من روائع الشعر أيام الحروب الصليبية : جلل أصابك والخطوب جسام...

طباعة الموضوع

ابن عامر الشامي

وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
إنضم
20 ديسمبر 2010
المشاركات
10,237
النقاط
38
الإقامة
المملكة المغربية
احفظ من كتاب الله
بين الدفتين
احب القراءة برواية
رواية حفص عن عاصم
القارئ المفضل
سعود الشريم
الجنس
اخ
من روائع الشعر أيام الحروب الصليبية : جلل أصابك والخطوب جسام...






من الكتب المتميزة والنادرة كتاب : ( ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة )
لأبي عبدالله محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي ( 721 – 1321 ه ) وهو كتاب ماتع نافع رائع ، يرحل في طلبه لما حوى من نفائس ودرر ، بحثت عنه وبعد جهد جهيد توفر لي مجلد واحد منه وهو الجزء الخامس الذي فيه زيارة الحرمين الشريفين ومصر والإسكندرية عند الصدور .
طبعة دار الغرب الإسلامي ، تقديم وتحقيق الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة .
وجدت في الكتاب - من جملة ما وجدت من النفائس والدرر في شتى الفنون - قصائد ماتعة تقطر أدبا وروعة وبلاغة .
منها هذه القصيدة التي أضعها لكم ، وهي قصيدة حماسية تحث المجاهدين أيام الحروب الصليبية نظمها عند موافاته المجاهدين في المنصورة . وهذه هي كما في الكتاب ، ويالروعتها وجمالها :

قال المصنف – رحمه الله - :
( ومن نظم شيخنا أبي اليمن رضي الله عنه مما قاله عند موافاته المنصورة ، تحريضا للمجاهدين ، وتحضيضا للمتثاقلين إلى الأرض ، أن ينفروا في سبيل الله ، والقاعدين ، من قصيد في قضية دمياط عام 647 ، أفادها لنا صاحبنا الوزير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن أبي القاسم عنه :

جلل أصابك والخطوب جسام ** فالقلب دام والدموع سجام
ومصيبة عظمت وخطب فادح ** ذهلت له الألباب والأفهام
أضحى به الإسلام منفصم العرى** يجنى عليه برغمها ويضام
وشكت شريعة أحمد لمديلها ** جور الألى إذلالها قد ساموا
كسفت له الشمس المنيرة واغتدى** وجه الصباح وقد علاه ظلام
لبست له الأيام ثوب كآبة** فلحزنها حتى الممات دوام
ذهبت بشاشة كل عيش ناضر** فعلى التهاني والسرور سل
فالروض لا نضر ولا خضل الربى ** ما ماس فيه للغصون قوام
لم يسر فيه لنا النسيم معطرا** والدوح ما غنى عليه حمام
وتعطلت سبل اللسان فلا هوى** مستعذب فيه جوى وغرام
هجر الحبيب فلا وصال يرتجى ** منه ونقض وداده إبرام
وتقطعت ذمم المودة وانقضى** زمن السرور كأنه أحلام
وغدا الزمان كما تراه وثغره** لا ضاحك فرحا ولا بسام
يا ناصري الدين الحنيف أهكذا ** عنكم يجازى ديننا الإسلام
أسلمتموه إلى الصغار وأبتم ** والعار مقترن بكم والذام
خارت عزائمكم وشتت جمعكم** وتقطعت ما بينكم أرحام
أين الحروب المتقى سطواتها ** منكم ؟ وأين الكر والإقدام ؟
أين الصواهل ضمرا ؟ أين البو ** اسل زؤرا والفارس المقدام ؟
أين الصوارم شرعا ؟ أين الذوا ** بل رعفا ؟ أين الفتى الهمام ؟
أين الذي قد باع مهجة نفسه ** لله ؟ فهو على الردى حوام ؟
أين الكريم الخيم؟أين أخو الوغى ** أين الذين عن العدى ما حاموا ؟
لا تضعفوا جبنا ولا تتهيبوا ** من شأنه الإذلال والإرغام
لكم الكرامة والمهابة والحجا ** والأيد والآراء والأحلام
لكم المثوبة والجزاء المرتضى** وعليهم الآصار والآثام
أنتم برضوان الإله وقربه ** منهم أحق وفيكم الأعلام
كم فيكم من باسل فتكاته ** يحنو لديها الصارم الضمضام
ومدجج يوم الكريهه ما اجتلى** إلا وقد نثرت عليه الهام
خواض غمرة كل موت كافل** دين الإله بنصره قوام
يردي الفوارس معلما لا ناكصا** يوم الهياج إذا الحروب تقام
ويشن في الأعداء غارة بأسه** فلنار عزمته يشب ضرام
ومدرعين إذا الردى يوم الوغى** شيمت بوارقه وحم حمام
لبسوا القلوب على الدروع وجردوا ** العزمات فهي لهم لعمرك لام
بذلوا نفوسهم لنصرة دينهم ** فلهم عليه حرمة وذمام
راموا النعيم السرمدي فأبعدوا** في نيله مرمى وعز مرام
جنحوا إلى العلياء فاهتجروا المنى فعلى جفونهم المنام حرام
قد أعربوا لغة الردى في لحنهم فلهم بألسنة الرماح كلام
أفعالهم تبنى على حركاتها ** كسر العدى والحذف والإدغام
إخوان صدق منهم من قد قضى ** نحبا ومنهم من له يستام
باعوا النفوس فحبذا من مشتر** رب لديه البر والإنعام
فعلى نفوسهم الزكية رحمة ** من ربهم وتحية وسلام
وعلى وجوههم البهية نضرة ال** إجلال موصول بها الإكرام
جنات عدن فتحت أبوابها ** لهم ومثوى حظوة ومقام
أرواحهم تحيا وتحبر بالمنى** وكأنما لم تألم الأجسام
وسقوا شرابا من رحيق سلسل ** عذب له المسك السحيق ختام
يستبشرون بنعمة وكرامة ** من ربهم هذا النعيم التام
حضروا حظيرة قدسه** فتنعموا بجواره فهم لديه كرام
هذي المعالي هل لها من طالب ؟** ها أنتم عنها الغداة نيام
هذي السعادة قد أضل سحابها ** بدت الطلول ولاحت الأعلام
هذي جنان الخلد تحت سيوفكم ** وبها إليكم لوعة وهيام
تجلى عليكم حورها وقصورها ** ويشوقها شعث بكم وكلام
وتنفست أنفاسها مسكية الن** فحات لا ضال الحمى وخزام
ربحت تجارتكم ألا فاستبشروا** هاتيك سوق المكرمات تقام
يا أخوة الإسلام كيف قعدتم ** عن نصرة وأرى العدى قد قاموا
ورقدتم عنه ، وعين عدوه ** بالبغي والظفران ليس تنام
عدمت نفوسكم الأبية نخوة ال** إيمان فهي لذاك ليس تلام
أم هل ترى رضيت بذلة دينها ** فلها المذلة منه والإجرام
أمست مساجدكم كنائس لا يرى** فيها لكم عند الصلاة زحام
لا يسمع التأذين في عرصاتها ** خوف العداة ، ولا الصلاة تقام
رفع الصليب على المنابر وانبر ال ** ناقوس فيه بشركهم إعلام
وغدا منار الحق منهدم البنا** فالحرم حل والحلال حرام
درست رسوم العلم فهي محيلة ** وتبدلت من بعده الأحكام
وتحكمت فرق الضلالة في الهدى ** فتصيدت آساده الآرام
فالبيت والأركان يندب ركنه ال ** واهي القوى والحج والإحرام
والحجر والمسعى ومروة والصفا** والأبطحان وزمزم ومقام
ما طل نعمان الأراك ولا سقى** من بعده وادي العقيق غمام
وتغيرت صفة الزمان لأجله** وتنكرت من بعده الأيام
فالشمس تبدو اليوم غير منيرة ** حزنا ، وما زان الهلال تمام
ونبيها الهادي بطيبة قد شكا ** بث الجوى ، فجواه ليس يرام
نسخت شرائعه ، وبدل دينه** وانحل من سلك الزمان نظام
يا عصبة التوحيد كيف تحكم الثا ** لوث فيكم والعلى أقسام
وعلا على الحق اليقين لديننا ** من دينه البهتان والإيهام
ميلوا عليه واستعينوا واصبروا** لا تدبروا ولتثبت الأقدام
وترقبوا النصر العزيز وأوبة ال** فرج القريب فربنا علام
لابد من يوم يشيب لهوله ** فود الوليد ويفشل الضرغام
لا تمتروا في هلك قوم كذبوا** فلسوف يا قومي يكون لزام
يا مدعي دين المسيح وإنه ** ليطول منه لما ادعوه خصام
غيرتم دين المسيح وما انتحى ** موسى وما قد سن أبراهام
وحسدتم خير البرية أحمدا ** فلنعته في كتبكم إبهام
هيهات نور الشمس ليس بمختف** والمسك كيف كتمته نمام
منا عليه صلاة صادٍ صادق ** ولنا به برق السعود يشام
يا باعث المختار من خير الورى** فهو الذي للمتقين إمام
يا خير مسئول وأكرم منعم ** ومريد ما تجرى به الأقلام
يا كاشف الغماء يظلم خطبها** فلها على سعة الفضاء ركام
انصر شريعتنا ، وسدد أمرنا ** فلنا الحراسة منك والإعظام
عجل دمار الكافرين وأردهم ** حتى يكون لهم بنا استعصام
وأتح لهم محنا تأجج نارها ** يبدو عليها زفرة وقتام
واحلل عزائمهم ، وشتت جمعهم** حتى يرى لوجودهم إعدام
وأذل عزتهم ، وخيب سعيهم ** ليكون منهم للردى استسلام
وارأب ثأى الإسلام واجبر كسره ** حتى يعود وشمله ملتام


نجزت ومنه بالإسناد فيما أنا به أبو اليمن قَالَ : إنه لما كان في وقيعه دمياط عام هياط ومياط ، واشتد الحال في بعض الأيام ، وعاين الناس وقع الحمام ، تقدم رضي الله عنه للقتال مع رفيق كان له ، وهبا أنفسهما له ، فاستشهد رفيقه وخلص هو جريحا ، بالعوم فقال : شيء وهبته لله فلا أرجع فيه فغادر الأهل والوطن ، واقتعد غارب الغربة إلى محل الأنس ، حرم الله الشريف ، فتبوأه دارا ووالي مدة عمره حجا واعتمارا ، وزيارة إلى المصطفى ، إلى أن توفي على ذلك ، وقد قضى من ذلك لبانات وأوطارا رَحِمَهُ اللَّهُ عليه ( انتهى

المصدر : كتاب : ( ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة ) لأبي عبدالله محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي ( 721 – 1321 ه )
طبعة دار الغرب الإسلامي ، تقديم وتحقيق الدكتور محمد الحبيب بن الخوجة .
الجزء الخامس ، الصفحات : 214-215-216-217
يتوجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لروئية الموضوع
 

تسابيح ساجدة

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
إنضم
16 أكتوبر 2010
المشاركات
8,111
النقاط
38
الإقامة
المعهد
احفظ من كتاب الله
اللهم إجعلنا من العاملين به... آمين
احب القراءة برواية
حفص
القارئ المفضل
هم كُثر ,,,
الجنس
أخت
بوركت شيخنا الفاضل
كتب الباري سبحانه اجرك ونفع بك جل وعلا
وجزاك جل جلاله كل الخير
ورفع قدرك جل شأنه في الدارين
 
أعلى