هذه إطـــلالـــة جديدة نذكر فيها بتوفــيــق من الله عـــز وجل جملة من المسائل المتعلقة بالإقراء عند أهل المغرب عموما وأهل تونس خصوصا بشكل مبسط دون تفصيل ممل ولا اختصار مخل ذاكـرا من أمور القراءة ما جرت به العادة.
جرت عادة أهلالمغرب على اعتماد قراءة الإمام نافع بن عبد الرحمان المدني في قراءة القرآن الكريم، حيث كان لهذه القراءة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الانتشار الواسع في الأمصار المغربية واهتموا بها أكثر من غيرها وأفردوها بالتأليف والنظم والإقراء وتميزوا بأخذها بمجموع رواياتها الأربعة وطرقها العشرة حتى أنهم ألفوا ما يعرف عندهم بـ" العشر الصغير " وهي مجموع الطرق الصحيحة الموصلة لقراءة الإمام نافع رحمه الله.
فالمشهور أن للإمام نافع راويان فقط ( الإمام عيسى بن مينا " قالون " والإمام عثمان بن سعيد المصري " ورش " ) وهو مقتضى اختيار الإمام عثمان الداني في تيسيره وتبعه في ذلك الإمام القاسم بن فيره بن خلف الشاطبي في حرزه، واختارا لكل واحد من الأيمة طريقا فأصبح للإمام نافع راويان يتفرع عن كل منهما طريق، ثم جاء بعد ذلك الإمام ابن الجزري فزاد لكل إمام طريق فأصبح لكل رواية طريقان، لكن رواة الإمام نافع وطرقه أكثر من ذلك، فعكف المغاربة عليها إلى أن اعتمدوا للإمام نافع أربعة رواة يتفرع عنهم عشرة طرق، وهي التي سموها بـ" العشر الصغير " حتى لا تختلط بالقراءات العشر المشهورة سواء الصغرى منها أو الكبرى.
وهذا رسم توضيحيّ للرواة والطرق وكيفية توزيعها:
فالمشهور من طرق الإمام قالون المعتمدة هما طريقا أبي نشيط والحلواني، والمشهور من طرق الإمام ورش المعتمدة هما طريقا الأزرق والأصبهاني، لكن - وكما هو موضح في الرسم - الطرق أكثر من ذلك بل إن الرواة أوسع من الاقتصار على الإمام قالون والإمام ورش.
[font="]القـــراءة والروايـــة والطريق[/font][font="] (2) [/font]فيما يلي ذكر للرواة الأربعة عن الإمام نافع بن عبد الرحمان المدني:
1 عيسى بن مينا (قالون) 2 عثمان بن سعيد المصري (ورش) 3إسماعيل بن جعفر الأنصاري (إسماعيل) 4اسحاق بن محمد بن المسيب (المسيبي) وقد نظم الامام ابن غازي المكناسي هذه الطرق في منظومة تفصيل عقد الدرر وهي بمثابة تحبير لمتن الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع للامام ابن بري رحمه الله ونفعنا بعلمه الشريف، وكذلك منظومة لامية الصفار المسماة تحفة الأليف في نظم كتاب التعريف و لامية العامري ولامية الوهراني.
وقد نظم الرواة والطرق الشيخ محمد المهدي متجينوش (المتوفى سنة 1344هـ) في التعريف بالامام نافع وشيوخه ورواته:
طرقهم عشرة بلا نكــير***عندهم تعـرف بالعشر الصغير
فالاصبهانيازرقعبدالصمد***ثلاثة ورشــهم بلا كمد
والقاض والمروز والحلوان***طرق قــالون بلا بهــتان إسحاق عنه نجــله محمد***كذا ابن سعدان الرضي محمد
روى عن إسمـاعيل نجل الفرح***كذا أبو الزعر انتهى بلا ترح
تضــمن الحرز عن التيـسير***منها طـريقان بلا تعــسير
طريق الازرق عن المصري العلم***أبونشيط المروزي عن الاصم
لكنّ الإمام الداني ( كما يفهم من البيتين الأخيرين ) اقتصر في تيسيره ( يعني كتاب التيسير في القراءات السبع ) على راويان للإمام نافع وعلى طريق لكل راو فذكر أنّ: للإمام نافع راويان هما عيسى بن مينا الملقب بـ " قالون " وعثمان بن سعيد المصري الملقب بـ" ورش ".
وقال ( ما معناه ) سأعتمد في روايتي للإمام قالون على طريق الإمام أبي نشيط وفي روايتي للإمام ورش على طريق الإمام الأزرق.
لكن هذا الاختيار ( كما قلنا هو اختيار الإمام الحافظ العلامة أبي عمرو الداني ) ما كان له أن يشتهر ويُعتمد من قبل أكثر التآليف فيما بعد، لولا بزوغ نجم الإمام الحجة مقرئ الناس شاعر الأندلس الذي أعجز الناس بقصيدته، الإمام القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الشاطبي الرعيني الأندلسي رحمه الله ونفعنا بعلمه في الدارين، هذا الإمام أخذ كتاب التيسير للإمام الداني ( الذي هو نثر ) ونظمه في قصيدة جميلة رائعة عجز فصحاء العرب عن الإتيان بمثلها ومظاهاتها، وسماها حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع جمع فيها القراءات المتواترة عن القراء السبع الذين اعتمدهم الإمام ابن مجاهد وتبعه الإمام الداني.
ثم وفي وقت لاحق - وبعد زمن الإمام الشاطبي - جاء الإمام المحقق محمد بن الجزري الشافعي وأضاف ثلاثة قراء للسبعة المتقدمين ونظم لهم الدرة المضية في القراءات الثلاث المرضية كمّل بها قصيدة الإمام الشاطبي، فأصبحت - بمعية الحرز- تسمى العشر الصغرى، حيث حافظ فيها على نفس التوجه الذي اعتمده الإمام الشاطبي، يعني راو عن كل إمام وطريق عن كل راو، قبل أن ينظم طيبته ( طيبة النشر في القراءات العشر ) والتي أضاف فيها لكل راو من الرواة طريقا، فأصبح عن كل إمام راويان وعن كل راو طريقان، وتسمى هذه العشر الكبرى.
كانت هذه لمحة موجزة حول القراءة والرواية والطريق قبل الدخول في محتوى ما رغبنا بذكره من خلال هذا الموضوع، ألا وهي بعض من مسائل الإقراء عند أهل المغرب عموما وتونس خصوصا وما جرت به العادة عندهم. أسأل الله التوفيق والسداد، أنتظر تفاعلاتكم مع الموضوع.
استقر العمل اليوم عندنا وعند أهل المغرب وفي أغلب الأمصار شرقا وغربا على الاقتصار على روايتي الإمام عيسى بن مينا " قالون " والإمام عثمان بن سعيد المصري " ورش " عن الإمام نافع بن عبد الرحمان المدني اتباعا لاختيار الإمام الداني ومن وافقه على ذلك لا سيما الإمام الشاطبي وصولا إلى الإمام ابن الجزري، لكن الاختلاف وقع في الطرق وهاك تفصيل المسألة:
كما هو معلوم أن حافظ القرآن يبدأ بإحدى الروايتين ( باختلاف المناطق، فمثلا في العاصمة وأحوازها انتشرت رواية الإمام قالون عكس أهل الجنوب الذين انتشرت عندهم رواية الإمام ورش أكثر ) فيبدأ مثلا بحفظ رواية الإمام قالون أو رواية الإمام ورش من أولها إلى آخرها رواية ودراية أصولا وفرشا حتى تكون له حجر أساس لعلم القراءات فيما بعد، وبما أنّ اختيار الإمام الداني للطرق اشتهر بقصيدة الإمام الشاطبي فإن الطريق المشهور المأخوذ به في رواية الإمام قالون هو طريق أبي نشيط والطريق المشهور المأخوذ به في رواية الإمام ورش هو طريق الأزرق، كما أسلفت تبعا لاختيار الإمام الداني وتثبيت الإمام الشاطبي، حتى أصبح يقال رواية الإمام قالون من طريق االشاطبية أو رواية الإمام ورش من طريق الشاطبية أي من الطريق الذي اعتمده الإمام الشاطبي ألا وهو طريق أبي نشيط للإمام قالون وطريق الإمام الأزرق للإمام ورش، أما بقية طرق الإمام قالون أو الإمام ورش فإما غير معتمدة أو هي من مسلك آخر، يعني ماذا ؟
يعني أنّ الطرق المتبقية للإمام قالون وورش إما قد وقع تركها وعدم الإقراء بها أو هي من اختيار غير الإمام الشاطبي، وهنا أفسر.
قلنا أن الإمام الشاطبي ثبّت طريق الإمام أبي نشيط عن الإمام قالون وطريق الإمام الأزرق عن الإمام ورش، ماذا بقي ؟ بقي طريق الإمام الحلواني والإمام القاضي عن الإمام قالون وطريق الإمام الأصبهاني والإمام عبد الصمد عن الإمام ورش.
أمّا طريقا الإمام القاضي عن الإمام قالون والإمام عبد الصمد عن الإمام ورش فلم يعتمدا ( سمعت أنه لازال يوجد من يقرأ بهما في المغرب الأقصى )، وأما طريقا الإمام الحلواني عن الإمام قالون والإمام الأصبهاني عن الإمام ورش فهما من اختيار الإمام ابن الجزري واللذان أضافهما إلى طريقي الإمام الشاطبي، وظمنهما في قصيدته التي سماها طيبة النشر، حتى أصبح من يقرأ رواية الإمام قالون من طريق الحلواني أو رواية الإمام ورش من طريق الأصبهاني، يطلق عليه أنه يقرأ من طريق طيبة النشر.
إذاً أصبح لنا طريقان رئيسيان لقراءة القرآن. الأول: طريق الشاطبية ( أبي نشيط عن قالون، الأزرق عن ورش ) الثاني: طريق طيبة النشر ( أبي نشيط والحلواني عن قالون، الأزرق والأصبهاني عن ورش ).
= نعم، لاحظتَ معي أن طريق طيبة النشر يحتوي على طريقان لكل راو بينما اقتصر طريق الشاطبية على طريق فقط لكل راو، وهو ما أشرت إليه سابقا.
يعني تريد أن تقول لي أنه لا يوجد قرآن اليوم يقرأ ويتداول بين الناس بأي رواية من الروايات إلا وقد كان من طريق الشاطبية أو من طريق طيبة النشر ؟
إي وربي إنه لحق، لا يوجد اليوم أي رواية للقرآن الكريم إلا وتجدها إما من طريق الإمام الشاطبي أو من طريق الإمام ابن الجزري، غير هذا إما شاذا أو لا يعتبر قرآنا !
لماذا أقول هذا الكلام ؟ حتى تلتفت معي -بارك الله فيك- إلى مكانة الإمام الحافظ أبي عمرو الداني ورفعة مقام الإمام القاسم بن فيرة الشاطبي ودرجة المحقق محمد بن الجزري رحمهم الله جميعا ونفعنا بعلمهم الشريف في الدارين اللهم ءامين.
بعد أن علمت هذا -بارك الله فيك- نعود الآن إلى الذي سيبدأ حفظ القرآن بإحدى الروايتين، قلنا أنه جرت العادة إلى البدأ بطريق الشاطبية يعني طريق الإمام أبي نشيط عن الإمام قالون وطريق الإمام الأزرق عن الإمام ورش، فيتقن حفظه للقرآن الكريم بإحدى الروايتين ولا يُدخِل معهما أي رواية أخرى خشية التشويش.
كما جرت العادة عندنا أن لا يزيد القارئ عن ثمن أو ربع في الجلسة الواحدة، يأخذه عن الشيخ ثم يسمعه في المرة المقبلة والشيخ يصوب له الأخطاء، وكانت القراءة قديما تعتمد على الألواح لا المصاحف ولا زالت في بعض المدارس إلى اليوم وإن قلّت، حتى إن أحد الشيوخ يقول، إن القرآن أُخذ من اللوح ( يقصد اللوح المحفوظ ) فلا يحفظ إلى من اللوح،
ولم تكن عادة الإقراء عندنا أن يأخذ الطالب المقدار الذي سيحفظه من الشرائط أو التلفاز أو الأنترنات، ولم يعرف أبدا من هو متقن للقرآن عارف بالأوجه متبحر في علم القراءات إلا وقد أثنى ركبتين أمام شيخ من الشيوخ.
إذا كان هذا واضحا مبسطا، فلعلك -بارك الله فيك- تسأل ثم ماذا ؟ ما المرحلة الموالية التي يسلكها من أتم حفظ القرآن برواية من الروايتين المعتمدتين عندنا ؟
هذا هو مدار حديثي في المرة القادمة بإذن الله.
أسأل الله السداد والتوفيق وأن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به كل من قرأه ومرّ به، اللهم ءامين.
طيب قد أتم من عكف على حفظ القرآن ختمه بفضل ومنّ وكرم من الله سبحانه، وأتقن أصول الرواية وفرشها.. أكيد أنه سينتقل إلى الرواية الموالية ( يعني رواية الإمام ورش من بدأ برواية الإمام قالون والعكس بالعكس ) ؟
تمهل بارك الله فيك.. تمهل فالطريق لا يزال طويلا، لكن بشئ من العزيمة نصل بإذن الله.
أتممت حفظ القرآن بإحدى الروايتين، طيب جميل أحسن الله إليك، هل علمت الآن أنك ( مع الصدق والإخلاص والعمل ) من حملة القرآن وأنك من أهل الله وخاصته بنص حديث النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: " إن لله أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله و خاصته " فلا تغفل عن هذا بارك الله فيك. ( ثم هي همسة في أذن كل محب ومحبة للقرآن أن يسارعوا في أن يكونوا بإذن الله من أهله وخاصته ).
طيب.. صحيح أنك أتممت الحفظ، لكن هل تسمح لي بسؤال أو سؤالين:
س1: يقول الله تعالى: " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين.................. " أكمل بارك الله فيك ؟ س2: ويقول عز من قائل: " ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا............. " أكمل أحسن الله إليك ؟ . .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
عفوا، ولكنك أخطأت، لأني ما قصدت تلك الآية التي قرأتها ! يعني ماذا ؟ يعني قبل أن نتحدث عن الروايات الأخرى لا بد أن نثبت حفظنا أولا.
فقد جرت عادة الإقراءعندنا، أن الطالب، بعد أن يختم القرآن، ( طبعا لن أتناول في حديثني الاحتفال الذي يعمل له من قبل الأهل والعشيرة والأصحاب والإخوان بمناسبة ختمه، حتى أني سمعت أن في بعض المناطق كانوا يذبحون بقرة كاملة ! نعم ولمَ العجب ! هل عندك -بارك الله فيك- أفضل وأغلى من حفظ القرآن ؟ الشعور الذي يعتلي من ختم القرآن لا يضاهيه شعور حتى لو قارنته بشعور من حصل على شهادة الدكتوراااه ! وشتان بين كلام العباد، وكلام رب الأرض والسماوات ).
قلت قد جرت عادة الإقراء عندنا أن الطالب، يعكف على تثبيت حفظه وإعادة إمرار القرآن من أوله إلى آخره مرة أخرى.
مرة أخرى ! عفوا أخطأت، بل هي مرات ومرات حتى يرسخ ويثبت ولا يعتليه شك أو خلط أو نسيان.
حتى أن هذه العملية تسمى عند الشيوخ الحفاظ بــ" القلمْ الثاني والثالث "، وتسمع أحدهم يقول لك " هل شرعت في القلمْ الثاني أم لا ؟ ".
يعني ماذا القلمْ الثاني والقلمْ الثالث ؟! بكل بساطة وكما أسلفت، هي عملية إعادة إمرار القرآن من جديد مرة ومرة بنية تثبيت الحفظ وحصر المتشابهات.
إذا فالمرحلة الموالية بعد حفظ القرآن هي تمتين حفظه، طبعا بنفس الرواية.. لا تقل لي سأمتن حفظي الذي حفظته برواية الإمام قالون باستعمال مصحف مكتوب برواية الإمام حفص مثلا ! أو العكس، لا هذا ليس سليما.
بارك الله فيك ها قد علمت الآن مقتضى هذه المرحلة، فإذا أتقنت حفظك وشرعت في " القلمْ " الثاني والثالث والرابع.. فانتظرني في المرة القادمة لأحدثك عما جرت عليه عادة الإقراء عندنا بعد ذلك.
بعد أن أتقن الطالب حفظه ومرّ به المرّة تلو الأخرى، وامتُحن فيه، وربما شارك في مسابقات حفظ القرآن... بعد كل ذلك وبعد أن جرت عادة الإقراء عندنا على اعتماد وجه دون آخر في الرواية، هذا الوجه هو الذي يقرأ ويحفظ به غالبية الناس ( وهو ما يكون معتمدا في رسم وضبط المصاحف المتداولة بين عامة الناس )، ينتقل بعد ذلك من أراد التخصص أو الاستزادة إلى الأوجه الأخرى.
فبالنسبة لرواية الإمام قالون، جرت عادة الإقراء عندنا على اعتماد وجه: قصر المنفصل على إسكان ميم الجمع.
أما رواية الإمام ورش فجرت العادة على الإقراء بوجه: توسّط البدل على تقليل اليائية.
فبعد أن يتم الطالب حفظ القرآن الكريم ( كما أسلفنا بالوجه المعتمد ) وإتقان أصول الرواية، ينتقل بعد ذلك إلى الوجه الثاني والثالث والرابع..
بالنسبة لرواية الإمام قالون فإنّ الوجه الثاني سيكون، إمّا توسّط المنفصل على إسكان الميم أو قصر المنفصل على ضمّ وصلة الميم بالقصر، أمّا الوجه الرابع والمسمى بوجه الجمع، فهو توسّط المنفصل على ضمّ وصلة الميم..
وأمّا رواية الإمام ورش فإنّ الوجه الثاني سيكون قصر البدل على فتح اليائية والثالث والرابع هما مدّ البدل على فتح وتقليل اليائية..
فيُفرد القراءة بكل وجه على حدى فيقرأ للإمام قالون ( مثلا ) بتوسّط المنفصل على إسكان الميم. ثم يقرأ له بقصر المنفصل على ضم وصلة الميم. ثم يختم بالجمع، وهو توسّط المنفصل على ضم وصلة الميم.
ونفس الشئ في رواية الإمام ورش، يقرأ بقصر البدل على فتح اليائية، ثم بمده على فتح وتقليل اليائية.
ولعلك تتسائل لمَ لمْ أذكر وجه قصر البدل على تقليل اليائية أو توسّط البدل على فتح اليائية ؟ والجواب أن هذين الوجهين ممتنعانلا يُقرأ بهما، عندنا.
= وللإشارة فإنّ تقديم وجه على آخر في الإقراء لا يعني قوّة ذلك الوجه على غيره من الأوجه، إنّما هو اختيار من الشيوخ والأيمة، والصحيح أنّ كلّ الأوجه صحيحة مقروء بها. ( وسيأتي الكلام على مسألة المقدم أداءً في الأوجه، والكلمات الأصولية، والفرشية، حال وصولنا إلى الجمع ).
ها قد علمت، والحمد لله، ماذا بعد حفظ القرآن بإحدى الروايتين. فماذا بعد ؟ هذا هو محور الكلام في المرّة القادمة بإذن الله.
أسأل الله تعالى لي ولكم حسن القبول.
بعد أن أفرد الطالب القراءة لكلّ وجه من أوجه إحدى الروايتين ( رواية الإمام قالون أو رواية الإمام ورش )، ينتقل بعد ذلك إلى ما جرت عادة الإقراء على تسميته بــ"الجمع للرّواية"، يعني الجمع لأوجه رواية الإمام قالون أو الجمع لرواية الإمام ورش.
يعني ماذا ؟
يعني سنقرأ للإمام قالون من طريق الإمام أبي نشيط بجميع الأوجهالواردة عنه.
وسنقرأ للإمام ورش من طريق الإمام الأزرق بجميع الأوجه الواردة عنه.
وبذلك نكون قد "جمعنا للإمام قالون" و "جمعنا للإمام ورش".
أمّا طريقة الجمع التي جرت بها عادة الإقراء عندنا ( وإن كان الكلام عليها والإشارة إلى غيرها، بالتفصيل والتمثيل سيأتي في باب جمع القراءات لكن لا بأس بالإشارة إليها هنا )، فهي طريقة وليّ الله العالم الهمام سيدي علي النوري الصفاقسي رحمه الله ونفعنا بعلمه في الدارين، وهذه الطريقة هي المعتمدة في الجمع عند غيرنا كذلك وهي طريقة مشهورة عند طلاب علم القراءات، والقراء المتخصصون وأيمة الإقراء شرقا وغربا، فهي تجمع بين مذهبين اثنين في الجمع وهما الجمع بالحرف والجمع بالوقف ( كما أسلفت سيأتي التفصيل والتمثيل لهذه الطرق وغيرها من طرق الجمع ونسبة كل طريقة لصاحبها لاحقا، إن قدر الله في العمر بقية )، فهي تراعي عند الجمع الوقف، وهذا مأخوذ من الجمع بالوقف، وتراعي أيضا عند الجمع الوجه الذي يكون خلافه أقرب إلى الوقف الإنتظاري، وهذا مستفاد من الجمع بالحرف.
فإذا مثّلنا لما سبق نقول:
إذا أردنا الجمع للإمام قالون، ولا يخفى أنّ للإمام قالون من طريق الإمام أبي نشيط أربعة أوجه ( قد تصل إلى ثمانية ) وهي كما سبق الإشارة إلى ذلك:
1. قصر المد المنفصل على إسكان ميم الجمع ( وجه الأداء ).
2. قصر المد المنفصل على ضمّوصلة ميم الجمع.
3. توسّط المد المنفصل على إسكان ميم الجمع.
4. توسّط المد المنفصل على ضمّ وصلة ميم الجمع ( وجه الجمع ).
وإن شئت فقل:
1. إسكان ميم الجمع على قصر المد المنفصل ( وجه الأداء ). 2. ضمّوصلة ميم الجمع على قصر المد المنفصل.
3. إسكان ميم الجمع على توسّط المد المنفصل.
4.ضمّ وصلة ميم الجمع على توسّط المد المنفصل ( وجه الجمع ).
فإذا جمعنا هذه الآية " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " للإمام قالون من طريق الإمام أبي نشيط فنقرأ بــ: 1. قصر يَأَيُّهَا وإسكان ميم وَأَنتُم. 2.قصر يَأَيُّهَا وضم وصلة ميم وَأَنتُم. 3.توسّطيَأَيُّهَا وإسكان ميم وَأَنتُم. 4.توسّط يَأَيُّهَاوضم وصلة ميم وَأَنتُم.
وإذا أردنا الجمع للإمام ورش، ولا يخفى أنّ للإمام ورش من طريق الإمام الأزرق ثلاثة أوجه في البدل ووجهان في اليائية كما سبق الإشارة إلى ذلك سابقا، فيكون عدد الأوجه في اجتماع البدل مع اليائية أربعة أوجه صحيحة مقروء بها، ووجهان ممتنعان لا يقرأ بهما عندنا.
أمّا الأوجه الصحيحة فهي:
1. قصر البدل على فتح اليائية ( وجه الأداء ).
2. توسّط البدل على تقليل اليائية.
3. مد البدل على فتح اليائية.
4. مد البدل على تقليل اليائية.
وإن شئت فقل: 1. فتح اليائية على قصر البدل ( وجه الأداء ).
2. تقليل اليائية على توسّط البدل.
3. فتح اليائية على مد البدل.
4. تقليل اليائية على مد البدل.
أمّا الوجهان الممتنعان فهما:
1. قصر البدل على تقليل اليائية.
2. توسّط البدل على فتح اليائية.
وإن شئت فقل:
1. تقليل اليائية على قصر البدل.
2. فتح اليائية على توسّط البدل.
فإذا جمعنا هذه الآية " فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ " للإمام ورش من طريق الإمام الأزرق فنقرأ بــ: 1. فتح ألففتلقى وقصر ءادم. 2.تقليل ألففتلقى وتوسّط ءادم. 3.فتح ألففتلقى ومد ءادم. 4.تقليل ألففتلقى ومد ءادم.
ثمّ ماذا ؟ ماذا بعد جمعه لأوجه الرواية الواحدة ؟ هذا ما سنتحدث عنه في المرّة القادمة بإذن الله. تفاعلاتكم تسعدنا بارك الله فيكم جميعا، أسأل الله تعالى التوفيق والسداد.