- إنضم
- 26 أغسطس 2010
- المشاركات
- 3,675
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الامارات
- احفظ من كتاب الله
- القرءان كامل
- احب القراءة برواية
- بحميع الروايات
- القارئ المفضل
- الشيخ ابراهيم الأخضر
- الجنس
- أخت
مقدمة عن رسم المصحف
- تعريف الرسم العثماني :
الرسم في اللغة : الأثر ، وقيل بقية الأثر (1) ، ويرادفه الكتابة والزبر والسطر ، والخط (2) .
قال الشوشاوي : " الرسم في اللغة الأثر المتبع " (3) .
وأما في الاصطلاح : فقد قسموه إلى قسمين : رسم قياسي ورسم اصطلاحي .
فالرسم القياسي عرفوه بأنه : تصوير اللفظ بحروف هجائه ، بتقدير الابتداء به والوقف عليه (4) .
أما الرسم الاصطلاحي ، فهو عندهم : علم تعرف به مخالفة الرسم العثماني للرسم القياسي (5) .
والأصل في المكتوب أن يكون مطابقا تماما للمنطوق من غير زيادة ولا نقص ، لكن المصاحف العثمانية خالفت هذا الأصل .
وتنحصر مخالفة الرسم العثماني للرسم القياسي في ست قواعد ، وهي :
الحذف ، والزيادة ، والهمز ، والإبدال ، والوصل والفصل ، وما فيه قراءتان فكتب على إحداهما (6) .
ب- نشأة علم الرسم العثماني :
لم تعرف البشرية كتابا حظي بالعناية والاهتمام على مدى الأزمان بمثل ما حظي به القرآن الكريم ، من حيث كتابته ورسمه وإعرابه بالنقط .
فكانت عناية الرسول فائقة بكتابة القرآن ، ومنع أصحابه من كتابة شيء غير القرآن ، روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : (( لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه )) (7) .
كانت كتابة القرآن منثورة ومتفرقة في اللخاف ، والعسب والأكتاف والرقاع .
ثم لما كَثُر القتل في موقعة اليمامة لقرّاء القرآن في عهد أبي بكر الصديق ، أمر أبو بكر الصديق بإشارة من عمر بن الخطاب ، زيد بن ثابت أن يجمع القرآن في صحف ، فكانت الصحف عند أبي بكر ، ثم عند عمر في حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر ، وهو المسمى بالجمع الثاني (1) .
ثم لما اختلف القراء في قراءته في عهد عثمان بن عفان ، كما لاحظ ذلك حذيفة بن اليمان ، أمر عثمان زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث ، فنسخوا ما في الصحف الأولى في مصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين : " إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن ، فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه إنما نزل بلسانهم " (2) .
عدد المصاحف التي نسخها الخليفة عثمان :
اختلف العلماء في عدد النسخ التي جمع فيها عثمان القرآن ، قيل : أربع نسخ ، وقيل : سبع نسخ .
قال الشوشاوي : " والمشهور الذي عليه الجمهور ، أربع نسخ ، إحداها إلى المدينة ، وأخرى إلى البصرة ، وأخرى إلى الكوفة ، وأخرى إلى الشام " (3) .
وقد أشار الإمام الشاطبي إلى هذين القولين ، فقال :
وسار في نسخ منها مع المدني كـوف وشـام وبصر تملأ البصرا
وقيل مكـة والبـحرين مـع يمن ضاعت بها نسخ في نشرها قطرا(4)
قال أبو عمرو الداني : " أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان لما كتب المصحف جعله أربع نسخ " (5) .
جـ - مصادر التأليف في الرسم العثماني :
تنحصر مصادر التأليف في ثلاثة أنواع :
أولا : المصاحف :
إن المصدر الأول لفن الرسم القرآني ، هو المصحف الإمام مصحف عثمان بن عفان والمصاحف المنسوخة منه .
وقد وردت نصوص كثيرة للعلماء ، تضمنت إشارات إلى رؤيتهم للمصحف الإمام الخاص بسيّدنا عثمان ، والمصاحف المنسوخة منه ، والوقوف على الطريقة التي رسمت بها ألفاظ القرآن الكريم .
ومن أمثلة هذه النصوص : قول أبي عبيد فيما نقل عنه الإمام السخاوي : " رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان في البقرة : اهْبِطُواْ مِصْرًا بالألف " (1) .
وأخرج الداني بسنده عن أبي عبيد : " رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان ..... في سورة البقرة : خَطٰيَٰكُمْ بحرف واحد ، والتي في الأعراف : خَطِيـَـٰتُكُمْ بحرفين " (2) .
وكان من أكثر علماء الرسم رجوعا إلى المصاحف العتق : علم الدين السخاوي ، من ذلك – مثلا – : أن أبا عمرو الداني ذكر أن الألف مرسومة بعد الواو في قوله تعالى : سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ (3) .
قال علم الدين السخاوي : " وهذا الذي ذكره أبو عمرو الداني – رحمه الله – فيه نظر ، فإني كشفت المصاحف القديمة التي يوثق برسمها وتشهد الحال بصرف العناية إليها ، فإذا هم قد حذفوا فيها الألفين من الـ : سَمَٰوَٰتٍ في فصلت كسائر السور ، وكذا رأيتها في المصحف الشامي " (4) .
كذلك كان الحافظ ابن الجزري يتأمل في بعض الحروف في المصاحف الأمهات مثل قولـه : " ثم رأيتها – يَبْنَؤُمَّ (5) – بالمصحف الكبير الشامي الكائن بمقصورة الجامع الأموي المعروف بالمصحف العثماني " (6) .
ثانيا : الرواية :
لقد ظهر في كل مصر من الأمصار الإسلامية أئمة قرّاء ، صرفوا عنايتهم إلى رواية كيفية رسم الكلمات إلى جانب روايتهم لأوجه القراءات القرآنية .
وهذا ما يؤكده الداني في مقدمة المقنع ، إذ يقول : " هذا كتاب أذكر فيه – إن شاء الله – ما سمعته من مشيختي ، ورويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار ........ وما انتهى إلي ذلك ، وصح لديّ منه عن الإمام " (1) .
ومن هؤلاء الأئمة الذين روي عنهم الرسم :
بالمدينة : نافع بن أبي نعيم المدني ، الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالمدينة .
وقد نقل لنا ذلك عنه جماعة من روّاته ، منهم : سليمان بن جماز(2) {ت170 هــ }،
والغازي بن قيس الأندلسي(3) {ت 199 هــ } ، وعيسى بن مينا الملقب بقالون(4) {ت 220 هــ} .
وبالبصرة : إمام القراء أبو عمرو البصري {ت 154 هــ } ، وممن روى عنه حروف رسم القرآن : يحيى بن المبارك اليزيدي (5) {ت 202 هــ } ، وأيوب بن المتوكل (6) {ت 200 هــ } .
وبالكوفة : حمزة بن حبيب الزيات (7) {ت 156 هــ } ، وعليّ بن حمزة الكسائي (8) ، وممن روى عنهما : خلف بن هشام (9) {ت 229 هــ} ، ويحيى بن زياد الفراء (10) {ت 207 هــ } .
وبالشام : عبد الله بن عامر الشامي {ت118 هــ } ، وممن روى عنه : يحيى بن الحارث الذماري (11) {ت 145 هــ } .
ثالثا : الكتب المؤلفة في علم الرسم :
سأذكر أهم المؤلفات التي وقفت عليها أو ذكرتها بعض المصادر .
* اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق ، لعبد الله بن عامر ، ذكره ابن النديم(1) وروى أبو عمرو الداني بسنده عن ابن عامر حروفا عن مصاحف أهل الشام (2) .
* المقطوع والموصول في القرآن ، لعبد الله بن عامر (3) .
* هجاء المصاحف ، ليحيى بن الحارث الذماري (4) .
* مقطوع القرآن وموصوله ، لحمزة بن حبيب الزيات (5) .
* مقطوع القرآن وموصوله ، وكتاب الهجاء ، لعلي بن حمزة الكسائي (6) .
* هجاء السنة ، للغازي بن قيس الأندلسي ، ذكره أبو عمرو الداني ، ونقل منه في عدة مواضع (7) .
* اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف لأبي زكريا يحيى بن الفراء (8)
* كتاب فضائل القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ، عقد فيه أبو عبيد فصلا سماه : "حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز والعراق" (9) .
* اختلاف المصاحف ، لخلف بن هشام البزار (10) .
* هجاء المصاحف ، لمحمد بن عيسى الأصبهاني (11) .
* كتاب اختلاف المصاحف ، لأبي حاتم السجستاني (12) .
* هجاء المصاحف ، لأحمد بن إبراهيم الورّاق (13) .* كتاب المصاحف ، لأبي بكر بن أبي داود السجستاني . وقد عقد فيه عدة فصول في اختلاف خطوط المصاحف ، وما اجتمع عليه كتابتها ، وما كتب فيها على غير الخط (14) .
* الردّ على من خالف مصاحف عثمان (1) ، وكتاب الهجاء ، لأبي بكر الأنباري .
* اللطائف في جمع هجاء المصاحف(2) ، لأبي بكر محمد بن مقسم العطّار .
* كتاب الهجاء(3) ، لأبي بكر أحمد بن مهران النيسابوري .
وأشهر من ألّف في القرن الخامس الهجري : أبو عمرو الداني ، وأبو داود سليمان بن نجاح .
* المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار مع كتاب النقط (4) ، الاقتصاد في رسم المصحف (5) ، لأبي عمرو الداني .
* التبيين لهجاء التنزيل (6) ، ومختصر التبيين لهجاء التنزيل (7) ، لأبي داود .
* هجاء مصاحف الأمصار(8) ، لأبي العباس أحمد بن عمّار المهدوي .
* كتاب المنصف (9) ، لأبي الحسن علي بن محمد المرادي ، وهو أحد مصادر الخراز في منظومته .
* اللطائف في رسم المصاحف(10) ، لأبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني .
ثم تطور التأليف في هذه المرحلة ، حيث تركزت جهود العلماء بعملين تعلّق بهما الناس ودرسوهما ، وهما قصيدتان في رسم المصحف : الأولى من نظم القاسم بن فِيرُّهْ الشاطبي ، والثانية من نظم محمد بن محمد بن إبراهيم الشريشي ، الشهير بالخراز .
أولا : عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد(11) ، لأبي محمد القاسم بن فِيرُّهْ الشاطبي ، وهو نظم لكتاب المقنع . وعلى هذا النظم عدّة شروح ، منها :
* الوسيلة إلى كشف العقيلة (12) ، لعلم الدين السخاوي .
* الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة (13) ، لأبي محمد عبد الغني ، الشهير باللبيب
* جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد (1) ، لإبراهيم الجعبري .
* تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد "شرح على العقيلة"(2) ، لأبي البقاء علي بن القاصح .
* مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن(3) ، لمحمد بن محمد الشريشي الشهير بالخراز . ولهذا النظم شروح كثيرة ، منها :
* التبيان في شرح مورد الظمآن(4) ، لعبد الله بن عمر بن آجطا الصنهاجي .
* إعانة المبتدئ على معاني ألفاظ مورد الظمآن (5) ، لسعيد بن سليمان السملالي .
* تنبيه العطشان على مورد الظمآن ، لحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، وهو الكتاب الذي أقوم بتحقيق ودراسة القسم الأول منه .
وهناك شروح أخرى للمورد كشرح ابن عاشر وشرح المارغني ، بيّنت بعضا منها في المبحث الثاني من الفصل الأول .
ولم تتوقف حركة التأليف في موضوع الرسم عند هذا الحدّ ، بل كانت هناك مؤلفات كتبت خارج نطاق العقيلة والمورد ، فقد ألّف أبو العباس أحمد بن محمد المراكشي الشهير بابن البناء ، كتابا سماه : "عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل" (6) ، جعله في توجيه ما خالف قواعد الخط من رسم المصحف .
وقد عقد كلّ من ابن الجزري في النشر(7) ، والسيوطي في الإتقان(8) ، والزرقاني في مناهل العرفان(9) ، والدمياطي في الإتحاف(10) ، أبوابا وفصولا أوجزوا فيها ما ورد في كتب الرسم من قضايا وموضوعات .
وتوالى التأليف في موضوع الرسم القرآني في أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر الميلادي ، اعتمد أغلبها على القصيدتين الرائدتين في الرسم : العقيلة ، ومورد الظمآن(11) .
من كتاب ( تنبيه العطشان على مورد الظمئان )
- تعريف الرسم العثماني :
الرسم في اللغة : الأثر ، وقيل بقية الأثر (1) ، ويرادفه الكتابة والزبر والسطر ، والخط (2) .
قال الشوشاوي : " الرسم في اللغة الأثر المتبع " (3) .
وأما في الاصطلاح : فقد قسموه إلى قسمين : رسم قياسي ورسم اصطلاحي .
فالرسم القياسي عرفوه بأنه : تصوير اللفظ بحروف هجائه ، بتقدير الابتداء به والوقف عليه (4) .
أما الرسم الاصطلاحي ، فهو عندهم : علم تعرف به مخالفة الرسم العثماني للرسم القياسي (5) .
والأصل في المكتوب أن يكون مطابقا تماما للمنطوق من غير زيادة ولا نقص ، لكن المصاحف العثمانية خالفت هذا الأصل .
وتنحصر مخالفة الرسم العثماني للرسم القياسي في ست قواعد ، وهي :
الحذف ، والزيادة ، والهمز ، والإبدال ، والوصل والفصل ، وما فيه قراءتان فكتب على إحداهما (6) .
ب- نشأة علم الرسم العثماني :
لم تعرف البشرية كتابا حظي بالعناية والاهتمام على مدى الأزمان بمثل ما حظي به القرآن الكريم ، من حيث كتابته ورسمه وإعرابه بالنقط .
فكانت عناية الرسول فائقة بكتابة القرآن ، ومنع أصحابه من كتابة شيء غير القرآن ، روى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : (( لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه )) (7) .
كانت كتابة القرآن منثورة ومتفرقة في اللخاف ، والعسب والأكتاف والرقاع .
ثم لما كَثُر القتل في موقعة اليمامة لقرّاء القرآن في عهد أبي بكر الصديق ، أمر أبو بكر الصديق بإشارة من عمر بن الخطاب ، زيد بن ثابت أن يجمع القرآن في صحف ، فكانت الصحف عند أبي بكر ، ثم عند عمر في حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر ، وهو المسمى بالجمع الثاني (1) .
ثم لما اختلف القراء في قراءته في عهد عثمان بن عفان ، كما لاحظ ذلك حذيفة بن اليمان ، أمر عثمان زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث ، فنسخوا ما في الصحف الأولى في مصاحف . وقال عثمان للرهط القرشيين : " إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن ، فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه إنما نزل بلسانهم " (2) .
عدد المصاحف التي نسخها الخليفة عثمان :
اختلف العلماء في عدد النسخ التي جمع فيها عثمان القرآن ، قيل : أربع نسخ ، وقيل : سبع نسخ .
قال الشوشاوي : " والمشهور الذي عليه الجمهور ، أربع نسخ ، إحداها إلى المدينة ، وأخرى إلى البصرة ، وأخرى إلى الكوفة ، وأخرى إلى الشام " (3) .
وقد أشار الإمام الشاطبي إلى هذين القولين ، فقال :
وسار في نسخ منها مع المدني كـوف وشـام وبصر تملأ البصرا
وقيل مكـة والبـحرين مـع يمن ضاعت بها نسخ في نشرها قطرا(4)
قال أبو عمرو الداني : " أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان لما كتب المصحف جعله أربع نسخ " (5) .
جـ - مصادر التأليف في الرسم العثماني :
تنحصر مصادر التأليف في ثلاثة أنواع :
أولا : المصاحف :
إن المصدر الأول لفن الرسم القرآني ، هو المصحف الإمام مصحف عثمان بن عفان والمصاحف المنسوخة منه .
وقد وردت نصوص كثيرة للعلماء ، تضمنت إشارات إلى رؤيتهم للمصحف الإمام الخاص بسيّدنا عثمان ، والمصاحف المنسوخة منه ، والوقوف على الطريقة التي رسمت بها ألفاظ القرآن الكريم .
ومن أمثلة هذه النصوص : قول أبي عبيد فيما نقل عنه الإمام السخاوي : " رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان في البقرة : اهْبِطُواْ مِصْرًا بالألف " (1) .
وأخرج الداني بسنده عن أبي عبيد : " رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان ..... في سورة البقرة : خَطٰيَٰكُمْ بحرف واحد ، والتي في الأعراف : خَطِيـَـٰتُكُمْ بحرفين " (2) .
وكان من أكثر علماء الرسم رجوعا إلى المصاحف العتق : علم الدين السخاوي ، من ذلك – مثلا – : أن أبا عمرو الداني ذكر أن الألف مرسومة بعد الواو في قوله تعالى : سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ (3) .
قال علم الدين السخاوي : " وهذا الذي ذكره أبو عمرو الداني – رحمه الله – فيه نظر ، فإني كشفت المصاحف القديمة التي يوثق برسمها وتشهد الحال بصرف العناية إليها ، فإذا هم قد حذفوا فيها الألفين من الـ : سَمَٰوَٰتٍ في فصلت كسائر السور ، وكذا رأيتها في المصحف الشامي " (4) .
كذلك كان الحافظ ابن الجزري يتأمل في بعض الحروف في المصاحف الأمهات مثل قولـه : " ثم رأيتها – يَبْنَؤُمَّ (5) – بالمصحف الكبير الشامي الكائن بمقصورة الجامع الأموي المعروف بالمصحف العثماني " (6) .
ثانيا : الرواية :
لقد ظهر في كل مصر من الأمصار الإسلامية أئمة قرّاء ، صرفوا عنايتهم إلى رواية كيفية رسم الكلمات إلى جانب روايتهم لأوجه القراءات القرآنية .
وهذا ما يؤكده الداني في مقدمة المقنع ، إذ يقول : " هذا كتاب أذكر فيه – إن شاء الله – ما سمعته من مشيختي ، ورويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار ........ وما انتهى إلي ذلك ، وصح لديّ منه عن الإمام " (1) .
ومن هؤلاء الأئمة الذين روي عنهم الرسم :
بالمدينة : نافع بن أبي نعيم المدني ، الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالمدينة .
وقد نقل لنا ذلك عنه جماعة من روّاته ، منهم : سليمان بن جماز(2) {ت170 هــ }،
والغازي بن قيس الأندلسي(3) {ت 199 هــ } ، وعيسى بن مينا الملقب بقالون(4) {ت 220 هــ} .
وبالبصرة : إمام القراء أبو عمرو البصري {ت 154 هــ } ، وممن روى عنه حروف رسم القرآن : يحيى بن المبارك اليزيدي (5) {ت 202 هــ } ، وأيوب بن المتوكل (6) {ت 200 هــ } .
وبالكوفة : حمزة بن حبيب الزيات (7) {ت 156 هــ } ، وعليّ بن حمزة الكسائي (8) ، وممن روى عنهما : خلف بن هشام (9) {ت 229 هــ} ، ويحيى بن زياد الفراء (10) {ت 207 هــ } .
وبالشام : عبد الله بن عامر الشامي {ت118 هــ } ، وممن روى عنه : يحيى بن الحارث الذماري (11) {ت 145 هــ } .
ثالثا : الكتب المؤلفة في علم الرسم :
سأذكر أهم المؤلفات التي وقفت عليها أو ذكرتها بعض المصادر .
* اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق ، لعبد الله بن عامر ، ذكره ابن النديم(1) وروى أبو عمرو الداني بسنده عن ابن عامر حروفا عن مصاحف أهل الشام (2) .
* المقطوع والموصول في القرآن ، لعبد الله بن عامر (3) .
* هجاء المصاحف ، ليحيى بن الحارث الذماري (4) .
* مقطوع القرآن وموصوله ، لحمزة بن حبيب الزيات (5) .
* مقطوع القرآن وموصوله ، وكتاب الهجاء ، لعلي بن حمزة الكسائي (6) .
* هجاء السنة ، للغازي بن قيس الأندلسي ، ذكره أبو عمرو الداني ، ونقل منه في عدة مواضع (7) .
* اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف لأبي زكريا يحيى بن الفراء (8)
* كتاب فضائل القرآن ، لأبي عبيد القاسم بن سلام ، عقد فيه أبو عبيد فصلا سماه : "حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز والعراق" (9) .
* اختلاف المصاحف ، لخلف بن هشام البزار (10) .
* هجاء المصاحف ، لمحمد بن عيسى الأصبهاني (11) .
* كتاب اختلاف المصاحف ، لأبي حاتم السجستاني (12) .
* هجاء المصاحف ، لأحمد بن إبراهيم الورّاق (13) .* كتاب المصاحف ، لأبي بكر بن أبي داود السجستاني . وقد عقد فيه عدة فصول في اختلاف خطوط المصاحف ، وما اجتمع عليه كتابتها ، وما كتب فيها على غير الخط (14) .
* الردّ على من خالف مصاحف عثمان (1) ، وكتاب الهجاء ، لأبي بكر الأنباري .
* اللطائف في جمع هجاء المصاحف(2) ، لأبي بكر محمد بن مقسم العطّار .
* كتاب الهجاء(3) ، لأبي بكر أحمد بن مهران النيسابوري .
وأشهر من ألّف في القرن الخامس الهجري : أبو عمرو الداني ، وأبو داود سليمان بن نجاح .
* المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار مع كتاب النقط (4) ، الاقتصاد في رسم المصحف (5) ، لأبي عمرو الداني .
* التبيين لهجاء التنزيل (6) ، ومختصر التبيين لهجاء التنزيل (7) ، لأبي داود .
* هجاء مصاحف الأمصار(8) ، لأبي العباس أحمد بن عمّار المهدوي .
* كتاب المنصف (9) ، لأبي الحسن علي بن محمد المرادي ، وهو أحد مصادر الخراز في منظومته .
* اللطائف في رسم المصاحف(10) ، لأبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني .
ثم تطور التأليف في هذه المرحلة ، حيث تركزت جهود العلماء بعملين تعلّق بهما الناس ودرسوهما ، وهما قصيدتان في رسم المصحف : الأولى من نظم القاسم بن فِيرُّهْ الشاطبي ، والثانية من نظم محمد بن محمد بن إبراهيم الشريشي ، الشهير بالخراز .
أولا : عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد(11) ، لأبي محمد القاسم بن فِيرُّهْ الشاطبي ، وهو نظم لكتاب المقنع . وعلى هذا النظم عدّة شروح ، منها :
* الوسيلة إلى كشف العقيلة (12) ، لعلم الدين السخاوي .
* الدرة الصقيلة في شرح أبيات العقيلة (13) ، لأبي محمد عبد الغني ، الشهير باللبيب
* جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد (1) ، لإبراهيم الجعبري .
* تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد "شرح على العقيلة"(2) ، لأبي البقاء علي بن القاصح .
* مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن(3) ، لمحمد بن محمد الشريشي الشهير بالخراز . ولهذا النظم شروح كثيرة ، منها :
* التبيان في شرح مورد الظمآن(4) ، لعبد الله بن عمر بن آجطا الصنهاجي .
* إعانة المبتدئ على معاني ألفاظ مورد الظمآن (5) ، لسعيد بن سليمان السملالي .
* تنبيه العطشان على مورد الظمآن ، لحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي ، وهو الكتاب الذي أقوم بتحقيق ودراسة القسم الأول منه .
وهناك شروح أخرى للمورد كشرح ابن عاشر وشرح المارغني ، بيّنت بعضا منها في المبحث الثاني من الفصل الأول .
ولم تتوقف حركة التأليف في موضوع الرسم عند هذا الحدّ ، بل كانت هناك مؤلفات كتبت خارج نطاق العقيلة والمورد ، فقد ألّف أبو العباس أحمد بن محمد المراكشي الشهير بابن البناء ، كتابا سماه : "عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل" (6) ، جعله في توجيه ما خالف قواعد الخط من رسم المصحف .
وقد عقد كلّ من ابن الجزري في النشر(7) ، والسيوطي في الإتقان(8) ، والزرقاني في مناهل العرفان(9) ، والدمياطي في الإتحاف(10) ، أبوابا وفصولا أوجزوا فيها ما ورد في كتب الرسم من قضايا وموضوعات .
وتوالى التأليف في موضوع الرسم القرآني في أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر الميلادي ، اعتمد أغلبها على القصيدتين الرائدتين في الرسم : العقيلة ، ومورد الظمآن(11) .
من كتاب ( تنبيه العطشان على مورد الظمئان )
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع