الشيخ عاطف الفيومي
شيخ فاضل
- إنضم
- 4 يناير 2012
- المشاركات
- 587
- النقاط
- 18
- الإقامة
- الفيوم
- الموقع الالكتروني
- www.alfayyumy.com
- احفظ من كتاب الله
- كاملا بحمد الله
- احب القراءة برواية
- عاصم
- القارئ المفضل
- المنشاوي
- الجنس
- أخ
إفشاء السلام من شعائر الإسلام
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -، وبعد:
فإن إفشاء السلام معلم شرعي من شرائع الإسلام، ورابط إيماني من روابط الإيمان، وواجب اجتماعي من حقوق المسلمين على بعضهم، وفيه من الخير والحسنات ما جعله الشرع طريقًا إلى رضوان الله وجنته، وقد دلت على ذلك كثير من نصوص الوحيين الكتاب والسنة،كما أن إفشاء السلام من آداب الطريق الجلية التي تربط المسلم بأخيه المسلم، وتصير الناس كأنهم أمة واحدة يعرف بعضهم بعضاً ويحب بعضهم بعضاً.
وهنا أمور مهمة في باب إفشاء السلام لا بد من الإشارة إليها:
أولًا: الأمر بإفشاء السلام وبيان فضله:
لقد أمر الله تعالى في كتابه بإفشاء السلام، وحث عليه، ورغب فيه، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدخُلُوا بُيُوتاً غيرَ بُيُوتِكُم حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِهَا" [النور: 27]. وقال تعالى: "فإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً" [النور: 61]. وقال تعالى: "وَإذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنها أَوْ رُدُّوها" [النساء: 86]. وقال تعالى: "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهيمَ المُكَرَمِينَ، إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فقالوا: سَلاماً، قال: سَلامٌ" [الذاريات: 24، 25].
كما جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – إفشاء السلام من علامات الخيرية في إسلام العبد، كما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلاً سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أي الإسلام خيرٌ؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف". متفقٌ عليه.
كما جعل إفشاء السلام حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم إذا لقيه، كما جاء عن عن أبي عمارة البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم. متفق عليه
كما أن إفشاء السلام طريق للمحبة والتآلف بين أفراد المجتمع المسلم، ونزع العداوات من القلوب، وعلامة على صحة إيمانه وتماسكه، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم". رواه مسلم.
كما أن إفشاء السلام من أقرب الطرق الموصلة إلى جنة الله تعالى في الآخرة ورضوانه، كما جاء في الحديث عن عبد الله بن سلامٍ - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيامٌ، تدخلوا الجنة بسلامٍ". رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
كما أن إفشاء السلام فيه غيظ لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وتعظيم لشعائر الإسلام بإظهارها، كما في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حسدتكم اليهود على شيء؛ ما حسدتكم على السلام والتأمين". رواه ابن ماجه بإسناد صحيح وابن خزيمة وأحمد.
فالسلام إذًا شعيرة جليلة، نسارع إليها، ونلهج بها في شوارعنا وطرقاتنا، وكيف لا والله تعالى سمى نفسه السلام كما قال تعالى: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ" [الحشر: 23].
وكيف لا والجنة هي دار السلام كما قال تعالى: "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأنعام: 127].
وكيف لا وتحية الله لأوليائه في الآخرة هي السلام كما قال تعالى: "تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا" [الأحزاب: 44].
وكيف لا وتحية أهل الجنة والملائكة فيها هي السلام كما قال تعالى: "دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" [يونس: 10]."وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" [الرعد:: 24،23].
وكيف لا والملائكة الكرام تتلقى المتقين عند الموت بالسلام كما قال تعالى: "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [النحل: 32].
ولهذا من الواجب على المجتمع المسلم وأفراده المحافظة على إحياء هذه الشعيرة في النفوس، وتذكير الناس بها، حتى لا تندثر من أخلاق المسلمين وشوارعهم.
ثانيًا: كيفية السلام وآدابه:
وقد شرع الإسلام لشعيرة إفشاء السلام صيغة معينة، وآدابًا جليلة، فمن ذلك:
أن تحية الإسلام هي السلام، بأن يقول المسلم للمسلم إذا لقيه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، ورتب عليها الأجر والثواب الحسن عند الله تعالى، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "يستحب أن يقول المبتديء بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيأتي بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحداً، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم".
ود دل على ذلك ما جاء عن عمران بن الحصين - رضي الله عنهما - قال: جاء رجلٌ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عشرٌ" ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: "عشرون" ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: "ثلاثون". رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
وعن أبي جري الهجيمي - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقلت: عليك السلام يا رسول الله. قال: "لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى". رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
فهذه التحية جاء بها الإسلام تفرداً وتميزاً عن تحايا الجاهلية التي كان العرب يستعملونها، فيقولون: عم صباحاً أو عم مساء أو صباح الخير ومساء الخير وما أشبه ذلك، ولا يزال عند بعض الناس شيئاً منها إلى اليوم، أو تقليداً لغير المسلمين من الغرب أو الشرق، ويتكلمون بغير لغة العرب ولغة المسلمين، ولهذا لا ينبغي أن نستبدلها بغيرها لأنها من الله السلام ،وهي تحية الأنبياء والمرسلين، كما أنها تحية أهل الجنة في يوم يفوزون فيه بالنعيم المقيم، فيكف نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ونسير في ركب التقليد الأعمى بلا علم ولا هدىً ولا بصيرة.
ومن آدابه كذلك: ألا نقصر فيها لأننا نرى بعض إخواننا لا يلقون السلام إلا معرفة فحسب فإن عرف الرجل ألقى عليه السلام، وإلا فلا يسلم عليه، وهذا عيب وخلل في المجتمع المسلم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن نسلم على من نعرف ومن لا نعرف من المسلمين، لكن لا نسلم على أهل الكتاب ولا نبدأ بذلك معهم، لأنه خلاف النهي عن السلام على أهل الكتاب الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبدؤوا أهل الكتاب بالسلام"، ولأن للمسلم من الحق ما ليس لغيره.
ومن آدابه كذلك: ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال: "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير" متفقٌ عليه. وفي روايةٍ للبخاري: والصغير على الكبير.
ومن آدابه كذلك: ما رواه الترمذي عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان، أيهما يبدأ بالسلام ؟ قال: "أولاهما بالله تعالى". قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.
ومن آدابه كذلك: استحباب تكرار السلام وإعادته كما كان فعل النبي – صلى الله عليه وسلم - ففي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا لقي أحدكم أخاه، فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرةٌ، أو جدارٌ، أو حجرٌ، ثم لقيه، فليسلم عليه".واه أبو داود.
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا تكلم بكلمةٍ أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قومٍ فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً. رواه البخاري. قال النووي رحمه الله: "وهذا محمولٌ على ما إذا كان الجمع كثيراً".
ومن آدابه كذلك: جواز السلام على الصبيان إذا لقيهم المسلم، كما جاء في الحديث عن أنس - رضي الله عنه - أنه مر على صبيانٍ، فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفقٌ عليه.
ومن آدابه كذلك: كما قال النووي رحمه الله استحباب السلام إذا قام من المجلس فارق جلساءه أو جليسه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة". رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
ومن آدابه كذلك: السلام إذا دخل المرء بيته، أو بيت غيره، كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدخُلُوا بُيُوتاً غيرَ بُيُوتِكُم حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِهَا" [النور: 27]. وقال تعالى: "فإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً" [النور: 61].
إذًا من الواجب علينا أن نعلم أن شعيرة السلام، إنما شرعت لربط الأمة الإسلامية ببعضها فهي روح تسري فيها ليعم سلامها وأمنها على من حولهم من الأمم ، وإلا فالإسلام ليس فيه ما يشرع لغير حكمة ولا غاية،وأجل الحكم وأفضلها على الإطلاق حسن السمع والطاعة لله ورسوله.
وفقنا الله تعالى لمراضيه
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع