أم هنا وريهام
مشرف عام
- إنضم
- 6 يناير 2012
- المشاركات
- 873
- النقاط
- 16
- الإقامة
- المنصوره
- احفظ من كتاب الله
- ماتيسر من القران
- احب القراءة برواية
- حفص
- القارئ المفضل
- المنشاوى
- الجنس
- اخت
كيف نستخلص النَّصر من الهزيمة؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نستخلص النَّصر من الهزيمة؟
ففي حياة الأمم مدٌّ وجَزْرٌّ، وصُعود وهُبوط، ونصر وهزيمة، وشدَّة ورخاء.
والأمة الحية تستفيد من كل ظاهرة تصادفها، ومن كل حدث يمّر عليها، أو يُلمّ بها، فتتكيف معه، وتخرج منه إلى عبرة، ودرس يجنّبها في الآتي، مغبّة و أخطاء الماضي، فإذا بها تصنع من عناصر الهزيمة، سلم النصر، ومراقي النجاح.
والأمة الميتة، أو المتماوتة، لا يبعثها شيء، ولا تعتبر بحدث، إنما تعيش يومها كيفما اتفق، وترضى بمكانها كيفما كان. ولو رحنا ننبش أكداس الماضي، ونمخر عباب الآتي، وننظر في منعطفات الحاضر لوصلنا إلى مسلمات وقناعات تشكل بجملتها البناء الهيكلي الذي يجعل الأمة قادرة على السير قدماً، تستفيد من كل حدث، وتعتبر بكل ظرف، وتجعل من كل نكسة مفتاحاً إلى النصر، ومن جملة هذه المعطيات والقناعات والمسلمات:
1- البناء الإنساني القويم.
2- تحديد الهدف المقصود الصحيح.
3- اتخاذ الوسائل الراقية.
هذه الشبكة من الأصول والمعطيات نجدها واضحة أيما وضوح، وقائمة أيما قيام في بداية أول سورة نزلت من القرآن بعد الآيات الخمس الأولى من سورة: اقرأ.
وهذه السورة هي: (يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولا تمنن تستكثر. ولربك فاصبر).
هذه المعالم في هذا البيان تعد شبكة التكوين التي التحمت في جملتها المباني، والأهداف والوسائل، واشتبكت لتكون الفرد والأمة المنتفعة المعتبرة بكل ما يصادفها ويمر بها.
هذه الأسس والمعطيات هي أعصاب الحركة والإحساس، وضوابط السير على الطريق من البداية إلى النهاية، هذه البنية المتشابكة تشكل المنطلق إلى النصر، وبوسعها أن تحول كل نكسة إلى نجاح، ونستعرض كل أية من آيات هذه السورة العظيمة.
ونستخلص منها درساً في دروس القيادة الحكيمة، واستلهام عوامل النصر وصناعة الحضارة والرقي بالأمة الإسلامية إن شاء الله تعالى.
استخلاص النصر من الهزيمة لبحث أيات السورة العظيمة (المدثر) في فهم مواضيع مختلفة عن القيادة والحكمة وحسن الإدارة، واليوم نقف مع بداية هذه السورة المباركة:
(يا أيها المدثر. قم فأنذر): هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه يمتد ليشمل كل قائد، وعامل، ومرب، ومصلح.
فلا بد من إلقاء الدثار، ورفع الغطاء مادياً كان، أو معنوياً، حتى لا يشكل بكثافته ضبابة تحجب الرؤية، وعائقاً يضعف الحركة، فلا مناص من إلقائه لتغدو الإرادة حرّة طليقة من الضغوط المعيقة، والأثقال المثبطة، فكيف يستطيع أن ينهض من كان مكبلاً بأغطية ثقيلة، وأردية سميكة، فلا بدّ إذاً من وضعها والتخلص من عوائقها.
فالنبي القائد، استجاب، وفعل، فألقى الدثار، واكتسى بأثواب الهمة والعزيمة، والتصميم، ليلقي نفسه بالنذارة أولاً، وقبل كل شيء، يحذرها من غوائل الضعف والتردي، ويخلصها من كوابيس الكسل والتواني، وما ذلك إلا لأن المهمة ثقيلة، لا تتفق والمثبطات، أو الضغوط المقعدة عن الحركة.
وإذا تم له أن ينذر نفسه، ويحرّرها من الجمود والقعود، ويؤهلها للحركة والبركة والانطلاق كان له بعد ذلك أن ينذر غيره ويربيهم على مثل تربيته لنفسه، فإن المؤهَّل يُؤهِّل، والمربّي يربّي، وفاقد الشيء لا يعطيه، وهذه ليست مهمة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، بل هي مهمة كل مرب وداع، وقائد يريد أن يشق طريقه إلى الهدف، ويصل إلى النهاية بعزّة وكرامة.
وإنذار الناس نوع من الترهيب، والترهيب نوع من القيادة بالتلويح بسيف العقاب، أو التهديد بعواقب المخالفة، والقائد المحنك هو من يستشرف المستقبل، ويتوقع النتائج المبنية على المقدمات الصحيحة، ثم يعرض خططه على من حوله لاتخاذ القرار المناسب، والإنذار بوجود خطر مرتقب إن لم تنفذ التوصيات، بل ومتابعة تنفيذها حتى تمامها، ومن صفات القادة حسن الإبلاغ، وبيان النطق والفصاحة وانتقاء الكلمات بدقة متناهية، وذلك لضمان تحقيق غاياتها إلى منتهاها.
مع ارق تحياتى
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع