فوائد تربوية علي الأربعين النووية / الحديث 24 و 25 و 26 و27

طباعة الموضوع

الصحبة الطيبة

عضو مميز
إنضم
16 أبريل 2013
المشاركات
199
النقاط
16
الإقامة
القاهرة - مصر
الموقع الالكتروني
nasrtawfik.blogspot.com
احفظ من كتاب الله
اللهم أعينني علي دوام التلاوة والتدبر وحفظ القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص عن عاصم
القارئ المفضل
محمد صديق المنشاوي والحصري والسديسي
الجنس
أخ وأسرتي

الحديث الرابع والعشرون
عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) رواه مسلم.
الفوائد التربوية :
الفائدة الأولى : يربي في نفس المسلم رحمة الله سبحانه وتعالى وهذا ظاهر في جميع ألفاظ الحديث .
الفائدة الثانية : يورث الحياء من الله سبحانه ، فمع غناه الكامل وعظمته إلّا أنه ينادي عباده بنداء لطيف لدعائه وعبادته واستغفاره .
الفائدة الثالثة : يزيد من محبته سبحانه في القلوب المؤمنة فمن لم يزد محبة لله بعد هذا الحديث فليتهم قلبه لأن جميع ألفاظ الحديث ومعانيه تزكي المحبة في القلب وتحركها .
الفائدة الرابعة : يتوجه النداء في قوله " ياعبادي " إلى جميع البشر مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم ، فكلهم عباد لله عبوديه عامة .
الفائدة الخامسة : الله يحب المدح ولذلك مدح نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، وحتى الصفات المنفية عن الله كالنوم والسنة والموت تتضمن مدحاً فلا ينام سبحانه لكماله ولا يموت لقيوميته وحياته سبحانه ، وهذا الحديث كله مدح لله فهو أهل للمدح .
الفائدة السادسة : يربي في النفس المؤمنة الافتقار إلى الله والتذلل له والمسكنة وتمام الحاجة إليه .
الفائدة السابعة : يدل على غنى الله سبحانه عن جميع خلقه ، فهو غني بذاته .
الفائدة الثامنة : مذهب أهل السنة والجماعة أن الله حرم الظلم على نفسه سبحانه مع قدرته عليه ، ولكنه حرمه فضلاً منه وجوداً وكرماً ، فهو قادر عليه سبحانه إذ لو لم يكن قادراً لم يكن في تحريمه الظلم على نفسه مدحاً ، إذا كيف يمدح نفسه بشيء لا يقدر عليه ؟! .
الفائدة التاسعة : يدل الحديث على تحريم الظلم بجميع صوره وأشكاله بين الناس ، وصيغة الحديث تدل على الترهيب منه حيث جعله الله على نفسه محرماً ثم حرمه على الناس ، فما جزاء من تعدى بعد ذلك وظلم ؟! .
الفائدة العاشرة : من الظلم الذي حرمه الله الشرك به ودعاء غيره والالتجاء إلى أحد سواه ، وانتهاك حرماته والتعدي على حدوده .
الفائدة الحادية عشرة : يدل الحديث على أن الهداية بيد الله يعطيها من يشاء بفضله ، ويمنعها من يشاء بعدله ، ولذلك قال " فاستهدوني " فتطلب من عنده .
الفائدة الثانية عشرة : دل الحديث على أن الإنسان لولا إعانة الله لضل السبيل ولا يملك دلالة لنفسه وإرشاداً لها " يا عبادي كلكم ضال " .
الفائدة الثالثة عشر : قوله " كلكم ضال إلّا من هديته " فيه بيان لفضل الرسل لأن الله هدى بهم الناس وأخرجهم من الظلمات إلى النور يبلغون دين الله وهداه ونوره .
الفائدة الرابعة عشر : يدل الحديث على حاجة الإنسان إلى الهداية في كل لحظات حياته ، قال ابن تيمية رحمه الله : " والذنوب من لوازم النفس وهو محتاج إلى الهداية كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب " أ. هـ .
وقال رحمه الله أيضاً موضحاً ذلك " ولهذا أمرنا الله أن نستهديه فقال " فاستهدوني " وأما السؤال من يقول فقد هداهم للإيمان فلا حاجة لهم إلى الهدى وجواب من يجيب بأن المطلوب دوام الهداية فكلام من لا يعرف حال الإنسان وما أمر به فإن الصراط المستقيم حقيقته : أن تفعل كل وقت ما أمرت به في ذلك الوقت من علم وعمل ولا تفعل ما نهيت عنه وعلى أن يحصل له إرادة جازمة لفعل المأمور وكراهة جازمة لترك المحظور ، وهذا العلم المفصل والإرادة المفصلة لا يتصور أن يحصل للعبد في وقت واحد ، بل كل وقت يحتاج أن يجعل الله في قلبه من العلوم والإرادات ما يهوى به في ذلك الوقت" أ .هـ .
الفائدة الخامسة عشر : الله في الحديث أمر بالدعاء ووعد بالإجابة فقال " فاستهدوني أهدكم " وقال " فاستطعموني أطعمكم " وقال " فاستكسوني أكسكم " وهذا يربي في الأنفس اليقين بوعد الله سبحانه .
الفائدة السادسة عشر : الطعام والرزق على وجه العموم كله من عند الله سبحانه ، لا يملك أحد منه شيء ، وهذا يوجب اليقين بما قسم الله ، والرضاء به ، وسؤال الله الرزق .
الفائدة السابعة عشر : في قوله " كلكم جائع إلّا من أطعمته " بيان لقمة فقر الإنسان وحاجته ، وحوله وقوته من دون الله سبحانه حيث لا يملك أن يطعم نفسه فضلاً أن يهديها وهذا ظاهر، كذلك في قوله " كلكم عار إلّا من كسوته " حيث لا يملك الإنسان أن يكسي عريه ، فسبحان الغني .
الفائدة الثامنة عشر : فيه بيان لمنة الله على جميع خلقه وتفضله عليهم في الأكل والشرب واللباس والهداية ولا حدود لذلك فله الحمد .
الفائدة التاسعة عشر : يربي التفكر في حياة الإنسان نفسه ، في طعامه وشرابه ولباسه ، فمن تفكر فيها وكيف أتته ؟ ومن ساقها إليها ؟ قاده ذلك إلى شكرها والاعتراف بفضل المنعم بها .
الفائدة العشرون : سبحان من علم خطايا الإنسان كلها وأحصاها لا يغيب عليه شيئ منها ، ولا تخفى عليه خافيه " يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار " .
الفائدة الحادية والعشرون : قوله " تخطئون بالليل والنهار " يربي مراقبة الله في قلب المسلم حيث علم الله ذنوبه وعدها ، ومن راقب الله نهى النفس عن الهوى .
الفائدة الثانية والعشرون : فيه عظم حلم الله سبحانه حيث تأتيه المعاصي والذنوب والخطايا من الخلق بالليل والنهار ومع ذلك لم يعاجلهم بعقوبة .
الفائدة الثالثة والعشرون : قوله " وأنا أغفر الذنوب جميعاً " يزيد من منزلة الرجاء عند المؤمن .
الفائدة الرابعة والعشرون : الحديث يدل على عظمته سبحانه المطلقة ، وهذا ظاهر في قوله "لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني" .
الفائدة الخامسة والعشرون : الله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره إذا استغفر صاحبه ولو كان الشرك لقوله " وأنا أغفر الذنوب جميعا " .
الفائدة السادسة والعشرون : فيه تربية للناس على الاستغفار والإكثار منه ومداومته لفرط الحاجة إليه لقوله " فاستغفروني أغفر لكم " .
الفائدة السابعة والعشرون : دل على أن العبد محتاج إلى الله سبحانه في أمور الدنيا من سد جوع وعطش ولباس ، ومحتاج إليه في أمور الآخرة من هداية ومغفرة ذنوب .
الفائدة الثامنة والعشرون : الطاعات لا تنفع إلا أصحابها ، ولا تضر إلا إياهم ، أما الله فلا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين " يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني " .
الفائدة التاسعة والعشرون : كرمه سبحانه وتعالى في رزق الخلق جميعاً وجلب المنافع ودفع المضار مع أن منهم الكافر والعاصي والطائع الذي قصر في طاعته .
الفائدة الثلاثون : قوله " قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي شيئاً مرادف لقوله {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } (21) سورة الحجر
الفائدة الحادية والثلاثون : الثواب والعقاب يكون على الأعمال ويتجاوز الله عن السيئات ويعفو عمن يشاء ، ويدخل الجنة من يشاء بفضله .
الفائدة الثانية والثلاثون : على الإنسان أن يرجع سبب ما يصيبه من خير إلى الله سبحانه ، وما يصيبه من شر إلى نفسه ويتهمها في ذلك كما قال " {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك َ} (79) سورة النساء وقد قال في حديث الباب " إنما هي أعمالكم " .
الفائدة الثالثة والثلاثون : في قوله " فاستهدوني أهدكم " مع قوله " إنما هي أعمالكم " تأصيل لمذهب أهل السنة والجماعة في باب القدر أن الهداية بيد الله يؤتيها الله من يشاء ، والعبد له قدره واختيار وعمله ينسب له .
الفائدة الرابعة والثلاثون : في الحديث أن الله سبحانه يحصي جميع الأعمال لقوله " أحصيها لكم " فنسأل الله أن يتجاوز عنا .
الفائدة الخامسة والثلاثون : جمع الحديث أعمال القلوب الثلاثة : ـ
الأولى : المحبة وهذا في جميع ألفاظ الحديث فإنها تزيد من محبة الله .
الثانية : الرجاء وهذا في قوله " وأنا أغفر الذنوب جميعا " .
الثالث : الخوف وهذا في قوله " إنما هي أعمالكم أحصيها لكم " .
الفائدة السادسة والثلاثون : دخول الجنة يكون بفضل الله ورحمته وليس بمجرد الأعمال ، ولهذا قال في الحديث " فمن وجد خيراً فليحمد لله " أي يحمده لأن الخير بفضل الله لا بمجرد العمل .
الفائدة السابعة والثلاثون : يربي في قلب المسلم محاسبة نفسه وأعماله .
الفائدة الثامنة والثلاثون : يدل على أن الجن مكلفون بعبادة الله سبحانه كالأنس وسيحاسبهم الله سبحانه .
الفائدة التاسعة والثلاثون : يجمع الحديث عدداً كبيراً من أعمال القلوب ويزيدها مثل : التوكل والاستعانة والمحاسبة والصدق والإخلاص والتعلق والخوف والمحبة والرجاء... وغيرذلك كلها اهتم بها الحديث لأنها من الإيمان .
الفائدة الأربعون : أرزاق البشر جميعاً والدنيا والأموال وكل ما في الكون لا ينقص مما عند الله شيء ، فسبحان من لا تغيضه نفقة ولا ينقص ما عنده ، لقوله " ما نقص مما عندي شيئا " .
الفائدة الحادية والأربعون : التقوى والفجور محلها القلب ولذلك قال " على أتقى قلب رجل واحد منكم " وقال " على أفجر قلب رجل واحد منكم " فعلى الإنسان أن يهتم بقلبه ويراعي حاله وتقواه ويزيل أمراضه .

الحديث الخامس والعشرون
عَنْ أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه أَيضَاً أَنَّ أُنَاسَاً مِنْ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالوا للنَّبي صلى الله عليه وسلم يَارَسُولَ الله: ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ بِالأُجورِ، يُصَلُّوْنَ كَمَا نُصَلِّيْ، وَيَصُوْمُوْنَ كَمَا نَصُوْمُ، وَيَتَصَدَّقُوْنَ بفُضُوْلِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: (أَوَ لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُوْنَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيْحَةٍ صَدَقَة وَكُلِّ تَكْبِيْرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمَيْدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيْلَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بالِمَعْرُوْفٍ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ وَفِيْ بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ أَيَأْتِيْ أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُوْنُ لَهُ فِيْهَا أَجْرٌ؟ قَالَ:أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فَيْ حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فَي الحَلالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
الفوائد التربوية:
الفائدة الأولى : فيه التسابق في فعل الخيرات والتنافس فيها لا في أمور الدنيا.
الفائدة الثانية: بيان لحال الصحابة رضي الله عنهم ورفعة همتهم، وما كان يشغلهم ويدور في خواطرهم، حيث كان الهم الأكبر لدى الواحد منهم ألا يسبقه أحد في فعل الصالحات.
الفائدة الثالثة: الصحابة كانوا يحزنون إذا تعذر على الواحد منهم عمل من أعمال الخير كما وصفهم الله بقوله ( وعلى الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ). التوبة 92
الفائدة الرابعة: إحسان الظن بالمسلمين حيث قال الصحابة عن إخوانهم الأغنياء "ذهبوا بالأجور" فأحسنوا الظن بهم وبأن الله تقبلها منهم، وهذا كله لصفاء قلوبهم من الغل والحقد والحسد.
الفائدة الخامسة: من آتاه الله فضلاً من عنده مال أو غيره فليسخره في طاعة الله وإلا فإنه لم يستفد من ذلك الفضل فأغنياء الصحابة أنفقوا مما آتاهم الله فسبقوا غيرهم ممن لا مال له.
الفائدة السادسة: تنافس الصحابة وتسابقهم خالٍ عن الغل والحسد، بل مجرد غبطة على ما آتاه الله من فضله لبعضهم دون البعض، ولذلك لم يجرحوهم أو يسبوهم أو يتمنوا زوال ما عندهم.
الفائدة السابعة: دل الحديث على أن الشخص إذا كان لا يستطيع فعل شيء يذهب إلى باب آخر من أبواب الخير، فلما كان فقراء الصحابة لا يجدون ما يتصدقون به دلهم النبي صلى الله عليه وسلم على أبواب أخرى من العبادة من التسبيح والتحميد وغيره.
الفائدة الثامنة: المسلم الأصل أن ينوع العبادات من صلاة وصيام وإنفاق وغير ذلك حتى يفوز بقبول الله سبحانه، لأنه لا يعلم أي أعماله تقبل.
الفائدة التاسعة: دل على تنوع شعب الإيمان وتعددها مما يجعل الشخص مشغولا طوال عمره في تحصيلها وتتبعها.
الفائدة العاشرة: جميع أنواع فعل المعروف صدقة من ذكر الله وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلك.
الفائدة الحادية عشر: اتيان الرجل شهوته له بها صدقة إذا احتسبها عند الله.
الفائدة الثانية عشر: فعل الشهوات البديهية يأخذ حكم اتيان الرجل زوجته مثل : الأكل والشرب والنوم وطلب الرزق الحلال وغير ذلك كلها للإنسان المسلم فيها أجر عند الله.
الفائدة الثالثة عشر: فيه بيان لكرم الله سبحانه على عباده في فتحه أبواب الخيرات والعبادات.
الفائدة الرابعة عشر: كرامة المسلم عند الله حيث جعل حتى في أمور الفطرة له أجر فيها.
الفائدة الخامسة عشر: دليل لمن يحتج بالقياس وهم الجمهور من أهل العلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاس أجر إتيان الزوجة على وزر من فعل الحرام.
الفائدة السادسة عشر: عفة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة حيث أنهم ذكروا كنايات عن الشهوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وفي بضع أحدكم صدقه" وقوله صلى الله عليه وسلم كذلك " وضعها في حرام" وقال الصحابة " يأتي أحدنا شهوته" فكنوا في مثل هذه الألفاظ ولم يصرحوا لكمال عفتهم.
الفائدة السابعة عشر: الصدقة تكون بغير مال كما هو صريح الحديث.
الفائدة الثامنة عشر: على العالم أن يفتح ويعدد أبواب الخير على الناس حتى يعمل كل واحد بما يستطيع فعله ولذلك نوَّع النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة أبواب الخير ما بين صدقه وذكر وأمر بمعروف.
الفائدة التاسعة عشر: على العالِم أن يسّهل فعل الخير للناس ولا يضع بينهم وبينه حواجز ، بل يجعل فعل الخير أقرب لهم من كل قريب كما فعل صلى الله عليه وسلم مع فقراء الصحابة.
الفائدة العشرون: يربي الحديث في نفس المسلم حفظ الوقت، فما دام أن التهليل والتكبير والتحميد والذكر عامة صدقة، بل كل فعل خير صدقة فإن ذلك يجعل المسلم حريصاً على ألا يصرف وقته إلا في فعل الصدقات.
الفائدة الحادية والعشرون: الحديث يجدد النية في قلب المؤمن ، فإتيان الزوجة والإنفاق على الأهل وطلب الرزق تكتب للإنسان صدقات إذا نواها واحتسبها عند الله، فهذا يجعل المؤمن مجدداً لنيته مع مرور الوقت.

الحديث السادس والعشرون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ"رواه البخاري ومسلم.
الفوائد التربوية :
الفائدة الأولى : وجوب شكر نعم الله التي في الإنسان ذاته لقوله " على كل سلامى من الناس صدقة" أي كل عظم من عظام الإنسان يحتاج إلى شكر لله بصدقة لأنه ركبه وأتمه وأنعم به.
الفائدة الثانية: التفكر في النفس من سمات المؤمنين كما قال تعالى " وفي أنفسكم أفلا تبصرون" الذاريات21.
الفائدة الثالثة: أفضل الصدقات ماكان متعديا نفعه مثل : أن تعدل بين اثنين وأن تحمل متاع أخيك أو تعينه على حمله وإماطة الأذى عن الطريق.
الفائدة الرابعة: على المسلم ألا يحتقر أي عمل يحتسبه عند الله سبحانه، ولذلك في حديث أبي هريرة مجرد رفع متاع إنسان على دابته وإعانته على ذلك وإماطة الأذى عن الطريق يعتبر صدقة وهما عملان قد يحتقرهما الشخص قبل سماع الحديث.
الفائدة الخامسة: حديث أبي ذر رضي الله عنه السابق أغلب الأعمال التي ذكرت فيه تتناول علاقة الإنسان مع ربه سبحانه وتعالى من ذكر وتهليل وتحميد وأمر بمعروف ونهي عن منكر، أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأغلب الأعمال في علاقة الإنسان مع إخوانه المسلمين ومع مجتمعه، فهما حديثان يكمل أحدهما الآخر.
الفائدة السادسة: يربي في النفس التواضع حيث يحمل المسلم متاع أخيه ويحمله على دابته ويميط الأذى، فهذا كله يطرد الكبر من القلب.
الفائدة السابعة: يربي جانب الأخوة بين المسلمين في تعاونهم وتعاضدهم وتآخيهم لقوله" وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه".
الفائدة الثامنة: شكر النعم يكون بتسخيرها في طاعة الله كما قال الله آمراً آل داوود " اعملوا آل داوود شكرا " سبأ 13.
الفائدة التاسعة: فيه فضل الإصلاح بين الناس وأنه صدقة للمسلم.
الفائدة العاشرة: المسلم طيب لا يخرج من لسانه إلا الكلمة الطيبة من سلام وذكر ودعوة وقرآن وغير ذلك وكل هذا من الصدقة.
الفائدة الحادية عشر: فيه فضل المشي إلى الصلاة، خاصة إن كان المسجد بعيد فكل خطوة صدقة.
الفائدة الثانية عشر: الحديث يحث المسلم على الاستمرار في الأعمال الصالحة في كل الأيام لا يقف عند حد، ولا يمل منها، وذلك لقوله " كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل .....، وذكر أنواع الأعمال الصالحة".
الفائدة الثالثة عشر: يدل الحديث على أن المسلم نافع مبارك في جميع أحواله، فإن كان لوحده ذكر الله فكان له بذلك صدقة ، وإن التقى مع غيره من المسلمين أعانهم وأحسن صحبتهم، وإن كان في طريق أماط الأذى فكان له بالجميع صدقة.
الفائدة الرابعة عشر: ينبغي للإنسان أن يستغل أمور حياته الاعتيادية ليكسب من ورائها صدقات، فمن ضروريات الحياة أن يخالط الإنسان غيره، ويذهب لطلب رزقه، ويسافر، فعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبذل السلام ويميط الأذى ويعين المسلمين ويعطي الكلمة الطيبة فكل ذلك يكتبه الله له.
الفائدة الخامسة عشر: الإسلام يعود المسلم على المسؤولية عن كل ما يكون حوله فهو مسؤول عن أخيه المسلم وحاجاته ومسؤول عن الطريق فيميط ما فيه من أذى ومسؤول عن المتخاصمين فيسعى للإصلاح بينهم فالإسلام لا يربي الناس على الأنانية وحب الذات فقط.
الفائدة السادسة عشر: المجتمع الإسلامي لا يرضى بوجود المخاصمات والتناحر بين أفراده بل يصلح بينهم فإن عجز شخص عن الإصلاح شارك غيره وهكذا حتى يلتئم الصف ويتوحد الشمل ولذلك جعل الإصلاح بين الاثنين صدقة حتى يشارك الناس كلهم في هذه الصدقة.
الفائدة السابعة عشر: الكلمة الطيبة بمفهومها العام هي التي ليس فيها أذى لغيره من المسلمين، فله بها صدقة.
الفائدة الثامنة عشر: الحديث يجعل المسلم مشارك متفاعل في قضايا مجتمعه من إصلاح أو نظافة أو تقديم خدمة فليس متوانياً أو مسوفاً أو كسولاً اتكالا على غيره انعزالياً عما حوله.

الحديث السابع والعشرون
عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )) رواه مسلم. وعن وابصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ )) قلت : نعم ؛ قال : (( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك )).
قال الشيخ - رحمه الله - حديث حسن ، رويناه في مسندي الإمام أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .
الفوائد التربوية :
الفائدة الأولى: فيه فضل حسن الخلق وأنه البر.
الفائدة الثانية: الأخلاق تختلف في الحسن، وكلما كان الخلق حسناً كلما كان أعظم في البر.
الفائدة الثالثة: البر عليه نور يعرفه كل أحد، والإثم يسبب شكاً وقلقاً.
الفائدة الرابعة: الشريعة في مجملها واضحة بينه من حيث البر والإثم بحيث لا يلتبس الحق بالباطل.
الفائدة الخامسة: الله فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وقبوله، والنفرة من ضده وذلك في الجملة، ولهذا قال في الحديث "البر ما اطمأنت إليه النفس".
الفائدة السادسة: دل على أن النفس تطمئن للخير والبر، ولذلك يصلح لها ولحياتها.
الفائدة السابعة: من علامات البر ارتياح النفس له واطمئنانها به وسكونها إليه في داخلها، وهذا الأمر إذا كان من البر فيسبب راحة للضمير.
الفائدة الثامنة: من علامات الإثم أنه يسبب حرجاً للنفس وضيقاً لها.
الفائدة التاسعة: البر لا يُستحى من فعله في خلوات الإنسان وفي المجتمعات العامة بخلاف الإثم فإن فعله في الخلوة يسبب الحرج والضيق وفعله في العلانية يستحى منه، ولهذا قال عن الإثم "ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" كما في رواية.
الفائدة العاشرة: الحديث أصل في باب الورع.
الفائدة الحادية عشر: البر يشمل القيام بحقوق الله، والقيام بحقوق الخلق، ويدل على ذلك اختلاف الروايتين في تفسير البر فقال - في الرواية الأولى "البر حسن الخلق" وهذا القيام بحقوق الخلق.
- وفي الرواية الثانية " البر ما اطمأنت إليه النفس" وهذا القيام بحقوق الله، لأنه فيما بين الإنسان وبين ربه.
الفائدة الثانية عشر: يدل على أن الإنسان لا يفعل مثلما يفعل سائر الناس سواء كان الفعل حلالاً أو حراماً، بل يتأنى ويستفت أهل العلم، فإن لم يجد نظر في ذلك الفعل أي العلامات تنطبق عليه، علامات البر أم الإثم؟ وهذا يعرف أحياناً من خلال المصالح المترتبة عليه والمفاسد وهكذا.
الفائدة الثالثة عشر: يدل على أن الإنسان في فتواه قد يجانب الصواب، ومع ذلك لم يحكم بتأثيمه او انتقاصه ما دام بذل وسعه واجتهد، ولهذا قال " وإن أفتاك الناس وأفتوك".
الفائدة الرابعة عشر: الطاعات تجلب السعادة للمؤمن لأنها من البر الذي تطمئن إليه النفس.
الفائدة الخامسة عشر: المعاصي والذنوب تجلب الشقاء للإنسان لأنها من الإثم الذي يتردد في الصدر ويسبب الحرج والضيق.
الفائدة السادسة عشر: دل على أن الإكثار من أعمال البر والخير يزيد النفس طمأنينة وسكوناً وانشراحاً.

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 
أعلى