ابن عامر الشامي
وَعَنْ غِيبَةٍ فَغِبْ
- إنضم
- 20 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 10,237
- النقاط
- 38
- الإقامة
- المملكة المغربية
- احفظ من كتاب الله
- بين الدفتين
- احب القراءة برواية
- رواية حفص عن عاصم
- القارئ المفضل
- سعود الشريم
- الجنس
- اخ
متن كشف الشبهات
لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
اعلم رحمك الله أن التوحيد هو: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، وهو دين الرسل الذين أرسلهم الله به إلى عباده. فأولهم "نوح" عليه السلام أرسله الله إلى قومه، لما غلوا في الصالحين: "ودٍّ" و"سواعٍ" و"يغوثٍ" و"يعوقٍ" و"نسرٍ".
وآخر الرسل "محمد" ، وهو (الذي) كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله الله إلى قوم يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيراً، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات وسائط بينهم وبين الله.
يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله، ونريد شفاعتهم عنده؛ مثل الملائكة، وعيسى، ومريم، وأناس غيرهم من الصالحين.
فبعث الله إليهم محمداً يجدد لهم دين إبراهيم عليه السلام، ويخبرهم أن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله، لا يصلح منه شئ لغير الله، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل فضلاً عن غيرهما.
وإلا فهؤلاء المشركون مقرون يشهدون أن الله هو الخالق الرازق وحده لا شريك له، وأنه لا يرزق إلا هو، ولا يحيي إلا هو، ولا يميت إلا هو، ولا يدبر الأمر إلا هو، وأن جميع السماوات السبع ومن فيهن والأراضين السبع ومن فيها كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره.
فإذا أردت الدليل على أن هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله يشهدون لله هذا الشهادة فاقرأ قوله تعالى:﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾
[يونس:31]
[يونس:31]
وقوله: ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾
[المؤمنون:84-89] وغير ذلك من الآيات.
[المؤمنون:84-89] وغير ذلك من الآيات.
فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا، وأنه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله ، وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو "توحيد العبادة"، الذي يسميه المشركون في زماننا "الاعتقاد" كما كانوا يدعون الله سبحانه ليلاً ونهاراً. ثم منهم من يدعو "الملائكة"؛ لأجل صلاحهم وقربهم من الله ليشفعوا له، أو يدعو رجلاً صالحاً مثل "اللات"، أو نبياً مثل "عيسى"، وعرفت أن رسول الله قاتلهم على هذا الشرك ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى:
﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَد﴾[الجن:18]
وقال: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ﴾[الرعد:14]
وتحققت أن رسول الله قاتلهم ليكون الدعاء "كله" لله. و"النذر" كله لله، و"الذبح" كله لله، و"الاستغاثة" كلها بالله، وجميع أنواع العبادات كلها لله.
وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة و الأنبياء يريدون شفاعتهم والتقرب إلى الله بذلك، هو الذي أحل دماءهم وأموالهم، عرفت حينئذٍ التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وأبى عن الإقرار به المشركون.
وهذا التوحيد هو معنى قولك "لا إله إلا الله" فإن "الإله" عندهم هو الذي يقصد لأجل هذه الأمور، سواء كان ملكاً، أو نبياً، أو ولياً، أو شجرة، أو "قبراً"، أو" جنياً"، لم يريدوا أن "الإله" هو الخالق الرازق المدبر، فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنما يعنون بـ"الإله" ما يعني المشركون في زماننا بلفظ السيد. فأتاهم النبي يدعوهم إلى كلمة التوحيد وهي "لا إله إلا الله".
يتوجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل
لروئية الموضوع