الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41283" data-attributes="member: 329"><p>الصّور في الكنائس والمعابد غير الإسلاميّة :</p><p>69 - الكنائس والمعابد الّتي أقرّت في بلاد الإسلام بالصّلح لا يتعرّض لما فيها من الصّور ما دامت في الدّاخل . ولا يمنع ذلك من دخول المسلم الكنيسة عند الجمهور . وتقدّم ما نقله صاحب المغني أنّ عليّا رضي الله عنه دخل الكنيسة بالمسلمين ، وأخذ يتفرّج على الصّور . وأنّ عمر رضي الله عنه أخذ على أهل الذّمّة أن يوسّعوا أبواب كنائسهم ، ليدخلها المسلمون والمارّة . ولذا قال الحنابلة : للمسلم دخول الكنيسة والبيعة ، والصّلاة فيهما من غير كراهة على الصّحيح من المذهب . </p><p>وفي قول آخر للحنابلة ، وهو قول الحنفيّة : يكره دخولها لأنّها مأوى الشّياطين . </p><p>وقال أكثر الشّافعيّة : يحرم على المسلم أن يدخل الكنيسة الّتي فيها صور معلّقة .</p><p>رابعاً : أحكام الصّور : </p><p>أ - الصّور وعقود التّعامل :</p><p>70 - الصّور الّتي صناعتها حلال - كالصّور المسطّحة مطلقا عند المالكيّة ، والصّور المقطوعة ، ولعب الأطفال ، والصّور من الحلوى ، وما يسرع إليه الفساد ، ونحو ذلك - على التّفصيل والخلاف الّذي تقدّم - يصحّ شراؤها وبيعها والأمر بعملها والإجارة على صنعها . وثمنها حلال والأجرة المأخوذة على صناعتها حلال . </p><p>وكذلك سائر عقود التّعامل الّتي تجري عليها . ويجوز للوليّ أن يشتري لمحجورته اللّعب من مالها ، لما فيها من مصلحة التّمرين كما تقدّم . أمّا الصّور المحرّمة صناعتها ، فإنّها على القاعدة العامّة في المحرّمات لا تحلّ الإجارة على صنعها ، ولا تحلّ الأجرة ولا الأمر بعملها ، ولا الإعانة على ذلك . قال القليوبيّ : ويسقط المروءة حرفة محرّمة كالمصوّر . </p><p>وشذّ الماورديّ فجعل للمصوّر أجرة المثل كما في تحفة المحتاج . </p><p>71 - وأمّا ما يحرم اقتناؤه واستعماله ، فلا يصحّ شراؤه ولا بيعه ولا هبته ولا إيداعه ولا رهنه ، ولا الإجارة على حفظه ، ولا وقفه ، ولا الوصيّة به كسائر المحرّمات . </p><p>وقد « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّ اللّه ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » .ومن أخذ على شيء من ذلك ثمنا أو أجرة فهو كسب خبيث يلزمه التّصدّق به. قال ابن تيميّة : ولا يعاد إلى صاحبه ، لأنّه قد استوفى العوض ، كما نصّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر ، ونصّ عليه أصحاب مالك وغيرهم . </p><p>72 - وهذا إن كانت الصّور المحرّمة فيما لا منفعة فيه إلّا ما فيه من الصّورة المحرّمة ، أمّا لو كانت تصلح لمنفعة بعد شيء من التّغيير ، فظاهر كلام بعض الشّافعيّة منعه . </p><p>وقال الرّمليّ الشّافعيّ : مقتضى كلام الإمام في باب الوصيّة صحّة البيع في هذه الحال ، وينبغي أن لا يكون فيه خلاف . ويؤيّده ما نقله في الرّوضة عن المتولّي - ولم يخالفه - في جواز بيع النّرد إذا صلح لبيادق الشّطرنج ، وإلّا فلا . ومثله ما في الدّرّ وحاشية ابن عابدين : اشترى ثورا أو فرسا من خزف لأجل استئناس الصّبيّ ، لا يصحّ ، ولا قيمة له . وقيل بخلافه يصحّ ويضمن متلفه ، فلو كانت من خشب أو صفر جاز اتّفاقا فيما يظهر ، لإمكان الانتفاع به . وعن أبي يوسف يجوز بيع اللّعبة ، وأن يلعب بها الصّبيان .</p><p>الضّمان في إتلاف الصّور وآلات التّصوير :</p><p>73 - الّذين قالوا بتحريم نوع من الصّور مستعملة على وضع معيّن ، قالوا : ينبغي إخراج الصّورة إلى وضع لا تكون فيه محرّمة . وقد بوّب البخاريّ لنقض الصّور ، لكن لم يذكر فيها حديثا ينصّ على ذلك ، بل ذكر حديثا آخر هو قول عائشة رضي الله عنها « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلّا نقضه » . وفي رواية : « إلّا قضبه » ولعلّه أراد بذلك قياس نقض الصّور المحرّمة على نقض الصّلبان ، لاشتراكهما في أنّهما عبدا من دون اللّه . لكنّه صلى الله عليه وسلم « قال لعائشة رضي الله عنها في شأن السّتر الّذي عليه التّصاوير أخّريه عنّي » وفي رواية « أنّه هتكه » ، أي نزعه من مكانه حتّى لم يعد منصوبا ، وفي حديث جبريل أنّه « أمر بصنع وسادتين من السّتر » وهذا يعني أنّه لا يتلف ما فيه الصّورة إن كان يمكن أن يستعمل على وجه آخر مباح . </p><p>لكن إن كانت الصّورة المحرّمة لا تزول إلّا بالإتلاف وجب الإتلاف ، وذلك لا يتصوّر إلّا نادرا ، كالتّمثال المجسّم المثبّت في جدار أو نحوه الّذي إذا أزيل من مكانه أو خرق صدره أو بطنه أو قطع رأسه يتلف . وهذا النّوع لا يضمن متلفه ، لأنّ المعصية لا تزول إلا بإتلافه . أمّا من أتلف الصّورة الّتي يمكن الانتفاع بها على وضع غير محرّم ، فينبغي أن يضمن ما أتلفه خاليا عن تلك الصّنعة المحرّمة على الأصل في ضمان المتلفات . </p><p>وهذا مقتضى مذهب أبي حنيفة ، والأصحّ عند الشّافعيّة ، وظاهر كلام المالكيّة . </p><p>وقياس مذهب الحنابلة : أنّه يجوز الإتلاف ولا ضمان ، لسقوط حرمة الشّيء بما فيه من المنفعة باستعماله في المحرّم ، وفي رواية : يضمن .</p><p>القطع في سرقة الصّور :</p><p>74 - لا قطع في سرقة الصّور الّتي ليس لمكسورها قيمة ، أو له قيمة لا تبلغ نصابا . </p><p>أمّا في غير ذلك ، فمذهب الحنفيّة ، وهو القول المرجوح عند الشّافعيّة ، وقول عند الحنابلة عليه المذهب : أنّه لا قطع في سرقة آلة اللّهو ، لأنّ صلاحيّته للّهو صارت شبهة من أنّ السّارق قد يقصد الإنكار ، وأنّ سرقته للشّيء لتأويل الكسر ، فمنع ذلك القطع . فكذا ينبغي أن يقال عندهم في الصّور المحرّمة ، ولو كان مكسورها يبلغ نصاباً . قال صاحب المقنع من الحنابلة : إن سرق آنية فيها الخمر أو صليبا أو صنم ذهب لم يقطع . </p><p>قال صاحب الإنصاف : هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . أي لأنّ الصّنعة المحرّمة أهدرت بسببها حرمة الشّيء فلم يعد لمكسوره حرمة تستحقّ أن يثبت بسببها القطع . </p><p>وسواء قصد بالسّرقة الإنكار أم لم يقصده . ومذهب المالكيّة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة وجوب القطع فيما لو كان المكسور يبلغ نصاباً . </p><p>وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لو كان على الدّراهم والدّنانير المسروقة صور فلا يمنع ذلك وجوب القطع ، قال الحنفيّة : لأنّ النّقود إنّما تعدّ للتّموّل فلا يثبت فيها تأويل . لكن في قول عند الحنابلة التّفريق بين أن يقصد إنكارا فلا يقطع ، ويقطع إن لم يقصده . واللّه أعلم .</p><p></p><p>تضبيب *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّضبيب والضّبّ في اللّغة : تغطية الشّيء وإدخال بعضه في بعض وقيل : هو شدّة القبض على الشّيء ، لئلّا ينفلت من اليد . ويقال : ضبّب الخشب بالحديد أو الصّفر : إذا شدّه به ، وضبّب أسنانه شدّها بذهب أو فضّة أو غيرهما . </p><p>والضّبّة : حديدة عريضة يضبّب بها الباب ويشعّب بها الإناء عند التّصدّع .</p><p>والاصطلاح الشّرعيّ للتّضبيب لا يختلف عن المعنى اللّغويّ في شيء . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الجبر : من معانيه أن يغنى الرّجل من فقر ، أو يصلح عظمه من كسر . </p><p>ب - الوصل : من وصل الثّوب أو الخفّ وصلة . </p><p>ج - التّشعيب : وهو جمع الشّيء وضمّ بعضه إلى بعض ، أو تفريقه ، فهو من الأضداد . التّطعيم : مصدر طعّم ، وأصله طعّم ، يقال : طعّم الغصن أو الفرع : قبل الوصل بغصن من غير شجره وطعّم كذا بعنصر كذا لتقويته أو تحسينه ، أو اشتقاق نوع آخر منه . </p><p>وطعّم الخشب بالصّدف ركّبه فيه للزّخرفة والزّينة . </p><p>وعند الفقهاء هو : أن يحفر في إناء من خشب أو غيره حفراً ، ويضع فيها قطعاً من ذهب أو فضّة ونحوهما على قدر الحفر . فالفرق بين التّضبيب والتّطعيم : أنّ التّضبيب يكون للإصلاح ، أمّا التّطعيم فلا يكون إلّا بالحفر ، وهو للزّينة غالباً . </p><p>6 - التّمويه : هو الطّلاء بماء الذّهب أو الفضّة ونحوهما . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>7 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز التّضبيب واستعمال المضبّب بذهب أو فضّة ، لأنّه تابع للمباح ، وهو باقي الإناء ، فأشبه المضبّب باليسير . ولكنّه مكروه عندهم . ولكن عليه أن يجتنب في النّصل والقبضة واللّجام موضع اليد . </p><p>وفي الشّرب من الإناء المضبّب يتّقي مسّ الضّبّة بالفم . قال ابن عابدين : المراد بالاتّقاء : الاتّقاء بالعضو الّذي يقصد الاستعمال به ، وفي ذلك خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه . ينظر في المطوّلات . وسيأتي تفصيل أحكام التّضبيب في مصطلحي ( ذهب ، فضّة ، آنية ) . </p><p>وأمّا المالكيّة : فقد ذهبوا - في الرّاجح عندهم - إلى حرمة ذلك كلّه ، يستوي عندهم : الفضّة والذّهب ، والصّغيرة والكبيرة ، لحاجة أو لغير حاجة . </p><p>وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ تضبيب الإناء بذهب حرام مطلقا ، وتضبيبه بضبّة كبيرة عرفا من الفضّة - لغير حاجة بأن كانت لزينة - حرام كذلك . </p><p>فإن كانت الضّبّة الفضّيّة صغيرة لحاجة الإناء إلى الإصلاح لم تكره ، لما روى البخاريّ </p><p>« أنّ قدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم انكسر فاتّخذ مكان الشّعب سلسلة من فضّة » . </p><p>وإن كانت الضّبّة فوق الحاجة - وهي صغيرة ، أو كبيرة لحاجة - كرهت في الأصحّ . وفي ذلك تفصيل أتمّ ينظر في مصطلح ( ذهب - فضّة - آنية ) .</p><p></p><p>تضمير *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّضمير لغة : من الضّمر بسكون الميم والضّمر ( بضمّها ) بمعنى : الهزال ولحاق البطن . وهو : أن تعلف الخيل حتّى تسمن وتقوى ، ثمّ يقلّل علفها ، فتعلف بقدر القوت ، وتدخل بيتا وتغشى بالجلال حتّى تحمى فتعرق ، فإذا جفّ عرقها ، خفّ لحمها ، وقويت على الجري . ومدّة التّضمير عند العرب أربعون يوما ، وتسمّى هذه المدّة ، وكذلك الموضع الّذي تضمر فيه الخيل مضماراً . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - السّباق : </p><p>2 - السّباق والمسابقة بمعنى . يقال : سابقه مسابقة وسباقا . والسّباق مأخوذ من السّبق بسكون الباء ، بمعنى : التّقدّم في الجري وفي كلّ شيء .</p><p>وأمّا السّبق بالفتح فمعناه : الجعل الّذي يسابق عليه . </p><p>والعلاقة بينه وبين التّضمير : أنّ عمليّة التّضمير تتّخذ في بعض الأحيان لأجل إحراز التّقدّم في السّباق . </p><p>حكمه الإجماليّ ومواطن البحث :</p><p>3 - يرى جمهور الفقهاء إباحة تضمير الخيل مطلقاً ، واستحباب تضميرها إذا كانت معدّة للغزو . وورد في هذا الباب أحاديث كثيرة منها : </p><p>حديث نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : « سابق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين الخيل الّتي قد ضمّرت فأرسلها من الحفياء ، وكان أمدها ثنيّة الوداع . فقلت لموسى بن عقبة : فكم كان بين ذلك ؟ قال ستّة أميال أو سبعة . وسابق بين الخيل الّتي لم تضمّر ، فأرسلها من ثنيّة الوداع ، وكان أمدها مسجد بني زريق . قلت : فكم بين ذلك ؟ قال : ميل أو نحوه . فكان ابن عمر ممّن سابق فيها » . وبهذا الحديث ونحوه يندفع قول من قال : إنّ تضمير الخيل لا يجوز ، لما فيه من مشقّة سوقها . </p><p>وأمّا اشتراط تضمير الخيل للسّبق ، وجواز السّباق بين الخيل المضمّرة وغير المضمّرة ، والمغايرة بين غاية السّباق للخيل المضمّرة وغيرها ، ففيها خلاف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح ( سباق ) وإلى مواطنها من كتب الفقه .</p><p></p><p>تطبيب *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - للتّطبيب في اللّغة معان ، منها وهو المراد هنا : أنّه المداواة . يقال : طبّب فلان فلاناً : أي داواه . وجاء يستطبّ لوجعه : أي يستوصف الأدوية أيّها يصلح لدائه . </p><p>والطِّبُّ : علاج الجسم والنّفس ، ورجل طَبُّ وطبيب : عالم بالطّبّ . </p><p>والطَّبُّ . والطُّبُّ : لغتان في الطِّبّ . وتطبَّب له : سأل له الأطبّاء . </p><p>والطّبيب في الأصل : الحاذق بالأمور العارف بها ، وبه سمّي الطّبيب الّذي يعالج المرضى ونحوهم . ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن معناه اللّغويّ . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - التّداوي : </p><p>2 - التّداوي : تعاطي الدّواء ، ومنه المداواة أي المعالجة : يقال : فلان يُدَاوَى : أي يُعالَج. والفرق بين التّطبيب والتّداوي : أنّ التّطبيب تشخيص الدّاء ومداواة المريض ، والتّداوي تعاطي الدّواء . </p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>3 - التّطبيب تعلُّماً من فروض الكفاية ، فيجب أن يتوفّر في بلاد المسلمين من يعرف أصول حرفة الطّبّ ، وينظر التّفصيل في مصطلح : ( احتراف ) . </p><p>أمّا التّطبيب مُزاولةً فالأصل فيه الإباحة . وقد يصير مندوبا إذا اقترن بنيّة التّأسّي بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في توجيهه لتطبيب النّاس ، أو نوى نفع المسلمين لدخوله في مثل قوله تعالى : { وَمَنْ أَحْياها فَكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً } وحديث : « من استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فلْينفعه » . إلا إذا تعيّن شخص لعدم وجود غيره أو تعاقد فتكون مزاولته واجبة . </p><p>ويدلّ لذلك ما روى « رجل من الأنصار قال : عاد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً به جرح ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ادعوا له طبيب بني فلان . قال : فدعوه فجاء ، فقالوا : يا رسول اللّه ، ويغني الدّواء شيئاً ؟ فقال : سبحان اللّه . وهل أنزل اللّه من داء في الأرض إلا جعل له شفاء » . </p><p>وعن جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الرّقى . فجاء آل عمرو بن حزم ، فقالوا : يا رسول اللّه ، إنّه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب ، وإنّك نهيت عن الرّقى . قال : فعرضوها عليه . فقال : ما أرى بها بأساً ، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه » . وقال صلى الله عليه وسلم : « لا بأس بالرّقى ما لم يكن فيها شرك » . ولما ثبت من فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه تداوى ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده « أنّ عروة كان يقول لعائشة رضي الله عنها : يا أمّتاه ، لا أعجب من فهمك . أقول : زوجة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بنت أبي بكر . ولا أعجب من علمك بالشّعر وأيّام النّاس ، أقول : ابنة أبي بكر ، وكان أعلم النّاس أو من أعلم النّاس . ولكن أعجب من علمك بالطّبّ ، كيف هو ؟ ومن أين هو ؟ قال فضربتْ على منكبه وقالت : " أي عُرَيّة ؟ إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره ، أو في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كلّ وجه ، فتنعت له الأنعات ، وكنت أعالجها ، فمن ثمّ » . وفي رواية « أنّ رسول اللّه كثرت أسقامه ، فكان يقدم عليه أطبّاء العرب والعجم ، فيصفون له فنعالجه » . وقال الرّبيع : سمعت الشّافعيّ يقول : العلم علمان : علم الأديان وعلم الأبدان .</p><p>نظر الطّبيب إلى العورة :</p><p>4 - اتّفق الفقهاء على جواز نظر الطّبيب إلى العورة ولمسها للتّداوي . </p><p>ويكون نظره إلى موضع المرض بقدر الضّرورة . إذ الضّرورات تقدّم بقدرها . فلا يكشف إلا موضع الحاجة ، مع غضّ بصره ما استطاع إلّا عن موضع الدّاء . </p><p>وينبغي قبل ذلك أن يعلّم امرأة تداوي النّساء ، لأنّ نظر الجنس إلى الجنس أخفّ . </p><p>وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى : أنّه إذا كان الطّبيب أجنبيّاً عن المريضة فلا بدّ من حضور ما يؤمن معه وقوع محظور . </p><p>لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا كان ثالثهما الشّيطان » . </p><p>واشترط الشّافعيّة عدم وجود امرأة تحسن التّطبيب إذا كان المريض امرأة ، ولو كانت المرأة المداوية كافرة ، وعدم وجود رجل يحسن ذلك إذا كان المريض رجلا . كما شرطوا أن لا يكون غير أمين مع وجود أمين ، ولا ذمّيّا مع وجود مسلم ، أو ذمّيّة مع وجود مسلمة . قال البلقينيّ : يقدّم في علاج المرأة مسلمة ، فصبيّ مسلم غير مراهق ، فمراهق ، فكافر غير مراهق ، فمراهق ، فامرأة كافرة ، فمحرم مسلم ، فمحرم كافر ، فأجنبيّ مسلم ، فكافر. واعترض ابن حجر الهيثميّ على تقديم الكافرة على المحرم . وقال : والّذي يتّجه تقديم نحو محرم مطلقا على كافرة ، لنظره ما لا تنظر هي . </p><p>ونصّ الشّافعيّة كذلك على تقديم الأمهر مطلقا ولو من غير الجنس والدّين على غيره . ونصّوا على أنّه إن وجد من لا يرضى إلّا بأكثر من أجرة المثل فإنّه يكون كالعدم حينئذ حتّى لو وجد كافر يرضى بدونها ومسلم لا يرضى إلّا بها احتمل أنّ المسلم كالعدم . وصرّح المالكيّة بأنّه لا يجوز النّظر إلى فرج المرأة إلّا إذا كان لا يتوصّل إلى معرفة ذلك إلا برؤيته بنفسه . أمّا لو كان الطّبيب يكتفي برؤية النّساء لفرج المريضة فلا يجوز له النّظر إليه .</p><p>استئجار الطّبيب للعلاج :</p><p>5 - اتّفق الفقهاء على جواز استئجار الطّبيب للعلاج ، لأنّه فعل يحتاج إليه ومأذون فيه شرعاً ، فجاز الاستئجار عليه كسائر الأفعال المباحة . </p><p>غير أنّ الشّافعيّة شرطوا لصحّة هذا العقد أن يكون الطّبيب ماهراً ، بمعنى أن يكون خطؤه نادراً ، ويكفي في ذلك التّجربة عندهم ، وإن لم يكن ماهرا في العلم . </p><p>واستئجار الطّبيب يقدّر بالمدّة لا بالبرء والعمل ، فإن تمّت المدّة وبرئ المريض أو لم يبرأ فله الأجرة كلّها . وإن برئ قبل تمام المدّة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدّة لتعذّر استيفاء المعقود عليه ، وكذا الحكم لو مات المريض في أثناء المدّة . </p><p>وقد نصّ الحنابلة على أنّه لا يصحّ اشتراط الدّواء على الطّبيب ، وهو قول عند المالكيّة لما فيه من اجتماع الجعل والبيع . وعند المالكيّة قول آخر بالجواز . </p><p>والطّبيب يستحقّ الأجرة بتسليمه نفسه مع مضيّ زمن إمكان المداواة ، فإن امتنع المريض من العلاج مع بقاء المرض استحقّ الطّبيب الأجر ، ما دام قد سلّم نفسه ، ومضى زمن المداواة ، لأنّ الإجارة عقد لازم وقد بذل الطّبيب ما عليه . </p><p>وأمّا إذا سلّم الطّبيب نفسه وقبل مضيّ زمن إمكان المداواة سكن المرض ، فجمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة - متّفقون على انفساخ الإجارة حينئذ . </p><p>6 - ولا تجوز مشارطة الطّبيب على البرء . ونقل ابن قدامة عن ابن أبي موسى الجواز ، إذ قال : لا بأس بمشارطة الطّبيب على البرء ، لأنّ أبا سعيد الخدريّ رضي الله عنه حين رقى الرّجل شارطه على البرء . وقال ابن قدامة : إنّه الصّحيح إن شاء اللّه ، لكن يكون جعالة لا إجارة ، فإنّ الإجارة لا بدّ فيها من مدّة أو عمل معلوم . وأجاز ذلك المالكيّة أيضا ، ففي الشّرح الصّغير : لو شارطه طبيب على البرء فلا يستحقّ الأجرة إلا بحصوله . </p><p>وسبق تفصيل ذلك في مصطلح : ( إجارة ) . </p><p>وإذا زال الألم وشفي المريض قبل مباشرة الطّبيب كان عذراً تنفسخ به الإجارة . </p><p>يقول ابن عابدين : إذا سكن الضّرس الّذي استؤجر الطّبيب لخلعه ، فهذا عذر تنفسخ به الإجارة ، ولم يخالف في ذلك أحد ، حتّى من لم يعتبر العذر موجبا للفسخ ، فقد نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّ من استأجر رجلاً ليقلع له ضرساً فسكن الوجع ، أو ليكحّل له عينا فبرئت قبل أن يقوم بالعمل ، انفسخ العقد لتعذّر استيفاء المعقود عليه .</p><p>ضمان الطّبيب لما يتلفه :</p><p>7 - يضمن الطّبيب إن جهل قواعد الطّبّ أو كان غير حاذق فيها ، فداوى مريضاً وأتلفه بمداواته ، أو أحدث به عيباً . أو علم قواعد التّطبيب وقصّر في تطبيبه ، فسرى التّلف أو التّعييب . أو علم قواعد التّطبيب ولم يقصّر ولكنّه طبّب المريض بلا إذن منه . كما لو ختن صغيراً بغير إذن وليّه ، أو كبيراً قهراً عنه ، أو وهو نائم ، أو أطعم مريضاً دواء قهراً عنه فنشأ عن ذلك تلف وعيب ، أو طبّب بإذن غير معتبر لكونه من صبيّ ، إذا كان الإذن في قطع يد مثلا ، أو بعضد أو حجامة أو ختان ، فأدّى إلى تلف أو عيب ، فإنّه في ذلك كلّه يضمن ما ترتّب عليه . أمّا إذا أذن له في ذلك ، وكان الإذن معتبرا ، وكان حاذقا ، ولم تجن يده ، ولم يتجاوز ما أذن فيه ، وسرى إليه التّلف فإنّه لا يضمن ، لأنّه فعل فعلا مباحا مأذونا فيه . ولأنّ ما يتلف بالسّراية إن كان بسبب مأذون فيه - دون جهل أو تقصير - فلا ضمان . وعلى هذا فلا ضمان على طبيب وبزّاغ ( جرّاح ) وحجّام وختّان ما دام قد أذن لهم بهذا ولم يقصّروا ، ولم يجاوزوا الموضع المعتاد ، وإلا لزم الضّمان . </p><p>يقول ابن قدامة : إذا فعل الحجّام والختّان والمطبّب ما أمروا به ، لم يضمنوا بشرطين : أحدهما : أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم ، فإذا لم يكونوا كذلك كان فعلا محرّما ، فيضمن سرايته . </p><p>الثّاني : ألا يتجاوز ما ينبغي أن يقطع ، فإن كان حاذقاً وتجاوز ، أو قطع في غير محلّ القطع ، أو في وقت لا يصلح فيه القطع وأشباه هذا ، ضمن فيه كلّه ، لأنّه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال . </p><p>وكذلك الحكم في القاطع في القصاص وقاطع يد السّارق . ثمّ قال : لا نعلم فيه خلافا . </p><p>قال الدّسوقيّ : إذا ختن الخاتن صبيّا ، أو سقى الطّبيب مريضا دواء ، أو قطع له شيئا ، أو كواه فمات من ذلك ، فلا ضمان على واحد منهما لا في ماله ولا على عاقلته ، لأنّه ممّا فيه تغرير ، فكأنّ صاحبه هو الّذي عرّضه لما أصابه . وهذا إذا كان الخاتن أو الطّبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله . فإذا كان أخطأ في فعله - والحال أنّه من أهل المعرفة - فالدّية على عاقلته . </p><p>فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب . وفي كون الدّية على عاقلته أو في ماله قولان : </p><p>الأوّل : لابن القاسم . والثّاني : لمالك . وهو الرّاجح لأنّ فعله عمد، والعاقلة لا تحمل العمد. </p><p>وفي القنية : سئل محمّد نجم الدّين عن صبيّة سقطت من سطح ، فانفتح رأسها ، فقال كثير من الجرّاحين : إن شققتم رأسها تموت . وقال واحد منهم : إن لم تشقّوه اليوم تموت ، وأنا أشقّه وأبرئها ، فشقّه فماتت بعد يوم أو يومين . هل يضمن ؟ فتأمّل مليّا ثمّ قال : لا ، إذا كان الشّقّ بإذن ، وكان الشّقّ معتادا ، ولم يكن فاحشا خارج الرّسم – أي العادة - . قيل له : فلو قال : إن ماتت فأنا ضامن ، هل يضمن ؟ فتأمّل مليّا ، ثمّ قال : لا . فلم يعتبر شرط الضّمان ، لأنّ شرطه على الأمين باطل على ما عليه الفتوى . </p><p>وفي مختصر الطّحاويّ : من استؤجر على عبد يحجمه ، أو على دابّة يبزّغها ، ففعل ذلك فعطبا بفعله ، فلا ضمان عليه ، لأنّ أصل العمل كان مأذونا فيه ، فما تولّد منه لا يكون مضمونا عليه إلّا إذا تعدّى ، فحينئذ يضمن . </p><p>وكذلك إذا كان في يده آكلة ، فاستأجر رجلا ليقطع يده فمات ، فلا ضمان عليه . ومن استؤجر ليقلع ضرسا لمريض ، فأخطأ ، فقلع غير ما أمر بقلعه ضمنه ، لأنّه من جنايته . وإن أخطأ الطّبيب ، بأن سقى المريض دواء لا يوافق مرضه ، أو زلّت يد الخاتن أو القاطع فتجاوز في القطع ، فإن كان من أهل المعرفة ولم يغرّ من نفسه فذلك خطأ - أي تتحمّله عاقلته - إلا أن يكون أقلّ من الثّلث ففي ماله . وإن كان لا يحسن ، أو غرّ من نفسه فيعاقب . ومن أمر ختّانا ليختن صبيّا ، ففعل الختّان ذلك فقطع حشفته ، ومات الصّبيّ من ذلك ، فعلى عاقلة الختّان نصف دية ، لأنّ الموت حصل بفعلين : أحدهما : مأذون فيه ، وهو قطع القلفة . والآخر : غير مأذون فيه ، وهو قطع الحشفة ، فيجب نصف الضّمان . أمّا إذا برئ ، جعل قطع الجلدة - وهو مأذون فيه - كأن لم يكن ، وقطع الحشفة غير مأذون فيه ، فوجب ضمان الحشفة كاملا ، وهو الدّية .</p><p></p><p>تطبيق *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّطبيق في اللّغة : مصدر طبّق ، ومن معانيه : المساواة والتّعميم والتّغطية قال في المصباح : وأصل الطّبق : الشّيء على مقدار الشّيء مطبقا له من جميع جوانبه كالغطاء له ويقال : طبّق السّحاب الجوّ : إذا غشّاه ، وطبّق الماء وجه الأرض : إذا غطّاه ، وطبّق الغيم : عمّ بمطره . وهو في الاصطلاح الفقهيّ : أن يجعل المصلّي بطن إحدى كفّيه على بطن الأخرى ، ويجعلهما بين ركبتيه وفخذيه . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>2 - يرى جمهور الفقهاء كراهة التّطبيق في الرّكوع . واحتجّوا بما روي « عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص أنّه قال : صلّيت إلى جنب أبي ، فطبّقت بين كفّيّ ، ثمّ وضعتهما بين فخذيّ ، فنهاني أبي وقال : كنّا نفعله فنهينا عنه ، وأمرنا أن نضع أيدينا على الرّكب » . ومن المعروف أنّ قول الصّحابيّ : كنّا نفعل ، وأمرنا ونهينا ، محمول على أنّه مرفوع . واستدلّوا أيضا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه : « إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك ، وفرّج بين أصابعك » . </p><p>قال النّوويّ في شرح صحيح مسلم : وذهب عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه وصاحباه علقمة والأسود إلى أنّ السّنّة التّطبيق ، فقد أخرج مسلم عن « علقمة والأسود أنّهما دخلا على عبد اللّه رضي الله عنه فقال : أصلّي من خلفكم ؟ قالا : نعم . فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، ثمّ ركعنا ، فوضعنا أيدينا على ركبنا ، فضرب أيدينا ، ثمّ طبّق بين يديه ، ثمّ جعلهما بين فخذيه ، فلمّا صلّى قال : هكذا فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » . قال العينيّ : وأخذ بذلك إبراهيم النّخعيّ وأبو عبيدة . </p><p>وعلّل النّوويّ فعلهم : بأنّه لم يبلغهم النّاسخ ، وهو حديث مصعب بن سعد المتقدّم .</p><p></p><p>تطفّل *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّطفّل في اللّغة : مصدر تطفّل . يقال : هو متطفّل في الأعراس والولائم أي : هو طفيليّ . قال الأصمعيّ : الطّفيليّ : هو الّذي يدخل على القوم من غير أن يدعوه . </p><p>ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن هذا المعنى . فقد عرّفه في نهاية المحتاج : بدخول الشّخص لمحلّ غيره لتناول طعامه بغير إذنه ولا علم رضاه ، أو ظنّه بقرينة معتبرة. الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الضّيف : </p><p>2 - الضّيف في اللّغة : النّزيل الزّائر . وأصله مصدر ضاف ، ولذا يطلق على الواحد وغيره ، ومن ذلك قوله تعالى { قالَ : إِنَّ هَؤلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُون } وتجوز المطابقة ، فيقال : هذان ضيفان . أمّا ( الضّيفن ) فهو من يجيء مع الضّيف متطفّلا ، فالضّيفن أخصّ من الطّفيليّ ، ويطلق على الدّاخل على القوم في شرابهم بلا دعوة ( الواغل ) . </p><p>وفي اصطلاح الفقهاء : الضّيف : هو من حضر طعام غيره بدعوته ولو عموما ، أو بعلم رضاه وضدّ الضّيف الطّفيليّ . </p><p>ب - الفضوليّ : </p><p>3 - الفضوليّ : من الفضول ، جمع فضل . وقد استعمل الجمع استعمال الفرد فيما لا خير فيه . ولهذا نسب إليه على لفظه ، فقيل فضوليّ : لمن يشتغل بما لا يعنيه .</p><p>وفي الاصطلاح : هو التّصرّف عن الغير بلا إذن ولا ولاية . وأظهر ما يكون في العقود . أمّا التّطفّل فأكثر ما يكون في المادّيّات ، وقد يستعمل في المعنويّات . </p><p> الحكم التّكليفيّ للتّطفّل :</p><p>4 - صرّح المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - وهو المتبادر من أقوال الحنفيّة - أنّ حضور طعام الغير بغير دعوة ، وبغير علم رضاه حرام ، بل يفسّق به إن تكرّر . لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من دعي فلم يجب فقد عصى اللّه ورسوله ، ومن دخل على غير دعوة دخل سارقاً ، وخرج مغيراً » فكأنّه شبّه دخوله على الطّعام الّذي لم يدع إليه بدخول السّارق الّذي يدخل بغير إرادة المالك ، لأنّه اختفى بين الدّاخلين . وشبّه خروجه بخروج من نهب قوماً ، وخرج ظاهرا بعدما أكل . بخلاف الدّخول ، فإنّه دخل مختفيا ، خوفا من أن يمنع ، وبعد الخروج قد قضى حاجته ، فلم يبق له حاجة إلى التّستّر . وصرّح الشّافعيّة أنّ من التّطفّل : أن يدعى عالم أو صوفيّ ، فيحضر جماعته من غير إذن الدّاعي ولا علم رضاه بذلك . ويرى بعض الفقهاء : أنّه إذا عرف من حال المدعوّ أنّه لا يحضر إلا ومعه أحد ممّن يلازمه يعتبر ذلك كالإذن ، والتّفصيل في مصطلح ( دعوة ) .</p><p>شهادة الطّفيليّ :</p><p>5 - اتّفق الفقهاء على أنّ الطّفيليّ - إن تكرّر تطفّله - تردّ شهادته للحديث المذكور ، ولأنّه يأكل محرّما ، ويفعل ما فيه سفه ودناءة وذهاب مروءة . </p><p>قال ابن الصّبّاغ : وإنّما اشترط تكرّر ذلك ، لأنّه قد يكون له شبهة حتّى يمنعه صاحب الطّعام ، وإذا تكرّر صار دناءة وقلّة مروءة .</p><p></p><p>تطفيف *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّطفيف لغة : البخس في الكيل والوزن . ومنه قوله تعالى : { وَيْلٌ لِلمطفِّفين } فالتّطفيف : نقص يخون به صاحبه في كيل أو وزن . </p><p>ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>التّوفية : </p><p>2 - توفية الشّيء : بذله وافياً . فالتّطفيف ضدّ التّوفية . </p><p> الحكم الإجماليّ :</p><p>3 - التّطفيف منهيّ عنه ، وهو ضرب من الخيانة وأكل المال بالباطل ، مع ما فيه من عدم المروءة . ومن ثمّ عظّم اللّه أمر الكيل والوزن ، وأمر بالوفاء فيهما في عدّة آيات ، فقال سبحانه : { أَوْفُوا الكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ ، وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } وقال تعالى : { وَأَوْفُوا الكَيْلَ إذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ } كما توعّد اللّه المطفّفين بالويل ، وهدّدهم بعذاب يوم القيامة فقال : { وَيْلٌ لِلمُطَفِّفِينَ الّذِينَ إذا اكْتَالُوا على النَّاسِ يَسْتَوفُونَ وَإِذَا كَالُوهم أَو وزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولئكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ }. وفي الحديث : « خمس بخمس ، قيل : يا رسول اللّه وما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا الكيل إلا منعوا النّبات وأخذوا بالسّنين ، ولا منعوا الزّكاة إلّا حبس عنهم المطر » . قال نافع : كان ابن عمر يمرّ بالبائع فيقول له : اتّق اللّه ، أوف الكيل والوزن ، فإنّ المطفّفين يوقفون يوم القيامة حتّى يلجمهم العرق . ونقل ابن حجر تصريح العلماء بأنّه من الكبائر ، واستظهره .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41283, member: 329"] الصّور في الكنائس والمعابد غير الإسلاميّة : 69 - الكنائس والمعابد الّتي أقرّت في بلاد الإسلام بالصّلح لا يتعرّض لما فيها من الصّور ما دامت في الدّاخل . ولا يمنع ذلك من دخول المسلم الكنيسة عند الجمهور . وتقدّم ما نقله صاحب المغني أنّ عليّا رضي الله عنه دخل الكنيسة بالمسلمين ، وأخذ يتفرّج على الصّور . وأنّ عمر رضي الله عنه أخذ على أهل الذّمّة أن يوسّعوا أبواب كنائسهم ، ليدخلها المسلمون والمارّة . ولذا قال الحنابلة : للمسلم دخول الكنيسة والبيعة ، والصّلاة فيهما من غير كراهة على الصّحيح من المذهب . وفي قول آخر للحنابلة ، وهو قول الحنفيّة : يكره دخولها لأنّها مأوى الشّياطين . وقال أكثر الشّافعيّة : يحرم على المسلم أن يدخل الكنيسة الّتي فيها صور معلّقة . رابعاً : أحكام الصّور : أ - الصّور وعقود التّعامل : 70 - الصّور الّتي صناعتها حلال - كالصّور المسطّحة مطلقا عند المالكيّة ، والصّور المقطوعة ، ولعب الأطفال ، والصّور من الحلوى ، وما يسرع إليه الفساد ، ونحو ذلك - على التّفصيل والخلاف الّذي تقدّم - يصحّ شراؤها وبيعها والأمر بعملها والإجارة على صنعها . وثمنها حلال والأجرة المأخوذة على صناعتها حلال . وكذلك سائر عقود التّعامل الّتي تجري عليها . ويجوز للوليّ أن يشتري لمحجورته اللّعب من مالها ، لما فيها من مصلحة التّمرين كما تقدّم . أمّا الصّور المحرّمة صناعتها ، فإنّها على القاعدة العامّة في المحرّمات لا تحلّ الإجارة على صنعها ، ولا تحلّ الأجرة ولا الأمر بعملها ، ولا الإعانة على ذلك . قال القليوبيّ : ويسقط المروءة حرفة محرّمة كالمصوّر . وشذّ الماورديّ فجعل للمصوّر أجرة المثل كما في تحفة المحتاج . 71 - وأمّا ما يحرم اقتناؤه واستعماله ، فلا يصحّ شراؤه ولا بيعه ولا هبته ولا إيداعه ولا رهنه ، ولا الإجارة على حفظه ، ولا وقفه ، ولا الوصيّة به كسائر المحرّمات . وقد « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّ اللّه ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام » .ومن أخذ على شيء من ذلك ثمنا أو أجرة فهو كسب خبيث يلزمه التّصدّق به. قال ابن تيميّة : ولا يعاد إلى صاحبه ، لأنّه قد استوفى العوض ، كما نصّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر ، ونصّ عليه أصحاب مالك وغيرهم . 72 - وهذا إن كانت الصّور المحرّمة فيما لا منفعة فيه إلّا ما فيه من الصّورة المحرّمة ، أمّا لو كانت تصلح لمنفعة بعد شيء من التّغيير ، فظاهر كلام بعض الشّافعيّة منعه . وقال الرّمليّ الشّافعيّ : مقتضى كلام الإمام في باب الوصيّة صحّة البيع في هذه الحال ، وينبغي أن لا يكون فيه خلاف . ويؤيّده ما نقله في الرّوضة عن المتولّي - ولم يخالفه - في جواز بيع النّرد إذا صلح لبيادق الشّطرنج ، وإلّا فلا . ومثله ما في الدّرّ وحاشية ابن عابدين : اشترى ثورا أو فرسا من خزف لأجل استئناس الصّبيّ ، لا يصحّ ، ولا قيمة له . وقيل بخلافه يصحّ ويضمن متلفه ، فلو كانت من خشب أو صفر جاز اتّفاقا فيما يظهر ، لإمكان الانتفاع به . وعن أبي يوسف يجوز بيع اللّعبة ، وأن يلعب بها الصّبيان . الضّمان في إتلاف الصّور وآلات التّصوير : 73 - الّذين قالوا بتحريم نوع من الصّور مستعملة على وضع معيّن ، قالوا : ينبغي إخراج الصّورة إلى وضع لا تكون فيه محرّمة . وقد بوّب البخاريّ لنقض الصّور ، لكن لم يذكر فيها حديثا ينصّ على ذلك ، بل ذكر حديثا آخر هو قول عائشة رضي الله عنها « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلّا نقضه » . وفي رواية : « إلّا قضبه » ولعلّه أراد بذلك قياس نقض الصّور المحرّمة على نقض الصّلبان ، لاشتراكهما في أنّهما عبدا من دون اللّه . لكنّه صلى الله عليه وسلم « قال لعائشة رضي الله عنها في شأن السّتر الّذي عليه التّصاوير أخّريه عنّي » وفي رواية « أنّه هتكه » ، أي نزعه من مكانه حتّى لم يعد منصوبا ، وفي حديث جبريل أنّه « أمر بصنع وسادتين من السّتر » وهذا يعني أنّه لا يتلف ما فيه الصّورة إن كان يمكن أن يستعمل على وجه آخر مباح . لكن إن كانت الصّورة المحرّمة لا تزول إلّا بالإتلاف وجب الإتلاف ، وذلك لا يتصوّر إلّا نادرا ، كالتّمثال المجسّم المثبّت في جدار أو نحوه الّذي إذا أزيل من مكانه أو خرق صدره أو بطنه أو قطع رأسه يتلف . وهذا النّوع لا يضمن متلفه ، لأنّ المعصية لا تزول إلا بإتلافه . أمّا من أتلف الصّورة الّتي يمكن الانتفاع بها على وضع غير محرّم ، فينبغي أن يضمن ما أتلفه خاليا عن تلك الصّنعة المحرّمة على الأصل في ضمان المتلفات . وهذا مقتضى مذهب أبي حنيفة ، والأصحّ عند الشّافعيّة ، وظاهر كلام المالكيّة . وقياس مذهب الحنابلة : أنّه يجوز الإتلاف ولا ضمان ، لسقوط حرمة الشّيء بما فيه من المنفعة باستعماله في المحرّم ، وفي رواية : يضمن . القطع في سرقة الصّور : 74 - لا قطع في سرقة الصّور الّتي ليس لمكسورها قيمة ، أو له قيمة لا تبلغ نصابا . أمّا في غير ذلك ، فمذهب الحنفيّة ، وهو القول المرجوح عند الشّافعيّة ، وقول عند الحنابلة عليه المذهب : أنّه لا قطع في سرقة آلة اللّهو ، لأنّ صلاحيّته للّهو صارت شبهة من أنّ السّارق قد يقصد الإنكار ، وأنّ سرقته للشّيء لتأويل الكسر ، فمنع ذلك القطع . فكذا ينبغي أن يقال عندهم في الصّور المحرّمة ، ولو كان مكسورها يبلغ نصاباً . قال صاحب المقنع من الحنابلة : إن سرق آنية فيها الخمر أو صليبا أو صنم ذهب لم يقطع . قال صاحب الإنصاف : هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . أي لأنّ الصّنعة المحرّمة أهدرت بسببها حرمة الشّيء فلم يعد لمكسوره حرمة تستحقّ أن يثبت بسببها القطع . وسواء قصد بالسّرقة الإنكار أم لم يقصده . ومذهب المالكيّة ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة وجوب القطع فيما لو كان المكسور يبلغ نصاباً . وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه لو كان على الدّراهم والدّنانير المسروقة صور فلا يمنع ذلك وجوب القطع ، قال الحنفيّة : لأنّ النّقود إنّما تعدّ للتّموّل فلا يثبت فيها تأويل . لكن في قول عند الحنابلة التّفريق بين أن يقصد إنكارا فلا يقطع ، ويقطع إن لم يقصده . واللّه أعلم . تضبيب * التّعريف : 1 - التّضبيب والضّبّ في اللّغة : تغطية الشّيء وإدخال بعضه في بعض وقيل : هو شدّة القبض على الشّيء ، لئلّا ينفلت من اليد . ويقال : ضبّب الخشب بالحديد أو الصّفر : إذا شدّه به ، وضبّب أسنانه شدّها بذهب أو فضّة أو غيرهما . والضّبّة : حديدة عريضة يضبّب بها الباب ويشعّب بها الإناء عند التّصدّع . والاصطلاح الشّرعيّ للتّضبيب لا يختلف عن المعنى اللّغويّ في شيء . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الجبر : من معانيه أن يغنى الرّجل من فقر ، أو يصلح عظمه من كسر . ب - الوصل : من وصل الثّوب أو الخفّ وصلة . ج - التّشعيب : وهو جمع الشّيء وضمّ بعضه إلى بعض ، أو تفريقه ، فهو من الأضداد . التّطعيم : مصدر طعّم ، وأصله طعّم ، يقال : طعّم الغصن أو الفرع : قبل الوصل بغصن من غير شجره وطعّم كذا بعنصر كذا لتقويته أو تحسينه ، أو اشتقاق نوع آخر منه . وطعّم الخشب بالصّدف ركّبه فيه للزّخرفة والزّينة . وعند الفقهاء هو : أن يحفر في إناء من خشب أو غيره حفراً ، ويضع فيها قطعاً من ذهب أو فضّة ونحوهما على قدر الحفر . فالفرق بين التّضبيب والتّطعيم : أنّ التّضبيب يكون للإصلاح ، أمّا التّطعيم فلا يكون إلّا بالحفر ، وهو للزّينة غالباً . 6 - التّمويه : هو الطّلاء بماء الذّهب أو الفضّة ونحوهما . الحكم التّكليفيّ : 7 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه يجوز التّضبيب واستعمال المضبّب بذهب أو فضّة ، لأنّه تابع للمباح ، وهو باقي الإناء ، فأشبه المضبّب باليسير . ولكنّه مكروه عندهم . ولكن عليه أن يجتنب في النّصل والقبضة واللّجام موضع اليد . وفي الشّرب من الإناء المضبّب يتّقي مسّ الضّبّة بالفم . قال ابن عابدين : المراد بالاتّقاء : الاتّقاء بالعضو الّذي يقصد الاستعمال به ، وفي ذلك خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه . ينظر في المطوّلات . وسيأتي تفصيل أحكام التّضبيب في مصطلحي ( ذهب ، فضّة ، آنية ) . وأمّا المالكيّة : فقد ذهبوا - في الرّاجح عندهم - إلى حرمة ذلك كلّه ، يستوي عندهم : الفضّة والذّهب ، والصّغيرة والكبيرة ، لحاجة أو لغير حاجة . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ تضبيب الإناء بذهب حرام مطلقا ، وتضبيبه بضبّة كبيرة عرفا من الفضّة - لغير حاجة بأن كانت لزينة - حرام كذلك . فإن كانت الضّبّة الفضّيّة صغيرة لحاجة الإناء إلى الإصلاح لم تكره ، لما روى البخاريّ « أنّ قدح النّبيّ صلى الله عليه وسلم انكسر فاتّخذ مكان الشّعب سلسلة من فضّة » . وإن كانت الضّبّة فوق الحاجة - وهي صغيرة ، أو كبيرة لحاجة - كرهت في الأصحّ . وفي ذلك تفصيل أتمّ ينظر في مصطلح ( ذهب - فضّة - آنية ) . تضمير * التّعريف : 1 - التّضمير لغة : من الضّمر بسكون الميم والضّمر ( بضمّها ) بمعنى : الهزال ولحاق البطن . وهو : أن تعلف الخيل حتّى تسمن وتقوى ، ثمّ يقلّل علفها ، فتعلف بقدر القوت ، وتدخل بيتا وتغشى بالجلال حتّى تحمى فتعرق ، فإذا جفّ عرقها ، خفّ لحمها ، وقويت على الجري . ومدّة التّضمير عند العرب أربعون يوما ، وتسمّى هذه المدّة ، وكذلك الموضع الّذي تضمر فيه الخيل مضماراً . الألفاظ ذات الصّلة : أ - السّباق : 2 - السّباق والمسابقة بمعنى . يقال : سابقه مسابقة وسباقا . والسّباق مأخوذ من السّبق بسكون الباء ، بمعنى : التّقدّم في الجري وفي كلّ شيء . وأمّا السّبق بالفتح فمعناه : الجعل الّذي يسابق عليه . والعلاقة بينه وبين التّضمير : أنّ عمليّة التّضمير تتّخذ في بعض الأحيان لأجل إحراز التّقدّم في السّباق . حكمه الإجماليّ ومواطن البحث : 3 - يرى جمهور الفقهاء إباحة تضمير الخيل مطلقاً ، واستحباب تضميرها إذا كانت معدّة للغزو . وورد في هذا الباب أحاديث كثيرة منها : حديث نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : « سابق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين الخيل الّتي قد ضمّرت فأرسلها من الحفياء ، وكان أمدها ثنيّة الوداع . فقلت لموسى بن عقبة : فكم كان بين ذلك ؟ قال ستّة أميال أو سبعة . وسابق بين الخيل الّتي لم تضمّر ، فأرسلها من ثنيّة الوداع ، وكان أمدها مسجد بني زريق . قلت : فكم بين ذلك ؟ قال : ميل أو نحوه . فكان ابن عمر ممّن سابق فيها » . وبهذا الحديث ونحوه يندفع قول من قال : إنّ تضمير الخيل لا يجوز ، لما فيه من مشقّة سوقها . وأمّا اشتراط تضمير الخيل للسّبق ، وجواز السّباق بين الخيل المضمّرة وغير المضمّرة ، والمغايرة بين غاية السّباق للخيل المضمّرة وغيرها ، ففيها خلاف وتفصيل يرجع فيه إلى مصطلح ( سباق ) وإلى مواطنها من كتب الفقه . تطبيب * التّعريف : 1 - للتّطبيب في اللّغة معان ، منها وهو المراد هنا : أنّه المداواة . يقال : طبّب فلان فلاناً : أي داواه . وجاء يستطبّ لوجعه : أي يستوصف الأدوية أيّها يصلح لدائه . والطِّبُّ : علاج الجسم والنّفس ، ورجل طَبُّ وطبيب : عالم بالطّبّ . والطَّبُّ . والطُّبُّ : لغتان في الطِّبّ . وتطبَّب له : سأل له الأطبّاء . والطّبيب في الأصل : الحاذق بالأمور العارف بها ، وبه سمّي الطّبيب الّذي يعالج المرضى ونحوهم . ولا يخرج معناه الاصطلاحيّ عن معناه اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : أ - التّداوي : 2 - التّداوي : تعاطي الدّواء ، ومنه المداواة أي المعالجة : يقال : فلان يُدَاوَى : أي يُعالَج. والفرق بين التّطبيب والتّداوي : أنّ التّطبيب تشخيص الدّاء ومداواة المريض ، والتّداوي تعاطي الدّواء . حكمه التّكليفيّ : 3 - التّطبيب تعلُّماً من فروض الكفاية ، فيجب أن يتوفّر في بلاد المسلمين من يعرف أصول حرفة الطّبّ ، وينظر التّفصيل في مصطلح : ( احتراف ) . أمّا التّطبيب مُزاولةً فالأصل فيه الإباحة . وقد يصير مندوبا إذا اقترن بنيّة التّأسّي بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في توجيهه لتطبيب النّاس ، أو نوى نفع المسلمين لدخوله في مثل قوله تعالى : { وَمَنْ أَحْياها فَكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً } وحديث : « من استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فلْينفعه » . إلا إذا تعيّن شخص لعدم وجود غيره أو تعاقد فتكون مزاولته واجبة . ويدلّ لذلك ما روى « رجل من الأنصار قال : عاد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً به جرح ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ادعوا له طبيب بني فلان . قال : فدعوه فجاء ، فقالوا : يا رسول اللّه ، ويغني الدّواء شيئاً ؟ فقال : سبحان اللّه . وهل أنزل اللّه من داء في الأرض إلا جعل له شفاء » . وعن جابر رضي الله عنه قال : « نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن الرّقى . فجاء آل عمرو بن حزم ، فقالوا : يا رسول اللّه ، إنّه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب ، وإنّك نهيت عن الرّقى . قال : فعرضوها عليه . فقال : ما أرى بها بأساً ، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه » . وقال صلى الله عليه وسلم : « لا بأس بالرّقى ما لم يكن فيها شرك » . ولما ثبت من فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه تداوى ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده « أنّ عروة كان يقول لعائشة رضي الله عنها : يا أمّتاه ، لا أعجب من فهمك . أقول : زوجة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بنت أبي بكر . ولا أعجب من علمك بالشّعر وأيّام النّاس ، أقول : ابنة أبي بكر ، وكان أعلم النّاس أو من أعلم النّاس . ولكن أعجب من علمك بالطّبّ ، كيف هو ؟ ومن أين هو ؟ قال فضربتْ على منكبه وقالت : " أي عُرَيّة ؟ إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره ، أو في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كلّ وجه ، فتنعت له الأنعات ، وكنت أعالجها ، فمن ثمّ » . وفي رواية « أنّ رسول اللّه كثرت أسقامه ، فكان يقدم عليه أطبّاء العرب والعجم ، فيصفون له فنعالجه » . وقال الرّبيع : سمعت الشّافعيّ يقول : العلم علمان : علم الأديان وعلم الأبدان . نظر الطّبيب إلى العورة : 4 - اتّفق الفقهاء على جواز نظر الطّبيب إلى العورة ولمسها للتّداوي . ويكون نظره إلى موضع المرض بقدر الضّرورة . إذ الضّرورات تقدّم بقدرها . فلا يكشف إلا موضع الحاجة ، مع غضّ بصره ما استطاع إلّا عن موضع الدّاء . وينبغي قبل ذلك أن يعلّم امرأة تداوي النّساء ، لأنّ نظر الجنس إلى الجنس أخفّ . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى : أنّه إذا كان الطّبيب أجنبيّاً عن المريضة فلا بدّ من حضور ما يؤمن معه وقوع محظور . لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ألا لا يخلونّ رجل بامرأة إلّا كان ثالثهما الشّيطان » . واشترط الشّافعيّة عدم وجود امرأة تحسن التّطبيب إذا كان المريض امرأة ، ولو كانت المرأة المداوية كافرة ، وعدم وجود رجل يحسن ذلك إذا كان المريض رجلا . كما شرطوا أن لا يكون غير أمين مع وجود أمين ، ولا ذمّيّا مع وجود مسلم ، أو ذمّيّة مع وجود مسلمة . قال البلقينيّ : يقدّم في علاج المرأة مسلمة ، فصبيّ مسلم غير مراهق ، فمراهق ، فكافر غير مراهق ، فمراهق ، فامرأة كافرة ، فمحرم مسلم ، فمحرم كافر ، فأجنبيّ مسلم ، فكافر. واعترض ابن حجر الهيثميّ على تقديم الكافرة على المحرم . وقال : والّذي يتّجه تقديم نحو محرم مطلقا على كافرة ، لنظره ما لا تنظر هي . ونصّ الشّافعيّة كذلك على تقديم الأمهر مطلقا ولو من غير الجنس والدّين على غيره . ونصّوا على أنّه إن وجد من لا يرضى إلّا بأكثر من أجرة المثل فإنّه يكون كالعدم حينئذ حتّى لو وجد كافر يرضى بدونها ومسلم لا يرضى إلّا بها احتمل أنّ المسلم كالعدم . وصرّح المالكيّة بأنّه لا يجوز النّظر إلى فرج المرأة إلّا إذا كان لا يتوصّل إلى معرفة ذلك إلا برؤيته بنفسه . أمّا لو كان الطّبيب يكتفي برؤية النّساء لفرج المريضة فلا يجوز له النّظر إليه . استئجار الطّبيب للعلاج : 5 - اتّفق الفقهاء على جواز استئجار الطّبيب للعلاج ، لأنّه فعل يحتاج إليه ومأذون فيه شرعاً ، فجاز الاستئجار عليه كسائر الأفعال المباحة . غير أنّ الشّافعيّة شرطوا لصحّة هذا العقد أن يكون الطّبيب ماهراً ، بمعنى أن يكون خطؤه نادراً ، ويكفي في ذلك التّجربة عندهم ، وإن لم يكن ماهرا في العلم . واستئجار الطّبيب يقدّر بالمدّة لا بالبرء والعمل ، فإن تمّت المدّة وبرئ المريض أو لم يبرأ فله الأجرة كلّها . وإن برئ قبل تمام المدّة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدّة لتعذّر استيفاء المعقود عليه ، وكذا الحكم لو مات المريض في أثناء المدّة . وقد نصّ الحنابلة على أنّه لا يصحّ اشتراط الدّواء على الطّبيب ، وهو قول عند المالكيّة لما فيه من اجتماع الجعل والبيع . وعند المالكيّة قول آخر بالجواز . والطّبيب يستحقّ الأجرة بتسليمه نفسه مع مضيّ زمن إمكان المداواة ، فإن امتنع المريض من العلاج مع بقاء المرض استحقّ الطّبيب الأجر ، ما دام قد سلّم نفسه ، ومضى زمن المداواة ، لأنّ الإجارة عقد لازم وقد بذل الطّبيب ما عليه . وأمّا إذا سلّم الطّبيب نفسه وقبل مضيّ زمن إمكان المداواة سكن المرض ، فجمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وبعض الشّافعيّة - متّفقون على انفساخ الإجارة حينئذ . 6 - ولا تجوز مشارطة الطّبيب على البرء . ونقل ابن قدامة عن ابن أبي موسى الجواز ، إذ قال : لا بأس بمشارطة الطّبيب على البرء ، لأنّ أبا سعيد الخدريّ رضي الله عنه حين رقى الرّجل شارطه على البرء . وقال ابن قدامة : إنّه الصّحيح إن شاء اللّه ، لكن يكون جعالة لا إجارة ، فإنّ الإجارة لا بدّ فيها من مدّة أو عمل معلوم . وأجاز ذلك المالكيّة أيضا ، ففي الشّرح الصّغير : لو شارطه طبيب على البرء فلا يستحقّ الأجرة إلا بحصوله . وسبق تفصيل ذلك في مصطلح : ( إجارة ) . وإذا زال الألم وشفي المريض قبل مباشرة الطّبيب كان عذراً تنفسخ به الإجارة . يقول ابن عابدين : إذا سكن الضّرس الّذي استؤجر الطّبيب لخلعه ، فهذا عذر تنفسخ به الإجارة ، ولم يخالف في ذلك أحد ، حتّى من لم يعتبر العذر موجبا للفسخ ، فقد نصّ الشّافعيّة والحنابلة على أنّ من استأجر رجلاً ليقلع له ضرساً فسكن الوجع ، أو ليكحّل له عينا فبرئت قبل أن يقوم بالعمل ، انفسخ العقد لتعذّر استيفاء المعقود عليه . ضمان الطّبيب لما يتلفه : 7 - يضمن الطّبيب إن جهل قواعد الطّبّ أو كان غير حاذق فيها ، فداوى مريضاً وأتلفه بمداواته ، أو أحدث به عيباً . أو علم قواعد التّطبيب وقصّر في تطبيبه ، فسرى التّلف أو التّعييب . أو علم قواعد التّطبيب ولم يقصّر ولكنّه طبّب المريض بلا إذن منه . كما لو ختن صغيراً بغير إذن وليّه ، أو كبيراً قهراً عنه ، أو وهو نائم ، أو أطعم مريضاً دواء قهراً عنه فنشأ عن ذلك تلف وعيب ، أو طبّب بإذن غير معتبر لكونه من صبيّ ، إذا كان الإذن في قطع يد مثلا ، أو بعضد أو حجامة أو ختان ، فأدّى إلى تلف أو عيب ، فإنّه في ذلك كلّه يضمن ما ترتّب عليه . أمّا إذا أذن له في ذلك ، وكان الإذن معتبرا ، وكان حاذقا ، ولم تجن يده ، ولم يتجاوز ما أذن فيه ، وسرى إليه التّلف فإنّه لا يضمن ، لأنّه فعل فعلا مباحا مأذونا فيه . ولأنّ ما يتلف بالسّراية إن كان بسبب مأذون فيه - دون جهل أو تقصير - فلا ضمان . وعلى هذا فلا ضمان على طبيب وبزّاغ ( جرّاح ) وحجّام وختّان ما دام قد أذن لهم بهذا ولم يقصّروا ، ولم يجاوزوا الموضع المعتاد ، وإلا لزم الضّمان . يقول ابن قدامة : إذا فعل الحجّام والختّان والمطبّب ما أمروا به ، لم يضمنوا بشرطين : أحدهما : أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم ، فإذا لم يكونوا كذلك كان فعلا محرّما ، فيضمن سرايته . الثّاني : ألا يتجاوز ما ينبغي أن يقطع ، فإن كان حاذقاً وتجاوز ، أو قطع في غير محلّ القطع ، أو في وقت لا يصلح فيه القطع وأشباه هذا ، ضمن فيه كلّه ، لأنّه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال . وكذلك الحكم في القاطع في القصاص وقاطع يد السّارق . ثمّ قال : لا نعلم فيه خلافا . قال الدّسوقيّ : إذا ختن الخاتن صبيّا ، أو سقى الطّبيب مريضا دواء ، أو قطع له شيئا ، أو كواه فمات من ذلك ، فلا ضمان على واحد منهما لا في ماله ولا على عاقلته ، لأنّه ممّا فيه تغرير ، فكأنّ صاحبه هو الّذي عرّضه لما أصابه . وهذا إذا كان الخاتن أو الطّبيب من أهل المعرفة ، ولم يخطئ في فعله . فإذا كان أخطأ في فعله - والحال أنّه من أهل المعرفة - فالدّية على عاقلته . فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب . وفي كون الدّية على عاقلته أو في ماله قولان : الأوّل : لابن القاسم . والثّاني : لمالك . وهو الرّاجح لأنّ فعله عمد، والعاقلة لا تحمل العمد. وفي القنية : سئل محمّد نجم الدّين عن صبيّة سقطت من سطح ، فانفتح رأسها ، فقال كثير من الجرّاحين : إن شققتم رأسها تموت . وقال واحد منهم : إن لم تشقّوه اليوم تموت ، وأنا أشقّه وأبرئها ، فشقّه فماتت بعد يوم أو يومين . هل يضمن ؟ فتأمّل مليّا ثمّ قال : لا ، إذا كان الشّقّ بإذن ، وكان الشّقّ معتادا ، ولم يكن فاحشا خارج الرّسم – أي العادة - . قيل له : فلو قال : إن ماتت فأنا ضامن ، هل يضمن ؟ فتأمّل مليّا ، ثمّ قال : لا . فلم يعتبر شرط الضّمان ، لأنّ شرطه على الأمين باطل على ما عليه الفتوى . وفي مختصر الطّحاويّ : من استؤجر على عبد يحجمه ، أو على دابّة يبزّغها ، ففعل ذلك فعطبا بفعله ، فلا ضمان عليه ، لأنّ أصل العمل كان مأذونا فيه ، فما تولّد منه لا يكون مضمونا عليه إلّا إذا تعدّى ، فحينئذ يضمن . وكذلك إذا كان في يده آكلة ، فاستأجر رجلا ليقطع يده فمات ، فلا ضمان عليه . ومن استؤجر ليقلع ضرسا لمريض ، فأخطأ ، فقلع غير ما أمر بقلعه ضمنه ، لأنّه من جنايته . وإن أخطأ الطّبيب ، بأن سقى المريض دواء لا يوافق مرضه ، أو زلّت يد الخاتن أو القاطع فتجاوز في القطع ، فإن كان من أهل المعرفة ولم يغرّ من نفسه فذلك خطأ - أي تتحمّله عاقلته - إلا أن يكون أقلّ من الثّلث ففي ماله . وإن كان لا يحسن ، أو غرّ من نفسه فيعاقب . ومن أمر ختّانا ليختن صبيّا ، ففعل الختّان ذلك فقطع حشفته ، ومات الصّبيّ من ذلك ، فعلى عاقلة الختّان نصف دية ، لأنّ الموت حصل بفعلين : أحدهما : مأذون فيه ، وهو قطع القلفة . والآخر : غير مأذون فيه ، وهو قطع الحشفة ، فيجب نصف الضّمان . أمّا إذا برئ ، جعل قطع الجلدة - وهو مأذون فيه - كأن لم يكن ، وقطع الحشفة غير مأذون فيه ، فوجب ضمان الحشفة كاملا ، وهو الدّية . تطبيق * التّعريف : 1 - التّطبيق في اللّغة : مصدر طبّق ، ومن معانيه : المساواة والتّعميم والتّغطية قال في المصباح : وأصل الطّبق : الشّيء على مقدار الشّيء مطبقا له من جميع جوانبه كالغطاء له ويقال : طبّق السّحاب الجوّ : إذا غشّاه ، وطبّق الماء وجه الأرض : إذا غطّاه ، وطبّق الغيم : عمّ بمطره . وهو في الاصطلاح الفقهيّ : أن يجعل المصلّي بطن إحدى كفّيه على بطن الأخرى ، ويجعلهما بين ركبتيه وفخذيه . الحكم الإجماليّ : 2 - يرى جمهور الفقهاء كراهة التّطبيق في الرّكوع . واحتجّوا بما روي « عن مصعب بن سعد بن أبي وقّاص أنّه قال : صلّيت إلى جنب أبي ، فطبّقت بين كفّيّ ، ثمّ وضعتهما بين فخذيّ ، فنهاني أبي وقال : كنّا نفعله فنهينا عنه ، وأمرنا أن نضع أيدينا على الرّكب » . ومن المعروف أنّ قول الصّحابيّ : كنّا نفعل ، وأمرنا ونهينا ، محمول على أنّه مرفوع . واستدلّوا أيضا بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه : « إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك ، وفرّج بين أصابعك » . قال النّوويّ في شرح صحيح مسلم : وذهب عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه وصاحباه علقمة والأسود إلى أنّ السّنّة التّطبيق ، فقد أخرج مسلم عن « علقمة والأسود أنّهما دخلا على عبد اللّه رضي الله عنه فقال : أصلّي من خلفكم ؟ قالا : نعم . فقام بينهما وجعل أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، ثمّ ركعنا ، فوضعنا أيدينا على ركبنا ، فضرب أيدينا ، ثمّ طبّق بين يديه ، ثمّ جعلهما بين فخذيه ، فلمّا صلّى قال : هكذا فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم » . قال العينيّ : وأخذ بذلك إبراهيم النّخعيّ وأبو عبيدة . وعلّل النّوويّ فعلهم : بأنّه لم يبلغهم النّاسخ ، وهو حديث مصعب بن سعد المتقدّم . تطفّل * التّعريف : 1 - التّطفّل في اللّغة : مصدر تطفّل . يقال : هو متطفّل في الأعراس والولائم أي : هو طفيليّ . قال الأصمعيّ : الطّفيليّ : هو الّذي يدخل على القوم من غير أن يدعوه . ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا اللّفظ عن هذا المعنى . فقد عرّفه في نهاية المحتاج : بدخول الشّخص لمحلّ غيره لتناول طعامه بغير إذنه ولا علم رضاه ، أو ظنّه بقرينة معتبرة. الألفاظ ذات الصّلة : أ - الضّيف : 2 - الضّيف في اللّغة : النّزيل الزّائر . وأصله مصدر ضاف ، ولذا يطلق على الواحد وغيره ، ومن ذلك قوله تعالى { قالَ : إِنَّ هَؤلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُون } وتجوز المطابقة ، فيقال : هذان ضيفان . أمّا ( الضّيفن ) فهو من يجيء مع الضّيف متطفّلا ، فالضّيفن أخصّ من الطّفيليّ ، ويطلق على الدّاخل على القوم في شرابهم بلا دعوة ( الواغل ) . وفي اصطلاح الفقهاء : الضّيف : هو من حضر طعام غيره بدعوته ولو عموما ، أو بعلم رضاه وضدّ الضّيف الطّفيليّ . ب - الفضوليّ : 3 - الفضوليّ : من الفضول ، جمع فضل . وقد استعمل الجمع استعمال الفرد فيما لا خير فيه . ولهذا نسب إليه على لفظه ، فقيل فضوليّ : لمن يشتغل بما لا يعنيه . وفي الاصطلاح : هو التّصرّف عن الغير بلا إذن ولا ولاية . وأظهر ما يكون في العقود . أمّا التّطفّل فأكثر ما يكون في المادّيّات ، وقد يستعمل في المعنويّات . الحكم التّكليفيّ للتّطفّل : 4 - صرّح المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - وهو المتبادر من أقوال الحنفيّة - أنّ حضور طعام الغير بغير دعوة ، وبغير علم رضاه حرام ، بل يفسّق به إن تكرّر . لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من دعي فلم يجب فقد عصى اللّه ورسوله ، ومن دخل على غير دعوة دخل سارقاً ، وخرج مغيراً » فكأنّه شبّه دخوله على الطّعام الّذي لم يدع إليه بدخول السّارق الّذي يدخل بغير إرادة المالك ، لأنّه اختفى بين الدّاخلين . وشبّه خروجه بخروج من نهب قوماً ، وخرج ظاهرا بعدما أكل . بخلاف الدّخول ، فإنّه دخل مختفيا ، خوفا من أن يمنع ، وبعد الخروج قد قضى حاجته ، فلم يبق له حاجة إلى التّستّر . وصرّح الشّافعيّة أنّ من التّطفّل : أن يدعى عالم أو صوفيّ ، فيحضر جماعته من غير إذن الدّاعي ولا علم رضاه بذلك . ويرى بعض الفقهاء : أنّه إذا عرف من حال المدعوّ أنّه لا يحضر إلا ومعه أحد ممّن يلازمه يعتبر ذلك كالإذن ، والتّفصيل في مصطلح ( دعوة ) . شهادة الطّفيليّ : 5 - اتّفق الفقهاء على أنّ الطّفيليّ - إن تكرّر تطفّله - تردّ شهادته للحديث المذكور ، ولأنّه يأكل محرّما ، ويفعل ما فيه سفه ودناءة وذهاب مروءة . قال ابن الصّبّاغ : وإنّما اشترط تكرّر ذلك ، لأنّه قد يكون له شبهة حتّى يمنعه صاحب الطّعام ، وإذا تكرّر صار دناءة وقلّة مروءة . تطفيف * التّعريف : 1 - التّطفيف لغة : البخس في الكيل والوزن . ومنه قوله تعالى : { وَيْلٌ لِلمطفِّفين } فالتّطفيف : نقص يخون به صاحبه في كيل أو وزن . ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ . الألفاظ ذات الصّلة : التّوفية : 2 - توفية الشّيء : بذله وافياً . فالتّطفيف ضدّ التّوفية . الحكم الإجماليّ : 3 - التّطفيف منهيّ عنه ، وهو ضرب من الخيانة وأكل المال بالباطل ، مع ما فيه من عدم المروءة . ومن ثمّ عظّم اللّه أمر الكيل والوزن ، وأمر بالوفاء فيهما في عدّة آيات ، فقال سبحانه : { أَوْفُوا الكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ ، وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } وقال تعالى : { وَأَوْفُوا الكَيْلَ إذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ } كما توعّد اللّه المطفّفين بالويل ، وهدّدهم بعذاب يوم القيامة فقال : { وَيْلٌ لِلمُطَفِّفِينَ الّذِينَ إذا اكْتَالُوا على النَّاسِ يَسْتَوفُونَ وَإِذَا كَالُوهم أَو وزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلا يَظُنُّ أُولئكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ }. وفي الحديث : « خمس بخمس ، قيل : يا رسول اللّه وما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللّه إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا طفّفوا الكيل إلا منعوا النّبات وأخذوا بالسّنين ، ولا منعوا الزّكاة إلّا حبس عنهم المطر » . قال نافع : كان ابن عمر يمرّ بالبائع فيقول له : اتّق اللّه ، أوف الكيل والوزن ، فإنّ المطفّفين يوقفون يوم القيامة حتّى يلجمهم العرق . ونقل ابن حجر تصريح العلماء بأنّه من الكبائر ، واستظهره . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية