الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41284" data-attributes="member: 329"><p>منع التّطفيف ، وتدابيره :</p><p>4 - ممّا يتأكّد على المحتسب : المنع من التّطفيف والبخس في المكاييل والموازين والصّنجات . فينبغي له أن يحذر الكيّالين والوزّانين ويخوّفهم عقوبة اللّه تعالى ، وينهاهم عن البخس والتّطفيف . ومتى ظهر له من أحد منهم خيانة عزّره على ذلك وأشهره ، حتّى يرتدع به غيره . وإذا وقع في التّطفيف تخاصم جاز أن ينظر فيه المحتسب ، إن لم يكن مع التّخاصم فيه تجاحد وتناكر . فإن أفضى إلى التّجاحد والتّناكر كان القضاة أحقّ بالنّظر فيه من ولاة الحسبة ، لأنّهم بالأحكام أحقّ . وكان التّأديب فيه إلى المحتسب . </p><p>فإن تولّاه الحاكم جاز لاتّصاله بحكمه . </p><p>وقد فصّل الفقهاء القول في التّدابير الّتي تتّخذ للحيلولة دون التّطفيف والبخس في الكيل والوزن ، من قيام المحتسب بتفقّد عيار الصّنج ونحوها على حين غفلة من أصحابها ، وتجديد النّظر في المكاييل ورعاية ما يطفّفون به المكيال وما إلى ذلك ، فليرجع إليه في مواطنه من كتب الحسبة ، وفي مصطلحي ( حسبة ، وغشّ ) .</p><p></p><p>تطهّر *</p><p>انظر : طهارة .</p><p>تطهير * </p><p>انظر : طهارة .</p><p></p><p>تطوّع *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّطوّع : هو التّبرّع ، يقال : تطوّع بالشّيء : تبرّع به . </p><p>وقال الرّاغب : التّطوّع في الأصل : تكلّف الطّاعة ، وهو في التّعارف : التّبرّع بما لا يلزم كالتّنفّل . قال تعالى : { فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيرَاً فَهُوَ خَيْرٌ لَه } . </p><p>والفقهاء عندما أرادوا أن يعرّفوا التّطوّع ، عدلوا عن تعريف المصدر إلى تعريف ما هو حاصل بالمصدر ، فذكروا له في الاصطلاح ثلاثة معان : </p><p>الأوّل : أنّه اسم لما شرع زيادة على الفرائض والواجبات ، أو ما كان مخصوصا بطاعة غير واجبة ، أو هو الفعل المطلوب طلبا غير جازم . وكلّها معان متقاربة . </p><p>وهذا ما ذكره بعض فقهاء الحنفيّة ، وهو مذهب الحنابلة ، والمشهور عند الشّافعيّة . </p><p>وهو رأي الأصوليّين من غير الحنفيّة ، وهو ما يفهم من عبارات فقهاء المالكيّة . </p><p>والتّطوّع بهذا المعنى يطلق على : السّنّة والمندوب والمستحبّ والنّفل والمرغّب فيه والقربة والإحسان والحسن ، فهي ألفاظ مترادفة . </p><p>الثّاني : أنّ التّطوّع هو ما عدا الفرائض والواجبات والسّنن ، وهو اتّجاه الأصوليّين من الحنفيّة ، ففي كشف الأسرار : السّنّة هي الطّريقة المسلوكة في الدّين من غير افتراض ولا وجوب ، وأمّا حدّ النّفل - وهو المسمّى بالمندوب والمستحبّ والتّطوّع - فقيل : ما فعله خير من تركه في الشّرع . . . إلخ . </p><p>الثّالث : التّطوّع : هو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه ، بل ينشئه الإنسان ابتداء ، وهو اتّجاه بعض المالكيّة والقاضي حسين وغيره من الشّافعيّة . </p><p>هذه هي الاتّجاهات في معنى التّطوّع وما يرادفه . غير أنّ المتتبّع لما ذكره الأصوليّون من غير الحنفيّة ، وما ذكره الفقهاء في كتبهم - بما في ذلك الحنفيّة - يجد أنّهم يتوسّعون بإطلاق التّطوّع على ما عدا الفرائض والواجبات ، وبذلك يكون التّطوّع والسّنّة والنّفل والمندوب والمستحبّ والمرغّب فيه ألفاظا مترادفة ، ولذلك قال السّبكيّ : إنّ الخلاف لفظيّ . غاية الأمر أنّ ما يدخل في دائرة التّطوّع بعضه أعلى من بعض في الرّتبة ، فأعلاه هو السّنّة المؤكّدة ، كالعيدين ، والوتر عند الجمهور ، وكركعتي الفجر عند الحنفيّة . ويلي ذلك المندوب أو المستحبّ كتحيّة المسجد ، ويلي ذلك ما ينشئه الإنسان ابتداء ، لكنّ كلّ ذلك يسمّى تطوّعا . والأصل في ذلك « قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم للرّجل - الّذي سأل بعدما عرف فرائض الصّلاة والصّيام والزّكاة : هل عليّ غيرها ؟ فقال له : لا ، إلا أن تطوّع » . أنواع التّطوّع :</p><p>2 - من التّطوّع ما يكون له نظير من العبادات ، من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وجهاد ، وهذا هو الأصل ، وهو المتبادر حين يذكر لفظ التّطوّع . والتّطوّع في العبادات يختلف في جنسه باعتبارات ، فهو يختلف من حيث الرّتبة ، إذ منه ما هو مؤكّد كالرّواتب مع الفرائض ، ومنه ما هو أقلّ رتبة كتحيّة المسجد ، ومنه ما هو أقلّ كالنّوافل المطلقة ليلاً أو نهاراً . ومن ذلك في الصّوم : صيام يومي عاشوراء وعرفة ، فهما أعلى رتبة من الصّيام في غيرهما ، والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيرها . </p><p>كما أنّ التّطوّع في العبادات يختلف في جنسه كذلك من حيث الإطلاق والتّقييد ، فمنه ما هو مقيّد ، سواء أكان التّقييد بوقت أو بسبب ، كالضّحى وتحيّة المسجد والرّواتب مع الفروض . ومنه ما هو مطلق كالنّفل المطلق باللّيل أو بالنّهار . </p><p>ويختلف كذلك من حيث العدد كالرّواتب من الفروض ، إذ هي عند الجمهور عشر ، وعند الحنفيّة اثنتا عشرة ركعة : اثنتان قبل الصّبح ، واثنتان قبل الظّهر ( وعند الحنفيّة أربع ) واثنتان بعده ، واثنتان بعد المغرب ، واثنتان بعد العشاء . </p><p>والتّطوّع في النّهار واللّيل مثنى مثنى عند الجمهور ، وعند الحنفيّة الأفضل أربع بتسليمة واحدة . ومثل ذلك تطوّع اللّيل عند أبي حنيفة خلافا للصّاحبين ، وبهذا يفتى . </p><p>وفي كلّ ما سبق تفصيل كثير ينظر في مصطلح ( السّنن الرّواتب ، ونفل ) وفيما له أبواب من ذلك مثل : عيد - كسوف - استسقاء . . . إلخ . </p><p>ومن التّطوّع ما يكون في غير العبادات كطلب علم غير مفروض . </p><p>وكذلك من أنواع البرّ والمعروف ، كالتّطوّع بالإنفاق على قريب لم تجب عليه نفقته ، أو على أجنبيّ محتاج ، أو قضاء الدّين عنه ، أو إبراء المعسر ، أو العفو عن القصاص ، أو الإرفاق المعروف بجعل الغير يحصل على منافع العقار ، أو إسقاط الحقوق . . . وهكذا . </p><p>ومنه ما يعرف بعقود التّبرّعات ، كالقرض والوصيّة والوقف والإعارة والهبة ، إذ أنّها قربات شرعت للتّعاون بين النّاس . </p><p>3 - ومن التّطوّع ما هو عينيّ مطلوب ندبا من كلّ فرد ، كالتّطوّع بالعبادات غير المفروضة من صلاة وصيام . . . ومنه ما هو على الكفاية كالأذان وغيره . </p><p>قال النّوويّ وغيره : ابتداء السّلام سنّة مستحبّة ليس بواجب ، وهو سنّة على الكفاية ، فإن كان المسلّم جماعة كفى عنهم تسليم واحد منهم . وتشميت العاطس سنّة على الكفاية . </p><p>حكمة مشروعيّة التّطوّع :</p><p>4 - التّطوّع يقرّب العبد من ربّه ويزيده ثوابا ، وفي الحديث القدسيّ : « وما يزال عبدي يتقرّبُ إليّ بالنّوافلِ حتّى أحبَّه . . . » الحديث . </p><p>والحكمة من مشروعيّة التّطوّع هي :</p><p>أ - اكتساب رضوان اللّه تعالى :</p><p>وكذلك نيل ثوابه ومضاعفة الحسنات ، وقد ورد في ثواب التّطوّع بالعبادة أحاديث كثيرة منها : قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم واللّيلة بنى اللّه له بيتاً في الجنّة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « ركعتا الفجر خير من الدّنيا وما فيها » وغير ذلك كثير في شأن الصّلاة . </p><p>وفي صوم يوم عاشوراء يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّي لأحتسب على اللّه أن يكفّر السّنة الّتي قبله » والمراد الصّغائر . حكاه في شرح مسلم عن العلماء ، فإن لم تكن الصّغائر رجي التّخفيف من الكبائر ، فإن لم تكن رفعت الدّرجات ، وقال صلى الله عليه وسلم : « من صام رمضان ، ثمّ أتبعه ستّاً من شوّال كان كصيام الدّهر » . </p><p>وقال الزّهريّ : في الاعتكاف تفريغ القلب عن أمور الدّنيا ، وتسليم النّفس إلى بارئها ، والتّحصّن بحصن حصين ، وملازمة بيت اللّه تعالى . وقال عطاء : مثل المعتكف كمثل رجل له حاجة إلى عظيم يجلس على بابه ، ويقول : لا أبرح حتّى تقضى حاجتي . </p><p>ومثل ذلك في غير العبادات . يقول اللّه تعالى : { مَنْ ذَا الَّذيْ يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضَاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَه أَضْعَافَاً كَثِيرَةً } ، ويقول ابن عابدين : من محاسن العاريّة أنّها نيابة عن اللّه تعالى في إجابة المضطرّ ، لأنّها لا تكون إلّا لمحتاج كالقرض ، فلذا كانت الصّدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر . </p><p>ب - الأنس بالعبادة والتّهيّؤ لها :</p><p>5 - قال ابن دقيق العيد : في تقديم النّوافل على الفرائض معنى لطيف مناسب ، لأنّ النّفوس لانشغالها بأسباب الدّنيا تكون بعيدة عن حالة الخشوع والخضوع والحضور ، الّتي هي روح العبادة ، فإذا قدّمت النّوافل على الفرائض أنست النّفوس بالعبادة ، وتكيّفت بحالة تقرّب من الخشوع . </p><p>ج - جبران الفرائض :</p><p>6 - قال ابن دقيق العيد : النّوافل الّتي بعد الفرائض هي لجبر النّقص الّذي قد يقع في الفرائض ، فإذا وقع نقص في الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الّذي قد يقع فيه . وفي الحديث : « فإن انتقص من فريضته شيء ، قال الرّبّ عزّ وجلّ : انظروا هل لعبدي من تطوّع ؟ فيكمل به ما انتقص من الفريضة » . </p><p>قال المناويّ في شرحه الكبير على الجامع عند قوله صلى الله عليه وسلم : « أوّل ما افترض اللّه على أمّتي الصّلاة ...» واعلم أنّ الحقّ سبحانه وتعالى لم يوجب شيئا من الفرائض غالبا إلا وجعل له من جنسه نافلة ، حتّى إذا قام العبد بذلك الواجب - وفيه خلل ما - يجبر بالنّافلة الّتي هي من جنسه ، فلذا أمر بالنّظر في فريضة العبد ، فإذا قام بها كما أمر اللّه جوزي عليها ، وأثبتت له ، وإن كان فيها خلل كمّلت من نافلته حتّى قال البعض : إنّما تثبت لك نافلة إذا سلمت لك الفريضة . ولذلك يقول القرطبيّ في شرح مسلم : من ترك التّطوّعات ولم يعمل بشيء منها فقد فوّت على نفسه ربحا عظيما وثوابا جسيما . </p><p>د - التّعاون بين النّاس وتوثيق الرّوابط بينهم واستجلاب محبّتهم :</p><p>7 - التّطوّع بأنواع البرّ والمعروف ينشر التّعاون بين النّاس ، ولذلك دعا اللّه إليه في قوله : { وَتَعَاوَنُوا على البِرِّ وَالتَّقْوَى } ، ويقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « واللّه في عَوْنِ العبد ما دام العبد في عون أخيه » وفي فتح الباري عند قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : </p><p>« اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا » . يقول ابن حجر : في الحديث الحضّ على الخير بالفعل ، وبالتّسبّب إليه بكلّ وجه ، والشّفاعة إلى الكبير في كشف كربة ومعونة ضعيف ، إذ ليس كلّ أحد يقدر على الوصول إلى الرّئيس . كذلك يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « تَهَادُوا تحابُّوا » .</p><p>أفضل التّطوّع :</p><p>8 - اختلف الفقهاء في أفضل التّطوّع ، فقيل : أفضل عبادات البدن الصّلاة . </p><p>ففرضها أفضل من فرض غيرها ، وتطوّعها أفضل من تطوّع غيرها ، لأنّها أعظم القربات ، لجمعها أنواعاً من العبادات لا تجمع في غيرها . </p><p>قال بهذا المالكيّة ، وهو المذهب عند الشّافعيّة ، ولهم قول آخر بتفضيل الصّيام . </p><p>قال صاحب المجموع : وليس المراد بقولهم : الصّلاة أفضل من الصّوم : أنّ صلاة ركعتين أفضل من صيام أيّام أو يوم ، فإنّ الصّوم أفضل من ركعتين بلا شكّ ، وإنّما معناه أنّ من لم يمكنه الجمع بين الاستكثار من الصّلاة والصّوم ، وأراد أن يستكثر من أحدهما ، أو يكون غالبا عليه ، منسوبا إلى الإكثار منه ، ويقتصر من الآخر على المتأكّد منه ، فهذا محلّ الخلاف والتّفصيل . والصّحيح تفضيل الصّلاة . </p><p>ويقول الحنابلة : إنّ أفضل تطوّعات البدن الجهاد لقوله تعالى : { فَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهمْ على القَاعِدينَ دَرَجَةً } ثمّ النّفقة فيه لقوله تعالى : { مَثَلُ الّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ } الآية . </p><p>ثمّ تعلّم العلم وتعليمه ، لحديث : « فضل العاِلمِ على العابِدِ كفضلي على أدناكم » . </p><p>ثمّ الصّلاة أفضل بعد ذلك ، للإخبار بأنّها أحبّ الأعمال إلى اللّه ، ومداومته صلى الله عليه وسلم على نفلها . ونصّ الإمام أحمد على أنّ الطّواف لغريب أفضل منها ، أي من الصّلاة بالمسجد الحرام ، لأنّه خاصّ به يفوت بمفارقته بخلاف الصّلاة ، فالاشتغال بمفضول يختصّ بقعة أو زمنا أفضل من فاضل لا يختصّ ، واختار عزّ الدّين بن عبد السّلام تبعاً للغزاليّ في الإحياء : أنّ أفضل الطّاعات على قدر المصالح النّاشئة عنها . </p><p>9 - ويتفاوت ما يتعدّى نفعه في الفضل ، فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق أجنبيّ ، لأنّها صدقة وصلة ونحو ذلك . </p><p>وفي المنثور في القواعد للزّركشيّ : لو ملك عقاراً ، وأراد الخروج عنه ، فهل الأولى الصّدقة به حالا ، أم وقفه ؟ قال ابن عبد السّلام : إن كان ذلك في وقت شدّة وحاجة فتعجيل الصّدقة أفضل ، وإن لم يكن كذلك ففيه وقفة ، ولعلّ الوقف أولى ، لكثرة جدواه . وأطلق ابن الرّفعة تقديم صدقة التّطوّع به ، لما فيه من قطع حظّ النّفس في الحال بخلاف الوقف . وفي المنثور أيضاً : مراتب القرب تتفاوت ، فالقربة في الهبة أتمّ منها في القرض ، وفي الوقف أتمّ منها في الهبة ، لأنّ نفعه دائم يتكرّر ، والصّدقة أتمّ من الكلّ ، لأنّ قطع حظّه من المتصدّق به في الحال . وقيل : إنّ القرض أفضل من الصّدقة . </p><p>لأنّ « رسول اللّه رأى ليلة أسري به مكتوباً على باب الجنّة : درهم القرض بثمانية عشر ، ودرهم الصّدقة بعشر ، فسأل جبريل : ما بال القرض أفضل من الصّدقة : فقال : لأنّ السّائل يسأل وعنده ، والمقترض لا يقترض إلا من حاجة » . </p><p>وتكسّب ما زاد على قدر الكفاية - لمواساة الفقير أو مجازاة القريب - أفضل من التّخلّي لنفل العبادة ، لأنّ منفعة النّفل تخصّه ، ومنفعة الكسب له ولغيره ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : « خير النّاس أنفعهم للنّاس » </p><p>وعن عمر بن الخطّاب قال :" إنّ الأعمال تتباهى ، فتقول الصّدقة : أنا أفضلكم ". </p><p>وفي الأشباه لابن نجيم : بناء الرّباط بحيث ينتفع به المسلمون ، أفضل من الحجّة الثّانية . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>10 - الأصل في التّطوّع أنّه مندوب . سواء أكان ذلك في العبادات من صلاة وصيام . . . أم كان في غيرها من أنواع البرّ والمعروف ، كالإعارة والوقف والوصيّة وأنواع الإرفاق . والدّليل على ذلك من الكتاب آيات منها : قوله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى } ، وقوله تعالى : { مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضَاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافَاً كَثِيرَةً } . </p><p>ومن السّنّة قوله صلى الله عليه وسلم : « من صلّى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُنِيَ له بهنّ بيت في الجنّة » </p><p>قوله : « من صام رمضان ثمّ أتبعه ستّاً من شوّال كان كصيام الدّهر » وقوله : « اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة » وقوله : « لا يمنع أحدُكم جارَه أن يَغْرِزَ خشبه في جداره » . </p><p>وقد يعرض له الوجوب ، كبذل الطّعام للمضطرّ ، وكإعارة ما يستغنى عنه لمن يخشى هلاكه بعدمها ، وكإعارة الحبل لإنقاذ غريق . </p><p>وقد يكون حراماً ، كالعبادة الّتي تقع في الأوقات المحرّمة كالصّلاة وقت طلوع الشّمس أو غروبها ، وكصيام يومي العيد ، وأيّام التّشريق ، وكتصدّق المدين مع حلول دينه والمطالبة به ، وعدم وجود ما يسدّد به دينه . </p><p>وقد يكون مكروهاً ، كوقوع الصّلاة في الأوقات المكروهة ، كما أنّه يكره ترك التّسوية في العطيّة لأولاده .</p><p>أهليّة التّطوّع :</p><p>11 - التّطوّع يكون في العبادات وغيرها ، </p><p>أمّا العبادات فإنّه يشترط في المتطوّع بها ما يلي : </p><p>أ - أن يكون مسلما ، فلا يصحّ التّطوّع بالعبادات من الكافر ، لأنّه ليس من أهل العبادة . </p><p>ب - أن يكون عاقلا ، فلا تصحّ العبادة من المجنون ، لعدم صحّة نيّته . وهذا في غير الحجّ ، لأنّه في الحجّ يحرم عنه وليّه ، وكذلك يحرم الوليّ عن الصّبيّ غير المميّز . </p><p>ج - التّمييز ، فلا يصحّ التّطوّع من غير المميّز ، ولا يشترط البلوغ ، لأنّ تطوّع الصّبيّ بالعبادات صحيح . </p><p>وأمّا بالنّسبة لغير العبادات : فإنّ الشّرط هو أهليّة التّبرّع من عقل وبلوغ ورشد ، فلا يصحّ تبرّع محجور عليه لصغر أو سفه أو دين أو غير ذلك . وتفصيل هذا ينظر في ( أهليّة ) .</p><p>أحكام التّطوّع :</p><p>12 - أحكام التّطوّع منها ما يخصّ العبادات ، ومنها ما يشمل العبادات وغيرها ، ومنها ما يخصّ غير العبادات ، وبيان ذلك فيما يأتي : </p><p> أوّلاً ما يخصّ العبادات :</p><p>أ - ما تسنّ له الجماعة من صلاة التّطوّع :</p><p>13 - تسنّ الجماعة لصلاة الكسوف باتّفاق بين المذاهب ، وتسنّ للتّراويح عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . وهي مندوبة عند المالكيّة ، إذ الأفضل الانفراد بها - بعيدا عن الرّياء - إن لم تعطّل المساجد عن فعلها فيها . وتسنّ الجماعة كذلك لصلاة الاستسقاء عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، أمّا عند الحنفيّة فتصلّى جماعة وفرادى عند محمّد ، ولا تصلّى إلّا فرادى عند أبي حنيفة . وتسنّ الجماعة لصلاة العيدين عند المالكيّة والشّافعيّة . أمّا عند الحنفيّة والحنابلة فالجماعة فيها واجبة . ويسنّ الوتر جماعة عند الحنابلة .</p><p>وبقيّة التّطوّعات تجوز جماعة وفرادى عند الشّافعيّة والحنابلة ، وتكره جماعة عند الحنفيّة إذا كانت على سبيل التّداعي ، وعند المالكيّة الجماعة في الشّفع والوتر سنّة والفجر خلاف الأولى . أمّا غير ذلك فيجوز فعله جماعة ، إلا أن تكثر الجماعة أو يشتهر المكان فتكره الجماعة حذر الرّياء . والتّفصيل ينظر في ( صلاة الجماعة - نفل ) .</p><p>مكان صلاة التّطوّع :</p><p>14 - صلاة التّطوّع في البيوت أفضل ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « صلّوا أيّها النّاس في بيوتكم ، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة » ويستثنى من ذلك ما شرعت له الجماعة ، ففعله في المسجد أفضل ، ويستثنى كذلك عند المالكيّة صلاة الرّواتب مع الفرائض ، فيندب فعلها في المسجد ، كما أنّ تحيّة المسجد تصلّى في المسجد . ويستحبّ للمصلّي عند الجمهور أن يتنفّل في غير المكان الّذي صلّى فيه المكتوبة . </p><p>وقال الكاسانيّ من الحنفيّة : يكره للإمام أن يصلّي شيئا من السّنن في المكان الّذي صلّى فيه المكتوبة ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « أيعجز أحدُكم إذا صلّى أن يتقدّمَ أو يتأخّر » ، ولا يكره ذلك للمأموم ، لأنّ الكراهة في حقّ الإمام للاشتباه ، وهذا لا يوجد في حقّ المأموم ، لكن يستحبّ له أن يتنحّى أيضاً ، حتّى تنكسر الصّفوف ، ويزول الاشتباه على الدّاخل من كلّ وجه .</p><p>وقال ابن قدامة : قال أحمد : لا يتطوّع الإمام في مكانه الّذي صلّى فيه المكتوبة . كذا قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه . قال أحمد : ومن صلّى وراء الإمام فلا بأس أن يتطوّع مكانه ، فعل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما . وبهذا قال إسحاق ، وروى أبو بكر حديث عليّ بإسناده . وبإسناده عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يتطوّع الإمام في مقامه الّذي يصلّي فيه المكتوبة » .</p><p>صلاة التّطوّع على الدّابّة :</p><p>15 - يجوز باتّفاق المذاهب صلاة التّطوّع على الدّابّة في السّفر . </p><p>قال ابن قدامة : لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة التّطوّع على الرّاحلة في السّفر الطّويل قال التّرمذيّ : هذا عند عامّة أهل العلم ، </p><p>وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه جائز لكلّ من سافر سفراً يقصر فيه الصّلاة أن يتطوّع على دابّته حيثما توجّهت ، يومئ بالرّكوع والسّجود ، ويجعل السّجود أخفض من الرّكوع . </p><p>ويجوز عند الحنابلة التّطوّع على الرّاحلة في السّفر القصير أيضا ، لقوله تعالى : { وَلِلّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ } ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في التّطوّع خاصّة حيث توجّه به بعيرك . </p><p>وهذا يتناول بإطلاقه محلّ النّزاع ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره » ، وفي رواية : « كان يسبّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه ، يومئ برأسه » وكان ابن عمر يفعله . وللبخاريّ : « إلا الفرائض » ولمسلم وأبي داود : « غير أنّه لا يصلّي عليها المكتوبة » ولم يفرّق بين قصير السّفر وطويله ، ولأنّ إباحة الصّلاة على الرّاحلة تخفيف في التّطوّع ، كي لا يؤدّي إلى قطعها وتقليلها . </p><p>والوتر واجب عند الحنفيّة ، ولهذا لا يؤدّى على الرّاحلة عند القدرة على النّزول . كذلك روى الحسن عن أبي حنيفة أنّ من صلّى ركعتي الفجر على الدّابّة من غير عذر وهو يقدر على النّزول لا يجوز ، لاختصاص ركعتي الفجر بزيادة توكيد وترغيب بتحصيلها وترهيب وتحذير على تركها ، فالتحقت بالواجبات كالوتر . وينظر تفصيل ذلك في : ( نفل - نافلة ). </p><p>صلاة التّطوّع قاعداً :</p><p>16 - تجوز صلاة التّطوّع من قعود باتّفاق بين المذاهب . </p><p>قال ابن قدامة : لا نعلم خلافاً في إباحة التّطوّع جالساً ، وأنّه في القيام أفضل ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من صلّى قائما فهو أفضل ، ومن صلّى قاعدا فله نصف أجر القائم » ولأنّ كثيراً من النّاس يشقّ عليه القيام ، فلو وجب في التّطوّع لترك أكثره ، فسامح الشّارع في ترك القيام فيه ترغيبا في تكثيره .</p><p>الفصل بين الصّلاة المفروضة وصلاة التّطوّع :</p><p>17 - يستحبّ أن يفصل المصلّي بين الصّلاة المفروضة وصلاة التّطوّع بعدها بالأذكار الواردة ، كالتّسبيح والتّحميد والتّكبير ، وهذا عند الجمهور . وعند الحنفيّة يكره الفصل بين المكتوبة والسّنّة ، بل يشتغل بالسّنّة . وللتّفصيل : ( ر : نفل ) .</p><p>قضاء التّطوّع :</p><p>18 - إذا فات التّطوّع - سواء المطلق ، أو المقيّد بسبب أو وقت - فعند الحنفيّة والمالكيّة لا يقضى سوى ركعتي الفجر ، لما روت أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : « صلّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم العصر ثمّ دخل بيتي فصلّى ركعتين ، فقلت : يا رسول اللّه ، صلّيتَ صلاة لم تكن تصلّيها فقال : قدم عليَّ مالٌ فشغلني عن الرّكعتين كنت أركعهما بعد الظّهر ، فصلّيتهما الآن . فقلت : يا رسول اللّه أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا » . </p><p>وهذا نصّ على أنّ القضاء غير واجب على الأمّة ، وإنّما هو شيء اختصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا شركة لنا في خصائصه . وقياس هذا الحديث أنّه لا يجب قضاء ركعتي الفجر أصلا ، إلا أنّا استحسنّا القضاء إذا فاتتا مع الفرض ، لأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعلهما مع الفرض ليلة التّعريس » فنحن نفعل ذلك لنكون على طريقته . </p><p>وهذا بخلاف الوتر ، لأنّه واجب عند الحنفيّة ، والواجب ملحق بالفرض في حقّ العمل . </p><p>وقال النّوويّ من الشّافعيّة : لو فات النّفل المؤقّت " كصلاة العيد والضّحى " ندب قضاؤه في الأظهر ، لحديث الصّحيحين : « من نسي صلاةً أو نام عنها فكفّارتُها أن يصلّيها إذا ذكرها » ولأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر لمّا نام في الوادي عن صلاة الصّبح إلى أن طلعت الشّمس » . وفي مسلم نحوه . </p><p>« وقضى ركعتي سنّة الظّهر المتأخّرة بعد العصر » ، ولأنّها صلاة مؤقّتة فقضيت كالفرائض ، وسواء السّفر والحضر ، كما صرّح به ابن المقري . </p><p>والثّاني : لا يقضى كغير المؤقّت . </p><p>والثّالث : إن لم يتبع غيره كالضّحى قضي ، لشبهه بالفرض في الاستقلال ، وإن تبع غيره كالرّواتب فلا . قال الخطيب الشّربينيّ في شرح المنهاج : قضيّة كلامه - أي النّوويّ - أنّ المؤقّت يقضي أبدا وهو الأظهر ، والثّاني : يقضي فائتة النّهار ما لم تضرب شمسه ، وفائتة اللّيل ما لم يطلع فجره . والثّالث : يقضي ما لم يصلّ الفرض الّذي بعده . </p><p>وخرج بالمؤقّت ما له سبب كالتّحيّة والكسوف فإنّه لا مدخل للقضاء فيه . </p><p>نعم لو فاته وِرْدُه من الصّلاة ، فإنّه يندب له قضاؤه كما قاله الأذرعيّ . </p><p>وعند الحنابلة ، قال الإمام أحمد : لم يبلغنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى شيئاً من التّطوّع ، إلا ركعتي الفجر والرّكعتين بعد العصر . </p><p>وقال القاضي وبعض الأصحاب : لا يقضى إلا ركعتا الفجر وركعتا الظّهر . </p><p>وقال ابن حامد : تقضى جميع السّنن الرّواتب ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى بعضها ، وقسنا الباقي عليها . وفي شرح منتهى الإرادات : يسنّ قضاء الرّواتب ، إلا ما فات مع فرضه وكثر ، فالأولى تركه ، إلا سنّة الفجر فيقضيها مطلقاً لتأكّدها .</p><p>انقلاب الواجب تطوّعاً :</p><p>19 - قد ينقلب واجب العبادات إلى تطوّع ، سواء أكان بقصد أم بغير قصد . </p><p>ومن ذلك مثلاً في الصّلاة يقول ابن نجيم : لو افتتح الصّلاة بنيّة الفرض ، ثمّ غيّر نيّته في الصّلاة وجعلها تطوّعا ، صارت تطوّعاً . </p><p>وفي شرح منتهى الإرادات : إن أحرم مصلٍّ بفرض ، كظهر في وقته المتّسع له ولغيره ، ثمّ قلبه نفلا ، بأن فسخ نيّة الفرضيّة دون نيّة الصّلاة ، صحّت مطلقا ، أي سواء كان صلّى الأكثر منها أو الأقلّ ، وسواء كان لغرض صحيح أو لا ، لأنّ النّفل يدخل في نيّة الفرض ، وكره قلبه نفلا لغير غرض صحيح . ثمّ قال : وينقلب نفلا ما بان عدمه ، كما لو أحرم بفائتة ظنّها عليه ، فتبيّن أنّه لم تكن عليه فائتة ، أو أحرم بفرض ثمّ تبيّن له أنّه لم يدخل وقته ، لأنّ الفرض لم يصحّ ، ولم يوجد ما يبطل النّفل . </p><p>ومن ذلك الصّيام . جاء في شرح منتهى الإرادات : من قطع نيّة صوم نذر أو كفّارة أو قضاء ، ثمّ نوى صوماً نفلا صحّ نفله ، وإن قلب صائم نيّة نذر أو قضاء إلى نفل صحّ ، كقلب فرض الصّلاة نفلاً . </p><p>وخالف الحجّاويّ في " الإقناع " في مسألة قلب القضاء ، وكره له ذلك لغير غرض . </p><p>ومن ذلك الزّكاة . جاء في بدائع الصّنائع : إذا دفع الزّكاة إلى رجل ، ولم يخطر بباله أنّه ليس ممّن تصرف الزّكاة إليهم وقت الدّفع ، ولم يشكّ في أمره ، فإذا ظهر بيقين أنّه ليس من مصارفها لم تجزئه زكاة ، ويجب عليه الإعادة ، وليس له أن يستردّ ما دفع إليه ، ويقع تطوّعا . ثمّ قال الكاسانيّ في موضع آخر : حكم المعجّل إذا لم يقع زكاة : أنّه إن وصل إلى يد الفقير يكون تطوّعاً ، سواء وصل إلى يده من يد ربّ المال أو من يد الإمام أو نائبه - وهو السّاعي - لأنّه حصل أصل القربة . </p><p>وصدقة التّطوّع لا يحتمل الرّجوع فيها بعد وصولها إلى يد الفقير . </p><p>وفي المهذّب أيضاً : من أحرم بالحجّ في غير أشهره انعقد إحرامه بالعمرة ، لأنّها عبادة مؤقّتة ، فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها ، كصلاة الظّهر إذا أحرم بها قبل الزّوال ، فإنّه ينعقد إحرامه بالنّفل . وفي الأشباه لابن نجيم : لو أحرم بالحجّ نذراً ونفلاً كان نفلا ، ولو أحرم بالحجّ فرضا وتطوّعا كان تطوّعا عندهما في الأصحّ .</p><p>حصول التّطوّع بأداء الفرض وعكسه :</p><p>20 - هناك صور يحصل التّطوّع فيها بأداء الفرض ، ولكنّ ثواب التّطوّع لا يحصل إلا بنيّته . جاء في الأشباه لابن نجيم - في الجمع بين عبادتين - قالوا : لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة ، ارتفعت جنابته ، وحصل له ثواب غسل الجمعة . </p><p>وفي ابن عابدين : مَنْ عليه جنابة نسيها واغتسل للجمعة مثلاً ، فإنّه يرتفع حدثه ضمناً ، ولا يثاب ثواب الفرض ، وهو غسل الجنابة ما لم ينوه ، لأنّه لا ثواب إلّا بالنّيّة . </p><p>وفي الشّرح الصّغير : تتأدّى تحيّة المسجد بصلاة الفرض فيسقط طلب التّحيّة بصلاته ، فإن نوى الفرض والتّحيّة حصلا ، وإن لم ينو التّحيّة لم يحصل له ثوابها ، لأنّ الأعمال بالنّيّات . ومثل ذلك غسل الجمعة والجنابة ، وصيام يوم عرفة مع نيّة قضاء ما عليه . </p><p>وفي القواعد لابن رجب : لو طاف عند خروجه من مكّة طوافاً ينوي به الزّيارة والوداع ، فقال الخرقيّ وصاحب المغني : يجزئه عنهما .</p><p>ثانياً ما يشمل العبادات وغيرها من أحكام :</p><p>أ - قطع التّطوّع بعد الشّروع فيه :</p><p>21 - إذا كان التّطوّع عبادة كالصّلاة والصّيام ، فعند الحنفيّة والمالكيّة : إذا شرع فيه وجب إتمامه ، وإذا فسد وجب قضاؤه ، لأنّ التّطوّع يلزم بالشّروع مُضِيّا وقضاء . </p><p>ولأنّ المؤدّى عبادة ، وإبطال العبادة حرام ، لقوله تعالى : { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكمْ } . </p><p>وقد « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما وقد أفطرتا في صوم التّطوّع اقضيا يوما مكانه » . </p><p>غير أنّ المالكيّة لا يوجبون القضاء إلا إذا كان الفساد متعمّداً ، فإن كان لعذر فلا قضاء . وعند الشّافعيّة والحنابلة : يستحبّ الإتمام إذا شرع في التّطوّع ولا يجب ، كما أنّه يستحبّ القضاء إذا فسد ، إلّا في تطوّع الحجّ والعمرة فيجب إتمامهما إذا شرع فيهما ، لأنّ نفلهما كفرضهما نيّة وفدية وغيرهما . </p><p>واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة على عدم وجوب الإتمام بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : </p><p>« الصّائم المتطوّع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » . </p><p>وتنظر التّفاصيل في ( نفل ، صلاة ، صيام ، حجّ ) . </p><p>22 - أمّا غير ذلك من التّطوّعات ، فإمّا أن يكون من قبيل عقود التّبرّعات المعروفة كالهبة والعاريّة والوقف والوصيّة ، وإمّا أن يكون من غير ذلك . </p><p>فإن كان من عقود التّبرّعات ، فلكلّ عقد حكمه في جواز الرّجوع أو عدم جوازه . ففي الوصيّة مثلا : يجوز باتّفاق الرّجوع فيها ما دام الموصي حيّا . </p><p>وفي العاريّة والقرض : يجوز الرّجوع بطلب ردّ الشّيء المستعار واسترداد بدل القرض في الحال بعد القبض . وهذا عند غير المالكيّة ، بل قال الجمهور : إنّ المقرض إذا أجّل القرض لا يلزمه التّأجيل ، لأنّه لو لزم فيه الأجل لم يبق تبرّعاً . </p><p>ويجوز الرّجوع في الهبة قبل القبض ، فإذا تمّ القبض فلا رجوع عند الشّافعيّة والحنابلة ، إلا فيما وهب الوالد لولده ، وعند الحنفيّة : يجوز الرّجوع إن كانت لأجنبيّ . </p><p>وفي كلّ ذلك تفصيل ينظر في أبوابه . وفي ( تبرّع ) . </p><p>أمّا غير ذلك من التّبرّعات كالصّدقة والإنفاق وما شابه ذلك ، فإن كان قد مضى فلا رجوع فيه ، ما دام ذلك قد تمّ بنيّة التّبرّع . يقول ابن عابدين : لا رجوع في الصّدقة لأنّ المقصود فيها الثّواب لا العوض . ويقول ابن قدامة : لا يجوز للمتصدّق الرّجوع في صدقته في قولهم جميعا ، لأنّ عمر رضي الله عنه قال في حديثه : من وهب هبة على وجه صدقة فإنّه لا يرجع فيها . ومثل ذلك الإنفاق إذا كان بقصد التّبرّع فلا رجوع فيه . </p><p>يقول ابن عابدين : إذا أنفق الوصيّ من مال نفسه على الصّبيّ ، وللصّبيّ مال غائب ، فهو متطوّع في الإنفاق استحساناً ، إلا أن يشهد أنّه قرض ، أو أنّه يرجع به عليه . </p><p>ويقول ابن القيّم : المقاصد تغيّر أحكام التّصرّفات ، فالنّيّة لها تأثير في التّصرّفات ، ومن ذلك أنّه لو قضى عن غيره ديناً ، أو أنفق عليه نفقة واجبة أو نحو ذلك - ينوي التّبرّع والهبة - لم يملك الرّجوع بالبدل ، وإن لم ينو فله الرّجوع . على أنّ في ذلك تفصيلاً وخلافاً بين المذاهب في بعض الفروع ، ومن ذلك مثلا : أنّ الشّافعيّة يجيزون للأب ولسائر الأصول الرّجوع في الصّدقة المتطوّع بها على الولد ، أمّا الواجبة فلا رجوع فيها . </p><p>ولا يجيزون للأب الرّجوع في الإبراء لولده عن دينه . بينما يجيز الحنابلة رجوع الأب فيما أبرأ ابنه منه من الدّيون . وينظر تفصيل ذلك في ( تبرّع ، صدقة ، إبراء ، هبة ، نفقة ) . </p><p>23 - أمّا ما شرع فيه من الصّدقة . فأخرج بعضه ، فلا يلزمه الصّدقة بباقيه . </p><p>يقول ابن قدامة : انعقد الإجماع على أنّ الإنسان لو نوى الصّدقة بمال مقدّر ، وشرع في الصّدقة به ، فأخرج بعضه لم تلزمه الصّدقة بباقيه ، وهو نظير الاعتكاف ، لأنّه غير مقدّر بالشّرع فأشبه الصّدقة ، غير أنّ ابن رجب ذكر خلافا في ذلك . </p><p>والحطّاب عدّ الأشياء الّتي تلزم بالشّروع ، وهي سبع : الصّلاة والصّوم والاعتكاف والحجّ والعمرة والائتمام والطّواف . ثمّ ذكر ما لا يلزم بالشّروع ، وأنّه لا يجب القضاء بقطعه ، وهو : الصّدقة والقراءة والأذكار والوقف والسّفر للجهاد ، وغير ذلك من القربات . </p><p>وينظر تفصيل ذلك في ( تبرّع ، صدقة ) .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41284, member: 329"] منع التّطفيف ، وتدابيره : 4 - ممّا يتأكّد على المحتسب : المنع من التّطفيف والبخس في المكاييل والموازين والصّنجات . فينبغي له أن يحذر الكيّالين والوزّانين ويخوّفهم عقوبة اللّه تعالى ، وينهاهم عن البخس والتّطفيف . ومتى ظهر له من أحد منهم خيانة عزّره على ذلك وأشهره ، حتّى يرتدع به غيره . وإذا وقع في التّطفيف تخاصم جاز أن ينظر فيه المحتسب ، إن لم يكن مع التّخاصم فيه تجاحد وتناكر . فإن أفضى إلى التّجاحد والتّناكر كان القضاة أحقّ بالنّظر فيه من ولاة الحسبة ، لأنّهم بالأحكام أحقّ . وكان التّأديب فيه إلى المحتسب . فإن تولّاه الحاكم جاز لاتّصاله بحكمه . وقد فصّل الفقهاء القول في التّدابير الّتي تتّخذ للحيلولة دون التّطفيف والبخس في الكيل والوزن ، من قيام المحتسب بتفقّد عيار الصّنج ونحوها على حين غفلة من أصحابها ، وتجديد النّظر في المكاييل ورعاية ما يطفّفون به المكيال وما إلى ذلك ، فليرجع إليه في مواطنه من كتب الحسبة ، وفي مصطلحي ( حسبة ، وغشّ ) . تطهّر * انظر : طهارة . تطهير * انظر : طهارة . تطوّع * التّعريف : 1 - التّطوّع : هو التّبرّع ، يقال : تطوّع بالشّيء : تبرّع به . وقال الرّاغب : التّطوّع في الأصل : تكلّف الطّاعة ، وهو في التّعارف : التّبرّع بما لا يلزم كالتّنفّل . قال تعالى : { فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيرَاً فَهُوَ خَيْرٌ لَه } . والفقهاء عندما أرادوا أن يعرّفوا التّطوّع ، عدلوا عن تعريف المصدر إلى تعريف ما هو حاصل بالمصدر ، فذكروا له في الاصطلاح ثلاثة معان : الأوّل : أنّه اسم لما شرع زيادة على الفرائض والواجبات ، أو ما كان مخصوصا بطاعة غير واجبة ، أو هو الفعل المطلوب طلبا غير جازم . وكلّها معان متقاربة . وهذا ما ذكره بعض فقهاء الحنفيّة ، وهو مذهب الحنابلة ، والمشهور عند الشّافعيّة . وهو رأي الأصوليّين من غير الحنفيّة ، وهو ما يفهم من عبارات فقهاء المالكيّة . والتّطوّع بهذا المعنى يطلق على : السّنّة والمندوب والمستحبّ والنّفل والمرغّب فيه والقربة والإحسان والحسن ، فهي ألفاظ مترادفة . الثّاني : أنّ التّطوّع هو ما عدا الفرائض والواجبات والسّنن ، وهو اتّجاه الأصوليّين من الحنفيّة ، ففي كشف الأسرار : السّنّة هي الطّريقة المسلوكة في الدّين من غير افتراض ولا وجوب ، وأمّا حدّ النّفل - وهو المسمّى بالمندوب والمستحبّ والتّطوّع - فقيل : ما فعله خير من تركه في الشّرع . . . إلخ . الثّالث : التّطوّع : هو ما لم يرد فيه نقل بخصوصه ، بل ينشئه الإنسان ابتداء ، وهو اتّجاه بعض المالكيّة والقاضي حسين وغيره من الشّافعيّة . هذه هي الاتّجاهات في معنى التّطوّع وما يرادفه . غير أنّ المتتبّع لما ذكره الأصوليّون من غير الحنفيّة ، وما ذكره الفقهاء في كتبهم - بما في ذلك الحنفيّة - يجد أنّهم يتوسّعون بإطلاق التّطوّع على ما عدا الفرائض والواجبات ، وبذلك يكون التّطوّع والسّنّة والنّفل والمندوب والمستحبّ والمرغّب فيه ألفاظا مترادفة ، ولذلك قال السّبكيّ : إنّ الخلاف لفظيّ . غاية الأمر أنّ ما يدخل في دائرة التّطوّع بعضه أعلى من بعض في الرّتبة ، فأعلاه هو السّنّة المؤكّدة ، كالعيدين ، والوتر عند الجمهور ، وكركعتي الفجر عند الحنفيّة . ويلي ذلك المندوب أو المستحبّ كتحيّة المسجد ، ويلي ذلك ما ينشئه الإنسان ابتداء ، لكنّ كلّ ذلك يسمّى تطوّعا . والأصل في ذلك « قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم للرّجل - الّذي سأل بعدما عرف فرائض الصّلاة والصّيام والزّكاة : هل عليّ غيرها ؟ فقال له : لا ، إلا أن تطوّع » . أنواع التّطوّع : 2 - من التّطوّع ما يكون له نظير من العبادات ، من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وجهاد ، وهذا هو الأصل ، وهو المتبادر حين يذكر لفظ التّطوّع . والتّطوّع في العبادات يختلف في جنسه باعتبارات ، فهو يختلف من حيث الرّتبة ، إذ منه ما هو مؤكّد كالرّواتب مع الفرائض ، ومنه ما هو أقلّ رتبة كتحيّة المسجد ، ومنه ما هو أقلّ كالنّوافل المطلقة ليلاً أو نهاراً . ومن ذلك في الصّوم : صيام يومي عاشوراء وعرفة ، فهما أعلى رتبة من الصّيام في غيرهما ، والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيرها . كما أنّ التّطوّع في العبادات يختلف في جنسه كذلك من حيث الإطلاق والتّقييد ، فمنه ما هو مقيّد ، سواء أكان التّقييد بوقت أو بسبب ، كالضّحى وتحيّة المسجد والرّواتب مع الفروض . ومنه ما هو مطلق كالنّفل المطلق باللّيل أو بالنّهار . ويختلف كذلك من حيث العدد كالرّواتب من الفروض ، إذ هي عند الجمهور عشر ، وعند الحنفيّة اثنتا عشرة ركعة : اثنتان قبل الصّبح ، واثنتان قبل الظّهر ( وعند الحنفيّة أربع ) واثنتان بعده ، واثنتان بعد المغرب ، واثنتان بعد العشاء . والتّطوّع في النّهار واللّيل مثنى مثنى عند الجمهور ، وعند الحنفيّة الأفضل أربع بتسليمة واحدة . ومثل ذلك تطوّع اللّيل عند أبي حنيفة خلافا للصّاحبين ، وبهذا يفتى . وفي كلّ ما سبق تفصيل كثير ينظر في مصطلح ( السّنن الرّواتب ، ونفل ) وفيما له أبواب من ذلك مثل : عيد - كسوف - استسقاء . . . إلخ . ومن التّطوّع ما يكون في غير العبادات كطلب علم غير مفروض . وكذلك من أنواع البرّ والمعروف ، كالتّطوّع بالإنفاق على قريب لم تجب عليه نفقته ، أو على أجنبيّ محتاج ، أو قضاء الدّين عنه ، أو إبراء المعسر ، أو العفو عن القصاص ، أو الإرفاق المعروف بجعل الغير يحصل على منافع العقار ، أو إسقاط الحقوق . . . وهكذا . ومنه ما يعرف بعقود التّبرّعات ، كالقرض والوصيّة والوقف والإعارة والهبة ، إذ أنّها قربات شرعت للتّعاون بين النّاس . 3 - ومن التّطوّع ما هو عينيّ مطلوب ندبا من كلّ فرد ، كالتّطوّع بالعبادات غير المفروضة من صلاة وصيام . . . ومنه ما هو على الكفاية كالأذان وغيره . قال النّوويّ وغيره : ابتداء السّلام سنّة مستحبّة ليس بواجب ، وهو سنّة على الكفاية ، فإن كان المسلّم جماعة كفى عنهم تسليم واحد منهم . وتشميت العاطس سنّة على الكفاية . حكمة مشروعيّة التّطوّع : 4 - التّطوّع يقرّب العبد من ربّه ويزيده ثوابا ، وفي الحديث القدسيّ : « وما يزال عبدي يتقرّبُ إليّ بالنّوافلِ حتّى أحبَّه . . . » الحديث . والحكمة من مشروعيّة التّطوّع هي : أ - اكتساب رضوان اللّه تعالى : وكذلك نيل ثوابه ومضاعفة الحسنات ، وقد ورد في ثواب التّطوّع بالعبادة أحاديث كثيرة منها : قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم واللّيلة بنى اللّه له بيتاً في الجنّة » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « ركعتا الفجر خير من الدّنيا وما فيها » وغير ذلك كثير في شأن الصّلاة . وفي صوم يوم عاشوراء يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّي لأحتسب على اللّه أن يكفّر السّنة الّتي قبله » والمراد الصّغائر . حكاه في شرح مسلم عن العلماء ، فإن لم تكن الصّغائر رجي التّخفيف من الكبائر ، فإن لم تكن رفعت الدّرجات ، وقال صلى الله عليه وسلم : « من صام رمضان ، ثمّ أتبعه ستّاً من شوّال كان كصيام الدّهر » . وقال الزّهريّ : في الاعتكاف تفريغ القلب عن أمور الدّنيا ، وتسليم النّفس إلى بارئها ، والتّحصّن بحصن حصين ، وملازمة بيت اللّه تعالى . وقال عطاء : مثل المعتكف كمثل رجل له حاجة إلى عظيم يجلس على بابه ، ويقول : لا أبرح حتّى تقضى حاجتي . ومثل ذلك في غير العبادات . يقول اللّه تعالى : { مَنْ ذَا الَّذيْ يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضَاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَه أَضْعَافَاً كَثِيرَةً } ، ويقول ابن عابدين : من محاسن العاريّة أنّها نيابة عن اللّه تعالى في إجابة المضطرّ ، لأنّها لا تكون إلّا لمحتاج كالقرض ، فلذا كانت الصّدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر . ب - الأنس بالعبادة والتّهيّؤ لها : 5 - قال ابن دقيق العيد : في تقديم النّوافل على الفرائض معنى لطيف مناسب ، لأنّ النّفوس لانشغالها بأسباب الدّنيا تكون بعيدة عن حالة الخشوع والخضوع والحضور ، الّتي هي روح العبادة ، فإذا قدّمت النّوافل على الفرائض أنست النّفوس بالعبادة ، وتكيّفت بحالة تقرّب من الخشوع . ج - جبران الفرائض : 6 - قال ابن دقيق العيد : النّوافل الّتي بعد الفرائض هي لجبر النّقص الّذي قد يقع في الفرائض ، فإذا وقع نقص في الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الّذي قد يقع فيه . وفي الحديث : « فإن انتقص من فريضته شيء ، قال الرّبّ عزّ وجلّ : انظروا هل لعبدي من تطوّع ؟ فيكمل به ما انتقص من الفريضة » . قال المناويّ في شرحه الكبير على الجامع عند قوله صلى الله عليه وسلم : « أوّل ما افترض اللّه على أمّتي الصّلاة ...» واعلم أنّ الحقّ سبحانه وتعالى لم يوجب شيئا من الفرائض غالبا إلا وجعل له من جنسه نافلة ، حتّى إذا قام العبد بذلك الواجب - وفيه خلل ما - يجبر بالنّافلة الّتي هي من جنسه ، فلذا أمر بالنّظر في فريضة العبد ، فإذا قام بها كما أمر اللّه جوزي عليها ، وأثبتت له ، وإن كان فيها خلل كمّلت من نافلته حتّى قال البعض : إنّما تثبت لك نافلة إذا سلمت لك الفريضة . ولذلك يقول القرطبيّ في شرح مسلم : من ترك التّطوّعات ولم يعمل بشيء منها فقد فوّت على نفسه ربحا عظيما وثوابا جسيما . د - التّعاون بين النّاس وتوثيق الرّوابط بينهم واستجلاب محبّتهم : 7 - التّطوّع بأنواع البرّ والمعروف ينشر التّعاون بين النّاس ، ولذلك دعا اللّه إليه في قوله : { وَتَعَاوَنُوا على البِرِّ وَالتَّقْوَى } ، ويقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « واللّه في عَوْنِ العبد ما دام العبد في عون أخيه » وفي فتح الباري عند قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا » . يقول ابن حجر : في الحديث الحضّ على الخير بالفعل ، وبالتّسبّب إليه بكلّ وجه ، والشّفاعة إلى الكبير في كشف كربة ومعونة ضعيف ، إذ ليس كلّ أحد يقدر على الوصول إلى الرّئيس . كذلك يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « تَهَادُوا تحابُّوا » . أفضل التّطوّع : 8 - اختلف الفقهاء في أفضل التّطوّع ، فقيل : أفضل عبادات البدن الصّلاة . ففرضها أفضل من فرض غيرها ، وتطوّعها أفضل من تطوّع غيرها ، لأنّها أعظم القربات ، لجمعها أنواعاً من العبادات لا تجمع في غيرها . قال بهذا المالكيّة ، وهو المذهب عند الشّافعيّة ، ولهم قول آخر بتفضيل الصّيام . قال صاحب المجموع : وليس المراد بقولهم : الصّلاة أفضل من الصّوم : أنّ صلاة ركعتين أفضل من صيام أيّام أو يوم ، فإنّ الصّوم أفضل من ركعتين بلا شكّ ، وإنّما معناه أنّ من لم يمكنه الجمع بين الاستكثار من الصّلاة والصّوم ، وأراد أن يستكثر من أحدهما ، أو يكون غالبا عليه ، منسوبا إلى الإكثار منه ، ويقتصر من الآخر على المتأكّد منه ، فهذا محلّ الخلاف والتّفصيل . والصّحيح تفضيل الصّلاة . ويقول الحنابلة : إنّ أفضل تطوّعات البدن الجهاد لقوله تعالى : { فَضَّلَ اللّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهمْ على القَاعِدينَ دَرَجَةً } ثمّ النّفقة فيه لقوله تعالى : { مَثَلُ الّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ } الآية . ثمّ تعلّم العلم وتعليمه ، لحديث : « فضل العاِلمِ على العابِدِ كفضلي على أدناكم » . ثمّ الصّلاة أفضل بعد ذلك ، للإخبار بأنّها أحبّ الأعمال إلى اللّه ، ومداومته صلى الله عليه وسلم على نفلها . ونصّ الإمام أحمد على أنّ الطّواف لغريب أفضل منها ، أي من الصّلاة بالمسجد الحرام ، لأنّه خاصّ به يفوت بمفارقته بخلاف الصّلاة ، فالاشتغال بمفضول يختصّ بقعة أو زمنا أفضل من فاضل لا يختصّ ، واختار عزّ الدّين بن عبد السّلام تبعاً للغزاليّ في الإحياء : أنّ أفضل الطّاعات على قدر المصالح النّاشئة عنها . 9 - ويتفاوت ما يتعدّى نفعه في الفضل ، فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق أجنبيّ ، لأنّها صدقة وصلة ونحو ذلك . وفي المنثور في القواعد للزّركشيّ : لو ملك عقاراً ، وأراد الخروج عنه ، فهل الأولى الصّدقة به حالا ، أم وقفه ؟ قال ابن عبد السّلام : إن كان ذلك في وقت شدّة وحاجة فتعجيل الصّدقة أفضل ، وإن لم يكن كذلك ففيه وقفة ، ولعلّ الوقف أولى ، لكثرة جدواه . وأطلق ابن الرّفعة تقديم صدقة التّطوّع به ، لما فيه من قطع حظّ النّفس في الحال بخلاف الوقف . وفي المنثور أيضاً : مراتب القرب تتفاوت ، فالقربة في الهبة أتمّ منها في القرض ، وفي الوقف أتمّ منها في الهبة ، لأنّ نفعه دائم يتكرّر ، والصّدقة أتمّ من الكلّ ، لأنّ قطع حظّه من المتصدّق به في الحال . وقيل : إنّ القرض أفضل من الصّدقة . لأنّ « رسول اللّه رأى ليلة أسري به مكتوباً على باب الجنّة : درهم القرض بثمانية عشر ، ودرهم الصّدقة بعشر ، فسأل جبريل : ما بال القرض أفضل من الصّدقة : فقال : لأنّ السّائل يسأل وعنده ، والمقترض لا يقترض إلا من حاجة » . وتكسّب ما زاد على قدر الكفاية - لمواساة الفقير أو مجازاة القريب - أفضل من التّخلّي لنفل العبادة ، لأنّ منفعة النّفل تخصّه ، ومنفعة الكسب له ولغيره ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : « خير النّاس أنفعهم للنّاس » وعن عمر بن الخطّاب قال :" إنّ الأعمال تتباهى ، فتقول الصّدقة : أنا أفضلكم ". وفي الأشباه لابن نجيم : بناء الرّباط بحيث ينتفع به المسلمون ، أفضل من الحجّة الثّانية . الحكم التّكليفيّ : 10 - الأصل في التّطوّع أنّه مندوب . سواء أكان ذلك في العبادات من صلاة وصيام . . . أم كان في غيرها من أنواع البرّ والمعروف ، كالإعارة والوقف والوصيّة وأنواع الإرفاق . والدّليل على ذلك من الكتاب آيات منها : قوله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى } ، وقوله تعالى : { مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضَاً حَسَنَاً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافَاً كَثِيرَةً } . ومن السّنّة قوله صلى الله عليه وسلم : « من صلّى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُنِيَ له بهنّ بيت في الجنّة » قوله : « من صام رمضان ثمّ أتبعه ستّاً من شوّال كان كصيام الدّهر » وقوله : « اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة » وقوله : « لا يمنع أحدُكم جارَه أن يَغْرِزَ خشبه في جداره » . وقد يعرض له الوجوب ، كبذل الطّعام للمضطرّ ، وكإعارة ما يستغنى عنه لمن يخشى هلاكه بعدمها ، وكإعارة الحبل لإنقاذ غريق . وقد يكون حراماً ، كالعبادة الّتي تقع في الأوقات المحرّمة كالصّلاة وقت طلوع الشّمس أو غروبها ، وكصيام يومي العيد ، وأيّام التّشريق ، وكتصدّق المدين مع حلول دينه والمطالبة به ، وعدم وجود ما يسدّد به دينه . وقد يكون مكروهاً ، كوقوع الصّلاة في الأوقات المكروهة ، كما أنّه يكره ترك التّسوية في العطيّة لأولاده . أهليّة التّطوّع : 11 - التّطوّع يكون في العبادات وغيرها ، أمّا العبادات فإنّه يشترط في المتطوّع بها ما يلي : أ - أن يكون مسلما ، فلا يصحّ التّطوّع بالعبادات من الكافر ، لأنّه ليس من أهل العبادة . ب - أن يكون عاقلا ، فلا تصحّ العبادة من المجنون ، لعدم صحّة نيّته . وهذا في غير الحجّ ، لأنّه في الحجّ يحرم عنه وليّه ، وكذلك يحرم الوليّ عن الصّبيّ غير المميّز . ج - التّمييز ، فلا يصحّ التّطوّع من غير المميّز ، ولا يشترط البلوغ ، لأنّ تطوّع الصّبيّ بالعبادات صحيح . وأمّا بالنّسبة لغير العبادات : فإنّ الشّرط هو أهليّة التّبرّع من عقل وبلوغ ورشد ، فلا يصحّ تبرّع محجور عليه لصغر أو سفه أو دين أو غير ذلك . وتفصيل هذا ينظر في ( أهليّة ) . أحكام التّطوّع : 12 - أحكام التّطوّع منها ما يخصّ العبادات ، ومنها ما يشمل العبادات وغيرها ، ومنها ما يخصّ غير العبادات ، وبيان ذلك فيما يأتي : أوّلاً ما يخصّ العبادات : أ - ما تسنّ له الجماعة من صلاة التّطوّع : 13 - تسنّ الجماعة لصلاة الكسوف باتّفاق بين المذاهب ، وتسنّ للتّراويح عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . وهي مندوبة عند المالكيّة ، إذ الأفضل الانفراد بها - بعيدا عن الرّياء - إن لم تعطّل المساجد عن فعلها فيها . وتسنّ الجماعة كذلك لصلاة الاستسقاء عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، أمّا عند الحنفيّة فتصلّى جماعة وفرادى عند محمّد ، ولا تصلّى إلّا فرادى عند أبي حنيفة . وتسنّ الجماعة لصلاة العيدين عند المالكيّة والشّافعيّة . أمّا عند الحنفيّة والحنابلة فالجماعة فيها واجبة . ويسنّ الوتر جماعة عند الحنابلة . وبقيّة التّطوّعات تجوز جماعة وفرادى عند الشّافعيّة والحنابلة ، وتكره جماعة عند الحنفيّة إذا كانت على سبيل التّداعي ، وعند المالكيّة الجماعة في الشّفع والوتر سنّة والفجر خلاف الأولى . أمّا غير ذلك فيجوز فعله جماعة ، إلا أن تكثر الجماعة أو يشتهر المكان فتكره الجماعة حذر الرّياء . والتّفصيل ينظر في ( صلاة الجماعة - نفل ) . مكان صلاة التّطوّع : 14 - صلاة التّطوّع في البيوت أفضل ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « صلّوا أيّها النّاس في بيوتكم ، فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة » ويستثنى من ذلك ما شرعت له الجماعة ، ففعله في المسجد أفضل ، ويستثنى كذلك عند المالكيّة صلاة الرّواتب مع الفرائض ، فيندب فعلها في المسجد ، كما أنّ تحيّة المسجد تصلّى في المسجد . ويستحبّ للمصلّي عند الجمهور أن يتنفّل في غير المكان الّذي صلّى فيه المكتوبة . وقال الكاسانيّ من الحنفيّة : يكره للإمام أن يصلّي شيئا من السّنن في المكان الّذي صلّى فيه المكتوبة ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « أيعجز أحدُكم إذا صلّى أن يتقدّمَ أو يتأخّر » ، ولا يكره ذلك للمأموم ، لأنّ الكراهة في حقّ الإمام للاشتباه ، وهذا لا يوجد في حقّ المأموم ، لكن يستحبّ له أن يتنحّى أيضاً ، حتّى تنكسر الصّفوف ، ويزول الاشتباه على الدّاخل من كلّ وجه . وقال ابن قدامة : قال أحمد : لا يتطوّع الإمام في مكانه الّذي صلّى فيه المكتوبة . كذا قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه . قال أحمد : ومن صلّى وراء الإمام فلا بأس أن يتطوّع مكانه ، فعل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما . وبهذا قال إسحاق ، وروى أبو بكر حديث عليّ بإسناده . وبإسناده عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : لا يتطوّع الإمام في مقامه الّذي يصلّي فيه المكتوبة » . صلاة التّطوّع على الدّابّة : 15 - يجوز باتّفاق المذاهب صلاة التّطوّع على الدّابّة في السّفر . قال ابن قدامة : لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة التّطوّع على الرّاحلة في السّفر الطّويل قال التّرمذيّ : هذا عند عامّة أهل العلم ، وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه جائز لكلّ من سافر سفراً يقصر فيه الصّلاة أن يتطوّع على دابّته حيثما توجّهت ، يومئ بالرّكوع والسّجود ، ويجعل السّجود أخفض من الرّكوع . ويجوز عند الحنابلة التّطوّع على الرّاحلة في السّفر القصير أيضا ، لقوله تعالى : { وَلِلّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ } ، قال ابن عمر رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في التّطوّع خاصّة حيث توجّه به بعيرك . وهذا يتناول بإطلاقه محلّ النّزاع ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره » ، وفي رواية : « كان يسبّح على ظهر راحلته حيث كان وجهه ، يومئ برأسه » وكان ابن عمر يفعله . وللبخاريّ : « إلا الفرائض » ولمسلم وأبي داود : « غير أنّه لا يصلّي عليها المكتوبة » ولم يفرّق بين قصير السّفر وطويله ، ولأنّ إباحة الصّلاة على الرّاحلة تخفيف في التّطوّع ، كي لا يؤدّي إلى قطعها وتقليلها . والوتر واجب عند الحنفيّة ، ولهذا لا يؤدّى على الرّاحلة عند القدرة على النّزول . كذلك روى الحسن عن أبي حنيفة أنّ من صلّى ركعتي الفجر على الدّابّة من غير عذر وهو يقدر على النّزول لا يجوز ، لاختصاص ركعتي الفجر بزيادة توكيد وترغيب بتحصيلها وترهيب وتحذير على تركها ، فالتحقت بالواجبات كالوتر . وينظر تفصيل ذلك في : ( نفل - نافلة ). صلاة التّطوّع قاعداً : 16 - تجوز صلاة التّطوّع من قعود باتّفاق بين المذاهب . قال ابن قدامة : لا نعلم خلافاً في إباحة التّطوّع جالساً ، وأنّه في القيام أفضل ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من صلّى قائما فهو أفضل ، ومن صلّى قاعدا فله نصف أجر القائم » ولأنّ كثيراً من النّاس يشقّ عليه القيام ، فلو وجب في التّطوّع لترك أكثره ، فسامح الشّارع في ترك القيام فيه ترغيبا في تكثيره . الفصل بين الصّلاة المفروضة وصلاة التّطوّع : 17 - يستحبّ أن يفصل المصلّي بين الصّلاة المفروضة وصلاة التّطوّع بعدها بالأذكار الواردة ، كالتّسبيح والتّحميد والتّكبير ، وهذا عند الجمهور . وعند الحنفيّة يكره الفصل بين المكتوبة والسّنّة ، بل يشتغل بالسّنّة . وللتّفصيل : ( ر : نفل ) . قضاء التّطوّع : 18 - إذا فات التّطوّع - سواء المطلق ، أو المقيّد بسبب أو وقت - فعند الحنفيّة والمالكيّة لا يقضى سوى ركعتي الفجر ، لما روت أمّ سلمة رضي الله عنها قالت : « صلّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم العصر ثمّ دخل بيتي فصلّى ركعتين ، فقلت : يا رسول اللّه ، صلّيتَ صلاة لم تكن تصلّيها فقال : قدم عليَّ مالٌ فشغلني عن الرّكعتين كنت أركعهما بعد الظّهر ، فصلّيتهما الآن . فقلت : يا رسول اللّه أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا » . وهذا نصّ على أنّ القضاء غير واجب على الأمّة ، وإنّما هو شيء اختصّ به النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا شركة لنا في خصائصه . وقياس هذا الحديث أنّه لا يجب قضاء ركعتي الفجر أصلا ، إلا أنّا استحسنّا القضاء إذا فاتتا مع الفرض ، لأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعلهما مع الفرض ليلة التّعريس » فنحن نفعل ذلك لنكون على طريقته . وهذا بخلاف الوتر ، لأنّه واجب عند الحنفيّة ، والواجب ملحق بالفرض في حقّ العمل . وقال النّوويّ من الشّافعيّة : لو فات النّفل المؤقّت " كصلاة العيد والضّحى " ندب قضاؤه في الأظهر ، لحديث الصّحيحين : « من نسي صلاةً أو نام عنها فكفّارتُها أن يصلّيها إذا ذكرها » ولأنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر لمّا نام في الوادي عن صلاة الصّبح إلى أن طلعت الشّمس » . وفي مسلم نحوه . « وقضى ركعتي سنّة الظّهر المتأخّرة بعد العصر » ، ولأنّها صلاة مؤقّتة فقضيت كالفرائض ، وسواء السّفر والحضر ، كما صرّح به ابن المقري . والثّاني : لا يقضى كغير المؤقّت . والثّالث : إن لم يتبع غيره كالضّحى قضي ، لشبهه بالفرض في الاستقلال ، وإن تبع غيره كالرّواتب فلا . قال الخطيب الشّربينيّ في شرح المنهاج : قضيّة كلامه - أي النّوويّ - أنّ المؤقّت يقضي أبدا وهو الأظهر ، والثّاني : يقضي فائتة النّهار ما لم تضرب شمسه ، وفائتة اللّيل ما لم يطلع فجره . والثّالث : يقضي ما لم يصلّ الفرض الّذي بعده . وخرج بالمؤقّت ما له سبب كالتّحيّة والكسوف فإنّه لا مدخل للقضاء فيه . نعم لو فاته وِرْدُه من الصّلاة ، فإنّه يندب له قضاؤه كما قاله الأذرعيّ . وعند الحنابلة ، قال الإمام أحمد : لم يبلغنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى شيئاً من التّطوّع ، إلا ركعتي الفجر والرّكعتين بعد العصر . وقال القاضي وبعض الأصحاب : لا يقضى إلا ركعتا الفجر وركعتا الظّهر . وقال ابن حامد : تقضى جميع السّنن الرّواتب ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى بعضها ، وقسنا الباقي عليها . وفي شرح منتهى الإرادات : يسنّ قضاء الرّواتب ، إلا ما فات مع فرضه وكثر ، فالأولى تركه ، إلا سنّة الفجر فيقضيها مطلقاً لتأكّدها . انقلاب الواجب تطوّعاً : 19 - قد ينقلب واجب العبادات إلى تطوّع ، سواء أكان بقصد أم بغير قصد . ومن ذلك مثلاً في الصّلاة يقول ابن نجيم : لو افتتح الصّلاة بنيّة الفرض ، ثمّ غيّر نيّته في الصّلاة وجعلها تطوّعا ، صارت تطوّعاً . وفي شرح منتهى الإرادات : إن أحرم مصلٍّ بفرض ، كظهر في وقته المتّسع له ولغيره ، ثمّ قلبه نفلا ، بأن فسخ نيّة الفرضيّة دون نيّة الصّلاة ، صحّت مطلقا ، أي سواء كان صلّى الأكثر منها أو الأقلّ ، وسواء كان لغرض صحيح أو لا ، لأنّ النّفل يدخل في نيّة الفرض ، وكره قلبه نفلا لغير غرض صحيح . ثمّ قال : وينقلب نفلا ما بان عدمه ، كما لو أحرم بفائتة ظنّها عليه ، فتبيّن أنّه لم تكن عليه فائتة ، أو أحرم بفرض ثمّ تبيّن له أنّه لم يدخل وقته ، لأنّ الفرض لم يصحّ ، ولم يوجد ما يبطل النّفل . ومن ذلك الصّيام . جاء في شرح منتهى الإرادات : من قطع نيّة صوم نذر أو كفّارة أو قضاء ، ثمّ نوى صوماً نفلا صحّ نفله ، وإن قلب صائم نيّة نذر أو قضاء إلى نفل صحّ ، كقلب فرض الصّلاة نفلاً . وخالف الحجّاويّ في " الإقناع " في مسألة قلب القضاء ، وكره له ذلك لغير غرض . ومن ذلك الزّكاة . جاء في بدائع الصّنائع : إذا دفع الزّكاة إلى رجل ، ولم يخطر بباله أنّه ليس ممّن تصرف الزّكاة إليهم وقت الدّفع ، ولم يشكّ في أمره ، فإذا ظهر بيقين أنّه ليس من مصارفها لم تجزئه زكاة ، ويجب عليه الإعادة ، وليس له أن يستردّ ما دفع إليه ، ويقع تطوّعا . ثمّ قال الكاسانيّ في موضع آخر : حكم المعجّل إذا لم يقع زكاة : أنّه إن وصل إلى يد الفقير يكون تطوّعاً ، سواء وصل إلى يده من يد ربّ المال أو من يد الإمام أو نائبه - وهو السّاعي - لأنّه حصل أصل القربة . وصدقة التّطوّع لا يحتمل الرّجوع فيها بعد وصولها إلى يد الفقير . وفي المهذّب أيضاً : من أحرم بالحجّ في غير أشهره انعقد إحرامه بالعمرة ، لأنّها عبادة مؤقّتة ، فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها ، كصلاة الظّهر إذا أحرم بها قبل الزّوال ، فإنّه ينعقد إحرامه بالنّفل . وفي الأشباه لابن نجيم : لو أحرم بالحجّ نذراً ونفلاً كان نفلا ، ولو أحرم بالحجّ فرضا وتطوّعا كان تطوّعا عندهما في الأصحّ . حصول التّطوّع بأداء الفرض وعكسه : 20 - هناك صور يحصل التّطوّع فيها بأداء الفرض ، ولكنّ ثواب التّطوّع لا يحصل إلا بنيّته . جاء في الأشباه لابن نجيم - في الجمع بين عبادتين - قالوا : لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة ، ارتفعت جنابته ، وحصل له ثواب غسل الجمعة . وفي ابن عابدين : مَنْ عليه جنابة نسيها واغتسل للجمعة مثلاً ، فإنّه يرتفع حدثه ضمناً ، ولا يثاب ثواب الفرض ، وهو غسل الجنابة ما لم ينوه ، لأنّه لا ثواب إلّا بالنّيّة . وفي الشّرح الصّغير : تتأدّى تحيّة المسجد بصلاة الفرض فيسقط طلب التّحيّة بصلاته ، فإن نوى الفرض والتّحيّة حصلا ، وإن لم ينو التّحيّة لم يحصل له ثوابها ، لأنّ الأعمال بالنّيّات . ومثل ذلك غسل الجمعة والجنابة ، وصيام يوم عرفة مع نيّة قضاء ما عليه . وفي القواعد لابن رجب : لو طاف عند خروجه من مكّة طوافاً ينوي به الزّيارة والوداع ، فقال الخرقيّ وصاحب المغني : يجزئه عنهما . ثانياً ما يشمل العبادات وغيرها من أحكام : أ - قطع التّطوّع بعد الشّروع فيه : 21 - إذا كان التّطوّع عبادة كالصّلاة والصّيام ، فعند الحنفيّة والمالكيّة : إذا شرع فيه وجب إتمامه ، وإذا فسد وجب قضاؤه ، لأنّ التّطوّع يلزم بالشّروع مُضِيّا وقضاء . ولأنّ المؤدّى عبادة ، وإبطال العبادة حرام ، لقوله تعالى : { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكمْ } . وقد « قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة رضي الله عنهما وقد أفطرتا في صوم التّطوّع اقضيا يوما مكانه » . غير أنّ المالكيّة لا يوجبون القضاء إلا إذا كان الفساد متعمّداً ، فإن كان لعذر فلا قضاء . وعند الشّافعيّة والحنابلة : يستحبّ الإتمام إذا شرع في التّطوّع ولا يجب ، كما أنّه يستحبّ القضاء إذا فسد ، إلّا في تطوّع الحجّ والعمرة فيجب إتمامهما إذا شرع فيهما ، لأنّ نفلهما كفرضهما نيّة وفدية وغيرهما . واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة على عدم وجوب الإتمام بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الصّائم المتطوّع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر » . وتنظر التّفاصيل في ( نفل ، صلاة ، صيام ، حجّ ) . 22 - أمّا غير ذلك من التّطوّعات ، فإمّا أن يكون من قبيل عقود التّبرّعات المعروفة كالهبة والعاريّة والوقف والوصيّة ، وإمّا أن يكون من غير ذلك . فإن كان من عقود التّبرّعات ، فلكلّ عقد حكمه في جواز الرّجوع أو عدم جوازه . ففي الوصيّة مثلا : يجوز باتّفاق الرّجوع فيها ما دام الموصي حيّا . وفي العاريّة والقرض : يجوز الرّجوع بطلب ردّ الشّيء المستعار واسترداد بدل القرض في الحال بعد القبض . وهذا عند غير المالكيّة ، بل قال الجمهور : إنّ المقرض إذا أجّل القرض لا يلزمه التّأجيل ، لأنّه لو لزم فيه الأجل لم يبق تبرّعاً . ويجوز الرّجوع في الهبة قبل القبض ، فإذا تمّ القبض فلا رجوع عند الشّافعيّة والحنابلة ، إلا فيما وهب الوالد لولده ، وعند الحنفيّة : يجوز الرّجوع إن كانت لأجنبيّ . وفي كلّ ذلك تفصيل ينظر في أبوابه . وفي ( تبرّع ) . أمّا غير ذلك من التّبرّعات كالصّدقة والإنفاق وما شابه ذلك ، فإن كان قد مضى فلا رجوع فيه ، ما دام ذلك قد تمّ بنيّة التّبرّع . يقول ابن عابدين : لا رجوع في الصّدقة لأنّ المقصود فيها الثّواب لا العوض . ويقول ابن قدامة : لا يجوز للمتصدّق الرّجوع في صدقته في قولهم جميعا ، لأنّ عمر رضي الله عنه قال في حديثه : من وهب هبة على وجه صدقة فإنّه لا يرجع فيها . ومثل ذلك الإنفاق إذا كان بقصد التّبرّع فلا رجوع فيه . يقول ابن عابدين : إذا أنفق الوصيّ من مال نفسه على الصّبيّ ، وللصّبيّ مال غائب ، فهو متطوّع في الإنفاق استحساناً ، إلا أن يشهد أنّه قرض ، أو أنّه يرجع به عليه . ويقول ابن القيّم : المقاصد تغيّر أحكام التّصرّفات ، فالنّيّة لها تأثير في التّصرّفات ، ومن ذلك أنّه لو قضى عن غيره ديناً ، أو أنفق عليه نفقة واجبة أو نحو ذلك - ينوي التّبرّع والهبة - لم يملك الرّجوع بالبدل ، وإن لم ينو فله الرّجوع . على أنّ في ذلك تفصيلاً وخلافاً بين المذاهب في بعض الفروع ، ومن ذلك مثلا : أنّ الشّافعيّة يجيزون للأب ولسائر الأصول الرّجوع في الصّدقة المتطوّع بها على الولد ، أمّا الواجبة فلا رجوع فيها . ولا يجيزون للأب الرّجوع في الإبراء لولده عن دينه . بينما يجيز الحنابلة رجوع الأب فيما أبرأ ابنه منه من الدّيون . وينظر تفصيل ذلك في ( تبرّع ، صدقة ، إبراء ، هبة ، نفقة ) . 23 - أمّا ما شرع فيه من الصّدقة . فأخرج بعضه ، فلا يلزمه الصّدقة بباقيه . يقول ابن قدامة : انعقد الإجماع على أنّ الإنسان لو نوى الصّدقة بمال مقدّر ، وشرع في الصّدقة به ، فأخرج بعضه لم تلزمه الصّدقة بباقيه ، وهو نظير الاعتكاف ، لأنّه غير مقدّر بالشّرع فأشبه الصّدقة ، غير أنّ ابن رجب ذكر خلافا في ذلك . والحطّاب عدّ الأشياء الّتي تلزم بالشّروع ، وهي سبع : الصّلاة والصّوم والاعتكاف والحجّ والعمرة والائتمام والطّواف . ثمّ ذكر ما لا يلزم بالشّروع ، وأنّه لا يجب القضاء بقطعه ، وهو : الصّدقة والقراءة والأذكار والوقف والسّفر للجهاد ، وغير ذلك من القربات . وينظر تفصيل ذلك في ( تبرّع ، صدقة ) . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية