الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
الغرف الصوتية
غرفة ٠٠٠٠
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر النشاطات
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
إلى الدعاة إلى الله : فلنتجرد لدعوتنا
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="تسابيح ساجدة" data-source="post: 36218" data-attributes="member: 47"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 18px"><span style="color: #0000ff">إلى الدعاة إلى الله : فلنتجرد لدعوتنا</span></span></p><p> </p><p><img src="http://www.qoranona.net/vbq/uploaded/47_1325979824.gif" alt="" class="fr-fic fr-dii fr-draggable " style="" /></p><p> <p style="text-align: right"> <span style="font-size: 15px"><span style="color: #800000">عبدالعزيز رجب</span></span></p><p> <span style="font-size: 15px"></span></p><p><span style="font-size: 15px"> الحمد لله وكفى،وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى،وأصلي وأسلم على نبيه المجتبي ،وعلى آله وصحبه ومن ولى.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وبعد</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالدعوة الصادقة إلى الله-تعالى- هي سبيل كل داعية مخلص لتبليغ هذا الدين وتبصير الناس بأخلاقه وآدابه وأحكامه كما قال تعالى:{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ }[يوسف : 108].</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وكل دعوة تحتاج إلى دعاة يحملونها على أكتافهم ،ويبلغونها إلى الناس،لكن ثمار هذه الدعوة مع هؤلاء الدعاة لا تؤتى ثمارها إلا إذا تجردوا لها ،واخلصوا لله رب العالمين،بحيث لا يكون لأي شيء نصيب غيرها.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فما هو التجرد؟، وما هي أهميته للدعوة؟،وما هي مظاهر وسمات المتجردين للدعوة؟ ثم كيف أصبح متجردا إلى الله –رب العالمين؟</span></p><p><span style="font-size: 15px"> الإجابة عن هذه التساؤلات فى هذا الموضوع:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000">تعريف التجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> لغة: مأخوذ من مادة ج ر د، وجَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ قشَره... والجُرْدَةُ بالضم أَرض مسْتوية متجرِّدة... والسماءُ جَرْداءُ إِذا لم يكن فيها غَيْم .. والتجرُّدُ التعرِّي (1) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> وفى الاصطلاح:هو التجرد من الأهواء المذهبية أو العنصرية أو القومية أو السياسية،بأن يَخلص نفسه لله.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> ويعرفه الإمام البنا : أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص ، لأنها أسمى الفكر وأجمعها و أعلاها. (2)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وبمعنى آخر: أن تجعل نفسك وقفًا لله . </span></p><p><span style="font-size: 15px"> </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000">الفرق بين الإخلاص والتجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> ربما يظن البعض أن الإخلاص هو التجرد لأنهما متقاربان فى المعنى والمضمون ،ومن الصعب كذلك التفريق بينهما،ولكن نقاط الفرق بينهما:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 1-قيل : أن الإخلاص أشمل وأعم من التجرد , لأن الإخلاص هو عبارة عن مجموعة من التجردات ; فأنا أتجرد لله في العمل , وأتجرد لله في الفكرة , وأتجرد لله في القول</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 2-وقيل:الإخلاص حق الله ، والتجرد حق دعوته ودينه.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 3-وقيل :الإخلاص يكون قبل العمل،والتجرد يكون إثناء العمل.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> أنواع الناس من حيث غايتهم من عمل الخير:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> يختلف الناس من حيث الغاية التي من أجلها يفعلون الخير،فمنهم من يريد الدنيا ،ومنهم من يريد الآخرة،ومنهم من يريد أن يجمع بينهما،فهل تكون النتيجة واحده؟ أم تختلف حسب الغاية من العمل؟</span></p><p><span style="font-size: 15px"> عن ذلك يقول الإمام البنا: \"الناس رجلان:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> رجل يعمل ما يعمل من الخير ، أو يقول ما يقول من الحق ، وهو يبتغى بذلك الأجر العاجل ، والمثوبة الحاضرة ، من مال يجمع ، أو ذكر يرفع ، أو جاه يعرض ويطول ، أو لقب ومظهر يصول به ويجول: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14]. </span></p><p><span style="font-size: 15px"> ورجل يعمل ما يعمل ويقول ما يقول لأنه يحب الخير لذاته ، ويحترم الحق لذاته كذلك ، ويعلم أن الدنيا لا يستقيم أمرها إلا بالحق والخير ، وأن الإنسان لا تستقيم إنسانيته كذلك إلا إذا رصد نفسه للحق والخير: {وَالْعَصْرِ , إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ , إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] ولأنه يحب الله ويخشاه ويرجوه ، ويقدر نعمته ـ عليه في الوجود والقدرة والإرادة والعلم وسائر ما منحه إياه ، ففضله بذلك على كثير ممن خلق تفضيلا ، وهو يعلم أن الله قد أمر بالخير فقال: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77] ، وأوصى بالثبات على الحق ، فقال: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل:79] ، فهو لهذا يرجو ما عند الله ، ويبتغى بقوله وعمله مرضاته وحده. </span></p><p><span style="font-size: 15px"> وقد يرتقى به هذا الشعور فيرى أن كل ما سوى الله باطل ، وكل ما عداه زائل ، فمن وجده فقد وجد كل شيء ، ومن فقد شعوره بربه فقد فقد كل شيء: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] , فهو لهذا لا يرى أحدا غيره حتى يولى إليه وجهه ، أو يصرف نحوه حقه وخيره: {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (الذاريات:50], {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [لنجم:42] , أو لأنه يعلم أن هذه الدنيا فانية زائلة ، وكل ما فيها عرض حقير ، وخطر يسير ، من ورائه حساب عسير ، وأن الآخرة هي دار القرار ، فهو يزهد كل الزهادة في الجزاء في هذه الدنيا ، ويرجوه في الأخرى.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالمال إلى ضياع وورثة ، والجاه إلى تقلص ونسيان ، والعمر إلى نفاد وانقضاء مهما طال: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ}[النحل:96] ، {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى:17] ، وهو يرجو المثوبة نعيما في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> ومن الناس قسم ثالث يود أن يأخذ من هذه وتلك ، وقلما يستقيم له الأمر ، فهما ضرتان إن أرضيت أحداهما أغضبت الأخرى ، وكفتا ميزان إن رجحت واحدة شالت واحدة. على أن المقطوع به أن من أراد الدنيا وحدها خسر الآخرة ، ومن أراد الآخرة حازهما معا ، وصح له النجاح فيهما جميعا ، ومن خلط بينهما كان على خطر عظيم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً , وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} [الإسراء:18-19].</span></p><p><span style="font-size: 15px"> ومن هنا آثر الصالحون من عباد الله في كل زمان ومكان أن يتجردوا للغايات العليا ، ويصرفوا نياتهم ومقاصدهم وأعمالهم وأقوالهم إلى الله جل وعلا ، متجردين لذلك من كل غاية ، متخلصين من كل شهوة: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5]. (3) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> التجرد لا تعني الانسحاب من الحياة:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> لأنه لو تجرد الداعية من جميع الشهوات، لأصبح ملكا من الملائكة، لأن المخلوقات الذين ليس عندهم شهوات هم الملائكة، وهذا مستحيل أن يصبح الإنسان ملكاً، كيف يريد الإنسان أن يصبح ملكاً؟ ولذلك حتى في المجتمع القدوة مجتمع الرسول- صلى الله عليه وسلم- حدثت هناك بعض الأخطاء الناتجة عن شهوات، فمثلاً من الصحابة من وقع في الزنا مثل ماعز والغامدية ، ومن الصحابة من قبل امرأة ،فعن ابن مسعود-رضي الله عنه-أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبره ، فأنزل الله-عز وجل : { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود : 114] فقال الرجل : يا رسول الله ، ألي هذا ؟ قال : لجميع أمتي كلهم\". (4)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فإذاً ليس المطلوب هو إلغاء الشهوات بالكلية، لأن من الشهوة ما يكون مفيداً مثل: إتيان الرجل لزوجته من أجل النسل والذرية، لو لم يكن هناك شهوة عندهما لما حصل الإنجاب ولما حصلت الذرية.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالله عز وجل جعل هذه الأشياء لحكم فيها مصالح للعباد، فلذلك إلغاءها بالكلية أمر مستحيل أصلاً، لا نفكر في إلغائها بالكلية، ولكن المطلوب هو توجيه هذه الأشياء وجهةً سليمة؛ وهذا لا يتم إلا بالتربية، والتربية هي التي تساعد في تهذيبها وتوجيهها الوجهة السليمة.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> أهمية التجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> ترجع أهمية التجرد إلى</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">1-خطورة المرحلة:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> إننا في منعطف خطير، يجب علينا أن نجرد فيه دعوتنا إلى الله، وأن نجرد فيه أعمالنا لله، أن نجرد أقوالنا وأفعالنا له -جل جلاله-،وأن نبتغي بدعوتنا وقولنا وعملنا وفعلنا وجه الله- سبحانه-.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فعن أبى هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:\" طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع\".(5)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #0000ff"> 2-لتمحيص الصفوف من الدعاة المزيفين:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> فلا يعمل للإسلام بحق إلا من تجرد لها وعمل لها بإخلاص وبذل كل ما فى وسعه من أجلها،يقول الإمام البنا: دعوة الإسلام عامة تجمع و لا تفرق و لا ينهض بها و لا يعمل لها إلا من تجرد من كل ألوانه و صار لله خالصا. (6) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">3- من أجل انتصار الدعوة:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> يقول صاحب الظلال فى قوله تعالى:{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 145] . .</span></p><p><span style="font-size: 15px"> لقد كان الله يعد هذه الجماعة لأمر أكبر من ذواتها وأكبر من حياتها . فكان من ثم يجردها من كل غاية ، ومن كل هدف ومن كل رغبة من الرغبات البشرية - حتى الرغبة في انتصار العقيدة - كان يجردها من كل شائبة تشوب التجرد المطلق له ولطاعته ولدعوته . . كان عليهم أن يمضوا في طريقهم لا يتطلعون إلى شيء إلا رضي الله وصلواته ورحمته وشهادته لهم بأنهم مهتدون . . هذا هو الهدف ، وهذه هي الغاية ، وهذه هي الثمرة الحلوة التي تهفو إليها قلوبهم وحدها . . فأما ما يكتبه الله لهم بعد ذلك من النصر والتمكين فليس لهم ، إنما هو لدعوة الله التي يحملونها ...هذه هي التربية التي أخذ الله بها الصف المسلم ليعده ذلك الإعداد العجيب ، وهذا هو المنهج الإلهي في التربية لمن يريد استخلاصهم لنفسه ودعوته ودينه من بين البشر أجمعين . (7) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #0000ff"> 4-أقرب طريق للوصول للقلوب:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> يوم يتنزه الناصح والداعي عن المطامع وحطام الدنيا تعلو مكانته عند الناس، ويعظم قدره في عيونهم، ويرون صدق إخلاصه، فيكون لذلك أثره في القبول: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } [هود:88]، ما لي عندكم من غرض، ولا فيكم من مآرب، إلا أن يجري الله الخير على يدي بما أقول، إبراء لذمتي، وبما أرقب من النفع استجابة لدعوتي.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالله الله في مثل هذا السلوك؛ لأنه هو الذي يقود بإذن الله إلى حصول الأثر.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> فوائد التجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> ولا شك إذا تجرد الدعاة إلى الله –جل وعلا-فإنهم سينعمون بالخير الكثير من الرب الكريم،مثل:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">1-المتجرد يصبح مثل الملائكة :</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> والملائكة مثال لمن تجرد لمحض الخير،قال - تعالى- فيهم:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[التحريم:6] ولذلك يقول الإمام الغزالي :\"التجرد لمحض الخير دأب الملائكة المقربين، والتجرد للشر دون التلافي سجية الشياطين، والرجوع إلى الخير بعد الوقوع في الشر ضرورة الآدميين؛ فالمتجرد للخير ملك مقرب عند الملك الديان، والمتجرد للشر شيطان..\" (8)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">2-دليل على صدق الإيمان:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> عن شداد بن الهاد - رضي الله عنه - :أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فآمن به واتبعه ، ثم قال : أهاجر معك ، فأوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه ، فلما كانت غزاة ، غنم النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا ، فقسم وقسم له ، فأعطى أصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : قسم قسم لك النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فأخذه ، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما هذا ؟ قال : «قسمته لك» ، قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكن اتبعتك على أن أرمى إلى ها هنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت ، فأدخل الجنة ، فقال:\"إن تصدق الله يصدقك\"،فلبثوا قليلا ، ثم نهضوا في قتال العدو ، فأتى به النبي- صلى الله عليه وسلم- يحمل قد أصابه سهم حيث أشار ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: «أهو هو» قالوا نعم ، قال : «صدق الله فصدقه» ، ثم كفنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في جبته ، ثم قدمه فصلى عليه ، فكان مما ظهر من صلاته:\"اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك ، فقتل شهيدا ، أنا شهيد على ذلك. (9) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">3-انتظار الأجر العظيم من الله:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> قال تعالى:{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب : 23،24]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فهذا مشهد من مشاهد التجرد لله، وصورة رجاله الذين صدقوا الله فصدقهم، فنالوا الجنة عن موقف تجردت فيه قلوبهم لله تمام التجرد، دون سابقة أعمال مأثورة أو تاريخ دعوى تليد، فقط دخلوا الجنة بوقفة وقفوها. </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> مظاهر التجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> وللتجرد مظاهر واضحة وجلية على المتجردين فى دعوتهم لله0رب العالمين-من هذه المظاهر:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 1-التجرد في طلب الحق :</span></p><p><span style="font-size: 15px"> أن يكون باحثاً عن الحق ، حتى لو كان عند خصمه ،ولهذا كان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ ،وقال أيضا : ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أو لسانه. (10) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">2-الرجوع إلى الحق:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> وعدم التمادي فى الخطأ إذا ظهر أنه خطأ وظهر الصواب غيره،قال الفاروق عمر بن الخطاب في رسالته المشهورة إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما -:\"ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك ،فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل\".(11) <span style="color: #0000ff"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #0000ff"> 3-عدم كتمان الحق:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> فلا يجوز أن يُحجب شيئا من الحق ، وقد ذم الله سبحانه وتعالى اليهود لأنهم يتصفون بكتم الحق وتلبيسه بالباطل .</span></p><p><span style="font-size: 15px"> قال الله تعالى :{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران : 71]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">4-قبول الحق من كل من قاله كائناً من كان:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> عن قتيلة بنت صيفي الجهينية-رضي الله عنها- قالت : أتى حبر من الأحبار رسول الله- صلى الله عليه و سلم –فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، قال: سبحان الله وما ذاك؟ قال :تقولون إذا حلفتم والكعبة. قالت :فأمهل رسول الله- صلى الله عليه و سلم -شيئا ثم قال: انه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة .قال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا. قال: سبحان الله وما ذاك؟ قال تقولون ما شاء الله وشئت .قال :فأمهل رسول الله- صلى الله عليه و سلم -شيئا ثم قال: انه قد قال فمن قال ما شاء الله فليفصل بينهما ثم شئت\".(12)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">5- عدم الركون إلى الدنيا :</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> وما فيها من شهوات ومناصب وأموال ... قال تعالى:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران : 14]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">6- الصدع بالحق:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> وعدم الركون إلى الباطل وأهله،قال تعالى:{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر : 94]،قال:{ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود : 113]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> </span><span style="font-size: 18px"><span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 18px"><span style="color: #ff0000"> وسائل عملية تعين على التجرد:</span></span><span style="font-size: 15px"></span></p><p><span style="font-size: 15px"> إن التجرد مرتبة سامقة، ودرجة سامية، لا يتسنى لإنسان أن ينالها إلا بمجاهدة، لا ينبغي أن ينالها نهمْة لا يشبعون، أو غلْمة لا يتعففون ،لا ينالها إلا من ألزم نفسه الطاعات وألجمها عن الشهوات وصرفها عن الشبهات أحق أن ينال مرتبة التجرد.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وهذه وسائل تساعد على التجرد منها:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000">1-أداء العبادات بإتقان:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">أ)الصلاة:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> وشرط قبولها التجرد،فقد كان الصحابة فى بادئ المر يتكلمون في أثناء الصلاة فيما يعرض لهم من حاجات عاجلة . حتى نزلت هذه الآية{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [البقرة : 238]، فعلموا منها أن لا شغل في الصلاة بغير ذكر الله والخشوع له والتجرد لذكره.وفى الحديث القدسي عن علي –رضي الله عنه-عن النبي –صلى الله عليه وسلم-عن رب العزة- جل وعلا-قال:\" إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي ولم يتكبر على خلقي وقطع نهاره بذكرى ولم يبت مصرا على خطيئتي يطعم الجائع ويؤوى الغريب ويرحم الصغير ويوقر الكبير فذاك الذي يسألني فأعطيه ويدعوني فأستجيب له ويتضرع إلى فأرحمه فمثله عندي كمثل الفردوس فى الجنان لا يتسنى ثمارها ولا يتغير حالها\".(13)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">ب)الزكاة والصدقة:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> فلا يقبلها الله –عز وجل- إلا إذا كانت خالصة متجرة من جميع الأهواء، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }(البقرة:264)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">ج)الصوم:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالصائم يجرد نفسه من جميع الشهوات ،فلا يأكل ولا يشرب ،ولا يجامع طالما كان صائما،فيساعد المسلم على عدم تحكم هذه الشهوات فيه،عن أبى هريرة –رضي الله عنه-عن النبي –صلى الله عليه وسلم-عن رب العزة جل وعلا قال: الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى امرؤ صائم\". (14)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">د)الاعتكاف:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> والاعتكاف بمعنى: الخلوة إلى الله في المساجد ،وعدم دخول البيوت إلا لضرورة قضاء الحاجة ، أو ضرورة الطعام والشراب - يستحب في رمضان في الأيام الأخيرة . وكانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العشر الأواخر منه . . وهي فترة تجرد لله .ومن ثم امتنعت فيها المباشرة تحقيقاً لهذا التجرد الكامل ، الذي تنسلخ فيه النفس من كل شيء ، ويخلص فيه القلب من كل شاغل :{ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة : 187] </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #0000ff">ه)-الحج :</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> والحج من أهم العبادات التي يستشعر فيها المسلم المعنى الحقيقي للتجرد، فهو يترك الأهل والوطن، ويتجرد من ثيابه، فيرتدي ثوبًا أشبه بالكفن، ويؤدي مناسك لا يعلم حكمتها إلا الله، ويستشعر المسلم معنى التجرد في طوافه الخالص لله بالكيفية التي أرادها الله، وفي التلبية التي يهتف بها الحاج معلنًا تجرده لله وبراءته من الشريك والنظير .. وفي ذلك كله التجرد من شهوات النفس ومطالب الهوى،قال تعالى:{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ }[البقرة : 197]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 2-الابتعاد عن الانتصار للنفس والتشفي:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> أثر عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه في معركة وقتال مع الأعداء ،علا بسيفه على رجل من أهل الشرك، فسبه وبصق في وجهه، فأمسك علي سيفه وتركه، فقيل لم؟ قال: خشيت أن أنتصر لنفسي فلا أكون قتلته ابتغاء مرضات الله عز وجل!</span></p><p><span style="font-size: 15px"> تلك النفوس التي ترتفع عن الانتصار لذاتها، والتشفي لمتطلبات أهواء نفوسها، وذلك ما ينبغي أن يكون، فكم من مخالف تختلف معه في قضية شخصية، ثم تأتي فرصة فإذا بك كأنما تنتقم منه، متخطياً العدل والإنصاف، متناسياً التثبت والتبيين، مندفعاً مع حب الانتقام، أو مع تصفية الحسابات؛ وحينئذ تختلط الأوراق، وتعظم الفتنة، وتتكاثر أسباب الأزمة؛ لأنه تغيب حينئذ الحقائق مع مثل هذه الأمور.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 3- التجرد للدعوة والتفرغ لها:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> بالقلب والقالب والنفس والنفيس والوقت والقوة فنركز جهدنا ومواهبنا،ونوفر أوقاتنا وقوانا لهذه الدعوة ونشرها والجهاد فى سبيلها ونعطيها ولا نضنى عليها بشيء مما عندنا ولا نحتفظ بشيء ولا نؤثر عليها شيئا لا وطنا ولا أهلا ولا عشيرة ولا هوى ولا مالا حتى تثمر جهودنا وقد لا تثمر فى الدنيا وقد تثمر بعد حياتنا، فهذا هو النبي- صلى الله عليه وسلم- يخاطب بقوله تعالى:{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}[ يونس:46] </span></p><p><span style="font-size: 15px"> فتسرى الدعوة فى حياتنا كما يسرى الماء فى عروق الشجر والكهرباء فى الأسلاك ،وتظهر فى أخلاقنا وعبادتنا، فترق قلوبنا وتخشع نفوسنا ، وتزداد رغبتنا فى الدعوة ويشتد اهتمامنا بها وحرصنا عليها وإيفائنا لحقوقها، فعن المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- قال: قام النبي- صلى الله عليه وسلم -حتى تورمت قدماه فقيل له : قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا \".(15) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 4-التجرد عن الدنيا والزهد فيها:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال:\" ازهد فى الدنيا يحبك الله وازهد فيما فى أيدي الناس يحبك الناس \". (16) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> فمن أعظم ما يقرب العبد إلى الله- عز وجل- أن يخرج حب الدنيا من قلبه، فإذا أخرج حب الدنيا من قلبه وأسكن حب الله في قلبه أحبه الله عز وجل، وحب الله لا ينال إلا بأن تكون عبداً لله.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> </span></p><p><span style="font-size: 15px"> محمد بن واسع الأسدي يرى الذهب والفضة كالتراب:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> خرج مع قتيبة بن مسلم في الشمال تجاه كابل بأفغانستان، ووصلوا إلى تلك المشارف، ولما صف قتيبة بن مسلم الجيش وقابله الكفار قال قبل المعركة: التمسوا لي محمد بن واسع العابد الزاهد، فأتوا وإذا محمد بن واسع قد توضأ واتكأ على رمحه، ورفع سبابته إلى السماء يتمتم ويدعو الحي القيوم بالنصر: { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [آل عمران:126] فعادوا وأخبروا قتيبة بن مسلم فتهلل وجهه وقال: والله الذي لا إله إلا هو! لأصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من مائة ألف سيفٍ شهير ومائة ألف بطل طرير، وبدأت المعركة ونصر الله المسلمين، وانتهت المعركة وقدمت الغنائم من الذهب والفضة إلى قتيبة بن مسلم ، وكان يرى الكُتُل من الذهب والفضة والجواهر والكنوز تقدم إليه، فكان يقول للقواد: أترون أن أحداً من الناس يعطى هذا فيرده؟ قالوا: لا ما نرى أحداً من الناس يعطى شيئاً من الذهب والفضة ثم يرده، قال: والله لأرينكم رجالاً من أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- الذهب والفضة عندهم أقل وأرخص من التراب، فقال: عليَّ بـ محمد بن واسع ، فذهبوا إليه وهو يصلي في خيمته، فقالوا: يا محمد بن واسع ! إن قتيبة يدعوك، قال: مالي ولـ قتيب ة ، ما خرجت إلا لوجه الله عز وجل، فليتركني قتيبة أحمد الله -عز وجل -على ما أعطى من النصر، قالوا: أمرك الأمير؛ فأتى إلى قتيبة قال: خذ هذا يا محمد بن واسع ! كتلة من الذهب تقدر بآلاف الدراهم والدنانير، وظن قتيبة أنه لا يأخذها فحملها معه، فتغير وجه قتيبة وقال في نفسه: اللهم لا تخيب ظني في محمد بن واسع ، وأرسل بعض الجنود يبحثون وراءه أين يضع هذا المال، ولما خرج من الخيمة عرض له مسكين يطلب الناس في الجيش، وسأل محمد بن واسع فأعطاه كل الذهب، وذهب إلى خيمته.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فاسترد قتيبة هذا المال بشيءٍ من الدراهم من المسكين وقال لوزرائه وقواده: أما أريتكم أن من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من يرون الذهب والفضة كالتراب!</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فأين ذلك الجيل؟! أين تربية المساجد التي تركت في الأمة تربيةً بينةً ظاهرةً شاهرة؟</span></p><p><span style="font-size: 15px"> ربعى بن عامر-رضي الله عنه-ورستم:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> أرسل سعد بن أبى وقاص - ربعي بن عامر-رضي الله عنهما- إلى رستم ليفاوضه فأتى ربعي إلى رستم ،فقال رستم : ماذا خرج بكم؟ هل انتهت عليكم النفقة؟ وتأخرت عليكم فتريدون قتالنا؟ سوف نعطيكم النفقة وعودوا من حيث جئتم، فقال ربعي :إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام \".</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 5-التجرد من الأهواء:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> فلن يقبل الله منك كلمة ولا حركة إن لم تبتغ بها وجهه، ولو ملأت الدنيا ضجيجاً.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> الهوى ملك ظلوم غشوم جهول، يصم الآذان ويعمي الأبصار، وقد حذر الله عز وجل منه نبياً من أنبيائه: { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } [ص:26]</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وكيف كان أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- على قمة التجرد والإخلاص، والله ما انتصر الإسلام إلا بهذه القلوب المخلصة المتجرة ، ولن ينتصر الإسلام إلا بهذه القلوب المخلصة المتجردة.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> خالد بن الوليد،وأبو عبيدة بن الجراح-رضي الله عنهما-:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وانظر لما حدث خالد بن الوليد و أبي عبيدة بن الجراح -رضى الله عنهما- فقد أرسل أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لقائد الجبهة فى الشام أبي عبيدة ويقول له: بسم الله الرحمن الرحيم، من أبي بكر الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح ، سلام الله عليك وبعد، فإني قد وليت خالد بن الوليد قيادة الجبهة في بلاد الشام، فاسمع له وأطع، والله ما وليته عليك إلا لأني ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، وأنت عندي يا أبا عبيدة خير منه، أراد الله بنا وبك خيراً والسلام.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> ويرسل الصديق- رضي الله عنه- أمراً إلى خالد ، فيرسل خالد بن الوليد رسالة إلى أبي عبيدة يقول فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى أخيه الأمير أبي عبيدة بن الجراح ، سلام من الله عليك وبعد: فإني قد تلقيت أمر خليفة رسول الله يأمرني فيه بالسير إلى بلاد الشام للقيام على أمرها، وللتولي لشأن جندها، ووالله يا أبا عبيدة ما طلبت ذلك ولا أردته، فأنت في موضعك الذي أنت فيه، لا نقطع دونك، فأنت سيدنا وسيد المسلمين، أراد الله بنا وبك خيراً والسلام.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> قمة التجرد، قمة الإخلاص.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وتصل الرسالة إلى أبي عبيدة فيتنازل أبو عبيدة عن القيادة لـ خالد بن الوليد ، وتبدأ المعركة، ويموت الصديق ، ويعزل عمر خالد بن الوليد ، ويؤمر أبا عبيدة من جديد، ويخفي أبو عبيدة الرسالة، وقيل: أخفاها خالد ، والأمر سواء، فكلاهما على درجة عالية من التجرد والصفاء، وبعد انتهاء المعركة دفع أبو عبيدة الرسالة لـ خالد ، فانتقل خالد بن الوليد على الفور من القيادة وتركها لأخيه أبي عبيدة ليكون خالد جندياً مطيعاً بعد أن كان بالأمس القريب قائداً مطاعاً.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> نعلم علماً يقيناً أن الله لن ينصر الأمة إلا بمثل هذه القلوب المتجردة، التي تخلص عملها ودعوتها لله جل وعلا.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 6-يزن الناس بميزان الإسلام:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> يقول الإمام البنا:الناس عند الأخ الصادق واحد من ستة أصناف: مسلم مجاهد , أو مسلم قاعد ، أو مسلم آثم ، أو ذمي معاهد ، أو محايد ، أو محارب , و لكل حكمه في ميزان الإسلام , وفى حدود هذه الأقسام توزن الأشخاص و الهيئات ، ويكون الولاء أو العداء . (17) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> و يعلق الدكتور:سعيد حوى على هذا فيقول:علامة التجرد هو وزن الأشخاص والهيئات بميزان الدعوة واتخاذ موقف بناء على ذلك،فهناك:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 1- المسلمون المجاهدون ،وموقفنا منهم:الولاء إذا أعطونا الولاء ولو اختلفت اجتهاداتنا.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 2- مسلمون قاعدون بعذر،وموقفنا منهم:الولاء مع الإعذار.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 3- مسلمون آثمون قاعدون لغير عذر،وموقفنا منهم:الدعوة والنصيحة.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 4- ذميون لم ينقضوا عهدا ،وموقفنا منهم:لهم ما لنا وعليهم ما علينا.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 5- ذميون نقضوا العهود،وموقفنا منهم:أصبحوا محاربين.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 6- معاهدون دخلوا بلادنا بأماننا الحر،وموقفنا معهم:لا يعتدي عليهم.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 7- محايدون بين الكفر والإسلام،وموقفنا منهم:إن كانوا يتظاهرون بالإسلام فهم منافقون وإن كانوا كافرين،فلنا حق قبول حيادهم أو رفضه.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> 8- محاربون،وموقفنا منهم:الحرب إلا لمحاربة أو خدعة أو غير ذلك مما أجازه الإسلام. (18) </span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 7-التأسي بالأنبياء فى التجرد:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> جردوا دعوتهم من المنافع المادية والثمرات العاجلة فكانوا لا يبتغون بدعوتهم وجهادهم إلا وجه الله وامتثال أوامره وتأدية رسالته، تجردت عقولهم وأفكارهم من العمل للدنيا ونيل الجاه وكسب القوة لأسرتهم أو أتباعهم والحصول على الدولة.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> حتى لم يخطر ذلك ببال أصحابهم وأتباعهم وكانت هذه الدولة التي قامت لهم فى وقتها والقوة التي حصلت لهم فى دورها لم تكن إلا جائزة من الله ووسيلة للوصول إلى أهداف الدين وتنفيذ أحكامه وتغيير المجتمع وتوجيه الحياة كما قال الله تعالى : {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج :41] ولم تكن هذه الدولة قط غاية من غاياتهم أو هدفا من أهدافهم أو حديثا من أحاديثهم أو حلما من أحلامهم . إنما كانت نتيجة طبيعية للدعوة والجهاد كالثمرة التي هي نتيجة طبيعية لنمو الشجرة وقوة إثمارها .فقد تأسست دولة الإسلام وفتحت فارس وبلاد الروم والشام ونقلت إلى عاصمة الإسلام ـ المدينة المنورة ـ كنوز كسرى وقيصر وانصبت عليها خيرات المملكتين العظيمتين وانهال على رجالها من أموال هاتين الدولتين وطرفها وزخارفها ما لم يدر قط بخلدهم وقد انقضى على إسلامهم ربع قرن وهم فى شدة وجهد من العيش وفى خشونة المطعم وخشونة الملبس لا يجدون من الطعام إلا ما يقيم صلبهم ولا من اللباس إلا ما يقيهم من البرد وا لحر،وكأنهم يسمعون نبيهم-صلى الله عليه وسلم-يقول قبل وفاته : \" لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخاف أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم \" فهتفوا عن أخرهم قائلين : \" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة \" .(19)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> <span style="color: #ff0000"></span></span></p><p><span style="font-size: 15px"><span style="color: #ff0000"> 8-الإحساس بالافتقار والالتجاء إلى الله-عزوجل-:</span></span></p><p><span style="font-size: 15px"> إن الخوف من الله ، والانكسار بين يديه ، والثقة به وحده ، هو الذي يهذب النفس الإنسانية ويروضها ، ويحد من غرورها وعجبها.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالمرء ينشط ويدعو ، ويضحي بنفسه وماله ، ويبذل قصارى جهده لخدمة هذا الدين ، ومع ذلك : فهو يلح في الدعاء ، ويتضرع إلى الله بقلب مخبت منيب ، يسأله القبول والرضا ، ويشعر بضعفه وحاجته إلى عون ربه -عزّ وجل- ، ولهذا : قالت عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله -عز وجل- : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } [المؤمنون : 60] : أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر ؟ فقال : \" لا يا بنت الصديق ، هم الذين يصلون ويصومون ، ويتصدقون ، يخافون ألا يقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات \".(20)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> فالانطراح على عتبة عبوديته ،انطراح الفقير الكسير والارتماء فى أحضان رحمته،كما كان يفعل سيد المرسلين،فعن عن ابن عباس-رضي الله عنهما- -عن النبي –صلى الله عليه وسلم-كان يدعوا ويقول: \" اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سرى وعلانيتي لا يخفى عليك شيء من أمري وأنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته وذل لك جسمه ورغم لك أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك شقيًّا وكن بى رءوفًا رحيمًا يا خير المسئولين ويا خير المعطين \".(21)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وبهذا نكون متجردين خالصين لله-رب العالمين-فنعيش سعداء ونموت شهداء –ولو على فراشنا-ونبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم</span></p><p> <p style="text-align: center"> <span style="font-size: 15px"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 15px"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 15px"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 15px"></span></p><p> <span style="color: #ff0000">-----------------------</span><span style="font-size: 15px"></span></p><p><span style="font-size: 15px"> المصادر والمراجع:</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (1) انظر : لسان العرب 3/115،مختار الصحاح:119:1</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (2)الرسائل:277</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (3) فقه الواقع:116</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (4)أخرجه :البخاري(4/1727 رقم 4410)، مسلم(8/101رقم7101).</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (5) أخرجه البخاري (3/1057 ، رقم 2730) ، وابن ماجه (2/1385 ، رقم 4135) . </span></p><p><span style="font-size: 15px"> (6) الرسائل:133</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (7)الظلال :1/117</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (8) الإحياء 3/105</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (9) أخرجه النسائي: (4/60)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (10) مناقب الشافعي للرازي /36</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (11) أعلام الموقعين (1/86) .</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (12) أخرجه : أحمد (6/371 رقم 27138)تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (13)أخرجه: الديلمي (3/179 ، رقم 4485) .،أبو نعيم فى الحلية (4/18) .</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (14) أخرجه: البخاري (2/670 ، رقم 1795) ، ومسلم (2/807 ، رقم 1151)</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (15) أخرجه :البخاري(4/1830 رقم 4556)،مسلم(3/136 رقم 2644) .</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (16)الطبراني (6/193 ، رقم 5972) ، والحاكم (4/348 ، رقم 7873) وقال : صحيح الإسناد</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (17) الرسائل:277</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (18)فى آفاق التعاليم:117</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (19)أخرجه البخاري (3/1152 رقم 2988) عن عمرو بن عوف</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (20)أخرجه:أحمد(42/465 رقم 25705)،والحاكم(2/427 رقم 3486)وقال:صحيح الإسناد ولم يخرجاه.</span></p><p><span style="font-size: 15px"> (21) أخرجه الطبراني (11/174 ، رقم 11405)</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="تسابيح ساجدة, post: 36218, member: 47"] [CENTER][SIZE=5][COLOR=#0000ff]إلى الدعاة إلى الله : فلنتجرد لدعوتنا[/COLOR][/SIZE][/CENTER] [IMG]http://www.qoranona.net/vbq/uploaded/47_1325979824.gif[/IMG] [RIGHT] [SIZE=4][COLOR=#800000]عبدالعزيز رجب[/COLOR][/SIZE][/RIGHT] [SIZE=4] الحمد لله وكفى،وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى،وأصلي وأسلم على نبيه المجتبي ،وعلى آله وصحبه ومن ولى. وبعد فالدعوة الصادقة إلى الله-تعالى- هي سبيل كل داعية مخلص لتبليغ هذا الدين وتبصير الناس بأخلاقه وآدابه وأحكامه كما قال تعالى:{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ }[يوسف : 108]. وكل دعوة تحتاج إلى دعاة يحملونها على أكتافهم ،ويبلغونها إلى الناس،لكن ثمار هذه الدعوة مع هؤلاء الدعاة لا تؤتى ثمارها إلا إذا تجردوا لها ،واخلصوا لله رب العالمين،بحيث لا يكون لأي شيء نصيب غيرها. فما هو التجرد؟، وما هي أهميته للدعوة؟،وما هي مظاهر وسمات المتجردين للدعوة؟ ثم كيف أصبح متجردا إلى الله –رب العالمين؟ الإجابة عن هذه التساؤلات فى هذا الموضوع: [COLOR=#ff0000]تعريف التجرد:[/COLOR] لغة: مأخوذ من مادة ج ر د، وجَرَدَ الشيءَ يجرُدُهُ جَرْداً وجَرَّدَهُ قشَره... والجُرْدَةُ بالضم أَرض مسْتوية متجرِّدة... والسماءُ جَرْداءُ إِذا لم يكن فيها غَيْم .. والتجرُّدُ التعرِّي (1) وفى الاصطلاح:هو التجرد من الأهواء المذهبية أو العنصرية أو القومية أو السياسية،بأن يَخلص نفسه لله. ويعرفه الإمام البنا : أن تتخلص لفكرتك مما سواها من المبادئ والأشخاص ، لأنها أسمى الفكر وأجمعها و أعلاها. (2) وبمعنى آخر: أن تجعل نفسك وقفًا لله . [COLOR=#ff0000]الفرق بين الإخلاص والتجرد:[/COLOR] ربما يظن البعض أن الإخلاص هو التجرد لأنهما متقاربان فى المعنى والمضمون ،ومن الصعب كذلك التفريق بينهما،ولكن نقاط الفرق بينهما: 1-قيل : أن الإخلاص أشمل وأعم من التجرد , لأن الإخلاص هو عبارة عن مجموعة من التجردات ; فأنا أتجرد لله في العمل , وأتجرد لله في الفكرة , وأتجرد لله في القول 2-وقيل:الإخلاص حق الله ، والتجرد حق دعوته ودينه. 3-وقيل :الإخلاص يكون قبل العمل،والتجرد يكون إثناء العمل. [COLOR=#ff0000] أنواع الناس من حيث غايتهم من عمل الخير:[/COLOR] يختلف الناس من حيث الغاية التي من أجلها يفعلون الخير،فمنهم من يريد الدنيا ،ومنهم من يريد الآخرة،ومنهم من يريد أن يجمع بينهما،فهل تكون النتيجة واحده؟ أم تختلف حسب الغاية من العمل؟ عن ذلك يقول الإمام البنا: \"الناس رجلان: رجل يعمل ما يعمل من الخير ، أو يقول ما يقول من الحق ، وهو يبتغى بذلك الأجر العاجل ، والمثوبة الحاضرة ، من مال يجمع ، أو ذكر يرفع ، أو جاه يعرض ويطول ، أو لقب ومظهر يصول به ويجول: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران:14]. ورجل يعمل ما يعمل ويقول ما يقول لأنه يحب الخير لذاته ، ويحترم الحق لذاته كذلك ، ويعلم أن الدنيا لا يستقيم أمرها إلا بالحق والخير ، وأن الإنسان لا تستقيم إنسانيته كذلك إلا إذا رصد نفسه للحق والخير: {وَالْعَصْرِ , إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ , إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1-3] ولأنه يحب الله ويخشاه ويرجوه ، ويقدر نعمته ـ عليه في الوجود والقدرة والإرادة والعلم وسائر ما منحه إياه ، ففضله بذلك على كثير ممن خلق تفضيلا ، وهو يعلم أن الله قد أمر بالخير فقال: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77] ، وأوصى بالثبات على الحق ، فقال: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل:79] ، فهو لهذا يرجو ما عند الله ، ويبتغى بقوله وعمله مرضاته وحده. وقد يرتقى به هذا الشعور فيرى أن كل ما سوى الله باطل ، وكل ما عداه زائل ، فمن وجده فقد وجد كل شيء ، ومن فقد شعوره بربه فقد فقد كل شيء: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3] , فهو لهذا لا يرى أحدا غيره حتى يولى إليه وجهه ، أو يصرف نحوه حقه وخيره: {فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (الذاريات:50], {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [لنجم:42] , أو لأنه يعلم أن هذه الدنيا فانية زائلة ، وكل ما فيها عرض حقير ، وخطر يسير ، من ورائه حساب عسير ، وأن الآخرة هي دار القرار ، فهو يزهد كل الزهادة في الجزاء في هذه الدنيا ، ويرجوه في الأخرى. فالمال إلى ضياع وورثة ، والجاه إلى تقلص ونسيان ، والعمر إلى نفاد وانقضاء مهما طال: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ}[النحل:96] ، {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى:17] ، وهو يرجو المثوبة نعيما في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا. ومن الناس قسم ثالث يود أن يأخذ من هذه وتلك ، وقلما يستقيم له الأمر ، فهما ضرتان إن أرضيت أحداهما أغضبت الأخرى ، وكفتا ميزان إن رجحت واحدة شالت واحدة. على أن المقطوع به أن من أراد الدنيا وحدها خسر الآخرة ، ومن أراد الآخرة حازهما معا ، وصح له النجاح فيهما جميعا ، ومن خلط بينهما كان على خطر عظيم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً , وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} [الإسراء:18-19]. ومن هنا آثر الصالحون من عباد الله في كل زمان ومكان أن يتجردوا للغايات العليا ، ويصرفوا نياتهم ومقاصدهم وأعمالهم وأقوالهم إلى الله جل وعلا ، متجردين لذلك من كل غاية ، متخلصين من كل شهوة: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة:5]. (3) [COLOR=#ff0000] التجرد لا تعني الانسحاب من الحياة:[/COLOR] لأنه لو تجرد الداعية من جميع الشهوات، لأصبح ملكا من الملائكة، لأن المخلوقات الذين ليس عندهم شهوات هم الملائكة، وهذا مستحيل أن يصبح الإنسان ملكاً، كيف يريد الإنسان أن يصبح ملكاً؟ ولذلك حتى في المجتمع القدوة مجتمع الرسول- صلى الله عليه وسلم- حدثت هناك بعض الأخطاء الناتجة عن شهوات، فمثلاً من الصحابة من وقع في الزنا مثل ماعز والغامدية ، ومن الصحابة من قبل امرأة ،فعن ابن مسعود-رضي الله عنه-أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبره ، فأنزل الله-عز وجل : { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود : 114] فقال الرجل : يا رسول الله ، ألي هذا ؟ قال : لجميع أمتي كلهم\". (4) فإذاً ليس المطلوب هو إلغاء الشهوات بالكلية، لأن من الشهوة ما يكون مفيداً مثل: إتيان الرجل لزوجته من أجل النسل والذرية، لو لم يكن هناك شهوة عندهما لما حصل الإنجاب ولما حصلت الذرية. فالله عز وجل جعل هذه الأشياء لحكم فيها مصالح للعباد، فلذلك إلغاءها بالكلية أمر مستحيل أصلاً، لا نفكر في إلغائها بالكلية، ولكن المطلوب هو توجيه هذه الأشياء وجهةً سليمة؛ وهذا لا يتم إلا بالتربية، والتربية هي التي تساعد في تهذيبها وتوجيهها الوجهة السليمة. [COLOR=#ff0000] أهمية التجرد:[/COLOR] ترجع أهمية التجرد إلى [COLOR=#0000ff]1-خطورة المرحلة:[/COLOR] إننا في منعطف خطير، يجب علينا أن نجرد فيه دعوتنا إلى الله، وأن نجرد فيه أعمالنا لله، أن نجرد أقوالنا وأفعالنا له -جل جلاله-،وأن نبتغي بدعوتنا وقولنا وعملنا وفعلنا وجه الله- سبحانه-. فعن أبى هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:\" طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه فى سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان فى الحراسة كان فى الحراسة وإن كان فى الساقة كان فى الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع\".(5) [COLOR=#0000ff] 2-لتمحيص الصفوف من الدعاة المزيفين:[/COLOR] فلا يعمل للإسلام بحق إلا من تجرد لها وعمل لها بإخلاص وبذل كل ما فى وسعه من أجلها،يقول الإمام البنا: دعوة الإسلام عامة تجمع و لا تفرق و لا ينهض بها و لا يعمل لها إلا من تجرد من كل ألوانه و صار لله خالصا. (6) [COLOR=#0000ff]3- من أجل انتصار الدعوة:[/COLOR] يقول صاحب الظلال فى قوله تعالى:{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 145] . . لقد كان الله يعد هذه الجماعة لأمر أكبر من ذواتها وأكبر من حياتها . فكان من ثم يجردها من كل غاية ، ومن كل هدف ومن كل رغبة من الرغبات البشرية - حتى الرغبة في انتصار العقيدة - كان يجردها من كل شائبة تشوب التجرد المطلق له ولطاعته ولدعوته . . كان عليهم أن يمضوا في طريقهم لا يتطلعون إلى شيء إلا رضي الله وصلواته ورحمته وشهادته لهم بأنهم مهتدون . . هذا هو الهدف ، وهذه هي الغاية ، وهذه هي الثمرة الحلوة التي تهفو إليها قلوبهم وحدها . . فأما ما يكتبه الله لهم بعد ذلك من النصر والتمكين فليس لهم ، إنما هو لدعوة الله التي يحملونها ...هذه هي التربية التي أخذ الله بها الصف المسلم ليعده ذلك الإعداد العجيب ، وهذا هو المنهج الإلهي في التربية لمن يريد استخلاصهم لنفسه ودعوته ودينه من بين البشر أجمعين . (7) [COLOR=#0000ff] 4-أقرب طريق للوصول للقلوب:[/COLOR] يوم يتنزه الناصح والداعي عن المطامع وحطام الدنيا تعلو مكانته عند الناس، ويعظم قدره في عيونهم، ويرون صدق إخلاصه، فيكون لذلك أثره في القبول: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } [هود:88]، ما لي عندكم من غرض، ولا فيكم من مآرب، إلا أن يجري الله الخير على يدي بما أقول، إبراء لذمتي، وبما أرقب من النفع استجابة لدعوتي. فالله الله في مثل هذا السلوك؛ لأنه هو الذي يقود بإذن الله إلى حصول الأثر. [COLOR=#ff0000] فوائد التجرد:[/COLOR] ولا شك إذا تجرد الدعاة إلى الله –جل وعلا-فإنهم سينعمون بالخير الكثير من الرب الكريم،مثل: [COLOR=#0000ff]1-المتجرد يصبح مثل الملائكة :[/COLOR] والملائكة مثال لمن تجرد لمحض الخير،قال - تعالى- فيهم:{لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }[التحريم:6] ولذلك يقول الإمام الغزالي :\"التجرد لمحض الخير دأب الملائكة المقربين، والتجرد للشر دون التلافي سجية الشياطين، والرجوع إلى الخير بعد الوقوع في الشر ضرورة الآدميين؛ فالمتجرد للخير ملك مقرب عند الملك الديان، والمتجرد للشر شيطان..\" (8) [COLOR=#0000ff]2-دليل على صدق الإيمان:[/COLOR] عن شداد بن الهاد - رضي الله عنه - :أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فآمن به واتبعه ، ثم قال : أهاجر معك ، فأوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه ، فلما كانت غزاة ، غنم النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا ، فقسم وقسم له ، فأعطى أصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : قسم قسم لك النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فأخذه ، فجاء به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما هذا ؟ قال : «قسمته لك» ، قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكن اتبعتك على أن أرمى إلى ها هنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت ، فأدخل الجنة ، فقال:\"إن تصدق الله يصدقك\"،فلبثوا قليلا ، ثم نهضوا في قتال العدو ، فأتى به النبي- صلى الله عليه وسلم- يحمل قد أصابه سهم حيث أشار ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: «أهو هو» قالوا نعم ، قال : «صدق الله فصدقه» ، ثم كفنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في جبته ، ثم قدمه فصلى عليه ، فكان مما ظهر من صلاته:\"اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك ، فقتل شهيدا ، أنا شهيد على ذلك. (9) [COLOR=#0000ff]3-انتظار الأجر العظيم من الله:[/COLOR] قال تعالى:{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب : 23،24] فهذا مشهد من مشاهد التجرد لله، وصورة رجاله الذين صدقوا الله فصدقهم، فنالوا الجنة عن موقف تجردت فيه قلوبهم لله تمام التجرد، دون سابقة أعمال مأثورة أو تاريخ دعوى تليد، فقط دخلوا الجنة بوقفة وقفوها. [COLOR=#ff0000] مظاهر التجرد:[/COLOR] وللتجرد مظاهر واضحة وجلية على المتجردين فى دعوتهم لله0رب العالمين-من هذه المظاهر: 1-التجرد في طلب الحق : أن يكون باحثاً عن الحق ، حتى لو كان عند خصمه ،ولهذا كان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ ،وقال أيضا : ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بَيّنَ الله الحق على لساني أو لسانه. (10) [COLOR=#0000ff]2-الرجوع إلى الحق:[/COLOR] وعدم التمادي فى الخطأ إذا ظهر أنه خطأ وظهر الصواب غيره،قال الفاروق عمر بن الخطاب في رسالته المشهورة إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما -:\"ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه اليوم فراجعت فيه رأيك ،فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل\".(11) [COLOR=#0000ff] 3-عدم كتمان الحق:[/COLOR] فلا يجوز أن يُحجب شيئا من الحق ، وقد ذم الله سبحانه وتعالى اليهود لأنهم يتصفون بكتم الحق وتلبيسه بالباطل . قال الله تعالى :{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران : 71] [COLOR=#0000ff]4-قبول الحق من كل من قاله كائناً من كان:[/COLOR] عن قتيلة بنت صيفي الجهينية-رضي الله عنها- قالت : أتى حبر من الأحبار رسول الله- صلى الله عليه و سلم –فقال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، قال: سبحان الله وما ذاك؟ قال :تقولون إذا حلفتم والكعبة. قالت :فأمهل رسول الله- صلى الله عليه و سلم -شيئا ثم قال: انه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة .قال: يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا. قال: سبحان الله وما ذاك؟ قال تقولون ما شاء الله وشئت .قال :فأمهل رسول الله- صلى الله عليه و سلم -شيئا ثم قال: انه قد قال فمن قال ما شاء الله فليفصل بينهما ثم شئت\".(12) [COLOR=#0000ff]5- عدم الركون إلى الدنيا :[/COLOR] وما فيها من شهوات ومناصب وأموال ... قال تعالى:{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران : 14] [COLOR=#0000ff]6- الصدع بالحق:[/COLOR] وعدم الركون إلى الباطل وأهله،قال تعالى:{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر : 94]،قال:{ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} [هود : 113] [/SIZE][SIZE=5][COLOR=#ff0000] وسائل عملية تعين على التجرد:[/COLOR][/SIZE][SIZE=4] إن التجرد مرتبة سامقة، ودرجة سامية، لا يتسنى لإنسان أن ينالها إلا بمجاهدة، لا ينبغي أن ينالها نهمْة لا يشبعون، أو غلْمة لا يتعففون ،لا ينالها إلا من ألزم نفسه الطاعات وألجمها عن الشهوات وصرفها عن الشبهات أحق أن ينال مرتبة التجرد. وهذه وسائل تساعد على التجرد منها: [COLOR=#ff0000]1-أداء العبادات بإتقان:[/COLOR] [COLOR=#0000ff]أ)الصلاة:[/COLOR] وشرط قبولها التجرد،فقد كان الصحابة فى بادئ المر يتكلمون في أثناء الصلاة فيما يعرض لهم من حاجات عاجلة . حتى نزلت هذه الآية{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [البقرة : 238]، فعلموا منها أن لا شغل في الصلاة بغير ذكر الله والخشوع له والتجرد لذكره.وفى الحديث القدسي عن علي –رضي الله عنه-عن النبي –صلى الله عليه وسلم-عن رب العزة- جل وعلا-قال:\" إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي ولم يتكبر على خلقي وقطع نهاره بذكرى ولم يبت مصرا على خطيئتي يطعم الجائع ويؤوى الغريب ويرحم الصغير ويوقر الكبير فذاك الذي يسألني فأعطيه ويدعوني فأستجيب له ويتضرع إلى فأرحمه فمثله عندي كمثل الفردوس فى الجنان لا يتسنى ثمارها ولا يتغير حالها\".(13) [COLOR=#0000ff]ب)الزكاة والصدقة:[/COLOR] فلا يقبلها الله –عز وجل- إلا إذا كانت خالصة متجرة من جميع الأهواء، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }(البقرة:264) [COLOR=#0000ff]ج)الصوم:[/COLOR] فالصائم يجرد نفسه من جميع الشهوات ،فلا يأكل ولا يشرب ،ولا يجامع طالما كان صائما،فيساعد المسلم على عدم تحكم هذه الشهوات فيه،عن أبى هريرة –رضي الله عنه-عن النبي –صلى الله عليه وسلم-عن رب العزة جل وعلا قال: الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى امرؤ صائم\". (14) [COLOR=#0000ff]د)الاعتكاف:[/COLOR] والاعتكاف بمعنى: الخلوة إلى الله في المساجد ،وعدم دخول البيوت إلا لضرورة قضاء الحاجة ، أو ضرورة الطعام والشراب - يستحب في رمضان في الأيام الأخيرة . وكانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العشر الأواخر منه . . وهي فترة تجرد لله .ومن ثم امتنعت فيها المباشرة تحقيقاً لهذا التجرد الكامل ، الذي تنسلخ فيه النفس من كل شيء ، ويخلص فيه القلب من كل شاغل :{ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة : 187] [COLOR=#0000ff]ه)-الحج :[/COLOR] والحج من أهم العبادات التي يستشعر فيها المسلم المعنى الحقيقي للتجرد، فهو يترك الأهل والوطن، ويتجرد من ثيابه، فيرتدي ثوبًا أشبه بالكفن، ويؤدي مناسك لا يعلم حكمتها إلا الله، ويستشعر المسلم معنى التجرد في طوافه الخالص لله بالكيفية التي أرادها الله، وفي التلبية التي يهتف بها الحاج معلنًا تجرده لله وبراءته من الشريك والنظير .. وفي ذلك كله التجرد من شهوات النفس ومطالب الهوى،قال تعالى:{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ }[البقرة : 197] [COLOR=#ff0000] 2-الابتعاد عن الانتصار للنفس والتشفي:[/COLOR] أثر عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أنه في معركة وقتال مع الأعداء ،علا بسيفه على رجل من أهل الشرك، فسبه وبصق في وجهه، فأمسك علي سيفه وتركه، فقيل لم؟ قال: خشيت أن أنتصر لنفسي فلا أكون قتلته ابتغاء مرضات الله عز وجل! تلك النفوس التي ترتفع عن الانتصار لذاتها، والتشفي لمتطلبات أهواء نفوسها، وذلك ما ينبغي أن يكون، فكم من مخالف تختلف معه في قضية شخصية، ثم تأتي فرصة فإذا بك كأنما تنتقم منه، متخطياً العدل والإنصاف، متناسياً التثبت والتبيين، مندفعاً مع حب الانتقام، أو مع تصفية الحسابات؛ وحينئذ تختلط الأوراق، وتعظم الفتنة، وتتكاثر أسباب الأزمة؛ لأنه تغيب حينئذ الحقائق مع مثل هذه الأمور. [COLOR=#ff0000] 3- التجرد للدعوة والتفرغ لها:[/COLOR] بالقلب والقالب والنفس والنفيس والوقت والقوة فنركز جهدنا ومواهبنا،ونوفر أوقاتنا وقوانا لهذه الدعوة ونشرها والجهاد فى سبيلها ونعطيها ولا نضنى عليها بشيء مما عندنا ولا نحتفظ بشيء ولا نؤثر عليها شيئا لا وطنا ولا أهلا ولا عشيرة ولا هوى ولا مالا حتى تثمر جهودنا وقد لا تثمر فى الدنيا وقد تثمر بعد حياتنا، فهذا هو النبي- صلى الله عليه وسلم- يخاطب بقوله تعالى:{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}[ يونس:46] فتسرى الدعوة فى حياتنا كما يسرى الماء فى عروق الشجر والكهرباء فى الأسلاك ،وتظهر فى أخلاقنا وعبادتنا، فترق قلوبنا وتخشع نفوسنا ، وتزداد رغبتنا فى الدعوة ويشتد اهتمامنا بها وحرصنا عليها وإيفائنا لحقوقها، فعن المغيرة بن شعبة- رضي الله عنه- قال: قام النبي- صلى الله عليه وسلم -حتى تورمت قدماه فقيل له : قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا \".(15) [COLOR=#ff0000] 4-التجرد عن الدنيا والزهد فيها:[/COLOR] عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس قال:\" ازهد فى الدنيا يحبك الله وازهد فيما فى أيدي الناس يحبك الناس \". (16) فمن أعظم ما يقرب العبد إلى الله- عز وجل- أن يخرج حب الدنيا من قلبه، فإذا أخرج حب الدنيا من قلبه وأسكن حب الله في قلبه أحبه الله عز وجل، وحب الله لا ينال إلا بأن تكون عبداً لله. محمد بن واسع الأسدي يرى الذهب والفضة كالتراب: خرج مع قتيبة بن مسلم في الشمال تجاه كابل بأفغانستان، ووصلوا إلى تلك المشارف، ولما صف قتيبة بن مسلم الجيش وقابله الكفار قال قبل المعركة: التمسوا لي محمد بن واسع العابد الزاهد، فأتوا وإذا محمد بن واسع قد توضأ واتكأ على رمحه، ورفع سبابته إلى السماء يتمتم ويدعو الحي القيوم بالنصر: { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [آل عمران:126] فعادوا وأخبروا قتيبة بن مسلم فتهلل وجهه وقال: والله الذي لا إله إلا هو! لأصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من مائة ألف سيفٍ شهير ومائة ألف بطل طرير، وبدأت المعركة ونصر الله المسلمين، وانتهت المعركة وقدمت الغنائم من الذهب والفضة إلى قتيبة بن مسلم ، وكان يرى الكُتُل من الذهب والفضة والجواهر والكنوز تقدم إليه، فكان يقول للقواد: أترون أن أحداً من الناس يعطى هذا فيرده؟ قالوا: لا ما نرى أحداً من الناس يعطى شيئاً من الذهب والفضة ثم يرده، قال: والله لأرينكم رجالاً من أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- الذهب والفضة عندهم أقل وأرخص من التراب، فقال: عليَّ بـ محمد بن واسع ، فذهبوا إليه وهو يصلي في خيمته، فقالوا: يا محمد بن واسع ! إن قتيبة يدعوك، قال: مالي ولـ قتيب ة ، ما خرجت إلا لوجه الله عز وجل، فليتركني قتيبة أحمد الله -عز وجل -على ما أعطى من النصر، قالوا: أمرك الأمير؛ فأتى إلى قتيبة قال: خذ هذا يا محمد بن واسع ! كتلة من الذهب تقدر بآلاف الدراهم والدنانير، وظن قتيبة أنه لا يأخذها فحملها معه، فتغير وجه قتيبة وقال في نفسه: اللهم لا تخيب ظني في محمد بن واسع ، وأرسل بعض الجنود يبحثون وراءه أين يضع هذا المال، ولما خرج من الخيمة عرض له مسكين يطلب الناس في الجيش، وسأل محمد بن واسع فأعطاه كل الذهب، وذهب إلى خيمته. فاسترد قتيبة هذا المال بشيءٍ من الدراهم من المسكين وقال لوزرائه وقواده: أما أريتكم أن من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- من يرون الذهب والفضة كالتراب! فأين ذلك الجيل؟! أين تربية المساجد التي تركت في الأمة تربيةً بينةً ظاهرةً شاهرة؟ ربعى بن عامر-رضي الله عنه-ورستم: أرسل سعد بن أبى وقاص - ربعي بن عامر-رضي الله عنهما- إلى رستم ليفاوضه فأتى ربعي إلى رستم ،فقال رستم : ماذا خرج بكم؟ هل انتهت عليكم النفقة؟ وتأخرت عليكم فتريدون قتالنا؟ سوف نعطيكم النفقة وعودوا من حيث جئتم، فقال ربعي :إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام \". [COLOR=#ff0000] 5-التجرد من الأهواء:[/COLOR] فلن يقبل الله منك كلمة ولا حركة إن لم تبتغ بها وجهه، ولو ملأت الدنيا ضجيجاً. الهوى ملك ظلوم غشوم جهول، يصم الآذان ويعمي الأبصار، وقد حذر الله عز وجل منه نبياً من أنبيائه: { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } [ص:26] وكيف كان أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- على قمة التجرد والإخلاص، والله ما انتصر الإسلام إلا بهذه القلوب المخلصة المتجرة ، ولن ينتصر الإسلام إلا بهذه القلوب المخلصة المتجردة. خالد بن الوليد،وأبو عبيدة بن الجراح-رضي الله عنهما-: وانظر لما حدث خالد بن الوليد و أبي عبيدة بن الجراح -رضى الله عنهما- فقد أرسل أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- لقائد الجبهة فى الشام أبي عبيدة ويقول له: بسم الله الرحمن الرحيم، من أبي بكر الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح ، سلام الله عليك وبعد، فإني قد وليت خالد بن الوليد قيادة الجبهة في بلاد الشام، فاسمع له وأطع، والله ما وليته عليك إلا لأني ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، وأنت عندي يا أبا عبيدة خير منه، أراد الله بنا وبك خيراً والسلام. ويرسل الصديق- رضي الله عنه- أمراً إلى خالد ، فيرسل خالد بن الوليد رسالة إلى أبي عبيدة يقول فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى أخيه الأمير أبي عبيدة بن الجراح ، سلام من الله عليك وبعد: فإني قد تلقيت أمر خليفة رسول الله يأمرني فيه بالسير إلى بلاد الشام للقيام على أمرها، وللتولي لشأن جندها، ووالله يا أبا عبيدة ما طلبت ذلك ولا أردته، فأنت في موضعك الذي أنت فيه، لا نقطع دونك، فأنت سيدنا وسيد المسلمين، أراد الله بنا وبك خيراً والسلام. قمة التجرد، قمة الإخلاص. وتصل الرسالة إلى أبي عبيدة فيتنازل أبو عبيدة عن القيادة لـ خالد بن الوليد ، وتبدأ المعركة، ويموت الصديق ، ويعزل عمر خالد بن الوليد ، ويؤمر أبا عبيدة من جديد، ويخفي أبو عبيدة الرسالة، وقيل: أخفاها خالد ، والأمر سواء، فكلاهما على درجة عالية من التجرد والصفاء، وبعد انتهاء المعركة دفع أبو عبيدة الرسالة لـ خالد ، فانتقل خالد بن الوليد على الفور من القيادة وتركها لأخيه أبي عبيدة ليكون خالد جندياً مطيعاً بعد أن كان بالأمس القريب قائداً مطاعاً. نعلم علماً يقيناً أن الله لن ينصر الأمة إلا بمثل هذه القلوب المتجردة، التي تخلص عملها ودعوتها لله جل وعلا. [COLOR=#ff0000] 6-يزن الناس بميزان الإسلام:[/COLOR] يقول الإمام البنا:الناس عند الأخ الصادق واحد من ستة أصناف: مسلم مجاهد , أو مسلم قاعد ، أو مسلم آثم ، أو ذمي معاهد ، أو محايد ، أو محارب , و لكل حكمه في ميزان الإسلام , وفى حدود هذه الأقسام توزن الأشخاص و الهيئات ، ويكون الولاء أو العداء . (17) و يعلق الدكتور:سعيد حوى على هذا فيقول:علامة التجرد هو وزن الأشخاص والهيئات بميزان الدعوة واتخاذ موقف بناء على ذلك،فهناك: 1- المسلمون المجاهدون ،وموقفنا منهم:الولاء إذا أعطونا الولاء ولو اختلفت اجتهاداتنا. 2- مسلمون قاعدون بعذر،وموقفنا منهم:الولاء مع الإعذار. 3- مسلمون آثمون قاعدون لغير عذر،وموقفنا منهم:الدعوة والنصيحة. 4- ذميون لم ينقضوا عهدا ،وموقفنا منهم:لهم ما لنا وعليهم ما علينا. 5- ذميون نقضوا العهود،وموقفنا منهم:أصبحوا محاربين. 6- معاهدون دخلوا بلادنا بأماننا الحر،وموقفنا معهم:لا يعتدي عليهم. 7- محايدون بين الكفر والإسلام،وموقفنا منهم:إن كانوا يتظاهرون بالإسلام فهم منافقون وإن كانوا كافرين،فلنا حق قبول حيادهم أو رفضه. 8- محاربون،وموقفنا منهم:الحرب إلا لمحاربة أو خدعة أو غير ذلك مما أجازه الإسلام. (18) [COLOR=#ff0000] 7-التأسي بالأنبياء فى التجرد:[/COLOR] جردوا دعوتهم من المنافع المادية والثمرات العاجلة فكانوا لا يبتغون بدعوتهم وجهادهم إلا وجه الله وامتثال أوامره وتأدية رسالته، تجردت عقولهم وأفكارهم من العمل للدنيا ونيل الجاه وكسب القوة لأسرتهم أو أتباعهم والحصول على الدولة. حتى لم يخطر ذلك ببال أصحابهم وأتباعهم وكانت هذه الدولة التي قامت لهم فى وقتها والقوة التي حصلت لهم فى دورها لم تكن إلا جائزة من الله ووسيلة للوصول إلى أهداف الدين وتنفيذ أحكامه وتغيير المجتمع وتوجيه الحياة كما قال الله تعالى : {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج :41] ولم تكن هذه الدولة قط غاية من غاياتهم أو هدفا من أهدافهم أو حديثا من أحاديثهم أو حلما من أحلامهم . إنما كانت نتيجة طبيعية للدعوة والجهاد كالثمرة التي هي نتيجة طبيعية لنمو الشجرة وقوة إثمارها .فقد تأسست دولة الإسلام وفتحت فارس وبلاد الروم والشام ونقلت إلى عاصمة الإسلام ـ المدينة المنورة ـ كنوز كسرى وقيصر وانصبت عليها خيرات المملكتين العظيمتين وانهال على رجالها من أموال هاتين الدولتين وطرفها وزخارفها ما لم يدر قط بخلدهم وقد انقضى على إسلامهم ربع قرن وهم فى شدة وجهد من العيش وفى خشونة المطعم وخشونة الملبس لا يجدون من الطعام إلا ما يقيم صلبهم ولا من اللباس إلا ما يقيهم من البرد وا لحر،وكأنهم يسمعون نبيهم-صلى الله عليه وسلم-يقول قبل وفاته : \" لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخاف أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم \" فهتفوا عن أخرهم قائلين : \" اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة \" .(19) [COLOR=#ff0000] 8-الإحساس بالافتقار والالتجاء إلى الله-عزوجل-:[/COLOR] إن الخوف من الله ، والانكسار بين يديه ، والثقة به وحده ، هو الذي يهذب النفس الإنسانية ويروضها ، ويحد من غرورها وعجبها. فالمرء ينشط ويدعو ، ويضحي بنفسه وماله ، ويبذل قصارى جهده لخدمة هذا الدين ، ومع ذلك : فهو يلح في الدعاء ، ويتضرع إلى الله بقلب مخبت منيب ، يسأله القبول والرضا ، ويشعر بضعفه وحاجته إلى عون ربه -عزّ وجل- ، ولهذا : قالت عائشة -رضي الله عنها- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قول الله -عز وجل- : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } [المؤمنون : 60] : أهم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر ؟ فقال : \" لا يا بنت الصديق ، هم الذين يصلون ويصومون ، ويتصدقون ، يخافون ألا يقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات \".(20) فالانطراح على عتبة عبوديته ،انطراح الفقير الكسير والارتماء فى أحضان رحمته،كما كان يفعل سيد المرسلين،فعن عن ابن عباس-رضي الله عنهما- -عن النبي –صلى الله عليه وسلم-كان يدعوا ويقول: \" اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سرى وعلانيتي لا يخفى عليك شيء من أمري وأنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه أسألك مسألة المسكين وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته وذل لك جسمه ورغم لك أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك شقيًّا وكن بى رءوفًا رحيمًا يا خير المسئولين ويا خير المعطين \".(21) وبهذا نكون متجردين خالصين لله-رب العالمين-فنعيش سعداء ونموت شهداء –ولو على فراشنا-ونبعث يوم القيامة مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء. وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[/SIZE] [CENTER] [SIZE=4] [/SIZE][/CENTER] [COLOR=#ff0000]-----------------------[/COLOR][SIZE=4] المصادر والمراجع: (1) انظر : لسان العرب 3/115،مختار الصحاح:119:1 (2)الرسائل:277 (3) فقه الواقع:116 (4)أخرجه :البخاري(4/1727 رقم 4410)، مسلم(8/101رقم7101). (5) أخرجه البخاري (3/1057 ، رقم 2730) ، وابن ماجه (2/1385 ، رقم 4135) . (6) الرسائل:133 (7)الظلال :1/117 (8) الإحياء 3/105 (9) أخرجه النسائي: (4/60) (10) مناقب الشافعي للرازي /36 (11) أعلام الموقعين (1/86) . (12) أخرجه : أحمد (6/371 رقم 27138)تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح (13)أخرجه: الديلمي (3/179 ، رقم 4485) .،أبو نعيم فى الحلية (4/18) . (14) أخرجه: البخاري (2/670 ، رقم 1795) ، ومسلم (2/807 ، رقم 1151) (15) أخرجه :البخاري(4/1830 رقم 4556)،مسلم(3/136 رقم 2644) . (16)الطبراني (6/193 ، رقم 5972) ، والحاكم (4/348 ، رقم 7873) وقال : صحيح الإسناد (17) الرسائل:277 (18)فى آفاق التعاليم:117 (19)أخرجه البخاري (3/1152 رقم 2988) عن عمرو بن عوف (20)أخرجه:أحمد(42/465 رقم 25705)،والحاكم(2/427 رقم 3486)وقال:صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (21) أخرجه الطبراني (11/174 ، رقم 11405)[/SIZE] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
اكتب معهد الماهر
رد
الرئيسية
المنتديات
القسم العام
الركن العام
إلى الدعاة إلى الله : فلنتجرد لدعوتنا