الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الآداب الشرعيـــه و الرقـائـــق
فبعزتك لأغوينهم أجمعين
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="أم حذيفة" data-source="post: 51396" data-attributes="member: 1"><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #993300">فبعزتك لأغوينهم أجمعين</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد:</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 18px"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فإن عداوة الشيطان لبني آدم شديدة، وكيده لهم عظيم، وقد أخبر الله بذلك في القرآن الكريم في عدة آيات، فقال: <span style="color: green">{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} </span>(6) سورة فاطر، وهذا إعلان بعداوة الشيطان لبني آدم، وعلى العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها<span style="color: green">{فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}</span>، وقال: <span style="color: green">{وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}</span> (168) سورة البقرة. وأخبر تعالى أنه قد أقسم بعزة الله على إضلال بني آدم فقال:</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"> {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"> (82) سورة ص.</span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"> (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فبعزتك</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) : أي بقدرتك وسلطانك وقهرك ما دونك من خلقك (<span style="color: green">لأغوينهم أجمعين</span>) والإغواء: هو الإهلاك والإضلال والإبعاد، كما في قوله تعالى: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(59) سورة مريم، </span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">أي هلاكاً (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">إلا عبادك منهم المخلصين</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) أي :" إلا من أخلصته منهم لعبادتك، وعصمته من إضلالي، فلم تجعل لي عليه سبيلاً، فإني لا أقدر على إضلاله وإغوائه.. قال قتادة: "علم عدو الله أنه ليست له عزة"<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn1" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">1</span></a>والضمير في: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لأغوينهم</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) لذرية آدم، وإن لم يجرِ لهم ذكر؛ للعلم بهم. قال القرطبي: "لما طرده بسبب آدم، حلف بعزة الله أنه يضل بني آدم بتزيين الشهوات، وإدخال الشبهة عليهم، فمعنى: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لأغوينهم</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) لأستدعينهم إلى المعاصي، وقد علم أنه لا يصل إلا إلى الوسوسة، ولا يفسد إلا من كان لا يصلح لو لم يوسوسه، ولهذا قال: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">إلا عبادك منهم المخلصين</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) أي الذي أخلصتهم لعبادتك، وعصمتهم مني"<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn2" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">2</span></a>. أي المشرفين بالإضافة إليك، فهم لذلك لا يميلون عنك إلى شيء سواك، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">المخلِصين</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) بكسر اللام، والباقون: بفتح اللام. ومعنى القراءة الأولى: أنهم أخلصوا دينهم عن الشوائب؛ ومن فتح اللام، فمعناه: الذين أخلصهم الله بالهداية. وقال الألوسي: "أقسم بسلطان الله -عز وجل- وقهره، وهو كما يكون بالذات يكون بالصفة، فالباء للقسم على ما عليه الأكثرون، والفاء لترتيب مضمون الجملة على الإنظار، أي فأقسم بعزتك<span style="color: green">{</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">أي أفراد هذا النوع بتزيين المعاصي لهم"<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn3" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">3</span></a>. فأقسم إبليس هنا بعزة الله، وفي الأعراف: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">وفي الحجر: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فهنا: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لأغوينهم</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) وفي الأعراف: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لأقعدن</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">) وفي الحجر: (</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">لأزينن</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">)"<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn4" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">4</span></a>. وقال ابن كثير: "وقد أقسم للوالد إنه لمن الناصحين، وكذب، فكيف معاملته لنا؟!"<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn5" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">5</span></a></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">"والتزيين: جعل الشيء متقبلاً في النفس من جهة الطبع والعقل بحق أو بباطل"</span><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn6" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">6</span></span></a></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">والحكمة من خلق الشيطان إظهار قدرة الله على خلق المتضادات والمتقابلات حيث خلق الله إبليس وذاته من أخبث الذوات، وخلق جبريل وذاته من أفضل الذوات وأشرفها وأطهرها، فجعل الله الخبيث منحازاً إلى روح إبليس الخبيثة، وجعل الطيب منحازاً إلى المادة الطيبة، ولإكمال مراتب العبودية، وإظهار العبودية المتنوعة التي تحصل في مجاهدة إبليس وحزبه ومراغمته في الله، وإغاظته والاستعاذة بالله منه، وحصول العبرة لجميع العباد بما حصل لعدو الله إبليس من الإهانة والذل وسوء العاقبة، بسبب عصيانه أمر الله تعالى واستكباره على ربه، وبهذه العبرة يقوى الإيمان ويزداد لدى الملائكة والإنس والجن، ويعظم خوفهم من الله تعالى، وفي خلق إبليس تظهر آثار أسماء الله المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره على عباده وما ارتكبوه من ذنوب ومعاصي نتيجة إضلال الشيطان لهم وتغريره بهم. يقول ابن القيم " فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر؟ وعلى من يتوب؟ وعمن يعفو ويسقط حقه؟ ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه وهو واسع المغفرة، فكيف يعطل هذه الصفة؟ ...فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة"</span><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn7" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">7</span></span></a><span style="font-size: 18px">.</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #993300"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">أساليب الشيطان في إغواء الإنسان:</span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 18px"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">1- التزيين والاستدراج خطوة خطوة: فهو لا يأمر بالشر، أو ينهى عن الخير مباشرة، ولكن يبدأ مع الإنسان من صغائر الأمور ثم ينتهي به في كبائرها، قال تعالى: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(النور: 21). وقال تعالى:</span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"> {<span style="color: green">يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ</span>} (168) سورة البقرة.</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">2- التلبيس: الشيطان هنا يحاول خداع العقل فيحاول إقناعه بأن الذي يعتقد أنه حرام هو في الحقيقة حلال، فإذا أراد أن يأخذ قرضاً ربوياً ليبني به بيتاً، قال له الشيطان: هذا ليس حراماً، لأنك لا تريد أن تستغل الناس، إنما تريد أن تستر نفسك وأولادك، فما وجه الحرمة هنا. وهذا هو السبيل الذي كان الشيطان، ولا يزال، يسلكه لإضلال العباد، فهو يظهر الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، ولا يزال بالإنسان يحسن له الباطل، ويكرهه بالحق، حتى يندفع إلى فعل المنكرات، ويعرض عن الحق. يقول ابن القيم في هذا الصدد : "ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضره، حتى يخيل إليه أنّه أنفع الأشياء، وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيل له أنه يضره، فلا إله إلا الله، كم فتن بهذا السحر من إنسان؟! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان؟! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة؟! وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة؟! وكم بهرج من الزيوف على الناقدين؟! وكم روج من الزغل على العارفين؟!)</span><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn8" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">8</span></span></a><span style="font-size: 18px">فيدخل إلى النفس من الباب الذي تحبه وتهواه، ومن أعظم حبائل إبليس في هذا الباب النساء، قال -صلى الله عليه وسلم-: <span style="color: blue">(ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn9" target="_blank"><span style="color: blue"><span style="font-family: 'Times New Roman'">9</span></span></a></span>وانظر إلى أولياء الشيطان اليوم كيف يستخدمون هذا السبيل في إضلال العباد.</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">3- التسويف: وهنا يستخدم معه طول الأمل حتى يصرفه عن التوبة, إذا كان رآه مصمماً عليها، فيقول له: لا بأس أن تتوب، ولكن لماذا العجلة، أنت في ريعان الشباب، أكمل دراستك، ثم تزوج، فالزواج نصف الدين، وهو يعين على التوبة، ثم اضمن مستقبلك حتى يصرفه تماماً عن التوبة.</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">4- تهوين المعصية: يأتي الإنسان فيقول له: لماذا تتوب؟ وماذا فعلت حتى تتوب؟ أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس، إنما التوبة لأصحاب المعاصي الكبيرة، وأنت لست منهم فيهون عليه المعصية. </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">5- تصعيب الأمر على الإنسان بعد التوبة: يقول له: التوبة تحتاج إلى استقامة، والاستقامة شاقة على النفس، وتجلب عداء المنحرفين، أو لماذا تتوب وتُحمل نفسك، وتفقد أصدقاءك السابقين؟ ثم الناس لن يصدقوك أنك تبت، بل سيسخرون منك، وعلى هذا فقس. </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">6- التيئيس: يأتي الإنسان فيقول له: إن الله لا يقبل توبة من كانت ذنوبه كثيرة، كذنوبك، كيف يقبل الله توبتك وأنت الذي فعلت كذا وكذا؟ ويذكره بكل معصية كان يفعلها". </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">7- الغضب: تمرد شيطاني على عقل العاقل، وحالةٌ من الخروج عن جادة ذوي الرجاحة والأسوياء. رُوي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: بم غلبت ابن آدم؟ قال: عند الغضب وعند الهوى. وأغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر برهةً، ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان، فأنال منك اليوم ما تنال مني غداً!! </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">8- الأماني وحصائد الغرور: فذلكم هو السلاح الشيطاني المضَّاء<span style="color: green">{يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً } </span>النساء:120<span style="color: black">.</span>يعدهم هذا الغرَّار بحسب طبائعهم، يجرهم إلى حبائله بحسب ميولهم ومشتهياتهم. يخوِّف الأغنياء بالفقر، إذا هم تصدقوا وأحسنوا. كما يزين لهم الغنى وألوان الثراء بالأسباب المحرمة والوسائل القذرة. </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">9- الخروج عن الوسط ومجاوزة حد الاعتدال إلى الإفراط أو التفريط، ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر، وهو منهج إبليسي، ومسلك شيطاني، يقول ابن القيم في هذا المسألة: " وما أمر الله -عز وجل- بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فإنه يأتي إلى قلب العبد فيشمه، فإن وجد فيه فتوراً وتوانياً وترخيصاً أخذه من هذه الخطة، فثبطه وأقعده، وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء، وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة. وإن وجد عنده حذراً وجداً وتشميراً ونهضة، وآيس أن يأخذه من هذا الباب، أمره بالاجتهاد الزائد، وسول له أن هذا لا يكفيك، وهمتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وأن لا ترقد إذا رقدوا، وأن لا تفطر إذا أفطروا، وأن لا تفتر إذا فتروا، وإذا غسل أحدهم يده ووجهه ثلاث مرات، فاغسل أنت سبعاً، وإذا توضأ أحدهم للصلاة، فاغتسل أنت لها، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي، فيحمله على الغلو والمجاوزة، وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمِلُ الأول على التقصير دونه وألا يقربه. ومقصوده من الرجلين إخراجهما عن الصراط المستقيم: هذا بألا يقربه ولا يدنو منه، وهذا بأن يجاوزه ويتعداه، وقد فتن بهذا أكثر الخلق ، ولا ينجي من ذلك إلا علم راسخ، وإيمان وقوة على محاربته، ولوزوم الوسط. والله المستعان". وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك. غلا قومٌ في الأنبياء وأتباعهم حتى عبدوهم، وقصَّر آخرون حتى قتلوهم، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، وطوائف غلوا في الشيوخ وأهل الصلاح، وآخرون جفوهم وأعرضوا عنهم. وهو يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها"</span><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn10" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">10</span></span></a></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 18px"><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">ولا يكتفي الشيطان بإضلال العباد فحسب بل يتبع إضلاله تزينناً لباطله، فلا يدع ضحاياه فريسة لتأنيب الضمير، وأسرى لتقريع المواعظ، وإنما يحاول أن يبقيهم في سلام داخلي مع أنفسهم بأن يزين لهم أعمالهم، فلا يشعروا بأي نفور عنها، أو أنها مخالفة للفطر والعقول، قال تعالى:</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} </span></span><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(43) سورة الأنعام</span></span><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">،</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">ويأتي هذا التزيين على شكل مبررات يسوقها الشيطان لضحاياه لتبرير أفعالهم؛ فالذي يزني ويأتي الفواحش يزين له أنه يمارس حريته الشخصية، والذي يسرق ويختلس يزين له أنه يستعين بذلك على تكاليف الحياة، والذي يمارس الدكتاتورية والقهر يزين له أنه يحافظ على وحدة الشعب وتماسكه من الدعوات الطائفية والعرقية، وهكذا دواليك. ومن العجيب أن أسلحة الشيطان في ذلك لا تخرج عن التأثير النفسي، وهو ما سماه الله بالوسوسة، وهي حديث النفس والكلام الخفي الذي لا يُسمع، وقد مكنه الله من مخاطبة النفس والإيحاء إليها، قال تعالى: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(1-6) سورة الناس، </span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فالوسوسة هي سلاح إبليس الأمضى، وما أخرج آدم -عليه السلام- من الجنة إلا وسوسة إبليس، قال تعالى: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(120) سورة طـه، </span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فقوله تعالى: <span style="color: green">{فوسوس} </span>تدل على أن الحديث دار همساً بصوت خافت، والوسوسة هي إغواء الشيطان، وهي إغراء بارتكاب الشر، والذي يتحدث ويأمر بالخير لا يهمه أن يكون حديثه بصوت عال، ولكن الحديث في الشر والغواية لا يتم إلا همساً بصوت خافت. والوسوسة باللغة العربية: هي صوت رنين الذهب والحلي، وهو صوت يجذب الناس ويغريهم ويلفت نظرهم، والوسوسة لا بد أن يكون فيها إغراء، لأنك إذا أردت أن تخرج الناس عن منهج الله لا بد أن تغريهم بمتعة دنيوية سيفوزون بها. ورغم افتقاد إبليس للسلاح المادي في الإضلال إلا أنه قد أغوى أكثر الخلق -والعياذ بالله- يساعده في ذلك موافقة أهواء النفس وشهواتها لما يدعو إليه، فيجتمع على العبد نفسه وشيطانه فلا يقف أمامهما إلا خالص المؤمنين. هذا مع أن الله قد أخبر أن </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(76) سورة النساء</span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">، إلا أن ضعف النفس البشرية أمام المغريات قد أعطى لضعف الشيطان قوة.<a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn11" target="_blank"><span style="font-family: 'Times New Roman'">11</span></a></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 18px"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">وقد وصف اللهُ الشيطانَ بوصفين متقابلين هما </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فالوسواس من الوسوسة وهي حديث النفس الذي يلقيه إبليس على بني آدم، والخناس كثير الخنس وهو الاختفاء؛ وذلك أن العبد إذا ذكر ربه خنس الشيطان هرب، قال مجاهد: "إذا ذُكِر الله خنس وانقبض، وإذا لم يذكر انبسط على القلب". وانظر إلى قوله:</span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"> {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(200) سورة الأعراف، </span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">شبه سبحانه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس الإنسانية بنزغ الإبرة ووخزها لخفائها وخفاء أثرها، وهو تشبيه بليغ إذ أن الإنسان لا يشعر بوسوسة إبليس. وقد علم إبليس ضعف ابن آدم حين رآه ذا جوف، وأنه يستطيع أن يجري منه مجرى الدم، وعلم ضعفه في قواه الثلاث: قوته العقلية، وقوته الغضبية، وقوته الشهوية، ويمكن إغواء كل إنسان من طرقها. والشيطان قد أهبطه الله إما معنى أو حساً، قال تعالى: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{فَاهْبِطْ مِنْهَا} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(13) سورة الأعراف.</span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فقوله: <span style="color: green">{</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فَاهْبِطْ مِنْهَا</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">معناها أن إبليس كان في مكان عال قبل المعصية، فلا يكون الهبوط إلا من مكان عال إلى مكان منخفض. وقد يكون معنوياً، وهو هبوط المكانة، فالإنسان مثلاً إذا كان رئيساً أو حاكماً، ثم أقصي عن مكانه، فقد هبطت منزلته. وأعطانا الله سبب هذا الهبوط بقوله:<span style="color: green">{</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">}</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">أي أن السبب هو أن إبليس قد ملأه الكبر والغرور. والله لا يحب المتكبرين. ولذلك قال له تبارك وتعالى:<span style="color: green"> {</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ</span></span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">}.</span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">ولا يظن أحد أن إبليس أوقع آدم وحواء في المعصية على مرحلة واحدة، بل سبق ذلك مراحل، فإبليس خدعهما أولاً ليقتربا من الشجرة، ثم زيّن لهما ثمارها وحلاوتها ولونها ورائحتها، ثم بعد ذلك أغراهما بالأكل! أي أن المعصية تمت على مراحل ولم تتم دفعة واحدة. لذلك لا بد لنا أن ننتبه أن الاقتراب من المعصية يوقعنا فيها. وانظر إلى قوله: </span><span style="color: green"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} </span></span><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">(22) سورة الأعراف، أي بمجرد التذوق، ولم يكرر آدم وحواء المعصية وأكلا من الشجرة مرات ومرات، ولم يكن هناك إصرار على تكرار المعصية، إنه بمجرّد التذوق ظهرت لهما عوراتهما فقاما بإخفائها أو مداراتها، بورق أشجار الجنة، ومعنى ذلك أنهما احتاجا إلٍى أكثر من ورقة ليداريا العورة. وهنا نرى عدل الله سبحانه وتعالى في أنه حذرهما أولاً من المخالفة، وأبلغهما بالجزاء أو العقاب، حتى يكون العقاب عدلاً وحقاً. ومداخل الشيطان إلى الإنسان: (النزغ، والهمز، والوسوسة، والمس) وكلها في القرآن الكريم. </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">والنجاة من الشيطان بالعمل بالكتاب والسنة، ودعوة الناس إلى ذلك. والحذر واليقظة الدائمة: سئل الحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة. والالتجاء إلى الله والاحتماء به، والاستعاذة بالله من هذا الشيطان الرجيم، والإكثار من قراءة القرآن الكريم، فله خاصية في طرده، وكلما أكثر العبد من التلاوة حصّن نفسه من الشيطان الرجيم. ومداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والدعاء، وشهود مجالس الخير والعلم، والبعد عن مجالس اللهو واللعب، والباطل والغفلة. نسأل الله تعالى أن يتفضل علينا برحمته. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 18px"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 18px"></span></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref1" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">1</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- تفسير الطبري - (ج 21 / ص 241)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref2" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">2</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- تفسير القرطبي - (ج 15 / ص 229)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref3" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">3</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- تفسير الألوسي - (ج 17 / ص 403)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref4" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">4</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- تفسير البحر المحيط - (ج 9 / ص 356)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref5" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">5</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 110)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref6" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">6</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- نظم الدرر للبقاعي - (ج 4 / ص 415)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref7" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">7</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- شفاء العليل جزء 1 - صفحة 223 </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref8" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">8</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- إغاثة اللهفان جزء 1 - صفحة 110 </span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref9" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">9</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">- صحيح البخاري - (ج 16 / ص 41 – 4706) وصحيح مسلم - (ج 13 / ص 284 - 4923)</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><a href="http://saaid.net/Minute/72.htm" target="_blank"><span style="font-size: 18px">http://saaid.net/Minute/72.htm</span></a></strong><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref10" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">10</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">بتصرف</span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><a href="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref11" target="_blank"><strong><span style="font-family: 'Times New Roman'"><span style="font-size: 18px">11</span></span></strong></a><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">المصدر: </span></span><a href="http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=114905" target="_blank"><span style="font-size: 18px">http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=114905</span></a><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-size: 18px">بتصرف.</span></span></strong></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="أم حذيفة, post: 51396, member: 1"] [CENTER][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#993300]فبعزتك لأغوينهم أجمعين[/COLOR][/SIZE][/FONT] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. أما بعد:[/SIZE][/FONT][/B] [B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]فإن عداوة الشيطان لبني آدم شديدة، وكيده لهم عظيم، وقد أخبر الله بذلك في القرآن الكريم في عدة آيات، فقال: [COLOR=green]{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [/COLOR](6) سورة فاطر، وهذا إعلان بعداوة الشيطان لبني آدم، وعلى العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها[COLOR=green]{فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[/COLOR]، وقال: [COLOR=green]{وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}[/COLOR] (168) سورة البقرة. وأخبر تعالى أنه قد أقسم بعزة الله على إضلال بني آدم فقال:[/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic] {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic] (82) سورة ص.[/FONT][FONT=Traditional Arabic] ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]فبعزتك[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) : أي بقدرتك وسلطانك وقهرك ما دونك من خلقك ([COLOR=green]لأغوينهم أجمعين[/COLOR]) والإغواء: هو الإهلاك والإضلال والإبعاد، كما في قوله تعالى: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](59) سورة مريم، [/FONT][FONT=Traditional Arabic]أي هلاكاً ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]إلا عبادك منهم المخلصين[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) أي :" إلا من أخلصته منهم لعبادتك، وعصمته من إضلالي، فلم تجعل لي عليه سبيلاً، فإني لا أقدر على إضلاله وإغوائه.. قال قتادة: "علم عدو الله أنه ليست له عزة"[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn1"][FONT=Times New Roman]1[/FONT][/URL]والضمير في: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لأغوينهم[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) لذرية آدم، وإن لم يجرِ لهم ذكر؛ للعلم بهم. قال القرطبي: "لما طرده بسبب آدم، حلف بعزة الله أنه يضل بني آدم بتزيين الشهوات، وإدخال الشبهة عليهم، فمعنى: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لأغوينهم[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) لأستدعينهم إلى المعاصي، وقد علم أنه لا يصل إلا إلى الوسوسة، ولا يفسد إلا من كان لا يصلح لو لم يوسوسه، ولهذا قال: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]إلا عبادك منهم المخلصين[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) أي الذي أخلصتهم لعبادتك، وعصمتهم مني"[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn2"][FONT=Times New Roman]2[/FONT][/URL]. أي المشرفين بالإضافة إليك، فهم لذلك لا يميلون عنك إلى شيء سواك، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]المخلِصين[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) بكسر اللام، والباقون: بفتح اللام. ومعنى القراءة الأولى: أنهم أخلصوا دينهم عن الشوائب؛ ومن فتح اللام، فمعناه: الذين أخلصهم الله بالهداية. وقال الألوسي: "أقسم بسلطان الله -عز وجل- وقهره، وهو كما يكون بالذات يكون بالصفة، فالباء للقسم على ما عليه الأكثرون، والفاء لترتيب مضمون الجملة على الإنظار، أي فأقسم بعزتك[COLOR=green]{[/COLOR][/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]أي أفراد هذا النوع بتزيين المعاصي لهم"[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn3"][FONT=Times New Roman]3[/FONT][/URL]. فأقسم إبليس هنا بعزة الله، وفي الأعراف: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]وفي الحجر: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]فهنا: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لأغوينهم[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) وفي الأعراف: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لأقعدن[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]) وفي الحجر: ([/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]لأزينن[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic])"[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn4"][FONT=Times New Roman]4[/FONT][/URL]. وقال ابن كثير: "وقد أقسم للوالد إنه لمن الناصحين، وكذب، فكيف معاملته لنا؟!"[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn5"][FONT=Times New Roman]5[/FONT][/URL][/FONT][/SIZE][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]"والتزيين: جعل الشيء متقبلاً في النفس من جهة الطبع والعقل بحق أو بباطل"[/SIZE][URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn6"][FONT=Times New Roman][SIZE=5]6[/SIZE][/FONT][/URL][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]والحكمة من خلق الشيطان إظهار قدرة الله على خلق المتضادات والمتقابلات حيث خلق الله إبليس وذاته من أخبث الذوات، وخلق جبريل وذاته من أفضل الذوات وأشرفها وأطهرها، فجعل الله الخبيث منحازاً إلى روح إبليس الخبيثة، وجعل الطيب منحازاً إلى المادة الطيبة، ولإكمال مراتب العبودية، وإظهار العبودية المتنوعة التي تحصل في مجاهدة إبليس وحزبه ومراغمته في الله، وإغاظته والاستعاذة بالله منه، وحصول العبرة لجميع العباد بما حصل لعدو الله إبليس من الإهانة والذل وسوء العاقبة، بسبب عصيانه أمر الله تعالى واستكباره على ربه، وبهذه العبرة يقوى الإيمان ويزداد لدى الملائكة والإنس والجن، ويعظم خوفهم من الله تعالى، وفي خلق إبليس تظهر آثار أسماء الله المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره على عباده وما ارتكبوه من ذنوب ومعاصي نتيجة إضلال الشيطان لهم وتغريره بهم. يقول ابن القيم " فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر؟ وعلى من يتوب؟ وعمن يعفو ويسقط حقه؟ ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه وهو واسع المغفرة، فكيف يعطل هذه الصفة؟ ...فلو لم يكن في تقدير الذنوب والمعاصي والمخالفات إلا هذا وحده لكفى به حكمة وغاية محمودة"[/SIZE][URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn7"][FONT=Times New Roman][SIZE=5]7[/SIZE][/FONT][/URL][SIZE=5].[/SIZE][/FONT][/B] [B][COLOR=#993300][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][/SIZE][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#993300][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]أساليب الشيطان في إغواء الإنسان:[/SIZE][/FONT][/COLOR][/B] [B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]1- التزيين والاستدراج خطوة خطوة: فهو لا يأمر بالشر، أو ينهى عن الخير مباشرة، ولكن يبدأ مع الإنسان من صغائر الأمور ثم ينتهي به في كبائرها، قال تعالى: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](النور: 21). وقال تعالى:[/FONT][FONT=Traditional Arabic] {[COLOR=green]يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ[/COLOR]} (168) سورة البقرة.[/FONT][/SIZE][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]2- التلبيس: الشيطان هنا يحاول خداع العقل فيحاول إقناعه بأن الذي يعتقد أنه حرام هو في الحقيقة حلال، فإذا أراد أن يأخذ قرضاً ربوياً ليبني به بيتاً، قال له الشيطان: هذا ليس حراماً، لأنك لا تريد أن تستغل الناس، إنما تريد أن تستر نفسك وأولادك، فما وجه الحرمة هنا. وهذا هو السبيل الذي كان الشيطان، ولا يزال، يسلكه لإضلال العباد، فهو يظهر الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، ولا يزال بالإنسان يحسن له الباطل، ويكرهه بالحق، حتى يندفع إلى فعل المنكرات، ويعرض عن الحق. يقول ابن القيم في هذا الصدد : "ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضره، حتى يخيل إليه أنّه أنفع الأشياء، وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيل له أنه يضره، فلا إله إلا الله، كم فتن بهذا السحر من إنسان؟! وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان؟! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة؟! وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة؟! وكم بهرج من الزيوف على الناقدين؟! وكم روج من الزغل على العارفين؟!)[/SIZE][URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn8"][FONT=Times New Roman][SIZE=5]8[/SIZE][/FONT][/URL][SIZE=5]فيدخل إلى النفس من الباب الذي تحبه وتهواه، ومن أعظم حبائل إبليس في هذا الباب النساء، قال -صلى الله عليه وسلم-: [COLOR=blue](ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn9"][COLOR=blue][FONT=Times New Roman]9[/FONT][/COLOR][/URL][/COLOR]وانظر إلى أولياء الشيطان اليوم كيف يستخدمون هذا السبيل في إضلال العباد.[/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]3- التسويف: وهنا يستخدم معه طول الأمل حتى يصرفه عن التوبة, إذا كان رآه مصمماً عليها، فيقول له: لا بأس أن تتوب، ولكن لماذا العجلة، أنت في ريعان الشباب، أكمل دراستك، ثم تزوج، فالزواج نصف الدين، وهو يعين على التوبة، ثم اضمن مستقبلك حتى يصرفه تماماً عن التوبة.[/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]4- تهوين المعصية: يأتي الإنسان فيقول له: لماذا تتوب؟ وماذا فعلت حتى تتوب؟ أنت بالنسبة لغيرك من خيار الناس، إنما التوبة لأصحاب المعاصي الكبيرة، وأنت لست منهم فيهون عليه المعصية. [/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]5- تصعيب الأمر على الإنسان بعد التوبة: يقول له: التوبة تحتاج إلى استقامة، والاستقامة شاقة على النفس، وتجلب عداء المنحرفين، أو لماذا تتوب وتُحمل نفسك، وتفقد أصدقاءك السابقين؟ ثم الناس لن يصدقوك أنك تبت، بل سيسخرون منك، وعلى هذا فقس. [/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]6- التيئيس: يأتي الإنسان فيقول له: إن الله لا يقبل توبة من كانت ذنوبه كثيرة، كذنوبك، كيف يقبل الله توبتك وأنت الذي فعلت كذا وكذا؟ ويذكره بكل معصية كان يفعلها". [/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]7- الغضب: تمرد شيطاني على عقل العاقل، وحالةٌ من الخروج عن جادة ذوي الرجاحة والأسوياء. رُوي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: بم غلبت ابن آدم؟ قال: عند الغضب وعند الهوى. وأغلظ رجل من قريش لعمر بن عبد العزيز القول، فأطرق عمر برهةً، ثم قال: أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان، فأنال منك اليوم ما تنال مني غداً!! [/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]8- الأماني وحصائد الغرور: فذلكم هو السلاح الشيطاني المضَّاء[COLOR=green]{يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً } [/COLOR]النساء:120[COLOR=black].[/COLOR][COLOR=green][/COLOR]يعدهم هذا الغرَّار بحسب طبائعهم، يجرهم إلى حبائله بحسب ميولهم ومشتهياتهم. يخوِّف الأغنياء بالفقر، إذا هم تصدقوا وأحسنوا. كما يزين لهم الغنى وألوان الثراء بالأسباب المحرمة والوسائل القذرة. [/SIZE][/FONT][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]9- الخروج عن الوسط ومجاوزة حد الاعتدال إلى الإفراط أو التفريط، ولا يبالي إبليس بأيهما ظفر، وهو منهج إبليسي، ومسلك شيطاني، يقول ابن القيم في هذا المسألة: " وما أمر الله -عز وجل- بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فإنه يأتي إلى قلب العبد فيشمه، فإن وجد فيه فتوراً وتوانياً وترخيصاً أخذه من هذه الخطة، فثبطه وأقعده، وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء، وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة. وإن وجد عنده حذراً وجداً وتشميراً ونهضة، وآيس أن يأخذه من هذا الباب، أمره بالاجتهاد الزائد، وسول له أن هذا لا يكفيك، وهمتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وأن لا ترقد إذا رقدوا، وأن لا تفطر إذا أفطروا، وأن لا تفتر إذا فتروا، وإذا غسل أحدهم يده ووجهه ثلاث مرات، فاغسل أنت سبعاً، وإذا توضأ أحدهم للصلاة، فاغتسل أنت لها، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي، فيحمله على الغلو والمجاوزة، وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمِلُ الأول على التقصير دونه وألا يقربه. ومقصوده من الرجلين إخراجهما عن الصراط المستقيم: هذا بألا يقربه ولا يدنو منه، وهذا بأن يجاوزه ويتعداه، وقد فتن بهذا أكثر الخلق ، ولا ينجي من ذلك إلا علم راسخ، وإيمان وقوة على محاربته، ولوزوم الوسط. والله المستعان". وإن حبائل الشيطان بين هذين الواديين تحبك وتحاك. غلا قومٌ في الأنبياء وأتباعهم حتى عبدوهم، وقصَّر آخرون حتى قتلوهم، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، وطوائف غلوا في الشيوخ وأهل الصلاح، وآخرون جفوهم وأعرضوا عنهم. وهو يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها"[/SIZE][URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn10"][FONT=Times New Roman][SIZE=5]10[/SIZE][/FONT][/URL][/FONT][/B] [B][SIZE=5][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]ولا يكتفي الشيطان بإضلال العباد فحسب بل يتبع إضلاله تزينناً لباطله، فلا يدع ضحاياه فريسة لتأنيب الضمير، وأسرى لتقريع المواعظ، وإنما يحاول أن يبقيهم في سلام داخلي مع أنفسهم بأن يزين لهم أعمالهم، فلا يشعروا بأي نفور عنها، أو أنها مخالفة للفطر والعقول، قال تعالى:[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic](43) سورة الأنعام[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]،[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]ويأتي هذا التزيين على شكل مبررات يسوقها الشيطان لضحاياه لتبرير أفعالهم؛ فالذي يزني ويأتي الفواحش يزين له أنه يمارس حريته الشخصية، والذي يسرق ويختلس يزين له أنه يستعين بذلك على تكاليف الحياة، والذي يمارس الدكتاتورية والقهر يزين له أنه يحافظ على وحدة الشعب وتماسكه من الدعوات الطائفية والعرقية، وهكذا دواليك. ومن العجيب أن أسلحة الشيطان في ذلك لا تخرج عن التأثير النفسي، وهو ما سماه الله بالوسوسة، وهي حديث النفس والكلام الخفي الذي لا يُسمع، وقد مكنه الله من مخاطبة النفس والإيحاء إليها، قال تعالى: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](1-6) سورة الناس، [/FONT][FONT=Traditional Arabic]فالوسوسة هي سلاح إبليس الأمضى، وما أخرج آدم -عليه السلام- من الجنة إلا وسوسة إبليس، قال تعالى: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](120) سورة طـه، [/FONT][FONT=Traditional Arabic]فقوله تعالى: [COLOR=green]{فوسوس} [/COLOR]تدل على أن الحديث دار همساً بصوت خافت، والوسوسة هي إغواء الشيطان، وهي إغراء بارتكاب الشر، والذي يتحدث ويأمر بالخير لا يهمه أن يكون حديثه بصوت عال، ولكن الحديث في الشر والغواية لا يتم إلا همساً بصوت خافت. والوسوسة باللغة العربية: هي صوت رنين الذهب والحلي، وهو صوت يجذب الناس ويغريهم ويلفت نظرهم، والوسوسة لا بد أن يكون فيها إغراء، لأنك إذا أردت أن تخرج الناس عن منهج الله لا بد أن تغريهم بمتعة دنيوية سيفوزون بها. ورغم افتقاد إبليس للسلاح المادي في الإضلال إلا أنه قد أغوى أكثر الخلق -والعياذ بالله- يساعده في ذلك موافقة أهواء النفس وشهواتها لما يدعو إليه، فيجتمع على العبد نفسه وشيطانه فلا يقف أمامهما إلا خالص المؤمنين. هذا مع أن الله قد أخبر أن [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](76) سورة النساء[/FONT][FONT=Traditional Arabic]، إلا أن ضعف النفس البشرية أمام المغريات قد أعطى لضعف الشيطان قوة.[URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftn11"][FONT=Times New Roman]11[/FONT][/URL][/FONT][/SIZE][/B] [B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وقد وصف اللهُ الشيطانَ بوصفين متقابلين هما [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]فالوسواس من الوسوسة وهي حديث النفس الذي يلقيه إبليس على بني آدم، والخناس كثير الخنس وهو الاختفاء؛ وذلك أن العبد إذا ذكر ربه خنس الشيطان هرب، قال مجاهد: "إذا ذُكِر الله خنس وانقبض، وإذا لم يذكر انبسط على القلب". وانظر إلى قوله:[/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic] {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](200) سورة الأعراف، [/FONT][FONT=Traditional Arabic]شبه سبحانه حدوث الوسوسة الشيطانية في النفس الإنسانية بنزغ الإبرة ووخزها لخفائها وخفاء أثرها، وهو تشبيه بليغ إذ أن الإنسان لا يشعر بوسوسة إبليس. وقد علم إبليس ضعف ابن آدم حين رآه ذا جوف، وأنه يستطيع أن يجري منه مجرى الدم، وعلم ضعفه في قواه الثلاث: قوته العقلية، وقوته الغضبية، وقوته الشهوية، ويمكن إغواء كل إنسان من طرقها. والشيطان قد أهبطه الله إما معنى أو حساً، قال تعالى: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{فَاهْبِطْ مِنْهَا} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](13) سورة الأعراف.[/FONT][FONT=Traditional Arabic]فقوله: [COLOR=green]{[/COLOR][/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]فَاهْبِطْ مِنْهَا[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]معناها أن إبليس كان في مكان عال قبل المعصية، فلا يكون الهبوط إلا من مكان عال إلى مكان منخفض. وقد يكون معنوياً، وهو هبوط المكانة، فالإنسان مثلاً إذا كان رئيساً أو حاكماً، ثم أقصي عن مكانه، فقد هبطت منزلته. وأعطانا الله سبب هذا الهبوط بقوله:[COLOR=green]{[/COLOR][/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]}[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]أي أن السبب هو أن إبليس قد ملأه الكبر والغرور. والله لا يحب المتكبرين. ولذلك قال له تبارك وتعالى:[COLOR=green] {[/COLOR][/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ[/FONT][/COLOR][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]}.[/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic]ولا يظن أحد أن إبليس أوقع آدم وحواء في المعصية على مرحلة واحدة، بل سبق ذلك مراحل، فإبليس خدعهما أولاً ليقتربا من الشجرة، ثم زيّن لهما ثمارها وحلاوتها ولونها ورائحتها، ثم بعد ذلك أغراهما بالأكل! أي أن المعصية تمت على مراحل ولم تتم دفعة واحدة. لذلك لا بد لنا أن ننتبه أن الاقتراب من المعصية يوقعنا فيها. وانظر إلى قوله: [/FONT][COLOR=green][FONT=Traditional Arabic]{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} [/FONT][/COLOR][FONT=Traditional Arabic](22) سورة الأعراف،[COLOR=green] [/COLOR]أي بمجرد التذوق، ولم يكرر آدم وحواء المعصية وأكلا من الشجرة مرات ومرات، ولم يكن هناك إصرار على تكرار المعصية، إنه بمجرّد التذوق ظهرت لهما عوراتهما فقاما بإخفائها أو مداراتها، بورق أشجار الجنة، ومعنى ذلك أنهما احتاجا إلٍى أكثر من ورقة ليداريا العورة. وهنا نرى عدل الله سبحانه وتعالى في أنه حذرهما أولاً من المخالفة، وأبلغهما بالجزاء أو العقاب، حتى يكون العقاب عدلاً وحقاً. ومداخل الشيطان إلى الإنسان: (النزغ، والهمز، والوسوسة، والمس) وكلها في القرآن الكريم. [/FONT][/SIZE][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]والنجاة من الشيطان بالعمل بالكتاب والسنة، ودعوة الناس إلى ذلك. والحذر واليقظة الدائمة: سئل الحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة. والالتجاء إلى الله والاحتماء به، والاستعاذة بالله من هذا الشيطان الرجيم، والإكثار من قراءة القرآن الكريم، فله خاصية في طرده، وكلما أكثر العبد من التلاوة حصّن نفسه من الشيطان الرجيم. ومداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار والدعاء، وشهود مجالس الخير والعلم، والبعد عن مجالس اللهو واللعب، والباطل والغفلة. نسأل الله تعالى أن يتفضل علينا برحمته. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.[/SIZE][/FONT][/B] [SIZE=5] [/SIZE] [SIZE=5][/SIZE] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref1"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]1[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- تفسير الطبري - (ج 21 / ص 241)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref2"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]2[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- تفسير القرطبي - (ج 15 / ص 229)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref3"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]3[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- تفسير الألوسي - (ج 17 / ص 403)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref4"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]4[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- تفسير البحر المحيط - (ج 9 / ص 356)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref5"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]5[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- تفسير ابن كثير - (ج 1 / ص 110)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref6"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]6[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- نظم الدرر للبقاعي - (ج 4 / ص 415)[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref7"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]7[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- شفاء العليل جزء 1 - صفحة 223 [/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref8"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]8[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- إغاثة اللهفان جزء 1 - صفحة 110 [/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref9"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]9[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]- صحيح البخاري - (ج 16 / ص 41 – 4706) وصحيح مسلم - (ج 13 / ص 284 - 4923)[/SIZE][/FONT][/B] [B][URL="http://saaid.net/Minute/72.htm"][SIZE=5]http://saaid.net/Minute/72.htm[/SIZE][/URL][/B][URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref10"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]10[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]بتصرف[/SIZE][/FONT][/B] [URL="http://www.alimam.ws/ref/682#_ftnref11"][B][FONT=Times New Roman][SIZE=5]11[/SIZE][/FONT][/B][/URL][B][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]المصدر: [/SIZE][/FONT][URL="http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=114905"][SIZE=5]http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=114905[/SIZE][/URL][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5]بتصرف.[/SIZE][/FONT][/B][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم العلـــوم الشرعيـــه
ركـن الآداب الشرعيـــه و الرقـائـــق
فبعزتك لأغوينهم أجمعين