لآلئ الدعوة
اللهم ألف بين قلوبنا
- إنضم
- 17 نوفمبر 2010
- المشاركات
- 708
- النقاط
- 16
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد...
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
قول : أنا أثق بنفسي / يجب أن تثق بنفسك / الثقة بالنفس ...
الثقة المطلقة يجب أن تكون بالله وحده ولذا يتبرأ الإنسان من حوله وقوته فيقول : لا حول ولا قوة إلا بالله . والثقة إنما تكون بما عند الله من نصر وإعانة ومدد ورزق وتفريج كربات وغير ذلك. وهذا هو شأن الأنبياء والصالحين
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
فهذا نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام يقف أما البحر والعدو من خلفه فيقول أصحابه ( إنـّـا لمدركون ) فيرد عليهم بلسان الواثق بنصر الله ( كلا إن معي ربي سيهدين ) فيأتيه الفرج والنصر بالأمر الرباني ( اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم )
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يختبئ في الغار فيقف المشركون أمام باب الغار حتى رأوا أقدامهم فيقول أبا بكر رضي الله عنه : لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا ، فقال : ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما . رواه البخاري ومسلم .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
والأمثلة على هذاكثيرة ، ولولا خشية الإطالة لأوردت منها وسردت . فلا يثق المسلم بنفسه بل يثق بالله وبما عند الله . ومن هذا الباب أن النبي عليه الصلاة والسلام : من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات . رواه أحمد وأبو داود . ومعنى ( ينأ عنه ) أي يبتعد عنه حتى لا يُفتن .وهذا دليل على أن النفس لا يُوثق بها بل تُجنّب مواطن الفتن والهلكة .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
والثقة بالنفس ربما دفعت صاحبها إلى التعالي والغرور ونتيجة ذلك العُجب الذي هو أكبر من الذنب ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : لو لم تكونوا تذنبون لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك ؛ العجب العجب . رواه البيهقي في شعب الإيمان ،وحسنه الألباني
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
: والثقة بالـنَّفْس لا تجوز ؛ لِعِدّة اعتِبارات :
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
الأول :أن الـثِّقَـة لا تَكون إلاَّ بالله ، ولِذا قال الله تبارك وتعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) ، وقال عزّ وَجَلّ : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) .. وهذا يُفيد أن التوكّل – كما سبَق – لا يَكون إلاَّ على الله ، والثِّقَة جُزء من التوكّل .. إذ قد عَرّف ابن القيم التوكّل بأنه : اعْتِمَاد القَلَب على الله وحْدَه ، واليأس مما في أيدي الناس .قال في كِتاب " الفوائد " : وسِرُّ التَّوَكًّل وحَقِيقَتُه : هو اعْتِمَادُ القَلَبِ عَلى اللهِ وحْدَه .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
الثاني: أنّ من اعْتَمَد على نَفسِه فقد اعتَمَد على عَجِز وضعف وعورة .. ومَن وُكِل إلى نَفسه فقد خُذِل .. وفي الْحَدِيث : " مَن تَعَلَّق شَيئا وُكِل إليه " رواه الإمام أحمد والترمذي ، وحسّنه الألباني . وذلك أنَّ القَلب متى اعتمَد على غير الله ورَكَن إليه وُكِلَ الإنسان إلى ما وَثق به ، أو إلى من اعتمَدعليهالثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
الثالث :أنّ الله عزّ وَجَلّ إذا أراد خُذلان عَبْد وَكَله إلى نَفْسِه . وهذه عُقوبة مِن عُقوبات الذُّنُوب .
قال ابن القيم رحمه الله في ذِكْر عَقوبات الذُّنُوب :فَيُنْسِيه عُيوب نَفْسه ونَقصها وآفاتها ، فلا يَخْطُر بِبَالِه إزالتها وإصلاحها . وأيضا فَيُنْسِيه أمْرَاض نَفسه وقَلبه وآلامها ، فلا يَخْطُر بِقَلْبِه مُدَاواتها ولا السَّعْي في إزالة عِللها وأمراضها التي تؤول بها إلى الفساد والهلاك ؛ فهو مَريض مُثْخَن بِالْمَرَض ،ومَرَضُه مُتَرَامٍ به إلى الـتَّلَف ولا يَشْعُر بِمَرَضِه ولا يَخْطُر بِبَالِه مُداواته . وهذا من أعظم العقوبة للعامة والخاصة . فأيّ عقوبة أعظم من عقوبة مَن أهْمَل نَفْسَه وضَيَّعَها ونَسِي مَصَالِحَها وداءها ودَواءها ، وأسباب سعادتهما وصلاحها وفلاحها وحياتها الأبدية في النعيم المقيم . اهـ .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
الرابع :أنه قد جاء في الحديث : " ولا تَكِلْنِي إلى نَفْسِي طَرْفَة عَين " والواثِق بِنفسه مَوْكُول إلى نَفسه كما تَقَدَّم . قال الشيخ الفَاضِل بَكر أبو زَيد في " مُعْجَم الْمَناهي اللفْظِية " : في تَقْرِيرللشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى - لما سُئِل عن قَول مَن قَال : " تَجِب الثِّقَة بالـنَّفْس " أجَاب : لا تَجِب ، ولا تَجُوز الـثِّقَة بالـنَّفْس . في الحديث : ولا تَكِلْنِي إلى نَفْسِي طَرْفَة عَين .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
قال الشيخ ابن قاسم مُعَلِّقًا عليه : وجاء في حديث رواه أحمد : وأشْهَد أنك إن تَكِلْنِي إلى نَفْسِي تَكِلْنِي إلى ضَيْعَة وعَوْرَة وذَنْب وخَطِيئة ، وإني لا أثِق إلاَّ بِرَحْمَتِك . اهـ .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
أقول : لفظ الحديث في مُسنَد أحمد :
مَن قَال : اللهم فَاطِرالسَّمَاوَات والأرْض عَالِم الغَيْب والشَّهَادة إني أعْهَد إلَيْك في هَذه الْحَيَاة الدُّنيا أني أشْهَد أن لا إله إلاَّ أنْت ، وحْدَك لا شَرِيك لك ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك ورَسُولُك ، فإنك إن تَكِلْنِي إلى نَفْسِي تُقَرِّبنِي مِن الشَّرّ ، وتُبَاعِدْني مِن الْخَير ، وإني لا أثِق إلاَّ بِرَحْمَتِك ، فاجْعَل لي عِنْدك عَهْدًا تُوفِّينِيهِ يَوْم القِيَامَة ، إنك لا تُخْلِف الْمِيْعَاد ؛إلاَّ قَال الله لِمَلائكَتِه يَوْم القِيَامَة : إنَّ عَبْدِي قَد عَهِدَ إليَّ عَهْدًا ، فَأوْفُوه إيَّاه ، فَيُدْخِله الله الْجَنَّة .
الثقة بالنفس: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ
والله تعالى أعلم
الشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله .
المصدر: دار الرقية الشرعية
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع