الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41277" data-attributes="member: 329"><p>ب - تشريك عبادتين في نيّة :</p><p>5 - إن أشرك عبادتين في النّيّة ، فإن كان مبناهما على التّداخل كغسلي الجمعة والجنابة ، أو الجنابة والحيض ، أو غسل الجمعة والعيد ، أو كانت إحداهما غير مقصودة كتحيّة المسجد مع فرض أو سنّة أخرى ، فلا يقدح ذلك في العبادة ، لأنّ مبنى الطّهارة على التّداخل ، والتّحيّة وأمثالها غير مقصودة بذاتها ، بل المقصود شغل المكان بالصّلاة ، فيندرج في غيره . أمّا التّشريك بين عبادتين مقصودتين بذاتها كالظّهر وراتبته ، فلا يصحّ تشريكهما في نيّة واحدة ، لأنّهما عبادتان مستقلّتان لا تندرج إحداهما في الأخرى . </p><p>وانظر أيضا مصطلح : ( نيّة ) .</p><p>ج - التّشريك في المبيع :</p><p>6 - يجوز التّشريك في العقد ، كأن يقول المشتري لعالم بالثّمن : أشركتك في هذا المبيع ويقبل الآخر ، وهذا محلّ اتّفاق بين الفقهاء فإن أشركه في قدر معلوم كالنّصف والرّبع فله ذلك في المبيع ، وإن أطلق فله النّصف ، لأنّ الشّركة المطلقة تقتضي المساواة ، وهو كالبيع والتّولية في أحكامه وشروطه .</p><p>د - التّشريك بين نسوة في طَلْقة :</p><p>7 - إذا قال لنسائه الأربع : أوقعت عليكنّ طلقة وقع على كلّ واحدة طلقة ، لأنّ الطّلقة لا تتجزّأ . </p><p>ولو قال : طلقتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، وقع على كلّ واحدة طلقة فقط ، إلا أن يريد توزيع كلّ طلقة عليهنّ ، فيقع في " طلقتين " على كلّ واحدة طلقتان ، وفي " ثلاث وأربع " ، ثلاث .</p><p></p><p>تشميت *</p><p>1 - من معاني التّشميت لغة : الدّعاء بالخير والبركة . وكلّ داع لأحد بخير فهو مُشَمِّت ومسمّت بالشّين والسّين ، والشّين أعلى وأفشى في كلامهم . وكلّ دعاء بخير فهو تشميت . وفي حديث« تزويج عليّ بفاطمة رضي الله عنهما : شمّت عليهما » : أي دعا لهما بالبركة. وفي حديث العطاس : « فشمّت أحدهما ولم يشمّت الآخر » . فالتّشميت والتّسميت : الدّعاء بالخير والبركة . وتشميت العاطس أو تَسْمِيته : أن يقول له متى كان مسلما : يرحمك اللّه . وهو لا يخرج في الاصطلاح الفقهيّ عن هذا المعنى . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>2 - اتّفق العلماء على أنّه يشرع للعاطس عقب عطاسه أن يحمد اللّه ، فيقول : الحمد للّه ، ولو زاد : ربّ العالمين كان أحسن كفعل ابن مسعود . ولو قال : الحمد للّه على كلّ حال كان أفضل كفعل ابن عمر . وقيل يقول : الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه ، كفعل غيرهما . وروى أحمد والنّسائيّ من حديث سالم بن عبيد مرفوعا « إذا عَطَس أحدكم فليقل : الحمد للّه على كلّ حال أو الحمد للّه ربّ العالمين » وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد للّه على كلّ حال » ومتى حمد اللّه بعد عطسته كان حقّا على من سمعه من إخوانه المسلمين غير المصلّين أن يشمّته " يرحمك اللّه " فقد روى البخاريّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فحقّ على كلّ مسلم سمعه أن يقول : يرحمك اللّه » . </p><p>وفي صحيح البخاريّ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد للّه . وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك اللّه . فإذا قال له : يرحمك اللّه فليقل : يهديكم اللّه ويصلح بالكم » . </p><p>وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « حقّ المسلم على المسلم خمس : ردّ السّلام ، وعيادة المريض واتّباع الجنائز ، وإجابة الدّعوة ، وتشميت العاطس » وفي رواية لمسلم « حقّ المسلم على المسلم ستّ : إذا لقيته فسلّم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد اللّه تعالى فشمّته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتّبعه » . وإن لم يحمد اللّه بعد عطسته فلا يشمّت . فعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه مرفوعاً « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فشمّتوه ، فإن لم يحمد اللّه فلا تشمّتوه » . </p><p>وعن أنس رضي الله عنه قال : « عطس رجلان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشمّت أحدهما ولم يشمّت الآخر . فقال الّذي لم يشمّته : عطس فلان فَشَمّتَّه ، وعطست فلم تشمّتني فقال : إنّ هذا حمد اللّه تعالى ، وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » وهذا الحكم عامّ وليس مخصوصا بالرّجل الّذي وقع له ذلك . يؤيّد العموم ما جاء في حديث أبي موسى </p><p>« إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فشمّتوه ، وإن لم يحمد اللّه فلا تشمّتوه » . </p><p>فالتّشميت قد شرع لمن حمد اللّه دون من لم يحمده ، فإذا عرف السّامع أنّ العاطس حمد اللّه بعد عطسته شمّته ، كأن سمعه يحمد اللّه ، وإن سمع العطسة ولم يسمعه يحمد اللّه ، بل سمع من شمّت ذلك العاطس ، فإنّه يشرع له التّشميت لعموم الأمر به لمن عطس فحمد ، وقال النّوويّ المختار أنّه يشمّته من سمعه دون غيره . </p><p>وهذا التّشميت سنّة عند الشّافعيّة . وفي قول للحنابلة وعند الحنفيّة هو واجب . </p><p>وقال المالكيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة بوجوبه على الكفاية . ونقل عن البيان أنّ الأشهر أنّه فرض عين ، لحديث « كان حقّا على كلّ مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك اللّه » . </p><p>فإن عطس ولم يحمد اللّه نسيانا استحبّ لمن حضره أن يذكّره الحمد ليحمد فيشمّته . </p><p>وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النّخعيّ . </p><p>3 - ويندب للعاطس أن يردّ على من شمّته : فيقول له : يغفر اللّه لنا ولكم ، أو يهديكم اللّه ويصلح بالكم ، وقيل : يجمع بينهما ، فيقول : يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر لنا ولكم . فقد روي عن ابن عمر أنّه كان إذا عطس فقيل له : يرحمك اللّه . قال :" يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر اللّه لنا ولكم ". قال ابن أبي جمرة : في الحديث دليل على عظيم نعمة اللّه على العاطس . يؤخذ ذلك ممّا رتّب عليه من الخير . وفيه إشارة إلى عظيم فضل اللّه على عبده . فإنّه أذهب عنه الضّرر بنعمة العطس ، ثمّ شرع له الحمد الّذي يثاب عليه ، ثمّ الدّعاء بالخير بعد الدّعاء بالخير وشرع هذه النّعم المتواليات في زمن يسير فضلا منه وإحساناً . </p><p>فإذا قيل للعاطس : يرحمك اللّه ، فمعناه : جعل اللّه لك ذلك لتدوم لك السّلامة ، وفيه إشارة إلى تنبيه العاطس على طلب الرّحمة والتّوبة من الذّنب ، ومن ثَمَّ شرع به الجواب بقوله : غفر اللّه لنا ولكم وقوله : ويصلح بالكم أي شأنكم . وقوله تعالى : { سَيَهْدِيهمْ وَيُصْلِحُ بَالَهمْ } أي شأنهم . وهذا ما لم يكن في صلاته أو خلائه .</p><p>ما ينبغي للعاطس مراعاته :</p><p>4 - من آداب العاطس : أن يخفض بالعطس صوته ويرفعه بالحمد . وأن يغطّي وجهه لئلّا يبدو من فيه أو أنفه ما يؤذي جليسه . ولا يلوي عنقه يميناً ولا شمالاً لئلا يتضرّر بذلك . قال ابن العربيّ : الحكمة في خفض الصّوت بالعطاس : أنّ رفعه إزعاجاً للأعضاء . </p><p>وفي تغطية الوجه : أنّه لو بدر منه شيء آذى جليسه . ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من الالتواء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه ، وخفض أو غضّ بها صوته » . </p><p>حكمة مشروعيّة التّشميت :</p><p>5 - قال ابن دقيق العيد : من فوائد التّشميت تحصيل المودّة ، والتّأليف بين المسلمين ، وتأديب العاطس بكسر النّفس عن الكبر ، والحمل على التّواضع لما في ذكر الرّحمة من الإشعار بالذّنب الّذي لا يعرى عنه أكثر المكلّفين .</p><p>التّشميت أثناء الخطبة :</p><p>6 - كره الحنفيّة والمالكيّة التّشميت أثناء الخطبة ، وعند الشّافعيّة في الجديد : أنّ الكلام عند الخطبة لا يحرم ، ويسنّ الإنصات ، ولا فرق في ذلك بين التّشميت وغيره ، واستدلّ بما روى أنس رضي الله عنه قال : « دخل رجل والنّبيّ صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال : متى السّاعة ؟ فأشار النّاس إليه أن اسكت فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند الثّالثة : ما أعددت لها ؟ قال : حبَّ اللّه ورسوله قال : إنّك مع من أحببتَ » وإذ جاز هذا في الخطبة جاز تشميت العاطس أثناءها . </p><p>وعند المالكيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة : أنّ الإنصات لسماع الخطبة واجب . لما روى جابر رضي الله عنه قال : « دخل ابن مسعود رضي الله عنه والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى أبيّ رضي الله عنه فسأله عن شيء فلم يردّ عليه ، فسكت حتّى صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : ما منعك أن تردّ عليّ ؟ فقال : إنّك لم تشهد معنا الجمعة . قال : ولم ؟ قال : لأنّك تكلّمت والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقام ابن مسعود فدخل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر له ، فقال : صدق أبيّ » وإذا كان الإنصات واجباً كان ما خالفه من تشميت العاطس أثناء الخطبة حراما . وللحنابلة روايتان : إحداهما : الجواز مطلقا أخذاً من قول الأثرم : سمعت أبا عبد اللّه أي الإمام أحمد - سئل : يردّ الرّجل السّلام يوم الجمعة ؟ فقال : نعم . قال : ويشمّت العاطس ؟ فقال : نعم . والإمام يخطب . وقال أبو عبد اللّه قد فعله غير واحد . قال ذلك غير مرّة ، وممّن رخّص في ذلك الحسن والشّعبيّ والنّخعيّ وقتادة والثّوريّ وإسحاق . </p><p>والثّانية : إن كان لا يسمع الخطبة شمّت العاطس ، وإن كان يسمع لم يفعل ، قال أبو طالب : قال أحمد : إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمّت ، وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمّت وردّ السّلام . وقال أبو داود : قلت لأحمد : يردّ السّلام والإمام يخطب ويشمّت العاطس ؟ قال : إذا كان ليس يسمع الخطبة فيردّ ، وإذا كان يسمع فلا لقول اللّه تعالى : </p><p>{ فَاسْتَمِعُوا لَه وأَنْصِتُوا } وروي نحو ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما .</p><p>تشميت مَنْ في الخلاء لقضاء حاجته :</p><p>7 - يكره لمن في الخلاء لقضاء حاجته أن يشمّت عاطساً سمع عطسته . </p><p>بذلك قال فقهاء المذاهب الأربعة . كما كرهوا له إن عطس في خلائه أن يحمد اللّه بلسانه ، وأجازوا له ذلك في نفسه دون أن يحرّك به لسانه . وعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلّمت عليه ، فلم يردّ حتّى توضّأ ، ثمّ اعتذر إليّ وقال : إنّي كرهت أن أذكر اللّه تعالى إلا على طهر أو قال : على طهارة »</p><p>تشميت المرأة الأجنبيّة للرّجل والعكس :</p><p>8 - إن كانت المرأة شابّة يخشى الافتنان بها كره لها أن تشمّت الرّجل إذا عطس ، كما يكره لها أن تردّ على مشمّت لها لو عطست هي . بخلاف لو كانت عجوزاً ولا تميل إليها النّفوس فإنّها تشمّت وتشمّت متى حمدت اللّه ، بذلك قال المالكيّة ومثلهم في ذلك الحنابلة . جاء في الآداب الشّرعيّة لابن مفلح عن ابن تميم : لا يشمّت الرّجل الشّابّة ولا تشمّته . </p><p>وقال السّامريّ : يكره أن يشمّت الرّجل المرأة إذا عطست ولا يكره ذلك للعجوز . </p><p>وقال ابن الجوزيّ : وقد روينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنّه كان عنده رجل من العبّاد فعطست امرأة أحمد ، فقال لها العابد : يرحمك اللّه . فقال أحمد رحمه الله . عابد جاهل . وقال حرب : قلت لأحمد : الرّجل يشمّت المرأة إذا عطست ؟ فقال : إن أراد أن يستنطقها ليسمع كلامها فلا ، لأنّ الكلام فتنة ، وإن لم يرد ذلك فلا بأس أن يشمّتهنّ . </p><p>وقال أبو طالب : إنّه سأل أبا عبد اللّه : يشمّت الرّجل المرأة إذا عطست ؟ قال : نعم قد شمّت أبو موسى امرأته. قلت : فإن كانت امرأة تمرّ أو جالسة فعطست أشمّتها ؟ قال : نعم. وقال القاضي : ويشمّت الرّجل المرأة البرزة ويكره للشّابّة . وقال ابن عقيل : يشمّت المرأة البرزة وتشمّته ولا يشمّت الشّابّة ولا تشمّته ، وقال الشّيخ عبد القادر : يجوز للرّجل تشميت المرأة البرزة والعجوز ، ويكره للشّابّة ، وفي هذا تفريق بين الشّابّة وغيرها . </p><p>وعند الحنفيّة ذكر صاحب الذّخيرة : أنّه إذا عطس الرّجل فشمّتته المرأة ، فإن عجوزاً ردّ عليها وإلا ردّ في نفسه . قال ابن عابدين : وكذا لو عطست هي كما في الخلاصة .</p><p>تشميت المسلم للكافر :</p><p>9 - لو عطس كافر وحمد اللّه عقيب عطاسه وسمعه مسلم كان عليه أن يشمّته بقوله : هداك اللّه أو عافاك اللّه ، فقد أخرج أبو داود من حديث أبي موسى الأشعريّ قال : « كانت اليهود يتعاطسون عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم اللّه ، فكان يقول : يهديكم اللّه ويصلح بالكم » . وفي قوله : يهديكم اللّه ويصلح بالكم . تعريض لهم بالإسلام : أي اهتدوا وآمنوا يصلح اللّه بالكم . فلهم تشميت مخصوص ، وهو الدّعاء لهم بالهداية وإصلاح البال . بخلاف تشميت المسلمين ، فإنّهم أهل للدّعاء بالرّحمة بخلاف الكفّار . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « اجتمع اليهود والمسلمون فعطس النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشمّته الفريقان جميعاً ، فقال للمسلمين يغفر اللّه لكم ويرحمنا وإيّاكم . وقال لليهود : يهديكم اللّه ويصلح بالكم »</p><p>تشميت المصلّي غيره :</p><p>10 - من كان في الصّلاة وسمع عاطسا حمد اللّه عقب عطاسه فشمّته بطلت صلاته ، لأنّ تشميته له بقوله : يرحمك اللّه يجري في مخاطبات النّاس ، فكان من كلامهم ، فقد روي عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال « : بينا أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الصّلاة إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك اللّه ، فحدّقني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أُمّاه ، ما لكم تنظرون إليّ ؟ فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ، فلمّا انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دعاني بأبي وأمّي هو ، ما رأيتُ معلّماً أحسن تعليماً منه ، واللّه ما ضربني صلى الله عليه وسلم ولا كهرني ثمّ قال : إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين ، إنّما هي التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن » .</p><p>هذا قول الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والمشهور عند الشّافعيّة ، وإن كان تعبير الحنفيّة بالفساد وتعبير غيرهم بالبطلان ، إلّا أنّ البطلان والفساد في ذلك بمعنى . </p><p>فإن عطس هو في صلاته فحمد اللّه وشمّت نفسه في نفسه دون أن يحرّك بذلك لسانه بأن قال : يرحمك اللّه يا نفسي لا تفسد صلاته ، لأنّه لمّا لم يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلام النّاس كما إذا قال : يرحمني اللّه . قال به الحنفيّة والحنابلة المالكيّة .</p><p>تشميت العاطس فوق ثلاث :</p><p>11 - من تكرّر عطاسه فزاد على الثّلاث فإنّه لا يشمّت فيما زاد عنها ، إذ هو بما زاد عنها مزكوم . فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : « شمّت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً عطس مرّتين بقوله : يرحمك اللّه ثمّ قال عنه في الثّالثة : هذا رجل مزكوم » . </p><p>وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشّافعيّة أنّه قال : يكرّر التّشميت إذا تكرّر العطاس ، إلا أن يعرف أنّه مزكوم فيدعو له بالشّفاء . وعند هذا سقط الأمر بالتّشميت عند العلم بالزّكام ، لأنّ التّعليل به يقتضي أن لا يشمّت من علم أنّ به زكاماً أصلاً ، لكونه مرضاً ، وليس عطاساً محموداً ناشئاً عن خفّة البدن وانفتاح المسامّ وعدم الغاية في الشّبع .</p><p></p><p>تشمير *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - للتّشمير في اللّغة معان : منها : الرّفع يقال : شمّر الإزار والثّوب تشميراً : إذا رفعه ، ويقال : شمّر عن ساقه ، وشمّر في أمره : أي خفّ فيه وأسرع ، وشمّر الشّيء فتشمّر : قلّصه فتقلّص ، وتشمّر أي : تهيّأ . وفي الاصطلاح لا يخرج عن معنى رفع الثّوب . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - السّدل : </p><p>2 - من معاني السّدل في اللّغة : إرخاء الثّوب . يقال : سدلت الثّوب سدلاً : إذا أرخيته وأرسلته من غير ضمّ جانبيه . </p><p>وسدل الثّوب يسدله ويسدله سدلاً ، وأسدله : أرخاه وأرسله . وعن عليّ رضي الله عنه :" أنّه خرج فرأى قوما يصلّون قد سدلوا ثيابهم ، فقال : كأنّهم اليهود خرجوا من فهورهم "</p><p>واصطلاحا : أن يجعل الشّخص ثوبه على رأسه ، أو على كتفيه ، ويرسل أطرافه من جوانبه من غير أن يضمّها ، أو يردّ أحد طرفيه على الكتف الأخرى . </p><p>وهو في الصّلاة مكروه بالاتّفاق . لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن السّدل في الصّلاة . . » .</p><p>ب - الإسبال : </p><p>3 - الإسبال في اللّغة : الإرخاء والإطالة . يقال : أسبل إزاره : إذا أرخاه . وأسبل فلان ثيابه : إذا طوّلها وأرسلها إلى الأرض ، وفي الحديث : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم . قال : قلت : ومن هم ؟ خابوا وخسروا . فأعادها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاث مرّات : المسبل ، والمنّان ، والمنفّق سلعته بالحلف الكاذب » قال ابن الأعرابيّ وغيره : المسبل : الّذي يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى ، وإنّما يفعل ذلك كبرا واختيالا . </p><p>وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى . </p><p>وحكمه الكراهة ، لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر اللّه إليه » وعن ابن مسعود قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من اللّه جلّ ذكره في حلّ ولا حرام » . </p><p>وحديث أبي سعيد الخدريّ يرفعه « لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جرّ إزاره بطراً » . وللتّفصيل ر : ( صلاة - عورة - إسبال ) . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>4 - التّشمير في الصّلاة مكروه اتّفاقاً ، لما ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن كفّ الثّياب والشّعر » . إلا أنّ المالكيّة قالوا بكراهته فيها إذا كان فعله لأجلها . </p><p>وأمّا فعله خارجها ، أو فيها لا لأجلها ، فلا كراهة فيه . ومثل ذلك عندهم تشمير الذّيل عن السّاق : فإن فعله لأجل شغل ، فحضرت الصّلاة ، فصلّى وهو كذلك فلا كراهة . </p><p>وظاهر المدوّنة أنّه سواء عاد لشغله ، أم لا . وحملها الشّبيبيّ على ما إذا عاد لشغله ، وصوّبه ابن ناجي . وللتّفصيل ر : ( صلاة ، عورة ، لباس ) .</p><p></p><p>تشهّد *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشهّد في اللّغة : مصدر تشهّد ، أي : تكلّم بالشّهادتين . </p><p>ويطلق في اصطلاح الفقهاء على قول كلمة التّوحيد ، وعلى التّشهّد في الصّلاة ، وهي قراءة : التّحيّات للّه . . إلى آخره في الصّلاة . وصرّح ابن عابدين نقلا عن الحلية : أنّ التّشهّد اسم لمجموع الكلمات المرويّة عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره . سمّي به لاشتماله على الشّهادتين . من باب تسمية الشّيء باسم جزئه . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - ذهب الحنفيّة في الأصحّ ، والمالكيّة في قول ، وهو المذهب عند الحنابلة إلى : أنّ التّشهّد واجب في القعدة الّتي لا يعقبها السّلام ، لأنّه يجب بتركه سجود السّهو . </p><p>ويرى الحنفيّة في قول ، والمالكيّة في المذهب ، والشّافعيّة ، والحنابلة في رواية : سنّيّة التّشهّد في هذه القعدة ، لأنّه يسقط بالسّهو فأشبه السّنن . </p><p>وأمّا التّشهّد في القعدة الأخيرة في الصّلاة فواجب عند الحنفيّة ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابيّ : « إذا رفعت رأسك من آخر سجدة ، وقعدت قدر التّشهّد ، فقد تَمَّتْ صلاتُك » علّق التّمام بالقعدة دون التّشهّد ، فالفرض عند الحنفيّة في هذه القعدة هو الجلوس فقط ، أمّا التّشهّد فواجب ، يجبر بسجود السّهو إن ترك سهوا ، وتكره الصّلاة بتركه تحريما ، فتجب إعادتها . والمذهب عند المالكيّة أنّه سنّة ، وفي قول واجب . </p><p>ويرى الشّافعيّة والحنابلة أنّه ركن من أركان الصّلاة ، وهذا ما يسمّيه بعضهم فرضاً أو واجباً وبعضهم ركناً ، تشبيها له بركن البيت الّذي لا يقوم إلا به .</p><p>وفي الفرق بين الفرض والواجب عند الحنفيّة ، ومعنى الوجوب عند غيرهم تفصيل يرجع فيه إلى مظانّه في كتب الفقه والأصول . وانظر أيضا : ( فرض ، وواجب ) .</p><p>ألفاظ التّشهّد :</p><p>3 - يرى الحنفيّة والحنابلة أنّ أفضل التّشهّد ، التّشهّد الّذي علّمه النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعبد اللّه بن مسعود رضي الله عنهما ، وهو : « التّحيّات للّه ، والصّلوات والطّيّبات ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله » . </p><p>ووجه اختيارهم لهذه الرّواية ما روي : أنّ حمّاداً أخذ بيد أبي حنيفة وعلّمه التّشهّد ، وقال أخذ إبراهيم النّخعيّ بيديّ وعلّمني ، وأخذ علقمة بيد إبراهيم وعلّمه ، وأخذ عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه بيد علقمة وعلّمه ، « وأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بيد عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه وعلّمه التّشهّد فقال : قل : التّحيّات للّه . . . » إلى آخره . ويؤيّده ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « علّمني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم التّشهّد - كفّي بين كفّيه - كما يعلّمني سورة من القرآن ، التّحيّات للّه . . . » . </p><p>لأنّ فيه زيادة واو العطف ، وإنّه يوجب تعدّد الثّناء ، لأنّ المعطوف غير المعطوف عليه ، وبه يقول : الثّوريّ ، وإسحاق ، وأبو ثور . </p><p>ويرى المالكيّة أنّ أفضل التّشهّد تشهّد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وهو : التّحيّات للّه ، الزّاكيات للّه ، الطّيّبات الصّلوات للّه ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله . وهذا لأنّ عمر رضي الله عنه قاله على المنبر ، فلم ينكروه ، فجرى مجرى الخبر المتواتر ، وكان أيضاً إجماعاً . </p><p>وأمّا الشّافعيّة فأفضل التّشهّد عندهم ما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلّمنا التّشهّد ، كما يعلّمنا السّورة من القرآن ، فيقول : قولوا : التّحيّات المباركات ، الصّلوات الطّيّبات للّه ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه » . أخرجه مسلم والتّرمذيّ ، إلا أنّه في رواية مسلم « وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله » . والخلاف بين الأئمّة هنا خلاف في الأولويّة ، فبأيّ تشهّد تشهّد ممّا صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاز . ومن النّاس من اختار تشهّد أبي موسى الأشعريّ ، وهو أن يقول : التّحيّات للّه ، الطّيّبات ، والصّلوات للّه . . . والباقي كتشهّد ابن مسعود وذكر ابن عابدين أنّ المصلّي يقصد بألفاظ التّشهّد معانيها ، مرادة له على وجه الإنشاء ، كأنّه يحيّي اللّه تعالى ويسلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه والأولياء ، ولا يقصد الإخبار والحكاية عمّا وقع في المعراج منه صلى الله عليه وسلم ومن ربّه سبحانه وتعالى ومن الملائكة .</p><p>الزّيادة والنّقصان في ألفاظ التّشهّد والتّرتيب بينها :</p><p>4 - اختلفت أقوال الفقهاء في هذه المسألة على النّحو الآتي : </p><p>ذهب الحنفيّة إلى أنّه يكره تحريما أن يزيد في التّشهّد حرفا ، أو يبتدئ بحرف قبل حرف . قال أبو حنيفة : ولو نقص من تشهّده أو زاد فيه . كان مكروها ، لأنّ أذكار الصّلاة محصورة ، فلا يزاد عليها . ثمّ أضاف ابن عابدين قائلا : والكراهة عند الإطلاق للتّحريم . ويكره كذلك عند المالكيّة الزّيادة على التّشهّد ، واختلفوا في ترك بعض التّشهّد ، فالظّاهر من كلام بعض شيوخهم عدم حصول السّنّة ببعض التّشهّد ، خلافا لابن ناجي في كفاية بعضه ، قياسا على السّورة . </p><p>وأمّا الشّافعيّة فقد فصّلوا الكلام ، وقالوا : إنّ لفظ المباركات والصّلوات ، والطّيّبات والزّاكيات سنّة ليس بشرط في التّشهّد ، فلو حذف كلّها واقتصر على الباقي أجزأه من غير خلاف عندهم . وأمّا لفظ : السّلام عليك . . . إلخ فواجب لا يجوز حذف شيء منه ، إلّا لفظ ورحمة اللّه وبركاته . وفي هذين اللّفظين ثلاثة أوجه : أصحّها عدم جواز حذفهما . </p><p>والثّاني : جواز حذفهما . والثّالث : يجوز حذف وبركاته ، دون رحمة اللّه " . </p><p>وكذلك التّرتيب بين ألفاظها مستحبّ عندهم على الصّحيح من المذهب ، فلو قدّم بعضه على بعض جاز ، وفي وجه لا يجوز كألفاظ الفاتحة . </p><p>والحنابلة يرون أنّه إذا أسقط لفظة هي ساقطة في بضع التّشهّدات المرويّة صحّ تشهّده في الأصحّ . وفي رواية أخرى : لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصّلاة ، لقول الأسود : فكنّا نتحفّظه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كما نتحفّظ حروف القرآن .</p><p>الجلوس في التّشهّد :</p><p>5 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وهو قول الطّحاويّ والكرخيّ من الحنفيّة إلى : أنّ الجلوس في التّشهّد الأوّل سنّة . </p><p>والأصحّ عند الحنفيّة - وهو وجه عند الحنابلة - أنّه واجب . </p><p>وأمّا في التّشهّد الثّاني فالجلوس بقدر التّشهّد ركن عند الأربعة ، وهو ما عبّر عنه الحنفيّة بالفرضيّة ، وغيرهم تارة بالوجوب وتارة بالفرضيّة . </p><p>وأمّا هيئة الجلوس في التّشهّد ، فتفصيله في مصطلح : ( جلوس ) .</p><p>التّشهّد بغير العربيّة :</p><p>6 - لا خلاف بين الفقهاء في جواز التّشهّد بغير العربيّة للعاجز ، واختلفوا فيه للقادر عليها . والتّفصيل في مصطلح : ( ترجمة ) . </p><p>الإسرار في التّشهّد :</p><p>7 - السّنّة في التّشهّد الإسرار ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر به ، إذ لو جهر به لنقل كما نقلت القراءة ، وقال عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه « من السّنّة إخفاء التّشهّد » . قال صاحب المغني : ولا نعلم في هذا خلافاً .</p><p>ما يترتّب على ترك التّشهّد :</p><p>8 - لا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة سجدة السّهو بترك التّشهّد في القعدة الأولى ( قبل الأخيرة ) إن كان تركه سهوا ، على خلاف بينهم في الحكم . </p><p>واختلفوا في تركه عمدا : فذهب الحنفيّة ، والحنابلة في قول إلى : وجوب إعادة الصّلاة . ويرى المالكيّة والشّافعيّة ، والحنابلة في رواية أخرى ، أنّ على المصلّي أن يسجد للسّهو في هذه الحالة أيضا . وأمّا ترك التّشهّد في القعدة الأخيرة إن كان عمدا : فذهب الحنفيّة والمالكيّة في وجه ، والشّافعيّة والحنابلة إلى وجوب الإعادة . وكذلك إن كان سهوا عند الشّافعيّة والحنابلة . ويرى الحنفيّة والمالكيّة أنّ عليه سجدة السّهو في هذه الحالة . </p><p>وأمّا حكم الرّجوع إلى التّشهّد لمن قام إلى الثّالثة في ثنائيّة أو إلى الرّابعة في ثلاثيّة ، أو إلى خامسة في رباعيّة ، فقد فصّله الفقهاء في كتاب الصّلاة عند الكلام عن سجدة السّهو .</p><p>الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في التّشهّد :</p><p>9 - يرى جمهور الفقهاء أنّ المصلّي لا يزيد على التّشهّد في القعدة الأولى بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبهذا قال النّخعيّ والثّوريّ وإسحاق . </p><p>وذهب الشّافعيّة في الأظهر من الأقوال إلى استحباب الصّلاة فيها ، وبه قال الشّعبيّ . </p><p>وأمّا إذا جلس في آخر صلاته فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التّشهّد . وأمّا صيغة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القعدة الأخيرة ، وما روي في ذلك من الأدلّة ، فقد فصّل الفقهاء الكلام عليه في موطنه من كتب الفقه . وانظر أيضا : " الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم " .</p><p></p><p>تشهير *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّشهير في اللّغة مأخوذ من شهّره ، بمعنى : أعلنه وأذاعه ، وشهّر به : أذاع عنه السّوء ، وشهّره تشهيرا فاشتهر . والشّهرة : وضوح الأمر . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّعزير : </p><p>2 - التّعزير : التّأديب والإهانة دون الحدّ . وهو أعمّ من التّشهير ، إذ يكون بالتّشهير وبغيره . فالتّشهير نوع من أنواع التّعزير . </p><p>ب - السّتر : </p><p>3 - السّتر : المنع والتّغطية . وهو ضدّ التّشهير . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>3 - يختلف حكم التّشهير باعتبار من يصدر منه ، وباعتبار المشهّر به . فالتّشهير قد يكون من النّاس بعضهم ببعض ، على جهة العداوة أو الغيبة ، أو على جهة النّصيحة والتّحذير . وقد يكون من الحاكم في الحدود أو في التّعازير . وبيان ذلك فيما يأتي : </p><p>أوّلا : تشهير النّاس بعضهم ببعض :</p><p>الأصل أنّ تشهير النّاس بعضهم ببعض بذكر عيوبهم والتّنقّص منهم حرام . </p><p>وقد يكون مباحاً أو واجباً . وذلك راجع إلى ما يتّصف به المشهّر به . </p><p>4 - فيكون حراماً في الأحوال الآتية :</p><p>أ - إذا كان المشهّر به بريئا ممّا يشاع عنه ويقال فيه . والأصل في ذلك قوله تعالى : { إنَّ الّذينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الّذينَ آمَنُوا لهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدّنيا والآخِرةِ واللّهُ يَعْلمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُون } . وقول النّبيّ : « أيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء ، يرى أن يشينه بها في الدّنيا ، كان حقّا على اللّه تعالى أن يرميه بها في النّار . ثمّ تلا مصداقه من كتاب اللّه تعالى : { إنَّ الّذينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ } » . </p><p>وقد ذمّ اللّه سبحانه وتعالى الّذين فعلوا ذلك ، وتوعّدهم بالعذاب العظيم ، وذلك في الآيات الّتي نزلت في شأن السّيّدة عائشة رضي الله عنها حين رماها أهل الإفك والبهتان بما قالوه من الكذب والافتراء ، وهي قوله تعالى : { إنَّ الّذينَ جَاءوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ . . . } .</p><p> وقال ابن كثير في قوله تعالى : { وَالّذينَ يُؤْذُونَ المُؤمنينَ والمؤمنَاتِ بِغَيرِ ما اكْتَسَبُوا فقد احْتَمَلُوا بُهتَاناً وإِثماً مُبِينَاً } أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه ، يحكون على المؤمنين والمؤمنات ذلك على سبيل العيب والتّنقّص منهم ، وقد قال رسول اللّه فيه : « أربى الرّبا عند اللّه استحلالُ عِرض امرئ مسلم ثمّ قرأ : { وَالّذينَ يُؤْذُونَ المُؤْمنينَ وَالمُؤْمناتِ } » وقد قيل في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللّهُ به » أي من سمّع بعيوب النّاس وأذاعها أظهر اللّه عيوبه . </p><p>ومن ذلك : الهجو بالشّعر . قال ابن قدامة : ما كان من الشّعر يتضمّن هجو المسلمين والقدح في أعراضهم فهو محرّم على قائله . </p><p>ب - إذا كان المشهّر به يتّصف بما يقال عنه ، ولكنّه لا يجاهر به ، ولا يقع به ضرر على غيره . فالتّشهير به حرام أيضا ، لأنّه يعتبر من الغيبة الّتي نهى اللّه سبحانه وتعالى عنها في قوله : { ولا يَغْتَبْ بَعْضُكم بَعْضَاً } . وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم . قال : ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْره . قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ ؟ قال : إن كان فيه ما تقولُ فقد اغْتَبْتَه ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه » . </p><p>ومن ذلك : قول العالم : قال فلان كذا مريدا التّشنيع عليه . أو قول الإنسان : فعل كذا بعض النّاس ، أو بعض من يدّعي العلم ، أو بعض من ينسب إلى الصّلاح والزّهد ، أو نحو ذلك إذا كان المخاطب يفهمه بعينه ، ونحو ذلك . </p><p>ومن المقرّر شرعاً : أنّ السّتر على المسلم واجب لمن ليس معروفاً بالأذى والفساد . </p><p>فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَتَرَ مُسْلماً سَتَرَه اللّه عزّ وجلّ يومَ القيامة » قال في شرح مسلم : وهذا السّتر في غير المشتهرين . </p><p>وقال ابن العربيّ : إذا رأيت إنساناً على معصية فعظه فيما بينك وبينه ، ولا تفضحه . </p><p>ج - ويحرم كذلك تشهير الإنسان بنفسه ، إذ المسلم مطالب بالسّتر على نفسه . </p><p>ففي الصّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « كلُّ أمّتي مُعَافى إلا المجاهرين ، وإنّ من الإجهار أن يعمل العبد باللّيل عملاً ، ثمّ يصبح وقد ستره عليه اللّه ، فيقول : يا فلان ، عملتُ البارحة كذا وكذا . وقد بات يستره اللّه عزّ وجلّ ويصبح يكشف ستر اللّه عزّ وجلّ عنه » </p><p>والسّتر واجب على المسلم في خاصّة نفسه إذا أتى فاحشة ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر اللّه » .</p><p>5 - ويكون التّشهير جائزاً لمن يجاهر بالمعصية في الأحوال الآتية : </p><p>أ - بالنّسبة لمن يجاهر بالمعصية ، فيجوز ذكر من يتجاهر بفسقه ، لأنّ المجاهر بالفسق لا يستنكف أن يذكر به ، ولا يعتبر هذا غيبة في حقّه ، لأنّ من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له. قال القرافيّ : المعلن بالفسوق - كقول امرئ القيس :" فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع " </p><p>فإنّه يفتخر بالزّنا في شعره - فلا يضرّ أن يحكى ذلك عنه ، لأنّه لا يتألّم إذا سمعه ، بل قد يسرّ بتلك المخازي ، وكثير من اللّصوص تفتخر بالسّرقة والاقتدار على التّسوّر على الدّور العظام والحصون الكبار ، فذكر مثل هذا عن هذه الطّوائف لا يحرم . </p><p>وفي الإكمال في شرح حديث مسلم : « مَنْ سَترَ مسلماً ستره اللّه » قال : وهذا السّتر في غير المشتهرين . وقال الخلال : أخبرني حرب : سمعت أحمد يقول : إذا كان الرّجل معلناً بفسقه فليست له غيبة . </p><p>وذكر ابن عبد البرّ في كتاب بهجة المجالس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاثةٌ لا غِيبة فيهم : الفاسقُ المعلن بفسقه ، وشارب الخمر ، والسّلطان الجائر » . </p><p>6 - ب - إذا كان التّشهير على سبيل نصيحة المسلمين وتحذيرهم ، وذلك كجرح الرّواة والشّهود والأمناء على الصّدقات والأوقاف والأيتام ، والتّشهير بالمصنّفين والمتصدّين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهليّة ، أو مع نحو فسق أو بدعة يدعون إليها ، وأصحاب الحديث وحملة العلم المقلّدين ، هؤلاء يجب تجريحهم وكشف أحوالهم السّيّئة لمن عرفها ممّن يقلّد في ذلك ويلتفت إلى قوله ، لئلا يغترّ بهم ويقلّد في دين اللّه من لا يجوز تقليده ، وليس السّتر هنا بمرغّب فيه ولا مباح . على هذا اجتمع رأي الأمّة قديماً وحديثاً . </p><p>يقول القرافيّ : أرباب البدع والتّصانيف المضلّة ينبغي أن يشهّر النّاس فسادها وعيبها . وأنّهم على غير الصّواب ، ليحذرها النّاس الضّعفاء فلا يقعوا فيها ، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن ، بشرط أن لا يتعدّى فيها الصّدق ، ولا يفتري على أهلها من الفسوق والفواحش ما لم يفعلوه ، بل يقتصر على ما فيهم من المنفّرات خاصّة ، فلا يقال في المبتدع : إنّه يشرب الخمر ، ولا أنّه يزني ، ولا غير ذلك ممّا ليس فيه . </p><p>ويجوز وضع الكتب في جرح المجروحين من رواة الحديث والأخبار بذلك لطلبة العلم الحاملين لذلك لمن ينتفع به وينقله ، بشرط أن تكون النّيّة خالصة للّه تعالى في نصيحة المسلمين في ضبط الشّريعة . </p><p>أمّا إذا كان لأجل عداوة أو تَفَكُّهٍ بالأعراض وجرياً مع الهوى فذلك حرام ، وإن حصلت به المصلحة عند الرّواة . </p><p>ويقول الخطيب الشّربينيّ : لو قال العالم لجماعة من النّاس : لا تسمعوا الحديث من فلان فإنّه يخلط أو لا تستفتوا منه فإنّه لا يحسن الفتوى فهذا نصح للنّاس . نصّ عليه في الأمّ . قال : وليس هذا بغيبة إن كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه ويخطئ باتّباعه . ومثله في الفواكه الدّواني . ويقول النّوويّ : يجوز تحذير المسلمين من الشّرّ ونصيحتهم ، وذلك من وجوه منها : جرح المجروحين من الرّواة للحديث والشّهود ، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة . ومنها : إذا استشارك إنسان في مصاهرته أو مشاركته أو إيداعه أو الإيداع عنده أو معاملته بغير ذلك ،وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النّصيحة. وفي مغني المحتاج : ينكر على من تصدّى للتّدريس والفتوى والوعظ وليس هو من أهله ، ويشهّر أمره لئلّا يغترّ به .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41277, member: 329"] ب - تشريك عبادتين في نيّة : 5 - إن أشرك عبادتين في النّيّة ، فإن كان مبناهما على التّداخل كغسلي الجمعة والجنابة ، أو الجنابة والحيض ، أو غسل الجمعة والعيد ، أو كانت إحداهما غير مقصودة كتحيّة المسجد مع فرض أو سنّة أخرى ، فلا يقدح ذلك في العبادة ، لأنّ مبنى الطّهارة على التّداخل ، والتّحيّة وأمثالها غير مقصودة بذاتها ، بل المقصود شغل المكان بالصّلاة ، فيندرج في غيره . أمّا التّشريك بين عبادتين مقصودتين بذاتها كالظّهر وراتبته ، فلا يصحّ تشريكهما في نيّة واحدة ، لأنّهما عبادتان مستقلّتان لا تندرج إحداهما في الأخرى . وانظر أيضا مصطلح : ( نيّة ) . ج - التّشريك في المبيع : 6 - يجوز التّشريك في العقد ، كأن يقول المشتري لعالم بالثّمن : أشركتك في هذا المبيع ويقبل الآخر ، وهذا محلّ اتّفاق بين الفقهاء فإن أشركه في قدر معلوم كالنّصف والرّبع فله ذلك في المبيع ، وإن أطلق فله النّصف ، لأنّ الشّركة المطلقة تقتضي المساواة ، وهو كالبيع والتّولية في أحكامه وشروطه . د - التّشريك بين نسوة في طَلْقة : 7 - إذا قال لنسائه الأربع : أوقعت عليكنّ طلقة وقع على كلّ واحدة طلقة ، لأنّ الطّلقة لا تتجزّأ . ولو قال : طلقتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، وقع على كلّ واحدة طلقة فقط ، إلا أن يريد توزيع كلّ طلقة عليهنّ ، فيقع في " طلقتين " على كلّ واحدة طلقتان ، وفي " ثلاث وأربع " ، ثلاث . تشميت * 1 - من معاني التّشميت لغة : الدّعاء بالخير والبركة . وكلّ داع لأحد بخير فهو مُشَمِّت ومسمّت بالشّين والسّين ، والشّين أعلى وأفشى في كلامهم . وكلّ دعاء بخير فهو تشميت . وفي حديث« تزويج عليّ بفاطمة رضي الله عنهما : شمّت عليهما » : أي دعا لهما بالبركة. وفي حديث العطاس : « فشمّت أحدهما ولم يشمّت الآخر » . فالتّشميت والتّسميت : الدّعاء بالخير والبركة . وتشميت العاطس أو تَسْمِيته : أن يقول له متى كان مسلما : يرحمك اللّه . وهو لا يخرج في الاصطلاح الفقهيّ عن هذا المعنى . الحكم التّكليفيّ : 2 - اتّفق العلماء على أنّه يشرع للعاطس عقب عطاسه أن يحمد اللّه ، فيقول : الحمد للّه ، ولو زاد : ربّ العالمين كان أحسن كفعل ابن مسعود . ولو قال : الحمد للّه على كلّ حال كان أفضل كفعل ابن عمر . وقيل يقول : الحمد للّه حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه ، كفعل غيرهما . وروى أحمد والنّسائيّ من حديث سالم بن عبيد مرفوعا « إذا عَطَس أحدكم فليقل : الحمد للّه على كلّ حال أو الحمد للّه ربّ العالمين » وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد للّه على كلّ حال » ومتى حمد اللّه بعد عطسته كان حقّا على من سمعه من إخوانه المسلمين غير المصلّين أن يشمّته " يرحمك اللّه " فقد روى البخاريّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فحقّ على كلّ مسلم سمعه أن يقول : يرحمك اللّه » . وفي صحيح البخاريّ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد للّه . وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك اللّه . فإذا قال له : يرحمك اللّه فليقل : يهديكم اللّه ويصلح بالكم » . وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « حقّ المسلم على المسلم خمس : ردّ السّلام ، وعيادة المريض واتّباع الجنائز ، وإجابة الدّعوة ، وتشميت العاطس » وفي رواية لمسلم « حقّ المسلم على المسلم ستّ : إذا لقيته فسلّم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد اللّه تعالى فشمّته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتّبعه » . وإن لم يحمد اللّه بعد عطسته فلا يشمّت . فعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه مرفوعاً « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فشمّتوه ، فإن لم يحمد اللّه فلا تشمّتوه » . وعن أنس رضي الله عنه قال : « عطس رجلان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشمّت أحدهما ولم يشمّت الآخر . فقال الّذي لم يشمّته : عطس فلان فَشَمّتَّه ، وعطست فلم تشمّتني فقال : إنّ هذا حمد اللّه تعالى ، وإنّك لم تحمد اللّه تعالى » وهذا الحكم عامّ وليس مخصوصا بالرّجل الّذي وقع له ذلك . يؤيّد العموم ما جاء في حديث أبي موسى « إذا عطس أحدكم فحمد اللّه فشمّتوه ، وإن لم يحمد اللّه فلا تشمّتوه » . فالتّشميت قد شرع لمن حمد اللّه دون من لم يحمده ، فإذا عرف السّامع أنّ العاطس حمد اللّه بعد عطسته شمّته ، كأن سمعه يحمد اللّه ، وإن سمع العطسة ولم يسمعه يحمد اللّه ، بل سمع من شمّت ذلك العاطس ، فإنّه يشرع له التّشميت لعموم الأمر به لمن عطس فحمد ، وقال النّوويّ المختار أنّه يشمّته من سمعه دون غيره . وهذا التّشميت سنّة عند الشّافعيّة . وفي قول للحنابلة وعند الحنفيّة هو واجب . وقال المالكيّة ، وهو المذهب عند الحنابلة بوجوبه على الكفاية . ونقل عن البيان أنّ الأشهر أنّه فرض عين ، لحديث « كان حقّا على كلّ مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك اللّه » . فإن عطس ولم يحمد اللّه نسيانا استحبّ لمن حضره أن يذكّره الحمد ليحمد فيشمّته . وقد ثبت ذلك عن إبراهيم النّخعيّ . 3 - ويندب للعاطس أن يردّ على من شمّته : فيقول له : يغفر اللّه لنا ولكم ، أو يهديكم اللّه ويصلح بالكم ، وقيل : يجمع بينهما ، فيقول : يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر لنا ولكم . فقد روي عن ابن عمر أنّه كان إذا عطس فقيل له : يرحمك اللّه . قال :" يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر اللّه لنا ولكم ". قال ابن أبي جمرة : في الحديث دليل على عظيم نعمة اللّه على العاطس . يؤخذ ذلك ممّا رتّب عليه من الخير . وفيه إشارة إلى عظيم فضل اللّه على عبده . فإنّه أذهب عنه الضّرر بنعمة العطس ، ثمّ شرع له الحمد الّذي يثاب عليه ، ثمّ الدّعاء بالخير بعد الدّعاء بالخير وشرع هذه النّعم المتواليات في زمن يسير فضلا منه وإحساناً . فإذا قيل للعاطس : يرحمك اللّه ، فمعناه : جعل اللّه لك ذلك لتدوم لك السّلامة ، وفيه إشارة إلى تنبيه العاطس على طلب الرّحمة والتّوبة من الذّنب ، ومن ثَمَّ شرع به الجواب بقوله : غفر اللّه لنا ولكم وقوله : ويصلح بالكم أي شأنكم . وقوله تعالى : { سَيَهْدِيهمْ وَيُصْلِحُ بَالَهمْ } أي شأنهم . وهذا ما لم يكن في صلاته أو خلائه . ما ينبغي للعاطس مراعاته : 4 - من آداب العاطس : أن يخفض بالعطس صوته ويرفعه بالحمد . وأن يغطّي وجهه لئلّا يبدو من فيه أو أنفه ما يؤذي جليسه . ولا يلوي عنقه يميناً ولا شمالاً لئلا يتضرّر بذلك . قال ابن العربيّ : الحكمة في خفض الصّوت بالعطاس : أنّ رفعه إزعاجاً للأعضاء . وفي تغطية الوجه : أنّه لو بدر منه شيء آذى جليسه . ولو لوى عنقه صيانة لجليسه لم يأمن من الالتواء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه ، وخفض أو غضّ بها صوته » . حكمة مشروعيّة التّشميت : 5 - قال ابن دقيق العيد : من فوائد التّشميت تحصيل المودّة ، والتّأليف بين المسلمين ، وتأديب العاطس بكسر النّفس عن الكبر ، والحمل على التّواضع لما في ذكر الرّحمة من الإشعار بالذّنب الّذي لا يعرى عنه أكثر المكلّفين . التّشميت أثناء الخطبة : 6 - كره الحنفيّة والمالكيّة التّشميت أثناء الخطبة ، وعند الشّافعيّة في الجديد : أنّ الكلام عند الخطبة لا يحرم ، ويسنّ الإنصات ، ولا فرق في ذلك بين التّشميت وغيره ، واستدلّ بما روى أنس رضي الله عنه قال : « دخل رجل والنّبيّ صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة فقال : متى السّاعة ؟ فأشار النّاس إليه أن اسكت فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عند الثّالثة : ما أعددت لها ؟ قال : حبَّ اللّه ورسوله قال : إنّك مع من أحببتَ » وإذ جاز هذا في الخطبة جاز تشميت العاطس أثناءها . وعند المالكيّة ، وهو القديم عند الشّافعيّة : أنّ الإنصات لسماع الخطبة واجب . لما روى جابر رضي الله عنه قال : « دخل ابن مسعود رضي الله عنه والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى أبيّ رضي الله عنه فسأله عن شيء فلم يردّ عليه ، فسكت حتّى صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : ما منعك أن تردّ عليّ ؟ فقال : إنّك لم تشهد معنا الجمعة . قال : ولم ؟ قال : لأنّك تكلّمت والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقام ابن مسعود فدخل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر له ، فقال : صدق أبيّ » وإذا كان الإنصات واجباً كان ما خالفه من تشميت العاطس أثناء الخطبة حراما . وللحنابلة روايتان : إحداهما : الجواز مطلقا أخذاً من قول الأثرم : سمعت أبا عبد اللّه أي الإمام أحمد - سئل : يردّ الرّجل السّلام يوم الجمعة ؟ فقال : نعم . قال : ويشمّت العاطس ؟ فقال : نعم . والإمام يخطب . وقال أبو عبد اللّه قد فعله غير واحد . قال ذلك غير مرّة ، وممّن رخّص في ذلك الحسن والشّعبيّ والنّخعيّ وقتادة والثّوريّ وإسحاق . والثّانية : إن كان لا يسمع الخطبة شمّت العاطس ، وإن كان يسمع لم يفعل ، قال أبو طالب : قال أحمد : إذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمّت ، وإذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمّت وردّ السّلام . وقال أبو داود : قلت لأحمد : يردّ السّلام والإمام يخطب ويشمّت العاطس ؟ قال : إذا كان ليس يسمع الخطبة فيردّ ، وإذا كان يسمع فلا لقول اللّه تعالى : { فَاسْتَمِعُوا لَه وأَنْصِتُوا } وروي نحو ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما . تشميت مَنْ في الخلاء لقضاء حاجته : 7 - يكره لمن في الخلاء لقضاء حاجته أن يشمّت عاطساً سمع عطسته . بذلك قال فقهاء المذاهب الأربعة . كما كرهوا له إن عطس في خلائه أن يحمد اللّه بلسانه ، وأجازوا له ذلك في نفسه دون أن يحرّك به لسانه . وعن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلّمت عليه ، فلم يردّ حتّى توضّأ ، ثمّ اعتذر إليّ وقال : إنّي كرهت أن أذكر اللّه تعالى إلا على طهر أو قال : على طهارة » تشميت المرأة الأجنبيّة للرّجل والعكس : 8 - إن كانت المرأة شابّة يخشى الافتنان بها كره لها أن تشمّت الرّجل إذا عطس ، كما يكره لها أن تردّ على مشمّت لها لو عطست هي . بخلاف لو كانت عجوزاً ولا تميل إليها النّفوس فإنّها تشمّت وتشمّت متى حمدت اللّه ، بذلك قال المالكيّة ومثلهم في ذلك الحنابلة . جاء في الآداب الشّرعيّة لابن مفلح عن ابن تميم : لا يشمّت الرّجل الشّابّة ولا تشمّته . وقال السّامريّ : يكره أن يشمّت الرّجل المرأة إذا عطست ولا يكره ذلك للعجوز . وقال ابن الجوزيّ : وقد روينا عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنّه كان عنده رجل من العبّاد فعطست امرأة أحمد ، فقال لها العابد : يرحمك اللّه . فقال أحمد رحمه الله . عابد جاهل . وقال حرب : قلت لأحمد : الرّجل يشمّت المرأة إذا عطست ؟ فقال : إن أراد أن يستنطقها ليسمع كلامها فلا ، لأنّ الكلام فتنة ، وإن لم يرد ذلك فلا بأس أن يشمّتهنّ . وقال أبو طالب : إنّه سأل أبا عبد اللّه : يشمّت الرّجل المرأة إذا عطست ؟ قال : نعم قد شمّت أبو موسى امرأته. قلت : فإن كانت امرأة تمرّ أو جالسة فعطست أشمّتها ؟ قال : نعم. وقال القاضي : ويشمّت الرّجل المرأة البرزة ويكره للشّابّة . وقال ابن عقيل : يشمّت المرأة البرزة وتشمّته ولا يشمّت الشّابّة ولا تشمّته ، وقال الشّيخ عبد القادر : يجوز للرّجل تشميت المرأة البرزة والعجوز ، ويكره للشّابّة ، وفي هذا تفريق بين الشّابّة وغيرها . وعند الحنفيّة ذكر صاحب الذّخيرة : أنّه إذا عطس الرّجل فشمّتته المرأة ، فإن عجوزاً ردّ عليها وإلا ردّ في نفسه . قال ابن عابدين : وكذا لو عطست هي كما في الخلاصة . تشميت المسلم للكافر : 9 - لو عطس كافر وحمد اللّه عقيب عطاسه وسمعه مسلم كان عليه أن يشمّته بقوله : هداك اللّه أو عافاك اللّه ، فقد أخرج أبو داود من حديث أبي موسى الأشعريّ قال : « كانت اليهود يتعاطسون عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم اللّه ، فكان يقول : يهديكم اللّه ويصلح بالكم » . وفي قوله : يهديكم اللّه ويصلح بالكم . تعريض لهم بالإسلام : أي اهتدوا وآمنوا يصلح اللّه بالكم . فلهم تشميت مخصوص ، وهو الدّعاء لهم بالهداية وإصلاح البال . بخلاف تشميت المسلمين ، فإنّهم أهل للدّعاء بالرّحمة بخلاف الكفّار . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « اجتمع اليهود والمسلمون فعطس النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشمّته الفريقان جميعاً ، فقال للمسلمين يغفر اللّه لكم ويرحمنا وإيّاكم . وقال لليهود : يهديكم اللّه ويصلح بالكم » تشميت المصلّي غيره : 10 - من كان في الصّلاة وسمع عاطسا حمد اللّه عقب عطاسه فشمّته بطلت صلاته ، لأنّ تشميته له بقوله : يرحمك اللّه يجري في مخاطبات النّاس ، فكان من كلامهم ، فقد روي عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال « : بينا أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الصّلاة إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك اللّه ، فحدّقني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أُمّاه ، ما لكم تنظرون إليّ ؟ فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم ، فلمّا انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دعاني بأبي وأمّي هو ، ما رأيتُ معلّماً أحسن تعليماً منه ، واللّه ما ضربني صلى الله عليه وسلم ولا كهرني ثمّ قال : إنّ صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميّين ، إنّما هي التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن » . هذا قول الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة والمشهور عند الشّافعيّة ، وإن كان تعبير الحنفيّة بالفساد وتعبير غيرهم بالبطلان ، إلّا أنّ البطلان والفساد في ذلك بمعنى . فإن عطس هو في صلاته فحمد اللّه وشمّت نفسه في نفسه دون أن يحرّك بذلك لسانه بأن قال : يرحمك اللّه يا نفسي لا تفسد صلاته ، لأنّه لمّا لم يكن خطابا لغيره لم يعتبر من كلام النّاس كما إذا قال : يرحمني اللّه . قال به الحنفيّة والحنابلة المالكيّة . تشميت العاطس فوق ثلاث : 11 - من تكرّر عطاسه فزاد على الثّلاث فإنّه لا يشمّت فيما زاد عنها ، إذ هو بما زاد عنها مزكوم . فعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : « شمّت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً عطس مرّتين بقوله : يرحمك اللّه ثمّ قال عنه في الثّالثة : هذا رجل مزكوم » . وذكر ابن دقيق العيد عن بعض الشّافعيّة أنّه قال : يكرّر التّشميت إذا تكرّر العطاس ، إلا أن يعرف أنّه مزكوم فيدعو له بالشّفاء . وعند هذا سقط الأمر بالتّشميت عند العلم بالزّكام ، لأنّ التّعليل به يقتضي أن لا يشمّت من علم أنّ به زكاماً أصلاً ، لكونه مرضاً ، وليس عطاساً محموداً ناشئاً عن خفّة البدن وانفتاح المسامّ وعدم الغاية في الشّبع . تشمير * التّعريف : 1 - للتّشمير في اللّغة معان : منها : الرّفع يقال : شمّر الإزار والثّوب تشميراً : إذا رفعه ، ويقال : شمّر عن ساقه ، وشمّر في أمره : أي خفّ فيه وأسرع ، وشمّر الشّيء فتشمّر : قلّصه فتقلّص ، وتشمّر أي : تهيّأ . وفي الاصطلاح لا يخرج عن معنى رفع الثّوب . الألفاظ ذات الصّلة : أ - السّدل : 2 - من معاني السّدل في اللّغة : إرخاء الثّوب . يقال : سدلت الثّوب سدلاً : إذا أرخيته وأرسلته من غير ضمّ جانبيه . وسدل الثّوب يسدله ويسدله سدلاً ، وأسدله : أرخاه وأرسله . وعن عليّ رضي الله عنه :" أنّه خرج فرأى قوما يصلّون قد سدلوا ثيابهم ، فقال : كأنّهم اليهود خرجوا من فهورهم " واصطلاحا : أن يجعل الشّخص ثوبه على رأسه ، أو على كتفيه ، ويرسل أطرافه من جوانبه من غير أن يضمّها ، أو يردّ أحد طرفيه على الكتف الأخرى . وهو في الصّلاة مكروه بالاتّفاق . لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن السّدل في الصّلاة . . » . ب - الإسبال : 3 - الإسبال في اللّغة : الإرخاء والإطالة . يقال : أسبل إزاره : إذا أرخاه . وأسبل فلان ثيابه : إذا طوّلها وأرسلها إلى الأرض ، وفي الحديث : « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا يكلّمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم . قال : قلت : ومن هم ؟ خابوا وخسروا . فأعادها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثلاث مرّات : المسبل ، والمنّان ، والمنفّق سلعته بالحلف الكاذب » قال ابن الأعرابيّ وغيره : المسبل : الّذي يطوّل ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى ، وإنّما يفعل ذلك كبرا واختيالا . وهو في الاصطلاح لا يخرج عن هذا المعنى . وحكمه الكراهة ، لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر اللّه إليه » وعن ابن مسعود قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من اللّه جلّ ذكره في حلّ ولا حرام » . وحديث أبي سعيد الخدريّ يرفعه « لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جرّ إزاره بطراً » . وللتّفصيل ر : ( صلاة - عورة - إسبال ) . الحكم الإجماليّ : 4 - التّشمير في الصّلاة مكروه اتّفاقاً ، لما ورد أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « نهى عن كفّ الثّياب والشّعر » . إلا أنّ المالكيّة قالوا بكراهته فيها إذا كان فعله لأجلها . وأمّا فعله خارجها ، أو فيها لا لأجلها ، فلا كراهة فيه . ومثل ذلك عندهم تشمير الذّيل عن السّاق : فإن فعله لأجل شغل ، فحضرت الصّلاة ، فصلّى وهو كذلك فلا كراهة . وظاهر المدوّنة أنّه سواء عاد لشغله ، أم لا . وحملها الشّبيبيّ على ما إذا عاد لشغله ، وصوّبه ابن ناجي . وللتّفصيل ر : ( صلاة ، عورة ، لباس ) . تشهّد * التّعريف : 1 - التّشهّد في اللّغة : مصدر تشهّد ، أي : تكلّم بالشّهادتين . ويطلق في اصطلاح الفقهاء على قول كلمة التّوحيد ، وعلى التّشهّد في الصّلاة ، وهي قراءة : التّحيّات للّه . . إلى آخره في الصّلاة . وصرّح ابن عابدين نقلا عن الحلية : أنّ التّشهّد اسم لمجموع الكلمات المرويّة عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره . سمّي به لاشتماله على الشّهادتين . من باب تسمية الشّيء باسم جزئه . الحكم الإجماليّ : 2 - ذهب الحنفيّة في الأصحّ ، والمالكيّة في قول ، وهو المذهب عند الحنابلة إلى : أنّ التّشهّد واجب في القعدة الّتي لا يعقبها السّلام ، لأنّه يجب بتركه سجود السّهو . ويرى الحنفيّة في قول ، والمالكيّة في المذهب ، والشّافعيّة ، والحنابلة في رواية : سنّيّة التّشهّد في هذه القعدة ، لأنّه يسقط بالسّهو فأشبه السّنن . وأمّا التّشهّد في القعدة الأخيرة في الصّلاة فواجب عند الحنفيّة ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابيّ : « إذا رفعت رأسك من آخر سجدة ، وقعدت قدر التّشهّد ، فقد تَمَّتْ صلاتُك » علّق التّمام بالقعدة دون التّشهّد ، فالفرض عند الحنفيّة في هذه القعدة هو الجلوس فقط ، أمّا التّشهّد فواجب ، يجبر بسجود السّهو إن ترك سهوا ، وتكره الصّلاة بتركه تحريما ، فتجب إعادتها . والمذهب عند المالكيّة أنّه سنّة ، وفي قول واجب . ويرى الشّافعيّة والحنابلة أنّه ركن من أركان الصّلاة ، وهذا ما يسمّيه بعضهم فرضاً أو واجباً وبعضهم ركناً ، تشبيها له بركن البيت الّذي لا يقوم إلا به . وفي الفرق بين الفرض والواجب عند الحنفيّة ، ومعنى الوجوب عند غيرهم تفصيل يرجع فيه إلى مظانّه في كتب الفقه والأصول . وانظر أيضا : ( فرض ، وواجب ) . ألفاظ التّشهّد : 3 - يرى الحنفيّة والحنابلة أنّ أفضل التّشهّد ، التّشهّد الّذي علّمه النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعبد اللّه بن مسعود رضي الله عنهما ، وهو : « التّحيّات للّه ، والصّلوات والطّيّبات ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله » . ووجه اختيارهم لهذه الرّواية ما روي : أنّ حمّاداً أخذ بيد أبي حنيفة وعلّمه التّشهّد ، وقال أخذ إبراهيم النّخعيّ بيديّ وعلّمني ، وأخذ علقمة بيد إبراهيم وعلّمه ، وأخذ عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه بيد علقمة وعلّمه ، « وأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بيد عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه وعلّمه التّشهّد فقال : قل : التّحيّات للّه . . . » إلى آخره . ويؤيّده ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « علّمني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم التّشهّد - كفّي بين كفّيه - كما يعلّمني سورة من القرآن ، التّحيّات للّه . . . » . لأنّ فيه زيادة واو العطف ، وإنّه يوجب تعدّد الثّناء ، لأنّ المعطوف غير المعطوف عليه ، وبه يقول : الثّوريّ ، وإسحاق ، وأبو ثور . ويرى المالكيّة أنّ أفضل التّشهّد تشهّد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وهو : التّحيّات للّه ، الزّاكيات للّه ، الطّيّبات الصّلوات للّه ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله . وهذا لأنّ عمر رضي الله عنه قاله على المنبر ، فلم ينكروه ، فجرى مجرى الخبر المتواتر ، وكان أيضاً إجماعاً . وأمّا الشّافعيّة فأفضل التّشهّد عندهم ما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلّمنا التّشهّد ، كما يعلّمنا السّورة من القرآن ، فيقول : قولوا : التّحيّات المباركات ، الصّلوات الطّيّبات للّه ، السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه وبركاته ، السّلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين ، أشهد أن لا إله إلّا اللّه ، وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه » . أخرجه مسلم والتّرمذيّ ، إلا أنّه في رواية مسلم « وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله » . والخلاف بين الأئمّة هنا خلاف في الأولويّة ، فبأيّ تشهّد تشهّد ممّا صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم جاز . ومن النّاس من اختار تشهّد أبي موسى الأشعريّ ، وهو أن يقول : التّحيّات للّه ، الطّيّبات ، والصّلوات للّه . . . والباقي كتشهّد ابن مسعود وذكر ابن عابدين أنّ المصلّي يقصد بألفاظ التّشهّد معانيها ، مرادة له على وجه الإنشاء ، كأنّه يحيّي اللّه تعالى ويسلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه والأولياء ، ولا يقصد الإخبار والحكاية عمّا وقع في المعراج منه صلى الله عليه وسلم ومن ربّه سبحانه وتعالى ومن الملائكة . الزّيادة والنّقصان في ألفاظ التّشهّد والتّرتيب بينها : 4 - اختلفت أقوال الفقهاء في هذه المسألة على النّحو الآتي : ذهب الحنفيّة إلى أنّه يكره تحريما أن يزيد في التّشهّد حرفا ، أو يبتدئ بحرف قبل حرف . قال أبو حنيفة : ولو نقص من تشهّده أو زاد فيه . كان مكروها ، لأنّ أذكار الصّلاة محصورة ، فلا يزاد عليها . ثمّ أضاف ابن عابدين قائلا : والكراهة عند الإطلاق للتّحريم . ويكره كذلك عند المالكيّة الزّيادة على التّشهّد ، واختلفوا في ترك بعض التّشهّد ، فالظّاهر من كلام بعض شيوخهم عدم حصول السّنّة ببعض التّشهّد ، خلافا لابن ناجي في كفاية بعضه ، قياسا على السّورة . وأمّا الشّافعيّة فقد فصّلوا الكلام ، وقالوا : إنّ لفظ المباركات والصّلوات ، والطّيّبات والزّاكيات سنّة ليس بشرط في التّشهّد ، فلو حذف كلّها واقتصر على الباقي أجزأه من غير خلاف عندهم . وأمّا لفظ : السّلام عليك . . . إلخ فواجب لا يجوز حذف شيء منه ، إلّا لفظ ورحمة اللّه وبركاته . وفي هذين اللّفظين ثلاثة أوجه : أصحّها عدم جواز حذفهما . والثّاني : جواز حذفهما . والثّالث : يجوز حذف وبركاته ، دون رحمة اللّه " . وكذلك التّرتيب بين ألفاظها مستحبّ عندهم على الصّحيح من المذهب ، فلو قدّم بعضه على بعض جاز ، وفي وجه لا يجوز كألفاظ الفاتحة . والحنابلة يرون أنّه إذا أسقط لفظة هي ساقطة في بضع التّشهّدات المرويّة صحّ تشهّده في الأصحّ . وفي رواية أخرى : لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصّلاة ، لقول الأسود : فكنّا نتحفّظه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كما نتحفّظ حروف القرآن . الجلوس في التّشهّد : 5 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وهو قول الطّحاويّ والكرخيّ من الحنفيّة إلى : أنّ الجلوس في التّشهّد الأوّل سنّة . والأصحّ عند الحنفيّة - وهو وجه عند الحنابلة - أنّه واجب . وأمّا في التّشهّد الثّاني فالجلوس بقدر التّشهّد ركن عند الأربعة ، وهو ما عبّر عنه الحنفيّة بالفرضيّة ، وغيرهم تارة بالوجوب وتارة بالفرضيّة . وأمّا هيئة الجلوس في التّشهّد ، فتفصيله في مصطلح : ( جلوس ) . التّشهّد بغير العربيّة : 6 - لا خلاف بين الفقهاء في جواز التّشهّد بغير العربيّة للعاجز ، واختلفوا فيه للقادر عليها . والتّفصيل في مصطلح : ( ترجمة ) . الإسرار في التّشهّد : 7 - السّنّة في التّشهّد الإسرار ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر به ، إذ لو جهر به لنقل كما نقلت القراءة ، وقال عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه « من السّنّة إخفاء التّشهّد » . قال صاحب المغني : ولا نعلم في هذا خلافاً . ما يترتّب على ترك التّشهّد : 8 - لا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة سجدة السّهو بترك التّشهّد في القعدة الأولى ( قبل الأخيرة ) إن كان تركه سهوا ، على خلاف بينهم في الحكم . واختلفوا في تركه عمدا : فذهب الحنفيّة ، والحنابلة في قول إلى : وجوب إعادة الصّلاة . ويرى المالكيّة والشّافعيّة ، والحنابلة في رواية أخرى ، أنّ على المصلّي أن يسجد للسّهو في هذه الحالة أيضا . وأمّا ترك التّشهّد في القعدة الأخيرة إن كان عمدا : فذهب الحنفيّة والمالكيّة في وجه ، والشّافعيّة والحنابلة إلى وجوب الإعادة . وكذلك إن كان سهوا عند الشّافعيّة والحنابلة . ويرى الحنفيّة والمالكيّة أنّ عليه سجدة السّهو في هذه الحالة . وأمّا حكم الرّجوع إلى التّشهّد لمن قام إلى الثّالثة في ثنائيّة أو إلى الرّابعة في ثلاثيّة ، أو إلى خامسة في رباعيّة ، فقد فصّله الفقهاء في كتاب الصّلاة عند الكلام عن سجدة السّهو . الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في التّشهّد : 9 - يرى جمهور الفقهاء أنّ المصلّي لا يزيد على التّشهّد في القعدة الأولى بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبهذا قال النّخعيّ والثّوريّ وإسحاق . وذهب الشّافعيّة في الأظهر من الأقوال إلى استحباب الصّلاة فيها ، وبه قال الشّعبيّ . وأمّا إذا جلس في آخر صلاته فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التّشهّد . وأمّا صيغة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في القعدة الأخيرة ، وما روي في ذلك من الأدلّة ، فقد فصّل الفقهاء الكلام عليه في موطنه من كتب الفقه . وانظر أيضا : " الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم " . تشهير * التّعريف : 1 - التّشهير في اللّغة مأخوذ من شهّره ، بمعنى : أعلنه وأذاعه ، وشهّر به : أذاع عنه السّوء ، وشهّره تشهيرا فاشتهر . والشّهرة : وضوح الأمر . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّعزير : 2 - التّعزير : التّأديب والإهانة دون الحدّ . وهو أعمّ من التّشهير ، إذ يكون بالتّشهير وبغيره . فالتّشهير نوع من أنواع التّعزير . ب - السّتر : 3 - السّتر : المنع والتّغطية . وهو ضدّ التّشهير . الحكم الإجماليّ : 3 - يختلف حكم التّشهير باعتبار من يصدر منه ، وباعتبار المشهّر به . فالتّشهير قد يكون من النّاس بعضهم ببعض ، على جهة العداوة أو الغيبة ، أو على جهة النّصيحة والتّحذير . وقد يكون من الحاكم في الحدود أو في التّعازير . وبيان ذلك فيما يأتي : أوّلا : تشهير النّاس بعضهم ببعض : الأصل أنّ تشهير النّاس بعضهم ببعض بذكر عيوبهم والتّنقّص منهم حرام . وقد يكون مباحاً أو واجباً . وذلك راجع إلى ما يتّصف به المشهّر به . 4 - فيكون حراماً في الأحوال الآتية : أ - إذا كان المشهّر به بريئا ممّا يشاع عنه ويقال فيه . والأصل في ذلك قوله تعالى : { إنَّ الّذينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ في الّذينَ آمَنُوا لهمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدّنيا والآخِرةِ واللّهُ يَعْلمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُون } . وقول النّبيّ : « أيّما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء ، يرى أن يشينه بها في الدّنيا ، كان حقّا على اللّه تعالى أن يرميه بها في النّار . ثمّ تلا مصداقه من كتاب اللّه تعالى : { إنَّ الّذينَ يُحِبُّونَ أنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ } » . وقد ذمّ اللّه سبحانه وتعالى الّذين فعلوا ذلك ، وتوعّدهم بالعذاب العظيم ، وذلك في الآيات الّتي نزلت في شأن السّيّدة عائشة رضي الله عنها حين رماها أهل الإفك والبهتان بما قالوه من الكذب والافتراء ، وهي قوله تعالى : { إنَّ الّذينَ جَاءوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ . . . } . وقال ابن كثير في قوله تعالى : { وَالّذينَ يُؤْذُونَ المُؤمنينَ والمؤمنَاتِ بِغَيرِ ما اكْتَسَبُوا فقد احْتَمَلُوا بُهتَاناً وإِثماً مُبِينَاً } أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه ، يحكون على المؤمنين والمؤمنات ذلك على سبيل العيب والتّنقّص منهم ، وقد قال رسول اللّه فيه : « أربى الرّبا عند اللّه استحلالُ عِرض امرئ مسلم ثمّ قرأ : { وَالّذينَ يُؤْذُونَ المُؤْمنينَ وَالمُؤْمناتِ } » وقد قيل في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللّهُ به » أي من سمّع بعيوب النّاس وأذاعها أظهر اللّه عيوبه . ومن ذلك : الهجو بالشّعر . قال ابن قدامة : ما كان من الشّعر يتضمّن هجو المسلمين والقدح في أعراضهم فهو محرّم على قائله . ب - إذا كان المشهّر به يتّصف بما يقال عنه ، ولكنّه لا يجاهر به ، ولا يقع به ضرر على غيره . فالتّشهير به حرام أيضا ، لأنّه يعتبر من الغيبة الّتي نهى اللّه سبحانه وتعالى عنها في قوله : { ولا يَغْتَبْ بَعْضُكم بَعْضَاً } . وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم . قال : ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْره . قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقولُ ؟ قال : إن كان فيه ما تقولُ فقد اغْتَبْتَه ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه » . ومن ذلك : قول العالم : قال فلان كذا مريدا التّشنيع عليه . أو قول الإنسان : فعل كذا بعض النّاس ، أو بعض من يدّعي العلم ، أو بعض من ينسب إلى الصّلاح والزّهد ، أو نحو ذلك إذا كان المخاطب يفهمه بعينه ، ونحو ذلك . ومن المقرّر شرعاً : أنّ السّتر على المسلم واجب لمن ليس معروفاً بالأذى والفساد . فقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَتَرَ مُسْلماً سَتَرَه اللّه عزّ وجلّ يومَ القيامة » قال في شرح مسلم : وهذا السّتر في غير المشتهرين . وقال ابن العربيّ : إذا رأيت إنساناً على معصية فعظه فيما بينك وبينه ، ولا تفضحه . ج - ويحرم كذلك تشهير الإنسان بنفسه ، إذ المسلم مطالب بالسّتر على نفسه . ففي الصّحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول : « كلُّ أمّتي مُعَافى إلا المجاهرين ، وإنّ من الإجهار أن يعمل العبد باللّيل عملاً ، ثمّ يصبح وقد ستره عليه اللّه ، فيقول : يا فلان ، عملتُ البارحة كذا وكذا . وقد بات يستره اللّه عزّ وجلّ ويصبح يكشف ستر اللّه عزّ وجلّ عنه » والسّتر واجب على المسلم في خاصّة نفسه إذا أتى فاحشة ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر اللّه » . 5 - ويكون التّشهير جائزاً لمن يجاهر بالمعصية في الأحوال الآتية : أ - بالنّسبة لمن يجاهر بالمعصية ، فيجوز ذكر من يتجاهر بفسقه ، لأنّ المجاهر بالفسق لا يستنكف أن يذكر به ، ولا يعتبر هذا غيبة في حقّه ، لأنّ من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له. قال القرافيّ : المعلن بالفسوق - كقول امرئ القيس :" فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع " فإنّه يفتخر بالزّنا في شعره - فلا يضرّ أن يحكى ذلك عنه ، لأنّه لا يتألّم إذا سمعه ، بل قد يسرّ بتلك المخازي ، وكثير من اللّصوص تفتخر بالسّرقة والاقتدار على التّسوّر على الدّور العظام والحصون الكبار ، فذكر مثل هذا عن هذه الطّوائف لا يحرم . وفي الإكمال في شرح حديث مسلم : « مَنْ سَترَ مسلماً ستره اللّه » قال : وهذا السّتر في غير المشتهرين . وقال الخلال : أخبرني حرب : سمعت أحمد يقول : إذا كان الرّجل معلناً بفسقه فليست له غيبة . وذكر ابن عبد البرّ في كتاب بهجة المجالس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ثلاثةٌ لا غِيبة فيهم : الفاسقُ المعلن بفسقه ، وشارب الخمر ، والسّلطان الجائر » . 6 - ب - إذا كان التّشهير على سبيل نصيحة المسلمين وتحذيرهم ، وذلك كجرح الرّواة والشّهود والأمناء على الصّدقات والأوقاف والأيتام ، والتّشهير بالمصنّفين والمتصدّين لإفتاء أو إقراء مع عدم أهليّة ، أو مع نحو فسق أو بدعة يدعون إليها ، وأصحاب الحديث وحملة العلم المقلّدين ، هؤلاء يجب تجريحهم وكشف أحوالهم السّيّئة لمن عرفها ممّن يقلّد في ذلك ويلتفت إلى قوله ، لئلا يغترّ بهم ويقلّد في دين اللّه من لا يجوز تقليده ، وليس السّتر هنا بمرغّب فيه ولا مباح . على هذا اجتمع رأي الأمّة قديماً وحديثاً . يقول القرافيّ : أرباب البدع والتّصانيف المضلّة ينبغي أن يشهّر النّاس فسادها وعيبها . وأنّهم على غير الصّواب ، ليحذرها النّاس الضّعفاء فلا يقعوا فيها ، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن ، بشرط أن لا يتعدّى فيها الصّدق ، ولا يفتري على أهلها من الفسوق والفواحش ما لم يفعلوه ، بل يقتصر على ما فيهم من المنفّرات خاصّة ، فلا يقال في المبتدع : إنّه يشرب الخمر ، ولا أنّه يزني ، ولا غير ذلك ممّا ليس فيه . ويجوز وضع الكتب في جرح المجروحين من رواة الحديث والأخبار بذلك لطلبة العلم الحاملين لذلك لمن ينتفع به وينقله ، بشرط أن تكون النّيّة خالصة للّه تعالى في نصيحة المسلمين في ضبط الشّريعة . أمّا إذا كان لأجل عداوة أو تَفَكُّهٍ بالأعراض وجرياً مع الهوى فذلك حرام ، وإن حصلت به المصلحة عند الرّواة . ويقول الخطيب الشّربينيّ : لو قال العالم لجماعة من النّاس : لا تسمعوا الحديث من فلان فإنّه يخلط أو لا تستفتوا منه فإنّه لا يحسن الفتوى فهذا نصح للنّاس . نصّ عليه في الأمّ . قال : وليس هذا بغيبة إن كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه ويخطئ باتّباعه . ومثله في الفواكه الدّواني . ويقول النّوويّ : يجوز تحذير المسلمين من الشّرّ ونصيحتهم ، وذلك من وجوه منها : جرح المجروحين من الرّواة للحديث والشّهود ، وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة . ومنها : إذا استشارك إنسان في مصاهرته أو مشاركته أو إيداعه أو الإيداع عنده أو معاملته بغير ذلك ،وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النّصيحة. وفي مغني المحتاج : ينكر على من تصدّى للتّدريس والفتوى والوعظ وليس هو من أهله ، ويشهّر أمره لئلّا يغترّ به . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية