الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41280" data-attributes="member: 329"><p>التّصفيق من مصلّ للإذن للغير بالدّخول :</p><p>6 - أجاز المالكيّة والشّافعيّة تنبيه المصلّي غيره . وذلك عند المالكيّة بالتّسبيح مطلقاً ، وأمّا الشّافعيّة فالتّسبيح للرّجال والتّصفيق للنّساء لما سبق بيانه ، وكرهه الحنفيّة والحنابلة. </p><p>التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب :</p><p>7 - قال الشّافعيّة ، وهو أحد قولي الحنابلة : إنّ التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب يبطلها وإن كان قليلا ، لمنافاة اللّعب للصّلاة . والأصل في ذلك حديث الصّحيحين : « من نابه شيء في صلاته فليسبّح ، وإنّما التّصفيق للنّساء » . ولمنافاته للصّلاة . </p><p>والقول الآخر للحنابلة : أنّه لا يبطلها إن قلّ ، وإن كثر أبطلها ، لأنّه عمل من غير جنسها ، فأبطلها كثيره عمدا كان أو سهوا . وأمّا الحنفيّة فقد قالوا : إنّ ما يعمل عادة باليدين يكون كثيراً ، بخلاف ما يعمل باليد الواحدة فقد يكون قليلاً ، والعمل الكثير الّذي ليس من أفعال الصّلاة ولا لإصلاحها يفسدها . والتّصفيق لا يتأتّى عادة إلا باليدين كلتيهما ، فإنّه والحالة هذه يكون عملا كثيرا في الصّلاة تبطل به ، لمنافاته لأفعالها . </p><p>وعند المالكيّة لا يخلو عن كونه عبثا فيها ، ويجري عليه حكم الفعل الكثير ، لأنّه ليس من جنس أفعال الصّلاة كالنّفخ من الفم فيها فإنّه يبطلها ، كالكلام فيها ، يدلّ عليه قول ابن عبّاس رضي الله عنهما : النّفخ في الصّلاة كالكلام . </p><p>وقوله صلى الله عليه وسلم لرباح وهو ينفخ في التّراب : « من نفخ في الصّلاة فقد تكلّم » وإذ جرى على التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب حكم الفعل الكثير فيها كان مبطلاً لها .</p><p>كيفيّة التّصفيق :</p><p>8 - للمرأة في كيفيّة تصفيقها في الصّلاة طريقتان عند الحنفيّة والشّافعيّة . </p><p>إحداهما : أن تضرب بظهور أصابع اليد اليمنى على صفحة الكفّ اليسرى . </p><p>ثانيتهما : أن تضرب ببطن كفّها اليمنى على ظهر كفّها اليسرى ، وهو الأيسر والأقلّ عملاً ، وهذا هو المشهور عندهم . </p><p>وعند المالكيّة على القول به أن تضرب بظهر أصبعين من يمينها على باطن كفّها اليسرى . وعند الحنابلة : أن تضرب ببطن كفّ على ظهر الأخرى .</p><p>التّصفيق أثناء الخطبة :</p><p>9 - ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الإنصات للخطيب - وهو عند الشّافعيّة مستحبّ - وعليه يحرم عند الجمهور كلّ ما ينافي الإنصات إلى الخطيب ، من أكل وشرب ، وتحريك شيء يحصل منه صوت كورق أو ثوب أو سبحة أو فتح باب أو مطالعة في كرّاس . والتّصفيق في أثناء الخطبة يحدث صوتا يشوّش على الخطيب والسّامعين لخطبته ، ولذا كان حراماً لإخلاله بآداب الاستماع وانتهاكه لحرمة المسجد . والحرمة على من صفّق بالمسجد في أثناء الخطبة أو في رحبته آكد ممّن فعل ذلك خارج المسجد ممّن لا يسمعون الخطيب .</p><p>التّصفيق في غير الصّلاة والخطبة :</p><p>10 - التّصفيق في غير الصّلاة والخطبة جائز إذا كان لحاجة معتبرة كالاستئذان والتّنبيه ، أو تحسين صناعة الإنشاد ، أو ملاعبة النّساء لأطفالهنّ . أمّا إذا كان لغير حاجة ، فقد صرّح بعض الفقهاء بحرمته ، وبعضهم بكراهته . وقالوا : إنّه من اللّهو الباطل ، أو من التّشبّه بعبادة أهل الجاهليّة عند البيت كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ صلاتهم عند البيت إلّا مكاء وتصدية } . أو هو من التّشبّه بالنّساء ، لما جاء في الحديث من اختصاص النّساء بالتّصفيق إذا ناب الإمام شيء في الصّلاة ، في حين أنّ التّسبيح للرّجال .</p><p></p><p>تصفية *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّصفية لغة : مأخوذ من صفّى الشّيء : إذا أخذ خلاصته . ومنه : صفّيت الماء من القذى تصفية : أزلته عنه . كما في لسان العرب والمصباح المنير .</p><p>ويراد بالتّصفية في الاصطلاح : مجموع الأعمال الّتي غايتها حصر حقوق المتوفّى والتزاماته وأداء الحقوق المتعلّقة بالتّركة لأصحابها من الدّائنين والموصى لهم والورثة . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - التّصفية بهذا المعنى اصطلاح حديث تعارف عليه أهل القانون . </p><p>ولم يتكلّم عنه الفقهاء بالعنوان المذكور ، وإن كانوا قد عنوا عناية شديدة ببيان أحكام الحقوق الّتي للتّركة أو عليها وحقوق القصر ضمانا لأصحاب تلك الحقوق حتّى لا يبغي بعضهم على بعض ، وضمانا بصفة خاصّة لحقوق الدّائنين والموصى لهم بشيء من التّركة. </p><p>وهذه الأحكام مفصّلة في مصطلح : ( تركة ، إرث ، وصيّة ، وإيصاء ) .</p><p></p><p>تصليب *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّصليب في اللّغة : مصدر صلّب ، وهو يأتي لمعان : منها : </p><p>أ - القتلة المعروفة يقال : صلب فلان صلباً ، وصلّب تصليباً . ففي التّنزيل العزيز : { وَمَا قَتَلُوه ومَا صَلَبُوه ولكنْ شُبِّهَ لهم } وفيه حكاية قول فرعون : { وَلأصَلِّبَنَّكم في جُذوعِ النَّخْلِ } وأصله على ما في لسان العرب " الصّليب " وهو في اللّغة دهن الإنسان أو الحيوان ، قال : والصّلب هذه القِتلة المعروفة ، مشتقّ من ذلك ، لأنّ ودك المصلوب ( أي دهنه ) يسيل . ومنه سمّي الصّليب . وهو الخشبة الّتي يصلب عليها من يقتل كذلك ثمّ استعمل لما يتّخذه النّصارى على ذلك الشّكل وجمعه الصّلبان ، والصُلُب . </p><p>ب - والتّصليب أيضاً صناعة الصّليب ، أو عمل نقش في ثوب أو جدار أو قرطاس أو غيرها بشكل الصّليب ، أو التّصليب بالإشارة . قال ابن عابدين : والصّليب خطّان متقاطعان . وفي حديث عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه » أي قطع موضع التّصليب فيه ، وفي رواية « نهى عن الصّلاة في الثّوب المصلّب » . وهو الّذي فيه نقش كالصّلبان . </p><p>ج - ورد في الحديث : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصّلب في الصّلاة » وهيئة الصّلب في الصّلاة أن يضع المصلّي يديه على خاصرتيه ، ويجافي عضديه عن جنبيه في القيام . وإنّما نهى عنه لمشابهته شكل المصلوب . وتنظر أحكام ذلك في الصّلاة . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّمثيل : </p><p>2 - التّمثيل : مصدر مثّل من مثّلت بالقتيل مثلاً : إذا جدعته وظهرت آثار فعلك عليه تنكيلاً ، والتّشديد في مثّل للمبالغة فبين التّصليب والتّمثيل مباينة ، لأنّ التّصليب ربط للعقوبة ، أمّا التّمثيل فهو مجرّد الجدع والتّقطيع . </p><p>ب - الصّبر : </p><p>3 - الصّبر من معانيه في اللّغة : نصب الإنسان للقتل ، أو أن يمسك الطّائر أو غيره من ذوات الرّوح يصبر حيّاً ، ثمّ يرمى بشيء حتّى يقتل . </p><p>فالصّبر أعمّ من التّصليب ، لأنّه قد يكون بلا صلب . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>يتناول الحكم أمرين : </p><p>أ - الصّلب ، وهو القتلة المعروفة . </p><p>ب - الأحكام المتعلّقة بالصّليب . </p><p>أوّلا : حكم التّصليب " بمعنى القِتلة المعروفة "</p><p>4 - الصّلب قتلة معروفة ، وهي أن يرفع المراد قتله على جذع أو شجرة أو خشبة قائمة ، وتمدّ يداه على خشبة معترضة ، وتربط رجلاه بالخشبة القائمة ، ويترك عليها هكذا حتّى يموت . وقد تسمّر يداه ورجلاه بالخشب . وقد يقتل أوّلاً ، ويصلب بعد زهوق روحه على الخشبة للتّشهير به . وكانت هذه القتلة شائعة في الأمم السّابقة كالفرس والرّومان ومن قبلهم . ونصّ القرآن على أنّها كانت من فعل فرعون بأعدائه . وفي قصّة يوسف { يَا صَاحِبَي السِّجْنِ أمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّه خَمْرَاً ، وأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأكُلُ الطَّيرُ منْ رَأْسِه } وقد حرّم الإسلام هذه القتلة لما فيها من التّعذيب الشّديد والمثلة والتّشهير ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم « إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء ، فإذا قَتَلْتُم فأَحْسِنُوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه ، وَلْيُرِحْ ذبيحته » « ونهى عن المُثْلَة ولو بالكلب العَقُور » . </p><p>5 - ويستثنى من هذا الأصل جرائم محدّدة جعلت عقوبتها الصّلب بعد القتل لعوارض خاصّة اقتضتها . وهذه الجرائم هي ما يلي : </p><p>أ - الإفساد في الأرض :</p><p>جعلت عقوبة الإفساد في الأرض بالمحاربة " قطع الطّريق " الصّلب ، لقوله تعالى { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَه وَيَسْعَونَ في الأَرضِ فَسَادَاً أنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا أو تُقَطَّعَ أَيدِيهمْ وَأَرْجُلُهمْ مِنْ خِلافٍ أَو يُنْفَوْا مِنَ الأرضِ ذَلكَ لَهمْ خِزْيٌ في الدُّنْيا وَلَهمْ في الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلا الّذينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيهمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . </p><p>وإنّما كان الصّلب عقوبة في هذه الجريمة ، لأنّ قطّاع الطّرق يستأسدون على النّاس ، فيروّعون الآمنين ، ويظهرون الفساد ، فجعل الصّلب عقوبة لهم ، ليرتدع به من سواهم من المفسدين . وقد اختلف الفقهاء في الصّلب : </p><p>فقيل : هو حدّ لا بدّ من إقامته . وقيل : الإمام مخيّر فيه وفي غيره من العقوبات المذكورة في الآية . على ترتيب وتفصيل ينظر في مصطلح : ( حرابة ) .</p><p>كيفيّة تنفيذ عقوبة الصّلب في قاطع الطّريق :</p><p>6 - باستقراء كلام الفقهاء يتبيّن اتّفاقهم على أنّه ليس المراد بصلب قاطع الطّريق : أن يحمل على الخشبة حيّاً ، ثمّ يترك عليها حتّى يموت . ثمّ اختلفوا : فقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعيّ : يصلب حيّاً ، ثمّ يقتل مصلوباً بطعنه بحربة ، لأنّ الصّلب عقوبة ، وإنّما يعاقب الحيّ لا الميّت ، ولأنّه جزاء على المحاربة ، فيشرع في الحياة كسائر الجزاءات . </p><p>وقال الشّافعيّ وأحمد : يقتل أوّلا ، ثمّ يصلب بعد قتله ، لأنّ اللّه تعالى قدّم ذكر القتل على ذكر الصّلب ، فيلتزم هذا التّرتيب حيث اجتمعا ، ولأنّ القتل إذا أطلق في الشّرع كان قتلاً بالسّيف ، ولأنّ في قتله بالصّلب تعذيبا له ومثلة ، وقد نهى الشّرع عن المثلة . </p><p>أمّا المدّة الّتي يبقى فيها المصلوب على الخشبة بعد قتله ، فقال أبو حنيفة والشّافعيّ : يصلب ثلاثة أيّام . وقال الحنابلة : يصلب قدر ما يشتهر أمره ، دون تحديد بمدّة . </p><p>وعند المالكيّة ينزل إذا خيف تغيّره .</p><p>ب - من قتل غيره عمداً بالصّلب حتّى مات :</p><p>7 - مذهب مالك والشّافعيّ ، وهو رواية عن أحمد : أنّ لوليّ المقتول أن يطالب بقتل الجاني قصاصا بمثل ما قتل به . قالوا : وهذا معنى القصاص ، وهو المساواة والمماثلة ، وله أن يقتله بالسّيف . فإن قتل بالسّيف ، وكان الجاني قد قتل بأشدّ منه كان الوليّ قد ترك المماثلة ، وهي شيء من حقّه . ومقتضى هذا القول : أنّه يجوز للوليّ صلب القاتل حتّى الموت ، إن كانت جنايته بالصّلب . ومذهب أبي حنيفة ، وهو رواية عن أحمد : أنّه لا قَوَدَ إلّا بالسّيف ، فعلى هذا لا يتأتّى عقوبة الصّلب قصاصاً . </p><p>ومع ذلك صرّح الحنفيّة بأنّ الوليّ إذا اقتصّ بغير السّيف عزّر ، ووقع القصاص موقعه .</p><p>ج - التّصليب في عقوبة التّعزير :</p><p>8 - قال الماورديّ من الشّافعيّة : يجوز صلب المعزّر حيّاً ثلاثة أيّام فقط " أي ويطلق بعدها " فقد « صَلَب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً على جبل يقال له أبو ناب » قال : ولا يمنع مدّة صلبه من طعام ولا شراب ولا وضوء لصلاة . ويصلّي مومئاً ، ويعيد الصّلاة بعد أن يطلق سراحه . ونقل ذلك متأخّرو الشّافعيّة وأقرّوه . وقال صاحب مغني المحتاج : ينبغي أن يقال بتمكين المصلوب في هذه الحال من الصّلاة مطمئنّا ، يعني أن يصلّي مرسلا صلاة تامّة ، ثمّ يعاد صلبه . ونقل ابن فرحون من المالكيّة في التّبصرة قول الماورديّ وأقرّه . ويجوز التّعزير بالصّلب عند الحنابلة ، ويراعى ما ذكره الماورديّ . وقالوا : يصلّي المصلوب حينئذ بالإيماء إن لم يمكنه إلّا ذلك ، ولا إعادة عليه بعد إطلاقه .</p><p>ثانياً : الأحكام المتعلّقة بالصّلبان </p><p>صناعة الصّليب واتّخاذه :</p><p>9 - لا يجوز للمسلم أن يصنع صليباً ، ولا يجوز له أن يأمر بصناعته ، والمراد صناعة ما يرمز به إلى التّصليب . وليس له اتّخاذه ، وسواء علّقه أو نصبه أو لم يعلّقه ولم ينصبه . ولا يجوز له إظهار هذا الشّعار في طرق المسلمين وأماكنهم العامّة أو الخاصّة ، ولا جعله في ثيابه ، لما روى عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب . فقال : يا عديّ ! اطرح عنك هذا الوثن » وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : " قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « إنّ اللّه بعثني رحمة وهدى للعالمين ، وأمرني بمحق المزامير والمعازف والأوثان والصّلب وأمر الجاهليّة » . </p><p>10 - يكره الصّليب في الثّوب ونحوه كالقلنسوة والدّراهم والدّنانير والخواتم . </p><p>قال ابن حمدان : ويحتمل التّحريم ، وهو ظاهر ما نقله صالح عن الإمام أحمد ، وصوّبه صاحب الإنصاف . ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الّذي يفيد « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقطع صورة الصّليب من الثّوب » ، وفي بعض رواياته عند أحمد عن أمّ عبد الرّحمن بن أذينة قالت : « كنّا نطوف مع عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها فرأت على امرأة برداً فيه تصليب ، فقالت أمّ المؤمنين : اطرحيه . اطرحيه . فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا في الثّوب قضبه » . وقال إبراهيم :" أصاب أصحابنا خمائص فيها صلب فجعلوا يضربونها بالسّلوك يمحونها بذلك ".</p><p>المصلّي والصّليب :</p><p>11 - يكره للمصلّي أن يكون في قبلته صليب ، لأنّ فيه تشبّها بالنّصارى في عبادتهم ، والتّشبّه بهم في المذموم مكروه ، وإن لم يقصده . </p><p>ولم نجد عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة نصّاً في ذلك .</p><p>القطع في سرقة الصّليب :</p><p>12 - لا قطع عند الحنفيّة والحنابلة في سرقة الصّليب ولو كان من ذهب أو فضّة ، ولو جاوزت قيمته نصاباً . وذلك لأنّه منكر ، فتتأوّل الإباحة للسّارق بتأويل نيّة الكسر نهيا عن المنكر . قال في فتح القدير : بخلاف الدّرهم الّذي عليه الصّورة ، فإنّه ما أعدّ للعبادة ، فلا تثبت شبهة إباحة الكسر . وعن أبي يوسف يقطع به إن كان في يد رجل في حرز لا شبهة فيه ، لكمال الماليّة ولوجود الحرز . أمّا إن كان في مصلّاهم فسرقه ، فلا قطع لعدم الحرز . قال ابن عابدين : وعلى الأوّل لو كان السّارق ذمّيّا وسرق من حرز فيقطع ، لأنّ الذّمّيّ لا تأويل له . قال : إلا أن يقال تأويل غيره يكفي في وجود الشّبهة فلا يقطع .</p><p>ويظهر أنّ مذهب المالكيّة جار على مثل ما قال ابن عابدين في آخر كلامه ، فإنّه لا قطع عندهم في سرقة الخمر ، ولو سرقها ذمّيّ من ذمّيّ ، فيكون الحكم في سرقة الصّليب كذلك. وفرّق الشّافعيّة في سرقة المحرّم من صليب وغيره بين حالتين ، فقالوا : إن سرقه بقصد الإنكار فلا قطع، وإلا فالأصحّ - على ما قاله النّوويّ - أنّه يقطع به إن بلغ مكسوره نصاباً. </p><p>إتلاف الصّليب :</p><p>13 - من كسر صليبا لمسلم فلا ضمان فيه اتّفاقا . وإن كان لأهل الذّمّة ، فإن أظهروه كانت إزالته واجبة ، ولا ضمان أيضاً . وإن كان اقتناؤهم له على وجه يقرّون عليه ، كالّذي يجعلونه في داخل كنائسهم أو بيوتهم ، يسرّونه عن المسلمين ولا يظهرونه ، فإن غصبه غاصب وجب ردّه اتّفاقاً . أمّا إن أتلفه متلف ، فقد اختلف الفقهاء في وجوب الضّمان بذلك : فعند الحنفيّة : فيه الضّمان ، بناء على أصلهم في ضمان المسلم خمر الذّمّيّ ، لأنّه مال متقوّم في حقّهم كتقوّم الخلّ في حقّنا . وقد أمرنا بتركهم وما يدينون . </p><p>وعند الشّافعيّة والحنابلة : لا يضمن المسلم الخمر والخنزير لمسلم ولا لذمّيّ ، وهكذا إذا أتلفهما ذمّيّ على ذمّيّ ، لأنّه سقط تقوّمهما في حقّ المسلم فكذا في حقّ الذّمّيّ ، لأنّهم تبع لنا في الأحكام ، فلا يجب بإتلافهما مال متقوّم ، وهو الضّمان ، فكذا ينبغي أن يكون الحكم في الصّليب ، ولأنّ الكفّار مخاطبون بفروع الشّريعة ، فالتّحريم ثابت في حقّهم ، لكنّا أمرنا بترك التّعرّض لهم فيما لا يظهرونه من ذلك ، وهذا لا يقتضي الضّمان نظرا إلى أصل التّحريم . وفي شرح المنهاج : إنّ الأصنام والصّلبان لا يجب في إبطالها شيء ، لأنّها محرّمة الاستعمال ، ولا حرمة لصنعتها - أي ليست محترمة - وإنّ الأصحّ أنّها لا تكسر الكسر الفاحش ، بل تفصل لتعود كما كانت قبل التّأليف ، لزوال الاسم بذلك . </p><p>والقول الثّاني : تكسر وترضّض حتّى تنتهي إلى حدّ لا يمكن إعادته صنماً أو صليباً أو غير ذلك من المحرّمات . ونقل صاحب كشّاف القناع من الحنابلة عن القاضي ابن عقيل أنّ الصّليب إن كان من الذّهب أو الفضّة فلا يضمن إذا كسر ، أمّا إذا أتلف فيضمن مكسوراً . وفرّق بينه وبين الصّليب من الخشب بأنّ الصّنعة في الذّهب والفضّة تابعة ، لأنّها أقلّ قيمة ، وفي الخشب أو الحجر هي الأصل فلا يضمن . </p><p>فعليه يضمن الصّليب المستور للذّمّيّ إن كان من ذهب أو فضّة إذا أتلف بمثله ذهبا بالوزن ، وتلغى صنعته . قال الحارثيّ : ولا خلاف فيه .</p><p>أهل الذّمّة والصّلبان :</p><p>14 - يجوز إقرار أهل الذّمّة والصّلح معهم على إبقاء صلبانهم ، ولكن يشترط عليهم أن لا يظهروها ، بل تكون في كنائسهم ومنازلهم الخاصّة . وفي فتح القدير : إنّ المراد بكنائسهم كنائسهم القديمة الّتي أقرّوا عليها . وفي عهد عمر رضي الله عنه الّذي أخذه على نصارى الشّام " بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب لعمر أمير المؤمنين من نصارى الشّام : لما قدمتم علينا سألناكم الأمان . إلى أن قالوا : وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نظهر صليباً ولا كتاباً " أي من كتب دينهم " في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نظهر الصّليب في كنائسنا إلخ " وقولهم : " في كنائسنا " المراد به خارجها ممّا يراه المسلم . قال ابن القيّم : لا يمكّنون من التّصليب على أبواب كنائسهم وظواهر حيطانها ، ولا يتعرّض لهم إذا نقشوا داخلها . </p><p>وعن ميمون بن مهران أنّ عمر بن عبد العزيز كتب : أن يمنع نصارى الشّام أن يضربوا ناقوساً ، ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم ، فإن قدر على من فعل ذلك منهم فإنّ سلبه لمن وجده . وكذا لو جعلوا ذلك في منازلهم وأماكنهم الخاصّة لا يمنعون منه. ويمنعون من لبس الصّليب وتعليقه في رقابهم أو أيديهم ، ولا ينتقض عهدهم بذلك الإظهار ، ولكن يؤدّب من فعله منهم . ويلاحظون في مواسم أعيادهم بالذّات ، إذ قد يحاولون إظهار الصّليب فيمنعون من ذلك ، لما في عهد عمر عليهم عدم إظهاره في أسواق المسلمين . </p><p>ويؤدّب من فعله منهم ، ويكسر الصّليب الّذي يظهرونه ، ولا شيء على من كسره .</p><p>الصّليب في المعاملات الماليّة :</p><p>15 - لا يصحّ لمسلم بيع الصّليب شرعاً ، ولا الإجارة على عمله . </p><p>ولو استؤجر عليه فلا يستحقّ صانعه أجرة ، وذلك بموجب القاعدة الشّرعيّة العامّة في حظر بيع المحرّمات ، إجارتها ، والاستئجار على عملها . </p><p>وقال القليوبيّ : لا يصحّ بيع الصّور والصّلبان ولو من ذهب أو فضّة أو حلوى . </p><p>ولا يجوز بيع الخشبة لمن يعلم أنّه يتّخذها صليباً . </p><p>وسئل ابن تيميّة عن خيّاط خاط للنّصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته ؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا ؟ فقال : إذا أعان الرّجل على معصية اللّه كان آثما . . . ثمّ قال : والصّليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة ، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها . كما ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إنّ اللّه حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » . وثبت أنّه « لعن المصوّرين » . </p><p>وصانع الصّليب ملعون لعنه اللّه ورسوله . </p><p>ومن أخذ عوضاً عن عين محرّمة مثل أجرة حامل الخمر وأجرة صانع الصّليب وأجرة البغيّ ونحو ذلك ، فليتصدّق به ، وليتب من ذلك العمل المحرّم ، وتكون صدقته بالعوض كفّارة لما فعله ، فإنّ هذا العوض لا يجوز الانتفاع به ، لأنّه عوض خبيث . نصّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر ، ونصّ عليه أصحاب مالك وغيرهم .</p><p></p><p>تصوير *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّصوير لغة : صنع الصّورة . وصورة الشّيء هي هيئته الخاصّة الّتي يتميّز بها عن غيره . وفي أسمائه تعالى :" المصوِّر "، ومعناه : الّذي صوّر جميع الموجودات ورتّبها ، فأعطى كلّ شيء منها صورته الخاصّة وهيئته المفردة ، على اختلافها وكثرتها . </p><p>وورد في حديث ابن عمر تسمية الوجه صورة ، قال رضي الله عنه : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصّورة ، أو نهى عن الوسم في الوجه » أي : أن يضرب الوجه أو يوسم الحيوان في وجهه . والتّصوير أيضاً : ذكر صورة الشّيء ، أي : صفته ، يقال : صوّرت لفلان الأمر ، أي : وصفته له . والتّصوير أيضاً : صنع الصّورة الّتي هي تمثال الشّيء ، أي : ما يماثل الشّيء ويحكي هيئته الّتي هو عليها ، سواء أكانت الصّورة مجسّمة أو غير مجسّمة ، أو كما يعبّر بعض الفقهاء : ذات ظلّ أو غير ذات ظلّ . </p><p>والمراد بالصّورة المجسّمة أو ذات الظّلّ ما كانت ذات ثلاثة أبعاد ، أي لها حجم ، بحيث تكون أعضاؤها نافرة يمكن أن تتميّز باللّمس ، بالإضافة إلى تميّزها بالنّظر . </p><p>وأمّا غير المجسّمة ، أو الّتي ليس لها ظلّ ، فهي المسطّحة ، أو ذات البعدين ، وتتميّز أعضاؤها بالنّظر فقط ، دون اللّمس ، لأنّها ليست نافرة ، كالصّور الّتي على الورق ، أو القماش ، أو السّطوح الملساء . </p><p>والتّصوير والصّورة في اصطلاح الفقهاء يجري على ما جرى عليه في اللّغة . </p><p>وقد تسمّى الصّورة تصويرة ، وجمعها تصاوير ، وقد ورد من ذلك في السّنّة حديث عائشة رضي الله عنها في شأن السّتر قوله صلى الله عليه وسلم : « أميطي عنّا قرامك هذا ، فإنّه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي » . </p><p>أنواع الصّور :</p><p>2 - إنّ الصّورة - بالإضافة إلى ما ذكرناه من الصّور الثّابتة - قد تكون صورة مؤقّتة كصورة الشّيء في المرآة ، وصورته في الماء والسّطوح اللامعة ، فإنّها تدوم ما دام الشّيء مقابلاً للسّطح ، فإن انتقل الشّيء عن المقابلة انتهت صورته . </p><p>ومن الصّور غير الدّائمة : ظلّ الشّيء إذا قابل أحد مصادر الضّوء . ومنه ما كانوا يستعملونه في بعض العصور الإسلاميّة ، ويسمّونه : صور الخيال ، أو صور خيال الظّلّ . فإنّهم كانوا يقطعون من الورق صوراً للأشخاص ، ثمّ يمسكونها بعصيّ صغيرة ، ويحرّكونها أمام السّراج ، فتنطبع ظلالها على شاشة بيضاء يقف خلفها المتفرّجون ، فيرون ما هو في الحقيقة صورة الصّورة . ومن الصّور غير الدّائمة : الصّور التّليفزيونيّة ، فإنّها تدوم ما دام الشّريط متحرّكاً فإذا وقف انتهت الصّورة . </p><p>3 - ثمّ إنّ الصّورة قد تكون لشيء حيّ عاقل ذي روح ، كصورة الإنسان . </p><p>أو غير عاقل ، كصورة الطّائر أو الأسد . أو لحيّ غير الحيوان كصور الأشجار والزّهور والأعشاب . أو للجمادات كصور الشّمس والقمر والنّجوم والجبال ، أو صور المصنوعات الإنسانيّة كصورة منزل أو سيّارة أو منارة أو سفينة . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّماثيل : </p><p>4 - التّماثيل جمع تمثال " بكسر التّاء " وتمثال الشّيء : صورته في شيء آخر . وهو من المماثلة ، وهي المساواة بين الشّيئين . والتّمثيل : التّصوير . يقال : مثّل له الشّيء إذا صوّره له كأنّه ينظر إليه ، ومثّلت له كذا : إذا صوّرت له مثاله بكتابة أو غيرها ، وفي الحديث : « أشدّ النّاس عذاباً ممثّل من الممثّلين » أي مصوّر . وظلّ كلّ شيء تمثاله . فالفرق بين التّمثال وبين الصّورة : أنّ صورة الشّيء قد يراد بها الشّيء نفسه ، وقد يراد به غيره ممّا يحكي هيئة الأصل ، أمّا التّمثال فهو الصّورة الّتي تحكي الشّيء وتماثله ، ولا يقال لصورة الشّيء في نفسه : إنّها تمثاله . </p><p>5 - وممّا يبيّن أنّ التّمثال أيضاً في اللّغة يستعمل لصور الجمادات ما ورد في صحيح البخاريّ أنّ المسيح الدّجّال يأتي ومعه تمثال الجنّة والنّار . </p><p>أمّا في عرف الفقهاء ، فإنّه باستقراء كلامهم تبيّن أنّ أكثرهم لا يفرّقون في الاستعمال بين لفظي ( الصّورة ) ( والتّمثال ) ، إلا أنّ بعضهم خصّ التّمثال بصورة ما كان ذا روح ، أي صورة الإنسان أو الحيوان ، سواء أكان مجسّماً أو مسطّحاً ، دون صورة شمس أو قمر أو بيت ، وأمّا الصّورة فهي أعمّ من ذلك . نقله ابن عابدين عن المغرب . </p><p>وهذا البحث جار على الاصطلاح الأغلب عند الفقهاء ، وهو أنّ الصّورة الّتي تحكي الشّيء ، والتّمثال بمعنى واحد . </p><p>ب - الرّسم : </p><p>6 - الرّسم في اللّغة : أثر الشّيء . وقيل : بقيّة الأثر . وأثر الشّيء قد يشاكله في الهيئة . ومن هنا سمّوا " الرّوسم " ، وهو الخشبة الّتي فيها نقوش يختم بها الأشياء المراد بقاؤها مخفاة ، لئلا تستعمل . وقال ابن سيده : " الرّوسم الطّابع " . ومنه " المرسوم " لأنّه يختم بخاتم . والرّسم في الاستعمال المعاصر بمعنى : الصّورة المسطّحة ، أو التّصوير المسطّح ، إذا كان معمولا باليد . ولا تسمّى الصّورة الفوتوغرافيّة رسما . بل يقال : رسمت دارا ، أو إنسانا ، أو شجرة . </p><p>ج - التّزويق ، والنّقش ، والوشي ، والرّقم : </p><p>7 - هذه الكلمات الأربع تكاد تكون بمعنى واحد ، وهو تجميل الشّيء المسطّح أو غير المسطّح بإضافة أشكال تجميليّة إليه ، سواء أكانت أشكالا هندسيّة أو نمنمات أو صورا أو غير ذلك . قال صاحب اللّسان : ثوب منمنم أي : موقوم موشّى ، وقال : النّقش : النّمنمة . فكلّ منها يكون بالصّور أو بغيرها . </p><p>د - النّحت : </p><p>8 - النّحت : الأخذ من كتلة صلبة كالحجر أو الخشب بأداة حادّة كالإزميل أو السّكّين ، حتّى يكون ما يبقى منها على الشّكل المطلوب ، فإن كان ما بقي يمثّل شيئا آخر فهو تمثال أو صورة ، وإلا فلا .</p><p>ترتيب هذا البحث :</p><p>9 - يحتوي هذا البحث على ما يلي : </p><p>أوّلاً : ما يتعلّق من الأحكام بالصّورة الإنسانيّة . </p><p>ثانياً : أحكام التّصوير ، أي : صناعة الصّور . </p><p>ثالثاً : أحكام اقتناء الصّور ، أي : اتّخاذها واستعمالها . </p><p>رابعاً : أحكام الصّور من حيث التّعامل والتّعرّف فيها . </p><p>القسم الأوّل : ما يتعلّق من الأحكام بالصّورة الإنسانيّة :</p><p>10 - ينبغي للإنسان أن يعتني بتجميل صورته الظّاهرة ، بالإضافة إلى اعتنائه بتكميل صورته الباطنة ، ويقوم بحقّ اللّه تعالى بشكره على أنّه جمّل صورته . </p><p>والعناية بالصّورة الباطنة تكون بالإيمان والتّطهّر من الذّنوب والشّكر للّه ، والتّجمّل بالأخلاق الحميدة . </p><p>والعناية بالصّورة الظّاهرة تكون بالتّطهّر بالوضوء والاغتسال والتّنظّف وإزالة التّفث ، والتّزيّن بالزّينة المشروعة من العناية بالشّعر والملابس الحسنة وغير ذلك ، ( ر : زينة ) . </p><p>11 - ولا يحلّ للإنسان أن يشوّه جسمه بإتلاف عضو من أعضائه ، أو إخراجه عن وضعه الّذي خلقه اللّه عليه . كما لا يحلّ له أن يفعل ذلك بغيره ، إلا حيث أذن اللّه تعالى بذلك وقد « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن النُهْبى والمثلة » . ( ر : مثلة ) . كما لا يحلّ له أن يقصد تشويه نفسه بلبس ما ينفر النّاس منه ويخرجه عن المعتاد ( ر : ألبسة ) . </p><p>ومن ذلك أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الرّجل في نعل واحدة » أي : في إحدى قدميه دون الأخرى . وشرع للمسلم أن يتطيّب ويتعطّر . وللمرأة زينتها الخاصّة . وراجع مباحث ( اكتحال . اختضاب . حليّ ، إلخ ) . </p><p>12 - أمّا الزّينة الباطنة ، فقد قال ابن القيّم : الجمال الباطن هو محلّ نظر اللّه من عبده وموضع محبّته ، كما في الحديث : « إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم » . وهذا الجمال الباطن يزيّن الصّورة الظّاهرة وإن لم تكن ذات جمال ، فتكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصّفات . فإنّ المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه ، فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبّه ، وهذا أمر مشهود بالعيان . فإنّك ترى الرّجل الصّالح ذا الأخلاق الجميلة من أحلى النّاس صورة ، وإن كان غير جميل ، ولا سيّما إذا رزق حظّا من صلاة اللّيل ، فإنّها تنوّر الوجه . </p><p>قال : وأمّا الجمال الظّاهر فزينة خصّ اللّه بها بعض الصّور عن بعض ، وهي من زيادة الخلق الّتي قال اللّه فيها : { يَزِيدُ في الخَلْقِ مَا يَشَاءُ } قال المفسّرون : هو الصّوت الحسن والصّورة الحسنة . والقلوب مطبوعة على محبّته ، كما هي مفطورة على استحسانه . </p><p>قال : وكلّ من الجمال الظّاهر والجمال الباطن نعمة من اللّه تعالى توجب على العبد شكراً بالتّقوى والصّيانة ، وبهما يزداد جمالاً على جماله . </p><p>وإن استعمل جماله في معاصي اللّه قلب اللّه محاسنه شينا وقبحا . وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو النّاس إلى جمال الباطن بجمال الظّاهر ، « قال جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي الله عنه : قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أنت امرؤ حسّن اللّه خَلْقَك ، فحسِّنْ خُلُقَكَ » . « وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أجمل الخلق وأحسنهم وجهاً » . « وقد سئل البراء بن عازب : أكان وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل السّيف ؟ فقال : لا ، بل مثل القمر » . وكان صلى الله عليه وسلم يستحبّ أن يكون الرّسول الّذي يرسل إليه حسن الوجه حسن الاسم ، فكان يقول : « إذا أَبْرَدْتُم إليّ بَرِيداً فاجعلوه حسنَ الوجه حسنَ الاسم » وقد أمتع اللّه عباده المؤمنين في دار كرامته بحسن الصّور ، كما في الحديث « أوّل زُمْرة تدخل الجنّةَ على صورةِ القمر ليلةَ البدر ، والّذين على أثرهم كأشدِّ كوكبٍ إضاءةً ، قلوبُهم على قلبِ رجل واحد ، يسبّحون اللّه بُكرة وعشيّة . صورهم على صورة القمر ليلة البدر ». </p><p>القسم الثّاني : حكم التّصوير " صناعة الصّور "</p><p>أ - تحسين صورة الشّيء المصنوع :</p><p>13 - يستحسن للصّانع إذا صنع شيئا أن يحسّن صورة ذلك الشّيء ، إذ إنّ ذلك من إتقان العمل وإحسانه . وقد مدح اللّه تعالى نفسه بقوله : { ذَلكَ عَالِمُ الغَيبِ والشَّهَادةِ العَزيزُ الرَّحيمُ الّذي أَحْسنَ كلَّ شَيءٍ خَلَقَه وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسانِ منْ طِينٍ } وقال : { خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرضَ بِالحَقِّ وصَوَّرَكم فَأَحْسَنَ صُوَرَكم وإليه المَصِيرُ } وفي الحديث عن النّبيّ أنّه قال : « إنّ اللّه يُحِبُّ إذا عَمِلَ أحدُكم عملاً أنْ يُتقنه » وقال : « إنّ اللّه كَتَبَ الإحسانَ على كلّ شيء ، فإذا قتلتم فأَحسِنُوا القِتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة . . . الحديث » .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41280, member: 329"] التّصفيق من مصلّ للإذن للغير بالدّخول : 6 - أجاز المالكيّة والشّافعيّة تنبيه المصلّي غيره . وذلك عند المالكيّة بالتّسبيح مطلقاً ، وأمّا الشّافعيّة فالتّسبيح للرّجال والتّصفيق للنّساء لما سبق بيانه ، وكرهه الحنفيّة والحنابلة. التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب : 7 - قال الشّافعيّة ، وهو أحد قولي الحنابلة : إنّ التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب يبطلها وإن كان قليلا ، لمنافاة اللّعب للصّلاة . والأصل في ذلك حديث الصّحيحين : « من نابه شيء في صلاته فليسبّح ، وإنّما التّصفيق للنّساء » . ولمنافاته للصّلاة . والقول الآخر للحنابلة : أنّه لا يبطلها إن قلّ ، وإن كثر أبطلها ، لأنّه عمل من غير جنسها ، فأبطلها كثيره عمدا كان أو سهوا . وأمّا الحنفيّة فقد قالوا : إنّ ما يعمل عادة باليدين يكون كثيراً ، بخلاف ما يعمل باليد الواحدة فقد يكون قليلاً ، والعمل الكثير الّذي ليس من أفعال الصّلاة ولا لإصلاحها يفسدها . والتّصفيق لا يتأتّى عادة إلا باليدين كلتيهما ، فإنّه والحالة هذه يكون عملا كثيرا في الصّلاة تبطل به ، لمنافاته لأفعالها . وعند المالكيّة لا يخلو عن كونه عبثا فيها ، ويجري عليه حكم الفعل الكثير ، لأنّه ليس من جنس أفعال الصّلاة كالنّفخ من الفم فيها فإنّه يبطلها ، كالكلام فيها ، يدلّ عليه قول ابن عبّاس رضي الله عنهما : النّفخ في الصّلاة كالكلام . وقوله صلى الله عليه وسلم لرباح وهو ينفخ في التّراب : « من نفخ في الصّلاة فقد تكلّم » وإذ جرى على التّصفيق في الصّلاة على وجه اللّعب حكم الفعل الكثير فيها كان مبطلاً لها . كيفيّة التّصفيق : 8 - للمرأة في كيفيّة تصفيقها في الصّلاة طريقتان عند الحنفيّة والشّافعيّة . إحداهما : أن تضرب بظهور أصابع اليد اليمنى على صفحة الكفّ اليسرى . ثانيتهما : أن تضرب ببطن كفّها اليمنى على ظهر كفّها اليسرى ، وهو الأيسر والأقلّ عملاً ، وهذا هو المشهور عندهم . وعند المالكيّة على القول به أن تضرب بظهر أصبعين من يمينها على باطن كفّها اليسرى . وعند الحنابلة : أن تضرب ببطن كفّ على ظهر الأخرى . التّصفيق أثناء الخطبة : 9 - ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الإنصات للخطيب - وهو عند الشّافعيّة مستحبّ - وعليه يحرم عند الجمهور كلّ ما ينافي الإنصات إلى الخطيب ، من أكل وشرب ، وتحريك شيء يحصل منه صوت كورق أو ثوب أو سبحة أو فتح باب أو مطالعة في كرّاس . والتّصفيق في أثناء الخطبة يحدث صوتا يشوّش على الخطيب والسّامعين لخطبته ، ولذا كان حراماً لإخلاله بآداب الاستماع وانتهاكه لحرمة المسجد . والحرمة على من صفّق بالمسجد في أثناء الخطبة أو في رحبته آكد ممّن فعل ذلك خارج المسجد ممّن لا يسمعون الخطيب . التّصفيق في غير الصّلاة والخطبة : 10 - التّصفيق في غير الصّلاة والخطبة جائز إذا كان لحاجة معتبرة كالاستئذان والتّنبيه ، أو تحسين صناعة الإنشاد ، أو ملاعبة النّساء لأطفالهنّ . أمّا إذا كان لغير حاجة ، فقد صرّح بعض الفقهاء بحرمته ، وبعضهم بكراهته . وقالوا : إنّه من اللّهو الباطل ، أو من التّشبّه بعبادة أهل الجاهليّة عند البيت كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ صلاتهم عند البيت إلّا مكاء وتصدية } . أو هو من التّشبّه بالنّساء ، لما جاء في الحديث من اختصاص النّساء بالتّصفيق إذا ناب الإمام شيء في الصّلاة ، في حين أنّ التّسبيح للرّجال . تصفية * التّعريف : 1 - التّصفية لغة : مأخوذ من صفّى الشّيء : إذا أخذ خلاصته . ومنه : صفّيت الماء من القذى تصفية : أزلته عنه . كما في لسان العرب والمصباح المنير . ويراد بالتّصفية في الاصطلاح : مجموع الأعمال الّتي غايتها حصر حقوق المتوفّى والتزاماته وأداء الحقوق المتعلّقة بالتّركة لأصحابها من الدّائنين والموصى لهم والورثة . الحكم الإجماليّ : 2 - التّصفية بهذا المعنى اصطلاح حديث تعارف عليه أهل القانون . ولم يتكلّم عنه الفقهاء بالعنوان المذكور ، وإن كانوا قد عنوا عناية شديدة ببيان أحكام الحقوق الّتي للتّركة أو عليها وحقوق القصر ضمانا لأصحاب تلك الحقوق حتّى لا يبغي بعضهم على بعض ، وضمانا بصفة خاصّة لحقوق الدّائنين والموصى لهم بشيء من التّركة. وهذه الأحكام مفصّلة في مصطلح : ( تركة ، إرث ، وصيّة ، وإيصاء ) . تصليب * التّعريف : 1 - التّصليب في اللّغة : مصدر صلّب ، وهو يأتي لمعان : منها : أ - القتلة المعروفة يقال : صلب فلان صلباً ، وصلّب تصليباً . ففي التّنزيل العزيز : { وَمَا قَتَلُوه ومَا صَلَبُوه ولكنْ شُبِّهَ لهم } وفيه حكاية قول فرعون : { وَلأصَلِّبَنَّكم في جُذوعِ النَّخْلِ } وأصله على ما في لسان العرب " الصّليب " وهو في اللّغة دهن الإنسان أو الحيوان ، قال : والصّلب هذه القِتلة المعروفة ، مشتقّ من ذلك ، لأنّ ودك المصلوب ( أي دهنه ) يسيل . ومنه سمّي الصّليب . وهو الخشبة الّتي يصلب عليها من يقتل كذلك ثمّ استعمل لما يتّخذه النّصارى على ذلك الشّكل وجمعه الصّلبان ، والصُلُب . ب - والتّصليب أيضاً صناعة الصّليب ، أو عمل نقش في ثوب أو جدار أو قرطاس أو غيرها بشكل الصّليب ، أو التّصليب بالإشارة . قال ابن عابدين : والصّليب خطّان متقاطعان . وفي حديث عائشة رضي الله عنها « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه » أي قطع موضع التّصليب فيه ، وفي رواية « نهى عن الصّلاة في الثّوب المصلّب » . وهو الّذي فيه نقش كالصّلبان . ج - ورد في الحديث : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصّلب في الصّلاة » وهيئة الصّلب في الصّلاة أن يضع المصلّي يديه على خاصرتيه ، ويجافي عضديه عن جنبيه في القيام . وإنّما نهى عنه لمشابهته شكل المصلوب . وتنظر أحكام ذلك في الصّلاة . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّمثيل : 2 - التّمثيل : مصدر مثّل من مثّلت بالقتيل مثلاً : إذا جدعته وظهرت آثار فعلك عليه تنكيلاً ، والتّشديد في مثّل للمبالغة فبين التّصليب والتّمثيل مباينة ، لأنّ التّصليب ربط للعقوبة ، أمّا التّمثيل فهو مجرّد الجدع والتّقطيع . ب - الصّبر : 3 - الصّبر من معانيه في اللّغة : نصب الإنسان للقتل ، أو أن يمسك الطّائر أو غيره من ذوات الرّوح يصبر حيّاً ، ثمّ يرمى بشيء حتّى يقتل . فالصّبر أعمّ من التّصليب ، لأنّه قد يكون بلا صلب . الحكم التّكليفيّ : يتناول الحكم أمرين : أ - الصّلب ، وهو القتلة المعروفة . ب - الأحكام المتعلّقة بالصّليب . أوّلا : حكم التّصليب " بمعنى القِتلة المعروفة " 4 - الصّلب قتلة معروفة ، وهي أن يرفع المراد قتله على جذع أو شجرة أو خشبة قائمة ، وتمدّ يداه على خشبة معترضة ، وتربط رجلاه بالخشبة القائمة ، ويترك عليها هكذا حتّى يموت . وقد تسمّر يداه ورجلاه بالخشب . وقد يقتل أوّلاً ، ويصلب بعد زهوق روحه على الخشبة للتّشهير به . وكانت هذه القتلة شائعة في الأمم السّابقة كالفرس والرّومان ومن قبلهم . ونصّ القرآن على أنّها كانت من فعل فرعون بأعدائه . وفي قصّة يوسف { يَا صَاحِبَي السِّجْنِ أمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّه خَمْرَاً ، وأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأكُلُ الطَّيرُ منْ رَأْسِه } وقد حرّم الإسلام هذه القتلة لما فيها من التّعذيب الشّديد والمثلة والتّشهير ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم « إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء ، فإذا قَتَلْتُم فأَحْسِنُوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه ، وَلْيُرِحْ ذبيحته » « ونهى عن المُثْلَة ولو بالكلب العَقُور » . 5 - ويستثنى من هذا الأصل جرائم محدّدة جعلت عقوبتها الصّلب بعد القتل لعوارض خاصّة اقتضتها . وهذه الجرائم هي ما يلي : أ - الإفساد في الأرض : جعلت عقوبة الإفساد في الأرض بالمحاربة " قطع الطّريق " الصّلب ، لقوله تعالى { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَه وَيَسْعَونَ في الأَرضِ فَسَادَاً أنْ يُقَتَّلُوا أو يُصَلَّبُوا أو تُقَطَّعَ أَيدِيهمْ وَأَرْجُلُهمْ مِنْ خِلافٍ أَو يُنْفَوْا مِنَ الأرضِ ذَلكَ لَهمْ خِزْيٌ في الدُّنْيا وَلَهمْ في الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلا الّذينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيهمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . وإنّما كان الصّلب عقوبة في هذه الجريمة ، لأنّ قطّاع الطّرق يستأسدون على النّاس ، فيروّعون الآمنين ، ويظهرون الفساد ، فجعل الصّلب عقوبة لهم ، ليرتدع به من سواهم من المفسدين . وقد اختلف الفقهاء في الصّلب : فقيل : هو حدّ لا بدّ من إقامته . وقيل : الإمام مخيّر فيه وفي غيره من العقوبات المذكورة في الآية . على ترتيب وتفصيل ينظر في مصطلح : ( حرابة ) . كيفيّة تنفيذ عقوبة الصّلب في قاطع الطّريق : 6 - باستقراء كلام الفقهاء يتبيّن اتّفاقهم على أنّه ليس المراد بصلب قاطع الطّريق : أن يحمل على الخشبة حيّاً ، ثمّ يترك عليها حتّى يموت . ثمّ اختلفوا : فقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعيّ : يصلب حيّاً ، ثمّ يقتل مصلوباً بطعنه بحربة ، لأنّ الصّلب عقوبة ، وإنّما يعاقب الحيّ لا الميّت ، ولأنّه جزاء على المحاربة ، فيشرع في الحياة كسائر الجزاءات . وقال الشّافعيّ وأحمد : يقتل أوّلا ، ثمّ يصلب بعد قتله ، لأنّ اللّه تعالى قدّم ذكر القتل على ذكر الصّلب ، فيلتزم هذا التّرتيب حيث اجتمعا ، ولأنّ القتل إذا أطلق في الشّرع كان قتلاً بالسّيف ، ولأنّ في قتله بالصّلب تعذيبا له ومثلة ، وقد نهى الشّرع عن المثلة . أمّا المدّة الّتي يبقى فيها المصلوب على الخشبة بعد قتله ، فقال أبو حنيفة والشّافعيّ : يصلب ثلاثة أيّام . وقال الحنابلة : يصلب قدر ما يشتهر أمره ، دون تحديد بمدّة . وعند المالكيّة ينزل إذا خيف تغيّره . ب - من قتل غيره عمداً بالصّلب حتّى مات : 7 - مذهب مالك والشّافعيّ ، وهو رواية عن أحمد : أنّ لوليّ المقتول أن يطالب بقتل الجاني قصاصا بمثل ما قتل به . قالوا : وهذا معنى القصاص ، وهو المساواة والمماثلة ، وله أن يقتله بالسّيف . فإن قتل بالسّيف ، وكان الجاني قد قتل بأشدّ منه كان الوليّ قد ترك المماثلة ، وهي شيء من حقّه . ومقتضى هذا القول : أنّه يجوز للوليّ صلب القاتل حتّى الموت ، إن كانت جنايته بالصّلب . ومذهب أبي حنيفة ، وهو رواية عن أحمد : أنّه لا قَوَدَ إلّا بالسّيف ، فعلى هذا لا يتأتّى عقوبة الصّلب قصاصاً . ومع ذلك صرّح الحنفيّة بأنّ الوليّ إذا اقتصّ بغير السّيف عزّر ، ووقع القصاص موقعه . ج - التّصليب في عقوبة التّعزير : 8 - قال الماورديّ من الشّافعيّة : يجوز صلب المعزّر حيّاً ثلاثة أيّام فقط " أي ويطلق بعدها " فقد « صَلَب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً على جبل يقال له أبو ناب » قال : ولا يمنع مدّة صلبه من طعام ولا شراب ولا وضوء لصلاة . ويصلّي مومئاً ، ويعيد الصّلاة بعد أن يطلق سراحه . ونقل ذلك متأخّرو الشّافعيّة وأقرّوه . وقال صاحب مغني المحتاج : ينبغي أن يقال بتمكين المصلوب في هذه الحال من الصّلاة مطمئنّا ، يعني أن يصلّي مرسلا صلاة تامّة ، ثمّ يعاد صلبه . ونقل ابن فرحون من المالكيّة في التّبصرة قول الماورديّ وأقرّه . ويجوز التّعزير بالصّلب عند الحنابلة ، ويراعى ما ذكره الماورديّ . وقالوا : يصلّي المصلوب حينئذ بالإيماء إن لم يمكنه إلّا ذلك ، ولا إعادة عليه بعد إطلاقه . ثانياً : الأحكام المتعلّقة بالصّلبان صناعة الصّليب واتّخاذه : 9 - لا يجوز للمسلم أن يصنع صليباً ، ولا يجوز له أن يأمر بصناعته ، والمراد صناعة ما يرمز به إلى التّصليب . وليس له اتّخاذه ، وسواء علّقه أو نصبه أو لم يعلّقه ولم ينصبه . ولا يجوز له إظهار هذا الشّعار في طرق المسلمين وأماكنهم العامّة أو الخاصّة ، ولا جعله في ثيابه ، لما روى عديّ بن حاتم رضي الله عنه قال : « أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب . فقال : يا عديّ ! اطرح عنك هذا الوثن » وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : " قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « إنّ اللّه بعثني رحمة وهدى للعالمين ، وأمرني بمحق المزامير والمعازف والأوثان والصّلب وأمر الجاهليّة » . 10 - يكره الصّليب في الثّوب ونحوه كالقلنسوة والدّراهم والدّنانير والخواتم . قال ابن حمدان : ويحتمل التّحريم ، وهو ظاهر ما نقله صالح عن الإمام أحمد ، وصوّبه صاحب الإنصاف . ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الّذي يفيد « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقطع صورة الصّليب من الثّوب » ، وفي بعض رواياته عند أحمد عن أمّ عبد الرّحمن بن أذينة قالت : « كنّا نطوف مع عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها فرأت على امرأة برداً فيه تصليب ، فقالت أمّ المؤمنين : اطرحيه . اطرحيه . فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى نحو هذا في الثّوب قضبه » . وقال إبراهيم :" أصاب أصحابنا خمائص فيها صلب فجعلوا يضربونها بالسّلوك يمحونها بذلك ". المصلّي والصّليب : 11 - يكره للمصلّي أن يكون في قبلته صليب ، لأنّ فيه تشبّها بالنّصارى في عبادتهم ، والتّشبّه بهم في المذموم مكروه ، وإن لم يقصده . ولم نجد عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة نصّاً في ذلك . القطع في سرقة الصّليب : 12 - لا قطع عند الحنفيّة والحنابلة في سرقة الصّليب ولو كان من ذهب أو فضّة ، ولو جاوزت قيمته نصاباً . وذلك لأنّه منكر ، فتتأوّل الإباحة للسّارق بتأويل نيّة الكسر نهيا عن المنكر . قال في فتح القدير : بخلاف الدّرهم الّذي عليه الصّورة ، فإنّه ما أعدّ للعبادة ، فلا تثبت شبهة إباحة الكسر . وعن أبي يوسف يقطع به إن كان في يد رجل في حرز لا شبهة فيه ، لكمال الماليّة ولوجود الحرز . أمّا إن كان في مصلّاهم فسرقه ، فلا قطع لعدم الحرز . قال ابن عابدين : وعلى الأوّل لو كان السّارق ذمّيّا وسرق من حرز فيقطع ، لأنّ الذّمّيّ لا تأويل له . قال : إلا أن يقال تأويل غيره يكفي في وجود الشّبهة فلا يقطع . ويظهر أنّ مذهب المالكيّة جار على مثل ما قال ابن عابدين في آخر كلامه ، فإنّه لا قطع عندهم في سرقة الخمر ، ولو سرقها ذمّيّ من ذمّيّ ، فيكون الحكم في سرقة الصّليب كذلك. وفرّق الشّافعيّة في سرقة المحرّم من صليب وغيره بين حالتين ، فقالوا : إن سرقه بقصد الإنكار فلا قطع، وإلا فالأصحّ - على ما قاله النّوويّ - أنّه يقطع به إن بلغ مكسوره نصاباً. إتلاف الصّليب : 13 - من كسر صليبا لمسلم فلا ضمان فيه اتّفاقا . وإن كان لأهل الذّمّة ، فإن أظهروه كانت إزالته واجبة ، ولا ضمان أيضاً . وإن كان اقتناؤهم له على وجه يقرّون عليه ، كالّذي يجعلونه في داخل كنائسهم أو بيوتهم ، يسرّونه عن المسلمين ولا يظهرونه ، فإن غصبه غاصب وجب ردّه اتّفاقاً . أمّا إن أتلفه متلف ، فقد اختلف الفقهاء في وجوب الضّمان بذلك : فعند الحنفيّة : فيه الضّمان ، بناء على أصلهم في ضمان المسلم خمر الذّمّيّ ، لأنّه مال متقوّم في حقّهم كتقوّم الخلّ في حقّنا . وقد أمرنا بتركهم وما يدينون . وعند الشّافعيّة والحنابلة : لا يضمن المسلم الخمر والخنزير لمسلم ولا لذمّيّ ، وهكذا إذا أتلفهما ذمّيّ على ذمّيّ ، لأنّه سقط تقوّمهما في حقّ المسلم فكذا في حقّ الذّمّيّ ، لأنّهم تبع لنا في الأحكام ، فلا يجب بإتلافهما مال متقوّم ، وهو الضّمان ، فكذا ينبغي أن يكون الحكم في الصّليب ، ولأنّ الكفّار مخاطبون بفروع الشّريعة ، فالتّحريم ثابت في حقّهم ، لكنّا أمرنا بترك التّعرّض لهم فيما لا يظهرونه من ذلك ، وهذا لا يقتضي الضّمان نظرا إلى أصل التّحريم . وفي شرح المنهاج : إنّ الأصنام والصّلبان لا يجب في إبطالها شيء ، لأنّها محرّمة الاستعمال ، ولا حرمة لصنعتها - أي ليست محترمة - وإنّ الأصحّ أنّها لا تكسر الكسر الفاحش ، بل تفصل لتعود كما كانت قبل التّأليف ، لزوال الاسم بذلك . والقول الثّاني : تكسر وترضّض حتّى تنتهي إلى حدّ لا يمكن إعادته صنماً أو صليباً أو غير ذلك من المحرّمات . ونقل صاحب كشّاف القناع من الحنابلة عن القاضي ابن عقيل أنّ الصّليب إن كان من الذّهب أو الفضّة فلا يضمن إذا كسر ، أمّا إذا أتلف فيضمن مكسوراً . وفرّق بينه وبين الصّليب من الخشب بأنّ الصّنعة في الذّهب والفضّة تابعة ، لأنّها أقلّ قيمة ، وفي الخشب أو الحجر هي الأصل فلا يضمن . فعليه يضمن الصّليب المستور للذّمّيّ إن كان من ذهب أو فضّة إذا أتلف بمثله ذهبا بالوزن ، وتلغى صنعته . قال الحارثيّ : ولا خلاف فيه . أهل الذّمّة والصّلبان : 14 - يجوز إقرار أهل الذّمّة والصّلح معهم على إبقاء صلبانهم ، ولكن يشترط عليهم أن لا يظهروها ، بل تكون في كنائسهم ومنازلهم الخاصّة . وفي فتح القدير : إنّ المراد بكنائسهم كنائسهم القديمة الّتي أقرّوا عليها . وفي عهد عمر رضي الله عنه الّذي أخذه على نصارى الشّام " بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب لعمر أمير المؤمنين من نصارى الشّام : لما قدمتم علينا سألناكم الأمان . إلى أن قالوا : وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نظهر صليباً ولا كتاباً " أي من كتب دينهم " في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نظهر الصّليب في كنائسنا إلخ " وقولهم : " في كنائسنا " المراد به خارجها ممّا يراه المسلم . قال ابن القيّم : لا يمكّنون من التّصليب على أبواب كنائسهم وظواهر حيطانها ، ولا يتعرّض لهم إذا نقشوا داخلها . وعن ميمون بن مهران أنّ عمر بن عبد العزيز كتب : أن يمنع نصارى الشّام أن يضربوا ناقوساً ، ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم ، فإن قدر على من فعل ذلك منهم فإنّ سلبه لمن وجده . وكذا لو جعلوا ذلك في منازلهم وأماكنهم الخاصّة لا يمنعون منه. ويمنعون من لبس الصّليب وتعليقه في رقابهم أو أيديهم ، ولا ينتقض عهدهم بذلك الإظهار ، ولكن يؤدّب من فعله منهم . ويلاحظون في مواسم أعيادهم بالذّات ، إذ قد يحاولون إظهار الصّليب فيمنعون من ذلك ، لما في عهد عمر عليهم عدم إظهاره في أسواق المسلمين . ويؤدّب من فعله منهم ، ويكسر الصّليب الّذي يظهرونه ، ولا شيء على من كسره . الصّليب في المعاملات الماليّة : 15 - لا يصحّ لمسلم بيع الصّليب شرعاً ، ولا الإجارة على عمله . ولو استؤجر عليه فلا يستحقّ صانعه أجرة ، وذلك بموجب القاعدة الشّرعيّة العامّة في حظر بيع المحرّمات ، إجارتها ، والاستئجار على عملها . وقال القليوبيّ : لا يصحّ بيع الصّور والصّلبان ولو من ذهب أو فضّة أو حلوى . ولا يجوز بيع الخشبة لمن يعلم أنّه يتّخذها صليباً . وسئل ابن تيميّة عن خيّاط خاط للنّصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته ؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا ؟ فقال : إذا أعان الرّجل على معصية اللّه كان آثما . . . ثمّ قال : والصّليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة ، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها . كما ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « إنّ اللّه حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » . وثبت أنّه « لعن المصوّرين » . وصانع الصّليب ملعون لعنه اللّه ورسوله . ومن أخذ عوضاً عن عين محرّمة مثل أجرة حامل الخمر وأجرة صانع الصّليب وأجرة البغيّ ونحو ذلك ، فليتصدّق به ، وليتب من ذلك العمل المحرّم ، وتكون صدقته بالعوض كفّارة لما فعله ، فإنّ هذا العوض لا يجوز الانتفاع به ، لأنّه عوض خبيث . نصّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر ، ونصّ عليه أصحاب مالك وغيرهم . تصوير * التّعريف : 1 - التّصوير لغة : صنع الصّورة . وصورة الشّيء هي هيئته الخاصّة الّتي يتميّز بها عن غيره . وفي أسمائه تعالى :" المصوِّر "، ومعناه : الّذي صوّر جميع الموجودات ورتّبها ، فأعطى كلّ شيء منها صورته الخاصّة وهيئته المفردة ، على اختلافها وكثرتها . وورد في حديث ابن عمر تسمية الوجه صورة ، قال رضي الله عنه : « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصّورة ، أو نهى عن الوسم في الوجه » أي : أن يضرب الوجه أو يوسم الحيوان في وجهه . والتّصوير أيضاً : ذكر صورة الشّيء ، أي : صفته ، يقال : صوّرت لفلان الأمر ، أي : وصفته له . والتّصوير أيضاً : صنع الصّورة الّتي هي تمثال الشّيء ، أي : ما يماثل الشّيء ويحكي هيئته الّتي هو عليها ، سواء أكانت الصّورة مجسّمة أو غير مجسّمة ، أو كما يعبّر بعض الفقهاء : ذات ظلّ أو غير ذات ظلّ . والمراد بالصّورة المجسّمة أو ذات الظّلّ ما كانت ذات ثلاثة أبعاد ، أي لها حجم ، بحيث تكون أعضاؤها نافرة يمكن أن تتميّز باللّمس ، بالإضافة إلى تميّزها بالنّظر . وأمّا غير المجسّمة ، أو الّتي ليس لها ظلّ ، فهي المسطّحة ، أو ذات البعدين ، وتتميّز أعضاؤها بالنّظر فقط ، دون اللّمس ، لأنّها ليست نافرة ، كالصّور الّتي على الورق ، أو القماش ، أو السّطوح الملساء . والتّصوير والصّورة في اصطلاح الفقهاء يجري على ما جرى عليه في اللّغة . وقد تسمّى الصّورة تصويرة ، وجمعها تصاوير ، وقد ورد من ذلك في السّنّة حديث عائشة رضي الله عنها في شأن السّتر قوله صلى الله عليه وسلم : « أميطي عنّا قرامك هذا ، فإنّه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي » . أنواع الصّور : 2 - إنّ الصّورة - بالإضافة إلى ما ذكرناه من الصّور الثّابتة - قد تكون صورة مؤقّتة كصورة الشّيء في المرآة ، وصورته في الماء والسّطوح اللامعة ، فإنّها تدوم ما دام الشّيء مقابلاً للسّطح ، فإن انتقل الشّيء عن المقابلة انتهت صورته . ومن الصّور غير الدّائمة : ظلّ الشّيء إذا قابل أحد مصادر الضّوء . ومنه ما كانوا يستعملونه في بعض العصور الإسلاميّة ، ويسمّونه : صور الخيال ، أو صور خيال الظّلّ . فإنّهم كانوا يقطعون من الورق صوراً للأشخاص ، ثمّ يمسكونها بعصيّ صغيرة ، ويحرّكونها أمام السّراج ، فتنطبع ظلالها على شاشة بيضاء يقف خلفها المتفرّجون ، فيرون ما هو في الحقيقة صورة الصّورة . ومن الصّور غير الدّائمة : الصّور التّليفزيونيّة ، فإنّها تدوم ما دام الشّريط متحرّكاً فإذا وقف انتهت الصّورة . 3 - ثمّ إنّ الصّورة قد تكون لشيء حيّ عاقل ذي روح ، كصورة الإنسان . أو غير عاقل ، كصورة الطّائر أو الأسد . أو لحيّ غير الحيوان كصور الأشجار والزّهور والأعشاب . أو للجمادات كصور الشّمس والقمر والنّجوم والجبال ، أو صور المصنوعات الإنسانيّة كصورة منزل أو سيّارة أو منارة أو سفينة . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّماثيل : 4 - التّماثيل جمع تمثال " بكسر التّاء " وتمثال الشّيء : صورته في شيء آخر . وهو من المماثلة ، وهي المساواة بين الشّيئين . والتّمثيل : التّصوير . يقال : مثّل له الشّيء إذا صوّره له كأنّه ينظر إليه ، ومثّلت له كذا : إذا صوّرت له مثاله بكتابة أو غيرها ، وفي الحديث : « أشدّ النّاس عذاباً ممثّل من الممثّلين » أي مصوّر . وظلّ كلّ شيء تمثاله . فالفرق بين التّمثال وبين الصّورة : أنّ صورة الشّيء قد يراد بها الشّيء نفسه ، وقد يراد به غيره ممّا يحكي هيئة الأصل ، أمّا التّمثال فهو الصّورة الّتي تحكي الشّيء وتماثله ، ولا يقال لصورة الشّيء في نفسه : إنّها تمثاله . 5 - وممّا يبيّن أنّ التّمثال أيضاً في اللّغة يستعمل لصور الجمادات ما ورد في صحيح البخاريّ أنّ المسيح الدّجّال يأتي ومعه تمثال الجنّة والنّار . أمّا في عرف الفقهاء ، فإنّه باستقراء كلامهم تبيّن أنّ أكثرهم لا يفرّقون في الاستعمال بين لفظي ( الصّورة ) ( والتّمثال ) ، إلا أنّ بعضهم خصّ التّمثال بصورة ما كان ذا روح ، أي صورة الإنسان أو الحيوان ، سواء أكان مجسّماً أو مسطّحاً ، دون صورة شمس أو قمر أو بيت ، وأمّا الصّورة فهي أعمّ من ذلك . نقله ابن عابدين عن المغرب . وهذا البحث جار على الاصطلاح الأغلب عند الفقهاء ، وهو أنّ الصّورة الّتي تحكي الشّيء ، والتّمثال بمعنى واحد . ب - الرّسم : 6 - الرّسم في اللّغة : أثر الشّيء . وقيل : بقيّة الأثر . وأثر الشّيء قد يشاكله في الهيئة . ومن هنا سمّوا " الرّوسم " ، وهو الخشبة الّتي فيها نقوش يختم بها الأشياء المراد بقاؤها مخفاة ، لئلا تستعمل . وقال ابن سيده : " الرّوسم الطّابع " . ومنه " المرسوم " لأنّه يختم بخاتم . والرّسم في الاستعمال المعاصر بمعنى : الصّورة المسطّحة ، أو التّصوير المسطّح ، إذا كان معمولا باليد . ولا تسمّى الصّورة الفوتوغرافيّة رسما . بل يقال : رسمت دارا ، أو إنسانا ، أو شجرة . ج - التّزويق ، والنّقش ، والوشي ، والرّقم : 7 - هذه الكلمات الأربع تكاد تكون بمعنى واحد ، وهو تجميل الشّيء المسطّح أو غير المسطّح بإضافة أشكال تجميليّة إليه ، سواء أكانت أشكالا هندسيّة أو نمنمات أو صورا أو غير ذلك . قال صاحب اللّسان : ثوب منمنم أي : موقوم موشّى ، وقال : النّقش : النّمنمة . فكلّ منها يكون بالصّور أو بغيرها . د - النّحت : 8 - النّحت : الأخذ من كتلة صلبة كالحجر أو الخشب بأداة حادّة كالإزميل أو السّكّين ، حتّى يكون ما يبقى منها على الشّكل المطلوب ، فإن كان ما بقي يمثّل شيئا آخر فهو تمثال أو صورة ، وإلا فلا . ترتيب هذا البحث : 9 - يحتوي هذا البحث على ما يلي : أوّلاً : ما يتعلّق من الأحكام بالصّورة الإنسانيّة . ثانياً : أحكام التّصوير ، أي : صناعة الصّور . ثالثاً : أحكام اقتناء الصّور ، أي : اتّخاذها واستعمالها . رابعاً : أحكام الصّور من حيث التّعامل والتّعرّف فيها . القسم الأوّل : ما يتعلّق من الأحكام بالصّورة الإنسانيّة : 10 - ينبغي للإنسان أن يعتني بتجميل صورته الظّاهرة ، بالإضافة إلى اعتنائه بتكميل صورته الباطنة ، ويقوم بحقّ اللّه تعالى بشكره على أنّه جمّل صورته . والعناية بالصّورة الباطنة تكون بالإيمان والتّطهّر من الذّنوب والشّكر للّه ، والتّجمّل بالأخلاق الحميدة . والعناية بالصّورة الظّاهرة تكون بالتّطهّر بالوضوء والاغتسال والتّنظّف وإزالة التّفث ، والتّزيّن بالزّينة المشروعة من العناية بالشّعر والملابس الحسنة وغير ذلك ، ( ر : زينة ) . 11 - ولا يحلّ للإنسان أن يشوّه جسمه بإتلاف عضو من أعضائه ، أو إخراجه عن وضعه الّذي خلقه اللّه عليه . كما لا يحلّ له أن يفعل ذلك بغيره ، إلا حيث أذن اللّه تعالى بذلك وقد « نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن النُهْبى والمثلة » . ( ر : مثلة ) . كما لا يحلّ له أن يقصد تشويه نفسه بلبس ما ينفر النّاس منه ويخرجه عن المعتاد ( ر : ألبسة ) . ومن ذلك أنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الرّجل في نعل واحدة » أي : في إحدى قدميه دون الأخرى . وشرع للمسلم أن يتطيّب ويتعطّر . وللمرأة زينتها الخاصّة . وراجع مباحث ( اكتحال . اختضاب . حليّ ، إلخ ) . 12 - أمّا الزّينة الباطنة ، فقد قال ابن القيّم : الجمال الباطن هو محلّ نظر اللّه من عبده وموضع محبّته ، كما في الحديث : « إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم » . وهذا الجمال الباطن يزيّن الصّورة الظّاهرة وإن لم تكن ذات جمال ، فتكسو صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصّفات . فإنّ المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه ، فمن رآه هابه ، ومن خالطه أحبّه ، وهذا أمر مشهود بالعيان . فإنّك ترى الرّجل الصّالح ذا الأخلاق الجميلة من أحلى النّاس صورة ، وإن كان غير جميل ، ولا سيّما إذا رزق حظّا من صلاة اللّيل ، فإنّها تنوّر الوجه . قال : وأمّا الجمال الظّاهر فزينة خصّ اللّه بها بعض الصّور عن بعض ، وهي من زيادة الخلق الّتي قال اللّه فيها : { يَزِيدُ في الخَلْقِ مَا يَشَاءُ } قال المفسّرون : هو الصّوت الحسن والصّورة الحسنة . والقلوب مطبوعة على محبّته ، كما هي مفطورة على استحسانه . قال : وكلّ من الجمال الظّاهر والجمال الباطن نعمة من اللّه تعالى توجب على العبد شكراً بالتّقوى والصّيانة ، وبهما يزداد جمالاً على جماله . وإن استعمل جماله في معاصي اللّه قلب اللّه محاسنه شينا وقبحا . وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو النّاس إلى جمال الباطن بجمال الظّاهر ، « قال جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي الله عنه : قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : أنت امرؤ حسّن اللّه خَلْقَك ، فحسِّنْ خُلُقَكَ » . « وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أجمل الخلق وأحسنهم وجهاً » . « وقد سئل البراء بن عازب : أكان وجه النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل السّيف ؟ فقال : لا ، بل مثل القمر » . وكان صلى الله عليه وسلم يستحبّ أن يكون الرّسول الّذي يرسل إليه حسن الوجه حسن الاسم ، فكان يقول : « إذا أَبْرَدْتُم إليّ بَرِيداً فاجعلوه حسنَ الوجه حسنَ الاسم » وقد أمتع اللّه عباده المؤمنين في دار كرامته بحسن الصّور ، كما في الحديث « أوّل زُمْرة تدخل الجنّةَ على صورةِ القمر ليلةَ البدر ، والّذين على أثرهم كأشدِّ كوكبٍ إضاءةً ، قلوبُهم على قلبِ رجل واحد ، يسبّحون اللّه بُكرة وعشيّة . صورهم على صورة القمر ليلة البدر ». القسم الثّاني : حكم التّصوير " صناعة الصّور " أ - تحسين صورة الشّيء المصنوع : 13 - يستحسن للصّانع إذا صنع شيئا أن يحسّن صورة ذلك الشّيء ، إذ إنّ ذلك من إتقان العمل وإحسانه . وقد مدح اللّه تعالى نفسه بقوله : { ذَلكَ عَالِمُ الغَيبِ والشَّهَادةِ العَزيزُ الرَّحيمُ الّذي أَحْسنَ كلَّ شَيءٍ خَلَقَه وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسانِ منْ طِينٍ } وقال : { خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأرضَ بِالحَقِّ وصَوَّرَكم فَأَحْسَنَ صُوَرَكم وإليه المَصِيرُ } وفي الحديث عن النّبيّ أنّه قال : « إنّ اللّه يُحِبُّ إذا عَمِلَ أحدُكم عملاً أنْ يُتقنه » وقال : « إنّ اللّه كَتَبَ الإحسانَ على كلّ شيء ، فإذا قتلتم فأَحسِنُوا القِتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة . . . الحديث » . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية