الشيخ عاطف الفيومي
شيخ فاضل
- إنضم
- 4 يناير 2012
- المشاركات
- 587
- النقاط
- 18
- الإقامة
- الفيوم
- الموقع الالكتروني
- www.alfayyumy.com
- احفظ من كتاب الله
- كاملا بحمد الله
- احب القراءة برواية
- عاصم
- القارئ المفضل
- المنشاوي
- الجنس
- أخ
من مسائل الحج
وهنا مسائل مهمَّة يحتاج الناس إليها في الحج وأدائه، فمن ذلك: جواز الحجِّ عن الغير، والخروج لأداء المناسك عنه، ففي الحديث عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله، إنَّ فريضة الله على عباده في الحج، أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا، لا يَثْبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: ((نعم))؛ متَّفقٌ عليه.
وقد دلَّ الحديث على جواز الإنابة في الحجِّ ومناسكِه، كما دلَّ على جواز إنابة الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، فالكل في ذلك سواء، ولكن هذا الجواز متعلِّق بشرطين:
الأول: عجز المنيب عن الحجِّ عجزًا لا يستطيع معه الحجَّ، كالمرض الذي لا يُرْجَى شفاؤه، والكِبَر الذي لا حراك معه ولا استطاعة.
الثاني: أن يكون المُوَكَّل بالحجِّ قام بأدائه عن نفسه أوَّلاً، وإلا فلا يصحُّ فعله، على الصحيح من أقوال أهل العلم والفقه.
وقد دلَّ على ذلك أيضًا حديثُ لقيط بن عامرٍ - رضي الله عنه - أنه أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحجَّ، ولا العمرة، ولا الظَّعن؟ قال: ((حُجَّ عن أبيك واعتمر))؛ رواه أبو داود، والتِّرمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ومن المسائل المهمَّة جواز حجِّ الصَّبِي، وقبول ذلك منه، وكذلك الحج معه، ففي الحديث عن السَّائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: حُجَّ بي مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حجَّة الوداع، وأنا ابن سبع سنين؛ رواه البخاري.
وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لقي ركبًا بالرَّوحاء، فقال: ((مَن القوم؟)) قالوا: المُسْلمون، قالوا: مَن أنت؟ قال: ((رسول الله))؛ فرفَعَت امرأةٌ صبيًّا، فقالت: أَلِهذا حجٌّ؟ قال: ((نعَم، ولَكِ أجرٌ))؛ رواه مسلمٌ.
قال النووي - رحمه الله -: "فيه حُجَّة للشافعي ومالكٍ وأحمد وجماهير العلماء أنَّ حجَّ الصبيِّ منعَقِدٌ صحيح، يُثاب عليه، وإن كان لا يَجْزِيه عن حجَّة الإسلام، بل يقع تطوُّعًا، وهذا الحديث صريح فيه.
وقال أبو حنيفة: لا يصحُّ حَجُّهُ، قال أصحابه: وإنما فعَلُوه تمرينًا له؛ ليعتاده، فيفعَله إذا بلغ، وهذا الحديث يردُّ عليهم.
قال القاضي: لا خِلاف بين العلماء في جواز الحجِّ بالصِّبيان، وإنما منَعَه طائفةٌ من أهل البِدَع، ولا يُلْتَفَت إلى قولهم، بل هو مردودٌ بفِعْل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه، وإجماع الأُمَّة، وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حَجُّه؟ وتجري عليه أحكام الحج، وتجب فيه الفدية، ودم الجبْران، وسائر أحكام البالغ؟
فأبو حنيفة يمنع ذلك كلَّه، ويقول: إنَّما يجب ذلك تمرينًا على التَّعليم، والجمهور يقولون: تجري عليه أحكام الحجِّ في ذلك، ويقولون: حجُّه منعقدٌ يقع نَفْلاً؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلَّم - جعل له حجًّا.
قال القاضي: وأجمعوا على أنه لا يُجْزِئه إذابلغ عن فريضة الإسلام، إلاَّفرقة شذَّت فقالت: يُجْزئه، ولم تلتفت العلماء إلى قولها"[10].
والذي عليه القول أن حجَّه مقبول، ولكن لا يُجْزئه عن حجَّة الإسلام إذا بلغ، على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ لحديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أيُّما صَبِيٍّ حجَّ ثم بلغ، فعليه حجَّة أخرى))؛ رواه الشافعي، وصحَّحه الألباني في "إرواء الغليل".
ومنَ المسائل النافعة أيضًا جواز الاتِّجار بالبيع والشراء في موسم الحجِّ، والانتفاع بذلك؛ فإن هذا لا ينقص الحجَّ، ولا يؤثِّر في صِحَّته، مع أن التجرُّد للحاجِّ عن حظوظ الدُّنيا أَوْلى وأَسْلَم، فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: كانَتْ عكاظ ومِجَنِّة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فتأَثَّموا أن يتَّجِروا في المواسم، فنَزَلَت: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198] في مواسم الحجِّ؛ رواه البخاري.
هذا بعضُ ما يسَّر الله تعالى الوقوفَ معه، في بيان الحجِّ وفضائله، وبعض مسائله المهمَّة، من كتاب "رياض الصالحين" للإمام أبي زكريا بن شرف النوويِّ - رحمه الله - وهو كتاب نفيس عظيم النَّفع، يا حبَّذا لو اعْتَنَى به أهل العلم وطُلاَّبُه كثيرًا، قراءة وشرحًا وبيانًا، وتعلُّمًا وتعليمًا، فهو كتاب مبارك بإذن الله، وجامعٌ لكثير من الأبواب والمسائل، وما أجْمَل تعليق الشَّيخ العلامة محمَّد بن عثيمين - رحمه الله - عليه! ولكن لا يزال الباب فيه خير كثير، والله المُوَفِّق.
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع