا من السّراري . أي فكان يطؤهما بملك اليمين . وكذلك الصّحابة رضي الله عنهم اتّخذوا السّراري ، فكان لعمر رضي الله عنه أمّهات أولاد أوصى لكلّ واحدة منهنّ بأربعمائة درهم ، وكان لعليّ رضي الله عنه أمّهات أولاد ، وكان عليّ بن الحسين ، والقاسم بن محمّد ، وسالم بن عبد اللّه بن عمر من أمّهات الأولاد . وروي أنّ النّاس لم يكونوا يرغبون في أمّهات الأولاد حتّى ولد هؤلاء الثّلاثة ، فرغب النّاس فيهنّ . وأجمعت الأمّة على ذلك ، واستمرّ ذلك عند المسلمين دون نكير من أحد إلى حين انتهاء الرّقّ في العصر الحديث . وقد كثر التّسرّي في العصر الأمويّ والعصر العبّاسيّ لكثرة السّبي في الفتوح ، حتّى إنّ كثيراً من نساء الخلفاء العبّاسيّين كُنّ من السّراريّ . وكثيراً منهنّ ولدن الخلفاء . هذا وليس التّسرّي خاصّاً بالأمّة الإسلاميّة ، فقد ورد « أنّ إبراهيم عليه السلام تسرّى بهاجر الّتي وهبه إيّاها ملك مصر » ، فولدت له إسماعيل عليه السلام ، وقيل : كان لسليمان عليه السلام ثلاثمائة سرّيّة ، وكان التّسرّي في الجاهليّة أيضاً . ملك السّيّد لأمته يبيح له وطأها دون عقد : 7 - لا يحتاج وطء السّيّد لأمته إلى إنشاء عقد زواج ، ولو عقد النّكاح لنفسه على مملوكته لم يصحّ النّكاح ، ولم تكن بذلك زوجةً . قال ابن قدامة : لأنّ ملك الرّقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع ، فلا يجتمع معه عقد أضعف منه . ولو كان الحرّ متزوّجاً بأمة ، ثمّ ملك زوجته الأمة انفسخ نكاحها منه . ولا يجوز أن يتزوّج أمةً له فيها شرك . حكمة إباحة التّسرّي : 8 - الحكمة في ذلك - بالإضافة إلى استعفاف مالك الأمة بها - أنّ في التّسرّي تحصين الإماء لكيلا يَمِلْنَ إلى الفجور ، وثبوت نسب أولادهنّ إلى السّيّد ، وكون الأولاد أحراراً . وإذا ولدت الأمة من سيّدها تكون أمّ ولد ، فتصير حرّةً عند موته كما يأتي . حكم السّرّيّة إذا ولدت من سيّدها : 9 - إذا ولدت السّرّيّة لسيّدها استحقّت العتق بموت سيّدها بحكم الشّرع ، وتسمّى حينئذ ( أمّ ولد ) ولا يمنع ذلك من استمرار تسرّي سيّدها بها إلى أن يموت أحدهما ، ولا تباع ، ولها أحكام خاصّة ( ر : أمّ ولد ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية