- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
جمالية الدين في جمالية التوحيد
أول واجب في الإسلام هو قول:
«لا إله إلا الله»،
وهي كلمةٌ عظمى في غاية اللطف والبهاء. نعم! كل المسلمين يقولونها، ولكن القليل منهم هم الذين يعرفونها حقاً؛ ذلك أن انصرافهم إلى التصورات الكلامية، في مجال العقيدة، قد صرفهم عن فضاءاتها الجميلة وأبعادها الجليلة.
«لا إله إلا الله»،
وهي كلمةٌ عظمى في غاية اللطف والبهاء. نعم! كل المسلمين يقولونها، ولكن القليل منهم هم الذين يعرفونها حقاً؛ ذلك أن انصرافهم إلى التصورات الكلامية، في مجال العقيدة، قد صرفهم عن فضاءاتها الجميلة وأبعادها الجليلة.
وقد كان المسلمون عندما يتلقون العقيدة بعباراتها القرآنية الجليلة، يتفاعلون معها تفاعلاً عجيباً؛
إذ يتحولون بسرعة، وبعمق كبير من بشر عاديين، مرتبطين بعلائق التراب إلى بشر ربانيين ينافسون الملائكة في السماء؛ وما هم إلا بشر يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق؛ ولذلك حقق الله بهم المعجزات في الحضارة والتاريخ.
إذ يتحولون بسرعة، وبعمق كبير من بشر عاديين، مرتبطين بعلائق التراب إلى بشر ربانيين ينافسون الملائكة في السماء؛ وما هم إلا بشر يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق؛ ولذلك حقق الله بهم المعجزات في الحضارة والتاريخ.
إن بعض التقسيمات الكلامية للعقيدة الإسلامية التي أملتها ضرورة حِجاجية حيناً، وضرورة تعليمية حيناً آخر، ليست ذات جدوى في عالم التربية الإيمانية؛
لخلوها من روحها الرباني، وسرها التعبدي
الذي لا تجده إلا في كلمات القرآن وأحرفه: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: «ألم» حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»(1). ثم إن الإخبار عن حقيقة الذات الإلهية لا يكون على كمال صدقه، جلالاً وجمالاً إلا إذا كان
بما أخبر الله به عن ذاته ـ سبحانه ـ وصفاته. وما كان للمخلوق المحدود أن يحيط وصفاً وعلماً بالخالق غير المحدود؛ ومن هنا كان التوقيف في مجال التعبير العقدي في الإسلام.
لخلوها من روحها الرباني، وسرها التعبدي
الذي لا تجده إلا في كلمات القرآن وأحرفه: «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: «ألم» حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»(1). ثم إن الإخبار عن حقيقة الذات الإلهية لا يكون على كمال صدقه، جلالاً وجمالاً إلا إذا كان
بما أخبر الله به عن ذاته ـ سبحانه ـ وصفاته. وما كان للمخلوق المحدود أن يحيط وصفاً وعلماً بالخالق غير المحدود؛ ومن هنا كان التوقيف في مجال التعبير العقدي في الإسلام.
كثير من الناس يتكلم في العقيدة اليوم،
ولكن قليلاً منهم من يتفاعل معها؛
لأن العلم الجدلي ما كان له أن يؤتي ثماراً قلبية، وهو قد أُنتج أساساً لإشــباع رغبات العقـل المماري، لا لإشباع حاجات القلب الساري. وقد كان الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يخاطب بالعقيدة الإيمانية العقول
خطاباً ينفذ من خلالها إلى القلوب؛ حيث تستقر بذرة تنبت جنات وأشجاراً.
ولكن قليلاً منهم من يتفاعل معها؛
لأن العلم الجدلي ما كان له أن يؤتي ثماراً قلبية، وهو قد أُنتج أساساً لإشــباع رغبات العقـل المماري، لا لإشباع حاجات القلب الساري. وقد كان الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ يخاطب بالعقيدة الإيمانية العقول
خطاباً ينفذ من خلالها إلى القلوب؛ حيث تستقر بذرة تنبت جنات وأشجاراً.
إن السر الذي تتضمنه عقيدة «لا إله إلا الله» والذي به غيرت مجرى التاريخ مرات ومرات، والذي به صنعت الشخصيات التاريخية العظيمة في الإسلام؛ إنما يكمن في (جمالها)!.. الجمال: ذلك الشيء الذي لا يدرك إلا بحاسة القلب. إنه إحساسُ: (كم هو جميل أن يكون المرء مسلماً!).. ودون هذا الإدراك اللطيف للدين إدراكات أخرى من أشكال التدين، لا تغني من الحق شيئاً.
لقد ضاع صفاء الدين وجماله السماوي في غبار التأويلات، ورسوم التقسيمات،
وقد ذم قومٌ (الكلامَ)، لكنهم لم يدركوا أنهم في خضم الصراع المذهبي، ردوا وقسموا؛ (فتكلموا)؛ وسقط عنهم بذلك بهاء الدين وجماله، وهم لا يشعرون، أو ـ على الأقل ـ لم يترك ذلك في الأتباع لمسات الجمال، وأذواق الصفاء في السلوك الذي يصنفون به على أنهم (مسلمون)؛
فكانت التصورات في وادٍ، والتصرفات في وادٍ آخر.
لقد ضاع صفاء الدين وجماله السماوي في غبار التأويلات، ورسوم التقسيمات،
وقد ذم قومٌ (الكلامَ)، لكنهم لم يدركوا أنهم في خضم الصراع المذهبي، ردوا وقسموا؛ (فتكلموا)؛ وسقط عنهم بذلك بهاء الدين وجماله، وهم لا يشعرون، أو ـ على الأقل ـ لم يترك ذلك في الأتباع لمسات الجمال، وأذواق الصفاء في السلوك الذي يصنفون به على أنهم (مسلمون)؛
فكانت التصورات في وادٍ، والتصرفات في وادٍ آخر.
إن القرآن الكريم والسنَّة النبوية يقولان لنا حقيقة جليلة عظيمة لم يستطع أن يوصلها إلينا علم الكلام: هي أن عقيدتنا جميلة.
ولكم هو مؤسف حقاً أن يضيع هذا المعنى من تدين كثير من المسلمين اليوم، فلا يرون في الدين إلا خشونة وحزونة {وَإن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4]؛ هذا التخشب في الأقوال والفعال، الذي سيطر على تدين كثير من الناس اليوم إنما كان لأسباب سياسية واجتماعية مختلفة، ليس هذا مجال بيانها، ولا يجوز أبداً أن تكون مسوِّغاً للانحراف عن بهاء الدين وجماله، وإنما أنزله الله ليكون جميلاً، تتذوقه القلوب، وتتعلق به الأنفس؛ فلا تستطيع منه فكاكاً؛
فتُسْلِمُ ـ بجذبه الخفي وإغرائه البهي ـ لله رب العالمين.
فتُسْلِمُ ـ بجذبه الخفي وإغرائه البهي ـ لله رب العالمين.
«لا إله إلا الله» ـ إذ يقولها العبد مستشعراً دلالتها اللطيفة ـ كلمة (قلبية) مدارها على وصف حال، والاعتراف بذوق صفات الكمال والجلال. إنها تعبير عن الخضوع الوجداني التام لله. نعم! قلت: (الوجداني)؛ لأنها ـ ببساطة ـ كذلك وردت في سياقها القرآني الأصيل.
ولو تأملت هذه العبارة العظيمة في اللغة لوجدتها تقوم على لفظتين أساسيتين: هما مدار الإسلام كله: (الله) و (الإله).
فأما كلمة: (الله) فهو لفظ الجلال، الاسم العَلَم على الذات الإلهية، الاسم الجامع لكل الأسماء الحسنى والصفات الإلهية العلى. ولفظ (الله) فرد في اللغة، فلا يجمع ولا يتعدد.
وأما كلمة: (الإله) فهو لفظُ وصفٍ، يدل على معنى شعوري قلبي؛ ولذلك فهو يتعدد؛ إذ يُجمع على (آلهة). وأما باقي العبارات في (لا إله إلا الله) فهي (لا) النافية، و (إلا) الحاصرة، تقومان بدور البناء والتركيب اللغوي؛ للنفي والإثبات الذي يربط نوع العلاقة في قلب المؤمن بين الصفة: (إله) والاسم: (الله). وحقيقة تلك العلاقة هي ما يهمنا ههنا. إنها علاقة تملأ الوجدان بما يفيض به قلب العبد المعبر بها حقاً وصدقاً من الاعتقاد والشعور تجاه مولاه جل علاه.
ذلك أن كلمة (إله) في أصل الاستعمال اللغوي كلمة قلبية، وجدانية،
كما ذكرنا. أعني أنها لفظ من الألفاظ الدالة على أحوال القلب، كالحب، والبغض، والفرح، والحزن والأسى، والشوق، والرغبة، والرهبة... إلخ. أصلها قول العرب:
«ألِهَ الفَصيلُ يَألَهُ ألَهاً» إذا ناح شوقاً إلى أمه. والفصيل: ابن الناقة إذا فُطم وفُصل عن الرضاع، يحبس في الخيمة، وتترك أمه في المرعى، حتى إذا طال به الحال ذكــر أمه؛ وأخــذه الشــوق والحنين إليها ـ وهو آنئذ حديث عهد بالرضاع ـ فناح، وأرغى رغاء أشبه ما يكون بالبكاء. فيقولون: «ألِهَ الفصيلُ» فأمه إذن ههنا هي (إلهه) بالمعنى اللغوي. ومنه قول الشاعر: ألِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقّفٌ.
كما ذكرنا. أعني أنها لفظ من الألفاظ الدالة على أحوال القلب، كالحب، والبغض، والفرح، والحزن والأسى، والشوق، والرغبة، والرهبة... إلخ. أصلها قول العرب:
«ألِهَ الفَصيلُ يَألَهُ ألَهاً» إذا ناح شوقاً إلى أمه. والفصيل: ابن الناقة إذا فُطم وفُصل عن الرضاع، يحبس في الخيمة، وتترك أمه في المرعى، حتى إذا طال به الحال ذكــر أمه؛ وأخــذه الشــوق والحنين إليها ـ وهو آنئذ حديث عهد بالرضاع ـ فناح، وأرغى رغاء أشبه ما يكون بالبكاء. فيقولون: «ألِهَ الفصيلُ» فأمه إذن ههنا هي (إلهه) بالمعنى اللغوي. ومنه قول الشاعر: ألِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقّفٌ.
جاء في اللسان: (اسم «الله»: تفرد ـ سبحانه ـ بهذا الاســم، لا يشركه فيه غيره، فإذا قيل: (الإله) انطلـق علــى الله ـ سبحانه ـ وعلى ما يُعبد من الأصنام. وإذا قلت: (الله) لم ينطلق إلا عليه سبحانه وتعالى، وقيل في اسم الباري ـ سبحانه ـ: إنه مأخوذ من ألِهَ يَأْلَهُ: إذا تحيَّرَ؛ لأن العقول تَأْلَهُ في عظمته. وأَلِهَ يَألَهُ ألَهاً: أي تحيَّرَ، وأصله وَلِهَ يَوْله وَلَهاً، وقد أَلِهْتُ على فلان: أي اشتد جزعي عليه؛ مثل وَلِهْتُ، وقيل: هو مأخوذ من: ألِهَ يَألَهُ إلى كذا، أي: لجأ إليه؛ لأنه ـ سبحانه ـ الْـمَفْزَعُ الذي يُلْجَأُ إليه في كل أمر)(1)؛
إذ (الإله) في هذا السياق اللغوي هو: ما يَشُوقُ القلب، ويأخذ بمجامع الوجــدان إلى درجــة الانقيـاد له والخضـوع.
قال ـ عز وجل ـ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23].
إذ (الإله) في هذا السياق اللغوي هو: ما يَشُوقُ القلب، ويأخذ بمجامع الوجــدان إلى درجــة الانقيـاد له والخضـوع.
قال ـ عز وجل ـ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23].
والراجح فعلاً أن (ألِهَ) هو من (وَلِه) ومنه اشتُق الاسم العلم: (الله)؛ لأن مدار كلا المادتين على معاني القلب؛ فأبدلت من الواو همزة. قال الراغب الأصفهاني: (ألَه فلانٌ يأله: عَبَدَ، وقيل: أصله وِلاه؛ فأبدل من الواو همزة، وتسميته بذلك؛ لكون كل مخلوق والِهاً نحوه، إما بالتسخير فقط كالجمادات وال*****ات، وإما بالتسخير والإرادة كبعض الناس، ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: الله محبوب الأشياء كلها)(2).
و(الوَلَهُ): هو الجنون الحاصل بسبب الحب الشديد، أو الحزن الشديد. يقال: امرأة وَلُوهٌ: إذا أحبت حتى جُنت، أو إذا ثكلت؛ فحزنت حتى جُنت. قال ابن منظور: (الوله: الحزن. وقيل هو ذهاب العقل والتحيُّر من شدة الوجد، أو الحزن أو الخوف. والوله: ذهاب العقل لفقدان الحبيب [و] ناقة مِيلاهٌ: هي التي فقدت ولدها فهي تَلِهُ إليه. يقال: وَلَهَتْ إليه تَلِهُ أي تحن إليه. وناقة وَالِهٌ: إذا اشتد وجدها على ولدها)(3).
وهكذا فأنت ترى أن مدار المادتين (أله) و (وله) هو على معان قلبية، ترجع في مجملها إلى التعلق الوجداني والامتلاء بالحب، فيكون قول المؤمن: «لا إله إلا الله» تعبيراً عما يجده في قلبه من تعلق بربه تعالى،
أي لا محبوب إلا الله،
ولا مرهوب إلا الله،
ولا يملأ عليه عمارة قلبه إلا قصد الله.
إنه أشبه ما يكون بذلك الفصيل الصغير الذي ناح شوقاً إلى أمه، إذا أحس بألم الفراق، ووحشة البعد. إن المسلم إذ (يشهد) أن لا إله إلا الله، يقر شاهداً على قلبه أنه لا يتعلق إلا بالله رغبة ورهبة وشوقاً ومحبة. وتلك لعمري (شهادة) عظيمة وخطيرة؛ لأنها إقرار واعتراف بشعور لا يدري أحد مصداق ما فيه من الصدق إلا الله، ثم الشـاهـد نفســـه. ومعاني القلب لا تحـد بعبارات، ولا تحصرها إشارات. ومن هنا كانت شهادة «أن لا إله إلا الله» من اللطافة بمكان؛ بحيث لا تدرك على تمام حقيقتها إلا ذوقاً.
أي لا محبوب إلا الله،
ولا مرهوب إلا الله،
ولا يملأ عليه عمارة قلبه إلا قصد الله.
إنه أشبه ما يكون بذلك الفصيل الصغير الذي ناح شوقاً إلى أمه، إذا أحس بألم الفراق، ووحشة البعد. إن المسلم إذ (يشهد) أن لا إله إلا الله، يقر شاهداً على قلبه أنه لا يتعلق إلا بالله رغبة ورهبة وشوقاً ومحبة. وتلك لعمري (شهادة) عظيمة وخطيرة؛ لأنها إقرار واعتراف بشعور لا يدري أحد مصداق ما فيه من الصدق إلا الله، ثم الشـاهـد نفســـه. ومعاني القلب لا تحـد بعبارات، ولا تحصرها إشارات. ومن هنا كانت شهادة «أن لا إله إلا الله» من اللطافة بمكان؛ بحيث لا تدرك على تمام حقيقتها إلا ذوقاً.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
(إن محبة العبد لربه فوق كل محبة تقدر، ولا نسبة لسائر المحاب إليها، وهي حقيقة: لا إله إلا الله!)(4)
(إن محبة العبد لربه فوق كل محبة تقدر، ولا نسبة لسائر المحاب إليها، وهي حقيقة: لا إله إلا الله!)(4)
إلى أن يقول في نص نفيس تُشد إليه الرحال:
( فلو بطلت مسألة المحبة لبطلت جميع مقامات الإيمان والإحسان،
ولتعطلت منازل السير إلى الله؛
فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل.
فإذا خلا منها فهو ميت لا روح فيه..
ونسبتها إلى الأعمال كنسبة الإخلاص إليها،
بل هي حقيقة الإخلاص،
بل هي نفس الإسلام:
فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله؛ فمن لا محبة له لا إسلام له البتة.
بل هي حقيقــة شــهادة: أن لا إله إلا الله؛ فإن (الإله): هو الذي يألهه العباد حباً وذلاً، وخوفاً ورجاء، وتعظيماً وطاعة له، بمعنى (مألوه): وهو الذي تألهه القلوب. أي تحبه وتذل له؛ فالمحبة: حقيقة العبودية)(5).
ولتعطلت منازل السير إلى الله؛
فإنها روح كل مقام ومنزلة وعمل.
فإذا خلا منها فهو ميت لا روح فيه..
ونسبتها إلى الأعمال كنسبة الإخلاص إليها،
بل هي حقيقة الإخلاص،
بل هي نفس الإسلام:
فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله؛ فمن لا محبة له لا إسلام له البتة.
بل هي حقيقــة شــهادة: أن لا إله إلا الله؛ فإن (الإله): هو الذي يألهه العباد حباً وذلاً، وخوفاً ورجاء، وتعظيماً وطاعة له، بمعنى (مألوه): وهو الذي تألهه القلوب. أي تحبه وتذل له؛ فالمحبة: حقيقة العبودية)(5).
ذلك أن معنى (الإسلام) هو الخضوع لله رب العالمين، والاستسلام لأمره تعالى. إنه الاعتراف الوجداني، أي التعبير العملي عن الشعور الحقيقي الذي يلامس القلب عندما يدرك العبد و (يجد) أنه (عبد) لسيد هذا العالم العظيم. وحقيقة كون المسلم عبداً هي الحقيقة التي تغيب عن أكثر المسلمين؛ فيحدث بسبب ذلك الانحراف بشتى ألوانه وأشكاله.
إن (العبد) مسلوب الإرادة، ليس بالمعنى الكلامي ولكن بالمعنى الوجداني، أعني: أن تجد الشعور بأنك أيها المسلم مِلْكٌ لله الواحد القهار؛ تدور في فلك العبودية والخدمة كما تدور الكواكب في الأفلاك. {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْـخَاسِرُونَ} [الزمر: 63]. وتلك هي مدارات لفظ (عبد) في اللغة: إنها لا تخرج عن معاني الذلة والخضوع والخنوع والانقياد، كما تنقاد الأنعام المذللة لمالكيها رغبةً ورهبةً انقياداً لا تشنج فيه ولا تَفَلُّت.
والعبد لا يكون إلا في باب الخدمة بين يدي مولاه، واقفاً على العتبة ينتظر الأمر والنهي بشوق المحب، ليبادر إلى التنفيذ دون سؤال: علامَ ولِـمَهْ؟
{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]. إنه الرب المحبوب الأعظم، المرغوب المرهوب، رب الكون والخلق أجمعين. يمكنك أن تُعَرِّفَ عقيدة الإسلام في نهاية المطاف، فتقول: إنها ميثاق المحبة بين الله وعباده.
{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]. إنه الرب المحبوب الأعظم، المرغوب المرهوب، رب الكون والخلق أجمعين. يمكنك أن تُعَرِّفَ عقيدة الإسلام في نهاية المطاف، فتقول: إنها ميثاق المحبة بين الله وعباده.
وحينما نقول (المحبة) فهي
بمفهومها القرآني
لا ما ذهبت إليه طوائف من الغلاة من هذا الاتجاه أو ذاك ممن قالوا بها، فأبطلوا كل منازل الإيمان من خوف ورجاء؛ فانتهى بهم الأمر إلى دعاوى عريضــة يتشـدقون بهـا ما أنـزل الله بها مـن سـلطان.
كلا! بل لا تقوم المحبة بقلب العبد الصادق إلا على جناحي الخوف والرجاء، وما تفرع عن ذلك من معاني الرَّغَبِ والرَّهَبِ،
والقرآن العظيم والسنة النبوية واضحان في هذا غاية الوضوح. ولا يزيغ عنهما إلا جاهل أو صاحب هوى، والمحب الحقيقي الصادق يخاف من الحرمان، ويخشى من العقوبة بقدر ما يرجو ويشتاق؛ فإذا جرد المحبة عن الخوف والرجاء كان من الكاذبين، كيف لا، ورب العالمين يقول عن صفوة من أنبيائه ورسله:
{إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الْـخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90]؟ وهذا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيد الأولين والآخرين يعلنها في الأمة: «أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له! [وفيه قال]: فمن رغب عن سنتي فليس مني»(1)، ألا وإن أي انحراف عن هذه السبيل لا يكون إلا جهلاً بالدين أو زيغاً من الضلال المبين.
بمفهومها القرآني
لا ما ذهبت إليه طوائف من الغلاة من هذا الاتجاه أو ذاك ممن قالوا بها، فأبطلوا كل منازل الإيمان من خوف ورجاء؛ فانتهى بهم الأمر إلى دعاوى عريضــة يتشـدقون بهـا ما أنـزل الله بها مـن سـلطان.
كلا! بل لا تقوم المحبة بقلب العبد الصادق إلا على جناحي الخوف والرجاء، وما تفرع عن ذلك من معاني الرَّغَبِ والرَّهَبِ،
والقرآن العظيم والسنة النبوية واضحان في هذا غاية الوضوح. ولا يزيغ عنهما إلا جاهل أو صاحب هوى، والمحب الحقيقي الصادق يخاف من الحرمان، ويخشى من العقوبة بقدر ما يرجو ويشتاق؛ فإذا جرد المحبة عن الخوف والرجاء كان من الكاذبين، كيف لا، ورب العالمين يقول عن صفوة من أنبيائه ورسله:
{إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الْـخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90]؟ وهذا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيد الأولين والآخرين يعلنها في الأمة: «أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له! [وفيه قال]: فمن رغب عن سنتي فليس مني»(1)، ألا وإن أي انحراف عن هذه السبيل لا يكون إلا جهلاً بالدين أو زيغاً من الضلال المبين.
فعلى هذا الوِزَانِ إذن؛ نقول:
إن عقيدة الإسلام قائمة على المحبة، بل إنها ميثاق المحبة؛
وبذلك المعنى كانت تفيض بأنوار الجمــال ومباهــج الجـلال؛
ولـذلك يقـول النبـي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله ـ تعالى ـ قد حرَّم على النار من قال: «لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»(2)، أكلمة واحدة تتلفظ بها فتدخل الجنة؟ نعم! ولكنْ.. إنها ليست بكلمة ولا كلمات؛ إنها توجه قلبي وميل وجداني، إنها مسألة (حب)، وإن من أحب اللهَ أحبه اللهُ، ومن أحبه الله وفقه إلى عبادته وطاعته. إنها حقيقة جميلة وعظيمة، وإن عدم إدراكها ذوقاً ووجداناً قد كان سبباً في تضييع معاني الدين وانحراف كثير من الناس عن منهاجه المستقيم.
إن عقيدة الإسلام قائمة على المحبة، بل إنها ميثاق المحبة؛
وبذلك المعنى كانت تفيض بأنوار الجمــال ومباهــج الجـلال؛
ولـذلك يقـول النبـي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله ـ تعالى ـ قد حرَّم على النار من قال: «لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله»(2)، أكلمة واحدة تتلفظ بها فتدخل الجنة؟ نعم! ولكنْ.. إنها ليست بكلمة ولا كلمات؛ إنها توجه قلبي وميل وجداني، إنها مسألة (حب)، وإن من أحب اللهَ أحبه اللهُ، ومن أحبه الله وفقه إلى عبادته وطاعته. إنها حقيقة جميلة وعظيمة، وإن عدم إدراكها ذوقاً ووجداناً قد كان سبباً في تضييع معاني الدين وانحراف كثير من الناس عن منهاجه المستقيم.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع