"هو قوة التلفظ النسبية التي تعطي للصائت في كل مقطع من مقاطع الكلمة أو الجملة".
قال صاحب لسان العرب في النبر:" مصدر نَبَرَ الحَرْفَ يَنْبِرُه نَبْراً هَمَزَه وفي الحديث قال رجل للنبي يا نَبيءَ الله فقال لا تَنْبِر باسمي أَي لا تَهْمِزْ وفي رواية فقال إِنَّا معْشَرَ قريش لا نَنْبِرُ والنبْرُ هَمْزُ الحرْفِ ولم تكن قريش تَهْمِزُ في كلامها نَبَرَ الرجلُ نبْرَةً إِذا تكلم بكلمة فيها عُلُوٌّ وأَنشد إِنِّي لأَسمَعُ نبْرَةً من قَوْلِها فأَكادَ أَن يُغْشَى عليّ سُرُورا والنبْرُ صيحة الفَزَعِ ونبرة المغني رفع صوْتِه عن خَفْض ".
وقال في المعجم الوجيز:" النبر في النطق :إبراز أحد مقاطع الكلمة عند النطق،والنبر:إظهار الهمزة مثل:دارأ في داري" .
والذي نحن بصدده" النبر في النطق :إبراز أحد مقاطع الكلمة عند النطق " وهو ما يسميه بعض العلماء الضغط على الحرف حتى تكمل حركته ,ويتميز عما قبله وبعده بارتفاع الصوت.
فسيولوجية النبر:
عند نطق المنبور نلاحظ عدة أنشـطة في الجهاز الصوتي البشري منها:
● تنشط عضلات الرئتين، بشكل متميز لرفع الهواء بنشاط أكبر.
● تقوى حركات الوترين الصوتيين وتتسع الذبذبات.
● يتقارب الوتران أكثر في حالة الأصوات المجهورة،ويبتعدان أكثر في حالة الأصوات المهموس.
أمثلة توضيحية:
1ـ قد ينطق القارئ الكلمة بتشكيل صحيح ومخارج سليمة ثم يعطي معني مخالفا للمراد مثل قوله تعالي:" فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " فيقرا كلمة " فقعوا " مثل كلمة " ذهبوا " مثلا فكأنها من فقع العين ، بل لا بد من تمييز حرف الفاء والصبر علي حركة القاف دون الإسراع فيكون حينئذ بمعنى الإلقاء وهذا ما يعرف بالنبر.
2ـ وكذا لو قرأ " فَسَقى لهما" بنفس إيقاع "جعلا له " فتصير كلمة " فسقى "وكأنها من الفسوق في حين أنها من "السّقي" ..
3ـ وكذا لو نطق " وسعى لها " وكأنها من السعة والاتساع في حين أنها من السعي الذي هو السير.
4ـ وكذا " فهدى " ليست من الفهد وإنما من الهدي.
5ـ ولو قرأ مثل قوله تعالى: :" وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ " دون نبر "ما" فتقترب الكلمة من كلمة "كلما " التي تفيد التكرار وكذلك نطق " أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " دون نبر "ما" يحول المعنى من استفهام موجه للكافرين عن شركاهم إلى ظرف مكان عام أو اسم شرط وجزاء وكلاهما غير مناسب ،وكذا قوله تعالى:" وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ " دون نبر "ما" يجعل "أنما " كأنها أداة قصر وهذا غير مراد في الآية .
فوائد النبر:
1ـ إذا حذف حرف لالتقاء الساكنين وخشي من اللَّبس كما في قوله تعالى :" واستبقا الباب " وقوله تعالى:" وقالا الحمد لله " وقوله عز وجل :" فلما ذاقا الشجرة " ففي مثل هذه المواطن قد يحتاج القارئ إلى ضغطة خفيفة أو نبر ما بعد الألف المحذوفة إشعارا بالألف.
2ـ للنبر تعبير دلالي على المعنى , فالنبر على حرف الواو في كلمة {القوة} له تعبير دلالي للتأكيد على أن القوة للّه وحـده، لا سيما والآية تتحدث عن اتخاذ الأنداد من دون اللّه، فكان لا بد من التـأكيد على {القوة} التي تليق باللّه تبارك وتعالى.
3ـ من صور النبر، "نبر الجمل" الذي يقوم على الضغط على كلمة بعينها في إحدى الجمل المنطوقة؛ لتكون أوضح من غيرها من كلمات الجملة، وذلك للاهتمام بها أو التأكيد عليها ونفي الشك عنها من المتكلم أو السامع، وهذا السلوك اللغوي شائع في كثير من اللغات.
4ـ إن النبر والتنغيم من مهمات..القرائن للدلالة....فهي ترشد إلى المراد..وتفرق بين الخبر والإنشاء..وبين الجد والتهكم...
هل كان النبي يتلو القرآن بالنبر...
النبر هو التشديد في تلفظ صوت أو مقطع....ويعادل وضع سطر أو كتابة حرف بخط عريض ..أو تكرار كتابة حرف مثلا...لا تغغغغغغغغغضب....تكرار الغين.....يؤشر على النبر الذي ينبغي أن يصاحب خروج الضاد...
إن النبر من مهمات..القرائن للدلالة....فهي ترشد إلى المراد..وتفرق بين الخبر والإنشاء وبين الجد والتهكم...وهذا مثال: {لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ}(35) سورة يـس. "ما"تحتمل أن تكون نافية..والمراد..الأكل من ثمار لم تعملها أيديهم..بل وجدوها ناضجة طيبة ..نعمة من الله....
وتحتمل أن تكون موصولة أو مصدرية...والمراد الأكل من الثمار..ومن صنع اليد....
فالنبر المصاحب لـ"ما" النافية....يختلف عن النبر المصاحب لـ"ما" الموصولة....
ومن هنا.....نؤكد أن تفسير الصحابي...قوي جدا...لأنه سمع...(وغيرُه قرأ فقط....) سمع القرآن وسمع نبرات الرسول ...
قال د/غانم قدوري :"قال بعض المحققين ينبغي أن يقرأ القرآن علي سبعة نغمات : فما جاء من أسمائه تعالى وصفاته فبالتعظيم والتوقير.
وما جاء من المفتريات عليه فبالإخفاء والترقيق.
وما جاء من ذكر الجنة فبالشوق والطرب.
وما جاء من ذكر النار والعذاب فبالخوف والرهب .
وما جاء من الأوامر والنواهي فبالطاعة والرغبة .
وما جاء من ذكر المناهي فبالإبانة والرهبة.
ما هي التركيبات التي يدخل فيها النبر؟
قال د/ جبل:
1 ـ التركيب المكون من ثلاثة مقاطع ..مثل ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) تنبر القاف ، (فَسَقَى لَهُمَا) تنبر السين ، (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) تنبر النون (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) تنبر القاف(وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً) تنبر التاء (وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) تنبر القاف (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ) تنبر الهمزة (فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) تنبر العين (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا)تنبر الكاف (وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا) تنبر الكاف
ونرى أن الأساس النفسي العلمي لهذا النوع من النبر أن اللغة العربية تغلب فيها الجذور الثلاثية علي غيرها....
زيادة توضيح:
إن هذه الأفعال الثلاثية الماضية التي لم ينتقص منها حرف مثل (كفروا ـ ختم ـ قتل)وكذا الأفعال المضارعة مثل (يقول) والأفعال الماضية غير الثلاثية مثل( أنزل ـ آمن) والثلاثية التي حذف منها حرف ولكن لم يدخل عليها حرف مثل (لقوا ـ خلوا) والتي دخل عليها حرف ولكن تخلف نظمها المقطعي عما قلنا مثل(فزادهم) كل هذه لا تحتاج إلى نبر لأن نطقها متميز المكونات .
2ـ حروف عطف أحادية تليها حروف جر أحادية داخلة علي ضمائر مثل(ولهم ـ فلهم ـ ولكم ـ فلكم ـ ألكم ـ فبما ),والنبر فيها يكون علي حرف الجرـ أي على المقطع الثاني أيضا ـ ومما يلحق بذلك ما يكون حرف الجر فيها بداية شبه جملة هي خبر مقدم لمبتدأ بعده مثل (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) بل إن أهمية إبراز كون حرف الجر بداية شبه جملة خبرا تجعل نبره مفيدا حتى لو لم يسبق بعاطف (لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ ),وهذا النوع كثير أيضا منتشر في القرآن والمهم أنه لا ينبغي أن يغيب عنا أن النبر الذي نهتم به أو ينبغي أن نهتم به هو ما يبرز معنى الكلام أو يساعد على إبرازه بأن ينبه إلى أن المقطع الثاني مثلا هو بداية لحرف أو لفعل أو إلى أن المقطع بداية بشبه الجملة لجملة مستقلة .
3ـ النبر في الحروف المقطعة .
أولا ( إن +ما ،أن +ما) التراكيب المكونة من أن المشددة مكسورة الهمزة أو مفتوحتها +"ما " موصولة أو غير موصولة ،والقاعدة التي أطمئن إليها في هذه التراكيب هي نبر (ما)التي ليست اسم موصول سواء رسمت متصلة بما قبلها أو رسمت منفصلة عنه :أ ـ ما تنبر فيه(ما) بعد (إنّ) (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِين) الأنعام 134( إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) النحل 95( إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِر)ٍ طه 69 (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ) الذاريات (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ) المرسلات 7. وقدر رسمت "ما" في هذه المواضع متصلة بأن عدا موضع الأنعام،وباقي ما جاء في القرآن وهو 141 مرة ـ حسب ما في معجم حروف المعاني ـ فغن ما فيه كافة فلا تنبر... فالذي ينبر من (إنّ + ما) هو خمسة مواضع فقط
وأما قوله تعالى:" فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ...(49) و" فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92) فالراجح أن "ما" فيهما كافة فلا تنبر وقد رسمتا بالاتصال .
الخلاصة : أن الذي ينبر من (أن + ما) هو ثماني آياتٍ الأولى وما عداهما ـ اثنان المائدة 49،92 وأحد عشر موضعا آخر( الأنفال 28 ـ هود 14ـ إبراهيم 52 ـ الكهف 10ـ الأنبياء108ـ المؤمنون 115ـ القصص 50 ـ ص24 ، 70 ـ فصلت 6 ـ الحديد 20 ) لا نبر فيه.
ثالثا (كل + ما) ينبر في هذا التركيب موضع واحد وهو اسم يعود عليه ضمير وهو قوله تعالى :" وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ... (34)" وما عدا هذا الموضع لا ينبر مثل : ...كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا ... (91) "كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ... (44) والمواضع الثلاثة رسمت في المصحف بقطع "كل" عن "ما " ثم إن المواضع الباقية في القرآن وعددها سبعة عشر لا تنبر فيها "ما" فالنبر في هذا التركيب في آية واحدة (إبراهيم 34).
رابعا ( بئس +ما) هنا عدة آيات "ما" فيها واضحة الموصولية هي قوله تعالى:" بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ" "قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُم","وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ", وقد رسمت الأوليان باتصال "ما" .
وعدة آيات أخرى "ما" راجحة الموصولية هي : "وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ "(187) آل عمران " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "(62) "لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ "(63) "لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ "(79) "لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ "(80) "قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي "(150) المائدة. فهذه كلها تنبر (وقد رسمت هذه المجموعة بانفصال "ما").
قوله تعالى:" بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي " فـ"ما" نكرة موصوفة فلا تنبر وقد رسمت متصلة .
فالخلاصة: أن كل( بئس+ما) تنبر ماعدا " بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ".
خامسا (أين +ما) ورد هذا (التركيب) ثنتي عشرة مرة منها ثلاث مرات "ما" فيها موصول فتنبر وهي:"قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ..."(37)الأعراف "وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ "(92)الشعراء "ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ "(73)غافر, وهذه الثلاثة رسمت مفصولة وسائرها "أينما " فيه اسم شرط أو ظرف مكان مجرد من الشرط لا تنبر فيه "ما" وهي "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا ..."(115)"أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ ..."(148) البقرة "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ... "(112)آل عمران "أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ..." النساء "أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ ..." (76)النحل "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْت"(31)مريم "مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا ... "(61) الأحزاب "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "(4)الحديد "إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ..."(7)المجادلة .
نصوص من بعض كتب التراث على النبر في القرآن:
كلام النسفي في سورة يوسف"{ فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } قيل : حلفوا بالله رب محمد عليه السلام { قَالَ } بعضهم يسكت عليه لأن المعنى قال يعقوب { الله على مَا نَقُولُ } من طلب الموثق وإعطائه { وَكِيلٌ } رقيب مطلع غير أن السكتة تفصل بين القول والمقول وذا لا يجوز ، فالأولى بأن يفرق بينهما بالصوت فيقصد بقوة النغمة اسم الله ." ا.هـ
فقول النسفي "فالأولى بأن يفرق بينهما بالصوت فيقصد بقوة النغمة اسم الله " يقصد إظهار لفظ الجلالة الله وإلقائه بطريقة تشعر بأن القصد منه الابتداء لأن الفاعل في الآية هو يعقوب عليه السلام وكلمة"وكيل" خبر للفظ الجلالة فالتفريق بقوة النغمة رفع الصوت به إذ لا معنى لقوة النغمة هنا إلا النبر لأنه رفع بضغط ،قد خصص هذا النبر بلفظ الجلالة بقوله (فيقصد ...)انظر تحقيقات في التلقي والأداء د/ جبل،وكتاب الدراسات الصوتية لغانم قدوري) .
ويتضح مما سبق أن المفسرين كانوا يهتمون بطريقة الإلقاء والنبر قديم المنبع وإن كانوا لا يسمونه نبرا كما هو معروف فالتسمية لا تضر .. وهذا وإن كافيا في الرد حيث تبين قدم الموضوع وليست حديثة ..
قال د/ جبل في ترجمة :محمد بن عيسى بن إبراهيم بن رزين أبو عبد الله التيمي الأصبهاني إمام في القراءات كبير مشهور له اختيار في القراءة أول وثان، أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن خلاد بن خالد والحسن بن عطية وداود بن أبي طيبة وخلف وأبي معمر وسليمان بن داود الهاشمي وسليم بن عيسى ويونس بن عبد الأعلى ونصير بن يوسف النحوي وعبد الرحمن بن أبي حماد وحماد بن بحر ونوح بن أنس والصباح بن محارب وأشعث بن عطاف وروى الحروف عن عبيد الله بن موسى وإسحاق بن سليمان،روى القراءة عنه الفضل بن شاذان وهو أكبر أصحابه وأعلمهم ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني وجعفر بن عبد الله بن الصباح وأحمد بن يحيى التارمي والحسين بن إسماعيل الضرير أبو سهل حمدان بن المرزبان وأحمد بن الخليل بن أبي فراس ومحمد بن عصام وإبراهيم بن أحمد بن نوح ومحمد بن أحمد بن الحسن الشعيري ويعقوب بن إبراهيم بن الغزال ومحمد بن الهيثم الأصبهاني والقاسم بن عبد الله الفارسي والحسن بن العباس الرازي وعبد الله بن أحمد اللخمي وموسى بن عبد الرحمن ومحمد بن أحمد الرازي والهيثم بن إبراهيم البخاري،قال أبو حاتم صدوق،وقال أبو نعيم الأصبهاني ما أعلم أحداً أعلم منه في وقته في فنه يعني القراءات، وصنف كتاب الجامع في القراءات وكتاباً في العدد وكتاباً في جواز قراءة القرآن على طريق المخاطبة وكتاباً في الرسم وكان إماماً في النحو أستاذاً في القراءات،مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين وقيل سنة اثنتين وأربعين ومائتين) غاية النهاية 2/350 .
وقال السمرقندي في قوله تعالى:" وَإِذَا كَالُوهُم وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3)" { وَإِذَا كَالُوهُمْ } يعني : إذا باعوا من غيرهم ينقصون الكيل { أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } يعني:ينقصون الكيل وقال بعضهم كالوهم حرفان يعني : كالوا ثم قال : هم وكذلك وزنوا ثم قال : هم يخسرون وذكر عن حمزة الزيات أنه قال هكذا ومعناه:هم إذا كالوا أو وزنوا ينقصون وكان الكسائي يجعلها حرفاً واحداً كالوهم أي :كالوا لهم وكذلك وزنوا لهم وقال أبو عبيدة وهذه هي القراءة لأنهم كتبوها في المصاحف بغير ألف ولو كان مقطوعاً لكتبوا كالواهم بالألف،ولفظ حرفين في كلام أبي عبيد معناه كلمتين ذلك أن لفظ(هم)على هذه القراءة مؤكد لضمير الفاعل،واللفظ التوكيدي كالزائد عن بناء الجملة لأنه ينصب على مفرده فيها لا على مبناها كله في حين أن المفعول هو من تمام بناء الجملة الفعلية في الفعل المتعدي لأن الكلام يتطلبه ومن هنا عدُّوا قراءة (كالوهم)في حالة تنغيم(هم)مفعولا كلمة واحدة وفي حالة تنغيمها توكيدا حرفين أي كلمتين وكذلك الأمر في (وزنوهم).والنبر هنا يتمثل في ضغط النطق بالضمير ضغطا يشعر بتميزه عما قبله ويرتفع به صوته عما قبله وبعده في كل من القراءتين وكذلك الأمر في جعل الضمير (هم)في (هم يخسرون)مبتدأ وهذا الضمير يعد لغويا كلمة ويعد صوتيا مقطعا،وأبو عبيدة عبّر عن ذلك التميز بالوقف فإن وقف حقيقة فهو سريع جدا (كسكتات حفص)وهناك احتمال أن يكون قصد بالوقف ذلك التمييز النبريّ الذي ذكرناه "ينظر..تحقيقات في التلقي د/جبل.
وقال الزمخشري:" { والذين يَجْتَنِبُونَ } عطف على الذين آمنوا ، وكذلك ما بعده . ومعنى( كبائر الإثم) الكبائر من هذا الجنس . وقرىء (كبير الإثم) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كبير الإثم هو الشرك { هُمْ يَغْفِرُونَ } أي هم الأخصاء بالغفران في حال الغضب ، لا يغول الغضب أحلامهم كما يغول حلوم الناس ، والمجيء بهم وإيقاعه مبتدأ ، وإسناد { يَغْفِرُونَ } إليه لهذه الفائدة ، ومثله : { هُمْ يَنتَصِرُونَ } (الشورى : 39) .يقصد:" وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) " الذي برز كون (هم)المنفصلة في هذه الآيات هي رأس جملة أي مبتدأ هو نبرها بحيث تبرز ابتدائيتها وكونها ليست مضافة إلى اليوم في آيتي غافر بخلاف آيات الزخرف والمعارج والطور والذاريات ، وكذلك الأمر وإن كان أقل حدة في آيتي الشورى فالنبر هو الذي يبرز التخصيص الذي ذكره الزمخشري" المصدر السابق.[/