"يَــوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ "

طباعة الموضوع

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
"يَــوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ "
عنوان لآيةٌ عظيمة من كتاب الله عز وجل يُذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب....



32226_11298292310.gif


وأعمالها وسرائرها، مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم....


كما ينبهُ الله عز وجل من خلال هذه الآيةِ على أن هذه السرائر ستبلى وتختبر يوم القيامة، ويظهر ما فيها من الإخلاص، والمحبة والصدق ...


أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء....


وذلك في يوم القيامة، يوم الجزاء والحساب، وهذا واضح من الآية وما قبلها وبعدها،
حيث يقول الله عز وجل: { إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ } (الطارق:10) .



والقلب هو محطُّ نظر الله عز وجل، وعليه يدور القبول والرد
كما قال صلى الله عليه وسلم : { إن الله لا ينظر إلى أجسـامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم} رواه مسلم .


والسريرة إذا صلحت صلح شأن العبد كله، وصلحت أعماله الظاهرة ولو كانت قليلة..
والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة، فإنها تفسد بفسادها أقوالُ العبد وأعماله،
وتكون أقرب إلى النفاق والرياء عياذًا بالله تعالى،...



ويوضحُ هذا الأمر قوله صلى الله عليه وسلم : { ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب} رواه البخاري .


ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية- رحمه الله تعالى- عن وهب قوله:-
ولا تظن أن العلانية هي أنجح من السريرة، فإنَّ مثل العلانية مع السريرة، كمثل ورق الشجر مع عرقها، العلانية ورقها، والسريرة عرقها. إن نُخر العرق هلكت الشجرة كلها، ورقها وعودها..


وإن صلحت صلحت الشجرة كلها، ثمرها وورقها، فلا يزالُ ما ظهر من الشجرة في خيرٍ ما كان عرقها مستخفيًا، لا يُرى منه شيء، كذلك الدين لا يزال صالحًا ما كان له سريرةً صالحة، يصدق الله بها علانيته..


فإنَّ العلانية تنفعُ مع السريرة الصالحة، كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياتها من قبل عرقها، فإن فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين...
فإنَّ العلانية معها تزين الدين وتجمله، إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل ..


ويقول الإمام ابن القيم- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: (( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) ..


وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أنَّ الأعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرتهُ صالحة، كان عمله صالحًا ، فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا وحياء..
ومن كانت سريرته فاسدة، كان عمله تابعًا لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سوادًا وظلمة وشينًا، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته...


فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها..


وقال أيضًا في تفسـير هذه الآية : قوله تعالى : (( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)) أيتختبر....


وقال مقاتل: تظهر وتبدو، وبلوت الشيءَ إذا اختبرته، ليظهر لك باطنه، وما خفي منه...


والسرائر جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينهُ وبين عبده في ظاهره وباطنه لله..
فالإيمان من السرائر، وشرائعه من السرائر، فتُختبر ذلك اليوم، حتى يظهر خيرُها من شرها، ومؤدِّيها من مضيعها، وما كان لله مما لم يكن له...



قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-:
(يُبدي الله يوم القيامة كل سرٍ فيكون زيناً في الوجوه، وشينًا فيها، والمعنى تختبر السرائر بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم )

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

وقوله : {يوم تبلى السرائر} أي تختبر السرائر ، وهي القلوب ، فإن الحساب يوم القيامة على ما في القلوب ، والحساب في الدنيا على ما في الجوارح ...


ولهذا عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنافقين معاملة المسلمين حيث كان يُستأذن في قتلهم فيقول : «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» ، فكان لا يقتلهم وهو يعلم أن فلانًا منافق ، وفلانًا منافق ، لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن .


قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
( أي تختبر سرائر الصدور ، ويظهر ماكان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه ، قال تعالى :" يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " ، ففي الدنيا تنكتم كثير من الأمور ، ولا تظهر عيانا للناس ، وأما في القيامة ، فيظهر برُّ الأبرار ، وفجور الفجّار ، وتصير الأمور علانية )


مما سـبق يتبين لنا عظم شأن القلب والسريرة، حيثُ إنَّها محطُّ نظر الله عز وجل، وعليها مـدارُ القبـول عنده سبحانه، وحسب صلاحها وفسادها يكون حسـن الخاتمة وسوؤها...
وكلما صلحت الســريرة نمـت الأعمال الصالحة، وزكت، ولو كانت قليلةً والعكس،
من ذلك في قلة بركة الأعمال، حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها...


وهذا هو الذي يفسر لنا تفوق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على غيرهم، ممن جاء بعدهم، والذي قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادةً وقربات.


حيث إنَّ أساس التفاضلِ بين العباد عند الله عز وجل، هو ما وقرَ في القلب من سريرةٍ صالحة، حشوها المحبة والتعظيم، والإخلاص لله تعالى.


وأخبار السلف في حرصهم على أعمال القلوب، وإصلاح السرائر كثيرة ومتنوعة، وبخاصة فيما يتعلق بمحبة الله عز وجل، والخوف منه وإخلاص العمل له سبحانه، ومن ذلك:


* قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : { القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل،فإنما التقوى بالتوقي،ومن يتق الله يقه}


* وعن عثمان رضي الله عنه قال : { ما أسرَّ أحدٌ سريرة إلاَّ أظهرها الله على صفحاتِ وجهه، وفلتات لسانه} .


* وعن نعيم بن حمـاد قال: سـمعت ابن المبـارك يـقول:
ما رأيـتُ أحدًا ارتفع مثـل مالك، ليس لهُ كثيرُ صلاة ولا صيام، إلاَّ أن تكون له سريرة

يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

أم حذيفة

وَهذَا زَمَانُ الصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتي
طاقم الإدارة
إنضم
26 أغسطس 2010
المشاركات
3,675
النقاط
38
الإقامة
الامارات
احفظ من كتاب الله
القرءان كامل
احب القراءة برواية
بحميع الروايات
القارئ المفضل
الشيخ ابراهيم الأخضر
الجنس
أخت
وهناك بعض العلامات الدالة على صلاح السريرة،وسلامة القلب..
ومنها نعرف ما يضادها من المظاهر، التي تدل على فساد في السريرة ومرض في القلب.


» أول هذه العلامات «


//عناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عز وجل، ومحاولة إخفائها عن الناس، وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء الناس....
ويضاد ذلك الرياء، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، وحب الظهور.


//التواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضاد ذلك الكبر والعجب، والولع بنقد الآخرين.


//الإنابة إلى الدار الآخرة،والتجافي عن الدنيا، والاستعداد للرحيل، وحفظ الوقت، وتدارك العمر...
ويضاد ذلك الركون إلى الدنيا، وامتلاءُ القلب بهمومها ومتاعها الزائل، ونسيان الآخرة، وقلة ذكر الله عز وجل، وتضييع الأوقات.


// سلامة القلب من الحقدِ والغلِ والحسد،ويضادُ ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض- عياذًا بالله -.


//شدة الخوف من الله عزوجل، ومراقبته في السر والعلن، والمبادرةِ بالتوبة والإنابة من الذنب ..
ويضاد ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة الخوف من الله جلَّ وعلا، بحيث إذا خلا بمحارم الله عزوجـل انتهكها، وإذا فعل معصيةً لم يتب منها، بل أصر عليها وكابر وتبجح.

// الصدق في الحديث، والوفاء بالعهود وأداءالأمانة، وإنفاذ الوعد، وتقوى الله عز وجل في الخصومة،
فكلُّ هذه الخصال تدلُ على صلاحٍ في السريرة،



لأنَّ أضداد هذه الصفات إنما هـي من خصال المنافقين، الذين فسدت سرائرهم ...
كما أخبر بذلك الرسـول صلى الله عليه وسلم بقوله: { أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق:إذا حدث كذب وإذا عاهدغدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر}رواه البخاري
ويدخل في ذلك ذو الوجهين،الذي يلقى هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه..


// قبول الحق والتسليم له، من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصب للأخطاء، والجدال بالباطل، وإتباع الهوى في ذلك.


فظواهرنا ... يراها الناس ... فينصحوننا ... ويوجهوننا ... ويذكروننا ...

أما البواطن ... والسرائر ... وخفايا الصدور ...

فلا يعلم بها إلامن يعلم السر وأخفى ... من يعلم ما في الصدور ... من يعلم السرائر ويبتليها .



فلنحرص علىإصلاح السرائر ...قبل أن تبلى السرائر .
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
باركـ المولى جل وعلا فيكـِ شيختنا الحبيبة
ونفع بكـِ جل شأنه وكتب اجركـِ جل جلاله
وجزاكـِ سبحانه وتعالى الفردوس الاعلى
ورفع قدركـِ عز وجل في الدارين
 
إنضم
23 يونيو 2011
المشاركات
2,069
النقاط
38
الإقامة
مصر
احفظ من كتاب الله
القرآن كاملا
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ محمود خليل الحصري
الجنس
أخ
اللهم اجعل قلوبنا تخشع من تقواك
واجعل عيوننا تدمع من خشيتك
واجعلنا يارب اهل التقوى واهل المغفرة يارب العالمين​
 

آلداعي

عضو مميز
إنضم
24 نوفمبر 2011
المشاركات
3,316
النقاط
38
الإقامة
||خير بقاع الأرض||
الموقع الالكتروني
www.qoranona.net
احفظ من كتاب الله
احب القراءة برواية
ツ ورش ツ
القارئ المفضل
كل من تلى كتاب الله بتدبر وخشوع
الجنس
||داعي إلى الله||
احسن الله اليكم شيختنا
 
إنضم
10 يناير 2011
المشاركات
302
النقاط
16
الموقع الالكتروني
www.alrasekhoon.com
احفظ من كتاب الله
القران كاملا
القارئ المفضل
الشيخ ياسين الجزائري
اللهم سلم يارب
اللهم طهر قلوبنا وسرائرنا وأصلح علانيتنا
كتب الله أجرك شيختي الحبيبة ونفع بما سطرت اناملك من درر
سلمت وسلمت اناملك ولاحرمنا الله منك يارب
 
أعلى