في الذكر أكثر من مائة فائدة

طباعة الموضوع

طالب الماهر

مدير عام
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
946
النقاط
16
الإقامة
غرف الماهر الصوتية
الموقع الالكتروني
www.qoranona.com
احفظ من كتاب الله
.
احب القراءة برواية
ورش عن نافع من طريق الأزرق
القارئ المفضل
المنشاوي - الحصري
الجنس
أخ
بسم الله الرحمان الرحيم


قال ابنُ قَـيِّـمِ الجوزية – رحمه الله – : وفي الذكر أكثر من مائة فائدة :

إحداها : أنه يطرد الشيطان ، ويقمعه ، ويكسره .

الثانية : أنه يرضي الرحمن - عز وجل - .

الثالثة : أنه يزيل الهم والغم عن القلب .

الرابعة : أنه يجلب للقلب : الفرح ، والسرور ، والبسط .

الخامسة : أنه يقوى القلب والبدن .

السادسة : أنه ينور الوجه والقلب .

السابعة : أنه يجلب الرزق .

الثامنة : أنه يكسو الذاكر : المهابةَ ، والحلاوةَ ، والنضرةَ .

التاسعة : أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام ، وقطب رحى الدين ، ومدار السعادة والنجاة ، وقد جعل الله لكل شيء سببا ، وجعل سبب المحبة دوام الذكر ؛ فمن أراد أن ينال محبة الله - عز وجل - ؛ فليلهج بذكره ، فإنه الدرس والمذاكرة كما أنه باب العلم ، فالذكر باب المحبة وشارعها الأعظم ، وصراطها الأقوم .

العاشرة : أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان ، فيعبد الله كأنه يراه ، ولا سبيل للغافل عن الذكر إلى مقام الإحسان ، كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت .

الحادية عشرة : أنه يورثه الإنابة ، وهي الرجوع إلى الله - عز وجل - ، فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره = أورثه ذلك رجوعَه بقلبه إليه في كل أحواله ، فيبقى الله - عز وجل - مفزعه ، وملجأه ، وملاذه ، ومعاذه ، وقبلة قلبه ، ومهربه عند النوازل والبلايا .

الثانية عشرة : أنه يورثه القربَ منه ، فعلى قدر ذكره لله - عز وجل - يكون قربه منه ، وعلى قدر غفلته يكون بعده منه .

الثالثة عشرة : أنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة ، وكلما أكثر من الذكر ازداد من المعرفة .

الرابعة عشرة : أنه يورثه الهيبةَ لربه - عز وجل – وإجلاله ؛ لشدة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله – تعالى - ، بخلاف الغافل ، فإن حجاب الهيبة رقيق في قلبه .

الخامسة عشرة : أنه يورثه ذكر الله - تعالى - له كما قال تعالى : ( فاذكروني أذكركم ) ، ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا . وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه - تبارك وتعالى - : " من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " .

السادسة عشرة : أنه يورث حياةَ القلب ، وسمعت شيخَ الاسلام ابن تيمية - قدس الله تعالى روحه – يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ؟ .

السابعة عشرة : أنه قوت القلب والروح ، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته ، وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية - مرة - صلى الفجر ثم جلس يذكر الله - تعالى - إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم التفت إلي وقال : هذه غدوتي ، ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي ، أو كلاماً قريباً من هذا .
وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها ؛ لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر ، أو كلاماً هذا معناه .

الثامنة عشرة : أنه يورث جلاء القلب من صداه ، كما تقدم في الحديث ، وكل صدأ ، وصدأ القلب : الغفلةُ والهوى ، وجلاؤه الذكر ، والتوبة ، والاستغفار ، وقد تقدم هذا المعنى.

التاسعة عشرة : أنه يحط الخطايا ويذهبها ، فإنه من أعظم الحسنات ، والحسنات يذهبن السيئات .

العشرون : أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه - تبارك وتعالى - ، فإن الغافل بينه وبين الله - عز وجل - وحشة لا تزول إلا بالذكر .

الحادية والعشرون : أن ما يذكر به العبد ربه - عز وجل - من جلاله وتسبيحه وتحميده يذكر بصاحبه عند الشدة .

الثانية والعشرون : أن العبد إذا تعرف إلى الله – تعالى - بذكره في الرخاء عرفه في الشده ، وقد جاء أثر معناه أن العبد المطيع الذاكر لله - تعالى - إذا أصابته شدة ، أو سأل الله - تعالى - حاجة قالت الملائكة : يا رب ! صوت معروف ، من عبد معروف ، والغافل المعرض عن الله - عز وجل - إذا دعاه وسأله قالت الملائكة : يا رب ! صوت منكر ، من عبد منكر .

الثالثة والعشرون : أنه ينجي من عذاب الله – تعالى - .

الرابعة والعشرون : أنه سبب تنزيل السكينة ، وغشيان الرحمة ، وحفوف الملائكة بالذاكر كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - .

الخامسة والعشرون : أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة ، والنميمة ، والكذب ، والفحش ، والباطل ، فإن العبد لا بد له من أن يتكلم ، فإن لم يتكلم بذكر الله - تعالى - وذكر أوامره تكلم بهذه المحرمات ، أو بعضها ، ولا سبيل الى السلامة منها البتة إلا بذكر الله - تعالى - ، والمشاهدة والتجربة شاهدان بذلك ، فمن عود لسانه ذكر الله = صان لسانه عن الباطل واللغو ، ومن يبس لسانه عن ذكر الله - تعالى - ترطب بكل باطل ، ولغو ، وفحش ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

السادسة والعشرون : أن مجالس الذكر مجالس الملائكة ، ومجالس اللغو والغفلة ومجالس الشياطين ؛ فليتخير العبد أعجبهما إليه ، وأولاهما به ، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة .

السابعة والعشرون : أنه يسعد الذاكر بذكره ويسعد به جليسه ، وهذا هو المبارك أين ما كان ، والغافل واللاغي يشقى بلغوه ، وغفلته ، ويشقى به مجالسه .

الثامنة والعشرون : أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة ، فإن كل مجلس لا يذكر العبد فيه ربه - تعالى - كان عليه حسرة وترة يوم القيامة .

التاسعة والعشرون : أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه ، والناس في حر الشمس قد صهرتهم في الموقف ، وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن - عز وجل - .

الثلاثون : أن الاشتعال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين .

الحادية والثلاثون : أنه أيسر العبادات ، وهو من أجلها وأفضلها ، فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها ، ولو تحرك عضو من الانسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة ، بل لا يمكنه ذلك .

الثانية والثلاثون : أنه غراس الجنة .

الثالثة والثلاثون : أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال .

الرابعة والثلاثون : أن دوام ذكر الرب - تبارك وتعالى - يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده ، فإن نسيان الرب - سبحانه وتعالى - يوجب نسيان نفسه ومصالحها .

الخامسة والثلاثون : أن الذكر يسير العبد هو في فراشه ، وفي سوقه ، وفي حال صحته وسقمه ، وفي حال نعيمه ولذته ، وليس شيء يعم الأوقات والأحوال مثله ، حتى يسير العبد وهو نائم على فراشه ، فيسبق القائم مع الغفلة ، فيصبح هذا وقد قطع الركب وهو مستلق على فراشه ، ويصبح ذلك الغافل في ساقة الركب ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

السادسة والثلاثون : أن الذكر نور للذاكر في الدنيا ، ونور له في قبره ، ونور له في معاده يسعى بين يديه على الصراط ، فما استنارت القلوب والقبور بمثل ذكر الله – تعالى - ، قال الله تعالى : ( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) ، فالأول هو المؤمن استنار بالايمان بالله ومحبته ومعرفته وذكره ، والآخر هو الغافل عن الله - تعالى - المعرض عن ذكره ومحبته ، والشأن كل الشأن والفلاح كل الفلاح في النور ، والشقاء كل الشقاء في فواته .

السابعة والثلاثون : أن الذكر رأس الأصول ، وطريق عامة الطائفة ومنشور الولاية : فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله - عز وجل - ، فليتطهر وليدخل على ربه - عز وجل - يجد عنده كل ما يريد ، فإن وجد ربه - عز وجل - وجد كل شيء ، وإن فاته ربه - عز وجل - فاته كل شيء .

الثامنة والثلاثون : في القلب خلة وفاقه لا يسدها شيء البته إلا ذكر الله - عز وجل - ، فإذا صار شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له ، فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ويفني الفاقه ، فيكون صاحبه غنيا بلا مال ، عزيزا بلا عشيرة ، مهيبا بلا سلطان ، فإذا كان غافلا عن ذكر الله - عز وجل - فهو بضد ذلك فقير مع كثرة جدته ، ذليل مع سلطانه ، حقير مع كثرة عشيرته .

التاسعة والثلاثون : أن الذكر يجمع المتفرق ويفرق المجتمع ، ويقرب البعيد ويبعد القريب ، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه ، والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له ، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته .

الأربعون : أن الذكر ينبه القلب من نومه ، ويوقظه من سنته ، والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والمتاجر وكان الغالب عليه الخسران ، فإذا استيقظ وعلم ما فاته في نومته شد المئزر وأحيا بقية عمره واستدرك ما فاته ، ولا تحصل يقظته إلا بالذكر ، فإن الغفلة نوم ثقيل .

الحادية والأربعون : أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون ، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر ، وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها كان أعظم لثمرتها ، فالذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد ، وهو أصل كل مقام وقاعدته التي ينبي ذلك المقام عليها ، كما يبني الحائط على رأسه وكما يقوم السقف على حائطه ، وذلك أن العبد أن لم يستيقظ لم يمكنه قطع منازل السير ، ولا يستيقط إلا بالذكر - كما تقدم - ، فالغفلة نوم القلب أو موته .

الثانية والأربعون : أن الذكر قريب من مذكوره ، ومذكوره معه ، وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة ، فهي معية بالقرب والولاية والمحبة النصرة والتوفيق ، كقوله تعالى : ( إن الله مع الذين اتقوا ) ، ( والله مع الصابرين ) ، ( وإن الله لمع المحسنين ) ، ( لا تحزن إن الله معنا ) ، وللذاكر من هذه المعية نصيب وافر .

الثالثة والأربعون : أن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الأموال والحمل على الخيل في سبيل الله - عز وجل - ، ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله - عز وجل - .

الرابعة والأربعون : أن الذكر رأس الشكر ، فما شكر الله - تعالى - من لم يذكره .

الخامسة والأربعون : أن أكرم الخلق على الله – تعالى - من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره ، فإنه اتقاه في أمره ونهيه وجعل ذكره شعاره ؛ فالتقوى أوجبت له دخول الجنة والنجاة من النار ، وهذا هو الثواب والأجر ، والذكر يوجب له القرب من الله - عز وجل - والزلفى لديه ، وهذه هي المنزلة .

السادسة والأربعون : أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله – تعالى - ، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله – تعالى - ، وذكر حماد بن زيد عن المعلى ابن زياد أن رجلا قال للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة قلبي .قال : أذبه بالذكر .
وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة ، اشتدت به القسوة ، فإذا ذكر الله - تعالى - ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار ، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله - عز وجل - .

السابعة والأربعون : أن الذكر شفاء القلب ودواؤه ، والغفلة مرضه ، فالقلوب مريضة وشفاؤها دواؤها في ذكر الله – تعالى - .
قال مكحول : ذكر الله تعالى شفاء ، وذكر الناس داء .

الثامنة والأربعون : أن الذكر أصل موالاة الله - عز وجل – ورأسها ، والغفلة أصل معاداته ورأسها ، فإن العبد لا يزال يذكر ربه - عز وجل - حتى يحبه فيواليه ، ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه .

التاسعة والأربعون : أنه ما استجلبت نعم الله - عز وجل - واستدفعت نقمة بمثل ذكر الله - تعالى - ، فالذكر جلاب للنعم ، دافع للنقم .

الخمسون : أن الذكر يوجب صلاة الله - عز وجل - وملائكته على الذاكر ، ومن صلى الله - تعالى - عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح ، وفاز كل الفوز .

الحادية والخمسون : أن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا ؛ فليستوطن مجالس الذكر ، فإنها رياض الجنة .

الثانية والخمسون : أن مجالس الذكر مجالس ملائكة ، فليس من مجالس الدنيا لهم مجلس إلا مجلس يذكر الله - تعالى - فيه .

الثالثة والخمسون : أن الله - عز وجل - يباهي بالذاكرين ملائكته .

الرابعة والخمسون : أن مدمن الذكر يدخل الجنة وهو يضحك .

الخامسة والخمسون : إن جميع الأعمال إنما شرعت إقامة لذكر الله – تعالى - ، والمقصود بها تحصيل ذكر الله – تعالى -، قال سبحانه وتعالى : ( وأقم الصلاة لذكري ) .

السادسة والخمسون : أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكرا لله - عز وجل - ، فأفضل الصوام أكثرهم ذكرا لله - عز وجل - في صومهم ، وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله - عز وجل - ، وأفضل الحاج أكثرهم ذكرا لله - عز وجل - ، وهكذا سائر الأحوال .

السابعة والخمسون : أن إدامته تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية، أو مالية كحج التطوع .

الثامنة والخمسون : أن ذكر الله - عز وجل - من أكبر العون على طاعته ، فإنه يحببها إلى العبد ، ويسهلها عليه ، ويلذذها له ويجعل قرة عينه فيها، ونعيمه وسروره بها بحيث لا يجد لها من الكلفة والمشقة والثقل ما يجد الغافل ، والتجربة شاهدة بذلك .

التاسعة والخمسون : أن ذكر الله - عز وجل - يسهل الصعب ، وييسر العسير ويخفف المشاق ، فما ذكر الله - عز وجل - على صعب إلا هان ، ولا على عسير إلا تيسر ، ولا مشقة إلا خفت ، ولا شدة إلا زالت ، ولا كربة إلا انفرجت ، فذكر الله - تعالى - هو الفرج بعد الشدة ، واليسر بعد العسر ، والفرج بعد الغم والهم .

الستون : أن ذكر الله -عز وجل - يذهب عن القلب مخاوفه كلها ، وله تأثير عجيب في حصول الأمن ، فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله - عز وجل - ، إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه ، حتى كأن المخاوف التي يجدها أمان له ، والغافل خائف مع أمنه حتى كأن ما هو فيه من الأمن كله مخاوف ، ومن له أدنى حس قد جرب هذا وهذا ، والله المستعان .

الحادية والستون : أن الذكر يعطي الذاكر قوة ، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه ، وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرا عجيبا ، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعه وأكثر ، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمرا عظيما ، وقد علم النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته فاطمة وعليا - رضي الله عنهما - أن يسبحا كل ليلة إذا أخذوا مضاجعهما ثلاثا وثلاثين ، ويحمدا ثلاثا وثلاثين ، ويكبرا أربعا وثلاثين ؛ لما سألته الخادم وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة ، فعلمها ذلك وقال : إنه خير لكما من خادم .
فقيل : إن من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنيه عن خادم .

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - يذكر أثرا في هذا الباب ويقول : إن الملائكة لما أمروا بحمل العرش قالوا : يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك ؟ فقال : قولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فلما قالوا حملوه .

الثانية والستون : أن عمال الآخرة كلهم في مضمار السباق ، والذاكرون هم أسبقهم في ذلك المضمار ، ولكن القترة والغبار يمنع من رؤية سبقهم ، فإذا انجلى الغبار وانكشف رآهم الناس وقد حازوا قصب السبق .

الثالثة والستون : أن الذكر سبب لتصديق الرب - عز وجل - عبده، فإنه أخبر عن الله - تعالى - بأوصاف كماله ونعوت جلاله ، فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه ، ومن صدقه الله – تعالى - لم يحشر مع الكاذبين ، ورجي له أن يحشر مع الصادقين .

الرابعة والستون : أن دور الجنة تبنى بالذكر ، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء .

الخامسة والستون : إن الذكر سد بين العبد وبين جهنم ، فإذا كانت له إلى جهنم طريق من عمل من الأعمال كان الذكر سدا في تلك الطريق ، فإذا كان ذكرا دائما كاملا كان سدا محكما لا منفذ فيه ، وإلا فبحسبه .

السادسة والستون : أن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب .

السابعة والستون : أن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر الله - عز وجل - عليها.

الثامنة والستون : أن كثرة ذكر الله - عز وجل - أمان من النفاق ، فإن المنافقين قليلو الذكر لله - عز وجل - ، قال الله - عز وجل - في المنافقين : ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) .

التاسعة والستون : أن للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء ، فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر والنعيم الذي يحصل لقلبه ؛ لكفى به ؛ ولهذا سميت مجالس الذكر " رياض الجنة " .

السبعون : أن نه يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونورا في الآخرة ، فالذاكرون أنضر الناس وجوها في الدنيا وأنورهم في الآخرة .

الحادية والسبعون : أن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيرا لشهود العبد يوم القيامة ، فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة .

الثانية والسبعون : أن في الاشتغال بالذكر اشتغالا عن الكلام الباطل من الغيبة واللغو ومدح الناس وذمهم وغير ذلك ، فإن الإنسان لا يسكت البتة : فإما لسان ذاكر ، وإما لسان لاغ ، ولا بد من أحدهما ، فهي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ، وهو القلب إن لم تسكنه محبة الله - عز وجل - سكنه محبة المخلوقين ولا بد ، وهو اللسان إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو وما هو عليك ولا بد ، فاختر لنفسك إحدى الخطتين ، وأنزلهها في إحدى المنزلتين .

الثالثة والسبعون : وهي التي بدأنا بذكرها وأشرنا إليها فنذكرها ههنا مبسوطة لعظيم الفائدة بها ، وحاجة كل أحد بل ضرورته إليها ، وهي أن الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظا وأحاطوا به ؟ ، وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشر والأذى ، ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله - عز وجل - .

الرابعة والسبعون : أنه يجعل الدعاء مستجابا .

انتهى كلامه – رحمه الله – باختصار – مني - من كتابه الماتع النافع ( الوابل الصيب من الكلم الطيب ) ، انظر الفوائد بمزيد من التفصيل في ص (61) ومابعدها من طبعة محمد عوض ، أو ص (94) ومابعدها من طبعة الشيخ سليم الهلالي ، أو ص (84) ومابعدها من طبعة محمد بشير عيون ، أو ص (69) ومابعدها من طبعة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط – رحمه الله - ، أو ص (41) ومابعدها من طبعة سيد إبراهيم ، أو ص (94) ومابعدها من طبعة عبد الرحمن بن حسن بن قائد .

تنبيه : في بعض طبعات هذا الكتاب يوجد تحريف وسقط ؛ فليتنبه لذلك .



والله الموفق



يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
طرح رائع جدا ,,,
بارك ربي سبحانه فيكم ونفع بكم

وجزاكم كل الخير جل وعلا وأحسن إليكم
 
أعلى