طالب الماهر
مدير عام
- إنضم
- 15 مارس 2012
- المشاركات
- 946
- النقاط
- 16
- الإقامة
- غرف الماهر الصوتية
- الموقع الالكتروني
- www.qoranona.com
- احفظ من كتاب الله
- .
- احب القراءة برواية
- ورش عن نافع من طريق الأزرق
- القارئ المفضل
- المنشاوي - الحصري
- الجنس
- أخ
بدعة المولد ومظاهرها الوثنية
بقلم فضيلة الشيخ: عبد الرحمن الوكيل رحمه الله.
الرئيس الأسبق لجماعة أنصار السنة المحمدية في مصر.
المسلمون اليوم ونبيهم:
وبعد أحقاب وأحقاب يرنو التاريخ بعينيه الحزينتين يمنة ويسرة، ويصيخ بسمعه، ليرى ويسمع ما بقي من دين الله الذي أنزله على خاتم الرسل محمد ورسالة عبد الله ورسوله محمد، وذعر التاريخ وولولت أمجاده، ونكس رأسه، وفي إطراقة ذل اليتيم يسومه الخسف ظلم عات جبار، وفي عينيه الداميتين مآسٍ دامية، وعلى فمه الراعش فاجعة وَلْهَى نواحة الدموع، وجد التاريخ كل شيء إلا دين عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في حقيقته، وسمع كل اسم تهتف به القلوب إلا اسم الله مالك الملك، وفي المحاريب أوثان وفي المساجد أصنام، وعلى المآذن بدع ناعقة، وجدَ القرآنَ عند المسلمين تميمة تباع، وغناء ماجناً في المآتم وعلى القبور.
وجاء الربيع والتاريخ محزون أسوان... فرأى هنا وهناك أوثانا من الحلوى تصنع باسم سيد الإنسانية وهاديها محمد، وسمع وزيرا كبيرا خطيرا يقول: إنه سيزيد من كمية السكر، ليفرح به الناس في مولد محمد صلى الله عليه وسلم، ويسأل التاريخ ولهان السؤال، وأين من كل هذا دين محمد ؟!
آهاً يا أمجاد الماضي السحيق!! دعيني أقل للتاريخ الجواب: إنها أمة مسلمة الأسماء يا تاريخ، جاهلية الحقيقة والأعمال، مشركة القلوب والعقائد يا محزون، لم يبق عندهم لمحمد من ذكريات غير عرائس من السكر، ودمى يعاف أجملها الذباب، وتهتكات من أغاريد تناجي الشهوات وتتملق الغرائز، وتقف بالرغاب الهِيْمِ عنده أسيرة ذلولاً.
عجبا لهذه الأمة الماجنة الهازلة!! من ذا الذي زعم لهم أن الاحتفال بمولد الرسول سنة حسنة؟! إني لأسائل هؤلاء العباد بالبدعة وللبدعة: إما أن يكون الاحتفال بالمولد بدعة أو غير بدعة، أو بمعنى آخر: من الدين أو ليس من الدين.....هم لا يقولون بأنه بدعة، ولا أنه ليس من الدين، فلم يبق إلا قولهم: أن الاحتفال الرسول – في أية صورة – من الدين أو ليس بدعة، ونحن لو قلنا هذا رمينا أصحاب محمد بالقصور، بالقصور عن إدراك معاني الدين، وعن سبيل تكريم محمد وتمجيد رسالته وبالتقصير في حق الدين وحق محمد، أو بمعنى أصرح نتهمهم بأنهم كانوا قاصري الفكر والدين، ونقول: إننا أحكم وأزكى عقيدة، وأبعد نظراً في الدين، وأسلم بصيرة في التدين، وأشد حباً لمحمد صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وأصحابه، وما يقول بكل ذلك إلا وثني، أو من في عقله دَخَلْ، من ذا الذي أحب الرسول حب أبي بكر وأصحابه ؟ لا أحد .
أفيستطيع القول قائل: إننا نكرم بهذا المولد محمداً أكثر مما كرمه أصحابه ؟ أفندرك نحن اليوم ما يجب له وما ينبغي أكثر من أولئك الأمجاد الأحبة الذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله ولرسوله، وقاتلوا وقتلوا ابتغاء رضوان الله!! أين نحن من هؤلاء القوم الأعزة المؤمنين الموحدين ؟! أفنقول أن أبا بكر قصّر في حق صاحبه فلم يصنع له مولداً، ولا احتفل بذكرى مولده؟ أنقول: قصّر عمر فلم يجيء بمنشد ماجن متكسر متخلع سكير عربيد يتلو له قصة محمد ويتغزل في {بطن ووجنات وحواجب وعيون} محمد صلى الله عليه وسلم ؟ أنقول قصّر عثمان ذو النورين وعلي الرضي، فلم يصنعا عرائس مولد أو أحصنة ولم يقيما احتفالا حكوميا بمولد محمد صلى الله عليه وسلم !!
لو قلنا: إن الاحتفال بمولد الرسول دين أو سنة حسنة، رمينا القرآن بالقصور، فهو لم يبين لنا ذلك، والله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}، ورمينا الرسول صلى الله عليه وسلم إما بالقصور، وإما بإخفاء ما أمر بإبلاغه؛ لأن السنة لم تأمرنا بالاحتفال بمولده، بل حذرت من ذلك كل التحذير، أفيجرؤ إنسان عنده أثارة من إسلام على القول بما ذكرنا؟
وماذا في الاحتفال بمولده ؟
يقول قائل: وماذا في الاحتفال بمولده ؟
إن من يتجاهل فيسأل هذا السؤال كأنما ((يهذر)) على الله ، قل لهما: لماذا لم تأمر به، ولماذا لم تجعل نبيك يحتفل به؟! أنا أعلم منك بما يجب.
إن الله كرم الرسول أجل تكريم في أمرنا بالصلاة عليه، وهذا أسمى وأعظم وأبعد غاية في معاني التكريم من كل ما يتخيل البشر ويفتنَّ في تصويره الوهم الشاعري، وتفكر فيه العبقرية النفاذة اللماحة تستدني ما خلف النجم.
ويقولون: جرت العادة أن نكرم العظماء بمثل هذا!!
نعم، جرت عاداتكم، وعاداتكم وثنيات الجاهلية، أو وثنيات الغرب، فَتَنَكم شيطانه الأثيم، أفتحكمِّون في دين الله عاداتكم، ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس كعظمائكم يا قوم، بل هو فوقهم وأسمى وأجلّ، إنه رسول عظيم ختم الله به الرسالات والرسل جميعاً، والله كرمه بإيجاب طاعته وبالصلاة عليه حياً وميتاً، فلنقف عند ما أمر الله، فهو يحب رسوله أكثر مما نحب، أستغفر الله من كلمة ((أكثر))، فما ينسب حب الله إلى حبنا نحن، ولا يقاس أبدا حبنا إلى حبه، والله أحكم وأعلم.
مظاهر الاحتفال بالمولد:
لم يبق لمحمد صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء إلا ما لا يحبه محمد وإلا ما لا يرضاه رب محمد، ولم يبق من أثارة تمجيد لمحمد صلى الله عليه وسلم، أو شية من تكريم له في قلوب هؤلاء وعملهم سوى ما يأفكون به من مظاهر وثنية نذكر بعضها:
أولاً: في كل ربيع تصنع أصناماً من الحلوى باسمه !! إن مَنْ حَطَّمَ الوثنية في شتى صورها، ومتباين مظاهرها، وأذلَّ طواغيتها، ودمَّرَ أصنامها، يحتفي الزاعمون حبه واتباعهُ بذكراه بأوثان من الحلوى يلعقها الذباب، ثم يعافها من كثرة ما سلح وبال عليها، ومن عجب يسمونها بمثل هذه الأسماء ((عروسة المولد، حصان المولد، كلب المولد، قرد المولد)) !! أرأيت ما يقرنونه بمولد نبيهم كما يأفكون؟
ولو أن هذه الأوثان، لو أن هذه العرائس الصمّاء، لو أن هذه الدمى التي تصور الغرائز مجنونة النزوات، والأخلاق آبقة من الدين وسلطان الضمير، أقول: لو أن كل هذا أُنفق ثمنه في سبيل البائس المحروم، أو اليتيم المظلوم في سبيل إعلاء كلمة الله، في سبيل بناء دور للعلم، مشاف لعلاج المرضى، في سبيل تسليح الجيش يدفع عن الوطن غوائل العدو!! في سبيل الفقير يكاد يسلمه الجوع إلى الشيوعية الهدامة لكل معاني القيم الشريفة العالية، في هذا الشهر وأمثاله من كل عام يأكل الذباب آلافاً تتأبّى على العد من الجنيهات، أفهذا خير أم ذاك ؟!
إن الحياة الإجتماعية في مصر تنهار إن لم تكن قد تناهى انهيارها؛ لأن الحياة الدينية الحقة لا وجود لها، وتلك مرتبطة بهذه ارتباطاً وثيقاً، فعندي – بل عند الحق- أن كل معاني الحياة ومقوماتها، وقيمها يجب أن تنبع من الدين، الأخلاق الفريدة، الأخلاق الاجتماعية، غاية الفرد، غاية الجماعة، الأوضاع الاقتصادية، المثل العليا للفكر والوجود، القيم الأخلاقية والجمالية، والفكرية والوجودية، كل هذه وتلك يجب أن تشع من الدين، وتستهدف هدفاً واحداً؛ هو صلاح الإنسانية حتى تستطيع المثول والنهوض صافية مشرقة بين يدي الله، تؤدي له ما أمرها به لخيرها من صلاح وإصلاح وخير وبر، وفضيلة وطاعة، وهو بالرضى يغمرها، وبالعناية يسدد خطاها، وبالرعاية يكلأ أيامها، فيكون رب واحد وإمام واحد وسبيل واحد وأمة واحدة، والله راض والأمة سعيدة برضاه، فلماذا لا نقيم بثمن هذه الأوثان – وقد تطهرنا من شوائب الوثنية- ما يعين الداعين إلى الله لتقويم الحياة الدينية والاجتماعية، فلنسخر هذه النقود في نشر الرحمة والعطف، وتأسية جراحات القلوب، وصد غائلة الأساطير الهدامة لعقيدة الشعب وأخلاقه، بهذا نطهر عقيدة المسلمين، ونندي بالحنو الرقيق غليل عواطف القلوب، فما دام المسلمون يربطون مولد رسولهم بالوثنية فلن يقوم لهم بناء، ولن يرضى عنهم رب السماء، وما دام المسلمون يعبدون البشر، ويشركون برب البشر، ويقدسون محمداً صلى الله عليه وسلم ويخلعون عليه وآله من صفات الألوهية، فلن يكون ثمَّ صلاح ولا خير ولا إيمان ولا توحيد، لنفهم جيداً قول الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فالاقتداء يكون بالرسول، والأسوة بالرسول، أما محمد في بشريته ودواعيها في الحياة فما أمرنا أن نقتدي بها ولا أن نتأسى.
القصص والأناشيد:
ويحتفل المسلمون بالمولد بقراءة قصص وترتيل أناشيد، ياللتمجن الأخرق ! ليت القصص كان مبنياً على أسس من الصدق والحق من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن العجب المُلَثم بالعجب أن ترى قصصهم هذه تنمنمها الأساطير،وتزبرجها الخيالات، ويهيم بها في شتى الضلالات وتيه الأباطيل صور وثنية الأنساب، تبحث في قصصهم عن محمد البشري فلا تجد، وعن الرسول فتحار أين هو ؟! ولكنك واجد أحياناً إلهاً يسمونه محمداً، أو فتى جميلاً أنيقاً أزج الحواجب، أكحل العينين متخنثاً يسمونه محمداً، فالمناوي يقول عن محمد هذا: ((لولاه ما كان ملك الله منتظماً، ولولاه ما كان شمس ولا قمر ولا دنيا ولا أخرى)) !! ويصف محمد بأن ((حواجبه نونية)) إلى مثل تلك الصفات المخنثة.
إنك واجد في قصصهم صفات ما لمحمد الرسول بها صلة، وسجايا ليس للنبي الكريم بها نسب، وأخلاقاً، إما هي من سمات إله متجسد في صورة بشر، أو أنثى تردت كساء رجل، ويا للعهر الفاسق يتنزى من أناشيدهم، هذا نشيد يتغزل في ((حاجب)) محمد، وذاك في ((بطنه)) ذات الثنايا، وذاك في ظَلم الشيمَ الحلو المذاق، وذاك في وجنتيه اللتين تتلهف عليهما شهوات القبل العربيدة، وذاك في وصاله الذي هفا تحت الليل وغلائل السحر يدعوه إليه، صيغ كل هذه في كلمات تجرح الحياء، وتدمي الفضيلة، وتؤذي العفة، وتثخن بالجراح التصون، وينشد هذا بصوت توهجت فيه غلة الشهوة الفاجرة، وعربدت فيه نشوة الغريزة الآثمة، وتناوحت فيه الآثام أغرتها ظلمة الليل، ويذاع كل هذا على الملأ من محطات الإذاعة، وينشد في المحاريب، وتبدأ به وتختم صلوات الفجر من ربيع ومن رمضان، أرأيت أية مكانة لمحمد عند أمة زعمت أنها أمته ؟!
يعيبون على غواني الإثم صرختهن إليهم بالهوى والفتون، ولا يعيبون على أولئك الذين يلحدون في أسماء الله، ويفجرون باسم محمد، لئن غنت فاجرة، فستثير نزوة، وإن غنى فاجر باسم محمد فماذا يكون ؟!
عقيدة تطيح، وقدسية تهوي، وفضيلة تذبح، وفوق كل ذلك رسول كريم يستهزأ به ويسخر منه، كثيراً ما نقد الناقدون أغاني الإثم، وما سمعت من ينقد تلك التي يسمونها قصة المولد النبوي تذاع على الملأ من محطة الإذاعة، ومن المساجد وفي تلك القصة بأناشيدها وما فيها من الأساطير، والغي والإثم والتحلل من كل معاني الدين والتدين، عجباً ! نغار على الفضيلة كما نزعم من أغاني الفواجر، ولا نغار على الدين ورسوله من أناشيد الفجرة الملحدين !!
احتفال الحكومات:
وتأبي الحكومات المتعاقبة إلا أن تعين على آثام هذه البدعة النكراء، وتصلح من سلطان الوثنية، لأنها تتملق الجماهير، لا يهمها غير سمع الهتاف، وعلماؤنا – يارب ماذا أقول؟ راضون ناعمون نشاوى قلوبهم !!
أقول: كل ربيع تقيم الحكومة فيما يسمونها ساحة المولد محفلاً كبيراً يهرع إليه سدنة الطواغيت، وعُبًاد الأصنام من الصوفية، فيقيمون ثَم السرادقات، وينحرون فيها الذبائح باسم محمدهم، ويقدمون الطعام باسم محمدهم، والشراب باسم محمدهم، ويشهد الله الذي حرّم السحت، من أين جاءوا بذلم السحت الذي يسحت الإيمان، ولا تدري أنت أية أعراض انتهكت في سبيله، ولا أية فضائل جُرحت ابتغاء جمعه.
إن الصوفية يجمعون ذلك السحت أحياناً باسم محمدهم، أو سيدهم، أو دسوقيهم، أ ورفاعيهم، من أتباعهم المساكين ((الغلابة)) والدرويش الغلبان، قد يبيع قوت أبناءه وثيابه، ما يستر عورة امرأته، حتى يؤدي لشيخه عوائده.
وفي هذه الساحات والباحات تقوم سوق الفسوق، ويدعو إليها شياطين الجن والإنس كل حزبهم الأخسرين، وتقذف المدينة والريف بفساقه وعرابيده، وهناك تحت أروقة الليل ترى الباغين والبغايا، والمحششين والمحششات، وينتهكون كل حرمة، ويجترحون كل إثم، كل ذلك الإثم الداعر في حب .... في حب ((صاحب المولد))!!
على قارعة الطريق يفجؤك الإثم في صولته، وصوب عي************ الفسوق ينزو في خمرته، فإذا ناديت أو دعوت ضاع صوتك في ضجة صخب الشهوات المجنونة، ثم يعود الفساق العرابيد يطعمون ويشربون من سرادقات ((الشيوخ الكبار)) طعام وشراب صاحب المولد، فيستعينون بالطعام والشراب على معاودة ما كانوا فيه !!
عذراً قارئي العزيز، إذا أثرتُ نفسك، أو لمست بالخدش رقيق حيائك، فإنما يجب بيان حقيقة الداء، حتى يعرف على حقيقته وينفع له الدواء.
ثم يا ويل العفاف، ويا رحمتي للفضيلة الأسيانة وللدين، كم يستغيث من الليلة الكبرى للمولد!! بأصوات النيازك تختلط أصوات الإثم تلعقه الشفاه، وكأنما أنت في مكان تتكشف في الحيوانية عن أحط غرائزها.
وثَم في ناحية أخرى يقوم شيخ وخَطهُ الشيب، وعلى جبينه تجاعيد الزمن، يقوم يَنْأدُ به حطامه الفاني، ليتلوا ما يسمى قصة المولد في حضرة ((الأكابر)) وينصت الأكابر الذين لا ينصتون للقرآن، وتقشعر جلودهم، وتهيم مشاعرهم بالصلاة على نبيهم.
إذا ((وَلَّدُوا)) نبيهم هبّوا وقوفاً إجلالاً للمولود الجديد وللقابلة، وأطلقوا البخور تحية ((لعُمَّارِ)) المكان، حتى لا يؤذوا الوليد الجديد، وتنطلق حناجرهم – وقلوبهم آثمة- بالصلاة على نبيهم صلاة لا تعرف لها حرفاً من جرْف، ثم .... ثم ماذا ؟! يدخلون يشعبذون أن ربهم في هذه اللحظة التي ((ولَّدوا)) فيها محمدهم من جديد يستجيب الدعاء ! واحرّ قلباه !!
حتى على الله ذي الجلال يكذبون !!
وهكذا ((يولدون)) آلاف المحمدات كل عام ثم يميتونهم، حتى يجيء ربيع مرة أخرى !! كنت أحسب الحكومة تحتفل بميلاد محمد – ولنفرض أنه جائز- فتحارب ما كان يحارب رسول الله صلى الله عيله وسلم، وتحيي ما كان يحيي، فتحارب المنكر وتهدم المواخير، وتحطم أصنام الجاهلية، وتحيي علم رسالته وعقيدته الصادقة في إيمانه بربه، وحكمه الصالح بما أنزل عليه ربه، ولكن الحكومة تحتفل بالميلاد، فتعين على بدعة وثنية، وآثام تهلك أوزارها الدين والفضيلة والحياء، تحتفل الحكومة بالميلاد
والاحتفال به شر بدعة منيت بها الأمة، وبهذه الصورة الماجنة المسرفة في المجون...في العقيدة يا حكومات المسلمين خلل وفساد، فأصلحيه بسلطان من دين الله الحق وهداه، يشرق من القرآن ويرف نوره من السنة، وفي الأخلاق عوج أعوج، فقوميه بالأخلاق الإسلامية الصافية.
الوثنية مستعلنة مستعلية الكلمة، والفجور يتلظى شواظهُ قوى السلطان، والمنكر البغيض الكالح يستذل تحت نعليه المعروف، والبدع تجتاح نارها كل مكان، والأساطير والخرافات ! و... و ... واشياء كثيرة. كل ذلك يجب أن يوجه إليه الجهد.
يا عجباً ! أفعلنا كل شيء لمحمد صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق إلا الاحتفال بمولده فنقيمه !! الاحتفال يكون لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهداية محمد صلى الله عليه وسلم، وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، بالكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فهل حفلنا بالدين ؟ أحفلنا بالقرآن، أم تلوكه الأشداق في المآتم، وعلى القبور تشترى به ((القرص))، وعلى الطريق ((يُشْحَت)) به المليم ؟ أحفلنا بالسنة ؟ أم ما زلنا نجافي الصادق – وكلها صدق- منها، ونحتفي بالموضوع المكذوب مما دسه أعداء الله !!
يجب أن نحتفي بالدين نقيمه، ونطهّر عقائد المسلمين من وثنيات الجاهلية، أما أن نحتفي بالإثم، ونحتفل في مولد الرسول بالوثنية، ونقيم لذكرى المولد حفلاً شركياً فاسقاً، فذلك يبين أننا أمة ما زالت في الأغوار البعيدة من نفسها وسوسة الوثنية الأولى ورثناها من آلاف الأحقاب، فهي تتحين كل فرصة لتستعلن وتستعلي؛ ودليلنا على ذلك: أننا نرى أن كل واجب ديني مهجور، وأن كل بدعة شريرة يُحتفى بها ويُذاد عنها، ويستميت علماء كبار في سبيل الدفاع عنها.
كلمة خاتمة:
ترى هل نجد من حكومتنا عوناً، ومن علمائنا شدّ أزر، ومن المتعلمين فهماً، ومن المقلدين فراراً من التقليد الأعمى وتصديقاً للحق ؟ ليس الاحتفال وحده بدعة، فهناك مئات البدع لوثت عقول المسلمين واعتقادهم، لأن الوثنية متأصلة، تمتد شعاب جذورها في الأعماق، فالنستأصل شأفتها من القلوب والعقول، وذلك لن يكون إلا بإعلاء كلمة القرآن تبينه السنة الصحيحة، وقد استعرضنا في ما كتبناه مظاهر الاحتفالات بالمولد، وكلها أمشاج من الإثم والوثنية الأولى، ودللنا على أن الاحتفال بالمولد نفسه بدعة سيئة ممقوتة، وكل بدعة ضلالة.
فنسأل الله أن يعيننا على قول الحق نبتغي به وجهه وأن يهدينا والأمة إلى سواء السبيل.
نقلا عن مجلة التوحيد.
السنة الثلاثون - العدد الثالث - ربيع الأول- 1422 للهجرة.
بواسطة مشاركة للعضو عساف من منتدى الدفاع عن السنة
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع