الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41290" data-attributes="member: 329"><p>تعذيب المتّهم :</p><p>8 - قسّم الفقهاء المتّهم بسرقة ونحوها إلى ثلاثة أقسام : </p><p>إمّا أن يكون المتّهم معروفاً بالصّلاح ، فلا تجوز عقوبته اتّفاقاً . </p><p>وإمّا أن يكون المتّهم مجهول الحال لا يعرف ببرّ ولا فجور ، فهذا يحبس حتّى ينكشف حاله ، وهذا عند جمهور الفقهاء . والمنصوص عليه عند أكثر الأئمّة : أنّه يحبسه القاضي والوالي ، لما روى أبو داود في سننه ، وأحمد ، من حديث بهز بن حكيم . عن أبيه ، عن جدّه : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حَبَس في تهمة » . </p><p>وإمّا أن يكون المتّهم معروفاً بالفجور ، كالسّرقة ، وقطع الطّريق ، والقتل ، ونحو ذلك ، فيجوز حبسه وضربه ، كما « أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم الزّبير رضي الله عنه ، بتعذيب المتّهم الّذي غيّب ماله حتّى أقرّ به » . </p><p>وقال ابن تيميّة : ما علمت أحدا من أئمّة المسلمين يقول : إنّ المدّعى عليه في جميع هذه الدّعاوى يحلف ، ويرسل بلا حبس ، ولا غيره . وقال البجيرميّ : والظّاهر أنّ الضّرب حرام في الشّقّين ، أي سواء كان ضرب ليقرّ ، أو ليصدق، خلافا لما توهّم حلّه إذا ضرب ليصدق. وقال ابن تيميّة : واختلفوا فيه : هل الّذي يضربه الوالي دون القاضي ، أو كلاهما ؟ أو لا يسوّغ ضربه ، على ثلاثة أقوال : </p><p>أحدها : أنّه يضربه الوالي والقاضي ، وهذا قول طائفة من أصحاب مالك وأحمد ، منهم أشهب بن عبد العزيز ، فإنّه قال : يمتحن بالحبس والضّرب ، ويضرب بالسّوط مجرّداً . القول الثّاني : أنّه يضربه الوالي دون القاضي ، وهذا قول بعض أصحاب الشّافعيّ ، وأحمد. القول الثّالث : أنّه يحبس ولا يضرب ، وهذا قول أصبغ ، ثمّ قالت طائفة ، منهم عمر بن عبد العزيز ، ومطرّف ، وابن الماجشون : إنّه يحبس حتّى يموت .</p><p>9 - أمّا النّوع الثّاني : وهو التّعذيب غير المشروع للإنسان ، فمنه تعذيب الأسرى ، فقد ذكر الفقهاء عدم جواز تعذيبهم ، لأنّ الإسلام يدعو إلى الرّفق بالأسرى ، وإطعامهم ، قال اللّه تعالى : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّه مِسْكِينَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيرَاً } </p><p>وفي الحديث الشّريف « لا تجمعوا عليهم حرّ الشّمس ، وحرّ السّلاح ، قيلوهم حتّى يبردوا » وهذا الكلام في أسارى بني قريظة ، حينما كانوا في الشّمس . </p><p>وإذا كان هناك خوف الفرار ، فيصحّ حبس الأسير من غير تعذيب ، وإذا رجي أن يدلّ على أسرار العدوّ جاز تهديده وتعذيبه بالقدر الكافي ، لتحقيق ذلك ، ودليل ذلك : ما روي عن الرّسول صلى الله عليه وسلم : « أنّه أمر الزّبير بن العوّام بتعذيب من كتم خبر المال ، الّذي كان صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه ، وقال له : أين كنز حييّ بن أخطب ؟ فقال : يا محمّد ، أنفذته النّفقات والحروب ، فقال : المال كثير والمسألة أقرب ، وقال للزّبير : دونك هذا . فمسّه الزّبير بشيء من العذاب ، فدلّهم على المال » . </p><p>لكن إذا كانوا يعذّبون أسرى المسلمين يجوز معاملتهم بالمثل ، لقوله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه } وقوله أيضاً { وَالحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَليكُم فَاعْتَدُوا عَلَيه بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيكُم } قال الباجيّ : لا يمثّل بالأسير ، إلا أن يكونوا مثّلوا بالمسلمين . وقال ابن حبيب : قتل الأسير بضرب عنقه ، لا يمثّل به ، ولا يعبث عليه . قيل لمالك : أيضرب وسطه ؟ فقال : قال اللّه سبحانه { فَضَرْبَ الرِّقَاب } لا خير في العبث .</p><p>10 - وأمّا النّوع الثّالث : وهو التّعذيب المشروع للحيوان - فقد ذكروا له أمثلة ، منها : </p><p>أ - تعذيب ماشية الزّكاة والجزية بالوسم - فقد ذهب الفقهاء إلى جوازه ، لما روي من فعل الصّحابة في ماشية الزّكاة والجزية . وقال الحنفيّة : لا بأس بكيّ البهائم للعلامة ، لأنّهم كانوا يفعلون ذلك في زمن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غير إنكار . </p><p>ب - إلقاء السّمك الحيّ في النّار ليصير مشويّاً فإنّ المالكيّة ذهبوا : إلى جوازه ، وذهب أحمد بن حنبل : إلى أنّ هذا العمل مكروه ، ومع هذا فقد رأى جواز أكله ، وهذا بخلاف شيّ الجراد حيّاً ، فإنّه يجيزه من غير كراهة ، لما أثر أنّ الصّحابة فعلوا ذلك ، من غير نكير . ج - ومن ذلك التّعذيب الجائز : ضرب الحيوان بقدر ما يحصل به التّعليم والتّرويض ، ويخاصم الضّارب فيما زاد على القدر الّذي يحتاج إليه ، كما في البحر الرّائق .</p><p>11 - وأمّا النّوع الرّابع : وهو التّعذيب " غير المشروع " للحيوان : </p><p>فمنه : تعذيب الحيوان بالمنع من الأكل والشّرب ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النّار في هرّة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض » . </p><p>ومنه : اتّخاذ ذي روح غرضا ، أي هدفا للرّمي . </p><p>ومنه : قطع رأس الحيوان المذبوح وسلخه قبل أن يبرد ، ويسكن عن الاضطراب . </p><p> مواطن البحث :</p><p>12 - ذكر الفقهاء التّعذيب في مواضع شتّى سبق ذكر عدد منها خلال البحث . </p><p>ومنها أيضاً : الجنايات ، والتّعزيرات ، والتّأديب ، والتّذكية ، والأسر ، والسّياسة الشّرعيّة ، والجهاد ( السّير ) .</p><p></p><p>تعريض *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّعريض : لغة ضدّ التّصريح ، يقال : عرّض لفلان وبفلان : إذا قال قولاً عامّاً ، وهو يعني فلانا ، ومنه : المعاريض في الكلام ، كقولهم : إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب. وهو في الاصطلاح : ما يفهم به السّامع مراد المتكلّم من غير تصريح . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الكناية </p><p>2 - الكناية : وهي ذكر اللازم ، وإرادة الملزوم . والفرق بين الكناية والتّعريض : أنّ التّعريض هو تضمين الكلام دلالة ليس فيها ذكر ، كقول المحتاج : جئتك لأسلّم عليك ، فيقصد من اللّفظ السّلام ، ومن السّياق طلب الحاجة . </p><p>ب - التّورية : </p><p>3 - التّورية : وهي أن تطلق لفظاً ظاهراً قريباً في معنى ، تريد به معنى آخر بعيداً يتناوله ذلك اللّفظ ، لكنّه خلاف ظاهره . </p><p>والفرق بينها وبين التّعريض : أنّ فائدة التّورية تراد من اللّفظ ، فهي أخصّ من التّعريض ، الّذي قد يفهم المراد منه من السّياق والقرائن ، أو اللّفظ ، فهو أعمّ . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>يختلف حكم التّعريض بحسب موضوعه كما يلي : </p><p>أوّلا : التّعريض في الخطبة :</p><p>4 - لا خلاف بين الفقهاء في حرمة التّعريض بالخطبة لمنكوحة الغير ، والمعتدّة من طلاق رجعيّ ، لأنّها في حكم المنكوحة ، كما اتّفق الفقهاء على حرمة التّعريض لمخطوبة من صرّح بإجابته وعلمت خطبته ، ولم يأذن الخاطب ولم يعرّض عنها . </p><p>لخبر : « لا يخطب الرّجل على خطبة أخيه ، حتّى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب » ر : مصطلح : ( خِطبة ) .</p><p>ثانياً : التّعريض بخطبة المعتدّة غير الرّجعيّة :</p><p>5 - ذهب جمهور الفقهاء : إلى جواز التّعريض بالخطبة للمعتدّة عن وفاة ، ولم نقف على خلاف بينهم فيها ، إلا قولاً للشّافعيّة ، مؤدّاه : إن كانت عدّة الوفاة بالحمل لم يعرّض لها ، خوفا من تكلّف إلقاء الجنين ، وهو قول ضعيف عندهم . </p><p>واستدلّ الجمهور بقوله تعالى : { وَلا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فيما عَرَّضْتُمْ بِه مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أو أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ } . لأنّها وردت في عدّة الوفاة ، كما قال جمهور المفسّرين . </p><p>واختلفوا في جواز التّعريض للمعتدّة من طلاق بائن أو فسخ فذهب المالكيّة والشّافعيّة في الأظهر ، والحنابلة في قول : إلى أنّه يحلّ التّعريض لبائن معتدّة بالأقراء أو الأشهر ، وذلك لعموم الآية ، ولانقطاع سلطة الزّوج عليها ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون بائنا بينونة صغرى أو كبرى ، أو بفسخ ، أو فرقة بلعان ، أو رضاع ، في الأظهر عندهم . وهو مذهب مالك ، وأحمد . ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة ، وأحد قولي أحمد : لا يحلّ التّعريض للبائن بطلاق رجعيّ ، لأنّ لصاحب العدّة المنتهية أن ينكحها بنكاح جديد ، فأشبهت الرّجعيّة . وذهب الحنفيّة : إلى أنّه لا يحلّ التّعريض لمعتدّة من طلاق بنوعيه ، لإفضائه إلى عداوة المطلّق . ونقل ابن عابدين عن الفتح " الإجماع " بين فقهاء الحنفيّة على حرمة التّعريض للمعتدّة من طلاق مطلقا ، ويجوز التّعريض عندهم للمعتدّة من نكاح فاسد ، ووطء شبهة . وجواز التّعريض بالخطبة للمعتدّة مرتبط بجواز خروج المعتدّة ، فمن يجوز لها الخروج من بيت العدّة ، يجوز التّعريض بالخطبة لها ، ومن لا يجوز لها الخروج لا يجوز التّعريض لها عند الحنفيّة .</p><p>ألفاظ التّعريض بالخطبة :</p><p>6 - التّعريض : هو كلّ لفظ يحتمل الخطبة وغيرها ، ولكنّ الفقهاء يذكرون ألفاظاً للتّمثيل له : كأنت جميلة ، ومن يجد مثلك ؟ وأنّ اللّه ساق لك خيراً ، ربّ راغب فيك ، ونحو ذلك .</p><p>ثالثاً : التّعريض بالقذف :</p><p>7 - اختلف الفقهاء في وجوب الحدّ بالتّعريض بالقذف ، فذهب مالك : إلى أنّه إذا عرّض بالقذف غير أب يجب عليه الحدّ - إن فهم القذف بتعريضه بالقرائن ، كخصام بينهم ، ولا فرق في ذلك بين النّظم والنّثر ، أمّا الأب إذا عرّض لولده فإنّه لا يحدّ لبعده عن التّهمة . وهو أحد قولين للإمام أحمد ، لأنّ عمر رضي الله عنه استشار بعض الصّحابة في رجل قال لآخر : ما أنا بزان ولا أمّي بزانية ؟ فقالوا : إنّه قد مدح أباه وأمّه ، فقال عمر : قد عرّض لصاحبه ، فجلده الحدّ . </p><p>وعند الحنفيّة : أنّ التّعريض بالقذف ، قذف . كقوله : ما أنا بزان ، وأمّي ليست بزانية ، ولكنّه لا يحدّ ، لأنّ الحدّ يسقط للشّبهة ، ويعاقب بالتّعزير ، لأنّ المعنى : بل أنت زان . والتّعريض بالقذف عند الشّافعيّة ، كقوله : يا ابن الحلال ، وأمّا أنا فلست بزان ، وأمّي ليست بزانية ، فهذا كلّه ليس بقذف وإن نواه ، لأنّ النّيّة إنّما تؤثّر ، إذا احتمل اللّفظ المنويّ ، ولا دلالة هنا في اللّفظ ولا احتمال ، وما يفهم منه مستنده قرائن الأحوال . هذا هو الأصحّ . وقيل : هو كناية ، أي عن القذف ، لحصول الفهم والإيذاء . فإن أراد النّسبة إلى الزّنى فقذف ، وإلا فلا . وسواء في ذلك حالة الغضب وغيرها . وهو أحد قولي الإمام أحمد .</p><p>رابعاً : التّعريض للمسلم بقتل طالبه من الكفّار :</p><p>8 - يجوز التّعريض للمسلم لقتل من جاء يطلبه ليردّه إلى دار الكفر ، لأنّ عمر رضي الله عنه قال لأبي جندل رضي الله عنه حين ردّ لأبيه : اصبر أبا جندل فإنّما هم المشركون ، وإنّما دم أحدهم دم كلب يعرّض له بقتل أبيه .</p><p>خامساً - التّعريض للمقرّ بحدّ خالص بالرّجوع :</p><p>9 - ذهب الشّافعيّة في الصّحيح عندهم : إلى أنّه يجوز للقاضي أن يعرّض له بالرّجوع ، كأن يقول له في السّرقة : لعلّك أخذت من غير حرز ، وفي الزّنى : لعلّك فاخذت أو لمست ، وفي الشّرب : لعلّك لم تعلم أنّ ما شربت مسكر لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال لمن أقرّ عنده بالسّرقة ما إخالك سرقت » فأعاد عليه مرّتين أو ثلاثاً ، وقال لماعز : « لعلّك قبّلت ، أو غمزت ، أو نظرت » . وفي قول عندهم : لا يعرّض له بالرّجوع ، كما لا يصرّح. وفي قول : يعرّض له ، إن لم يعلم أنّ له الرّجوع ، فإن علم فلا يعرّض له . وذهب الحنفيّة ، والإمام أحمد : إلى أنّ التّعريض مندوب ، لحديث ماعز وتفصيله في الحدود . </p><p> مواطن البحث :</p><p>10 - يذكر الفقهاء التّعريض في الأبواب الآتية : في كتاب النّكاح ، والعدّة ، وفي الحدود : في القذف ، والرّجوع عن الإقرار . وفي الهدنة : وفي الأيمان في القضاء فقط .</p><p></p><p>تعريف *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّعريف : مصدر عرّف . ومن معانيه : الإعلام والتّوضيح ، " ويقابله التّجهيل " وإنشاد الضّالّة ، والتّطييب ، وهو مأخوذ من العرف أي : الرّائحة ، كما قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { وَيُدْخِلْهُم الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } أي طيّبها لهم . </p><p>والتّعريف : الوقوف بعرفات . ويراد به أيضاً : ما يصنعه بعض النّاس في بلادهم يوم عرفة ، من التّجمّع والدّعاء ، تشبّهاً بالحجّاج . ويراد به أيضاً : ذهاب الحاجّ بالهدي إلى عرفات ، ليعرّف النّاس أنّه هدي . </p><p>وأمّا في الاصطلاح ، فللتّعريف عدّة إطلاقات تبعاً للعلوم المختلفة : </p><p>أ - فعند الأصوليّين :</p><p>2 - هو تحديد المفهوم الكلّيّ ، بذكر خصائصه ومميّزاته . والتّعريف الكامل : هو ما يساوي المعرّف تمّام المساواة ، بحيث يكون جامعاً مانعاً . والحدّ والتّعريف عند الأصوليّين بمعنى واحد ، وهو : الجامع المانع ، سواء أكان بالذّاتيّات ، أم بالعرضيّات . </p><p>ب - عند الفقهاء :</p><p>3 - لم نقف للفقهاء على تعريف خاصّ للتّعريف ، والّذي يستفاد من الفروع الفقهيّة : أنّ استعمالهم هذا اللّفظ لا يخرج عن المعاني اللّغويّة ، لكنّهم عند الإطلاق يريدون المعنى الاصطلاحيّ لدى الأصوليّين . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الإعلان : </p><p>4 - الإعلان خلاف الكتمان ، والتّعريف أعمّ ، من حيث إنّه قد يكون سرّاً ، وقد يكون علانية . </p><p>ب - الكتمان أو الإخفاء : </p><p>5 - الكتمان : هو السّكوت عن المعنى ، أو إخفاء الشّيء وستره ، وقوله تعالى : { إنَّ الَّذينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى } أي يسكتون عن ذكره ، فالتّعريف مقابل الإخفاء والكتمان . </p><p>حكمه التّكليفيّ :</p><p>يختلف حكم التّعريف باختلاف المعرّف : </p><p>أوّلاً : التّعريف في الأمصار :</p><p>6 - هو قصد الرّجل مسجد بلده يوم عرفة ، للدّعاء والذّكر ، فهذا هو التّعريف في الأمصار الّذي اختلف العلماء فيه ، ففعله ابن عبّاس ، وعمرو بن حريث رضي الله عنهم ، من الصّحابة ، وطائفة من البصريّين ، والمدنيّين ، ورخّص فيه أحمد ، وإن كان مع ذلك لا يستحبّه . هذا هو المشهور عنه . وكرهه طائفة من الكوفيّين ، والمدنيّين ، كإبراهيم النّخعيّ ، وأبي حنيفة ، ومالك ، وغيرهم . </p><p>ومن كرهه قال : هو من البدع ، فيندرج في العموم ، لفظاً ومعنى . </p><p>ومن رخّص فيه قال : فعله ابن عبّاس رضي الله عنهما بالبصرة ، حين كان خليفة لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم ينكر عليه ، وما يفعل في عهد الخلفاء الرّاشدين من غير إنكار لا يكون بدعة . لكن ما يزاد على ذلك : من رفع الأصوات الرّفع الشّديد في المساجد بالدّعاء ، وأنواع من الخطب ، والأشعار الباطلة ، مكروه في هذا اليوم وغيره . </p><p>قال المرّوذيّ : سمعت أبا عبد اللّه يقول : ينبغي أن يسرّ دعاءه ، لقوله : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا } قال : هذا في الدّعاء . قال : وسمعت أبا عبد اللّه يقول : وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدّعاء .</p><p>ثانياً - تعريف اللُّقَطة :</p><p>7 - ذهب الأئمّة الثّلاثة ، وهو الأصحّ عند إمام الحرمين والغزاليّ من الشّافعيّة : إلى أنّه يجب تعريف اللّقطة ، سواء أراد تملّكها ، أم حفظها لصاحبها . </p><p>وفيه وجه آخر عند الشّافعيّة ، وبه قطع الأكثرون منهم ، وهو : أنّه لا يجب التّعريف فيما إذا قصد الحفظ أبدا ، وقالوا : إنّ التّعريف إنّما يجب لتحقيق شرط التّملّك . </p><p>وبيان كيفيّة التّعريف ومدّته ومكانه يرجع إليه في مصطلح ( لقطة ) .</p><p>ثالثاً - التّعريف في الدّعوى :</p><p>8 - لا خلاف بين الفقهاء : في أنّ تعريف الشّيء المدّعي والمدّعى عليه - بمعنى كونهما معلومين - شرط لسماع الدّعوى ، فلا بدّ من ذكر ما يعيّنهما ويعرّفهما ، لأنّ فائدة الدّعوى الإلزام بإقامة الحجّة ، والإلزام في المجهول غير متحقّق . </p><p>وفي كلّ ذلك خلاف وتفصيل ، يذكر في موطنه في مصطلح ( دعوى ) .</p><p></p><p>تعزير *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّعزير لغة : مصدر عزّر من العزر ، وهو الرّدّ والمنع ، ويقال : عزّر أخاه بمعنى : نصره ، لأنّه منع عدوّه من أن يؤذيه ، ويقال : عزّرته بمعنى : وقّرته ، وأيضاً : أدّبته ، فهو من أسماء الأضداد . وسمّيت العقوبة تعزيراً ، لأنّ من شأنها أن تدفع الجاني وتردّه عن ارتكاب الجرائم ، أو العودة إليها .</p><p>وفي الاصطلاح : هو عقوبة غير مقدّرة شرعاً ، تجب حقّاً للّه ، أو لآدميّ ، في كلّ معصية ليس فيها حدّ ولا كفّارة غالباً . </p><p> الألفاظ ذات الصّلة :</p><p>أ - الحدّ : </p><p>2 - الحدّ لغة : المنع . </p><p>واصطلاحاً : عقوبة مقدّرة شرعاً وجبت حقّا للّه تعالى كحدّ الزّنى ، أو للعبد كحدّ القذف . </p><p>ب - القصاص : </p><p>3 - القصاص لغة : تتبّع الأثر . واصطلاحاً : هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل . </p><p>ج - الكفّارة : </p><p>4 - الكفّارة لغة : من التّكفير ، وهو المحو، والكفّارة جزاء مقدّر من الشّرع ، لمحو الذّنب. 5 - ويختلف التّعزير عن الحدّ والقصاص والكفّارة من وجوه منها : </p><p>أ - في الحدود والقصاص ، إذا ثبتت الجريمة الموجبة لهما لدى القاضي شرعاً ، فإنّ عليه الحكم بالحدّ أو القصاص على حسب الأحوال ، وليس له اختيار في العقوبة ، بل هو يطبّق العقوبة المنصوص عليها شرعا بدون زيادة أو نقص ، ولا يحكم بالقصاص إذا عفي عنه ، وله هنا التّعزير . ومردّ ذلك : أنّ القصاص حقّ للأفراد ، بخلاف الحدّ . </p><p>وفي التّعزير يختار القاضي من العقوبات الشّرعيّة ما يناسب الحال ، فيجب على الّذين لهم سلطة التّعزير الاجتهاد في اختيار الأصلح ، لاختلاف ذلك باختلاف مراتب النّاس ، وباختلاف المعاصي . </p><p>ب - إقامة الحدّ الواجب لحقّ اللّه لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط ، إذا وصل الأمر للحاكم ، وثبت بالبيّنة ، وكذلك القصاص إذا لم يعف صاحب الحقّ فيه . والتّعزير إذا كان من حقّ اللّه تعالى تجب إقامته ، ويجوز فيه العفو والشّفاعة إن كان في ذلك مصلحة ، أو انزجر الجاني بدونه ، وإذا كان من حقّ الفرد فله تركه العفو وبغيره ، وهو يتوقّف على الدّعوى ، وإذا طالب صاحبه لا يكون لوليّ الأمر عفو ولا شفاعة ولا إسقاط . </p><p>ج - إثبات الحدود والقصاص عند الجمهور لا يثبت إلا بالبيّنة أو الاعتراف، بشروط خاصّة. وعلى سبيل المثال : لا يؤخذ فيه بأقوال المجنيّ عليه كشاهد ، ولا بالشّهادة السّماعيّة ، ولا باليمين ، ولا بشهادة النّساء . بخلاف التّعزير فيثبت بذلك ، وبغيره . </p><p>د - لا خلاف بين الفقهاء أنّ من حدّه الإمام فمات من ذلك فدمه هدر ، لأنّ الإمام مأمور بإقامة الحدّ ، وفعل المأمور لا يتقيّد بشرط السّلامة . </p><p>أمّا التّعزير فقد اختلفوا فيه ، فعند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : الحكم كذلك في التّعزير . أمّا عند الشّافعيّة : فالتّعزير موجب للضّمان ، وقد استدلّوا على ذلك بفعل عمر رضي الله عنه ،" إذ أرهب امرأة ففزعت فزعاً ، فدفعت الفزعة في رحمها ، فتحرّك ولدها ، فخرجت ، فأخذها المخاض ، فألقت غلاما جنينا ، فأتي عمر رضي الله عنه بذلك ، فأرسل إلى المهاجرين فقصّ عليهم أمرها ، فقال : ما ترون ؟ فقالوا : ما نرى عليك شيئاً يا أمير المؤمنين ، إنّما أنت معلّم ومؤدّب ، وفي القوم عليّ رضي الله عنه ، وعليّ ساكت . قال : فما تقول : أنت يا أبا الحسن قال : أقول : إن كانوا قاربوك في الهوى فقد أثموا ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا ، وأرى عليك الدّية يا أمير المؤمنين ، قال : صدقت ، اذهب فاقسمها على قومك ". أمّا من يتحمّل الدّية في النّهاية ، فقيل : إنّما تكون على عاقلة وليّ الأمر . وقيل : إنّها تكون في بيت المال . </p><p>هـ - إنّ الحدود تدرأ بالشّبهات ، بخلاف التّعزير ، فإنّه يثبت بالشّبهة . </p><p>و - يجوز الرّجوع في الحدود إن ثبتت بالإقرار ، أمّا التّعزير فلا يؤثّر فيه الرّجوع . </p><p>ز - إنّ الحدّ لا يجب على الصّغير ، ويجوز تعزيره . </p><p>ح - إنّ الحدّ قد يسقط بالتّقادم عند بعض الفقهاء ، بخلاف التّعزير . </p><p> الحكم التّكليفيّ :</p><p>6 - جمهور الفقهاء : على أنّ الأصل في التّعزير أنّه مشروع في كلّ معصية لا حدّ فيها ، ولا كفّارة . ويختلف حكمه باختلاف حاله وحال فاعله .</p><p>حكمة التّشريع :</p><p>7 - التّعزير مشروع لردع الجاني وزجره ، وإصلاحه وتهذيبه . </p><p>قال الزّيلعيّ : إنّ الغرض من التّعزير الزّجر . وسمّى التّعزيرات : بالزّواجر غير المقدّرة . والزّجر معناه : منع الجاني من معاودة الجريمة ، ومنع غيره من ارتكابها ، ومن ترك الواجبات ، كترك الصّلاة والمماطلة في أداء حقوق النّاس . </p><p>أمّا الإصلاح والتّهذيب فهما من مقاصد التّعزير ، وقد بيّن ذلك الزّيلعيّ بقوله : التّعزير للتّأديب . ومثله تصريح الماورديّ وابن فرحون بأنّ : التّعزير تأديب استصلاح وزجر . وقال الفقهاء : إنّ الحبس غير المحدّد المدّة حدّه التّوبة وصلاح حال الجاني . </p><p>وقالوا : إنّ التّعزير شرع للتّطهير ، لأنّ ذلك سبيل لإصلاح الجاني . </p><p>وقالوا : الزّواجر غير المقدّرة محتاج إليها ، لدفع الفساد كالحدود . </p><p>وليس التّعزير للتّعذيب ، أو إهدار الآدميّة ، أو الإتلاف ، حيث لا يكون ذلك واجباً . وفي ذلك يقول الزّيلعيّ : التّعزير للتّأديب ، ولا يجوز الإتلاف ، وفعله مقيّد بشرط السّلامة . ويقول ابن فرحون : التّعزير إنّما يجوز منه ما أمنت عاقبته غالباً ، وإلا لم يجز . </p><p>ويقول البهوتيّ : لا يجوز قطع شيء ممّن وجب عليه التّعزير ، ولا جرحه ، لأنّ الشّرع لم يرد بشيء من ذلك ، عن أحد يقتدى به ، ولأنّ الواجب أدب ، والأدب لا يكون بالإتلاف . وكلّ ضرب يؤدّي إلى الإتلاف ممنوع ، سواء أكان هذا الاحتمال ناشئاً من آلة الضّرب ، أم من حالة الجاني نفسه ، أم من موضع الضّرب ، وتفريعاً على ذلك : منع الفقهاء الضّرب في المواضع الّتي قد يؤدّي فيها إلى الإتلاف . </p><p>ولذلك فالرّاجح : أنّ الضّرب على الوجه والفرج والبطن والصّدر ممنوع . </p><p>وعلى الأساس المتقدّم منع جمهور الفقهاء في التّعزير : الصّفع ، وحلق اللّحية ، وتسويد الوجه ، وإن كان البعض قال به في شهادة الزّور ، قال الأسروشنيّ : لا يباح التّعزير بالصّفع ، لأنّه من أعلى ما يكون من الاستخفاف . وقال : تسويد الوجه في شهادة الزّور ممنوع بالإجماع ، أي بين الحنفيّة . </p><p>قال البهوتيّ : يحرم التّعزير بحلق لحيته لما فيه من المثلة ولا تسويد وجهه . </p><p>والتّعزير بالقتل عند من يراه يشترط في آلته : أن تكون حادّة من شأنها إحداث القتل بسهولة ، بحيث لا يتخلّف عنها القتل ، وألّا تكون كالّة ، فذلك من المثلة ، والرّسول صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ اللّه عزّ وجلّ كتب الإحسان على كلّ شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة ، وليحدّ أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته » وفي ذلك أمر بالإحسان في القتل ، وإراحة ما أحلّ اللّه ذبحه من الأنعام ، فالإحسان في الآدميّ أولى .</p><p>المعاصي الّتي شرع فيها التّعزير :</p><p>8 - المعصية : فعل ما حرم ، وترك ما فرض ، يستوي في ذلك كون العقاب دنيويّاً أو أخرويّاً . أجمع الفقهاء على : أنّ ترك الواجب أو فعل المحرّم معصية فيها التّعزير ، إذا لم يكن هناك حدّ مقدّر . </p><p>ومثال ترك الواجب عندهم : منع الزّكاة ، وترك قضاء الدّين عند القدرة على ذلك ، وعدم أداء الأمانة ، وعدم ردّ المغصوب ، وكتم البائع ما يجب عليه بيانه ، كأن يدلّس في المبيع عيباً خفيّاً ونحوه ، والشّاهد والمفتي والحاكم يعزّرون على ترك الواجب . </p><p>ومثال فعل المحرّم : سرقة ما لا قطع فيه ، لعدم توافر شروط النّصاب أو الحرز مثلاً ، وتقبيل الأجنبيّة ، والخلوة بها ، والغشّ في الأسواق ، والعمل بالرّبا ، وشهادة الزّور . </p><p>وقد يكون الفعل مباحاً في ذاته لكنّه يؤدّي لمفسدة ، وحكمه عند كثير من الفقهاء - وعلى الخصوص المالكيّة - أنّه يصير حراماً ، بناء على قاعدة سدّ الذّرائع ، وعلى ذلك فارتكاب مثل هذا الفعل فيه التّعزير ، ما دام ليست له عقوبة مقدّرة . </p><p>وما ذكر هو عن الواجب والمحرّم ، أمّا عن المندوب والمكروه - فعند بعض الأصوليّين : المندوب مأمور به ، ومطلوب فعله ، والمكروه منهيّ عنه ، ومطلوب تركه . </p><p>ويميّز المندوب عن الواجب أنّ الذّمّ يسقط عن تارك المندوب ، لكنّه يلحق تارك الواجب . </p><p>ويميّز المكروه عن المحرّم : أنّ الذّمّ يسقط عن مرتكب المكروه ، ولكنّه يثبت على مرتكب المحرّم ، وبناء على ذلك ليس تارك المندوب أو فاعل المكروه عاصياً ، لأنّ العصيان اسم ذمّ ، والذّمّ أسقط عنهما ، ولكنّهم يعتبرون من يترك المندوب أو يأتي المكروه مخالفاً ، وغير ممتثل . وعند آخرين : المندوب غير داخل تحت الأمر ، والمكروه غير داخل تحت النّهي ، فيكون المندوب مرغّباً في فعله ، والمكروه مرغّباً عنه . </p><p>وعندهم لا يعتبر تارك المندوب وفاعل المكروه عاصياً . </p><p>وقد اختلف في تعزير تارك المندوب ، وفاعل المكروه ، ففريق من الفقهاء على عدم جوازه ، لعدم التّكليف ، ولا تعزير بغير تكليف . وفريق أجازه ، استناداً على فعل عمر رضي الله عنه ، فقد عزّر رجلا أضجع شاة لذبحها ، وأخذ يحدّ شفرته وهي على هذا الوضع ، وهذا الفعل ليس إلا مكروهاً ، ويأخذ هذا الحكم من يترك المندوب . </p><p>وقال القليوبيّ : قد يشرع التّعزير ولا معصية ، كتأديب طفل ، وكافر ، وكمن يكتسب بآلة لهو لا معصية فيها .</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41290, member: 329"] تعذيب المتّهم : 8 - قسّم الفقهاء المتّهم بسرقة ونحوها إلى ثلاثة أقسام : إمّا أن يكون المتّهم معروفاً بالصّلاح ، فلا تجوز عقوبته اتّفاقاً . وإمّا أن يكون المتّهم مجهول الحال لا يعرف ببرّ ولا فجور ، فهذا يحبس حتّى ينكشف حاله ، وهذا عند جمهور الفقهاء . والمنصوص عليه عند أكثر الأئمّة : أنّه يحبسه القاضي والوالي ، لما روى أبو داود في سننه ، وأحمد ، من حديث بهز بن حكيم . عن أبيه ، عن جدّه : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حَبَس في تهمة » . وإمّا أن يكون المتّهم معروفاً بالفجور ، كالسّرقة ، وقطع الطّريق ، والقتل ، ونحو ذلك ، فيجوز حبسه وضربه ، كما « أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم الزّبير رضي الله عنه ، بتعذيب المتّهم الّذي غيّب ماله حتّى أقرّ به » . وقال ابن تيميّة : ما علمت أحدا من أئمّة المسلمين يقول : إنّ المدّعى عليه في جميع هذه الدّعاوى يحلف ، ويرسل بلا حبس ، ولا غيره . وقال البجيرميّ : والظّاهر أنّ الضّرب حرام في الشّقّين ، أي سواء كان ضرب ليقرّ ، أو ليصدق، خلافا لما توهّم حلّه إذا ضرب ليصدق. وقال ابن تيميّة : واختلفوا فيه : هل الّذي يضربه الوالي دون القاضي ، أو كلاهما ؟ أو لا يسوّغ ضربه ، على ثلاثة أقوال : أحدها : أنّه يضربه الوالي والقاضي ، وهذا قول طائفة من أصحاب مالك وأحمد ، منهم أشهب بن عبد العزيز ، فإنّه قال : يمتحن بالحبس والضّرب ، ويضرب بالسّوط مجرّداً . القول الثّاني : أنّه يضربه الوالي دون القاضي ، وهذا قول بعض أصحاب الشّافعيّ ، وأحمد. القول الثّالث : أنّه يحبس ولا يضرب ، وهذا قول أصبغ ، ثمّ قالت طائفة ، منهم عمر بن عبد العزيز ، ومطرّف ، وابن الماجشون : إنّه يحبس حتّى يموت . 9 - أمّا النّوع الثّاني : وهو التّعذيب غير المشروع للإنسان ، فمنه تعذيب الأسرى ، فقد ذكر الفقهاء عدم جواز تعذيبهم ، لأنّ الإسلام يدعو إلى الرّفق بالأسرى ، وإطعامهم ، قال اللّه تعالى : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّه مِسْكِينَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيرَاً } وفي الحديث الشّريف « لا تجمعوا عليهم حرّ الشّمس ، وحرّ السّلاح ، قيلوهم حتّى يبردوا » وهذا الكلام في أسارى بني قريظة ، حينما كانوا في الشّمس . وإذا كان هناك خوف الفرار ، فيصحّ حبس الأسير من غير تعذيب ، وإذا رجي أن يدلّ على أسرار العدوّ جاز تهديده وتعذيبه بالقدر الكافي ، لتحقيق ذلك ، ودليل ذلك : ما روي عن الرّسول صلى الله عليه وسلم : « أنّه أمر الزّبير بن العوّام بتعذيب من كتم خبر المال ، الّذي كان صلى الله عليه وسلم قد عاهدهم عليه ، وقال له : أين كنز حييّ بن أخطب ؟ فقال : يا محمّد ، أنفذته النّفقات والحروب ، فقال : المال كثير والمسألة أقرب ، وقال للزّبير : دونك هذا . فمسّه الزّبير بشيء من العذاب ، فدلّهم على المال » . لكن إذا كانوا يعذّبون أسرى المسلمين يجوز معاملتهم بالمثل ، لقوله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِه } وقوله أيضاً { وَالحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَليكُم فَاعْتَدُوا عَلَيه بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيكُم } قال الباجيّ : لا يمثّل بالأسير ، إلا أن يكونوا مثّلوا بالمسلمين . وقال ابن حبيب : قتل الأسير بضرب عنقه ، لا يمثّل به ، ولا يعبث عليه . قيل لمالك : أيضرب وسطه ؟ فقال : قال اللّه سبحانه { فَضَرْبَ الرِّقَاب } لا خير في العبث . 10 - وأمّا النّوع الثّالث : وهو التّعذيب المشروع للحيوان - فقد ذكروا له أمثلة ، منها : أ - تعذيب ماشية الزّكاة والجزية بالوسم - فقد ذهب الفقهاء إلى جوازه ، لما روي من فعل الصّحابة في ماشية الزّكاة والجزية . وقال الحنفيّة : لا بأس بكيّ البهائم للعلامة ، لأنّهم كانوا يفعلون ذلك في زمن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من غير إنكار . ب - إلقاء السّمك الحيّ في النّار ليصير مشويّاً فإنّ المالكيّة ذهبوا : إلى جوازه ، وذهب أحمد بن حنبل : إلى أنّ هذا العمل مكروه ، ومع هذا فقد رأى جواز أكله ، وهذا بخلاف شيّ الجراد حيّاً ، فإنّه يجيزه من غير كراهة ، لما أثر أنّ الصّحابة فعلوا ذلك ، من غير نكير . ج - ومن ذلك التّعذيب الجائز : ضرب الحيوان بقدر ما يحصل به التّعليم والتّرويض ، ويخاصم الضّارب فيما زاد على القدر الّذي يحتاج إليه ، كما في البحر الرّائق . 11 - وأمّا النّوع الرّابع : وهو التّعذيب " غير المشروع " للحيوان : فمنه : تعذيب الحيوان بالمنع من الأكل والشّرب ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: دخلت امرأة النّار في هرّة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض » . ومنه : اتّخاذ ذي روح غرضا ، أي هدفا للرّمي . ومنه : قطع رأس الحيوان المذبوح وسلخه قبل أن يبرد ، ويسكن عن الاضطراب . مواطن البحث : 12 - ذكر الفقهاء التّعذيب في مواضع شتّى سبق ذكر عدد منها خلال البحث . ومنها أيضاً : الجنايات ، والتّعزيرات ، والتّأديب ، والتّذكية ، والأسر ، والسّياسة الشّرعيّة ، والجهاد ( السّير ) . تعريض * التّعريف : 1 - التّعريض : لغة ضدّ التّصريح ، يقال : عرّض لفلان وبفلان : إذا قال قولاً عامّاً ، وهو يعني فلانا ، ومنه : المعاريض في الكلام ، كقولهم : إنّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب. وهو في الاصطلاح : ما يفهم به السّامع مراد المتكلّم من غير تصريح . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الكناية 2 - الكناية : وهي ذكر اللازم ، وإرادة الملزوم . والفرق بين الكناية والتّعريض : أنّ التّعريض هو تضمين الكلام دلالة ليس فيها ذكر ، كقول المحتاج : جئتك لأسلّم عليك ، فيقصد من اللّفظ السّلام ، ومن السّياق طلب الحاجة . ب - التّورية : 3 - التّورية : وهي أن تطلق لفظاً ظاهراً قريباً في معنى ، تريد به معنى آخر بعيداً يتناوله ذلك اللّفظ ، لكنّه خلاف ظاهره . والفرق بينها وبين التّعريض : أنّ فائدة التّورية تراد من اللّفظ ، فهي أخصّ من التّعريض ، الّذي قد يفهم المراد منه من السّياق والقرائن ، أو اللّفظ ، فهو أعمّ . الحكم التّكليفيّ : يختلف حكم التّعريض بحسب موضوعه كما يلي : أوّلا : التّعريض في الخطبة : 4 - لا خلاف بين الفقهاء في حرمة التّعريض بالخطبة لمنكوحة الغير ، والمعتدّة من طلاق رجعيّ ، لأنّها في حكم المنكوحة ، كما اتّفق الفقهاء على حرمة التّعريض لمخطوبة من صرّح بإجابته وعلمت خطبته ، ولم يأذن الخاطب ولم يعرّض عنها . لخبر : « لا يخطب الرّجل على خطبة أخيه ، حتّى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب » ر : مصطلح : ( خِطبة ) . ثانياً : التّعريض بخطبة المعتدّة غير الرّجعيّة : 5 - ذهب جمهور الفقهاء : إلى جواز التّعريض بالخطبة للمعتدّة عن وفاة ، ولم نقف على خلاف بينهم فيها ، إلا قولاً للشّافعيّة ، مؤدّاه : إن كانت عدّة الوفاة بالحمل لم يعرّض لها ، خوفا من تكلّف إلقاء الجنين ، وهو قول ضعيف عندهم . واستدلّ الجمهور بقوله تعالى : { وَلا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فيما عَرَّضْتُمْ بِه مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أو أَكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ } . لأنّها وردت في عدّة الوفاة ، كما قال جمهور المفسّرين . واختلفوا في جواز التّعريض للمعتدّة من طلاق بائن أو فسخ فذهب المالكيّة والشّافعيّة في الأظهر ، والحنابلة في قول : إلى أنّه يحلّ التّعريض لبائن معتدّة بالأقراء أو الأشهر ، وذلك لعموم الآية ، ولانقطاع سلطة الزّوج عليها ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون بائنا بينونة صغرى أو كبرى ، أو بفسخ ، أو فرقة بلعان ، أو رضاع ، في الأظهر عندهم . وهو مذهب مالك ، وأحمد . ومقابل الأظهر عند الشّافعيّة ، وأحد قولي أحمد : لا يحلّ التّعريض للبائن بطلاق رجعيّ ، لأنّ لصاحب العدّة المنتهية أن ينكحها بنكاح جديد ، فأشبهت الرّجعيّة . وذهب الحنفيّة : إلى أنّه لا يحلّ التّعريض لمعتدّة من طلاق بنوعيه ، لإفضائه إلى عداوة المطلّق . ونقل ابن عابدين عن الفتح " الإجماع " بين فقهاء الحنفيّة على حرمة التّعريض للمعتدّة من طلاق مطلقا ، ويجوز التّعريض عندهم للمعتدّة من نكاح فاسد ، ووطء شبهة . وجواز التّعريض بالخطبة للمعتدّة مرتبط بجواز خروج المعتدّة ، فمن يجوز لها الخروج من بيت العدّة ، يجوز التّعريض بالخطبة لها ، ومن لا يجوز لها الخروج لا يجوز التّعريض لها عند الحنفيّة . ألفاظ التّعريض بالخطبة : 6 - التّعريض : هو كلّ لفظ يحتمل الخطبة وغيرها ، ولكنّ الفقهاء يذكرون ألفاظاً للتّمثيل له : كأنت جميلة ، ومن يجد مثلك ؟ وأنّ اللّه ساق لك خيراً ، ربّ راغب فيك ، ونحو ذلك . ثالثاً : التّعريض بالقذف : 7 - اختلف الفقهاء في وجوب الحدّ بالتّعريض بالقذف ، فذهب مالك : إلى أنّه إذا عرّض بالقذف غير أب يجب عليه الحدّ - إن فهم القذف بتعريضه بالقرائن ، كخصام بينهم ، ولا فرق في ذلك بين النّظم والنّثر ، أمّا الأب إذا عرّض لولده فإنّه لا يحدّ لبعده عن التّهمة . وهو أحد قولين للإمام أحمد ، لأنّ عمر رضي الله عنه استشار بعض الصّحابة في رجل قال لآخر : ما أنا بزان ولا أمّي بزانية ؟ فقالوا : إنّه قد مدح أباه وأمّه ، فقال عمر : قد عرّض لصاحبه ، فجلده الحدّ . وعند الحنفيّة : أنّ التّعريض بالقذف ، قذف . كقوله : ما أنا بزان ، وأمّي ليست بزانية ، ولكنّه لا يحدّ ، لأنّ الحدّ يسقط للشّبهة ، ويعاقب بالتّعزير ، لأنّ المعنى : بل أنت زان . والتّعريض بالقذف عند الشّافعيّة ، كقوله : يا ابن الحلال ، وأمّا أنا فلست بزان ، وأمّي ليست بزانية ، فهذا كلّه ليس بقذف وإن نواه ، لأنّ النّيّة إنّما تؤثّر ، إذا احتمل اللّفظ المنويّ ، ولا دلالة هنا في اللّفظ ولا احتمال ، وما يفهم منه مستنده قرائن الأحوال . هذا هو الأصحّ . وقيل : هو كناية ، أي عن القذف ، لحصول الفهم والإيذاء . فإن أراد النّسبة إلى الزّنى فقذف ، وإلا فلا . وسواء في ذلك حالة الغضب وغيرها . وهو أحد قولي الإمام أحمد . رابعاً : التّعريض للمسلم بقتل طالبه من الكفّار : 8 - يجوز التّعريض للمسلم لقتل من جاء يطلبه ليردّه إلى دار الكفر ، لأنّ عمر رضي الله عنه قال لأبي جندل رضي الله عنه حين ردّ لأبيه : اصبر أبا جندل فإنّما هم المشركون ، وإنّما دم أحدهم دم كلب يعرّض له بقتل أبيه . خامساً - التّعريض للمقرّ بحدّ خالص بالرّجوع : 9 - ذهب الشّافعيّة في الصّحيح عندهم : إلى أنّه يجوز للقاضي أن يعرّض له بالرّجوع ، كأن يقول له في السّرقة : لعلّك أخذت من غير حرز ، وفي الزّنى : لعلّك فاخذت أو لمست ، وفي الشّرب : لعلّك لم تعلم أنّ ما شربت مسكر لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « قال لمن أقرّ عنده بالسّرقة ما إخالك سرقت » فأعاد عليه مرّتين أو ثلاثاً ، وقال لماعز : « لعلّك قبّلت ، أو غمزت ، أو نظرت » . وفي قول عندهم : لا يعرّض له بالرّجوع ، كما لا يصرّح. وفي قول : يعرّض له ، إن لم يعلم أنّ له الرّجوع ، فإن علم فلا يعرّض له . وذهب الحنفيّة ، والإمام أحمد : إلى أنّ التّعريض مندوب ، لحديث ماعز وتفصيله في الحدود . مواطن البحث : 10 - يذكر الفقهاء التّعريض في الأبواب الآتية : في كتاب النّكاح ، والعدّة ، وفي الحدود : في القذف ، والرّجوع عن الإقرار . وفي الهدنة : وفي الأيمان في القضاء فقط . تعريف * التّعريف : 1 - التّعريف : مصدر عرّف . ومن معانيه : الإعلام والتّوضيح ، " ويقابله التّجهيل " وإنشاد الضّالّة ، والتّطييب ، وهو مأخوذ من العرف أي : الرّائحة ، كما قال ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى : { وَيُدْخِلْهُم الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } أي طيّبها لهم . والتّعريف : الوقوف بعرفات . ويراد به أيضاً : ما يصنعه بعض النّاس في بلادهم يوم عرفة ، من التّجمّع والدّعاء ، تشبّهاً بالحجّاج . ويراد به أيضاً : ذهاب الحاجّ بالهدي إلى عرفات ، ليعرّف النّاس أنّه هدي . وأمّا في الاصطلاح ، فللتّعريف عدّة إطلاقات تبعاً للعلوم المختلفة : أ - فعند الأصوليّين : 2 - هو تحديد المفهوم الكلّيّ ، بذكر خصائصه ومميّزاته . والتّعريف الكامل : هو ما يساوي المعرّف تمّام المساواة ، بحيث يكون جامعاً مانعاً . والحدّ والتّعريف عند الأصوليّين بمعنى واحد ، وهو : الجامع المانع ، سواء أكان بالذّاتيّات ، أم بالعرضيّات . ب - عند الفقهاء : 3 - لم نقف للفقهاء على تعريف خاصّ للتّعريف ، والّذي يستفاد من الفروع الفقهيّة : أنّ استعمالهم هذا اللّفظ لا يخرج عن المعاني اللّغويّة ، لكنّهم عند الإطلاق يريدون المعنى الاصطلاحيّ لدى الأصوليّين . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الإعلان : 4 - الإعلان خلاف الكتمان ، والتّعريف أعمّ ، من حيث إنّه قد يكون سرّاً ، وقد يكون علانية . ب - الكتمان أو الإخفاء : 5 - الكتمان : هو السّكوت عن المعنى ، أو إخفاء الشّيء وستره ، وقوله تعالى : { إنَّ الَّذينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى } أي يسكتون عن ذكره ، فالتّعريف مقابل الإخفاء والكتمان . حكمه التّكليفيّ : يختلف حكم التّعريف باختلاف المعرّف : أوّلاً : التّعريف في الأمصار : 6 - هو قصد الرّجل مسجد بلده يوم عرفة ، للدّعاء والذّكر ، فهذا هو التّعريف في الأمصار الّذي اختلف العلماء فيه ، ففعله ابن عبّاس ، وعمرو بن حريث رضي الله عنهم ، من الصّحابة ، وطائفة من البصريّين ، والمدنيّين ، ورخّص فيه أحمد ، وإن كان مع ذلك لا يستحبّه . هذا هو المشهور عنه . وكرهه طائفة من الكوفيّين ، والمدنيّين ، كإبراهيم النّخعيّ ، وأبي حنيفة ، ومالك ، وغيرهم . ومن كرهه قال : هو من البدع ، فيندرج في العموم ، لفظاً ومعنى . ومن رخّص فيه قال : فعله ابن عبّاس رضي الله عنهما بالبصرة ، حين كان خليفة لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم ينكر عليه ، وما يفعل في عهد الخلفاء الرّاشدين من غير إنكار لا يكون بدعة . لكن ما يزاد على ذلك : من رفع الأصوات الرّفع الشّديد في المساجد بالدّعاء ، وأنواع من الخطب ، والأشعار الباطلة ، مكروه في هذا اليوم وغيره . قال المرّوذيّ : سمعت أبا عبد اللّه يقول : ينبغي أن يسرّ دعاءه ، لقوله : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا } قال : هذا في الدّعاء . قال : وسمعت أبا عبد اللّه يقول : وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدّعاء . ثانياً - تعريف اللُّقَطة : 7 - ذهب الأئمّة الثّلاثة ، وهو الأصحّ عند إمام الحرمين والغزاليّ من الشّافعيّة : إلى أنّه يجب تعريف اللّقطة ، سواء أراد تملّكها ، أم حفظها لصاحبها . وفيه وجه آخر عند الشّافعيّة ، وبه قطع الأكثرون منهم ، وهو : أنّه لا يجب التّعريف فيما إذا قصد الحفظ أبدا ، وقالوا : إنّ التّعريف إنّما يجب لتحقيق شرط التّملّك . وبيان كيفيّة التّعريف ومدّته ومكانه يرجع إليه في مصطلح ( لقطة ) . ثالثاً - التّعريف في الدّعوى : 8 - لا خلاف بين الفقهاء : في أنّ تعريف الشّيء المدّعي والمدّعى عليه - بمعنى كونهما معلومين - شرط لسماع الدّعوى ، فلا بدّ من ذكر ما يعيّنهما ويعرّفهما ، لأنّ فائدة الدّعوى الإلزام بإقامة الحجّة ، والإلزام في المجهول غير متحقّق . وفي كلّ ذلك خلاف وتفصيل ، يذكر في موطنه في مصطلح ( دعوى ) . تعزير * التّعريف : 1 - التّعزير لغة : مصدر عزّر من العزر ، وهو الرّدّ والمنع ، ويقال : عزّر أخاه بمعنى : نصره ، لأنّه منع عدوّه من أن يؤذيه ، ويقال : عزّرته بمعنى : وقّرته ، وأيضاً : أدّبته ، فهو من أسماء الأضداد . وسمّيت العقوبة تعزيراً ، لأنّ من شأنها أن تدفع الجاني وتردّه عن ارتكاب الجرائم ، أو العودة إليها . وفي الاصطلاح : هو عقوبة غير مقدّرة شرعاً ، تجب حقّاً للّه ، أو لآدميّ ، في كلّ معصية ليس فيها حدّ ولا كفّارة غالباً . الألفاظ ذات الصّلة : أ - الحدّ : 2 - الحدّ لغة : المنع . واصطلاحاً : عقوبة مقدّرة شرعاً وجبت حقّا للّه تعالى كحدّ الزّنى ، أو للعبد كحدّ القذف . ب - القصاص : 3 - القصاص لغة : تتبّع الأثر . واصطلاحاً : هو أن يفعل بالجاني مثل ما فعل . ج - الكفّارة : 4 - الكفّارة لغة : من التّكفير ، وهو المحو، والكفّارة جزاء مقدّر من الشّرع ، لمحو الذّنب. 5 - ويختلف التّعزير عن الحدّ والقصاص والكفّارة من وجوه منها : أ - في الحدود والقصاص ، إذا ثبتت الجريمة الموجبة لهما لدى القاضي شرعاً ، فإنّ عليه الحكم بالحدّ أو القصاص على حسب الأحوال ، وليس له اختيار في العقوبة ، بل هو يطبّق العقوبة المنصوص عليها شرعا بدون زيادة أو نقص ، ولا يحكم بالقصاص إذا عفي عنه ، وله هنا التّعزير . ومردّ ذلك : أنّ القصاص حقّ للأفراد ، بخلاف الحدّ . وفي التّعزير يختار القاضي من العقوبات الشّرعيّة ما يناسب الحال ، فيجب على الّذين لهم سلطة التّعزير الاجتهاد في اختيار الأصلح ، لاختلاف ذلك باختلاف مراتب النّاس ، وباختلاف المعاصي . ب - إقامة الحدّ الواجب لحقّ اللّه لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط ، إذا وصل الأمر للحاكم ، وثبت بالبيّنة ، وكذلك القصاص إذا لم يعف صاحب الحقّ فيه . والتّعزير إذا كان من حقّ اللّه تعالى تجب إقامته ، ويجوز فيه العفو والشّفاعة إن كان في ذلك مصلحة ، أو انزجر الجاني بدونه ، وإذا كان من حقّ الفرد فله تركه العفو وبغيره ، وهو يتوقّف على الدّعوى ، وإذا طالب صاحبه لا يكون لوليّ الأمر عفو ولا شفاعة ولا إسقاط . ج - إثبات الحدود والقصاص عند الجمهور لا يثبت إلا بالبيّنة أو الاعتراف، بشروط خاصّة. وعلى سبيل المثال : لا يؤخذ فيه بأقوال المجنيّ عليه كشاهد ، ولا بالشّهادة السّماعيّة ، ولا باليمين ، ولا بشهادة النّساء . بخلاف التّعزير فيثبت بذلك ، وبغيره . د - لا خلاف بين الفقهاء أنّ من حدّه الإمام فمات من ذلك فدمه هدر ، لأنّ الإمام مأمور بإقامة الحدّ ، وفعل المأمور لا يتقيّد بشرط السّلامة . أمّا التّعزير فقد اختلفوا فيه ، فعند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : الحكم كذلك في التّعزير . أمّا عند الشّافعيّة : فالتّعزير موجب للضّمان ، وقد استدلّوا على ذلك بفعل عمر رضي الله عنه ،" إذ أرهب امرأة ففزعت فزعاً ، فدفعت الفزعة في رحمها ، فتحرّك ولدها ، فخرجت ، فأخذها المخاض ، فألقت غلاما جنينا ، فأتي عمر رضي الله عنه بذلك ، فأرسل إلى المهاجرين فقصّ عليهم أمرها ، فقال : ما ترون ؟ فقالوا : ما نرى عليك شيئاً يا أمير المؤمنين ، إنّما أنت معلّم ومؤدّب ، وفي القوم عليّ رضي الله عنه ، وعليّ ساكت . قال : فما تقول : أنت يا أبا الحسن قال : أقول : إن كانوا قاربوك في الهوى فقد أثموا ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا ، وأرى عليك الدّية يا أمير المؤمنين ، قال : صدقت ، اذهب فاقسمها على قومك ". أمّا من يتحمّل الدّية في النّهاية ، فقيل : إنّما تكون على عاقلة وليّ الأمر . وقيل : إنّها تكون في بيت المال . هـ - إنّ الحدود تدرأ بالشّبهات ، بخلاف التّعزير ، فإنّه يثبت بالشّبهة . و - يجوز الرّجوع في الحدود إن ثبتت بالإقرار ، أمّا التّعزير فلا يؤثّر فيه الرّجوع . ز - إنّ الحدّ لا يجب على الصّغير ، ويجوز تعزيره . ح - إنّ الحدّ قد يسقط بالتّقادم عند بعض الفقهاء ، بخلاف التّعزير . الحكم التّكليفيّ : 6 - جمهور الفقهاء : على أنّ الأصل في التّعزير أنّه مشروع في كلّ معصية لا حدّ فيها ، ولا كفّارة . ويختلف حكمه باختلاف حاله وحال فاعله . حكمة التّشريع : 7 - التّعزير مشروع لردع الجاني وزجره ، وإصلاحه وتهذيبه . قال الزّيلعيّ : إنّ الغرض من التّعزير الزّجر . وسمّى التّعزيرات : بالزّواجر غير المقدّرة . والزّجر معناه : منع الجاني من معاودة الجريمة ، ومنع غيره من ارتكابها ، ومن ترك الواجبات ، كترك الصّلاة والمماطلة في أداء حقوق النّاس . أمّا الإصلاح والتّهذيب فهما من مقاصد التّعزير ، وقد بيّن ذلك الزّيلعيّ بقوله : التّعزير للتّأديب . ومثله تصريح الماورديّ وابن فرحون بأنّ : التّعزير تأديب استصلاح وزجر . وقال الفقهاء : إنّ الحبس غير المحدّد المدّة حدّه التّوبة وصلاح حال الجاني . وقالوا : إنّ التّعزير شرع للتّطهير ، لأنّ ذلك سبيل لإصلاح الجاني . وقالوا : الزّواجر غير المقدّرة محتاج إليها ، لدفع الفساد كالحدود . وليس التّعزير للتّعذيب ، أو إهدار الآدميّة ، أو الإتلاف ، حيث لا يكون ذلك واجباً . وفي ذلك يقول الزّيلعيّ : التّعزير للتّأديب ، ولا يجوز الإتلاف ، وفعله مقيّد بشرط السّلامة . ويقول ابن فرحون : التّعزير إنّما يجوز منه ما أمنت عاقبته غالباً ، وإلا لم يجز . ويقول البهوتيّ : لا يجوز قطع شيء ممّن وجب عليه التّعزير ، ولا جرحه ، لأنّ الشّرع لم يرد بشيء من ذلك ، عن أحد يقتدى به ، ولأنّ الواجب أدب ، والأدب لا يكون بالإتلاف . وكلّ ضرب يؤدّي إلى الإتلاف ممنوع ، سواء أكان هذا الاحتمال ناشئاً من آلة الضّرب ، أم من حالة الجاني نفسه ، أم من موضع الضّرب ، وتفريعاً على ذلك : منع الفقهاء الضّرب في المواضع الّتي قد يؤدّي فيها إلى الإتلاف . ولذلك فالرّاجح : أنّ الضّرب على الوجه والفرج والبطن والصّدر ممنوع . وعلى الأساس المتقدّم منع جمهور الفقهاء في التّعزير : الصّفع ، وحلق اللّحية ، وتسويد الوجه ، وإن كان البعض قال به في شهادة الزّور ، قال الأسروشنيّ : لا يباح التّعزير بالصّفع ، لأنّه من أعلى ما يكون من الاستخفاف . وقال : تسويد الوجه في شهادة الزّور ممنوع بالإجماع ، أي بين الحنفيّة . قال البهوتيّ : يحرم التّعزير بحلق لحيته لما فيه من المثلة ولا تسويد وجهه . والتّعزير بالقتل عند من يراه يشترط في آلته : أن تكون حادّة من شأنها إحداث القتل بسهولة ، بحيث لا يتخلّف عنها القتل ، وألّا تكون كالّة ، فذلك من المثلة ، والرّسول صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ اللّه عزّ وجلّ كتب الإحسان على كلّ شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة ، وليحدّ أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته » وفي ذلك أمر بالإحسان في القتل ، وإراحة ما أحلّ اللّه ذبحه من الأنعام ، فالإحسان في الآدميّ أولى . المعاصي الّتي شرع فيها التّعزير : 8 - المعصية : فعل ما حرم ، وترك ما فرض ، يستوي في ذلك كون العقاب دنيويّاً أو أخرويّاً . أجمع الفقهاء على : أنّ ترك الواجب أو فعل المحرّم معصية فيها التّعزير ، إذا لم يكن هناك حدّ مقدّر . ومثال ترك الواجب عندهم : منع الزّكاة ، وترك قضاء الدّين عند القدرة على ذلك ، وعدم أداء الأمانة ، وعدم ردّ المغصوب ، وكتم البائع ما يجب عليه بيانه ، كأن يدلّس في المبيع عيباً خفيّاً ونحوه ، والشّاهد والمفتي والحاكم يعزّرون على ترك الواجب . ومثال فعل المحرّم : سرقة ما لا قطع فيه ، لعدم توافر شروط النّصاب أو الحرز مثلاً ، وتقبيل الأجنبيّة ، والخلوة بها ، والغشّ في الأسواق ، والعمل بالرّبا ، وشهادة الزّور . وقد يكون الفعل مباحاً في ذاته لكنّه يؤدّي لمفسدة ، وحكمه عند كثير من الفقهاء - وعلى الخصوص المالكيّة - أنّه يصير حراماً ، بناء على قاعدة سدّ الذّرائع ، وعلى ذلك فارتكاب مثل هذا الفعل فيه التّعزير ، ما دام ليست له عقوبة مقدّرة . وما ذكر هو عن الواجب والمحرّم ، أمّا عن المندوب والمكروه - فعند بعض الأصوليّين : المندوب مأمور به ، ومطلوب فعله ، والمكروه منهيّ عنه ، ومطلوب تركه . ويميّز المندوب عن الواجب أنّ الذّمّ يسقط عن تارك المندوب ، لكنّه يلحق تارك الواجب . ويميّز المكروه عن المحرّم : أنّ الذّمّ يسقط عن مرتكب المكروه ، ولكنّه يثبت على مرتكب المحرّم ، وبناء على ذلك ليس تارك المندوب أو فاعل المكروه عاصياً ، لأنّ العصيان اسم ذمّ ، والذّمّ أسقط عنهما ، ولكنّهم يعتبرون من يترك المندوب أو يأتي المكروه مخالفاً ، وغير ممتثل . وعند آخرين : المندوب غير داخل تحت الأمر ، والمكروه غير داخل تحت النّهي ، فيكون المندوب مرغّباً في فعله ، والمكروه مرغّباً عنه . وعندهم لا يعتبر تارك المندوب وفاعل المكروه عاصياً . وقد اختلف في تعزير تارك المندوب ، وفاعل المكروه ، ففريق من الفقهاء على عدم جوازه ، لعدم التّكليف ، ولا تعزير بغير تكليف . وفريق أجازه ، استناداً على فعل عمر رضي الله عنه ، فقد عزّر رجلا أضجع شاة لذبحها ، وأخذ يحدّ شفرته وهي على هذا الوضع ، وهذا الفعل ليس إلا مكروهاً ، ويأخذ هذا الحكم من يترك المندوب . وقال القليوبيّ : قد يشرع التّعزير ولا معصية ، كتأديب طفل ، وكافر ، وكمن يكتسب بآلة لهو لا معصية فيها . [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية