إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : المرأة في الإسلام كان لها شأن عظيم ومنزلة سامقة ، اعتبرت بعد إهمال ، واهتدت بعد ضلال ، وعزت بعد ذل ، وتعلمت بعد جهل ، وأدت ما عليها من واجبات، بارت الرجال وسبقتهم أحيانا، فكان أول المؤمنين منها ، وأول الشهداء في سبيل الله منها ، وأول من هاجر في سبيل الله منها ، وكانت كذلك في نشر الدين وحفظه والإقبال عليه وتبليغه ، وازدادت المرأة المسلمة ثقة بالنفس ، واعتزازا بالمقام ، وغبطة بالإسلام ، فكان منهن الواعظات والعالمات والفقيهات والمحدثات على مر الدهور، واختلاف العصور في سائر البقاع والأصقاع ، فوجدت نفسها بعد تيه وضياع ، وانتقلت من حال إلى حال ، من حال كانت فيه رزية مهانة لاحق لها ولا كرامة ، لا يعتد بها في رأي ولا وجود، استعبدها الرجال في ذلة وامتهان ، وان سألت لا تجاب ، وإن احتيج إليها فللاحتطاب والتقاط النوى للإبل ، فان تسامت فللشهوات، يوم خروجها للدنيا يوم تسوَد فيه الوجوه ، وتغتاظ فيه النفوس في حيرة واضطراب ، أتمسك على هوان أم تدس في التراب؟ قال ابن عباس: " كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت فكان أوان ولادها حفرت حفيرة فتمخضت على رأس الحفيرة، فإن ولدت جارية رمت بها في الحفيرة، وإن ولدت غلاما حبسته ". ويقول قتادة: كان أحدهم يغذو كلبه ويئد ا بنته. - أكرم الإسلام المرأة بعد أن كانت مهانة ذليلة مسلوبة الحقوق. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " كنا في الجاهلية لا نعتد بالنساء ولا ندخلهن في شيء من أمورنا ، بل كنا ونحن بمكة لا يكلم أحدنا امرأته ، إذا كانت له حاجة سفع برجليها فقضى منها حاجته ، فلما جاء الله بالإسلام ، أنزلهن الله حيث أنزلهن وجعل لهن حقاً". بل كرمهن وسمى سورة باسمهن (سورة النساء). وأوصى بها خيرا: أما وأختاً وبنتاً وزوجة.
انتقلت النساء من هذا الحال إلى حال، فأصبحن فيه منارات هدى ومراكز إشعاع ونور، معلمات ومربيات صالحات ومصلحات وداعيات، يرجع إليهن في المشكلات والمعضلات، ويتخرج من تحت أيديهن الأبطال والعلماء والحكماء، فللمرأة في أول الإسلام سابقة ما بلغها كثير من الرجال، وإن لها فيه منزلة ومقام لا يستطيع المداد ولا البنان إعطاؤه حقه. وما التأنيث لاسم الشمس عيب وما التذكير فخر للرجـال
ولو كان النساء كمن فقدنــا لفضلت النساء على الرجال
بينما نجد المرأة في عالم الكفر تنتقل من استعباد إلى استعباد، ومن ظلم إلى ظلم فكانت بالأمس تباع وتشترى سلعة رخيصة، وأصبحت اليوم تستغل في الدعاية للمنتجات والسلع المختلفة0 المرأة في الإسلام برزت فأصبحت عالمة وفقيهة ومحدثة، فحازت قصب السبق في مختلف علوم الشريعة من العقيدة والفقه والحديث، فضلا عن تعلم القرآن وتعليمه، فقامت بدورها في العلم والتعليم والرواية والدعوة، وقد دخلت في عموم خطاب قول الله تبارك وتعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) وقوله جل وعلا: (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ). وقوله صلى الله عليه وسلم (من يرد به خيراً يفقهه في الدين) رواه البخاري ومسلم. وقوله: ( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود.
· أهم فضائل العلم(1): 1- أنه إرث الأنبياء. 2- أن العلم يبقى والمال يفنى. ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له) رواه مسلم. 3- أنه لا يتعب صاحبه في الحراسة. فمحله القلب لا يحتاج إلى صناديق ومفاتيح . فالعلم يحرسك والمال أنت تحرسه . 4 - أن الإنسان يتوصل به إلى أن يكون من الشهداء على الحق، قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ). 5- أن أهل العلم هم القائمون على أمر الله تعالى حتى تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله معطي ،ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله) رواه البخاري. قال الإمام أحمد " إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم " 6- أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُرغّب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله بها إلا على نعمتين هما: طلب العلم والعمل به، والتاجر الذي خدم الإسلام ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين : رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها) متفق عليه. لا حسد : أي لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين 0 ووجه الحصر فيهما: أن الطاعات إما بدنية أو مالية أو كائنة عنهما، وقد أشار إلى البد نية بإتيان الحكمة والقضاء بها وتعليمها 0 ( الفتح 1/167) 7- أنه طريق الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ) رواه مسلم. قوله ( سهل الله له طريقا ) أي في الآخرة ، أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة 0 قال ابن حجر : " فيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه ، لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة " الفتح 1/160 0 8- العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه وكيف يعامل عباده ، فيكون في ذلك على علم وبصيرة . 9- إن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم. 10- أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) 11- طلب العلم من أفضل الأعمال ، بل هو من الجهاد في سبيل الله.
أجمل ما قيل في العلم :
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم ولا الملوك وأهل اللهو والطرب
كلذتي في طلاب العلم يا ولدي فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي
ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم ألذّ عندي من علمي ومن كتبي
فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري وخاطري حاضري في العلم لم يغب
كل المسرات غير العلم فانية يا حبذا العلم من فخر ومن حسب
ولا يغرنك كون الناس قد هجروا أهل العلم وذموهم بلا سبب
فالعلم كنز وذخر ليس يعد كنز من الدر أو كنز من الذهب
طلب العلم فريضة على كل مسلم : اعتبر العلماء العلم من الفرائض المقررة على الأمة ، وقد جاء في تفسير هذا الحديث عن سفيان بن عيينه قوله : طلب العلم والجهاد فرض على جماعتهم ويجزي فيه بعضهم عن بعض وتلا الآية (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفهقوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) وقال ابن المبارك : " معناه أن لا يقدم الرجل على الشيء إلا بعلم يسأل ويتعلم ، فهذا الذي يجب على الناس من تعلم العلم" 0 وقال أحمد بن حنبل : " أما ما يقيم به الصلاة وأمر دينه من الصوم والزكاة وذكر شرائع الإسلام فينبغي له أن يعلم ذلك ". وقال: " الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرة أو مرتين والعلم يحتاج إليه كل وقت " وقال ابن القيم : وأما عشاق العلم فأعظم شغفاً به وعشقاً له من كل عاشق بمعشوقه ، وكثير منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر " 0 وقال ابن عبد البر:" قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل أمريء في خاصة نفسه ، ومنها ما هو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط فرضه على أهل الموضع .والذي يلزم الجميع فرضه من ذلك ما لا يسع الإنسان جهله من جملة الفرائض المفترضة عليه نحو الشهادة باللسان ، والإقرار بالقلب بأن الله وحده لا شريك له والشهادة بأن محمداً عبده ورسوله ......وأن الصلوات الخمس فرض، وما يلزمه من علمها، علم ما لا تتم إلا به من طهارتها وسائر أحكامها، وأن صوم رمضان فرض، ويلزمه علم ما يفسد صومه، وما لا يتم إلا به، وإن كان ذا مال وقدرة على الحج لزمه فرضاً أن يعرف ما تجب فيه الزكاة ومتى تجب ؟ وفي كم تجب ؟ ويلزمه أن يعلم بأن الحج عليه فرض مرة واحدة في دهره إن استطاع إليه سبيلاً...."
النساء شقائق الرجال في طلب العلم: المرأة نصف المجتمع ،بل إنها تلد النصف الآخر ،فهي الأمة بأسرها . فالأبطال يتربون في حجرها، والعلماء يترعرعون في حنانها، والمصلحون يكتسبون من خبراتها وتجاربها0 ولما كان العلم يمثل قيمة عليا من قيم المجتمع الإسلامي، فإن الإسلام لم ينكر على المرأة حقها في التعلم ، أو أن يعد تعليمها أمراً ثانوياً ، بل اعتبر تعلمها أمراً واجباً 0 ولكن أي علم ذاك الذي يقصده الإسلام ؟ إنه العلم الذي يتفق مع طبيعة المرأة ووظيفتها في الحياة ، ويتفق مع فطرتها واختصاصها الذي اختصها الله به ، فتتعلم المرأة من عقائد دينها ، وعباداته ، وآدابه ، وما يطلب منها لرعاية زوجها وبيتها وتربية أولادها ، ويعينها على فهم واقعها وكيفية التعايش معه 0 المرأة في القرون الفاضلة، درست القرآن العظيم ، وتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم فاستنار عقلها ، وصفا قلبها ،كيف وهي تتلو قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) وقوله صلى الله عليه وسلم(إنما النساء شقائق الرجال) بل نجد أن كتب السيرة سجلت لنا اللحظات الأولى من تلقي الوحي ، وكيف اهتز له بيت النبوة ، فكانت المؤمنة الأولى ، والمستمعة والتالية الأولى لوحي السماء ،الباذلة الأولى في سبيل الدعوة الإسلامية من نفسها ومالها ، الزوجة المصدقة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ثم يتوالى الوحي في حجرات أمهات المؤمنين ،وكان للسيدة عائشة رضي الله عنها القدْح المعلى في شرف الاهتمام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبحت مفتية ومعلمة وموجهة لأبواب الخير. "دور المرأة في خدمة الحديث في القرون الثلاثة الأولى آمال الحسين"0 وتروي بعض الآثار أن عائشة عندها نصف العلم ، لذا كانت مقصد فقهاء الصحابة عندما تستعصي عليهم بعض المسائل العلمية والفقهية ، خاصة فيما يتعلق بجوانب حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت عائشة رضي الله عنها تحث سائلها ألا يستحي من عرض مسائلته ، وتقول له : سل فأنا أمك " 0وقد أخذ عنها العلم حوالي ( 299) من الصحابة والتابعين ، منهم ( 67 ) امرأة 0 ولقد ضربت أمهات المؤمنين أروع الأمثلة في التعلم والتعليم ، حتى غدين من الفقيهات والمحدثات ، بل وربما أشكل على الرجال مسألة فيكون حلها في علم النساء ، ولا عجب فلله درهن0ّ - ووجد في التاريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الفنون والعلوم، فوجد منهن الفقيهات والمفسرات والأديبات والشاعرات والعالمات في سائر علوم الدين واللغة. - ولم تغفل كتب الطبقات الترجمة للمرأة المسلمة خاصة في الرواية، ففي كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ذكر كثيراً من الصحابيات والتابعيات الراويات ، وابن الأثير خصص جزءاً كاملا للنساء في كتابه " أسد الغابة " ، وفي " تقريب التقريب " لابن حجر العسقلاني ذكر أسماء (824) امرأة ممن اشتهرن بالرواية حتى مطلع القرن الثالث الهجري 0 - وأورد السخاوي في موسوعته الضخمة " الضوء اللامع لأهل القرن التاسع " أكثر من (1070) ترجمة لنساء برزن في ذلك القرن ، معظمهن من المحدثات الفقيهات 0 - فالمرأة المسلمة كان لها حضور بارز في المجتمع العلمي الإسلامي، فكانت تتعلم وتعلم ، وترحل لطلب العلم ، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها ، وتصنف الكتب ، وتفتي ، وتستشار في الأمور العامة 0 - وظهر من العالمات المسلمات من تعقد مجالس العلم في كبريات المساجد الإسلامية 0 - وكان في برهة من الزمن لا تجهز العروس إلا ومعها بعض الكتب الشرعية النافعة ، ذكر الإمام الذهبي أن البكر كان في جهازها عند زفافها نسخة من كتاب "مختصر المزني". السير 14/233 - وقد كان في قرطبة وحدها دكان نسخ واحد، يستخدم مائة وسبعين جارية في نقل المؤلفات لطلاب الكتب النادرة ( أثر العرب في الحضارة الأوروبية عباس العقادص115)
النساء يطالبن بحقهن في طلب العلم : جاء في الصحيحين ، في باب ( هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم ؟): عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : (اجتمعن) فأتاهن فعلمهن مما علمه الله . وفي رواية :"غلبنا عليك الرجال". هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على إسماعهن الخير ، فكان يخصهن بالتعليم.
الإمام يعظ النساء ويعلمهن: " عن ابن جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى ، فبدأ بالصلاة ثم خطب فلما فرغ نزل ، فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال ، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة. وفي رواية عن ابن عباس : فظن أنه لم يُسْمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة. وقال ابن جريج لعطاء:أترى حقاً على الإمام ذلك يُذكرهن؟ قال :إنه لحق عليهم ،ومالهم لا يفعلونه!" فالنساء شقائق الرجال في التكليف فمن الواجب تعليمهن وتعلمهن ،وقد علمهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرهن على طلب التعلم ، ولا يجوز اختلاط النساء بالرجال في التعلم ،فأما أن يفردن بيوم كما في الحديث السابق، وأما يتأخرن عن صفوف الرجال كما في حديث ابن عباس (تم أتى النساء) قال ابن حجر(2/466) : "يشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ،ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها ،وعلمها فأحسن تعليمها ،ثم أعتقها فتزوجها ،فله أجران" رواه البخاري ، وترجم له (باب تعليم الرجل أمنة وأهله) قال ابن حجر :" مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص وفي الأهل بالقياس ، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء" (الفتح 1/190) والنبي صلى الله عليه وسلم من أحرص الناس على تعليم أهله ، فعن الشفاء بنت عبد الله قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة " رواه أحمد وصححه الألباني. قال ابن القيم : " في الحديث دليل على جواز تعليم النساء الكتابة " زاد المعاد ( 4/185) ومن لطيف الاستدلال على تعليم الرجل أهل بيته ، ما ذكره الألو سي في تفسيره عند قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) قال : " واستدل به على أنه يجب على الرجل تعلم ما يجب من الفرائض وتعليمه لهؤلاء ، وادخل بعضهم الأولاد في ا لنفس ، لأن الولد بعض من أبيه " حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم نسائه ووعظهن حتى في الليل : عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: " سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن، وماذا فتح من الخزائن، أيقظوا صواحبات الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " رواه البخاري ، وترجم له ( باب العلم واليقظة بالليل ) 0 قال ابن حجر : " أي تعليم العلم بالليل ، والعظة تقدم أنها الوعظ ، وأراد المصنف التنبيه على أن الحديث بعد العشاء مخصوص بما لا يكون في الخير " 0 " وقوله ( صواحب الحجر ) إنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ ، أو من باب " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول " ومن فوائد الحديث " إيقاظ الرجل أهله بالليل لا سيما عند آية تحدث، وتحذير العالم من يأخذ عنه من كل شيء يتوقع حصوله، والإرشاد إلى ما يدافع ذلك المحذور " الفتح (1/210-211)0
حرص النساء على العلم والسؤال عما أشكل عليهن : عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها – أي ركعتين بعد العصر – ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر ، ثم دخل عليِّ وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فأرسلت إليه الجارية فقلت : قومي بجنبه قولي له : تقول لك أم سلمة : يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما ، فإن أشار بيده ، فاستأخري عنه ، فلما انصرف قال : "يا ابنة أبي أمية ، سألت عن الركعتين بعد العصر ، وإنه أتاني ناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان " رواه البخاري 0 قال ابن حجر " وفيه دلالة على فطنة أم سلمة رضي الله عنها وحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بأمر الدين ، وكأنها لم تباشر السؤال لحال النسوة اللاتي كن عندها ، فيؤخذ منه إكرام الضيف واحترامه 000000 وفيه : ترك تفويت طلب العلم وإن طرأ ما يشغل عنه وجواز الاستنابة في ذلك 0 وفيه المبادرة إلى معرفة الحكم المشكل فراراً من الوسوسة 0 وفيه أن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم لأن فائدة استفسار أم سلمة عن ذلك تجويزها إما النسيان وإما النسخ وإما التخصيص ، فظهر وقوع الثالث والله أعلم " الفتح ( 3/ 106)
الحرص على تعلم العلم : روى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان يوماً من ذلك ، والجارية تمشطني ، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيها الناس ! فقلت للجارية: استأخري عني ، قالت : إنما دعا الرجال ولم يدع النساء ، فقلت : إني من الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لكم فرط على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال ، فأقول فيم هذا ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول : سحقا "
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم ولا الملوك وأهل اللهو والطرب كلذتي في طلاب العلم يا ولدي فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم ألذّ عندي من علمي ومن كتبي فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري وخاطري حاضري في العلم لم يغب كل المسرات غير العلم فانية يا حبذا العلم من فخر ومن حسب ولا يغرنك كون الناس قد هجروا أهل العلم وذموهم بلا سبب فالعلم كنز وذخر ليس يعد كنز من الدر أو كنز من الذهب سلمت يمينك ،، نفع الله بك واسال الله العى العظيم ان يرزقك لذة النظر الى وجهه الكريم وهو راض عنك ضاحك اليك
ما لذة الخلق في الدنيا بأجمعهم ولا الملوك وأهل اللهو والطرب كلذتي في طلاب العلم يا ولدي فالعلم معتمدي حقاً ومكتسبي ما المال ما الأهل ما الأولاد كلهم ألذّ عندي من علمي ومن كتبي فمؤنسي دفتري والعلم مفتخري وخاطري حاضري في العلم لم يغب كل المسرات غير العلم فانية يا حبذا العلم من فخر ومن حسب ولا يغرنك كون الناس قد هجروا أهل العلم وذموهم بلا سبب فالعلم كنز وذخر ليس يعد كنز من الدر أو كنز من الذهب سلمت يمينك ،، نفع الله بك واسال الله العى العظيم ان يرزقك لذة النظر الى وجهه الكريم وهو راض عنك ضاحك اليك
أخرج البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحواً من صاع وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب ".
هذا الحديث أصل في حب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لنشر العلم وتعليم الناس بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، حتى لا يبقى عليها من واجب أمانة التبليغ شيء. انظر : منهج أمهات المؤمنين في الدعوة ص207. قال القاضي عياض " ظاهره أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل نظره للمحرم لأنها خالة أبي سلمة من الرضاع أرضعته أختها أم كلثوم ، وإنما سترت أسافل بدنها مما لا يحل للمحرم النظر إليه ، قال : وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرتهما معنى " انظر فتح الباري ( 1/ 365 ) وقال ابن حجر : " وفي فعل عائشة رضي الله عنها دلالة على استحباب التعليم بالفعل لأنه أوقع في النفس ، ولما كان السؤال محتملاً للكيفية والكمية ثبت لهما ما يدل على الأمرين معاً : أما الكيفية فبالاقتصار على إفاضة الماء ، وأما الكمية فبالاكتفاء بالصاع " المرجع السابق.
روى البخاري عن ابن أبي مليكة: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من حوسب عُذّب"قالت عائشة فقلت : أوليس يقول الله تعالى (فسوف يحاسب حساباً يسيراً ) قالت : فقال :" إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك ". قال ابن حجر " وفي الحديث : - ما كان عند عائشة من الحرص على تفهم معاني الحديث. - وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتضجر من المراجعة في العلم . - وفيه جواز المناظرة ، ومقابلة السنة بالكتاب. - وفيه أن السؤال عن مثل هذا لم يدخل فيما نهي الصحابة عنه في قوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء ) الفتح 1/197. وعن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم" إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد إن شاء الله ممن شهد بدراً "قالت: فقلت: يا رسول الله أليس قد قال الله: ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ) قال:أو لم تسمعيه يقول ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا). رواه ابن ماجة في كتاب الزهد (2/1431ح4281) قال البوصيري : صحيح رجاله ثقات إن كان أبو سفيان سمع من جابر بن عبدالله .
عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر الإزار فالمرأة يا رسول الله ؟ قال :ترخي شبراً ، قالت : أم سلمة : إذاً ينكشف عنها ، قال :"فذراعاً لا تزيد عليه "0
رواه أبوداود (ح4117) كتاب اللباس ، باب في قدر الذيل وصححه الألباني 0وفي رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة 0 فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال : يرخين شبراً ، فقالت : إذن تنكشف أقدامهن. قال : "فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه "رواه الترمذي وصححه الألباني.
تفوق بعض النساء الصالحات في سعة الإطلاع على الرجال، وجعلهن مرجعاً عند الخصام والاختلاف (1)
- أخرج مسلم في صحيحه عن ثمامة بن حزن القشيري ، قال : لقيتُ عائشة فسألتُها عن النبيذ ،فدعت عائشة جارية حبشية ، فقالت : سل هذه ،فإنها كانت تنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم. - أخرج مسلم في " صحيحه " عن طاوس، قال : كنتُ مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت : تفتي أن تصدر (أي ترجع) الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ فقال له ابن عباس : إما لا، فسلْ فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال :فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس وهو يقول :ما أراك إلا صدقت.
* النساء العالمات يشاركن الرجال في تحقيق المسائل العلمية بالمناظرة والمحاورة فيما يلزم من معرفة لأحكام الدين، والوقوف على سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. - أخرج البخاري ومسلم عن أم الفضل بنت الحارث أن ناساً تماروا (أي تجادلوا واختلفوا ) عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم ، وقال بعضهم : ليس بصائم ، فأرسلت له بقدح لبنٍ وهو واقف على بعيره فشربه. قال الحافظ ابن حجر:" ومن فوائد الحديث:المناظرة في العلم بين الرجال والنساء".
- وقد استوضحت امرأة يقال لها ( أم يعقوب ) من ابن مسعود عن شيء سمعته على لسانه وحاورته وجادلته فيه حتى تبين لها الحق 0
أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله 0" فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله ؟! فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ! فقال : لئن قرأته لقد وجدته ، أما قرأت ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) قالت : بلى 0 قال : فإنه قد نهى عنه 0 قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه 0 قال : فاذهبي فانظري 0 فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً، فقال : لو كانت كذلك ما جامعتها ( ما صاحبتها ) 0
النساء شقائق الرجال في تبليغ العلم وتعليم الكتابة ورواية الحديث وأدائه
· قال الذهبي "وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها "، وهذه مفخرة وشهادة تزكية من إمام الجرح والتعديل. · قال الشوكاني:" لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدةٍ من الصحابة، وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة". · وقد تتلمذ كبار الصحابة والأئمة المحدثين وكبار العلماء على كثير من النساء، وأخذوا عنهن، وقبلوا أخبارهن. · فهذه عائشة - رضي الله عتها- أخذ عنها كثير من الصحابة فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال : ما أشكل علينا أصحاب محمد أمر قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً. · قال مسروق : رأيت مشيخة أصحاب محمد الأكابر يسألونها عن الفرائض.
- الإمام مالك بن أنس يروي عن امرأة: روى عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية (ت117هـ) وهي روت عن أبيها وعن أم ذر. قال العجلي : تابعية مدينة ثقة . وقال الخليلي : " لم يرو مالك عن امرأة غيرها ".
- الإمام الشافعي: قيل إنه سمع الحديث من نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي - رضي الله عنها-، سمع عليها من وراء حجاب، وطلب منها أن تدعوا له .
- الإمام أحمد بن حنبل (إمام أهل السنة): حدث عن أم عمر بنت حسان بن زيد الثقفي 0 - الخطيب البغدادي سمع من الفقيهة المحدثة " طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوخية ".
- الإمام السمعاني: ذكر في آخر مشيخته " التحبير في المعجم الكبير": النسوة اللواتي كتبتُ عنهن " ورتب أسماءهن على حروف المعجم، وسرد تسعاً وستين محدثة وراوية للحديث، سمع منهن، ووصفهن بصفات حميدة من ذلك : "امرأة صالحة، مستورة، كثيرة العبادة والخير"امرأة صالحة خيرة، كانت من أهل القرآن، تعلم الصبيان القرآن "وامرأة عالمة فقيهة صالحة من أهل الخير والدين".
- الحافظ ابن عساكر (حافظ الأمة ): أخذ الحديث عن مائتين وألف محدث، وعن بضع وثمانين محدثة من النساء، وقد ألّف رسالة في سيرهن في تاريخ دمشق، فهل سمعت عن عالم يتلقى عن بضع وثمانين امرأة علماً واحداً؟ وهو لم يجاوز الجزء الشرقي ولم يذهب إلى مصر ولا المغرب والأندلس.
- الحافظ ابن حجر العسقلاني : ذكر السخاوي في ترجمته " فيمن أخذ عنه مذاكرة، أو إنشاء، ولم يذكر إلا أخته : ست الركب ابنة علي بن حجر " ، وكان إذا ذكرها قال : هي أمي بعد أمي ، فقد ربّته وحدبت عليه وعلمته، وماتت ولم تبلغ الثامنة والعشرين من عمرها، ولكن العلم يرفع صاحبه ويعلي شأنه 0 وأجازت له " زينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية " ، وروى عن " عائشة بنت محمد بن عبد الهادي " التي كانت ذات سند قويم في الحديث، وعن " عائشة بنت عبد الله الحلبية " ووصفها أنها مصنفة.
- الإمام ابن حزم الأندلسي: يقول " ربيت في حجر النساء ، ونشأت بين أيديهن ، ولا أعرف غيرهن ، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب 0وهن علمنني القرآن ، وروينني كثيراً من الأشعار ، ودرّبنني الخط " 0
مشاركة المرأة العالمة في إمامة الصلاة للنساء - وهي أعظم شعيرة في الدين - في حياة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وعلى رأسهن أمهات المؤمنين
- قالت ريطة الحنفية:إن عائشة - رضي الله عنها- أمّتهن في صلاة الفريضة.
- وقالت تميمة بنت سلمة: أمّت عائشة نساء في الفريضة في المغرب وقامت وسطهن وجهرت بالقراءة .
- وقالت خيرة بنت أبي الحسن:كانت أم سلمة تؤمّهن في رمضان وتقوم معهن في الصف.
- وكان ابن عمر يأمر جارية له تؤم نساؤه في ليالي رمضان.
- وقال ابن عباس: تؤم المرأة النساء في التطوع تقوم وسطهن.
أم ورقة الشهيدة :أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤم أهل دارها وكانت قد جمعت القرآن وجاء في إحدى الروايات (أذن لها أن يؤذن لها ويقام وتؤم نساؤها). وقد جعل لها النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا".