الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
ركن علم الإجازات والأسانيد والتراجم
جهاد صلاح الدين الأيوبي
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="الشيخ عاطف الفيومي" data-source="post: 52397" data-attributes="member: 2397"><p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #008000">جهاد صلاح الدين الأيوبي</span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فلما توفي نور الدين صار بين صلاح الدين وأبناء نور الدين نزاع حتى آل الأمر إلى ظهور صلاح الدين، وشملت سلطنته مصر والشام والجزيرة وغيرها. وكان -رحمه الله- عادلا كريما حليما صبورا على ما يكره، ومن أخبار زهده وكرمه أنه مات ولم يخلـِّف إلا دينارا وأربعين درهما مع سعة سلطانه.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">ولقد بدأ صلاح الدين منازلته للصليبيين في عام ستة وستين وخمسمائة حيث أغار على أعمال عسقلان وغزة، وأتاه ملك الفرنج في قلة من العسكر مسرعين لرده عن البلاد فقاتلهم وهزمهم، وأفلت ملك الفرنج من الأسر، وعاد صلاح الدين إلى مصر فأمر بصنع مراكب مفصلة وحملها قطعا على الجمال في البر وقصد أيلة، ثم أمر بجمع قطع المراكب وألقاها في البحر، وحاصر أيلة برا وبحرا وفتحها في العشر الأول من ربيع الآخر.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وفي سنة سبعين وخمسمائة أخرج الفرنج أسطولا بحريًا حربيًا من صقلية لغزو مصر وهو مكون من مائتي سفينة تحمل الرجال، وست وثلاثين تحمل الخيل، بالإضافة إلى ست مراكب كبار تحمل آلة الحرب وأربعين مركبا تحمل الأزواد، وكان عدد المقاتلين خمسون ألفا من الرجالة وألف وخمسمائة من الفرسان، وكانت هذه الحملة بقيادة ابن عم صاحب صقلية فوصلوا إلى الإسكندرية في السادس والعشرين من ذي الحجة عام تسعة وستين وخمسمائة على حين غفلة من أهلها وطمأنينة، فقاتلهم أهل الإسكندرية قتالا شديدا.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وسمع الفرنج باقتراب صلاح الدين منهم في عساكره فسقط في أيديهم وازدادوا تعبا وفتورا، فهاجمهم المسلمون ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة وكثر القتل في رجالة الفرنج فهرب كثير منهم إلى البحر وغرق بعضهم.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وغاص بعض المسلمين في الماء وخرق مراكب الفرنج فغرقت، فخاف الباقون من ذلك فولوا هاربين، واحتمى ثلاثمائة من فرسان الفرنج على رأس تل، فقاتلهم المسلمون إلى بكرة، ودام القتال إلى أن أضحى النهار، فغلبهم أهل البلد وقهروهم فصاروا بين قتيل وأسير.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وفي سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة خرج صلاح الدين من مصر إلى الشام، فلما وصل أرسل إلى بقية أطراف الشام وإلى المشرق يطلب اجتماع الجيوش لغزو الصليبيين، فاجتمع لديه اثنا عشر ألف فارس من الجند الذين يتقاضون الرواتب سوى المتطوعة، ثم سار بجيشه حتى خلـَّف طبرية خلف ظهره وتقدم حتى قارب الصليبيين وهم في خيامهم لم يفارقوها، فلما كان في الليل جعل في مقابل الصليبيين من يمنعهم من القتال وسار بطائفة من الجيش إلى طبرية، وقاتل أهلها ونقب بعض أبراجها، وأخذ المدينة عنوة في ليلة، ولجأ من بها إلى القلعة التي لها فامتنعوا بها وفيها أميرتها النصرانية ومعها أولادها.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فلما سمع الصليبيون بذلك اجتمعوا للمشورة فاستقر رأيهم على التقدم لقتال المسلمين وهذا ما أراده صلاح الدين من مهاجمة طبرية، وتقدموا حتى قربوا من معسكر المسلمين فعاد صلاح الدين من طبرية، وكان المسلمون قد نزلوا على الماء والزمان قيظ شديد الحرارة فوجد الصليبيون العطش ولم يتمكنوا من الوصول إلى الماء ولم يتمكنوا عن الرجوع خوفا من المسلمين فبقوا على حالهم إلى الغد وقد أخذ العطش منهم، ولما عاد صلاح الدين والمسلمون ركبوا وتقدموا إلى الصليبيين وركب الصليبيون ودنا بعضهم من بعض، وأمر السلطان الرماة أن يرشقوا الأعداء بنبالهم وتبارز الشجعان ثم أمر السلطان بالتكبير والحملة الصادقة فحمل المسلمون على أعدائهم، فاقتتلوا أشد قتال وصبر الفريقان، وأثخن رماة المسلمين في الأعداء فقتلوا كثيرا من خيولهم.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وتوجه الصليبيون نحو طبرية لعلهم يردون الماء؛ فلما علم صلاح الدين بمقصدهم صدهم عن مرادهم، ولما اشتد القتال عليهم أدرك القمص حاكم طرابلس أنه لا طاقة لهم بقتال المسلمين ففر من المعركة. فلما انهزم القمص فتَّ ذلك في أعضادهم، وكان بعض المتطوعة قد ألقى في تلك الأرض نارا وكان الحشيش كثيرا فاحترق، وحملت الريح حر النار والدخان إلى الأعداء، فاجتمع عليهم العطش، وحر الزمان، وحر النار والدخان، وحر القتال، فوهن الأعداء لذلك وهنا عظيما فأحاط بهم المسلمون إحاطة الدائرة بقطرها؛ فارتفع من بقي منهم على تل بناحية حطين وأرادوا أن ينصبوا خيامهم ويحموا نفوسهم به، فاشتد القتال عليهم من سائر الجهات، ومنعهم المسلمون عما أرادوا.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">وأخذ المسلمون صليبهم الذي يسمونه "صليب الصلبوت" والتي يزعمون أن به قطعة من الخشبة التي صلب عليها المسيح -في زعمهم- فكان أخذه عندهم من أعظم المصائب، وأيقنوا بعده بالقتل والهلاك، وكان الفرنجة قد ازدادوا عطشا؛ فنزلوا عن دوابهم وجلسوا على الأرض، فصعد المسلمون إليهم فألقوا خيمة الملك وأسروهم عن بكرة أبيهم، وفيهم الملك وأخوه البرنس "أرياط" صاحب الكرك، ولم يكن في الفرنج أشد عداوة للمسلمين منه، وأسروا أيضا صاحب جبيل وابن</span></span> <span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">هنفري،</span></span> <span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">ومقدم</span></span> <span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">الداوية وكان من أعظم الفرنج شأنا.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وانتهت المعركة بانتصار حاسم للمسلمين وانهزام شديد للصليبيين، وقد كثر فيها القتلى والأسرى منهم حتى أن من يرى القتلى لا يظن أنهم أسروا واحدا! ومن يرى الأسرى لا يظن أنهم قتلوا واحدا!!</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وقد بلغ عدد القتلى ثلاثين ألفا، وعدد الأسرى ثلاثين ألفا.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فلما فرغ المسلمون منهم نزل صلاح الدين في خيمته وأحضر ملك الفرنج عنده والبرنس صاحب الكرك، وأجلس الملك إلى جانبه وقد أهلكه العطش فسقاه ماء مثلوجا فشرب وأعطى فضله البرنس صاحب الكرك فشرب، فقال صلاح الدين: إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني، ثم كلم البرنس وقرعه بذنوبه، ومن ذلك سب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعزمه على غزو مكة والمدينة، وقتل الحجاج غدرا وكان يقول: "أين محمدكم فليأتي لينصركم". فقال له صلاح الدين: "جئتك بالنيابة عن محمد -صلى الله عليه وسلم- للانتصار لأمته".</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وكان صلاح الدين قد نذر مرتين أن يقتله إن ظفر به فقام إليه بنفسه فقتله، فلما قتله وسحب وأخرج؛ ارتعدت فرائص ملك الصليبيين فسكـَّن السلطان جأشه وأَمَّـنه.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">ولقد كان من براعة صلاح الدين وتخطيطه الحربي أنه بدأ بالاستيلاء على المدن الساحلية التي بين الصليبيين حتى لا تكون محطات لنزول حملة صليبية جديدة، ولقد كان الاستيلاء على بيت المقدس من قبل المسلمين أمرا كبيرا على النصارى في العالم، فقد كان هناك احتمال أن يقوم المنكوبون في حطين بطلب النجدة من الممالك الأوروبية، فبدأ صلاح الدين بأقرب بلد إليه وهي طبرية، فاستولى عليها، ثم فتح مدينة عكا بعد حصارها والصلح مع أهلها، ثم أرسل إلى أخاه العادل نائبه على مصر ليغزو المدن الساحلية القريبة منه "مجدل يابا" و"يافا"، ثم فتح صلاح الدين الناصرة، وقيسارية، وصفورية، ومعيليا، والشقيف، والفولة، وغيرها من البلدان المجاورة لمدينة عكا.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">ثم تولى صلاح الدين فتح مدينة بيروت، وصيدا، وتبنين، وجبيل، وبقي من المدن الساحلية الشمالية مدينة صور التي تجمـَّع بها أكثر من خرجوا من بلادهم من النصارى، فتركها صلاح الدين حتى لا تشغله عن فتح بيت المقدس، وقد رجع السلطان جنوبا إلى القدس، ولكنه قدَّم عليها عسقلان فحاصرها بعد أن التقى بأخيه العادل نائبه على مصر ومعه جيش من مصر ففتحها صلحا بعد حصار دام أربعة عشر يوما ثم فتح عزة، والرملة، والداروم، وغيرها، ولما تمَّ فتح ما حول القدس، وتم تأمين الساحل؛ توجـَّه السلطان صلاح الدين بجيشه نحو بيت المقدس، وكان بها جمع كثيف من النصارى، وكانوا يرون الموت أهون من أن يملك المسلمون بيت المقدس.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وقد وصل جيش المسلمين إلى القدس في منتصف رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، فرأى المسلمون على سوره من الرجال ما هالهم وسمعوا لأهله من الضجيج داخل المدينة ما استدلوا به على كثرة الجمع وبقي صلاح الدين خمسة أيام يطوف حول المدينة لينظر من أين يقاتل؛ لأن السور في غاية التحصين، فلم يجد عليه موضع قتال إلا من جهة الشمال، فانتقل إلى هذه الجهة ونصب المنجنيقات وبدأ القتال بالرمي من الطرفين، وتقاتلوا أشد قتال رآه الناس، وكان خيالة الأعداء يخرجون كل يوم إلى ظاهر البلد يقاتلون ويبارزون فقتل من الفريقين بعضهم.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وممن استشهد من المسلمين الأمير عز الدين عيسى بن مالك وهو من أكابر الأمراء، وكان أبوه صاحب قلعة جعبر، وكان يقاتل بنفسه كل يوم، فلما رأى المسلمون مصرعه عظم عليهم ذلك فحملوا حملة رجل واحد فأزالوا الفرنج عن مواقعهم فأدخلوهم إلى القدس، ووصل المسلمون إلى الخندق فجاوزوه، والتصقوا بالسور فنقبوه، وزحف الرماة يحمونهم والمجانيق توالي الرمي لتكشف الفرنج عن الأسوار حتى يتمكن المسلمون من نقب السور.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فلما نقبوه؛ حشوه بالبارود وفجروه فسقط السور والبرج الذي عليه، فلما رأى ذلك الفرنج اجتمع مقدموهم فتشاوروا، واجتمع رأيهم على طلب الأمان وتسليم القدس لصلاح الدين، فأرسلوا جماعة من أعيانهم في طلب الأمان؛ فامتنع السلطان من إجابتهم وقال: "لا أفعل بكم إلا ما فعلتم بأهله حين ملكتموه سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة من القتل والسبي وجزاء سيئة بمثلها".</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فلما رجعت رسلهم خائبين لم يظفروا بالصلح أرسل كبيرهم ياليان بن بيرزان وطلب الأمان لنفسه ليحضر عند صلاح الدين في أمر الصلح، فأجيب إلى ذلك وحضر عنده ورغب في الأمان فلم يجبه، واستعطفه فلم يعطف عليه، فلما أيس من ذلك قال له: "أيها السلطان اعلم أننا في هذه المدينة في خلق كثير لا يعلمه إلا الله -تعالى- وإنما يفترون عن القتال رجاء الأمان ظنا منهم أنك تجيبهم إليه كما أجبت غيرهم وهم يكرهون الموت ويرغبون في الحياة، فإذا رأينا الموت لابد منه فوالله لنقتلن أبناءنا ونساءنا، ونحرق أموالنا وأمتعتنا، ولا نترككم تغنمون منا دينارا واحدا، ولا تسبون ولا تأسرون رجلا ولا امرأة، فإذا فرغنا من ذلك خربنا الصخرة والمسجد الأقصى وغيرها من المواضع، ثم نقتل من عندنا من أسارى المسلمين وهم خمسة آلاف أسير، ولا نترك دابة ولا حيوانا إلا قتلناه، ثم نخرج إليكم فنقاتلكم قتال من يريد أن يحمي دمه ونفسه".</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">فاستشار صلاح الدين أصحابه فأجمعوا على إجابتهم إلى الأمان؛ فأجاب صلاح الدين حينئذ إلى بذل الأمان للفرنج، فاستقر أن يؤخذ من كل رجل عشرة دنانير ومن الطفل ذكرا أو أنثى ديناران، فمن أدى ذلك إلى أربعين يوم فقد نجا ومن انقضت الأربعون يوما عنه ولم يؤدِ ما عليه فقد صار مملوكا، فبذل ياليان عن الفقراء ثلاثين ألف دينار فأجيب إلى ذلك.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وسـُلِمت المدينة يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب، وكان يوما مشهودا ورفعت الأعلام الإسلامية على أسوارها، ودخل صلاح الدين المسجد الأقصى فأمر بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار والأنجاس ففعل ذلك، وأتى بمنبر نور الدين محمود فحـُمِل من حلب، ونصب بالقدس.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وهكذا فتح بيت المقدس للمرة الثانية في الإسلام وقد حاز شرف المرة الأولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وحاز شرف الثانية السلطان صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وهو شرف كبير أن يقرن الثاني بالأول.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">ولما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان والفساقى دخل أهل الإيمان، ونودي بالأذان، وقرئ القرآن، ووحِد الرحمن، ونصب المنبر إلى جانب المحراب، وبسطت البسط وعلقت القناديل، وتلي التنزيل، وجاء الحق وبطلت الأباطيل، وصفت السجادات، وكثرت السجدات، وتنوعت العبادات، وارتفعت الدعوات، ونزلت البركات، وانجلت الكربات، وأقيمت الصلوات، وأذن المؤذنون وخرس القسيسون، وزال البوس وطابت النفوس، وأقبلت السعود، وأدبرت النحوس.</span></span></span></span></strong><strong><span style="color: #779e41"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"></span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وعـُبِد الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي َلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وكبره الراكع والساجد، والقائم والقاعد، وامتلأ الجامع وسالت لرقة القلوب المدامع، ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال، وخطب الخطيب القاضي "محي الدين بن الزكي" فذكر شرف بيت المقدس وأتى بتحميدات القرآن كلها، ووعظ الناس بموعظة مشتملة على تغبيط الناس بما يسره الله على أيديهم من فتح بيت المقدس.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">ولما عاد صلاح الدين إلى دمشق وجد وكيل الخزانة الصفي</span></span> <span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">بن الفايض</span></span> <span style="color: black"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'">قد بنى له دارا بالقلعة هائلة مطلة على الشرف القبلي، فغضب عليه وعزله وقال: "إنا لم نخلق للمقام في دمشق ولا بغيرها من البلاد وإنما خلقنا لعبادة الله -عز وجل- والجهاد في سبيله وهذا الذي عملته مما يثبط النفوس ويقعدها عما خلقت له".</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وفي سنة أربعة وثمانين وخمسمائة فتح صلاح الدين قلعة برزبة، وبعد أن استولى صلاح الدين على حصن برزبة توجه إلى حصن الثغر فحاصره، فسلموا الحصن لصلاح الدين ثم توجه إلى صور، ولكنه لم يفتحها.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">وقد انتهى أمر صلاح الدين مع الصليبيين إلى عقد هدنة لمدة ثلاث سنين وثمانية أشهر، وذلك في العشرين من شعبان عام ثمان وثمانين وخمسمائة، وقد كانت الهدنة بطلب من ملك إنجلترا وقد أشار أمراء صلاح الدين عليه بالموافقة؛ ليرحل الفرنج القادمون فتخف الوطأة على المسلمين.</span></span></span></span></strong></p> <p style="text-align: center"><strong><span style="font-family: 'Traditional Arabic'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">المصدر: صوت السلف</span></span></span></strong></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="الشيخ عاطف الفيومي, post: 52397, member: 2397"] [CENTER][B][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=#008000]جهاد صلاح الدين الأيوبي[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6] [/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][/SIZE][/FONT] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فلما توفي نور الدين صار بين صلاح الدين وأبناء نور الدين نزاع حتى آل الأمر إلى ظهور صلاح الدين، وشملت سلطنته مصر والشام والجزيرة وغيرها. وكان -رحمه الله- عادلا كريما حليما صبورا على ما يكره، ومن أخبار زهده وكرمه أنه مات ولم يخلـِّف إلا دينارا وأربعين درهما مع سعة سلطانه.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]ولقد بدأ صلاح الدين منازلته للصليبيين في عام ستة وستين وخمسمائة حيث أغار على أعمال عسقلان وغزة، وأتاه ملك الفرنج في قلة من العسكر مسرعين لرده عن البلاد فقاتلهم وهزمهم، وأفلت ملك الفرنج من الأسر، وعاد صلاح الدين إلى مصر فأمر بصنع مراكب مفصلة وحملها قطعا على الجمال في البر وقصد أيلة، ثم أمر بجمع قطع المراكب وألقاها في البحر، وحاصر أيلة برا وبحرا وفتحها في العشر الأول من ربيع الآخر.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وفي سنة سبعين وخمسمائة أخرج الفرنج أسطولا بحريًا حربيًا من صقلية لغزو مصر وهو مكون من مائتي سفينة تحمل الرجال، وست وثلاثين تحمل الخيل، بالإضافة إلى ست مراكب كبار تحمل آلة الحرب وأربعين مركبا تحمل الأزواد، وكان عدد المقاتلين خمسون ألفا من الرجالة وألف وخمسمائة من الفرسان، وكانت هذه الحملة بقيادة ابن عم صاحب صقلية فوصلوا إلى الإسكندرية في السادس والعشرين من ذي الحجة عام تسعة وستين وخمسمائة على حين غفلة من أهلها وطمأنينة، فقاتلهم أهل الإسكندرية قتالا شديدا.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وسمع الفرنج باقتراب صلاح الدين منهم في عساكره فسقط في أيديهم وازدادوا تعبا وفتورا، فهاجمهم المسلمون ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة وكثر القتل في رجالة الفرنج فهرب كثير منهم إلى البحر وغرق بعضهم.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وغاص بعض المسلمين في الماء وخرق مراكب الفرنج فغرقت، فخاف الباقون من ذلك فولوا هاربين، واحتمى ثلاثمائة من فرسان الفرنج على رأس تل، فقاتلهم المسلمون إلى بكرة، ودام القتال إلى أن أضحى النهار، فغلبهم أهل البلد وقهروهم فصاروا بين قتيل وأسير.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وفي سنة ثلاثة وثمانين وخمسمائة خرج صلاح الدين من مصر إلى الشام، فلما وصل أرسل إلى بقية أطراف الشام وإلى المشرق يطلب اجتماع الجيوش لغزو الصليبيين، فاجتمع لديه اثنا عشر ألف فارس من الجند الذين يتقاضون الرواتب سوى المتطوعة، ثم سار بجيشه حتى خلـَّف طبرية خلف ظهره وتقدم حتى قارب الصليبيين وهم في خيامهم لم يفارقوها، فلما كان في الليل جعل في مقابل الصليبيين من يمنعهم من القتال وسار بطائفة من الجيش إلى طبرية، وقاتل أهلها ونقب بعض أبراجها، وأخذ المدينة عنوة في ليلة، ولجأ من بها إلى القلعة التي لها فامتنعوا بها وفيها أميرتها النصرانية ومعها أولادها.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فلما سمع الصليبيون بذلك اجتمعوا للمشورة فاستقر رأيهم على التقدم لقتال المسلمين وهذا ما أراده صلاح الدين من مهاجمة طبرية، وتقدموا حتى قربوا من معسكر المسلمين فعاد صلاح الدين من طبرية، وكان المسلمون قد نزلوا على الماء والزمان قيظ شديد الحرارة فوجد الصليبيون العطش ولم يتمكنوا من الوصول إلى الماء ولم يتمكنوا عن الرجوع خوفا من المسلمين فبقوا على حالهم إلى الغد وقد أخذ العطش منهم، ولما عاد صلاح الدين والمسلمون ركبوا وتقدموا إلى الصليبيين وركب الصليبيون ودنا بعضهم من بعض، وأمر السلطان الرماة أن يرشقوا الأعداء بنبالهم وتبارز الشجعان ثم أمر السلطان بالتكبير والحملة الصادقة فحمل المسلمون على أعدائهم، فاقتتلوا أشد قتال وصبر الفريقان، وأثخن رماة المسلمين في الأعداء فقتلوا كثيرا من خيولهم.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وتوجه الصليبيون نحو طبرية لعلهم يردون الماء؛ فلما علم صلاح الدين بمقصدهم صدهم عن مرادهم، ولما اشتد القتال عليهم أدرك القمص حاكم طرابلس أنه لا طاقة لهم بقتال المسلمين ففر من المعركة. فلما انهزم القمص فتَّ ذلك في أعضادهم، وكان بعض المتطوعة قد ألقى في تلك الأرض نارا وكان الحشيش كثيرا فاحترق، وحملت الريح حر النار والدخان إلى الأعداء، فاجتمع عليهم العطش، وحر الزمان، وحر النار والدخان، وحر القتال، فوهن الأعداء لذلك وهنا عظيما فأحاط بهم المسلمون إحاطة الدائرة بقطرها؛ فارتفع من بقي منهم على تل بناحية حطين وأرادوا أن ينصبوا خيامهم ويحموا نفوسهم به، فاشتد القتال عليهم من سائر الجهات، ومنعهم المسلمون عما أرادوا.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][SIZE=6][FONT=Comic Sans MS][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]وأخذ المسلمون صليبهم الذي يسمونه "صليب الصلبوت" والتي يزعمون أن به قطعة من الخشبة التي صلب عليها المسيح -في زعمهم- فكان أخذه عندهم من أعظم المصائب، وأيقنوا بعده بالقتل والهلاك، وكان الفرنجة قد ازدادوا عطشا؛ فنزلوا عن دوابهم وجلسوا على الأرض، فصعد المسلمون إليهم فألقوا خيمة الملك وأسروهم عن بكرة أبيهم، وفيهم الملك وأخوه البرنس "أرياط" صاحب الكرك، ولم يكن في الفرنج أشد عداوة للمسلمين منه، وأسروا أيضا صاحب جبيل وابن[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Arial] [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]هنفري،[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Arial] [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]ومقدم[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Arial] [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]الداوية وكان من أعظم الفرنج شأنا.[/FONT][/COLOR][/FONT][/SIZE][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وانتهت المعركة بانتصار حاسم للمسلمين وانهزام شديد للصليبيين، وقد كثر فيها القتلى والأسرى منهم حتى أن من يرى القتلى لا يظن أنهم أسروا واحدا! ومن يرى الأسرى لا يظن أنهم قتلوا واحدا!![/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وقد بلغ عدد القتلى ثلاثين ألفا، وعدد الأسرى ثلاثين ألفا.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فلما فرغ المسلمون منهم نزل صلاح الدين في خيمته وأحضر ملك الفرنج عنده والبرنس صاحب الكرك، وأجلس الملك إلى جانبه وقد أهلكه العطش فسقاه ماء مثلوجا فشرب وأعطى فضله البرنس صاحب الكرك فشرب، فقال صلاح الدين: إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني، ثم كلم البرنس وقرعه بذنوبه، ومن ذلك سب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعزمه على غزو مكة والمدينة، وقتل الحجاج غدرا وكان يقول: "أين محمدكم فليأتي لينصركم". فقال له صلاح الدين: "جئتك بالنيابة عن محمد -صلى الله عليه وسلم- للانتصار لأمته".[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وكان صلاح الدين قد نذر مرتين أن يقتله إن ظفر به فقام إليه بنفسه فقتله، فلما قتله وسحب وأخرج؛ ارتعدت فرائص ملك الصليبيين فسكـَّن السلطان جأشه وأَمَّـنه.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]ولقد كان من براعة صلاح الدين وتخطيطه الحربي أنه بدأ بالاستيلاء على المدن الساحلية التي بين الصليبيين حتى لا تكون محطات لنزول حملة صليبية جديدة، ولقد كان الاستيلاء على بيت المقدس من قبل المسلمين أمرا كبيرا على النصارى في العالم، فقد كان هناك احتمال أن يقوم المنكوبون في حطين بطلب النجدة من الممالك الأوروبية، فبدأ صلاح الدين بأقرب بلد إليه وهي طبرية، فاستولى عليها، ثم فتح مدينة عكا بعد حصارها والصلح مع أهلها، ثم أرسل إلى أخاه العادل نائبه على مصر ليغزو المدن الساحلية القريبة منه "مجدل يابا" و"يافا"، ثم فتح صلاح الدين الناصرة، وقيسارية، وصفورية، ومعيليا، والشقيف، والفولة، وغيرها من البلدان المجاورة لمدينة عكا.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]ثم تولى صلاح الدين فتح مدينة بيروت، وصيدا، وتبنين، وجبيل، وبقي من المدن الساحلية الشمالية مدينة صور التي تجمـَّع بها أكثر من خرجوا من بلادهم من النصارى، فتركها صلاح الدين حتى لا تشغله عن فتح بيت المقدس، وقد رجع السلطان جنوبا إلى القدس، ولكنه قدَّم عليها عسقلان فحاصرها بعد أن التقى بأخيه العادل نائبه على مصر ومعه جيش من مصر ففتحها صلحا بعد حصار دام أربعة عشر يوما ثم فتح عزة، والرملة، والداروم، وغيرها، ولما تمَّ فتح ما حول القدس، وتم تأمين الساحل؛ توجـَّه السلطان صلاح الدين بجيشه نحو بيت المقدس، وكان بها جمع كثيف من النصارى، وكانوا يرون الموت أهون من أن يملك المسلمون بيت المقدس.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وقد وصل جيش المسلمين إلى القدس في منتصف رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، فرأى المسلمون على سوره من الرجال ما هالهم وسمعوا لأهله من الضجيج داخل المدينة ما استدلوا به على كثرة الجمع وبقي صلاح الدين خمسة أيام يطوف حول المدينة لينظر من أين يقاتل؛ لأن السور في غاية التحصين، فلم يجد عليه موضع قتال إلا من جهة الشمال، فانتقل إلى هذه الجهة ونصب المنجنيقات وبدأ القتال بالرمي من الطرفين، وتقاتلوا أشد قتال رآه الناس، وكان خيالة الأعداء يخرجون كل يوم إلى ظاهر البلد يقاتلون ويبارزون فقتل من الفريقين بعضهم.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وممن استشهد من المسلمين الأمير عز الدين عيسى بن مالك وهو من أكابر الأمراء، وكان أبوه صاحب قلعة جعبر، وكان يقاتل بنفسه كل يوم، فلما رأى المسلمون مصرعه عظم عليهم ذلك فحملوا حملة رجل واحد فأزالوا الفرنج عن مواقعهم فأدخلوهم إلى القدس، ووصل المسلمون إلى الخندق فجاوزوه، والتصقوا بالسور فنقبوه، وزحف الرماة يحمونهم والمجانيق توالي الرمي لتكشف الفرنج عن الأسوار حتى يتمكن المسلمون من نقب السور.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فلما نقبوه؛ حشوه بالبارود وفجروه فسقط السور والبرج الذي عليه، فلما رأى ذلك الفرنج اجتمع مقدموهم فتشاوروا، واجتمع رأيهم على طلب الأمان وتسليم القدس لصلاح الدين، فأرسلوا جماعة من أعيانهم في طلب الأمان؛ فامتنع السلطان من إجابتهم وقال: "لا أفعل بكم إلا ما فعلتم بأهله حين ملكتموه سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة من القتل والسبي وجزاء سيئة بمثلها".[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فلما رجعت رسلهم خائبين لم يظفروا بالصلح أرسل كبيرهم ياليان بن بيرزان وطلب الأمان لنفسه ليحضر عند صلاح الدين في أمر الصلح، فأجيب إلى ذلك وحضر عنده ورغب في الأمان فلم يجبه، واستعطفه فلم يعطف عليه، فلما أيس من ذلك قال له: "أيها السلطان اعلم أننا في هذه المدينة في خلق كثير لا يعلمه إلا الله -تعالى- وإنما يفترون عن القتال رجاء الأمان ظنا منهم أنك تجيبهم إليه كما أجبت غيرهم وهم يكرهون الموت ويرغبون في الحياة، فإذا رأينا الموت لابد منه فوالله لنقتلن أبناءنا ونساءنا، ونحرق أموالنا وأمتعتنا، ولا نترككم تغنمون منا دينارا واحدا، ولا تسبون ولا تأسرون رجلا ولا امرأة، فإذا فرغنا من ذلك خربنا الصخرة والمسجد الأقصى وغيرها من المواضع، ثم نقتل من عندنا من أسارى المسلمين وهم خمسة آلاف أسير، ولا نترك دابة ولا حيوانا إلا قتلناه، ثم نخرج إليكم فنقاتلكم قتال من يريد أن يحمي دمه ونفسه".[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]فاستشار صلاح الدين أصحابه فأجمعوا على إجابتهم إلى الأمان؛ فأجاب صلاح الدين حينئذ إلى بذل الأمان للفرنج، فاستقر أن يؤخذ من كل رجل عشرة دنانير ومن الطفل ذكرا أو أنثى ديناران، فمن أدى ذلك إلى أربعين يوم فقد نجا ومن انقضت الأربعون يوما عنه ولم يؤدِ ما عليه فقد صار مملوكا، فبذل ياليان عن الفقراء ثلاثين ألف دينار فأجيب إلى ذلك.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وسـُلِمت المدينة يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب، وكان يوما مشهودا ورفعت الأعلام الإسلامية على أسوارها، ودخل صلاح الدين المسجد الأقصى فأمر بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار والأنجاس ففعل ذلك، وأتى بمنبر نور الدين محمود فحـُمِل من حلب، ونصب بالقدس.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وهكذا فتح بيت المقدس للمرة الثانية في الإسلام وقد حاز شرف المرة الأولى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وحاز شرف الثانية السلطان صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله-، وهو شرف كبير أن يقرن الثاني بالأول.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]ولما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان والفساقى دخل أهل الإيمان، ونودي بالأذان، وقرئ القرآن، ووحِد الرحمن، ونصب المنبر إلى جانب المحراب، وبسطت البسط وعلقت القناديل، وتلي التنزيل، وجاء الحق وبطلت الأباطيل، وصفت السجادات، وكثرت السجدات، وتنوعت العبادات، وارتفعت الدعوات، ونزلت البركات، وانجلت الكربات، وأقيمت الصلوات، وأذن المؤذنون وخرس القسيسون، وزال البوس وطابت النفوس، وأقبلت السعود، وأدبرت النحوس.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B][URL="javascript:openquran(111,3,4)"][B][COLOR=#779e41][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B][/URL] [B][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وعـُبِد الله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي َلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، وكبره الراكع والساجد، والقائم والقاعد، وامتلأ الجامع وسالت لرقة القلوب المدامع، ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال، وخطب الخطيب القاضي "محي الدين بن الزكي" فذكر شرف بيت المقدس وأتى بتحميدات القرآن كلها، ووعظ الناس بموعظة مشتملة على تغبيط الناس بما يسره الله على أيديهم من فتح بيت المقدس.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][SIZE=6][FONT=Comic Sans MS][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]ولما عاد صلاح الدين إلى دمشق وجد وكيل الخزانة الصفي[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Arial] [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]بن الفايض[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Arial] [/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]قد بنى له دارا بالقلعة هائلة مطلة على الشرف القبلي، فغضب عليه وعزله وقال: "إنا لم نخلق للمقام في دمشق ولا بغيرها من البلاد وإنما خلقنا لعبادة الله -عز وجل- والجهاد في سبيله وهذا الذي عملته مما يثبط النفوس ويقعدها عما خلقت له".[/FONT][/COLOR][/FONT][/SIZE][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وفي سنة أربعة وثمانين وخمسمائة فتح صلاح الدين قلعة برزبة، وبعد أن استولى صلاح الدين على حصن برزبة توجه إلى حصن الثغر فحاصره، فسلموا الحصن لصلاح الدين ثم توجه إلى صور، ولكنه لم يفتحها.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][COLOR=#000080][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]وقد انتهى أمر صلاح الدين مع الصليبيين إلى عقد هدنة لمدة ثلاث سنين وثمانية أشهر، وذلك في العشرين من شعبان عام ثمان وثمانين وخمسمائة، وقد كانت الهدنة بطلب من ملك إنجلترا وقد أشار أمراء صلاح الدين عليه بالموافقة؛ ليرحل الفرنج القادمون فتخف الوطأة على المسلمين.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/B] [B][FONT=Traditional Arabic][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]المصدر: صوت السلف[/SIZE][/FONT][/FONT][/B][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
قسم القرآن و القراءات و التجويد
ركن علم الإجازات والأسانيد والتراجم
جهاد صلاح الدين الأيوبي