العقيدة والثبات

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
بسم الله الرحمن الرحيم

العقيدة والثبات
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . أما بعد :
فلعل لفظ (العقيدة) بحد ذاته يدل على الثبات والاستمساك؛ إذ هو مأخوذ من عقد الحبل. والعقد هو الشد، والحزم، فلأجل ذا عُبِّر به عن العلوم القطعية، والمدارك اليقينية . وأما (الثبات) فهو وصف محمود، يدل على الاستقرار، والدوام، والتمسك بالحق، وعدم التردد والتبديل. وهو يخالف (الجمود) و (التعصب) المقترنان بالباطل.
وربما حصل الثبات بأسباب متنوعة، يرجع بعضها إلى الطبيعة البشرية، وبعضها إلى البيئة والمؤثرات الخارجية، إلا إن أعظم أسباب الثبات ما كان متصلاً بالحالة القلبية، والقناعة العقلية، وهما ما تثمره العقيدة الحقة في قلوب، وعقول معتنقيها من الطمأنينة النفسية، والاطراد الذهني، والسلامة من التردد، والأوهام .
ونلحظ الصلة الوثيقة بين القضيتين في أبلغ تعبير، حين يشبه المؤمن الموحد، بالمستمسك بالعروة الوثقى، كما في قول الله تعالى : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا) [البقرة/256]قال ابن كثير، رحمه الله: ( أي: فقد استمسك من الدين بأقوى سبب، وشبه ذلك بالعروة الوثقى التي لا تنفصم، فهي في نفسها محكمة، مبرمة، قوية، وربطها قوي شديد. ولهذا قال: { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.قال مجاهد: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} يعني: الإيمان. وقال السدي: هو الإسلام.وقال سعيد بن جبير، والضحاك: يعني لا إله إلا الله. وعن أنس بن مالك: { بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى }: القرآن. وعن سالم بن أبي الجعد قال: هو الحب في الله، والبغض في الله. وكل هذه الأقوال صحيحة ولا تنافي بينها) ، ومثله قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [لقمان/22]
وقد أثنى الله على فتية في الأولين، ربط على قلوبهم، ورزقهم الثبات، بسبب اعتصامهم بعصمة الإيمان، فقال : (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) [الكهف/14]
ونبه الله عباده المؤمنين على جملة من أسباب الحيدة، والفتور، فقال معاتباً، منبهاً : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد/16]. فطول الأمد بانقطاع القلب عن الخشوع، يورث القسوة والفسق.
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يعتني بأمر الثبات، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! آمَنَّا بِكَ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ) رواه الترمذي، وغيره. وكان يأمر أصحابه أن يسألوا الله الثبات، فعن شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا كَنَزَ النَّاسُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ) الحديث. رواه أحمد، وأهل السنن.
وربما حفظ الدارس بعض المتون العقدية واستشرحها، فلا تتمكن معانيها في قلبه حتى يبتلى، فينصع الإيمان في قلبه، وربما فُتن، فافتتن، وزلت به قدم.
وأسباب الزلل كثيرة، شهيرة، متنوعة؛ من صنوف الشبهات، والشهوات. وفي هذا الزمان الذي اتصلت به الأمم بعضها ببعض، تعتري بعض المشتغلين بالدعوة، ما يسمى بـ(الصدمة الحضارية) حين تبهره المنجزات المادية، والمساجلات الفكرية، لدى أمم الكفر، فتحدث له حالةً من فقدان التوازن، واهتزاز الثوابت، ويخيل إليه أنه بحاجة إلى (مراجعات) و(تصحيح)، ويفقد الثبات .
وآخرون تحرجهم المواجهة الجماعية، والأضواء الإعلامية، فيسوغون لأنفسهم الإدلاء على الدين، باسم (مصلحة الدعوة)، ودعوى (التيسير) و (الترغيب) .
وصنف ثالث ترهقهم الدعاوى العريضة، والتهم الباطلة، ولبس الحق بالباطل، والخوف من التصنيف، والنبز بالإرهاب، فيقع له نوع استزلال، ويستعمل لغةً رخوة، يستدفع بها شنآن المبطلين، فلا تغني عنه شيئاً؛ فإنهم لا يرضون منه إلا أن ينسلخ عن دينه، ويماهيهم، ويضاهيهم ، كما قال تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير[البقرة/120].
ووسط هذه الأمواج المتلاطمة، من المخاوف، والرغائب، والآراء، والأهواء، تبقى (العقيدة) (العروة الوثقى) التي يعتصم بها من سبقت لهم من الله الحسنى. (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران/101] يا عباد الله فاثبتوا.


يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

شذا القران

يَا دُنيا اِعذُرينِي فَالجنّة تُنَادِينِي
إنضم
17 أكتوبر 2010
المشاركات
1,492
النقاط
36
الإقامة
بين جدران الزمن
احفظ من كتاب الله
كاملا والكمال لله وجل
احب القراءة برواية
حفص وربنا يقدرنا نتعلم باقي الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابرهيم الاخضر
الجنس
اختكم في الله لا تنسونا من الدعاء
ذكر الله يقربنا له


والاعتصام بحبل الله يوصلنا الي القوة والهدي الي صراط مستقيم

إلي الطريق القويم

بوركت
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم اهدنا يا ارحم الراحمين
اللهم يامقلب القلوب ثبت قللوبنا علئ دينك

بارك الله فيكم شيختنا الفاضلة ام حذيفة
علئ هذا الموضوع الرائع النافع باذن الله
نفع الله بكم وبعلمكم دوما يارب
جزاكم الله عنا جنات الفردوس الاعلئ بغير حساب
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
بوركت شيختنا الحبيبه
كتب الباري سبحانه اجرك ونفع بك جل وعلا
وجزاك جل جلاله كل الخير
ورفع قدرك جل شأنه في الدارين
 
أعلى