باب النعت
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال المصنف -رحمه الله تعالى
النعت: تابع للمنعوت في رفعه ونصبه وخفضه، وتعريفه وتنكيره. تقول: قام زيد العاقل، ورأيت زيدا العاقل، ومررت بزيد العاقل.
والمعرفة خمسة أشياء: الاسم المضمر نحو: أنا وأنت والاسم. العلم نحو: زيد ومكة، والاسم المبهم نحو: هذا وهذه وهؤلاء. والاسم الذي فيه الألف واللام نحو: الرجل والغلام. وما أضيف إلى واحدٍ من هذه الأربعة.
والنكرة: كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون الآخر، لا يختص به واحد دون آخر، وتقريره كل ما صلح دخول الألف واللام عليه نحو: الرجل والفرس.
باب النعت: المؤلف الآن يبدو أنه سيدخل في التوابع، وإن كان لما عرض للنعت؛ لأن النعت يكون معرفة ونكرة، اضطر -أيضا- إلى أن يأخذ المعارف والنكرات.
النعت: ما هو النعت في اللغة ؟
تقول: انعت لي هذا الشيء نعتا واضحا حتى أتعرف عليه، معناه: الوصف أي صفه لي وصفا جيدا، ولذلك فإنه يسمى النعت، ويسمى الصفة. تقول في إعرابه: نعت، وتقول في إعرابه: صفة، وكلاهما صحيح. هذا بالنسبة للمعنى، أو المدلول اللغوي لكلمة النعت.
تعريفه الاصطلاحي، ماذا يراد بالنعت في باب النحو، وفي علم النحو؟
يراد بالنعت: التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يتبع منعوته؛ ليوضحه إن كان معرفة، ويخصصه إن كان نكرة.
طبعا له تعريفات أخرى أكثر من هذا وفيها بعض تفصيلات، ولكن نحن أي تعريف يسير يكفينا: هو التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يلي متبوعه؛ ليوضحه إن كان معرفة، وليخصصه إن كان نكره مثل: جاء الرجل العاقل.
الرجل هنا معرفة، ولحقه نعت ووصف، ليوضحه زيادة إيضاح، وهو كلمة العاقل لتعرف أنني أريد هذا الرجل بعينه العاقل، لأوضحه زيادة إيضاح، لئلا يلتبس عليك بغيره ممن تصدق عليه هذه الصفة، أو ليخصصه، ويقلل من عمومه وشيوعه إن كان نكرة، كما إذا قلت: رأيت رجلا عاقلا، فإذا قلت: رأيت رجلا فهي نكرة يعني: واسعة عامة، فإذا قلت: عاقلا خصصتها قليلا بأن هذا الرجل الذي رآه فيه هذه الصفة يعني: أبعد، أو رأيت رجلا طويلا -مثلا-، خصصه قليلا.
في السابق كانت كلمة رجل تحتمل كل من يدخل تحت أفراد هذا الجنس، لكنه لما قال: طويلا، أو ذكيا، أو عاقلا، أو كريما خصصه قليلا، وأبعد فئات كثيرة من الناس لا تدخل تحت هذا الوصف الجديد.
يقول: النعت: تابع للمنعوت في رفعه ونصبه وخفضه، وتعريفه وتنكيره، تقول: قام زيد العاقل، ورأيت زيدا العاقل، ومررت بزيد العاقل.
فالواقع أن النعت في تبعيته لمنعوتة؛ إما أن يتبعه في أربعة من عشرة -كما يقولون-، أو في اثنين من خمسة، وهذا معناه أن النعت نوعان: النوع الأول: هو الذي يتبع منعوته، أو موصوفه في أربعة من عشرة.
والنوع الثاني: هو الذي يتبع منعوتة في اثنين من خمسة فقط، ولا داعي أن يتبعه في الأربعة من العشرة الباقية، يعني: في اثنين من الخمسة الباقية.
طيب متى يتبع النعت منعوتة في أربعة من عشرة؟ إذا كان النعت حقيقيا، إذا كان النعت حقيقيا تبع منعوته في أربعة من عشرة. النعت الحقيقي ما هو ؟
النعت الحقيقي: هو الذي يرفع ضمير يعود على المنعوت، النعت الحقيقي هو الذي يرفع ضمير مستترا يعود إلى المنعوت، حينما تقول: مررت بمحمد العاقل. العاقل من؟
العاقل أي: هو محمد، فإذا كان النعت بهذا الشكل، بهذه الشاكلة فيه ضمير يعود إلى المنعوت -ضمير مستتر يعود إلى المنعوت- فهو النعت الحقيقي، هذا النعت الحقيقي سواء كان معرفة، أو نكرة يعني: سواء كان معرفة، أو نكرة لا بد أن يتبع منعوتة في أربعة من عشرة.
ننظر إلى هذه الأربعة وإلى هذه العشرة؛ عندنا أربعة أشياء لا بد أن يتبع النعت منعوته في واحد منها ما هي هذه الأربعة؟ هي: الفئة الأولى: الإفراد والتثنية والجمع. هذه تعتبر فئة، الإفراد والتثنية والجمع.
الثانية، أو الطائفة الثانية من الأشياء التي يتبعه فيها هي: التعريف والتنكير، لا بد أن يتبعه في واحد منها.
الثالث: الإعراب، أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر.
الرابع: التذكير والتأنيث.
هذه أربعة أشياء -أربعة فئات إن شئت- أربعة أنواع، لا بد أن يتبع النعت منعوته في واحد من هذه الأربعة يعني: هذه الأربعة أربعة من عشرة، لو جمعتها وجدتها عشرة؛ ثلاثة: أوجه الإعراب؛ رفع ونصب وجر. وثلاثة: إفراد وتثنية وجمع هذه ست. واثنان: التعريف والتنكير. هذه ثمانية. واثنان: التذكير والتأنيث. هذه عشره.
هذه العشرة تدخل في أربع فئات: فئة أوجه الإعراب، وفئة التثنية والإفراد والجمع، وفئة التعريف والتنكير، وفئة التذكير والتأنيث. إذا كان النعت حقيقيا أي: رافعا لضمير المنعوت فإنه يجب أن يتطابق مع منعوته في أربعة من هذه العشرة.
نأخذ مثالا: جاء محمد العاقل، انظر الآن للعاقل تبع لمحمد في واحد من أوجه الإعراب وهو الرفع؛ فمحمد مرفوع، إذن يجب أن يكون العاقل مرفوعا.
لو قلت: رأيت محمدا، قلت: العاقلَ، لو قلت: مررت بمحمدٍ، قلت: العاقلِ.
فلا بد أن يتبعه واحد من أوجه الإعراب وهو الرفع في مثالنا: جاء محمد العاقل. واحد من الإفراد والتثنية والجمع؛ محمد -عندنا- مفرد، يجب أن يكون النعت مفردا فلا يصح أن تقول: جاء محمد العاقلان، مادام المنعوت مفردا يجب أن يكون النعت مفردا.
في التذكير وفي التأنيث: محمد مذكر؛ يجب أن يكون النعت مذكرا فلا يصح جاء محمد العاقلة.
هذا الثالث في التعريف والتنكير: محمد معرفة؛ لأنه علم يجب أن يكون النعت معرفة، فتقول: العاقل بالألف واللام، ولو قلت: جاء رجل بالتنكير لنكرت النعت، فقلت: عاقلا. رأيت رجلا عاقلا.
إذن النعت إذا كان نعتا حقيقيا فإنه يجب أن يتبع منعوته في أربعة من عشرة؛ في واحد من أوجه الإعراب: في الرفع أو النصب أو الجر، لا بد أن يتطابق معه فيه.
في واحد من الإفراد والتثنية والجمع، لا بد أن يطابقه فيه. في واحد من التعريف والتنكير لا بد أن يطابقه فيه. في واحد من التذكير والتأنيث لا بد أن يكون مثل منعوته.
فإذا كان المنعوت مرفوعا مذكرا معرفة مفردا وجب أن يكون النعت كذلك، وهكذا لو كان المنعوت منصوبا وجب أن يكون كذلك، لو كان المنعوت مجرورا وجب أن يكون النعت كذلك، إذا كان مذكرا كذلك، إذا كان مؤنثا، إذا كان معرفة، أو نكرة مفردا، أو مثنى، أو جمعا. وهكذا.
فالنعت الحقيقي الرافع لضمير المنعوت يجب أن يتطابق مع منعوته في كل الأوجه الممكنة، كل الأوجه لا يتخلف شيء من ذلك. هذا هو النعت الحقيقي، وهو النوع الأول من أنواع النعت.
النوع الثاني من أنواع النعت: هو ما يسمى بالنعت السببي، النعت السببي ما هو؟ النعت السببي: هو الذي لا يرفع ضمير المنعوت المستتر، وإنما يرفع اسما ظاهرا. النعت السببي: هو الذي يرفع اسما ظاهرا، متصل بضمير يعود إلى المنعوت، يرفع اسما ظاهرا، هذا الاسم الظاهر له صلة بالمنعوت، متصل بضمير المنعوت، ومن هنا قيل: سببي أي: أنه يربطه بالمنعوت سبب وصلة معينة، كما إذا قلت -مثلا-: رأيت الرجلَ العاقلَ أبوه، الآن العاقل من الرجل أم أبوه؟
أبوه، لكن العاقل هي في الواقع صفة للرجل، وصفت الرجل بأي صفة؟ لا ليس هو العاقل، وصفته بأن أباه عاقل يعني: أنت عرفت مني الآن أنني أحدثك عن هذا الرجل الذي أبوه عاقل، لست أحدثك عن ذلك الرجل الذي أبوه ليس بعاقل، فهذا هو ما يسمى النعت السببي.
النعت السببي: هو الذي لا يعرف ضمير المنعوت المستتر، وإنما يرفع اسما ظاهرا له صلة بالمنعوت، أي: فيه ضمير يعود على المنعوت، يعني -كما قلنا في جملة الخبر-: لا بد أن يكون فيه ضمير يعود على المنعوت، وإلا ما صح صار غريبا عنه.
لو قلت -مثلا-: مررت بالرجل العاقل محمد، ما يصح هذا الكلام؛ لأن ما فيه صلة بينهما، لو قلت: مررت بالرجل العاقل أبو علي، ما فيه صلة بينهما، ما يصلح، لكن لو قلت: مررت بالرجل الساكن أبو علي في داره، جاء الضمير في داره الآن، أصبح يصح أن تنعت بهذا النعت السببي؛ لأنه اتصل به.
مررت بالرجل، ما تعرف من هو، لكنك تعرف أن فلان يسكن في بيته -مستأجر منه بيت-، فأرت أن تعرف هذا الشخص أنك مررت بهذا، فقلت له: مررت بفلان، وكأنه سألك قال لك: من فلان؟ فقلت: الساكن أبو علي في داره. الساكن صديقنا محمد في داره واضح يعني: أنتم مستأجرون بيت، صديقكم هذا الرجل تعرفوه. فهذه أليس هذا النعت لهذا الرجل؟ يعني: ألست بهذه الصفة عرفت هذا الرجل، وضحته بعد أن كان غير واضح أو لا؟ لا شك بأنه وإن كان يعني في ظاهره أنه ليس نعتا له، لكنه في الواقع نعت له: مررت بالرجل الذي صفته أن فلانا يسكن في بيته.
خلاص أصبح معروفا يعني: لن يلتبس عندك الآن بشخص آخر؛ لأن فلان لا يسكن إلا في بيت واحد معروف، وأنتم تعرفونه. فأنت بهذا وصفته وإن كان الساكن في الواقع ليس هو الساكن، وإنما الساكن أبو علي، لكن النعت بمجموعه هو نعت لهذا الرجل، ووضحه وزاده إيضاحا.
فإذا كان النعت سببيا يعني: ليس رافعا لضمير المنعوت، وإنما رافعا لاسم ظاهر بعد المنعوت فإنه يسمى بالنعت السببي.
هذا النعت السببي هل تجب فيه المطابقة التي أشرنا إليها في النعت الحقيقي؟ يعني: في أربعة من عشرة؟ أو أنه -أحيانا- قد لا يطابق؟ قد لا يطابق. ما الدليل؟ الدليل أنك تقول -مثلا-: مررت بالرجل الكريمة أمُّه، فالكريمة صفة للرجل هل تطابقا في التذكير والتأنيث؟ لم يتطابقا.
مررت بالرجل الكريمة، فالرجل مذكر والكريمة مؤنث، فلم يتطابقا حينئذ كما لو قلت -مثلا-: مررت بالرجال الكريمة أمهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الأخوة في الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فبدأنا بالأمس الحديث عن التوابع وبدأ المؤلف -رحمه الله- بالحديث عن باب النعت بصفته أول أبواب التوابع.
وفى باب النعت ما قد نحتاج إلى إعادته الآن إعادة سريعة؛ لأننا محتاجون إليه في باب عطف البيان الذي سنأخذه في هذا الدرس -إن شاء الله-.
نحن قلنا في النعت: بأنه التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يتبع منعوته، وقلنا: إن تبعيته لهذا المنعوت تختلف باختلاف نوعه وحاله.
فإن كان النعت حقيقيًّا فإنه يتبع منعوته في أربعة من عشرة، وإن كان النعت سببيًّا فإنه يتبع منعوته في اثنين من خمسة.
وقلنا: إن النعت الحقيقي سمي حقيقيًا؛ لأنه في واقعه صفة حقيقية للمنعوت، وضابطه أيضًا -غير ذلك- أن يكون رافعًا لضمير المنعوت.
فإذا قلت: مررت بمحمد العاقل. فالعاقل صفة لمحمد، تريد أن محمدًا نفسه هو العاقل، وفي العاقل ضمير مستتر يعود إلى محمد، العاقل هو أي محمد. هذا النعت الذي على هذه الشاكلة هو النعت الحقيقي، ولا بد أن يوافق ويتطابق مع منعوته في أربعة من عشرة. انتبهوا لها؛ لأننا محتاجون إليها الآن في باب عطف البيان.
الأربعة من عشرة ما هي؟ مررت بمحمد العاقل، وافقه في الجر، وهو أحد ثلاثة: الجر أو الرفع والنصب، أحد أوجه الإعراب لا بد أن يوافق فيه.
فإذا كان المنعوت مجرورًا وجب أن يكون النعت مجرورًا، فوافقه هنا في الجر، ووافقه في التعريف، فكلاهما معرفة، بمحمد العاقل، ووافقه في الإفراد فكلاهما مفرد، محمد العاقل، ووافقه في التذكير والتأنيث فكلاهما مذكر، فلا بد أن يوافق النعت منعوته في أربعة من عشرة.
الأربعة من عشرة ما هي؟ هي أربع فئات، أو أربعة أنواع، أو أربعة أشياء -يعني: مجموعها-، يتكون من مجموعها عشرة أشياء، لا بد أن يوافق النعت منعوته في واحد أو في أربعة من هذه العشرة.
فالعشرة ما هي؟ هي أوجه الإعراب: الثلاثة الرفع والنصب والجر، والإفراد والتثنية والجمع هذه ثلاثة أيضًا أصبحت ستة والتعريف والتنكير هذان اثنان أصبح ثمانية، والتذكير والتأنيث، أصبح المجموع عشرة، هذه العشرة تمثل أربع فئات، لا بد أو يوافقه في واحد من هذه الأربعة، أو يأخذ في أربعة من هذه العشرة التي ذكرناها.
هذا إذا كان النعت حقيقيًا، النعت الحقيقي ما هو؟ هو الذي يرفع ضمير المنعوت ويعد صفة حقيقية للمنعوت، مررت بمحمد العاقل، العاقل هو محمد، وفيه ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى محمد، هذا النعت الحقيقي، أما النعت السببي فهو الذي في حقيقته ليس صفة لمحمد ولكنه صفة لما بعده، صفة في الواقع لما يأتي بعده، لكن المجموع كله يشكل صفة لمحمد.
إذا قلت: مررت بمحمد العاقل أبوه أو العاقلة أمه، مررت بمحمد العاقلة أمه، المنعوت عندنا هو محمد، هو المنعوت، نريد أن نأتي بصفة له لتعريفه؛ ليتضح لك وتعرف من المراد بمحمد هذا.
إذا قلت لك: مررت بمحمد العاقل عرفت أن محمد هو العاقل، وإذا قلت لك: مررت بمحمد العاقلة أمه. هل محمد الآن؟ هل العاقلة صفة لمحمد أو صفة للأم؟ هي في الواقع صفة للأم، وليست صفة لمحمد، فإذًا لا تسمى نعتا حقيقيا؛ لأنها ليست نعتا لمحمد ولكنها نعت لما بعده، للأم، أو للأب أو نحو ذلك لكنها بمجموعها تشكل صفة لمحمد، فأنت وصفت محمد؛ لأنه هو محمد الذي أمه عاقلة، وليس محمد الذي أمه ليست عاقلة، فنحن عرفناه الآن.
مررت بمحمد الكريمة أمه: عرفنا الآن بأنه فلان الذي أمه كريمة، وليس فلانا الذي أمه ليست كريمة، فالكريمة في لفظها صفة للأم لكن بمجموعها تشكل صفة لمحمد أنه محمد الذي هذا صفة أمه، وليس محمدا الذي تلك صفة أمه، ولذلك سمي النعت هنا سببيًّا؛ لأنه ليس نعتا حقيقيا للمنعوت، وإنما هو متصل بالمنعوت بسبب معين، بينهما سبب ورابطة معينه، فأنت وصفت أمه لكي تقربه، ولم تصفه هو. فمن هنا سمى نعتًا سببيًّا.
ما ضابط النعت السببي؟
ضابط النعت السببي: أنه هو الذي يرفع اسمًا ظاهرًا.
الآن عندنا "الكريمة" النعت هنا رفع اسمًا ظاهرًا بعده، وهو أمه، ولذلك تقول في الإعراب: الكريم أبوه، أبوه: فاعل، الكريمة أمه، أمه: فاعل للنعت هذا، ولا بد أن يتصل هذا النعت بضمير يربطه بالمنعوت، إذا كان النعت سببيًّا، يعني: ليس صفة -في الحقيقة والواقع- للمنعوت، وكان رافعًا لاسم ظاهر متصل بضمير يعود إلى المنعوت، فإن هذا النعت السببي لا يشترط أن يطابق في أربعة من عشرة، وإنما يكفي أن يطابق في اثنين من خمسة.
يعني: ما هما اللذان لا بد فيهما من المطابقة؟ لا بد أن يطابق في التعريف والتنكير ولا بد أن يطابق في أوجه الإعراب فقط، التعريف والتنكير: اثنان، أوجه الإعراب ثلاثة هذه خمسة، لا بد أن يحصل عندنا اثنان من هذه الخمسة، واحد من أوجه التعريف والتنكير، وواحد من أوجه الإعراب هذان اثنان من خمسة: التعريف والتنكير والرفع والنصب والجر.
أما الإفراد والتثنية والجمع فلا داعي لذلك وأما التذكير والتأنيث أيضًا فلا داعي لذلك؛ لأنك تلحظ أن المنعوت معرفة، أن المنعوت مذكر "مررت بمحمد" والنعت "الكريمة" مؤنث، فلا داعي للمطابقة في التذكير والتأنيث، وتلحظ أن المنعوت يكون جمعًا: "مررت بالرجال" وأن النعت يكون مفردًا فتقول: "الكريمة أمهم". فلا داعي للمطابقة إذن في الإفراد والتثنية والجمع، وإنما تجب المطابقة في التعريف والتنكير، فلا بد إذا كان المنعوت معرفة أن يكون النعت كذلك، ولا بد من المطابقة في أوجه الإعراب، فلا بد إذا كان هذا مرفوعًا أن يكون هذا كذلك، أو منصوبًا أو مجرورًا.
إذًا الأشياء التي لا بد أن يطابق فيها النعت عمومًا -سواء كان حقيقيا أو سببيا- هي: التعريف أو التنكير، وأوجه الإعراب، وما عدا ذلك فلا تشترط في السببي، بل قلنا: إن النعت السببي يحسن أن يكون مفردًا دائمًا، مهما كان المنعوت مفردا أو مثنى أو جمعا؛ لأنه لو ثنيت النعت السببي أو جمعته لجئت به على اللغة المسماة بلغة " أكلوني البراغيث " أي أنك أضفت علامة التثنية والجمع حينما يكون الفاعل مثنى أو مجموعًا، وهذا خلاف المشهور.
هذا خلاصة ما يتعلق بالنعت، هذه الأوجه قلت لكم: إننا سنحتاجها الآن، حينما نتحدث عن عطف البيان بعد النعت.
مررنا سريعًا على أنواع المعارف، وقلنا: إنها ستة: الضمائر بأنواعها: متكلم ومخاطب وغائب، متصلة أو منفصلة، مستترة أو بارزة، والعلم، واسم الإشارة، والاسم الموصول، والمعرف بأل، والمضاف إلى واحد من هذه الخمسة. هذه أنواع المعارف.
وأن النكرة هي: الاسم الشائع العام الذي لا يدل على معين، ومن علاماتها: أن تقبل الألف واللام.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال المصنف -رحمه الله تعالى
النعت: تابع للمنعوت في رفعه ونصبه وخفضه، وتعريفه وتنكيره. تقول: قام زيد العاقل، ورأيت زيدا العاقل، ومررت بزيد العاقل.
والمعرفة خمسة أشياء: الاسم المضمر نحو: أنا وأنت والاسم. العلم نحو: زيد ومكة، والاسم المبهم نحو: هذا وهذه وهؤلاء. والاسم الذي فيه الألف واللام نحو: الرجل والغلام. وما أضيف إلى واحدٍ من هذه الأربعة.
والنكرة: كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون الآخر، لا يختص به واحد دون آخر، وتقريره كل ما صلح دخول الألف واللام عليه نحو: الرجل والفرس.
باب النعت: المؤلف الآن يبدو أنه سيدخل في التوابع، وإن كان لما عرض للنعت؛ لأن النعت يكون معرفة ونكرة، اضطر -أيضا- إلى أن يأخذ المعارف والنكرات.
النعت: ما هو النعت في اللغة ؟
تقول: انعت لي هذا الشيء نعتا واضحا حتى أتعرف عليه، معناه: الوصف أي صفه لي وصفا جيدا، ولذلك فإنه يسمى النعت، ويسمى الصفة. تقول في إعرابه: نعت، وتقول في إعرابه: صفة، وكلاهما صحيح. هذا بالنسبة للمعنى، أو المدلول اللغوي لكلمة النعت.
تعريفه الاصطلاحي، ماذا يراد بالنعت في باب النحو، وفي علم النحو؟
يراد بالنعت: التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يتبع منعوته؛ ليوضحه إن كان معرفة، ويخصصه إن كان نكرة.
طبعا له تعريفات أخرى أكثر من هذا وفيها بعض تفصيلات، ولكن نحن أي تعريف يسير يكفينا: هو التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يلي متبوعه؛ ليوضحه إن كان معرفة، وليخصصه إن كان نكره مثل: جاء الرجل العاقل.
الرجل هنا معرفة، ولحقه نعت ووصف، ليوضحه زيادة إيضاح، وهو كلمة العاقل لتعرف أنني أريد هذا الرجل بعينه العاقل، لأوضحه زيادة إيضاح، لئلا يلتبس عليك بغيره ممن تصدق عليه هذه الصفة، أو ليخصصه، ويقلل من عمومه وشيوعه إن كان نكرة، كما إذا قلت: رأيت رجلا عاقلا، فإذا قلت: رأيت رجلا فهي نكرة يعني: واسعة عامة، فإذا قلت: عاقلا خصصتها قليلا بأن هذا الرجل الذي رآه فيه هذه الصفة يعني: أبعد، أو رأيت رجلا طويلا -مثلا-، خصصه قليلا.
في السابق كانت كلمة رجل تحتمل كل من يدخل تحت أفراد هذا الجنس، لكنه لما قال: طويلا، أو ذكيا، أو عاقلا، أو كريما خصصه قليلا، وأبعد فئات كثيرة من الناس لا تدخل تحت هذا الوصف الجديد.
يقول: النعت: تابع للمنعوت في رفعه ونصبه وخفضه، وتعريفه وتنكيره، تقول: قام زيد العاقل، ورأيت زيدا العاقل، ومررت بزيد العاقل.
فالواقع أن النعت في تبعيته لمنعوتة؛ إما أن يتبعه في أربعة من عشرة -كما يقولون-، أو في اثنين من خمسة، وهذا معناه أن النعت نوعان: النوع الأول: هو الذي يتبع منعوته، أو موصوفه في أربعة من عشرة.
والنوع الثاني: هو الذي يتبع منعوتة في اثنين من خمسة فقط، ولا داعي أن يتبعه في الأربعة من العشرة الباقية، يعني: في اثنين من الخمسة الباقية.
طيب متى يتبع النعت منعوتة في أربعة من عشرة؟ إذا كان النعت حقيقيا، إذا كان النعت حقيقيا تبع منعوته في أربعة من عشرة. النعت الحقيقي ما هو ؟
النعت الحقيقي: هو الذي يرفع ضمير يعود على المنعوت، النعت الحقيقي هو الذي يرفع ضمير مستترا يعود إلى المنعوت، حينما تقول: مررت بمحمد العاقل. العاقل من؟
العاقل أي: هو محمد، فإذا كان النعت بهذا الشكل، بهذه الشاكلة فيه ضمير يعود إلى المنعوت -ضمير مستتر يعود إلى المنعوت- فهو النعت الحقيقي، هذا النعت الحقيقي سواء كان معرفة، أو نكرة يعني: سواء كان معرفة، أو نكرة لا بد أن يتبع منعوتة في أربعة من عشرة.
ننظر إلى هذه الأربعة وإلى هذه العشرة؛ عندنا أربعة أشياء لا بد أن يتبع النعت منعوته في واحد منها ما هي هذه الأربعة؟ هي: الفئة الأولى: الإفراد والتثنية والجمع. هذه تعتبر فئة، الإفراد والتثنية والجمع.
الثانية، أو الطائفة الثانية من الأشياء التي يتبعه فيها هي: التعريف والتنكير، لا بد أن يتبعه في واحد منها.
الثالث: الإعراب، أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر.
الرابع: التذكير والتأنيث.
هذه أربعة أشياء -أربعة فئات إن شئت- أربعة أنواع، لا بد أن يتبع النعت منعوته في واحد من هذه الأربعة يعني: هذه الأربعة أربعة من عشرة، لو جمعتها وجدتها عشرة؛ ثلاثة: أوجه الإعراب؛ رفع ونصب وجر. وثلاثة: إفراد وتثنية وجمع هذه ست. واثنان: التعريف والتنكير. هذه ثمانية. واثنان: التذكير والتأنيث. هذه عشره.
هذه العشرة تدخل في أربع فئات: فئة أوجه الإعراب، وفئة التثنية والإفراد والجمع، وفئة التعريف والتنكير، وفئة التذكير والتأنيث. إذا كان النعت حقيقيا أي: رافعا لضمير المنعوت فإنه يجب أن يتطابق مع منعوته في أربعة من هذه العشرة.
نأخذ مثالا: جاء محمد العاقل، انظر الآن للعاقل تبع لمحمد في واحد من أوجه الإعراب وهو الرفع؛ فمحمد مرفوع، إذن يجب أن يكون العاقل مرفوعا.
لو قلت: رأيت محمدا، قلت: العاقلَ، لو قلت: مررت بمحمدٍ، قلت: العاقلِ.
فلا بد أن يتبعه واحد من أوجه الإعراب وهو الرفع في مثالنا: جاء محمد العاقل. واحد من الإفراد والتثنية والجمع؛ محمد -عندنا- مفرد، يجب أن يكون النعت مفردا فلا يصح أن تقول: جاء محمد العاقلان، مادام المنعوت مفردا يجب أن يكون النعت مفردا.
في التذكير وفي التأنيث: محمد مذكر؛ يجب أن يكون النعت مذكرا فلا يصح جاء محمد العاقلة.
هذا الثالث في التعريف والتنكير: محمد معرفة؛ لأنه علم يجب أن يكون النعت معرفة، فتقول: العاقل بالألف واللام، ولو قلت: جاء رجل بالتنكير لنكرت النعت، فقلت: عاقلا. رأيت رجلا عاقلا.
إذن النعت إذا كان نعتا حقيقيا فإنه يجب أن يتبع منعوته في أربعة من عشرة؛ في واحد من أوجه الإعراب: في الرفع أو النصب أو الجر، لا بد أن يتطابق معه فيه.
في واحد من الإفراد والتثنية والجمع، لا بد أن يطابقه فيه. في واحد من التعريف والتنكير لا بد أن يطابقه فيه. في واحد من التذكير والتأنيث لا بد أن يكون مثل منعوته.
فإذا كان المنعوت مرفوعا مذكرا معرفة مفردا وجب أن يكون النعت كذلك، وهكذا لو كان المنعوت منصوبا وجب أن يكون كذلك، لو كان المنعوت مجرورا وجب أن يكون النعت كذلك، إذا كان مذكرا كذلك، إذا كان مؤنثا، إذا كان معرفة، أو نكرة مفردا، أو مثنى، أو جمعا. وهكذا.
فالنعت الحقيقي الرافع لضمير المنعوت يجب أن يتطابق مع منعوته في كل الأوجه الممكنة، كل الأوجه لا يتخلف شيء من ذلك. هذا هو النعت الحقيقي، وهو النوع الأول من أنواع النعت.
النوع الثاني من أنواع النعت: هو ما يسمى بالنعت السببي، النعت السببي ما هو؟ النعت السببي: هو الذي لا يرفع ضمير المنعوت المستتر، وإنما يرفع اسما ظاهرا. النعت السببي: هو الذي يرفع اسما ظاهرا، متصل بضمير يعود إلى المنعوت، يرفع اسما ظاهرا، هذا الاسم الظاهر له صلة بالمنعوت، متصل بضمير المنعوت، ومن هنا قيل: سببي أي: أنه يربطه بالمنعوت سبب وصلة معينة، كما إذا قلت -مثلا-: رأيت الرجلَ العاقلَ أبوه، الآن العاقل من الرجل أم أبوه؟
أبوه، لكن العاقل هي في الواقع صفة للرجل، وصفت الرجل بأي صفة؟ لا ليس هو العاقل، وصفته بأن أباه عاقل يعني: أنت عرفت مني الآن أنني أحدثك عن هذا الرجل الذي أبوه عاقل، لست أحدثك عن ذلك الرجل الذي أبوه ليس بعاقل، فهذا هو ما يسمى النعت السببي.
النعت السببي: هو الذي لا يعرف ضمير المنعوت المستتر، وإنما يرفع اسما ظاهرا له صلة بالمنعوت، أي: فيه ضمير يعود على المنعوت، يعني -كما قلنا في جملة الخبر-: لا بد أن يكون فيه ضمير يعود على المنعوت، وإلا ما صح صار غريبا عنه.
لو قلت -مثلا-: مررت بالرجل العاقل محمد، ما يصح هذا الكلام؛ لأن ما فيه صلة بينهما، لو قلت: مررت بالرجل العاقل أبو علي، ما فيه صلة بينهما، ما يصلح، لكن لو قلت: مررت بالرجل الساكن أبو علي في داره، جاء الضمير في داره الآن، أصبح يصح أن تنعت بهذا النعت السببي؛ لأنه اتصل به.
مررت بالرجل، ما تعرف من هو، لكنك تعرف أن فلان يسكن في بيته -مستأجر منه بيت-، فأرت أن تعرف هذا الشخص أنك مررت بهذا، فقلت له: مررت بفلان، وكأنه سألك قال لك: من فلان؟ فقلت: الساكن أبو علي في داره. الساكن صديقنا محمد في داره واضح يعني: أنتم مستأجرون بيت، صديقكم هذا الرجل تعرفوه. فهذه أليس هذا النعت لهذا الرجل؟ يعني: ألست بهذه الصفة عرفت هذا الرجل، وضحته بعد أن كان غير واضح أو لا؟ لا شك بأنه وإن كان يعني في ظاهره أنه ليس نعتا له، لكنه في الواقع نعت له: مررت بالرجل الذي صفته أن فلانا يسكن في بيته.
خلاص أصبح معروفا يعني: لن يلتبس عندك الآن بشخص آخر؛ لأن فلان لا يسكن إلا في بيت واحد معروف، وأنتم تعرفونه. فأنت بهذا وصفته وإن كان الساكن في الواقع ليس هو الساكن، وإنما الساكن أبو علي، لكن النعت بمجموعه هو نعت لهذا الرجل، ووضحه وزاده إيضاحا.
فإذا كان النعت سببيا يعني: ليس رافعا لضمير المنعوت، وإنما رافعا لاسم ظاهر بعد المنعوت فإنه يسمى بالنعت السببي.
هذا النعت السببي هل تجب فيه المطابقة التي أشرنا إليها في النعت الحقيقي؟ يعني: في أربعة من عشرة؟ أو أنه -أحيانا- قد لا يطابق؟ قد لا يطابق. ما الدليل؟ الدليل أنك تقول -مثلا-: مررت بالرجل الكريمة أمُّه، فالكريمة صفة للرجل هل تطابقا في التذكير والتأنيث؟ لم يتطابقا.
مررت بالرجل الكريمة، فالرجل مذكر والكريمة مؤنث، فلم يتطابقا حينئذ كما لو قلت -مثلا-: مررت بالرجال الكريمة أمهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الأخوة في الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فبدأنا بالأمس الحديث عن التوابع وبدأ المؤلف -رحمه الله- بالحديث عن باب النعت بصفته أول أبواب التوابع.
وفى باب النعت ما قد نحتاج إلى إعادته الآن إعادة سريعة؛ لأننا محتاجون إليه في باب عطف البيان الذي سنأخذه في هذا الدرس -إن شاء الله-.
نحن قلنا في النعت: بأنه التابع المشتق، أو المؤول بالمشتق الذي يتبع منعوته، وقلنا: إن تبعيته لهذا المنعوت تختلف باختلاف نوعه وحاله.
فإن كان النعت حقيقيًّا فإنه يتبع منعوته في أربعة من عشرة، وإن كان النعت سببيًّا فإنه يتبع منعوته في اثنين من خمسة.
وقلنا: إن النعت الحقيقي سمي حقيقيًا؛ لأنه في واقعه صفة حقيقية للمنعوت، وضابطه أيضًا -غير ذلك- أن يكون رافعًا لضمير المنعوت.
فإذا قلت: مررت بمحمد العاقل. فالعاقل صفة لمحمد، تريد أن محمدًا نفسه هو العاقل، وفي العاقل ضمير مستتر يعود إلى محمد، العاقل هو أي محمد. هذا النعت الذي على هذه الشاكلة هو النعت الحقيقي، ولا بد أن يوافق ويتطابق مع منعوته في أربعة من عشرة. انتبهوا لها؛ لأننا محتاجون إليها الآن في باب عطف البيان.
الأربعة من عشرة ما هي؟ مررت بمحمد العاقل، وافقه في الجر، وهو أحد ثلاثة: الجر أو الرفع والنصب، أحد أوجه الإعراب لا بد أن يوافق فيه.
فإذا كان المنعوت مجرورًا وجب أن يكون النعت مجرورًا، فوافقه هنا في الجر، ووافقه في التعريف، فكلاهما معرفة، بمحمد العاقل، ووافقه في الإفراد فكلاهما مفرد، محمد العاقل، ووافقه في التذكير والتأنيث فكلاهما مذكر، فلا بد أن يوافق النعت منعوته في أربعة من عشرة.
الأربعة من عشرة ما هي؟ هي أربع فئات، أو أربعة أنواع، أو أربعة أشياء -يعني: مجموعها-، يتكون من مجموعها عشرة أشياء، لا بد أن يوافق النعت منعوته في واحد أو في أربعة من هذه العشرة.
فالعشرة ما هي؟ هي أوجه الإعراب: الثلاثة الرفع والنصب والجر، والإفراد والتثنية والجمع هذه ثلاثة أيضًا أصبحت ستة والتعريف والتنكير هذان اثنان أصبح ثمانية، والتذكير والتأنيث، أصبح المجموع عشرة، هذه العشرة تمثل أربع فئات، لا بد أو يوافقه في واحد من هذه الأربعة، أو يأخذ في أربعة من هذه العشرة التي ذكرناها.
هذا إذا كان النعت حقيقيًا، النعت الحقيقي ما هو؟ هو الذي يرفع ضمير المنعوت ويعد صفة حقيقية للمنعوت، مررت بمحمد العاقل، العاقل هو محمد، وفيه ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى محمد، هذا النعت الحقيقي، أما النعت السببي فهو الذي في حقيقته ليس صفة لمحمد ولكنه صفة لما بعده، صفة في الواقع لما يأتي بعده، لكن المجموع كله يشكل صفة لمحمد.
إذا قلت: مررت بمحمد العاقل أبوه أو العاقلة أمه، مررت بمحمد العاقلة أمه، المنعوت عندنا هو محمد، هو المنعوت، نريد أن نأتي بصفة له لتعريفه؛ ليتضح لك وتعرف من المراد بمحمد هذا.
إذا قلت لك: مررت بمحمد العاقل عرفت أن محمد هو العاقل، وإذا قلت لك: مررت بمحمد العاقلة أمه. هل محمد الآن؟ هل العاقلة صفة لمحمد أو صفة للأم؟ هي في الواقع صفة للأم، وليست صفة لمحمد، فإذًا لا تسمى نعتا حقيقيا؛ لأنها ليست نعتا لمحمد ولكنها نعت لما بعده، للأم، أو للأب أو نحو ذلك لكنها بمجموعها تشكل صفة لمحمد، فأنت وصفت محمد؛ لأنه هو محمد الذي أمه عاقلة، وليس محمد الذي أمه ليست عاقلة، فنحن عرفناه الآن.
مررت بمحمد الكريمة أمه: عرفنا الآن بأنه فلان الذي أمه كريمة، وليس فلانا الذي أمه ليست كريمة، فالكريمة في لفظها صفة للأم لكن بمجموعها تشكل صفة لمحمد أنه محمد الذي هذا صفة أمه، وليس محمدا الذي تلك صفة أمه، ولذلك سمي النعت هنا سببيًّا؛ لأنه ليس نعتا حقيقيا للمنعوت، وإنما هو متصل بالمنعوت بسبب معين، بينهما سبب ورابطة معينه، فأنت وصفت أمه لكي تقربه، ولم تصفه هو. فمن هنا سمى نعتًا سببيًّا.
ما ضابط النعت السببي؟
ضابط النعت السببي: أنه هو الذي يرفع اسمًا ظاهرًا.
الآن عندنا "الكريمة" النعت هنا رفع اسمًا ظاهرًا بعده، وهو أمه، ولذلك تقول في الإعراب: الكريم أبوه، أبوه: فاعل، الكريمة أمه، أمه: فاعل للنعت هذا، ولا بد أن يتصل هذا النعت بضمير يربطه بالمنعوت، إذا كان النعت سببيًّا، يعني: ليس صفة -في الحقيقة والواقع- للمنعوت، وكان رافعًا لاسم ظاهر متصل بضمير يعود إلى المنعوت، فإن هذا النعت السببي لا يشترط أن يطابق في أربعة من عشرة، وإنما يكفي أن يطابق في اثنين من خمسة.
يعني: ما هما اللذان لا بد فيهما من المطابقة؟ لا بد أن يطابق في التعريف والتنكير ولا بد أن يطابق في أوجه الإعراب فقط، التعريف والتنكير: اثنان، أوجه الإعراب ثلاثة هذه خمسة، لا بد أن يحصل عندنا اثنان من هذه الخمسة، واحد من أوجه التعريف والتنكير، وواحد من أوجه الإعراب هذان اثنان من خمسة: التعريف والتنكير والرفع والنصب والجر.
أما الإفراد والتثنية والجمع فلا داعي لذلك وأما التذكير والتأنيث أيضًا فلا داعي لذلك؛ لأنك تلحظ أن المنعوت معرفة، أن المنعوت مذكر "مررت بمحمد" والنعت "الكريمة" مؤنث، فلا داعي للمطابقة في التذكير والتأنيث، وتلحظ أن المنعوت يكون جمعًا: "مررت بالرجال" وأن النعت يكون مفردًا فتقول: "الكريمة أمهم". فلا داعي للمطابقة إذن في الإفراد والتثنية والجمع، وإنما تجب المطابقة في التعريف والتنكير، فلا بد إذا كان المنعوت معرفة أن يكون النعت كذلك، ولا بد من المطابقة في أوجه الإعراب، فلا بد إذا كان هذا مرفوعًا أن يكون هذا كذلك، أو منصوبًا أو مجرورًا.
إذًا الأشياء التي لا بد أن يطابق فيها النعت عمومًا -سواء كان حقيقيا أو سببيا- هي: التعريف أو التنكير، وأوجه الإعراب، وما عدا ذلك فلا تشترط في السببي، بل قلنا: إن النعت السببي يحسن أن يكون مفردًا دائمًا، مهما كان المنعوت مفردا أو مثنى أو جمعا؛ لأنه لو ثنيت النعت السببي أو جمعته لجئت به على اللغة المسماة بلغة " أكلوني البراغيث " أي أنك أضفت علامة التثنية والجمع حينما يكون الفاعل مثنى أو مجموعًا، وهذا خلاف المشهور.
هذا خلاصة ما يتعلق بالنعت، هذه الأوجه قلت لكم: إننا سنحتاجها الآن، حينما نتحدث عن عطف البيان بعد النعت.
مررنا سريعًا على أنواع المعارف، وقلنا: إنها ستة: الضمائر بأنواعها: متكلم ومخاطب وغائب، متصلة أو منفصلة، مستترة أو بارزة، والعلم، واسم الإشارة، والاسم الموصول، والمعرف بأل، والمضاف إلى واحد من هذه الخمسة. هذه أنواع المعارف.
وأن النكرة هي: الاسم الشائع العام الذي لا يدل على معين، ومن علاماتها: أن تقبل الألف واللام.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع