الصحبة الطيبة
عضو مميز
- إنضم
- 16 أبريل 2013
- المشاركات
- 199
- النقاط
- 16
- الإقامة
- القاهرة - مصر
- الموقع الالكتروني
- nasrtawfik.blogspot.com
- احفظ من كتاب الله
- اللهم أعينني علي دوام التلاوة والتدبر وحفظ القرآن كاملا
- احب القراءة برواية
- حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- محمد صديق المنشاوي والحصري والسديسي
- الجنس
- أخ وأسرتي
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام
الحديث الأول
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطابِ رَضيَ الله عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم : "لا تَلْبَسُوا الحريرَ، فَإنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنيا لَم يلبسه فِي الآخِرَةِ".
الحديث الثاني
(2/217)
________________________________________
عَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضي اللّه عَنْهُ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَلْبَسُوا الحَرير، وَلا الديباج، وَلا تَشربُوا في آنيَة الذَّهَب وَالفِضةِ، وَلا تَأكلُوا فِي صِحَافِهِمَا، فَإنهَا لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".
المعنى الإجمالي:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن لُبس الحرير والديباج، لما في لبسهما- للذكَر- من الميوعة والتأنث، والتشبه بالنساء الناعمات المترفات.
والرجل يطلب منه الخشونة، والقوة، والفتوة.
كما نهى كُلا من الرجال والنساء عن الأكل والشرب في صِحَاف الذهب والفضة وآنيتهما، لما في ذلك من السرف، والفخر، والخيلاء، وكسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون رخيص النقد لقضاء الضروري من حاجاتهم، ولما فيه من تضييق النقدين على المتعاملين.
وكما قال صلى الله عليه وسلم: إن الأكل فيهما في الدنيا للكفار الذين تعجلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا. واستمتعوا بها.
وهي لكم- أيها المسلمون خالصة- يوم القيامة إذا اجتنبتموها خوفاً من الله تعالى وطمعا فيما عنده.
كما أن من لبس الحرير من الرجال في الدنيا، فقد تعجل متعته، ولذا فإنه لن يلبسه في الآخرة.
(ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه) والله شديد العقاب.
ما يستفاد من الحديثين:
1- تحريم لبس الحرير والديباج على الذكور، والوعيد الشديد على من لبسه.
2- يباح للنساء لبسُه، لكونهن في حاجة إلى الزينة للأزواج. وحِله للنساء، وتحريمه على الرجال، بإجماع العلماء.
3- تحريم الأكل والشرب في صحاف الذهب والفضة وآنيتهما، للذكور والإناث، لكونهما للكفار في الدنيا، وللمسلمين في الآخرة، ولما ذكرنا من العلل في الشرح.
(2/218)
________________________________________
4- الحق العلماء بالأكل والشرب سائر الاستعمالات، وجعلوا ذكر الأكل والشرب في باب التعبير بالغالب، كقوله تعالى: {إن الذِين يَأكُلُون أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلماً إنما يأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارا} وهو عام لجميع الاستعمالات والاستيلاء.
5- يجرى في هذا الوعيد ما تقدم من كلام شيخ الإسلام (ابن تيميه) من أن الأشياء لا تتم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها، وإلا فإن ظاهر الحديث الخلود في النار .
الحديث الثالث(1)
عَنْ عُمَرَ بن الْخَطاب رَضيَ الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبس الحَرِيرِ إلا هَكَذَا. (وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَه صلى الله عليه وسلم إصْبَعَيْهِ السبابةَ وَالوسطَى).
ولـ (مسلم): نَهَى رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبس الْحَرِير، إلا مَوضِعَ إصبعَينِ أو ثَلاثٍ أو أربع.
ما يستفاد من الحديث:
1- فيه تحريم لبس الحرير، على الرجال دون النساء.
2- فيه استثناء قدر الإصبعين أو الثلاث أو الأربع، إذا كان تابعا لغيره.
أما المنفرد، فلا يحل منه، قليله ولا كثيره كخيط مسبحة، أو ساعة أو نحو ذلك.
الحديث الرابع
عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضي الله عَنْهُ قَالَ: مَا رَأيْتُ مِنِ ذِي لِمَّةِ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أحَسَنَ مِنْ رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، له شَعَرٌ يَضْرِبُ إلَى مَنْكِبَيْهِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَيْسَ بِالْقَصِيِرِ وَلا بِالطَّوِيلِ.
الغريب:
اللمة: بكسر اللام قال في الصحاح: اللمة- بالكسر- الشعر يتجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغ المنكبين فهو (جُمة) سميت (لمة) لأنها ألمت بالمنكبين.
ما يستفاد من الحديثين:
1- فيه جواز لبس الأحمر، وقد ورد النهي عنه، فحمله العلماء على محامل.
__________
(1) هذا الحديث- حسب ترتيب المصنف- هو " 397 " وقدمته لأنه كالاستثناء من الحديثين السابقين، فالأولى أن يليهما- اهـ- شارح.
(2/219)
________________________________________
أحسنها ما قاله (شمس الدين بن القيم): [إن المراد بالأحمر الذي لبسه النبي صلى الله عليه وسلم، الحبرة. وهو الذي فيه أعلام حمر، وأعلام بيض، وليس المراد الأحمر الخالص الذي نهى عنه].
2- وفيه دليل على حسن توفير الرأس حتى يبلغ المنكبين أو فوقهما أو تحتهما قليلا، ففيه جمال واقتداء، وليس منه ما يفعله بعض الشباب اليوم برؤوسهم بقص بعضه وترك البعض الآخر، تلك المثلة التي يسمونها
[التواليت] فهذه بدعة مستقبحة ومثله مستبشعة، وهو القزع المكروه. ولكنه عمل الفرنج والمتفرنجة، وكفى بهم قدوة عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في خَلْقِه وخُلُقِه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
3- في الحديث بيان خلْقِ النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر من حسن الشعر ورحابة الصدر، وحسن القامة.
وحسن الْخَلْقِ عنوان حسن الْخلُق، وقد كمله اللّه تعالى بهما، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
الحديث الخامس
عَن البَرَاءِ بن عَازِبٍ رَضي الله عنهُ قَالَ: أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْع، ونَهَانَا عَنْ سَبْع: 1- أمَرَنَا بعِيَادَةِ المَرِيض، 2- واتباعِ الْجَنَازَةِ، 3- وَتَشمِيتِ العَاطِس، 4- وَإبرارِالقسم (أوالمُقسم)، 5- وَنَصْرِ المَظْلُوم، 6- وَإجَابَةِ الداعِي، 7- وَإفشَاءِ السلام.
وَنَهَانا: 1- عَنْ خَوَاتِمِ (أوْ عَنْ التَّخَتَّم) بِالذهَب، 2- وَعَنْ الشربِ بِالفِضةِ، 3- وَعَن المَيَاِثرِ، 4- وَعَن القسِّيِّ، 5- وَعَنْ لبس الحَرِيرِ، 6- والإستبرق، 7- والدِّيباج.
الغريب:
(2/220)
________________________________________
تشميت العاطس: بالشين المعجمة. قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) [الشين والميم والتاء] أصل صحيح، ويشذ عنه بعض ما فيه إشكال وغموض. فالأصل فرح عدو ببلية تصيب من يعاديه. والذي فيه إشكال وغموض، تسميتهم تشميت العاطس، وهو ما يقال عند عطاسه (يرحمك اللَه) تشميتا. قال الخليل: تشميت العاطس، دعاء له. وكل داع لأحد بخير فهو مشمت له. هذا أكثر ما بلغنا في هذه الكلمة، وهو- عندي- من الشيء الذي خفي علمه. ولعله كان يعلم قديماً، ثم ذهب بذهاب أهله. ا هـ. كلام ابن فارس.
وقال ثعلب: [معناه- بالمعجمة- أبعد الله عنك الشماتة].
المياثر: بفتح الميم بعدها ياء، ثم ثاء مثلثة، جمع (مثيرة) بكسر الميم، مأخوذ من الوثار، قلبت الواو- لسكونها وانكسار ما قبلها- ياء. وهي مراكب تتخذ من الحرير والديباج. وسميت (مياثر) لوثارتها ولينها.
القَسى: بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة، ثياب خز، تنسب إلى (القس) قرية في مصر.
وبعض المحدثين، يكسر القاف، ويخفف السين. قال الخطابي: وهو غلط لأنه جمع قوس، وإنما هي ثياب مضلعة، يؤتى بها من مصر والشام.
الإستبرق: بكسر الهمزة: ما غلظ من الديباج، كلمة فارسية نقلت إلى العربية.
المعنى الإجمالي:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتم مكارم الأخلاق، ولذا فإنه يحث على كل خلق وعمل كريمين، وينهى عن كل قبيح.
ومنْ ذلك ما في هذا الحديث من الأشياء التي أمر بها وهي، عيادة المريض التي فيها قيام بحق المسلم، وترويح عنه، ودعاء له. واتباع الجنازة، لما في ذلك من الأجر للتابع والدعاء للمتبوع، والسلام على أهل المقابر، والعظة و الاعتبار.
وتشميت العاطس، إذا حمد الله فيقال له: يرحمك الله.
وإبرار قسم المقسم، إذا دعاك لشيء وليس عليك ضرر، فتبر قسمه، لئلا تحوجه إلى التكفير عن يمينه، ولتجيب دعوته، وتجبر خاطره، وتتم دالته عليك.
ونصر المظلوم من ظالمه، لما فيه من رد الظلم، ودفع المعتدى، وكفه عن الشر، والنهي عن المنكر.
(2/221)
________________________________________
وإجابة من دعاك لأن في ذلك تقريبا بين القلوب، وتصفية النفوس، وفي ا لامتناع، الوحشة، والتنافر.
فإن كانت الدعوة لزواج، فالإجابة واجبة، وإن كانت لغيره، فمستحبة.
وإفشاء السلام، وهو إعلانه وإظهاره لكل أحد، وهو أداء للسنة، ودعاء للمسلمين من بعضهم لبعض، وسبب لجلب المودة.
فقد جاء في الحديث "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
أما الأشياء التي نهى عنها في هذا الحديث، فالتختم بخواتم الذهب للرجال، لما فيه من التأنث والميوعة، وانتفاء الرجولة التي سيماها الخشونة.
وعن الشرب بآنية الفضة، لما فيه من السرف والبطر، وإذا منع الشرب مع الحاجة إليه فسائر الاستعمالات أولى بالمنع والتحريم.
وعن المياثر، والقسي، والحرير، والديباج، والإستبرق، وأنواع الحرير على الرجال.
فإنها تدعو إلى اللين والترف اللذين هما سبب العطالة والدعة.
والرجل يطلب منه النشاط والصلابة والفتوة، ليكون دائماً مستعداً للقيام بواجب الدفاع عن دينه وحرمه ووطنه.
ما يستفاد من الحديث:
1- استحباب عيادة المريض وتجب إذا كان يجب بره. كالوالدين، أو كان يترتب على تركه مفسدة.
2- استحباب اتباع الجنائز للصلاة عليها ودفنها، وهو فرض كفاية: يسقط مع قيام من يكفى، وإلا أثم من علم بحاله وقدر عليه فتركه.
ومن تبعها حتى يصلى عليها فله قيراط من الأجر، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان.
3 - تشميت العاطس إذا حمد الله بقوله: (ورحمك الله) وهو واجب إلى نهاية ثلاث مرات، وبعدهن يدعو له بالشفاء.
4- إبرار قسم المقسم، وهو من مستحب، لما فيه من جبر القلب وإجابة طلبه في غير إثم.
5- وفيه وجوب نصر المظلوم بقدر استطاعته، لأنه من النهي عن المنكر. وفيه رد للشر، وإعانة المظلوم، وكف الظالم.
6- إجابة الدعوة. فإن كانت لعرس وجبت الإجابة إن لم يكن هناك منكر لا يقدر على إزالته وإن كانت لغيره من الدعوات المباحة استحبت.
(2/222)
________________________________________
وتتأكد بما يترتب عليها من إزالة ضغينة، أو دفع شر.
7- إفشاء السلام بين المسلمين، لأنه دعاء بالسلامة، وعنوان على المحبة والإخاء.
8- النهي عن تختم الرجال بخواتم الذهب، فهو محرم.
وقد ابتلى به كثير من الشباب المائع.
9- النهي عن الشرب بآنية الفضة، وأعظم منه الذهب، وألحق به سائر الاستعمالات، إلا للسلاح.
10- النهي عن لبس القسي والحرير، والإستبرق، والديباج للرجال.
ومثله جعل المياثر للجلوس، وكذلك جعلها ستورا للأبواب أو الحيطان ونحو ذلك. فهو محرم. وكذا ما فيه صور الحيوانات والصلاة باطلة بلبس الحرير للرجل وبلبس ما فيه صور، للرجال والنساء.
الحديث السادس
عَنِ ابْن عُمَرَ رضيَ اللَه عَنْهمَا: أنَّ رَسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم اصْطَنَعَ خَاتِماً مِن ذهب، فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ في بَاطِنِ كَفِّهِ إذَا لَبِسَه، فَصَنَعَ النَاسُ
مِثْلَ ذلِكَ. ثُم إَّنهُ جَلَس عَلَى المِنبرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ: "إني كُنْتُ ألبِس هَذَا الْخَاتِمَ وَأجْعَلُ فصه مِن داخِل" فرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: "والله لا ألْبَسُهُ أبَداً".
فَنَبَذَ النَّاسُ خَواتِيمَهُمْ ؛وفي لفظ "جَعَلَهُ في يَدِهِ اليمنَى".
ما يستفاد من الحديث:
1- فيه دليل على استحباب التختم، وأنه من زينة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أن يجعل فصه من قبل الراحة ليقبض عليه في المحال القذرة، إذا كان فيه اسم الله تعالى.
3- أن التختم بخاتم الذهب كان مباحاً للرجال أولا، ثم نسخ.
4- تحريم التختم بخاتم الذهب للرجال، ونزع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم الذهبي ورميه به وقسمه ألا يلبسه أبداً.
5- فضل الصحابة، وسرعة اقتدائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، إذ نزعوا خواتيمهم ساعة نزع خاتمه صلى الله عليه وسلم.
6- أن يكون التختم باليد اليمنى، لأن اليمين لكل طيب، والشمال معدة لمباشرة الأشياء غير المسَتطابة.
(2/223)
________________________________________
7- في هذا وأمثاله من الأحاديث المتقدمة وغيرها، الزجر عن لبس خواتم الذهب، وبيان أن عمل كثير من الناس اليوم بتختمهم بالذهب مناف للشرع.
18
الحديث الأول
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخطابِ رَضيَ الله عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُول اللّه صلى الله عليه وسلم : "لا تَلْبَسُوا الحريرَ، فَإنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنيا لَم يلبسه فِي الآخِرَةِ".
الحديث الثاني
(2/217)
________________________________________
عَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضي اللّه عَنْهُ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا تَلْبَسُوا الحَرير، وَلا الديباج، وَلا تَشربُوا في آنيَة الذَّهَب وَالفِضةِ، وَلا تَأكلُوا فِي صِحَافِهِمَا، فَإنهَا لهم في الدنيا ولكم في الآخرة".
المعنى الإجمالي:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عن لُبس الحرير والديباج، لما في لبسهما- للذكَر- من الميوعة والتأنث، والتشبه بالنساء الناعمات المترفات.
والرجل يطلب منه الخشونة، والقوة، والفتوة.
كما نهى كُلا من الرجال والنساء عن الأكل والشرب في صِحَاف الذهب والفضة وآنيتهما، لما في ذلك من السرف، والفخر، والخيلاء، وكسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون رخيص النقد لقضاء الضروري من حاجاتهم، ولما فيه من تضييق النقدين على المتعاملين.
وكما قال صلى الله عليه وسلم: إن الأكل فيهما في الدنيا للكفار الذين تعجلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا. واستمتعوا بها.
وهي لكم- أيها المسلمون خالصة- يوم القيامة إذا اجتنبتموها خوفاً من الله تعالى وطمعا فيما عنده.
كما أن من لبس الحرير من الرجال في الدنيا، فقد تعجل متعته، ولذا فإنه لن يلبسه في الآخرة.
(ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه) والله شديد العقاب.
ما يستفاد من الحديثين:
1- تحريم لبس الحرير والديباج على الذكور، والوعيد الشديد على من لبسه.
2- يباح للنساء لبسُه، لكونهن في حاجة إلى الزينة للأزواج. وحِله للنساء، وتحريمه على الرجال، بإجماع العلماء.
3- تحريم الأكل والشرب في صحاف الذهب والفضة وآنيتهما، للذكور والإناث، لكونهما للكفار في الدنيا، وللمسلمين في الآخرة، ولما ذكرنا من العلل في الشرح.
(2/218)
________________________________________
4- الحق العلماء بالأكل والشرب سائر الاستعمالات، وجعلوا ذكر الأكل والشرب في باب التعبير بالغالب، كقوله تعالى: {إن الذِين يَأكُلُون أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلماً إنما يأكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَارا} وهو عام لجميع الاستعمالات والاستيلاء.
5- يجرى في هذا الوعيد ما تقدم من كلام شيخ الإسلام (ابن تيميه) من أن الأشياء لا تتم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها، وإلا فإن ظاهر الحديث الخلود في النار .
الحديث الثالث(1)
عَنْ عُمَرَ بن الْخَطاب رَضيَ الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ لُبس الحَرِيرِ إلا هَكَذَا. (وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَه صلى الله عليه وسلم إصْبَعَيْهِ السبابةَ وَالوسطَى).
ولـ (مسلم): نَهَى رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبس الْحَرِير، إلا مَوضِعَ إصبعَينِ أو ثَلاثٍ أو أربع.
ما يستفاد من الحديث:
1- فيه تحريم لبس الحرير، على الرجال دون النساء.
2- فيه استثناء قدر الإصبعين أو الثلاث أو الأربع، إذا كان تابعا لغيره.
أما المنفرد، فلا يحل منه، قليله ولا كثيره كخيط مسبحة، أو ساعة أو نحو ذلك.
الحديث الرابع
عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضي الله عَنْهُ قَالَ: مَا رَأيْتُ مِنِ ذِي لِمَّةِ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أحَسَنَ مِنْ رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، له شَعَرٌ يَضْرِبُ إلَى مَنْكِبَيْهِ، بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَيْسَ بِالْقَصِيِرِ وَلا بِالطَّوِيلِ.
الغريب:
اللمة: بكسر اللام قال في الصحاح: اللمة- بالكسر- الشعر يتجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغ المنكبين فهو (جُمة) سميت (لمة) لأنها ألمت بالمنكبين.
ما يستفاد من الحديثين:
1- فيه جواز لبس الأحمر، وقد ورد النهي عنه، فحمله العلماء على محامل.
__________
(1) هذا الحديث- حسب ترتيب المصنف- هو " 397 " وقدمته لأنه كالاستثناء من الحديثين السابقين، فالأولى أن يليهما- اهـ- شارح.
(2/219)
________________________________________
أحسنها ما قاله (شمس الدين بن القيم): [إن المراد بالأحمر الذي لبسه النبي صلى الله عليه وسلم، الحبرة. وهو الذي فيه أعلام حمر، وأعلام بيض، وليس المراد الأحمر الخالص الذي نهى عنه].
2- وفيه دليل على حسن توفير الرأس حتى يبلغ المنكبين أو فوقهما أو تحتهما قليلا، ففيه جمال واقتداء، وليس منه ما يفعله بعض الشباب اليوم برؤوسهم بقص بعضه وترك البعض الآخر، تلك المثلة التي يسمونها
[التواليت] فهذه بدعة مستقبحة ومثله مستبشعة، وهو القزع المكروه. ولكنه عمل الفرنج والمتفرنجة، وكفى بهم قدوة عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم في خَلْقِه وخُلُقِه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
3- في الحديث بيان خلْقِ النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر من حسن الشعر ورحابة الصدر، وحسن القامة.
وحسن الْخَلْقِ عنوان حسن الْخلُق، وقد كمله اللّه تعالى بهما، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
الحديث الخامس
عَن البَرَاءِ بن عَازِبٍ رَضي الله عنهُ قَالَ: أمَرَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِسَبْع، ونَهَانَا عَنْ سَبْع: 1- أمَرَنَا بعِيَادَةِ المَرِيض، 2- واتباعِ الْجَنَازَةِ، 3- وَتَشمِيتِ العَاطِس، 4- وَإبرارِالقسم (أوالمُقسم)، 5- وَنَصْرِ المَظْلُوم، 6- وَإجَابَةِ الداعِي، 7- وَإفشَاءِ السلام.
وَنَهَانا: 1- عَنْ خَوَاتِمِ (أوْ عَنْ التَّخَتَّم) بِالذهَب، 2- وَعَنْ الشربِ بِالفِضةِ، 3- وَعَن المَيَاِثرِ، 4- وَعَن القسِّيِّ، 5- وَعَنْ لبس الحَرِيرِ، 6- والإستبرق، 7- والدِّيباج.
الغريب:
(2/220)
________________________________________
تشميت العاطس: بالشين المعجمة. قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) [الشين والميم والتاء] أصل صحيح، ويشذ عنه بعض ما فيه إشكال وغموض. فالأصل فرح عدو ببلية تصيب من يعاديه. والذي فيه إشكال وغموض، تسميتهم تشميت العاطس، وهو ما يقال عند عطاسه (يرحمك اللَه) تشميتا. قال الخليل: تشميت العاطس، دعاء له. وكل داع لأحد بخير فهو مشمت له. هذا أكثر ما بلغنا في هذه الكلمة، وهو- عندي- من الشيء الذي خفي علمه. ولعله كان يعلم قديماً، ثم ذهب بذهاب أهله. ا هـ. كلام ابن فارس.
وقال ثعلب: [معناه- بالمعجمة- أبعد الله عنك الشماتة].
المياثر: بفتح الميم بعدها ياء، ثم ثاء مثلثة، جمع (مثيرة) بكسر الميم، مأخوذ من الوثار، قلبت الواو- لسكونها وانكسار ما قبلها- ياء. وهي مراكب تتخذ من الحرير والديباج. وسميت (مياثر) لوثارتها ولينها.
القَسى: بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة، ثياب خز، تنسب إلى (القس) قرية في مصر.
وبعض المحدثين، يكسر القاف، ويخفف السين. قال الخطابي: وهو غلط لأنه جمع قوس، وإنما هي ثياب مضلعة، يؤتى بها من مصر والشام.
الإستبرق: بكسر الهمزة: ما غلظ من الديباج، كلمة فارسية نقلت إلى العربية.
المعنى الإجمالي:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتم مكارم الأخلاق، ولذا فإنه يحث على كل خلق وعمل كريمين، وينهى عن كل قبيح.
ومنْ ذلك ما في هذا الحديث من الأشياء التي أمر بها وهي، عيادة المريض التي فيها قيام بحق المسلم، وترويح عنه، ودعاء له. واتباع الجنازة، لما في ذلك من الأجر للتابع والدعاء للمتبوع، والسلام على أهل المقابر، والعظة و الاعتبار.
وتشميت العاطس، إذا حمد الله فيقال له: يرحمك الله.
وإبرار قسم المقسم، إذا دعاك لشيء وليس عليك ضرر، فتبر قسمه، لئلا تحوجه إلى التكفير عن يمينه، ولتجيب دعوته، وتجبر خاطره، وتتم دالته عليك.
ونصر المظلوم من ظالمه، لما فيه من رد الظلم، ودفع المعتدى، وكفه عن الشر، والنهي عن المنكر.
(2/221)
________________________________________
وإجابة من دعاك لأن في ذلك تقريبا بين القلوب، وتصفية النفوس، وفي ا لامتناع، الوحشة، والتنافر.
فإن كانت الدعوة لزواج، فالإجابة واجبة، وإن كانت لغيره، فمستحبة.
وإفشاء السلام، وهو إعلانه وإظهاره لكل أحد، وهو أداء للسنة، ودعاء للمسلمين من بعضهم لبعض، وسبب لجلب المودة.
فقد جاء في الحديث "ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
أما الأشياء التي نهى عنها في هذا الحديث، فالتختم بخواتم الذهب للرجال، لما فيه من التأنث والميوعة، وانتفاء الرجولة التي سيماها الخشونة.
وعن الشرب بآنية الفضة، لما فيه من السرف والبطر، وإذا منع الشرب مع الحاجة إليه فسائر الاستعمالات أولى بالمنع والتحريم.
وعن المياثر، والقسي، والحرير، والديباج، والإستبرق، وأنواع الحرير على الرجال.
فإنها تدعو إلى اللين والترف اللذين هما سبب العطالة والدعة.
والرجل يطلب منه النشاط والصلابة والفتوة، ليكون دائماً مستعداً للقيام بواجب الدفاع عن دينه وحرمه ووطنه.
ما يستفاد من الحديث:
1- استحباب عيادة المريض وتجب إذا كان يجب بره. كالوالدين، أو كان يترتب على تركه مفسدة.
2- استحباب اتباع الجنائز للصلاة عليها ودفنها، وهو فرض كفاية: يسقط مع قيام من يكفى، وإلا أثم من علم بحاله وقدر عليه فتركه.
ومن تبعها حتى يصلى عليها فله قيراط من الأجر، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان.
3 - تشميت العاطس إذا حمد الله بقوله: (ورحمك الله) وهو واجب إلى نهاية ثلاث مرات، وبعدهن يدعو له بالشفاء.
4- إبرار قسم المقسم، وهو من مستحب، لما فيه من جبر القلب وإجابة طلبه في غير إثم.
5- وفيه وجوب نصر المظلوم بقدر استطاعته، لأنه من النهي عن المنكر. وفيه رد للشر، وإعانة المظلوم، وكف الظالم.
6- إجابة الدعوة. فإن كانت لعرس وجبت الإجابة إن لم يكن هناك منكر لا يقدر على إزالته وإن كانت لغيره من الدعوات المباحة استحبت.
(2/222)
________________________________________
وتتأكد بما يترتب عليها من إزالة ضغينة، أو دفع شر.
7- إفشاء السلام بين المسلمين، لأنه دعاء بالسلامة، وعنوان على المحبة والإخاء.
8- النهي عن تختم الرجال بخواتم الذهب، فهو محرم.
وقد ابتلى به كثير من الشباب المائع.
9- النهي عن الشرب بآنية الفضة، وأعظم منه الذهب، وألحق به سائر الاستعمالات، إلا للسلاح.
10- النهي عن لبس القسي والحرير، والإستبرق، والديباج للرجال.
ومثله جعل المياثر للجلوس، وكذلك جعلها ستورا للأبواب أو الحيطان ونحو ذلك. فهو محرم. وكذا ما فيه صور الحيوانات والصلاة باطلة بلبس الحرير للرجل وبلبس ما فيه صور، للرجال والنساء.
الحديث السادس
عَنِ ابْن عُمَرَ رضيَ اللَه عَنْهمَا: أنَّ رَسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم اصْطَنَعَ خَاتِماً مِن ذهب، فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ في بَاطِنِ كَفِّهِ إذَا لَبِسَه، فَصَنَعَ النَاسُ
مِثْلَ ذلِكَ. ثُم إَّنهُ جَلَس عَلَى المِنبرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ: "إني كُنْتُ ألبِس هَذَا الْخَاتِمَ وَأجْعَلُ فصه مِن داخِل" فرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: "والله لا ألْبَسُهُ أبَداً".
فَنَبَذَ النَّاسُ خَواتِيمَهُمْ ؛وفي لفظ "جَعَلَهُ في يَدِهِ اليمنَى".
ما يستفاد من الحديث:
1- فيه دليل على استحباب التختم، وأنه من زينة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أن يجعل فصه من قبل الراحة ليقبض عليه في المحال القذرة، إذا كان فيه اسم الله تعالى.
3- أن التختم بخاتم الذهب كان مباحاً للرجال أولا، ثم نسخ.
4- تحريم التختم بخاتم الذهب للرجال، ونزع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم الذهبي ورميه به وقسمه ألا يلبسه أبداً.
5- فضل الصحابة، وسرعة اقتدائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، إذ نزعوا خواتيمهم ساعة نزع خاتمه صلى الله عليه وسلم.
6- أن يكون التختم باليد اليمنى، لأن اليمين لكل طيب، والشمال معدة لمباشرة الأشياء غير المسَتطابة.
(2/223)
________________________________________
7- في هذا وأمثاله من الأحاديث المتقدمة وغيرها، الزجر عن لبس خواتم الذهب، وبيان أن عمل كثير من الناس اليوم بتختمهم بالذهب مناف للشرع.
18
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع