- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
التوحيد في عصر الصحابة
بالنسبة لتاريخ هذا العلم ونشأته وتطوره، أقول: إن الصحابة رضوان الله عليهم جاءهم هذا الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة، فأخذوا ذلك بتربيتهم؛ لأن المقصود بالعلم -كما ذكرنا- هو التوصيل إلى حصول الإيمان وخشية الله، وهم حصلوا على ذلك بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم. فكثير منهم لم يكن من العلماء الكبار، ولم يستوعب كثيراً من المسائل العلمية، لكن مقصود العلم حصل لهم، وهو تحصيل خشية الله:
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
[فاطر:28] ، وقد حصل أقل الصحابة مستوى في العلم على مستوىً من الخشية أكبر من مستوى من وراءهم من العلماء بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم له. فإذاً حصلوا على فائدة العلم، وتجاوزوا كثيراً من المراحل، وقطعوا كثيراً من المسافات في فترة وجيزة، فقد مكث عتاب بن أسيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر يوماً فقط، وهو في الرابعة عشرة من عمره. كم مكث معه ابن عباس ؟ كم مكث معه أسامة بن زيد ؟ كم مكثت معه عائشة ؟ سنوات محصورة يقطعون فيها مراحل عجيبة لا تقطع إلا في الأعمار الطويلة جداً. مالك بن الحويرث كم مكث معه هو وأصحابه؟ فترة وجيزة جداً قطعوا خلالها مراحل عجيبة.
استغناء الصحابة عن تعلم التوحيد رواية ودراية برؤية النبي وسماعه
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، يقول أحد العلماء في معجزاته: نور به عن تهج صحبه غني وغير أصحابه مما وحى وهجا (نور به عن تهج صحبه غني): أصحابه استغنوا عن التهجي والقراءة والكتابة، (وغير أصحابه مما وحى وهجا) أي: مما كتب وقرأ، فنحن اشتغلنا بالقراءة والكتابة لأننا محتاجون إلى ذلك، ولكن النور الذي كان فيه هو أغناهم عن هذا. ومن هنا فإن أتباع الصحابة أيضاً لم تكن حاجتهم إلى تفصيل هذه العلوم مثل حاجة أتباع التابعين، وبدأت الحاجة من عصر أتباع التابعين، فهو وليد الحاجة، ولا يقال: إن هذا العلم لم يكن موجوداً في عصر الصحابة ولم يهتموا به، بل كان موجوداً، لكن كان في ثنايا القرآن وفي ثنايا السنة مثل غيره من العلوم الأخرى، كذلك الفقه وكذلك الأصول وكذلك الحديث دراية وكذلك التفسير، كلها كانت مجتمعة مع الكتاب والسنة، وقد بينا من قبل أن الوحي يبحث فيه من جهتين: جهة الورود وجهة الدلالة. وكل العلوم الشرعية راجعة إلى هذين البحثين: بحث الوحي من جهة الرواية وبحث الوحي من جهة الدراية، فالصحابة رضوان الله عليهم لم يحتاجوا إلى البحث في الجهتين معاً. أما جهة الرواية فلسماعهم من الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم:
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
[النجم:3-4]، فهو الصادق المصدوق، ولسماع بعضهم من بعض وهم جميعاً عدول؛ لأن الله تعالى عدلهم في كتابه فقال:
فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
[التوبة:96] ، وقال:
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ
[التوبة:100] ، وقال:
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
[الفتح:18] ، فأثبت لهم الرضا، وإذا ثبت لهم الرضا انتفى عنهم الفسق؛ لأنه لا يرضى عن القوم الفاسقين. وإذا انتفى عنهم الفسق ثبت لهم ضده وهو العدالة؛ لأن المحل القابل للصفة لا يخلو منها أو من ضدها، فإما أن يكونوا عدولاً وإما أن يكونوا فساقاً، ولا يمكن أن يثبت لهم العدالة والفسق في وقت واحد، ولا يمكن أن يرتفعا عنهم في وقت واحد، إذا ارتفع عنهم الفسق وجبت لهم العدالة، فلما ثبت لهم الرضا، الذي لا يكون عن القوم الفاسقين ثبتت كذلك لهم العدالة، فإذاً هم عدول، فهذا المجال مجال الرواية. أما مجال الدراية فلم يحتاجوا إلى البحث فيه كثيراً؛ لأن نور رسول الله صلى الله عليه وسلم وتربيته، وإزالة الشبهة وطرد الشيطان بمجرد وجوده كافٍ لتجاوزهم كل العقبات، فقد يشك الإنسان كثيراً من الشكوك، وتأتيه كثير من الوساوس والأوهام، وبمجرد أن يرى الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب عنه الشيطان فيزول عنه كل ذلك. فنحن اليوم مشكلتنا هذا الصراع الشديد المستعصي مع الشيطان، فيأتينا بالشبهات ويأتينا بالشهوات ونغرق في هذه الأمور، لكن هم بطرد الرسول صلى الله عليه وسلم للشيطان تنتفي عنهم هذه الأمور كلها وتزول، بعلاجه بكلمة واحدة أو بنظرة واحدة. كذلك فإنهم عاشوا في البيئة التي نزل فيها الوحي، فحضروا نزول الآيات، وحضروا ورود الأحاديث، وفهموا لغة العرب على وجه السليقة، لأنها كانت لغتهم، ولم تختلط الحضارات بعد، ولم تتغير الدلالات، فلم يحتاجوا إلى البحث في مجال الدراية.
علم التوحيد في عصور التابعين ومن بعدهم
جاء بعدهم أتباعهم وهم التابعون فلم يحتاجوا كذلك حاجة ماسة إلى البحث في الجهتين: أما جهة الرواية فلسماعهم من الصحابة المعدلين بتعديل الله، وأما جهة الدراية؛ فلأن الأوضاع لم تختلف ولم تتغير كذلك، فاللغة لم تتغير دلالات مفرداتها، وأوضاع الناس لم تختلف، والحضارات لم تختلف، وبقي فقط نقص هذه الأمة بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن أفضل جيل يمكن أن يوجد بعده هم الجيل الذين رباهم، فاستفادوا من هذا الجيل، وحتى ارتسم ذلك فيهم وتشكل، كما ذكرنا أن ابن مسعود رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يحكي هديه ودله، وربى ابن مسعودعلقمة فكان يحكي هديه ودله، وربى علقمةإبراهيم النخعي فكان يحكي هديه ودله، وربى إبراهيممنصور بن المعتمر فكان يحكي هديه ودله، وربى منصورسفيان الثوري فكان يحكي هديه ودله، وربى سفيانوكيعاً فكان يحكي هديه ودله، وربى وكيعأحمد بن حنبل فكان يحكي هديه ودله، وربى أحمد بن حنبلأبا داود فكان يحكي هديه ودله، كل واحد ينقل صورة مما رأى فيكون مثالاً للآخر تماماً. ويقول الشيخ محمد سالم حفظه الله في ذلك: ربى ابن مسعود مقيم الملـة فكان يحكي هديه ودلـه وكان علقمـة لابـن أم عبد كهذا للنبي الأمـي وكان إبراهيم يحكي علقمة واه له من نسب ما أكرمه وكان منصـور لإبراهيم كذاك يحكي هديه القويم وكان سفيان بلا قصـور مشبهاً بشيخـه منصور وهكذا أيضاً وكيع كـان مشبهاً بشيخـه سفيان وكان أحمد لدى الجميـع مشبهاً بشيخـه وكيـع كذا أبو داود عند ..... مشبه بـأحمد بن حنبل فهذه التربية الموروثة التي تتسلسل، فيكون الإنسان إذا أدركته كأنما رأيت صحابياً بالتسلسل، لذلك يقول أحد العلماء عندنا في مرثية الشيخ رحمه الله: يمثل من هدي الصحابة صـورة ويا حبذا هدي الصحــابة مغنمـا كما تعكس المرآة وجهاً أمامهـا ويحكي الصدى الصوت الفخيم المرخما إذاً الحاجة إنما جاءت في عصر أتباع التابعين، فاحتاجوا إلى البحث في الجهتين معاً، جهة الرواية وجهة الدراية، ومن هنا بدأ نخل العلوم وتفصيلها على ما ذكرنا.
تسمية علم العقيدة
بالنسبة لهذه الأسماء التي ذكرناها لهذا العلم كلها اصطلاحات ولا مشاحة في الاصطلاح، والمهم من الاسم ما يميز المسمى ويعرف به، سواءً كانت تسمية له باسم يدل عليه أو تسمية له باسم لا معنى له؛ لأن الأعلام مسلوبة الدلالة، فلذلك لا اعتراض عليها في الجملة، وبما أنه لم يرد له اسم في الوحي، فإننا نبحث عن الأكمل في التسمية فقط. أما تسميته بالإيمان فلم يرد أن أحداً سماه بالإيمان، والذين ألفوا كتباً في الإيمان إنما ذكروا فيها الأعمال الداخلة في مسمى الإيمان الذي هو الدين، ولم يخصصوا ذلك بهذا العلم. ......
الاستدلال بخبر الآحاد في علم العقيدة
بالنسبة للاستدلال بخبر الآحاد في هذا العلم: فقد ذكرنا أن مستمده من الكتاب والسنة مطلقاً، والكتاب ليس فيه أخبار آحاد إلا شواذ الآيات، ولا يعرف في الشاذ من القراءات في القرآن ما يفيد بعض صفات الله، أو ما يفيد شيئاً من تفصيلات هذا العلم، إنما فيها ما يفيد في مجال الأحكام. وأما في الحديث فإن الراجح أن أخبار الآحاد إذا صحت يستدل بها في هذا العلم، لكن لا يستدل بها في القطعيات إلا إذا وصلت إلى درجة القطع، وقد ذكرنا أن هذا العلم منه قطعيات ومنه ظنيات، فإذا كانت أخبار الآحاد ظنية فإنها يستدل بها في ظنيات هذا العلم، وما كان قطعياً منها مثل ما احتف بالقرائن فإنه يستدل به في القطعيات، فأخبار الآحاد الراجح أنها إذا احتفت بالقرائن أفادت العلم القطعي، هذا الذي نص عليه أحمد بن حنبل وذكره من دونه. وبعض المحدثين يرى أن أخبار الآحاد إذا صحت صناعة أفادت العلم القطعي، وهذا يقوله كثير من المحدثين لكن لا معنى له، حتى إن العراقي رحمه الله ذكر الرد على هذا في ألفيته في الحديث حيث قال: وبالصحيح والضعيف قصـدوا في ظاهر لا القطع والمعتمد إمساكنا عن حكمنا على سند بأنه أصـح مطلقـاً وقـد خاض به قـوم ... إلى آخر ما قال. كذلك من المتكلمين من رأى أن أخبار الآحاد لا تفيد القطع مطلقاً، وعلى هذا رد الاستدلال بها في القطعيات مطلقاً، لكن هذا القول فيه شطط وغلو، ولهذا فإن معنى القطع: القناعة التي تجدها أنت في نفسك، ولاشك أن أهل السنة إذا بلغهم الحديث من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر وصلوا إلى قناعة عقلية به، وهذه القناعة هي المطلوبة. فلذلك ما اختف بالقرائن يقتضي القطع، فإذا كان الحديث متفقاً عليه أخرجه البخاري في الصحيح ومسلم في الصحيح، فأهل السنة الذين ليسوا غالين فيها ولا جافين عنها فيكفيهم هذا، بحيث يصلون إلى قناعة عقلية بأن هذا صحيح، وهذا هو المطلوب وإن كانت القناعة متفاوتة. ونحن نعرف أن أهل الغلو يمكن أن يقولوا: هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح لكنه غير صحيح، أو أخرجه مسلم في الصحيح لكنه غير صحيح، لكن هذا غلو في السنة. عامة المسلمين وعامة أهل السنة إذا كان الشيء في الصحيحين، وجدوا أنفسهم مسلمين به، وكذلك في الإسناد، مثلما قال العراقي : (وبالصحيح والضعيف قصدوا في ظاهر) فظاهره الصحة، أو ظاهره الضعف؟ ... لا القطع والمعتمد. إمساكنا عن حكمنا على سند بأنه أصح مطلقـاً وقـد خاض به قـوم فقيـل مالك عن نافع بمـا رواه الناسك مولاه واختار حيـث عنه يسند الشافعي قلت وعنه أحمد
بالنسبة لتاريخ هذا العلم ونشأته وتطوره، أقول: إن الصحابة رضوان الله عليهم جاءهم هذا الوحي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة، فأخذوا ذلك بتربيتهم؛ لأن المقصود بالعلم -كما ذكرنا- هو التوصيل إلى حصول الإيمان وخشية الله، وهم حصلوا على ذلك بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم. فكثير منهم لم يكن من العلماء الكبار، ولم يستوعب كثيراً من المسائل العلمية، لكن مقصود العلم حصل لهم، وهو تحصيل خشية الله:
استغناء الصحابة عن تعلم التوحيد رواية ودراية برؤية النبي وسماعه
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، يقول أحد العلماء في معجزاته: نور به عن تهج صحبه غني وغير أصحابه مما وحى وهجا (نور به عن تهج صحبه غني): أصحابه استغنوا عن التهجي والقراءة والكتابة، (وغير أصحابه مما وحى وهجا) أي: مما كتب وقرأ، فنحن اشتغلنا بالقراءة والكتابة لأننا محتاجون إلى ذلك، ولكن النور الذي كان فيه هو أغناهم عن هذا. ومن هنا فإن أتباع الصحابة أيضاً لم تكن حاجتهم إلى تفصيل هذه العلوم مثل حاجة أتباع التابعين، وبدأت الحاجة من عصر أتباع التابعين، فهو وليد الحاجة، ولا يقال: إن هذا العلم لم يكن موجوداً في عصر الصحابة ولم يهتموا به، بل كان موجوداً، لكن كان في ثنايا القرآن وفي ثنايا السنة مثل غيره من العلوم الأخرى، كذلك الفقه وكذلك الأصول وكذلك الحديث دراية وكذلك التفسير، كلها كانت مجتمعة مع الكتاب والسنة، وقد بينا من قبل أن الوحي يبحث فيه من جهتين: جهة الورود وجهة الدلالة. وكل العلوم الشرعية راجعة إلى هذين البحثين: بحث الوحي من جهة الرواية وبحث الوحي من جهة الدراية، فالصحابة رضوان الله عليهم لم يحتاجوا إلى البحث في الجهتين معاً. أما جهة الرواية فلسماعهم من الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم:
علم التوحيد في عصور التابعين ومن بعدهم
جاء بعدهم أتباعهم وهم التابعون فلم يحتاجوا كذلك حاجة ماسة إلى البحث في الجهتين: أما جهة الرواية فلسماعهم من الصحابة المعدلين بتعديل الله، وأما جهة الدراية؛ فلأن الأوضاع لم تختلف ولم تتغير كذلك، فاللغة لم تتغير دلالات مفرداتها، وأوضاع الناس لم تختلف، والحضارات لم تختلف، وبقي فقط نقص هذه الأمة بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن أفضل جيل يمكن أن يوجد بعده هم الجيل الذين رباهم، فاستفادوا من هذا الجيل، وحتى ارتسم ذلك فيهم وتشكل، كما ذكرنا أن ابن مسعود رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يحكي هديه ودله، وربى ابن مسعودعلقمة فكان يحكي هديه ودله، وربى علقمةإبراهيم النخعي فكان يحكي هديه ودله، وربى إبراهيممنصور بن المعتمر فكان يحكي هديه ودله، وربى منصورسفيان الثوري فكان يحكي هديه ودله، وربى سفيانوكيعاً فكان يحكي هديه ودله، وربى وكيعأحمد بن حنبل فكان يحكي هديه ودله، وربى أحمد بن حنبلأبا داود فكان يحكي هديه ودله، كل واحد ينقل صورة مما رأى فيكون مثالاً للآخر تماماً. ويقول الشيخ محمد سالم حفظه الله في ذلك: ربى ابن مسعود مقيم الملـة فكان يحكي هديه ودلـه وكان علقمـة لابـن أم عبد كهذا للنبي الأمـي وكان إبراهيم يحكي علقمة واه له من نسب ما أكرمه وكان منصـور لإبراهيم كذاك يحكي هديه القويم وكان سفيان بلا قصـور مشبهاً بشيخـه منصور وهكذا أيضاً وكيع كـان مشبهاً بشيخـه سفيان وكان أحمد لدى الجميـع مشبهاً بشيخـه وكيـع كذا أبو داود عند ..... مشبه بـأحمد بن حنبل فهذه التربية الموروثة التي تتسلسل، فيكون الإنسان إذا أدركته كأنما رأيت صحابياً بالتسلسل، لذلك يقول أحد العلماء عندنا في مرثية الشيخ رحمه الله: يمثل من هدي الصحابة صـورة ويا حبذا هدي الصحــابة مغنمـا كما تعكس المرآة وجهاً أمامهـا ويحكي الصدى الصوت الفخيم المرخما إذاً الحاجة إنما جاءت في عصر أتباع التابعين، فاحتاجوا إلى البحث في الجهتين معاً، جهة الرواية وجهة الدراية، ومن هنا بدأ نخل العلوم وتفصيلها على ما ذكرنا.
تسمية علم العقيدة
بالنسبة لهذه الأسماء التي ذكرناها لهذا العلم كلها اصطلاحات ولا مشاحة في الاصطلاح، والمهم من الاسم ما يميز المسمى ويعرف به، سواءً كانت تسمية له باسم يدل عليه أو تسمية له باسم لا معنى له؛ لأن الأعلام مسلوبة الدلالة، فلذلك لا اعتراض عليها في الجملة، وبما أنه لم يرد له اسم في الوحي، فإننا نبحث عن الأكمل في التسمية فقط. أما تسميته بالإيمان فلم يرد أن أحداً سماه بالإيمان، والذين ألفوا كتباً في الإيمان إنما ذكروا فيها الأعمال الداخلة في مسمى الإيمان الذي هو الدين، ولم يخصصوا ذلك بهذا العلم. ......
الاستدلال بخبر الآحاد في علم العقيدة
بالنسبة للاستدلال بخبر الآحاد في هذا العلم: فقد ذكرنا أن مستمده من الكتاب والسنة مطلقاً، والكتاب ليس فيه أخبار آحاد إلا شواذ الآيات، ولا يعرف في الشاذ من القراءات في القرآن ما يفيد بعض صفات الله، أو ما يفيد شيئاً من تفصيلات هذا العلم، إنما فيها ما يفيد في مجال الأحكام. وأما في الحديث فإن الراجح أن أخبار الآحاد إذا صحت يستدل بها في هذا العلم، لكن لا يستدل بها في القطعيات إلا إذا وصلت إلى درجة القطع، وقد ذكرنا أن هذا العلم منه قطعيات ومنه ظنيات، فإذا كانت أخبار الآحاد ظنية فإنها يستدل بها في ظنيات هذا العلم، وما كان قطعياً منها مثل ما احتف بالقرائن فإنه يستدل به في القطعيات، فأخبار الآحاد الراجح أنها إذا احتفت بالقرائن أفادت العلم القطعي، هذا الذي نص عليه أحمد بن حنبل وذكره من دونه. وبعض المحدثين يرى أن أخبار الآحاد إذا صحت صناعة أفادت العلم القطعي، وهذا يقوله كثير من المحدثين لكن لا معنى له، حتى إن العراقي رحمه الله ذكر الرد على هذا في ألفيته في الحديث حيث قال: وبالصحيح والضعيف قصـدوا في ظاهر لا القطع والمعتمد إمساكنا عن حكمنا على سند بأنه أصـح مطلقـاً وقـد خاض به قـوم ... إلى آخر ما قال. كذلك من المتكلمين من رأى أن أخبار الآحاد لا تفيد القطع مطلقاً، وعلى هذا رد الاستدلال بها في القطعيات مطلقاً، لكن هذا القول فيه شطط وغلو، ولهذا فإن معنى القطع: القناعة التي تجدها أنت في نفسك، ولاشك أن أهل السنة إذا بلغهم الحديث من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر وصلوا إلى قناعة عقلية به، وهذه القناعة هي المطلوبة. فلذلك ما اختف بالقرائن يقتضي القطع، فإذا كان الحديث متفقاً عليه أخرجه البخاري في الصحيح ومسلم في الصحيح، فأهل السنة الذين ليسوا غالين فيها ولا جافين عنها فيكفيهم هذا، بحيث يصلون إلى قناعة عقلية بأن هذا صحيح، وهذا هو المطلوب وإن كانت القناعة متفاوتة. ونحن نعرف أن أهل الغلو يمكن أن يقولوا: هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح لكنه غير صحيح، أو أخرجه مسلم في الصحيح لكنه غير صحيح، لكن هذا غلو في السنة. عامة المسلمين وعامة أهل السنة إذا كان الشيء في الصحيحين، وجدوا أنفسهم مسلمين به، وكذلك في الإسناد، مثلما قال العراقي : (وبالصحيح والضعيف قصدوا في ظاهر) فظاهره الصحة، أو ظاهره الضعف؟ ... لا القطع والمعتمد. إمساكنا عن حكمنا على سند بأنه أصح مطلقـاً وقـد خاض به قـوم فقيـل مالك عن نافع بمـا رواه الناسك مولاه واختار حيـث عنه يسند الشافعي قلت وعنه أحمد
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع