دخانٌ بلا نار ..!

طباعة الموضوع

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
دخانٌ بلا نار ..!

محمد عبد المؤمن


كثيرة هي الوصايا التي تحثُّنا على عدم الانخداع بمظاهر الورع، التي قد تُخفي أمورًا خطيرة من قبيل (ما تحت السواهي من دواهي، وما تحت التبن من نار)، مصداقًا لقول أحد أهل الفِطنة: "سوء الظن من حُسن الفِطن"، وهذا قابِل للتجاوز على كل حال؛ فالحواس تخدعُنا مثلما يقول صاحب فطنة آخر، لكن العجيب في الأمر هو أنَّ الفِطنة هذه أصبحت تَخوننا، ولا تقِف إلى جانبنا عندما نكون بصدد الحكم العادل والمنطقي على الفعل غير الجائز بأنه فعلٌ غير جائز، وذلك بأن تتدخَّل بشكل آخر لها يجعلنا نُبرِّر الفعل بدلاً من إدانته، وندافع عن فاعله بالدفاع عن نيّته الحسنة وقلبه الأبيض وفكره المتفتِّح غير المنغلِق ونفسه "المُسرَّحة" السارحة غير المعقَّدة ولا المنكمشة.

من هؤلاء صديق لي كذَّبني تكذيبًا شديدًا عندما لمَّحت له بأن معاكسته للبنات تنفيس منه عن مكبوتات خبيثة تستقرُّ في نفسه، إلى درجة أنني كدتُ أصدِّق بأنه صاحب قلب أبيض ناصع البياض لا تخطُر على باله خواطر الرجل الطبيعية تُجاه امرأة ينظر إليها، أو يغمز لها أو يبتسم، أو يصفِّر أو يغنّي، ومنهم أيضًا فتاة تقول عن الذين لا يصافحون أخواتهم من غير النَّسَب والرَّضاعة أنهم معقَّدون، وأنها هي بكفِّها المُشاع صاحبة النفس السويَّة الصافية من شوائب الهواجس التي تنتاب قلوب الملتزمين والملتزمات،

ومنهم كذلك اثنان ثالثهما الشيطان والعياذ بالله
يحسبان أنفسهما على قدر رفيع من التقوى والوَرَع يمنعهما عن الوقوع فيما يُغضب ربَّهما،
وهما يفعلان ما يفعلانه في خلوتهما ببعضهما.

فأما صديقي فإني مُحذِّره ونفسي من أن يكون ما يُبيحه لنفسه في غُدوِّه ورَواحه مفتاحًا يفتح عليه باب حظِّه من الفاحشة التي تُكتسب بأكثر من طريقة ، فالعين تزني وزناها النظرة الحرام، فنُبيحها إذا توهَّمنا عدم حصول ما تؤدي إليه، ولكنها هي الحرام ذاته والفاحشة ذاتها، وكذلك الكلام باللسان والسعي بالقدمين، ولا يقول أحدنا: إن قلبه بريء لا شبهة فيه ولو فعل وفعل؛ لأن الله أعلم بأنفسنا وقلوبنا من عِلمنا بأنفسنا وقلوبنا، والكَيِّس الفطِن من يُحسن رعاية نفسه ظاهرًا وباطنًا، ويذودها عما لا يرضاه ربُّنا، وأما المُصافَحة فإن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي طهَّرت الملائكة قلبه مرتين، وشهِد خالقُه عليه بأنه على ﴿ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، قال للصحابيات وهنّ يُردن مبايعته: إنِّي لا أصافح النساء، فإن كان على وجه الأرض من هو أطهر قلبًا من رسول الله، فإنني فاعل ما يفعل، وإلا فلا طُهر ولا عفَّة ولا بياض، إلا فيما سنَّ لنا من بُعِث رحمة للعالمين، وأما المُختليان ببعضهما، فإن نبي الله يوسف - عليه السلام - حين غلَّقت عليه سيدته الأبواب وهمَّت به، قد همَّ بها لولا أن رأى برهان ربّه واستبقها إلى الباب؛ ليَصرِفه ربُّه عن السوء والفحشاء، فقُل لي بربك: أي برهان يراه هذا القديس الذي يُجالس قدِّيسته وهما مطمئنان إلى جلستهما ومُجالسهما الآخر - أعاذنا الله وجميع الشباب من شرّه؟!



إذًا؛ فأولى بنا إذا مُكِّن لنا من أن نتفطَّن للنار تحت التبن ألا نَغفُل عن النار تحت دُخَانها،
فإن العجم تقول فيما وافقتْهم عليه العرب: " لا دخان بلا نار "

واللهَ عز وجل نسأل العافية من الدخان ومن النار.
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ

12887423062.gif
 
أعلى