الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41276" data-attributes="member: 329"><p>بسم الله الرحمن الرحيم</p><p>الجزء الثاني عشر / الموسوعة الفقهية :</p><p></p><p></p><p>تشبّه * </p><p>التّعريف :</p><p>1 - التّشبّه لغة : مصدر تشبّه ، يقال : تشبّه فلان : بفلان إذا تكلّف أن يكون مثله والمشابهة بين الشّيئين : الاشتراك بينهما في معنى من المعاني ، ومنه : أشبه الولد أباه : إذا شاركه في صفة من صفاته . ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللّغويّ .</p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>2 - منها : الاتّباع والتّأسّي والتّقليد وقد تقدّم الكلام فيها تحت عنوان : ( اتّباع ) .</p><p>3 - ومنها : الموافقة ، وهي : مشاركة أحد الشّخصين للآخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو اعتقاد أو غير ذلك ، سواء أكان ذلك من أجل ذلك الآخر أم لا لأجله . </p><p>فالموافقة أعمّ من التّشبّه . </p><p>الأحكام المتعلّقة بالتّشبّه :</p><p>أوّلاً - التّشبّه بالكفّار في اللّباس :</p><p>4 - ذهب الحنفيّة على الصّحيح عندهم ، والمِالكيّة على المذهب ، وجمهور الشّافعيّة إلى : أنّ التّشبّه بالكفّار في اللّباس - الّذي هو شعار لهم به يتميّزون عن المسلمين - يحكم بكفر فاعله ظاهرا ، أي في أحكام الدّنيا ، فمن وضع قلنسوة المجوس على رأسه يكفر ، إلا إذا فعله لضرورة الإكراه أو لدفع الحرّ أو البرد . وكذا إذا لبس زنّار النّصارى إلّا إذا فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين . أو نحو ذلك لحديث : « من تَشَبَّه بقوم فهو منهم » لأنّ اللّباس الخاصّ بالكفّار علامة الكفر ، ولا يلبسه إلّا من التزم الكفر ، والاستدلال بالعلامة والحكم بما دلّت عليه مقرّر في العقل والشّرع . فلو علم أنّه شدّ الزّنّار لا لاعتقاد حقيقة الكفر ، بل لدخول دار الحرب لتخليص الأسارى مثلا لم يحكم بكفره . </p><p>ويرى الحنفيّة في قول - وهو ما يؤخذ ممّا ذكره ابن الشّاطّ من المالكيّة - أنّ من يتشبّه بالكافر في الملبوس الخاصّ به لا يعتبر كافراً ، إلا أن يعتقد معتقدهم ، لأنّه موحّد بلسانه مصدّق بجنانه . وقد قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله : لا يخرج أحد من الإيمان إلّا من الباب الّذي دخل فيه ، والدّخول بالإقرار والتّصديق ، وهما قائمان . </p><p>وذهب الحنابلة إلى حرمة التّشبّه بالكفّار في اللّباس الّذي هو شعار لهم . قال البهوتيّ : إن تزيّا مسلم بما صار شعارا لأهل ذمّة ، أو علّق صليبا بصدره حرم ، ولم يكفر بذلك كسائر المعاصي . ويرى النّوويّ من الشّافعيّة أنّ من لبس الزّنّار ونحوه لا يكفر إذا لم تكن نيّة . </p><p>أحوال تحريم التّشبّه :</p><p>وبتتبع عبارات الفقهاء يتبين أنهم يقيدون كفر من يتشبه بالكفار في اللباس الخاص بهم بقيود منها :</p><p>5 - أن يفعله في بلاد الإسلام ، قال أحمد الرّمليّ : كون التّزيّي بزيّ الكفّار ردّة محلّه إذا كان في دار الإسلام . أمّا في دار الحرب فلا يمكن القول بكونه ردّة ، لاحتمال أنّه لم يجد غيره كما هو الغالب ، أو أن يكره على ذلك . </p><p>قال ابن تيميّة : لو أنّ المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم ( للكفّار ) في الهدي الظّاهر ، لما عليه في ذلك من الضّرر بل قد يستحبّ للرّجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظّاهر ، إذا كان في ذلك مصلحة دينيّة ، من دعوتهم إلى الدّين والاطّلاع على باطن أمورهم لإخبار المسلمين بذلك ، أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الحسنة . فأمّا في دار الإسلام والهجرة الّتي أعزّ اللّه فيها دينه ، وجعل على الكافرين فيها الصّغار والجزية ففيها شرعت المخالفة . </p><p>6 - أن يكون التّشبّه لغير ضرورة ، فمن فعل ذلك للضّرورة لا يكفر ، فمن شدّ على وسطه زنّاراً ودخل دار الحرب لتخليص الأسرى ، أو فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين لا يكفر . وكذلك إن وضع قلنسوة المجوس على رأسه لضرورة دفع الحرّ والبرد لا يكفر . 7 - أن يكون التّشبّه فيما يختصّ بالكافر ، كبرنيطة النّصرانيّ وطرطور اليهوديّ . </p><p>ويشترط المالكيّة لتحقّق الرّدّة بجانب ذلك :أن يكون المتشبّه قد سعى بذلك للكنيسة ونحوها. </p><p>8 - أن يكون التّشبّه في الوقت الّذي يكون اللّباس المعيّن شعارا للكفّار ، وقد أورد ابن حجر حديث أنس رضي الله عنه أنّه رأى قوماً عليهم الطّيالسة ، فقال :" كأنّهم يهود خيبر" ثمّ قال ابن حجر : وإنّما يصلح الاستدلال بقصّة اليهود في الوقت الّذي تكون الطّيالسة من شعارهم ، وقد ارتفع ذلك فيما بعد ، فصار داخلا في عموم المباح . </p><p>9 - أن يكون التّشبّه ميلا للكفر ، فمن تشبّه على وجه اللّعب والسّخرية لم يرتدّ ، بل يكون فاسقا يستحقّ العقوبة ، وهذا عند المالكيّة . </p><p>10 - هذا ، والتّشبّه في غير المذموم وفيما لم يقصد به التّشبّه لا بأس به . </p><p>قال صاحب الدّرّ المختار : إنّ التّشبّه بأهل الكتاب لا يكره في كلّ شيء ، بل في المذموم وفيما يقصد به التّشبّه . قال هشام : رأيت أبا يوسف لابساً نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد بأسا ؟ قال : لا ، قلت : سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك لأنّ فيه تشبّها بالرّهبان ، فقال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس النّعال الّتي لها شعر وإنّها من لباس الرّهبان » . </p><p>فقد أشار إلى أنّ صورة المشابهة فيما تعلّق به صلاح العباد لا يضرّ ، فإنّ الأرض ممّا لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلّا بهذا النّوع . وللتّفصيل ر : ( ردّة ، كفر ) .</p><p>ثانياً - التّشبّه بالكفّار في أعيادهم :</p><p>11 - لا يجوز التّشبّه بالكفّار في أعيادهم ، لما ورد في الحديث « من تشبّه بقوم فهو منهم » ، ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفّار في كلّ ما اختصّوا به . قال اللّه تعالى : { وَلَنْ تَرْضَى عنكَ اليهودُ وَلا النَّصَارى حتّى تَتَّبِعَ مِلّتَهم قلْ إنَّ هُدى اللّهِ هو الهُدَى وَلئنْ اتَّبعتَ أَهواءَهم بَعْدَ الّذي جَاءَكَ مِنَ العلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وليٍّ ولا نَصِيرٍ } </p><p>وروى البيهقيّ عن عمر رضي الله عنه أنّه قال : لا تعلّموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم ، فإنّ السّخطة تنزل عليهم . </p><p>وروي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال : من مرّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك ، حشر معهم يوم القيامة . </p><p>ولأنّ الأعياد من جملة الشّرع والمناهج والمناسك الّتي قال اللّه سبحانه وتعالى : { لِكلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً همْ نَاسِكُوه } كالقبلة والصّلاة ، والصّيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المباهج ، فإنّ الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع ومن أظهر ما لها من الشّعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخصّ شرائع الكفر وأظهر شعائره . قال قاضيخان : رجل اشترى يوم النّيروز شيئاً لم يشتره في غير ذلك اليوم : إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظّمه الكفرة يكون كفراً ، وإن فعل ذلك لأجل السّرف والتّنعّم لا لتعظيم اليوم لا يكون كفراً . وإن أهدى يوم النّيروز إلى إنسان شيئا ولم يرد به تعظيم اليوم ، إنّما فعل ذلك على عادة النّاس لا يكون كفراً . وينبغي أن لا يفعل في هذا اليوم ما لا يفعله قبل ذلك اليوم ولا بعده ، وأن يحترز عن التّشبّه بالكفرة . </p><p>وكره ابن القاسم - من المالكيّة - للمسلم أن يهدي إلى النّصرانيّ في عيده مكافأة ، ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره . وكما لا يجوز التّشبّه بالكفّار في الأعياد لا يُعَانُ المسلم المتشبّه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك ، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته ، ومن أهدى من المسلمين هديّة في هذه الأعياد ، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته ، خصوصا إن كانت الهديّة ممّا يستعان بها على التّشبّه بهم ، مثل إهداء الشّمع ونحوه في عيد الميلاد . </p><p>هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكفّار في أعيادهم . </p><p>وأمّا ما يبيعه الكفّار في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره ، نصّ عليه أحمد في رواية مهنّا . وقال : إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم ، فأمّا ما يباع في الأسواق من المأكل فلا ، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم . وللتّفصيل ( ر : عيد ) .</p><p>ثالثاً - التّشبّه بالكفّار في العبادات :</p><p> يكره التّشبّه بالكفّار في العبادات في الجملة ، ومن أمثلة التّشبّه بهم في هذا المجال :</p><p>أ - الصّلاة في أوقات الكراهة :</p><p>12 - نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة في أوقات الكراهة منها للتّشبّه بعبادة الكفّار . فقد أخرج مسلم من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « صلّ صلاة الصّبح ، ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع ، فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفّار . ثمّ صلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح . ثمّ أقصر عن الصّلاة فإنّ حينئذ تسجر جهنّم ، فإذا أقبل الفيء فصلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى تصلّي العصر . ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تغرب الشّمس فإنّها تغرب بين قَرْنَيْ شيطان وحينئذ يسجد لها الكفّار » . وللتّفصيل في الأحكام المتعلّقة بأوقات الكراهة ( ر : الموسوعة الفقهيّة 7 180 أوقات الصّلاة ف 23 )</p><p>ب - الاختصار في الصّلاة :</p><p>13 - لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الاختصار في الصّلاة لأنّ اليهود تكثر من فعله ، فنهي عنه كراهة للتّشبّه بهم ، فقد أخرج البخاريّ ومسلم واللّفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الرّجل مختصراً » وأخرج البخاريّ أيضاً في ذكر بني إسرائيل من رواية أبي الضّحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانت تكره أن يضع يده على خاصرته ، تقول :" إنّ اليهود تفعله "</p><p>زاد ابن أبي شيبة في رواية له : « في الصّلاة »</p><p>وفي رواية أخرى « لا تشبّهوا باليهود » وللتّفصيل ( ر : صلاة ) .</p><p>ج - وِصال الصّوم :</p><p>14 - ذهب الحنفيّة ، وجمهور المالكيّة ، والشّافعيّة في أحد الوجهين ، والحنابلة إلى كراهة وصال الصّوم ، لما روى البخاريّ من حديث أنس رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال « لا تواصلوا ، قالوا : إنّك تواصل ، قال لستُ كأحد منكم ، إنّي أطعم وأسقى أو إنّي أبيت أطعم وأسقى » . وقوله صلى الله عليه وسلم « لا تواصلوا » نهي وأدناه يقتضي الكراهة . وعلّة النّهي التّشبّه بالنّصارى كما صرّح به في حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه الّذي أخرجه أحمد والطّبرانيّ وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى « ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت : أردت أن أصوم يومين مواصلة ، فمنعني بشير وقال : إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا ، وقال : يفعل ذلك النّصارى ، ولكن صوموا كما أمركم اللّه ، أتمّوا الصّيام إلى اللّيل ، فإذا كان اللّيل فأفطروا » </p><p>وذهب أحمد وجماعة من المالكيّة إلى جواز الوصال إلى السّحر ، وبهذا قال إسحاق وابن المنذر وابن خزيمة . ويرى الشّافعيّة في الوجه الآخر ، وهو ما صحّحه ابن العربيّ من المالكيّة : تحريم وصال الصّوم . وللتّفصيل ( ر : صوم ) .</p><p>د - إفراد يوم عاشوراء بالصّوم :</p><p>15 - ذهب الحنفيّة - وهو مقتضى كلام أحمد كما يقول ابن تيميّة - إلى كراهة إفراد يوم عاشوراء بالصّوم للتّشبّه باليهود . فقد روى مسلم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : « حين صام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول اللّه ، إنّه يوم تعظّمه اليهود والنّصارى . فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا اليوم التّاسع » قال : فلم يأت العام المقبل حتّى توفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . </p><p>قال النّوويّ ، نقلا عن بعض العلماء في تعليقه على الحديث : لعلّ السّبب في صوم التّاسع مع العاشر أن لا يتشبّه باليهود في إفراد العاشر ، وفي الحديث إشارة إلى هذا . </p><p>هذا ، واستحبّ الشّافعيّة والحنابلة صوم عاشوراء - وهو العاشر من المحرّم - وتاسوعاء - وهو التّاسع منه - ويرى الحنفيّة أنّه يستحبّ أن يصوم قبل عاشوراء يوماً وبعده يوماً . وقال المالكيّة : ندب صوم عاشوراء وتاسوعاء والثّمانية قبله . </p><p>وتفصيل ر : ( صوم ، وعاشوراء ) .</p><p>رابعاً : التّشبّه بالفَسَقَة :</p><p>16 - قال القرطبيّ : لو خصّ أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم ، فقد يظنّ به من لا يعرفه أنّه منهم ، فيظنّ به ظنّ السّوء فيأثم الظّانّ والمظنون فيه بسبب العون عليه . وللتّفصيل ر : ( شهادة ، فسق ) .</p><p>خامساً - تشبّه الرّجال بالنّساء وعكسه :</p><p>17 - ذهب جمهور العلماء إلى تحريم تشبّه النّساء بالرّجال والرّجال بالنّساء . </p><p>فقد روي البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : « لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهين من الرّجال بالنّساء ، والمتشبّهات من النّساء بالرّجال » . </p><p>وذهب الشّافعيّة في قول ، وجماعة من الحنابلة إلى كراهة تشبّه الرّجال بالنّساء وعكسه . والتّشبّه يكون في اللّباس والحركات والسّكنات والتّصنّع بالأعضاء والأصوات . </p><p>ومثال ذلك : تشبّه الرّجال بالنّساء في اللّباس والزّينة الّتي تختصّ بالنّساء ، مثل لبس المقانع والقلائد والمخانق والأسورة والخلاخل والقرط ونحو ذلك ممّا ليس للرّجال لبسه . وكذلك التّشبّه بهنّ في الأفعال الّتي هي مخصوصة بها كالانخناث في الأجسام والتّأنّث في الكلام والمشي. كذلك تشبّه النّساء بالرّجال في زيّهم أو مشيهم أو رفع صوتهم أو غير ذلك. </p><p>وهيئة اللّباس قد تختلف باختلاف عادة كلّ بلد ، فقد لا يفترق زيّ نسائهم عن زيّ رجالهم لكن تمتاز النّساء بالاحتجاب والاستتار . قال الإسنويّ : إنّ العبرة في لباس وزيّ كلّ من النّوعين - حتّى يحرم التّشبّه به فيه - بعرف كلّ ناحية . </p><p>وأمّا ذمّ التّشبّه بالكلام والمشي فمختصّ بمن تعمّد ذلك ، وأمّا من كان ذلك من أصل خلقته فإنّما يؤمر بتكلّف تركه والإدمان على ذلك بالتّدريج ، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذّمّ ، ولا سيّما إن بدا منه ما يدلّ على الرّضا به . </p><p>هذا ويجب إنكار التّشبّه باليد ، فإن عجز فباللّسان مع أمن العاقبة ، فإن عجز فبقلبه كسائر المنكرات . ويترتّب على هذا أنّه يجب على الزّوج أن يمنع زوجته ممّا تقع فيه من التّشبّه بالرّجال في لبسة أو مشية أو غيرهما ، امتثالاً لقوله تعالى : { قُوا أَنْفسَكم وَأَهليكمْ نَاراً } أي بتعليمهم وتأديبهم وأمرهم بطاعة ربّهم ونهيهم عن معصيته .</p><p>سادساً : تشبّه أهل الذّمّة بالمسلمين :</p><p>18 - يؤخذ أهل الذّمّة بإظهار علامات يعرفون بها ، ولا يتركون يتشبّهون بالمسلمين في لباسهم ومراكبهم وهيئاتهم . والأصل فيه ما روي" أنّ عمر بن عبد العزيز رحمه الله مرّ على رجال ركوب ذوي هيئة ، فظنّهم مسلمين فسلّم عليهم ، فقال له رجل من أصحابه : أصلحك اللّه تدري من هؤلاء ؟ فقال : من هم ؟ فقال : نصارى بني تغلب . فلمّا أتى منزله أمر أن ينادى في النّاس أن لا يبقى نصرانيّ إلا عقد ناصيته وركب الإكاف ". ولم ينقل أنّه أنكر عليه أحد ، فيكون كالإجماع . ولأنّ السّلام من شعائر الإسلام فيحتاج المسلمون إلى إظهار هذه الشّعائر عند الالتقاء ، ولا يمكنهم ذلك إلّا بتمييز أهل الذّمّة بالعلامة . </p><p>هذا ، وإذا وجب التّمييز وجب أن يكون فيه صغار لا إعزاز ، لأنّ إذلالهم واجب بغير أذى من ضرب أو صفع بلا سبب يكون منه ، بل المراد اتّصافه بهيئة خاصّة . </p><p>وكذا يجب أن يتميّز نساء أهل الذّمّة عن نساء المسلمين في حال المشي في الطّريق ، وتجعل على دورهم علامة كي لا يعاملوا بما يختصّ به المسلمون ، ولا يمنعون من أن يسكنوا في أمصار المسلمين في غير جزيرة العرب يبيعون ويشترون ، لأنّ عقد الذّمّة شرع ليكون وسيلة لهم إلى الإسلام . وتمكينهم من المقام أبلغ إلى هذا المقصود . </p><p>وللتّفصيل في الأمور الّتي يمنع تشبّه أهل الذّمّة فيه بالمسلمين تنظر أبواب الجزية وعقد الذّمّة من كتب الفقه .</p><p></p><p>تشبيب *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشبيب مصدر شبّب . ومن معانيه : ترقيق أوّل الشّعر بذكر النّساء ، وشبّب بالمرأة : قال فيها الغزل أو النّسيب . والاصطلاح الفقهيّ لا يخرج عن هذا المعنى اللّغويّ . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>التّشبيب ، والنّسيب ، والغزل ألفاظ مترادفة ، المراد منها : ذكر محاسن النّساء . </p><p> حكمه التّكليفيّ :</p><p>2 - يحرم التّشبيب بامرأة معيّنة محرّمة على المشبّب أو بغلام أمرد . </p><p>ولا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصّفات الحسّيّة والمعنويّة لامرأة أجنبيّة محرّمة عليه ، ويستوي في ذلك ذكر الصّفات الظّاهرة والباطنة لما في ذلك من الإيذاء لها ولذويها ، وهتك السّتر والتّشهير بمسلمة . </p><p>أمّا التّشبّب بزوجته أو جاريته فهو جائز ما لم يصف أعضاءها الباطنة ، أو يذكر ما من حقّه الإخفاء فإنّه يسقط مروءته ، ويكون حراما أو مكروها ، على خلاف في ذلك . </p><p>وكذا يجوز التّشبيب بامرأة غير معيّنة ، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدلّ على التّعيين ، لأنّ الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور ، فإن نصب قرينة تدلّ على التّعيين فهو في حكم التّعيين . وليس ذكر اسم امرأة مجهولة كليلى وسعاد تعيينا ، لحديث : كعب بن زهير : وإنشاده قصيدته المشهورة « بانت سعاد . . بين يدي الرّسول صلى الله عليه وسلم » .</p><p>التّشبّب بغلام :</p><p>3 - يحرم التّشبيب بغلام - إن ذكر أنّه يعشقه وإن لم يكن معيّنا ، لأنّه لا يحلّ بحال . وقيل : إن لم يكن معيّنا فهو كالمرأة غير المعيّنة . هذا في إنشاء القول من شعر أو نثر . أمّا رواية ذلك أو إنشاده فإنّه إذا لم يقصد به الحضّ على المحرّم فهو مباح لنحو الاستشهاد أو تعلّم الفصاحة والبلاغة . </p><p>وقيّد الحنفيّة تحريم التّشبيب بالمرأة بكونها معيّنة حيّة. فلو شبّب بامرأة غير حيّة لم يحرم . </p><p></p><p>تشبيك *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشبيك في اللّغة : المداخلة ، فيقال لكلّ متداخلين أنّهما مشتبكان . ومنه : شبّاك الحديد ، وتشبيك الأصابع - وهو المراد هنا - لدخول بعضها في بعض . والشّبك : الخلط والتّداخل ، فيقال : شبك الشّيء يشبكه شبكا : إذا خلطه وأنشب بعضه في بعض . </p><p>وتشبيك الأصابع لا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا ، قال ابن عابدين : تشبيك الأصابع : أن يدخل الشّخص أصابع إحدى يديه بين أصابع الأخرى . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - أجمع الفقهاء على أنّ تشبيك الأصابع في الصّلاة مكروه ، لما روي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبّك أصابعه في الصّلاة ، ففرّج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه » . وقال ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه « تلك صلاة المغضوب عليهم » </p><p>وأمّا تشبيكها في المسجد في غير صلاة ، وفي انتظارها أي حيث جلس ينتظرها ، أو ماشيا إليها ، فقد قال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة بكراهة التّشبيك حينئذ ، لأنّ انتظار الصّلاة هو في حكم الصّلاة لحديث الصّحيحين « لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصّلاةُ تَحْبِسُه » ولما روى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا « إذا توضّأ أحدكم فأحسن وضوءه ثمّ خرج عامداً إلى المسجد ، فلا يشبّك بين يديه فإنّه في صلاة » وما روى أبو سعيد الخدريّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبّكنّ ، فإنّ التّشبيك من الشّيطان ، وإنّ أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتّى يخرج منه » </p><p>وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول </p><p>« إذا توضّأ أحدكم ثمّ خرج عامدا إلى الصّلاة ، فلا يشبّكنّ بين يديه ، فإنّه في صلاة » . </p><p>3 - وقد اختلف في الحكمة في النّهي عن التّشبيك في المسجد ، فقيل : إنّ النّهي عنه لما فيه من العبث . وقيل : لما فيه من التّشبّه بالشّيطان . وقيل : لدلالة الشّيطان على ذلك . وفي حاشية الطّحاويّ على مراقي الفلاح : حكمة النّهي عن التّشبيك : أنّه من الشّيطان ، وأنّه يجلب النّوم ، والنّوم من مظانّ الحدث ، ولما نبّه عليه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه تلك صلاة المغضوب عليهم فكره ذلك لما هو في حكم الصّلاة ، حتّى لا يقع في المنهيّ عنه . وكراهته في الصّلاة أشدّ . </p><p>ولا يكره عند الجمهور التّشبيك بعد الفراغ ولو كان في المسجد ، لحديث ذي اليدين رضي الله عنه الّذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه - قال « صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العَشِيّ - قال ابن سيرين : سمّاها أبو هريرة ، ولكن نسيت أنا - قال : فصلّى بنا ركعتين ، ثمّ سلّم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتّكأ عليها كأنّه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبّك بين أصابعه ، ووضع خدّه الأيمن على ظهر كفّه اليسرى ، وخَرَجَتِ السُّرْعانُ من أبواب المسجد ، فقالوا : قُصِرت الصّلاة ، وفي القوم </p><p>أبو بكر وعمر فهابا أن يكلّماه ، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين قال : يا رسول اللّه أنسيتَ أم قصرت الصّلاة ؟ قال لم أنس ولم تقصر فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم . فتقدّم فصلّى ما ترك ، ثمّ سلّم ، ثمّ كبّر وسجد مثل سجوده أو أطول ثمّ رفع رأسه وكبّر ، ثمّ كبّر وسجد مثل سجوده - أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر . فربّما سألوه : ثمّ سلّم ؟ فيقول : نبّئت أنّ عمران بن حصين قال : ثمّ سلّم » . </p><p>ولا بأس به عند المالكيّة في غير صلاة حتّى ولو في المسجد ، لأنّ كراهته عندهم إنّما هي في الصّلاة فقط ، إلّا أنّه خلاف الأولى على نحو ما ورد بالشّرح الكبير وجواهر الإكليل . وفي مواهب الجليل ما نصّه : وأمّا بالنّسبة لغير الصّلاة فالتّشبيك لا بأس به حتّى في المسجد . قال ابن عرفة : وسمع ابن القاسم - أي من مالك - : لا بأس بتشبيك الأصابع يعني في المسجد في غير صلاة . وأومأ داود بن قيس ليد مالك مشبّكاً أصابعه به - أي بالمسجد - ليطلقه وقال : ما هذا ؟ فقال مالك : إنّما يكره في الصّلاة . وقال ابن رشد : صحّ في حديث ذي اليدين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه في المسجد . </p><p>4 - وأمّا تشبيكها خارج الصّلاة فيما ليس من توابعها : بأن لم يكن في حال سعي إليها ، أو جلوس في المسجد لأجلها ، فإن كان لحاجة نحو إراحة الأصابع - وليس لعبثٍ بل لغرض صحيح - فإنّه في هذه الحالة لا يكره عند الحنفيّة ، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً » وشبّك بين أصابعه . فإنّه لإفادة تمثيل المعنى ، وهو التّعاضد والتّناصر بهذه الصّورة الحسّيّة . </p><p>فلو شبّك لغير حاجة على سبيل العبث كره تنزيها . وفي حاشية الشبراملسي من الشّافعيّة : أنّه إذا جلس في المسجد لا للصّلاة بل لغيرها ، كحضور درس أو كتابة ، فلا يكره ذلك في حقّه لأنّه لم يصدق عليه أنّه ينتظر الصّلاة . وأمّا إذا انتظرهما معا فينبغي الكراهة ، لأنّه يصدق عليه أنّه ينتظر الصّلاة . وأمّا المالكيّة فقد رأوا كراهة التّشبيك للمصلّي خاصّة ولو في غير مسجد ، ولا بأس به عندهم في غير الصّلاة ولو في المسجد ، لقول مالك : يكره في الصّلاة حين أومأ داود بن قيس ليده مشبّكاً أصابعه ليطلقه وقال : ما هذا ؟ .</p><p>5 - والتّشبيك حال خطبة الجمعة يكره عند غير المالكيّة من الأئمّة ، لأنّ مستمع الخطبة في انتظار الصّلاة ، فهو كمن في الصّلاة لما سبق . </p><p>وعند المالكيّة : غير مكروه ، لأنّ الكراهة عندهم في الصّلاة فقط ولو كان في المسجد ، وإن كان هذا هو خلاف الأولى كما تقدّم .</p><p></p><p>تشبيه *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشبيه في اللّغة : مصدر شبّهت الشّيء بالشّيء : إذا أقمته مقامه بصفة جامعة بينهما . وتكون الصّفة ذاتيّة ومعنويّة : فالذّاتيّة نحو هذا الدّرهم كهذا الدّرهم أي في القدر ، والمعنويّة نحو زيد كالأسد . وفي اصطلاح علماء البيان : هو الدّلالة على اشتراك شيئين في وصف من أوصاف الشّيء في نفسه ، كالشّجاعة في الأسد والنّور في الشّمس . </p><p>وهو إمّا تشبيه مفرد كقوله تعالى : { إنَّ اللّهَ يُحِبُّ الّذينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِه صَفَّاً كَأنَّهمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } أو تشبيه مفردات بمفردات ، كقوله صلى الله عليه وسلم « إنّما مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً ، فكان منها نقيّة قَبِلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير ، وكان منها أجادبُ أمسكت الماءَ - فنفع اللّه بها النّاس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت منها طائفة أخرى إنّما هي قِيعانٌ لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ . فذلك مَثَلُ من فَقُه في دين اللّه ونفعه ما بعثني اللّه به فَعَلِم وعلَّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدى اللّه الّذي أُرسلتُ به » . فقد شبّه العلم بالغيث ، وشبّه من ينتفع به بالأرض الطّيّبة ، ومن لا ينتفع به بالقيعان . فهي تشبيهات مجتمعة ، أو تشبيه مركّب ، كقوله صلى الله عليه وسلم : « إنَّ مَثَلي مثل الأنبياء من قبلي : كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل النّاس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وُضِعَتْ ، هذه اللَّبِنَةُ ؟ قال : فأنا اللَّبِنَةُ ، وأنا خاتَمُ النّبيّين » . </p><p>فهذا تشبيه المجموع بالمجموع ، لأنّ وجه الشّبه عقليّ منتزع من عدّة أمور . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة : </p><p>القياس :</p><p>2 - القياس هو : إلحاق فرع بأصل في الحكم لعلّة جامعة بينهما . </p><p> حكم التّشبيه :</p><p>يختلف حكم التّشبيه بحسب موقعه والمراد منه على ما سيأتي . </p><p>أ - التّشبيه في الظّهار :</p><p>3 - الظّهار شرعا : تشبيه المسلم زوجته أو جزءا شائعا منها بمحرّم عليه تأبيداً ، كقوله : أنت عليّ كظهر أمّي أو نحوه ، أو كبطنها أو كفخذها ، ونحو ذلك . </p><p>وهذا النّوع من التّشبيه حرام نصّا لقوله تعالى : { الّذينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكمْ مِنْ نِسَائِهمْ ما هنَّ أُمَّهَاتِهم إنْ أُمَّهاتُهمْ إلا اللائي وَلَدْنَهم ، وَإِنَّهمْ ليقولونَ مُنْكَراً مِن القولِ وزوراً } . </p><p>وإذا وقع من الزّوج التّشبيه ، ممّا يعتبر ظهارا ، يحرم عليه وطء امرأته قبل أن يكفّر باتّفاق الفقهاء . وكذلك يحرم التّلذّذ بما دون الجماع عن جمهور الفقهاء : الحنفيّة والمالكيّة ، وهو قول عند الشّافعيّة ، ورواية عند الحنابلة ، لقوله تعالى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلكمْ تُوعَظُونَ به واللّهُ بِمَا تَعْمَلونَ خَبيرٌ فَمَنْ لمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرين مُتَتَابعين مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } والتّماسّ شامل للوطء ودواعيه . وفي قول عند الشّافعيّة ، وهو رواية أخرى عند الحنابلة : لا يحرم إلّا الوطء . وهذا في صريح ألفاظ الظّهار . </p><p>أمّا في كناياته ، كقوله : أنت عليّ مثل أمّي صحّت نيّته برّا أو ظهارا أو طلاقا . </p><p>وفي الموضوع فروع كثيرة ينظر تفصيلها مع اختلاف الفقهاء في مصطلح ( ظهار ) .</p><p>ب - التّشبيه في القذف :</p><p>4 - أجمع العلماء على أنّه إذا صرّح القاذف بالزّنى كان قذفا ورميا موجبا للحدّ ، فإن عرّض ولم يصرّح ، فقال مالك : هو قذف ، وقال أبو حنيفة والشّافعيّ : لا يكون قذفا حتّى يقول : أردت به القذف . والدّليل لما قاله مالك هو أنّ موضوع الحدّ في القذف إنّما هو لإزالة المعرّة الّتي أوقعها القاذف بالمقذوف ، فإذا حصلت المعرّة بالتّعريض وجب أن يكون قذفا كالتّصريح ، وذلك راجع إلى الفهم ، وقد قال تعالى على لسان قوم شعيب أنّهم قالوا له { إِنَّكَ لأَنتَ الحَليمُ الرَّشِيد } أي السّفيه الضّالّ ، فعرّضوا له بالسّبّ بكلام ظاهره المدح في أحد التّأويلات . وقد حبس عمر رضي الله عنه الحطيئة لمّا قال لأحدهم : </p><p>دَعِ المَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها وَاقْعدْ فَإِنَّكَ أنتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي</p><p>لأنّه شبّهه بالنّساء في أنّهنّ يُطعَمْن ويسقين ويكسين . وعلى ذلك فإذا فهم من تشبيه المرأة أو الرّجل بالعفيفة أو العفيف استهزاء ، كان كالرّمي الصّريح في مذهب مالك .</p><p>ج - تشبيه الرّجل غيره بما يكره :</p><p>5 - لا يجوز للمسلم أن يشبّه أخاه المسلم بما يكرهه ، قال تعالى : { وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بئسَ الاسمُ الفُسُوقُ بعدَ الإِيمانِ } وسواء أكان التّشبيه بذكر أداة التّشبيه أو بحذفها كقوله : يا مخنّث ، يا أعمى .</p><p>واتّفق الفقهاء على أنّه يعزّر بقوله : يا كافر يا منافق يا أعور يا نمّام يا كذّاب يا خبيث يا مخنّث يا ابن الفاسقة ، ونحو ذلك من كلّ ما فيه إيذاء بغير حقّ ، ولو بغمز العين أو إشارة اليد ، لارتكابه معصية لا حدّ فيها ، وكلّ معصية لا حدّ فيها فيها التّعزير . </p><p>وكذلك يعزّر إذا شبّهه بالحيوانات الدّنيئة كقوله : يا حمار ، يا كلب ، يا قرد ، يا بقر ونحو ذلك عند جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وهو المختار عند متأخّري الحنفيّة - لأنّ كلّ من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حقّ بقول أو فعل أو إشارة يستحقّ التّعزير . وفي ظاهر الرّواية عند الحنفيّة : لا يعزّر بقوله : يا حمار، يا كلب ونحو ذلك لظهور كذبه. وفرّق بعض الحنفيّة بين ما إذا كان المسبوب من الأشراف فيعزّر ، أو من العامّة فلا يعزّر ، كما استحسنه في الهداية والزّيلعيّ . </p><p>وهذا كلّه إذا لم يصل الشّتم والسّبّ إلى حدّ القذف ، أمّا إذا كان من أنواع القذف : كالرّمي بالزّنا من غير بيّنة ، فإنّه يحدّ على تفصيل ينظر في مصطلح : ( قذف ) .</p><p></p><p>تشريق *</p><p>انظر : أيّام التّشريق . </p><p></p><p>تشريك *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشريك في اللّغة : مصدر شرّك . يقال : شرّك فلان فلانا . إذا أدخله في الأمر وجعله شريكاً له فيه . ويقال : شرّك غيره في ما اشتراه ليدفع الغير بعض الثّمن ، ويصير شريكاً له في المبيع . ويقال أيضا : شرّك نعله تشريكا : إذا حمل له شراكا ، والشّراك : سير النّعل الّذي على ظهرها . والتّشريك في الاصطلاح الشّرعيّ : إدخال الغير في الاسم كالشّراء ونحوه ، ليكون شريكا له فيه . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة : </p><p>الإشراك :</p><p>2 - الإشراك بمعنى التّشريك . وإذا قيل : أشرك الكافر باللّه ، فالمراد أنّه جعل غير اللّه شريكا له ، تعالى اللّه عن ذلك . ( ر : إشراك ) . </p><p>حكم التّشريك :</p><p>3 - التّشريك في الشّراء ونحوه جائز ، وتشريك غير عبادة في نيّة العبادة أو تشريك عبادتين في نيّة واحدة جائز على التّفصيل الآتي : </p><p>أ - تشريك ما لا يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة :</p><p>4 - لا نعلم خلافا بين الفقهاء في جواز تشريك ما لا يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة ، كالتّجارة مع الحجّ لقوله تعالى : { وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وعَلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق لِيشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهم وَيَذْكُروا اسمَ اللّهِ في أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ . . . } وقوله في شأن الحجّ أيضا : { لَيسَ عَليكمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكمْ } نزلت في التّجارة مع الحجّ . والصّوم مع قصد الصّحّة ، والوضوء مع نيّة التّبرّد ، والصّلاة مع نيّة دفع الغريم ، لأنّ هذه الأشياء تحصل بغير نيّة فلم يؤثّر تشريكها في نيّة العبادة ، وكالجهاد مع قصد حصول الغنيمة . جاء في مواهب الجليل نقلا عن الفروق للقرافيّ : </p><p>من يجاهد لتحصيل طاعة اللّه بالجهاد ، وليحصل له المال من الغنيمة ، فهذا لا يضرّه ولا يحرم عليه بالإجماع ، لأنّ اللّه تعالى جعل له هذا في هذه العبادة . ففرّق بين جهاده ليقول النّاس : هذا شجاع ، أو ليعظّمه الإمام ، فيكثر عطاءه من بيت المال . فهذا ونحوه رياء حرام . وبين أن يجاهد لتحصيل الغنائم من جهة أموال العدوّ مع أنّه قد شرّك . </p><p>ولا يقال لهذا رياء ، بسبب أنّ الرّياء أن يعمل ليراه غير اللّه من خلقه . ومن ذلك أن يجدّد وضوءا ليحصل له التّبرّد أو التّنظّف ، وجميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق ، بل هي لتشريك أمور من المصالح ليس لها إدراك ، ولا تصلح للإدراك ولا للتّعظيم ، ذلك لا يقدح في العبادات ، فظهر الفرق بين قاعدة الرّياء في العبادات وبين قاعدة التّشريك فيها . وجاء في مغني المحتاج : من نوى بوضوئه تبرّدا أو شيئا يحصل بدون قصد كتنظّف ، ولو في أثناء وضوئه ( مع نيّة معتبرة ) أي مستحضرا عند نيّة التّبرّد أو نحوه نيّة الوضوء أجزأه ذلك على الصّحيح ، لحصول ذلك من غير نيّة ، كمصلّ نوى الصّلاة ودفع الغريم فإنّها تجزئه ، لأنّ اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى نيّة . والقول الثّاني يضرّ ، لما في ذلك من التّشريك بين قربة وغيرها ، فإن فقد النّيّة المعتبرة ، كأن نوى التّبرّد أو نحوه وقد غفل عنها ، لم يصحّ غسل ما غسله بنيّة التّبرّد ونحوه ، ويلزمه إعادته دون استئناف الطّهارة . قال الزّركشيّ : وهذا الخلاف في الصّحّة . أمّا الثّواب فالظّاهر عدم حصوله ، وقد اختار الغزاليّ فيما إذا شرّك في العبادة غيرها من أمر دنيويّ اعتبار الباعث على العمل ، فإن كان القصد الدّنيويّ هو الأغلب لم يكن فيه أجر ، إن كان القصد الدّينيّ أغلب فله بقدره ، وإن تساويا تساقطا . واختار ابن عبد السّلام أنّه لا أجر فيه مطلقا ، سواء أتساوى القصدان أم اختلفا . وانظر أيضا مصطلح : ( نيّة ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41276, member: 329"] بسم الله الرحمن الرحيم الجزء الثاني عشر / الموسوعة الفقهية : تشبّه * التّعريف : 1 - التّشبّه لغة : مصدر تشبّه ، يقال : تشبّه فلان : بفلان إذا تكلّف أن يكون مثله والمشابهة بين الشّيئين : الاشتراك بينهما في معنى من المعاني ، ومنه : أشبه الولد أباه : إذا شاركه في صفة من صفاته . ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : 2 - منها : الاتّباع والتّأسّي والتّقليد وقد تقدّم الكلام فيها تحت عنوان : ( اتّباع ) . 3 - ومنها : الموافقة ، وهي : مشاركة أحد الشّخصين للآخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو اعتقاد أو غير ذلك ، سواء أكان ذلك من أجل ذلك الآخر أم لا لأجله . فالموافقة أعمّ من التّشبّه . الأحكام المتعلّقة بالتّشبّه : أوّلاً - التّشبّه بالكفّار في اللّباس : 4 - ذهب الحنفيّة على الصّحيح عندهم ، والمِالكيّة على المذهب ، وجمهور الشّافعيّة إلى : أنّ التّشبّه بالكفّار في اللّباس - الّذي هو شعار لهم به يتميّزون عن المسلمين - يحكم بكفر فاعله ظاهرا ، أي في أحكام الدّنيا ، فمن وضع قلنسوة المجوس على رأسه يكفر ، إلا إذا فعله لضرورة الإكراه أو لدفع الحرّ أو البرد . وكذا إذا لبس زنّار النّصارى إلّا إذا فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين . أو نحو ذلك لحديث : « من تَشَبَّه بقوم فهو منهم » لأنّ اللّباس الخاصّ بالكفّار علامة الكفر ، ولا يلبسه إلّا من التزم الكفر ، والاستدلال بالعلامة والحكم بما دلّت عليه مقرّر في العقل والشّرع . فلو علم أنّه شدّ الزّنّار لا لاعتقاد حقيقة الكفر ، بل لدخول دار الحرب لتخليص الأسارى مثلا لم يحكم بكفره . ويرى الحنفيّة في قول - وهو ما يؤخذ ممّا ذكره ابن الشّاطّ من المالكيّة - أنّ من يتشبّه بالكافر في الملبوس الخاصّ به لا يعتبر كافراً ، إلا أن يعتقد معتقدهم ، لأنّه موحّد بلسانه مصدّق بجنانه . وقد قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله : لا يخرج أحد من الإيمان إلّا من الباب الّذي دخل فيه ، والدّخول بالإقرار والتّصديق ، وهما قائمان . وذهب الحنابلة إلى حرمة التّشبّه بالكفّار في اللّباس الّذي هو شعار لهم . قال البهوتيّ : إن تزيّا مسلم بما صار شعارا لأهل ذمّة ، أو علّق صليبا بصدره حرم ، ولم يكفر بذلك كسائر المعاصي . ويرى النّوويّ من الشّافعيّة أنّ من لبس الزّنّار ونحوه لا يكفر إذا لم تكن نيّة . أحوال تحريم التّشبّه : وبتتبع عبارات الفقهاء يتبين أنهم يقيدون كفر من يتشبه بالكفار في اللباس الخاص بهم بقيود منها : 5 - أن يفعله في بلاد الإسلام ، قال أحمد الرّمليّ : كون التّزيّي بزيّ الكفّار ردّة محلّه إذا كان في دار الإسلام . أمّا في دار الحرب فلا يمكن القول بكونه ردّة ، لاحتمال أنّه لم يجد غيره كما هو الغالب ، أو أن يكره على ذلك . قال ابن تيميّة : لو أنّ المسلم بدار حرب أو دار كفر غير حرب لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم ( للكفّار ) في الهدي الظّاهر ، لما عليه في ذلك من الضّرر بل قد يستحبّ للرّجل أو يجب عليه أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظّاهر ، إذا كان في ذلك مصلحة دينيّة ، من دعوتهم إلى الدّين والاطّلاع على باطن أمورهم لإخبار المسلمين بذلك ، أو دفع ضررهم عن المسلمين ونحو ذلك من المقاصد الحسنة . فأمّا في دار الإسلام والهجرة الّتي أعزّ اللّه فيها دينه ، وجعل على الكافرين فيها الصّغار والجزية ففيها شرعت المخالفة . 6 - أن يكون التّشبّه لغير ضرورة ، فمن فعل ذلك للضّرورة لا يكفر ، فمن شدّ على وسطه زنّاراً ودخل دار الحرب لتخليص الأسرى ، أو فعل ذلك خديعة في الحرب وطليعة للمسلمين لا يكفر . وكذلك إن وضع قلنسوة المجوس على رأسه لضرورة دفع الحرّ والبرد لا يكفر . 7 - أن يكون التّشبّه فيما يختصّ بالكافر ، كبرنيطة النّصرانيّ وطرطور اليهوديّ . ويشترط المالكيّة لتحقّق الرّدّة بجانب ذلك :أن يكون المتشبّه قد سعى بذلك للكنيسة ونحوها. 8 - أن يكون التّشبّه في الوقت الّذي يكون اللّباس المعيّن شعارا للكفّار ، وقد أورد ابن حجر حديث أنس رضي الله عنه أنّه رأى قوماً عليهم الطّيالسة ، فقال :" كأنّهم يهود خيبر" ثمّ قال ابن حجر : وإنّما يصلح الاستدلال بقصّة اليهود في الوقت الّذي تكون الطّيالسة من شعارهم ، وقد ارتفع ذلك فيما بعد ، فصار داخلا في عموم المباح . 9 - أن يكون التّشبّه ميلا للكفر ، فمن تشبّه على وجه اللّعب والسّخرية لم يرتدّ ، بل يكون فاسقا يستحقّ العقوبة ، وهذا عند المالكيّة . 10 - هذا ، والتّشبّه في غير المذموم وفيما لم يقصد به التّشبّه لا بأس به . قال صاحب الدّرّ المختار : إنّ التّشبّه بأهل الكتاب لا يكره في كلّ شيء ، بل في المذموم وفيما يقصد به التّشبّه . قال هشام : رأيت أبا يوسف لابساً نعلين مخصوفين بمسامير فقلت أترى بهذا الحديد بأسا ؟ قال : لا ، قلت : سفيان وثور بن يزيد كرها ذلك لأنّ فيه تشبّها بالرّهبان ، فقال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس النّعال الّتي لها شعر وإنّها من لباس الرّهبان » . فقد أشار إلى أنّ صورة المشابهة فيما تعلّق به صلاح العباد لا يضرّ ، فإنّ الأرض ممّا لا يمكن قطع المسافة البعيدة فيها إلّا بهذا النّوع . وللتّفصيل ر : ( ردّة ، كفر ) . ثانياً - التّشبّه بالكفّار في أعيادهم : 11 - لا يجوز التّشبّه بالكفّار في أعيادهم ، لما ورد في الحديث « من تشبّه بقوم فهو منهم » ، ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفّار في كلّ ما اختصّوا به . قال اللّه تعالى : { وَلَنْ تَرْضَى عنكَ اليهودُ وَلا النَّصَارى حتّى تَتَّبِعَ مِلّتَهم قلْ إنَّ هُدى اللّهِ هو الهُدَى وَلئنْ اتَّبعتَ أَهواءَهم بَعْدَ الّذي جَاءَكَ مِنَ العلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وليٍّ ولا نَصِيرٍ } وروى البيهقيّ عن عمر رضي الله عنه أنّه قال : لا تعلّموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم ، فإنّ السّخطة تنزل عليهم . وروي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال : من مرّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك ، حشر معهم يوم القيامة . ولأنّ الأعياد من جملة الشّرع والمناهج والمناسك الّتي قال اللّه سبحانه وتعالى : { لِكلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً همْ نَاسِكُوه } كالقبلة والصّلاة ، والصّيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المباهج ، فإنّ الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع ومن أظهر ما لها من الشّعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخصّ شرائع الكفر وأظهر شعائره . قال قاضيخان : رجل اشترى يوم النّيروز شيئاً لم يشتره في غير ذلك اليوم : إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظّمه الكفرة يكون كفراً ، وإن فعل ذلك لأجل السّرف والتّنعّم لا لتعظيم اليوم لا يكون كفراً . وإن أهدى يوم النّيروز إلى إنسان شيئا ولم يرد به تعظيم اليوم ، إنّما فعل ذلك على عادة النّاس لا يكون كفراً . وينبغي أن لا يفعل في هذا اليوم ما لا يفعله قبل ذلك اليوم ولا بعده ، وأن يحترز عن التّشبّه بالكفرة . وكره ابن القاسم - من المالكيّة - للمسلم أن يهدي إلى النّصرانيّ في عيده مكافأة ، ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره . وكما لا يجوز التّشبّه بالكفّار في الأعياد لا يُعَانُ المسلم المتشبّه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك ، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته ، ومن أهدى من المسلمين هديّة في هذه الأعياد ، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته ، خصوصا إن كانت الهديّة ممّا يستعان بها على التّشبّه بهم ، مثل إهداء الشّمع ونحوه في عيد الميلاد . هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكفّار في أعيادهم . وأمّا ما يبيعه الكفّار في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره ، نصّ عليه أحمد في رواية مهنّا . وقال : إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم ، فأمّا ما يباع في الأسواق من المأكل فلا ، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم . وللتّفصيل ( ر : عيد ) . ثالثاً - التّشبّه بالكفّار في العبادات : يكره التّشبّه بالكفّار في العبادات في الجملة ، ومن أمثلة التّشبّه بهم في هذا المجال : أ - الصّلاة في أوقات الكراهة : 12 - نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة في أوقات الكراهة منها للتّشبّه بعبادة الكفّار . فقد أخرج مسلم من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « صلّ صلاة الصّبح ، ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع ، فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذ يسجد لها الكفّار . ثمّ صلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح . ثمّ أقصر عن الصّلاة فإنّ حينئذ تسجر جهنّم ، فإذا أقبل الفيء فصلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى تصلّي العصر . ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تغرب الشّمس فإنّها تغرب بين قَرْنَيْ شيطان وحينئذ يسجد لها الكفّار » . وللتّفصيل في الأحكام المتعلّقة بأوقات الكراهة ( ر : الموسوعة الفقهيّة 7 180 أوقات الصّلاة ف 23 ) ب - الاختصار في الصّلاة : 13 - لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الاختصار في الصّلاة لأنّ اليهود تكثر من فعله ، فنهي عنه كراهة للتّشبّه بهم ، فقد أخرج البخاريّ ومسلم واللّفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الرّجل مختصراً » وأخرج البخاريّ أيضاً في ذكر بني إسرائيل من رواية أبي الضّحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانت تكره أن يضع يده على خاصرته ، تقول :" إنّ اليهود تفعله " زاد ابن أبي شيبة في رواية له : « في الصّلاة » وفي رواية أخرى « لا تشبّهوا باليهود » وللتّفصيل ( ر : صلاة ) . ج - وِصال الصّوم : 14 - ذهب الحنفيّة ، وجمهور المالكيّة ، والشّافعيّة في أحد الوجهين ، والحنابلة إلى كراهة وصال الصّوم ، لما روى البخاريّ من حديث أنس رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال « لا تواصلوا ، قالوا : إنّك تواصل ، قال لستُ كأحد منكم ، إنّي أطعم وأسقى أو إنّي أبيت أطعم وأسقى » . وقوله صلى الله عليه وسلم « لا تواصلوا » نهي وأدناه يقتضي الكراهة . وعلّة النّهي التّشبّه بالنّصارى كما صرّح به في حديث بشير بن الخصاصية رضي الله عنه الّذي أخرجه أحمد والطّبرانيّ وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في تفسيرهما بإسناد صحيح إلى « ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت : أردت أن أصوم يومين مواصلة ، فمنعني بشير وقال : إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا ، وقال : يفعل ذلك النّصارى ، ولكن صوموا كما أمركم اللّه ، أتمّوا الصّيام إلى اللّيل ، فإذا كان اللّيل فأفطروا » وذهب أحمد وجماعة من المالكيّة إلى جواز الوصال إلى السّحر ، وبهذا قال إسحاق وابن المنذر وابن خزيمة . ويرى الشّافعيّة في الوجه الآخر ، وهو ما صحّحه ابن العربيّ من المالكيّة : تحريم وصال الصّوم . وللتّفصيل ( ر : صوم ) . د - إفراد يوم عاشوراء بالصّوم : 15 - ذهب الحنفيّة - وهو مقتضى كلام أحمد كما يقول ابن تيميّة - إلى كراهة إفراد يوم عاشوراء بالصّوم للتّشبّه باليهود . فقد روى مسلم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : « حين صام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول اللّه ، إنّه يوم تعظّمه اليهود والنّصارى . فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء اللّه صمنا اليوم التّاسع » قال : فلم يأت العام المقبل حتّى توفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . قال النّوويّ ، نقلا عن بعض العلماء في تعليقه على الحديث : لعلّ السّبب في صوم التّاسع مع العاشر أن لا يتشبّه باليهود في إفراد العاشر ، وفي الحديث إشارة إلى هذا . هذا ، واستحبّ الشّافعيّة والحنابلة صوم عاشوراء - وهو العاشر من المحرّم - وتاسوعاء - وهو التّاسع منه - ويرى الحنفيّة أنّه يستحبّ أن يصوم قبل عاشوراء يوماً وبعده يوماً . وقال المالكيّة : ندب صوم عاشوراء وتاسوعاء والثّمانية قبله . وتفصيل ر : ( صوم ، وعاشوراء ) . رابعاً : التّشبّه بالفَسَقَة : 16 - قال القرطبيّ : لو خصّ أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم ، فقد يظنّ به من لا يعرفه أنّه منهم ، فيظنّ به ظنّ السّوء فيأثم الظّانّ والمظنون فيه بسبب العون عليه . وللتّفصيل ر : ( شهادة ، فسق ) . خامساً - تشبّه الرّجال بالنّساء وعكسه : 17 - ذهب جمهور العلماء إلى تحريم تشبّه النّساء بالرّجال والرّجال بالنّساء . فقد روي البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّه قال : « لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم المتشبّهين من الرّجال بالنّساء ، والمتشبّهات من النّساء بالرّجال » . وذهب الشّافعيّة في قول ، وجماعة من الحنابلة إلى كراهة تشبّه الرّجال بالنّساء وعكسه . والتّشبّه يكون في اللّباس والحركات والسّكنات والتّصنّع بالأعضاء والأصوات . ومثال ذلك : تشبّه الرّجال بالنّساء في اللّباس والزّينة الّتي تختصّ بالنّساء ، مثل لبس المقانع والقلائد والمخانق والأسورة والخلاخل والقرط ونحو ذلك ممّا ليس للرّجال لبسه . وكذلك التّشبّه بهنّ في الأفعال الّتي هي مخصوصة بها كالانخناث في الأجسام والتّأنّث في الكلام والمشي. كذلك تشبّه النّساء بالرّجال في زيّهم أو مشيهم أو رفع صوتهم أو غير ذلك. وهيئة اللّباس قد تختلف باختلاف عادة كلّ بلد ، فقد لا يفترق زيّ نسائهم عن زيّ رجالهم لكن تمتاز النّساء بالاحتجاب والاستتار . قال الإسنويّ : إنّ العبرة في لباس وزيّ كلّ من النّوعين - حتّى يحرم التّشبّه به فيه - بعرف كلّ ناحية . وأمّا ذمّ التّشبّه بالكلام والمشي فمختصّ بمن تعمّد ذلك ، وأمّا من كان ذلك من أصل خلقته فإنّما يؤمر بتكلّف تركه والإدمان على ذلك بالتّدريج ، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذّمّ ، ولا سيّما إن بدا منه ما يدلّ على الرّضا به . هذا ويجب إنكار التّشبّه باليد ، فإن عجز فباللّسان مع أمن العاقبة ، فإن عجز فبقلبه كسائر المنكرات . ويترتّب على هذا أنّه يجب على الزّوج أن يمنع زوجته ممّا تقع فيه من التّشبّه بالرّجال في لبسة أو مشية أو غيرهما ، امتثالاً لقوله تعالى : { قُوا أَنْفسَكم وَأَهليكمْ نَاراً } أي بتعليمهم وتأديبهم وأمرهم بطاعة ربّهم ونهيهم عن معصيته . سادساً : تشبّه أهل الذّمّة بالمسلمين : 18 - يؤخذ أهل الذّمّة بإظهار علامات يعرفون بها ، ولا يتركون يتشبّهون بالمسلمين في لباسهم ومراكبهم وهيئاتهم . والأصل فيه ما روي" أنّ عمر بن عبد العزيز رحمه الله مرّ على رجال ركوب ذوي هيئة ، فظنّهم مسلمين فسلّم عليهم ، فقال له رجل من أصحابه : أصلحك اللّه تدري من هؤلاء ؟ فقال : من هم ؟ فقال : نصارى بني تغلب . فلمّا أتى منزله أمر أن ينادى في النّاس أن لا يبقى نصرانيّ إلا عقد ناصيته وركب الإكاف ". ولم ينقل أنّه أنكر عليه أحد ، فيكون كالإجماع . ولأنّ السّلام من شعائر الإسلام فيحتاج المسلمون إلى إظهار هذه الشّعائر عند الالتقاء ، ولا يمكنهم ذلك إلّا بتمييز أهل الذّمّة بالعلامة . هذا ، وإذا وجب التّمييز وجب أن يكون فيه صغار لا إعزاز ، لأنّ إذلالهم واجب بغير أذى من ضرب أو صفع بلا سبب يكون منه ، بل المراد اتّصافه بهيئة خاصّة . وكذا يجب أن يتميّز نساء أهل الذّمّة عن نساء المسلمين في حال المشي في الطّريق ، وتجعل على دورهم علامة كي لا يعاملوا بما يختصّ به المسلمون ، ولا يمنعون من أن يسكنوا في أمصار المسلمين في غير جزيرة العرب يبيعون ويشترون ، لأنّ عقد الذّمّة شرع ليكون وسيلة لهم إلى الإسلام . وتمكينهم من المقام أبلغ إلى هذا المقصود . وللتّفصيل في الأمور الّتي يمنع تشبّه أهل الذّمّة فيه بالمسلمين تنظر أبواب الجزية وعقد الذّمّة من كتب الفقه . تشبيب * التّعريف : 1 - التّشبيب مصدر شبّب . ومن معانيه : ترقيق أوّل الشّعر بذكر النّساء ، وشبّب بالمرأة : قال فيها الغزل أو النّسيب . والاصطلاح الفقهيّ لا يخرج عن هذا المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : التّشبيب ، والنّسيب ، والغزل ألفاظ مترادفة ، المراد منها : ذكر محاسن النّساء . حكمه التّكليفيّ : 2 - يحرم التّشبيب بامرأة معيّنة محرّمة على المشبّب أو بغلام أمرد . ولا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصّفات الحسّيّة والمعنويّة لامرأة أجنبيّة محرّمة عليه ، ويستوي في ذلك ذكر الصّفات الظّاهرة والباطنة لما في ذلك من الإيذاء لها ولذويها ، وهتك السّتر والتّشهير بمسلمة . أمّا التّشبّب بزوجته أو جاريته فهو جائز ما لم يصف أعضاءها الباطنة ، أو يذكر ما من حقّه الإخفاء فإنّه يسقط مروءته ، ويكون حراما أو مكروها ، على خلاف في ذلك . وكذا يجوز التّشبيب بامرأة غير معيّنة ، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدلّ على التّعيين ، لأنّ الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور ، فإن نصب قرينة تدلّ على التّعيين فهو في حكم التّعيين . وليس ذكر اسم امرأة مجهولة كليلى وسعاد تعيينا ، لحديث : كعب بن زهير : وإنشاده قصيدته المشهورة « بانت سعاد . . بين يدي الرّسول صلى الله عليه وسلم » . التّشبّب بغلام : 3 - يحرم التّشبيب بغلام - إن ذكر أنّه يعشقه وإن لم يكن معيّنا ، لأنّه لا يحلّ بحال . وقيل : إن لم يكن معيّنا فهو كالمرأة غير المعيّنة . هذا في إنشاء القول من شعر أو نثر . أمّا رواية ذلك أو إنشاده فإنّه إذا لم يقصد به الحضّ على المحرّم فهو مباح لنحو الاستشهاد أو تعلّم الفصاحة والبلاغة . وقيّد الحنفيّة تحريم التّشبيب بالمرأة بكونها معيّنة حيّة. فلو شبّب بامرأة غير حيّة لم يحرم . تشبيك * التّعريف : 1 - التّشبيك في اللّغة : المداخلة ، فيقال لكلّ متداخلين أنّهما مشتبكان . ومنه : شبّاك الحديد ، وتشبيك الأصابع - وهو المراد هنا - لدخول بعضها في بعض . والشّبك : الخلط والتّداخل ، فيقال : شبك الشّيء يشبكه شبكا : إذا خلطه وأنشب بعضه في بعض . وتشبيك الأصابع لا يخرج في معناه الاصطلاحيّ عن هذا ، قال ابن عابدين : تشبيك الأصابع : أن يدخل الشّخص أصابع إحدى يديه بين أصابع الأخرى . الحكم الإجماليّ : 2 - أجمع الفقهاء على أنّ تشبيك الأصابع في الصّلاة مكروه ، لما روي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد شبّك أصابعه في الصّلاة ، ففرّج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه » . وقال ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه « تلك صلاة المغضوب عليهم » وأمّا تشبيكها في المسجد في غير صلاة ، وفي انتظارها أي حيث جلس ينتظرها ، أو ماشيا إليها ، فقد قال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة بكراهة التّشبيك حينئذ ، لأنّ انتظار الصّلاة هو في حكم الصّلاة لحديث الصّحيحين « لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصّلاةُ تَحْبِسُه » ولما روى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا « إذا توضّأ أحدكم فأحسن وضوءه ثمّ خرج عامداً إلى المسجد ، فلا يشبّك بين يديه فإنّه في صلاة » وما روى أبو سعيد الخدريّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبّكنّ ، فإنّ التّشبيك من الشّيطان ، وإنّ أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتّى يخرج منه » وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول « إذا توضّأ أحدكم ثمّ خرج عامدا إلى الصّلاة ، فلا يشبّكنّ بين يديه ، فإنّه في صلاة » . 3 - وقد اختلف في الحكمة في النّهي عن التّشبيك في المسجد ، فقيل : إنّ النّهي عنه لما فيه من العبث . وقيل : لما فيه من التّشبّه بالشّيطان . وقيل : لدلالة الشّيطان على ذلك . وفي حاشية الطّحاويّ على مراقي الفلاح : حكمة النّهي عن التّشبيك : أنّه من الشّيطان ، وأنّه يجلب النّوم ، والنّوم من مظانّ الحدث ، ولما نبّه عليه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الّذي يصلّي وهو يشبّك أصابعه تلك صلاة المغضوب عليهم فكره ذلك لما هو في حكم الصّلاة ، حتّى لا يقع في المنهيّ عنه . وكراهته في الصّلاة أشدّ . ولا يكره عند الجمهور التّشبيك بعد الفراغ ولو كان في المسجد ، لحديث ذي اليدين رضي الله عنه الّذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه - قال « صلّى بنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العَشِيّ - قال ابن سيرين : سمّاها أبو هريرة ، ولكن نسيت أنا - قال : فصلّى بنا ركعتين ، ثمّ سلّم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتّكأ عليها كأنّه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبّك بين أصابعه ، ووضع خدّه الأيمن على ظهر كفّه اليسرى ، وخَرَجَتِ السُّرْعانُ من أبواب المسجد ، فقالوا : قُصِرت الصّلاة ، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلّماه ، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين قال : يا رسول اللّه أنسيتَ أم قصرت الصّلاة ؟ قال لم أنس ولم تقصر فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم . فتقدّم فصلّى ما ترك ، ثمّ سلّم ، ثمّ كبّر وسجد مثل سجوده أو أطول ثمّ رفع رأسه وكبّر ، ثمّ كبّر وسجد مثل سجوده - أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر . فربّما سألوه : ثمّ سلّم ؟ فيقول : نبّئت أنّ عمران بن حصين قال : ثمّ سلّم » . ولا بأس به عند المالكيّة في غير صلاة حتّى ولو في المسجد ، لأنّ كراهته عندهم إنّما هي في الصّلاة فقط ، إلّا أنّه خلاف الأولى على نحو ما ورد بالشّرح الكبير وجواهر الإكليل . وفي مواهب الجليل ما نصّه : وأمّا بالنّسبة لغير الصّلاة فالتّشبيك لا بأس به حتّى في المسجد . قال ابن عرفة : وسمع ابن القاسم - أي من مالك - : لا بأس بتشبيك الأصابع يعني في المسجد في غير صلاة . وأومأ داود بن قيس ليد مالك مشبّكاً أصابعه به - أي بالمسجد - ليطلقه وقال : ما هذا ؟ فقال مالك : إنّما يكره في الصّلاة . وقال ابن رشد : صحّ في حديث ذي اليدين تشبيكه صلى الله عليه وسلم بين أصابعه في المسجد . 4 - وأمّا تشبيكها خارج الصّلاة فيما ليس من توابعها : بأن لم يكن في حال سعي إليها ، أو جلوس في المسجد لأجلها ، فإن كان لحاجة نحو إراحة الأصابع - وليس لعبثٍ بل لغرض صحيح - فإنّه في هذه الحالة لا يكره عند الحنفيّة ، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً » وشبّك بين أصابعه . فإنّه لإفادة تمثيل المعنى ، وهو التّعاضد والتّناصر بهذه الصّورة الحسّيّة . فلو شبّك لغير حاجة على سبيل العبث كره تنزيها . وفي حاشية الشبراملسي من الشّافعيّة : أنّه إذا جلس في المسجد لا للصّلاة بل لغيرها ، كحضور درس أو كتابة ، فلا يكره ذلك في حقّه لأنّه لم يصدق عليه أنّه ينتظر الصّلاة . وأمّا إذا انتظرهما معا فينبغي الكراهة ، لأنّه يصدق عليه أنّه ينتظر الصّلاة . وأمّا المالكيّة فقد رأوا كراهة التّشبيك للمصلّي خاصّة ولو في غير مسجد ، ولا بأس به عندهم في غير الصّلاة ولو في المسجد ، لقول مالك : يكره في الصّلاة حين أومأ داود بن قيس ليده مشبّكاً أصابعه ليطلقه وقال : ما هذا ؟ . 5 - والتّشبيك حال خطبة الجمعة يكره عند غير المالكيّة من الأئمّة ، لأنّ مستمع الخطبة في انتظار الصّلاة ، فهو كمن في الصّلاة لما سبق . وعند المالكيّة : غير مكروه ، لأنّ الكراهة عندهم في الصّلاة فقط ولو كان في المسجد ، وإن كان هذا هو خلاف الأولى كما تقدّم . تشبيه * التّعريف : 1 - التّشبيه في اللّغة : مصدر شبّهت الشّيء بالشّيء : إذا أقمته مقامه بصفة جامعة بينهما . وتكون الصّفة ذاتيّة ومعنويّة : فالذّاتيّة نحو هذا الدّرهم كهذا الدّرهم أي في القدر ، والمعنويّة نحو زيد كالأسد . وفي اصطلاح علماء البيان : هو الدّلالة على اشتراك شيئين في وصف من أوصاف الشّيء في نفسه ، كالشّجاعة في الأسد والنّور في الشّمس . وهو إمّا تشبيه مفرد كقوله تعالى : { إنَّ اللّهَ يُحِبُّ الّذينَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِه صَفَّاً كَأنَّهمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } أو تشبيه مفردات بمفردات ، كقوله صلى الله عليه وسلم « إنّما مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً ، فكان منها نقيّة قَبِلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير ، وكان منها أجادبُ أمسكت الماءَ - فنفع اللّه بها النّاس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت منها طائفة أخرى إنّما هي قِيعانٌ لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ . فذلك مَثَلُ من فَقُه في دين اللّه ونفعه ما بعثني اللّه به فَعَلِم وعلَّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدى اللّه الّذي أُرسلتُ به » . فقد شبّه العلم بالغيث ، وشبّه من ينتفع به بالأرض الطّيّبة ، ومن لا ينتفع به بالقيعان . فهي تشبيهات مجتمعة ، أو تشبيه مركّب ، كقوله صلى الله عليه وسلم : « إنَّ مَثَلي مثل الأنبياء من قبلي : كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل النّاس يطوفون به ويعجبون له ويقولون : هلا وُضِعَتْ ، هذه اللَّبِنَةُ ؟ قال : فأنا اللَّبِنَةُ ، وأنا خاتَمُ النّبيّين » . فهذا تشبيه المجموع بالمجموع ، لأنّ وجه الشّبه عقليّ منتزع من عدّة أمور . الألفاظ ذات الصّلة : القياس : 2 - القياس هو : إلحاق فرع بأصل في الحكم لعلّة جامعة بينهما . حكم التّشبيه : يختلف حكم التّشبيه بحسب موقعه والمراد منه على ما سيأتي . أ - التّشبيه في الظّهار : 3 - الظّهار شرعا : تشبيه المسلم زوجته أو جزءا شائعا منها بمحرّم عليه تأبيداً ، كقوله : أنت عليّ كظهر أمّي أو نحوه ، أو كبطنها أو كفخذها ، ونحو ذلك . وهذا النّوع من التّشبيه حرام نصّا لقوله تعالى : { الّذينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكمْ مِنْ نِسَائِهمْ ما هنَّ أُمَّهَاتِهم إنْ أُمَّهاتُهمْ إلا اللائي وَلَدْنَهم ، وَإِنَّهمْ ليقولونَ مُنْكَراً مِن القولِ وزوراً } . وإذا وقع من الزّوج التّشبيه ، ممّا يعتبر ظهارا ، يحرم عليه وطء امرأته قبل أن يكفّر باتّفاق الفقهاء . وكذلك يحرم التّلذّذ بما دون الجماع عن جمهور الفقهاء : الحنفيّة والمالكيّة ، وهو قول عند الشّافعيّة ، ورواية عند الحنابلة ، لقوله تعالى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلكمْ تُوعَظُونَ به واللّهُ بِمَا تَعْمَلونَ خَبيرٌ فَمَنْ لمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرين مُتَتَابعين مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } والتّماسّ شامل للوطء ودواعيه . وفي قول عند الشّافعيّة ، وهو رواية أخرى عند الحنابلة : لا يحرم إلّا الوطء . وهذا في صريح ألفاظ الظّهار . أمّا في كناياته ، كقوله : أنت عليّ مثل أمّي صحّت نيّته برّا أو ظهارا أو طلاقا . وفي الموضوع فروع كثيرة ينظر تفصيلها مع اختلاف الفقهاء في مصطلح ( ظهار ) . ب - التّشبيه في القذف : 4 - أجمع العلماء على أنّه إذا صرّح القاذف بالزّنى كان قذفا ورميا موجبا للحدّ ، فإن عرّض ولم يصرّح ، فقال مالك : هو قذف ، وقال أبو حنيفة والشّافعيّ : لا يكون قذفا حتّى يقول : أردت به القذف . والدّليل لما قاله مالك هو أنّ موضوع الحدّ في القذف إنّما هو لإزالة المعرّة الّتي أوقعها القاذف بالمقذوف ، فإذا حصلت المعرّة بالتّعريض وجب أن يكون قذفا كالتّصريح ، وذلك راجع إلى الفهم ، وقد قال تعالى على لسان قوم شعيب أنّهم قالوا له { إِنَّكَ لأَنتَ الحَليمُ الرَّشِيد } أي السّفيه الضّالّ ، فعرّضوا له بالسّبّ بكلام ظاهره المدح في أحد التّأويلات . وقد حبس عمر رضي الله عنه الحطيئة لمّا قال لأحدهم : دَعِ المَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها وَاقْعدْ فَإِنَّكَ أنتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي لأنّه شبّهه بالنّساء في أنّهنّ يُطعَمْن ويسقين ويكسين . وعلى ذلك فإذا فهم من تشبيه المرأة أو الرّجل بالعفيفة أو العفيف استهزاء ، كان كالرّمي الصّريح في مذهب مالك . ج - تشبيه الرّجل غيره بما يكره : 5 - لا يجوز للمسلم أن يشبّه أخاه المسلم بما يكرهه ، قال تعالى : { وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بئسَ الاسمُ الفُسُوقُ بعدَ الإِيمانِ } وسواء أكان التّشبيه بذكر أداة التّشبيه أو بحذفها كقوله : يا مخنّث ، يا أعمى . واتّفق الفقهاء على أنّه يعزّر بقوله : يا كافر يا منافق يا أعور يا نمّام يا كذّاب يا خبيث يا مخنّث يا ابن الفاسقة ، ونحو ذلك من كلّ ما فيه إيذاء بغير حقّ ، ولو بغمز العين أو إشارة اليد ، لارتكابه معصية لا حدّ فيها ، وكلّ معصية لا حدّ فيها فيها التّعزير . وكذلك يعزّر إذا شبّهه بالحيوانات الدّنيئة كقوله : يا حمار ، يا كلب ، يا قرد ، يا بقر ونحو ذلك عند جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وهو المختار عند متأخّري الحنفيّة - لأنّ كلّ من ارتكب منكرا أو آذى مسلما بغير حقّ بقول أو فعل أو إشارة يستحقّ التّعزير . وفي ظاهر الرّواية عند الحنفيّة : لا يعزّر بقوله : يا حمار، يا كلب ونحو ذلك لظهور كذبه. وفرّق بعض الحنفيّة بين ما إذا كان المسبوب من الأشراف فيعزّر ، أو من العامّة فلا يعزّر ، كما استحسنه في الهداية والزّيلعيّ . وهذا كلّه إذا لم يصل الشّتم والسّبّ إلى حدّ القذف ، أمّا إذا كان من أنواع القذف : كالرّمي بالزّنا من غير بيّنة ، فإنّه يحدّ على تفصيل ينظر في مصطلح : ( قذف ) . تشريق * انظر : أيّام التّشريق . تشريك * التّعريف : 1 - التّشريك في اللّغة : مصدر شرّك . يقال : شرّك فلان فلانا . إذا أدخله في الأمر وجعله شريكاً له فيه . ويقال : شرّك غيره في ما اشتراه ليدفع الغير بعض الثّمن ، ويصير شريكاً له في المبيع . ويقال أيضا : شرّك نعله تشريكا : إذا حمل له شراكا ، والشّراك : سير النّعل الّذي على ظهرها . والتّشريك في الاصطلاح الشّرعيّ : إدخال الغير في الاسم كالشّراء ونحوه ، ليكون شريكا له فيه . الألفاظ ذات الصّلة : الإشراك : 2 - الإشراك بمعنى التّشريك . وإذا قيل : أشرك الكافر باللّه ، فالمراد أنّه جعل غير اللّه شريكا له ، تعالى اللّه عن ذلك . ( ر : إشراك ) . حكم التّشريك : 3 - التّشريك في الشّراء ونحوه جائز ، وتشريك غير عبادة في نيّة العبادة أو تشريك عبادتين في نيّة واحدة جائز على التّفصيل الآتي : أ - تشريك ما لا يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة : 4 - لا نعلم خلافا بين الفقهاء في جواز تشريك ما لا يحتاج إلى نيّة في نيّة العبادة ، كالتّجارة مع الحجّ لقوله تعالى : { وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وعَلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق لِيشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهم وَيَذْكُروا اسمَ اللّهِ في أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ . . . } وقوله في شأن الحجّ أيضا : { لَيسَ عَليكمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكمْ } نزلت في التّجارة مع الحجّ . والصّوم مع قصد الصّحّة ، والوضوء مع نيّة التّبرّد ، والصّلاة مع نيّة دفع الغريم ، لأنّ هذه الأشياء تحصل بغير نيّة فلم يؤثّر تشريكها في نيّة العبادة ، وكالجهاد مع قصد حصول الغنيمة . جاء في مواهب الجليل نقلا عن الفروق للقرافيّ : من يجاهد لتحصيل طاعة اللّه بالجهاد ، وليحصل له المال من الغنيمة ، فهذا لا يضرّه ولا يحرم عليه بالإجماع ، لأنّ اللّه تعالى جعل له هذا في هذه العبادة . ففرّق بين جهاده ليقول النّاس : هذا شجاع ، أو ليعظّمه الإمام ، فيكثر عطاءه من بيت المال . فهذا ونحوه رياء حرام . وبين أن يجاهد لتحصيل الغنائم من جهة أموال العدوّ مع أنّه قد شرّك . ولا يقال لهذا رياء ، بسبب أنّ الرّياء أن يعمل ليراه غير اللّه من خلقه . ومن ذلك أن يجدّد وضوءا ليحصل له التّبرّد أو التّنظّف ، وجميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق ، بل هي لتشريك أمور من المصالح ليس لها إدراك ، ولا تصلح للإدراك ولا للتّعظيم ، ذلك لا يقدح في العبادات ، فظهر الفرق بين قاعدة الرّياء في العبادات وبين قاعدة التّشريك فيها . وجاء في مغني المحتاج : من نوى بوضوئه تبرّدا أو شيئا يحصل بدون قصد كتنظّف ، ولو في أثناء وضوئه ( مع نيّة معتبرة ) أي مستحضرا عند نيّة التّبرّد أو نحوه نيّة الوضوء أجزأه ذلك على الصّحيح ، لحصول ذلك من غير نيّة ، كمصلّ نوى الصّلاة ودفع الغريم فإنّها تجزئه ، لأنّ اشتغاله عن الغريم لا يفتقر إلى نيّة . والقول الثّاني يضرّ ، لما في ذلك من التّشريك بين قربة وغيرها ، فإن فقد النّيّة المعتبرة ، كأن نوى التّبرّد أو نحوه وقد غفل عنها ، لم يصحّ غسل ما غسله بنيّة التّبرّد ونحوه ، ويلزمه إعادته دون استئناف الطّهارة . قال الزّركشيّ : وهذا الخلاف في الصّحّة . أمّا الثّواب فالظّاهر عدم حصوله ، وقد اختار الغزاليّ فيما إذا شرّك في العبادة غيرها من أمر دنيويّ اعتبار الباعث على العمل ، فإن كان القصد الدّنيويّ هو الأغلب لم يكن فيه أجر ، إن كان القصد الدّينيّ أغلب فله بقدره ، وإن تساويا تساقطا . واختار ابن عبد السّلام أنّه لا أجر فيه مطلقا ، سواء أتساوى القصدان أم اختلفا . وانظر أيضا مصطلح : ( نيّة ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية