الشيخ عاطف الفيومي
شيخ فاضل
- إنضم
- 4 يناير 2012
- المشاركات
- 587
- النقاط
- 18
- الإقامة
- الفيوم
- الموقع الالكتروني
- www.alfayyumy.com
- احفظ من كتاب الله
- كاملا بحمد الله
- احب القراءة برواية
- عاصم
- القارئ المفضل
- المنشاوي
- الجنس
- أخ
آداب من السنة النبوية .. تسوية الصفوف في الصلاة
عن أبي عبد اللَّه النعمان بن بشير رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: \"لَتُسَوُّنَّ صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم\" متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية لمسلم: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح حتى رأى أنا قد عقلنا عنه. ثم خرج يوماً فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلاً بادياً صدره فقال: \"عباد اللَّه لتسون صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم\".
الصلاة أجل أعمال الإسلام عند الله تعالى فهي ميزان لقبول أو رد سائر الأعمال عند الله تعالى، ومن هنا جاءت شريعة الإسلام تعظم شأنها ومكانتها، حتى أن العبد إذا توجه في صلاته إلى ربه تعالى، يكون في أجل وأفضل حالاته مع الله تعالى، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم هنا بتسوية الصفوف أمر له قدره ومكانته، لأننا أمة ليست ككل الأمم بل نحن أمة منظمة في جميع شؤون حياتها وعبادتها بهذا الشرع الحنيف، أمة لا تعرف الفوضى ولا الإهمال وهي تؤدي رسالتها وعبادتها ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم بتسوية الصفوف في الصلاة لأنها أمة النظام، وأمة تعرف لله تعالى قدره فلا تقف أمامه وهي تعبده وتفرده بالدعاء والثناء وحده بلا ضابط ولا نظام يحكمها ، كلا بل هي على خلاف ذلك
وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة تسوية الصفوف نوع جليل من تهيئة العبد لأن يكون أهلاً للوقوف بين يدي الله سبحانه، ليكون في أحسن صوره وحالاته من السكينة والاطمئنان، والخشوع والوقار.
وفيه أيضا:ً تنبيه كبير للأئمة الذين هم قدوة للناس أن يقوموا برسالتهم على أكمل الوجوه وأحسنها خاصة في هذه العبادة الكبيرة حقاً بين يدي الله تعالى ، فالصلاة صلة توصل العبد بربه، وتشعره بالقرب والمعية والعون والهداية من الله تعالى له، فالواجب على أئمة المساجد الانتباه لهذا الأمر الذي قل أن يتنبهوا إليه فوقعت بسبب ذلك أخطاء كثيرة من عدم تنظيم الصفوف وتقدم البعض وتأخر الآخرين مما يخالف أدب الإسلام ونظامه وأخلاقه.
وفيه: تحذير للمخالفين للأدب العام في الصلاة حيث توعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن يخالف الله بين قلوبهم ووجوههم إن لم تستقم منهم جوارحهم لله تعالى في عبادته، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في كتب السنة في تسوية صفوف الصلاة معروف ومشهور ، حيث كان يمشي بين الصفوف ويعدلها بنفسه ويمسح على صدور أصحابه رضي الله عنهم، ويسوي الأقدام والمناكب والصدور منهم حتى كأنهم أسنان المشط الواحدة، وكان يقول: \"عباد اللَّه لتسون صفوفكم أو ليخالفن اللَّه بين وجوهكم\"، وكل هذا لأن العوج في الصفوف يتولد منه العوج والمخالفة في القلوب فتحصل الفرقة والتشتت، وفي هذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم أيما تعليم وتوجيه أيما توجيه.
وفيه أيضاً: دليل قوي على تلازم الظاهر والباطن وأن الظاهر ينعكس على باطن العبد ، وأن الباطن كذلك ينعكس على ظاهره، فالذي يحمل في قلبه الإيمان الصادق بالله تعالى، وحقيقة الحب والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، يظهر ذلك على ظاهره وجوارحه وعلى سلوكه وأخلاقه بقدر ما في قلبه من الحب والإيمان والمتابعة واليقين، وكذلك الأمر بضده من حيث أن من كان في ظاهره يظهر المتابعة والعمل والعبادة، فينعكس على قلبه بزيادة الإيمان في قلبه، ولهذا فإن العمل الصالح ولا ريب يزيد الإيمان في قلب العبد ، وكذلك وجود الإيمان في القلب تكون ثمرته ظاهرة في انقياد العبد للعمل الصالح وحب الخير للخلق والمتابعة لله والرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا: بيان في التلازم بين الظاهر والباطن، وأن المصلين إذا تخالفت وجوههم واستقامة صفوفهم وهذا أمر في الظاهر، انقلب ذلك على القلب بأن يبغض بعضهم بعضاً فتقع الفرقة والخلاف، وهذه فائدة نفيسة تبين زيف الذين يزعمون محبة الله ورسوله، ثم هم لا تنقاد جوارحهم لإظهار السنة والشريعة على جوارحهم فتراهم يقصرون في عبادات في الظاهر وهم عليها قادرون ،ومع ذلك يقولون المحبة والإيمان والمتابعة في القلب وليست في الجوارح الظاهرة، وهذا تلبس كبير من الشيطان عليهم ، أو من متابعتهم لأهوائهم ومجاراة لغيرهم في إهمال السنن الظاهرة، وهذا نقص وخلل في حقيقة المتابعة والمحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن تأمل هذا الحديث النبوي وغيره ظهر له هذا التلازم الشديد، وأنه وإن كان الأصل في الأعمال الباطن أولاً، لكن هذا لا يعني ترك الهدي الظاهر والسمت الظاهر للمسلم ، وإلا لو كان الأمر كذلك فلم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكافرين في مأكلهم ومشربهم وملبسهم وسائر العادات التي توقع المسلم في المشابهة لهم.
وكذلك النهي أن يشابه الرجل المرأة والمرأة الرجل، فلو كان الأمر لا تلازم فيه بينهما لما كان لأمره هنا أو هنالك من حكمة جلية تظهر آثارها على ظاهر العبد أو باطنه.
نشر: بشبكة نور الإسلام
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع