دور علماء القراءات في تزكية النفوس وتنمية العقول

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
دور علماء القراءات في تزكية النفوس وتنمية العقول
(د. الجَيْلي علي أحمد بلال)

قصدت بهذا الموضوع بيان دور علماء القراءات في تزكية النفوس وتهذيبها، والوظائف التي ينبغي لهم القيام بها، ودورهم في تنمية العقول وتنويرها، وحفظ العلوم وكيفية النهوض بها وتطويرها؛ ليعم نفعها عامة المسلمين.

تمهيد
التعريف بالقراءات وطرق توثيقها:
علم القراءات: هو علمٌ بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة(1).
فالقراءات: جمع قراءة، وهي في اللغة بمعنى الضم والجمع؛ أي: ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل(2).
والمراد بـ(كيفية أداء كلمات القرآن): كيفية النطق بها، من فتح وإمالة وتحقيق وتسهيل وحذف وإثبات ونحوه. وخرج به علم التفسير؛ لأنه يبحث في كلمات القرآن من حيث معانيها، وخرج به علم النحو واللغة؛ لأنه يبحث في الكلمة العربية من حيث إعرابها وتصريفها وغيره. ومعنى (واختلافها): أن علم القراءات يبحث في الكلمات المختلف في أدائها، دون المتفق عليه، فخرج علم التجويد؛ لأنه يبحث في كل كلمات القرآن. ومعنى (بعزو الناقلة): أي بعزو كل خلاف إلى ناقله(3).

أئمة القراءة ورواتهم:
الأئمة الذين تواترت قراءتُهم إلى يومنا هذا، هم القراء العشرة: نافع المدني وراوياه: قالون وورش. ابن كثير المكي وراوياه: البزي وقنبل. أبو عمرو البصري وراوياه: الدوري والسوسي. ابن عامر الشامي وراوياه: هشام وابن ذكوان. عاصم بن أبي النَّجود وراوياه: شعبة وحفص. حمزة بن حبيب وراوياه: خلف وخلاد. الكسائي وراوياه: أبو الحارث الليث والدوري. أبو جعفر المدني وراوياه: ابن وردان وابن جماز. يعقوب الحضرمي وراوياه: رويس ورَوْح. خلف البزار وراوياه: إسحق وإدريس.

أولاً:
دور علماء القراءة في تزكية النفوس وترويح القلوب
دورهم في أن يكونوا قدوة حسنة:
لعلماء القراءة دور عظيم في تزكية النفوس وتربيتها والسمو بها إلى أعلى مراتب الكمال البشري الممكن. ولكن قبل أن يكونوا دعاةً لتزكية النفوس، عليهم أن يتحلَّوا بالصفات اللازمة، التي تؤهلهم لهذا الدور الكبير.
وهذه الصفات هي الآداب التي ينبغي أن يتأدبوا بها، وهي كثيرة، نكتفي بذكر طرف منها(4):

أولها: الإخلاص لله تعالى؛ وهو أن لا يقصد بعمله سوى الله تعالى. وحينئذٍ يتساوى عنده المدح والذم، ويتجنب كثيراً من المحاذير التي يقع فيها الناس؛ كالرياء والعُجب والحسد والتكبر وغيرها. والصادق في إخلاصه لا يطلب بعمله عرضاً من أعراض الدنيا، من مالٍ أو رئاسة أو وجاهةٍ أو ارتفاع عن أقرانه أو ثناءٍ عند الناس.
وعليه أن لا يغفل عن قول الحق تبارك وتعالى.وعليه أن يتذكر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله، عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا؛ لم يجد عَرْف الجنة يوم القيامة"(5).

ثانياً: أن يتصف بالمحاسن التي جاء بها الشرع الحنيف؛ كالزهد في الدنيا، وعدم المبالاة بأهلها، والسخاء ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، والحِلم، والصبر، والتنزه عن دنيء المكاسب، وملازمة أهل الورع، والسكينة، والوقار والتواضع، واجتناب الضحك، وعدم الإكثار من المزاح، مع ملازمة الوظائف الشرعية؛ كالنظافة، وقص الشارب، وحُسن الهيئة، وأن يكون دائم الذكر والمراقبة لله تعالى.

ثالثاً: أن يرفق بطلابه، ويستحضر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هارون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد، فيقول: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الناس لكم تَبَعٌ، وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيراً"(6).

وينبغي له أن يبذل لهم النصح، ويحرضهم على العلم، ويزهدهم في الدنيا، ويشفق عليهم كما يشفق على ولده، ويصبر على جفائهم وسوء أدبهم، ويحب لهم ما يحب لنفسه. وعليه أن يعدل بينهم، ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأولَ فالأولَ، وأن يظهر لهم البِشر وطلاقة الوجه، ويتفقد أحوالهم، ويسأل عمن غاب منهم، ولا يمنع من العلم أحداً، شكّاً في نيته؛ فإن طلبهم للعلم نية.

رابعاً: أن يجلس للتعليم بوقار، ولا يعبث بيديه، ولا يجيل النظر بعينيه.

خامساً: أن يوسع مجلسه؛ ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيرُ المجالس أوسعُها"(7).
سادساً: أن يصون العلم، فلا يذهب للمتعلم في بيته ولو كان حاكماً. وما أحسن ما قاله عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه: "ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرف بليله إذا الناسُ نائمون، وبنهاره إذا الناسُ مفطرون، وببكائه إذا الناسُ يضحكون، وبورعه إذا الناسُ يخلطون، وبصمته إذا الناسُ يخوضون، وبخضوعه إذا الناسُ يختالون، وبحزنه إذا الناسُ يفرحون"(8).
سابعاً: أن يتعفف قدر استطاعته عن الأكل بالقرآن، فإن كان مضطرّاً لذلك، كما هو الغالب على أهل زماننا، فلتكن نيتُه الاستعانة بما يأتيه من رزق، على أداء رسالته، "ويقول، مع المعرفة: أنا عبد الله أخدمه، وآكل وأشرب وألبس من رزقه، وخدمتي له حق عليّ، ورزقُه لي محض فضل منه، وإذا كانت هذه نيتُه، فلا يتضجر ولا يترك القراءة لقطع المعلوم، فإن تركها لقطعه فهو دليل على فساد نيته"(9).
هذا ما يقتضيه الورعُ، وإلا فإن أخذ الأجرة على القرآن قد اختلف فيه الفقهاء ، فحكوا منعَها عن أبي حنيفة، وجوازَها إن لم يشترطه، عن جماعة منهم: الحسن البصري، وجوازَها إن شارطه واستأجره إجارةً صحيحة، عن مالك والشافعي(10).

وقد جاء في الحديث عن جابر: "اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قومٌ يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه(11). فإذا اتصف علماء القراءة بهذه الصفات النبيلة؛ كانوا أهلاً لأن يكونوا قدوةً حسنةً، يقتفي أثرَهم عامةُ الناس.
دورهم في تشنيف الآذان بتلاوة القرآن:
إن الله، تبارك اسمُه، جعل لهذا القرآن حلاوةً حين يُتلى مجوداً مرتلاً، كما أنزله الله تعالى. وقد كان لسماع القرآن أثر عظيم في نفوس سامعيه، حتى أسلم كثير من المشركين المعاندين لسماعه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم"(12). وقال عليه الصلاة والسلام: "ما أَذِنَ اللهُ لشيء ما أَذِنَ لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به"(13).
وقد كان جماعات من السلف يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون. قال النووي: "وهذا متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين، وهو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد صح عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اقرأ عليّ"، فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل؟!، قال: "نعم". فقرأت سورة النساء قال: "حسبك الآن". فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان(14).

وسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، قراءة أبي موسى، فقال: "لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود، عليه السلام"(15).
إذا علمنا هذا، فإن هذه الحلاوة التي تميز القرآن، إنما تكون بقراءته مجوداً مرتلاً، كما أنزله الله تبارك وتعالى. ودور علماء القراءة في ذلك، ظاهر كالشمس في رابعة النهار، فهم الذين نقلوا القرآن باختلاف قراءاته، بالكيفية التي تلقوه بها، فما تركوا كلمةً، ولا حرفاً، ولا حركةً، بل ولا جزء حركة، كالاختلاس والرّوم(16). وهذا من مفاخر هذه الأمة التي فاقت بها الأمم؛ إذ لا توجد أمةٌ اعتنت بكتاب ربها، هذه العنايةَ الفائقة، كأمة القرآن، فحفظه الله بذلك من التحريف، الذي لم تسلم منه الكتب السابقة.
ولهذا دونوا سائر العلوم التي لها عناية بالقرآن، ومن بينها علم التجويد، الذي وصفه ابن الجزري، بقوله: "هو حلية التلاوة وزينة القراءة، وهو إعطاءُ الحروف حقوقها وترتيبُها مراتبَها، وردُّ الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقُه بنظيره وتصحيحُ لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته، من غير إسراف ولا تعسف ولا إفراطٍ ولا تكلف"(17).

ثم يمضي ابن الجزري فيقول: "وهذه سنة الله فيمن قرأ القرآن مجوداً مصححاً، كما أُنزل، تلتذ الأسماع بتلاوته، تخشع القلوب عند تلاوته، حتى يكاد أن يسلب العقول، ويأخذ بالألباب، سرٌّ من أسرار الله تعالى، يودعه من يشاء من خلقه، ولقد أدركنا من شيوخنا من لم يكن له حسن صوت، ولا معرفة بالألحان، إلا أنه كان جيد الأداء، قيماً باللفظ، وكان الخلق يزدحمون عليه، ويجتمعون على الاستماع إليه، أمم من الخواص والعوام، يشترك في ذلك من يعرف العربي ومن لا يعرفه، من سائر الأنام، مع تركهم جماعات من ذوي الأصوات الحسان"(18).
ويحكي ابن الجزري قصة ذلك الشيخ الذي قرأ في الصبح: ، وكرر هذه الآية، فنـزل طائر على رأس الشيخ يسمع قراءته حتى أكملها، فنظروا إليه فإذا هو هدهد، ويحكي عن الإمام سبط الخياط، مؤلف "المبهج"، أنه أُعطي من ذلك حظّاً عظيماً، وأسلم جماعة من اليهود والنصارى لسماع قراءته(19).

وهذا كله يؤكد أن للقراء دوراً عظيماً في الدعوة إلى الله تعالى، متى صلحت النية وصدق العزم، وتلَوُا القرآن حق تلاوته.
دورهم في ضبط القراءة وجودة الأداء:
إن ضبط القراءة وجودة الأداء هي الوظيفة الأساسية، والدور الأكبر الذي يؤديه القراء تجاه أمتهم. وقد كانت عناية هذه الأمة عظيمة تجاه هذا الكتاب الكريم، منذ أن نزل وإلى يومنا هذا. وقد كان الحرص على تلقيه سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس، رضي الله عنهم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا نزل عليه جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، وكان يُعرف منه قال: إن علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله(20).

وسار صحابته الكرام على نهجه صلى الله عليه وسلم، فها هو أبو بكر الصديق، رضي الله عنه يأمر بجمع القرآن، نزولاً عند رغبة عمر، رضي الله عنه، حين استحر القتل بقراء القرآن يوم اليمامة، فخشي أن يذهب كثير من القرآن بموت القراء، وما زال بأبي بكر حتى شرح الله صدره له، فانتدبوا لهذا العمل العظيم زيد بن ثابت رضي الله عنه. وانظر إلى الأسلوب الذي اتبعه زيد في جمع القرآن؛ حيث تتبعه في العُسُب واللخاف، وهي الوسائل التي كانوا يكتبون عليها في ذلك العصر، وتتبعه كذلك من صدور الرجال(21). وهذه هي الدقة والأمانة في النقل؛ حيث لم يكتفِ بمحفوظه من القرآن، حتى يجده مشفوعاً بحفظ غيره، ومكتوباً بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم سار عثمان رضي الله عنه على ذات الدرب، حينما كتب المصحف، بما يُعرف اليوم بالرسم العثماني، وذلك عندما جاء حذيفة رضي الله عنه فزعاً لما رأى اختلاف القراء يوم فتح أرمينية. فأرسل عثمان إلى حفصة رضي الله عنها: أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك. فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث، فنسخوها في المصاحف، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد الصحف إلى حفصة رضي الله عنها، وأرسل إلى كل أفق بمصحف، وأمر بما سواه أن يُحرق(22). وصنيع الصحابة هذا دليل على كمال التحري في ضبط القرآن ونقله، حتى لا يتطرق إليه الاختلاف، بطول العهد.
ثم سار التابعون ومن بعدهم من القراء على هذا النهج، حتى بينوا الصحيح من السقيم، والمتواتر من الشاذ، فدونوا المصنفات النافعة والمؤلفات المفيدة في علم القراءات، ووضعوا الضوابط للقراءة والإقراء. ونصوصهم في ذلك معروفة. يقول أبو عمرو الداني: "التحقيق الوارد عن أئمة القراءة، حدُّه: أن يوفي الحروف حقوقها؛ من المد والهمز والتشديد والإدغام والحركة والسكون والإمالة والفتح، إن كانت كذلك من غير تجاوز ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف، فأما ما يذهب إليه بعض أهل الغباوة من القراء من الإفراط في التمطيط، والتعسف في التفكيك، والإسراف في إشباع الحركات، إلى غير ذلك من الألفاظ المستبشعة

والمذاهب المكروهة، فخارج عن مذاهب الأئمة، وجمهور سلف الأمة، وقد وردت الآثار عنهم بكراهة ذلك"(23).
وقال أبو بكر بن مجاهد: "كان أبو عمرو حسن الاختيار، سهل القراءة، غير متكلف، يوثر التخفيف ما وجد إليه سبيلاً"(24). وينقل عن حمزة أنه قال: "إن لهذا التحقيق منتهى ينتهي إليه، ثم يكون قبيحاً، مثل البياض، له منتهى ينتهي إليه، فإذا زاد صار برصاً، ومثل الجعودة، لها منتهى تنتهي إليه، فإذا زادت كانت قططاً"(25).

وما أحسن ما نظمه أبو الحسن السخاوي، رحمه الله(26):
لا تحسب التجويد مدّاً مفرطاً أو مد ما لا مد فيه لِوانِ
أو أن تشدد بعد مد همـزة أو أن تلوك الحرف كالسكران
أو أن تفوه بهمزة متهوعاً فيفر سامعها من الغثيانِ
للحرف ميزان فلا تك طاغياً فيه ولا تك مُخسِر الميزانِ
وحتى يضمن العلماء جودة القراءة فقد اشترطوا في المقرئ شروطاً، منها(27):
صحة الدين، والسلامة في النقل، والفهم في علوم القرآن، والنفاذ في العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن.

وذكروا من شروطه(28):
أن يكون مسلماً، عاقلاً، بالغاً، ثقةً، مأموناً، ضابطاً، خالياً من الفسق ومسقطات المروءة، وأن لا يقرئ إلا بما سمعه ممن توفرت فيه هذه الشروط، أو قرأه عليه وهو مصغ له، أو سمعه بقراءة غيره عليه، فإن قرأ نفس الحروف المختلف فيها خاصة، أو سمعها وترك ما اتفق عليه جاز إقراؤه القرآن بذلك، واختُلف في إقرائه بما أجيز فيه، فقيل بالجواز، وقيل بالمنع، وإذا قلنا بالجواز فلا بد من اشتراط أهلية المجاز، وأن لا يتصدر للإقراء حتى يتقن عقائده، ويتعلمها على أكمل وجه، ويتعلم من الفقه ما يصلح به أمر دينه، وما يحتاج إليه من معاملاته، وأن يتعلم العلوم التي هي وسائل علم القراءات، وهي: النحو والصرف، والتجويد، والرسم، والوقف والابتداء، والفواصل، وعلم الأسانيد، وعلم الابتداء والختم.

وبسبب هذه الضوابط التي وضعوها لم يأخذوا القرآن من كل أحد، إنما يأخذون من الثقات أهل الدين والورع. وقد استطاعوا أن يميزوا بين مراتب القراء في القراءة، يقول ابن مجاهد في وصف من تصدى للإقراء: "منهم المعرِبُ العالم بوجوه الإعراب والقراءات، العارف باللغات ومعاني الكلام، العالم البصير بعيب لفظ القراءات المنتقد للآثار؛ فذلك الإمام الذي يَفزع إليه حفّاظُ القرآن من كل مصر من أمصار المسلمين. ومنهم من يُعرِب ولا يلحن، ولا علم عنده غير ذلك؛ فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته، ولا يقدر على تحويل لسانه. ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه، وليس عنده إلا الأداء لما تعلَّم، لا يعرف الإعراب ولا غيره؛ فذلك الحافظ، فلا يلبث مثلُه أن ينسى إذا طال عهده، فيضيِّع الإعراب؛ لشدة تشابهه عليه، وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة؛ لأنه لا يعتمد على علم بالعربية، ولا بصرٍ بالمعاني يرجع إليه، إنما اعتماده على حفظه وسماعه، وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع، ويشتبه عليه الحروف، فيقرأ بلحن لا يعرفه، وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقاً، فيُحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه..." إلى أن قال: "فذلك لا يُقلد القراءة ولا يُحتج بنقله. ومنهم من يعرب قراءته ويُبصر المعنى ويعرف اللغات، ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار، فربما دعاه بصرُه بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون مبتدعاً"(29).

قال مكي بن أبي طالب: "يجب لطالب القرآن أن لا يهمل نفسه وينقل عمن لا يجب النقل عنه ممن هذه صفته"(30). ويقول أيضاً: "فنقل القرآن فطنةً ودرايةً أحسنُ منه سماعاً وروايةً؛ فالرواية لها نقلها، والدراية لها ضبطها وعلمها، فإذا اجتمع للمقرئ النقلُ والفطنةُ والدراية وجبت له الإمامة وصحت عليه القراءة، إن كان له مع ذلك ديانة(31).
مما سبق تبين لنا اهتمام هذه الأمة بكتاب ربها، أسوتهم في ذلك رسولهم الكريم وصحبه الأبرار، فسار العلماء على دربهم في سائر العصور، حتى ظهرت الحاجة إلى تدوين العلوم، فدونوا القراءات، ثم أفردوا التجويد بدراسة خاصة، فوضعوا له القواعد، ونظروا في مخارج الحروف وصفاتها، فكان لهم السبق في تدوين علم الأصوات في زمان لم يكن فيه تقنيات حديثة لقياس الذبذبات الصوتية، أو تصوير مقاطع الكلام. وكل هذا من مفاخر هذه الأمة، التي ما فرطت يوماً في كتاب ربها، على كثرة الأعداء والقالين، حتى في العصور التي ضعفت فيها الأمة، فما زال القرآن يُقرأ غضّاً طريّاً، كما أُنزل أول مرة.

ورغم أن الناس ما زالوا يحافظون على كتاب ربهم، إلا أن الهمم فترت، والعزائم كلّت؛ لكثرة ما يُلهي عن ذكر الله تعالى، ولقلة الاحتفاء بأهل القرآن إلا قليلاً. ولهذا كان لا بد من الحيطة والحذر، حتى نحافظ على هذا الكتاب المجيد؛ لنكون امتداداً لأسلافنا في الحفاظ عليه والذود عنه، غير أن هذا يتطلب تضافر الجهود وتكاتف الأيدي، ولا يكفي في ذلك الأعمال الفردية التي يقوم بها البعض، مهما كان مستوى جودتها وإتقانها.

ونحن نشاهد اليوم كيف أن الألسن قد انحرفت انحرافاً بيناً عن النطق العربي الفصيح، بسبب تداخل الأمم وتمازج الحضارات، التي تدخل بيوتنا دون استئذان، إما بالقنوات الفضائية، أو الصحف اليومية، أو شبكة المعلومات الدولية. وأنت تجد في كل هذه الموارد الغثّ والسمين، والمفيد والمُهلِك، والضار والنافع. وإننا إن تركنا الأمر على حاله، فستحدث انحرافات خطيرة، ومزالق عظيمة، قد لا يتداركها الناس، ولو بعد حين. وعليه، فإنه من واجب العلماء المختصين بعلم القراءة، أن ينسقوا جهدهم وعملهم لنصرة القرآن وخدمته.

وتحقيقاً لذلك فإني أقترح أموراً؛ عسى أن تفيد في ضبط الإقراء:
أولاً: أن تُشكَّل هيئة لعلماء القراءة، تكون قاعدتها علماء القراءة في جميع الأقطار الإسلامية، وتنتخب لها هيئة إدارية من رئيس وأعضاء، يقوم كل منهم بمهام معينة تحدد له.

ثانياً: أن يوكل لهذه الهيئة مراقبة التسجيلات القرآنية على مستوى العالم الإسلامي، وكذا مواقع الشبكة الدولية، وجميع البرامج التي تنتجها الشركات إن كان فيها ما يتعلق بالقرآن وقراءته.
ثالثاً: أن تحيي الهيئة نظام الإجازة العلمية، الذي هو من إرث هذه الأمة، على أن يكون بضوابط علمية محددة، بحيث لا يكون المُجيزُ إلا مُجازاً بسند متصل الإسناد، معلومٍ لأهل العلم. وهذا الأمر في غاية الأهمية، والضرورة تدعو إليه؛ لأنه ربما تصدى لهذه العلوم من لا يتقنها، فيُجيز، وهو ممن لا يحق له ذلك، فينعكس ذلك على طلبته، ومن يأتي بعدهم. وإذا كان ابن مجاهد يرى من أهل زمانه من لا يحسن الإقراء، فكيف هو الحال في زماننا؟!

رابعاً: يحق للهيئة أن تضع من الضوابط والشروط ما ينظم عملها ويخدم المسلمين وكتابهم الكريم.
خامساً: على المقرئين أن يلتزموا بالضوابط الصحيحة للإقراء، دون تفريط أو إفراط.
سادساً: أن يكون للهيئة منتدى جامع في كل عام أو عامين، يتبادلون فيه الآراء ويتظاهرون فيه لخدمة كتاب الله.

سابعاً: أن يُصمم موقع باسم الهيئة، تتاح فيه الفرصة للجميع للتشاور، والاستفتاء في أمور الإقراء.
ثامناً: أن تصدر الهيئة مجلة علمية محكمة سنوية أو فصلية تُعنى بالقرآن وقراءاته.
دورهم في نقل القراءة واستمرار التواتر:
لقد خصّ الله، تبارك وتعالى، هذا القرآن، بخصيصة ميزته عن سائر الكتب السابقة، وهي نقلُه نقلاً متواتراً جيلاً بعد جيل، فلا يخلو عصر أو زمان من حفظة لكتاب الله بسائر قراءاته ورواياته.
وواجب القراء أن يحافظوا على هذه المزية؛ لينقلوا القرآن إلى من بعدهم، كما نقله إليهم أسلافهم. ولكنا نرى أن الهمم قد فترت والعزائم قد كلَّت في عصرنا الحاضر، بسبب كثرة الشواغل عن ذكر الله، وقلة الحوافز المادية لأهل القراءة. وهذا يتطلب نظرة ثاقبة من العلماء، حتى لا يأتي على الناس زمانٌ، لا يجدون من يفتيهم في صحة قراءتهم.

وعليه: لا بد أن تُبذل الجهود لتشجيع الطلاب لتعلم القراءات، على اختلاف درجاتها وطبقاتها. فإذا كنا اليوم نجد أعداداً كبيرة يحفظون القرآن برواية واحدة، فإنك تجد أعداداً أقل منهم يضمون إليها رواية أخرى، كما تجد أقل منهم يحفظون القراءات السبع من طريق (الشاطبية)، فإذا نظرت إلى من يحفظ القراءات العشر من طريقي (الشاطبية) و(الدرة)، وجدتهم في غاية القلة والندور. أما من يحفظون القراءات العشر من طريق (طيبة النشر)، وهي القراءات الكبرى، فهم أعز من الكبريت الأحمر، وأعدادهم تتناقص كل عام، دون أن يخلفهم من طلابهم من يملأ الفراغ الذي تركوه.

وهذا كله يتطلب اتخاذ خطوات سريعة للاستفادة من أمثال هؤلاء العلماء، الذين هم من كبار السن في الغالب، ولا بد من تشجيع الطلاب للاستفادة منهم، قبل فوات الأوان. وكل هذا حتى نحافظ على هذا النقل المتواتر لكتاب الله تعالى.
دورهم في وسائل الإعلام وتقنيات العلم الحديثة وكيفية توظيفها لخدمة القرآن:
لقد أصبحنا في عصر لا تفصله حدود، ولا تحجزه حواجز ولا جسور؛ وذلك بسبب التقنيات الحديثة، التي هي سلاح ذو حدين: إن أُحسِن استغلالُها كانت خيراً ونعمة، وإن أُسيء استخدامها كانت شرّاً ونِقمة. ومن هذه الوسائل: الحاسوب، وشبكة المعلومات الدولية، والقنوات الفضائية، والمجلات العلمية وغير العلمية. وفيما يلي نبذة موجزة عن فوائد كلٍّ منها وكيفية استغلالها لخدمة القرآن الكريم:

الحاسوب: هو جهاز يحوي ذاكرة عظيمة، يخزن معلومات كثيرة، يمكن استدعاؤها في فترة وجيزة، حين الحاجة إليها. وقد استفادت الأمم المتحضرة منه فوائد عظيمة، كانت سبباً في نهضتها وتفوقها.

ولم يُحرَم المسلمون من هذه الفوائد رغم أنها دون الطموح؛ فقد أنتجت كثير من الشركات برامج مفيدة، في مجالات عديدة، أهمها تلك التي اهتمت بالأحاديث وطرق توثيقها، فأحدثت طفرةً كبيرة في هذا المجال. ومن ذلك: الموسوعة الذهبية، التي أثنى عليها كثير من المختصين بعلم الحديث؛ لما توفره من جهد ووقت على طالب العلم والباحثين والعلماء.
وقد حاولت بعض الشركات أن تلج باب القرآن، فأنتجت برامج مفيدة لتحفيظ القرآن، وبعض تفاسيره، كما حاول بعضها أن يلج باب القراءات، فأُنتج برنامج في القراءات السبع في جزء عم. وقد فرحتُ به أول ظهوره، فبادرتُ إلى اقتناء نسخة منه، ولكن سرعان ما انطفأت فرحتي، حين استمعت إليه، فإذا بي أكتشف قصوراً في البرمجة، وأخطاءً للقارئ!

أما البرمجة فقد اكتفوا فيها بعرض القراءة بصوت القارئ، فلا يلاحظها إلا المتخصصون في هذا العلم. وكان يمكن أن يستفاد من خصائص الحاسوب في المقارنة بين القراءات، وبيان توجيهها ومعانيها. وأما الأخطاء التي وقع فيها القارئ، فكان يُمكن تفاديها لو أن الشركة عرضت قراءته على مختصين قبل نشرها؛ لأن الحيطة واجبة في القرآن، كما مرّ علينا في منهج السلف.
وحينما كتبت إليهم جاء الاعتذار بأن المختصين في هذا العلم قلائل، وأنهم كتبوا للقارئ بملحوظاتي ولم يرد عليهم. وكل هذا يؤكد أنه لابد من العمل الجماعي في كل ما يتعلق بالقرآن، كما كان الصحابة رضي الله عنهم؛ فهم ما تركوا بعضاً من قراءة ابن مسعود وغيره إلا لأنهم لم يجمعوا عليها. وهذا منهج ينبغي أن لا نغفل عنه، أعني: أن تكون خدمة القرآن في عمل جماعي، لا فردي. ويمكننا، إن تعاونا وصدقت النوايا، أن ننتج برنامجاً جامعاً للقراءات العشر المتواترة، حافلاً بتوجيهها ودقائق معانيها، مع إعداد البرمجة بطريقة جيدة تتيح للمتصفح أن يقارن بين القراءات على اختلافها، في فترة وجيزة، وأن يستمع إليها بأصوات عذبة حلوة، تزيده خشوعاً وتدبراً لكتاب الله تعالى.

شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت): هي وسيلة إعلامية خطيرة، تخترق بيوتنا دون إذن منا، وفيها الغث والسمين، إلا أننا نجد بعض المواقع الإسلامية التي تهتم بالقرآن وتفسيره وبعض علومه، غير أنها جهود فردية، يصاحبها القصور غالباً، وقد يوجد في بعضٍ منها روح العمل الجماعي، كموقع وزارة الأوقاف بالمملكة العربية السعودية، فهو جيد من حيث البرمجة، ووُضعت فيه بعض التفاسير، ويمكن البحث فيه عن أي آية في القرآن الكريم، وهو ما زال في طور الإعداد، ونرجو أن يكون له شأن كبير، إن تضافرت الجهود. وهناك مواقع اهتمت بتجويد القرآن، غير أنها بحاجة إلى مزيد من العناية والتصحيح، ويمكن أن تصحبها تطبيقات صوتية لكل الأحكام، حتى تعم به الفائدة.

وواجبنا أن نعمل سويّاً لموقعٍ جامع للقرآن وقراءاته وتجويده، يكون موسوعة عظيمة، يتعرف بها الناس هذا القرآن الكريم وقراءاته وتفاسيره وتجويده وسائر علومه. ولكنه لن يكون ناجحاً إذا لم يشترك فيه كل المختصين بهذه العلوم، تجنباً لأية أخطاء؛ لأن الخطأ في القرآن الكريم، مهما دقّ فهو عظيم.
القنوات الفضائية والإذاعة: أما القنوات الفضائية فهي من الوسائل الخطيرة جدّاً، ولها روادها في مجتمعاتنا، وأكثرها لا يرضي أحداً من المسلمين الغيورين على دينهم؛ لما فيها من سفور وفجور ودعوة إلى أرذل الأخلاق، إلا أن نوراً بدأ يلوح في الأفق بظهور بعض القنوات الجادة الملتزمة بالخُلُق الإسلامي، كقناة (اقرأ) مثلاً، وقد رأيت لها اهتماماً خاصّاً بالقرآن وتجويده وقراءاته، فهي تستضيف علماء أفاضل، لهم باع طويل في هذا المجال. وهذه القنوات ينبغي أن يشجعها علماء القراءة، وأن ينفتحوا نحوها، ولا يبخلوا عليها بعلمهم، حتى تشبع رغبة المسلمين المتعطشين لهذه العلوم.

وأما الإذاعة، وإن كان قد انحسر دورها كثيراً، بعد ظهور القنوات الفضائية، إلا أنها ما زالت وسيلة إعلامية هامة، قد تجدها حيث لا توجد قنوات فضائية، وهي أيضاً تنشغل في أكثرها بأمور قد لا تسر المسلمين، وقد لا تفيدهم، إلا أن هناك بعض المحطات الإذاعية، التي لها اهتمام خاص بالقرآن، غير أن كثيراً منها يفتقر إلى التنويع في البرامج؛ إذ تكتفي غالباً بإسماع صوت القارئ بقراءة معينة. وهنا لا بد أن يكون لعلماء القراءة دور في إثراء هذه المحطات الإذاعية؛ حتى تؤدي دورها، وتكون جاذبة للشباب.

المجلات العلمية والثقافية: وهذه لها دور عظيم في المجتمع، وخاصة العلمية منها؛ فهي جادة في موضوعاتها، ينبغي أن تتناول القضايا التي تهم المجتمع. وهي موضع اهتمام كبير في الدول المتقدمة؛ إذ إن ما يُطرح فيها من بحوث جادة يكون موجِّهاً لسياسة الدولة.

إلا أن الحال يختلف في عالمنا الإسلامي؛ إذ لا نولي هذه البحوث كبير اهتمام، وقد يكون التقصير في بحوثنا لعدم معالجتها لقضايا المجتمع. ولهذا تخلفنا عن ركب الحضارة وأصبحنا في ذيل الأمم. وحتى ننهض من جديد علينا أن نُعنى بهذه البحوث العلمية الجادة. ودور علماء القراءة أن يثروا هذه المجلات العلمية ببحوث تفيد المسلمين.
وأما المجلات الثقافية، فهي تكون ترفيهية في أغلبها، وقد تكون مهمتها تثقيفية، إلا أنها قد تغزو عقول شبابنا بأفكار مسمومة، لا تناسب عقائدنا وديننا، فدور علماء القراءة وغيرهم من العلماء أن يساهموا في هذه المجلات بأقلامهم.

وإذا وفَّقنا الله وكُوِّنت هيئة علماء القراءة، فأرجو أن تكون لهم مجلة محكمة، التي سبق أن اقترحتُها، تعنى بالقرآن وقراءاته، و يمكنهم أن ينشئوا مجلة أخرى تثقيفية لعامة القراء، وبذلك يكون القراء قد خدموا القرآن من جهات متعددة.

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
دورهم في تشنيف الآذان بتلاوة القرآن:
إن الله، تبارك اسمُه، جعل لهذا القرآن حلاوةً حين يُتلى مجوداً مرتلاً، كما أنزله الله تعالى. وقد كان لسماع القرآن أثر عظيم في نفوس سامعيه، حتى أسلم كثير من المشركين المعاندين لسماعه.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم"(12). وقال عليه الصلاة والسلام: "ما أَذِنَ اللهُ لشيء ما أَذِنَ لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به"(13).
وقد كان جماعات من السلف يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون. قال النووي: "وهذا متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين، وهو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد صح عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اقرأ عليّ"، فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل؟!، قال: "نعم". فقرأت سورة النساء قال: "حسبك الآن". فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان(14).



سلمت أمي الحبيبة وسلمت يمينك

طرح طيب جدا يبدي بين طياته دور علماءنا الاجلاء

في تزكية النفوس وتنمية العقول

جزاهم ربي سبحانه عنا خير الجزاء

بارك ربي سبحانه فيك ونفع بك واحسن اليك

وجزاك جل وعلا الفردوس الاعلى من الجنان

واجزل لك العطاء الكريم المنان
 
أعلى