لماذا الشناقطة يحفظون ؟ما شاء الله

طباعة الموضوع

فجر الدعوة

احسن الله خاتمتها
إنضم
4 أكتوبر 2010
المشاركات
1,324
النقاط
36
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
10اجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الحذيفي
الجنس
أخ


عن هذا السؤال يجيب محمود بن محمد المختار الشنقيطي :


كثيرون أولئك الذين يَبْتدرونني بهذا السـؤال حين يَضُمني وإياهم مجلسٌ، فيدور الحديث حول مسألة الحفظ باعتبارها من أهم قـضــايــا طلب العلم الشرعي، فيسألونني عن أسباب ظاهرة قوة الحفظ عند قومي، ولماذا كانت أهمّ سـمـــةٍ في علماء الشناقطة ـ الذين رحلوا إلى المشرق واتصلوا بالأوساط العلمية ـ القوة الفذة والقدرة الـفـائقة على استحضار النصوص؟ ويسألونني عن أعجب ما بلغني من أخبار عن نوادر الحفاظ في الشناقطة.


وكنت أجيب بما يناسب مقام كل مجلس ويفيد منه الحاضـرون، دون تقص أو تعمد بحثٍ عن الإجابة على هـذه القضية، وحين كتب الله لي أول زيـارةٍ ـ العام المنصرم ـ لبلاد الآباء والأجداد (شنقيط)، ووقفت على بعض المحاظـر الحيـة الـقــائـمــــة علـى أطـلال ورسوم المحاظر(1) العتيقة، وحظيت بلقاء أجلة فضلاء من علماء الشناقـطـــة(2)، أدركوا أواخر نهضة علمية، كان من أبرز سماتها اعتمادها على حفظ الصدور لما وجــد في السطور، وأن العلم هو ما حصل في الصدر ووعته الذاكرة متناً ومعنى، حتى غدا من أمثالـهـم التي تعبر عن هذا المعنى:

(القراية في الرّاسْ ماهُ في فاس ولا مكناس)


أي العلم الـمـعـتـبـر هـو ما في حفظك، وليس في كثرة الذهاب إلى المدن الحضارية ومؤسسات التعليم فيها. حين كتب الله لي تلك الزيارة كان مما يدور في خلدي الجواب عن السؤال المتقدم من واقع تجربة طلاب العلم في تلك المحاظر، فتجمعت عندي طرق كانت وراء تيسير الله للشناقطة ملكة حفـظ نادرة، وطــاقـــــــة ذهنية عالية جعلتهم يفخرون في ثقة واعتزاز بقدراتهم على استذكار عشرات الكتب،


وجعلت العلامـة سيدي محمـد ابن العلاّمـة سيـدي عبد الله ابن الحـاج إبراهيـم العلـوي ـ رحـمــه اللـه ـ (ت 1250هـ) يقول: (إن علوم المذاهب الأربعة لو رمي بجميع مراجعها في البحر لـتـمـكـنت أنا وتلميذي ألْفَغّ الديماني من إعادتها دون زيدٍ أو نقصان، هو يحمل المتن وأنا أمسك الشروح)(3).


وجعلت العلاّمة محمد محمود التّرْكُزي ـ رحـمــه الله ـ ت عام (1322هـ) يزهو بحافظته متحدياً الأزهريين بأنه أحق بإمامة اللغة والاجتـهـــــاد فيها منهم؛ لأنه يحفظ القاموس كحفظه الفاتحة، فاستبعدوا ذلك وعقدوا له مجلساً بالأزهـــــر، فكان كما قال، فأقرّوا له وصاروا يصححون نسخهم من نسخة التركزي ـ رحمه الله ـ المحفــوظة في صدره(4).


وقبل أن أتحفك ـ أخي القارئ ـ بشيء من طرقهم وأساليبهم في الحفظ تتضمن الإجابة عن السؤال المتقدم، أتحفك بأخبار القوم ونوادرهم في الحفظ، مما وجدتـــــه مسطوراً في كتب التراجم، أو محكياً على ألسنة الرواة، وسيتملكك العجب، وتعتريك الدهـشــــة لسماعه، وتجزم معي بأن ما حباهم الله به من ذاكرة فذة، وقدرة على استحضار النصوص ربمـا لا توجد إلا في ذاكرة الحاسب الآلي، حتى صارت حكاياتهم في الحفظ غريبة تشبه الأساطير وما يجري مجرى خوارق العادات.

يتبع بإذن الله ..



يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

فجر الدعوة

احسن الله خاتمتها
إنضم
4 أكتوبر 2010
المشاركات
1,324
النقاط
36
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
10اجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الحذيفي
الجنس
أخ
طرق الحفظ لدى الشناقطة:
ولهـم في الحفـظ وسائل وطـرق أجملهـا فيما يلي: ـ
أولاً: التعليم الزّمَرِيّ أو ما يسمى بلغة المحاظر (الدولة) وهو دراسة جماعية يـشـتـرك فـيـهـــــا مجموعة من الطلبة متقاربي المستويات يقع اختيارهم على متن واحد يدرسونه معاً، حصةً حصةً، يتعاونون على تكراره واستظهار معانيه، يتحاجون فيه، ويُنَشّط بعضهم بعضاً على المواصلة والاستمرار ومدافعة السآمة والملل. أذكر وأنا في المرحلة (المتوسطة الإعداديــة) أنني أدركت مجموعة من طلاب العلم الشناقطة (دولة) في المسجد النبوي في شعر المعلقات.
ثانياً: تقسيم الـمتن إلى أجزاء وهو ما يعرف بلغة المحاظـر (الأقفاف) مفردها: قُفّ. والمشهور في المحاظــر أن متوسط درس أو قف المتن المنظوم خمسة أبيات لا يزيد عليها إلا المبرزون الأذكياء. وأما المتون المنثورة فيتعارف أهل المحاظر على تقسيم شائع بينهم، فمثلاً مختصر العلامة الـشـيـخ خلـيـل عـنـــدهم ثلاثمائة وستون قفاً، ولا تخفى فائدة هذا التقسيم للمتن المراد حفظه، فيعرف الـطــــالـب مـــواضع الصعوبة من السهولة فيحتاط في المراجعة والتكرار، كما أن تخزين المادة في الذاكرة مـرتـبــــــة منتظمة أيسر في استظهارها واسترجاعها.
ويرى الشناقطة ـ وهم مضرب المثل في قوة الحافظة والذكاء ـ أن (القـف) الكثير لا يستطيع استيعابه مع الاحتفاظ به في الذاكرة إلا قلة من الحفاظ ولذلك عمدوا إلى تجزئة كل متن.
وســـــــارت عندهم هذه العبارات مسار المثل: (قـفْ أف) أي أنه بمثابة الريح (أف اسم صوت) يمر عابراً فلا يستقر منه شيء في الذاكرة.
(نص لا بُدّ الُ يْخصّ) أي أن النصف لا يمكن الاحتفاظ به جملة فلا بد أن ينسى قارئه بعضه أو يعجز عن استيعابه أصلاً.
(الثلث يوترث) أي أن ثلث القـف يعلق بالذاكرة فلا ينساه قارئه حتى يموت كأنه يورث من بعده.
ثالثاً: وحدة المتن واستيفاؤه: فينصحون الطالب أن يشتغل بدراسة متن واحد يفرغ قلبه له، ويستجمع قوته لحفظه ولا يجمع إليه غيره، ولا ينتقل عنه حتى يستوفي دراسته كله، بل يرون أن جمع متنين معاً يحد من قدرة الطالب على الاستيعاب فيظل جهده الذهني موزعاً بين عدة متون لا يكاد يتقن أياً منها، كما أن بتر المتن دون حفظه كله يضيع جهد الدارس هباءً، وينم عن كسل وقصور في همة الطالب، ويمثلون لمن يروم حفظ نصين في وقت واحد بالتوأمين؛ فلا سبيل إلى خروجهما معاً في آن واحد، بل لا بد أن يسبق أحدهما الآخر، ونظموا هذا المبدأ بقولهم:
وإن تُـــرد تحـصـيــــلَ فَنّ تَمّـمــهْ وعن سواهُ قبـل الانـتـهــــاءِ مَــــه
وفـي تــــرادف الفـنـون المنـعُ جـا إذ توأمـان اجتمعـا لن يخرجـا
رابعاً: صياغة المتن المنثور نظماً:
لقد وظف الشناقطة ملكَة الشعر كثيراً في تيسير العلوم للحفظ، وضمان حظ أوفر من القبول والبقاء له، ولذا غلبت الصبغة النظمية في نظام الدرس المحظري. وكما هو معلوم فإن النظم أسهل حفظاً واستحضاراً من النثر، قال ابن معط ـ رحمه الله ـ في خطبة ألفيّة في النحو:
لعلمهـم بـأن حفـظ النـظــــــم وفق الذكـي والبعيـد الفـهــــم
لا سيما مشطـور بحـر الرّجــز إذا بُني عـلـى ازدواج مـوجـز
وفي المحضرة قلّ أن تجد متناً يُدرس في فن إلا وجدت من نظمه حتى يسهل حفظه على الطلاب، فمن ذلك أن أبا بكر بن الطفيل التشيتي ـ رحمه الله ـ (ت 1116هـ) نظم كتاب (قطر الندى) لابن هشام ـ رحمه الله ـ.
والعلامة محمد المامي الشمشوي ـ رحمه الله ـ (ت 1282هـ) عقد كتاب الأحكام السلطانية للماوردي بنظم سماه (زهر الرياض الورقية في عقد الأحكام الماوردية).
والعلامة الأديب عبد الله بن أحمد أُبّه الحسني نظم كتاب (مجمع الأمثال) للميداني.
خامساً: تركيزهم على بداية الحفظ والمراجعة المستمرة للمحفوظ، فعدد تكرار الطالب المتوسط للقدر المراد حفظه من مائة مرة إلى ألف مرة، ويسمونه بلغة المحاضر (أَقَبّاد) فيجلس طالب العلم يكرر لوحة بصوت مرتفع في الصباح ثم يعود إليه بعد الظهر ثم بعد المغرب ثم من الغد يبدأ بمراجعته وتسميعه قبل أن يبدأ في درس جديد، وهكذا يفعل مع الدرس الجديد وفي نهاية الأسبوع تكون مراجعة لما حفظ من بداية الأسبوع مع ما قبله من المتن حتى ينتهي من المتن بهذه الطريقة، ثم يأخذ متناً آخر وتصبح لهذا المتن الأول ختمة أسبوعية يمر عليه كله، وبعد تثبيته في الذاكرة ومزاحمة غيره له، لا يصل الإهمال والانشغال أن يترك ختمة شهرية للمتن، وأعرف من المشايخ في المدينة النبوية من عنده ختمة أسبوعية للألفية ولمختصر خليل وختمة شهرية للمتون القصيرة كـ (لامية الأفعال) في الصرف لابن مالك والبيقونية والرحبية وبلوغ المرام وغيرها.
سادساً: حفظ النص قبل الحضور إلى الشيخ ليشرحه، وهذه من أهم الطرق التي تعين الطالب على متابعة الحفظ دون انقطاع أو تأخر، وكان شيخنا الشيخ سيد أحمد بن المعلوم البصادي ـ رحمه الله ـ لا يشرح لأي طالب نصاً حتى يسمعه منه غيباً، فيبدأ الشيخ في شرحه وتفكيك ما استغلق على الطالب فهمه.
سابعاً: لا يحفظ الطالب إلا ما يحتاجه ويمارسه في حياته من العلوم والأبواب في الفن. فالطالب إذا كان يقرأ مختصراً فقهياً مثلاً، وبلغ في المتن كتاب الحج، ولم يكن من أهل الوجوب والاستطاعة فإنه يتعداه إلى غيره وهكذا في أبواب الفرائض والقضاء والجهاد وقِس على ذلك بقية الأبواب في الفنون المختلفة.
ثامناً: تأثر البيئة بالحركة العلمية: فقد خالط حفظ العلم في بلاد شنقيط حياة الناس هناك؛ ففي بلاد الزوايا، يعتبرون من تقصير الأب في حق ابنه إذا بلغ وهو لا يحفظ القرآن حفظاً متقناً ولا يعرف من الأحكام ما يقيم به عباداته، ولا من العربية ما يصلح به لسانه، بل ينظرون إليه نظرة ازدراء واحتقار وأنه قد عق ابنه وقصّر في تربيته.
وتجد أمثال العامة ومخاطباتهم خارج حلقات الدرس قد صبغت بلون المتون السائدة؛ فمن أمثالهم إذا أرادوا وصف الشيء بأنه بلغ إلى منتهاه يقولون: (لا حِق فلا إشكال) أي وصل في كذا إلى ذروته وعبارة (لاحق فلا إشكال) هي آخر جملة في مختصر الشيخ خليل.
ومن أمثالهم قولهم: (وحَذْفُ ما يُعلم جائز) وهو جزء من بيت من خلاصة ابن مالك في الألفية.
تاسعاً: عقد مجالس للمذاكرة والإنشاد والألغاز في العطلة المحضرية. وهي عطلة نهاية الأسبوع العمرية (الخميس وجناحاه مساء الأربعاء وصباح الجمعة).
فيعقد طلاب (الدولة) أو المنتهون مجالس السمر وغالباً تكون ليلة الخميس أو الجمعة يتذاكرون فيها ما درس خلال الأسبوع ويتبارون في تجويد حفظه وإتقانه، أو يحددون باباً أو فصلاً من كتاب يتحاجون فيه، وأعرف عدة مجالس في المدينة المنورة عقدت لهذا الغرض منها مجالس لبعض النساء عَقَدْنَهُ لمذاكرة حفظ القرآن والفقه والسيرة النبوية، ومن ذلك ما يُروى أن محمد بن العباس الحسني ـ وهو راوية شعر ـ ادعى ليلة في مجلس سمر أنه لا يسمع بيتاً من الشعر إلاّ روى القطعة التي هو منها، وذكر الكتاب الذي توجد فيه، فتصدى له حبيب ابن أمين أحـد تلامـذة العلامـة حُرْمـة بن عبد الجليل ـ رحمة الله على الجميع ـ فسأله من القائل:
لو كنت أبـكـي علـى شيء لأبكاني عـصـر تـصـرّم لـي فـي ديـر غسّانِ
فقال ابن العباس: نسيت قائل هذا البيت وهو من قطعة أعرفها في حماسة أبي تمام، فدعي بالكتاب، وقلب ورقة ورقة، فلم توجد فيه فقال لهم حبيب: ها هي بقية الأبيات وذكرها:
دير حوى من (ثمار) الشام أودهــا وساكنـوه لعمـري خيـر سـكــــان
دهراً يدير علينا الـراح كـل رشـــا خمصـان غـض بزنـديـه سُـواران
وقال: إن القطعة من إنشائه، نظمها تعجيزاً لزميله، وساق دليلاً على صحة قوله أن دير غسان لا وجود له في أديرة العرب.
كان شيخ المحضرة الفقيه اللغوي الشاعر حرمة بن عبد الجليل (ت 1234هـ) ـ رحمه الله ـ حاضراً فالتفت إلى تلميذه حبيب وأنشأ على البديهة:
لله درك يا غـلـيـّــــــــم مـــن فتــى سن الغليـم فـي ذكــــــاء الأشـيــــب
لستَ الـصـغـيــــــر إذا تَنِـدّ شريــدةٌ وإذا تذاكـر فـتـيــــــةٌ فـي مــــوكـب
إن الكواكب في الـعـيــــــون صغيـــرة والأرض تصغر عن بساط الكوكـب
عاشراً: اغتنام لحظات السحر في تثبيت الحفظ، فلا تكاد تجد طالباً من طلاب المحضرة في وقت السحر نائماً بل يزجرون عن النوم في هذا الوقت.
حدثني الوالد ـ حفظه الله ـ قال: كان إذا صعـب علينـا حفـظ شـيء انتظـرنـا بـه السحر فيسهله اللـه علينـا، ولا ريب أنها لحظـات مباركـة؛ لأنها وقـت النـزول الإلهـي، ووقـت الهبـات والأعطيـات. وساعات السحر هي لحظات الإدلاج التي أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسير إلى الله فيها كما في صحيح البخاري ـ رحمه الله ـ (واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدّلجة) وهي سير آخر الليل.
وذكر أهل العلم بالتفسير آثاراً عن بعض الصحابة والتابعين ـ رضي الله عن الجميع ـ في انتظار يعقوب ـ عليه السلام ـ لزمان الإجابة حين قال له أبناؤه: ((يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)) [يوسف: 97] فقال: ((قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [يوسف: 98] أنه أخّرهم إلى وقت السحر.
وضابط وَقت السحر على الصحيح أنه قبل طلوع الفجر بساعة تقريباً على ما حققه الحافظ ـ رحمه الله ـ في الفتح.
وبعدُ.. أخي القارئ الكريم:
بهذه العوامـل والأسباب خطـف علماء الشناقطـة المتـجـولـون الأضــــــواء، وبهـذه الطرق والأساليب في الحفظ بزّوا غيرهم في العلوم التي شاركوهـم فيها، فهـل تجــد فـي هــــــذه الإجـابـــة المقتضبـة ما يشحذ همتـك ويحرك إرادتك ويكون مثالاً لك تحتذيه، ويستحثك لجعل الحـفــــظ أهم طرق العلم الشرعي؟! ذلك ما كنا نبغي، وفضل الله واسع، وكم ترك الأول للآخر ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)) [المطففين: 26].
وصلى الله وسلم وبارك على النبي وعلى آله وصحبه أجمعين.
 

فجر الدعوة

احسن الله خاتمتها
إنضم
4 أكتوبر 2010
المشاركات
1,324
النقاط
36
الإقامة
المغرب
احفظ من كتاب الله
10اجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الحذيفي
الجنس
أخ
وإليكم هذه القصة التي ذكرها العلامة محمد الحسن الددو في محاضرة بعنوان من تضحيات علماء الشناقطة قال الشيخ :

العلامة المجيدري بن حبيب الله بن الفاضل بن الفقيه موسى*وهو من أنبغ علماء موريتانيا وامتاز بذكاء حاد وحافظة قوية وكثرة الترحال وهو من شيوخ الامام محمد بن عبد الوهاب*

كان هذا الشيخ قد استقر بالمغرب وهو ابن الخامسة عشر من عمره أرسل تاجرا كان متجها إلى بلده شنقيط وأعطاه هدية لأمه تتألف من- سلهام و زربية و عبد و تسعين درهما - وكتب رسالة مضمونها كالتالي:

-سلام بزيادة لام ماء إلى لامه ـــــ وإحدى خبر كأن في قوله ترديت إلى أخر كلامه
وإياك نعبد و إياك نستعين -

وطلب من التاجر أن لايري الهدية لوالدته قبل أن تقرأ الرسالة فقرأها التاجر فلم يفقه شيئا فلما وصل إلى بلده أعطى الرسالة لتلك الأم فلما قرأتها قالت له : هات السلهام وهات الزربية وهات العبد و تسعين درهما

وهذا قبل أن ترى الهدية فسألها الخادم كيف عرفت ذلك؟

فقالت: قوله سلام من لام ماء إلى لامه اللام من ماء هي الهاء كما هو معلوم عند أهل التصريف- أصل ماء موه يجمع على أمواه ويصغر على مويه والجمع و التصغير يردان الأسماء إلى أصلها- فالهاء هنا تضاف إلى لام سلام لأن قوله-إلى لامه- الضمير هنا عائد على سلام فتصبح الكلمة سلهام

قالت الام وقوله –إحدى خبر كأن في قوله ترديت إلى أخر كلامه-قالت الام لم أجد في شعر العرب بيتا يبتدئ بترديت وفيه كأن إلا بيتا واحدا لغيلان هو قوله :
ترديت من أعلام نور كأنها**زرابي وانهلت عليك الرواعد
وخبر كأن هنا هو زرابي وإحداها زربية

أما قوله - إياك نعبد وإياك نستعين- فلم أفهمها فأيقنت أنها مصحفة فحذفت نقاطها ثم قرأتها أتاك بعبد وأتاك بتسعين



ماشاء الله ذكاء حاد
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
ماشاء الله قلوب وجلة مليئة بحب الله وعقول ذكاؤها حاد تبارك الله الواهب الكريم
بارك الله فيكم مديرتنا الكريمة ام زكريا
ورزقكم جنات الفردوس بغير حساب
 

عبير من الاسلام

اللهم ألف بين قلوبنا
إنضم
1 نوفمبر 2010
المشاركات
3,589
النقاط
38
الإقامة
.
احفظ من كتاب الله
بضعة أجزاء
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
الجنس
أخت
بارك الله فيكم معلمتنا الفاضلة الغالية فجر الدعوة
جزاكم الرحمن جنات الفردوس الأعلى يارب
 
أعلى