الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41263" data-attributes="member: 329"><p>الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّبييض :</p><p>2 - التّبييض : مصدر بيّض ، يقال : بيّض الشّيء أي جعله أبيض ، ضدّ سوّده . </p><p>والبياض ضدّ السّواد ، والبيّاض : الرّجل الّذي يبيّض الثّياب . والمبيِّضة : أصحاب البياض ، وهم فرقة من الثّنويّة سمّوا كذلك لتبييضهم الثّياب ، مخالفةً للمسوّدة من العبّاسيّين .</p><p>ب - التّعظيم :</p><p>3 - التّعظيم : مصدر عظّم ، يقال : عظّمه تعظيماً أي : كبّره وفخّمه . </p><p>والتّعظيم يكون باعتبار الوصف والكيفيّة ، ويقابله التّحقير فيهما بحسب المنزلة والرّتبة .</p><p>ج - التّفضيل :</p><p>4 - التّفضيل : مصدر فضّل ، يقال : فضّلته على غيره تفضيلاً أي : صيّرته أفضل منه ، وفضّله أي مزّاه . والتّفضيل دون التّسويد - بمعنى السّيادة - لكنّه سبب له وطريق إليه .</p><p>د - التّكريم :</p><p>5 - التّكريم : أن يوصل إلى الإنسان نفع لا يلحقه فيه غضاضة ، أو أن يجعل ما يوصل إلى الإنسان شيئاً كريماً أي شريفاً . وهو مصدر كرّم ، يقال : كرّمه تكريماً أي عظّمه ونزّهه . والإكرام والتّكريم بمعنًى ، والكرم ضدّ اللّؤم . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>6 - يختلف حكم التّسويد باختلاف معناه ومبحثه الفقهيّ . </p><p>فالتّسويد يأتي بمعنى : السّيادة ، ويبحث حكمه في مواطن منها : تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصّلاة وفي غيرها ، وتسويد غيره صلى الله عليه وسلم وتسويد المنافق . ويأتي التّسويد بمعنى : التّلوين بالسّواد ، ويبحث حكمه في مواطن منها : التّعزير ، والخضاب ، والحداد ، والتّعزية ، واللّباس والعمامة ، وشعر المبيع . </p><p> أوّلاً </p><p>التّسويد من السّيادة </p><p>تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم :</p><p>اختلف الفقهاء في حكم تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصّلاة ، وحكم تسويده صلى الله عليه وسلم في غير الصّلاة .</p><p>أ - في الصّلاة :</p><p>7 - ورد لفظ الصّلوات الإبراهيميّة في كتب الحديث والفقه مأثوراً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من غير ذكر " سيّدنا " قبل اسمه عليه الصلاة والسلام . </p><p>وأمّا إضافة لفظ " سيّدنا " فرأى من لم يقل بزيادتها الالتزام بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لأنّ فيه امتثالاً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من غير زيادة في الأذكار والألفاظ المأثورة عنه ، كالأذان والإقامة والتّشهّد والصّلاة الإبراهيميّة . </p><p>وأمّا بخصوص زيادة " سيّدنا " في الصّلاة الإبراهيميّة بعد التّشهّد ، فقد ذهب إلى استحباب ذلك بعض الفقهاء المتأخّرين كالعزّ بن عبد السّلام والرّمليّ والقليوبيّ والشّرقاويّ من الشّافعيّة ، والحصكفيّ وابن عابدين من الحنفيّة متابعةً للرّمليّ الشّافعيّ ، كما صرّح باستحبابه النّفراويّ من المالكيّة . وقالوا : إنّ ذلك من قبيل الأدب ، ورعاية الأدب خير من الامتثال ، كما قال العزّ بن عبد السّلام .</p><p>ب - في غير الصّلاة :</p><p>8 - أجمع المسلمون على ثبوت السّيادة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى عَلَمِيَّتِه في السّيادة . قال الشّرقاويّ : فلفظ " سيّدنا " علم عليه صلى الله عليه وسلم . </p><p>ومع ذلك خالف بعضهم وقالوا : إنّ لفظ السّيّد لا يطلق إلاّ على اللّه تعالى ، لما روي عن أبي نضرة عن مطرّف قال : قال أبي : « انطلقت في وفد بني عامر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلنا : أنت سيّدنا ، فقال : السّيّد اللّه تبارك وتعالى . قلنا : وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً ، قال : قولوا بقولكم أو بعض قولكم ، ولا يسخر بكم الشّيطان » . وفي حديث آخر </p><p>« أنّه جاءه رجل فقال : أنت سيّد قريش ، فقال صلى الله عليه وسلم : السّيّد اللّه » . </p><p>قال ابن الأثير في النّهاية : أي هو الّذي يحقّ له السّيادة ، كأنّه كره أن يحمد في وجهه ، وأحبّ التّواضع . ومنه الحديث لما قالوا : أنت سيّدنا ، قال : « قولوا بقولكم » أي ادعوني نبيّاً ورسولاً كما سمّاني اللّه ، ولا تسمّوني سيّداً كما تسمّون رؤساءكم ، فإنّي لست كأحدهم ممّن يسودكم في أسباب الدّنيا . </p><p>وأضاف ابن مفلح إلى ما سبق : والسّيّد يطلق على الرّبّ ، والمالك ، والشّريف ، والفاضل ، والحكيم ، ومتحمّل أذى قومه ، والزّوج ، والرّئيس ، والمقدّم . </p><p>وقال أبو منصور : كره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يمدح في وجهه وأحبّ التّواضع للّه تعالى ، وجعل السّيادة للّذي ساد الخلق أجمعين . وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ رضي الله عنه حين قال لقومه الأنصار : « قوموا إلى سيّدكم » أراد أنّه أفضلكم رجلاً وأكرمكم . وأمّا صفة اللّه جلّ ذِكْره بالسّيّد فمعناه : أنّه مالك الخلق والخلق كلّهم عبيده - أي فلا يطلق لفظ السّيّد بهذا المعنى على غير اللّه تعالى - وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر » أراد أنّه أوّل شفيع ، وأوّل من يفتح له باب الجنّة ، قال ذلك إخباراً عمّا أكرمه اللّه به من الفضل والسّودد ، وتحدّثاً بنعمة اللّه عنده ، وإعلاماً منه ، ليكون إيمانهم به على حسبه وموجبه ، ولهذا أتبعه بقوله : « ولا فخر » أي أنّ هذه الفضيلة الّتي نلتها كرامةً من اللّه تعالى ، لم أنلها من قبل نفسي ، ولا بلغتها بقوّتي ، فليس لي أن أفتخر بها .</p><p>وقال السّخاويّ : إنكاره صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم وكراهةً منه أن يحمد ويمدح مشافهةً ، أو لأنّ ذلك كان من تحيّة الجاهليّة ، أو لمبالغتهم في المدح ، وقد صحّ قوله صلى الله عليه وسلم : « أنا سيّد ولد آدم » وقوله للحسن رضي الله عنه : « إنّ ابني هذا سيّد » وورد قول سهل بن حنيف رضي الله عنه للنّبيّ صلى الله عليه وسلم : « يا سيّدي » في حديث عند النّسائيّ في عمل اليوم واللّيلة ، وقول ابن مسعود : " اللّهمّ صلّ على سيّد المرسلين ". </p><p>وفي كلّ هذا دلالة واضحة وبراهين لائحة على جواز ذلك ، والمانع يحتاج إلى إقامة دليل ، سوى ما تقدّم ، لأنّه لا ينهض دليلاً مع الاحتمالات السّابقة .</p><p>تسويد غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم :</p><p>9 - اختلف الفقهاء في جواز إطلاق لفظ السّيّد على غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم : </p><p>فذهب جمهورهم إلى جواز إطلاق لفظ السّيّد على غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم واستدلّوا بقول اللّه تعالى في يحيى عليه السلام : { وَسَيِّدَاً وَحَصُورَاً وَنَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ } أي أنّه فاق غيره عفّةً ونزاهةً عن الذّنوب . وقوله عزّ وجلّ في امرأة العزيز : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَها لَدَى الباب } أي زوجها وبما روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل : من السّيّد ؟ قال : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام قالوا : فما في أمّتك من سيّد ؟ قال : بلى ، من آتاه اللّه مالاً ، ورزق سماحةً ، فأدّى شكره ، وقلّت شكايته في النّاس » وبقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار وبني قريظة : « قوموا إلى سيّدكم » يعني سعد بن معاذ . وقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن عليّ رضي الله عنهما - كما ورد في الصّحيحين - « إنّ ابني هذا سيّد ، ولعلّ اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » وكذلك كان. وقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار : « من سيّدكم ؟ قالوا : الجدّ بن قيس على أنّا نبخّله ، قال صلى الله عليه وسلم : وأيّ داء أدوى من البخل » . </p><p>وبقوله صلى الله عليه وسلم :« كلّ بني آدم سيّد ، فالرّجل سيّد أهله ،والمرأة سيّدة بيتها ». </p><p>ومنه حديث أمّ الدّرداء رضي الله عنها : حدّثني سيّدي أبو الدّرداء . </p><p>وبقول عمر رضي الله عنه لمّا سئل : من الّذي إلى جانبك ، فأجاب : هذا سيّد المسلمين أبيّ بن كعب رضي الله عنه . </p><p>وقالوا : إنّه لم يرد في القرآن الكريم ولا في حديث متواتر أنّ السّيّد من أسماء اللّه تعالى ، ولأنّ إطلاق لفظ السّيّد على اللّه عزّ وجلّ لكونه سبحانه مالك الخلق أجمعين ، ولا مالك لهم سواه ، وإطلاق هذا اللّفظ على غير اللّه تعالى لا يكون بهذا المعنى الجامع الكامل ، بل بمعان قاصرة عن ذلك . </p><p>وقال بعضهم : إنّ لفظ السّيّد لا يطلق إلاّ على اللّه سبحانه وتعالى ، لما ورد في حديث مطرّف الّذي سبق ذكره . وقال الخطّابيّ : لا يقال السّيّد ولا المولى على الإطلاق من غير إضافة إلاّ في صفة اللّه تعالى . </p><p>وقال بعضهم : إنّ لفظ السّيّد يجوز إطلاقه على مالك العبد أو مالكته ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : لا يقولنّ أحدكم : عبدي وأمتي ، ولا يقولنّ المملوك : ربّي وربّتي ، وليقل المالك : فتاي وفتاتي . وليقل المملوك : سيّدي وسيّدتي ، فإنّهم المملوكون ، والرّبّ : اللّه تعالى » قال صاحب عون المعبود : كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه أو كتابته بالسّيّد ، ويتأكّد هذا إذا كان المخاطب غير تقيّ .</p><p>من يستحقّ التّسويد :</p><p>10 - لفظ السّيّد مشتقّ من السّؤدد ، وهو : المجد والشّرف ،ويطلق على المتولّي للجماعة. ومن شرطه وشأنه أن يكون مهذّب النّفس شريفاً . وعلى من قام به بعض خصال الخير من الفضل والشّرف والعبادة والورع والحلم والعقل والنّزاهة والعفّة والكرم ونحو ذلك .</p><p>إطلاق لفظ السّيّد على المنافق :</p><p>11 - المنافق ليس من هذه الخصال في شيء ، لأنّه كاذب مدلّس خائن ، لا توافق سريرته علانيته . وفي العقيدة : يبطن الكفر ويظهر الإسلام . وقد ورد النّهي عن إطلاق لفظ السّيّد على المنافق فيما روي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا للمنافق سيّد ، فإنّه إن يك سيّدكم فقد أسخطتم ربّكم عزّ وجلّ » </p><p>وذلك لأنّ السّيّد هو المستحقّ للسّؤدد ، أي للأسباب العالية الّتي تؤهّله لذلك ، فأمّا المنافق فإنّه موصوف بالنّقائص ، فوصفه بذلك وضع له في مكان لم يضعه اللّه فيه ، فلا يبعد أن يستحقّ واضعه بذلك سخط اللّه . وقيل معناه : إن يك سيّداً لكم فتجب عليكم طاعته ، فإذا أطعتموه في نفاق فقد أسخطتم ربّكم . وقال ابن الأثير : لا تقولوا للمنافق سيّد ، فإنّه إن كان سيّدكم وهو منافق فحالكم دون حاله ، واللّه لا يرضى لكم ذلك .</p><p> ثانياً </p><p> التّسويد من السّواد </p><p>أ - التّسويد بالخضاب :</p><p>12 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّ خضاب الرّجل بالسّواد مكروه في غير الجهاد في الجملة . وللحنفيّة والمالكيّة في ذلك تفصيل : </p><p>قال ابن عابدين : يكره الخضاب بالسّواد أي لغير الحرب ، قال في الذّخيرة : أمّا الخضاب بالسّواد للغزو - ليكون أهيب في عين العدوّ - فهو محمود بالاتّفاق . </p><p>وإن كان ليزيّن نفسه للنّساء فمكروه ، وعليه عامّة المشايخ . وبعضهم جوّزه بلا كراهة . روي عن أبي يوسف أنّه قال : كما يعجبني أن تتزيّن لي يعجبها أن أتزيّن لها . </p><p>وقال المالكيّة : الخضاب بالسّواد إذا كان للتّغرير فهو حرام . كمن أراد نكاح امرأة فصبغ شعر لحيته الأبيض ، بالسّواد . وإن كان للجهاد حتّى يوهم العدوّ الشّباب ندب . </p><p>وإن كان للتّشابّ كره . وإن كان مطلقاً فقولان : بالكراهة والجواز . </p><p>وقال الشّافعيّة : إنّ الخضاب بالسّواد حرام في الجملة ، ولهم في ذلك تفصيل وخلاف . </p><p>قال النّوويّ في المجموع : اتّفقوا على ذمّ خضاب الرّأس واللّحية بالسّواد ، ثمّ قال : قال : الغزاليّ في الإحياء ، والبغويّ في التّهذيب ، وآخرون من الأصحاب : هو مكروه . </p><p>وظاهر عبارتهم أنّه مكروه كراهة تنزيه ، والصّحيح - بل الصّواب - أنّه حرام . </p><p>وممّن صرّح بتحريمه صاحب الحاوي في باب الصّلاة بالنّجاسة ، قال : إلاّ أن يكون في الجهاد ، وقال في آخر كتاب الأحكام السّلطانيّة يمنع المحتسب النّاس من خضاب الشّيب بالسّواد إلاّ المجاهد ، ودليل تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال : « أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنهما يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضاً فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : غيّروا هذا ، واجتنبوا السّواد » ، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يكون قوم يخضّبون في آخر الزّمان بالسّواد كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنّة » ، ولا فرق في المنع من الخضاب بالسّواد بين الرّجل والمرأة .. هذا مذهبنا ، وحكي عن إسحاق بن راهويه أنّه رخّص فيه للمرأة تتزيّن به لزوجها . </p><p>وقال النّوويّ في روضة الطّالبين : خضاب المرأة بالسّواد إن كانت خليّةً من الزّوج وفعلته فهو حرام ، وإن كانت زوجةً وفعلته بإذنه فجائز على المذهب ،وقيل : وجهان كوصل الشّعر. وقال الرّمليّ : يحرم على المرأة الخضاب بالسّواد ، فإن أذن لها زوجها في ذلك جاز ، لأنّ له غرضاً في تزيّنها له ، كما في الرّوضة وأصلها ، وهو الأوجه . </p><p>هذا في خضب الرّجل والمرأة الشّعر بالسّواد ، أمّا خضبهما الشّعر بغير السّواد ، كالحمرة والصّفرة مثلاً ، وخضبهما غير الشّعر كاليدين والرّجلين ففيه تفصيل يذكر في موطنه . </p><p>وقال الحافظ في الفتح : إنّ من العلماء من رخّص في الاختضاب بالسّواد مطلقاً ، ومنهم من رخّص فيه للرّجال دون النّساء . وتفصيل ذلك في مصطلح : ( اختضاب ) .</p><p>ب - لبس السّواد في الحداد :</p><p>13 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمتوفّى عنها زوجها لبس السّواد من الثّياب ... ولا يجب عليها ذلك ، بل لها أن تلبس غيره . </p><p>واختلف فقهاء الحنفيّة في المدّة الّتي يجوز لها أن تلبس فيها السّواد ، فقال بعضهم : لا تجاوز ثلاثة أيّام . ولكنّ فقهاء المذهب - ومنهم ابن عابدين - حملوا ذلك على ما تصبغه الزّوجة بالسّواد وتلبسه تأسّفاً على زوجها ، أمّا ما كان مصبوغاً بالسّواد قبل موت زوجها ، فيجوز لها أن تلبسه مدّة الحداد كلّها .ومنع الحنفيّة لبس السّواد في الحداد على غير الزّوج. </p><p>وقال المالكيّة : إنّ المحدّ يجوز لها أن تلبس الأسود ، إلاّ إذا كانت ناصعة البياض ، أو كان الأسود زينة قومها . </p><p>وقال القليوبيّ من الشّافعيّة : إذا كان الأسود عادة قومها في التّزيّن به حرم لبسه ، ونقل النّوويّ عن الماورديّ أنّه أورد في " الحاوي " وجهاً يلزمها السّواد في الحداد .</p><p>ج - لبس السّواد في التّعزية :</p><p>14 - اتّفق الفقهاء على أنّ تسويد الوجه حزناً على الميّت - من أهله أو من المعزّين لا يجوز - لما فيه من إظهار للجزع وعدم الرّضا بقضاء اللّه وعلى السّخط من فعله ، ممّا ورد النّهي عنه في الأحاديث . وتسويد الثّياب للتّعزية مكروه للرّجال ، ولا بأس به للنّساء ، أمّا صبغ الثّياب أسود أو أكهب تأسّفاً على الميّت فلا يجوز على التّفصيل السّابق .</p><p>د - السّواد في اللّباس والعمامة :</p><p>15 - يندب لبس السّواد عند الحنفيّة ، قال ابن عابدين : ندب لبس السّواد ، لأنّ محمّداً ذكر في السّير الكبير في باب الغنائم حديثاً يدلّ على أنّ لبس السّواد مستحبّ . </p><p>أمّا الصّبغ بالأسود ، ولبس المصبوغ به فنقل عن أبي حنيفة : أنّه لا بأس به . </p><p>وقال الشّافعيّة : يندب لإمام الجمعة أن يزيد في حسن الهيئة والعمّة والارتداء ، وترك لبس السّواد له أولى من لبسه ، إلاّ إن خشي مفسدةً تترتّب على تركه من سلطان أو غيره ، </p><p>وقال ابن عبد السّلام في فتاويه : المواظبة على لبسه بدعة ، فإن منع الخطيب أن يخطب إلاّ به فليفعل وقالوا : نقل أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم لبس العمامة البيضاء والعمامة السّوداء » ، ولكنّ الأفضل في لونها البياض لعموم الخبر الصّحيح الآمر بلبس البياض ، وأنّه خير الألوان في الحياة والموت . </p><p>وقال الحنابلة : يباح السّواد ولو للجند ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « دخل مكّة عام الفتح وعليه عمامة سوداء » .</p><p>هـ - تسويد الوجه في التّعزير :</p><p>16 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لا يجوز في التّعزير تسخيم الوجه ، أي دهن وجه المعزّر بالسّخام ، وهو السّواد الّذي يتعلّق بأسفل القدر ومحيطه من كثرة الدّخان . </p><p>وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تسويد الوجه في التّعزير ، لأنّ الإمام يجتهد في جنس ما يعزّر به وفي قدره ، ويفعل بكلّ معزّر ما يليق به وبجنايته ، مع مراعاة التّرتيب والتّدريج ، فلا يرقى لمرتبة وهو يرى ما دونها كافياً .</p><p></p><p>تسوية *</p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّسوية لغةً : العدل والنّصفة ، والجور أو الظّلم ضدّ العدل ، واستوى القوم في المال مثلاً : إذا لم يفضل أحد منهم غيره في المال . وسواء الشّيء : غيره ومثله - من الأضداد - وتساوت الأمور : تماثلت ، واستوى الشّيئان وتساويا : تماثلا . </p><p>ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة : </p><p>القسم :</p><p>2 - وهو مصدر قسم الشّيء يقسمه قسماً : جَزّأه ، والقسم : نصيب الإنسان من الشّيء ويقال : قسمت الشّيء بين الشّركاء ، وأعطيت كلّ شريك قسمه . </p><p>ومنه التّقسيم والقسمة قد تكون بالتّساوي ، وقد تكون بالتّفاضل . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>يختلف حكم التّسوية باعتبار ما يتعلّق به على الوجه الآتي : </p><p>تسوية الصّفوف في الصّلاة :</p><p>3 - اتّفق العلماء على أنّ من السّنن المؤكّدة تسوية الصّفوف في صلاة الجماعة ، بحيث لا يتقدّم بعض المصلّين على البعض الآخر ، والتّراصّ في الصّفوف ، بحيث لا يكون فيها فرجة ، للأحاديث الكثيرة الّتي وردت في الحثّ عليها : منها قوله صلى الله عليه وسلم : « سوّوا صفوفكم ، فإنّ تسوية الصّفّ من تَمام الصّلاة » وفي رواية « فإنّ تسوية الصّفوف من إقامة الصّلاة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « أقيموا صفوفكم وتراصّوا ، فإنّي أراكم من وراء ظهري » وقوله صلى الله عليه وسلم : « لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم أو ليخالفَنَّ اللّه بين وجوهكم » . وبيان ما تتحقّق به التّسوية في الصّفوف ينظر في مصطلح ( صلاة الجماعة ) .</p><p>تسوية الظّهر في الرّكوع :</p><p>4 - اتّفق الفقهاء على أنّ أكمل الرّكوع هو أن ينحني المصلّي ، بحيث يستوي ظهره وعنقه ، بأن يمدّهما حتّى يصيرا كالصّحيفة الواحدة ، وينصب ساقيه وفخذيه إلى الحقو ، ولا يثني ركبتيه حتّى لا يفوت استواء الظّهر به . لأنّ ذلك ثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي حميد السّاعديّ رضي الله عنه قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا كبّر جعل يديه حَذْوَ منكبيه ، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثمّ هصر ظهره » وفي رواية « ثمّ حنى غير مقنّع رأسه ولا مصوّبه » وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفتتح الصّلاة بالتّكبير إلى أن قالت : وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوّبه ، ولكن بين ذلك » . وفي حديث المسيء صلاته قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم له : « فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ، وامدد ظهرك ، ومكّن ركوعك » . </p><p>قال الإمام البغويّ رحمه الله : السّنّة في الرّكوع عند عامّة العلماء : أن يضع راحتيه على ركبتيه ، ويفرّج بين أصابعه ، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ، ويسوّي ظهره وعنقه ورأسه .</p><p>التّسوية في إعطاء الزّكاة بين الأصناف الثّمانية :</p><p>5 - اختلف العلماء في وجوب التّسوية في الزّكاة بين الأصناف الثّمانية ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى جواز الاقتصار على صنف واحد من الأصناف الثّمانية ، وإلى جواز أن يعطيها شخصاً واحداً من الصّنف الواحد ، فلا يجب على الإمام - إن كان هو الّذي يوزّع - ولا على المالك أن يستوعب جميع الأصناف ، ولا آحاد كلّ صنف . </p><p>واستدلّوا لذلك بأدلّة منها : « قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : أعلمهم أنّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم » ففيه الأمر بردّ جملتها في الفقراء ، وهم صنف واحد ، ولم يذكر سواهم . </p><p>ثمّ أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان غير الفقراء ، وهم المؤلّفة قلوبهم : الأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن ، وعلقمة بن علاقة ، وزيد الخير . </p><p>حيث قسم فيهم الذّهيبة الّتي بعث بها إليه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن . </p><p>قال ابن قدامة : وإنّما يؤخذ من أهل اليمن الصّدقة . وفي حديث سلمة بن صخر البياضيّ رضي الله عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم أمر له بصدقة قومه بقوله عليه الصلاة والسلام : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك » . </p><p>لكنّهم مع ذلك يرون أنّه من الأفضل في القسمة أن يقدّم الأكثر حاجةً ، فالّذي يليه . </p><p>فعن عمر رضي الله عنه أنّه كان إذا جمع صدقات المواشي من البقر والغنم ، نظر منها ما كان منيحة اللّبن ، فيعطيها لأهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم ، وكان يعطي العشرة للبيت الواحد ثمّ يقول : عطيّة تكفي خير من عطيّة لا تكفي . </p><p>وذهب الإمام النّخعيّ رحمه الله إلى أنّه إن كان المال كثيراً يحتمل الأصناف قسمه عليهم ، وإن كان قليلاً جاز وضعه في صنف واحد . </p><p>وذهب الشّافعيّة ، وهو قول عكرمة إلى وجوب استيعاب الأصناف الثّمانية إن كان الإمام أو نائبه هو الّذي يقسم ، فإن فقد بعض الأصناف فعلى الموجودين . وكذا يجب على المالك إن تولّى بنفسه القسمة أن يستوعب الأصناف السّبعة غير العامل إن انحصر المستحقّون في البلد ، بأن سهل عادةً ضبطهم ومعرفة عددهم . وإن لم ينحصروا فيجب إعطاء ثلاثة فأكثر من كلّ صنف ، لأنّ اللّه تعالى أضاف إليهم الزّكوات بلفظ الجمع ، وأقلّه ثلاثة .</p><p>6- وتجب التّسوية بين الأصناف الثّمانية سواء قسّم الإمام أو المالك ، وإن كانت حاجة بعضهم أشدّ ،لأنّ اللّه سبحانه وتعالى جمع بينهم بواو التّشريك ، فاقتضى أن يكونوا سواءً . « ولقوله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله من الزّكاة إنّ اللّه لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره في الصّدقات ،حتّى حكم هو فيها ،فجزّأها ثمانية أجزاء ،فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك » </p><p>7- كما يجب على الإمام أن يسوّي بين آحاد الصّنف الواحد ، إذا كانت حاجاتهم متساويةً ، لأنّ عليه التّعميم فتلزمه التّسوية ، ولأنّه نائبهم فيحرم عليه التّفضيل . </p><p>أمّا إذا اختلفت حاجاتهم فعليه أن يراعيها . </p><p>ولا يجب على المالك التّسوية بين آحاد الصّنف الواحد لعدم انضباط الحاجات الّتي من شأنها التّفاوت ، لكن يسنّ له التّسوية إن تساوت حاجاتهم ، فإن تفاوتت استحبّ التّفاوت بقدرها .</p><p>التّسوية بين الزّوجات في القسم :</p><p>8 - اتّفق الفقهاء على أنّ القسم بين الزّوجات واجب على الرّجل وإن كان مريضاً أو مجبوباً أو عنّيناً ، لأنّ من مقاصد القسم الأنس ، وهو حاصل ممّن لا يطأ . فقد روت عائشة رضي الله عنها « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمّا كان في مرضه جعل يدور على نسائه ، ويقول : أين أنا غداً ؟ أين أنا غداً ؟ » . </p><p>ويقسم للمريضة ، والحائض ، والنّفساء ، والرّتقاء ، والقرناء ، والمحرمة ، ومن آلى منها أو ظاهر ، والشّابّة ، والعجوز ، والقديمة ، والحديثة . لقوله تعالى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } الآية . وروي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه في القسم ويقول : اللّهمّ هذا قَسْمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك أنتَ ولا أَملك » . </p><p>وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من كان له امرأتان ، فمال إلى إحداهما دون الأخرى ، جاء يوم القيامة وشقّه مائل » . </p><p>ويسوّي في القسم بين المسلمة والكتابيّة لما ذكرنا من الدّلائل من غير فضل ، ولأنّهما يستويان في سبب وجوب القسم وهو النّكاح ، فيستويان في القسم . </p><p>وتفصيل القسم بين الزّوجات في الحضر والسّفر ، وفي بدء القسم ، وما يختصّ به العروس عند الدّخول وغير ذلك ، يرجع فيه إلى مصطلح ( القسم بين الزّوجات ) .</p><p>التّسوية بين المتخاصمين في التّقاضي :</p><p>9 - اتّفق الفقهاء أنّ على القاضي العدل بين الخصمين في كلّ شيء من المجلس ، والخطاب ، واللّحظ ، واللّفظ ، والإشارة ، والإقبال ، والدّخول عليه ، والإنصات إليهما ، والاستماع منهما ، والقيام لهما ، وردّ التّحيّة عليهما ، وطلاقة الوجه لهما ، للأحاديث الكثيرة الّتي ثبتت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك منها : </p><p>قوله صلى الله عليه وسلم : « من ابتلي بالقضاء بين المسلمين ، فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر » وفي رواية : « فَلْيُسَوِّ بينهم في النّظر والمجلس والإشارة » . </p><p>وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه" أن آسِ بين النّاس في وجهك وعدلك ومجلسك ، حتّى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ". </p><p>ولأنّ مخالفة ذلك يوهم الخصم الآخر ميل القاضي إلى خصمه ، فيضعفه ذلك عن القيام بحجّته ، ولا يسارّ أحدهما دون الآخر ، ولا يلقّنه حجّته ، ولا يضحك في وجهه ، لأنّ في ذلك كلّه مخالفةً للمساواة المطلوبة . </p><p>ويشمل هذا الشّريف والوضيع والأب والابن ، والصّغير والكبير والرّجل والمرأة . كما اتّفقوا على تقديم الأوّل فالأوّل ، إذا حضر القاضي خصوم وازدحموا ، لأنّ الحقّ للسّابق ، فإن جهل الأسبق منهم ، أو جاءوا معاً أقرع بينهم ، وقدّم من خرجت قرعته ، إذ لا مرجّح إلاّ بها . فإن حضر مسافرون ومقيمون : فإن كان المسافرون قليلاً ، بحيث لا يضرّ تقديمهم على المقيمين قدّمهم ، لأنّهم على جناح السّفر ، ولئلاّ يتضرّروا بالتّخلّف . </p><p>وكذلك النّسوة يقدّمن على الرّجال طلباً لسترهنّ ما لم يكثر عددهنّ أيضاً .</p><p>10 - ولكنّهم اختلفوا في حكم تسوية المسلم مع خصمه الكافر . </p><p>فذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة : إلى وجوب المساواة بينهما في كلّ الأمور المذكورة آنفاً ، لأنّ تفضيل المسلم على الكافر ورفعه عليه في مجلس القضاء كسر لقلبه ، وترك للعدل الواجب التّطبيق بين النّاس جميعاً . </p><p>وذهب الشّافعيّة في الرّاجح عندهم ، والحنابلة : إلى جواز رفع المسلم على خصمه الكافر ، لما روي عن عليّ رضي الله عنه من أنّه« خرج إلى السّوق ، فوجد درعه مع يهوديّ ، فعرفها فقال : درعي سقطت وقت كذا فقال اليهوديّ : درعي وفي يدي بيني وبينك قاضي المسلمين . فارتفعا إلى شريح رضي الله عنه ، فلمّا رآه شريح قام من مجلسه ، وأجلسه في موضعه ، وجلس مع اليهوديّ بين يديه ، فقال عليّ : إنّ خصمي لو كان مسلماً لجلست معه بين يديك ، ولكنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تساووهم في المجالس » اقض بينيّ وبينه يا شريح . والحديث : « الإسلام يعلو ولا يعلى » .</p><p>التّسوية بين الأولاد في العطيّة :</p><p>11 - اختلف العلماء في وجوب التّسوية بين الأولاد في العطيّة . </p><p>فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ التّسوية بينهم في العطايا مستحبّة ، وليست واجبةً . لأنّ الصّدّيق رضي الله عنه فضّل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة ، وفضّل عمر رضي الله عنه ابنه عاصماً بشيء من العطيّة على غيره من أولاده . </p><p>ولأنّ في قوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث النّعمان بن بشير رضي الله عنهما : « فأشهد على هذا غيري » ما يدلّ على الجواز . </p><p>وذهب الحنابلة ، وأبو يوسف من الحنفيّة ، وهو قول ابن المبارك ، وطاووس ، وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله : إلى وجوب التّسوية بين الأولاد في الهبة . </p><p>فإن خصّ بعضهم بعطيّة ، أو فاضل بينهم فيها أثم ، ووجبت عليه التّسوية بأحد أمرين : إمّا ردّ ما فضّل به البعض ، وإمّا إتمام نصيب الآخر ، لخبر الصّحيحين عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : « وهبني أبي هبةً . فقالت أمّي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها : لا أرضى حتّى تشهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه : إنّ أمّ هذا أعجبها أن أشهدك على الّذي وهبت لابنها ، فقال صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال : نعم . قال : كلّهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا . قال : فأرجعه » . وفي رواية قال : « اتّقوا اللّه ، واعدلوا بين أولادكم » وفي رواية أخرى « لا تشهدني على جور . إنّ لبنيك من الحقّ أن تعدل بينهم » وفي رواية : « فأشهد على هذا غيري » . وروي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « سوّوا بين أولادكم في العطيّة ، ولو كنت مؤثراً أحداً لآثرت النّساء على الرّجال » .</p><p>12 - واختلفوا كذلك في معنى التّسوية بين الذّكر والأنثى من الأولاد . </p><p>فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ معنى التّسوية بين الذّكر والأنثى من الأولاد : العدل بينهم في العطيّة بدون تفضيل ، لأنّ الأحاديث الواردة في ذلك لم تفرّق بين الذّكر والأنثى . </p><p>وذهب الحنابلة ، والإمام محمّد بن الحسن من الحنفيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة إلى أنّ المشروع في عطيّة الأولاد القسمة بينهم على قدر ميراثهم : أي للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لأنّ اللّه سبحانه وتعالى قسم لهم في الإرث هكذا ، وهو خير الحاكمين ، وهو العدل المطلوب بين الأولاد في الهبات والعطايا . </p><p>وإن سوّى بين الذّكر والأنثى ، أو فضّلها عليه ، أو فضّل بعض البنين أو بعض البنات على بعض ، أو خصّ بعضهم بالوقف دون بعض ، فقال أحمد في رواية محمّد بن الحكم : إن كان على طريق الأثرة فأكرهه ، وإن كان على أنّ بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به . </p><p>وعلى قياس قول الإمام أحمد : لو خصّ المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضاً لهم على طلب العلم ، أو ذا الدّين دون الفسّاق ، أو المريض ، أو من له فضل من أجل فضيلته فلا بأس .</p><p>التّسوية في الشّفعة بين المستحقّين :</p><p>13 - اختلف الفقهاء في التّسوية في الشّفعة بين المستحقّين لها . </p><p>فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إلى أنّهم يأخذون بالشّفعة على قدر حصصهم من الملك ، لأنّه حقّ مستحقّ بالملك على قدره ، فلو كانت أرض بين ثلاثة من الشّركاء مثلاً : لواحد نصفها ، ولآخر ثلثها ، ولثالث سدسها ، فباع الأوّل - وهو صاحب النّصف - حصّته أخذ الثّاني سهمين ، والثّالث سهماً واحداً . </p><p>وذهب الحنفيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة ، وبعض الحنابلة ، واختاره جمع من المتأخّرين : إلى أنّ الشّركاء يقتسمون الشّقص على قدر رءوسهم ، وعلى هذا يقسم النّصف في المثال السّابق بين الشّريكين سواءً بسواء ، لأنّ سبب الشّفعة هو أصل الشّركة ، وهم مستوون فيها ، فيجب التّسوية بينهم في اقتسام المشفوع فيه .</p><p>التّسوية بين النّاس في المرافق العامّة :</p><p>14 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرافق العامّة - من الشّوارع والطّرق ، وأفنية الأملاك ، والرّحاب بين العمران ، وحريم الأمصار ، ومنازل الأسفار ، ومقاعد الأسواق ، والجوامع والمساجد ، والأنهار الّتي أجراها اللّه سبحانه وتعالى ، والعيون الّتي أنبع اللّه ماءها ، والمعادن الظّاهرة وهي الّتي خرجت بدون عمل النّاس كالملح والماء والكبريت والكحل وغيرها والكلأ - اتّفقوا على أنّ هذه الأشياء من المنافع المشتركة بين النّاس ، فهم فيها سواسية ، فيجوز الانتفاع بها للمرور والاستراحة والجلوس والمعاملة والقراءة والدّراسة والشّرب والسّقاية ، وغير ذلك من وجوه الانتفاع . </p><p>ولكن لا يجوز اقتطاعها لأحد من النّاس ، ولا احتجازها دون المسلمين ، لأنّ فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم . ويكون الحقّ فيها للسّابق حتّى يرتحل عنها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « مِنًى مُنَاخ من سبق إليها » . ويشترط عدم الإضرار ، فإذا تضرّر به النّاس لم يجز ذلك بأيّ حال ، لقوله صلى الله عليه وسلم « لا ضرر ولا ضرار » .</p><p>تسوية القبر :</p><p>15 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى استحباب رفع القبر مقدار شبر من الأرض ، أو أكثر منه بقليل إن لم يخش نبشه من كافر أو نحوه ، وذلك ليعلم أنّه قبر فيزار ، ويترحّم على صاحبه ، ويحترم . </p><p>واستدلّوا بما صحّ من أنّ قبر الرّسول صلى الله عليه وسلم رفع نحو شبر فعن جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن الأرض قدر شبر » . </p><p>وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر رضي الله عنهم قال : « قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمّه اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفةً ولا لاطئةً مبطوحةً ببطحاء العرصة الحمراء » . </p><p>وعن إبراهيم النّخعيّ رحمه الله أنّه قال : أخبرني من رأى قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنّها مسنّمة . </p><p>وروي أيضاً أنّ عبد اللّه بن عبّاس رضي الله عنهما لمّا مات بالطّائف ، صلّى عليه محمّد بن الحنفيّة رحمه الله ، وكبّر عليه أربعاً ، وجعل له لحداً ، وأدخله القبر من قبل القبلة ، وجعل قبره مسنّماً ، وضرب عليه فسطاطاً . </p><p>ولكنّ الصّحيح عند الشّافعيّة أنّ تسطيح القبر وتسويته بالأرض أولى من تسنيمه ، لما صحّ عن القاسم بن محمّد من « أنّ عمّته عائشة رضي الله عنها كشفت له عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه فإذا هي مسطّحة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء » .</p><p>16 - ويكره عند الجمهور ما زاد عن مقدار الشّبر زيادةً كبيرةً ، إن لم يكن لحاجة كخوف نبش قبر المؤمن من نحو كافر ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه « لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته » . والمشرف ما رفع كثيراً بدليل « قول القاسم في صفة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبيه : لا مشرفة ولا لاطئة » .</p><p>***************************************</p><p>نهاية الجزء الحادي عشر / الموسوعة الفقهية</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41263, member: 329"] الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّبييض : 2 - التّبييض : مصدر بيّض ، يقال : بيّض الشّيء أي جعله أبيض ، ضدّ سوّده . والبياض ضدّ السّواد ، والبيّاض : الرّجل الّذي يبيّض الثّياب . والمبيِّضة : أصحاب البياض ، وهم فرقة من الثّنويّة سمّوا كذلك لتبييضهم الثّياب ، مخالفةً للمسوّدة من العبّاسيّين . ب - التّعظيم : 3 - التّعظيم : مصدر عظّم ، يقال : عظّمه تعظيماً أي : كبّره وفخّمه . والتّعظيم يكون باعتبار الوصف والكيفيّة ، ويقابله التّحقير فيهما بحسب المنزلة والرّتبة . ج - التّفضيل : 4 - التّفضيل : مصدر فضّل ، يقال : فضّلته على غيره تفضيلاً أي : صيّرته أفضل منه ، وفضّله أي مزّاه . والتّفضيل دون التّسويد - بمعنى السّيادة - لكنّه سبب له وطريق إليه . د - التّكريم : 5 - التّكريم : أن يوصل إلى الإنسان نفع لا يلحقه فيه غضاضة ، أو أن يجعل ما يوصل إلى الإنسان شيئاً كريماً أي شريفاً . وهو مصدر كرّم ، يقال : كرّمه تكريماً أي عظّمه ونزّهه . والإكرام والتّكريم بمعنًى ، والكرم ضدّ اللّؤم . الحكم التّكليفيّ : 6 - يختلف حكم التّسويد باختلاف معناه ومبحثه الفقهيّ . فالتّسويد يأتي بمعنى : السّيادة ، ويبحث حكمه في مواطن منها : تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصّلاة وفي غيرها ، وتسويد غيره صلى الله عليه وسلم وتسويد المنافق . ويأتي التّسويد بمعنى : التّلوين بالسّواد ، ويبحث حكمه في مواطن منها : التّعزير ، والخضاب ، والحداد ، والتّعزية ، واللّباس والعمامة ، وشعر المبيع . أوّلاً التّسويد من السّيادة تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم : اختلف الفقهاء في حكم تسويد النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصّلاة ، وحكم تسويده صلى الله عليه وسلم في غير الصّلاة . أ - في الصّلاة : 7 - ورد لفظ الصّلوات الإبراهيميّة في كتب الحديث والفقه مأثوراً عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من غير ذكر " سيّدنا " قبل اسمه عليه الصلاة والسلام . وأمّا إضافة لفظ " سيّدنا " فرأى من لم يقل بزيادتها الالتزام بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لأنّ فيه امتثالاً لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من غير زيادة في الأذكار والألفاظ المأثورة عنه ، كالأذان والإقامة والتّشهّد والصّلاة الإبراهيميّة . وأمّا بخصوص زيادة " سيّدنا " في الصّلاة الإبراهيميّة بعد التّشهّد ، فقد ذهب إلى استحباب ذلك بعض الفقهاء المتأخّرين كالعزّ بن عبد السّلام والرّمليّ والقليوبيّ والشّرقاويّ من الشّافعيّة ، والحصكفيّ وابن عابدين من الحنفيّة متابعةً للرّمليّ الشّافعيّ ، كما صرّح باستحبابه النّفراويّ من المالكيّة . وقالوا : إنّ ذلك من قبيل الأدب ، ورعاية الأدب خير من الامتثال ، كما قال العزّ بن عبد السّلام . ب - في غير الصّلاة : 8 - أجمع المسلمون على ثبوت السّيادة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى عَلَمِيَّتِه في السّيادة . قال الشّرقاويّ : فلفظ " سيّدنا " علم عليه صلى الله عليه وسلم . ومع ذلك خالف بعضهم وقالوا : إنّ لفظ السّيّد لا يطلق إلاّ على اللّه تعالى ، لما روي عن أبي نضرة عن مطرّف قال : قال أبي : « انطلقت في وفد بني عامر إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقلنا : أنت سيّدنا ، فقال : السّيّد اللّه تبارك وتعالى . قلنا : وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً ، قال : قولوا بقولكم أو بعض قولكم ، ولا يسخر بكم الشّيطان » . وفي حديث آخر « أنّه جاءه رجل فقال : أنت سيّد قريش ، فقال صلى الله عليه وسلم : السّيّد اللّه » . قال ابن الأثير في النّهاية : أي هو الّذي يحقّ له السّيادة ، كأنّه كره أن يحمد في وجهه ، وأحبّ التّواضع . ومنه الحديث لما قالوا : أنت سيّدنا ، قال : « قولوا بقولكم » أي ادعوني نبيّاً ورسولاً كما سمّاني اللّه ، ولا تسمّوني سيّداً كما تسمّون رؤساءكم ، فإنّي لست كأحدهم ممّن يسودكم في أسباب الدّنيا . وأضاف ابن مفلح إلى ما سبق : والسّيّد يطلق على الرّبّ ، والمالك ، والشّريف ، والفاضل ، والحكيم ، ومتحمّل أذى قومه ، والزّوج ، والرّئيس ، والمقدّم . وقال أبو منصور : كره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يمدح في وجهه وأحبّ التّواضع للّه تعالى ، وجعل السّيادة للّذي ساد الخلق أجمعين . وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ رضي الله عنه حين قال لقومه الأنصار : « قوموا إلى سيّدكم » أراد أنّه أفضلكم رجلاً وأكرمكم . وأمّا صفة اللّه جلّ ذِكْره بالسّيّد فمعناه : أنّه مالك الخلق والخلق كلّهم عبيده - أي فلا يطلق لفظ السّيّد بهذا المعنى على غير اللّه تعالى - وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر » أراد أنّه أوّل شفيع ، وأوّل من يفتح له باب الجنّة ، قال ذلك إخباراً عمّا أكرمه اللّه به من الفضل والسّودد ، وتحدّثاً بنعمة اللّه عنده ، وإعلاماً منه ، ليكون إيمانهم به على حسبه وموجبه ، ولهذا أتبعه بقوله : « ولا فخر » أي أنّ هذه الفضيلة الّتي نلتها كرامةً من اللّه تعالى ، لم أنلها من قبل نفسي ، ولا بلغتها بقوّتي ، فليس لي أن أفتخر بها . وقال السّخاويّ : إنكاره صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم وكراهةً منه أن يحمد ويمدح مشافهةً ، أو لأنّ ذلك كان من تحيّة الجاهليّة ، أو لمبالغتهم في المدح ، وقد صحّ قوله صلى الله عليه وسلم : « أنا سيّد ولد آدم » وقوله للحسن رضي الله عنه : « إنّ ابني هذا سيّد » وورد قول سهل بن حنيف رضي الله عنه للنّبيّ صلى الله عليه وسلم : « يا سيّدي » في حديث عند النّسائيّ في عمل اليوم واللّيلة ، وقول ابن مسعود : " اللّهمّ صلّ على سيّد المرسلين ". وفي كلّ هذا دلالة واضحة وبراهين لائحة على جواز ذلك ، والمانع يحتاج إلى إقامة دليل ، سوى ما تقدّم ، لأنّه لا ينهض دليلاً مع الاحتمالات السّابقة . تسويد غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم : 9 - اختلف الفقهاء في جواز إطلاق لفظ السّيّد على غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم : فذهب جمهورهم إلى جواز إطلاق لفظ السّيّد على غير النّبيّ صلى الله عليه وسلم واستدلّوا بقول اللّه تعالى في يحيى عليه السلام : { وَسَيِّدَاً وَحَصُورَاً وَنَبِيَّاً مِنَ الصَّالِحِينَ } أي أنّه فاق غيره عفّةً ونزاهةً عن الذّنوب . وقوله عزّ وجلّ في امرأة العزيز : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَها لَدَى الباب } أي زوجها وبما روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل : من السّيّد ؟ قال : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام قالوا : فما في أمّتك من سيّد ؟ قال : بلى ، من آتاه اللّه مالاً ، ورزق سماحةً ، فأدّى شكره ، وقلّت شكايته في النّاس » وبقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار وبني قريظة : « قوموا إلى سيّدكم » يعني سعد بن معاذ . وقوله صلى الله عليه وسلم في الحسن بن عليّ رضي الله عنهما - كما ورد في الصّحيحين - « إنّ ابني هذا سيّد ، ولعلّ اللّه يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين » وكذلك كان. وقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار : « من سيّدكم ؟ قالوا : الجدّ بن قيس على أنّا نبخّله ، قال صلى الله عليه وسلم : وأيّ داء أدوى من البخل » . وبقوله صلى الله عليه وسلم :« كلّ بني آدم سيّد ، فالرّجل سيّد أهله ،والمرأة سيّدة بيتها ». ومنه حديث أمّ الدّرداء رضي الله عنها : حدّثني سيّدي أبو الدّرداء . وبقول عمر رضي الله عنه لمّا سئل : من الّذي إلى جانبك ، فأجاب : هذا سيّد المسلمين أبيّ بن كعب رضي الله عنه . وقالوا : إنّه لم يرد في القرآن الكريم ولا في حديث متواتر أنّ السّيّد من أسماء اللّه تعالى ، ولأنّ إطلاق لفظ السّيّد على اللّه عزّ وجلّ لكونه سبحانه مالك الخلق أجمعين ، ولا مالك لهم سواه ، وإطلاق هذا اللّفظ على غير اللّه تعالى لا يكون بهذا المعنى الجامع الكامل ، بل بمعان قاصرة عن ذلك . وقال بعضهم : إنّ لفظ السّيّد لا يطلق إلاّ على اللّه سبحانه وتعالى ، لما ورد في حديث مطرّف الّذي سبق ذكره . وقال الخطّابيّ : لا يقال السّيّد ولا المولى على الإطلاق من غير إضافة إلاّ في صفة اللّه تعالى . وقال بعضهم : إنّ لفظ السّيّد يجوز إطلاقه على مالك العبد أو مالكته ، لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : لا يقولنّ أحدكم : عبدي وأمتي ، ولا يقولنّ المملوك : ربّي وربّتي ، وليقل المالك : فتاي وفتاتي . وليقل المملوك : سيّدي وسيّدتي ، فإنّهم المملوكون ، والرّبّ : اللّه تعالى » قال صاحب عون المعبود : كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ، ويكره أن يخاطب أحداً بلفظه أو كتابته بالسّيّد ، ويتأكّد هذا إذا كان المخاطب غير تقيّ . من يستحقّ التّسويد : 10 - لفظ السّيّد مشتقّ من السّؤدد ، وهو : المجد والشّرف ،ويطلق على المتولّي للجماعة. ومن شرطه وشأنه أن يكون مهذّب النّفس شريفاً . وعلى من قام به بعض خصال الخير من الفضل والشّرف والعبادة والورع والحلم والعقل والنّزاهة والعفّة والكرم ونحو ذلك . إطلاق لفظ السّيّد على المنافق : 11 - المنافق ليس من هذه الخصال في شيء ، لأنّه كاذب مدلّس خائن ، لا توافق سريرته علانيته . وفي العقيدة : يبطن الكفر ويظهر الإسلام . وقد ورد النّهي عن إطلاق لفظ السّيّد على المنافق فيما روي عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا للمنافق سيّد ، فإنّه إن يك سيّدكم فقد أسخطتم ربّكم عزّ وجلّ » وذلك لأنّ السّيّد هو المستحقّ للسّؤدد ، أي للأسباب العالية الّتي تؤهّله لذلك ، فأمّا المنافق فإنّه موصوف بالنّقائص ، فوصفه بذلك وضع له في مكان لم يضعه اللّه فيه ، فلا يبعد أن يستحقّ واضعه بذلك سخط اللّه . وقيل معناه : إن يك سيّداً لكم فتجب عليكم طاعته ، فإذا أطعتموه في نفاق فقد أسخطتم ربّكم . وقال ابن الأثير : لا تقولوا للمنافق سيّد ، فإنّه إن كان سيّدكم وهو منافق فحالكم دون حاله ، واللّه لا يرضى لكم ذلك . ثانياً التّسويد من السّواد أ - التّسويد بالخضاب : 12 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّ خضاب الرّجل بالسّواد مكروه في غير الجهاد في الجملة . وللحنفيّة والمالكيّة في ذلك تفصيل : قال ابن عابدين : يكره الخضاب بالسّواد أي لغير الحرب ، قال في الذّخيرة : أمّا الخضاب بالسّواد للغزو - ليكون أهيب في عين العدوّ - فهو محمود بالاتّفاق . وإن كان ليزيّن نفسه للنّساء فمكروه ، وعليه عامّة المشايخ . وبعضهم جوّزه بلا كراهة . روي عن أبي يوسف أنّه قال : كما يعجبني أن تتزيّن لي يعجبها أن أتزيّن لها . وقال المالكيّة : الخضاب بالسّواد إذا كان للتّغرير فهو حرام . كمن أراد نكاح امرأة فصبغ شعر لحيته الأبيض ، بالسّواد . وإن كان للجهاد حتّى يوهم العدوّ الشّباب ندب . وإن كان للتّشابّ كره . وإن كان مطلقاً فقولان : بالكراهة والجواز . وقال الشّافعيّة : إنّ الخضاب بالسّواد حرام في الجملة ، ولهم في ذلك تفصيل وخلاف . قال النّوويّ في المجموع : اتّفقوا على ذمّ خضاب الرّأس واللّحية بالسّواد ، ثمّ قال : قال : الغزاليّ في الإحياء ، والبغويّ في التّهذيب ، وآخرون من الأصحاب : هو مكروه . وظاهر عبارتهم أنّه مكروه كراهة تنزيه ، والصّحيح - بل الصّواب - أنّه حرام . وممّن صرّح بتحريمه صاحب الحاوي في باب الصّلاة بالنّجاسة ، قال : إلاّ أن يكون في الجهاد ، وقال في آخر كتاب الأحكام السّلطانيّة يمنع المحتسب النّاس من خضاب الشّيب بالسّواد إلاّ المجاهد ، ودليل تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال : « أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنهما يوم فتح مكّة ورأسه ولحيته كالثّغامة بياضاً فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : غيّروا هذا ، واجتنبوا السّواد » ، وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يكون قوم يخضّبون في آخر الزّمان بالسّواد كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنّة » ، ولا فرق في المنع من الخضاب بالسّواد بين الرّجل والمرأة .. هذا مذهبنا ، وحكي عن إسحاق بن راهويه أنّه رخّص فيه للمرأة تتزيّن به لزوجها . وقال النّوويّ في روضة الطّالبين : خضاب المرأة بالسّواد إن كانت خليّةً من الزّوج وفعلته فهو حرام ، وإن كانت زوجةً وفعلته بإذنه فجائز على المذهب ،وقيل : وجهان كوصل الشّعر. وقال الرّمليّ : يحرم على المرأة الخضاب بالسّواد ، فإن أذن لها زوجها في ذلك جاز ، لأنّ له غرضاً في تزيّنها له ، كما في الرّوضة وأصلها ، وهو الأوجه . هذا في خضب الرّجل والمرأة الشّعر بالسّواد ، أمّا خضبهما الشّعر بغير السّواد ، كالحمرة والصّفرة مثلاً ، وخضبهما غير الشّعر كاليدين والرّجلين ففيه تفصيل يذكر في موطنه . وقال الحافظ في الفتح : إنّ من العلماء من رخّص في الاختضاب بالسّواد مطلقاً ، ومنهم من رخّص فيه للرّجال دون النّساء . وتفصيل ذلك في مصطلح : ( اختضاب ) . ب - لبس السّواد في الحداد : 13 - اتّفق الفقهاء على أنّه يجوز للمتوفّى عنها زوجها لبس السّواد من الثّياب ... ولا يجب عليها ذلك ، بل لها أن تلبس غيره . واختلف فقهاء الحنفيّة في المدّة الّتي يجوز لها أن تلبس فيها السّواد ، فقال بعضهم : لا تجاوز ثلاثة أيّام . ولكنّ فقهاء المذهب - ومنهم ابن عابدين - حملوا ذلك على ما تصبغه الزّوجة بالسّواد وتلبسه تأسّفاً على زوجها ، أمّا ما كان مصبوغاً بالسّواد قبل موت زوجها ، فيجوز لها أن تلبسه مدّة الحداد كلّها .ومنع الحنفيّة لبس السّواد في الحداد على غير الزّوج. وقال المالكيّة : إنّ المحدّ يجوز لها أن تلبس الأسود ، إلاّ إذا كانت ناصعة البياض ، أو كان الأسود زينة قومها . وقال القليوبيّ من الشّافعيّة : إذا كان الأسود عادة قومها في التّزيّن به حرم لبسه ، ونقل النّوويّ عن الماورديّ أنّه أورد في " الحاوي " وجهاً يلزمها السّواد في الحداد . ج - لبس السّواد في التّعزية : 14 - اتّفق الفقهاء على أنّ تسويد الوجه حزناً على الميّت - من أهله أو من المعزّين لا يجوز - لما فيه من إظهار للجزع وعدم الرّضا بقضاء اللّه وعلى السّخط من فعله ، ممّا ورد النّهي عنه في الأحاديث . وتسويد الثّياب للتّعزية مكروه للرّجال ، ولا بأس به للنّساء ، أمّا صبغ الثّياب أسود أو أكهب تأسّفاً على الميّت فلا يجوز على التّفصيل السّابق . د - السّواد في اللّباس والعمامة : 15 - يندب لبس السّواد عند الحنفيّة ، قال ابن عابدين : ندب لبس السّواد ، لأنّ محمّداً ذكر في السّير الكبير في باب الغنائم حديثاً يدلّ على أنّ لبس السّواد مستحبّ . أمّا الصّبغ بالأسود ، ولبس المصبوغ به فنقل عن أبي حنيفة : أنّه لا بأس به . وقال الشّافعيّة : يندب لإمام الجمعة أن يزيد في حسن الهيئة والعمّة والارتداء ، وترك لبس السّواد له أولى من لبسه ، إلاّ إن خشي مفسدةً تترتّب على تركه من سلطان أو غيره ، وقال ابن عبد السّلام في فتاويه : المواظبة على لبسه بدعة ، فإن منع الخطيب أن يخطب إلاّ به فليفعل وقالوا : نقل أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم لبس العمامة البيضاء والعمامة السّوداء » ، ولكنّ الأفضل في لونها البياض لعموم الخبر الصّحيح الآمر بلبس البياض ، وأنّه خير الألوان في الحياة والموت . وقال الحنابلة : يباح السّواد ولو للجند ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « دخل مكّة عام الفتح وعليه عمامة سوداء » . هـ - تسويد الوجه في التّعزير : 16 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لا يجوز في التّعزير تسخيم الوجه ، أي دهن وجه المعزّر بالسّخام ، وهو السّواد الّذي يتعلّق بأسفل القدر ومحيطه من كثرة الدّخان . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجوز تسويد الوجه في التّعزير ، لأنّ الإمام يجتهد في جنس ما يعزّر به وفي قدره ، ويفعل بكلّ معزّر ما يليق به وبجنايته ، مع مراعاة التّرتيب والتّدريج ، فلا يرقى لمرتبة وهو يرى ما دونها كافياً . تسوية * التّعريف : 1 - التّسوية لغةً : العدل والنّصفة ، والجور أو الظّلم ضدّ العدل ، واستوى القوم في المال مثلاً : إذا لم يفضل أحد منهم غيره في المال . وسواء الشّيء : غيره ومثله - من الأضداد - وتساوت الأمور : تماثلت ، واستوى الشّيئان وتساويا : تماثلا . ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : القسم : 2 - وهو مصدر قسم الشّيء يقسمه قسماً : جَزّأه ، والقسم : نصيب الإنسان من الشّيء ويقال : قسمت الشّيء بين الشّركاء ، وأعطيت كلّ شريك قسمه . ومنه التّقسيم والقسمة قد تكون بالتّساوي ، وقد تكون بالتّفاضل . الحكم التّكليفيّ : يختلف حكم التّسوية باعتبار ما يتعلّق به على الوجه الآتي : تسوية الصّفوف في الصّلاة : 3 - اتّفق العلماء على أنّ من السّنن المؤكّدة تسوية الصّفوف في صلاة الجماعة ، بحيث لا يتقدّم بعض المصلّين على البعض الآخر ، والتّراصّ في الصّفوف ، بحيث لا يكون فيها فرجة ، للأحاديث الكثيرة الّتي وردت في الحثّ عليها : منها قوله صلى الله عليه وسلم : « سوّوا صفوفكم ، فإنّ تسوية الصّفّ من تَمام الصّلاة » وفي رواية « فإنّ تسوية الصّفوف من إقامة الصّلاة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « أقيموا صفوفكم وتراصّوا ، فإنّي أراكم من وراء ظهري » وقوله صلى الله عليه وسلم : « لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم أو ليخالفَنَّ اللّه بين وجوهكم » . وبيان ما تتحقّق به التّسوية في الصّفوف ينظر في مصطلح ( صلاة الجماعة ) . تسوية الظّهر في الرّكوع : 4 - اتّفق الفقهاء على أنّ أكمل الرّكوع هو أن ينحني المصلّي ، بحيث يستوي ظهره وعنقه ، بأن يمدّهما حتّى يصيرا كالصّحيفة الواحدة ، وينصب ساقيه وفخذيه إلى الحقو ، ولا يثني ركبتيه حتّى لا يفوت استواء الظّهر به . لأنّ ذلك ثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي حميد السّاعديّ رضي الله عنه قال : « رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا كبّر جعل يديه حَذْوَ منكبيه ، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثمّ هصر ظهره » وفي رواية « ثمّ حنى غير مقنّع رأسه ولا مصوّبه » وعن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفتتح الصّلاة بالتّكبير إلى أن قالت : وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوّبه ، ولكن بين ذلك » . وفي حديث المسيء صلاته قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم له : « فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ، وامدد ظهرك ، ومكّن ركوعك » . قال الإمام البغويّ رحمه الله : السّنّة في الرّكوع عند عامّة العلماء : أن يضع راحتيه على ركبتيه ، ويفرّج بين أصابعه ، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ، ويسوّي ظهره وعنقه ورأسه . التّسوية في إعطاء الزّكاة بين الأصناف الثّمانية : 5 - اختلف العلماء في وجوب التّسوية في الزّكاة بين الأصناف الثّمانية ، فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى جواز الاقتصار على صنف واحد من الأصناف الثّمانية ، وإلى جواز أن يعطيها شخصاً واحداً من الصّنف الواحد ، فلا يجب على الإمام - إن كان هو الّذي يوزّع - ولا على المالك أن يستوعب جميع الأصناف ، ولا آحاد كلّ صنف . واستدلّوا لذلك بأدلّة منها : « قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : أعلمهم أنّ عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم » ففيه الأمر بردّ جملتها في الفقراء ، وهم صنف واحد ، ولم يذكر سواهم . ثمّ أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف ثان غير الفقراء ، وهم المؤلّفة قلوبهم : الأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن ، وعلقمة بن علاقة ، وزيد الخير . حيث قسم فيهم الذّهيبة الّتي بعث بها إليه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن . قال ابن قدامة : وإنّما يؤخذ من أهل اليمن الصّدقة . وفي حديث سلمة بن صخر البياضيّ رضي الله عنه « أنّه صلى الله عليه وسلم أمر له بصدقة قومه بقوله عليه الصلاة والسلام : فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك » . لكنّهم مع ذلك يرون أنّه من الأفضل في القسمة أن يقدّم الأكثر حاجةً ، فالّذي يليه . فعن عمر رضي الله عنه أنّه كان إذا جمع صدقات المواشي من البقر والغنم ، نظر منها ما كان منيحة اللّبن ، فيعطيها لأهل بيت واحد على قدر ما يكفيهم ، وكان يعطي العشرة للبيت الواحد ثمّ يقول : عطيّة تكفي خير من عطيّة لا تكفي . وذهب الإمام النّخعيّ رحمه الله إلى أنّه إن كان المال كثيراً يحتمل الأصناف قسمه عليهم ، وإن كان قليلاً جاز وضعه في صنف واحد . وذهب الشّافعيّة ، وهو قول عكرمة إلى وجوب استيعاب الأصناف الثّمانية إن كان الإمام أو نائبه هو الّذي يقسم ، فإن فقد بعض الأصناف فعلى الموجودين . وكذا يجب على المالك إن تولّى بنفسه القسمة أن يستوعب الأصناف السّبعة غير العامل إن انحصر المستحقّون في البلد ، بأن سهل عادةً ضبطهم ومعرفة عددهم . وإن لم ينحصروا فيجب إعطاء ثلاثة فأكثر من كلّ صنف ، لأنّ اللّه تعالى أضاف إليهم الزّكوات بلفظ الجمع ، وأقلّه ثلاثة . 6- وتجب التّسوية بين الأصناف الثّمانية سواء قسّم الإمام أو المالك ، وإن كانت حاجة بعضهم أشدّ ،لأنّ اللّه سبحانه وتعالى جمع بينهم بواو التّشريك ، فاقتضى أن يكونوا سواءً . « ولقوله صلى الله عليه وسلم لرجل سأله من الزّكاة إنّ اللّه لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره في الصّدقات ،حتّى حكم هو فيها ،فجزّأها ثمانية أجزاء ،فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك » 7- كما يجب على الإمام أن يسوّي بين آحاد الصّنف الواحد ، إذا كانت حاجاتهم متساويةً ، لأنّ عليه التّعميم فتلزمه التّسوية ، ولأنّه نائبهم فيحرم عليه التّفضيل . أمّا إذا اختلفت حاجاتهم فعليه أن يراعيها . ولا يجب على المالك التّسوية بين آحاد الصّنف الواحد لعدم انضباط الحاجات الّتي من شأنها التّفاوت ، لكن يسنّ له التّسوية إن تساوت حاجاتهم ، فإن تفاوتت استحبّ التّفاوت بقدرها . التّسوية بين الزّوجات في القسم : 8 - اتّفق الفقهاء على أنّ القسم بين الزّوجات واجب على الرّجل وإن كان مريضاً أو مجبوباً أو عنّيناً ، لأنّ من مقاصد القسم الأنس ، وهو حاصل ممّن لا يطأ . فقد روت عائشة رضي الله عنها « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمّا كان في مرضه جعل يدور على نسائه ، ويقول : أين أنا غداً ؟ أين أنا غداً ؟ » . ويقسم للمريضة ، والحائض ، والنّفساء ، والرّتقاء ، والقرناء ، والمحرمة ، ومن آلى منها أو ظاهر ، والشّابّة ، والعجوز ، والقديمة ، والحديثة . لقوله تعالى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } الآية . وروي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه في القسم ويقول : اللّهمّ هذا قَسْمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما تملك أنتَ ولا أَملك » . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من كان له امرأتان ، فمال إلى إحداهما دون الأخرى ، جاء يوم القيامة وشقّه مائل » . ويسوّي في القسم بين المسلمة والكتابيّة لما ذكرنا من الدّلائل من غير فضل ، ولأنّهما يستويان في سبب وجوب القسم وهو النّكاح ، فيستويان في القسم . وتفصيل القسم بين الزّوجات في الحضر والسّفر ، وفي بدء القسم ، وما يختصّ به العروس عند الدّخول وغير ذلك ، يرجع فيه إلى مصطلح ( القسم بين الزّوجات ) . التّسوية بين المتخاصمين في التّقاضي : 9 - اتّفق الفقهاء أنّ على القاضي العدل بين الخصمين في كلّ شيء من المجلس ، والخطاب ، واللّحظ ، واللّفظ ، والإشارة ، والإقبال ، والدّخول عليه ، والإنصات إليهما ، والاستماع منهما ، والقيام لهما ، وردّ التّحيّة عليهما ، وطلاقة الوجه لهما ، للأحاديث الكثيرة الّتي ثبتت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك منها : قوله صلى الله عليه وسلم : « من ابتلي بالقضاء بين المسلمين ، فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر » وفي رواية : « فَلْيُسَوِّ بينهم في النّظر والمجلس والإشارة » . وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه" أن آسِ بين النّاس في وجهك وعدلك ومجلسك ، حتّى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ". ولأنّ مخالفة ذلك يوهم الخصم الآخر ميل القاضي إلى خصمه ، فيضعفه ذلك عن القيام بحجّته ، ولا يسارّ أحدهما دون الآخر ، ولا يلقّنه حجّته ، ولا يضحك في وجهه ، لأنّ في ذلك كلّه مخالفةً للمساواة المطلوبة . ويشمل هذا الشّريف والوضيع والأب والابن ، والصّغير والكبير والرّجل والمرأة . كما اتّفقوا على تقديم الأوّل فالأوّل ، إذا حضر القاضي خصوم وازدحموا ، لأنّ الحقّ للسّابق ، فإن جهل الأسبق منهم ، أو جاءوا معاً أقرع بينهم ، وقدّم من خرجت قرعته ، إذ لا مرجّح إلاّ بها . فإن حضر مسافرون ومقيمون : فإن كان المسافرون قليلاً ، بحيث لا يضرّ تقديمهم على المقيمين قدّمهم ، لأنّهم على جناح السّفر ، ولئلاّ يتضرّروا بالتّخلّف . وكذلك النّسوة يقدّمن على الرّجال طلباً لسترهنّ ما لم يكثر عددهنّ أيضاً . 10 - ولكنّهم اختلفوا في حكم تسوية المسلم مع خصمه الكافر . فذهب الحنفيّة والمالكيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة : إلى وجوب المساواة بينهما في كلّ الأمور المذكورة آنفاً ، لأنّ تفضيل المسلم على الكافر ورفعه عليه في مجلس القضاء كسر لقلبه ، وترك للعدل الواجب التّطبيق بين النّاس جميعاً . وذهب الشّافعيّة في الرّاجح عندهم ، والحنابلة : إلى جواز رفع المسلم على خصمه الكافر ، لما روي عن عليّ رضي الله عنه من أنّه« خرج إلى السّوق ، فوجد درعه مع يهوديّ ، فعرفها فقال : درعي سقطت وقت كذا فقال اليهوديّ : درعي وفي يدي بيني وبينك قاضي المسلمين . فارتفعا إلى شريح رضي الله عنه ، فلمّا رآه شريح قام من مجلسه ، وأجلسه في موضعه ، وجلس مع اليهوديّ بين يديه ، فقال عليّ : إنّ خصمي لو كان مسلماً لجلست معه بين يديك ، ولكنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « لا تساووهم في المجالس » اقض بينيّ وبينه يا شريح . والحديث : « الإسلام يعلو ولا يعلى » . التّسوية بين الأولاد في العطيّة : 11 - اختلف العلماء في وجوب التّسوية بين الأولاد في العطيّة . فذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ التّسوية بينهم في العطايا مستحبّة ، وليست واجبةً . لأنّ الصّدّيق رضي الله عنه فضّل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة ، وفضّل عمر رضي الله عنه ابنه عاصماً بشيء من العطيّة على غيره من أولاده . ولأنّ في قوله صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث النّعمان بن بشير رضي الله عنهما : « فأشهد على هذا غيري » ما يدلّ على الجواز . وذهب الحنابلة ، وأبو يوسف من الحنفيّة ، وهو قول ابن المبارك ، وطاووس ، وهو رواية عن الإمام مالك رحمه الله : إلى وجوب التّسوية بين الأولاد في الهبة . فإن خصّ بعضهم بعطيّة ، أو فاضل بينهم فيها أثم ، ووجبت عليه التّسوية بأحد أمرين : إمّا ردّ ما فضّل به البعض ، وإمّا إتمام نصيب الآخر ، لخبر الصّحيحين عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : « وهبني أبي هبةً . فقالت أمّي عمرة بنت رواحة رضي الله عنها : لا أرضى حتّى تشهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأتى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه : إنّ أمّ هذا أعجبها أن أشهدك على الّذي وهبت لابنها ، فقال صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا ؟ قال : نعم . قال : كلّهم وهبت له مثل هذا ؟ قال : لا . قال : فأرجعه » . وفي رواية قال : « اتّقوا اللّه ، واعدلوا بين أولادكم » وفي رواية أخرى « لا تشهدني على جور . إنّ لبنيك من الحقّ أن تعدل بينهم » وفي رواية : « فأشهد على هذا غيري » . وروي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « سوّوا بين أولادكم في العطيّة ، ولو كنت مؤثراً أحداً لآثرت النّساء على الرّجال » . 12 - واختلفوا كذلك في معنى التّسوية بين الذّكر والأنثى من الأولاد . فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ معنى التّسوية بين الذّكر والأنثى من الأولاد : العدل بينهم في العطيّة بدون تفضيل ، لأنّ الأحاديث الواردة في ذلك لم تفرّق بين الذّكر والأنثى . وذهب الحنابلة ، والإمام محمّد بن الحسن من الحنفيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة إلى أنّ المشروع في عطيّة الأولاد القسمة بينهم على قدر ميراثهم : أي للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لأنّ اللّه سبحانه وتعالى قسم لهم في الإرث هكذا ، وهو خير الحاكمين ، وهو العدل المطلوب بين الأولاد في الهبات والعطايا . وإن سوّى بين الذّكر والأنثى ، أو فضّلها عليه ، أو فضّل بعض البنين أو بعض البنات على بعض ، أو خصّ بعضهم بالوقف دون بعض ، فقال أحمد في رواية محمّد بن الحكم : إن كان على طريق الأثرة فأكرهه ، وإن كان على أنّ بعضهم له عيال وبه حاجة يعني فلا بأس به . وعلى قياس قول الإمام أحمد : لو خصّ المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه تحريضاً لهم على طلب العلم ، أو ذا الدّين دون الفسّاق ، أو المريض ، أو من له فضل من أجل فضيلته فلا بأس . التّسوية في الشّفعة بين المستحقّين : 13 - اختلف الفقهاء في التّسوية في الشّفعة بين المستحقّين لها . فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إلى أنّهم يأخذون بالشّفعة على قدر حصصهم من الملك ، لأنّه حقّ مستحقّ بالملك على قدره ، فلو كانت أرض بين ثلاثة من الشّركاء مثلاً : لواحد نصفها ، ولآخر ثلثها ، ولثالث سدسها ، فباع الأوّل - وهو صاحب النّصف - حصّته أخذ الثّاني سهمين ، والثّالث سهماً واحداً . وذهب الحنفيّة ، وهو قول مرجوح عند الشّافعيّة ، وبعض الحنابلة ، واختاره جمع من المتأخّرين : إلى أنّ الشّركاء يقتسمون الشّقص على قدر رءوسهم ، وعلى هذا يقسم النّصف في المثال السّابق بين الشّريكين سواءً بسواء ، لأنّ سبب الشّفعة هو أصل الشّركة ، وهم مستوون فيها ، فيجب التّسوية بينهم في اقتسام المشفوع فيه . التّسوية بين النّاس في المرافق العامّة : 14 - اتّفق الفقهاء على أنّ المرافق العامّة - من الشّوارع والطّرق ، وأفنية الأملاك ، والرّحاب بين العمران ، وحريم الأمصار ، ومنازل الأسفار ، ومقاعد الأسواق ، والجوامع والمساجد ، والأنهار الّتي أجراها اللّه سبحانه وتعالى ، والعيون الّتي أنبع اللّه ماءها ، والمعادن الظّاهرة وهي الّتي خرجت بدون عمل النّاس كالملح والماء والكبريت والكحل وغيرها والكلأ - اتّفقوا على أنّ هذه الأشياء من المنافع المشتركة بين النّاس ، فهم فيها سواسية ، فيجوز الانتفاع بها للمرور والاستراحة والجلوس والمعاملة والقراءة والدّراسة والشّرب والسّقاية ، وغير ذلك من وجوه الانتفاع . ولكن لا يجوز اقتطاعها لأحد من النّاس ، ولا احتجازها دون المسلمين ، لأنّ فيه ضرراً بالمسلمين وتضييقاً عليهم . ويكون الحقّ فيها للسّابق حتّى يرتحل عنها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « مِنًى مُنَاخ من سبق إليها » . ويشترط عدم الإضرار ، فإذا تضرّر به النّاس لم يجز ذلك بأيّ حال ، لقوله صلى الله عليه وسلم « لا ضرر ولا ضرار » . تسوية القبر : 15 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى استحباب رفع القبر مقدار شبر من الأرض ، أو أكثر منه بقليل إن لم يخش نبشه من كافر أو نحوه ، وذلك ليعلم أنّه قبر فيزار ، ويترحّم على صاحبه ، ويحترم . واستدلّوا بما صحّ من أنّ قبر الرّسول صلى الله عليه وسلم رفع نحو شبر فعن جابر رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن الأرض قدر شبر » . وعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر رضي الله عنهم قال : « قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمّه اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور ، لا مشرفةً ولا لاطئةً مبطوحةً ببطحاء العرصة الحمراء » . وعن إبراهيم النّخعيّ رحمه الله أنّه قال : أخبرني من رأى قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنّها مسنّمة . وروي أيضاً أنّ عبد اللّه بن عبّاس رضي الله عنهما لمّا مات بالطّائف ، صلّى عليه محمّد بن الحنفيّة رحمه الله ، وكبّر عليه أربعاً ، وجعل له لحداً ، وأدخله القبر من قبل القبلة ، وجعل قبره مسنّماً ، وضرب عليه فسطاطاً . ولكنّ الصّحيح عند الشّافعيّة أنّ تسطيح القبر وتسويته بالأرض أولى من تسنيمه ، لما صحّ عن القاسم بن محمّد من « أنّ عمّته عائشة رضي الله عنها كشفت له عن قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه فإذا هي مسطّحة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء » . 16 - ويكره عند الجمهور ما زاد عن مقدار الشّبر زيادةً كبيرةً ، إن لم يكن لحاجة كخوف نبش قبر المؤمن من نحو كافر ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه « لا تدع تمثالاً إلاّ طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته » . والمشرف ما رفع كثيراً بدليل « قول القاسم في صفة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبيه : لا مشرفة ولا لاطئة » . *************************************** نهاية الجزء الحادي عشر / الموسوعة الفقهية [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية