الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41261" data-attributes="member: 329"><p>ج - التّسليم بمعنى التّمكين من القبض :</p><p>4 - التّسليم ، أو القبض معناه عند الحنفيّة : التّخلية أو التّخلّي ، وهو أن يخلّي البائع بين المبيع والمشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكّن والمشتري من التّصرّف فيه ، بحيث لا ينازعه فيه غيره ، وهذا يحصل بالتّخلية ، فيجعل البائع مسلّماً للمبيع والمشتري قابضاً له ، فكانت التّخلية تسليماً من البائع ، والتّخلّي قبضاً من المشتري . </p><p>وكذا هذا في تسليم الثّمن إلى البائع ، لأنّ التّسليم واجب ، ومن عليه الواجب لا بدّ أن يكون له سبيل الخروج من عهدة ما وجب عليه ، والّذي في وسعه هو التّخلية ورفع الموانع . </p><p>والقبض يتمّ بطريق التّخلية ، وهي أن يتمكّن المشتري من المبيع بلا مانع - أي بأن يكون مفرزاً ولا حائل - في حضرة البائع مع الإذن له بالقبض . </p><p>فقبض العقار عند الجميع - كالأرض وما فيها من بناء ونخل ونحوهما - يكون بالتّخلية بين المبيع وبين المشتري وتمكينه من التّصرّف فيه ، وذلك بتسليم المفاتيح إن وجدت بشرط الفراغ من الأمتعة ، إن كان شراء العقار للسّكن - عند الحنفيّة والمالكيّة - وقبض المنقول كالأمتعة ، والأنعام والدّوابّ بحسب العرف الجاري بين النّاس عند الإطلاق ، فالثّوب قبضه باحتيازه ، والحيوان بتمشيته من مكانه ، وقبض الموزون بوزنه ، وقبض المكيل بكيله ، إذا بيعا كيلاً ووزناً . وزاد المالكيّة : تفريغه في أوعية المشتري ، حتّى لو هلك قبل التّفريغ في أوعية المشتري كان الضّمان على البائع عندهم . </p><p>وهذا : لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « إذا بِعْتَ فَكِلْ ، وإذا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ » وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه « نهى عن بيع الطّعام حتّى يجري فيه الصّاعان : صاع البائع وصاع المشتري » . </p><p>وإن بيع جزافاً فقبضه نقله عند الحنابلة ، وعند الحنفيّة قبضه بالتّخلية . ( ر : قبض ) .</p><p>التّسليم في العقود يشمل ما يلي :</p><p>أ - التّسليم في البيع :</p><p>5 - التّسليم في البيع يكون بتسليم المبيع والثّمن ،لأنّ المقصود من البيع لا يتحقّق إلاّ بذلك. ومن يجب عليه التّسليم أوّلاً ، يختلف بحسب نوع البدلين ، وهو كالآتي : إن كان البيع بيع عين بعين ، واختلفا فيمن يسلّم أوّلاً ، يجب على العاقدين التّسليم معاً تحقيقاً للمساواة في المعاوضة المقتضية للمساواة عادةً المطلوبة بين العاقدين ، إذ ليس أحدهما بالتّقديم أولى من الآخر ، فيجعل بينهما عدل يقبض من كلّ منهما ويسلّم الآخر . </p><p>والحكم كذلك إن تبايعا ديناً بدين ، كما في عقد الصّرف ، وهذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وأحد قولي الشّافعيّة . وإن كان بيع عين بدين ، فيجب على المشتري عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو القول الثّاني عند الشّافعيّة تسليم الثّمن - أي الدّين أوّلاً - </p><p>والمذهب عند الشّافعيّة والحنابلة : وجوب تسليم المبيع أوّلاً ، واستثنى الجميع من ذلك أمرين : أوّلهما : السّلم فيه لأنّه دين مؤجّل . </p><p>والثّاني : الثّمن المؤجّل ، فإن كان عيناً أو عرضاً بعرض جعل بينهما عدل - عند الجمهور - ، فيقبض منهما ، ثمّ يسلّم إليهما ، وهذا قول الثّوريّ وأحد قولي الشّافعيّ ، لأنّ تسليم المبيع يتعلّق به استقرار البيع ، وتمامه فكان تقديمه أولى ، سيّما مع تعلّق الحكم بعينه ، وتعلّق حقّ البائع بالذّمّة ، وتقديم ما يتعلّق بالعين أولى لتأكّده . </p><p>ومذهب الحنفيّة أنّهما يسلّمان معاً .</p><p>ب - تسليم المعقود عليه في الرّبويّات :</p><p>6 - تسليم المعقود عليه في الرّبويّات حرام ، لأنّ عقد الرّبا حرام . </p><p>والتّفصيل في مصطلح : ( رباً ) .</p><p>ت - التّسليم في السّلم :</p><p>7 - اتّفق الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّ الثّمن في السّلم إن كان ديناً في الذّمّة - سواء أكان عيناً ( سلعةً معيّنةً ) أم نقوداً - فلا بدّ من تسليمه في مجلس العقد قبل التّفرّق ، ولو طال المجلس . وإذا قاما من المجلس يمشيان ، ثمّ قبض المسلم إليه رأس السّلم بعد مسافة ، فإنّه يصحّ إن لم يتفرّقا . وكذا إذا تعاقدا ثمّ قام ربّ السّلم - المشتري - ليحضر الثّمن من داره ، فإن لم يغب شخصه عن المسلم إليه - البائع - يصحّ وإلاّ فلا ، لأنّ المسلم فيه دين في الذّمّة ، فلو أخّر تسليم رأس مال السّلم عن مجلس العقد لكان التّسليم في معنى مبادلة الدّين بالدّين ، وقد « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ » ولأنّ تسمية هذا العقد دليل على هذا الشّرط ، فإنّه يسمّى سلماً وسلفاً ، والسّلم ينبئ عن التّسليم ، والسّلف ينبئ عن التّقدّم ، فيقتضي لزوم تقديم رأس المال ، ويقدّم قبضه على قبض المسلم فيه ، ولأنّ في السّلم غرراً - أي تعريضاً للهلاك أو على خطر الوجود - فلا يضمّ إليه غرر تأخير رأس المال . </p><p>وقال الحنابلة : يقوم مقام القبض ما كان في معناه ، كما إذا كان عند المسلم إليه أمانة أو عين مغصوبة ، فإنّه يصحّ أن يجعلها صاحب السّلم رأس مال ما دامت ملكاً له ، لأنّ ذلك في معنى القبض . </p><p>واشترط الشّافعيّة أن يكون قبض رأس المال في المجلس قبضاً حقيقيّاً ، فلا تنفع فيه الحوالة ، ولو قبضه من المحال عليه في المجلس ، لأنّ المحال عليه ما دفعه عن نفسه إلاّ إذا قبضه ربّ السّلم وسلّمه بنفسه للمسلم إليه . </p><p>ومذهب المالكيّة اشتراط قبض رأس المال كلّه ، ويجوز تأخير قبضه إلى ثلاثة أيّام فأقلّ ، ولو بشرط في العقد سواء أكان رأس المال عيناً أو ديناً ، لأنّ السّلم معاوضة لا يخرج بتأخير قبض رأس المال عن أن يكون سلماً ، فأشبه ما لو تأخّر إلى آخر المجلس ، وكلّ ما قارب الشّيء يعطى حكمه ، ولا يكون له بذلك حكم الكالئ ، فإن أخّر رأس المال عن ثلاثة أيّام : فإن كان التّأخير بشرط فسد السّلم اتّفاقاً ، سواء أكان التّأخير كثيراً جدّاً ، بأن حلّ أجل المسلم فيه ، أو لم يكثر جدّاً بأن لم يحلّ أجله . وإن كان التّأخير بلا شرط فقولان في المدوّنة الكبرى لمالك بفساد السّلم وعدم فساده ، سواء أكان التّأخير كثيراً جدّاً أم لا . والمعتمد الفساد بالزّيادة عن الثّلاثة الأيّام ولو قلّت مدّة الزّيادة بغير شرط . ( ر : سلم ) .</p><p>ث - قبض المرهون :</p><p>8 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى : أنّ القبض شرط في الرّهن ، واختلفوا في تحديد نوع الشّرط . هل هو شرط لزوم أو شرط تمام ؟ فقال جمهور الفقهاء : القبض ليس شرط صحّة ، وإنّما هو شرط لزوم الرّهن ، فلا يتمّ الرّهن إلاّ بالقبض لقوله تعالى : { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } فقد علّقه سبحانه وتعالى بالقبض ، فلا يتمّ إلاّ به . </p><p>وقال المالكيّة : لا يتمّ الرّهن إلاّ بالقبض ، أو الحوز ، وهو شرط تمام وليس شرط صحّة أو لزوم ، فإذا عقد الرّهن بالقول ( الإيجاب والقبول ) لزم العقد ، وأجبر الرّاهن على إقباضه للمرتهن بالمطالبة به ، فإن تراضى المرتهن في المطالبة به ، أو رضي بتركه في يد الرّاهن بطل الرّهن . ودليلهم قياس الرّهن على سائر العقود الماليّة اللازمة بالقول . </p><p>لقوله تعالى : { أَوْفُوا بِالعُقُودِ } ، والرّهن عقد فيجب الوفاء به . ( ر : رهن ) .</p><p>ج - تسليم المرهون :</p><p>9 - للمرتهن عند جمهور الفقهاء - ما عدا الشّافعيّة - حقّ الحبس الدّائم للمرهون حتّى يستوفي دينه ، ليضطرّ المدين إلى تسليم دينه ، ليتمكّن من استرداد المرهون لحاجته إليه والانتفاع به ، وللمرتهن أيضاً عند حلول أجل الدّين المطالبة بدينه مع بقاء الرّهن تحت يده ، وعلى المرتهن تسليم المرهون لصاحبه ، إمّا بانتهاء أجل الدّين ، أو بانتهاء عقد الرّهن . وانتهاء الدّين يكون بأسباب كالإبراء من الدّين أو هبته ، أو وفاء الدّين ، أو شراء سلعة من الرّاهن بالدّين ، أو إحالة الرّاهن المرتهن على غيره . </p><p>وانقضاء عقد الرّهن أو انتهاؤه يكون بأسباب كالإبراء والهبة ووفاء الدّين ونحو ذلك ، كالبيع الجبريّ الصّادر من الرّاهن بأمر القاضي ، أو من القاضي إذا أبى الرّاهن البيع . والتّفصيل في ( رهن ) . والشّافعيّة مع الجمهور في اشتراط استدامة القبض ، لكنّهم قالوا : قد يتخلّف هذا الشّرط لمانع ، كما لو كان المرهون مصحفاً والمرتهن كافر ونحو ذلك .</p><p>ح - ما يتمّ به تسليم المرهون :</p><p>10 - يسلّم الرّاهن الدّين أوّلاً ، ثمّ يسلّم المرتهن المرهون ، لأنّ حقّ المرتهن يتعيّن بتسليم الدّين ، وحقّ الرّاهن متعيّن في تسلّم المرهون ، فيتمّ التّسليم على هذا التّرتيب تحقيقاً للتّسوية بين الرّاهن والمرتهن . </p><p>وإذا سلّم الرّاهن بعض الدّين يظلّ المرهون كلّه رهناً بحاله على ما بقي من الدّين بلا خلاف ، لأنّ الرّهن كلّه وثيقة بالدّين كلّه ، وهو محبوس بكلّ الحقّ ، والحبس بالدّين الّذي هو موجب الرّهن لا يتجزّأ ، فيكون محبوساً بكلّ جزء من الدّين لا ينفكّ منه شيء حتّى يقضي جميع الدّين ، سواء أكان الرّهن ممّا يمكن قسمته أم لا يمكن . ر : ( رهن ) .</p><p>خ - تسليم ثمن المرهون عند البيع :</p><p>11 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرهون يظلّ ملكاً للرّاهن بعد تسليمه للمرتهن ، كما دلّت السّنّة « لا يغلق الرّهن من صاحبه » ولكن تعلّق دين المرتهن بعين الرّهن ، فاستحقّ المرتهن حبسه وثيقةً بالدّين إلى أن يوفّي الدّين ، ولا يجوز للرّاهن أن يتصرّف في الرّهن لتعلّق حقّه به إلاّ بإذن المرتهن ، فيعتبر متنازلاً عن حقّه في حبس الرّهن . </p><p>واتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للرّاهن أن يبيع الرّهن بإذن المرتهن ، وهذا يسمّى البيع الاختياريّ بعد الإذن ، وحينئذ فالمرتهن أولى وأحقّ بثمن المرهون من سائر الغرماء الدّائنين ، حتّى يستوفي حقّه ، حيّاً كان أو ميّتاً . ويثبت هذا الحقّ للمرتهن باتّفاق الفقهاء . وإذا لم يتمّ البيع للمرهون اختياريّاً ، وحلّ أجل الدّين طالب المرتهن الرّاهن بوفاء الدّين ، فإن استجاب ووفّى سلّم المرهون ، وإن لم يستجب لمطل أو إعسار ، رفع أمره إلى القاضي . ويطلب القاضي أوّلاً من الرّاهن الحاضر بيع المرهون ، فإن امتثل تمّ المقصود ، وإن امتنع باعه القاضي عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة ، بدون حاجة إلى إجباره بحبس أو ضرب أو تهديد ، ويسلّم ما يستحقّه المرتهن من دينه . </p><p>وقال أبو حنيفة : ليس للقاضي أن يبيع الرّهن بيد المرتهن من غير رضا الرّاهن ، لكنّه يحبس الرّاهن حتّى يبيعه بنفسه . وإذا وجد في مال المدين الرّاهن مال من جنس الدّين ، وفّى الدّين منه ، ولا حاجة حينئذ إلى البيع جبراً . والتّفصيل موطنه مصطلح : ( رهن ) .</p><p>د - تسليم المال للمحجور عليه :</p><p>12 - اتّفق الفقهاء على أنّ الصّغير لا يسلّم إليه ماله إلاّ بعد معرفة رشده ، وذلك باختبار الصّغير المميّز في التّصرّفات ، لقوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } أي اختبروهم ، واختبار الصّغير المميّز يحصل بتفويض التّصرّفات الّتي يتصرّف فيها أمثاله إليه ، ليتبيّن مدى إدراكه وحسن تصرّفه . وتفصيل ذلك في ( حجر ) . </p><p>واتّفق الفقهاء على أنّ أموال الصّغير لا تسلّم إليه حتّى يبلغ راشداً ، لأنّ اللّه تعالى علّق دفع المال إليه على شرطين هما البلوغ والرّشد في قوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى حتَّى إذا بَلَغُوا النِّكَاحَ فإِنْ آنَسْتُم منهم رُشْدَاً فَادْفَعُوا إليهم أَمْوَالَهمْ } ، والحكم المعلّق على شرطين لا يثبت بدونهما ، فإذا بلغ الصّغير رشيداً مصلحاً للمال ، وجب دفع ماله إليه وفكّ الحجر عنه . </p><p>وإذا دفع إليه ماله أشهد عند الدّفع . لقوله تعالى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِليهمْ أَمْوَالَهمْ فَأَشْهِدُوا عَليهمْ } وفي هذه المسائل تفصيلات موطنها باب الحجر .</p><p>ذ - التّسليم في الكفالة بالنّفس :</p><p>13 - الكفالة تكون بالنّفس ، وتكون بالفعل ، والمراد بالفعل المكفول به فعل التّسليم ، وعلى هذا تصحّ الكفالة بنفس من عليه الحقّ ، وتسمّى الكفالة بالنّفس كما تسمّى الكفالة بالوجه : وهي التزام إحضار المكفول إلى المكفول له للحاجة إليها ، ذلك لأنّ الكفالة بالنّفس كفالة بالفعل ، وهو تسليم النّفس ، وفعل التّسليم مضمون على الأصيل فجازت الكفالة به . ويرى جمهور الفقهاء جواز الكفالة بالنّفس إذا كانت بسبب المال ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : « الزَّعيمُ غَارِم » وهذا يشمل الكفالة بنوعيها ، ولأنّ ما وجب تسليمه بعقد وجب تسليمه بعقد الكفالة كالمال ، ولأنّ الكفيل يقدر على تسليم الأصيل ، بأن يعلم من يطلبه مكانه فيخلّي بينه وبينه ، أو يستعين بأعوان القاضي في التّسليم . </p><p>وإذا اشترط الأصيل في الكفالة تسليم المكفول به في وقت بعينه لزم الكفيل إحضار المكفول به إذا طالبه به في الوقت ، وفاءً بما التزمه كالدّين المؤجّل ، فإن أحضره فبها ، وإن لم يحضره حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء حقّ مستحقّ عليه . </p><p>وإن أحضره وسلّمه إلى المطالب به في موضع يقدر على إحضاره مجلس القضاء ، مثل أن يكون في مصر من الأمصار برئ من الكفالة ، لأنّ التّسليم يتحقّق بالتّخلية بين المكفول بنفسه والمكفول له ، ولأنّه أتى بما التزمه وحصل المقصود من الكفالة بالنّفس ، وهو إمكان المحاكمة عند القاضي . ويتعيّن محلّ التّسليم بالتّعيين ، وإن أطلق ولم يعيّن ، وجب التّسليم في مكان الكفالة ، لأنّ العرف يقتضي ذلك .</p><p>ر - التّسليم في الوكالة :</p><p>14 - الوكالة بأجر ( بجعل ) حكمها حكم الإجارات ، فيستحقّ الوكيل الجعل بتسليم ما وكّل فيه إلى الموكّل - إن كان ممّا يمكن تسليمه - كثوب يخيطه فمتى سلّمه مخيطاً فله الأجر . وإن وكّله في بيع ، وقال : إذا بعت الثّوب وقبضت ثمنه وسلّمته إليّ فلك الأجر ، لم يستحقّ من الأجرة شيئاً حتّى يسلّمه إليه . فإن فات التّسليم لم يستحقّ شيئاً لفوات الشّرط . والوكيل في بيع شيء يملك تسليمه للمشتري ، لأنّ إطلاق الوكالة في البيع يقتضي التّسليم ، ويتعيّن على الوكيل في البيع طلب الثّمن من المشتري وقبضه ، لأنّه من توابع البيع ، وكذا الوكيل بالشّراء ، له قبض المبيع من البائع وتسليمه لمن وكّله بالشّراء ، وهذا بلا خلاف . ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ المقبوض في يد الوكيل يعتبر أمانةً ، لأنّ يده يد نيابة عن الموكّل ، ويجب عليه ردّ المقبوض عند طلب الموكّل مع الإمكان ، ويضمن بالتّعدّي أو التّقصير كما يضمن في الودائع ، ويبرأ بما يبرأ فيها . ( ر : وكالة ) .</p><p>ز - التّسليم في الإجارة :</p><p>15 - إذا كان العمل يجري في عين تسلّم للأجير المشترك ، كان عليه تسليم العين بعد قيامه بالعمل فيها . وإن كان العمل لا يجري في عين تسلّم للأجير ، فإنّ مجرّد قيامه بالعمل المطلوب يعتبر تسليماً كالطّبيب أو السّمسار . وإن كان الأجير خاصّاً كان تسليم نفسه للعمل في محلّ العمل تسليماً معتبراً ، والتّفصيل في مصطلح : ( إجارة ) .</p><p>س - تسليم اللّقطة :</p><p>16 - للإمام ، أو من ينوب عنه ، أن يتسلّم اللّقطة من الملتقط إن رأى المصلحة في ذلك ، وهذا عند الحنفيّة . </p><p>وقال المالكيّة : يباح للملتقط أن يدفع اللّقطة للإمام إن كان عدلاً ، وهو مخيّر في ذلك . ويرى الشّافعيّة : أنّ الملتقط إن دفع اللّقطة إلى القاضي لزم القاضي القبول حفظاً لها على صاحبها . والتّفصيل في ( لقطة ) .</p><p>ش - تسليم اللّقيط للقاضي :</p><p>17 - يجوز للقاضي أن يتسلّم اللّقيط من ملتقطه إذا علم عجزه عن حفظه بنفسه وأتى به إليه ، والأولى للقاضي أن يقبله . وتفصيله في بحث ( لقيط ) .</p><p>ص - تسليم الصّداق للزّوجة :</p><p>18 - إذا طالبت الزّوجة بالمهر يجب على الزّوج تسليمه أوّلاً ، لأنّ حقّ الزّوج في المرأة متعيّن ، وحقّ المرأة في المهر لم يتعيّن بالعقد ، وإنّما يتعيّن بالقبض ، فوجب على الزّوج التّسليم عند المطالبة ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة . </p><p>وقال المالكيّة : والبعض الآخر من الشّافعيّة : يجب على الزّوج تسليم الصّداق لزوجته ، أو لوليّها المجبر ، لأنّه لمّا كان له إجبارها على النّكاح كان له تسلّم صداقها بغير إذنها كالصّغيرة .</p><p>ض - تسليم الزّوجة نفسها :</p><p>19 - يجوز للزّوجة قبل دخول الزّوج بها أن لا تسلّم نفسها إلى زوجها ، حتّى تقبض جميع مهرها المعيّن الحالّ ، سواء أكان بعضه أم كلّه . </p><p>وإن انتقلت إلى بيت زوجها فالحكم كذلك لتعيّن حقّها في البدل ، كما يتعيّن حقّه في المبدل . </p><p>ولا يتعيّن حقّها إلاّ بالتّسليم والانتقال إلى حيث يريد زوجها إن أراد ، وهذا بلا خلاف . </p><p>فإن سلّمت نفسها بالدّخول ، أو بالخلوة الصّحيحة ، فمذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّد : أنّه لا يجوز لها أن تمنع نفسها ، لأنّها بالدّخول أو بالخلوة الصّحيحة سلّمت جميع المعقود عليه برضاها ، وهي من أهل التّسليم ، فبطل حقّها في المنع . </p><p>ويرى أبو حنيفة : أنّ للزّوجة أن تمتنع من زوجها حتّى تأخذ المعجّل لها من المهر ، ولو دخل بها برضاها وهي مكلّفة ، لأنّ المهر مقابل بجميع ما يستوفى من منافع البضع في جميع أنواع الاستمتاع الّتي توجد في هذا الملك ، ويكون رضاها بالدّخول أو الخلوة قبل قبض معجّل مهرها إسقاطاً لحقّها في منع نفسها في الماضي ، وليس لحقّها في المستقبل ، على الرّاجح عند الحنفيّة . </p><p>ويرى الشّافعيّة في قول أنّ لها الامتناع حتّى تستوفي مهرها ، كما لو كان حالاً ابتداءً . </p><p>20 - والتّسليم الواجب على المرأة يحصل في المكان الّذي يتمكّن فيه زوجها من استمتاعه بها ، سواء أكان المكان بيت أبيها إن رضيا معاً بالإقامة فيه ، أم كان مسكناً شرعيّاً أعدّه لها زوجها . ويترتّب على تسليم نفسها لزوجها وجوب نفقتها عليه ، لأنّها محبوسة لحقّه ، وهذا بلا خلاف .</p><p>ط - تسليم النّفقة :</p><p>21 - اتّفق الفقهاء على أنّ نفقة الزّوجة حقّ أصيل من حقوقها الواجبة على زوجها ، وأنّها تجب على الزّوج الحاضر ، إذا سلّمت الزّوجة نفسها إلى الزّوج وقت وجوب التّسليم . وإذا امتنع الزّوج عن الإنفاق على زوجته بعدما فرضه على نفسه ، أو بعد فرض القاضي باع القاضي من ماله ، إن كان موسراً وله مال ظاهر ، وأعطى لزوجته ما يكفي النّفقة . وللتّفصيل : ( ر : نفقة ) .</p><p></p><p>تسمّع *</p><p>انظر : استماع .</p><p></p><p>تسمية *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّسمية : مصدر سمّى بتشديد الميم ، ومادّة : ( سما ) لها في اللّغة عدّة معان : </p><p>فمنها : سما يسمو سموّاً أي علا . يقال : سَمَتْ همّته إلى معالي الأمور : إذا طلب العزّ والشّرف ، وكلّ عال : سماء . </p><p>والاسم : من السّموّ وهو العلوّ ، وقيل : الاسم من الوسم ، وهو العلامة . </p><p>وقال في الصّحاح : وسمّيت فلاناً زيداً وسمّيته بزيد بمعنًى وأسميته مثله ، فتسمّى به . وتقول : هذا سميّ فلان ، إذا وافق اسمه اسمه ، كما تقول : هو كنيّه ، وقوله تعالى : { هَلْ تَعْلَمُ لَه سَمِيَّاً } أي : نظيراً يستحقّ مثل اسمه ، ويقال : مسامياً يساميه . وتستعمل التّسمية عند الفقهاء بمعنى قول : بسم اللّه ، وبمعنى : وضع الاسم العلم للمولود وغيره ، وبمعنى : تحديد العوض في العقود ، كالمهر والأجرة والثّمن ، وبمعنى : التّعيين بالاسم مقابل الإبهام .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّكنية :</p><p>2 - التّكنية مصدر : كنّى بتشديد النّون ، أي : جعل له كُنْيةً ، كأبي فلان وأمّ فلان .</p><p>وتفصيل الأحكام المتعلّقة بالتّكنية ينظر في مصطلح ( كنية ) .</p><p>ب - التّلقيب :</p><p>3 - التّلقيب : مصدر لقّب بتشديد القاف . واللّقب واحد الألقاب ، وهو ما كان مشعراً بمدح أو ذمّ . ومعناه : النّبز بالتّمييز . </p><p>والنّبز بالألقاب المكروهة منهيّ عنه في قوله تعالى : { وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ } . </p><p>فإن قصد به التّعريف فلا يدخل تحت النّهي ، ومن ذلك تعريف بعض الأئمّة المتقدّمين ، كالأعمش والأخفش والأعرج . هذا والنّحاة في كتبهم يفرّقون بين الكنية واللّقب والاسم . </p><p>فالكنية عندهم : كلّ مركّب إضافيّ في صدره أب أو أمّ ، كأبي بكر رضي الله عنه ، وأمّ كلثوم رضي الله عنها بنت النّبيّ صلى الله عليه وسلم . </p><p>وفرّق الأبهريّ في حواشي العضد بين الاسم واللّقب ، فقال : الاسم يقصد بدلالته الذّات المعيّنة ، واللّقب يقصد به الذّات مع الوصف ، ولذلك يختار اللّقب عند إرادة التّعظيم أو الإهانة . </p><p>هذا وسيأتي حكم الكنية واللّقب عند الكلام على التّسمية بمعنى وضع الاسم العلم للمولود .</p><p>أحكام التّسمية : </p><p>أوّلاً : التّسمية أو البسملة : قول : ( بسم اللّه ) :</p><p>4 - أكملها : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ، ويتعلّق بها عدد من الأحكام ، كالتّسمية في ابتداء الوضوء ، وعند الغسل ، وفي الصّلاة ، وعند الذّبح ، وفي الصّيد عند إرسال الكلب أو السّهم ، وعند الطّعام أو الجماع أو دخول الخلاء . وينظر التّفصيل في : ( بسملة ) .</p><p>ثانياً : التّسمية بمعنى وضع الاسم العلم للمولود وغيره :</p><p>5 - الفقهاء يذكرون التّسمية ويريدون بها وضع الاسم العلم للمولود وغيره ، وهي بهذا المعنى تعريف الشّيء المسمّى ، لأنّه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به . ويتعلّق بها عدد من الأحكام :</p><p>أ - تسمية المولود :</p><p>6 - ذكر ابن عرفة أنّ مقتضى القواعد وجوب التّسمية ، وممّا لا نزاع فيه أنّ الأب أولى بها من الأمّ ، فإن اختلف الأبوان في التّسمية فيقدّم الأب .</p><p>ب - وقت التّسمية :</p><p>7 - يرى المالكيّة أنّ وقت تسمية المولود هو اليوم السّابع من ولادته بعد ذبح العقيقة ، هذا إذا كان المولود ممّن يعقّ عنه ، فإن كان ممّن لا يعقّ عنه لفقر وليّه فيجوز أن يسمّوه متى شاءوا . قال الحطّاب : قال في المدخل في فصل ذكر النّفاس : وينبغي إذا كان المولود ممّن يعقّ عنه فلا يوقع عليه الاسم الآن حتّى تذبح العقيقة ، ويتخيّر له في الاسم مدّة السّابع ، وإذا ذبح العقيقة أوقع عليه الاسم . </p><p>وإن كان المولود لا يعقّ عنه لفقر وليّه فيسمّونه متى شاءوا . انتهى . </p><p>ثمّ قال : ونقله بعض شرّاح الرّسالة عن التّادليّ ، وأصله للنّوادر في باب العقيقة . </p><p>قال ابن عرفة : ومقتضى القواعد وجوب التّسمية ، سمع ابن القاسم يسمّى يوم سابعه . </p><p>قال ابن رشد : لحديث : « يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّى » وفيه سعة لحديث « ولد لي اللّيلة غلام ، فسمّيته باسم أبي إبراهيم » « وأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعبد اللّه بن أبي طلحة صبيحة ولد فحنّكه ودعا له وسمّاه » . </p><p>ويحتمل حمل الأوّل على منع تأخير التّسمية عن سابعه فتتّفق الأخبار ، وعلى قول مالك قال ابن حبيب : لا بأس أن تتخيّر له الأسماء قبل سابعه ، ولا يسمّى إلاّ فيه . </p><p>ويرى الشّافعيّة أنّه يستحبّ تسمية المولود في اليوم السّابع كما ذكر النّوويّ في الرّوضة ، ولا بأس أن يسمّى قبله ، واستحبّ بعضهم أن لا يفعله . ولا يترك تسمية السّقط ، ولا من مات قبل تمام السّبعة . </p><p>هذا وأمّا الأخبار الصّحيحة الواردة في تسمية يوم الولادة ، فقد حملها البخاريّ على من لم يرد العقّ ، والأخبار الواردة في تسميته في اليوم السّابع على من أراده . </p><p>وأمّا الحنابلة فلهم في وقت التّسمية روايتان : إحداهما : أنّه يسمّى في اليوم السّابع . والثّانية : أنّه يسمّى في يوم الولادة . قال صاحب كشّاف القناع : ويسمّى المولود فيه أي : في اليوم السّابع ، لحديث سمرة رضي الله عنه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : « كلّ غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمّى فيه ، ويحلق رأسه » . </p><p>والتّسمية للأب فلا يسمّيه غيره مع وجوده . وفي الرّعاية : يسمّى يوم الولادة ، لحديث مسلم في قصّة ولادة إبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم : « ولد لي اللّيلة مولود فسمّيته إبراهيم باسم أبي إبراهيم » هذا ولم يذكر ابن عابدين ولا صاحب الفتاوى الهنديّة من الحنفيّة عند الكلام على التّسمية الوقت الّذي تكون فيه . </p><p>قال ابن القيّم : إنّ التّسمية لمّا كانت حقيقتها تعريف الشّيء المسمّى ، لأنّه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به ، فجاز تعريفه يوم وجوده ، وجاز تأخير التّعريف إلى ثلاثة أيّام ، وجاز إلى يوم العقيقة عنه ، ويجوز قبل ذلك وبعده ، والأمر فيه واسع .</p><p>ج - تسمية السّقط :</p><p>8 - المراد بالسّقط هنا الولد ذكراً كان أو أنثى يخرج ميّتاً من بطن أمّه قبل تمامه وهو مستبين الخَلْق . يقال : سقط الولد من بطن أمّه سقوطاً فهو سقط بالكسر ، والتّثليث لغة ، ولا يقال : وقع ، وأسقطت الحامل بالألف : ألقت سقطاً . </p><p>هذا ، وقد اختلف الفقهاء في تسمية السّقط . قال صاحب الفتاوى الهنديّة : من ولد ميّتاً لا يسمّى عند أبي حنيفة خلافاً لمحمّد رحمهما اللّه تعالى . </p><p>والمشهور عند المالكيّة أنّ السّقط لا يسمّى . </p><p>ويرى الشّافعيّة ، كما قال النّوويّ في الرّوضة : أنّ تسمية السّقط لا تترك . </p><p>وفي النّهاية : يندب تسمية سقط نفخت فيه الرّوح . </p><p>وأمّا الحنابلة ، فقد قال ابن قدامة : فإن لم يتبيّن ذكر هو أم أنثى ؟ سمّي اسماً يصلح للذّكر والأنثى ، هذا على سبيل الاستحباب ، لأنّه يروى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : </p><p>« سمّوا أسقاطكم ، فإنّهم أسلافكم » </p><p>قيل : إنّهم إنّما يسمّون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم ، فإذا لم يعلم هل السّقط ذكر أو أنثى ، سمّي اسماً يصلح لهما جميعاً ، كسلمة وقتادة وسعاد وهند . ونحو ذلك .</p><p>د - تسمية من مات بعد الولادة :</p><p>9 - يرى الفقهاء أنّ من مات بعد الولادة ، وقبل أن يسمّى ، فإنّه يسمّى . </p><p>وبيان ذلك أنّ الحنفيّة قالوا : إذا استهلّ صارخاً فإنّه يعطى حكم الكبير ، وتثبت له كافّة الحقوق . وتسمية من مات بعد الولادة جائزة عند المالكيّة . </p><p>والشّافعيّة يرون أنّه يسمّى إذا مات قبل تمام السّبع ، كما قال النّوويّ في الرّوضة . </p><p>وقال صاحب مغني المحتاج : لو مات قبل التّسمية استحبّ تسميته . ومقتضى مذهب الحنابلة أنّهم يجيزون تسمية من مات بعد الولادة ، لأنّهم يجيزون تسمية السّقط ، ويقولون : إنّها مستحبّة ، فعلى هذا تسمية من مات بعد الولادة جائزة عندهم ، بل أولى .</p><p>ما تستحبّ التّسمية به من الأسماء :</p><p>10 - الأصل جواز التّسمية بأيّ اسم إلاّ ما ورد النّهي عنه ممّا سيأتي . </p><p>وتستحبّ التّسمية بكلّ اسم معبّد مضاف إلى اللّه سبحانه وتعالى ، أو إلى أيّ اسم من الأسماء الخاصّة به سبحانه تعالى ، لأنّ الفقهاء اتّفقوا على استحسان التّسمية به . </p><p>وأحبّ الأسماء إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرّحمن . وقال سعيد بن المسيّب : أحبّها إلى اللّه أسماء الأنبياء . والحديث الصّحيح يدلّ على أنّ أحبّ الأسماء إليه سبحانه وتعالى : عبد اللّه وعبد الرّحمن . ويدلّ لذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ أحبّ أسمائكم إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرّحمن ». ولما أخرجه أبو داود في سننه عن أبي الجشميّ رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « تسمّوا بأسماء الأنبياء ، وأحبّ الأسماء إلى اللّه : عبد اللّه وعبد الرّحمن ، وأصدقها : حارث وهمّام ، وأقبحها : حرب ومرّة . </p><p>وقال ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن المناويّ : إنّ عبد اللّه أفضل مطلقاً حتّى من عبد الرّحمن ، وأفضل الأسماء بعدهما محمّد ثمّ أحمد ثمّ إبراهيم . </p><p>والجمهور على استحباب التّسمية بكلّ معبّد مضاف إلى اللّه سبحانه وتعالى كعبد اللّه ، أو مضاف إلى اسم خاصّ به سبحانه وتعالى كعبد الرّحمن وعبد الغفور . </p><p>وأمّا الحنفيّة فهم مع الجمهور في أنّ أحبّ الأسماء إلى اللّه : عبد اللّه وعبد الرّحمن ، إلاّ أنّ صاحب الفتاوى الهنديّة قال : ولكنّ التّسمية بغير هذه الأسماء في هذا الزّمان أولى ، لأنّ العوامّ يصغّرونها للنّداء . وذكر ابن عابدين في حاشيته على الدّرّ المختار أنّ أفضليّة التّسمية بعبد اللّه وعبد الرّحمن ليست مطلقةً فإنّ ذلك محمول على من أراد التّسمية بالعبوديّة ، لأنّهم كانوا يسمّون عبد شمس وعبد الدّار ، فجاءت الأفضليّة ، فهذا لا ينافي أنّ اسم محمّد وأحمد أحبّ إلى اللّه تعالى من جميع الأسماء ، فإنّه لم يختر لنبيّه صلى الله عليه وسلم إلاّ ما هو أحبّ إليه ، هذا هو الصّواب . </p><p>ولا يجوز تغيير اسم اللّه بالتّصغير فيما هو مضاف . قال ابن عابدين : وهذا مشتهر في زماننا حيث ينادون من اسمه عبد الرّحيم وعبد الكريم أو عبد العزيز مثلاً ، فيقولون : رحيّم وكريّم وعزيّز بتشديد ياء التّصغير ، ومن اسمه عبد القادر قويدر وهذا مع قصده كفر . </p><p>ففي المنية : من ألحق التّصغير في آخر اسم عبد العزيز أو نحوه - ممّا أضيف إلى واحد من الأسماء الحسنى - إن قال ذلك عمداً قاصداً التّحقير كفر ، وإن لم يدر ما يقول ولا قصد له لم يحكم بكفره ، ومن سمع منه ذلك يحقّ عليه أن يعلّمه ، وبعضهم يقول : رحمون لمن اسمه عبد الرّحمن .</p><p>11 - وأمّا التّسمية بأسماء الأنبياء فقد اختلف الفقهاء في حكمها ، فذهب الأكثرون إلى عدم الكراهة ، وهو الصّواب . قال صاحب تحفة المحتاج : ولا تكره التّسمية باسم نبيّ أو ملك ، بل جاء في التّسمية باسم نبيّنا عليه الصلاة والسلام فضائل . ومن ذلك ما رواه العتبيّ أنّ أهل مكّة يتحدّثون : ما من بيت فيه اسم محمّد إلاّ رأوا خيراً ورزقوا . </p><p>وذكر صاحب كشّاف القناع من الحنابلة : أنّه يحسن التّسمية بأسماء الأنبياء . </p><p>بل قال سعيد بن المسيّب ، كما تقدّم النّقل عنه : إنّها أحبّ الأسماء إلى اللّه . </p><p>وذهب آخرون إلى كراهة التّسمية بأسماء الأنبياء ، وقد نسب هذا القول إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه . قال صاحب تحفة المودود : ولعلّ صاحب هذا القول قصد صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض لها من سوء الخطاب ، عند الغضب وغيره . </p><p>وقال سعيد بن المسيّب : أحبّ الأسماء إلى اللّه أسماء الأنبياء . وفي تاريخ ابن خيثمة : أنّ طلحة كان له عشرة من الولد ، كلّ منهم اسمه اسم نبيّ ، وكان للزّبير عشرة كلّهم تسمّى باسم شهيد ، فقال له طلحة : أنا سمّيتهم بأسماء الأنبياء ، وأنت تسمّيهم بأسماء الشّهداء ، فقال له الزّبير : فإنّي أطمع أن يكون بَنيّ شهداء ، ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء . </p><p>ويدلّ على جواز التّسمية بأسماء الأنبياء ما أخرجه أبو داود في سننه عن أبي الجشميّ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « تسمّوا بأسماء الأنبياء » . </p><p>ويدلّ على جواز التّسمية باسم نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن جابر رضي الله عنه « قال : ولد لرجل منّا غلام فسمّاه القاسم ، فقالوا : لا نكنّيه حتّى نسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : سمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي » .</p><p>ما تكره التّسمية به من الأسماء :</p><p>12 - تكره تنزيهاً التّسمية بكلّ اسم يتطيّر بنفيه ، كرباح وأفلح ونجاح ويسار وما أشبه ذلك ، فإنّ هذه الأسماء وما أشبهها يتطيّر بنفيها ، فيما لو سئل شخص سمّى ابنه رباحاً : أعندك رباح ؟ فيقول : ليس في البيت رباح ، فإنّ ذلك يكون طريقاً للتّشاؤم . </p><p>هذا وقد أخرج مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا تسمّين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح ، فإنّك تقول : أثمّ هو ؟ فلا يكون ، فيقول : لا » إلاّ أنّ ذلك لا يحرم لحديث عمر رضي الله عنه « إنّ الآذن على مشربة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عبد يقال له : رباح » وعن جابر رضي الله عنه « أراد صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمّى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ، ثمّ رأيته بعد سكت عنها ، فلم يقل شيئاً ، ثمّ قبض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك ، ثمّ أراد عمر رضي الله عنه أن ينهى عن ذلك ثمّ تركه » . وتكره التّسمية أيضاً بالأسماء الّتي تكرهها النّفوس وتشمئزّ منها كحرب ومرّة وكلب وحيّة . وقد صرّح المالكيّة بمنع التّسمية بكلّ اسم قبيح . </p><p>قال صاحب مواهب الجليل : يمنع بما قبح كحرب وحزن وضرار . وقال صاحب مغني المحتاج : تكره الأسماء القبيحة ، كشيطان وظالم وشهاب وحمار وكلب . إلخ . </p><p>وذكر الحنابلة أنّه تكره تسميته بأسماء الجبابرة كفرعون وأسماء الشّياطين . وجاء في مطالب أولي النّهى كراهية التّسمية بحرب . هذا ، وقد « كان النّبيّ عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال » . أخرج مالك في الموطّأ عن يحيى بن سعيد « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب : من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ، فقال له الرّجل : مُرَّة . فقال له رسول صلى الله عليه وسلم : اجلس . ثمّ قال : من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ ، فقال : حرب . فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : اجلس . ثمّ قال : من يحلب هذه ؟ فقام رجل فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما اسمك ؟ فقال : يعيش ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : احلب » .</p><p>التّسمية بأسماء الملائكة :</p><p>13 - ذهب أكثر العلماء إلى أنّ التّسمية بأسماء الملائكة كجبريل وميكائيل لا تكره . </p><p>وذهب مالك إلى كراهة التّسمية بذلك ، قال أشهب : سئل مالك عن التّسمّي بجبريل ، فكره ذلك ولم يعجبه . وقال القاضي عياض : قد استظهر بعض العلماء التّسمّي بأسماء الملائكة ، وهو قول الحارث بن مسكين ، وأباح ذلك غيره .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41261, member: 329"] ج - التّسليم بمعنى التّمكين من القبض : 4 - التّسليم ، أو القبض معناه عند الحنفيّة : التّخلية أو التّخلّي ، وهو أن يخلّي البائع بين المبيع والمشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكّن والمشتري من التّصرّف فيه ، بحيث لا ينازعه فيه غيره ، وهذا يحصل بالتّخلية ، فيجعل البائع مسلّماً للمبيع والمشتري قابضاً له ، فكانت التّخلية تسليماً من البائع ، والتّخلّي قبضاً من المشتري . وكذا هذا في تسليم الثّمن إلى البائع ، لأنّ التّسليم واجب ، ومن عليه الواجب لا بدّ أن يكون له سبيل الخروج من عهدة ما وجب عليه ، والّذي في وسعه هو التّخلية ورفع الموانع . والقبض يتمّ بطريق التّخلية ، وهي أن يتمكّن المشتري من المبيع بلا مانع - أي بأن يكون مفرزاً ولا حائل - في حضرة البائع مع الإذن له بالقبض . فقبض العقار عند الجميع - كالأرض وما فيها من بناء ونخل ونحوهما - يكون بالتّخلية بين المبيع وبين المشتري وتمكينه من التّصرّف فيه ، وذلك بتسليم المفاتيح إن وجدت بشرط الفراغ من الأمتعة ، إن كان شراء العقار للسّكن - عند الحنفيّة والمالكيّة - وقبض المنقول كالأمتعة ، والأنعام والدّوابّ بحسب العرف الجاري بين النّاس عند الإطلاق ، فالثّوب قبضه باحتيازه ، والحيوان بتمشيته من مكانه ، وقبض الموزون بوزنه ، وقبض المكيل بكيله ، إذا بيعا كيلاً ووزناً . وزاد المالكيّة : تفريغه في أوعية المشتري ، حتّى لو هلك قبل التّفريغ في أوعية المشتري كان الضّمان على البائع عندهم . وهذا : لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « إذا بِعْتَ فَكِلْ ، وإذا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ » وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه « نهى عن بيع الطّعام حتّى يجري فيه الصّاعان : صاع البائع وصاع المشتري » . وإن بيع جزافاً فقبضه نقله عند الحنابلة ، وعند الحنفيّة قبضه بالتّخلية . ( ر : قبض ) . التّسليم في العقود يشمل ما يلي : أ - التّسليم في البيع : 5 - التّسليم في البيع يكون بتسليم المبيع والثّمن ،لأنّ المقصود من البيع لا يتحقّق إلاّ بذلك. ومن يجب عليه التّسليم أوّلاً ، يختلف بحسب نوع البدلين ، وهو كالآتي : إن كان البيع بيع عين بعين ، واختلفا فيمن يسلّم أوّلاً ، يجب على العاقدين التّسليم معاً تحقيقاً للمساواة في المعاوضة المقتضية للمساواة عادةً المطلوبة بين العاقدين ، إذ ليس أحدهما بالتّقديم أولى من الآخر ، فيجعل بينهما عدل يقبض من كلّ منهما ويسلّم الآخر . والحكم كذلك إن تبايعا ديناً بدين ، كما في عقد الصّرف ، وهذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وأحد قولي الشّافعيّة . وإن كان بيع عين بدين ، فيجب على المشتري عند الحنفيّة والمالكيّة ، وهو القول الثّاني عند الشّافعيّة تسليم الثّمن - أي الدّين أوّلاً - والمذهب عند الشّافعيّة والحنابلة : وجوب تسليم المبيع أوّلاً ، واستثنى الجميع من ذلك أمرين : أوّلهما : السّلم فيه لأنّه دين مؤجّل . والثّاني : الثّمن المؤجّل ، فإن كان عيناً أو عرضاً بعرض جعل بينهما عدل - عند الجمهور - ، فيقبض منهما ، ثمّ يسلّم إليهما ، وهذا قول الثّوريّ وأحد قولي الشّافعيّ ، لأنّ تسليم المبيع يتعلّق به استقرار البيع ، وتمامه فكان تقديمه أولى ، سيّما مع تعلّق الحكم بعينه ، وتعلّق حقّ البائع بالذّمّة ، وتقديم ما يتعلّق بالعين أولى لتأكّده . ومذهب الحنفيّة أنّهما يسلّمان معاً . ب - تسليم المعقود عليه في الرّبويّات : 6 - تسليم المعقود عليه في الرّبويّات حرام ، لأنّ عقد الرّبا حرام . والتّفصيل في مصطلح : ( رباً ) . ت - التّسليم في السّلم : 7 - اتّفق الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّ الثّمن في السّلم إن كان ديناً في الذّمّة - سواء أكان عيناً ( سلعةً معيّنةً ) أم نقوداً - فلا بدّ من تسليمه في مجلس العقد قبل التّفرّق ، ولو طال المجلس . وإذا قاما من المجلس يمشيان ، ثمّ قبض المسلم إليه رأس السّلم بعد مسافة ، فإنّه يصحّ إن لم يتفرّقا . وكذا إذا تعاقدا ثمّ قام ربّ السّلم - المشتري - ليحضر الثّمن من داره ، فإن لم يغب شخصه عن المسلم إليه - البائع - يصحّ وإلاّ فلا ، لأنّ المسلم فيه دين في الذّمّة ، فلو أخّر تسليم رأس مال السّلم عن مجلس العقد لكان التّسليم في معنى مبادلة الدّين بالدّين ، وقد « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ » ولأنّ تسمية هذا العقد دليل على هذا الشّرط ، فإنّه يسمّى سلماً وسلفاً ، والسّلم ينبئ عن التّسليم ، والسّلف ينبئ عن التّقدّم ، فيقتضي لزوم تقديم رأس المال ، ويقدّم قبضه على قبض المسلم فيه ، ولأنّ في السّلم غرراً - أي تعريضاً للهلاك أو على خطر الوجود - فلا يضمّ إليه غرر تأخير رأس المال . وقال الحنابلة : يقوم مقام القبض ما كان في معناه ، كما إذا كان عند المسلم إليه أمانة أو عين مغصوبة ، فإنّه يصحّ أن يجعلها صاحب السّلم رأس مال ما دامت ملكاً له ، لأنّ ذلك في معنى القبض . واشترط الشّافعيّة أن يكون قبض رأس المال في المجلس قبضاً حقيقيّاً ، فلا تنفع فيه الحوالة ، ولو قبضه من المحال عليه في المجلس ، لأنّ المحال عليه ما دفعه عن نفسه إلاّ إذا قبضه ربّ السّلم وسلّمه بنفسه للمسلم إليه . ومذهب المالكيّة اشتراط قبض رأس المال كلّه ، ويجوز تأخير قبضه إلى ثلاثة أيّام فأقلّ ، ولو بشرط في العقد سواء أكان رأس المال عيناً أو ديناً ، لأنّ السّلم معاوضة لا يخرج بتأخير قبض رأس المال عن أن يكون سلماً ، فأشبه ما لو تأخّر إلى آخر المجلس ، وكلّ ما قارب الشّيء يعطى حكمه ، ولا يكون له بذلك حكم الكالئ ، فإن أخّر رأس المال عن ثلاثة أيّام : فإن كان التّأخير بشرط فسد السّلم اتّفاقاً ، سواء أكان التّأخير كثيراً جدّاً ، بأن حلّ أجل المسلم فيه ، أو لم يكثر جدّاً بأن لم يحلّ أجله . وإن كان التّأخير بلا شرط فقولان في المدوّنة الكبرى لمالك بفساد السّلم وعدم فساده ، سواء أكان التّأخير كثيراً جدّاً أم لا . والمعتمد الفساد بالزّيادة عن الثّلاثة الأيّام ولو قلّت مدّة الزّيادة بغير شرط . ( ر : سلم ) . ث - قبض المرهون : 8 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى : أنّ القبض شرط في الرّهن ، واختلفوا في تحديد نوع الشّرط . هل هو شرط لزوم أو شرط تمام ؟ فقال جمهور الفقهاء : القبض ليس شرط صحّة ، وإنّما هو شرط لزوم الرّهن ، فلا يتمّ الرّهن إلاّ بالقبض لقوله تعالى : { فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ } فقد علّقه سبحانه وتعالى بالقبض ، فلا يتمّ إلاّ به . وقال المالكيّة : لا يتمّ الرّهن إلاّ بالقبض ، أو الحوز ، وهو شرط تمام وليس شرط صحّة أو لزوم ، فإذا عقد الرّهن بالقول ( الإيجاب والقبول ) لزم العقد ، وأجبر الرّاهن على إقباضه للمرتهن بالمطالبة به ، فإن تراضى المرتهن في المطالبة به ، أو رضي بتركه في يد الرّاهن بطل الرّهن . ودليلهم قياس الرّهن على سائر العقود الماليّة اللازمة بالقول . لقوله تعالى : { أَوْفُوا بِالعُقُودِ } ، والرّهن عقد فيجب الوفاء به . ( ر : رهن ) . ج - تسليم المرهون : 9 - للمرتهن عند جمهور الفقهاء - ما عدا الشّافعيّة - حقّ الحبس الدّائم للمرهون حتّى يستوفي دينه ، ليضطرّ المدين إلى تسليم دينه ، ليتمكّن من استرداد المرهون لحاجته إليه والانتفاع به ، وللمرتهن أيضاً عند حلول أجل الدّين المطالبة بدينه مع بقاء الرّهن تحت يده ، وعلى المرتهن تسليم المرهون لصاحبه ، إمّا بانتهاء أجل الدّين ، أو بانتهاء عقد الرّهن . وانتهاء الدّين يكون بأسباب كالإبراء من الدّين أو هبته ، أو وفاء الدّين ، أو شراء سلعة من الرّاهن بالدّين ، أو إحالة الرّاهن المرتهن على غيره . وانقضاء عقد الرّهن أو انتهاؤه يكون بأسباب كالإبراء والهبة ووفاء الدّين ونحو ذلك ، كالبيع الجبريّ الصّادر من الرّاهن بأمر القاضي ، أو من القاضي إذا أبى الرّاهن البيع . والتّفصيل في ( رهن ) . والشّافعيّة مع الجمهور في اشتراط استدامة القبض ، لكنّهم قالوا : قد يتخلّف هذا الشّرط لمانع ، كما لو كان المرهون مصحفاً والمرتهن كافر ونحو ذلك . ح - ما يتمّ به تسليم المرهون : 10 - يسلّم الرّاهن الدّين أوّلاً ، ثمّ يسلّم المرتهن المرهون ، لأنّ حقّ المرتهن يتعيّن بتسليم الدّين ، وحقّ الرّاهن متعيّن في تسلّم المرهون ، فيتمّ التّسليم على هذا التّرتيب تحقيقاً للتّسوية بين الرّاهن والمرتهن . وإذا سلّم الرّاهن بعض الدّين يظلّ المرهون كلّه رهناً بحاله على ما بقي من الدّين بلا خلاف ، لأنّ الرّهن كلّه وثيقة بالدّين كلّه ، وهو محبوس بكلّ الحقّ ، والحبس بالدّين الّذي هو موجب الرّهن لا يتجزّأ ، فيكون محبوساً بكلّ جزء من الدّين لا ينفكّ منه شيء حتّى يقضي جميع الدّين ، سواء أكان الرّهن ممّا يمكن قسمته أم لا يمكن . ر : ( رهن ) . خ - تسليم ثمن المرهون عند البيع : 11 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرهون يظلّ ملكاً للرّاهن بعد تسليمه للمرتهن ، كما دلّت السّنّة « لا يغلق الرّهن من صاحبه » ولكن تعلّق دين المرتهن بعين الرّهن ، فاستحقّ المرتهن حبسه وثيقةً بالدّين إلى أن يوفّي الدّين ، ولا يجوز للرّاهن أن يتصرّف في الرّهن لتعلّق حقّه به إلاّ بإذن المرتهن ، فيعتبر متنازلاً عن حقّه في حبس الرّهن . واتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للرّاهن أن يبيع الرّهن بإذن المرتهن ، وهذا يسمّى البيع الاختياريّ بعد الإذن ، وحينئذ فالمرتهن أولى وأحقّ بثمن المرهون من سائر الغرماء الدّائنين ، حتّى يستوفي حقّه ، حيّاً كان أو ميّتاً . ويثبت هذا الحقّ للمرتهن باتّفاق الفقهاء . وإذا لم يتمّ البيع للمرهون اختياريّاً ، وحلّ أجل الدّين طالب المرتهن الرّاهن بوفاء الدّين ، فإن استجاب ووفّى سلّم المرهون ، وإن لم يستجب لمطل أو إعسار ، رفع أمره إلى القاضي . ويطلب القاضي أوّلاً من الرّاهن الحاضر بيع المرهون ، فإن امتثل تمّ المقصود ، وإن امتنع باعه القاضي عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة ، بدون حاجة إلى إجباره بحبس أو ضرب أو تهديد ، ويسلّم ما يستحقّه المرتهن من دينه . وقال أبو حنيفة : ليس للقاضي أن يبيع الرّهن بيد المرتهن من غير رضا الرّاهن ، لكنّه يحبس الرّاهن حتّى يبيعه بنفسه . وإذا وجد في مال المدين الرّاهن مال من جنس الدّين ، وفّى الدّين منه ، ولا حاجة حينئذ إلى البيع جبراً . والتّفصيل موطنه مصطلح : ( رهن ) . د - تسليم المال للمحجور عليه : 12 - اتّفق الفقهاء على أنّ الصّغير لا يسلّم إليه ماله إلاّ بعد معرفة رشده ، وذلك باختبار الصّغير المميّز في التّصرّفات ، لقوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى } أي اختبروهم ، واختبار الصّغير المميّز يحصل بتفويض التّصرّفات الّتي يتصرّف فيها أمثاله إليه ، ليتبيّن مدى إدراكه وحسن تصرّفه . وتفصيل ذلك في ( حجر ) . واتّفق الفقهاء على أنّ أموال الصّغير لا تسلّم إليه حتّى يبلغ راشداً ، لأنّ اللّه تعالى علّق دفع المال إليه على شرطين هما البلوغ والرّشد في قوله تعالى : { وَابْتَلُوا اليَتَامَى حتَّى إذا بَلَغُوا النِّكَاحَ فإِنْ آنَسْتُم منهم رُشْدَاً فَادْفَعُوا إليهم أَمْوَالَهمْ } ، والحكم المعلّق على شرطين لا يثبت بدونهما ، فإذا بلغ الصّغير رشيداً مصلحاً للمال ، وجب دفع ماله إليه وفكّ الحجر عنه . وإذا دفع إليه ماله أشهد عند الدّفع . لقوله تعالى : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِليهمْ أَمْوَالَهمْ فَأَشْهِدُوا عَليهمْ } وفي هذه المسائل تفصيلات موطنها باب الحجر . ذ - التّسليم في الكفالة بالنّفس : 13 - الكفالة تكون بالنّفس ، وتكون بالفعل ، والمراد بالفعل المكفول به فعل التّسليم ، وعلى هذا تصحّ الكفالة بنفس من عليه الحقّ ، وتسمّى الكفالة بالنّفس كما تسمّى الكفالة بالوجه : وهي التزام إحضار المكفول إلى المكفول له للحاجة إليها ، ذلك لأنّ الكفالة بالنّفس كفالة بالفعل ، وهو تسليم النّفس ، وفعل التّسليم مضمون على الأصيل فجازت الكفالة به . ويرى جمهور الفقهاء جواز الكفالة بالنّفس إذا كانت بسبب المال ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : « الزَّعيمُ غَارِم » وهذا يشمل الكفالة بنوعيها ، ولأنّ ما وجب تسليمه بعقد وجب تسليمه بعقد الكفالة كالمال ، ولأنّ الكفيل يقدر على تسليم الأصيل ، بأن يعلم من يطلبه مكانه فيخلّي بينه وبينه ، أو يستعين بأعوان القاضي في التّسليم . وإذا اشترط الأصيل في الكفالة تسليم المكفول به في وقت بعينه لزم الكفيل إحضار المكفول به إذا طالبه به في الوقت ، وفاءً بما التزمه كالدّين المؤجّل ، فإن أحضره فبها ، وإن لم يحضره حبسه الحاكم لامتناعه عن إيفاء حقّ مستحقّ عليه . وإن أحضره وسلّمه إلى المطالب به في موضع يقدر على إحضاره مجلس القضاء ، مثل أن يكون في مصر من الأمصار برئ من الكفالة ، لأنّ التّسليم يتحقّق بالتّخلية بين المكفول بنفسه والمكفول له ، ولأنّه أتى بما التزمه وحصل المقصود من الكفالة بالنّفس ، وهو إمكان المحاكمة عند القاضي . ويتعيّن محلّ التّسليم بالتّعيين ، وإن أطلق ولم يعيّن ، وجب التّسليم في مكان الكفالة ، لأنّ العرف يقتضي ذلك . ر - التّسليم في الوكالة : 14 - الوكالة بأجر ( بجعل ) حكمها حكم الإجارات ، فيستحقّ الوكيل الجعل بتسليم ما وكّل فيه إلى الموكّل - إن كان ممّا يمكن تسليمه - كثوب يخيطه فمتى سلّمه مخيطاً فله الأجر . وإن وكّله في بيع ، وقال : إذا بعت الثّوب وقبضت ثمنه وسلّمته إليّ فلك الأجر ، لم يستحقّ من الأجرة شيئاً حتّى يسلّمه إليه . فإن فات التّسليم لم يستحقّ شيئاً لفوات الشّرط . والوكيل في بيع شيء يملك تسليمه للمشتري ، لأنّ إطلاق الوكالة في البيع يقتضي التّسليم ، ويتعيّن على الوكيل في البيع طلب الثّمن من المشتري وقبضه ، لأنّه من توابع البيع ، وكذا الوكيل بالشّراء ، له قبض المبيع من البائع وتسليمه لمن وكّله بالشّراء ، وهذا بلا خلاف . ولا خلاف بين الفقهاء في أنّ المقبوض في يد الوكيل يعتبر أمانةً ، لأنّ يده يد نيابة عن الموكّل ، ويجب عليه ردّ المقبوض عند طلب الموكّل مع الإمكان ، ويضمن بالتّعدّي أو التّقصير كما يضمن في الودائع ، ويبرأ بما يبرأ فيها . ( ر : وكالة ) . ز - التّسليم في الإجارة : 15 - إذا كان العمل يجري في عين تسلّم للأجير المشترك ، كان عليه تسليم العين بعد قيامه بالعمل فيها . وإن كان العمل لا يجري في عين تسلّم للأجير ، فإنّ مجرّد قيامه بالعمل المطلوب يعتبر تسليماً كالطّبيب أو السّمسار . وإن كان الأجير خاصّاً كان تسليم نفسه للعمل في محلّ العمل تسليماً معتبراً ، والتّفصيل في مصطلح : ( إجارة ) . س - تسليم اللّقطة : 16 - للإمام ، أو من ينوب عنه ، أن يتسلّم اللّقطة من الملتقط إن رأى المصلحة في ذلك ، وهذا عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : يباح للملتقط أن يدفع اللّقطة للإمام إن كان عدلاً ، وهو مخيّر في ذلك . ويرى الشّافعيّة : أنّ الملتقط إن دفع اللّقطة إلى القاضي لزم القاضي القبول حفظاً لها على صاحبها . والتّفصيل في ( لقطة ) . ش - تسليم اللّقيط للقاضي : 17 - يجوز للقاضي أن يتسلّم اللّقيط من ملتقطه إذا علم عجزه عن حفظه بنفسه وأتى به إليه ، والأولى للقاضي أن يقبله . وتفصيله في بحث ( لقيط ) . ص - تسليم الصّداق للزّوجة : 18 - إذا طالبت الزّوجة بالمهر يجب على الزّوج تسليمه أوّلاً ، لأنّ حقّ الزّوج في المرأة متعيّن ، وحقّ المرأة في المهر لم يتعيّن بالعقد ، وإنّما يتعيّن بالقبض ، فوجب على الزّوج التّسليم عند المطالبة ، وهذا عند الحنفيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة . وقال المالكيّة : والبعض الآخر من الشّافعيّة : يجب على الزّوج تسليم الصّداق لزوجته ، أو لوليّها المجبر ، لأنّه لمّا كان له إجبارها على النّكاح كان له تسلّم صداقها بغير إذنها كالصّغيرة . ض - تسليم الزّوجة نفسها : 19 - يجوز للزّوجة قبل دخول الزّوج بها أن لا تسلّم نفسها إلى زوجها ، حتّى تقبض جميع مهرها المعيّن الحالّ ، سواء أكان بعضه أم كلّه . وإن انتقلت إلى بيت زوجها فالحكم كذلك لتعيّن حقّها في البدل ، كما يتعيّن حقّه في المبدل . ولا يتعيّن حقّها إلاّ بالتّسليم والانتقال إلى حيث يريد زوجها إن أراد ، وهذا بلا خلاف . فإن سلّمت نفسها بالدّخول ، أو بالخلوة الصّحيحة ، فمذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ومحمّد : أنّه لا يجوز لها أن تمنع نفسها ، لأنّها بالدّخول أو بالخلوة الصّحيحة سلّمت جميع المعقود عليه برضاها ، وهي من أهل التّسليم ، فبطل حقّها في المنع . ويرى أبو حنيفة : أنّ للزّوجة أن تمتنع من زوجها حتّى تأخذ المعجّل لها من المهر ، ولو دخل بها برضاها وهي مكلّفة ، لأنّ المهر مقابل بجميع ما يستوفى من منافع البضع في جميع أنواع الاستمتاع الّتي توجد في هذا الملك ، ويكون رضاها بالدّخول أو الخلوة قبل قبض معجّل مهرها إسقاطاً لحقّها في منع نفسها في الماضي ، وليس لحقّها في المستقبل ، على الرّاجح عند الحنفيّة . ويرى الشّافعيّة في قول أنّ لها الامتناع حتّى تستوفي مهرها ، كما لو كان حالاً ابتداءً . 20 - والتّسليم الواجب على المرأة يحصل في المكان الّذي يتمكّن فيه زوجها من استمتاعه بها ، سواء أكان المكان بيت أبيها إن رضيا معاً بالإقامة فيه ، أم كان مسكناً شرعيّاً أعدّه لها زوجها . ويترتّب على تسليم نفسها لزوجها وجوب نفقتها عليه ، لأنّها محبوسة لحقّه ، وهذا بلا خلاف . ط - تسليم النّفقة : 21 - اتّفق الفقهاء على أنّ نفقة الزّوجة حقّ أصيل من حقوقها الواجبة على زوجها ، وأنّها تجب على الزّوج الحاضر ، إذا سلّمت الزّوجة نفسها إلى الزّوج وقت وجوب التّسليم . وإذا امتنع الزّوج عن الإنفاق على زوجته بعدما فرضه على نفسه ، أو بعد فرض القاضي باع القاضي من ماله ، إن كان موسراً وله مال ظاهر ، وأعطى لزوجته ما يكفي النّفقة . وللتّفصيل : ( ر : نفقة ) . تسمّع * انظر : استماع . تسمية * التّعريف : 1 - التّسمية : مصدر سمّى بتشديد الميم ، ومادّة : ( سما ) لها في اللّغة عدّة معان : فمنها : سما يسمو سموّاً أي علا . يقال : سَمَتْ همّته إلى معالي الأمور : إذا طلب العزّ والشّرف ، وكلّ عال : سماء . والاسم : من السّموّ وهو العلوّ ، وقيل : الاسم من الوسم ، وهو العلامة . وقال في الصّحاح : وسمّيت فلاناً زيداً وسمّيته بزيد بمعنًى وأسميته مثله ، فتسمّى به . وتقول : هذا سميّ فلان ، إذا وافق اسمه اسمه ، كما تقول : هو كنيّه ، وقوله تعالى : { هَلْ تَعْلَمُ لَه سَمِيَّاً } أي : نظيراً يستحقّ مثل اسمه ، ويقال : مسامياً يساميه . وتستعمل التّسمية عند الفقهاء بمعنى قول : بسم اللّه ، وبمعنى : وضع الاسم العلم للمولود وغيره ، وبمعنى : تحديد العوض في العقود ، كالمهر والأجرة والثّمن ، وبمعنى : التّعيين بالاسم مقابل الإبهام . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّكنية : 2 - التّكنية مصدر : كنّى بتشديد النّون ، أي : جعل له كُنْيةً ، كأبي فلان وأمّ فلان . وتفصيل الأحكام المتعلّقة بالتّكنية ينظر في مصطلح ( كنية ) . ب - التّلقيب : 3 - التّلقيب : مصدر لقّب بتشديد القاف . واللّقب واحد الألقاب ، وهو ما كان مشعراً بمدح أو ذمّ . ومعناه : النّبز بالتّمييز . والنّبز بالألقاب المكروهة منهيّ عنه في قوله تعالى : { وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ } . فإن قصد به التّعريف فلا يدخل تحت النّهي ، ومن ذلك تعريف بعض الأئمّة المتقدّمين ، كالأعمش والأخفش والأعرج . هذا والنّحاة في كتبهم يفرّقون بين الكنية واللّقب والاسم . فالكنية عندهم : كلّ مركّب إضافيّ في صدره أب أو أمّ ، كأبي بكر رضي الله عنه ، وأمّ كلثوم رضي الله عنها بنت النّبيّ صلى الله عليه وسلم . وفرّق الأبهريّ في حواشي العضد بين الاسم واللّقب ، فقال : الاسم يقصد بدلالته الذّات المعيّنة ، واللّقب يقصد به الذّات مع الوصف ، ولذلك يختار اللّقب عند إرادة التّعظيم أو الإهانة . هذا وسيأتي حكم الكنية واللّقب عند الكلام على التّسمية بمعنى وضع الاسم العلم للمولود . أحكام التّسمية : أوّلاً : التّسمية أو البسملة : قول : ( بسم اللّه ) : 4 - أكملها : بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ، ويتعلّق بها عدد من الأحكام ، كالتّسمية في ابتداء الوضوء ، وعند الغسل ، وفي الصّلاة ، وعند الذّبح ، وفي الصّيد عند إرسال الكلب أو السّهم ، وعند الطّعام أو الجماع أو دخول الخلاء . وينظر التّفصيل في : ( بسملة ) . ثانياً : التّسمية بمعنى وضع الاسم العلم للمولود وغيره : 5 - الفقهاء يذكرون التّسمية ويريدون بها وضع الاسم العلم للمولود وغيره ، وهي بهذا المعنى تعريف الشّيء المسمّى ، لأنّه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به . ويتعلّق بها عدد من الأحكام : أ - تسمية المولود : 6 - ذكر ابن عرفة أنّ مقتضى القواعد وجوب التّسمية ، وممّا لا نزاع فيه أنّ الأب أولى بها من الأمّ ، فإن اختلف الأبوان في التّسمية فيقدّم الأب . ب - وقت التّسمية : 7 - يرى المالكيّة أنّ وقت تسمية المولود هو اليوم السّابع من ولادته بعد ذبح العقيقة ، هذا إذا كان المولود ممّن يعقّ عنه ، فإن كان ممّن لا يعقّ عنه لفقر وليّه فيجوز أن يسمّوه متى شاءوا . قال الحطّاب : قال في المدخل في فصل ذكر النّفاس : وينبغي إذا كان المولود ممّن يعقّ عنه فلا يوقع عليه الاسم الآن حتّى تذبح العقيقة ، ويتخيّر له في الاسم مدّة السّابع ، وإذا ذبح العقيقة أوقع عليه الاسم . وإن كان المولود لا يعقّ عنه لفقر وليّه فيسمّونه متى شاءوا . انتهى . ثمّ قال : ونقله بعض شرّاح الرّسالة عن التّادليّ ، وأصله للنّوادر في باب العقيقة . قال ابن عرفة : ومقتضى القواعد وجوب التّسمية ، سمع ابن القاسم يسمّى يوم سابعه . قال ابن رشد : لحديث : « يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّى » وفيه سعة لحديث « ولد لي اللّيلة غلام ، فسمّيته باسم أبي إبراهيم » « وأتي النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعبد اللّه بن أبي طلحة صبيحة ولد فحنّكه ودعا له وسمّاه » . ويحتمل حمل الأوّل على منع تأخير التّسمية عن سابعه فتتّفق الأخبار ، وعلى قول مالك قال ابن حبيب : لا بأس أن تتخيّر له الأسماء قبل سابعه ، ولا يسمّى إلاّ فيه . ويرى الشّافعيّة أنّه يستحبّ تسمية المولود في اليوم السّابع كما ذكر النّوويّ في الرّوضة ، ولا بأس أن يسمّى قبله ، واستحبّ بعضهم أن لا يفعله . ولا يترك تسمية السّقط ، ولا من مات قبل تمام السّبعة . هذا وأمّا الأخبار الصّحيحة الواردة في تسمية يوم الولادة ، فقد حملها البخاريّ على من لم يرد العقّ ، والأخبار الواردة في تسميته في اليوم السّابع على من أراده . وأمّا الحنابلة فلهم في وقت التّسمية روايتان : إحداهما : أنّه يسمّى في اليوم السّابع . والثّانية : أنّه يسمّى في يوم الولادة . قال صاحب كشّاف القناع : ويسمّى المولود فيه أي : في اليوم السّابع ، لحديث سمرة رضي الله عنه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : « كلّ غلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمّى فيه ، ويحلق رأسه » . والتّسمية للأب فلا يسمّيه غيره مع وجوده . وفي الرّعاية : يسمّى يوم الولادة ، لحديث مسلم في قصّة ولادة إبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم : « ولد لي اللّيلة مولود فسمّيته إبراهيم باسم أبي إبراهيم » هذا ولم يذكر ابن عابدين ولا صاحب الفتاوى الهنديّة من الحنفيّة عند الكلام على التّسمية الوقت الّذي تكون فيه . قال ابن القيّم : إنّ التّسمية لمّا كانت حقيقتها تعريف الشّيء المسمّى ، لأنّه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به ، فجاز تعريفه يوم وجوده ، وجاز تأخير التّعريف إلى ثلاثة أيّام ، وجاز إلى يوم العقيقة عنه ، ويجوز قبل ذلك وبعده ، والأمر فيه واسع . ج - تسمية السّقط : 8 - المراد بالسّقط هنا الولد ذكراً كان أو أنثى يخرج ميّتاً من بطن أمّه قبل تمامه وهو مستبين الخَلْق . يقال : سقط الولد من بطن أمّه سقوطاً فهو سقط بالكسر ، والتّثليث لغة ، ولا يقال : وقع ، وأسقطت الحامل بالألف : ألقت سقطاً . هذا ، وقد اختلف الفقهاء في تسمية السّقط . قال صاحب الفتاوى الهنديّة : من ولد ميّتاً لا يسمّى عند أبي حنيفة خلافاً لمحمّد رحمهما اللّه تعالى . والمشهور عند المالكيّة أنّ السّقط لا يسمّى . ويرى الشّافعيّة ، كما قال النّوويّ في الرّوضة : أنّ تسمية السّقط لا تترك . وفي النّهاية : يندب تسمية سقط نفخت فيه الرّوح . وأمّا الحنابلة ، فقد قال ابن قدامة : فإن لم يتبيّن ذكر هو أم أنثى ؟ سمّي اسماً يصلح للذّكر والأنثى ، هذا على سبيل الاستحباب ، لأنّه يروى عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « سمّوا أسقاطكم ، فإنّهم أسلافكم » قيل : إنّهم إنّما يسمّون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم ، فإذا لم يعلم هل السّقط ذكر أو أنثى ، سمّي اسماً يصلح لهما جميعاً ، كسلمة وقتادة وسعاد وهند . ونحو ذلك . د - تسمية من مات بعد الولادة : 9 - يرى الفقهاء أنّ من مات بعد الولادة ، وقبل أن يسمّى ، فإنّه يسمّى . وبيان ذلك أنّ الحنفيّة قالوا : إذا استهلّ صارخاً فإنّه يعطى حكم الكبير ، وتثبت له كافّة الحقوق . وتسمية من مات بعد الولادة جائزة عند المالكيّة . والشّافعيّة يرون أنّه يسمّى إذا مات قبل تمام السّبع ، كما قال النّوويّ في الرّوضة . وقال صاحب مغني المحتاج : لو مات قبل التّسمية استحبّ تسميته . ومقتضى مذهب الحنابلة أنّهم يجيزون تسمية من مات بعد الولادة ، لأنّهم يجيزون تسمية السّقط ، ويقولون : إنّها مستحبّة ، فعلى هذا تسمية من مات بعد الولادة جائزة عندهم ، بل أولى . ما تستحبّ التّسمية به من الأسماء : 10 - الأصل جواز التّسمية بأيّ اسم إلاّ ما ورد النّهي عنه ممّا سيأتي . وتستحبّ التّسمية بكلّ اسم معبّد مضاف إلى اللّه سبحانه وتعالى ، أو إلى أيّ اسم من الأسماء الخاصّة به سبحانه تعالى ، لأنّ الفقهاء اتّفقوا على استحسان التّسمية به . وأحبّ الأسماء إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرّحمن . وقال سعيد بن المسيّب : أحبّها إلى اللّه أسماء الأنبياء . والحديث الصّحيح يدلّ على أنّ أحبّ الأسماء إليه سبحانه وتعالى : عبد اللّه وعبد الرّحمن . ويدلّ لذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ أحبّ أسمائكم إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرّحمن ». ولما أخرجه أبو داود في سننه عن أبي الجشميّ رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « تسمّوا بأسماء الأنبياء ، وأحبّ الأسماء إلى اللّه : عبد اللّه وعبد الرّحمن ، وأصدقها : حارث وهمّام ، وأقبحها : حرب ومرّة . وقال ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن المناويّ : إنّ عبد اللّه أفضل مطلقاً حتّى من عبد الرّحمن ، وأفضل الأسماء بعدهما محمّد ثمّ أحمد ثمّ إبراهيم . والجمهور على استحباب التّسمية بكلّ معبّد مضاف إلى اللّه سبحانه وتعالى كعبد اللّه ، أو مضاف إلى اسم خاصّ به سبحانه وتعالى كعبد الرّحمن وعبد الغفور . وأمّا الحنفيّة فهم مع الجمهور في أنّ أحبّ الأسماء إلى اللّه : عبد اللّه وعبد الرّحمن ، إلاّ أنّ صاحب الفتاوى الهنديّة قال : ولكنّ التّسمية بغير هذه الأسماء في هذا الزّمان أولى ، لأنّ العوامّ يصغّرونها للنّداء . وذكر ابن عابدين في حاشيته على الدّرّ المختار أنّ أفضليّة التّسمية بعبد اللّه وعبد الرّحمن ليست مطلقةً فإنّ ذلك محمول على من أراد التّسمية بالعبوديّة ، لأنّهم كانوا يسمّون عبد شمس وعبد الدّار ، فجاءت الأفضليّة ، فهذا لا ينافي أنّ اسم محمّد وأحمد أحبّ إلى اللّه تعالى من جميع الأسماء ، فإنّه لم يختر لنبيّه صلى الله عليه وسلم إلاّ ما هو أحبّ إليه ، هذا هو الصّواب . ولا يجوز تغيير اسم اللّه بالتّصغير فيما هو مضاف . قال ابن عابدين : وهذا مشتهر في زماننا حيث ينادون من اسمه عبد الرّحيم وعبد الكريم أو عبد العزيز مثلاً ، فيقولون : رحيّم وكريّم وعزيّز بتشديد ياء التّصغير ، ومن اسمه عبد القادر قويدر وهذا مع قصده كفر . ففي المنية : من ألحق التّصغير في آخر اسم عبد العزيز أو نحوه - ممّا أضيف إلى واحد من الأسماء الحسنى - إن قال ذلك عمداً قاصداً التّحقير كفر ، وإن لم يدر ما يقول ولا قصد له لم يحكم بكفره ، ومن سمع منه ذلك يحقّ عليه أن يعلّمه ، وبعضهم يقول : رحمون لمن اسمه عبد الرّحمن . 11 - وأمّا التّسمية بأسماء الأنبياء فقد اختلف الفقهاء في حكمها ، فذهب الأكثرون إلى عدم الكراهة ، وهو الصّواب . قال صاحب تحفة المحتاج : ولا تكره التّسمية باسم نبيّ أو ملك ، بل جاء في التّسمية باسم نبيّنا عليه الصلاة والسلام فضائل . ومن ذلك ما رواه العتبيّ أنّ أهل مكّة يتحدّثون : ما من بيت فيه اسم محمّد إلاّ رأوا خيراً ورزقوا . وذكر صاحب كشّاف القناع من الحنابلة : أنّه يحسن التّسمية بأسماء الأنبياء . بل قال سعيد بن المسيّب ، كما تقدّم النّقل عنه : إنّها أحبّ الأسماء إلى اللّه . وذهب آخرون إلى كراهة التّسمية بأسماء الأنبياء ، وقد نسب هذا القول إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه . قال صاحب تحفة المودود : ولعلّ صاحب هذا القول قصد صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض لها من سوء الخطاب ، عند الغضب وغيره . وقال سعيد بن المسيّب : أحبّ الأسماء إلى اللّه أسماء الأنبياء . وفي تاريخ ابن خيثمة : أنّ طلحة كان له عشرة من الولد ، كلّ منهم اسمه اسم نبيّ ، وكان للزّبير عشرة كلّهم تسمّى باسم شهيد ، فقال له طلحة : أنا سمّيتهم بأسماء الأنبياء ، وأنت تسمّيهم بأسماء الشّهداء ، فقال له الزّبير : فإنّي أطمع أن يكون بَنيّ شهداء ، ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء . ويدلّ على جواز التّسمية بأسماء الأنبياء ما أخرجه أبو داود في سننه عن أبي الجشميّ قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « تسمّوا بأسماء الأنبياء » . ويدلّ على جواز التّسمية باسم نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاريّ في صحيحه عن جابر رضي الله عنه « قال : ولد لرجل منّا غلام فسمّاه القاسم ، فقالوا : لا نكنّيه حتّى نسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : سمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي » . ما تكره التّسمية به من الأسماء : 12 - تكره تنزيهاً التّسمية بكلّ اسم يتطيّر بنفيه ، كرباح وأفلح ونجاح ويسار وما أشبه ذلك ، فإنّ هذه الأسماء وما أشبهها يتطيّر بنفيها ، فيما لو سئل شخص سمّى ابنه رباحاً : أعندك رباح ؟ فيقول : ليس في البيت رباح ، فإنّ ذلك يكون طريقاً للتّشاؤم . هذا وقد أخرج مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « لا تسمّين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح ، فإنّك تقول : أثمّ هو ؟ فلا يكون ، فيقول : لا » إلاّ أنّ ذلك لا يحرم لحديث عمر رضي الله عنه « إنّ الآذن على مشربة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عبد يقال له : رباح » وعن جابر رضي الله عنه « أراد صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمّى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ، ثمّ رأيته بعد سكت عنها ، فلم يقل شيئاً ، ثمّ قبض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك ، ثمّ أراد عمر رضي الله عنه أن ينهى عن ذلك ثمّ تركه » . وتكره التّسمية أيضاً بالأسماء الّتي تكرهها النّفوس وتشمئزّ منها كحرب ومرّة وكلب وحيّة . وقد صرّح المالكيّة بمنع التّسمية بكلّ اسم قبيح . قال صاحب مواهب الجليل : يمنع بما قبح كحرب وحزن وضرار . وقال صاحب مغني المحتاج : تكره الأسماء القبيحة ، كشيطان وظالم وشهاب وحمار وكلب . إلخ . وذكر الحنابلة أنّه تكره تسميته بأسماء الجبابرة كفرعون وأسماء الشّياطين . وجاء في مطالب أولي النّهى كراهية التّسمية بحرب . هذا ، وقد « كان النّبيّ عليه الصلاة والسلام يكره الاسم القبيح للأشخاص والأماكن والقبائل والجبال » . أخرج مالك في الموطّأ عن يحيى بن سعيد « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب : من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ، فقال له الرّجل : مُرَّة . فقال له رسول صلى الله عليه وسلم : اجلس . ثمّ قال : من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ ، فقال : حرب . فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : اجلس . ثمّ قال : من يحلب هذه ؟ فقام رجل فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما اسمك ؟ فقال : يعيش ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : احلب » . التّسمية بأسماء الملائكة : 13 - ذهب أكثر العلماء إلى أنّ التّسمية بأسماء الملائكة كجبريل وميكائيل لا تكره . وذهب مالك إلى كراهة التّسمية بذلك ، قال أشهب : سئل مالك عن التّسمّي بجبريل ، فكره ذلك ولم يعجبه . وقال القاضي عياض : قد استظهر بعض العلماء التّسمّي بأسماء الملائكة ، وهو قول الحارث بن مسكين ، وأباح ذلك غيره . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية