الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ابن عامر الشامي" data-source="post: 41294" data-attributes="member: 329"><p>ج - اليمين :</p><p>4 - اليمين والقَسَم والإيلاء والحلف ألفاظ مترادفة ، أو أنّ الحلف أعمّ . </p><p>ومعنى اليمين في اللّغة : الجهة والجارحة والقوّة والشّدّة ، ويسمّى به الحلف مجازاً . </p><p>وأمّا في الشّرع فهي : عبارة عن عقد قويّ به عزم الحالف على الفعل أو التّرك . </p><p>وقال البهوتيّ : إنّها توكيد الحكم المحلوف عليه بذكر معظّم على وجه مخصوص . </p><p>وبين التّعليق واليمين تشابه ، لأنّ كلا منهما فيه حمل للنّفس على فعل الشّيء أو تركه ، وما سمّي الحلف باللّه تعالى يميناً إلا لإفادته القوّة على المحلوف عليه من الفعل أو التّرك . واليمين تنقسم بحسب صيغتها إلى يمين منجّزة بالصّيغة الأصليّة لليمين ، نحو : واللّه لأفعلن . ويمين بالتّعليق ، وهي : أن يرتّب المتكلّم جزاء مكروهاً له في حالة مخالفة الواقع ، أو تخلّف المقصود . وتفصيله في مصطلح ( أيمان ) .</p><p>صيغة التّعليق :</p><p>5 - يكون التّعليق بكلّ ما يدلّ على ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى ، سواء أكان ذلك الرّبط بأداة من أدوات الشّرط ، أم بغيرها ممّا يقوم مقامها ، كما لو دلّ سياق الكلام على الارتباط دلالة كلمة الشّرط عليه . </p><p>ومثال الرّبط بين جملتي التّعليق بأداة من أدوات الشّرط : قول الزّوج لزوجته : إن دخلت الدّار فأنت طالق ، فقد رتّب وقوع الطّلاق على دخولها الدّار ، فإن دخلت وقع الطّلاق ، وإلا فلا . ومثال الرّبط بين جملتي التّعليق بلا أداة شرط : هو قول القائل مثلا : الرّبح الّذي سيعود إليّ من تجارتي هذا العام وقف على الفقراء ، فقد رتّب حصول الوقف على حصول الرّبح بلا أداة شرط ، لأنّ مثل هذا الأسلوب يقوم مقام أداة الشّرط . </p><p>والمراد بالشّرط الّذي تستعمل فيه أداته للرّبط بين جملتي التّعليق : الشّرط اللّغويّ ، لأنّ ارتباط الجملتين النّاشئ عنه كارتباط المسبّب بالسّبب .</p><p>أدوات التّعليق :</p><p>6 - المراد بها : كلّ أداة تدلّ على ربط حصول مضمون بحصول مضمون جملة أخرى ، سواء أكانت من أدوات الشّرط الجازمة أم من غيرها . </p><p>وتلك الأدوات كما جاء في المغني عند الكلام على تعليق الطّلاق بالشّرط ، إن ، وإذا ، ومتى ، ومن ، وأي ، و كلّما . وزاد النّوويّ في الرّوضة ، متى ما ، ومهما . </p><p>وزاد صاحب مسلم الثّبوت ، لو ، وكيف . وزاد السّرخسيّ في أصوله والبزدويّ في أصوله وصاحب فتح الغفّار وصاحب كشّاف القناع " حيث " ، وذكر صاحب فتح الغفّار وصاحب كشّاف القناع أيضا أن " أين " من صيغ التّعليق . </p><p>وزاد صاحب كشّاف القناع أيضاً " أنّى " ولم يفرّق بينها وبين " إن " . وفيما يلي بعض ما قاله العلماء في كلّ أداة من هذه الأدوات من حيث اللّغة ومن حيث التّعليق .</p><p>أ - إن :</p><p>7 - إن الشّرطيّة هي المستعملة في الرّبط بين جملتي التّعليق ، فإنّها أصل في التّعليق وفي حروف الشّرط وأدواته ، لتمحّضها للتّعليق والشّرط ، فليس لها معنى آخر سوى الشّرط والتّعليق ، بخلاف غيرها من أدوات الشّرط كإذا ومتى ، فإنّ لها معاني أخرى تستعمل فيها إلى جانب الشّرط . وتستعمل إن وغيرها من الأدوات الجازمة المشابهة لها في أمر متردّد على خطر الوجود ، أي : بين أن يكون وأن لا يكون . ولا تستعمل فيما هو قطعيّ الوجود ، أو قطعيّ الانتفاء ، إلا على تنزيلهما منزلة المشكوك لنكتة . </p><p>8 - ويترتّب على كون ( إن ) للشّرط المحض : أنّه لو علّق طلاق امرأته بعدم تطليقه لها ، بأن قال : إن لم أطلّقك فأنت طالق ، لم تطلق حتّى يموت أحدهما قبل أن يطلّقها ، لأنّ إن للشّرط ، وأنّه جعل عدم إيقاع الطّلاق عليها شرطاً ، ولا يتيقّن وجود هذا الشّرط ما بقيا حيّين ، فهو كقوله : إن لم آت البصرة فأنت طالق . ثمّ إن مات الزّوج وقع الطّلاق عليها قبل موته بقليل ، وليس لذلك القليل حدّ معروف . ولكن قبيل موته يتحقّق عجزه عن إيقاع الطّلاق عليها ، فيتحقّق شرط الحنث . فإن كان لم يدخل بها فلا ميراث لها ، وإن كان قد دخل بها ، فلها الميراث بحكم الفرار . وإن ماتت المرأة تطلق أيضا في إحدى الرّوايتين بلا فصل - كما في أصول السّرخسيّ - لأنّ فعل التّطليق لا يتحقّق بدون المحلّ ، وبفوات المحلّ يتحقّق الشّرط . وذكر ابن قدامة أنّه لو علّق الطّلاق بالنّفي بإحدى كلمات الشّرط ، كانت ( إن ) على التّراخي ، وأمّا غيرها ( كمتى ومن وكلّما وأيّ ) فإنّه يكون على الفور . والتّفصيل محلّه مصطلح : ( طلاق ) . </p><p>ب - إذا :</p><p>9 - ( إذا ) ترد في اللّغة على وجهين : </p><p>أحدهما : أن تكون للمفاجأة ، فتختصّ بالجمل الاسميّة ، ولا تحتاج إلى جواب ، ولا تقع في الابتداء ، ومعناها الحال لا الاستقبال . </p><p>ثانيهما : أن تكون لغير مفاجأة ، فالغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمّنة معنى الشّرط . وخلاصة القول في إذا : أنّها تستعمل عند الكوفيّين في معنى الوقت ، وفي معنى الشّرط ، وإذا استعملت في معنى الشّرط سقط عنها معنى الوقت ، وصارت حرفا كإن ، وهو قول أبي حنيفة وقد سبق . وعند البصريّين هي حقيقة في الوقت ، وتستعمل في الشّرط مع بقاء الوقت ، وهو قول أبي يوسف ومحمّد ، فعندهما أنّها مثل متى ، أي لا يسقط عنها معنى الظّرف ، وعنده أنّها كإن في التّمحّض للشّرطيّة ، فلا يبقى فيها معنى الظّرف . </p><p>10 - ويترتّب على الخلاف بين قول أبي حنيفة وصاحبيه : أنّه لو قال : إذا لم أطلّقك فأنت طالق ، أو إذا ما لم أطلّقك فأنت طالق ، فإن عنى بها الوقت تطلق في الحال ، وإن عنى بها الشّرط لم تطلق حتّى تموت ، وإن لم تكن له نيّة لم تطلق حتّى تموت . وهذا على قول أبي حنيفة بناء على أنّ ( إذا ) إن استعملت في معنى الشّرط سقط عنها معنى الوقت ، وهو رأي الكوفيّين . وأمّا على قول أبي يوسف ومحمّد فإنّها تطلق في الحال عند عدم النّيّة ، بناء على رأي البصريّين في أنّ إذا تستعمل للوقت غالبا ، وتقرن بما ليس فيه معنى الخطر ، فإنّه يقال : الرّطب إذا اشتدّ الحرّ ، والبرد إذا جاء الشّتاء . ولا يستقيم مكانها إن . </p><p>وجاء في المغني : أيضا وجهان في ( إذا ) فيما لو قال : إذا لم تدخلي الدّار فأنت طالق . أحدهما : هي على التّراخي ، وهو قول أبي حنيفة ، ونصره القاضي ، لأنّها تستعمل شرطاً بمعنى إن . قال الشّاعر : استغنِ ما أغناك ربُّك بالغنى وإذا تصبك خصاصةٌ فتجمّل </p><p>فجزم بها كما يجزم بإن ، ولأنّها تستعمل بمعنى متى وإن ، وإذا احتملت الأمرين فاليقين بقاء النّكاح فلا يزول بالاحتمال . </p><p>والوجه الآخر : أنّها على الفور ، وهو قول أبي يوسف ومحمّد ، وهو المنصوص عن الشّافعيّ لأنّها اسم لزمن مستقبل ، فتكون كمتى . وأمّا المجازاة بها فلا تخرجها من موضوعها . وأمّا إذا علّق التّصرّف بإيجاد فعل بإذا ، كقوله مثلاً : إذا دخلت الدّار فأنت طالق ، فإنّها تكون على التّراخي كغيرها من أدوات التّعليق . </p><p>وقد اطّرد في عرف أهل اليمن - كما جاء في نهاية المحتاج - استعمالهم إلى بمعنى إذا كقولهم : إلى دخلت الدّار فأنت طالق . ولهذا ألحقها غير واحد بإذا في الاستعمال . </p><p>ج - متى :</p><p>11 - وهي اسم باتّفاق موضوع للدّلالة على الزّمان ثمّ ضمّن معنى الشّرط . </p><p>والفرق بين إذا ومتى : أنّ إذا تستعمل في الأمور الواجب وجودها ، كطلوع الشّمس ومجيء الغد ، بخلاف متى ، فإنّها تستعمل في الأمور المبهمة ، أي فيما يكون وفيما لا يكون ، بمعنى أنّها لا تخصّ وقتا دون وقت ، فلذلك كانت مشاركة ل ( إنْ ) في الإبهام ، ولهذا أيضا كانت المجازاة بها لازمة في غير موضع الاستفهام كإن ، إلا أنّ الفرق بين متى وإن أنّ ( متى ) يجازى بها مع بقاء معنى الوقت فيها ، وأمّا متى الاستفهاميّة فإنّها لا يجازى بها ، لأنّ الاستفهام عبارة عن طلب الفهم عن وجود الفعل ، فلا يستقيم في مقامه إضمار حرف إن . </p><p>قال ابن قدامة : لو علّق التّصرّف بإيجاد فعل بمتى فإنّها تكون على التّراخي ، فمن قال لزوجته : متى تدخلي الدّار فأنت طالق ، فإنّ الطّلاق لا يقع إلّا عند وجود الصّفة أو الفعل وهو الدّخول ، أمّا إذا علّق التّصرّف بنفي صفة بمتى ، كما إذا قال : متى لم أطلّقك فأنت طالق ، أو متى لم تدخلي الدّار فأنت طالق ، فإنّه إن مضى زمن عقيب اليمين لم تدخل فيه أو لم يطلّقها فيه فقد وجدت الصّفة ، فإنّها اسم لوقت الفعل ، فتقدّر به ويقع الطّلاق . </p><p>12 - ومثل متى في الحكم ( متى ما ) فكلّ ما قيل في متى يقال أيضاً في ( متى ما ) ، فحكمها في الشّرط كحكم متى بل أولى ، لأنّ اقتران ( ما ) بها يجعلها للجزاء المحض دون غيره كالاستفهام . </p><p>د - من :</p><p>13 - وهي اسم باتّفاق وضع للدّلالة على من يعقل ، ثمّ ضمّن معنى الشّرط . </p><p>وهي من صيغ العموم بوضع اللّغة ، وهي تعمّ بنفسها من غير احتياج إلى قرينة ، وهي كما قال البيضاويّ عامّة في العالمين أي : أولي العلم ، لتشمل العقلاء والذّات الإلهيّة ، لأنّ </p><p>( من ) تطلق على اللّه سبحانه وتعالى ، كما في قوله تعالى { وَمَنْ لَسْتُمْ لَه بِرَازِقين } واللّه سبحانه وتعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل ، وهو معنى حسن غفل عنه الشّارحون ، كما قال الإسنويّ . قال عبد العزيز البخاريّ في كشف الأسرار شرح أصول البزدويّ ما نصّه : ومن وما يدخلان في هذا الباب أي باب الشّرط ، لإبهامها ، فإنّ كلّ واحد منهما لا يتناول عينا . وتحقيقه : أنّ ( من وما ) لإبهامهما دخلا في باب العموم ، فلمّا كان العموم في الشّرط مقصودا للمتكلّم ، وتخصيص كلّ واحد من الأفراد بالذّكر متعسّر أو متعذّر و ( من وما ) يؤدّيان هذا المعنى مع الإيجاز وحصول المقصود ، نابا مناب إن ، فقيل : من يأت أكرمه ، وما تصنع أصنع . والمسائل فيهما كثيرة مثل قوله : من دخل هذا الحصن فله رأس ، ومن دخل منكم الدّار فهو حرّ . وأمّا إذا كان للشّرط فهو اسم بمعنى أي : تقول : ما تصنع أصنع . وفي التّنزيل . { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أو نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أو مِثْلِها } { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ للناسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا } . </p><p>14 - وأمّا ( ما ) المصدريّة ، فإنّها تستعمل في الفقه ، ويقيّد بها التّصرّف تقييد إضافة لا تعليق ، كما جاء في البحر الرّائق وفتح القدير ، لأنّها تنوب عن ظرف الزّمان ، كما في قوله تعالى : { وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّاً } أي مدّة دوامي حيّا . </p><p>وعلى هذا لو قال : أنت طالق ما لم أطلّقك ، وسكت ، وقع الطّلاق اتّفاقا بسكوته ، لأنّه ترتّب عليه إضافة الطّلاق إلى وقت لم يطلّقها فيه . </p><p>هـ - مهما :</p><p>15 - مهما اسم وضع للدّلالة على ما لا يعقل ، ثمّ ضمّن معنى الشّرط . وقد ذكر النّوويّ في الرّوضة : أنّ مهما من صيغ التّعليق ، نحو أن يقول : مهما دخلت الدّار فأنت طالق . </p><p>و - أيّ :</p><p>16 - وهي بحسب ما تضاف إليه ، ففي : أيّهم يقم أقم معه من باب ( من ) أي أنّها تستعمل فيمن يعقل ، وفي : أيّ الدّوابّ تركب أركب من باب ( ما ) أي من باب ما لا يعقل ، وفي : أيّ يوم تصم أصم من باب ( متى ) أي أنّها تدلّ على زمان مبهم ، وفي أيّ مكان تجلس أجلس من باب ( أين ) أي أنّها تدلّ على مكان مبهم . </p><p>وقد جاء في المغني والرّوضة ما يفيد أنّ حكم ( أيّ ) في التّعليق كحكم " متى ومن وكلّما " بمعنى أنّه لو علّق التّصرّف بنفي فعل بأيّ ، كما لو علّق الطّلاق على نفي الدّخول بأيّ ، بأن قال : أيّ وقت لم تدخلي فيه الدّار فأنت طالق ، فإنّه إن مضى زمن يمكنها فيه الدّخول - ولم تدخل - فإنّه يقع الطّلاق بعده على الفور . </p><p>وأمّا لو علّق الطّلاق على إيجاد فعل بأيّ ، فلا تفيد الفور كغيرها من أدوات التّعليق . </p><p>وجاء في تبيين الحقائق أنّ ( أيّ ) لا تعمّ بعموم الصّفة فلو قال : أيّ امرأة أتزوّجها فهي طالق ، فإنّ ذلك يتحقّق في امرأة واحدة فقط . </p><p>بخلاف كلمتي ( كلّ وكلّما ) فإنّهما تفيدان عموم ما دخلتا عليه كما سيأتي . </p><p>ز - كلّ وكلّما :</p><p>17 - كلمة ( كلّ ) تستعمل بمعنى الاستغراق بحسب المقام ، كقوله تعالى : { وَاللَّهُ بِكُلّ شَيءٍ عَليمٌ } وقد تستعمل بمعنى الكثير كقوله تعالى : { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } أي كثيرا ، لأنّها دمّرتهم ودمّرت مساكنهم دون غيرهم ، ولفظ ( كلّ ) لا يستعمل إلّا مضافا لفظا أو تقديرا ، ولفظه واحد ، ومعناه جمع ، ويفيد التّكرار بدخول ( ما ) عليه نحو : كلّما جاءك زيد فأكرمه . </p><p>18 - وكلمة ( كلّ ) من صيغ التّعليق عند الحنفيّة والمالكيّة وكذا عند الشّافعيّة إن قصد بها التّعليق دون المكافأة . ولم يفرّق الحنفيّة في تعليق الطّلاق ب ( كلّ ) بين ما إذا عمّم ، بأن قال : كلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق ، أو خصّص بأن قال : كلّ امرأة من بني فلان أو من بلد كذا . وأمّا المالكيّة فإنّهم يخالفون الحنفيّة في صورة التّعميم ، لأنّ فيه سدّاً لباب النّكاح ، ويتّفقون معه في صورة التّخصيص بأن يخصّ بلداً أو قبيلة أو جنساً أو زمناً يبلغه عمره ظاهرا . وذكر السّرخسيّ في أصوله أنّ كلمة ( كلّ ) توجب الإحاطة على وجه الإفراد ، ومعناه أنّ كلّ واحد من المسمّيات الّتي توصل بها كلمة كلّ يصير مذكورا على سبيل الانفراد ، كأنّه ليس معه غيره ، لأنّ هذه الكلمة صلة في الاستعمال ، حتّى لا تستعمل وحدها لخلوّها عن الفائدة ، وهي تحتمل الخصوص ، نحو كلمة ( من ) إلا أنّ معنى العموم فيها يخالف معنى العموم في كلمة ( من ) ولهذا استقام وصلها بكلمة من كقوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيها فَانٍ } حتّى لو وصلت باسم نكرة فإنّها تقتضي العموم في ذلك الاسم أيضا . ولهذا لو قال : كلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق تطلق كلّ امرأة يتزوّجها على العموم . ولو تزوّج امرأة مرّتين لم تطلق في المرّة الثّانية ، لأنّها توجب العموم فيما وصلت به من الاسم دون الفعل . </p><p>19 - والفرق بين كلمة " كلّ " وكلمة " من " فيما يرجع إلى الخصوص : هو أنّ كلمة كلّ وإن كانت الإحاطة فيها شاملة لكلّ فرد ، إلا أنّها تحتمل الخصوص ، ككلمة " من " كما لو قال : كلّ من دخل هذا الحصن أوّلا فله كذا ، فدخلوا على التّعاقب فالنّفل للأوّل خاصّة لاحتمال الخصوص في كلمة كلّ ، فإنّ الأوّل اسم لفرد سابق ، وهذا الوصف متحقّق فيه دون من دخل بعده . ومثل ذلك كلمة " من " في صورة التّعاقب . </p><p>20 - فإن دخلوا معا استحقّوا جميعا النّفل بكلمة " كلّ " دون كلمة " من " . </p><p>وأمّا كلمة " كلّما " فإنّها من صيغ التّعليق عند الفقهاء ، وهي تقتضي التّكرار والفور ، ويليها الفعل دون الاسم ، فتقتضي العموم فيه ، فلو قال : كلّما تزوّجت امرأة فهي طالق ، فتزوّج امرأة مراراً فإنّها تطلق في كلّ مرّة يتزوّجها ، لأنّها تقتضي العموم في الأفعال دون الأسماء ، بخلاف كلمة ( كلّ ) فإنّها تفيد العموم في الأسماء دون الأفعال . </p><p>ح - لو :</p><p>21 - تكون ( لو ) حرف شرط في المستقبل ، إلا أنّها لا تجزم ، ومثالها قوله تعالى : </p><p>{ وَلْيَخْشَ الَّذينَ لو تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافَاً خَافُوا عَليهمْ } أي : وليخش الّذين إن شارفوا وقاربوا أن يتركوا . وإنّما أوّلوا التّرك بمشارفة التّرك ، لأنّ الخطاب للأوصياء ، وإنّما يتوجّه إليهم قبل التّرك ، لأنّهم بعده أموات . </p><p>وأمّا من حيث تعليق التّصرّف " بلو " فقد أجاز الفقهاء - كأبي يوسف - تعليقه بها ، لشبهها " بإن " فإنّ لو تستعمل في معنى الشّرط ولا يليها دائما إلّا الفعل كإن ، ولورود استعمال كلّ منهما في معنى الأخرى ، إلا أنّ " لو " تفيد التّقييد في الماضي " وإن " تفيده في المستقبل . إلا أنّ الفقهاء لم ينظروا إلى هذه النّاحية ، وعاملوها كإن في التّعليق ، فمن قال لعبده : لو دخلت الدّار لتعتق ، فإنّه لا يعتق حتّى يدخل صونا للكلام عن الإهمال ، حتّى إنّ من الفقهاء من عاملها معاملة " إن " مطلقا وأجاز اقتران جوابها بالفاء ، ولم ينظر إلى عدم جواز ذلك عند النّحاة ، لأنّ العامّة تخطئ وتصيب في الإعراب ، فمن قال لرجل : زنيت بكسر التّاء ، أو قال لامرأة : زنيت بفتحها ، وجب حدّ القذف في الصّورتين . </p><p>22 - وتستعمل " لو " في الاستقبال لمؤاخاتها لإن ، كأن يقال : لو استقبلت أمرك بالتّوبة لكان خيرا لك ، أي إن استقبلت ، وقال تعالى : { وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلو أَعْجَبَكُمْ } أي وإن أعجبكم ، كما أنّ " إن " استعلمت بمعنى " لو " كقوله تعالى : { إنْ كُنْتُ قُلْتُه فَقَدْ عَلِمْتَه } وعلى هذا فمن قال لزوجته : أنت طالق لو دخلت الدّار ، فإنّها لا تطلق عند أبي يوسف حتّى تدخل الدّار ، لأنّ لو بمنزلة إن ، فتفيد معنى التّرقّب . وليس في هذه المسألة نصّ عن أبي حنيفة ، ولم يرو فيها شيء عن محمّد ، فهي من النّوادر . </p><p>23 - أمّا " لولا " وهي الّتي تفيد امتناع الثّاني لوجود الأوّل ، فإنّها ليست من صيغ التّعليق عند الفقهاء ، لأنّها وإن كان فيها معنى الشّرط فإنّ الجزاء فيها لا يتوقّع حصوله ، لأنّها لا تستعمل إلّا في الماضي ، ولا علاقة لها بالزّمن المستقبل ، فهي عندهم بمعنى الاستثناء لأنّها تستعمل لنفي شيء بوجود غيره ، فمن قال لزوجته : أنت طالق لولا حسنك ، أو لولا صحبتك ، لا يقع الطّلاق حتّى وإن زال الحسن أو انتفت الصّحبة ، لجعله ذلك مانعا من وقوع الطّلاق . </p><p>ط - كيف :</p><p>24 - " كيف " تستعمل في اللّغة على وجهين : أحدهما : أن تكون شرطاً . </p><p>والثّاني : وهو الغالب فيها : أن تكون استفهاما ، إمّا حقيقيّا نحو " كيف زيد ؟ " أو غيره نحو { كيفَ تَكْفُرونَ بِاللَّهِ } الآية ، فإنّه أخرج مخرج التّعجّب ، وتقع خبرا قبل ما لا يستغنى ، نحو " كيف أنت ؟ " " وكيف كنت ؟ " ، وحالا قبل ما يستغنى ، نحو " كيف جاء زيد ؟ " أي على أيّ حالة جاء زيد . </p><p>وأمّا الفقهاء فإنّهم لم يخرجوا في استعمالهم لكيف عمّا ذكرته اللّغة بشأنها . </p><p>فذهب أبو حنيفة إلى أنّ تعليق الحكم بكيف لا يؤثّر في أصل التّصرّف ، وإنّما يؤثّر في صفته . وذهب أبو يوسف ومحمّد إلى أنّ تعليق الحكم بها يؤثّر في الأصل والوصف معاً . وعلى هذا فقد قال أبو حنيفة فيمن قال لامرأته : أنت طالق كيف شئت أنّها تطلق قبل المشيئة تطليقة ، ثمّ إن لم تكن مدخولا بها فقد بانت لا إلى عدّة ، ولا مشيئة لها ، وإن كانت مدخولا بها فالتّطليقة الواقعة رجعيّة ، والمشيئة إليها في المجلس بعد ذلك . </p><p>فإن شاءت البائنة - وقد نواها الزّوج - كانت بائنة ، أو إن شاءت ثلاثاً - وقد نواها الزّوج - تطلق ثلاثاً ، وإن شاءت واحدة بائنة - وقد نوى الزّوج ثلاثاً - فهي واحدة رجعيّة ، وإن شاءت ثلاثاً - وقد نوى الزّوج واحدة بائنة - فهي واحدة رجعيّة ، لأنّها شاءت غير ما نوى ، وأوقعت غير ما فوّض إليها ، فلا يعتبر ، لأنّه إنّما يتأخّر إلى مشيئتها ما علّقه الزّوج بمشيئتها دون ما لم يعلّقه ، وكلمة " كيف " لا ترجع إلى أصل الطّلاق ، فيكون هو منجّزا أصل الطّلاق ومفوّضا للصّفة إلى مشيئتها ، بقوله : كيف شئت . إلا أنّ في غير المدخول بها لا مشيئة لها في الصّفة بعد إيقاع الأصل ، فيلغو تفويضه الصّفة إلى مشيئتها بعد إيقاع الأصل ، وفي المدخول بها ، لها المشيئة في الصّفة بعد وقوع الأصل ، بأن تجعله بائنا أو ثلاثا على ما عرف ، فيصحّ تفويضه إليها . </p><p>وأمّا عند أبي يوسف ومحمّد : فلا يقع عليها شيء ما لم تشأ ، فإذا شاءت فالتّفريع كما قال أبو حنيفة ، لأنّه جعل الطّلاق مفوّضا إلى مشيئتها فلا يقع بدون تلك المشيئة ، كقوله : أنت طالق إن شئت ، أو كم شئت ، أو حيث شئت ، لا يقع شيء ما لم تشأ ، وهذا لأنّه لمّا فوّض وصف الطّلاق إليها يكون ذلك تفويضا لنفس الطّلاق إليها ضرورة أنّ الوصف لا ينفكّ عن الأصل . ولم نطّلع للمالكيّة على كلام في هذه المسألة . </p><p>وأمّا الشّافعيّة : فلهم رأيان في هذه المسألة . </p><p>فقد ذكر البغويّ أنّه لو قال : أنت طالق كيف شئت ، قال أبو زيد والقفّال : تطلق شاءت أم لم تشأ . وقال الشّيخ أبو عليّ : لا تطلق حتّى توجد مشيئة في المجلس بالإيقاع أو عدمه . </p><p>وأمّا الحنابلة : فإنّهم لم يفرّقوا في هذه المسألة بين " كيف " وبين غيرها من أدوات التّعليق ، فالطّلاق عندهم لا يقع حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، فقد جاء في كشّاف القناع أنّه لو قال : أنت طالق إن شئت أو إذا شئت ، أو متى شئت ، أو كيف شئت . . إلخ لم تطلق حتّى تقول : قد شئت ، لأنّ ما في القلب لا يعلم حتّى يعبّر عنه اللّسان . </p><p>ي - حيث ، وأين :</p><p>25 - " حيث " اسم للمكان المبهم . قال الأخفش : وقد تكون للزّمان . </p><p>" وحيث " من صيغ التّعليق ، لشبهها " بإن " في الإبهام ، وتعليق التّصرّف بها لا يتعدّى مجلس التّخاطب تشبيها لها ب " إن " أيضاً ، فإنّ تعليق الطّلاق مثلا بمشيئة المرأة ب " إن " لا يتعدّى مجلس التّخاطب عند الحنفيّة . </p><p>فلو قال لامرأته : أنت طالق حيث شئت ، فإنّها لا تطلق قبل المشيئة ، وتتوقّف مشيئتها على المجلس ، لأنّ " حيث " من ظروف المكان ، ولا اتّصال للطّلاق بالمكان ، فيلغو ذكره ، ويبقى ذكر المشيئة في الطّلاق ، فيقتصر على المجلس . </p><p>وأورد البهوتيّ " حيث " في صيغ التّعليق ، وأنّها تعامل معاملة غيرها من أدوات التّعليق ، فتعلّق الحكم بها لا يكون قاصرا على المجلس عند الحنابلة ، بل يتعدّاه إلى غيره . فلو قال : أنت طالق حيث شئت ، فإنّها لا تطلق حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، سواء أكان ذلك على الفور أم على التّراخي . ولم يذكرها المالكيّة ، ولا النّوويّ من الشّافعيّة في الرّوضة . </p><p>26 - ومثل " حيث " فيما تقدّم أين ، فإنّها أيضا اسم للمكان المبهم ، وذكرها صاحب فتح الغفّار وعدّها من أدوات التّعليق ، وذكرها أيضا صاحب كشّاف القناع ولم يفرّق بينها وبين " إن " في الحكم . </p><p>ك - أنّى :</p><p>27 - وهي اسم اتّفاقا وضع للدّلالة على الأمكنة ثمّ ضمّن معنى الشّرط ، وترد في اللّغة بمعنى أين ، وبمعنى كيف ، وبمعنى متى . </p><p>هذا وقد ذكر الحنابلة في كتبهم : أنّها من الألفاظ الّتي يعلّق بها الحكم ، فقد جاء في كشّاف القناع : أنّه لو قال : أنت طالق أنّى شئت ، فإنّها لا تطلق حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، ولم يفرّق بينها وبين ( إن ) لأنّ كلّا منهما تدلّ على التّعليق .</p><p>ثالثاً : شروط التّعليق :</p><p>28 - يشترط لصحّة التّعليق أمور : </p><p>الأوّل : أن يكون المعلّق عليه أمراً معدوماً على خطر الوجود ، أي متردّداً بين أن يكون وأن لا يكون ، فالتّعليق على المحقّق تنجيز ، وعلى المستحيل لغو . </p><p>الثّاني : أن يكون المعلّق عليه أمراً يرجى الوقوف على وجوده ، فتعليق التّصرّف على أمر غير معلوم لا يصحّ ، فلو علّق الطّلاق مثلاً على مشيئة اللّه تعالى ، بأن قال لامرأته : أنت طالق إن شاء اللّه ، فإنّ الطّلاق لا يقع اتّفاقاً ، لأنّه علّقه على شيء لا يرجى الوقوف على وجوده . </p><p>الثّالث : أن لا يوجد فاصل بين الشّرط والجزاء ، أي بين المعلّق والمعلّق عليه ، فلو قال لزوجته : أنت طالق ، ثمّ قال بعد فترة من الزّمن : إن خرجت من الدّار دون إذن منّي لم يكن تعليقا للطّلاق ، ويكون الطّلاق منجّزا بالجملة الأولى . </p><p>الرّابع : أن يكون المعلّق عليه أمرا مستقبلا بخلاف الماضي ، فإنّه لا مدخل له في التّعليق ، فالإقرار مثلا لا يصحّ تعليقه بالشّرط ، لأنّه إخبار عن ماض ، والشّرط إنّما يتعلّق بالأمور المستقبلة . </p><p>الخامس : أن لا يقصد بالتّعليق المجازاة ، فلو سبّته بما يؤذيه فقال : إن كنت كما قلت فأنت طالق ، تنجّز سواء أكان الزّوج كما قالت أو لم يكن ، لأنّ الزّوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطّلاق . فإن أراد التّعليق يدين فيما بينه وبين اللّه عزّ وجلّ . </p><p>السّادس : أن يوجد رابط كالفاء وإذا الفجائيّة حيث كان الجزاء مؤخّرا ، وإلا يتنجّز . </p><p>السّابع : أن يكون الّذي يصدر منه التّعليق مالكا للتّنجيز أي قادرا على التّنجيز - بمعنى كون الزّوجيّة قائمة حقيقة أو حكماً - وهذا الشّرط فيه خلاف ، فالحنفيّة والمالكيّة لا يشترطون ذلك في تعليق الطّلاق ، بل يكتفون فيه بمطلق الملك ، سواء أكان محقّقا أم معلّقاً حتّى إنّ المالكيّة لم يفرّقوا في هذا بين التّعليق الصّريح فيما لو قال لامرأة : إن تزوّجتك فأنت طالق ، وبين التّعليق الّذي لم يصرّح به ، كما لو قال لأجنبيّة : هي طالق ، ونوى عند تزوّجه بها ، فإنّ الطّلاق يقع في الصّورتين . </p><p>29 - ودليل أصحاب هذا القول : أنّ هذا التّصرّف يمين لوجود الشّرط والجزاء ، فلا يشترط لصحّته قيام الملك في الحال ، لأنّ الوقوع عند الشّرط ، والملك متيقّن به عند وجود الشّرط ، وقبل ذلك أثره المنع ، وهو قائم بالمتصرّف . </p><p>وأمّا الشّافعيّة والحنابلة : فإنّهم يشترطون لصحّة التّعليق قيام الملك في حال التّعليق ، بمعنى أن يكون الّذي يصدر منه التّعليق قادرا على التّنجيز ، وإلا فلا يصحّ تعليقه . والقاعدة الفقهيّة عندهم هي : من ملك التّنجيز ملك التّعليق ، ومن لا يملك التّنجيز لا يملك التّعليق . وهناك استثناءات من القاعدة بشقّيها ذكرها السّيوطيّ . </p><p>ودليل أصحاب هذا القول ما رواه أحمد وأبو داود والتّرمذيّ بإسناد جيّد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم « لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق له فيما لا يملك ، ولا طلاق له فيما لا يملك » . وحديث : « لا طلاق إلّا بعد نكاح » وقد روى هذا الحديث أيضا الدّارقطنيّ وغيره من حديث عائشة رضي الله عنه وزاد :</p><p>« وإن عيّنها » . ولانتفاء الولاية من القائل على محلّ الطّلاق ، وهو الزّوجة .</p><p>أثر التّعليق على التّصرّفات :</p><p>30 - هناك مسألة أصوليّة هامّة هي : أنّ التّعليق هل يمنع السّبب عن السّببيّة أو يمنع الحكم عن الثّبوت فقط ، لا السّبب عن الانعقاد ؟ والخلاف في هذه المسألة بين الحنفيّة والشّافعيّة . فالحنفيّة يرون أنّ التّعليق يمنع السّبب عن السّببيّة كما يمنع الحكم عن الثّبوت. والشّافعيّة يرون أنّ التّعليق لا يمنع السّبب عن السّببيّة ، وإنّما يمنع الحكم من الثّبوت فقط ، ولا يمنع السّبب عن الانعقاد . فكون التّعليق يمنع ثبوت الحكم محلّ اتّفاق بين الحنفيّة والشّافعيّة ، وكونه يمنع السّبب عن السّببيّة هو محلّ الخلاف . </p><p>فالحنفيّة يرون أنّه يمنع ، والشّافعيّة على العكس في ذلك . وممّا يتفرّع عليه تعليق الطّلاق والعتاق بالملك ، فإنّه يصحّ عند الحنفيّة ويقع عند وجود الملك ، لعدم سببيّته في الحال ، وإنّما يصير سببا عند وجود الشّرط وهو الملك ، فيصادف محلاً مملوكاً . </p><p>ولا يصحّ عند الشّافعيّة ، لأنّ التّعليق عندهم ينعقد سببا للحكم في الحال ، والمحلّ هنا غير مملوك ، فيلغو ، ولا يقع شيء عند وجود الشّرط .</p><p>31 - التّصرّفات من حيث قبولها التّعليق أو عدم قبولها له على ضربين : </p><p>أحدهما : تصرّفات تقبل التّعليق وهي . الإيلاء والتّدبير والحجّ والخلع والطّلاق والظّهار والعتق والكتابة والنّذر والولاية . </p><p>الثّاني : تصرّفات لا تقبل التّعليق وهي : الإجارة والإقرار والإيمان باللّه تعالى ، والبيع والرّجعة والنّكاح والوقف والوكالة . وضابط ذلك : أنّ ما كان تمليكاً محضاً لا مدخل للتّعليق فيه قطعاً كالبيع ، وما كان حلا - أي إسقاطاً - محضاً يدخله التّعليق قطعاً كالعتق . </p><p>وبين المرتبتين مراتب يجري فيها الخلاف كالفسخ والإبراء ، لأنّهما يشبهان التّمليك ، وكذلك الوقف ، وفيه شبه يسير بالعتق فجرى فيه وجه ضعيف . وتفصيل ذلك فيما يلي : </p><p>أوّلا : التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق :</p><p>أ - الإيلاء :</p><p>32 - الإيلاء يقبل التّعليق على الشّرط عند الفقهاء ، كأن يقول : إن دخلت الدّار فواللّه لا أقربك ، فإنّه يصير موليا عند وجود الشّرط لأنّ الإيلاء يمين يحتمل التّعليق بالشّرط كسائر الأيمان . وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الإيلاء من التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق على الشّرط ولا تقبل الشّرط ، فلا يصحّ قوله : آليت منك بشرط كذا . والتّفصيل محلّه مصطلح ( إيلاء ) </p><p>ب - الحجّ :</p><p>33 - ذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الحجّ يصحّ تعليقه ، كأن يقول : إن أحرم فلان فقد أحرمت . ويقبل الشّرط كأن يقول : أحرمت على أنّي إذا مرضت فأنا حلال . </p><p>والتّفصيل محلّه مصطلح ( حجّ ) . </p><p>ج - الخلع :</p><p>34 - الخلع إن كان من جانب الزّوجة ، بأن كانت هي البادئة بسؤال الطّلاق ، فإنّه لا يقبل التّعليق عند الحنفيّة والشّافعيّة ، لأنّ الخلع من جانبها معاوضة . وإن كان من جانب الزّوج فإنّه يقبل التّعليق عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ، لأنّ الخلع من جانبه طلاق ، ومثله الطّلاق على مال . وأمّا الحنابلة فلم يجوّزوا تعليق الخلع قياساً على البيع . </p><p>وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الخلع إن جعلناه طلاقا فإنّه يقبل التّعليق على الشّروط ولا يقبل الشّرط . والتّفصيل محلّه مصطلح ( خلع ) . </p><p>د - الطّلاق :</p><p>35 - مجمل ما قاله الفقهاء في الطّلاق هو أنّ الطّلاق يقبل التّعليق اتّفاقاً ، ويقع بحصول المعلّق عليه . وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الطّلاق من التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق على الشّرط ولا تقبل الشّرط . </p><p>والفقهاء يذكرون مسائل كثيرة في تعليق الطّلاق ، كتعليقه على المشيئة أو الحمل أو الولادة أو على فعل غيره ، وتعليقه على الطّلاق نفسه ، وتعليقه على أمر مستقبل أو أمر يستحيل وقوعه ، وغيرها من المسائل الّتي يطول الكلام بذكرها فليرجع لتفصيلها إلى ( الطّلاق ) . </p><p>هـ - الظّهار :</p><p>36 - يصحّ تعليق الظّهار باتّفاق الفقهاء ، وذلك لأنّ الظّهار يقتضي التّحريم كالطّلاق ، ويقتضي الكفّارة كاليمين . وكلّ من الطّلاق واليمين يصحّ تعليقه . فمن قال لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي إن دخلت الدّار ، لا يصير مظاهراً منها قبل دخولها الدّار . </p><p>وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الظّهار كالطّلاق في كونه يقبل التّعليق على الشّرط ولا يقبل الشّرط . والتّفصيل محلّه مصطلح ( ظهار ) . </p><p>و - العتق :</p><p>37 - اتّفق الفقهاء على صحّة تعليق العتق بالشّرط والصّفة ، على تفصيل فيهما ينظر في مصطلح ( عتق ) . </p><p>ز - المكاتبة :</p><p>38 - يجوز تعليق المكاتبة بالشّرط ، وفي ذلك تفصيل سبق في مصطلح ( إسقاط ) وراجع مصطلح ( مكاتبة ) . </p><p>ح - النّذر :</p><p>39 - اتّفق الفقهاء على جواز تعليق النّذر بالشّرط ، ولا يجب الوفاء قبل حصول المعلّق عليه ، لعدم وجود سبب الوفاء ، فمتى وجد المعلّق عليه وجد النّذر ولزم الوفاء به . </p><p>على تفصيل في ذلك في مصطلح ( نذر ) . </p><p>ط - الولاية :</p><p>40 - ويمثّل لها بالإمارة والقضاء والوصاية ، أمّا الإمارة والقضاء فيجوز تعليقهما بالشّرط لأنّهما ولاية محضة . وتفصيل ذلك محلّه مصطلح ( إمارة ) ومصطلح ( قضاء ) . </p><p>وأمّا الوصاية فيجوز عند الحنفيّة في ظاهر المذهب ، وعند الشّافعيّة والحنابلة تعليقها بالشّرط لقربها من الإمارة ، فإذا قال : إذا متّ ففلان وصيّي ، فإنّ المذكور يصير وصيّا عند وجود الشّرط للخبر الصّحيح « فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر ، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد اللّه بن رواحة » . </p><p>وأمّا المالكيّة فإنّهم لم يصرّحوا بجواز تعليقها . والتّفصيل محلّه مصطلح ( وصاية ) .</p><p>ثانياً - التّصرّفات الّتي لا تقبل التّعليق :</p><p>أ - الإجارة :</p><p>41 - لا يجوز الإجارة على الشّرط بالاتّفاق بين الفقهاء وذلك لأنّ منفعة العين المؤجّرة تنقل ملكيّتها في مدّة الإجارة من المؤجّر إلى المستأجر . وانتقال الأملاك لا يكون إلّا مع الرّضا ، والرّضا إنّما يكون مع الجزم ، ولا جزم مع التّعليق . </p><p>ب - الإقرار :</p><p>42 - لا يجوز تعليق الإقرار على الشّرط بالاتّفاق ، لأنّ المقرّ يعتبر بذلك مقرّا في الحال ، ولأنّ التّعليق على الشّرط في معنى الرّجوع عن إقرار ، والإقرار في حقوق العباد لا يحتمل الرّجوع ، ولأنّ الإقرار إخبار عن حقّ سابق فلا يصحّ تعليقه ، لوجوبه قبل الشّرط . والتّفصيل في مصطلح ( إقرار ) . </p><p>ج - الإيمان باللّه تعالى :</p><p>43 - الإيمان باللّه تعالى لا يقبل التّعليق على الشّرط ، فإذا قال : إن كنت في هذه القضيّة كاذبا فأنا مسلم ، فإنّه إن كان كذلك لا يحصل له إسلام ، لأنّ الدّخول في الدّين يفيد الجزم بصحّته ، والمعلّق ليس بجازم . والتّفصيل في مصطلح ( إيمان ) . </p><p>د - البيع :</p><p>44 - لا يجوز في الجملة تعليق البيع على الشّرط بالاتّفاق ، وذلك لأنّ البيع فيه انتقال للملك من طرف إلى طرف ، وانتقال الأملاك إنّما يعتمد الرّضا ، والرّضا يعتمد الجزم ، ولا جزم مع التّعليق . والتّفصيل في مصطلح ( بيع ) </p><p>هـ - الرّجعة :</p><p>45 - لا يجوز تعليق الرّجعة على شرط عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . </p><p>وأمّا المالكيّة فذكروا في إبطال الرّجعة إن علّقت - بأن قال لزوجته : إن جاء الغد فقد راجعتك - قولين : </p><p>أحدهما : وهو الأظهر ، أنّها لا تصحّ الآن ولا غداً ، لأنّه ضرب من النّكاح ، وهو لا يكون لأجل ، ولافتقارها لنيّة مقارنة . </p><p>والثّاني : أنّها تبطل الآن فقط ، وتصحّ رجعته في الغد ، لأنّ الرّجعة حقّ للزّوج فله تعليقها . والتّفصيل في مصطلح ( رجعة ) . </p><p>و - النّكاح :</p><p>46 - لا يجوز تعليق النّكاح على شرط عند الحنفيّة والمالكيّة ، والمذهب عند الشّافعيّة . وأمّا الحنابلة فلا يجوز عندهم تعليق ابتداء النّكاح على شرط مستقبل غير مشيئة اللّه ، لأنّه - كما جاء في كشّاف القناع - عقد معاوضة فلا يصحّ تعليقه على شرط مستقبل كالبيع . والتّفصيل في مصطلح ( نكاح ) . </p><p>ز - الوقف :</p><p>47 - لا يجوز عند الحنفيّة تعليق الوقف على شرط ، مثل أن يقول : إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين ، لاشتراطهم التّنجيز فيه . </p><p>وأمّا المالكيّة فجوّزوا تعليقه لعدم اشتراطهم التّنجيز فيه قياساً على العتق . </p><p>وأمّا الشّافعيّة : فلا يجوز عندهم ولا يصحّ تعليق الوقف فيما لا يضاهي التّحرير ، كقوله : إذا جاء زيد فقد وقفت كذا على كذا ، لأنّه عقد يقتضي نقل الملك في الموقوف للّه تعالى أو للموقوف عليه حالا كالبيع والهبة . </p><p>أمّا ما يضاهي التّحرير ، كجعلته مسجدا إذا جاء رمضان ، فالظّاهر صحّته كما ذكر ابن الرّفعة . ومحلّ ذلك ما لم يعلّقه بالموت ، فإن علّقه به كوقفت داري بعد موتي على الفقراء فإنّه يصحّ . قاله الشّيخان ، وكأنّه وصيّة لقول القفّال : لو عرضها للبيع كان رجوعاً . </p><p>وأمّا الحنابلة : فلم يجوّزوا تعليق ابتداء الوقف على شرط في الحياة ، مثل أن يقول : إذا جاء رأس الشّهر فداري وقف أو فرسي حبيس ، ونحو ذلك ، ولأنّه نقل للملك فيما لم يبن على التّغليب والسّراية فلم يجز تعليقه على شرط كالهبة . وذكر ابن قدامة أنّه لا يعلم في هذا خلافاً . وسوّى المتأخّرون من الحنابلة بين تعليقه بالموت وتعليقه بشرط في الحياة . وأمّا تعليق انتهاء الوقف بوقت كقوله : داري وقف إلى سنة ، أو إلى أن يقدم الحاجّ ، فلا يصحّ في أحد الوجهين ، لأنّه ينافي مقتضى الوقف وهو التّأبيد . </p><p>وفي الوجه الآخر : يصحّ لأنّه منقطع الانتهاء . </p><p>ح - الوكالة :</p><p>48 - يجوز عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة تعليق الوكالة على شرط ، كأن يقول : إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع كذا ، لأنّ التّوكيل - كما يقول الكاسانيّ - إطلاق التّصرّف ، والإطلاقات ممّا يحتمل التّعليق بالشّرط ، ولأنّ شروط الموكّل عندهم معتبرة ، فليس للوكيل أن يخالفها ، فلو قيّد الوكالة بزمان أو مكان ونحو ذلك فليس للوكيل مخالفة ذلك . </p><p>وذكر الشّافعيّة في تعليق الوكالة بشرط من صفة أو وقت وجهين : أصحّهما : لا يصحّ قياسا على سائر العقود باستثناء الوصيّة لقبولها الجهالة ، وباستثناء الإمارة للحاجة . وثانيهما : تصحّ قياسا على الوصيّة .</p><p></p><p>تعليل *</p><p>التّعريف : </p><p>1 - التّعليل لغة : من علّ يعلّ واعتلّ أي : مرض فهو عليل . </p><p>والعلّة : المرض الشّاغل . والجمع علل . والعلّة في اللّغة أيضا : السّبب . </p><p>واصطلاحاً : تقرير ثبوت المؤثّر لإثبات الأثر وقيل : إظهار علّيّة الشّيء ، سواء أكانت تامّة أم ناقصة . والعلّة عرّفها الأصوليّون بقولهم : العلّة هي الوصف الظّاهر المنضبط الّذي يلزم من ترتيب الحكم عليه مصلحة للمكلّف من دفع مفسدة أو جلب منفعة . </p><p>وللعلّة أسماء منها : السّبب والباعث والحامل والمناط والدّليل والمقتضي وغيرها . وتستعمل العلّة أيضا بمعنى : السّبب ، لكونه مؤثّرا في إيجاب الحكم ، كالقتل العمد العدوان سبب في وجوب القصاص . </p><p>كما تستعمل العلّة أيضا بمعنى : الحكمة ، وهي الباعث على تشريع الحكم أو المصلحة الّتي من أجلها شرع الحكم . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ . </p><p>تعليل الأحكام :</p><p>2 - الأصل في أحكام العبادات عدم التّعليل ، لأنّها قائمة على حكمة عامّة ، وهي التّعبّد دون إدراك معنى مناسب لترتيب الحكم عليه . </p><p>وأمّا أحكام المعاملات والعادات والجنايات ونحوها ، فالأصل فيها : أن تكون معلّلة ، لأنّ مدارها على مراعاة مصالح العباد ، فرتّبت الأحكام فيها على معان مناسبة لتحقيق تلك المصالح . والأحكام التّعبّديّة لا يقاس عليها لعدم إمكان تعدية حكمها إلى غيرها . </p><p>وينظر تفصيل ذلك في مصطلح ( تعبّديّ ) .</p><p>فوائد تعليل الأحكام :</p><p>3 - لتعليل الأحكام فوائد منها : أنّ الشّريعة جعلت العلل معرّفة ومظهرة للأحكام كي يسهل على المكلّفين الوقوف عليها والتزامها . ومنها أن تصير الأحكام أقرب إلى القبول والاطمئنان . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ .</p><p>تعليل النّصوص :</p><p>4 - اختلف الأصوليّون في تعليل النّصوص على أربعة اتّجاهات : </p><p>أ - أنّ الأصل عدم التّعليل ، حتّى يقوم الدّليل عليه . </p><p>ب - أنّ الأصل التّعليل بكلّ وصف صالح لإضافة الحكم إليه ، حتّى يوجد مانع عن البعض . ج - أنّ الأصل التّعليل بوصف ، ولكن لا بدّ من دليل يميّز الصّالح من الأوصاف للتّعليل وغير الصّالح . </p><p>د - أنّ الأصل في النّصوص التّعبّد دون التّعليل . </p><p>وينظر تفصيل ذلك في مصطلح : ( تعبّديّ ) وفي الملحق الأصوليّ .</p><p>مسالك العلّة :</p><p>5 - وهي الطّرق الّتي يسلكها المجتهد للوقوف على علل الأحكام . </p><p>المسلك الأوّل : النّصّ الصّريح .</p><p>وهو أن يذكر دليل من الكتاب أو السّنّة على التّعليل بوصف ، بلفظ موضوع له في اللّغة من غير احتياج إلى نظر واستدلال . </p><p>وهو قسمان : </p><p>الأوّل : ما صرّح فيه بكون الوصف علّة أو سببا للحكم . </p><p>الثّاني : ما جاء في الكتاب أو السّنّة معلّلا بحرف من حروف التّعليل . </p><p>المسلك الثّاني : الإجماع .</p><p>المسلك الثّالث : الإيماء والتّنبيه .</p><p>وهو أن يكون التّعليل لازما من مدلول اللّفظ ، لا أن يكون اللّفظ دالّا بوضعه على التّعليل . وهو على أقسام تنظر في الملحق الأصوليّ . </p><p>المسلك الرّابع : السّبر والتّقسيم .</p><p>وهو حصر الأوصاف في الأصل ، وإبطال ما لا يصلح منها للتّعليل ، فيتعيّن الباقي للتّعليل . </p><p>المسلك الخامس : المناسبة والشّبه والطّرد :</p><p>ينقسم الوصف المعلّل به إلى قسمين : </p><p>أ - ما تظهر مناسبته لترتيب الحكم عليه ويسمّى المناسب . وهو أن يترتّب الحكم على وصف ظاهر منضبط ، يلزم من ترتيب الحكم عليّة مصلحة للمكلّف من دفع مفسدة أو جلب منفعة . ويعبّر عنها بالإخالة وبالمصلحة وبالاستدلال وبرعاية المقاصد . ويسمّى استخراجها تخريج المناط . </p><p>ب - ما لا تظهر مناسبته لترتيب الحكم عليه وينقسم إلى نوعين : </p><p>الأوّل : أن لا يؤلّف من الشّارع اعتباره في بعض الأحكام ، ويسمّى الوصف الطّرديّ . الثّاني : أن يؤلّف من الشّارع اعتباره في بعض الأحكام ، ويسمّى الوصف الشّبهيّ . </p><p>المسلك السّادس : تنقيح المناط وتحقيق المناط والدّوران :</p><p>وهي راجعة في حقيقتها إلى المسالك المتقدّمة ومندرجة تحتها . </p><p>وتنقيح المناط : هو إلحاق الفرع بالأصل بنفي الفارق بينهما . أمّا تحقيق المناط : فهو أن يجتهد المجتهد في إثبات وجود العلّة في الصّورة الّتي هي محلّ النّزاع . </p><p>وأمّا الدّوران : فهو أن يوجد الحكم عند وجود الوصف ، ويرتفع بارتفاعه . </p><p>وفي بعض هذه المسالك خلاف وتفصيل ينظر في الملحق الأصوليّ .</p><p>الحديث المعلّل :</p><p>6 - هو الّذي اطّلع فيه على علّة تقدح في صحّته مع أنّ ظاهره السّلامة منها ، وهو من أنواع الحديث الضّعيف .</p><p></p><p>*********************************</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ابن عامر الشامي, post: 41294, member: 329"] ج - اليمين : 4 - اليمين والقَسَم والإيلاء والحلف ألفاظ مترادفة ، أو أنّ الحلف أعمّ . ومعنى اليمين في اللّغة : الجهة والجارحة والقوّة والشّدّة ، ويسمّى به الحلف مجازاً . وأمّا في الشّرع فهي : عبارة عن عقد قويّ به عزم الحالف على الفعل أو التّرك . وقال البهوتيّ : إنّها توكيد الحكم المحلوف عليه بذكر معظّم على وجه مخصوص . وبين التّعليق واليمين تشابه ، لأنّ كلا منهما فيه حمل للنّفس على فعل الشّيء أو تركه ، وما سمّي الحلف باللّه تعالى يميناً إلا لإفادته القوّة على المحلوف عليه من الفعل أو التّرك . واليمين تنقسم بحسب صيغتها إلى يمين منجّزة بالصّيغة الأصليّة لليمين ، نحو : واللّه لأفعلن . ويمين بالتّعليق ، وهي : أن يرتّب المتكلّم جزاء مكروهاً له في حالة مخالفة الواقع ، أو تخلّف المقصود . وتفصيله في مصطلح ( أيمان ) . صيغة التّعليق : 5 - يكون التّعليق بكلّ ما يدلّ على ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى ، سواء أكان ذلك الرّبط بأداة من أدوات الشّرط ، أم بغيرها ممّا يقوم مقامها ، كما لو دلّ سياق الكلام على الارتباط دلالة كلمة الشّرط عليه . ومثال الرّبط بين جملتي التّعليق بأداة من أدوات الشّرط : قول الزّوج لزوجته : إن دخلت الدّار فأنت طالق ، فقد رتّب وقوع الطّلاق على دخولها الدّار ، فإن دخلت وقع الطّلاق ، وإلا فلا . ومثال الرّبط بين جملتي التّعليق بلا أداة شرط : هو قول القائل مثلا : الرّبح الّذي سيعود إليّ من تجارتي هذا العام وقف على الفقراء ، فقد رتّب حصول الوقف على حصول الرّبح بلا أداة شرط ، لأنّ مثل هذا الأسلوب يقوم مقام أداة الشّرط . والمراد بالشّرط الّذي تستعمل فيه أداته للرّبط بين جملتي التّعليق : الشّرط اللّغويّ ، لأنّ ارتباط الجملتين النّاشئ عنه كارتباط المسبّب بالسّبب . أدوات التّعليق : 6 - المراد بها : كلّ أداة تدلّ على ربط حصول مضمون بحصول مضمون جملة أخرى ، سواء أكانت من أدوات الشّرط الجازمة أم من غيرها . وتلك الأدوات كما جاء في المغني عند الكلام على تعليق الطّلاق بالشّرط ، إن ، وإذا ، ومتى ، ومن ، وأي ، و كلّما . وزاد النّوويّ في الرّوضة ، متى ما ، ومهما . وزاد صاحب مسلم الثّبوت ، لو ، وكيف . وزاد السّرخسيّ في أصوله والبزدويّ في أصوله وصاحب فتح الغفّار وصاحب كشّاف القناع " حيث " ، وذكر صاحب فتح الغفّار وصاحب كشّاف القناع أيضا أن " أين " من صيغ التّعليق . وزاد صاحب كشّاف القناع أيضاً " أنّى " ولم يفرّق بينها وبين " إن " . وفيما يلي بعض ما قاله العلماء في كلّ أداة من هذه الأدوات من حيث اللّغة ومن حيث التّعليق . أ - إن : 7 - إن الشّرطيّة هي المستعملة في الرّبط بين جملتي التّعليق ، فإنّها أصل في التّعليق وفي حروف الشّرط وأدواته ، لتمحّضها للتّعليق والشّرط ، فليس لها معنى آخر سوى الشّرط والتّعليق ، بخلاف غيرها من أدوات الشّرط كإذا ومتى ، فإنّ لها معاني أخرى تستعمل فيها إلى جانب الشّرط . وتستعمل إن وغيرها من الأدوات الجازمة المشابهة لها في أمر متردّد على خطر الوجود ، أي : بين أن يكون وأن لا يكون . ولا تستعمل فيما هو قطعيّ الوجود ، أو قطعيّ الانتفاء ، إلا على تنزيلهما منزلة المشكوك لنكتة . 8 - ويترتّب على كون ( إن ) للشّرط المحض : أنّه لو علّق طلاق امرأته بعدم تطليقه لها ، بأن قال : إن لم أطلّقك فأنت طالق ، لم تطلق حتّى يموت أحدهما قبل أن يطلّقها ، لأنّ إن للشّرط ، وأنّه جعل عدم إيقاع الطّلاق عليها شرطاً ، ولا يتيقّن وجود هذا الشّرط ما بقيا حيّين ، فهو كقوله : إن لم آت البصرة فأنت طالق . ثمّ إن مات الزّوج وقع الطّلاق عليها قبل موته بقليل ، وليس لذلك القليل حدّ معروف . ولكن قبيل موته يتحقّق عجزه عن إيقاع الطّلاق عليها ، فيتحقّق شرط الحنث . فإن كان لم يدخل بها فلا ميراث لها ، وإن كان قد دخل بها ، فلها الميراث بحكم الفرار . وإن ماتت المرأة تطلق أيضا في إحدى الرّوايتين بلا فصل - كما في أصول السّرخسيّ - لأنّ فعل التّطليق لا يتحقّق بدون المحلّ ، وبفوات المحلّ يتحقّق الشّرط . وذكر ابن قدامة أنّه لو علّق الطّلاق بالنّفي بإحدى كلمات الشّرط ، كانت ( إن ) على التّراخي ، وأمّا غيرها ( كمتى ومن وكلّما وأيّ ) فإنّه يكون على الفور . والتّفصيل محلّه مصطلح : ( طلاق ) . ب - إذا : 9 - ( إذا ) ترد في اللّغة على وجهين : أحدهما : أن تكون للمفاجأة ، فتختصّ بالجمل الاسميّة ، ولا تحتاج إلى جواب ، ولا تقع في الابتداء ، ومعناها الحال لا الاستقبال . ثانيهما : أن تكون لغير مفاجأة ، فالغالب أن تكون ظرفا للمستقبل مضمّنة معنى الشّرط . وخلاصة القول في إذا : أنّها تستعمل عند الكوفيّين في معنى الوقت ، وفي معنى الشّرط ، وإذا استعملت في معنى الشّرط سقط عنها معنى الوقت ، وصارت حرفا كإن ، وهو قول أبي حنيفة وقد سبق . وعند البصريّين هي حقيقة في الوقت ، وتستعمل في الشّرط مع بقاء الوقت ، وهو قول أبي يوسف ومحمّد ، فعندهما أنّها مثل متى ، أي لا يسقط عنها معنى الظّرف ، وعنده أنّها كإن في التّمحّض للشّرطيّة ، فلا يبقى فيها معنى الظّرف . 10 - ويترتّب على الخلاف بين قول أبي حنيفة وصاحبيه : أنّه لو قال : إذا لم أطلّقك فأنت طالق ، أو إذا ما لم أطلّقك فأنت طالق ، فإن عنى بها الوقت تطلق في الحال ، وإن عنى بها الشّرط لم تطلق حتّى تموت ، وإن لم تكن له نيّة لم تطلق حتّى تموت . وهذا على قول أبي حنيفة بناء على أنّ ( إذا ) إن استعملت في معنى الشّرط سقط عنها معنى الوقت ، وهو رأي الكوفيّين . وأمّا على قول أبي يوسف ومحمّد فإنّها تطلق في الحال عند عدم النّيّة ، بناء على رأي البصريّين في أنّ إذا تستعمل للوقت غالبا ، وتقرن بما ليس فيه معنى الخطر ، فإنّه يقال : الرّطب إذا اشتدّ الحرّ ، والبرد إذا جاء الشّتاء . ولا يستقيم مكانها إن . وجاء في المغني : أيضا وجهان في ( إذا ) فيما لو قال : إذا لم تدخلي الدّار فأنت طالق . أحدهما : هي على التّراخي ، وهو قول أبي حنيفة ، ونصره القاضي ، لأنّها تستعمل شرطاً بمعنى إن . قال الشّاعر : استغنِ ما أغناك ربُّك بالغنى وإذا تصبك خصاصةٌ فتجمّل فجزم بها كما يجزم بإن ، ولأنّها تستعمل بمعنى متى وإن ، وإذا احتملت الأمرين فاليقين بقاء النّكاح فلا يزول بالاحتمال . والوجه الآخر : أنّها على الفور ، وهو قول أبي يوسف ومحمّد ، وهو المنصوص عن الشّافعيّ لأنّها اسم لزمن مستقبل ، فتكون كمتى . وأمّا المجازاة بها فلا تخرجها من موضوعها . وأمّا إذا علّق التّصرّف بإيجاد فعل بإذا ، كقوله مثلاً : إذا دخلت الدّار فأنت طالق ، فإنّها تكون على التّراخي كغيرها من أدوات التّعليق . وقد اطّرد في عرف أهل اليمن - كما جاء في نهاية المحتاج - استعمالهم إلى بمعنى إذا كقولهم : إلى دخلت الدّار فأنت طالق . ولهذا ألحقها غير واحد بإذا في الاستعمال . ج - متى : 11 - وهي اسم باتّفاق موضوع للدّلالة على الزّمان ثمّ ضمّن معنى الشّرط . والفرق بين إذا ومتى : أنّ إذا تستعمل في الأمور الواجب وجودها ، كطلوع الشّمس ومجيء الغد ، بخلاف متى ، فإنّها تستعمل في الأمور المبهمة ، أي فيما يكون وفيما لا يكون ، بمعنى أنّها لا تخصّ وقتا دون وقت ، فلذلك كانت مشاركة ل ( إنْ ) في الإبهام ، ولهذا أيضا كانت المجازاة بها لازمة في غير موضع الاستفهام كإن ، إلا أنّ الفرق بين متى وإن أنّ ( متى ) يجازى بها مع بقاء معنى الوقت فيها ، وأمّا متى الاستفهاميّة فإنّها لا يجازى بها ، لأنّ الاستفهام عبارة عن طلب الفهم عن وجود الفعل ، فلا يستقيم في مقامه إضمار حرف إن . قال ابن قدامة : لو علّق التّصرّف بإيجاد فعل بمتى فإنّها تكون على التّراخي ، فمن قال لزوجته : متى تدخلي الدّار فأنت طالق ، فإنّ الطّلاق لا يقع إلّا عند وجود الصّفة أو الفعل وهو الدّخول ، أمّا إذا علّق التّصرّف بنفي صفة بمتى ، كما إذا قال : متى لم أطلّقك فأنت طالق ، أو متى لم تدخلي الدّار فأنت طالق ، فإنّه إن مضى زمن عقيب اليمين لم تدخل فيه أو لم يطلّقها فيه فقد وجدت الصّفة ، فإنّها اسم لوقت الفعل ، فتقدّر به ويقع الطّلاق . 12 - ومثل متى في الحكم ( متى ما ) فكلّ ما قيل في متى يقال أيضاً في ( متى ما ) ، فحكمها في الشّرط كحكم متى بل أولى ، لأنّ اقتران ( ما ) بها يجعلها للجزاء المحض دون غيره كالاستفهام . د - من : 13 - وهي اسم باتّفاق وضع للدّلالة على من يعقل ، ثمّ ضمّن معنى الشّرط . وهي من صيغ العموم بوضع اللّغة ، وهي تعمّ بنفسها من غير احتياج إلى قرينة ، وهي كما قال البيضاويّ عامّة في العالمين أي : أولي العلم ، لتشمل العقلاء والذّات الإلهيّة ، لأنّ ( من ) تطلق على اللّه سبحانه وتعالى ، كما في قوله تعالى { وَمَنْ لَسْتُمْ لَه بِرَازِقين } واللّه سبحانه وتعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل ، وهو معنى حسن غفل عنه الشّارحون ، كما قال الإسنويّ . قال عبد العزيز البخاريّ في كشف الأسرار شرح أصول البزدويّ ما نصّه : ومن وما يدخلان في هذا الباب أي باب الشّرط ، لإبهامها ، فإنّ كلّ واحد منهما لا يتناول عينا . وتحقيقه : أنّ ( من وما ) لإبهامهما دخلا في باب العموم ، فلمّا كان العموم في الشّرط مقصودا للمتكلّم ، وتخصيص كلّ واحد من الأفراد بالذّكر متعسّر أو متعذّر و ( من وما ) يؤدّيان هذا المعنى مع الإيجاز وحصول المقصود ، نابا مناب إن ، فقيل : من يأت أكرمه ، وما تصنع أصنع . والمسائل فيهما كثيرة مثل قوله : من دخل هذا الحصن فله رأس ، ومن دخل منكم الدّار فهو حرّ . وأمّا إذا كان للشّرط فهو اسم بمعنى أي : تقول : ما تصنع أصنع . وفي التّنزيل . { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أو نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أو مِثْلِها } { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ للناسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا } . 14 - وأمّا ( ما ) المصدريّة ، فإنّها تستعمل في الفقه ، ويقيّد بها التّصرّف تقييد إضافة لا تعليق ، كما جاء في البحر الرّائق وفتح القدير ، لأنّها تنوب عن ظرف الزّمان ، كما في قوله تعالى : { وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّاً } أي مدّة دوامي حيّا . وعلى هذا لو قال : أنت طالق ما لم أطلّقك ، وسكت ، وقع الطّلاق اتّفاقا بسكوته ، لأنّه ترتّب عليه إضافة الطّلاق إلى وقت لم يطلّقها فيه . هـ - مهما : 15 - مهما اسم وضع للدّلالة على ما لا يعقل ، ثمّ ضمّن معنى الشّرط . وقد ذكر النّوويّ في الرّوضة : أنّ مهما من صيغ التّعليق ، نحو أن يقول : مهما دخلت الدّار فأنت طالق . و - أيّ : 16 - وهي بحسب ما تضاف إليه ، ففي : أيّهم يقم أقم معه من باب ( من ) أي أنّها تستعمل فيمن يعقل ، وفي : أيّ الدّوابّ تركب أركب من باب ( ما ) أي من باب ما لا يعقل ، وفي : أيّ يوم تصم أصم من باب ( متى ) أي أنّها تدلّ على زمان مبهم ، وفي أيّ مكان تجلس أجلس من باب ( أين ) أي أنّها تدلّ على مكان مبهم . وقد جاء في المغني والرّوضة ما يفيد أنّ حكم ( أيّ ) في التّعليق كحكم " متى ومن وكلّما " بمعنى أنّه لو علّق التّصرّف بنفي فعل بأيّ ، كما لو علّق الطّلاق على نفي الدّخول بأيّ ، بأن قال : أيّ وقت لم تدخلي فيه الدّار فأنت طالق ، فإنّه إن مضى زمن يمكنها فيه الدّخول - ولم تدخل - فإنّه يقع الطّلاق بعده على الفور . وأمّا لو علّق الطّلاق على إيجاد فعل بأيّ ، فلا تفيد الفور كغيرها من أدوات التّعليق . وجاء في تبيين الحقائق أنّ ( أيّ ) لا تعمّ بعموم الصّفة فلو قال : أيّ امرأة أتزوّجها فهي طالق ، فإنّ ذلك يتحقّق في امرأة واحدة فقط . بخلاف كلمتي ( كلّ وكلّما ) فإنّهما تفيدان عموم ما دخلتا عليه كما سيأتي . ز - كلّ وكلّما : 17 - كلمة ( كلّ ) تستعمل بمعنى الاستغراق بحسب المقام ، كقوله تعالى : { وَاللَّهُ بِكُلّ شَيءٍ عَليمٌ } وقد تستعمل بمعنى الكثير كقوله تعالى : { تُدَمِّرُ كُلَّ شَيءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا } أي كثيرا ، لأنّها دمّرتهم ودمّرت مساكنهم دون غيرهم ، ولفظ ( كلّ ) لا يستعمل إلّا مضافا لفظا أو تقديرا ، ولفظه واحد ، ومعناه جمع ، ويفيد التّكرار بدخول ( ما ) عليه نحو : كلّما جاءك زيد فأكرمه . 18 - وكلمة ( كلّ ) من صيغ التّعليق عند الحنفيّة والمالكيّة وكذا عند الشّافعيّة إن قصد بها التّعليق دون المكافأة . ولم يفرّق الحنفيّة في تعليق الطّلاق ب ( كلّ ) بين ما إذا عمّم ، بأن قال : كلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق ، أو خصّص بأن قال : كلّ امرأة من بني فلان أو من بلد كذا . وأمّا المالكيّة فإنّهم يخالفون الحنفيّة في صورة التّعميم ، لأنّ فيه سدّاً لباب النّكاح ، ويتّفقون معه في صورة التّخصيص بأن يخصّ بلداً أو قبيلة أو جنساً أو زمناً يبلغه عمره ظاهرا . وذكر السّرخسيّ في أصوله أنّ كلمة ( كلّ ) توجب الإحاطة على وجه الإفراد ، ومعناه أنّ كلّ واحد من المسمّيات الّتي توصل بها كلمة كلّ يصير مذكورا على سبيل الانفراد ، كأنّه ليس معه غيره ، لأنّ هذه الكلمة صلة في الاستعمال ، حتّى لا تستعمل وحدها لخلوّها عن الفائدة ، وهي تحتمل الخصوص ، نحو كلمة ( من ) إلا أنّ معنى العموم فيها يخالف معنى العموم في كلمة ( من ) ولهذا استقام وصلها بكلمة من كقوله تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيها فَانٍ } حتّى لو وصلت باسم نكرة فإنّها تقتضي العموم في ذلك الاسم أيضا . ولهذا لو قال : كلّ امرأة أتزوّجها فهي طالق تطلق كلّ امرأة يتزوّجها على العموم . ولو تزوّج امرأة مرّتين لم تطلق في المرّة الثّانية ، لأنّها توجب العموم فيما وصلت به من الاسم دون الفعل . 19 - والفرق بين كلمة " كلّ " وكلمة " من " فيما يرجع إلى الخصوص : هو أنّ كلمة كلّ وإن كانت الإحاطة فيها شاملة لكلّ فرد ، إلا أنّها تحتمل الخصوص ، ككلمة " من " كما لو قال : كلّ من دخل هذا الحصن أوّلا فله كذا ، فدخلوا على التّعاقب فالنّفل للأوّل خاصّة لاحتمال الخصوص في كلمة كلّ ، فإنّ الأوّل اسم لفرد سابق ، وهذا الوصف متحقّق فيه دون من دخل بعده . ومثل ذلك كلمة " من " في صورة التّعاقب . 20 - فإن دخلوا معا استحقّوا جميعا النّفل بكلمة " كلّ " دون كلمة " من " . وأمّا كلمة " كلّما " فإنّها من صيغ التّعليق عند الفقهاء ، وهي تقتضي التّكرار والفور ، ويليها الفعل دون الاسم ، فتقتضي العموم فيه ، فلو قال : كلّما تزوّجت امرأة فهي طالق ، فتزوّج امرأة مراراً فإنّها تطلق في كلّ مرّة يتزوّجها ، لأنّها تقتضي العموم في الأفعال دون الأسماء ، بخلاف كلمة ( كلّ ) فإنّها تفيد العموم في الأسماء دون الأفعال . ح - لو : 21 - تكون ( لو ) حرف شرط في المستقبل ، إلا أنّها لا تجزم ، ومثالها قوله تعالى : { وَلْيَخْشَ الَّذينَ لو تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافَاً خَافُوا عَليهمْ } أي : وليخش الّذين إن شارفوا وقاربوا أن يتركوا . وإنّما أوّلوا التّرك بمشارفة التّرك ، لأنّ الخطاب للأوصياء ، وإنّما يتوجّه إليهم قبل التّرك ، لأنّهم بعده أموات . وأمّا من حيث تعليق التّصرّف " بلو " فقد أجاز الفقهاء - كأبي يوسف - تعليقه بها ، لشبهها " بإن " فإنّ لو تستعمل في معنى الشّرط ولا يليها دائما إلّا الفعل كإن ، ولورود استعمال كلّ منهما في معنى الأخرى ، إلا أنّ " لو " تفيد التّقييد في الماضي " وإن " تفيده في المستقبل . إلا أنّ الفقهاء لم ينظروا إلى هذه النّاحية ، وعاملوها كإن في التّعليق ، فمن قال لعبده : لو دخلت الدّار لتعتق ، فإنّه لا يعتق حتّى يدخل صونا للكلام عن الإهمال ، حتّى إنّ من الفقهاء من عاملها معاملة " إن " مطلقا وأجاز اقتران جوابها بالفاء ، ولم ينظر إلى عدم جواز ذلك عند النّحاة ، لأنّ العامّة تخطئ وتصيب في الإعراب ، فمن قال لرجل : زنيت بكسر التّاء ، أو قال لامرأة : زنيت بفتحها ، وجب حدّ القذف في الصّورتين . 22 - وتستعمل " لو " في الاستقبال لمؤاخاتها لإن ، كأن يقال : لو استقبلت أمرك بالتّوبة لكان خيرا لك ، أي إن استقبلت ، وقال تعالى : { وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلو أَعْجَبَكُمْ } أي وإن أعجبكم ، كما أنّ " إن " استعلمت بمعنى " لو " كقوله تعالى : { إنْ كُنْتُ قُلْتُه فَقَدْ عَلِمْتَه } وعلى هذا فمن قال لزوجته : أنت طالق لو دخلت الدّار ، فإنّها لا تطلق عند أبي يوسف حتّى تدخل الدّار ، لأنّ لو بمنزلة إن ، فتفيد معنى التّرقّب . وليس في هذه المسألة نصّ عن أبي حنيفة ، ولم يرو فيها شيء عن محمّد ، فهي من النّوادر . 23 - أمّا " لولا " وهي الّتي تفيد امتناع الثّاني لوجود الأوّل ، فإنّها ليست من صيغ التّعليق عند الفقهاء ، لأنّها وإن كان فيها معنى الشّرط فإنّ الجزاء فيها لا يتوقّع حصوله ، لأنّها لا تستعمل إلّا في الماضي ، ولا علاقة لها بالزّمن المستقبل ، فهي عندهم بمعنى الاستثناء لأنّها تستعمل لنفي شيء بوجود غيره ، فمن قال لزوجته : أنت طالق لولا حسنك ، أو لولا صحبتك ، لا يقع الطّلاق حتّى وإن زال الحسن أو انتفت الصّحبة ، لجعله ذلك مانعا من وقوع الطّلاق . ط - كيف : 24 - " كيف " تستعمل في اللّغة على وجهين : أحدهما : أن تكون شرطاً . والثّاني : وهو الغالب فيها : أن تكون استفهاما ، إمّا حقيقيّا نحو " كيف زيد ؟ " أو غيره نحو { كيفَ تَكْفُرونَ بِاللَّهِ } الآية ، فإنّه أخرج مخرج التّعجّب ، وتقع خبرا قبل ما لا يستغنى ، نحو " كيف أنت ؟ " " وكيف كنت ؟ " ، وحالا قبل ما يستغنى ، نحو " كيف جاء زيد ؟ " أي على أيّ حالة جاء زيد . وأمّا الفقهاء فإنّهم لم يخرجوا في استعمالهم لكيف عمّا ذكرته اللّغة بشأنها . فذهب أبو حنيفة إلى أنّ تعليق الحكم بكيف لا يؤثّر في أصل التّصرّف ، وإنّما يؤثّر في صفته . وذهب أبو يوسف ومحمّد إلى أنّ تعليق الحكم بها يؤثّر في الأصل والوصف معاً . وعلى هذا فقد قال أبو حنيفة فيمن قال لامرأته : أنت طالق كيف شئت أنّها تطلق قبل المشيئة تطليقة ، ثمّ إن لم تكن مدخولا بها فقد بانت لا إلى عدّة ، ولا مشيئة لها ، وإن كانت مدخولا بها فالتّطليقة الواقعة رجعيّة ، والمشيئة إليها في المجلس بعد ذلك . فإن شاءت البائنة - وقد نواها الزّوج - كانت بائنة ، أو إن شاءت ثلاثاً - وقد نواها الزّوج - تطلق ثلاثاً ، وإن شاءت واحدة بائنة - وقد نوى الزّوج ثلاثاً - فهي واحدة رجعيّة ، وإن شاءت ثلاثاً - وقد نوى الزّوج واحدة بائنة - فهي واحدة رجعيّة ، لأنّها شاءت غير ما نوى ، وأوقعت غير ما فوّض إليها ، فلا يعتبر ، لأنّه إنّما يتأخّر إلى مشيئتها ما علّقه الزّوج بمشيئتها دون ما لم يعلّقه ، وكلمة " كيف " لا ترجع إلى أصل الطّلاق ، فيكون هو منجّزا أصل الطّلاق ومفوّضا للصّفة إلى مشيئتها ، بقوله : كيف شئت . إلا أنّ في غير المدخول بها لا مشيئة لها في الصّفة بعد إيقاع الأصل ، فيلغو تفويضه الصّفة إلى مشيئتها بعد إيقاع الأصل ، وفي المدخول بها ، لها المشيئة في الصّفة بعد وقوع الأصل ، بأن تجعله بائنا أو ثلاثا على ما عرف ، فيصحّ تفويضه إليها . وأمّا عند أبي يوسف ومحمّد : فلا يقع عليها شيء ما لم تشأ ، فإذا شاءت فالتّفريع كما قال أبو حنيفة ، لأنّه جعل الطّلاق مفوّضا إلى مشيئتها فلا يقع بدون تلك المشيئة ، كقوله : أنت طالق إن شئت ، أو كم شئت ، أو حيث شئت ، لا يقع شيء ما لم تشأ ، وهذا لأنّه لمّا فوّض وصف الطّلاق إليها يكون ذلك تفويضا لنفس الطّلاق إليها ضرورة أنّ الوصف لا ينفكّ عن الأصل . ولم نطّلع للمالكيّة على كلام في هذه المسألة . وأمّا الشّافعيّة : فلهم رأيان في هذه المسألة . فقد ذكر البغويّ أنّه لو قال : أنت طالق كيف شئت ، قال أبو زيد والقفّال : تطلق شاءت أم لم تشأ . وقال الشّيخ أبو عليّ : لا تطلق حتّى توجد مشيئة في المجلس بالإيقاع أو عدمه . وأمّا الحنابلة : فإنّهم لم يفرّقوا في هذه المسألة بين " كيف " وبين غيرها من أدوات التّعليق ، فالطّلاق عندهم لا يقع حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، فقد جاء في كشّاف القناع أنّه لو قال : أنت طالق إن شئت أو إذا شئت ، أو متى شئت ، أو كيف شئت . . إلخ لم تطلق حتّى تقول : قد شئت ، لأنّ ما في القلب لا يعلم حتّى يعبّر عنه اللّسان . ي - حيث ، وأين : 25 - " حيث " اسم للمكان المبهم . قال الأخفش : وقد تكون للزّمان . " وحيث " من صيغ التّعليق ، لشبهها " بإن " في الإبهام ، وتعليق التّصرّف بها لا يتعدّى مجلس التّخاطب تشبيها لها ب " إن " أيضاً ، فإنّ تعليق الطّلاق مثلا بمشيئة المرأة ب " إن " لا يتعدّى مجلس التّخاطب عند الحنفيّة . فلو قال لامرأته : أنت طالق حيث شئت ، فإنّها لا تطلق قبل المشيئة ، وتتوقّف مشيئتها على المجلس ، لأنّ " حيث " من ظروف المكان ، ولا اتّصال للطّلاق بالمكان ، فيلغو ذكره ، ويبقى ذكر المشيئة في الطّلاق ، فيقتصر على المجلس . وأورد البهوتيّ " حيث " في صيغ التّعليق ، وأنّها تعامل معاملة غيرها من أدوات التّعليق ، فتعلّق الحكم بها لا يكون قاصرا على المجلس عند الحنابلة ، بل يتعدّاه إلى غيره . فلو قال : أنت طالق حيث شئت ، فإنّها لا تطلق حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، سواء أكان ذلك على الفور أم على التّراخي . ولم يذكرها المالكيّة ، ولا النّوويّ من الشّافعيّة في الرّوضة . 26 - ومثل " حيث " فيما تقدّم أين ، فإنّها أيضا اسم للمكان المبهم ، وذكرها صاحب فتح الغفّار وعدّها من أدوات التّعليق ، وذكرها أيضا صاحب كشّاف القناع ولم يفرّق بينها وبين " إن " في الحكم . ك - أنّى : 27 - وهي اسم اتّفاقا وضع للدّلالة على الأمكنة ثمّ ضمّن معنى الشّرط ، وترد في اللّغة بمعنى أين ، وبمعنى كيف ، وبمعنى متى . هذا وقد ذكر الحنابلة في كتبهم : أنّها من الألفاظ الّتي يعلّق بها الحكم ، فقد جاء في كشّاف القناع : أنّه لو قال : أنت طالق أنّى شئت ، فإنّها لا تطلق حتّى تعرف مشيئتها بقولها ، ولم يفرّق بينها وبين ( إن ) لأنّ كلّا منهما تدلّ على التّعليق . ثالثاً : شروط التّعليق : 28 - يشترط لصحّة التّعليق أمور : الأوّل : أن يكون المعلّق عليه أمراً معدوماً على خطر الوجود ، أي متردّداً بين أن يكون وأن لا يكون ، فالتّعليق على المحقّق تنجيز ، وعلى المستحيل لغو . الثّاني : أن يكون المعلّق عليه أمراً يرجى الوقوف على وجوده ، فتعليق التّصرّف على أمر غير معلوم لا يصحّ ، فلو علّق الطّلاق مثلاً على مشيئة اللّه تعالى ، بأن قال لامرأته : أنت طالق إن شاء اللّه ، فإنّ الطّلاق لا يقع اتّفاقاً ، لأنّه علّقه على شيء لا يرجى الوقوف على وجوده . الثّالث : أن لا يوجد فاصل بين الشّرط والجزاء ، أي بين المعلّق والمعلّق عليه ، فلو قال لزوجته : أنت طالق ، ثمّ قال بعد فترة من الزّمن : إن خرجت من الدّار دون إذن منّي لم يكن تعليقا للطّلاق ، ويكون الطّلاق منجّزا بالجملة الأولى . الرّابع : أن يكون المعلّق عليه أمرا مستقبلا بخلاف الماضي ، فإنّه لا مدخل له في التّعليق ، فالإقرار مثلا لا يصحّ تعليقه بالشّرط ، لأنّه إخبار عن ماض ، والشّرط إنّما يتعلّق بالأمور المستقبلة . الخامس : أن لا يقصد بالتّعليق المجازاة ، فلو سبّته بما يؤذيه فقال : إن كنت كما قلت فأنت طالق ، تنجّز سواء أكان الزّوج كما قالت أو لم يكن ، لأنّ الزّوج في الغالب لا يريد إلا إيذاءها بالطّلاق . فإن أراد التّعليق يدين فيما بينه وبين اللّه عزّ وجلّ . السّادس : أن يوجد رابط كالفاء وإذا الفجائيّة حيث كان الجزاء مؤخّرا ، وإلا يتنجّز . السّابع : أن يكون الّذي يصدر منه التّعليق مالكا للتّنجيز أي قادرا على التّنجيز - بمعنى كون الزّوجيّة قائمة حقيقة أو حكماً - وهذا الشّرط فيه خلاف ، فالحنفيّة والمالكيّة لا يشترطون ذلك في تعليق الطّلاق ، بل يكتفون فيه بمطلق الملك ، سواء أكان محقّقا أم معلّقاً حتّى إنّ المالكيّة لم يفرّقوا في هذا بين التّعليق الصّريح فيما لو قال لامرأة : إن تزوّجتك فأنت طالق ، وبين التّعليق الّذي لم يصرّح به ، كما لو قال لأجنبيّة : هي طالق ، ونوى عند تزوّجه بها ، فإنّ الطّلاق يقع في الصّورتين . 29 - ودليل أصحاب هذا القول : أنّ هذا التّصرّف يمين لوجود الشّرط والجزاء ، فلا يشترط لصحّته قيام الملك في الحال ، لأنّ الوقوع عند الشّرط ، والملك متيقّن به عند وجود الشّرط ، وقبل ذلك أثره المنع ، وهو قائم بالمتصرّف . وأمّا الشّافعيّة والحنابلة : فإنّهم يشترطون لصحّة التّعليق قيام الملك في حال التّعليق ، بمعنى أن يكون الّذي يصدر منه التّعليق قادرا على التّنجيز ، وإلا فلا يصحّ تعليقه . والقاعدة الفقهيّة عندهم هي : من ملك التّنجيز ملك التّعليق ، ومن لا يملك التّنجيز لا يملك التّعليق . وهناك استثناءات من القاعدة بشقّيها ذكرها السّيوطيّ . ودليل أصحاب هذا القول ما رواه أحمد وأبو داود والتّرمذيّ بإسناد جيّد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم « لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق له فيما لا يملك ، ولا طلاق له فيما لا يملك » . وحديث : « لا طلاق إلّا بعد نكاح » وقد روى هذا الحديث أيضا الدّارقطنيّ وغيره من حديث عائشة رضي الله عنه وزاد : « وإن عيّنها » . ولانتفاء الولاية من القائل على محلّ الطّلاق ، وهو الزّوجة . أثر التّعليق على التّصرّفات : 30 - هناك مسألة أصوليّة هامّة هي : أنّ التّعليق هل يمنع السّبب عن السّببيّة أو يمنع الحكم عن الثّبوت فقط ، لا السّبب عن الانعقاد ؟ والخلاف في هذه المسألة بين الحنفيّة والشّافعيّة . فالحنفيّة يرون أنّ التّعليق يمنع السّبب عن السّببيّة كما يمنع الحكم عن الثّبوت. والشّافعيّة يرون أنّ التّعليق لا يمنع السّبب عن السّببيّة ، وإنّما يمنع الحكم من الثّبوت فقط ، ولا يمنع السّبب عن الانعقاد . فكون التّعليق يمنع ثبوت الحكم محلّ اتّفاق بين الحنفيّة والشّافعيّة ، وكونه يمنع السّبب عن السّببيّة هو محلّ الخلاف . فالحنفيّة يرون أنّه يمنع ، والشّافعيّة على العكس في ذلك . وممّا يتفرّع عليه تعليق الطّلاق والعتاق بالملك ، فإنّه يصحّ عند الحنفيّة ويقع عند وجود الملك ، لعدم سببيّته في الحال ، وإنّما يصير سببا عند وجود الشّرط وهو الملك ، فيصادف محلاً مملوكاً . ولا يصحّ عند الشّافعيّة ، لأنّ التّعليق عندهم ينعقد سببا للحكم في الحال ، والمحلّ هنا غير مملوك ، فيلغو ، ولا يقع شيء عند وجود الشّرط . 31 - التّصرّفات من حيث قبولها التّعليق أو عدم قبولها له على ضربين : أحدهما : تصرّفات تقبل التّعليق وهي . الإيلاء والتّدبير والحجّ والخلع والطّلاق والظّهار والعتق والكتابة والنّذر والولاية . الثّاني : تصرّفات لا تقبل التّعليق وهي : الإجارة والإقرار والإيمان باللّه تعالى ، والبيع والرّجعة والنّكاح والوقف والوكالة . وضابط ذلك : أنّ ما كان تمليكاً محضاً لا مدخل للتّعليق فيه قطعاً كالبيع ، وما كان حلا - أي إسقاطاً - محضاً يدخله التّعليق قطعاً كالعتق . وبين المرتبتين مراتب يجري فيها الخلاف كالفسخ والإبراء ، لأنّهما يشبهان التّمليك ، وكذلك الوقف ، وفيه شبه يسير بالعتق فجرى فيه وجه ضعيف . وتفصيل ذلك فيما يلي : أوّلا : التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق : أ - الإيلاء : 32 - الإيلاء يقبل التّعليق على الشّرط عند الفقهاء ، كأن يقول : إن دخلت الدّار فواللّه لا أقربك ، فإنّه يصير موليا عند وجود الشّرط لأنّ الإيلاء يمين يحتمل التّعليق بالشّرط كسائر الأيمان . وذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الإيلاء من التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق على الشّرط ولا تقبل الشّرط ، فلا يصحّ قوله : آليت منك بشرط كذا . والتّفصيل محلّه مصطلح ( إيلاء ) ب - الحجّ : 33 - ذكر الزّركشيّ في المنثور أنّ الحجّ يصحّ تعليقه ، كأن يقول : إن أحرم فلان فقد أحرمت . ويقبل الشّرط كأن يقول : أحرمت على أنّي إذا مرضت فأنا حلال . والتّفصيل محلّه مصطلح ( حجّ ) . ج - الخلع : 34 - الخلع إن كان من جانب الزّوجة ، بأن كانت هي البادئة بسؤال الطّلاق ، فإنّه لا يقبل التّعليق عند الحنفيّة والشّافعيّة ، لأنّ الخلع من جانبها معاوضة . وإن كان من جانب الزّوج فإنّه يقبل التّعليق عند الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ، لأنّ الخلع من جانبه طلاق ، ومثله الطّلاق على مال . وأمّا الحنابلة فلم يجوّزوا تعليق الخلع قياساً على البيع . وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الخلع إن جعلناه طلاقا فإنّه يقبل التّعليق على الشّروط ولا يقبل الشّرط . والتّفصيل محلّه مصطلح ( خلع ) . د - الطّلاق : 35 - مجمل ما قاله الفقهاء في الطّلاق هو أنّ الطّلاق يقبل التّعليق اتّفاقاً ، ويقع بحصول المعلّق عليه . وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الطّلاق من التّصرّفات الّتي تقبل التّعليق على الشّرط ولا تقبل الشّرط . والفقهاء يذكرون مسائل كثيرة في تعليق الطّلاق ، كتعليقه على المشيئة أو الحمل أو الولادة أو على فعل غيره ، وتعليقه على الطّلاق نفسه ، وتعليقه على أمر مستقبل أو أمر يستحيل وقوعه ، وغيرها من المسائل الّتي يطول الكلام بذكرها فليرجع لتفصيلها إلى ( الطّلاق ) . هـ - الظّهار : 36 - يصحّ تعليق الظّهار باتّفاق الفقهاء ، وذلك لأنّ الظّهار يقتضي التّحريم كالطّلاق ، ويقتضي الكفّارة كاليمين . وكلّ من الطّلاق واليمين يصحّ تعليقه . فمن قال لزوجته : أنت عليّ كظهر أمّي إن دخلت الدّار ، لا يصير مظاهراً منها قبل دخولها الدّار . وذكر الزّركشيّ في المنثور : أنّ الظّهار كالطّلاق في كونه يقبل التّعليق على الشّرط ولا يقبل الشّرط . والتّفصيل محلّه مصطلح ( ظهار ) . و - العتق : 37 - اتّفق الفقهاء على صحّة تعليق العتق بالشّرط والصّفة ، على تفصيل فيهما ينظر في مصطلح ( عتق ) . ز - المكاتبة : 38 - يجوز تعليق المكاتبة بالشّرط ، وفي ذلك تفصيل سبق في مصطلح ( إسقاط ) وراجع مصطلح ( مكاتبة ) . ح - النّذر : 39 - اتّفق الفقهاء على جواز تعليق النّذر بالشّرط ، ولا يجب الوفاء قبل حصول المعلّق عليه ، لعدم وجود سبب الوفاء ، فمتى وجد المعلّق عليه وجد النّذر ولزم الوفاء به . على تفصيل في ذلك في مصطلح ( نذر ) . ط - الولاية : 40 - ويمثّل لها بالإمارة والقضاء والوصاية ، أمّا الإمارة والقضاء فيجوز تعليقهما بالشّرط لأنّهما ولاية محضة . وتفصيل ذلك محلّه مصطلح ( إمارة ) ومصطلح ( قضاء ) . وأمّا الوصاية فيجوز عند الحنفيّة في ظاهر المذهب ، وعند الشّافعيّة والحنابلة تعليقها بالشّرط لقربها من الإمارة ، فإذا قال : إذا متّ ففلان وصيّي ، فإنّ المذكور يصير وصيّا عند وجود الشّرط للخبر الصّحيح « فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر ، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد اللّه بن رواحة » . وأمّا المالكيّة فإنّهم لم يصرّحوا بجواز تعليقها . والتّفصيل محلّه مصطلح ( وصاية ) . ثانياً - التّصرّفات الّتي لا تقبل التّعليق : أ - الإجارة : 41 - لا يجوز الإجارة على الشّرط بالاتّفاق بين الفقهاء وذلك لأنّ منفعة العين المؤجّرة تنقل ملكيّتها في مدّة الإجارة من المؤجّر إلى المستأجر . وانتقال الأملاك لا يكون إلّا مع الرّضا ، والرّضا إنّما يكون مع الجزم ، ولا جزم مع التّعليق . ب - الإقرار : 42 - لا يجوز تعليق الإقرار على الشّرط بالاتّفاق ، لأنّ المقرّ يعتبر بذلك مقرّا في الحال ، ولأنّ التّعليق على الشّرط في معنى الرّجوع عن إقرار ، والإقرار في حقوق العباد لا يحتمل الرّجوع ، ولأنّ الإقرار إخبار عن حقّ سابق فلا يصحّ تعليقه ، لوجوبه قبل الشّرط . والتّفصيل في مصطلح ( إقرار ) . ج - الإيمان باللّه تعالى : 43 - الإيمان باللّه تعالى لا يقبل التّعليق على الشّرط ، فإذا قال : إن كنت في هذه القضيّة كاذبا فأنا مسلم ، فإنّه إن كان كذلك لا يحصل له إسلام ، لأنّ الدّخول في الدّين يفيد الجزم بصحّته ، والمعلّق ليس بجازم . والتّفصيل في مصطلح ( إيمان ) . د - البيع : 44 - لا يجوز في الجملة تعليق البيع على الشّرط بالاتّفاق ، وذلك لأنّ البيع فيه انتقال للملك من طرف إلى طرف ، وانتقال الأملاك إنّما يعتمد الرّضا ، والرّضا يعتمد الجزم ، ولا جزم مع التّعليق . والتّفصيل في مصطلح ( بيع ) هـ - الرّجعة : 45 - لا يجوز تعليق الرّجعة على شرط عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . وأمّا المالكيّة فذكروا في إبطال الرّجعة إن علّقت - بأن قال لزوجته : إن جاء الغد فقد راجعتك - قولين : أحدهما : وهو الأظهر ، أنّها لا تصحّ الآن ولا غداً ، لأنّه ضرب من النّكاح ، وهو لا يكون لأجل ، ولافتقارها لنيّة مقارنة . والثّاني : أنّها تبطل الآن فقط ، وتصحّ رجعته في الغد ، لأنّ الرّجعة حقّ للزّوج فله تعليقها . والتّفصيل في مصطلح ( رجعة ) . و - النّكاح : 46 - لا يجوز تعليق النّكاح على شرط عند الحنفيّة والمالكيّة ، والمذهب عند الشّافعيّة . وأمّا الحنابلة فلا يجوز عندهم تعليق ابتداء النّكاح على شرط مستقبل غير مشيئة اللّه ، لأنّه - كما جاء في كشّاف القناع - عقد معاوضة فلا يصحّ تعليقه على شرط مستقبل كالبيع . والتّفصيل في مصطلح ( نكاح ) . ز - الوقف : 47 - لا يجوز عند الحنفيّة تعليق الوقف على شرط ، مثل أن يقول : إن قدم ولدي فداري صدقة موقوفة على المساكين ، لاشتراطهم التّنجيز فيه . وأمّا المالكيّة فجوّزوا تعليقه لعدم اشتراطهم التّنجيز فيه قياساً على العتق . وأمّا الشّافعيّة : فلا يجوز عندهم ولا يصحّ تعليق الوقف فيما لا يضاهي التّحرير ، كقوله : إذا جاء زيد فقد وقفت كذا على كذا ، لأنّه عقد يقتضي نقل الملك في الموقوف للّه تعالى أو للموقوف عليه حالا كالبيع والهبة . أمّا ما يضاهي التّحرير ، كجعلته مسجدا إذا جاء رمضان ، فالظّاهر صحّته كما ذكر ابن الرّفعة . ومحلّ ذلك ما لم يعلّقه بالموت ، فإن علّقه به كوقفت داري بعد موتي على الفقراء فإنّه يصحّ . قاله الشّيخان ، وكأنّه وصيّة لقول القفّال : لو عرضها للبيع كان رجوعاً . وأمّا الحنابلة : فلم يجوّزوا تعليق ابتداء الوقف على شرط في الحياة ، مثل أن يقول : إذا جاء رأس الشّهر فداري وقف أو فرسي حبيس ، ونحو ذلك ، ولأنّه نقل للملك فيما لم يبن على التّغليب والسّراية فلم يجز تعليقه على شرط كالهبة . وذكر ابن قدامة أنّه لا يعلم في هذا خلافاً . وسوّى المتأخّرون من الحنابلة بين تعليقه بالموت وتعليقه بشرط في الحياة . وأمّا تعليق انتهاء الوقف بوقت كقوله : داري وقف إلى سنة ، أو إلى أن يقدم الحاجّ ، فلا يصحّ في أحد الوجهين ، لأنّه ينافي مقتضى الوقف وهو التّأبيد . وفي الوجه الآخر : يصحّ لأنّه منقطع الانتهاء . ح - الوكالة : 48 - يجوز عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة تعليق الوكالة على شرط ، كأن يقول : إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع كذا ، لأنّ التّوكيل - كما يقول الكاسانيّ - إطلاق التّصرّف ، والإطلاقات ممّا يحتمل التّعليق بالشّرط ، ولأنّ شروط الموكّل عندهم معتبرة ، فليس للوكيل أن يخالفها ، فلو قيّد الوكالة بزمان أو مكان ونحو ذلك فليس للوكيل مخالفة ذلك . وذكر الشّافعيّة في تعليق الوكالة بشرط من صفة أو وقت وجهين : أصحّهما : لا يصحّ قياسا على سائر العقود باستثناء الوصيّة لقبولها الجهالة ، وباستثناء الإمارة للحاجة . وثانيهما : تصحّ قياسا على الوصيّة . تعليل * التّعريف : 1 - التّعليل لغة : من علّ يعلّ واعتلّ أي : مرض فهو عليل . والعلّة : المرض الشّاغل . والجمع علل . والعلّة في اللّغة أيضا : السّبب . واصطلاحاً : تقرير ثبوت المؤثّر لإثبات الأثر وقيل : إظهار علّيّة الشّيء ، سواء أكانت تامّة أم ناقصة . والعلّة عرّفها الأصوليّون بقولهم : العلّة هي الوصف الظّاهر المنضبط الّذي يلزم من ترتيب الحكم عليه مصلحة للمكلّف من دفع مفسدة أو جلب منفعة . وللعلّة أسماء منها : السّبب والباعث والحامل والمناط والدّليل والمقتضي وغيرها . وتستعمل العلّة أيضا بمعنى : السّبب ، لكونه مؤثّرا في إيجاب الحكم ، كالقتل العمد العدوان سبب في وجوب القصاص . كما تستعمل العلّة أيضا بمعنى : الحكمة ، وهي الباعث على تشريع الحكم أو المصلحة الّتي من أجلها شرع الحكم . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ . تعليل الأحكام : 2 - الأصل في أحكام العبادات عدم التّعليل ، لأنّها قائمة على حكمة عامّة ، وهي التّعبّد دون إدراك معنى مناسب لترتيب الحكم عليه . وأمّا أحكام المعاملات والعادات والجنايات ونحوها ، فالأصل فيها : أن تكون معلّلة ، لأنّ مدارها على مراعاة مصالح العباد ، فرتّبت الأحكام فيها على معان مناسبة لتحقيق تلك المصالح . والأحكام التّعبّديّة لا يقاس عليها لعدم إمكان تعدية حكمها إلى غيرها . وينظر تفصيل ذلك في مصطلح ( تعبّديّ ) . فوائد تعليل الأحكام : 3 - لتعليل الأحكام فوائد منها : أنّ الشّريعة جعلت العلل معرّفة ومظهرة للأحكام كي يسهل على المكلّفين الوقوف عليها والتزامها . ومنها أن تصير الأحكام أقرب إلى القبول والاطمئنان . وتفصيل ذلك ينظر في الملحق الأصوليّ . تعليل النّصوص : 4 - اختلف الأصوليّون في تعليل النّصوص على أربعة اتّجاهات : أ - أنّ الأصل عدم التّعليل ، حتّى يقوم الدّليل عليه . ب - أنّ الأصل التّعليل بكلّ وصف صالح لإضافة الحكم إليه ، حتّى يوجد مانع عن البعض . ج - أنّ الأصل التّعليل بوصف ، ولكن لا بدّ من دليل يميّز الصّالح من الأوصاف للتّعليل وغير الصّالح . د - أنّ الأصل في النّصوص التّعبّد دون التّعليل . وينظر تفصيل ذلك في مصطلح : ( تعبّديّ ) وفي الملحق الأصوليّ . مسالك العلّة : 5 - وهي الطّرق الّتي يسلكها المجتهد للوقوف على علل الأحكام . المسلك الأوّل : النّصّ الصّريح . وهو أن يذكر دليل من الكتاب أو السّنّة على التّعليل بوصف ، بلفظ موضوع له في اللّغة من غير احتياج إلى نظر واستدلال . وهو قسمان : الأوّل : ما صرّح فيه بكون الوصف علّة أو سببا للحكم . الثّاني : ما جاء في الكتاب أو السّنّة معلّلا بحرف من حروف التّعليل . المسلك الثّاني : الإجماع . المسلك الثّالث : الإيماء والتّنبيه . وهو أن يكون التّعليل لازما من مدلول اللّفظ ، لا أن يكون اللّفظ دالّا بوضعه على التّعليل . وهو على أقسام تنظر في الملحق الأصوليّ . المسلك الرّابع : السّبر والتّقسيم . وهو حصر الأوصاف في الأصل ، وإبطال ما لا يصلح منها للتّعليل ، فيتعيّن الباقي للتّعليل . المسلك الخامس : المناسبة والشّبه والطّرد : ينقسم الوصف المعلّل به إلى قسمين : أ - ما تظهر مناسبته لترتيب الحكم عليه ويسمّى المناسب . وهو أن يترتّب الحكم على وصف ظاهر منضبط ، يلزم من ترتيب الحكم عليّة مصلحة للمكلّف من دفع مفسدة أو جلب منفعة . ويعبّر عنها بالإخالة وبالمصلحة وبالاستدلال وبرعاية المقاصد . ويسمّى استخراجها تخريج المناط . ب - ما لا تظهر مناسبته لترتيب الحكم عليه وينقسم إلى نوعين : الأوّل : أن لا يؤلّف من الشّارع اعتباره في بعض الأحكام ، ويسمّى الوصف الطّرديّ . الثّاني : أن يؤلّف من الشّارع اعتباره في بعض الأحكام ، ويسمّى الوصف الشّبهيّ . المسلك السّادس : تنقيح المناط وتحقيق المناط والدّوران : وهي راجعة في حقيقتها إلى المسالك المتقدّمة ومندرجة تحتها . وتنقيح المناط : هو إلحاق الفرع بالأصل بنفي الفارق بينهما . أمّا تحقيق المناط : فهو أن يجتهد المجتهد في إثبات وجود العلّة في الصّورة الّتي هي محلّ النّزاع . وأمّا الدّوران : فهو أن يوجد الحكم عند وجود الوصف ، ويرتفع بارتفاعه . وفي بعض هذه المسالك خلاف وتفصيل ينظر في الملحق الأصوليّ . الحديث المعلّل : 6 - هو الّذي اطّلع فيه على علّة تقدح في صحّته مع أنّ ظاهره السّلامة منها ، وهو من أنواع الحديث الضّعيف . ********************************* [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الفقـــه
الموسوعة الفقهية